-
الانفجار في الطلاقاستيقظ! ١٩٩٢ | شباط (فبراير) ٨
-
-
الانفجار في الطلاق
«مجوهرات الطلاق.» ظهر هذا العنوان الرئيسي غير العادي مؤخرا في مجلة نسائية شعبية. وحضَّت المقالة: «وهكذا تحطَّم زواجكن وجرى استغلال شعوركن. فلمَ لا تُذِبْن تلك الذكريات التي لا تزال تملأ علبة مجوهراتكن.» فمقابل اجر يسمح جوهري محلي للناس المطلَّقين بأن يذيبوا بموقد اللِّحام خواتمهم للخطوبة والزواج. ثم يصوغ هو حُليَّهم الصغيرة على اشكال لا تذكِّرهم بزيجاتهم الفاشلة.
وفي هذه الايام يبدو ان الزواج، كالاقلام، الصحون، الحفاضات، والشَّفَرات، شائع اكثر في الشكل الذي يمكن التخلص منه. ‹عندما تتعبون منه، ارموه› — هكذا يكون الموقف السائد.
«الزواج بحد ذاته لم يعد موجودا،» قال لورِنْز ڤَكينڠر، مؤلف شعبي، عالم نفساني، وخبير بالمعالجة في ميونيخ، ألمانيا. مبالغة؟ ربما؛ ولكن ليس صعبا ان نرى لماذا يمكن ان يشعر على هذا النحو. ووفقا للصحيفة شتوتڠارتر تسايتونڠ، تتحطم نحو ٠٠٠,١٣٠ زيجة في ألمانيا كل سنة. ولكنَّ الطلاق لا يقتصر على ألمانيا.
ظاهرة عالمية
ثمة اتجاه مماثل يبرز في بلدان في كل العالم. فالولايات المتحدة، مثلا، يمكن بحق ان تدعى عاصمة الطلاق في العالم. فمعدل الطلاق السنوي يفوق الـ ٠٠٠,١٦٠,١، او نصف عدد الزيجات تقريبا. وذلك يعادل اكثر من طلاقين كل دقيقة من كل يوم!
وعندما تقارَن بالماضي، تكون هذه الارقام بمثابة انفجار في الطلاق. فمنذ قرن فقط، كان هنالك مجرد طلاق واحد مقابل كل ١٨ زيجة في الولايات المتحدة. وباستثناء الموجة الفجائية بعد الحرب العالمية الثانية، ازدادت النسبة تدريجيا فقط حتى ستينات الـ ١٩٠٠. وبعد ذلك، في مجرد ٢٥ سنة، ازدادت ثلاثة اضعاف!
وفي منتصف ثمانينات الـ ١٩٠٠، (السنوات الاحدث التي تتوافر فيها احصاءات موثوق بها)، رأت بلدان حول العالم ذرى كهذه في معدل الطلاق: الاتحاد السوڤياتي، ٠٠٠,٩٤٠ في السنة؛ اليابان، ٠٠٠,١٧٨؛ المملكة المتحدة، ٠٠٠,١٥٩؛ فرنسا، ٠٠٠,١٠٧؛ كندا، ٠٠٠,٦١؛ اوستراليا، ٠٠٠,٤٣. وحتى في الاماكن التي ابقى فيها الدين والقوانين معدل الطلاق منخفضا، تهبّ رياح التغيير. على سبيل المثال، في هونڠ كونڠ لا يزال هنالك طلاق واحد فقط مقابل كل ١٧ زيجة؛ ولكنَّ عدد حوادث الطلاق هناك تضاعف بين ١٩٨١ و ١٩٨٧. وأخبرت مجلة الهند اليوم ان الوصمة المتعلقة بالطلاق تتلاشى بين الطبقة الوسطى في الهند. وأُنشئت محاكم جديدة في ولايات هندية مختلفة لمعالجة الزيادة في قضايا الطلاق من ١٠٠ في المئة الى ٣٢٨ في المئة في عقد واحد.
