-
لماذا هي كارثة عصرية؟استيقظ! ١٩٩٠ | كانون الاول (ديسمبر) ٢٢
-
-
لماذا هي كارثة عصرية؟
«الكينونة نحيفة صارت الشيء الاكثر اهمية في حياتي،» اعترفت آن البالغة من العمر ٣٤ سنة. وخوفها من ان تكون ذات وزن زائد ادّى الى نظام غذائي مقيَّد جدا وخسارة ٦٠ پاوندا (٣٠ كلغ) في وقت قصير. «لقد صارت جلدا وعظما وبدت كما لو انها خرجت من معسكر اعتقال،» قال زوجها.
ثم، بسبب الجوع الشديد، ابتدأت تواظب على الافراط في الاكل. وبعد ذلك، لكي تتجنب اكتساب الوزن، استعملت المليِّنات والتقيؤ العمدي للتخلص من الطعام. ‹كيف يمكن لايّ شخص ان يكتسب مثل هذه العادة التي تبعث على التقزز؟› قد تتساءلون.
«الامر اسهل مما تظنون،» باحت آن بذلك. «اردت فقط ان اكون نحيفة. هنالك مقدار كبير من الضغط يوضع على النساء لكي يبدون حسنات الهندام. وانهالت عليّ مجلات الازياء، التي تشدد على ‹النحافة، النحافة، النحافة.› لذلك صمَّمت ان اكون نحيفة الى حد بعيد وجذابة.»
وهكذا وقعت آن في القبضة القاسية لاضطرابات الاكل. وبقيت كذلك طوال عشر سنوات. وكما ذكرت: «لن تتصوَّروا ابدا ان ذلك سيقود الى ما يقود اليه.» ولكنّ آن ليست وحيدة. انها بين ما يقدَّر بمليون امرأة اميركية يطوِّرن إما القَهَم العُصابي او النُّهام كل سنة. وقد طوَّر كثيرون من الرجال ايضا اضطرابات الاكل هذه، وكثيرون من الرجال ايضا هم ذوو وزن زائد. ولكن ما هي تماما هذه الاضطرابات؟
الاضطرابات
القَهَم العُصابي anorexia nervosa يتميَّز بقصور او رفض شديد وطويل الامد للاكل بسبب صراع عاطفي. ولا يكون سببه المرض الجسدي. وتؤدي هذه الحالة الى خسارة مهمة للوزن. ويخاف الشخص — وعادة الشابَّة — كثيرا من الصيرورة بدينا ويشعر بأنه سمين اكثر مما ينبغي حتى عندما يضعف. فينقطع الحيض. وترفض ان تحافظ على وزنها فوق الحد الادنى الطبيعي لعمرها وطولها.
النُّهام bulimia يتميَّز بالافراط المتكرر، اي الاكل غير المضبوط لكميات كبيرة من الطعام في وقت قصير. وبعد ذلك، يحاول المصاب بالنُّهام ان يتخلص من الوحدات الحرارية بالتقيؤ المحرَّض ذاتيا، استعمال المليِّنات او مُدِرّات البول، او التمرين القوي. والاهتمام الدائم للمصاب بالنُّهام هو شكل الجسم ووزنه.
الافراط القسري في الاكل compulsive overeating يتميَّز بالاكل غير المضبوط، يليه شعور بالذنب ومشاعر الخجل في ما يتعلق بالتصرف واكتساب الوزن اللاحق. ويبدو ان الآكل القسري يفرط في الاكل عندما ينزعج او يُثار. وغالبا ما تنتج البدانة، نظرا الى ان المفرطين القسريين في الاكل لا يتخلصون عادة من الطعام.
ولكنَّ مجرد اكتسابكم او خسارتكم وزنا، او كونكم ذوي وزن زائد او نحفاء، لا يشير الى انه لديكم اضطراب في الاكل. فقد تكون هنالك اسباب وراثية او فيزيولوجية. والاضطراب في الاكل يحدث عندما يصير موقف الشخص من الطعام والوزن منحرفا. حينئذ يأكل الشخص — او يرفض ان يأكل — بسبب اضطرابات عاطفية عميقة.
في ازدياد
تخبر معظم المراجع عن زيادة في اضطرابات الاكل، اذ يدعوها البعض ايضا وباء. وفي مقالة بعنوان «اضطرابات الاكل: المعاني الضمنية لتسعينات الـ ١٩٠٠،» اوضح الباحثون ان هذه الاضطرابات «ازدادت تكرارا على نحو مثير منذ ١٩٧٠ وتجري الآن مصادفتها عموما في الممارسة السريرية.» وكما يُقال، يموت ٠٠٠,١٥٠ سنويا من المضاعفات المقترنة بالقَهَم العُصابي والنُّهام.
لكنّ آن تعافت تماما. لقد كانت موفَّقة. فما يبلغ ٢١ في المئة من اولئك الذين يطوِّرون القَهَم العُصابي يموتون من الاضطراب. والافكار الانتحارية شائعة عند اولئك المصابين بالنُّهام، ويخبر اطباء كثيرون ان ثلث مرضاهم حاولوا الانتحار.
وتؤثر اضطرابات الاكل هذه في فئات من كل الاعمار، العروق، والاجناس وتخترق كل المستويات الاجتماعية. وهذه الكارثة المتزايدة تجتاح الكثير من البلدان المتطورة اقتصاديا. وفي اليابان كان الازدياد كما يُقال «مثيرا» منذ سنة ١٩٨١. والسويد، بريطانيا، هونڠ كونڠ، جنوب افريقيا، اوستراليا، وكندا كانت لديها كلها زيادات.
