مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • هل الكوارث الطبيعية في ازدياد؟‏
    استيقظ!‏ ٢٠٠٥ | تموز (‏يوليو)‏ ٢٢
    • هل الكوارث الطبيعية في ازدياد؟‏

      ‏«يُخشى ان تسبب الاحوال غير العادية الناجمة عن تغيُّر المناخ كوارث خطيرة في المستقبل.‏ وهذا يعني ان امامنا اخطارا مناخية من نوع جديد وإمكانية حدوث خسائر اكبر في الممتلكات والارواح .‏ .‏ .‏ ووفق ما يمليه مبدأ الحيطة والحذر،‏ من المستحسن ان نستعد لمواجهة هذه التغييرات الجذرية».‏ —‏ «توپيكس ڠيو —‏ أحداث سنة ٢٠٠٣:‏ الكوارث الطبيعية».‏

      التهبت بعض انحاء اوروبا في صيف سنة ٢٠٠٣ بسبب الحر الشديد.‏ وساهم ارتفاع درجات الحرارة في وفاة نحو ٠٠٠‏,٣٠ شخص في اسبانيا،‏ ايطاليا،‏ البرتغال،‏ بريطانيا،‏ بلجيكا،‏ فرنسا،‏ وهولندا.‏ امّا في باكستان وبنغلادش والهند،‏ فقد تسبَّبت موجة حر سبقت فصل الامطار الموسمية بوفاة ٥٠٠‏,١ شخص،‏ في حين أدى الجفاف ودرجات الحرارة المرتفعة التي لم يسبق لها مثيل في اوستراليا الى حرائق في الاحراج أتت على اكثر من ثلاثة ملايين هكتار من الاراضي.‏

      وبحسب المنظمة العالمية للارصاد الجوية،‏ «شهد فصل الاعاصير في منطقة الاطلسي سنة ٢٠٠٣ تشكُّل ١٦ عاصفة قوية صُنِّفت على انها اعاصير.‏ وهذا الرقم يفوق كثيرا معدَّل الاعاصير خلال السنوات ١٩٤٤ الى ١٩٩٦ الذي بلغ ٨‏,٩ اعاصير في السنة؛‏ ولكنّه ليس مستغربا بالنظر الى الازدياد الملحوظ لعدد العواصف والاعاصير المدارية السنوي منذ اواسط تسعينات القرن العشرين».‏ وقد استمرّت هذه الزيادة الى سنة ٢٠٠٤ التي شهدت اجتياح اعاصير مخرّبة لمنطقتَي الكاريبي وخليج المكسيك،‏ موقعة نحو ٠٠٠‏,٢ قتيل ومخلّفة وراءها خرابا لا يوصف.‏

      عام ٢٠٠٣ ضرب سري لانكا اعصار سبَّب فيضانات كبيرة،‏ مما اودى بحياة ٢٥٠ شخصا على الاقل.‏ وعام ٢٠٠٤ بلغ عدد الاعاصير التي نشأت في غرب المحيط الهادئ رقما قياسيا هو ٢٣ اعصارا على الاقل.‏ وقد ضربت ١٠ منها اليابان مخلِّفة اضرارا بالغة وموقعة اكثر من ١٧٠ قتيلا.‏ كما تأثر نحو ٣٠ مليون شخص في جنوب آسيا،‏ وخصوصا في بنغلادش،‏ بالفيضانات الناتجة من امطار الرياح الموسمية الغزيرة.‏ فخسر الملايين بيوتهم،‏ وأُجبر نحو ثلاثة ملايين شخص على اخلاء منازلهم،‏ كما مات اكثر من ٣٠٠‏,١.‏

      شهدت سنة ٢٠٠٣ ايضا عددا من الزلازل العنيفة.‏ ففي ٢١ ايار (‏مايو)‏،‏ ضرب زلزال العاصمة الجزائرية مخلّفا ٠٠٠‏,١٠ جريح و ٠٠٠‏,٢٠٠ مشرّد.‏ وفي الساعة ٢٦:‏٥ صباح السادس والعشرين من كانون الاول (‏ديسمبر)‏،‏ تزلزلت الارض على بعد ثمانية كيلومترات جنوب مدينة بام الايرانية عندما ضرب المنطقة زلزال بلغت قوته ٥‏,٦ درجات.‏ فدمَّر هذا الزلزال ٧٠ في المئة من المدينة وقتل ٠٠٠‏,٤٠ شخص،‏ كما تشرَّد من جرائه اكثر من ٠٠٠‏,١٠٠ شخص.‏ وكان هذا الزلزال اكثر كارثة طبيعية فتكا في تلك السنة.‏ كما انه حوّل الى انقاض معظم القلعة التاريخية القديمة في بام التي يبلغ عمرها ٠٠٠‏,٢ سنة،‏ مما حرم المدينة الواردات الاقتصادية المهمة التي كانت تجنيها من هذا المعلم السياحي.‏