طبعا، لا يمكن للاحصاءات ان تبدأ بالاخبار عن تحطم القلوب وراء هذه الاعداد الكبيرة. وعلى نحو محزن، يؤثر الطلاق فينا جميعا تقريبا لمجرد ان الزواج عالمي الانتشار. وعلى الارجح، نحن إما متزوجون او من نتاج والدين متزوجين، او نحن قريبون الى اناس متزوجين. ولذلك حتى لو ان الطلاق لم يؤذنا بعد، فإن تهديده ربما لا يزال ينذرنا.
وماذا وراء كل حوادث الطلاق هذه؟ ان التغييرات السياسية قد تكون جزءا من الجواب. ففي بلدان كثيرة انهارت حواجز تحريم الدولة للطلاق — التي طالما دعمتها الفرق الدينية الفعّالة — في السنوات الاخيرة. على سبيل المثال، في ثمانينات الـ ١٩٠٠، اعلنت الارجنتين ان القانون الذي لا يسمح بطلاق شرعي هو غير دستوري. وكذلك فان اسپانيا وايطاليا سَنَّتا طلاقا شرعيا. ولكنَّ تغييرات كهذه في القانون لا ترافقها عادة زيادة سريعة في معدلات الطلاق.
لذلك هنالك شيء آخر اعمق بكثير من النظام القانوني لا بد انه يعمل خلف وبإ الطلاق العالمي. وقد اشار اليه المؤلف جوزيف إپستاين عندما كتب انه منذ زمن غير بعيد، «لكي يطلَّق المرء، يلزم ان يكون قد شهد قانونيا، اذا صح التعبير، على عدم استقامته الادبية.» ولكن اليوم، يكتب، «في بعض المجموعات من الناس، يبدو عدم اختبار الطلاق استثنائيا اكثر من اختبار الطلاق؛ وأن يعيش المرء هنا ايامه مقيَّدا بزواج واحد قد يُعتقد ايضا انه يُظهر نقصا في المقدرة الابداعية.» — مطلَّق في اميركا.
وبكلمات اخرى، لقد تغيَّرت المواقف الجوهرية التي يتمسك بها الناس من الزواج. والاحترام والتوقير لمؤسَّسة طالما اعتُبرت مقدسة يتأكّلان. وهكذا يصير الطلاق حول العالم مقبولا اكثر. ولماذا؟ ماذا يمكن ان يجعل الناس يقبلون شيئا كان مرة مستنكرا على نحو واسع؟ هل يمكن ان يكون الطلاق غير رديء جدا رغم كل شيء؟
-
-
فخ الطلاقاستيقظ! ١٩٩٢ | شباط (فبراير) ٨
-
-
فخ الطلاق
كان أندرو وآن يشكِّلان زوجين رائعين. وكانت آن الاهدأ والاكثر عمقا في التفكير بين الاثنين، لكنَّ هدوءها المبهج بدا انه المكمِّل المثالي لشخصية أندرو الودودة اكثر، طاقته المتعذر كبحها وفكاهته. لقد كانت عيناها تتألقان في حضوره. وكان يمكن لايّ شخص ان يرى انه مولع بها.
ولكن بعد سبع سنوات بدأ زواجهما يتفكك. فقد حصل أندرو على وظيفة جديدة استهلكت الكثير من وقته. وصارت آن تستاء من انهماكه التام الجديد في العمل ومن تأخره المتكرر ليلا. فحاولتْ «ملء كل الفراغ،» كما عبَّرت هي عن ذلك، بإشغال نفسها بمهنتها الخاصة. ولكن قبل مضي وقت طويل كان أندرو يأتي الى البيت ورائحة الكحول تفوح من فمه، موضِّحا انه كان في الخارج مع شركاء العمل. وازدادت مشكلته في الشرب سوءا، فانتقلت آن اخيرا من شقتهما. فوقع أندرو تدريجيا في كآبة. وفي غضون شهور، حصلا على طلاق.
