-
«انتظروني»برج المراقبة ١٩٩٦ | ١ آذار (مارس)
-
-
«انتظروني»
«لذلك فانتظروني يقول (يهوه).» — صفنيا ٣:٨.
١ ايّ تحذير اعطاه النبي صفنيا، وما هي اهمية ذلك للناس العائشين اليوم؟
«قريب يوم (يهوه) العظيم.» اطلق النبي صفنيا هذه الصرخة التحذيرية في اواسط القرن السابع قبل الميلاد. (صفنيا ١:١٤) وقد تمَّت النبوة بعد اقل من ٤٠ او ٥٠ سنة حين اتى يوم تنفيذ احكام يهوه على اورشليم وعلى الامم التي تحدَّت سلطان يهوه بإساءة معاملة شعبه. ولماذا ذلك مهم للناس العائشين في نهاية القرن الـ ٢٠؟ نحن نعيش في وقت يقترب فيه بسرعة «يوم (يهوه) العظيم» الاخير. وكما في زمن صفنيا، يوشك «حموّ غضب» يهوه ان ينفجر على النظير العصري لأورشليم — العالم المسيحي — وعلى جميع الامم التي تسيء معاملة شعب يهوه وتتحدّى سلطانه الكوني. — صفنيا ١:٤؛ ٢:٤، ٨، ١٢، ١٣؛ ٣:٨؛ ٢ بطرس ٣:١٢، ١٣.
صفنيا — شاهد شجاع
٢، ٣ (أ) ماذا نعرف عن صفنيا، وماذا يدل على انه كان شاهدا شجاعا ليهوه؟ (ب) اية وقائع تمكِّننا من تحديد الزمان والمكان اللذين تنبأ فيهما صفنيا؟
٢ هنالك معلومات قليلة عن النبي صفنيا، الذي يعني اسمه (بالعبرانية، صفَنياه) «يهوه قد ستر (كَنَزَ).» ولكن، بالتباين مع الانبياء الآخرين، زوَّد صفنيا سلسلة نسبه حتى الجيل الرابع، رجوعا الى «حزقيا.» (صفنيا ١:١؛ قارنوا اشعياء ١:١؛ ارميا ١:١؛ حزقيال ١:٣.) ولأن هذا غير عادي يقول معظم المعلِّقين ان جدّ جدّه هو الملك الامين حزقيا. وإذا كان الامر كذلك، فعندئذ يكون صفنيا من السلالة الملكية، وهذا يزيد اهمية ادانته القاسية لرؤساء يهوذا ويظهر انه كان شاهدا ونبيا ليهوه شجاعا. ومعرفته الدقيقة لطپوغرافية اورشليم ولما كان يجري في البلاط الملكي تقترح انه ربما نادى بأحكام يهوه في العاصمة نفسها. — انظروا صفنيا ١:٨-١١، حواشي عج.
٣ ومن الجدير بالملاحظة انه، في حين نادى صفنيا بالاحكام الالهية على «رؤساء» يهوذا المدنيين (النبلاء، او رؤساء الاسباط) و«بني الملك،» لم يذكر قط الملك نفسه في نقده.a (صفنيا ١:٨؛ ٣:٣) ويقترح ذلك ان الملك الفتى يوشيا كان قد اظهر ميلا الى العبادة النقية، مع انه، نظرا الى الوضع الذي شجبه صفنيا، لم يكن بعدُ على ما يتضح قد بدأ اصلاحه الديني. ويقترح كل ذلك ان صفنيا تنبأ في يهوذا خلال السنوات الباكرة ليوشيا، الذي ملك من سنة ٦٥٩ الى سنة ٦٢٩ قم. وتنبؤ صفنيا المؤثر زاد دون شك ادراك يوشيا الشاب للصنمية، العنف، والفساد، التي كانت سائدة في يهوذا في ذلك الوقت، وشجَّع على حملته اللاحقة ضد الصنمية. — ٢ أخبار الايام ٣٤:١-٣.
اسباب لحموّ غضب يهوه
٤ بأية كلمات عبَّر يهوه عن غضبه على يهوذا وأورشليم؟
٤ كانت لدى يهوه اسباب وجيهة ليغضب على قادة وسكان يهوذا وعاصمتها اورشليم. ذكر بواسطة نبيِّه صفنيا: «أمدّ يدي على يهوذا وعلى كل سكان اورشليم وأقطع من هذا المكان بقية البعل اسم الكماريم مع الكهنة والساجدين على السطوح لجند السماء والساجدين الحالفين (بيهوه) والحالفين بملكوم.» — صفنيا ١:٤، ٥.