      وبعد سنة واحدة بالتمام والكمال،‏ حدث زلزال بقوة ٠‏,٩ درجات قبالة السواحل الغربية لشمال جزيرة سومطرة الاندونيسية،‏ فنشأت عنه موجات التسونامي الاشد فتكا في التاريخ المسجّل.‏ وقد حصدت هذه الموجات المريعة أكثر من ٠٠٠‏,٢٠٠ قتيل وخلَّفت اضعاف ذلك ممن عانوا الاصابات او التشرّد او الاثنين معا.‏ حتى شواطئ افريقيا الشرقية لم تَسْلم من هذه الموجات المدمِّرة،‏ رغم انها تبعد ما لا يقل عن ٥٠٠‏,٤ كيلومتر غربي المركز السطحي للزلزال.‏

      هل يلوح في الافق المزيد من الغيوم السوداء؟‏

      هل هذه الكوارث التي سبق ذكرها لمحة مسبقة الى ما ينتظرنا في المستقبل؟‏ يعتقد علماء كثيرون ان التغييرات التي يحدِثها الانسان في غلاف الارض الجوي تغيِّر مناخ العالم وتساهم في حدوث المزيد من الكوارث المناخية الكبيرة.‏ وإذا صحّ اعتقادهم،‏ فستكون توقعاتهم نذير شؤم للمستقبل.‏ وما يزيد الطين بلة هو ان اعدادا متزايدة من الناس اليوم يختارون العيش في مناطق معرَّضة للكوارث،‏ او أنهم مجبَرون على ذلك إذ لا خيار آخر امامهم.‏

      وتشير الاحصاءات الى ان ٩٥ في المئة من الوفيات الناجمة عن الكوارث تحدث في البلدان النامية.‏ اما البلدان الغنية فتشهد نسبة وفيات اقل،‏ لكنها تعاني ٧٥ في المئة من الخسائر المادية.‏ حتى ان بعض اصحاب شركات التأمين بدأوا يشكون في قدرة شركاتهم على الوفاء بالتزاماتها المالية تحت وطأة الخسائر المتزايدة.‏

      وفي المقالة التالية سنتعرَّف اكثر ببعض الظواهر الطبيعية التي تؤدي الى الكوارث،‏ وسنلاحظ كيف ان الانسان ربما يساهم في تعاظم خطورتها.‏ كما اننا سنرى هل لدى الانسان القدرة والرغبة اللازمتان لإحداث التغييرات الضرورية لجعل الارض آمنة اكثر للاجيال التالية.‏

      ‏[الصورة في الصفحة ٣]‏

      فرنسا ٢٠٠٣ —‏ ادّت موجة الحر التي اجتاحت اوروبا في صيف تلك السنة الى وفاة ٠٠٠‏,٣٠ شخص،‏ في حين كادت درجة الحرارة في اسبانيا تصل الى ٤٥ درجة مئوية.‏

      ‏[مصدر الصورة]‏

      Alfred/EPA/Sipa Press

      ‏[الصور في الصفحة ٤]‏

      ايران ٢٠٠٣ —‏ اودى الزلزال الذي ضرب بام بحياة ٠٠٠‏,٤٠ شخص؛‏ نساء ينُحن عند مقبرة جماعية على وفاة اقربائهن

      ‏[مصدر الصورة]‏

      Background and women: © Tim Dirven/Panos Pictures

  • الكوارث الطبيعية دور الانسان فيها
    استيقظ!‏ ٢٠٠٥ | تموز (‏يوليو)‏ ٢٢
    • الكوارث الطبيعية دور الانسان فيها

      عندما تُصان السيارة جيدا،‏ تكون وسيلة نقل آمنة.‏ أما إذا أُهملت وأُسيء استخدامها،‏ فستشكل خطرا على الحياة.‏ ويمكن تطبيق المبدإ نفسه على كوكب الارض.‏

      فالعديد من العلماء يعتقدون ان التغييرات التي سبَّبها الانسان في محيطات الارض وغلافها الجوي تجعل كوكبنا مكانا خطرا،‏ لأنها تساهم في حدوث كوارث طبيعية اشد فتكا وأكثر تكرارا.‏ والمستقبل لا يبشر بالخير.‏ تقول افتتاحية تتناول تغيُّر المناخ وردت في مجلة العِلم (‏بالانكليزية)‏:‏ «نحن في خضمّ اختبار ضخم غير مضبوط على كوكب الارض الذي لا مكان لنا سواه».‏