ربما تبدو هذه القصة اكثر من مألوفة بالنسبة الى كثيرين. فكما رأينا، ارتفعت معدلات الطلاق في كل العالم. ومن المسلَّم به ان بعض حوادث الطلاق لا مفر منها او ضرورية. والكتاب المقدس لا يمنع الطلاق على نحو مطلق، كما يظن كثيرون. فمقاييسه عادلة ومنطقية، اذ تسمح بالطلاق على اساس الزنا (متى ١٩:٩)؛ ومبادئه تسمح ايضا بالانفصال الزوجي في بعض الحالات القصوى، كالاساءة الجسدية.a (انظروا متى ٥:٣٢؛ ١ كورنثوس ٧:١٠، ١١.) ولكنَّ هذه لم تكن المبادئ وراء طلاق أندرو وآن.
كان أندرو وآن مسيحيين ووقَّرا مرة الزواج بصفته مقدَّسا. ولكنهما مثلنا جميعا، يعيشان في عالم يكرز بمبادئ اخلاقية مختلفة جدا — انه يمكن التخلص من الزواج والطلاق هو وسيلة التخلص منه. وكل سنة يؤثر هذا النوع من التفكير في آلاف الازواج ليطلِّقوا لاسباب غير وجيهة، غير مؤسسة على الاسفار المقدسة. وتوصَّل كثيرون الى الادراك — بعد فوات الاوان — ان موقفهم «العصري» «المستنير» من الطلاق قد اوقعهم في فخ.
فخ؟ ‹كلمة فظيعة الى حد ما،› قد يقول البعض. وقد تشعرون، ككثيرين اليوم، بأن الطلاق هو مجرد طريقة متمدِّنة للخروج من زواج بائس. ولكن هل تدركون الجانب المظلم اكثر للطلاق؟ وهل ترون كيف يمكن لعالم اليوم ان يصوغ على نحو خبيث افكارنا بشأن الطلاق — دون ان ندرك ذلك؟
شرك ارضاء الذات
في ما يتعلق بأندرو وآن، ان جزءا من الطُّعم الذي اوقعهما في فخ الطلاق كان الوعد المغري بارضاء الذات من خلال مهنة ناجحة. فوقع زواجهما ضحيةَ عقليةِ ‹المهنة اولا.› ولم يكن اولَ ضحية من هذا النوع. فقد ذكرت مجلة العلاقات العائلية سابقا في السنة ١٩٨٣: «ارضاء الذات الفردي يصير الشِّعار. ونتيجة لذلك، تنقطع سريعا الروابط اللصيقة بمعظم اعضاء العائلة ويكون حتى رباط الزواج تحت ضغط متزايد.» لقد كان أندرو متأثرا جدا بعمله الجديد وما يعد به من ترقية. فتولّى مشاريع اضافية وعاشر زملاءه اجتماعيا بعد ساعات العمل لكي يربح مزيدا من الاحترام والقبول. وفي الوقت نفسه، مهنة آن بهرتها برؤى النجاح من خلال ثقافة اضافية.
ان ملاحقة شرك النجاح كان له تأثير مزدوج. اولا، عنى ان أندرو وآن كان لديهما وقت اقل احدهما للآخر. وكما عبَّرت آن عن ذلك: «جرى جذبنا في اتجاهين مختلفين. وهكذا لم تكن لنا محادثاتنا الساعة العاشرة ليلا كما اعتدنا، اذ كنا نجلس ونناقش الامور. وكان يستعد ليومه التالي في العمل، وكذلك كنت انا. فتوقف الاتصال.»
والتأثير الثاني كان روحيا. فبوضع مهنتيهما اولا، كانا ينقلان علاقتهما باللّٰه الى مركز ثانوي في الوقت الذي فيه كانا يحتاجان اليه اكثر. وكان يمكن لبرنامج مخطَّط له لتطبيق مبادئ الكتاب المقدس ان يساعد أندرو على معالجة مشكلته في الشرب ويعطي آن القدرة على الالتصاق بزوجها خلال هذه المحنة الصعبة.
وهكذا عوض ان يعملا على حل مشاكلهما الزوجية، بدأا يريان ان الطلاق اختيار قابل للتطبيق، وربما ايضا تحرُّر من كل الضغط. وبعد الطلاق، جعلهما ذنبهما وخزيهما يتخليان معا عن حياتهما الروحية. فلم يعودا يدَّعيان المسيحية.
