-
الصفحة ٢استيقظ! ١٩٩٠ | شباط (فبراير) ٨
-
-
الدَّينوصورات فتنت الصغار والكبار على السواء لوقت طويل.
فأين كانت تلك الحيوانات؟
متى عاشت؟
ولماذا اختفت من الارض؟
[مصدر الصورة في الصفحة ٢]
Dinamation International
-
-
اكتشاف ‹الزحافات الضخمة› للماضياستيقظ! ١٩٩٠ | شباط (فبراير) ٨
-
-
اكتشاف ‹الزحافات الضخمة› للماضي
عندما تقفون على حافة وادي نهر رِدْ دِير، جنوب مدينة درَمْهِلِر في ألبرتا، كندا، انتم تقفون على حافة عالمين مختلفين. فعلى مستوى النظر، في كل اتجاه، هنالك حقول الحنطة التي لا نهاية لها لبراري ألبرتا. ولكن، اذ يتطلع الزائرون نزولا الى الجروف في الوادي الجاف والقاحل، يمكنهم ان يتخيلوا عالما آخر بعيدا جدا عن عالمهم — عالم الدَّينوصورات.
في هذا الوادي، بأخاديده الشديدة الانحدار ذات طبقات الصخر الرسوبي المتعددة الالوان، نُبشت عظام مئات الدَّينوصورات. وبعض الناس في هذه المنطقة يدعون الاخدود القاحل «الاراضي الوعرة.» ولكنّ الزائرين، صغارا وكبارا على السواء، يمتلئون ذهولا اذ يشاهدون الإرث الاحفوري لبعض الحيوانات الاكثر ادهاشا التي عاشت يوما ما على الارض.
اكتشاف الدَّينوصورات
قبل السنة ١٨٢٤ لم تكن الدَّينوصورات معروفة عند الانسان. ففي تلك السنة نُبشت عظام انواع متعددة من الزحافات المستحجرة في انكلترا. وعالِم المستحاثات البريطاني ريتشارد أووِين دعا هذه الحيوانات دَينوصورْيا، من الكلمتين اليونانيتين دينوص وصوروس، اللتين تعنيان «العَظَاية الرهيبة.» ويبقى الاسم شائع الاستعمال حتى هذا اليوم، على الرغم من انه ما دامت الدَّينوصورات زحافات فهي ليست عَظَايا.
منذ السنة ١٨٢٤ توجد احافير الدَّينوصورات في كل قارة. والسجل الاحفوري، المتروك في طبقات الصخر الرسوبي، او المترسِّب في الماء، يشير الى انه كان هنالك وفرة وتنوع غير عاديين في اشكال الدَّينوصورات في وقت من تاريخ الارض يُدعى «عصر الدَّينوصورات.» وجعل البعض موطنه على اليابسة فيما عاش البعض الآخر في المستنقعات. حتى ان البعض ربما عاش في الماء، تقريبا مثل فرس النهر في الوقت الحاضر.
ان كميات هائلة من بقايا الدَّينوصورات — بما فيها الدليل غير الهيكلي كآثار الاقدام — نُبشت في السهل الاوسط العظيم لاميركا الشمالية. وبراري ألبرتا الوسطى قدَّمت بقايا دَينوصورات كثيرة، بما فيها ٥٠٠ هيكل عظمي كامل تقريبا. وفي عشرينات الـ ١٩٠٠ اكتشفت البعثات عظام دَينوصورات في صحراء ڠوبي لآسيا الوسطى. وفي اربعينات الـ ١٩٠٠ اكتشفت بعثة سوڤياتية في مُنڠوليا هيكلا عظميا لدَينوصور يبلغ طوله حوالي ٤٠ قدما.
في السنة ١٩٨٦ اكتشف علماء ارجنتينيون احافير دَينوصور آكل نبات في القارة القطبية الجنوبية. وحتى ذلك الحين كانت القارة القطبية الجنوبية منطقة اليابسة الكبرى الوحيدة التي لم توجد فيها احافير الدَّينوصورات. وقبيل ذلك وجد باحث اميركي عظام دَينوصورات في نورث سلوپ لألاسكا. وطوال السنوات المئة الماضية كُشفت رواسب عظام دَينوصورات في اماكن كثيرة جدا بحيث صار ظاهرا ان الدَّينوصورات كانت واسعة الانتشار في الماضي البعيد.
