-
ايوب قد احتمل — ونحن ايضا نستطيع ذلك!برج المراقبة ١٩٩٤ | ١٥ تشرين الثاني (نوفمبر)
-
-
ايوب قد احتمل — ونحن ايضا نستطيع ذلك!
«ها نحن نطوِّب (الذين يحتملون).» — يعقوب ٥:١١.
١ ماذا قال احد المسيحيين المسنين عن محنه؟
‹ابليس يتعقبني! اشعر كما شعر ايوب!› بهذه الكلمات عبَّر أ. ه. ماكميلان عن مشاعره لصديق حميم في المركز الرئيسي لشهود يهوه. لقد انهى الاخ ماكميلان مسلكه الارضي بعمر ٨٩ سنة في ٢٦ آب ١٩٦٦. وكان يعرف ان السمعة الحسنة للخدمة الامينة لمسيحيين ممسوحين مثله «تتبعهم.» (رؤيا ١٤:١٣) حقا، سيستمرون دون انقطاع في خدمة يهوه بالقيامة الى الحياة الخالدة في السماء. وقد ابتهج اصدقاء الاخ ماكميلان لحصوله على هذه المكافأة. ولكن في سنواته الاخيرة على الارض اكتنفته محن متنوعة، بما فيها مشاكل صحية جعلته يدرك بوضوح محاولات الشيطان ان يكسر استقامته امام اللّٰه.
٢، ٣ مَن كان ايوب؟
٢ عندما قال الاخ ماكميلان انه يشعر كما شعر ايوب، كان يشير الى رجل احتمل امتحانات عظيمة للايمان. كان ايوب يعيش في «ارض عوص،» على الارجح في شمالي شبه جزيرة العرب. وكمتحدر من سام بن نوح، كان عابدا ليهوه. ويبدو ان امتحانات ايوب حدثت في وقت ما بين موت يوسف والوقت الذي فيه برهن موسى عن استقامته. وخلال هذه الفترة لم يكن احد على الارض معادلا لأيوب في التعبد التقوي. وقد نظر يهوه الى ايوب بصفته رجلا بلا لوم ومستقيما ويتقي اللّٰه. — ايوب ١:١، ٨.
٣ وإذ كان ايوب «اعظم بني المشرق،» كان لديه الكثير من الخدام، وكان عدد مواشيه يبلغ ٥٠٠,١١. لكنَّ الغنى الروحي كان ذا اهمية قصوى بالنسبة اليه. وكالآباء الاتقياء اليوم، كان ايوب على الارجح يعلِّم بنيه السبعة وبناته الثلاث عن يهوه. وحتى عندما لم يعودوا يعيشون في بيته، عمل ككاهن للعائلة بتقديم ذبائح عنهم، في حال اخطأوا. — ايوب ١:٢-٥.
٤ (أ) لماذا يجب ان يفكِّر المسيحيون المضطهَدون في ايوب؟ (ب) اية اسئلة عن ايوب سنعالجها؟
٤ ان ايوب شخص يجب ان يفكِّر فيه المسيحيون المضطهَدون ليتقووا من اجل الاحتمال الصبور. كتب التلميذ يعقوب: «ها نحن نطوِّب (الذين يحتملون). قد سمعتم (باحتمال) ايوب ورأيتم عاقبة الرب. لأن الرب كثير الرحمة ورأوف.» (يعقوب ٥:١١) وكأيوب، يحتاج أتباع يسوع الممسوحون و‹الجمع الكثير› في الوقت الحاضر الى الاحتمال لاجتياز امتحانات الايمان بنجاح. (رؤيا ٧:١-٩) فأيّة محن احتملها ايوب؟ لماذا حدثت؟ وكيف يمكننا ان نستفيد من اختباراته؟
قضية بالغة الاهمية
٥ ماذا كان يحدث في السماء دون علم ايوب؟
٥ دون علم ايوب، كانت ستثار قضية عظمى في السماء. ففي احد الايام «جاء بنو اللّٰه ليمثلوا امام الرب.» (ايوب ١:٦) وكان ابن اللّٰه الوحيد، الكلمة، حاضرا. (يوحنا ١:١-٣) وكان حاضرا ايضا الملائكة الابرار و«ابناء اللّٰه» الملائكيون العصاة. (تكوين ٦:١-٣) وكان الشيطان هناك، لأن طرده من السماء لم يكن ليحدث إلّا بعد تأسيس الملكوت سنة ١٩١٤. (رؤيا ١٢:١-١٢) وفي ايام ايوب، كان الشيطان سينشئ قضية ملحّة. فقد كان على وشك ان يضع موضع الشك صواب سلطان يهوه على كل خلائقه.