«الخبراء» يساعدون على وضع الطُّعم في الفخ
يلتفت ازواج كثيرون، عندما تواجههم مشاكل زوجية، الى مشيري ومعالجي الزواج او الى كتب كتبها مراجع كهؤلاء. ولكن من المحزن ان بعض «خبراء» الزواج العصريين اثبتوا انهم اكثر مهارة في ترويج الطلاق منه في حفظ الزواج. وفي العقود الاخيرة احتشدت آراء «الخبراء» ضد الزواج بكثرة كالجراد الجائع.
على سبيل المثال، ترثي المعالِجتان النفسيتان سوزن جتلمان وجانِت ماركوڤيتس في الشجاعة للطلاق: «يصرّ الاعتقاد غير المنطقي على ان الناس المطلَّقين ينحرفون عن كيان مفيد يدعى ‹الحياة العائلية الطبيعية.›» وتلومان «الحواجز القانونية والقيم الادبية» المعارِضة للطلاق التي هي «مؤسَّسة على مبادئ دينية نشأت منذ قرون.» وتحاجّان ان الطلاق سيكون في كل مكان الى ان يجعل «الزوالُ التدريجي للزواج» الطلاقَ «غير ضروري.» وأوصتا المحامين، القضاة — والخدام الدينيين بكتابهما!
‹الطلاق ليس رديئا. الطلاق يحرِّر. وتفشّي الطلاق ليس اشارة الى ان هنالك شيئا خاطئا في المجتمع؛ انه اشارة الى ان هنالك شيئا خاطئا في مؤسَّسة الزواج.› لقد علَّم «خبراء» كثيرون وجهة النظر هذه، وخصوصا خلال اوج الثورة الجنسية في ستينات وسبعينات الـ ١٩٠٠. ومؤخرا خمَّن ايضا بعض العلماء النفسانيين وعلماء الانسان المشهورين ان الانسان «مبرمَج» — بالتطور، من بين كل الاشياء — ليغيِّر رفقاء زواجه كل بضع سنين. وبكلمات اخرى، ان العلاقات خارج نطاق الزواج وحوادث الطلاق انما هي طبيعية.
من الصعب ان نتخيَّل مقدار الزيجات التي تضررت من افكار كهذه. ولكنَّ خبراء آخرين كثيرين يشجعون على الطلاق بطرائق اكثر خبثا. ففيما كانت دَيان مِدڤِد تقوم ببحث من اجل كتابها القضية ضد الطلاق، وجدت نحو ٥٠ كتابا في مكتبتها المحلية إن لم تكن تروِّج الطلاق بصراحة، فإنها على الاقل ‹تشجِّع القراء على الطلاق.› وتحذِّر: «هذه الكتب تُدخلكم بسهولة في لعبة العزُّاب وتمدح ‹حريتكم الجديدة› كما لو انها . . . الوسيلة الاخيرة نحو الاكتفاء.»
تأثيرات اخرى
طبعا، هنالك تأثيرات اخرى كثيرة مروِّجة للطلاق الى جانب «الخبراء» المضلَّلين. فوسائل الاعلام — التلفزيون، الافلام، المجلات، الروايات العاطفية — غالبا ما تعزِّز العاصفة المتواصلة للدعاية ضد الزواج. وأحيانا تزوِّد وسائل الاعلام الرسالة بأن الاثارة، المتعة، والاكتفاء التي لا نهاية لها تكمن خارج الرتابة المضجرة للحياة الزوجية وأنه في نهاية قوس قُزَح العزوبة والحرية المتألق هذا ينتظر رفيق آخر، افضل بكثير من ذاك الذي في البيت.
ومجرد الكينونة متشككين في افكار مدمِّرة كهذه ربما لا يكون حماية منها. وكما تعبِّر مِدڤِد عن ذلك: «ترون فيلما، وعلى الرغم من حنكتكم ايضا تخضعون لقوته. ولا تستطيعون تجنبه — القصة والتفاعل معدّان لاثارة العطف على الشخصية الرئيسية (الزوج العابث بالنساء؟) والنفور من النذل (الزوجة السليطة؟). . . . وأنتم شخصيا ربما لا تتغاضون عما ترونه، ولكنَّ المعرفة فقط ان الآخرين يفعلون ذلك، اذ تتقوى بطرائق اخرى كثيرة في كل ثقافتنا، تمزِّق تصميمكم وقناعتكم.»
