مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • التحرُّش الجنسي —‏ مشكلة عالمية
    استيقظ!‏ ١٩٩٦ | ايار (‏مايو)‏ ٢٢
    • التحرُّش الجنسي —‏ مشكلة عالمية

      صار العمل كابوسا بالنسبة الى سكرتيرة شابة اسمها رينا ويكْس.‏ صحيح ان مكتب المحاماة الذي استخدمها حسن السمعة وله مكاتب في اكثر من عشرين بلدا.‏ لكنها كانت تعمل لدى رجل لا يتوقف،‏ بحسب ادِّعائها،‏ عن امساكها عنوة ولمسها.‏ وكان يتخلَّل الاعتداءات المذِلّة كلام مبتذل وغير محتشم.‏

      قبل سنوات،‏ لم تكن لدى النساء اللواتي في اوضاع مشابهة وسيلة للحماية إلّا ربما ان يتركن العمل.‏ فهيئة الادارة كانت ستصدر الحكم بأن ‹هنالك تعارضا في اقوالهما.‏› وحتى الذين كانوا يميلون الى تصديق قول المرأة ربما كانوا يستهينون بالمشكلة بالقول،‏ ‹وما المشكلة في ذلك؟‏› لكنَّ الايام تغيَّرت.‏ ورينا ويكْس فعلت اكثر من ان تسخط وتترك العمل.‏ لقد رفعت دعوى.‏

      حكمت لها احدى هيئات المحلَّفين الاميركية بـ‍ ٠٠٠‏,٥٠ دولار اميركي تعويضا لها عن ألمها العاطفي،‏ بالاضافة الى ٠٠٠‏,٢٢٥ دولار اميركي كتعويضات تأديبية من رئيسها السابق.‏ وبعد ذلك،‏ كخطوة للفت انتباه المؤسسات التجارية ومكاتب المحاماة في كل انحاء العالم،‏ امرت هيئة المحلَّفين ان يدفع مكتب المحاماة مبلغا ضخما قدره ٩‏,٦ ملايين دولار اميركي كتعويضات تأديبية بسبب عدم تسوية المشكلة!‏

      ان قضية ويكْس ليست على الاطلاق حادثة منفردة.‏ فثمة دعوى حديثة اخرى شملت فرعا من متاجر البيع بأسعار مخفَّضة في الولايات المتحدة.‏ فقد ادَّعت مستخدَمة اسمها پڠي كيمْزي ان المشرف عليها وجَّه اليها تعليقات جنسية مبتذلة عديدة.‏ وفي سنة ١٩٩٣،‏ استقالت پڠي كيمْزي من عملها ورفعت دعوى.‏ فحُكم لها بـ‍ ٠٠٠‏,٣٥ دولار اميركي تعويضا عن الاذلال والعذاب العقلي فضلا عن دولار رمزي تعويضا عن الرواتب التي خسرتها.‏ وقضت هيئة المحلَّفين ايضا ان مستخدِمها السابق خلق جوّ عمل غير ودّي بتغاضيه عن التحرُّش.‏ وماذا كان العقاب؟‏ كان خمسين مليون دولار تعويضا عن الاضرار!‏

      تقول مجلة صحة الانسان (‏بالانكليزية)‏:‏ «ان قضايا التحرُّش الجنسي تتكاثر كالبكتيريا.‏ وفي سنة ١٩٩٠،‏ عالجت EEOC [لجنة فرص الاستخدام المتساوية] ١٢٧‏,٦ تشكِّيا كهذا؛‏ وبحلول السنة الماضية [١٩٩٣] تضاعف تقريبا المجموع السنوي فصار ٩٠٨‏,١١.‏»‏

      اساءة استعمال السلطة

      رغم ان احكام هيئة المحلَّفين المذهلة تتصدَّر الصحف،‏ فالحقيقة هي ان قضايا قليلة تصل الى المحكمة.‏ فمعظم الضحايا يعانين اذلالهنَّ بصمت —‏ رهائن في لعبة بشعة من السلطة والوعيد تجري في المكاتب،‏ في الشوارع،‏ في الباصات،‏ عند طاولات الطعام،‏ وفي المصانع.‏ وفي بعض الاحيان يكون هنالك اكراه صريح لممارسة العلاقات الجنسية.‏ ولكن في معظم الاحيان يشمل التحرُّش تصرفات حاذقة،‏ انما مهينة بشكل وقح:‏ لمسات غير مستحبة او غير لائقة،‏ تعليقات فاسدة،‏ وتحديقات شهوانية.‏

