-
الجبال — لماذا نحتاج اليها؟استيقظ! ٢٠٠٥ | آذار (مارس) ٢٢
-
-
الجبال — لماذا نحتاج اليها؟
«تسلَّق الجبال وأصغِ الى ما تهمس به في أذنيك. ولتغمرك الطبيعة بسكينتها حين تعانق أشعة الشمس الشجر. لتملأك الرياح بنفحة من نسماتها العليلة، والعواصف بشحنة من طاقتها. ودعِ الهموم تتساقط وتهوي كأوراق الخريف». — جون ميور، عالم بالطبيعة وكاتب اميركي.
لم يكن جون ميور مخطئا عندما قال منذ اكثر من قرن ان للجبال قدرة على تحريك مشاعر الانسان. فالجبال المهيبة تولّد الرهبة في نفوسنا، وتسحرنا بتنوع الحيوانات التي تعيش في ارجائها، وتريحنا بسكونها. لذلك يقصد ملايين الاشخاص كل سنة المناطق الجبلية ينشدون فيها انتعاشا لنفوسهم ومتعة لأنظارهم. وبكلمات كلاوس توبفر، المدير التنفيذي لبرنامج الامم المتحدة للبيئة، «لطالما أثارت الجبال إعجاب الناس وشكّلت مصدر إلهام لهم أيًّا كانت المجتمعات والحضارات التي انتموا اليها».
لكنّ حال الجبال ليست على افضل ما يُرام. فبعد ان كانت الجبال لقرون بمنأى عن الاستغلال البشري الجائر نتيجة لبُعدها وعزلتها، صار الخطر الآن يحدق بها. يوضح بيان صحفي صدر مؤخرا عن الامم المتحدة: «تتسبب الزراعة والمشاريع الانمائية وغيرها من التأثيرات بالزوال السريع لبعض هذه المناطق الطبيعية القليلة المتبقية حول الارض».
تشغل الجبال مساحة كبيرة من اليابسة. ويعتمد نصف سكان العالم على مواردها، كما يعيش فيها ملايين الاشخاص. لذلك فإن الجبال هي اكثر بكثير من مناظر خلابة في مشهد ريفي يريح الاعصاب. فلنتأمل معا في بعض المنافع التي تؤمِّنها الجبال للجنس البشري.
اهمية الجبال
▪ تخزين المياه. تنبع اكبر انهار العالم من الجبال التي تغذي مياهها ايضا مستودعات المياه حول الارض. ففي اميركا الشمالية يتغذّى نهرا كولورادو وريو ڠراندي العظيمان بشكل رئيسي من جبال روكي. كما يعتمد حوالي نصف سكان العالم، الذين يعيشون في جنوب وشرق قارة آسيا، على الامطار والثلوج المتساقطة على سلاسل الجبال العظمى في الهملايا، كاراكورام، پامير، والتيبت.
اوضح توبفر: «الجبال هي خزانات المياه في العالم، وهي تلعب دورا مهما في دعم كافة اشكال الحياة على الارض، ولا غنى عنها لخير البشر في كل مكان». وأضاف: «ما يحدث في اعلى قمة جبلية يؤثر في الحياة في المنخفضات وفي المياه العذبة وحتى في البحار». ففي بلدان عديدة تحفظ الجبال الثلوج الهاطلة في الشتاء، ثم تذوب هذه الثلوج ببطء خلال الربيع والصيف مزوِّدة المياه. وغالبا ما يعتمد الري في المناطق القاحلة من الارض على المياه المتأتية من ذوبان الثلوج في الجبال البعيدة. أضِف الى ذلك ان منحدرات جبال كثيرة هي مكسوة بالغابات التي تمتص مياه الامطار كالاسفنج، فتجري بعد ذلك برفق الى الانهار، بدل ان تندفع في فيضانات مدمّرة.