      ولكي نفهم بشكل افضل تأثير النشاط البشري في عدد الكوارث الطبيعية وخطورتها،‏ ينبغي ان نفهم اولا بعض الامور عن الظواهر الطبيعية الاساسية التي تلعب دورا فيها.‏ مثلا ماذا يساهم في نشوء العواصف القوية،‏ كالاعاصير المدارية؟‏

      مبادِلات حرارية تلطف مناخ كوكبنا

      يُشبَّه النظام المناخي في الارض بآ‌لة تحوِّل طاقة الشمس من شكل الى آخر وتوزعها.‏ وبما ان المناطق المدارية تنال حصة الاسد من حرارة الشمس،‏ فإن التفاوت الحراري الناجم عن ذلك يجعل الهواء في جو الارض يتحرك.‏a وبسبب دوران الارض اليومي يشكّل هذا الهواء المتحرك والرطب دوّامات هوائية،‏ يصير بعضها منخفضات جوية،‏ اي مناطق من الضغط الجوي المنخفض.‏ بعد ذلك تتطور هذه المنخفضات الجوية لتصير عواصف.‏

      اذا راقبت حركة العواصف المدارية،‏ فستلاحظ انها غالبا ما تتجه بعيدا عن خط الاستواء نحو المناطق الابرد،‏ إمّا شمالا او جنوبا.‏ وبحركتها هذه،‏ تعمل العواصف عمل مبادِلات حرارية كبيرة تساهم في تلطيف المناخ.‏ ولكن عندما تتجاوز الحرارة ٢٧ درجة مئوية او نحو ذلك في الطبقة العليا في المحيط —‏ الذي يمكن تشبيهه بغلّاية هائلة الحجم في النظام المناخي —‏ تكتسب العواصف المدارية زخما كافيا لتتحول الى اعاصير.‏ وتختلف اسماء الاعاصير وفقا للمناطق التي تضربها،‏ ومن هذه الاسماء:‏ السَّيكلون،‏ الهوريكان،‏ والتَّيفون.‏

      حدثت اسوأ كارثة طبيعية في تاريخ الولايات المتحدة من حيث عدد الضحايا في الثامن من ايلول (‏سبتمبر)‏ سنة ١٩٠٠ عندما ضرب اعصار مدينة ڠالڤستون التي تقع في جزيرة قبالة شواطئ تكساس.‏ فقد سبَّبت الموجات الإعصارية وفاة عدد يتراوح بين ٠٠٠‏,٦ و ٠٠٠‏,٨ شخص في المدينة،‏ بالاضافة الى ٠٠٠‏,٤ قتيل في المناطق المجاورة.‏ كما انها دمَّرت نحو ٦٠٠‏,٣ بيت.‏ وفي الواقع،‏ لم يسلم من الاذى اي بناء من صنع الانسان في ڠالڤستون.‏

      كما ذكرت المقالة السابقة،‏ شهدت السنوات الاخيرة عددا من العواصف العنيفة.‏ ولا يزال العلماء يبحثون في علاقة ذلك بالدفء العالمي الذي ربما يساهم في جعل العواصف اعنف وأقوى.‏ غير ان الدفء العالمي لا يؤدي الى تغيُّر المناخ فحسب،‏ بل هنالك نتيجة اخرى من نتائجه المدمّرة ربما نشهد حدوثها الآن.‏

      ارتفاع مستوى البحار وإزالة الاحراج

      افادت احدى الافتتاحيات في مجلة العِلم ان «مستوى البحار ارتفع ما بين ١٠ الى ٢٠ سنتيمترا خلال القرن الماضي،‏ والآتي اعظم».‏ وما علاقة ذلك بالدفء العالمي؟‏ يشير العلماء الى تفسيرَين محتملَين لهذه الظاهرة.‏ اولا،‏ يُحتمل ان ذوبان الانهار الجليدية والجليد الذي يغطي اليابسة في المناطق القطبية يؤدي الى زيادة كمية الماء الموجودة في المحيطات.‏ والتفسير الآخر هو التمدُّد الحراري.‏ فعندما تسخن المحيطات يزداد حجمها.‏

      وعلى الارجح تعاني جزر توڤالو الصغيرة في المحيط الهادئ منذ الآن تأثيرات ارتفاع مستوى البحار.‏ فبحسب مجلة سميثسونيان (‏بالانكليزية)‏،‏ تُظهر المعلومات التي جُمعت في فونافوتي عاصمة توڤالو ان مستوى البحر يرتفع «كمعدل ٦‏,٥ مليمترات كل سنة منذ العقد الماضي».‏