٥، ٦ (أ) ماذا كان الوضع الديني في يهوذا في زمن صفنيا؟ (ب) ماذا كانت حالة قادة يهوذا المدنيين وأتباعهم؟
٥ كانت يهوذا ملوَّثة بشعائر الخصب الشائنة لعبادة البعل، التنجيم الابليسي، وعبادة الاله الوثني ملكوم. وإذا كان ملكوم هو مولك نفسه، كما يقترح البعض، فعندئذ تكون عبادة يهوذا الباطلة قد شملت الممارسة البغيضة لتقديم الاولاد ذبيحة. وممارسات دينية كهذه كانت رجسة في عيني يهوه. (١ ملوك ١١:٥، ٧؛ ١٤:٢٣، ٢٤؛ ٢ ملوك ١٧:١٦، ١٧) وقد زادوا من غضبه عليهم لأن عبَدة الاصنام هؤلاء كانوا لا يزالون يحلفون باسم يهوه. ولم يكن ليحتمل بعد الآن نجاسة دينية كهذه وكان سيهلك عبَدة الاصنام والكهنة المرتدّين على السواء.
٦ وعلاوة على ذلك، كان قادة يهوذا المدنيون فاسدين. ورؤساؤها كانوا ‹كأسود زائرة› ضارية، وقضاتها مثل «ذئاب» شرهة. (صفنيا ٣:٣) وكان أتباعهم متَّهمين بأنهم «يملأون بيت سيدهم ظلما وغشا.» (صفنيا ١:٩) وكانت المادية متفشِّية. وقد استغل كثيرون الوضع لتجميع ثروة. — صفنيا ١:١٣.
شكوك في يوم يهوه
٧ قبل كم من الوقت من «يوم (يهوه) العظيم» تنبأ صفنيا، وماذا كانت الحالة الروحية لكثيرين من اليهود؟
٧ كما رأينا سابقا، ان الوضع الديني السائد في زمن صفنيا والذي كان يهدِّد بكارثة يدل على انه انجز عمله كشاهد ونبي قبل ان يبدأ الملك يوشيا حملته ضد الصنمية نحو سنة ٦٤٨ قم. (٢ أخبار الايام ٣٤:٤، ٥) فمن المرجح ان صفنيا تنبأ قبل ٤٠ سنة على الاقل من اتيان «يوم (يهوه) العظيم» على مملكة يهوذا. وفي هذه الفترة اضمر يهود كثيرون الشكوك و‹ارتدّوا› عن خدمة يهوه، وصاروا لامبالين. ويتحدث صفنيا عن اولئك الذين «لم يطلبوا الرب ولا سألوا عنه.» (صفنيا ١:٦) ومن الواضح ان الافراد في يهوذا كانوا عديمي الاكتراث، غير مهتمين باللّٰه.
٨، ٩ (أ) لماذا كان يهوه سيفتقد «الرجال الجامدين على درديِّهم»؟ (ب) بأية طريقتين كان يهوه سيعاقب سكان يهوذا وقادتها المدنيين والدينيين؟
٨ اعلن يهوه قصده ان يفتقد الذين يدَّعون انهم شعبه. وبين الذين يدَّعون انهم عبَّاده، كان سيطلب الذين يخفون في قلوبهم الشكوك في مقدرته او عزمه على التدخل في شؤون البشر. ذكر: «يكون في ذلك الوقت أني افتش اورشليم بالسرج وأعاقب الرجال الجامدين على درديِّهم القائلين في قلوبهم إن الرب لا يحسن ولا يسيء.» (صفنيا ١:١٢) وعبارة «الرجال الجامدين على درديِّهم» (اشارة الى صنع الخمر) تشير الى الذين كانوا ينعمون بالاستقرار، كدرديّ في قعر خابية، والذين لا يريدون ان يزعجهم ايّ اعلان للتدخل الالهي الوشيك في شؤون الجنس البشري.
٩ كان يهوه سيعاقب سكان يهوذا وأورشليم وكهنتهم الذين خلطوا عبادته بالوثنية. وإذا كانوا يشعرون بالامن، كما لو انهم في ستر الليل داخل اسوار اورشليم، فسيبحث عنهم كما بسرج ساطعة تنفذ الى الظلمة الروحية التي كانوا يحتمون بها. وكان سيزعزع لامبالاتهم الدينية، اولا برسائل تحتوي على احكام مرعبة، ثم بتنفيذ هذه الاحكام.
«قريب يوم (يهوه) العظيم»
١٠ كيف وصف صفنيا «يوم (يهوه) العظيم»؟
١٠ اوحى يهوه الى صفنيا بأن ينادي: «قريب يوم (يهوه) العظيم قريب وسريع جدا. صوت يوم (يهوه مُرّ).» (صفنيا ١:١٤) حقا، كانت تكمن ايام مرّة امام كل شخص — الكهنة، الرؤساء، والشعب — يرفض الاصغاء الى التحذير والعودة الى العبادة النقية. وتتابع النبوة واصفة يوم تنفيذ الدينونة هذا: «ذلك اليوم يوم سخط يوم ضيق وشدة يوم خراب ودمار يوم ظلام وقتام يوم سحاب وضباب يوم بوق وهتاف على المدن المحصَّنة وعلى الشرف الرفيعة.» — صفنيا ١:١٥، ١٦.
