مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • فقدان الاطراف —‏ هل يمكن ان يحدث ذلك لكم؟‏
    استيقظ!‏ ١٩٩٩ | حزيران (‏يونيو)‏ ٨
    • فقدان الاطراف —‏ هل يمكن ان يحدث ذلك لكم؟‏

      كان بنجامن خارجا يتمتع بأشعة شمس الربيع التي اسبغت دفأها على مدينة ساراييڤو حين داس لغما ارضيا،‏ فسُحقت رجله اليسرى.‏ يتذكر:‏ «حاولت النهوض،‏ فلم استطع».‏ ليس بنجامن إلّا واحدا من ٠٠٠‏,٢٠ شخص يُقتلون او يشوَّهون سنويا من جراء الالغام الارضية.‏

      في أنڠولا،‏ يصل عدد الالغام الارضية المزروعة الى ١٥ مليونا —‏ اكثر من واحد لكل رجل،‏ امرأة،‏ وولد في البلد.‏ وهنالك في أنڠولا اليوم ٠٠٠‏,٧٠ شخص فقدوا اطرافهم.‏ وفي كمبوديا حيث يتراوح عدد الالغام الارضية المزروعة بين ثمانية وعشرة ملايين،‏ توجد اعلى نسبة من الذين فقدوا اطرافا في العالم،‏ اي ما يقدَّر بواحد من كل ٢٣٦ شخصا.‏ وأُخبر ان هنالك في البوسنة والهرسك اكثر من ثلاثة ملايين لغم،‏ اي حوالي ٥٩ لغما في الكيلومتر المربع (‏١٥٢ في الميل٢‏)‏.‏

      لكنَّ معاناة فقدان الاطراف لا تقتصر على الاشخاص الساكنين في البلدان التي تمزقها الحرب.‏ ففي الولايات المتحدة،‏ مثلا،‏ هنالك نحو ٠٠٠‏,٤٠٠ شخص فقدوا اطرافا.‏ وفقدان احد الاطراف عند معظم هؤلاء الراشدين هو نتيجة حالة مزمنة دعيت بشكل غير دقيق «المرض الوعائي المحيطي» او PVD.‏ وهذا التعبير هو تعبير عام يشمل عددا من الاضطرابات.‏ يعرِّف قاموس تايبر الطبي الموسوعي (‏بالانكليزية)‏ «المرض الوعائي المحيطي» بأنه تعبير غير دقيق يشمل «امراض شرايين وأوردة الاطراف،‏ وخصوصا الحالات التي تؤثر في تدفق الدم الملائم الى الاطراف او منها».‏ وأحد الاسباب الرئيسية للمرض الوعائي المحيطي هو الداء السكري.‏ وبحسب تقرير الصحة العالمية لسنة ١٩٩٨ (‏بالانكليزية)‏،‏ «سيتخطى عدد حالات الداء السكري عند الراشدين الضعف عالميا،‏ من ١٤٣ مليون حالة سنة ١٩٩٧ الى ٣٠٠ مليون بحلول سنة ٢٠٢٥».‏

      وفي الولايات المتحدة،‏ تُعتبر الجروح الناجمة عن الحوادث المتعلقة بالسيارات،‏ الآلات،‏ الادوات الكهربائية،‏ والاسلحة النارية السبب الثاني الرئيسي في فقدان الاطراف،‏ مسبِّبة ٢٠ الى ٣٠ في المئة من كل عمليات البتر.‏ والاسباب الاخرى لفقدان الاطراف تشمل الاورام (‏حوالي ٦ في المئة)‏ والعيوب الخلقية (‏حوالي ٤ في المئة)‏.‏

      ومجرد التفكير في امكانية فقدان طرف ثمين يسبب القلق،‏ وهذا اقل ما يُقال.‏ فهل من طريقة لتخفيض هذا الخطر؟‏ وإذا سبق ان فقدتم طرفا،‏ فكيف يمكنكم ان تتمتعوا بالحياة؟‏ ستناقش المقالات التالية هذين السؤالين وأسئلة اخرى.‏

  • فقدان الاطراف —‏ كيف تقلِّلون الخطر
    استيقظ!‏ ١٩٩٩ | حزيران (‏يونيو)‏ ٨
    • فقدان الاطراف —‏ كيف تقلِّلون الخطر