      صحيح ان البعض يرفضون ان يدْعوا مثل هذا التصرف تحرُّشا،‏ بحجة انه مجرد محاولة غير بارعة من جهة بعض الرجال لجذب انتباه الجنس الآخر.‏ لكنَّ كثيرين،‏ كالكاتبة مارثا لانڠِلان،‏ يرفضون محاولات كهذه لتبرير التصرف المهين.‏ تكتب:‏ «انه ليس تودُّدا سَمِجا،‏ او تودُّدا فظًّا،‏ او تودُّدا مازحا،‏ او تودُّدا ‹أُسيء فهمه.‏› ولا يُقصد به ان يروق للنساء؛‏ انه تصرُّف يخدم عملا آخر كليا.‏ فكالاغتصاب،‏ يُقصد بالتحرُّش الجنسي اكراه النساء على الخضوع لهم،‏ لا الانجذاب اليهم.‏ .‏ .‏ .‏ [انه] تعبير عن السلطة.‏» نعم،‏ غالبا ما يكون سوء معاملة كهذا وسيلة عنف اخرى بها «يتسلط انسان على انسان لضرر نفسه.‏» —‏ جامعة ٨:‏٩‏؛‏ قارنوا جامعة ٤:‏١‏.‏

      لا تتجاوب النساء عادةً بفرح مع التحرُّش الجنسي بل تتفاوت مشاعرهنَّ بدءًا من الاشمئزاز والغضب الى الكآ‌بة والاذلال.‏ تذكر احدى الضحايا:‏ «الوضع دمَّرني.‏ فقدت ثقتي بالآخرين،‏ ثقتي بنفسي،‏ احترامي للذات،‏ ومطامحي في العمل.‏ تغيَّرت شخصيتي كثيرا.‏ لقد كنت مستريحة البال.‏ فصرت مرَّة النفس،‏ منطوية على نفسي،‏ وخَجِلة.‏» وعندما يكون المسيء مستخدِما او شخصا آخر في مركز سلطة،‏ يتَّخذ التحرُّش بشكل بارز مظهرا قبيحا.‏

      اذًا،‏ لا عجب ان المحاكم ابتدأت تعاقب المسيئين وتعوِّض للضحايا.‏ ومنذ عرَّفت المحكمة العليا للولايات المتحدة ان اساءة معاملة كهذه هي انتهاك للحقوق المدنية،‏ صارت مسؤولية المستخدِمين من الناحية القانونية اكبر من حيث المحافظة على جوّ عمل غير «عدائي او مهين.‏»‏

      والشركات التي تتساهل في التحرُّش الجنسي قد تختبر انخفاضا في معنويات مستخدَماتها،‏ تغيُّبا اكثر عن العمل،‏ انتاجية اقل،‏ ومقدارا كبيرا في عدد المستخدَمات المستبدَلات —‏ هذا ان لم نذكر الكارثة المالية اذا قرَّر الضحايا رفع دعوى.‏

      ما مدى انتشاره؟‏

      وما مدى انتشار التحرُّش الجنسي؟‏ تشير الاستطلاعات الى ان اكثر من نصف النساء العاملات في الولايات المتحدة اختبرنه.‏ لذلك يدَّعي احد الكتب:‏ «ان التحرُّش الجنسي مشكلة عامة.‏ فهو يحدث للنساء في كل مهنة من النادِلة الى المديرة التنفيذية.‏ انه يحدث في كل مستوى من المستويات الادارية في الشركات وفي كل نوع من التجارة والصناعة.‏» لكنَّ المشكلة لا تقتصر فقط على الولايات المتحدة.‏ يورد كتاب ردود الفعل العنيفة:‏ التأثير العالمي للتحرُّش الجنسي،‏ بقلم سوزان ل.‏ وِب،‏ الاحصاءات التالية:‏a

      كندا:‏ «اظهر احد الاستطلاعات ان ٤ نساء من ١٠ يبلِّغن انه يجري التحرُّش بهنَّ جنسيا في العمل.‏»‏

      اليابان:‏ «اظهر استطلاع في آب ١٩٩١ ان ٧٠ في المئة من النساء اللواتي استُطلِعن اختبرن» التحرُّش في العمل.‏ «وتسعين في المئة قلن انه جرى التحرُّش بهنَّ جنسيا في الطريق الى العمل ومنه.‏»‏