ان سلوك رفقائنا البشر يؤثر فينا. فاذا صح ذلك في رسائل وسائل الاعلام، فكم بالحري في الاصدقاء الذين نختارهم! وبحكمة، يحذِّر الكتاب المقدس: «لا تضلّوا. فإن المعاشرات الردية تفسد (العادات) الجيدة.» (١ كورنثوس ١٥:٣٣) والزواج الجيد هو احدى العادات الاكثر افادة. ويمكننا ان نفسده اذا صادقنا اولئك الذين لا يحترمون مؤسَّسة الزواج. وأزواج كثيرون وجدوا انفسهم يسهِّلون الطريق الى الطلاق لانهم ائتمنوا على مشاكلهم الزوجية «اصدقاء» كهؤلاء — وأحيانا ايضا اولئك الذين هم انفسهم اختاروا الطلاق دون مبرِّر حقيقي.
وثمة آخرون يطلبون نصيحة قانونية قبل الاوان عندما يكون زواجهم في توتر. وينسون ان النظام القانوني في بلدان كثيرة هو آلة تعمل بنعومة مصمَّمة لتسهِّل الطلاق. وعلى ايّ حال، فالمحامون يربحون من معالجة قضايا الطلاق، لا المصالحات.
ومع ذلك، قد تتساءلون، ‹اذا كان كل هؤلاء المحامين، المعالجين، الشخصيات الاعلامية، وحتى الاصدقاء والمعارف يتبنون ويروِّجون بفعّالية موقفا اكثر تساهلا ازاء الطلاق، أفلا يمكن ان يكون هنالك شيء حقيقي في ما يقولونه؟› وهل يمكن ان يكون اناس كثيرون مخطئين في ما يتعلق بشيء مهم جدا؟ ان نظرة الى بعض التأثيرات الناتجة من الطلاق تساعدنا على فهم الجواب.
[الحاشية]
a انظروا برج المراقبة، ١٥ تموز ١٩٨٩، الصفحتين ٨، ٩؛ ١٥ ايار ١٩٨٨، الصفحات ٤-٧، بالانكليزية؛ ١ تشرين الثاني ١٩٨٨، الصفحتين ٢٢، ٢٣.
[الصورة في الصفحة ٧]
بعض «خبراء» الزواج هم اكثر مهارة في ترويج الطلاق منه في حفظ الزواج
-
-
الطلاق — حصاده المرّاستيقظ! ١٩٩٢ | شباط (فبراير) ٨
-
-
الطلاق — حصاده المرّ
لا المحامون ولا الاصدقاء ولا وسائل الاعلام ولا «الخبراء» يجب ان يدفعوا ثمن الطلاق. فالازواج المطلَّقون — وأولادهم — هم الذين يدفعون الفاتورة الاخيرة.a وبعيدا عن كونه اختبارا محرِّرا، يمكن ان يبلغ الطلاق ثمنا مرتفعا على نحو صاعق.
في القضية ضد الطلاق، تعترف دَيان مِدڤِد انها كانت تنوي في الاصل ان تكتب كتابا يكون «حياديا ادبيا» ازاء الطلاق. ولكنها شعرت بأنها مضطرة الى تغيير رأيها. ولماذا؟ تكتب: «بكل بساطة، اكتشفت في بحثي ان عملية الطلاق وآثاره مفجعة تماما — للجسد، العقل، والروح — حتى انه في عدد كبير من الحالات، يكون ‹الشفاء› الذي يجلبه اسوأ بالتأكيد من ‹مرض› الزواج.»