      يمكن الحؤول دون حدوث معظم حالات فقدان الاطراف!‏ ويصح الامر حتى عند الذين يعانون المرض الوعائي المحيطي.‏ وكما ذُكر في المقالة السابقة،‏ غالبا ما يكون هذا المرض ناجما عن الداء السكري.‏a ولحسن التوفيق،‏ غالبا ما يمكن ضبط الداء السكري.‏

      تقول دائرة المعارف البريطانية (‏بالانكليزية)‏:‏ «النظام الغذائي هو اساس معالجة الداء السكري سواء وُصف الإنسولين او لا».‏ والطبيب مارسيل بايول،‏ من مستشفى كينڠز كاونتي في مدينة نيويورك،‏ اخبر استيقظ!‏‏:‏ «اذا حمل المصابون بالداء السكري حالتهم محمل الجِّد،‏ وانتبهوا لنظامهم الغذائي،‏ وخضعوا لمراقبة طبية،‏ يقلِّلون خطر فقدان طرف سفلي».‏ ومرضى الداء السكري من النمط II الذين يتبعون هذه النصيحة قد تتحسن حالتهم مع مرور الوقت.‏b

      الرياضة اساسية

      الرياضة هي ايضا مهمة.‏ فهي تساعد الجسم على المحافظة على مستويات الڠلوكوز،‏ او السكر،‏ ضمن الحدود الطبيعية.‏ وعندما يجري تشخيص المرض الوعائي المحيطي،‏ تساعد الرياضة على المحافظة على القوة الحيوية،‏ الليونة،‏ وتدفق الدم الى المناطق المتضررة.‏ وتساعد الرياضة ايضا على تخفيض العرَج المتقطع الى الحد الادنى.‏ والعرَج المتقطع هو الالم في عضلات ربلة الساق،‏ الذي قد يشعر به من يعانون المرض الوعائي المحيطي حين يمشون او يقومون بالتمارين الرياضية.‏ بيد ان هؤلاء يجب ان يتجنبوا التمارين التي تجهد ساقيهم.‏ والتمارين الملائمة اكثر تشمل السير،‏ ركوب الدراجة،‏ التجذيف،‏ السباحة،‏ وتمارين الايروبيك المائية.‏ ويجب ان يستشير المرء دائما الطبيب قبل اتّباع نظام غذائي معين او البدء ببرنامج خصوصي من التمارين الرياضية.‏

      طبعا،‏ يجب ان يمتنع الشخص كليا عن التدخين اذا اراد حيازة صحة جيدة.‏ والمرض الوعائي المحيطي هو مجرد مشكلة من مشاكل طبية كثيرة يسبِّبها التدخين او يجعلها تتفاقم.‏ قال الطبيب بايول:‏ «التدخين هو احد اكبر العوامل التي تؤدي الى بتر الاعضاء،‏ وخصوصا عندما يكون المدخن مصابا بالداء السكري والمرض الوعائي المحيطي».‏ وما مدى خطورة هذا العامل؟‏ يقول دليل اعادة تأهيل ذوي الاعضاء المبتورة:‏ «ان حالات بتر الاعضاء عند المدخنين تفوق بـ‍ ١٠ اضعاف الحالات عند غير المدخنين».‏

      الاهتمام بالاطراف المريضة

      يمكن ان يعيق المرض الوعائي المحيطي وصول الدم الى الاطراف السفلى،‏ وقد يسبِّب ذلك حالة تدعى الاعتلال العصبي،‏ اي خدرا او نملا في الاعصاب.‏ وتصبح الاطراف عندئذ معرضة للاصابة،‏ حتى عندما يكون الشخص مستريحا في سريره.‏ مثلا،‏ يمكن ان يصاب المريض الذي لا يستطيع ان يشعر بأي ألم بحرق خطير اذا ارتفعت كثيرا حرارة غطائه او وسادته اللذين يسخَّنان كهربائيا!‏ لهذا السبب،‏ يحذر مصنّعو هذه المنتجات المصابين بالداء السكري لكي ينتبهوا عندما يستعملونها.‏

      والاطراف المريضة هي ايضا اكثر تعرضا للخمج.‏ فمجرد خدش بسيط يمكن ان يؤدي الى القرحات،‏ حتى الى الغنغرينا.‏ لذلك من المهم جدا الاعتناء بالقدم،‏ ويشتمل ذلك على انتعال احذية مريحة،‏ ملائمة،‏ وإبقاء الساقين والقدمين نظيفة وجافة.‏ وفي مستشفيات كثيرة توجد عيادات للقدم ترشد المرضى الى كيفية الاعتناء بها.‏