      النمسا:‏ «اظهر استطلاع في سنة ١٩٨٦ ان ٣١ في المئة تقريبا من النساء ابلغن عن حوادث تحرُّش خطيرة.‏»‏

      فرنسا:‏ «في سنة ١٩٩١ وجدت دراسة .‏ .‏ .‏ ان ٢١ في المئة من ٣٠٠‏,١ امرأة استُطلعن قلن انهنَّ اختبرن التحرُّش الجنسي شخصيا.‏»‏

      هولندا:‏ اظهرت دراسة ان «٥٨ في المئة من النساء اللواتي استُطلعن قلن انهنَّ اختبرن التحرُّش الجنسي شخصيا.‏»‏

      سمة العصر الحاضر

      طبعا،‏ ليس التحرُّش في مكان العمل شيئا جديدا.‏ فالنساء —‏ وأحيانا الرجال —‏ كنَّ عرضة لمعاملة سيئة كهذه حتى قديما في ازمنة الكتاب المقدس.‏ (‏تكوين ٣٩:‏٧،‏ ٨؛‏ راعوث ٢:‏٨،‏ ٩،‏ ١٥‏)‏ ولكن يبدو ان سوء التصرُّف هذا منتشر اليوم بشكل بارز.‏ ولماذا؟‏

      اولا،‏ لأن النساء دخلن في السنوات الاخيرة سوق العمل بأعداد قياسية.‏ لذلك تتعرض نساء اكثر لاوضاع يمكن ان تحدث فيها اساءات كهذه.‏ لكنَّ الاهم هو ما تنبَّأ به الكتاب المقدس قبل زمن طويل:‏ «اعلم هذا الامر:‏ ان ازمنة صعبة ستعمّ في الايام الاخيرة؛‏ اذ يكون الناس محبين لانفسهم،‏ محبين للمال،‏ متكبرين،‏ مباهين بأنفسهم،‏ شتَّامين،‏ .‏ .‏ .‏ متحجري العواطف،‏ غير صفوحين،‏ نمَّامين،‏ جامحي الاهواء،‏ شرسين.‏» (‏٢ تيموثاوس ٣:‏١-‏٣‏،‏ ترجمة تفسيرية‏)‏ وانتشار التحرُّش الجنسي هو مجرد برهان واحد لافت للنظر على ان هذه الكلمات تتمّ اليوم.‏ والمثير للاهتمام ان مقالة في مجلة صحة الانسان تذكر ان «الازدياد في التشكِّيات من التحرُّش الجنسي يرافقه انحطاط مذهل في الاخلاق العامة.‏ فالسلوك الرديء منتشر في كل مكان.‏»‏

      وانتشار التحرُّش الجنسي يعكس ايضا «الآداب الجديدة» التي اجتاحت العالم خلال ستينات الـ‍ ١٩٠٠.‏ فتفكُّك القيود الادبية التقليدية رافقه استخفاف مروِّع بحقوق الآخرين ومشاعرهم.‏ ومهما كان السبب،‏ التحرُّش الجنسي حقيقة مرّة في مكان العمل.‏ فماذا يمكن ان يفعل الرجال والنساء لحماية انفسهم؟‏ وهل يخلو يوما ما مكان العمل من التحرُّش؟‏

      ‏[الحاشية]‏

      a قد تختلف الاحصاءات لأن الباحثين يستعملون طرائق استطلاع مختلفة وتعريفات مختلفة للتحرُّش الجنسي.‏

      ‏[الاطار في الصفحة ٤]‏

      التحرُّش الجنسي —‏ المغالطة مقابل الحقيقة

      المغالطة:‏ هنالك مبالغة في عدد الحالات التي يُبلَّغ بها عن التحرُّش الجنسي.‏ انه موضة اخرى فقط،‏ نتاج ترويج وهستيريا وسائل الاعلام.‏

      الحقيقة:‏ عموما،‏ تخسر المرأة الكثير وتكسب القليل بالابلاغ انها ضحية.‏ وفي الواقع،‏ ان اقلية فقط من النساء (‏٢٢ في المئة بحسب احد الاستطلاعات)‏ يخبرن شخصا ما بأنه يُتحرَّش بهنَّ.‏ فبسبب الخوف،‏ الارتباك،‏ لوم الذات،‏ التشوُّش،‏ وتجاهل حقوقهنَّ القانونية تَلزم كثيرات الصمت.‏ لذلك يعتقد خبراء كثيرون ان ما يُبلَّغ به عن المشكلة هو اقل بكثير من الواقع!‏