١١، ١٢ (أ) اية رسالة دينونة أُعلنت على اورشليم؟ (ب) هل كان الازدهار المادي سينقذ اليهود؟
١١ بعد عقود قليلة كانت جيوش بابل ستجتاح يهوذا. ولم تكن اورشليم لتنجو. وكان سيُدمَّر القسم السكني والقسم التجاري. «يكون في ذلك اليوم يقول الرب صوت صراخ من باب السمك وولولة من القسم الثاني وكسر عظيم من الآكام. ولولوا يا سكان مكتيش [قسم من اورشليم] لأن كل شعب كنعان باد. انقطع كل الحاملين الفضة.» — صفنيا ١:١٠، ١١، حاشية عج.
١٢ اذ رفض يهود كثيرون ان يصدِّقوا ان يوم يهوه قريب، انهمكوا الى حد بعيد في مشاريع تجارية مربحة. ولكنَّ يهوه، بواسطة نبيِّه الامين صفنيا، انبأ بأن ثروتهم كانت ستصير «غنيمة وبيوتهم خرابا.» ولم يكونوا ليشربوا الخمر التي انتجوها، و «لا فضتهم ولا ذهبهم [كان] يستطيع انقاذهم في يوم غضب الرب.» — صفنيا ١:١٣، ١٨.
ادانة امم اخرى
١٣ اية رسالة دينونة اعلنها صفنيا على موآب، عمون، وأشور؟
١٣ وعبَّر يهوه ايضا بواسطة نبيِّه صفنيا عن غضبه على الامم التي اساءت معاملة شعبه. اعلن: «قد سمعت تعيير موآب وتجاديف بني عمون التي بها عيَّروا شعبي وتعظَّموا على تخمهم. فلذلك حي انا يقول (يهوه) الجنود اله اسرائيل إن موآب تكون كسدوم وبنو عمون كعمورة مِلْك القَرِيص وحفرة ملح وخرابا الى الابد. . . . ويمدّ يده على الشمال ويبيد اشور ويجعل نينوى خرابا يابسة كالقفر.» — صفنيا ٢:٨، ٩، ١٣.
١٤ ايّ دليل هنالك على ان الامم الاجنبية ‹تعظَّمت› على الاسرائيليين وإلههم، يهوه؟
١٤ كان موآب وعمون عدوَّي اسرائيل منذ زمن طويل. (قارنوا قضاة ٣:١٢-١٤.) ويحمل الحجر الموآبي، في متحف اللوڤر في پاريس، نقشا يحتوي على نص متبجِّح كتبه الملك الموآبي ميشع. وهو يروي بتفاخر استيلاءه على عدة مدن اسرائيلية بمساعدة الهه كموش. (٢ ملوك ١:١) وتحدَّث ارميا، من معاصري صفنيا، عن احتلال العمونيين مقاطعة جاد الاسرائيلية باسم الههم ملكوم. (ارميا ٤٩:١، عج) أما بالنسبة الى اشور، فقد حاصر الملك شلمنأسر الخامس السامرة واستولى عليها قبل نحو قرن من ايام صفنيا. (٢ ملوك ١٧:١-٦) وبعد فترة قصيرة هاجم الملك سنحاريب يهوذا، واستولى على العديد من مدنها المحصَّنة، حتى انه هدَّد اورشليم. (اشعياء ٣٦:١، ٢) وقد تعظَّم فعلا الناطق بلسان ملك اشور على يهوه عندما طلب من اورشليم الاستسلام. — اشعياء ٣٦:٤-٢٠.
١٥ كيف كان يهوه سيذلّ آلهة الامم التي تعظَّمت على شعبه؟
١٥ يذكر المزمور ٨٣ عددا من الامم، بما فيها موآب، عمون، وأشور، التي تعظَّمت على اسرائيل وذكرت بتفاخر: «هلمَّ نُبِدهم من بين الشعوب ولا يُذكر اسم اسرائيل بعد.» (مزمور ٨٣:٤) وأعلن النبي صفنيا بشجاعة ان يهوه الجنود سيذلّ جميع هذه الامم المتشامخة وآلهتها. «هذا لهم عوض تكبُّرهم لأنهم عيَّروا وتعظَّموا على شعب (يهوه) الجنود. الرب مخيف اليهم لأنه يهزل جميع آلهة الارض فسيسجد له الناس كل واحد من مكانه كل جزائر الامم.» — صفنيا ٢:١٠، ١١.
