مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • الموت البلية العالمية
    استيقظ!‏ ١٩٩٢ | تموز (‏يوليو)‏ ٢٢
    • الموت البلية العالمية

      كل سنة يموت نحو ٥٠ مليون شخص حول الكرة الارضية.‏ ويعني ذلك ٠٠٠‏,١٣٧ في اليوم،‏ ٧٠٠‏,٥ في الساعة،‏ ١٠٠ تقريبا في الدقيقة،‏ او اكثر من ٣ اشخاص كل ثانيتين.‏ وما من عائلة مستثناة من بلية الموت.‏ الملك او العامِّي،‏ الغني او الفقير،‏ الذكر او الانثى —‏ كلهم يموتون على حد سواء.‏

      ‏«لا شيء اكيد في هذا العالم إلا الموت والضرائب،‏» كتب الناشر،‏ المخترع،‏ والدبلوماسي الاميركي الشهير بنجامان فرانكلن الى صديق في السنة ١٧٨٩.‏ لكنَّ ملاحظته لم تكن الفريدة.‏ فقبل ذلك بنحو ٨٠٠‏,٢ سنة،‏ ذكر سليمان الملك الحكيم لامة اسرائيل القديمة:‏ «الاحياء يعلمون انهم سيموتون.‏» ومع ذلك،‏ فقد اكَّد فقط ما قيل قبل ذلك بنحو ٠٠٠‏,٣ سنة للانسان الاول نفسه على الارض:‏ «انك تراب والى تراب تعود.‏» —‏ جامعة ٩:‏٥؛‏ تكوين ٣:‏١٩‏.‏

      وبقدر ما كان الموت محتوما طوال التاريخ البشري،‏ فهو لا يزال مصدر حزن عظيم.‏ لقد قيل بالصواب ان رغبتنا الطبيعية هي ان نعيش،‏ لا ان نموت.‏ والعلاقات التي لدينا بالعائلة والاصدقاء هي روابط قوية تصرخ من اجل الاستمرار.‏ ولكنَّ هذه الروابط،‏ واحدة بعد اخرى،‏ فيما تتقدَّم السنون،‏ يقطعها الموت.‏ فيموت اجدادنا،‏ والدانا،‏ وأصدقاؤنا.‏

      ‏«الوقائع هي ان المعمِّرين الذين يقطعون سنتهم الـ‍ ١١٣ نادرو الوجود،‏ وأقصى حد مثبت حاليا لعمر الانسان لم يعترف بعدُ بأشخاص احياء يحتفلون بعيد ميلادهم بعد ١٢٠ سنة،‏» يذكر كتاب ڠنّس للارقام القياسية.‏ لذلك،‏ ما من احد حي اليوم شهد ولادة ونستون تشرشل (‏١٨٧٤)‏ او تلك التي لموهانداس غاندي (‏١٨٦٩)‏،‏ بَيْع ألاسكا للولايات المتحدة من قِبَل روسيا في السنة ١٨٦٧،‏ او اغتيال ابراهام لنكولن في السنة ١٨٦٥ —‏ هذا إن لم نذكر جميع الحوادث التاريخية التي سبقت حوادث القرن الـ‍ ١٩ هذه.‏

      وفي الواقع،‏ على الرغم من كل التقدم المفاجئ العصري في الطب والعلم،‏ لا يزال مدى حياة البشر يبلغ ذاك الذي ذكره الرجل القديم موسى:‏ «ايام سنينا هي سبعون سنة.‏ وإن كانت مع القوة فثمانون سنة وأفخرها تعب وبليَّة.‏ لانها تُقرَض سريعا فنطير.‏» (‏مزمور ٩٠:‏١٠‏)‏ لقد كانت هذه قاعدة عامة.‏ فموسى نفسه عاش ١٢٠ سنة.‏

      وبقدر ما يمكن ان تكون الحياة ملآنة بالمشاكل،‏ يجلب فقدان شخص عزيز ألما وحزنا خصوصيَّين.‏ وغالبا ما يكون له تأثير معاكس في صحة اولئك الذين لا يزالون احياء ومن المعروف ايضا انه يعجِّل المرض والموت.‏ وأيّا كان عضو العائلة الذي يموت،‏ فهنالك شعور عظيم بالخسارة.‏ وكما يعبِّر طبيب نفساني عن ذلك،‏ «عندما يموت والدكم،‏ تخسرون ماضيكم.‏ وعندما يموت ولدكم،‏ تخسرون مستقبلكم.‏» ان الغمّ والتوتر العاطفي اللذين يتبعان يمكن ان يفوقا الوصف.‏ وغالبا ما توضع اعباء مالية ثقيلة،‏ مما يجعل الامور اسوأ.‏ والضغط للالتصاق بممارسات وعادات مأتمية معيَّنة يمكن ان يزيد على الحزن.‏