      المغالطة:‏ معظم النساء يتمتَّعن بالاهتمام.‏ واللواتي يدَّعين التحرُّش بهنَّ هنَّ مرهفات الاحساس فقط.‏

      الحقيقة:‏ تُظهر الاستطلاعات دائما ان النساء تستاء من معاملة فظّة كهذه.‏ ففي احد الاستطلاعات،‏ «قال اكثر من خُمسَي النساء انهنَّ شعرن بالاشمئزاز ونحو الثلث انهنَّ غضبن.‏» وأخبرت اخريات عن الشعور بالقلق،‏ الاذية،‏ والكآ‌بة.‏

      المغالطة:‏ عدد الضحايا من الرجال يساوي عدد الضحايا من النساء.‏

      الحقيقة:‏ يخبر الباحثون في الجمعية الوطنية للنساء العاملات (‏الولايات المتحدة)‏ ان «ما يُقدَّر بـ‍ ٩٠ في المئة من حالات التحرُّش تشمل رجالا تحرَّشوا بنساء،‏ ٩ في المئة بالجنس نفسه .‏ .‏ .‏،‏ و ١ في المئة فقط يشمل نساء تحرَّشن برجال.‏»‏

  • التحرُّش الجنسي —‏ كيف تحمون انفسكم
    استيقظ!‏ ١٩٩٦ | ايار (‏مايو)‏ ٢٢
    • التحرُّش الجنسي —‏ كيف تحمون انفسكم

      تقول ڠراتْخِن مورڠِنسون،‏ محرِّرة في مجلة:‏ «لا يلزم ان تتعرَّض المرأة يوميا لتلميحات جنسية.‏» وتتابع:‏ «ولكن ليس من المنطقي ان تتوقع النساء محيط عمل طاهرا خاليا من التصرُّف الوقح.‏» والجدير بالثناء هو ان الجهود التي يبذلها المستخدِمون والمحاكم لجعل مكان العمل اكثر امانا تعطي بعض النتائج الجيدة.‏ فإمكانية رفع دعوى،‏ مثلا،‏ تدفع المستخدِمين والمستخدَمين حول العالم الى محاولة تحسين محيط العمل.‏ وتتَّخذ شركات كثيرة اجراءات داخلية لمعالجة التحرُّش في مكان العمل.‏ وتُعقد اجتماعات وحلقات دراسية لارشاد المستخدَمين كيف يتصرفون بشكل لائق في مكان العمل.‏

      طبعا،‏ من الصواب ان نعرف سياسة الشركات والقوانين المحلية ونتبعها.‏ (‏رومية ١٣:‏١؛‏ تيطس ٢:‏٩‏)‏ ويجد المسيحيون ايضا ان تطبيق مبادئ الكتاب المقدس مساعِد.‏ فاتِّباع هذه الخطوط الارشادية الموحى بها في تعاملاتكم مع زملاء عملكم يمكن ان يساعدكم كثيرا كي لا تصيروا ضحية للتحرُّش الجنسي —‏ او مرتكِبا لهذا الجرم.‏

      السلوك اللائق للرجال

      تأملوا كيف يجب ان يعامل الرجال النساء.‏ يحذِّر خبراء كثيرون من لمس الجنس الآخر.‏ وينبِّهون الى ان تربيتة ودية على الظهر يمكن بسهولة ان يُساء فهمها.‏ يذكر محامي العمَّال فرانك هارتي:‏ «ان هيئات المحلَّفين تعتبر اللمس امرا بالغ الجدية.‏» وما هو اقتراحه؟‏ «اذا شمل الامر اكثر من المصافحة،‏ فلا تفعلوه.‏» صحيح ان الكتاب المقدس لا يضع قاعدة شاملة بشأن هذه المسألة.‏a ولكن نظرًا الى الجو القانوني والادبي الحالي،‏ فإن الحذر ملائم —‏ وخصوصا لأولئك الذين يميلون دون قصد الى اللمس اثناء المحادثة.‏