‹انتظروا›
١٦ (أ) لمَن كان اقتراب يوم يهوه مصدر فرح، ولماذا؟ (ب) ايّ امر مثير أُعطي لهذه البقية الامينة؟
١٦ في حين ان النعاس الروحي، الشك، الصنمية، الفساد، والمادية كانت سائدة بين قادة يهوذا وأورشليم وكثيرين من سكانهما، اصغى كما يظهر بعض اليهود الامناء الى نبوات صفنيا التحذيرية. فكانت تحزنهم الممارسات البغيضة لرؤساء يهوذا، قضاتها، وكهنتها. وكانت اعلانات صفنيا مصدر تعزية لأولئك الاولياء. وبدلا من ان يكون اقتراب يوم يهوه سببا للكرب، كان مصدر فرح لهم لأنه كان سيضع حدًّا لمثل هذه الممارسات الكريهة. وقد اصغت هذه البقية الامينة الى امر يهوه المثير: «لذلك فانتظروني يقول الرب الى يوم اقوم الى السلب لأن حكمي هو بجمع الامم وحشر الممالك لأصبّ عليهم سخطي كل حموّ غضبي.» — صفنيا ٣:٨.
١٧ متى وكيف ابتدأت رسائل الدينونة التي اعلنها صفنيا تتمّ في الامم؟
١٧ ان الذين اصغوا الى ذلك التحذير لم يفاجأوا. وعاش كثيرون ليروا اتمام نبوة صفنيا. وفي سنة ٦٣٢ قم استولى اتحاد مؤلف من البابليين، الماديِّين، وحشود من الشمال، على الارجح السكيثيين، على نينوى ودمَّرها. يروي المؤرخ ويل ديورانت: «قام جيش من البابليين بقيادة نبوبولاسَّر وبالتحالف مع جيش من الماديِّين بقيادة سياخار وحشد من السكيثيين من القوقاز، بالاستيلاء على القلاع الشمالية بسهولة وسرعة مذهلتَين. . . . في ضربة واحدة اختفت اشور من التاريخ.» وهذا تماما ما تنبأ به صفنيا. — صفنيا ٢:١٣-١٥.
١٨ (أ) كيف نُفِّذ الحكم الالهي في اورشليم، ولماذا؟ (ب) كيف تمَّت نبوة صفنيا المتعلقة بموآب وعمون؟
١٨ عاش ايضا يهود كثيرون ممن انتظروا يهوه ليروا احكامه تُنفَّذ في يهوذا وأورشليم. وفي ما يتعلق بأورشليم تنبأ صفنيا: «ويل للمتمردة المنجسة المدينة الجائرة. لم تسمع الصوت. لم تقبل التأديب. لم تتَّكل على (يهوه). لم تتقرَّب الى الهها.» (صفنيا ٣:١، ٢) وبسبب عدم امانتها، حاصر البابليون اورشليم مرتين وأخيرا استولوا عليها ودمَّروها سنة ٦٠٧ قم. (٢ أخبار الايام ٣٦:٥، ٦، ١١-٢١) أما بالنسبة الى موآب وعمون، بحسب المؤرخ اليهودي يوسيفوس، فقد شنَّ البابليون حربا عليهما في السنة الخامسة بعد سقوط اورشليم وانتصروا عليهما. وبعد ذلك غابتا عن الوجود كما ذكرت النبوة.
١٩، ٢٠ (أ) كيف كافأ يهوه الذين انتظروه؟ (ب) لماذا تهمّنا هذه الحوادث، وفيمَ سنتأمل في المقالة التالية؟
١٩ كان اتمام هذه التفاصيل وغيرها من نبوة صفنيا اختبارا مقويا لايمان اليهود وغير اليهود الذين انتظروا يهوه. وبين الذين نجوا من الدمار الذي اصاب يهوذا وأورشليم كان ارميا، عبد ملك الكوشي، وبيت يوناداب، الركابيون. (ارميا ٣٥:١٨، ١٩؛ ٣٩:١١، ١٢، ١٦-١٨) واليهود الامناء الذين في السبي وذريتهم، الذين استمروا في انتظار يهوه، صاروا جزءا من البقية السعيدة التي تحرَّرت من بابل سنة ٥٣٧ قم ورجعت الى يهوذا لإعادة تأسيس العبادة النقية. — عزرا ٢:١؛ صفنيا ٣:١٤، ١٥، ٢٠.
٢٠ فماذا يعني كل ذلك لوقتنا؟ ان الوضع في ايام صفنيا يماثل بطرائق عديدة الامور البغيضة التي تحدث اليوم في العالم المسيحي. وعلاوة على ذلك، تشبه مواقف اليهود المختلفة في تلك الاوقات المواقف التي يمكن ان توجد اليوم، حتى بين شعب يهوه احيانا. وهذه هي الامور التي سنتأمل فيها في المقالة التالية.