متى عاشت؟
قامت الدَّينوصورات بدور مسيطر في الحياة على الارض خلال عصرها. ولكنها بعدئذ انتهت. فالطبقات الصخرية المحتوية على احافير بشرية توجد دائما فوق تلك الطبقات المحتوية على احافير الدَّينوصورات. ولهذا السبب يستنتج العلماء عموما ان البشر اتوا الى المسرح الارضي لاحقا.
من هذا القبيل يذكر كتاب علم المستحاثات لواضعه جيمس سكوت: «حتى ابكر انواع النوع الانساني الحديث Homo sapiens عاش بعد وقت طويل من اختفاء الدَّينوصورات . . . وبعد اخذ التشقُّق (بسبب حركة الارض) في الاعتبار فان الصخور المحتوية على احافير الانسان توجد دائما فوق تلك التي تحفظ عظام الزحافات الدَّينوصورية الضخمة وذلك يعني ان الاخيرة تنتمي الى عصر ابكر من البقايا البشرية.»
وفي وادي نهر رِدْ دِير هنالك طبقة من الصخر الرسوبي تحتوي على عظام دَينوصورات. وفوق ذلك مباشرة هنالك طبقة بنِّية ضاربة الى اللون الارجواني تتبع كِفَاف سفح التلّ. وعلى غطاء الطبقة البنِّية الضاربة الى اللون الارجواني هنالك طبقة من حجر الغَرِين الضارب الى اللون البني تحتوي على احافير السرخسيات دون المدارية subtropical ferns، مما يشير الى مناخ حار. وفوق هذه هنالك عدة طبقات من الفحم الحجري. وبالارتفاع اكثر عن سفح التلّ توجد طبقات من الارض غليظة الحبيبات coarser-grained. ولا توجد عظام دَينوصورات في ايّ من الطبقات العليا.
وكتاب عالَم زائل: دَينوصورات كندا الغربية يذكر ان «جميع انواع الدَّينوصورات الرئيسية الـ ١١ . . . توقفت عن الوجود في الجزء الداخلي الغربي في الوقت نفسه تقريبا» فهذا، وواقع ان العظام البشرية لم توجد مع عظام الدَّينوصورات، هو سبب استنتاج معظم العلماء ان عصر الدَّينوصورات انتهى قبل ان يأتي البشر الى المسرح.
ولكن، يجب ان يُلاحَظ ان هنالك بعض الذين يقولون ان عظام الدَّينوصورات وعظام البشر لم توجد معا لان الدَّينوصورات لم تعش في مناطق سكنى البشر. وآراء مختلفة كهذه تُظهر ان سجل الاحافير لا يقدم اسراره بهذه السهولة وأن لا احد على الارض اليوم يعرف حقا كل الاجوبة.
الخصائص
استنتج العلماء انه في شرق جبال روكي الاميركية الشمالية وُجد ذات مرة بحر كبير قليل العمق. وكان عرض هذا البحر مئات الاميال، ممتدا من المحيط القطبي الشمالي الحالي الى المكسيك. وعلى طول خط الساحل المنبسط كانت هنالك غابات خضراء، مستنقعية. والاحافير تقترح ان انواعا كثيرة من الدَّينوصورات ازدهرت في هذا المحيط البيئي. والادمونتوصور، دَينوصور بطِّي المنقار يبلغ طوله حوالي ٣٠ قدما، كان كما يظهر يرعى في أسراب على طريقة البقر في كل المستنقع. وآثار الاقدام الثلاثية الاصابع المحفوظة جيدا والمحتويات المتحجرة للمَعِدة قادت علماء المستحاثات الى هذا الاستنتاج.