٦ ماذا كان الشيطان يحاول ان يفعل، وكيف افترى على يهوه؟
٦ «من اين جئت،» سأل يهوه. فأجاب الشيطان: «من الجولان في الارض ومن التمشي فيها.» (ايوب ١:٧) لقد كان يلتمس مَن يبتلعه. (١ بطرس ٥:٨، ٩) وبكسر استقامة الافراد الذين يخدمون يهوه، كان الشيطان سيحاول ان يبرهن ان لا احد يطيع اللّٰه كاملا بدافع المحبة. وإذ تابع يهوه مناقشة القضية، سأل الشيطانَ: «هل جعلتَ قلبك على عبدي ايوب. لأنه ليس مثله في الارض. رجل (بلا لوم) ومستقيم يتَّقي اللّٰه ويحيد عن الشر.» (ايوب ١:٨) فقد كان ايوب يبلغ المقاييس الالهية التي كانت تأخذ نقائصه بعين الاعتبار. (مزمور ١٠٣:١٠-١٤) لكنَّ الشيطان اجاب: «هل مجانا يتَّقي ايوب اللّٰه. أليس انك سيَّجت حوله وحول بيته وحول كل ما له من كل ناحية. باركتَ اعمال يديه فانتشرت مواشيه في الارض.» (ايوب ١:٩، ١٠) وبذلك افترى ابليس على يهوه ملمِّحا الى انه لا احد يحبه ويعبده لِما هو عليه بل انه يرشو الخلائق لتخدمه. وادّعى الشيطان ان ايوب يخدم اللّٰه من اجل فائدة انانية، وليس بدافع المحبة.
الشيطان يهاجم!
٧ بأية طريقة تحدى ابليس اللّٰه، وكيف تجاوب يهوه؟
٧ «ولكن،» قال الشيطان، «ابسط يدك الآن ومسّ كل ما له فإنه في وجهك يجدِّف عليك.» فكيف كان اللّٰه سيتجاوب مع هذا التحدي المهين؟ قال يهوه: «هوذا كل ما له في يدك. وإنما اليه لا تمدّ يدك.» كان ابليس قد قال ان كل ما امتلكه ايوب كان يُبارَك، يزداد، ويُسيَّج حوله. وكان اللّٰه سيسمح بأن يتألم ايوب، رغم ان جسده لم يكن ليُمسّ. فترك الشيطان الاجتماع عاقدا العزم على الشر. — ايوب ١:١١، ١٢.
٨ (أ) اية خسارة مادية لحقت بأيوب؟ (ب) ماذا كانت الحقيقة عن «نار اللّٰه»؟
٨ وفورا ابتدأ الهجوم الشيطاني. فأوصل احد خدام ايوب هذه الاخبار السيئة اليه: «البقر كانت تحرث والاتن ترعى بجانبها فسقط عليها السبئيون وأخذوها وضربوا الغلمان بحد السيف.» (ايوب ١:١٣-١٥) لقد نُزع سياج الحماية من حول ممتلكات ايوب. وعلى الفور تقريبا، استُعملت قوة ابليسية مباشرة، اذ اخبره خادم آخر: «نار اللّٰه سقطت من السماء فأحرقت الغنم والغلمان وأكلتهم.» (ايوب ١:١٦) فكم كان شيطانيا جعل الامر يبدو وكأن اللّٰه هو المسؤول عن حلول كارثة كهذه حتى بخدامه! وبما ان البرق هو من السماء، كان يمكن ان يُلام يهوه بسهولة، ولكن فعليا كانت النار من مصدر ابليسي.
٩ كيف اثَّر الافلاس الاقتصادي في علاقة ايوب باللّٰه؟
٩ وإذ واصل الشيطان الهجوم، اخبره خادم آخر ان الكلدانيين قد اخذوا جِمال ايوب وقتلوا الغلمان الآخرين جميعهم. (ايوب ١:١٧) ورغم ان ايوب افلس بذلك اقتصاديا، لم يفسد ذلك علاقته باللّٰه. فهل يمكنكم ان تتحملوا خسارة مادية عظيمة دون كسر استقامتكم ليهوه؟
مأساة اعظم تحلّ
١٠، ١١ (أ) ماذا حدث لأولاد ايوب العشرة؟ (ب) بعد موت اولاد ايوب المأساوي، كيف نظر الى يهوه؟
١٠ لم ينتهِ ابليس من الهجوم على ايوب. فقد اخبر ايضا خادم آخر: «بنوك وبناتك كانوا يأكلون ويشربون خمرا في بيت اخيهم الاكبر وإذا ريح شديدة جاءت من عبر القفر وصدمت زوايا البيت الاربع فسقط على الغلمان فماتوا ونجوت انا وحدي لأخبرك.» (ايوب ١:١٨، ١٩) ان الشخص المزوَّد بمعلومات خاطئة قد يقول ان الخراب الذي سبَّبته الريح هو ‹عمل اللّٰه.› لكنَّ القوة الابليسية كانت قد اصابت ايوب في نقطة حساسة بشكل خصوصي.