      وعندما يتطور المرض الوعائي المحيطي الى حد تصبح عنده العملية الجراحية لازمة،‏ يحاول الجراحون عادة ان يتجنبوا البتر.‏ وأحد الاجراءات البديلة هو الرأب الوعائي بالبالون،‏ إذ يُدخل الاختصاصي في جراحة الاوعية الدموية قِثطارا على رأسه بالون،‏ ثم يُنفخ البالون فيوسِّع الشريان.‏ والخيار الثاني هو المجازة،‏ اي تبديل الاوعية الدموية المتضرِّرة جدا بأوعية مأخوذة من جزء آخر من الجسم.‏

      عانت باربرا،‏ البالغة من العمر ٥٤ سنة،‏ الداء السكري من النمط I منذ كانت في الرابعة من عمرها.‏ وبعدما انجبت طفلها الاول،‏ أُصيبت قدماها بالمرض الوعائي المحيطي.‏ فنصحها بعض الاطباء بوجوب بترهما.‏ لكنَّ باربرا وجدت اختصاصيا في جراحة الاوعية مشهورا استعمل الرأب الوعائي لتحسين الدورة الدموية في قدميها.‏ وقد نجح الرأب الوعائي لبعض الوقت،‏ لكنَّ باربرا احتاجت في النهاية الى المجازة،‏ فلاقت العملية النجاح.‏ واليوم تعتني باربرا عناية فائقة بقدميها.‏

      تجنُّب الاذية

      والسبب الثاني المؤدي الى فقدان الاطراف هو الاذية التي تسببها عوامل خارجية.‏ فبما ان الاذية قد تصيب ايّ جزء من الجسم،‏ يمكن ان تسبِّب خسارة ايّ عضو.‏ لكن حيازة نظرة اللّٰه الى الحياة،‏ قد تساعد كثيرا على التخفيف من خطر اصابة الشخص بالاذية.‏ فسواء اثناء العمل،‏ قيادة السيارة،‏ او الاستجمام،‏ ينبغي ان يعتبر المسيحيون اجسادهم هدية من اللّٰه.‏ لذلك يرغبون في احترام كل متطلبات الامان وتجنُّب التعرض لمخاطر تافهة.‏ —‏ روما ١٢:‏١؛‏ ٢ كورنثوس ٧:‏١‏.‏

      وماذا يجري القيام به لتقليل خطر الاذية في البلدان المزروعة بالالغام؟‏ في بلدان عديدة تُنظَّم برامج توعية لتجنُّب خطر الالغام برعاية الحكومة.‏ وبحسب احد تقارير امين عام الامم المتحدة،‏ تعلِّم هذه البرامج «السكان المعرضين للخطر .‏ .‏ .‏ كيف يخفِّفون الى اقصى حد من امكانية وقوعهم ضحايا فيما يعيشون ويعملون في المناطق الملغومة».‏

      من المؤسف ان «الناس يعتادون وجود الالغام ويصيرون لامبالين»،‏ كما يقول تقرير من الامم المتحدة.‏ ويضيف:‏ «احيانا تشجع عوامل دينية [الناس] على تبني موقف التسليم بالقضاء والقدر حيال هذه المخاطر».‏ لكنَّ فكرة القضاء والقدر لا تلقى دعما في كلمة اللّٰه.‏ على العكس،‏ يشجع الكتاب المقدس على اتخاذ جانب الحيطة والحذر.‏ —‏ تثنية ٢٢:‏٨؛‏ جامعة ١٠:‏٩‏.‏

      وهكذا بتوخي الحذر واتخاذ اجراءات وقائية معقولة من اجل حماية صحتكم،‏ يمكنكم ان تقلِّلوا كثيرا من خطر فقدانكم طرفا.‏ لكن ماذا عن الذين سبق ان فقدوا اطرافا؟‏ هل لا يزال باستطاعتهم التمتع بالحياة؟‏

      ‏[الحاشيتان]‏

      a يمكن ان تنشأ ايضا المشاكل الوعائية في الاطراف السفلى او تتفاقم اذا ارتدى شخص ثيابا ضيقة في الجزء الاسفل من الجسم او انتعل حذاء غير ملائم او جلس (‏خصوصا مع وضع ساق فوق ساق)‏ او وقف لفترات طويلة من الوقت.‏

      b يوصف للمصابين بالداء السكري من النمط I أخذ حقن من الإنسولين يوميا.‏ أما الذين يعانون النمط II (‏الداء السكري غير المعتمد على الإنسولين)‏ فغالبا ما يستطيعون ضبط حالتهم بتنظيم غذائهم وممارسة التمارين الرياضية.‏ وفي الولايات المتحدة،‏ ٩٥ في المئة من مرضى الداء السكري هم مصابون بالنمط II.‏