      كما ان النمو السكاني في انحاء كثيرة من العالم يسبِّب توسع المدن الى المناطق الريفية،‏ ازدياد مدن الاكواخ،‏ وتفاقم التدهور البيئي.‏ فتعمل هذه الامور على تضخيم تأثيرات الكوارث الطبيعية.‏ وإليك بعض الامثلة:‏

      تتخبّط جزيرة هايتي في مشكلة النمو السكاني السريع وتستمر إزالة الاحراج فيها منذ امد بعيد.‏ وكما يشير احد التقارير الاخبارية الحديثة،‏ رغم ان مشاكل هايتي الاقتصادية والسياسية والاجتماعية سيئة جدا،‏ فما من شيء يهدد البلد اكثر من إزالة الاحراج.‏ وقد تجلَّى هذا التهديد بكل بشاعته سنة ٢٠٠٤ عندما سبَّبت الامطار الغزيرة سيولا طينية ذهب ضحيتها آلاف القتلى.‏

      وتشير نسخة آسيا من مجلة تايم الى ان «الدفء العالمي،‏ بناء السدود،‏ ازالة الاحراج،‏ وزراعة القطع والحرق» هي عوامل زادت من حدة الكوارث الطبيعية التي ضربت جنوب آسيا.‏ من جهة اخرى،‏ تؤدي إزالة الاحراج الى تفاقم مشكلة الجفاف،‏ إذ ان التربة في المناطق المنزوعة الاحراج تجف بسرعة اكثر.‏ وفي السنوات الاخيرة،‏ ساهم الجفاف في إندونيسيا والبرازيل في اشتعال حرائق لم يسبق لها مثيل في غابات لا تشبّ فيها الحرائق عادة بسبب تربتها الرطبة.‏ لكنّ الاحوال الجوية غير الطبيعية ليست السبب الوحيد للكوارث الطبيعية.‏ فهناك بلدان كثيرة معرَّضة لكوارث من نوع آخر تنشأ في اعماق الارض.‏

      الارض حين تتزلزل

      تتألف قشرة الارض الخارجية من ألواح من مختلف الاحجام في حركة مستمرة واحدها بالنسبة الى الآخر.‏ وهذه الحركة في قشرة الارض ناشطة جدا بحيث انها تسبب ملايين الزلازل كل سنة.‏ ولكننا طبعا لا نشعر بمعظمها.‏

      يُقال ان نحو ٩٠ في المئة من الزلازل يحدث على طول الصدوع في طرف الالواح.‏ لكن في حالات نادرة،‏ تحدث الزلازل ايضا داخل الالواح.‏ وفي هذه الحالة تكون الزلازل مدمرة جدا.‏ وبحسب التقديرات كان الزلزال الاشد فتكا في التاريخ المسجَّل زلزالا ضرب ثلاث مقاطعات في الصين سنة ١٥٥٦.‏ ويُرجَّح ان عدد القتلى قارب الـ‍ ٠٠٠‏,٨٣٠ قتيل.‏

      كما يمكن ان تكون للزلازل نتائج لاحقة خطيرة.‏ مثلا،‏ في ١ تشرين الثاني (‏نوفمبر)‏ عام ١٧٥٥،‏ ضرب زلزال مدينة لشبونة البرتغالية وسوّاها بالارض على رؤوس سكانها البالغ عددهم ٠٠٠‏,٢٧٥ نسمة.‏ لكنّ المأساة لم تنتهِ عند هذا الحد.‏ فقد سبَّب الزلزال حرائق بالاضافة الى موجات تسونامي قُدِّر ارتفاعها بـ‍ ١٥ مترا انقضَّت على المدينة من المحيط الاطلسي.‏ وفاق عدد القتلى الاجمالي نتيجة هذه الكارثة الـ‍ ٠٠٠‏,٦٠.‏

      وكما هي الحال في الكوارث الاخرى،‏ يلعب الانسان الى حد ما دورا مهما في تضخيم حجم الكوارث التي تحدثها الزلازل.‏ وأحد هذه العوامل هو كثافة السكان في المناطق المعرَّضة للخطر.‏ يقول الكاتب اندرو روبنسون:‏ «تقع نصف مدن العالم الكبيرة تقريبا في مناطق معرَّضة للزلازل».‏ كما ان الابنية نفسها،‏ اي مواد البناء المستعملة ومتانة بنائها،‏ هي عامل آخر.‏ فغالبا ما تتبرهن صحة المثل القائل:‏ «لا يموت الناس بسبب الزلازل بل بسبب الابنية».‏ لكن ماذا يفعل الناس اذا كان فقرهم لا يسمح لهم ببناء ابنية مقاومة للزلازل؟‏

