-
المخدِّرات: من يتناولها؟استيقظ! ٢٠٠١ | تموز (يوليو) ٨
-
-
المخدِّرات: من يتناولها؟
من مراسل استيقظ! في جنوب افريقيا
«الجميع يتناولون المخدِّرات». قد تُستعمل هذه العبارة الشاملة لإقناع البسطاء بتجربة المخدِّرات غير المشروعة. لكنَّ هذه الكلمات تخفي في طياتها شيئا من الحقيقة، وذلك يتوقف على كيفية تعريف كلمة «مخدِّرات».
تُعرَّف كلمة «مخدِّر» كما يلي: «اية مادة كيميائية، سواء كانت طبيعية او مصنَّعة، يمكن ان تُستعمل لتغيير الادراك الحسي، المزاج، او الحالات النفسية الاخرى». وهذا الوصف يناسب ويشمل كل مادة لها تأثير نفسي. لكنه لا يشمل العديد من العقاقير التي تُستعمل لمعالجة العلل الجسدية.
ووفقا لهذا التعريف، تُعتبر المشروبات الكحولية مخدِّرا. والإفراط في تناولها خطِر. ولا ريب ان الاسراف في الشرب هو في ازدياد، فقد وجد استطلاع شمل الجامعات في احد البلدان الغربية ان «الاسراف في الشرب هو اكثر مشاكل الادمان تفشيا في حرم الجامعات». كما اظهر الاستطلاع ان ٤٤ في المئة من التلامذة يسرفون في الشرب.a
ومثل المشروبات الكحولية، يتوفر التبغ بطريقة شرعية رغم احتوائه على سمٍّ قوي هو النيكوتين. تذكر منظمة الصحة العالمية ان التدخين يقتل حوالي اربعة ملايين شخص سنويا. ومع ذلك نرى اقطاب زراعة التبغ اعضاء اثرياء مكرَّمين في المجتمع. ويسبِّب تدخين السجائر ايضا ادمانا شديدا، ربما اشدّ من ادمان العديد من المخدِّرات غير المشروعة.
في السنوات الاخيرة وضعت بلدان عديدة قيودا على اعلانات التبغ كما فرضت قيودا اخرى متعلقة بالتبغ. رغم ذلك، لا يزال كثيرون يعتبرون التدخين تصرفا اجتماعيا مقبولا. كما تستمر صناعة الافلام في اضفاء جاذب على عادة التدخين. وقد أجرت جامعة كاليفونيا في سان فرانسيسكو استطلاعا شمل اكثر الافلام درًّا للاموال بين سنتي ١٩٩١ و ١٩٩٦، فوجدت ان ٨٠ في المئة من الممثلين البارزين لعبوا ادوار شخصيات تدخن.
ماذا عن المواد «الآمنة»؟
لا شك ان العقاقير افادت كثيرين. رغم ذلك يمكن ان يُساء استعمالها. فقد يتسرع الاطباء بعض الاحيان في وصفها، او قد يضغط عليهم المرضى لكي يصفوا لهم عقاقير هي غير ضرورية. علَّق احد الاطباء: «في معظم الاحيان، لا يقضي الاطباء وقتا كافيا مع المريض ليكتشفوا سبب اعراض مرضه. فمن الاسهل القول: ‹خذ هذا الدواء›. ويبقى السبب الرئيسي للعلة دون حل».
حتى العقاقير التي لا تحتاج الى وصفة طبيب، مثل الأسپيرين والپاراسِتامول (التايلنول، الپانادول)، قد تؤدي الى مشاكل صحية خطيرة اذا أُسيء استعمالها. فأكثر من ٠٠٠,٢ شخص حول العالم يموتون كل سنة نتيجة إساءة استعمال الپاراسِتامول.
وبحسب التعريف الوارد في مستهل المقالة، يُعتبر الكافئين الموجود في الشاي والقهوة مخدِّرا ايضا، رغم اننا نادرا ما نعتبره كذلك حين نتناولهما عند الفطور. فقد يبدو منافيا للمنطق النظر الى المشروبات المقبولة اجتماعيا مثل الشاي والقهوة كما ننظر الى المخدِّرات القوية مثل الهيروئين. فيكون ذلك اشبه بمقارنة الهر الصغير بالاسد الضاري. لكن، حسب بعض الخبراء بالصحة، اذا كنتم معتادين ان تشربوا اكثر من خمسة فناجين قهوة اميركية او تسعة فناجين شاي في اليوم، فقد يصيبكم مكروه. بالاضافة الى ذلك، اذا توقفتم فجأة عن التناول المفرط لمشروبكم، يمكن ان تعانوا اعراض انقطاع كالتي شعرت بها امرأة تسرف في شرب الشاي، اي تقيُّؤا، صداعا شديدا، وحساسية شديدة للنور.