-
-
«لا ترتخِ يداك»برج المراقبة ١٩٩٦ | ١ آذار (مارس)
-
-
«لا ترتخِ يداك»
«لا ترتخِ يداك. الرب الهك في وسطك جبار. يخلِّص.» — صفنيا ٣:١٦، ١٧.
١ ماذا ذكر عالِم للكتاب المقدس عن نبوة صفنيا؟
امتدت نبوة صفنيا الى ابعد من اتمامها الاول في القرنين السابع والسادس قبل الميلاد. كتب الپروفسور ك. ف. كايل في تعليقه على صفنيا: «ان نبوة صفنيا . . . لا تُستهَلّ فقط بإعلان حكم شامل على العالم بأسره، منه ينشأ الحكم الذي يصدر على يهوذا بسبب خطاياها، وعلى امم العالم بسبب عدائها لشعب يهوه؛ بل تتحدث عموما عن يوم يهوه العظيم والمخوف.»
٢ اية تناظرات هنالك بين الاحوال في ايام صفنيا والوضع في العالم المسيحي اليوم؟
٢ واليوم، حكْم يهوه هو بجمع الامم للهلاك على نطاق اوسع بكثير مما في ايام صفنيا. (صفنيا ٣:٨) وتلك الامم التي تدَّعي المسيحية ملومة خصوصا في نظر اللّٰه. وكما دفعت اورشليم غاليا ثمن خيانتها يهوه، كذلك لا بد ان يتحمّل العالم المسيحي امام اللّٰه مسؤولية مسلكه الشائن. والاحكام الالهية التي أُعلنت على يهوذا وأورشليم في ايام صفنيا تنطبق بشكل اقوى ايضا على كنائس وطوائف العالم المسيحي. فقد لوَّثت هي ايضا العبادة النقية بعقائدها التي تهين اللّٰه، والتي يرجع الكثير منها الى اصل وثني. وقد قدّمت ابناءها الاصحاء بالملايين على مذبح الحرب العصري. وفضلا عن ذلك، فإن الساكنين في ما هو مرموز اليه بأورشليم يخلطون مسيحيتهم المزعومة بالتنجيم، الممارسات الارواحية، والفساد الادبي الجنسي المحقِّر، الذي يذكِّر بعبادة البعل. — صفنيا ١:٤، ٥.
٣ ماذا يمكن ان يقال عن كثيرين من القادة الدنيويين والحكومات السياسية اليوم، وبمَ تنبأ صفنيا؟
٣ يحب كثيرون من قادة العالم المسيحي السياسيين ان يكونوا اعضاء بارزين في الكنيسة. ولكن ‹كرؤساء› يهوذا، يستغلّ عدد منهم الناس ‹كأسود زائرة› و«ذئاب» شرهة. (صفنيا ٣:١-٣) والأتباع السياسيون لمثل هؤلاء «يملأون بيت سيدهم ظلما وغشا.» (صفنيا ١:٩) والارتشاء والفساد سائدان. أما الحكومات السياسية داخل العالم المسيحي وخارجه، ‹فيتعظَّم› عدد متزايد منها على شعب يهوه الجنود، شهوده، معاملة اياهم ‹كشيعة› محتقَرة. (صفنيا ٢:٨؛ اعمال ٢٤:٥، ١٤) وفي ما يتعلق بمثل هؤلاء القادة السياسيين وأتباعهم جميعا، تنبأ صفنيا: «لا فضتهم ولا ذهبهم يستطيع انقاذهم في يوم غضب الرب بل بنار غيرته تؤكل الارض كلها. لأنه يصنع فناء باغتا لكل سكان الارض.» — صفنيا ١:١٨.
«تُسترون في يوم سخط الرب»
٤ ماذا يظهر انه سيكون هنالك ناجون من يوم يهوه العظيم، ولكن ماذا يجب ان يفعلوا؟
٤ لم يفنَ جميع سكان يهوذا في القرن السابع قبل الميلاد. وبشكل مماثل، سيكون هنالك ناجون من يوم يهوه العظيم. ولمثل هؤلاء ذكر يهوه بواسطة نبيِّه صفنيا: «قبل ولادة القضاء. كالعصافة عبَر اليوم. قبل ان يأتي عليكم حموّ غضب الرب قبل ان يأتي عليكم يوم سخط الرب. اطلبوا الرب يا جميع بائسي الارض الذين فعلوا حكمه. اطلبوا البر. اطلبوا التواضع. لعلكم تُسترون في يوم سخط الرب.» — صفنيا ٢:٢، ٣.