      ولكن هل هنالك طريقة يمكن بها ان نخفِّف من بعض الاجهاد والاعباء التي تصيبنا عندما يموت شخص حبيب؟‏

  • التخفيف من اعباء الموت
    استيقظ!‏ ١٩٩٢ | تموز (‏يوليو)‏ ٢٢
    • التخفيف من اعباء الموت

      تختلف عادات المآ‌تم وممارسات الدفن كثيرا من بلد الى بلد ومن مجتمع الى مجتمع.‏ وقد تشترط الانظمة الحكومية بعض الاجراءات التي يجب اتِّباعها.‏ لكنَّ العامل الاكثر حسما هو عادة المعتقدات الدينية للعائلة والمجتمع المحلي.‏ «ان دراسة شعائر وعادات الموت توضح على نحو مؤثِّر العلاقةَ بين المعتقد الديني والممارسة الشائعة في حضور الموتى،‏» تذكر دائرة المعارف البريطانية الجديدة.‏

      تأملوا في مأتم هندوسي في الهند.‏ تُعدّ الجثة للإحراق بحسب شعائر الديانة الخاصة.‏ يُرش «ماء مقدس،‏» من الافضل ان يكون من نهر الغانج،‏ على الارض.‏ ثم توضع مُلاءة بيضاء فوق تلك البقعة،‏ وتوضع الجثة عليها.‏ ويُحرق بخور ذكي الرائحة اعتقادا انه يجلب ارواحا طاهرة الى البقعة.‏ ويوضع معجون من خشب الصندل ومسحوق احمر على الوجه.‏ تُغسل الجثة وبعد ذلك تُغطَّى بقطعة قماش بيضاء تُنثر عليها الزهور.‏ ثم تُحمل الجثة والرأس الى الامام على نقَّالة من خيزران الى ڠات الاحراق (‏موضع لاحراق الجثث)‏.‏ هناك تُعكس النقَّالة لوضع الجثة والقدمان الى الامام نحو ڠات الاحراق،‏ للاشارة الى انها تستعد للحياة المستقبلية.‏ ويوقِد الابن البكر المحرقة الجنائزية،‏ لانه يُعتقد انه بهذه الطريقة فقط تجد «نفسُ» الميت السلام.‏ وبعد ذلك،‏ يُجمع الرماد ويودع في احد انهر الهند «المقدسة.‏»‏

      في پاپوا غينيا الجديدة،‏ من المألوف ان يبقى الاقرباء على صلة لصيقة بالجثة،‏ مقبِّلين اياها،‏ باكين عليها،‏ واعدين اياها وعودا،‏ وطالبين المسامحة على خطايا ارتُكبت ضد الشخص الميت.‏ النواح شديد،‏ ودندنة المراثي تزيد الحزن.‏ والعادة هي ان تُقام وليمتان سخيّتان على الاقل في وقت ما بعد الموت لاكرام «روح» الشخص الميت واتِّقاء ايّ عقاب قد تجلبه.‏

      في افريقيا،‏ تشدِّد ممارسات وتقاليد المآ‌تم على الايمان بخلود النفس.‏ ويجري الشعور بالحاجة الى استرضاء الموتى،‏ مخافة ان ينزلوا الخراب بأقربائهم.‏ فيُنفَق الكثير من المال وتُقدَّم ذبائح كثيرة بأمل ان يُظهر الموتى الرضى على الاحياء.‏ ويؤمن كثيرون بالتقمص،‏ بأن الميت سيعود إما كحيوان يُكرَّم اكرام العبادة وإما كعضو آخر للعائلة من خلال امرأة حامل في ذلك الوقت.‏ «وهكذا،‏» يقول تقرير من نيجيريا،‏ «تُبذل عناية خصوصية عند إلباس الجثة للتأكد من ان كل شيء في وضعه الصحيح.‏ مثلا،‏ يُعتقد انه اذا لم تكن يد الشخص الميت مستقيمة في التابوت،‏ فسيظهر ذلك كعيب خلقي عندما يتقمص الشخص.‏ او ان الميت الذي لا يجري إلباسه على نحو ملائم سيتقمص كرجل مجنون.‏» فالخوف من الموتى وسيطرتهم المفترضة على الاحياء غالبا ما يكونان عاملَين في التصرف في المآ‌تم الافريقية.‏