ماذا عن الاستعمال غير المشروع للعقاقير المنشطة والمخدِّرات؟
من اكثر القضايا اثارة للجدل قضية استعمال العقاقير المنشطة في الالعاب الرياضية. وقد برز هذا الامر في دورة فرنسا Tour de France سنة ١٩٩٨ عندما طُرد راكبو الدرّاجات التسعة في الفريق الذي كان في الطليعة بسبب استعمالهم العقاقير التي تحسِّن الاداء. وقد ابتكر الرياضيون طرائق عديدة لكي لا يُكتشف وجود هذه العقاقير في الجسم عند اجراء الفحوص. تخبر مجلة تايم (بالانكليزية) ان البعض وصلوا في مساعيهم هذه الى حد الخضوع لعملية «‹زرع بول›، اي اخذ بول ‹خالٍ من آثار المنشِّطات› من شخص آخر وإدخاله في مثانتهم بواسطة قِثطار، وهي عملية مؤلمة في معظم الاحيان».
كل هذا ولم نتطرق بعد الى المخدِّرات غير المشروعة بعددها المذهل التي تُستعمل «للترويح عن النفس». وهي تشمل الماريجوانا، الإكستازي (مِتيلين ديوكسي المتامفيتامين، او MDMA)، الـ LSD (ثنائي أتيل أميد حَمْض الليسِرجيك)، المنشِّطات (مثل الكوكائين والأمفيتامينات)، المهدِّئات، والهيروئين. ولا ننسَ المستنشَقات المتعددة، مثل الغراء والبنزين، التي يشيع استعمالها بين الاحداث. طبعا، ليست هذه المستنشَقات مواد محظورة، كما ان الحصول عليها سهل.
يُخيَّل الى المرء عادة ان مدمن المخدِّرات هو شخص هزيل البنية يحقن نفسه ضمن جدران غرفة قذرة. لكنَّ هذه الفكرة الشائعة يمكن ان تكون مضلِّلة. فمدمنون كثيرون يزاولون اعمالهم اليومية بشكل طبيعي نسبيا، رغم ان ادمانهم يؤثر لا محالة في نوعية حياتهم ولو بدرجات متفاوتة. ومع ذلك لا نستطيع ان نقلِّل من شأن الوضع الكئيب في عالم إدمان المخدِّرات. فأحد الكتبة يصف كيف ان بعض مدمني الكوكائين «يستطيعون حقن انفسهم عشرات المرات في فترة قصيرة نسبيا، حتى تصير اجسادهم مدمَّاة، ملطخة بالكدوم الزرقاء ومليئة بالثقوب».
بعد ان تراجعت ظاهريا مشكلة تعاطي المخدِّرات غير المشروعة في اواخر ثمانينات الـ ١٩٠٠، عادت تتفاقم من جديد حول العالم. ذكرت مجلة نيوزويك (بالانكليزية): «ان السلطات منزعجة كثيرا بسبب تفاقم مشكلة تهريب المخدِّرات، تفشي تعاطي المخدِّرات من كل الانواع تقريبا، والنقص في ما يلزم من مال ومعلومات لمكافحة المشكلتين». وذكرت صحيفة ذا ستار (بالانكليزية) الصادرة في جوهانسبورڠ بجنوب افريقيا انه بحسب الاحصاءات الحكومية «واحد من كل اربعة اشخاص يعيشون في جنوب افريقيا يدمن الكحول او المخدِّرات».
وأشار معهد الابحاث للتنمية الاجتماعية التابع للامم المتحدة ان «منتجي المخدِّرات وتجارها . . . نظموا انفسهم على صعيد عالمي واستثمروا نسبة عالية من ارباح المخدِّرات في شركات مالية ومصارف تؤمن لهم السريّة والارباح المغرية. . . . وصار تجار المخدِّرات الآن قادرين على تبييض اموالهم غير المشروعة بنقل المال الكترونيا حول العالم دون وجود رقابة دولية تُذكر».