      البراكين تبني وتهدم

      يذكر تقرير من معهد سميثسونيان بالولايات المتحدة:‏ «أثناء قراءتك لهذه الكلمات،‏ من المحتمل ان يكون ٢٠ بركانا على الاقل ثائرا حول العالم».‏ وكما تفيد نظرية تكتونية الالواح،‏ توجد البراكين اجمالا في المناطق نفسها التي تضربها الزلازل.‏ وهذه المناطق هي الصدوع،‏ وخصوصا الصدوع في قاع المحيطات؛‏ وقشرة الارض حيث ترتفع الصهارة من وشاح الارض عبر الشقوق؛‏ وكذلك مناطق الاندساس حيث يغوص احد الالواح تحت لوح آخر.‏

      تشكل البراكين في مناطق الاندساس اكبر خطر على البشر،‏ إن من حيث عدد الثورانات او من حيث قربها من المناطق الآهلة بالسكان.‏ وتنتشر مئات البراكين من هذا النوع حول حافة المحيط الهادئ،‏ ولذلك اكتسبت هذه المنطقة الاسم:‏ حلقة النار.‏ ولكن توجد بعض البراكين في البقع الساخنة البعيدة عن حدود الالواح.‏ ويبدو ان جزر هاواي،‏ آزور،‏ ڠالاپاڠوس،‏ وسوسايتي نشأت جميعها نتيجة النشاط البركاني  في البقع الساخنة.‏

      وفي الواقع،‏ لعبت البراكين دورا كبيرا وبنّاء في تاريخ الارض.‏ فوفقا لما يقوله موقع على الانترنت تابع لإحدى الجامعات،‏ «تَشكَّل ٩٠ في المئة من جميع القارات والأحواض المحيطية نتيجة النشاط البركاني».‏ لكن ما الذي يجعل بعض الثورانات البركانية عنيفة جدا؟‏

      يبدأ ثوران البركان بتصاعد الصُّهارة من جوف الارض الساخن.‏ وفي بعض البراكين تسيل الحمم ببطء،‏ لذلك نادرا ما تباغت الناس.‏ لكنّ براكين اخرى تنفجر بطاقة تفوق طاقة القنبلة النووية!‏ وما يحدد نوع الثوران هو تكوين ولزوجة المواد الذائبة التي تخرج من البركان،‏ بالاضافة الى كمية الغازات والماء المفرط التسخين الممتزجة بتلك المواد.‏ وفيما تقترب الصُّهارة من سطح الارض،‏ يتمدَّد الماء والغازات الممتزجة بها بسرعة.‏ وإذا كانت الصُّهارة بالتركيب المناسب،‏ فهي تفور كما تفور المياه الغازية من قنينة مرطبات.‏

      لكن من حسن التوفيق ان البراكين غالبا ما تعطي انذارا مسبقا قبل ثورانها.‏ وهذا ما حدث سنة ١٩٠٢ قبل ثوران جبل پيليه في جزيرة مارتينيك الكاريبية.‏ غير ان قرب موعد الانتخابات في مدينة سان پيير القريبة من البركان دفع بالسياسيين الى تشجيع السكان على عدم ترك المدينة رغم الرماد،‏ والخوف،‏ والضرر الصحي الذي بدأ يتفشّى فيها.‏ حتى ان المحلات التجارية كانت مغلقة لعدد من الايام.‏

      صادف عيد الصعود يوم الثامن من ايار (‏مايو)‏،‏ وذهب اناس كثيرون الى الكاتدرائية الكاثوليكية لكي يصلّوا طالبين حماية اللّٰه من البركان.‏ لكن جبل پيليه ثار قُبيل الساعة الثامنة من ذلك الصباح عينه مطلقا كمية هائلة من الفتات البركاني الحارق (‏المؤلف من رماد،‏ جمر بركاني،‏ زجاج بركاني اسود،‏ خفّان،‏ وغازات مفرطة التسخين)‏ الذي تراوحت حرارته بين ٢٠٠ و ٥٠٠ درجة مئوية.‏ واندفقت من الجبل سحابة سوداء قاتلة على مستوى ملاصق لسطح الارض وأرخت بثقلها على المدينة.‏ فقضى نحو ٠٠٠،‏٣٠ نسمة،‏ وذاب جرس الكنيسة،‏ واشتعلت النيران في السفن الراسية في المرفإ.‏ وكان ثوران البركان هذا الاشد فتكا في القرن العشرين.‏ لكن لو تجاوب الناس مع التحذيرات،‏ لما حلّت بهم هذه الكارثة العظيمة.‏