ويقترح دليل آخر ان بعض الدَّينوصورات اظهرت عادات اجتماعية. فكانت على الارجح ترعى معا، ربما في فِرَق من مئات او اكثر. واكتشاف طبقات متتالية من الاعشاش والبَيْض في المكان نفسه يشير الى ان بعض الدَّينوصورات كانت تعود الى مواقع الاعشاش نفسها سنة بعد سنة. وبقايا الهياكل العظمية لصغار الدَّينوصورات قرب الاعشاش، تذكر الاميركية العلمية، ‹تقترح بقوة تصرُّفا اجتماعيا اخويا وتتضمن ايضا احتمال اعتناءٍ ابويٍّ بالصغار بعد فقس بيضها.›
وهكذا يُظهر الدليل الاحفوري انه كان هنالك أعداد وتنوُّع واسع للدَّينوصورات. ولكن ماذا كانت تشبه؟ وهل كانت جميعها وحوشا عملاقة مخيفة — «عَظَايا رهيبة»؟ لماذا بدا انها اختفت على نحو مفاجئ؟
[مصدر الصورة في الصفحة ٣]
43494 Smithsonian Institution, Washington, D.C.: Photo Number
-
-
اشكال الدَّينوصورات وحجومها المختلفةاستيقظ! ١٩٩٠ | شباط (فبراير) ٨
-
-
اشكال الدَّينوصورات وحجومها المختلفة
من بين كل اشكال الحياة المنقرضة الآن، لعل الدَّينوصورات هي اكثر ما اثار مخيِّلة البشر. فغالبا ما يجري تخيُّل الدَّينوصورات انها ضخمة ومرعبة. وعندما صِيغ الاسم اولا من الكلمتين اليونانيتين اللتين تعنيان «العَظَاية الرهيبة» اعتُقد انها كبيرة بشكل مخيف لان احافير الدَّينوصورات المعروفة آنذاك كانت كبيرة.
وبعض انواع الدَّينوصورات كانت عملاقة وبدت فعلا مخيفة، اذ وزنت على الارجح عشر مرات اكثر من الفيل الافريقي الكبير. ولكن، على مر العقود، نبش علماء المستحاثات عظام دَينوصورات كثيرة اصغر. البعض بحجم الحمار، والبعض ليس اكبر من الدجاجة بكثير! فلنلقِ نظرة على بعض هذه الزحافات القديمة الفاتنة.
زحافات تطير
ان احد انواع الزحافات القديمة المثيرة كان التيروصور («العَظَاية المجنَّحة»)، الذي يشمل التيرودَكتيل («المجنَّح الاصبع»). ولكنّ هذه لم تكن دَينوصورات، ولا طيورا. لقد كانت زحافات طائرة وهي مصنَّفة مع زحافات اخرى كالدَّينوصورات والتماسيح. وكان بَسْط جناحَي بعضها ٢٥ قدما. واكتشاف احدها في تكساس في السنة ١٩٧٥ يشير الى انه كان بَسْط جناحَي البعض اكثر من ٥٠ قدما. وهذه ربما كانت الحيوانات الطائرة الاكبر على الاطلاق.
وبينما كانت للتيروصورات اسنان الزاحف، جمجمته، حوضه، وقدماه الخلفيتان، فهي لم تكن تشبه بأية طريقة الدَّينوصورات الزاحفة. وبينما بدا انها طيور بأجنحة دينامية-هوائية قوية، فقد كانت مختلفة كثيرا. وكالطيور، كانت للتيروصورات عظام جوفاء ومفاصل مرنة قليلة في الاجنحة والكواحل. ولكنّ جناحي الطير يَستخدمان الريش عوضا عن الغشاء كما كانت الحال مع التيروصورات. والاصبع الرابعة للطرف الامامي للتيروصور كانت تمتد لتدعم غشاء الجناح. أما في الطير فان الاصبع الثانية هي الدعامة الرئيسية للجناح.
طيريات الوِرْك
ان طيريات الوِرْك ornithischians كانت احد الصفَّين العامَّين للدَّينوصورات كما حدَّدته بنية اوراكها. فتلك التي في هذا الصنف كانت لديها بنية وِرْك مماثلة لتلك التي للطير ولكن، طبعا، اكبر الى حد بعيد. وبعضها كانت صغيرة في الحجم العام، والاخرى ضخمة. فالإغواندون بلغ طولَ ٣٠ قدما. والهياكل العظمية لانواع متعددة من الصوريَّات الثقيلة hadrosaurs تُظهر فكًّا بطِّي المنقار اعلى وأسفل، بأسنان عديدة. وكانت الصوريَّات الثقيلة كما يَظهر ثنائية الرِجل، تسير او تركض على رجلين. وبلغ بعضها طولَ ٣٣ قدما.