وآن، المشار اليها في المقالة السابقة، تعبِّر عن موافقتها: «اعتقدتُ ان الطلاق سيكون تحرُّرا. واعتقدتُ انه اذا استطعت فقط ان اخرج من هذا الزواج، فسأكون بخير. ولكن قبل الطلاق، جعلني ألمي على الاقل اشعر بأنني حية. وبعدما حصلت على الطلاق، لم اشعر حتى بأنني حية. فقد كان هنالك افتقاد حتى انني شعرت بعدم الوجود. وكان ذلك رهيبا. ولا استطيع ان اصف مقدار الفراغ الذي شعرت به.» وبعد الطلاق، تبخَّرت الوعود الغامضة بالحرية والاثارة في الحقائق المروِّعة للعيش والبقاء اليومي.
ان الحقيقة الاكيدة هي انه، حتى عندما تكون هنالك اسس شرعية للطلاق، يمكن لعواقبه ان تكون مؤلمة وطويلة الامد. ولذلك فأي امرئ يتأمل في اجراء قاس كهذا، يكون من الحكمة ان يصغي الى مشورة يسوع اولا: ‹احسبوا (الكلفة).› (لوقا ١٤:٢٨) فما هي بالتحديد بعض الكُلَف، بعض الآثار الناتجة المؤلمة للطلاق؟
الآثار العاطفية والادبية
ثمة دراسة حديثة نُشرت في مجلة الزواج والعائلة اشارت الى ان الطلاق مرتبط بالشقاء والكآبة. فالمطلَّقون كان مرجَّحا اكثر ان يكتئبوا، واولئك الذين حصلوا على الطلاق اكثر من مرة كان مرجَّحا ان يكتئبوا على نحو متكرر اكثر. وعالمة الاجتماع لِنور ڤايتسْمَن في كتابها ثورة الطلاق، تذكر ان الناس المطلَّقين والمنفصلين لديهم اعلى معدلات دخول الى تسهيلات الطب النفسي؛ ويعانون ايضا معدلات اعلى من المرض، الموت المبكر، والانتحار.
وفي دراستها لنحو ٢٠٠ شخص، وجدت مِدڤِد ان الطلاق ترك الرجال والنساء منزعجين عاطفيا طوال ما معدَّله سبع سنين، وآخرين طوال عقود. ووجدت ان الشيء الوحيد الذي لم يؤثر فيه الطلاق هو نمط التصرف المؤذي الذي ادَّى الى طلاق الزوجين في المقام الاول. اذًا، لا عجب ان تفشل الزيجات الثانية ايضا على الارجح اكثر من الزيجات الاولى!
وبعيدا عن تحسين التصرف، للطلاق غالبا اثر سلبي على نحو متطرف في الآداب. فقد وجد الباحثون انه بعد الطلاق، يدخل معظم الرجال والنساء لوقت قصير في نوع من المراهقة الثانية. فهم يتذوَّقون حريتهم المكتشفة حديثا بالسعي الى سلسلة متوالية من الارتباطات العاطفية الجديدة لكي يعزِّزوا اعتبارهم الضعيف للذات او يلطِّفوا من وحدتهم. ولكنَّ المواعدة لاسباب ذات اهتمام شخصي كهذين يمكن ان تقود الى الفساد الادبي الجنسي الذي يحمل لائحته الطويلة من العواقب المأساوية. ويمكن ان يكون مؤذيا عقليا وعاطفيا وضارا على نحو خصوصي للاولاد ان يروا والديهم يتصرفون على هذا النحو.
ولكن، غالبا ما يكون الازواج المطلَّقون قد ايَّدوا الدعاية العالمية ان حاجاتهم واهتماماتهم تأتي اولا. وهكذا يصيرون غير حسَّاسين للالم الذي يسبِّبونه في الحياة حولهم — حياة اولادهم، والديهم، اصدقائهم. وينسى البعض ان اللّٰه ايضا يمكن ان يشعر بالالم في قلبه عندما نتجاهل مقاييسه. (قارنوا مزمور ٧٨:٤٠، ٤١؛ ملاخي ٢:١٦.) ويمكن ان يصير الطلاق ايضا مسألة حقد شديد، وخصوصا عندما يتطور الى نزاعات قانونية طويلة حول الوصاية والممتلكات.