▪ بيئة طبيعية للحياة البرية ومصدر للتنوع الأحيائي. حدّت عزلة المناطق الجبلية وصعوبة استغلالها زراعيا من تدخّل الانسان. نتيجة لذلك صارت الجبال ملجأ للانواع النباتية والحيوانية التي اختفت من المنخفضات. مثلا، يعيش في حديقة كينابالو الوطنية في ماليزيا، وهي منطقة جبلية اصغر من مدينة نيويورك، ٥٠٠,٤ نوع من النباتات، اي اكثر من ربع مجموع انواع النباتات الموجودة في الولايات المتحدة بكاملها. كما ان الپندة العملاقة في الصين، ونسور الكندور في جبال الأنديز، والنمور البيضاء في آسيا الوسطى تعتمد جميعا على البيئة الطبيعية للجبال، شأنها في ذلك شأن انواع اخرى لا تُحصى على شفير الانقراض.
ووفقا لمجلة ناشونال جيوغرافيك (بالانكليزية)، يقول بعض علماء البيئة ان «اكثر من ثلث النباتات والفقاريات المعروفة التي تعيش على اليابسة محصور في اقل من ٢ في المئة من مساحة الارض». فأعداد كبيرة من الانواع تتجمّع في مناطق خصبة لم تعبث بها يد الانسان، يسميها العلماء «نقاطا ساخنة» بيئيا لما فيها من تنوُّع أحيائي. وتحوي هذه المناطق، التي هي في معظمها مناطق جبلية، تنوعا أحيائيا أفاد جميع البشر. فهنالك عدد من المحاصيل الغذائية الاساسية حول العالم التي يعود اصلها الى نباتات برية لا تزال تنمو في الجبال، نذكر منها على سبيل المثال: الذرة في مرتفعات المكسيك، البطاطا والبندورة في جبال الأنديز بالبيرو، والقمح في القوقاز.
▪ الاستجمام والجمال. تُعَدّ الجبال ايضا موطنا للجمال الطبيعي. ففيها الشلالات المهيبة والبحيرات الساحرة وعدد كبير من اروع المشاهد الطبيعية في العالم. فلا عجب ان تكون ثلث المحميات في العالم مناطق جبلية. وقد صارت هذه المحميات مقصدا للسياح من كل حدب وصوب.
حتى الحدائق الوطنية النائية جدا تجذب سنويا ملايين السياح من مختلف انحاء العالم. فالناس يسافرون من آخر اطراف المعمورة الى حديقة دينالي الوطنية في ألاسكا لرؤية جبل ماكينلي، اعلى قمة في اميركا الشمالية. ويقصد اناس كثيرون الاخدود العظيم للتمتع بمشاهدة جبلَي كيليمانجارو وميرو المهيبَين، او لمراقبة القطعان الكبيرة من الحيوانات البرية التي تعيش في الوادي الفاصل بين هاتَين القمتَين. وتفيد هذه السياحة العديد من المجتمعات الجبلية، مع ان توافد السياح غير المضبوط يمكن ان يهدد سلامة الانظمة البيئية الهشة.
كنوز المعرفة المخبّأة في الجبال
تعلّم سكان الجبال على مر القرون كيفية العيش في البيئة الجبلية القاسية. فقد انشأوا الجلال التي لا تزال تنجح فيها الزراعة حتى بعد مرور ألفي سنة. كما انهم دجنوا الحيوانات المحلية، كاللامة وأبقار الياك، القادرة على تحمُّل بيئة المرتفعات القاسية. والمعرفة التي توارثها سكان الجبال عبر الاجيال يمكن ان تساعد كثيرا على حماية هذه الجبال التي نعتمد عليها جميعا.
يوضح ألان ثاين دورنينڠ، من معهد وورلدواتش للابحاث: «وحدهم سكان الجبال قادرون على حماية بيئة المناطق الكبيرة المنعزلة في كل قارة والتي لم تمسها بعد يد الانسان. فمعرفتهم البيئية . . . تضاهي المعلومات الموجودة في المكتبات العلمية الحديثة». ولا بد من حماية كنوز المعرفة هذه كسائر موارد الجبال.