ولكن لماذا صارت اضطرابات الاكل، على الرغم من انه يُخبر عنها طوال مئات السنين، وباء في القرن العشرين؟
«مزار النحول»
بعد ٤٠ سنة من البحث، توضح الدكتورة هيلد برتش: «انا ميَّالة الى ربط ذلك بالتشديد الهائل الذي يضعه الزي الحديث على النحول. . . . فالمجلات والافلام السينمائية تحمل الرسالة نفسها، لكنَّ التلفزيون هو الاكثر مواظبة، اذ يطبع ذلك في الذهن، على الدوام، انه يمكن للشخص ان يكون محبوبا ومحترما فقط عندما يكون هزيلا.»
قبل سنة ١٩٠٠، كان ارتداء الملابس وفق الزي الحديث اهتمام الاثرياء بصورة رئيسية. ولكن بعد الحرب العالمية الاولى (١٩١٤-١٩١٨)، خلق ظهور المخازن ذات الاقسام المتنوعة، مجلات النساء، والتصوير الفوتوغرافي للازياء اهتماما متزايدا بالزي بين اعداد كبيرة من النساء. والازياء الجديدة الانيقة جرى انتاجها جملة بقياسات متعارف عليها. ولكن لارتداء هذه الازياء، لزم ان يكون للمرأة قدّ «ملائم.» وهكذا، تصير عيوب القدِّ مصدر خيبة وارتباك للنساء اللواتي لا يمكن ان يكن ملائمات لمثل هذا اللباس الحديث الطراز.
ثم، في سنة ١٩١٨، ربط كتاب النظام الغذائي الاول الاكثر رواجا في اميركا السيطرة على الوزن باحترام الذات. وصار الوزن الزائد عند النساء يُعتبر عيبا في الشخصية وعائقا اجتماعيا. وفي كتابها الفتيات الصائمات، توضح جوان برمبرڠ النتيجة: «في الواقع، بحلول عشرينات الـ ١٩٠٠ كان المظهر الخارجي اكثر اهمية من الشخصية الداخلية لان الاغراء الجنسي حل محل الروحيات باعتباره ‹الزينة المشرقة› للمرأة. . . . وغرست كثيرات في انفسهن الفكرة ان قياس وشكل الجسم هما مقياسان لقيمة الذات.»
وهكذا تطوَّر هاجس النظام الغذائي والجمال الجسدي. واليوم، ما يقدَّر بـ ٥٠ في المئة من النساء في الولايات المتحدة يتبعن نظاما غذائيا خاصا في ايّ وقت معيَّن، ومعظمهن من اجل المظهر! وسأل استفتاء اجرته مجلة ڠلامور ٠٠٠,٣٣ امرأة: «ايّ امر يجعلكن اكثر سعادة؟» اثنتان وأربعون في المئة أجَبْن، «خسارة الوزن.» وكان ذلك تقريبا ضعف عدد ايّ من الاختيارات الاخرى التي قدَّمها الاستفتاء، مثل «النجاح في العمل.»
واذ ندخل في تسعينات الـ ١٩٠٠، تصير النحافة رمزا للقوة، الانجاز، الجاذبية. «اذ تقدَّم عبادتنا المشتركة الطويلة العهد والمتطرفة عند مزار النحول، ليس مدهشا ان الكثير جدا من الشابات المعاصرات يجعلن النظام الغذائي بند ايمان،» توضح برمبرڠ. واحدى النتائج الظاهرة؟ وباء من اضطرابات الاكل.
على الرغم من الضغط الاجتماعي ليكنّ نحيفات، لا تطوِّر كل النساء اضطرابات الاكل. اذًا، مَن يتأثَّرن بسرعة على نحو خصوصي؟
[الاطار في الصفحة ٣]
مخاطر صحية من اضطرابات الاكل
القَهَم العُصابي
اضطرابات دموية، ضغط دم منخفض على نحو غير سوي، نعاس او ضعف غير سوي، دقة قلب غير منتظمة، قصور قلب مفاجئ، بشرة ضاربة الى الصفرة، اضطرابات هرمونية، انقطاع الحيض، خسارة الكتلة العظمية.
النُّهام
حيض غير منتظم، ضعف عضلي ومَعَص cramping، تجفاف، دَوار، تأكُّل ميناء الاسنان والتجوُّف، عدم تحمل البرد، تعب، مشاكل هضمية، دقة قلب غير منتظمة يمكن ان تقود الى نوبة قلبية مفاجئة، تمزق ونزف في المَرِيء، ألم بطني.
الافراط القسري في الاكل
ارتفاع ضغط الدم المتعلق بالوزن وتعب، بدانة خطيرة (تزيد خطر داء السكري)، مرض القلب الاكليلي، سرطان، اضطرابات هرمونية، وحصيات صفراوية.
-
-
مَن يطوِّرون اضطرابات الاكل؟استيقظ! ١٩٩٠ | كانون الاول (ديسمبر) ٢٢
-
-
مَن يطوِّرون اضطرابات الاكل؟
فيما يكون الاهتمام المعقول للمرء بمظهره طبيعيا، قد يتطوَّر الاضطراب في الاكل اذا صارت هيئة المرء هاجسا. والمقابلة التالية توضح القضية.
استيقظ!: هل كنت ذات وزن زائد يا آن عندما ابتدأت مشاكلك؟
آن: لا، لكنني كنت ابدأ بالمواعدة، وأردت ان ابدو حسنة المظهر.