      في اجزاء كثيرة من ارياف اليونان،‏ تُجرى ايضا طقوس طويلة ومفصَّلة بعد الموت.‏ «خلال السنوات الخمس التي تلي،‏ تُعِدُّ وتدير الاناث من اقرباء الميت خدمات تذكارية كثيرة،‏» تذكر مجلة العِلم.‏ «بالنسبة الى الزوجات،‏ الامهات،‏ والبنات،‏ يصير النواح دورا مميِّزا.‏ فيزُرْن القبر كل ليلة لإشعال الشموع،‏ تنظيف شاهدة الضريح،‏ التكلم الى الميت،‏ والتغني بمراثٍ،‏ والبكاء.‏ والانجاز الكامل لهذه الشعائر،‏ كما يعتقدون،‏ سيساعد نفس الشخص الحبيب على دخول السماء.‏» وفي النهاية،‏ تُنبش عظام الميت وتوضع في مدفن قروي عام.‏

      معظم المآ‌تم في اليابان تطابق الشعائر البوذية.‏ فبعد ان تُغسل الجثة وتُلبَس،‏ تُغطى بملاءة بيضاء،‏ ويوضع سكّين على الصدر لاتِّقاء الارواح الشريرة.‏ واذ تُشعل الشموع والبخور،‏ يتلو كاهن سوتريات (‏مقاطع من كتابات قانونية بوذية)‏ الى جانب السرير ويعطي الميت اسما بوذيا لِما بعد الموت لا بد ان يُدفع من اجله،‏ على اساس عدد الحروف المستعملة،‏ مبلغٌ كبير من المال.‏ ثم توضع الجثة في تابوت خشبي غير مدهون.‏ ويجري سهرٌ عند جثة الميت طوال الليل او سهرٌ جزئي لوقت اقصر للنوح على الميت والصلاة من اجل راحة النفس.‏ واذ يتلو الكاهن سوتريات،‏ يحرق النائحون كل بدوره مقدارا ضئيلا من البخور.‏ وتحدث شعائر مماثلة في اليوم التالي خلال خدمة المأتم امام مذبح يوضع عليه التابوت،‏ صورة للميت،‏ وأدوات شعائرية بوذية اخرى.‏ ثم يتم احراق الجثة،‏ الامر الذي يتطلَّبه القانون.‏ ولمدة من الوقت بعد ذلك،‏ يُحرق البخور من حين الى آخر ويتلو الكاهن سوتريات الى ان تفقد النفس،‏ كما يُعتقد،‏ تأثيرها في الشؤون البشرية وتندمج في النفس السَلَفية للطبيعة الكونية.‏

      اجعلوا رغباتكم معروفة

      عوضا عن التخفيف من الاجهاد الذي يرافق موت شخص حبيب،‏ غالبا ما تضيف ممارسات مأتمية كهذه اعباء اعظم.‏ احدها هو الكلفة.‏ فالمآ‌تم المؤثِّرة ليست رخيصة.‏ ويتوقع الكهنة عادة تبرعات او اجورا كبيرة مقابل خدماتهم.‏ والولائم السخية والطقوس هي ايضا غالية جدا.‏ حتى انه قد يكون هنالك ضغط لتجاوز رغبات الميت او للانهماك في شعائر لم يؤمن بها.‏ ويمكن ان يكون تذمُّر العائلة او الاصدقاء جهيرا بأن الميت لن يُمنح دفنا ملائما ولائقا حسب مقاييس المجتمع المحلي.‏ فاذا كانت لديكم اية رغبات حول كيفية اجراء مأتمكم،‏ فمن الحكمة ان تسجِّلوا ذلك وتحصلوا على توقيع شهود على الوثيقة.‏