      لا يمكن الانكار ان اتِّباع نصيحة كهذه ليس سهلا دائما.‏ ڠلِن،‏ مثلا،‏ آتٍ من حضارة هسپانية.‏ يقول:‏ «من طبيعة الناس في مجتمعي ان يعانقوا اكثر مما يفعل الناس هنا في الولايات المتحدة.‏ وفي عائلتي نرحِّب دائما بالاصدقاء بقبلة،‏ ولكن هنا جرى تحذيرنا ألّا نسرع اكثر من اللازم الى فعل ذلك.‏» لذلك يتبيَّن ان مبادئ الكتاب المقدس مساعِدة في هذه المسألة.‏ قال الرسول بولس للشاب تيموثاوس:‏ «عامِل الشبان كأنهم اخوة لك؛‏ والعجائز كأنهنَّ امهات؛‏ والشابات كأنهنَّ اخوات،‏ بكل طهارة.‏» (‏١ تيموثاوس ٥:‏١،‏ ٢‏،‏ ترجمة تفسيرية‏)‏ أفلا يمنع ذلك اللمس العديم التمييز،‏ او ال‍مُ‍غوي،‏ او غير المرغوب فيه؟‏

      يمكن تطبيق المبدإ نفسه على الكلام.‏ يقول الكتاب المقدس بشكل ملائم:‏ «أما الزنا وكل نجاسة او طمع فلا يُسمَّ بينكم كما يليق بقديسين ولا القباحة ولا كلام السفاهة والهزل التي لا تليق.‏» (‏افسس ٥:‏٣،‏ ٤‏)‏ وتقترح المحامية في مجال التحرُّش الجنسي كاثي تْشينُوي ان تتأملوا في سؤال واحد قبل ان تتكلموا:‏ «هل تريدون ان تتعرض امكم،‏ اختكم،‏ او ابنتكم لذلك؟‏» فالكلام الفاحش والمبتذل يحطّ من قدر المتكلِّم والسامع كليهما.‏

      اتِّقاء التحرُّش

      كيف يمكن ان يحاول الفرد تجنب الصيرورة ضحية التحرُّش؟‏ ان النصيحة التي اعطاها يسوع لتلاميذه عندما ارسلهم في تعيينهم الكرازي الاول يمكن ان تنطبق في هذه الحالة:‏ «ها انا ارسلكم كغنم في وسط ذئاب.‏ فكونوا حكماء كالحيات وبسطاء كالحمام.‏» (‏متى ١٠:‏١٦‏)‏ وعلى ايّ حال،‏ ليس المسيحي دون مساعدة.‏ يؤكد لنا الكتاب المقدس:‏ «اذا دخلت الحكمة قلبك .‏ .‏ .‏ فالعقل يحفظك والفهم ينصرك.‏» (‏امثال ٢:‏١٠،‏ ١١‏)‏ لذلك دعونا نتطلع الى بعض مبادئ الكتاب المقدس التي يمكن ان تساعدكم على حماية نفسكم.‏

      ١-‏ راقبوا كيف تتصرفون مع زملائكم في العمل.‏ لا يعني ذلك ان تكونوا غير وديين او عدائيين،‏ لأن الكتاب المقدس يحثنا ان ‹نتبع السلام مع الجميع.‏› (‏عبرانيين ١٢:‏١٤؛‏ رومية ١٢:‏١٨‏)‏ ولكن بما ان الكتاب المقدس ينبِّه المسيحيين ان ‹يسلكوا بحكمة من جهة الذين هم من خارج،‏› يبدو منطقيا ان تحافظوا على سلوك جدّي،‏ وخصوصا عند التعامل مع الجنس الآخر.‏ (‏كولوسي ٤:‏٥‏)‏ وكتاب ردّ الفعل تجاه الضغط الجنسي Talking Back to Sexual Pressure‏،‏ بقلم إليزابيث پاوِل،‏ يحث العاملين «ان يميِّزوا بين الموقف اللطيف الذي يليق بوظيفتهم ونوع المودة التي يمكن ان توحي بأنهم متقبِّلون للعروض الجنسية.‏»‏