استيقظ!: هل اعتمد احترامك للذات على الطريقة التي تبدين بها؟
آن: انا متأكدة انه اعتمد على ذلك. فعندما كان الناس ينظرون اليَّ، كنت اسأل نفسي دائما، ‹ماذا يفكرون؟› وكان ذهني يستمر في القول، ‹يجب ان يكون لديك الشكل الملائم لتكوني جذابة.›
استيقظ!: اذًا عندما كنت تشعرين بأنك تبدين حسنة المظهر، هل كنت تشعرين بأنك راضية عن نفسك؟
آن: حتما! اذا اكتسبت وزنا، كنت اكره نفسي. وعندما كنت انظر الى المرآة، لم اكن افكر في الصفات الداخلية.
لا احد يعرف لماذا يطوِّر بعض الاشخاص اضطرابا في الاكل فيما لا يطوِّره آخرون في حالة مماثلة. الثقافة، الوراثيات، الصحة او الامور الكيميائية-الحيوية غير السوية، والبيئة العائلية كلها لها تأثير على نحو واضح. ومع ذلك، هنالك سمات معيَّنة للشخصية تبدو مميِّزة لمعظم المتألمين.
الكفاح للصيرورة كاملا
كمجموعة، يميل معظم الذين لديهم اضطرابات في الاكل الى الصيرورة اصحاب انجاز على نحو رفيع محبين للكمال يتفوقون في المدرسة او في العمل. وبعد معالجة اكثر من ١٣٠ مريضا مصابا بالقَهَم، تصف الدكتورة هيلد برتش، في كتابها القفص الذهبي، المشاعر النموذجية لمثل هؤلاء الاشخاص: «لديكم خوف عظيم واحد اي ذاك الذي للكينونة رديئا بعض الشيء، او متوسطا، او عاديا — غير بارع الى الحد الكافي. . . . تعتقدون انكم ذوو شأن فقط اذا فعلتم امرا خصوصيا جدا، امرا عظيما جدا وباهرا بحيث يتأثر والداكم والاشخاص الآخرون الذين يهمكم امرهم ويعجبون بكم لانكم مميَّزون الى حد بعيد.»
اعترفت لي، التي طوَّرت القَهَم: «كنت احاول ان افعل الامر الفائق، محاولةً ان اكون الافضل في كل شيء افعله.» وهذا الكفاح للصيرورة كاملا غالبا ما تظهره الرغبة الحارة في ارضاء الآخرين، الصيرورة ‹الفتاة الصغيرة الافضل في العالم كله.›
ان الطريقة التي بها تعي المرأة دورها في المجتمع يمكن ايضا ان تجعلها سريعة التأثر على نحو خصوصي. وعلى الرغم من ان الرجال يطوِّرون اضطرابات الاكل، فإن الذين يتأثرون هم النساء غالبا. ويوضح كتاب النجاة من اضطراب في الاكل: «ان الفتيات اللواتي يُصَبن باضطرابات الاكل غالبا ما يكبرن معتقِدات انهنّ لا يجب ان يكنّ متطلبات كثيرا من الآخرين. الفتاة الجيدة هي الفتاة الهادئة، المستتِرة التي تتعلَّم ان لا تُظهر ما يضايقها.» ولكنّ تربية كهذه تجعل البعض يشعرن بأنهنّ لا يملكن السيطرة على حياتهن.
وبالنسبة الى بعض النساء، فإن محاولة ارضاء الآخرين دائما فيما يقمعن في الوقت نفسه رغبتهن في تولّي امر حياتهن تخلق صراعا داخليا يمكن ان يؤدي الى اضطراب في الاكل. وتوضح دون التي شفيت الآن من الافراط القسري في الاكل والنُّهام: «توقعتْ عائلتي ان افعل كل شيء بطريقتهم، ان اكون ما يريدون مني ان اكون. وفيما بدوت في الخارج آمنة جدا وذكية جدا، لم اكن في الداخل على هذا النحو مطلقا. لم اشعر قط بأنه يمكنني ان احيا وفق توقعاتهم. لم اتمكن من ارضاء احد — اصدقائي او والديَّ. عندئذ ادركت انه يمكنني ان اسيطر على الوزن! يمكنني ان اكتسبه، يمكنني ان اخسره، يمكنني ان افعل به ما اريد. وأعطاني ذلك احساسا بالسيطرة على حياتي. فاذا كان يمكنني ان اسيطر على ذلك، يمكنني ان اسيطر على كل شيء.»
مشاعر عدم الكفاءة
عدم امن دون هو نموذجي لعدم الثقة بالذات لدى كثيرين من المصابين باضطرابات الاكل. فعلى الرغم من امتلاك المواهب، لدى الاكثرية نقص اساسي في الجدارة باحترام الذات. وأحيانا قد يكون الافراط في الاكل اشارة الى انخفاض احترام الذات. فالشخص يقول في الواقع: ‹انني غير جدير بشيء. فلماذا يجب ان اعتني بنفسي او بوزني؟› ان مشاعر كهذه تنتج الكآبة، التي تصيب تقريبا كل الذين يعانون اضطرابات الاكل.
وماذا يسبب روح عدم الجدارة هذه؟ يجيب الكتاب المقدس: «بحزن القلب تنسحق الروح.» (امثال ١٥:١٣) وثمة امور متنوعة يمكن ان تسبب الألم الداخلي — خيبات الامل المُرَّة، النبذ، البيئة حيث يجري تجاهل حاجات المرء العاطفية، او اختبارات الطفولة المؤلمة، هذا اذا ذكرنا القليل. ويكشف البحث ان عددا مدهشا من المرضى المصابين باضطرابات الاكل أُسيئ اليه جنسيا، واغتُصب ايضا.