      تعلَّمت ربة منزل يابانية هذا الدرس عندما مات والدها البالغ من العمر ٨٥ سنة.‏ فكان قد طلب خدمة تذكارية بسيطة بحضور اعضاء العائلة فقط.‏ لكنَّ ذلك جلب الكثير من الانتقاد من الذين فضَّلوا برنامج المأتم التقليدي.‏ بعد ذلك كتبت ابنته الى صحيفة اساهي شيمبون في طوكيو:‏ «اذا رغب احد في ان يُقام له مأتم مختلف عن المآ‌تم الاخرى،‏ كيفما بدا ذلك معقولا للمرء نفسه،‏ فمن الافضل ان يناقش الامر مع عائلته في محادثة يومية وأن يحصل على موافقتهم على الفكرة.‏ ومن المهم ايضا ان يترك المرء رغباته مكتوبة لكي يتمكن اعضاء العائلة المفجوعون من معالجة الانتقاد.‏»‏

      ومن الاهم ايضا فعل ذلك عندما تملكون معتقدات دينية قوية تتعارض مع الممارسة المحلية.‏ مثلا،‏ قد يخشى المسيحي في اليابان،‏ اذا مات،‏ من ان ينحني اقرباؤه غير المسيحيين في توقير تبجيلي امام تابوته او صورته وقت المأتم كما يفعلون امام مذبح بوذي.‏ فيمكنه ان يشترط مسبقا في تعليماته المكتوبة انه،‏ بعد ان يودِّعه الناس في البيت،‏ يجب ان تُحرق جثته وأن تُجرى بعد ذلك خدمة تذكارية بسيطة حيث لا يوجد تابوت ولا صورة.‏ ولتجنُّب المشاكل،‏ يمكن ان يُعلَم الاقرباء مسبقا بالاجراء.‏

      التعامل مع مؤسسة الموت

      الى ما قبل نحو مئة سنة،‏ كان معظم الناس يموتون في بيوتهم،‏ مُحاطين بالاصدقاء والعائلة.‏ ولم يكن الاولاد يستثنَون من الحضور عند فراش الموت،‏ وقد تعلَّموا عن الموت بهذه الطريقة.‏ لكنَّ هذا كله تغيَّر في بلاد العالم الصناعية المتقدمة.‏ فكثيرون من الاشخاص المشرفين على الموت يُنقلون الى المستشفيات،‏ وتُبذل الجهود لإطالة حياتهم.‏ «بدلا من الفهم ان الموت امر طبيعي،‏ صار الاطباء العصريون يرونه امرا رديئا او غريبا،‏ هزيمة لكل مساعيهم العلاجية،‏ وفي بعض الاحيان هزيمة شخصية تقريبا،‏» تذكر دائرة المعارف البريطانية الجديدة.‏ «يُعالج المرض بكل الاسلحة الممكنة،‏ وغالبا دون تفكير كاف في الشخص المريض —‏ وفي بعض الاحيان ايضا دون التفكير في ما اذا كان لا يزال هنالك ‹شخص› على الاطلاق.‏»‏

      يكلِّف المأتم العادي الآن في الولايات المتحدة اكثر من ٠٠٠‏,٣ دولار —‏ وهذا لا يشمل قطعة ارض المقبرة.‏ وميل المرء في التعامل مع مدير مآ‌تم متعاطف هو ان ينسى انه في العمل التجاري لكسب المال.‏ «ان دافع الربح ناشط جدا في مؤسسة الترتيبات النهائية،‏» تقول مجلة الازمنة المتغيرة.‏ «وكما في ايّ حيِّز تجاري،‏ يجازف الشاري في ان يندفع الى انفاق المال،‏ يُخدع،‏ يُطلب منه ثمن اغلى،‏ يُغشّ من قبل بائع مجرد من الاخلاق.‏ وفي الواقع،‏ تكون المجازفة اشد لأن معظم الناس يشترون للمرة الاولى،‏ وهم مفجوعون ولا بد ان يعملوا بسرعة.‏»‏

      ولكن هنالك خيارات اخرى.‏ احدها هو ان تدخروا انتم المال لمأتمكم.‏ ويمكن ان يُصنع ذلك بواسطة حساب توفير مصرفي خاص يوضع امانة لشخص يبقى حيا.‏ وحسب القوانين المصرفية الاميركية،‏ يمكن للمستفيد ان يسحب المال في حساب كهذا (‏يدعى امانة توتِن)‏ عند اظهار ما يثبت هويته وشهادة الوفاة.‏ وفي هذه الاثناء،‏ تبقى الاموال في تصرفكم.‏ وعقود التأمين على الحياة لدى شركة موثوق بها وحسنة الصيت هي خيار آخر.‏ وإذا كنتم متزوجا،‏ تأكدوا ان رفيقكم جرى اعلامه،‏ وخصوصا في ما يتعلق بالشؤون المالية.‏ وكذلك فان كتابة وصيَّة نافعةٌ جدا.‏ وليس من المرجَّح ان تموتا كلاكما في الوقت نفسه.‏ ففي معظم الحالات تبقى الزوجات على قيد الحياة بعد موت ازواجهن.‏ وغالبا ما تجد الزوجات انفسهن جاهلات لهذه الامور،‏ مما يزيد حزنهنَّ وألمهنَّ.‏ وبما ان الموت قد يأتي على نحو غير متوقع،‏ لا تؤجلوا مناقشة هذه الامور مع عائلتكم.‏