٥ في وقت النهاية هذا، مَن كانوا اول مَن اصغوا الى تحذير صفنيا، وكيف استخدمهم يهوه؟
٥ في وقت نهاية هذا العالم، كانت بقية الاسرائيليين الروحيين، المسيحيين الممسوحين، اول مَن اصغوا الى الدعوة النبوية. (رومية ٢:٢٨، ٢٩؛ ٩:٦؛ غلاطية ٦:١٦) وإذ طلبوا البر والتواضع وأظهروا الاحترام لأحكام يهوه، جرى انقاذهم من بابل العظيمة، الامبراطورية العالمية للدين الباطل، وردُّهم الى الرضى الالهي سنة ١٩١٩. ومنذ ذلك الحين، وخصوصا منذ سنة ١٩٢٢، تنادي هذه البقية الامينة دون خوف بأحكام يهوه على كنائس وطوائف العالم المسيحي وعلى الامم السياسية.
٦ (أ) بمَ تنبأ صفنيا عن البقية الامينة؟ (ب) كيف تمَّت هذه النبوة؟
٦ وعن هذه البقية الامينة تنبأ صفنيا: «أُبقي في وسطك شعبا بائسا ومسكينا فيتوكَّلون على اسم (يهوه). بقية اسرائيل لا يفعلون اثما ولا يتكلمون بالكذب ولا يوجد في افواههم لسان غش لأنهم يرعون ويربضون ولا مخيف.» (صفنيا ٣:١٢، ١٣) وقد ابقى هؤلاء المسيحيون الممسوحون دائما اسم يهوه في الطليعة، ولكنهم فعلوا ذلك خصوصا منذ سنة ١٩٣١ حين تبنوا الاسم شهود يهوه. (اشعياء ٤٣:١٠-١٢) وبإبراز قضية سلطان يهوه، اكرموا الاسم الالهي، وتبرهن ان ذلك ملجأ لهم. (امثال ١٨:١٠) وقد زوّدهم يهوه بالطعام الروحي بوفرة، وهم يسكنون دون خوف في فردوس روحي. — صفنيا ٣:١٦، ١٧.
‹اسم وتسبيحة في الشعوب كلها›
٧، ٨ (أ) اية نبوة اخرى تمَّت في بقية اسرائيل الروحي؟ (ب) ماذا صار ملايين الناس يدركون، وما هي مشاعركم الخاصة في هذا الخصوص؟
٧ ان تعلُّق البقية الشديد باسم يهوه وبالمبادئ البارة لكلمته لم يمرَّ دون ان يُلاحظ. فقد رأى الناس المخلصون الفرق بين سلوك البقية وفساد ورياء القادة السياسيين والدينيين لهذا العالم. وقد بارك يهوه «بقية اسرائيل» الروحي. وشرَّفهم بامتياز حمل اسمه، وجعل لهم صيتا حسنا بين شعوب الارض. وذلك كما تنبأ صفنيا: «في الوقت الذي فيه آتي بكم وفي وقت جمعي اياكم. لأني اصيِّركم اسما وتسبيحة في شعوب الارض كلها حين اردّ مسبييكم قدام اعينكم قال الرب.» — صفنيا ٣:٢٠.
٨ منذ سنة ١٩٣٥ صار حرفيا ملايين الناس يدركون ان بركة يهوه هي على البقية. وهم يتبعون بسرور هؤلاء اليهود، او الاسرائيليين، الروحيين قائلين: «نذهب معكم لأننا سمعنا ان اللّٰه معكم.» (زكريا ٨:٢٣) وهؤلاء ‹الخراف الاخر› يرون في البقية الممسوحة «العبدَ الامين الحكيم،» الذي اقامه المسيح «على جميع امواله» الارضية. وهم يتناولون بشكر الطعام الروحي الذي يعدّه صف العبد «في حينه.» — يوحنا ١٠:١٦؛ متى ٢٤:٤٥-٤٧.
٩ اية «لغة» يتعلَّم التكلُّم بها ملايين الناس وفي ايّ عمل عظيم يخدم الخراف الاخر «كتفا الى كتف» مع البقية الممسوحة؟
٩ الى جانب البقية، يتعلَّم هؤلاء الملايين من الخراف الاخر ان يحيوا ويتكلَّموا انسجاما مع ‹اللغة النقية.›a تنبأ يهوه بواسطة صفنيا: «حينئذ احوِّل الشعوب الى لغة نقية ليدعوا كلهم باسم يهوه ليخدموه كتفا الى كتف.» (صفنيا ٣:٩، عج) نعم، يخدم الخراف الاخر يهوه باتِّحاد «كتفا الى كتف» مع الاعضاء الممسوحين من «القطيع الصغير» في العمل الملحّ للكرازة «ببشارة الملكوت هذه . . . شهادة لجميع الامم.» — لوقا ١٢:٣٢؛ متى ٢٤:١٤.