ولكن قد يتطوَّر ايضا انخفاض احترام الذات بسبب مواقف الآخرين. «منذ الزمن الابعد الذي استطيع ذكره، كنت سمينة جدا وكانت امي دائما تضرب على هذا الوتر،» اوضحت احدى الشابات. «كان يجري فعل كل شيء لجعلي انحف؛ كان ذلك الامر المهم الوحيد. لهذا السبب اكره نفسي وجسمي.» والجو الاجتماعي للوقت الحاضر، الذي يُثني جدا على الهزال، يساهم في كره الذات لدى بعض الذين هم بوزن زائد.
وفي حالات اخرى ينزع الاضطراب في الاكل نفسه احترام المرء للذات. اعترفت لِن، التي كانت تتقيأ ما يبلغ عشر مرات في اليوم: «كنت انظر الى وجهي في المرآة بعد ان اتخلص من الطعام وأقول، ‹انني اكرهك،› ثم ابكي. وكنت اشعر بعدم الجدارة.»
في قرارة نفسهم، يكون معظم الاشخاص المصابين باضطرابات في الاكل مقتنعين بوجود نقص في شخصيتهم الاساسية. ولذلك تكون كل جهودهم موجَّهة نحو اخفاء العيب الذي لا يقاوَم لعدم كفاءتهم الاساسية وايجاد طرائق لبناء احترامهم للذات. واولئك الذين يصابون بالقَهَم يحاولون فعل ذلك بطريقة فريدة. وجهدهم لايجاد الجدارة باحترام الذات هو ما يجعل القَهَم مخاتلا جدا — ومميتا.
عندما رفض لي رجل احبته، انحط احترام لي للذات. «اردت ان ابرهن انه خسر شيئا جيدا،» قالت. «لذلك صمَّمتُ ان اكون نحيفة وأنيقة الى حد بعيد.» ولكي تنقص وزنها، توقَّفتْ عن الاكل وصارت مشغولة كثيرا. «بدأتُ اشعر بالرضى على نفسي. شعرت بأنني مميَّزة حقا لانني تمكنت من فعل امر لا يتمكن الآخرون من فعله. واعتقدت، ‹انني شخص قوي.›»
هبط وزن لي من ١٦٠ پاوندا (٧٣ كلغ) الى الوزن المقلق ١٠٣ (٤٧ كلغ). واذ عبَّرت عن تفكيرها في اولئك الذين حاولوا ان يجعلوها تأكل، قالت: «اعتقدت ان كل هؤلاء الاشخاص يحاولون تدمير حياتي وسعادتي بسلبي كل احترامي للذات. واعتقدت انه سينتهي بي الامر الى الصيرورة ككل شخص آخر.» وموقف لي هذا هو نموذجي للمصابين بالقَهَم، الذين يحاولون نيل الجدارة باحترام الذات بكبت رغباتهم وفعل ما لا يستطيع الآخرون ان يفعلوه.
اذا جرى استغلال عواطف فتاة، فإن جهودها لحماية احترامها الهش للذات من اساءة اضافية قد تقود ايضا الى القَهَم. مثلا، انزعجت شيرلي من الطريقة التي عاملها بها الصبيان بسبب حسن شكلها المتطوِّر حديثا. ثم قدَّم لها والدها عروضا غير لائقة. «كنت مرتبكة ومشمئزة جدا حتى انني ذهبت الى امي وبكيت،» قالت شيرلي. «بعد ان خسرت الوزن وتخلَّصت من ملامح جسمي المستديرة، لم يضايقني احد. وتحررت من مجاملة الجنس الآخر.»
وفي بعض الحالات يكون القَهَم هروبا من واجبات سن البلوغ. «لم ارد ان اكبر وأواجه المسؤوليات العائلية،» علَّقت شيرلي. «كيف يمكن ان ادع نفسي اكسب وزنا يوما ما؟ لا، ابدا! ليس من اجل ايّ شخص!» ومن المحزن ان هاجسها بشأن ايقاف الزمن ادّى الى موت مؤلم بسبب الجوع العمدي.
لا تنطبق هذه الاوصاف على كل المصابين بالقَهَم. ولكن، يبدو انهم جميعا ينالون شعورا بالقوة اذ يجعلون من انفسهم شخصا يمكن ان يُعجبوا به. وبهذه الوسيلة ينالون احتراما قليلا للذات. وتصير النحافة افتخارهم وفرحهم.
معالجة العواطف المؤلمة
بما ان الطعام يُسكِّن ويُهدِّئ، يمكن ان يُساء استعماله للتغلب على مشاعر الوحدة، القلق، الضجر، الغضب، الكآبة، النبذ، او الخيانة. «عندما كنت في المدرسة، كنت ضحية اختبار قاس كان مؤلما اكثر من ان اتحدث عنه،» اوضحت دون. «كلما فكرت في هذه الحادثة، او كان هنالك وضع لا استطيع ان اواجهه، كنت اواظب على الافراط في الاكل. لقد حاولت خنق هذه المشاعر بالطعام.» فالطعام خدَّر ألمها العاطفي. ولكنّ افراطها القسري في الاكل ادّى الى اكتساب وزن يبلغ ١٠٠ پاوند (٤٥ كلغ).
وأحيانا يصير الاضطراب في الاكل فرارا من ضغوط الحياة. مثلا، نشأت آنّا في بيت ذي أب يدمن الكحول وكانت تجري اغاظتها باستمرار بشأن وزنها. فأوضحت لماذا صارت مصابة بالنُّهام: «كانت تلك طريقتي في التعامل مع الضغط اليومي، وقد نجح ذلك لانه عندما تنتابكم الهواجس بشأن شيء ما، لا يجب ان تفكروا في مشاكلكم الحقيقية. تلومون كل شيء على كونكم اكثر وزنا وتقولون لنفسكم انه عندما تفقدون الوزن، ستكون الحياة رائعة.»