      هل تزداد الكوارث الطبيعية؟‏

      يذكر الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الاحمر والهلال الاحمر في التقرير العالمي للكوارث ٢٠٠٤ الذي اصدره انه خلال العقد الماضي ازدادت الكوارث المناخية والجيوفيزيائية اكثر من ٦٠ في المئة.‏ ويقول التقرير،‏ الذي نُشر قبل حدوث كارثة التسونامي في المحيط الهندي في ٢٦ كانون الاول (‏ديسمبر)‏،‏ ان «هذا اشارة الى ما ستكون عليه الاحوال لوقت طويل في المستقبل».‏ ولا شك انه اذا استمر نمو السكان في المناطق الاكثر عرضة للخطر واستمر في الوقت نفسه اختفاء الغابات،‏ فما من سبب يدعو الى التفاؤل.‏

      بالاضافة الى ذلك،‏ تستمر بلدان صناعية عديدة في اطلاق المزيد من غازات الدفيئة الى غلاف الارض الجوي.‏ وبحسب افتتاحية في مجلة العِلم،‏ فإن تأجيل الحد من إطلاق الغازات «يشبه رفض تناول الدواء لمعالجة مرض يتطور.‏ فذلك سيؤدي لا محالة الى خسائر اكثر فداحة في المستقبل».‏ وفي معرض الحديث عن هذه الخسائر،‏ ذكر تقرير كندي حول الحد من أضرار الكوارث:‏ «هنالك براهين كثيرة يمكن إعطاؤها للقول ان تغيُّر المناخ هو المشكلة البيئية الاوسع انتشارا والابعد تأثيرا بين المشاكل التي يواجهها المجتمع الدولي».‏

      لكن اذا كان المجتمع الدولي في الوقت الحاضر عاجزا حتى عن الاتفاق حول ما اذا كان النشاط البشري يساهم في مشكلة الدفء العالمي،‏ فكيف له ان يحد من هذه المشكلة؟‏ تذكِّرنا هذه الحالة بما يقوله الكتاب المقدس:‏ ‹ليس للبشر ان يوجهوا خطواتهم›.‏ (‏ارميا ١٠:‏٢٣‏)‏ لكن كما سنرى في المقالة التالية،‏ ليست الحالة ميؤوسا منها.‏ وفي الواقع ان المصائب التي نراها اليوم،‏ بما فيها الاحوال العصيبة التي تعصف بالمجتمع البشري،‏ تزيد ثقتنا ان الفرج قريب.‏

      ‏[الحاشية]‏

      a بسبب التوزع غير السوي لحرارة الشمس،‏ تتشكل ايضا التيارات المائية في المحيطات،‏ وهي تنقل الحرارة الى المناطق الابرد.‏

      ‏[الاطار/‏الصورة في الصفحة ٦]‏

      حقل ذرة يُنبِت اكثر من عرانيس!‏

      عام ١٩٤٣ لاحظ مزارع في المكسيك ان الذرة ليست الامر الوحيد الذي ينمو في مزرعته.‏ فبينما كان في حقله،‏ رأى صدوعا او شقوقا تتفتّح في الارض.‏ وفي اليوم الثاني كانت هذه الشقوق قد تحولت بركانا صغيرا.‏ وخلال الاسبوع التالي كبر البركان وصار علوه ١٥٠ مترا،‏ واستمر ينمو حتى بلغ ٣٦٠ مترا بعد سنة.‏ وفي النهاية وصل علو هذا البركان،‏ الذي يقع على ارتفاع ٧٧٥‏,٢ مترا عن سطح البحر،‏ الى ٤٣٠ مترا.‏ وهذا البركان الذي سُمِّي پاريكوتين توقف فجأة عن الثوران عام ١٩٥٢،‏ ولا يزال خامدا الى اليوم.‏