  • التمتع بالحياة دون اطراف
    استيقظ!‏ ١٩٩٩ | حزيران (‏يونيو)‏ ٨
    • التمتع بالحياة دون اطراف

      ‏«المتسلق من جديد في اعلى القمة».‏ هذا ما اعلنته احدى الصحف عندما بلغ طوم ويتّايكر قمة جبل أڤرست.‏ لقد سبق ان تسلَّق كثيرون هذه القمة الشامخة،‏ لكنَّ طوم ويتّايكر كان اول شخص ذي عضو مبتور يقوم بذلك!‏ لقد فَقدَ ويتّايكر قدمه في حادث سير،‏ لكنَّ قدما اصطناعية مكَّنته من العودة الى ممارسة رياضته.‏ وتسمح اجهزة مماثلة لآلاف الاشخاص الآخرين ذوي الاعضاء المبتورة بالتمتع بالحياة على افضل وجه.‏ فرؤية اشخاص ذوي اعضاء مبتورة يشاركون في سباقات العدو لمسافات قصيرة،‏ يلعبون كرة السلة،‏ او يركبون الدراجات اصبحت امرا مألوفا.‏

      ان الاشكال الباكرة للارجل والايدي الاصطناعية كانت اوتادا خشبية وصنانير حديدية غير متقنة.‏ لكنَّ التحسينات أُجريت بعدما تركت الحروب آلاف الاشخاص مشوَّهين.‏ فلا عجب ان يكون جرَّاح في الجيش،‏ الفرنسي انبرواز پاريه من القرن الـ‍ ١٦،‏ هو من اوجد اول البدائل prostheses الاصطناعية الحقيقية.‏ واليوم،‏ تُستخدم في البدائل هندسة السوائل،‏ مفاصل الركب المتطورة،‏ الاقدام التي تنثني المصنوعة من ليف كربوني،‏ السِليكون،‏ الپلاستيك،‏ ومنتجات اخرى ذات تقنية عالية تمكِّن الناس من السير والتحرُّك بشكل طبيعي وبراحة اكثر بكثير مما خطر على البال.‏ والتقدم في الإلكترونيات الصُّغْرية يسمح بأن تتحرك الاذرع والايدي بشكل طبيعي اكثر.‏ وقد تحسنت البدائل ايضا من حيث الشكل.‏ فالاطراف الاصطناعية الحديثة تحتوي على اصابع اليدين والرجلين،‏ حتى ان بعضها يبدو وكأنه يحتوي على اوردة.‏ وهكذا حين فقدت عارضة ازياء رِجلا بسبب السرطان غُرس لها بديل بدا طبيعيا الى حد انها كانت قادرة على متابعة مهنتها كعارضة.‏

      الموقف الذهني مهم

      رغم ذلك،‏ تحذر الخبيرة بالصحة العقلية إلِن وينتشل:‏ «عندما تواجهون ازمة شخصية مثل البتر،‏ يضع عليكم ذلك ضغطا كبيرا على جميع الاصعدة —‏ جسديا،‏ عاطفيا،‏ عقليا،‏ وروحيا».‏ تأملوا مثلا في حالة وليَم الذي فقد رِجلا بسبب الغنغرينا على اثر اصابة.‏ يقول:‏ «احد المفاتيح للتغلب على اي تحدٍّ في الحياة هو موقفنا العقلي.‏ وأنا لم انظر قط الى عجزي كعائق.‏ بل بالاحرى حافظت على نظرة ايجابية ازاء كل العقبات التي واجهتها منذ الحادث».‏ وإلِن وينتشل،‏ التي بُتر هي ايضا احد اطرافها،‏ توافقه في الرأي قائلة ان الناس الايجابيين يتكيفون مع فقدان الاطراف بشكل افضل على الارجح من الناس المتشائمين.‏ وكما يقول الكتاب المقدس:‏ «القلب الفرحان يطيِّب الجسم».‏ —‏ امثال ١٧:‏٢٢‏.‏