وفي هذا الاطار، رعى برنامج الامم المتحدة للتنمية السنة الدولية للجبال، ٢٠٠٢. وللتشديد على مدى اعتماد الجنس البشري على الجبال، تبنى المنظمون الشعار: «نحن جميعا اولاد الجبال». وقد كان هدفهم زيادة الوعي للمشاكل التي تواجه جبال العالم، والسعي لإيجاد حلول لحمايتها.
ان هذا الاهتمام بالجبال له ما يبرره. فقد ذكر احد المتكلمين البارزين في مؤتمر القمة العالمي للجبال الذي عُقد سنة ٢٠٠٢ في بيشكيك، بقيرغيزستان: «لا يُنظر الى الجبال إلّا كمصدر غني للموارد الطبيعية، اما المشاكل التي يعانيها سكان الجبال والمحافظة على الانظمة البيئية فيها فلا نوليها اي اهتمام يُذكر».
فما هي بعض المشاكل التي تواجهها الجبال وسكانها حول العالم، وكيف تؤثر هذه المشاكل فينا جميعا؟
-
-
الجبال في خطراستيقظ! ٢٠٠٥ | آذار (مارس) ٢٢
-
-
الجبال في خطر
«في مصلحتنا جميعا أن نكفل لأجيال كثيرة مقبلة استدامة ما تعطيه المناطق الجبلية من ثروات». — كوفي انان، الامين العام للامم المتحدة.
لطالما اعتُبرت الجبال رمزا للشموخ والعظمة والعزة. أفيُعقل إذًا ان تكون عمالقة الطبيعة هذه في خطر؟ في نظر البعض، تبدو هذه الفكرة بعيدة الاحتمال. لكنّ الواقع هو ان الجبال حقا في خطر. ويذكر انصار المحافظة على البيئة العديد من المشاكل المحددة التي تضعف البيئة الطبيعية في الجبال. وجميعها مشاكل خطيرة تزداد سوءا. وفي ما يلي عرض لبعض هذه المشاكل.
▪ المشاريع الانمائية. نحو ربع المناطق الجبلية في العالم معرض للخطر بسبب شق الطرقات، والتعدين، ومدّ الأنابيب، وإنشاء السدود، وغيرها من المشاريع الانمائية المخطط لها على مدى السنوات الثلاثين القادمة. فعندما تُشق الطرقات، تتعرض السفوح الشديدة الانحدار للتحاتّ. كما ان وجود الطرقات يفسح المجال لوصول قاطعي الاشجار الذين يسببون الكثير من الاذى. أما عمليات التعدين فهي تستخرج نحو عشرة آلاف مليون طنّ من خامات المعادن كل سنة، أغلبها من الجبال، وتنتج اكثر من ذلك بكثير من النفايات.a
▪ الدفء العالمي. يذكر معهد وورلدواتش للابحاث: «ان السنوات التسع الاشد دفئا التي سُجِّلت حتى الآن كانت منذ سنة ١٩٩٠». وقد كان تأثير موجات الحر هذه كبيرا في البيئات الجبلية. فقد بدأ ذوبان الانهر الجليدية، وانحسرت الثلوج التي تكلل رؤوس الجبال. وفي رأي بعض العلماء، سيؤثر ذلك في مخزون المياه ويسبب انزلاقات ارضية خطيرة. وهنالك عشرات البحيرات الجليدية في جبال الهملايا التي هي على وشك تخطي حدودها والتسبب بفيضانات ضخمة، وقد حدث ذلك تكرارا خلال العقود القليلة الماضية.
▪ الزراعة المعيشية التي لا تؤمِّن اكثر من القوت اليومي. بسبب الضغط السكاني، يضطر الناس الى زراعة الاراضي غير المنتجة. وبحسب احدى الدراسات، يُستخدم حاليا حوالي نصف الاراضي في المناطق الجبلية في افريقيا من اجل الزراعة وتربية المواشي (١٠ في المئة من اجل المحاصيل و ٣٤ في المئة من اجل الرعي). لكنّ هذه الزراعة في معظم الاحيان لا تعود على المزارعين بفوائد تُذكر، اذ ان المناطق الجبلية غير صالحة لزراعة المحاصيل.b كما ان الافراط في الرعي يؤذي النباتات الحساسة. وتشير دراسة حديثة الى ان ٣ في المئة فقط من الاراضي في المناطق الجبلية صالح للزراعة المستدامة، اي التي لا تُخِلّ بالتوازن البيئي.