      ‏[مصدر الصورة]‏

      U.‎ S.‎ Geological Survey/Photo by R.‎ E.‎ Wilcox

      ‏[الاطار/‏الصورة في الصفحة ٨]‏

      عندما أنقذ اللّٰه امما من الكارثة

      المجاعة هي شكل من اشكال الكوارث الطبيعية.‏ وإحدى اولى المجاعات المذكورة في التاريخ حدثت في مصر القديمة خلال زمن يوسف بن يعقوب.‏ استمرت هذه المجاعة سبع سنين في مصر،‏ كنعان،‏ ومناطق اخرى.‏ إلّا انها لم تؤدِّ الى موت اعداد كبيرة من الناس،‏ لأن يهوه سبق فأنبأ بحدوثها قبل سبع سنوات.‏ كما كشف ان تلك السنوات التي تسبق المجاعة ستكون سنوات وفرة في مصر.‏ لذلك،‏ تحت إشراف يوسف الخائف اللّٰه الذي كان قد عُيِّن بعناية الهية رئيس وزراء ومسؤولا عن الاغذية،‏ خزَّن المصريون كميات كبيرة جدا من القمح حتى انهم «تركوا إحصاءه».‏ وهكذا صار الغذاء مؤمَّنا ليس فقط للمصريين بل ايضا ‹لأهل الارض بأسرها›،‏ بمَن فيهم عائلة يوسف.‏ —‏ تكوين ٤١:‏٤٩،‏ ٥٧؛‏ ٤٧:‏١١،‏ ١٢‏.‏

      ‏[الصورتان في الصفحة ٧]‏

      هايتي ٢٠٠٤ —‏ اولاد يحملون ماء الشرب في الشوارع المغمورة بالمياه.‏ وقد ساهمت إزالة الاحراج على نطاق واسع في انزلاقات الوحل الكبيرة التي شهدها البلد.‏

      ‏[مصدر الصورة]‏

      Background: Sophia Pris/EPA/Sipa Press; inset: Carl Juste/Miami Herald/Sipa Press

      ‏[الصورة في الصفحة ٩]‏

      تستمر بلدان عديدة في اطلاق غازات الدفيئة الى الغلاف الجوي

      ‏[مصدر الصورة]‏

      Mark Henley/Panos Pictures ©

  • نهاية كل الكوارث باتت وشيكة
    استيقظ!‏ ٢٠٠٥ | تموز (‏يوليو)‏ ٢٢
    • نهاية كل الكوارث باتت وشيكة

      ‏«اسمعوا ايها الاولاد والاحفاد!‏ .‏ .‏ .‏ عاجلا ام آجلا سيتَّقد هذا الجبل.‏ ولكن سيسبق ذلك هدير ودوي وهزات.‏ فيُنفَث الدخان واللهب وتسطع البروق،‏ ويعلو عزف الرياح ودمدمتها وصفيرها.‏ فاهربوا قبل فوات الاوان .‏ .‏ .‏ اما اذا آثرتم البقاء،‏ وكانت اغراضكم وأملاككم أعز عليكم من الحياة،‏ فسيعاقبكم الجبل على اهمالكم وجشعكم.‏ لا تهتموا لبيوتكم ولا لدفء منازلكم،‏ بل اهربوا ولا تترددوا».‏

      هذا التحذير الذي نقرأه في كتاب حول الكوارث الطبيعية (‏Earth Shock‏،‏ بالانكليزية)‏ بقلم اندرو روبنسون نُقش على لوحة تذكارية في بلدة پورتيتشي الايطالية الواقعة عند سفح جبل ڤيزوڤ،‏ بعد ثوران هذا البركان سنة ١٦٣١.‏ فقد أودى هذا الثوران بحياة اكثر من ٠٠٠‏,٤ شخص.‏ وكما يقول روبنسون،‏ «من محاسن الصدف ان هذا الثوران الذي حدث سنة ١٦٣١ .‏ .‏ .‏ هو الذي جعل جبل ڤيزوڤ معروفا الى هذا الحد».‏ لماذا؟‏ لأن إعادة إعمار پورتيتشي أدت الى اكتشاف مدينتَي هرقولانيوم وپومپيي اللتين طُمِستا عندما ثار هذا البركان نفسه سنة ٧٩ ب‌م.‏

      وصف پلينيوس الاصغر،‏ وهو روماني نجا من تلك الكارثة وصار بعد ذلك حاكما،‏ الهزّات الخفيفة غير العادية التي أنذرت بقرب وقوع الكارثة.‏ وبسبب الانتباه الى هذه التحذيرات،‏ تمكّن هو وأمه وغيرهما من النجاة من هذه الكارثة.‏

      علامة تحذيرية لأيامنا

      نقترب اليوم بسرعة من نهاية الانظمة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في هذا العالم.‏ وكيف نعرف ذلك؟‏ لقد انبأ يسوع المسيح بسلسلة من التطورات العالمية ستكون بمثابة علامة تحذيرية تنذرنا باقتراب يوم الحساب الذي سيقيمه اللّٰه.‏ وكما ان البركان يصدر هديرا،‏ وينفث دخانا،‏ ويُطلق الرماد قبل انفجاره،‏ تشمل هذه العلامة المركَّبة حروبا عظيمة وزلازل ومجاعات وأوبئة تبتلي جميعها الارض على نحو لم يسبق له مثيل منذ سنة ١٩١٤.‏ —‏ متى ٢٤:‏٣-‏٨؛‏ لوقا ٢١:‏١٠،‏ ١١؛‏ رؤيا ٦:‏١-‏٨‏.‏