ويبدو ان كثيرين من الاميركيين يمسكون الكوكائين يوميا بأيديهم دون علمهم. فقد اوضحت مقالة في مجلة ديسْكڤر (بالانكليزية) ان معظم الاوراق النقدية في اميركا تحمل آثار هذا المخدِّر.
والواقع هو ان استعمال المخدِّرات اليوم، بما فيها المخدِّرات غير المشروعة، صار مقبولا بالنسبة الى كثيرين اذ يعتبرونه جزءا من الحياة اليومية. ولكن حين نتأمل في الضرر المعروف عموما الناجم عن المخدِّرات غير المشروعة والتبغ والكحول ايضا، لا بد ان نسأل: لمَ يسيء الناس استعمالها؟ وفيما نتأمل في هذه السؤال، يكون مناسبا ايضا التأمل في نظرتنا الشخصية الى المخدِّرات.
[الحاشية]
a عُرِّف الاسراف في الشرب انه ‹استهلاك خمس كؤوس او اكثر دفعة واحدة من قبل الرجال وأربع كؤوس او اكثر من قبل النساء›.
[الصورة في الصفحة ٣]
الاسراف في الشرب مشكلة رئيسية متفشية في حرم جامعات كثيرة
[الصورة في الصفحة ٥]
كثيرون يعتبرون المخدِّرات التي «تروِّح عن النفس» والسجائر مواد غير مؤذية
-
-
المخدِّرات: ماذا يسيء الناس استعمالها؟استيقظ! ٢٠٠١ | تموز (يوليو) ٨
-
-
المخدِّرات: ماذا يسيء الناس استعمالها؟
«كنت في الـ ١٣ من عمري عندما دعتنا في إحدى الامسيات شقيقة صديقي المفضل الى شقتهما. بدأ الجميع يدخنون الماريجوانا. فرفضت في البداية المسايرة، لكن بعدما ألحّوا علي مرات عديدة، جربتها». هكذا يوضح مايكل من جنوب افريقيا كيف بدأ يتعاطى المخدِّرات.
«انا من عائلة محافظة تحترف عزف الموسيقى الكلاسيكية. كنت اعزف في فرقة موسيقية يدخن احد اعضائها الماريجوانا قانونيا خلال فترات الاستراحة. فاستمرَّ يلحّ علي طوال اشهر لأجربها. فجربتها اخيرا وصرت اتعاطاها قانونيا». هكذا بدأ دارِن الكندي يتعاطى المخدِّرات.
وتعاطى هذان الشخصان كلاهما مخدِّرات اخرى مثل الـ LSD، الأفيون، والمنشِّطات. واليوم، إذ ينظران الى تجاربهما السابقة حين كانا مدمنين، يوافقان ان تأثير النظراء كان السبب الرئيسي لشروعهما في اساءة استعمال المخدِّرات. يقول مايكل: «لم اظن يوما انني سأتعاطاها». ويضيف: «لكنَّ هؤلاء الاحداث كانوا اصدقائي الوحيدين، فكان من الطبيعي ان اسايرهم».
عالم التسلية
احد الاسباب الرئيسية التي تدفع كثيرين الى ادمان المخدِّرات هو ضغط النظير، والذين يتعرضون له بشكل خصوصي هم الاحداث. وعلاوة على ذلك، يتأثر هؤلاء كثيرا بنجومهم المفضلة في عالم التسلية فيعتبرونهم امثلة لهم.
وتُبتلى صناعة التسلية بشكل خاص بإساءة استعمال المخدِّرات. فغالبا ما يتورط المغنون المشهورون في تعاطي المخدِّرات القوية في مرحلة ما من مهنتهم. وكثيرون من نجوم السينما هم ايضا مدمنون على المخدِّرات.
ويمكن ان يضفي محيو الحفلات هالة من السحر والجاذبية على المخدِّرات بحيث يصعب على الاحداث مقاومتها. ذكرت مجلة نيوزويك (بالانكليزية) سنة ١٩٩٦: «ازدحمت شوارع سيياتل بالاولاد الذين اتوا لتعاطي الهيروئين، لمجرد ان كوبان [عازف الروك] يتعاطاها».
ويُصوَّر عالم المخدِّرات في المجلات، الافلام، والتلفزيون ضمن إطار جذاب. وعلى نحو مماثل، يفضِّل بعض المصمِّمين البارزين في عالم الازياء العارضات النحيلات اللواتي يوحي مظهرهن بالمرض، لكي يعكسوا صورة المدمنين.