▪ الحرب. أدى تزايد الحروب الاهلية الى تضرر العديد من البيئات الجبلية. فالمتمردون يتخذون من الجبال معاقل لهم يشنون منها هجماتهم. وقد ذكر تقرير صادر عن الامم المتحدة ان ٦٧ في المئة من المناطق الجبلية في افريقيا تأثرت «بالصراعات المسلحة». كما ان بعض مرتفعات الجبال اصبحت مراكز لإنتاج المخدرات، مما يؤدي في اكثر الاحيان الى الصراعات المسلحة وإلحاق الضرر بالبيئة.
هل ينبغي بذل جهود اكبر؟
ان آثار تعدّي الانسان على الجبال واضحة المعالم. وليست الفيضانات والانزلاقات الارضية والنقص في المياه إلّا بعض المؤشرات الى ان حال الجبال ليست على افضل ما يُرام. وقد بدأت هذه الظواهر تسترعي اهتمام الحكومات. ولذلك تُبذل الجهود لإعادة تحريج بعض الغابات، ويُمنَع قطع الاشجار في مناطق اخرى. كما أُنشئت المحميات الطبيعية لحماية المناظر الطبيعية الخلابة وأكثر البيئات الطبيعية عرضة للخطر.
لكنّ المناطق المحمية تتعرض هي ايضا للمشاكل البيئية. (انظر الاطار بعنوان: «بعض معاقل الطبيعة حول العالم».) والعدد المتزايد من الانواع التي تنقرض هو دليل على ان معركة حماية الجبال لم تُربح بعد. فالخبراء مدركون للمشاكل، لكن هذا الوعي لا يتمخض عن جهود شاملة وواسعة النطاق لحماية المناطق الجبلية غير المتأذية بعد. يقول عالم الاحياء الشهير إدوارد ويلسون: «أتشجع حين افكر في مدى معرفتنا العلمية، لكنني أصاب بالإحباط حين افكر في الدمار الذي يلحق بأهم مصدر من مصادر التنوع الأحيائي».
لكن هل خسارة التنوع الأحيائي امر سيئ الى هذا الحد؟ بحسب العديد من علماء الاحياء، ان المحافظة على التنوع الأحيائي في الارض من شأنها ان تفيد الجنس البشري كثيرا. فهم يشيرون مثلا الى نبتة العِناقِيَّة الوردية التي تنمو في جبال مدغشقر، وهي منطقة غنية بتنوعها الأحيائي. فقد كانت هذه النبتة مصدر دواء مهم لمكافحة ابيضاض الدم (اللوكيميا). كما ان شجرة الكينا التي تعيش في جبال الأنديز تُستخدم منذ عقود لاستخراج الكينين وغيره من العقاقير لمعالجة الملاريا. وهنالك الكثير جدا من النباتات الاخرى التي تنمو في المناطق الجبلية والتي ساهمت في إنقاذ حياة الملايين. طبعا، يمكن زراعة بعض هذه النباتات في مناطق غير جبلية. لكنّ ما يخشاه الخبراء هو ان يخسر الانسان دون ان يدري انواعا اخرى من النباتات غير المكتشفة التي يمكن ان يكون لها فائدة كبيرة من الناحيتين الطبية والغذائية، اذا ما استمر تدمير الانظمة البيئية في الجبال دون هوادة.
فهل يمكن وقف هذا الدمار؟ هل يمكن إصلاح الضرر؟ وهل تبقى الجبال موئلا للجمال ومعقلا للتنوع الأحيائي؟
[الحاشيتان]
a ان انتاج خاتم ذهبي واحد يولّد ثلاثة اطنان من النفايات على وجه التقريب.
b من ناحية اخرى، تعلَّم سكان الجبال الاصليون على مر القرون زراعة الاراضي الجبلية دون إلحاق الضرر بالبيئة.