والصوريَّات الصفيحيات الظهر stegosaurs كانت مجموعة من طيريات الوِرْك التي لها نصال عظميَّة كبيرة تنتظم على ظهرها. وكانت تسير على الاربع الارجل كلها وكان طولها يبلغ حوالي ٢٠ قدما، وارتفاعها ٨ اقدام عند الوِرْكين. ومؤخرا، اعتُقد ان صُفيحات الظهر العظميَّة خدمت ليس فقط كحماية ولكن كجزء من جهاز تبريد لاجسامها. والرجلان الخلفيتان كانتا ثقيلتين وضخمتين فيما كانت الرجلان الاماميتان اصغر حجما، جاعلة الرأس الصغير منخفضا الى الارض. والذيل كانت له نتوءات عظميَّة طويلة تتشعب من النهاية.
والمجموعة الاخيرة من طيريات الوِرْك — الواسعة الانتشار في كل الارض — كانت تلك التي لقرنيات الوجه ceratopsians، او الدَّينوصورات ذات القرون. وقد تراوح طولها بين ٦ اقدام و ٢٥ قدما. ومثل الكرْكدَّن الافريقي، ابرزت هذه «الدبابات» المصفَّحة امتدادا جمجميا كبيرا يشكِّل درعا عنقية مميزة. والنوع الثلاثي القرون، ترايْسِراتوپْس، كان شائعا في عالم الدَّينوصورات. والقرنان فوق العينين كانا ينميان الى طول ثلاث اقدام. وكُشف عن احافير عديدة للترايْسِراتوپْس من وادي نهر رِدْ دِير في ألبرتا.
عَظَائيات الوِرْك — عملاقات الدَّينوصورات
والصفّ العام الآخر من الدَّينوصورات معروف بعَظَائيات الوِرْك saurischians، اذ لها بنية وِرْك كتلك التي للعَظَايا ولكنها، ثانية، اكبر بكثير. انها تلائم المفهوم المعتاد للدَّينوصورات: ضخمة ومخيفة. وبين هذه كان الأپاتوصور (المدعو سابقا البرونتوصور)، دَينوصور عاشب كان يسير على الاربع الارجل كلها. وبلغ طوله ٧٠ قدما وقُدِّر وزنه بـ ٣٠ طنا. وهذه الدَّينوصورات نُبشت في اميركا الشمالية وأوروبا.
وديپلودوكوس العملاق بشكل معادل كان شبيها اكثر بالافعى، بعنق وذيل طويلين ولكنْ له ارجل. انه اطول دَينوصور معروف، اذ يمتد حوالي ٩٠ قدما، مع انه يزن اقل من الأپاتوصور الى حد ما. واذ كُشف عنه في اميركا الشمالية كان للديپلودوكوس منخران في اعلى رأسه، مما يسمح له بأن يغطِّس رأسه كليا تقريبا.
ثم هنالك الصوري العَضُدي brachiosaurus. هيكل عظمي اكتُشف في تنزانيا بلغ طولَ ٧٠ قدما. وقُدِّر ان بعضها وزنت اكثر من ٨٥ طنا. وبلغ ارتفاعها عند الوقوف ٤٠ قدما، بجسم ينحدر نحو الذيل شبيه بالزرافة.
وفي السنة ١٩٨٥ نُبشت فِقْرات vertebrae متحجرة ذات حجم غير عادي في نيو مكسيكو، الولايات المتحدة الاميركية. وأمين متحف التاريخ الطبيعي لنيو مكسيكو سمّاها سيزموصور. وقُدِّر طول الحيوان بحوالي مئة قدم ووزنه ربما بمئة طن!