لماذا يقع البعض في شرك الادمان؟
تساهم عوامل اخرى عديدة في تفاقم مشكلة اساءة استعمال المخدِّرات. ومن بينها الخيبة، الكآبة، والافتقار الى قصد في الحياة. ويُضاف الى ذلك المشاكل الاقتصادية، البطالة، ومثال الوالدين السيِّئ.
ويلجأ بعض الذين يواجهون صعوبة في اقامة علاقات اجتماعية الى المخدِّرات لمساعدتهم على التكيُّف مع المجتمع. فهم يعتقدون ان المخدِّرات تعزِّز ثقتهم بنفسهم، اذ تجعلهم يشعرون انهم سريعو البديهة وجديرون بالمحبة. ويجد آخرون ان تعاطي المخدِّرات اسهل من تحمل المسؤولية في حياتهم.
والضجر هو سبب آخر يحمل الاحداث على اللجوء الى المخدِّرات. يذكر كتاب الاثارة في المخاطرة — لماذا يقوم الاحداث بما يقومون به (بالانكليزية) معلّقا على الضجر والنقص في الاشراف الابوي: «يعود الفتيان والفتيات بعد المدرسة الى بيوت خالية. فلا عجب ان يشعروا بالوحدة وألّا يرغبوا في البقاء بمفردهم. فينضم اليهم الاصدقاء، لكنهم رغم ذلك يسأمون. فيشاهدون برامج التلفزيون التي لا تنتهي و ‹الڤيديو كليپ›، ويسافرون عبر الإنترنت بحثا عن الاثارة. وبسهولة يمكن ان يصير التدخين، تعاطي المخدِّرات، والشرب جزءا من هذا المشهد».
قال مايكل المذكور آنفا متحدثا عما اختبره شخصيا من نقص في الاشراف الابوي: «تمتعت بحياة عائلية سعيدة. فقد كانت علاقة اعضاء العائلة واحدهم بالآخر حميمة جدا. لكنَّ ابويَّ كليهما كانا يعملان، فتُركنا دون اشراف خلال النهار. وكان والدانا متساهلين جدا معنا. فلم يكونا يؤدباننا. ولم يخطر على بال والديَّ البتة اني اتعاطى المخدِّرات».
بعد الوقوع في الشرك، يستمر كثيرون في تعاطي المخدِّرات لسبب بسيط، وهو انهم يستمتعون بها. قال مايكل الذي كان يتعاطى المخدِّرات يوميا عن تأثيرها: «كنت اسبح في عالم الاحلام. فكان باستطاعتي الهروب من اية ضغوط اتعرض لها. لم اشعر قط بأنني في خطر. وكان كل شيء جميلا».
ووصف مدمن سابق آخر على المخدِّرات من جنوب افريقيا، يدعى ديك، تأثير الماريجوانا فيه عندما ابتدأ يتعاطاها وهو في الـ ١٣ من عمره: «كانت كل نكتة تضحكني. وكان المرح يغمر حياتي».
ويبدو ان التحذيرات من مضار المخدِّرات لا تخيف الاحداث. فهم يميلون الى حيازة الموقف القائل: «ذلك لن يحدث لي». يذكر كتاب التكلُّم مع ولدكم المراهق (بالانكليزية) سبب تجاهل المراهقين التحذيرات من الضرر الذي تلحقه المخدِّرات بالصحة: «انهم اقوياء جدا ومفعمون بالحيوية الى حد انهم لا يصدقون ان صحتهم في خطر. وهذا الشعور ‹بالحصانة› شائع جدا في سن المراهقة. ويعتبر المراهقون سرطان الرئة، الكحولية، والادمان على المخدِّرات امورا تصيب الاكبر منهم سنا ولا تصيبهم شخصيا». وكثيرون هم ببساطة غير مدركين للمخاطر، كما تُظهر شعبية مخدِّر الإكستازي. فما هو هذا المخدِّر؟
الإكستازي وحفلات الرقص الصاخبة
يشيع استعمال الـ MDMA، احد مشتقات الامفيتامين والمعروف بالإكستازي، في حفلات الرقص الصاخبة التي تدوم الليل كله. فيروِّج البائعون الاعتقاد ان تعاطي الإكستازي هو طريقة آمنة لاختبار شعور بالاثارة بالاضافة الى الحصول على طاقة لا حدود لها للرقص طوال الليل. ويساعد المخدِّر الراقصين على الرقص ساعات حتى يبلغوا «النشوة» اخيرا، كما يقول احد الكتبة. اوضح احد الاحداث اغراء الإكستازي: «يبدأ الشعور بالاثارة عند اصابع قدميكم وفيما يسري في جسدكم ويصعد الى رأسكم يكتنفكم شعور لا يصدَّق بالدفء والحب».