      معالجة الحزن

      ان الشخص الذي يكابد خسارة حبيب يقاسي جرحا كبيرا.‏ والحاجة الى البكاء والنوح ستدوم الى ان يجري تقبُّل الموت.‏ ودوام عملية الحزن يختلف من فرد الى فرد.‏ فقد يتقبَّل البعض خسارتهم بسرعة الى حد ما،‏ في حين ان الآخرين قد يحتاجون الى سنة او اكثر.‏ وقليلون لا يتوقفون ابدا عن الحزن.‏ فكيف يمكن للمرء ان يتعلم التغلب على الحزن؟‏

      من المهم ان لا تعزلوا نفسكم وتنسحبوا من المجتمع.‏ فالعودة الى روتين الحياة والبقاء على اتصال بأصدقائكم وأقربائكم هاتفيا او بالزيارات ضروريان للشفاء من الحزن.‏ وعلى الرغم من انه توجد اوقات تحتاجون فيها ان تكونوا وحدكم،‏ لا يجب ان يصير ذلك عادة.‏ ساعدوا الناس على الاتصال بكم باتصالكم انتم بهم.‏

      أُعطيت نصيحة جيدة من قبل رجل عانى خسارة خمسة اقرباء احماء في مجرد فترة ثلاث سنين،‏ بمن فيهم امه وزوجته المحبوبة البالغة من العمر ٤١ سنة،‏ التي كانت لها معركة طويلة مع السرطان.‏ علَّق قائلا:‏ «كانت لي طبعا حصتي من الحزن.‏ وكنت في بعض الاحيان ابكي.‏ ولكن يجب ان تنظروا الى الحياة بواقعية.‏ لا بد ان تقبلوا الحياة كما هي،‏ وليس كما تريدون ان تكون.‏ يلزم ان تتكيفوا مع المحنة وتقبلوا الموت،‏ بدلا من ان تحزنوا الى ما لا نهاية.‏»‏

      من المهم منح الدعم والتشجيع للمحزونين.‏ وللأسف،‏ يشعر معظمنا بأنه غير كفء لفعل ذلك وفي حيرة مما يجب قوله.‏ وقد نشعر ايضا بالاحراج عندما يجري التعبير عن المشاعر بالبكاء.‏ لذلك نميل الى تجنب لقاء المحزون —‏ تماما عندما يكون هذا الشخص بحاجة ماسة الينا.‏ حتى ان البعض اتُّهموا بعبور الشارع والسير في الجانب الآخر لتجنُّب الاضطرار الى التكلم مع شخص مفجوع!‏ قالت ارملة:‏ «تُركتُ لأحزن وحدي.‏ كنت بحاجة شديدة الى التكلم ولكن ما من احد كان ليصغي.‏»‏

      والآخرون الذين يندفعون بسرعة ويمنحون الدعم وقت الموت غالبا ما يتوقفون بالسرعة نفسها.‏ «بعد الموت،‏ يتطلَّب الامر احيانا اسابيع او اشهرا قبل ان يتمكن الشخص المفجوع من التغلب على الصدمة الاولى.‏ هذا هو الوقت الذي فيه يكون الدعم اكثر اهمية وأقل توافرا،‏» تقول الپروفسورة في علم النفس پاتريشيا مايْنْس.‏ ومن الخطإ الاستنتاج ان الذين لا يظهرون غمَّا شديدا هم إما باردون وغير حبيين،‏ منكرين الخسارة،‏ او انهم تغلبوا على الحزن.‏ فقد يملك البعض قدرة داخلية اكبر على تحمل حزنهم،‏ لكنهم يحتاجون ايضا الى التعزية والدعم.‏