[الاطار/الصور في الصفحة ٧]
حيوانات الجبال
يعيش الاسد الاميركي، المعروف ايضا بالپوما، بشكل رئيسي في الجبال، وخصوصا جبال روكي وجبال الأنديز. وكالعديد من الحيوانات المفترسة الكبيرة، انحسرت رقعة انتشاره تدريجيا لتقتصر على المناطق الاكثر عزلة بسبب التهديد الذي يشكله الانسان عليه.
تعيش الپندة الحمراء فقط في سلسلة جبال الهملايا (حتى على سفوح جبل أڤرست). لكن رغم عزلة هذا الموطن، فإن بقاء الپندة الحمراء مهدد بالخطر بسبب إزالة غابات القصب التي تتغذى منها.
[مصدر الصورة]
Cortesía del Zoo de la Casa de Campo, Madrid
في الماضي، كان الدب الاسمر يجوب معظم انحاء اوروبا، آسيا، وأميركا الشمالية. أما الآن فيقتصر وجوده في اوروبا على بعض المناطق الجبلية المنعزلة، وهو لا يزال موجودا بأعداد أوفر في جبال روكي الكندية، وفي ألاسكا، وسيبيريا. وخلال القرن الماضي انخفضت اعداد هذه الدببة بنسبة ٩٩ في المئة في الولايات المتحدة.
يُعتبَر العقاب الذهبي سيد الاجواء في المناطق الجبلية في معظم انحاء نصف الكرة الشمالي. لكن من المؤسف ان اعداده في اوروبا انخفضت الى اقل من ٠٠٠,٥ زوج نتيجة اعتباره في السابق ‹طائرا مكروها›.
يعتمد بقاء الپندة العملاقة «على ثلاثة امور اساسية»، كما يذكر عالم الاحياء الصيني تانڠ سييانڠ. وهذه الامور هي: «الجبال الشامخة والوديان السحيقة، غابات القصب الكثيفة، والجداول الرقراقة». وبحسب احد التقديرات، لا يتجاوز عدد حيوانات الپندة التي تعيش في الطبيعة الـ ٦٠٠,١.
[الاطار/الصور في الصفحتين ٨، ٩]
بعض معاقل الطبيعة حول العالم
أُنشئت حديقة يوسيميتي الوطنية (كاليفورنيا، الولايات المتحدة الاميركية) عام ١٨٩٠ بفضل الجهود الدؤوبة التي بذلها عالِم الطبيعة جون ميور. وتجذب المناظر الطبيعية الرائعة فيها اربعة ملايين زائر كل سنة. غير ان القيّمين على هذه الحديقة يواجهون صعوبات في الموازنة بين حماية البيئة الطبيعية وتأمين مَرافق لراحة محبي الطبيعة.
أُنشئت حديقة پودوكارپوس الوطنية (الإكوادور) لحماية منطقة من الغابة المطيرة المعتدلة في جبال الأنديز تضم مجموعة كبيرة من الانواع الحيوانية والنباتية: اكثر من ٦٠٠ نوع من الطيور ونحو ٠٠٠,٤ نوع من النباتات. في هذه المنطقة اكتُشف الكينين، وهو دواء انقذ حياة اعداد كبيرة من الناس. لكنّ هذه الحديقة، كغيرها من الحدائق، تتضرر بسبب قطع الاشجار غير المضبوط والصيد غير الشرعي.
جبل كيليمانجارو (تنزانيا) هو من اكبر البراكين في العالم وأعلى جبل في افريقيا. ترعى الفيلة في سفوحه، في حين توجد في اعاليه بعض النباتات الفريدة، مثل اللوبيلية العملاقة والشَّرونة العملاقة. وتُعتبر عمليات الصيد غير الشرعي، وقطع الاشجار، ورعي قطعان الابقار الداجنة من أهم الاخطار التي تتهدد هذا الجبل.