      ٢-‏ البسوا باحتشام.‏ ان ما ترتدونه يبعث رسالة الى الآخرين.‏ وقديما في ازمنة الكتاب المقدس،‏ كان ارتداء زيّ معيَّن يسم الشخص بأنه فاسد ادبيا او عابث جنسيا.‏ (‏امثال ٧:‏١٠‏)‏ وغالبا ما يصحّ الامر نفسه اليوم؛‏ فاللباس الضيّق،‏ المبهرَج،‏ او الشفاف يمكن ان يلفت النوع الخاطئ من الانتباه.‏ صحيح ان البعض قد يشعرون بأن لهم الحق في ارتداء ما يرغبون فيه.‏ ولكن كما تعبِّر عن ذلك الكاتبة إليزابيث پاوِل،‏ «اذا كنتم تعملون بين اشخاص يعتقدون ان سرقة المال مباحة،‏ اقول لكم ان لا تضعوا محفظتكم في جيبكم.‏ .‏ .‏ .‏ فيجب ان تدركوا مرض .‏ .‏ .‏ المواقف في المجتمع وتحاولوا ان تحموا نفسكم من ان تصيروا ضحيتها.‏» وهكذا،‏ فإن نصيحة الكتاب المقدس عصرية.‏ وهي تنصح النساء ان «يزيِّن ذواتهن بلباس الحشمة مع ورع وتعقل.‏» (‏١ تيموثاوس ٢:‏٩‏)‏ البسوا باحتشام،‏ فقد يقلِّل ذلك من احتمال ان تصيروا هدفا للاساءة في الكلام او التصرُّف.‏

      ٣-‏ راقبوا عشراءكم!‏ يخبرنا الكتاب المقدس عن شابة اسمها دينة صارت ضحية الاعتداء الجنسي.‏ وواضح انها جذبت انتباه المعتدي عليها لأنها كانت قانونيا ‹تخرج لتنظر بنات ارض› كنعان —‏ نساء معروفات بأنهنَّ عابثات جنسيا!‏ (‏تكوين ٣٤:‏١،‏ ٢‏)‏ وعلى نحو مماثل اليوم،‏ اذا كنتم تدردشون دائما مع زملاء عملكم المعروفين بأنهم يناقشون مواضيع شهوانية —‏ او اصغيتم اليهم —‏ فقد يستنتج البعض انكم متقبِّلون للعروض الجنسية.‏

      لا يعني ذلك انه يجب ان تعاملوا زملاء عملكم بازدراء.‏ ولكن اذا تحوَّلت المحادثة الى بذيئة،‏ فلِمَ لا تنصرفون؟‏ والمثير للاهتمام ان كثيرين من شهود يهوه يجدون ان صيت حيازتهم مقاييس ادبية رفيعة يعمل على حمايتهم من التحرُّش.‏ —‏ ١ بطرس ٢:‏١٢‏.‏

      ٤-‏ تجنّبوا الاوضاع المشتبه فيها.‏ يخبر الكتاب المقدس كيف خطَّط شاب اسمه امنون ان يكون وحده مع شابة اسمها ثامار لكي يتمكن من استغلالها جنسيا.‏ (‏٢ صموئيل ١٣:‏١-‏١٤‏)‏ والمتحرِّشون اليوم قد يتصرفون بطريقة مماثلة،‏ ربما بدعوة موظف يشرفون عليه الى الاشتراك معهم في شرب كأس او البقاء في العمل بعد دوام العمل لسبب غير واضح.‏ احذروا من دعوات كهذه!‏ يقول الكتاب المقدس:‏ «الذكي يبصر الشر فيتوارى.‏» —‏ امثال ٢٢:‏٣‏.‏

      اذا جرى التحرُّش بكم

      طبعا،‏ سيقدِّم بعض الرجال عروضا غير لائقة حتى عندما تتصرف المرأة بطريقة صحيحة.‏ فكيف تتجاوبين مع عروض كهذه اذا استُهدفتِ؟‏ يوصي البعض بأخذ الامور ببساطة!‏ تقول احدى النساء:‏ ‹الجنس في المكاتب تابل الحياة!‏› ولكنَّ المسيحيين الحقيقيين ينفرون من اهتمام غير لائق كهذا بدلا من اعتباره امرا ظريفا او اطراء.‏ فهم ‹يكرهون الشر› ويدركون ان القصد من عروض كهذه هو عادةً ايقاع الفرد في شرك الفساد الادبي الجنسي.‏ (‏رومية ١٢:‏٩‏؛‏ قارنوا ٢ تيموثاوس ٣:‏٦‏.‏)‏ وعلى الاقل،‏ ان التصرف الفظّ اهانة لكرامتهم المسيحية.‏ (‏قارنوا ١ تسالونيكي ٤:‏٧،‏ ٨‏.‏)‏ فكيف يمكن ان تعالجوا حالات كهذه؟‏