الا ان مسح الدماغ الذي خضع له الذين يتعاطون الإكستازي قانونيا زوّد دليلا حسيا على ان المخدِّر ليس آمنا كما يدَّعي البائعون. فمن الواضح ان الإكستازي يؤذي الألياف العصبية في الدماغ ويخفض مستويات السيروتونين. ومن الممكن ان يكون هذا الضرر دائما. ومع الوقت قد يؤدي تعاطيه الى معاناة اضطرابات مثل الكآبة وفقدان الذاكرة. وقد أُخبر عن بعض الوفيات التي حصلت بين متعاطي الإكستازي. كما ان بعض تجار المخدِّرات يمزجون الإكستازي بالهيروئين لكي يوقعوا زبائنهم في شرك الادمان.
كم يسهل الحصول على المخدِّرات؟
في بلدان كثيرة هبط سعر المخدِّرات مع ازدياد المخزون. وهذا عائد جزئيا الى التغييرات الاقتصادية والسياسية. وجنوب افريقيا هو مثال نموذجي. فقد أدَّى التغيير السياسي في هذا البلد الى تحسُّن التجارة وتبادل السلع مع البلدان الاخرى. وساهم هذا الامر بالاضافة الى المراقبة غير الكافية للحدود في تعزيز تجارة المخدِّرات. ومع ازدياد البطالة، يعتمد الآلاف على الاتجار بالمخدِّرات غير المشروعة ليؤمنوا دخلهم. وحيث تكثر المخدِّرات تنتشر ايضا الجرائم العنيفة. يذكر تقرير ورد في احدى الصحف ان الشرطة تراقب الاولاد في مدارس خوتِن، في جنوب افريقيا — البعض في الـ ١٣ من العمر فقط — لأنها تشك انهم يتاجرون بالمخدِّرات. وقد بدأ عدد من المدارس في المنطقة يُخضع التلامذة لفحوص تكشف وجود المخدِّرات في الجسم.
ما هو السبب الجوهري للمشكلة؟
من الواضح ان هنالك اسبابا عديدة تدفع الناس الى اساءة استعمال المخدِّرات. لكنها كلها اعراض لسبب اعمق، سبب جوهري. اشار الكاتب بن ويتكر الى ذلك بالقول: «ان الانتشار العصري لتعاطي المخدِّرات هو علامة انذار تشير الى التقصيرات والنقائص في مجتمعنا، بالاضافة الى الوحدة واليأس. وإلّا لمَ يفضل عدد كبير من الاشخاص الموهوبين والمميَّزين المخدِّرات على الواقع الذي يعيشونه؟».
انه سؤال وجيه يجعلنا ندرك ان مجتمعنا يفشل غالبا في اشباع حاجاتنا الروحية والعاطفية لأنه مهووس بالنجاح والسعي وراء الامور المادية. حتى ان معظم الاديان لم تستطع ان تشبع تلك الحاجات لأنها تجاهلت السبب الجوهري لمشاكل الجنس البشري.
لذلك ينبغي ان ننبش هذا السبب الجوهري ونواجهه قبل تمكننا من ايجاد الحل الوحيد والدائم لمشكلة المخدِّرات. وسيُعالَج هذا الموضوع في المقالة التالية.
[الصورة في الصفحة ٧]
يضفي المشاهير هالة من السحر على المخدِّرات
[الصور في الصفحة ٧]
عالم الموسيقى العصرية مشبع بتعاطي المخدِّرات
[الصور في الصفحة ٨]
يتوفر مخدِّر الإكستازي بسهولة في حفلات الرقص الصاخبة
[مصدر الصورة]
AP Photo/Greg Smith
Gerald Nino/U.S. Customs
-
-
اساءة استعمال المخدِّرات — الحل موجود!استيقظ! ٢٠٠١ | تموز (يوليو) ٨
-
-
اساءة استعمال المخدِّرات — الحل موجود!