      اذًا،‏ كم يكون ذلك رائعا عندما يتدخل الاصدقاء لمساعدة المفجوعين على الاهتمام بالامور والحصول على الوثائق الضرورية!‏ كم تكون مطمئنة حيازة يد قوية داعمة وفكر صافٍ لشخص ما عندما تُصنع ترتيبات المأتم!‏ كم يجري تقدير ذلك عندما يساعد شخص ما على الاهتمام بالاولاد ويرى حاجات الاقرباء والاصدقاء الزائرين!‏ كم يكون ذلك مراعيا عندما يجلب الاصدقاء والجيران الطعام يوما بعد يوم ويعرضون القيام بالاعمال المنزلية اليومية او يأخذون النائحين الى حيث يريدون ان يذهبوا!‏ كم يكون عظيما ان يكون هنالك شخص ما يمكن للمحزونين ان يتحدثوا معه عن مشاعرهم!‏ كم يكون مشجعا سماع كلمات التعزية والاحساس بلمسة دافئة!‏ كم يكون ذلك جيدا عندما يجري الاستعلام،‏ ولو بعد اشهر،‏ عن احوال الحزانى وقول كلمة تتسم بالمحبة!‏

      لكنَّ ما يساعد اكثر هو حيازة رجاء للمستقبل.‏ فهل يوجد رجاء كهذا؟‏

      ‏[النبذة في الصفحة ٥]‏

      ‏«لا بد ان تقبلوا الحياة كما هي،‏ وليس كما تريدون ان تكون»‏

      ‏[الاطار/‏الصورة في الصفحة ٧]‏

      ماذا يلزم ان نقول للاولاد؟‏

      قولوا لهم الحقيقة،‏ وفقا لمستوى فهمهم.‏ تكلموا عن الموت والاحتضار كما هما عليه،‏ وتجنبوا الكلمات الغامضة.‏ فإذا قلتم،‏ «لقد رحل جدُّنا» او،‏ «لقد فقدنا جدَّنا،‏» فقد يتوقع الولد ان يعود الجدُّ او ان «يوجد.‏» ساعدوا الولد على فهم حقيقة الموت،‏ وأجيبوا عن الاسئلة من الاسفار المقدسة.‏ ويمكن تعريف الولد بالموت من خلال الطبيعة.‏ فيمكنكم ان تشرحوا موت الحيوانات،‏ الطيور،‏ او الحشرات.‏ اتصفوا بالصبر،‏ وصحِّحوا الافكار الخاطئة التي ربما حصل عليها الولد من الافلام او التلفزيون.‏ وحجْبُ الموت كاملا عن الاولاد يمكن ان ينتج الغضب او الخوف من المجهول.‏

      قد يشعر الولد الصغير بأنه مسؤول عن الموت،‏ وخصوصا اذا كانت لديه مشاعر غضب نحو الشخص الذي مات.‏ فساعدوا الولد كي يفهم انه ليس ملوما،‏ تجنبا لمشاعر الذنب.‏

      والخوف من الهجر حقيقي جدا بالنسبة الى الاولاد الذين فقدوا والدا.‏ فهدِّئوهم قدر الامكان،‏ ودعوهم يعرفون انه ستجري محبتهم والاعتناء بهم.‏ وقد يشعر الولد بالغضب ايضا.‏ واذا أُخبر ان اللّٰه اخذ والده،‏ فقد يشعر بالكراهية نحو اللّٰه.‏ ان معرفة حق الكتاب المقدس تساعد في هذه الامور.‏ فطمئنوا الولد،‏ وامنحوه المحبة والدعم.‏

      ‏[الصورة في الصفحة ٨]‏

      امنحوا الدعم والتشجيع للمحزونين

  • نزع شوكة الموت
    استيقظ!‏ ١٩٩٢ | تموز (‏يوليو)‏ ٢٢
    • نزع شوكة الموت

      ليس غريبا ان يُقرأ عن الموت بأنه امر طبيعي او عادي.‏ وفي الواقع،‏ انه ليس كذلك،‏ بحسب رواية الكتاب المقدس.‏ فالموت عدوّ نتج عن الخطية.‏ «بانسان واحد دخلت الخطية الى العالم وبالخطية الموت وهكذا اجتاز الموت الى جميع الناس اذ اخطأ الجميع،‏» يقول الكتاب المقدس في رومية ٥:‏١٢‏.‏