أُنشئت حديقة تيده الوطنية (جزر كاناري) لحماية الانواع النباتية المميزة التي تضفي الحياة على طبيعة الارض البركانية القاحلة. وتتميز الجزر البركانية الجبلية عادة ببيئة هشة تتأذى اذا دخلت اليها انواع غريبة.
حديقتا جبال الپيرينيه وأورديسا الوطنيتان (فرنسا وإسبانيا) هما موئل للمناظر الطبيعية الخلابة التي تميز المرتفعات الجبلية الشاهقة، بما فيها من نباتات وحيوانات. لكنّ جبال الپيرينيه، كغيرها من سلاسل الجبال في اوروبا، تتضرر بسبب ازدياد منحدرات التزلج وغيرها من المرافق السياحية. وقد أثّر الابتعاد عن الزراعة التقليدية هو ايضا تأثيرا سلبيا في البيئة.
تجذب حديقة سوراكسان الوطنية اكبر عدد من زائري المتنزهات في جمهورية كوريا. فالخريف يضفي مسحة مميزة من الجمال على قممها الغرانيتية المهيبة وسفوح جبالها المكسوة بالغابات. لكن بسبب فيض الزائرين، تزدحم دروبها بالمشاة في نهايات الاسابيع كما تزدحم ارصفة المدن.
[الاطار/الصور في الصفحة ١٠]
نباتات الجبال
برج الجواهر. خلال بضعة اسابيع في فصل الربيع، تنمو هذه الزهرة الرائعة ليبلغ طولها طول الانسان. وهي تنمو على ارتفاع ٨٠٠,١ متر تقريبا على جبلَين بركانيَّين فقط في جزر كاناري. والعديد من الانواع النباتية الجبلية لا ينمو إلّا في مناطق محددة.
ينمو الكرلين النجمي في جبال الألب والپيرينيه. وهو يزيّن المروج الجبلية بألوانه الزاهية في اواخر الصيف، كما تؤمِّن ازهاره الغذاء الوافر للحشرات.
السوسن الانكليزي. تُزرع انواع هجينة من هذه الزهرة البرية الجميلة في الحدائق. ويعود اصل العديد من الازهار المزروعة في الحدائق الى النباتات التي تنمو في المرتفعات الجبلية الشاهقة.
المخلَّدة الجبليّة هي احدى النباتات التي تنمو في شقوق الصخور في الجبال الشاهقة. وهذه النبتة التي تعيش في جبال جنوب اوروبا تُسمّى المخلَّدة بسبب قوة احتمالها.
الأناناسيَّات. تنمو انواع كثيرة من الأناناسيَّات والسَّحلبيَّات في الغابات المطيرة المعتدلة في المناطق المدارية. وهي تنمو على ارتفاع قد يصل الى ٥٠٠,٤ متر.
ينمو سوسن الجزائر في سلسلتَي جبال الريف وأطلس في شمال افريقيا. وتُعتبر هاتان السلسلتان من «النقاط الساخنة» بيئيا لغناهما بالنباتات المتوسطية.
[الصورة في الصفحة ٦]
التنقيب عن النحاس والذهب قرب جبال ماوكيه في إندونيسيا
[مصدر الصورة]
Rob Huibers/Panos Pictures ©
[الصورة في الصفحة ٨]
العِناقِيَّة الوردية
-
-
الجبال — مَن سينقذها؟استيقظ! ٢٠٠٥ | آذار (مارس) ٢٢
-
-
الجبال — مَن سينقذها؟
عُقد مؤتمر القمة العالمي للجبال لمدة اربعة ايام سنة ٢٠٠٢ في مدينة بيشكيك، عاصمة قيرغيزستان بآسيا الوسطى. وكان هذا اول تجمع دولي يُخصص لمناقشة شؤون الجبال. وأمل منظِّمو هذا المؤتمر ان تكون سنة ٢٠٠٢ «بداية لعصر جديد، عصر تُقدَّر فيه الجبال حقّ قدرها».