«كمية هائلة من المخدِّرات تُضبط في قناني نبيذ». أوضحت المقالة التي تحمل هذا العنوان الرئيسي في احدى الصحف كيف صادرت الشرطة في جوهانسبورڠ في جنوب افريقيا حاوية شحن من ٦٠٠,١١ قنينة نبيذ صُنع في اميركا الجنوبية. فوُجدت كمية تتراوح ما بين ١٥٠ و ١٨٠ كيلوڠراما من الكوكائين ممزوجة بالنبيذ. ويُعتقد ان هذه هي اكبر كمية كوكائين دخلت البلاد حتى تاريخ الحادثة.
رغم ان عمليات الضبط هذه تبشر بالخير ظاهريا في ما يتعلق بمكافحة تجارة المخدِّرات، فالحقيقة هي ان الشرطة تصادر فقط ما يُقدَّر بـ ١٠ الى ١٥ في المئة من المخدِّرات غير المشروعة حول العالم. ولسوء الحظ، إن ذلك اشبه ببستاني يقص بضع اوراق من عشبة ضارة سريعة النمو تاركا جذورها في التربة.
ان الارباح الهائلة التي تدرها تجارة المخدِّرات تعرقل مساعي الحكومة لضبط انتاجها وبيعها. ففي الولايات المتحدة وحدها، يُتَّجر سنويا بكميات من المخدِّرات تساوي بلايين الدولارات. وبوجود مثل هذه الكميات الكبيرة من المال، لا عجب ان يتغلغل الفساد في صفوف الشرطة والرسميين في الحكومة، حتى في صفوف بعض الذين يحتلون مراكز مرموقة.
ذكر أليكس بيلوس في تقرير من البرازيل ورد في صحيفة ذا ڠارديان ويكلي (بالانكليزية) ان تحقيقا اجراه مجلس النواب اظهر ان «ثلاثة اعضاء من مجلس الشيوخ، ١٢ نائبا، وثلاثة رؤساء بلديات أُدرجت اسماؤهم . . . في لائحة تضمّ اكثر من ٨٠٠ شخص يُزعم انهم متورطون في الجريمة المنظَّمة وتجارة المخدِّرات في البرازيل». وقد ضمت اللائحة ايضا «رجال شرطة، محامين، رجال اعمال ومزارعين في ١٧ من الولايات الـ ٢٧». وعن هذه الاكتشافات، قال پروفسور في العلوم السياسية في جامعة برازيليا: «انها ادانة جماعية لكل طبقات المجتمع البرازيلي». ويمكن ان يقال الامر عينه عن العديد من المجتمعات حيث تُحكم المخدِّرات قبضتها. وما يؤجج المشكلة هو قوانين السوق المتعلقة بالعرض والطلب.
وبسبب النجاح المحدود للقيود التي يفرضها القانون، يؤيد قسم من الناس جعل بعض المخدِّرات شرعية. والفكرة العامة هي انه ينبغي السماح للافراد بامتلاك كميات قليلة للاستعمال الشخصي. ويُظن ان ذلك يسهِّل على الحكومة ضبط تجارة المخدِّرات ويخفض الارباح الهائلة التي يجنيها اسياد تجارة المخدِّرات.
البعض ينجحون
ان اتباع علاج لإزالة السمِّية قد يساعد المدمنين على التخلص من المخدِّرات اولا، ثم على تحسين صحتهم الجسدية. ولكن للأسف، من الممكن جدا ان يُغرى المدمن بالعودة الى تعاطي المخدِّرات عندما يعود الى بيئته المعتادة. يفسّر الكاتب لويجي زُوجا السبب: «من المستحيل ان يغيِّر المريض سلوكه ببساطة دون اعادة توجيهه الى آفاق جديدة كليا».
ان دارِن، المذكور في المقالة السابقة، وجد ‹آفاقا جديدة› غيرت حياته. يوضح: «كنت ملحدا، لكن مع الوقت، ورغم انني كنت اتعاطى المخدِّرات من الصباح حتى المساء، توصلت الى الادراك انه لا بد من وجود اله. وخلال فترة دامت شهرين او ثلاثة اشهر، حاولت التحرُّر من المخدِّرات لكنَّ اصدقائي لم يدعوني اتركها. ورغم انني لم اكف عن تعاطي المخدِّرات بدأت اقرأ الكتاب المقدس قانونيا قبل الخلود الى النوم. وخففت معاشرتي لأصدقائي. وفي احدى الامسيات، حين كنت ورفيق غرفتي تحت تأثير المخدِّرات، ذكرت له الكتاب المقدس. في الصباح التالي اتصل هاتفيا بأخيه الذي كان واحدا من شهود يهوه. فأرشدنا هذا الاخير الى شاهد يعيش في المدينة نفسها حيث كنا، فذهبت لأراه.