فيما قد نأكل جميعنا اكثر قليلا اذا كنا منزعجين او متوحدين، فان الشخص المعرَّض لخطر تطوير الاضطراب في الاكل لا يستعمل الوسائل الطبيعية لمعالجة الاضطراب الداخلي. مثلا، قد يشعر الفرد بعداء ضمني نحو شخص او حالة ما لكنه يأكل ليسكِّن عداءه بدلا من التعبير عن استياء كهذا.
دور النظام الغذائي
ان تبنّي نظام غذائي صارم، بحسب البحث، هو السبب الاكثر شيوعا الذي يقدِّمه الناس للافراط في الاكل. كشفت دراسة لسنة ١٩٨٩ عن اسباب البدانة: «ان نشاط النظام الغذائي استجابة للاهتمامات بالوزن يبدو، على نحو معاكس، ان له علاقة بازدياد الوزن المتزايد.» ولكن لماذا؟
عندما يحاول الناس اتِّباع نظام غذائي دقيق، ينقطعون عادة عن الحلويات والاطعمة الاخرى ذات المذاق الطيِّب. فتصير هذه الاطعمة «الممنوعة» اغراء مستمرا. ثم، عندما ينزعجون، يقلقون، او يكونون متوحدين، يشعرون بالشفقة على انفسهم. ولتحسين مزاجهم يلتهمون الاطعمة عينها التي حرموا انفسهم منها. وبعد ذلك يتبع نظام غذائي اكثر تشدُّدا ايضا، مما يؤدي الى النتيجة نفسها — الافراط في الاكل. وتؤدي هذه الحلقة المفرغة الى اكتساب الوزن والى اضطرابات الاكل. وأوضحت لي كيف خلق النظام الغذائي البيئة لاصابتها بالقَهَم: «لقد جربت كل انواع الانظمة الغذائية. كنت اخسر الوزن، ثم اعود واكتسبه. هذه المرة اردت ان اتجنب ذلك.»
في حين ان معرفة اسباب الاضطراب في الاكل ليست الجواب التام للتغلب عليه، فان معرفة كهذه يمكن ان تساعد المرء على التحرر منه. ويمكن ان تساعد ايضا على منع المشاكل من ان تبتدئ. ولكن ماذا اذا ادركتم بعض صفات الشخصية هذه في نفسكم، عائلتكم، او صديق؟ كيف يمكن التغلب على مثل هذه الصفات؟
[الصورة في الصفحة ٧]
اهتمام المرء الشديد بمظهره الجسدي يمكن ان يؤدي الى اضطراب في الاكل
[الصورة في الصفحة ٨]
البعض يفرطون في الاكل ليعالجوا العواطف المؤلمة
-
-
ربح المعركة!استيقظ! ١٩٩٠ | كانون الاول (ديسمبر) ٢٢
-
-
ربح المعركة!
عندما تلتقون للمرة الاولى لي، شابة فصيحة، ودية، وذات وزن زائد قليلا، من الصعب ان تصدقوا انها قبل خمس سنوات كادت تموت من القَهَم. ولكن عندما تبدأون بالتكلم معها، تتأثرون بعمق بالتغييرات العقلية التي اضطرت الى صنعها — والبعض صعب جدا — لكي تهزم هذا الاضطراب المميت في الاكل. «لم يكن ذلك مجرد معركة مع الطعام،» توضح.
بما ان اضطرابات الاكل هي نتيجة المشاكل العاطفية الضمنية، فان المعركة للتغلب عليها تجري في العقل. ومحاولة تطوير مجموعة مختلفة من القيم هي احدى الخطوات الاولية للشفاء. فلدينا جميعا قيم ثابتة معيَّنة، امور نعتبرها مهمة. وهذه تشكِّل وجهة نظرنا من انفسنا وتوجِّه تجاوبنا مع المشاكل الضاغطة. ويجب على اولئك المصابين باضطرابات الاكل ان يغيِّروا قيمهم، الامر الذي يعني تطوير موقف عقلي مختلف.
«تغيَّروا عن شكلكم بتجديد اذهانكم،» يحثّ الكتاب المقدس، «لتختبروا ما هي ارادة اللّٰه الصالحة المرضيَّة الكاملة.» (رومية ١٢:٢) اجل، لا بد ان يتكيَّف موقف المرء بنظرة اللّٰه الى ما هو مَرضيّ. فصانعنا يعرفنا بعمق. وهو على يقين مما سيجلب لنا السعادة الدائمة. فماذا يعتبره مهما؟
ركِّزوا على الجمال الحقيقي
يقدِّر اللّٰه ما نحن عليه داخليا. و «انسان القلب الخفي،» عند تزيينه بالروح الوديع الهادئ، يصير «قدام اللّٰه كثير الثمن.» (١ بطرس ٣:٤) ومع ذلك، نحن نعيش في عالم يجري فيه تقييم النساء عموما وفق مظهرهن. ولكن الى ايّ حد غير حكيم هو تبنّي هذا المقياس نفسه، لانه ماذا اذا تغيَّرت طريقة التفكير العصرية بأن النحافة انيقة للغاية؟ فقبل مئة سنة في الولايات المتحدة، كان امتلاء الجسم اناقة. وفي سنة ١٨٩٠ حثّ احد الاعلانات: «باحترام قولوا للسيدات ان يصرن ممتلئات الجسم . . . بأطعمة ‹Fat-Ten-U› التي هي ضمانة لجعل النحيفة ممتلئة الجسم ووسيمة.»