      تحدثت استيقظ!‏ الى عدد من المسيحيين الذين تكيّفوا جيدا مع فقدان الاطراف.‏ فاقترح معظمهم ضرورة تجنُّب ذوي الاعضاء المبتورة المبالغة في الخجل او الكتمان بشأن اعاقاتهم.‏ قال دِل،‏ الذي فقد ساقه اليسرى:‏ «سيزعجني اكثر لو شعر الآخرون بأن هذا الموضوع هو من الممنوعات».‏ وأضاف:‏ «بالنسبة إليّ،‏ يسبِّب ذلك الشعور بعدم الراحة للجميع».‏ وينصح بعض الخبراء انه اذا كان يجري تعريفكم بأشخاص ويدكم اليمنى مفقودة،‏ يجب ان تأخذوا المبادرة وتصافحوهم باليد اليسرى.‏ وإذا استفهم احد منكم عن البديل الاصطناعي الذي وُضع لكم فأخبروه عنه.‏ فعدم انزعاجكم يساعد على إراحة الآخرين.‏ وسرعان ما تصبح مواضيع اخرى محور الحديث.‏

      هنالك «للضحك وقت».‏ (‏جامعة ٣:‏٤ب‏)‏ تقول امرأة فقدت يدها:‏ ‹اهم شيء هو ان تحافظوا على روح الفكاهة!‏ فيجب ان نتذكر دائما ان موقفنا من أنفسنا يحدِّد الى حد بعيد موقف العالم تجاهنا›.‏

      ‏«للبكاء وقت»‏

      بعد ان فقد دِل ساقه،‏ حدثته نفسه:‏ «لم يعد هنالك من امل.‏ لقد انتهت حياتي».‏ وفقد فلوريندو وفلوريانو كلاهما اطرافا بسبب الغام ارضية في أنڠولا.‏ يقول فلوريندو انه بكى طوال ثلاثة ايام بلياليها.‏ وبشكل مماثل كان فلوريانو في صراع مع عواطفه.‏ يكتب:‏ «كنت في الـ‍ ٢٥ من عمري فقط،‏ وكنت استطيع القيام بكل شيء.‏ وبين ليلة وضحاها لم يعد بإمكاني حتى النهوض.‏ كنت مكتئبا ومثبَّطا».‏

      هنالك «للبكاء وقت».‏ (‏جامعة ٣:‏٤أ‏)‏ ومن الطبيعي ان تعانوا فترة من الحزن عندما تكابدون خسارة فادحة.‏ (‏قارنوا قضاة ١١:‏٣٧؛‏ جامعة ٧:‏١-‏٣‏.‏)‏ تكتب إلِن وينتشل:‏ «لكي يتخطى المرء مرحلة الحزن يجب ان يمرّ بها».‏ والتعبير عن مشاعركم لشخص يصغي بتعاطف غالبا ما يكون نافعا الى حد بعيد.‏ (‏امثال ١٢:‏٢٥‏)‏ لكنَّ الحزن لا يدوم الى الابد.‏ وقد يصبح بعض الاشخاص اكثر انفعالا عاطفيا،‏ انتقاديين،‏ قلقين،‏ او انعزاليين بعد صدمة فقدان احد الاطراف.‏ لكنَّ هذه المشاعر تسكن عادة.‏ وإن لم تهدأ،‏ فربما يكون المرء قد أُصيب بالكآ‌بة السريرية —‏ مرض يتطلب عادة المعالجة الطبية.‏ وينبغي ان يكون اعضاء العائلة والاصدقاء متنبهين لأية علامات تُظهر ان من يحبونه بحاجة الى مثل هذه المساعدة.‏a

      يكتب و.‏ ميتشل المصاب بشلل في رجليه كلتيهما:‏ «كلنا نحتاج الى اشخاص يهتمون.‏ فالمرء يستطيع تحمل اي شيء اذا شعر بأنه محاط بشبكة من الاصدقاء والعائلة،‏ فيما يمكن لانتكاسة صغيرة ان تحطم شخصا يحاول ان يجاهد وحيدا في الحياة.‏ والصداقات لا تولد صدفة بل يجب الاجتهاد للابتداء بها والمحافظة عليها،‏ وإلّا آلت الى الذبول».‏ —‏ قارنوا امثال ١٨:‏٢٤‏.‏