«تحدثنا حتى الساعة ٠٠:١١ مساء، ثم تركته وبين يدي نحو اثنتي عشرة مطبوعة مساعدة على درس الكتاب المقدس. بدأت ادرس الكتاب المقدس معه وتوقفت عن تعاطي المخدِّرات وعن التدخين. وبعد حوالي تسعة اشهر، اعتمدت كواحد من شهود يهوه».
ان التوقف عن عادة تعاطي المخدِّرات ليس بالامر السهل. يتحدث مايكل المذكور في المقالة السابقة عن الصعوبات التي واجهها عندما توقف عن تناول المخدِّرات بعد ١١ سنة من تعاطيها. يقول: «وجدت صعوبة كبيرة في تناول الطعام فنقص وزني. وكان ينتابني احيانا احساس اشبه بوخز الدبابيس والإبر، وكنت اتصبب عرقا، وأرى هالات تحيط بالاشخاص. شعرت بتوق شديد الى المخدِّرات، لكنَّ الاقتراب الى يهوه بالصلاة ودرس الكتاب المقدس ساعداني على البقاء نظيفا متحررا من المخدِّرات». ويوافق هذان المدمنان السابقان على المخدِّرات ان الابتعاد كاملا عن معاشراتهما السابقة كان ضروريا جدا.
لمَ تفشل الجهود البشرية
ليس تعاطي المخدِّرات غير المشروعة إلّا وجها من اوجه مشكلة عالمية اكبر. فالتأثير الجامح للشر، العنف، والوحشية يحكم قبضته على العالم بأسره. يقول الكتاب المقدس: «العالم كله . . . تحت سلطة الشرير». (١ يوحنا ٥:١٩) ويكشف الرسول يوحنا هوية هذا «الشرير» في كشف ١٢:٩: «طُرح التنين العظيم، الحية الأولى، المدعو إبليس والشيطان، الذي يضل المسكونة كلها؛ طُرح إلى الارض وطُرحت معه ملائكته».
فبالإضافة الى محاربة المرء ضعفه البشري، عليه ان يحارب ايضا هذا العدو القوي. فالشيطان هو الذي سبب سقوط الجنس البشري في البداية. وهو مصمِّم ان يقوده اكثر فأكثر الى الانحطاط ويبعده عن اللّٰه. وإساءة استعمال المخدِّرات التي تبتلي الجنس البشري هي جزء من خطته. وهو يعمل وبه غضب عظيم لأنه عالم ان «له زمانا قصيرا». — كشف ١٢:٢.
ما هو الحل الذي يقدِّمه اللّٰه؟
يكشف الكتاب المقدس التدبير الحبي الذي زوده الخالق لتحرير الجنس البشري من حالتهم الخاطئة. ففي ١ كورنثوس ١٥:٢٢ يجري اخبارنا: «كما في آدم يموت الجميع، هكذا ايضا في المسيح سيحيا الجميع». فقد اتى يسوع طوعا الى الارض كإنسان كامل وضحى بحياته الارضية ليحرر الجنس البشري من آثار الخطية والموت.
وقد منحت معرفة سبب موتنا والحل لمشاكل الجنس البشري الكثيرين الدافع والشجاعة ليتحرروا من ادمان المخدِّرات. لكنَّ الكتاب المقدس لا يساعدنا اليوم على التغلب افراديا على مشكلة الادمان فحسب، بل يخبرنا ايضا عن الوقت الذي فيه ستنتهي كل مشاكل العالم الى الابد بما فيها اساءة استعمال المخدِّرات، وذلك بعد انتهاء تأثير الشيطان.
يصف سفر الكشف «نهر ماء حياة صافيا كالبلور، خارجا من عرش اللّٰه والحمل». (كشف ٢٢:١) ان هذا النهر الرمزي يصوِّر ما زوده اللّٰه بواسطة يسوع المسيح من اجل اعادة الجنس البشري الى الحياة الكاملة على ارض فردوسية. ويصف سفر الكشف اشجار الحياة الوارفة على جانبَي النهر ويقول: «اوراق الاشجار لإبراء الامم». (كشف ٢٢:٢) تمثِّل هذه الاوراق الرمزية تدابير يهوه الشفائية الرامية الى اعادة الجنس البشري الى الكمال الجسدي والروحي.