      ١-‏ خذوا موقفا!‏ يخبرنا الكتاب المقدس كيف تجاوب رجل يخاف اللّٰه اسمه يوسف مع عروض فاسدة ادبيا:‏ «وحدث بعد هذه الامور ان امرأة سيده رفعت عينيها الى يوسف وقالت اضطجع معي.‏» فهل تجاهل يوسف ببساطة عروضها،‏ آملًا ان تنتهي المشكلة وحدها؟‏ على العكس!‏ يقول الكتاب المقدس انه رفض بشجاعة عروضها قائلا:‏ «كيف اصنع هذا الشر العظيم وأخطئ الى اللّٰه.‏» —‏ تكوين ٣٩:‏٧-‏٩‏.‏

      يرسم تصرف يوسف مثالا جيدا للرجال والنساء على السواء.‏ فتجاهل الكلام المبتذل او التصرف الاعتدائي —‏ او الاسوأ ايضا،‏ الخوف منهما —‏ نادرا ما يُنهي الامر؛‏ وعلى العكس،‏ يمكن ان يجعل الخوف او الحياء الامر يتفاقم!‏ تحذِّر المستشارة في مجال اتِّقاء الاغتصاب مارثا لانڠِلان ان المغتصِبين غالبا ما يستخدمون التحرُّش الجنسي «كطريقة لمعرفة كم هو محتمل ان تقاوم المرأة عند الاعتداء عليها؛‏ فإذا كانت مستسلِمة وخجولة عندما يُتحرَّش بها،‏ يفترضون انها ستستسلم وتخاف عندما تُهاجَم.‏» لذلك من الضروري ان تأخذي موقفا عند الاشارة الاولى للتحرُّش.‏ وبحسب احدى الكاتبات،‏ «ان القول لا على الفور وبوضوح غالبا ما يكون كافيا ليوقف المتحرِّش تصرُّفه المهين.‏»‏

      ٢-‏ لتكن لاكم لا!‏ هذا ما قاله يسوع في موعظته على الجبل.‏ (‏متى ٥:‏٣٧‏)‏ وعبارته تنطبق في هذه الحالة،‏ لأن المتحرِّشين غالبا ما يكونون مثابرين.‏ فإلى ايّ حد يلزم ان تكونوا حازمين؟‏ يتوقف ذلك على الحالة وتجاوب المتحرِّش.‏ ان كونكم حازمين الى الحد اللازم ضروري لجعله يفهم موقفكم.‏ ففي بعض الحالات،‏ تكون العبارة البسيطة والمباشرة بنغمة صوت هادئة وافية بالغرض.‏ وانظروا اليه مباشرة.‏ ويقترح الخبراء ما يلي:‏ (‏أ)‏ اعربوا عن مشاعركم.‏ (‏«لا احب على الاطلاق أن .‏ .‏ .‏»)‏ (‏ب)‏ حدِّدوا بالاسم التصرف المهين.‏ (‏«.‏ .‏ .‏ أن تستعمل لغة بذيئة مبتذلة .‏ .‏ .‏»)‏ (‏ج)‏ اوضحوا ما تريدون من الشخص ان يفعله.‏ (‏«اريد ان تكفّ عن مكالمتي بهذه الطريقة!‏»)‏

      ‏«ولكن لا يلزم في اية حالة،‏» تحذر لانڠِلان،‏ «ان تتجاوز المواجهة الحدود وتصير عدوانا.‏ فالعدوان المعاكس (‏الاهانات،‏ التهديدات،‏ الاساءة الشفهية،‏ اللّكم،‏ البصق على المتحرِّش)‏ لا يعطي النتائج المرجوَّة.‏ والعنف الكلامي خطر،‏ ولا حاجة الى استعمال العنف الجسدي إلا اذا كان هنالك هجوم جسدي فعلي يتطلب الدفاع عن النفس.‏» ان هذه النصيحة العملية تنسجم مع كلمات الكتاب المقدس في رومية ١٢:‏١٧‏:‏ «لا تجازوا احدا عن شرّ بشرّ.‏»‏