‹سيأتي يوم يهوه›
١٠ بمَ كانت البقية الممسوحة مقتنعة دائما، وأيّ شيء سيعيشون، كصفّ، ليروه؟
١٠ تتذكَّر البقية الممسوحة باستمرار عبارة الرسول بطرس الموحى بها: «لا يتباطأ الرب عن وعده كما يحسب قوم التباطؤ لكنه يتأنى علينا وهو لا يشاء ان يهلك اناس بل ان يقبل الجميع الى التوبة. ولكن سيأتي كلص في الليل يوم (يهوه).» (٢ بطرس ٣:٩، ١٠) وأعضاء صف العبد الامين لا تخالجهم ابدا اية شكوك في اتيان يوم يهوه في زمننا. وهذا اليوم العظيم سيُستهَلّ بتنفيذ احكام اللّٰه في العالم المسيحي، المرموز اليه بأورشليم، وفي باقي بابل العظيمة. — صفنيا ١:٢-٤؛ رؤيا ١٧:١، ٥؛ ١٩:١، ٢.
١١، ١٢ (أ) اية ناحية اخرى من نبوة صفنيا تمَّت في البقية؟ (ب) كيف تصغي البقية الممسوحة الى الامر، «لا ترتخِ يداك»؟
١١ تفرح البقية الامينة بانقاذها سنة ١٩١٩ من الاسر الروحي في بابل العظيمة، الامبراطورية العالمية للدين الباطل. وقد اختبروا اتمام نبوة صفنيا: «ترنَّمي يا ابنة صهيون اهتفْ يا اسرائيل افرحي وابتهجي بكل قلبك يا ابنة اورشليم. قد نزع الرب الاقضية عليك ازال عدوَّك. ملِك اسرائيل (يهوه) في وسطك. لا تنظرين بعد شرا. في ذلك اليوم يقال لأورشليم لا تخافي يا صهيون لا ترتخِ يداك. (يهوه) الهك في وسطك جبار. يخلِّص.» — صفنيا ٣:١٤-١٧.
١٢ ان الاقتناع والدليل الوافر على ان يهوه في وسطهم يدفعان البقية الممسوحة الى التقدم دون خوف في اتمام تفويضهم الالهي. فهم يكرزون ببشارة الملكوت ويعلنون احكام يهوه على العالم المسيحي، باقي بابل العظيمة، وكامل نظام اشياء الشيطان الشرير. وعلى مر العقود منذ سنة ١٩١٩، رغم كل الصعوبات، يطيعون الامر الالهي: «لا تخافي يا صهيون لا ترتخِ يداك.» وهم لم يرخوا يدهم في توزيع بلايين النشرات، المجلات، الكتب، والكراريس التي تعلن ملكوت يهوه. وكانوا مثالا يضرم الايمان للخراف الاخر الذين، منذ سنة ١٩٣٥، يتدفقون الى جانبهم.
«لا ترتخِ يداك»
١٣، ١٤ (أ) لماذا ارتدّ بعض اليهود عن خدمة يهوه، وكيف صار ذلك ظاهرا؟ (ب) ايّ امر من غير الحكمة ان نفعله، وفي ايّ عمل ينبغي ألّا ندع يدَينا ترتخيان؟
١٣ فيما ‹ننتظر› يوم يهوه العظيم، كيف يمكننا ان نستمد المساعدة العملية من نبوة صفنيا؟ اولا، ينبغي ان نحترس لئلا نصير كاليهود في ايام صفنيا الذين ارتدّوا عن اتِّباع يهوه لأنهم شكّوا في اقتراب يوم يهوه. ومثل هؤلاء اليهود لم يعبِّروا بالضرورة عن شكوكهم علنا، ولكنَّ تصرفهم كشف انهم فعلا لم يؤمنوا بأن يوم يهوه العظيم كان قريبا. لقد ركَّزوا على تجميع الثروة عوضا عن انتظار يهوه. — صفنيا ١:١٢، ١٣؛ ٣:٨.
١٤ والآن ليس الوقت لنسمح للشكوك بأن تتأصل في قلوبنا. ومن غير الحكمة ان نؤخِّر في عقولنا او قلوبنا اتيان يوم يهوه. (٢ بطرس ٣:١-٤، ١٠) وينبغي ان نتجنَّب الارتدادَ عن اتِّباع يهوه او ‹جعلَ يدَينا ترتخيان› في خدمته. ويشمل ذلك عدم ‹العمل بيد رخوة› في كرازتنا «بالبشارة.» — امثال ١٠:٤؛ مرقس ١٣:١٠، عج.