      التمتع بالحياة دون اطراف

      استطاع كثيرون ان يعيشوا حياة ممتعة رغم خسارة احد اطرافهم.‏ مثلا،‏ ولد راسل بالجزء الاعلى من رجله اليسرى.‏ ولا يزال وهو في الـ‍ ٧٨ من عمره يمارس التمارين الرياضية قانونيا ويعيش عيشة نابضة بالحياة،‏ رغم انه يستعمل اليوم العكاز.‏ واعترف راسل المرِح بطبيعته بأن لقبه منذ زمن طويل هو «السعيد».‏

      ودوڠلاس الذي فقد رِجلا في الحرب العالمية الثانية،‏ يسير بمساعدة طرف اصطناعي حديث.‏ وكواحد من شهود يهوه،‏ تمتع بالخدمة كفاتح قانوني،‏ مبشر كامل الوقت،‏ لمدة ست سنوات.‏ وهل تتذكرون دِل الذي اعتقد ان حياته انتهت عندما فقد ساقه؟‏ هو ايضا يعيش حياة تمنح الاكتفاء كفاتح،‏ وهو قادر ان يعيل نفسه.‏

      لكن كيف هي حال الذين فقدوا اطرافا في البلدان النامية او التي تمزقها الحرب؟‏ تقول منظمة الصحة العالمية:‏ «الواقع اليوم هو ان نسبة قليلة فقط من المعوَّقين ينالون المساعدة».‏ ويضطر كثيرون الى الاعتماد على العصيّ والعكاكيز غير المتقنة ليتنقلوا.‏ لكنَّ المساعدة تكون متوفرة احيانا.‏ فقد حصل فلوريانو وفلوريندو،‏ اللذان وقعا ضحية الالغام الارضية في أنڠولا،‏ على بدائل اصطناعية بواسطة الصليب الاحمر الدولي والحكومة السويسرية.‏ ويخدم فلوريانو بسعادة كخادم مساعد في الجماعة المحلية لشهود يهوه،‏ اما فلوريندو فيخدم كشيخ ومبشر كامل الوقت.‏

      وتُحسن جمعية تُعنى بالمعوَّقين التعبير عندما تقول:‏ «ما العاجزون إلّا الذين فقدوا شجاعتهم!‏».‏ والمثير للاهتمام هو ان الكتاب المقدس لعب دورا كبيرا في منح المعوَّقين الشجاعة.‏ يقول دِل:‏ «ان تعلُّم حق الكتاب المقدس فيما كنت اتعافى ساعدني جدا».‏ وبشكل مماثل،‏ يقول راسل:‏ «ان رجائي المؤسس على الكتاب المقدس ساعدني دائما اثناء محني».‏ ولكن ما هو الرجاء الذي يقدمه الكتاب المقدس للمعوَّقين؟‏

      ‏[الحاشية]‏

      a انظروا المقالة «كيفية مساعدة المكتئبين على استعادة الفرح»،‏ في عدد ١٥ آذار (‏مارس)‏ ١٩٩٠ من برج المراقبة.‏

      ‏[الاطار في الصفحة ٨]‏

      الالم الوهمي

      الاحساس الوهمي بالطرف يشير الى الشعور الحقيقي بأن الطرف المفقود لا يزال موجودا.‏ انه الشعور الطبيعي الذي يخالج مَن بُتر احد اعضائهم بعد العملية الجراحية،‏ وهو حقيقي الى حد ان كتيِّبا عن هؤلاء الاشخاص يقول:‏ «انتبهوا من الاحساس الوهمي عندما تنهضون من الفراش او الكرسي دون البديل الاصطناعي.‏ انظروا دائما الى الاسفل لتذكير نفسكم ان قدمكم ليست موجودة».‏ وثمة مريضة فقدت رجليها كلتيهما ارادت ان تنهض لتصافح الطبيب فوقعت ارضا!‏

      والمشكلة الاخرى هي ألم الطرف الوهمي.‏ وهو ألم يشعر المريض بأنه نابع من الطرف المفقود.‏ وشدة الالم،‏ نوعه،‏ ومدته تختلف باختلاف الاشخاص.‏ ولحسن التوفيق،‏ ان الاحساس الوهمي والالم الوهمي على السواء يخفّان عادة مع مرور الوقت.‏

المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
الخروج
الدخول
  • العربية
  • مشاركة
  • التفضيلات
  • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
  • شروط الاستخدام
  • سياسة الخصوصية
  • إعدادات الخصوصية
  • JW.ORG
  • الدخول
مشاركة