      وماذا اذا استمر التحرُّش مع انكم تبذلون قصارى جهدكم لايقافه؟‏ تتَّخذ بعض الشركات اجراءات لمعالجة التحرُّش الجنسي.‏ فمجرد التهديد بالتشكّي الى الشركة غالبا ما يجعل المتحرِّش يترككم وشأنكم.‏ ولكنه قد لا يفعل ذلك.‏ ومن المؤسف القول ان العثور على مشرف متعاطف لا يكون دائما مهمة سهلة على النساء او الرجال.‏ ان ڠلِن،‏ الذي يقول ان مستخدَمة تحرَّشت به،‏ حاول ان يتشكَّى.‏ ويتذكر:‏ «عندما اخبرت الرئيس بذلك،‏ لم احصل على اية مساعدة.‏ وفي الواقع،‏ اعتقدَ ان الامر مسلٍّ.‏ فكان عليَّ ان احترز من المرأة وأبذل جهدا خصوصيا لتجنُّبها.‏»‏

      جرَّب البعض الاجراء القانوني.‏ لكنَّ الاحكام الكبرى في القضايا التي تقرأون عنها في وسائل الاعلام ليست على الاطلاق نموذجية.‏ وبالاضافة الى ذلك،‏ يحذر كتاب ردّ الفعل تجاه الضغط الجنسي:‏ «ان المعالجات القانونية للتحرُّش تتطلب طاقة عاطفية هائلة ووقتا؛‏ وتؤدي الى الاجهاد الجسدي والعقلي ايضا.‏» فلسبب وجيه يحذر الكتاب المقدس:‏ «لا تتسرَّع بالذهاب الى ساحة القضاء.‏» (‏امثال ٢٥:‏٨‏،‏ ترجمة تفسيرية‏)‏ وبعد الاخذ في الاعتبار الثمن العاطفي والروحي للاجراء القانوني،‏ فضَّل البعض ان يبحثوا عن عمل آخر.‏

      نهاية التحرُّش

      التحرُّش الجنسي ليس بالامر الجديد.‏ انه منتشر انتشار القلب البشري الناقص،‏ الماكر،‏ والجشع.‏ واللجان المفوَّضة وقضايا المحاكم لن تخلِّص ابدا المجتمع منه.‏ فالتخلُّص من التحرُّش الجنسي يتطلب تغييرا رئيسا لقلب الناس.‏

      واليوم،‏ تُحدث كلمة اللّٰه وروحه تغييرا كهذا في الناس حول العالم.‏ والامر كما لو ان الذئاب والاسود تتعلم ان تتصرف كالخراف والعجول،‏ تماما كما انبأ النبي اشعياء.‏ (‏اشعياء ١١:‏٦-‏٩‏)‏ وبدرس الكتاب المقدس مع الناس،‏ يساعد شهود يهوه كل سنة آلافا كثيرة من ‹الذئاب› سابقا على صنع تغييرات جذرية ودائمة في الشخصية.‏ وهؤلاء الناس يصغون الى وصية الاسفار المقدسة بأن ‹يخلعوا من جهة التصرف السابق الانسان العتيق› ويستبدلونه بـ‍ «الانسان الجديد المخلوق بحسب اللّٰه في البر وقداسة الحق.‏» —‏ افسس ٤:‏٢٢-‏٢٤‏.‏

      ستمتلئ الارض يوما ما برجال ونساء يلتصقون بمقاييس الكتاب المقدس.‏ والشعب الذي يخاف اللّٰه ينتظر ذلك اليوم بشوق،‏ حين تنتهي كل اشكال سوء المعاملة.‏ وحتى ذلك الحين،‏ يواجهون قدر المستطاع الوقائع القبيحة لهذه الايام.‏

      ‏[الحاشية]‏

      a ان تحذير بولس في ١ كورنثوس ٧:‏١ «ان لا يمسّ امرأة» تشير بشكل واضح الى الاتصال الجنسي،‏ لا الى اللمس العَرَضي.‏ (‏قارنوا امثال ٦:‏٢٩‏.‏)‏ ففي القرينة يشجع بولس على العزوبة ويحذر من الانغماس في الفساد الادبي الجنسي.‏ —‏ انظروا «اسئلة من القراء» في عدد ١ كانون الثاني ١٩٧٣ من برج المراقبة‏،‏ (‏بالانكليزية)‏.‏

المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
الخروج
الدخول
  • العربية
  • مشاركة
  • التفضيلات
  • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
  • شروط الاستخدام
  • سياسة الخصوصية
  • إعدادات الخصوصية
  • JW.ORG
  • الدخول
مشاركة