الكارثة المالية
استنتجت لِنور ڤايتسْمَن بالاضافة الى ذلك ان الطلاق هو ايضا «كارثة مالية» للنساء في الولايات المتحدة. فكمعدّل، يقتطع نصف مواردهن المالية التي لحاجات ضرورية كالطعام، المأوى، والتدفئة. ووجدت ان مستوى معيشتهن انخفض على نحو مرعب ٧٣ في المئة بعد الطلاق!
لقد توقعت ان تجد ان قوانين الطلاق «المستنيرة» الحديثة تخدم كحماية للنساء. وعوض ذلك، وجدت ان النساء المخبَر عنهن يشعرن باليأس والعوز بعد الطلاق. وهن يتحدثن عن اضطرارهن فجأة الى اللجوء الى برامج الخدمة الاجتماعية، قسائم الطعام، مؤسسات الاسكان، ومطاعم الفقراء. و ٧٠ في المئة على الاقل من النساء اللواتي قابلَتهن اخبرن بأنهن قلقات باستمرار ازاء تغطية نفقاتهن بدخلهن. وشعر البعض بالخوف، الخيبة، وحتى بأنهن سَجْنى اولادهن، دون ايّ وقت لأنفسهن.
والحدث الذي سندعوه طوم، الذي حصل والداه على الطلاق عندما كان في الثامنة من العمر، يتذكَّر: «بعد ان غادر ابي، كان لا يزال لدينا طعام، ولكن على نحو غير متوقع، صارت علبة معدنية من الصودا تُعتبر ترفا. ولم نستطع تحمل شراء ثياب جديدة. وكان على أُمّنا ان تصنع لنا كل قمصاننا. وعندما انظر الى صورنا عندما كنا صغارا في ذلك الوقت، اراها صورا حزينة لاناس شاحبي المنظر.»
وبما ان معظم النساء يحصلن على الوصاية على الاولاد وآباء كثيرين يفشلون في دفع نفقة إعالة الولد التي تأمر بها المحكمة — التي هي غالبا اقل من الحد الادنى على ايّ حال — يكون مرجَّحا اكثر ان يُفقر الطلاقُ النساءَ اكثر من الرجال. ومع ذلك، لا يُغني الطلاق حقا الرجال ايضا. والكتاب الآباء المطلَّقون يذكر ان النفقات القانونية وحدها يمكن ان تمتص نصف الدخل السنوي الصافي للرجل. والطلاق هو ايضا مدمِّر عاطفيا للازواج والآباء. فكثيرون يعانون بشدة من انخفاض مكانتهم الى مجرد زوَّار في حياة اولادهم.
صونوا زواجكم!
اذًا، من غير المدهش ان نعلم انه في دراسة لاناس مطلَّقين لسنة واحدة، اعترف ٨١ في المئة من الازواج/الآباء و ٩٧ في المئة من الزوجات/الامهات بأن الطلاق ربما كان غلطة وكان يجب ان يحاولوا بجهد اكثر ان يجعلوا زواجهم ينجح. و «خبراء» اكثر فأكثر ايضا يتراجعون بقلق عن مواقفهم المتهاونة من الزواج التي ايَّدوها في ما مضى. ذكرت لوس انجلوس تايمز مؤخرا: «بأكثر من ٢٥ سنة لملاحظة النتائج، معالجون كثيرون . . . يعملون بجهد اكثر لانقاذ الزيجات.»
طبعا، ان التراجع سهل تماما على «الخبراء.» فكل ما يجب ان يفعلوه، في الواقع، هو القول، «آسف!» والبدء بانشاد لحن مختلف. والامر ليس سهلا الى هذا الحد على آلاف الناس الذين تبعوا نصيحتهم. ومع ذلك، يمكن لضحايا الطلاق ان يتعلَّموا دروسا قاسية من اختبارهم المرّ، كالدرس الملخَّص في مزمور ١٤٦:٣، ٤: «لا تتكلوا على الرؤساء ولا على ابن آدم حيث لا خلاص عنده. تخرج روحه فيعود الى ترابه. في ذلك اليوم نفسه تهلك افكاره.»