والتيرانوصور رِكْس («ملك العَظَايا المستبدة») المخيف المنظر كان ارتفاعه حوالي ١٠ اقدام عند الوِرْكين. وعند وقوفه منتصبا يمكن ان تبلغ قامته ٢٠ قدما تقريبا. وكان طوله حوالي ٤٠ قدما. ورأسه كان بطول يبلغ حتى اربع اقدام، وفمه الكبير كان مجهَّزا بأسنان مخروطية الشكل كثيرة يبلغ طولها ستة إنشات. وكانت الرجلان الخلفيتان ضخمتين فيما كانت الرجلان الاماميتان صغيرتين جدا. ويأتي اخيرا ذيل ضخم شبيه بذيل العَظَاية. وعوض السير منتصبة، يُستنتج الآن ان التيرانوصورات كانت تبقي اجسامها افقية، محافظة على توازن ثقل اجسامها بذيلها الطويل.
منظر متغير
أما ان الدَّينوصورات وُجدت بكثرة في كل الارض، في منظر طبيعي قديم زال منذ زمن طويل، فواضح من السجل الاحفوري. ولكنّ هذه المخلوقات المدهشة، بالاضافة الى انواع اخرى لا تُحصى من الحيوانات والنباتات، زالت من الوجود. وفي ما يتعلق بوقت حدوث هذه الامور يذكر عالم المستحاثات د. أ. رصل: «من المؤسف ان الاساليب الموجودة لقياس فترة الوقائع التي حدثت منذ زمن طويل هي غير دقيقة نسبيا.»
فماذا حدث للدَّينوصورات؟ وماذا يعني ظهورها وانقراضها المفاجئ كما يظهر؟ هل تثير الدَّينوصورات الشكوك في بعض المبادئ الاساسية لنظرية التطوُّر الداروينية؟ سنبحث في هذه الاسئلة في المقالة التالية.
[الرسم في الصفحتين ٨ و ٩]
(اطلب النص في شكله المنسَّق في المطبوعة)
٣٠ قدما
٢٠ قدما
١٠ اقدام
-
-
ماذا حدث للدَّينوصورات؟استيقظ! ١٩٩٠ | شباط (فبراير) ٨
-
-
ماذا حدث للدَّينوصورات؟
«علم المستحاثات هو دراسة الاحافير، والاحافير هي بقايا حياة من العصور الماضية.» ولكنه، كما قال احد علماء المستحاثات، «علم تخميني ومتصلِّب الى حد بعيد.» وهذا واضح في ما يتعلق بالدَّينوصورات. واذ ادرج بعض التخمينات في ما يتعلق بما حدث لها ذكر العالِم ج. ل. جِپسون من پرنستون:
«اقترح مؤلفون ذوو اختصاصات مختلفة ان الدَّينوصورات اختفت لأن المناخ تدهور . . . او ان النظام الغذائي تدهور. . . . ووضع كتّاب آخرون اللوم على المرض، الطفيليات، . . . التغييرات في ضغط او تركيب الغلاف الجوي، الغازات السامة، الغبار البركاني، الأكسيجين الزائد من النبات، النيازك، المذنّبات، إنفاد حوض المورِّثات gene pool بواسطة آكلات البيض الثدييّة الصغيرة، . . . الاشعة الكونية، انزياح قطبَيْ دوران الارض، الفيضانات، الانجراف القاري، . . . إنفاد بيئات المستنقعات والبحيرات، البُقَع الشمسية.» — لغز الدَّينوصور.
يَظهر من تخمينات كهذه ان العلماء غير قادرين، بأيّ تأكيد، على الاجابة عن السؤال: ماذا حدث للدَّينوصورات؟
نظرية الانقراض المفاجئ
ثمة نظرية احدث نشرها فريق يتألف من اب وابنه، لويس ووولتر ألڤارِز. لقد اكتشف وولتر ألڤارِز، خارج مدينة ڠوبيو في ايطاليا الوسطى، طبقة طين رقيقة حمراء لافتة للنظر مقحَمة بين طبقتين كلسيتين في تشكيل الصخور. فقدَّمت الطبقة السفلى للكلس وفرة من الاحافير. والطبقة العليا كانت خالية تقريبا من الاحافير، مما قاد الجيولوجيَّين الى الاستنتاج ان الحياة اختفت فجأة وأن طبقة الطين الرقيقة الحمراء لها علاقة الى حد ما بالانقراض.