«كنت اقيس الآخرين دائما بمظهرهم الجسدي،» اعترفت لي، التي صنعت بعد ذلك بعض التغييرات في موقفها. «أما الآن فتعلَّمت ان اقدِّر الصفات المسيحية في الآخرين وفي نفسي. وأحاول الآن ان اطوِّر صفات مستحبة. وأدرك الى ايّ حد سطحي هو الحكم على نفسي والآخرين بحسب المظهر الجسدي.»
ان المحافظة على موقف صائب من المظهر ليست سهلة. وقد نحتاج الى تجنُّب المعاشرة المستمرة لاولئك الذين لديهم هاجس وزنهم او الذين يضربون على وتر المظهر الجسدي. «انه كفاح مستمر ان يحارب المرء ضغوط المجتمع ويحافظ على موقف صائب،» تعترف لِن، التي شفيت بنجاح من النُّهام. «لم املك الموقف الصائب آليا، ولكنني اضطررت الى جعل نفسي افكر بالطريقة الصائبة.» وهذا التغيير في التفكير يؤثر ايضا في نوع الامور التي نبني عليها احترامنا للذات.
انبذوا «المجد الفارغ»
معظم الناس المصابين باضطرابات الاكل يبنون جدارتهم باحترام الذات باجتهادهم من اجل الكمال او بسيطرتهم تماما على جوعهم. والثناء المركَّز على الذات الذي يجدونه لانفسهم هو في الحقيقة تافه او فارغ. فكلمة اللّٰه تأمرنا ان لا نفعل شيئا ‹بعجب، بل بتواضع ان نحسب الآخرين افضل.› (فيلبي ٢:٣) والكلمة اليونانية الاصلية التي تقابل «عجب» تعني حرفيا «المجد الفارغ،» او الثناء الذي هو اجوف. لذلك فإن الذين يفعلون الامور بعجب يحاولون جذب الانتباه الى انفسهم لاسباب خالية من اية قيمة اصيلة او دائمة. ويتفاخرون بأمور فارغة.
على سبيل المثال، قالت لي: «شعرت بأنني مميَّزة لانه لم يستطع احد ان يجعلني آكل.» ومع ذلك اعترفت: «اعتقدت انني اذا صرت انحف سأشعر على نحو افضل بشأن نفسي. ولكن عندما كنت ازيل المزيد من الوزن، كنت استمر في الشعور بالانزعاج بشأن نفسي.»
ثم كشفت لي عن نقطة تحوُّل رئيسية في شفائها. «ادركت،» قالت، «انني بالنسبة الى اللّٰه كقطرة متناهية الصغر في دلو، فلماذا يلزم ان اكون الاعظم؟ لا يلزم المرء ان يكون الافضل. وحسن اذا كان الآخرون افضل منكم في امور معيَّنة.»
اجل، تعلَّمت لي ان ‹تحسب الآخرين افضل.› فعلا، لدى الآخرين قدرات ومواهب معيَّنة افضل من تلك التي لنا، تماما كما قد نتفوَّق في امور معيَّنة. ولكن لا يعني ذلك ان الآخرين من حيث الجوهر ذوو قيمة اعظم منا او اننا ذوو قيمة اعظم منهم.
بما ان اولئك المصابين باضطرابات الاكل يرغبون بحماسة في الشعور بالرضى عن انفسهم، فلا بد انهم يركِّزون على ما يجلب احترام الذات الحقيقي. «بدلا من الاتكال على مظهري من اجل الثناء،» باحت مليسا، التي شفيت من الاصابة بالنُّهام، «وجدت ان قبول قيم اللّٰه واحترام نظرته يعطيانني احساسا اعظم بالجدارة باحترام الذات.» اجل، كما يقول الكتاب المقدس: «الحسن غش والجمال باطل. أما المرأة المتقية الرب فهي تمدح [مدحا اصيلا، لا فارغا].» — امثال ٣١:٣٠.
الصداقة مع اللّٰه
ان ‹خوف الرب› اللائق ليس خشية مَرَضية من عقوبة إلهية ولكنه خوف من عدم ارضاء اللّٰه لانه صار صديقنا. «طوبى للرجل المتَّقي الرب المسرور جدا بوصاياه،» يذكر المزمور ١١٢:١. وكصديق للّٰه، يمكن للمرء ان يجد المتعة في اطاعة شرائعه. ويمنح ذلك دافعا قويا. ولكن كيف ينظر اللّٰه الى قضية اضطرابات الاكل؟
تأمرنا كلمة اللّٰه ان نحترم اجسادنا، العطية الثمينة من اللّٰه. (رومية ١٢:١) وأدرج الرسول بولس ‹كل نجاسة وطمع› بصفتهما امرين لا يرضيان اللّٰه، قائلا ان هنالك ‹امورا تحدث سرا من غير المؤمنين اقبح من ان تُذكر.› وبين هذه الامور كانت على الارجح عادة بعض الرومان المشتركين في مأدبة ان يريحوا انفسهم بالتقيؤ خلال الوليمة ثم ان يعودوا الى متابعة الاكل بشَرَه. (افسس ٥:٣، ٥، ١٢) كتب الرسول: «لا يتسلط عليَّ شيء.» (١ كورنثوس ٦:١٢) وهكذا، لكي نتمتع برضى اللّٰه، لا يمكننا ان ندع الطعام والنظام الغذائي يسيطران على حياتنا.