      وبما ان الموت لم يكن قصد اللّٰه للجنس البشري،‏ فقد هيَّأ الخلاص على نحو حبي.‏ فبسماحه ان يموت ابنه لاجلنا،‏ زوَّد فدية معادلة لإبطال عقوبة الموت.‏ (‏متى ٢٠:‏٢٨؛‏ ١ يوحنا ٢:‏٢‏)‏ ووعد ايضا بفردوس ارضي مع حكومة جديدة كليا ستحكم على كل الجنس البشري.‏ وهذه الحكومة ستمحو كاملا آثار الخطية والموت.‏ (‏لوقا ١٨:‏٣٠‏)‏ يقول الكتاب المقدس في رؤيا ٢١:‏٣،‏ ٤‏:‏ «اللّٰه نفسه يكون معهم الها لهم.‏ وسيمسح اللّٰه كل دمعة من عيونهم والموت لا يكون في ما بعد ولا يكون حزن ولا صراخ ولا وجع في ما بعد لان الامور الاولى قد مضت.‏» ولكن ماذا عن اولئك الذين ماتوا من قبل؟‏

      لديهم رجاء القيامة —‏ امل العيش ثانية كبشر على هذه الارض الفردوسية،‏ بأجسام وعقول سليمة على نحو كامل.‏ نعم،‏ «تأتي ساعة فيها يسمع جميع الذين في القبور صوته (‏فيخرجون)‏.‏» (‏يوحنا ٥:‏٢٨،‏ ٢٩‏)‏ والشخص الذي ارسله اللّٰه ليفدي الجنس البشري،‏ يسوع المسيح،‏ يؤكد لنا ايضا:‏ «هذه هي مشيئة الذي ارسلني أن كل مَن يرى الابن ويؤمن به تكون له حياة ابدية وأنا اقيمه في اليوم الاخير.‏» —‏ يوحنا ٦:‏٤٠‏.‏

      ورجاء القيامة هذا هو الذي يدعم كثيرين ممن فقدوا حبيبا في الموت.‏ انهم يدركون ان احباءهم ‹راقدون› فقط،‏ ولذلك ‹لا يحزنون كالباقين الذين لا رجاء لهم.‏› (‏١ تسالونيكي ٤:‏١٣‏)‏ وهم يتطلعون بشوق الى التمتع بمعاشرتهم ثانية في نظام الاشياء الجديد هذا الذي وعد به اللّٰه.‏ ولهم ايمان باللّٰه الذي يمنح التعزية والرجاء.‏ —‏ رومية ١٥:‏٤،‏ ١٣؛‏ ٢ كورنثوس ١:‏٣؛‏ ٢ تسالونيكي ٢:‏١٦‏.‏

      لهذا السبب تَبرز خدمات المآ‌تم التي لشهود يهوه بصفتها مختلفة عن غيرها.‏ ولكي يستحقوا رضى اللّٰه،‏ يتجنب الشهود اية ممارسات تتعارض مع كلمته،‏ الكتاب المقدس.‏ والعادات والالبسة التي لها اساس في المعتقدات التي لا يعلِّمها الكتاب المقدس يجري تجنبها.‏ واذ يعبدون فقط الاله الحقيقي،‏ يهوه،‏ يرفضون منح موتاهم اكرام العبادة هذا.‏ وهم لا يظهرون ايّ عرض تباه للثروة او المركز،‏ اذ يعرفون ان هذا لا يرضي اللّٰه.‏ (‏١ يوحنا ٢:‏١٦‏)‏ ومآ‌تمهم بسيطة ومتَّسمة بالوقار وتساعد على تهدئة قلوب اولئك الذين فقدوا شخصا عزيزا.‏ ويُلقى خطاب ذكرى للميت،‏ مظهرا الرجاء الموجود في الكتاب المقدس.‏ انهم ينوحون،‏ ولكن ليس بافراط.‏

      يعرف شهود يهوه ان «آخر عدوّ .‏ .‏ .‏ الموت،‏» سيُنزع قريبا.‏ وبعد ذلك ستتحقق الكلمات المنبأ بها:‏ «ابتُلع الموت الى غلبة.‏ اين شوكتك يا موت.‏ اين غلبتك يا هاوية.‏» —‏ ١ كورنثوس ١٥:‏٢٦،‏ ٥٤،‏ ٥٥‏.‏

المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
الخروج
الدخول
  • العربية
  • مشاركة
  • التفضيلات
  • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
  • شروط الاستخدام
  • سياسة الخصوصية
  • إعدادات الخصوصية
  • JW.ORG
  • الدخول
مشاركة