وأخيرا، سيتحرر الجنس البشري ليس فقط من اساءة استعمال المخدِّرات، بل ايضا من كل المشاكل والعلل الاخرى التي تبتلي هذا النظام المنحط.
[الاطار/الصورة في الصفحة ٩]
الى اي حدّ آمنة هي الماريجوانا؟
يفكر عدد من البلدان في جعل استعمال الماريجوانا شرعيا، وخصوصا في العلاج الطبي. فقد تبيَّن ان هذا المخدِّر يخفف الغثيان الناجم عن المعالجة الكيميائية، ويجعل المصابين بالأيدز يتغلبون على مشكلة فقدان الشهية. ويُستعمَل ايضا كمسكِّن للاوجاع.
وفيما تضاربت الآراء المتعلقة بنتائج اكتشافات الابحاث، نشرت مجلة العالِم الجديد (بالانكليزية) اختبارات اظهرت بعض النتائج المؤذية الناجمة عن الماريجوانا.
فقد اجرت جامعة هارڤرد اختبارا قارنت فيه بين مجموعة تدخن الماريجوانا يوميا ومجموعة تتعاطاها اقل. فلم يجدوا اختلافا بينهما عند اخضاعهما لاختبارات الذكاء المعتادة. لكن في فحص اختبار قدرتهما على التكيّف مع اوضاع جديدة، لم ينجح الذين يتعاطون الماريجوانا بإفراط مثل الآخرين.
وقامت جامعة اخرى باختبار استغرق ١٥ سنة شمل مجموعة تدخن الماريجوانا قانونيا ومجموعة تدخِّن التبغ. كان متعاطو الماريجوانا يدخنون عادة ثلاث الى اربع سجائر فيما كان مدخِّنو التبغ يدخنون ٢٠ سيجارة او اكثر في اليوم. فعانى عدد مماثل من كلا الجانبين السعال والتهاب القصبات. وأظهر فحص الرئتين ان كلتا المجموعتين مصابتان بالضرر نفسه في الخلايا.
ورغم ان متعاطي الماريجوانا كانوا يدخنون عددا اقل من السجائر، فقد وُجد ان كمية القطران التي تطلقها سيجارة ماريجوانا واحدة هي ثلاثة اضعاف ما تطلقه سيجارة التبغ. بالاضافة الى ذلك، اخبرت العالِم الجديد: «ان مدخني الماريجوانا يأخذون نَفَسا اعمق ويحبسون نفَسهم فترة اطول».
علاوة على ذلك، وُجد ان قدرة خلايا المناعة في رئتي مدخني الماريجوانا على مكافحة البكتيريا هي اقل بـ ٣٥ في المئة من قدرة الخلايا الموجودة عند مدخني التبغ.
[مصدر الصورة]
U.S. Navy photo
[الاطار في الصفحة ١١]
«ادانة مؤلمة» للوالدين
عبَّرت افتتاحية في صحيفة سترداي ستار (بالانكليزية) الصادرة في جنوب افريقيا عن القلق بشأن الزيادة المنذرة بالخطر لإساءة استعمال المخدِّرات بين الاحداث في جنوب افريقيا وعلَّقت:
«ان قيام اولادنا بمثل هذه الامور [تعاطي المخدِّرات] غالبا ما يكون ادانة مؤلمة لنا كوالدين وللمجتمع عموما. فأسبوعا بعد اسبوع نكدح لنجني المال، مكرسين وقتنا وطاقتنا سعيا وراء الازدهار المادي. ثم يأتي اولادنا ليستنفدوا تفكيرنا وقوتنا. فهل نقضي وقتا ذا نوعية جيدة معهم؟ من السهل رمي المال لهم لكي يدعوننا وشأننا. فذلك اسهل بكثير من الاصغاء اليهم — الى مخاوفهم وآمالهم. والليلة، فيما نجلس الى المائدة في مطعم او نسترخي امام التلفزيون، هل نعلم ما يفعلونه؟».
او، اذا اردنا ان نضيف على هذا السؤال، هل نعلم ما يفكرون فيه؟
[الصورة في الصفحة ١٠]
صار لدى كثيرين دافع للتحرر من اساءة استعمال المخدِّرات
-