بما ان هنالك انواعا عديدة من اضطرابات الاكل ودرجات مختلفة من التورط، فإن خطورة مسلك المرء قد تتنوَّع في نظر اللّٰه. ولكنَّ الرغبة في صيرورة المرء صديقا للّٰه ستدفعه الى التغلب على اضطرابات الاكل. «الامر الاهم في شفائي،» قالت آن، «كان الادراك انه لا يمكنني ان امارس هذه العادة وأرضي اللّٰه.» ولكن ماذا اذا كان هنالك بعض الانتكاسات في المقاومة؟
«ان الشعور بالذنب الذي يحدث بسبب النُّهام لا يمكن وصفه،» اعترفت مليسا. «الليالي والايام التي لم يكن فيها احد معي، كنت ابكي وأبكي، متوسلة الى اللّٰه من اجل مساعدته ومغفرته.» وما اعظم تعزية المعرفة ان اللّٰه «يُكثر الغفران» ويُظهر ‹الرحمة . . . لخائفيه.› (اشعياء ٥٥:٧؛ مزمور ١٠٣:١٣) وحتى ان لامتنا قلوبنا، «فاللّٰه اعظم من قلوبنا ويعلم كل شيء.» (١ يوحنا ٣:٢٠) فهو يرى اكثر من ضعفاتنا. ويعرف عمقَ الجهد الذي نبذله للتحرر والتقدمَ الذي نحرزه.
لا تملّوا ابدا من الالتفات جدّيا الى اللّٰه، طالبين مغفرته مهما كان عدد المرات التي تضطرون فيها الى الاقتراب اليه بشأن الضعف نفسه. واذا كنتم مخلصين، يعطيكم ضميرا طاهرا بسبب لطفه غير المستحق. (رومية ٧:٢١-٢٥) «خلال ذلك كله،» اكَّدت مليسا، «كان اللّٰه صديقا حقيقيا وجديرا بالثقة سمع صلواتي.» فعدم الاستسلام هو المفتاح لربح المعركة!
معالجة العواطف المؤلمة
لربح المعركة، يجب ان يتعلم المرء معالجة المشاعر السلبية عوض اللجوء الى الطعام كمهدِّئ. وغالبا ما يتطلب الحصول على الراحة اخبار شخص ما عن مشاعر كهذه. مثلا، ان اغاظة والدها لها بشأن وزنها ادّت الى اصابة ماري بالنُّهام. «كان ذلك حقا خطإي لانني لم اخبر احدا كم كنت اشعر بالانزعاج بشأن اغاظته اياي،» اوضحت ماري. «كنت اذهب فقط الى غرفتي وأبكي.»
ولكنّ التعبير عن مشاعر كهذه ليس سهلا على شخص لديه هاجس بشأن ارضاء الآخرين. ومع ذلك، يذكر الكتاب النُّهام: طرائق تقترب من العلاج: «ان ادراك مشاعر الغضب وتعلُّم التعبير عنها بأسلوب آمن وملائم هما مسألتان رئيسيتان في الشفاء من النُّهام.» وكم تكون ملائمة نصيحة الكتاب المقدس: «اغضبوا ولا تخطئوا. لا تغرب الشمس على غيظكم»! (افسس ٤:٢٦) فعندما يجري اغضابكم او الضغط عليكم لتقولوا نعم في حين انكم تشعرون حقا بالرغبة في القول لا، اسألوا نفسكم: ‹كيف يمكنني ان اكون صادقا وصريحا دون ان اكون لاذعا؟›
تذكَّروا ايضا ان الكتاب المقدس لا يصف دور المرأة بأنه مجرد ارضاء للناس. فالنساء الامينات للّٰه، فيما كنّ مذعنات لازواجهن، كنّ احيانا يعبِّرن بلياقة عن مشاعرهن. وكنّ يعربن عن روح المبادرة ويخترن المجازفات التي لا تكون سهلة دائما. (امثال ٣١:١٦-١٨، ٢٩) وطبعا، هنالك خطر الفشل عند اتِّباع مسعى غير مألوف. والمصابات باضطرابات الاكل غالبا ما يخفن من ارتكاب الاخطاء والظهور غبيات. ولكنّ كل شخص يرتكب الاخطاء! «الصِّدِّيق يسقط سبع مرات ويقوم،» تقول الامثال ٢٤:١٦. وتعلُّم الاستفادة من الخطإ والفشل ضروري من اجل الشفاء ومن اجل الوقاية.
وأحيانا، تشمل العواطف المؤلمة ما حدث في الماضي. ففيما ربما لا تزال تؤلمكم ذكريات هذه الاختبارات، اجتهدوا ان ‹تتعقَّلوا مراحم الرب.› (مزمور ١٠٧:٤٣) وبالتأكيد، كانت هنالك اوقات جيدة تمكنتم فيها من رؤية الدليل على صلاح اللّٰه ومحبته. فحاولوا التركيز على هذه الامور. وحتى اذا صرتم ضحية على نحو رهيب، فلا يعني ذلك انكم مستحقون مثل هذه المعاملة السيئة، ولا يحدِّد ذلك قيمتكم كشخص.
نالوا المساعدة!
ان الشخص الذي يحاول التغلب على الاضطراب في الاكل يحتاج الى الوثوق بمن يمكنه او يمكنها الاعتماد عليه. لا تحاولوا ان تتصدَّوا له وحدكم. توضح لِن ما كان نقطة التحوُّل الرئيسية في شفائها: «في احدى الليالي احضرت امي الى غرفتي. وبعد البكاء لمدة عشر دقائق، قلت اخيرا دون تفكير انني مصابة بالنُّهام.» وتضيف: «لقد كان والداي متفهمين جدا. فساعدتني امي لأتصف بالصبر ولا اتوقع الشفاء بين عشية وضحاها. وقدَّم ابي اقتراحات عملية وصلّى معي. فلو لم اكشف عن ذلك لخسرت كل هذه المساعدة.»a
ان حيازة دعم الآخرين هي ما يكون ضروريا في الاغلب من اجل الشفاء التام. فتجنَّبوا عزل نفسكم، وخصوصا عندما تشعرون بأنكم معرَّضون لذلك. (امثال ١٨:١) وعندما تنزعج، لم تعد لِن تكتم ذلك في داخلها. وتقول عن شفائها: «كنا نذهب امي وأنا في نزهة سيرا على الاقدام ونتكلم عن المشكلة المزعجة. وعوضا عن العودة الى النَّهَم، كنت اقوم بشيء ما، كالاتصال بصديق، بدلا من عزل نفسي.»