وكشف التحليل ان الطين كان غنيا بالإيريدْيوم (معدن)، ٣٠ مرة اغنى من التركيز الموجود طبيعيا في الصخور. وعرفا ان تراكيز عالية كهذه لهذا العنصر النادر يمكن ان تأتي فقط من لبّ الارض او من مصادر خارج الارض. فاستنتجا ان الإيريدْيوم ارسبه كويكب ضخم ضرب الارض، مسبِّبا الانقراض المفاجئ للدَّينوصورات.
بعد اكتشاف الطين الغني بالإيريدْيوم في ڠوبيو وُجدت رواسب مماثلة في اجزاء اخرى من العالم. فهل اثبت ذلك فرضية الكويكب؟ بعض العلماء يبقون في شك. ولكن، كما يعترف الكتاب لغز الدَّينوصور، اضافت فرضية ألڤارِز «خميرة طازجة الى دراسة الانقراض والتطوُّر.» وعالِم المستحاثات ستيڤن جاي ڠولد يعترف انه يمكن لذلك ان يقلل «اهمية المنافسة بين الانواع.»
واذ يعلِّق على هذه النظرية الجديدة وعلى انقراض الدَّينوصور المفاجئ كما يظهر يعترف احد الكتّاب العلميين: «يمكنهما ان يهزّا اساسات علم الاحياء التطوُّري ويعبِّرا عن الشك في المفهوم الجاري للانتقاء الطبيعي.»
والعالِم دايڤيد جابلونسكي من جامعة أريزونا يستنتج انه ‹بالنسبة الى نباتات وحيوانات كثيرة، كان الانقراض مباغتا والى حد ما خصوصيا. والانقراضات الجماعية ليست مجرد آثار تراكمية لميتات تدريجية. لقد حدث شيء ما غير عادي.› هذه هي الحال ايضا مع الدَّينوصورات. فظهورها واختفاؤها المفاجئان نسبيا يناقض نظرة التطوُّر البطيء المقبولة عموما.
تحديد تاريخ الدَّينوصورات
توجد عظام الدَّينوصورات نظاميا في طبقات ارض ادنى من تلك التي توجد فيها العظام البشرية، مما يقود كثيرين الى الاستنتاج انها تنتمي الى فترة زمنية ابكر. ويدعو الجيولوجيون هذا الزمن الحقب الميزوزوي ويقسِّمونه الى الادوار الطباشيرية، الجوراسية، الترياسية. وأطُرُ الوقت المستعملة لهذه الادوار هي في رتبة عشرات الملايين من السنين. ولكن هل جرى اثبات ذلك بأيّ تأكيد؟
ان احد الاساليب المستعملة لقياس عمر الاحافير يُدعى التأريخ بالاشعاع الكربوني. ونظام التأريخ هذا يقيس معدل اضمحلال الكربون المشعّ من نقطة موت العضوية. «حالما تموت العضوية لا تعود تمتص ثنائي اكسيد الكربون الجديد من بيئتها، ونسبة النظير isotope تتناقص على مر الوقت فيما تختبر اضمحلالا اشعاعيا،» تذكر العلم والتكنولوجيا المصوَّر.
ولكن، هنالك مشاكل عسيرة مع النظام. اولا، عندما يُعتبر عمر الاحفورة حوالي ٠٠٠,٥٠ سنة يكون مستوى نشاطها الاشعاعي قد هبط كثيرا بحيث يمكن اكتشافه بصعوبة كبيرة فقط. ثانيا، حتى في العيّنات النموذجية الاحدث يكون هذا المستوى قد هبط كثيرا بحيث يصعب ايضا جدا ان يقاس بدقة. ثالثا، يتمكن العلماء ان يقيسوا المعدل الحاضر لتشكيل الكربون المشعّ ولكن ليست لديهم اية طريقة لقياس تراكيز الكربون في الماضي البعيد.