محاربة اللامبالاة
١٥ ماذا يمكن ان يجعلنا نرخي يدنا في خدمة يهوه، وكيف أُنبئ بهذه المشكلة في نبوة صفنيا؟
١٥ ثانيا، ينبغي ان نحترز من التأثيرات المضعفة للامبالاة. ففي بلدان غربية كثيرة يمكن ان يصير عدم الاهتمام بالامور الروحية سببا للتثبُّط بين بعض الكارزين بالبشارة. ومثل هذه اللامبالاة وُجدت في ايام صفنيا. ذكر يهوه بواسطة نبيِّه: «اعاقب الرجال . . . القائلين في قلوبهم إن الرب لا يحسن ولا يسيء.» (صفنيا ١:١٢) وإذ كتب أ. ب. دايڤدسن عن هذا المقطع في كتاب كَيمبريدج المقدس للمدارس والجامعات، ذكر انه يشير الى الناس الذين «انحدروا الى اللامبالاة العديمة الحس او حتى الى الشك في ايّ تدخُّل لسلطة اعلى في شؤون الجنس البشري.»
١٦ اية حالة عقلية توجد بين كثيرين من اعضاء كنائس العالم المسيحي، ولكن ايّ تشجيع يقدِّمه لنا يهوه؟
١٦ واللامبالاة هي الموقف السائد اليوم في انحاء كثيرة من الارض، وخصوصا في الدول الاغنى. وحتى اعضاء كنائس العالم المسيحي لا يؤمنون بأن يهوه اللّٰه سيتدخَّل في شؤون البشر في ايامنا. وهم يتجاهلون جهودنا لإيصال بشارة الملكوت اليهم إما بابتسامة تعرب عن الشك وإما بجواب مختصر، «انا لست مهتما!» وفي هذه الظروف، يمكن ان تكون المثابرة على عمل الشهادة تحدِّيا حقيقيا. وهي تمتحن احتمالنا. لكنَّ يهوه يقوّي شعبه الامين بواسطة نبوة صفنيا قائلا: «لا ترتخِ يداك. (يهوه) الهك في وسطك جبار. يخلِّص. يبتهج بك فرحا. يسكت في محبته. يبتهج بك بترنُّم.» — صفنيا ٣:١٦، ١٧.
١٧ ايّ مثال جيد ينبغي ان يتبعه الاشخاص الآتون حديثا بين الخراف الاخر، وكيف؟
١٧ ان قيام البقية، وكذلك الاشخاص الاكبر سنًّا بين الخراف الاخر، بعمل تجميع هائل في هذه الايام الاخيرة هو من وقائع التاريخ العصري لشعب يهوه. فقد اظهر جميع هؤلاء المسيحيين الامناء الاحتمال على مر العقود. ولم يسمحوا للامبالاة من جهة الغالبية في العالم المسيحي بأن تثبِّطهم. فلا يتثبط الاشخاص الآتون حديثا بين الخراف الاخر من جراء اللامبالاة بالامور الروحية السائدة الى حد بعيد اليوم في بلدان عديدة. ولا يسمحوا بأن ‹ترتخي ايديهم.› وَلْينتهزوا كل فرصة لتقديم برج المراقبة، استيقظ!، والمطبوعات الجيدة الاخرى المصمَّمة خصوصا لمساعدة المشبَّهين بالخراف على تعلُّم الحق عن يوم يهوه والبركات التي ستتبعه.
الى الامام فيما ننتظر اليوم العظيم!
١٨، ١٩ (أ) ايّ تشجيع على الاحتمال نجده في متى ٢٤:١٣ واشعياء ٣٥:٣، ٤؟ (ب) كيف سنُبارَك اذا تقدَّمنا باتِّحاد في خدمة يهوه؟
١٨ ذكر يسوع: «الذي (يحتمل) الى المنتهى فهذا يخلص.» (متى ٢٤:١٣) فلا مكان ‹للايادي المسترخية› او «الركب المرتعشة» فيما ننتظر يوم يهوه العظيم! (اشعياء ٣٥:٣، ٤) تذكر نبوة صفنيا عن يهوه مؤكدة من جديد انه «جبار. يخلِّص.» (صفنيا ٣:١٧) نعم، سينقذ يهوه ‹الجمع الكثير› عبر المرحلة الاخيرة من «الضيقة العظيمة» حين يأمر ابنَه بأن يحطِّم الامم السياسية التي ‹تعظَّمت› على شعبه. — رؤيا ٧:٩، ١٤؛ صفنيا ٢:١٠، ١١؛ مزمور ٢:٧-٩.
١٩ واذ يقترب يوم يهوه العظيم، فلنتقدَّم بغيرة، خادمينه «كتفا الى كتف»! (صفنيا ٣:٩، عج) وبذلك نكون نحن وآخرون لا يحصى لهم عدد في وضع يمكِّننا من ان ‹نُستر في يوم سخط الرب› ونشهد تقديس اسمه القدوس.
-