تبنّى المشاركون في المؤتمر بالإجماع ما دُعِي «سياسة بيشكيك للجبال»، التي تشتمل على خطوط ارشادية توجّه كل مَن تعنيه مسألة المحافظة على بيئة المناطق الجبلية. وكان هدف القمة المعلَن «تحسين احوال سكان الجبال وحماية الانظمة البيئية الجبلية واستخدام موارد الجبال بمزيد من الوعي».
هنالك تقدم ملموس في هذا المجال. فهنالك اليوم عدد كبير من الحدائق الوطنية التي أُنشئت للمحافظة على بعض المناطق المتميزة بجمالها الطبيعي وتنوُّعها الأحيائي. وفي انحاء كثيرة من الارض تلاقي المجموعات التي تُعنى بالحفاظ على البيئة بعض النجاح في إبطاء موجة الدمار البيئي. وإحدى المبادرات الناتجة عن مؤتمر بيشكيك للجبال كانت التعهد بتنظيف النفايات النووية الملقاة في جبال قيرغيزستان. فهذه المواد الشديدة السمِّيَّة تهدد مخزون المياه التي يستخدمها ٢٠ في المئة من سكان آسيا الوسطى.
رغم ذلك تبقى الصعوبات التي تعترض حماية الجبال في العالم كبيرة. مثلا، عام ١٩٩٥ سنَّت السلطات الكندية «قانون استغلال الغابات» بهدف حماية ما بقي من الغابة المطيرة في مقاطعة كولومبيا البريطانية. غير انه اكتُشف لاحقا ان شركات قطع الاشجار تتجاهل بشكل عام هذا القانون، وتستمر في قطع جميع الاشجار حتى في اكثر السفوح انحدارا. فخُفِّفت قيود هذا القانون سنة ١٩٩٧، بعد ان ادَّعت شركات الاخشاب انه متشدّد جدا.
غير ان المصالح التجارية ليست العائق الوحيد امام حماية الجبال. فقد اقرّ الاعلان النهائي الذي صدر عن قمة بيشكيك بأن الحرب والفقر والجوع تساهم جميعها في تدهور الانظمة البيئية الجبلية بلا هوادة. ولن يتوقف الضرر الذي تتعرض له الجبال وباقي الارض ما لم تُزَل جميع المسبّبات الفعلية لدمار البيئة الطبيعية.
اللّٰه يهتم بخليقته
رغم هذه الحالة المحزنة، هنالك سبب يدعونا الى التفاؤل، وهو ان اللّٰه القادر على كل شيء ليس غافلا عمّا يحدث لخليقته. فالكتاب المقدس يقول عنه انه «هو الذي . . . له قمم الجبال». (مزمور ٩٥:٤) كما انه يهتم ايضا بالحيوانات التي تتخذ من الجبال موطنا لها. فبحسب المزمور ٥٠:١٠، ١١، يقول يهوه: «لأن لي كل وحوش الغابة، والبهائم على ألوف الجبال. أعرف كل طيور الجبال، وحيوان الحقل عندي».
وهل لدى اللّٰه وسيلة لإنقاذ بيئة الارض التي تفتك بها المشاكل؟ نعم بالتأكيد! فالكتاب المقدس يقول انه ‹اقام مملكة لن تنقرض ابدا›. (دانيال ٢:٤٤) ويسوع المسيح، رأس هذه الحكومة السماوية المعيَّن، يهتم اهتماما كبيرا بالارض والناس العائشين عليها. (امثال ٨:٣١) وسيجلب حكمه السلام على الارض، وينهي الاستغلال الجائر لمواردها، ويصلح الدمار الذي لحق بكوكبنا. — رؤيا ١١:١٨.
وإذا كنتَ تتوق الى حل للمشاكل التي تواجهها الجبال، فلا شك انك ستستمر في الصلاة ان ‹يأتي ملكوت اللّٰه›. (متى ٦:٩، ١٠) وهذه الصلوات لن تلاقي آذانا صماء. فملكوت اللّٰه سينهي عمّا قريب المظالم التي تحدث في كوكبنا ويصلح الدمار الحاصل فيه. وعندما يأتي ذلك اليوم ‹ستهلل الجبال›. — مزمور ٩٨:٨.
-