ولذلك سواء استعملوا اسلوب الاشعاع الكربوني لتأريخ الاحافير او اساليب اخرى، مثل استخدام الپوتاسيوم، اليورانيوم، او الثوريوم المشعة لتأريخ الصخور، فان العلماء غير قادرين على تعيين المستويات الاصلية لهذه العناصر عبر عصور الزمن. وهكذا يلاحظ الپروفسور في علم الفلزات ملڤِن أ. كوك: «قد يخمِّن المرء هذه التراكيز [للمواد المشعة]، ونتائج العمر التي يجري الحصول عليها على هذا النحو لا يمكن ان تكون افضل من هذا التخمين.» ويكون الامر هكذا خصوصا عندما نأخذ في الاعتبار ان الطوفان ايام نوح منذ اكثر من ٣٠٠,٤ سنة احدث تغييرات هائلة في الغلاف الجوي على الارض.
وجيولوجِيَّا كليّة دارتمث تشارلز أوفيسر وتشارلز درايك يضيفان ايضا الشك الى دقة التأريخ الاشعاعي. ويذكران: «نحن نستنتج ان الإيريدْيوم والعناصر المقترنة الاخرى لم تترسب بشكل فوري . . . ولكن عوضا عن ذلك كان هنالك تدفق كثيف ومتقلّب لهذه المقوِّمات خلال فترة زمنية جيولوجية قصيرة نسبيا في رتبة الـ ٠٠٠,١٠ الى ٠٠٠,١٠٠ سنة.» ويحتجان ان انفلاق وحركة القارات صدَّعا الكرة الارضية بكاملها اذ سبَّبا انفجارات بركانية، أعاقا نور الشمس ولوَّثا الغلاف الجوي. وبالتأكيد، ان حوادث مصدِّعة كهذه تمكنت من تغيير مستويات النشاط الاشعاعي، مشوِّهة بالتالي النتائج من الساعات الاشعاعية العصرية.
رواية التكوين والدَّينوصورات
بينما يكون اسلوب التأريخ الاشعاعي جديدا فانه لا يزال مؤسسا على التخمين والافتراض. وعلى سبيل التباين فان رواية الكتاب المقدس في الاصحاح الاول من التكوين تذكر ببساطة الترتيب العام للخلق. انها تسمح ربما بآلاف الملايين من السنين لتشكيل الارض وبآلاف عديدة في ستة أحقاب، او «ايام،» خلقية لتهيئة الارض لسكنى البشر.
وبعض الدَّينوصورات (والتيروصورات) ربما خُلقت فعلا في الحقب الخامس المدرج في التكوين حين يقول الكتاب المقدس ان اللّٰه صنع «(المخلوقات الطائرة)» و «التنانين العظام.» وربما خُلقت انواع اخرى من الدَّينوصورات في الحقبة السادسة. والمجموعة الواسعة من الدَّينوصورات بشهيتها الكبيرة كانت ملائمة نظرا الى النبات الكثير الذي وُجد كما يتضح في زمنها. — تكوين ١:٢٠-٢٤.
عندما تممت الدَّينوصورات القصد منها انهى اللّٰه حياتها. ولكنّ الكتاب المقدس صامت بشأن كيفية او وقت فعله ذلك. ويمكننا ان نكون على يقين من ان الدَّينوصورات خلقها يهوه لقصد، حتى وإن كنا لا نفهم كاملا ذلك القصد في هذا الوقت. فهي لم تكن غلطة، ولا نتاج التطوُّر. أما انها تظهر فجأة في السجل الاحفوري غير متصلة بأية اسلاف احفورية، وتختفي ايضا دون ترك حلقات احفورية موصلة، فهو دليل ضد الفكرة ان حيوانات كهذه تطوَّرت تدريجيا على مر ملايين السنين من الزمن. وهكذا، لا يؤيد سجل الاحافير نظرية التطوُّر. وبدلا من ذلك، ينسجم مع نظرة الكتاب المقدس الى اعمال اللّٰه الخلقية.
[النبذة في الصفحة ١٠]
سجل الاحافير للدَّينوصورات يؤيِّد لا التطوُّر بل الخلق
-