      غير ان العلامة التحذيرية التي اعطاها يسوع شملت ايضا رسالة رجاء.‏ فقد قال:‏ «يُكرز ببشارة الملكوت هذه في كل المسكونة شهادة لجميع الامم،‏ ثم تأتي النهاية».‏ (‏متى ٢٤:‏١٤‏)‏ لاحِظ ان يسوع دعا رسالة الملكوت «بشارة».‏ وهي بشارة بحق لأن ملكوت اللّٰه،‏ وهو حكومة سماوية برئاسة المسيح يسوع،‏ سيصلح كل الضرر الذي سببه البشر.‏ كما انه سيحول دون حدوث الكوارث الطبيعية في المستقبل.‏ —‏ لوقا ٤:‏٤٣؛‏ رؤيا ٢١:‏٣،‏ ٤‏.‏

      فعندما كان يسوع على الارض،‏ أظهر ان بإمكانه السيطرة على العوامل الطبيعية عندما هدّأ عاصفة عنيفة.‏ فقال تلاميذه الخائفون،‏ والرهبة تملأهم:‏ «من هو هذا حقا،‏ فإنه يأمر حتى الرياح والماء فتطيعه؟‏».‏ (‏لوقا ٨:‏٢٢-‏٢٥‏)‏ والمسيح لم يعد اليوم مجرد انسان،‏ بل صار كائنا روحانيا قديرا.‏ ولذلك لن تصعب عليه السيطرة على العوامل الطبيعية بحيث لا تؤذي رعاياه!‏ —‏ مزمور ٢:‏٦-‏٩؛‏ رؤيا ١١:‏١٥‏.‏

      يظن البعض ان كل ذلك مجرد وهم.‏ لكن تذكّر ان نبوات الكتاب المقدس،‏ بما فيها النبوات التي تتم منذ سنة ١٩١٤،‏ لم تخطئ ولا مرة،‏ على عكس تنبؤات البشر ووعودهم.‏ (‏اشعيا ٤٦:‏١٠؛‏ ٥٥:‏١٠،‏ ١١‏)‏ فما من شك ان ارضنا ستنعم بمستقبل آمن.‏ وإذا تجاوبنا مع كلمة اللّٰه وتنبَّهنا لتحذيرها الحبي حول الاحداث البالغة الاهمية التي ستهزُّ الارض عما قريب،‏ فسننعم نحن ايضا بمستقبل آمن.‏ —‏ متى ٢٤:‏٤٢،‏ ٤٤؛‏ يوحنا ١٧:‏٣‏.‏

      ‏[الاطار/‏الصورة في الصفحة ١١]‏

      ما هو رجاء احبائنا الموتى؟‏

      عندما يسلبنا الموت احد احبائنا،‏ قد يسحقنا الحزن.‏ والكتاب المقدس يخبرنا ان يسوع ايضا بكى عندما مات صديقه العزيز لعازر.‏ غير انه بعد دقائق قليلة صنع عجيبة بارزة بإعادة لعازر الى الحياة!‏ (‏يوحنا ١١:‏٣٢-‏٤٤‏)‏ وبفعله ذلك اعطى جميع البشر اساسا راسخا للايمان بالوعد الرائع الذي تلفّظ به سابقا خلال خدمته عندما قال:‏ «تأتي الساعة التي يسمع فيها جميع الذين في القبور التذكارية صوت [يسوع] فيخرجون».‏ (‏يوحنا ٥:‏٢٨،‏ ٢٩‏)‏ ونأمل ان يتعزى جميع الذين سلبهم الموت احبّاء لهم بهذا الرجاء الثمين،‏ رجاء إقامة الموتى الى الحياة على ارض فردوسية.‏ —‏ اعمال ٢٤:‏١٥‏.‏

      ‏[الصور في الصفحة ١٠]‏

      هل تنتبه الى التحذيرات ان العالم الحاضر صار في ايامه الاخيرة؟‏

      ‏[مصدر الصورة في الصفحة ١٠]‏

      USGS,‎ David A.‎ Johnston,‎ Cascades Volcano Observatory

المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
الخروج
الدخول
  • العربية
  • مشاركة
  • التفضيلات
  • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
  • شروط الاستخدام
  • سياسة الخصوصية
  • إعدادات الخصوصية
  • JW.ORG
  • الدخول
مشاركة