وداخل جماعات شهود يهوه هنالك اشخاص كانوا مساعدين لبعض الذين يحاولون التحرر من الاضطراب في الاكل. «لم يعد بامكاني ان اساعد نفسي،» اعترفت آن، التي وصلت الى ادنى مرحلة في مقاومتها للنُّهام. «لذلك سكبت قلبي، اذ كشفت المشكلة التي كتمتها طوال عشر سنوات.» وكان الاصدقاء المسيحيون مؤيدين جدا. «كبريائي منعتني من طلب المساعدة، وكادت تكلفني حياتي. كانت الراحة تفوق الكلمات. وبمساعدة اصدقائي، احرزت شفاء تاما.»
في بعض الحالات تكون المساعدة لازمة من المحترفين الذين يتخصصون في معالجة اضطرابات الاكل. وعادة، يكون التقييم الطبي الخطوة الاولى. والمساعدة المتوافرة قد تشمل انواعا عديدة من المعالجة التحدثية، المشورة الغذائية، وربما استخدام المداواة. وفي الحالات القصوى قد يكون دخول المستشفى مطلوبا. والطبيب او المستشفى يعرف على الارجح مثل هؤلاء الاختصاصيين في مجتمعكم.
التعقُّل والرجاء
«اكَّد لي الطبيب انه اذا اكلت وجبات طعام متَّزنة، فسيعود تفاعلي الحيوي الى حالته الطبيعية، ولن اصير سمينة،» اوضحت لِن. «وهذا تماما ما حدث.» فما احكم نصح الكتاب المقدس: «ليكن (تعقُّلكم) معروفا عند جميع الناس.» — فيلبي ٤:٥.
ان النجاح في خسارة الوزن الزائد يمكن تحقيقه بأن يخفض المرء على نحو ثابت كمية المواد الدهنية والاطعمة المكرَّرة، كالسكر والدقيق الابيض، ويزيد الكمية المأخوذة من الفواكه، الخُضَر، والحبوب الكاملة. والتمرين المعتدل ضروري ايضا.b ولكن بسبب الوراثيات، العمر، وعوامل اخرى يكون بعض الاشخاص اثقل مما قد يكون مطابقا للزي الحديث.
ليسا، التي انتصرت في معركة طويلة مع النظام الغذائي والنُّهام، وصلت الى استنتاج سليم: «لا اشعر بأن النصر هو في خسارة الوزن. اعتقد ان النصر هو في تحقيق الاعتدال في كل الامور، حتى لو عنى ذلك حيازة وزن اكثر مما يملي هذا العالم انه مطابق للزي.» ولكن، اذ يطوِّر المرء نظرة متعقلة الى المظهر الجسدي، قد يسعى او تسعى الى خسارة الوزن، ليس فقط من اجل المظهر، بل لتجنب المخاطر الصحية المقترنة بالبدانة.
بدلا من محاولة تخفيف الوزن باستمرار لملاءمة القياسات الاصغر، يمكن للشخص ان يرتدي ثيابا مناسبة وأيضا ملائمة على نحو مريح. حاولوا ان تبقوا مشغولين بنشاطات مفيدة، بدلا من وزن وقياس انفسكم كل يوم. واذا كنتم تكافحون النُّهام، فتيقَّنوا ان تزيلوا كل الاطعمة الاضافية التي ربما خبأتموها، وعند التسوُّق من اجل الطعام، اطلبوا ان يرافقكم احد. حاولوا ان تأكلوا وجبات الطعام مع الآخرين. اعملوا على المحافظة على برنامج معقول، وخصصوا الوقت اللازم للنشاطات في وقت الفراغ.
قبل كل شيء، نمّوا قصدا في الحياة. ركِّزوا جيدا على رجاء الكتاب المقدس بعالم جديد قادم من البر. فاللّٰه قريبا سيحرر الارض من الخيبات الكثيرة التي تقود الى اضطرابات الاكل وينهي الى الابد كارثة القرن الـ ٢٠ هذه. — ٢ بطرس ٣:١٣.
ولكن ماذا يمكن ان يفعل الوالد او الوالدة، الزوج او الزوجة، ليساعد شخصا في العائلة يعاني اضطرابا في الاكل؟ ان عددا مقبلا من استيقظ! سيبحث في ذلك.
[الحاشيتان]
a في بعض حالات اضطرابات الاكل، قد يكون الوالد او الوالدة الجزء الرئيسي من المشكلة. لذلك، قد يحتاج الوالدان الى طلب المساعدة ايضا. وعندما تعطى مثل هذه المشورة على انفراد، يجعل ذلك من الاسهل ان يحافظ الولد على الاحترام الابوي. وبالتالي يتمكن الوالد او الوالدة من القيام بدور مستمر في الشفاء.
b انظروا المقالة «هل التخلُّص من الوزن معركة خاسرة؟» الصادرة في عددنا ٢٢ ايار ١٩٨٩ من استيقظ! بالانكليزية.
[الصور في الصفحة ١٠]
تعلَّموا ان ترفضوا الدعاية العالمية ان قيمتكم تتعلق بمظهركم
-