والاصدقاء، المعالجون، المحامون، او الشخصيات الاعلامية ليسوا اكثر من مجرد بشر ناقصين. ولذلك عندما نحتاج الى نصيحة عن الزواج، لماذا الاتكال عليهم وحدهم؟ ألا يكون معقولا اكثر ان نلتفت اولا الى يهوه اللّٰه، مصمِّم الزواج؟ فمبادئه لا تتغيَّر مع تبدُّل اتجاهات آراء «الخبراء.» لقد كانت صحيحة طوال آلاف السنين، وهي تنجح اليوم.
أندرو وآن بدأا يدركان ذلك بُعيد حصولهما على الطلاق. فقد رأيا ان طلاقهما كان غلطة مروِّعة. ولكن، من الجدير بالملاحظة انه لم يكن قد فات الاوان بالنسبة اليهما. فعادا وتفاهما وتزوَّجا ثانية. وبدأا بتغيير تفكيرهما. «ادركتُ،» يتذكَّر أندرو، «انني مفلس ادبيا، وأنني بحاجة الى المساعدة. ولأول مرة منذ سنين، صلَّيت بشأن ذلك. وأردت ان افعل ما هو صواب؛ لذلك وجب عليَّ ان اوقف ما كنت افعله وأرفض كل القيم التي التقطتها في العالم. وأنا لم اعد اريدها.»
وتردِّد آن: «ان السبب الذي لاجله يمكننا ان نكون معا الآن، على الرغم من ذلك الماضي الرهيب وراءنا، هو اننا كلينا اردنا حقا ان نكون مستقيمَين امام يهوه. وأردنا حقا ان ينجح الزواج.» وهذا لا يعني ان الامر كان سهلا منذ ذلك الحين. «اننا نراقب باستمرار علاقتنا الآن، ككلب حراسة. واذا شعر احدنا بأنها تنحرف، نتحدث عن ذلك.»
أندرو وآن يربيان الآن ولدين مثيرين للبهجة. وهو يخدم كخادم مساعد في جماعة لشهود يهوه. وطبعا، ليست الامور كاملة كليا. فما من زواج كامل على الاطلاق في هذا العالم القديم. وكيف يمكن ان يكون كذلك، عندما يوحِّد شخصين ناقصين؟ لهذا السبب يحذِّرنا الكتاب المقدس انه من الوقت الذي فيه دخلت الخطية العالم، يجلب الزواج درجة من ‹الضيق في الجسد.› (١ كورنثوس ٧:٢٨) وهكذا لا يجب الدخول في الزواج باستخفاف؛ وأيّ امرئ يفكر في الزواج يحسن به ان يصرف وقتا وافرا في معرفة رفيقه المرتقب. وحالما يجري الدخول فيه، يكون الزواج عادة جيدا بقدر الجهد الذي يُبذل فيه.
ولكن، من الواضح انه لا يجب ان يؤخذ الطلاق باستخفاف ايضا. فعندما يُعتبر الطلاق ضروريا او لا يمكن تجنبه، يمكن للّٰه بالتأكيد ان يمنحنا المساعدة التي نحتاج اليها لنحتمل الاوقات الصعبة التي قد تتبع. أما اذا اتَّبعنا ميل العالم في تبني نظرة مبتذلة الى مؤسَّسة الزواج المقدسة، فمن سيقينا من عواقب حماقة كهذه؟ لذلك صونوا زواجكم. وعوض الكينونة مستعدين للتخلص منه عندما لا تسير الامور على ما يرام، وجِّهوا جهودكم الى الحل. حاولوا ان ترمِّموا الجسور بدلا من حرقها. وانظروا الى كلمة اللّٰه من اجل اجوبة عملية عن المشاكل الزوجية.b فالحلول هناك. وهي تنجح.
[الحاشيتان]
a من اجل معلومات عن آثار الطلاق في الاولاد، انظروا عدد ٢٢ نيسان ١٩٩١ من استيقظ!
b انظروا جعل حياتكم العائلية سعيدة، اصدار جمعية برج المراقبة للكتاب المقدس والكراريس في نيويورك.
[الصورة في الصفحة ١٠]
صونوا زواجكم بصرف الوقت في فعل الامور معا كعائلة
-