١١ اذ المَّ الحزن بأيوب، «مزَّق جبَّته وجزَّ شعر رأسه وخرَّ على الارض وسجد.» ومع ذلك، اصغوا الى كلماته. «الرب اعطى والرب اخذ فليكن اسم الرب مباركا.» وتضيف الرواية: «في كل هذا لم يخطئ ايوب ولم ينسب للّٰه جهالة.» (ايوب ١:٢٠-٢٢) لقد هُزم الشيطان مرة اخرى. فماذا اذا اصابنا الثكل والحزن كخدام للّٰه؟ ان التعبد غير الاناني ليهوه والثقة به يمكن ان يجعلانا قادرين على الاحتمال كمحافظين على الاستقامة، تماما كما احتمل ايوب. ودون شك، يمكن ان يستمد الممسوحون ورفقاؤهم ذوو الرجاء الارضي التعزيةَ والقوة من هذه الرواية عن احتمال ايوب.
القضية تزداد حدّة
١٢، ١٣ ماذا طلب الشيطان في اجتماع آخر في السماء، وكيف تجاوب اللّٰه؟
١٢ سرعان ما عقد يهوه اجتماعا آخر في الديار السماوية. وكان ايوب قد صار رجلا معدِما بلا اولاد مضروبا من اللّٰه كما يبدو، لكنَّ استقامته كانت كاملة. وطبعا، لم يكن الشيطان ليقرّ ان تُهَمه ضد اللّٰه وأيوب باطلة. والآن، فإن «ابناء اللّٰه» هم على وشك سماع الحجج والحجج المضادة فيما كان يهوه يحاور ابليس ليحسم القضية.
١٣ وإذ يطلب يهوه ايضاحا من الشيطان يسأل: «من اين جئت.» والجواب؟ «من الجولان في الارض ومن التمشي فيها.» ومجدَّدا يلفت يهوه الانتباه الى خادمه ايوب الذي هو بلا لوم ومستقيم ويتَّقي اللّٰه، والذي كان لا يزال متمسكا باستقامته. فأجاب ابليس: «جلد بجلد وكل ما للانسان يعطيه لأجل نفسه. ولكن ابسط الآن يدك ومسّ عظمه ولحمه فإنه في وجهك يجدِّف عليك.» لذلك قال اللّٰه: «ها هو في يدك ولكن احفظ نفسه.» (ايوب ٢:٢-٦) وإذ لمَّح الشيطان ان يهوه لم ينزع بعدُ كل اسوار الحماية، طلب ان يمسّ عظم ايوب ولحمه. ولم يكن ليُسمح لابليس بقتل ايوب؛ ولكنَّ الشيطان علم ان المرض الجسدي كان سيؤلمه ويجعل الامر يبدو وكأنه يكابد عقابا من اللّٰه على خطايا سرية.
١٤ بماذا ضرب الشيطان ايوب، ولماذا لم يكن باستطاعة ايّ انسان ان يريح المتألم؟
١٤ اذ انصرف الشيطان من هذا الاجتماع، شرع في العمل بلذة شيطانية. فضرب ايوب «بقرح رديء من باطن قدمه الى هامته.» فيا للشقاء العظيم الذي احتمله ايوب وهو جالس في الرماد ويحتك بقطعة من الخزف! (ايوب ٢:٧، ٨) ولم يكن ايّ طبيب بشري قادرا ان يريحه من هذا المرض المؤلم، الكريه، والمخزي كثيرا، وذلك لأن قوة شيطانية هي التي سبَّبته. ويهوه فقط كان قادرا ان يشفي ايوب. فإذا كنتم خادما للّٰه يعاني مرضا، فلا تنسوا ابدا ان اللّٰه يستطيع مساعدتكم على الاحتمال ويستطيع اعطاءكم الحياة في عالم جديد خالٍ من الامراض. — مزمور ٤١:١-٣؛ اشعياء ٣٣:٢٤.
١٥ على فعل ماذا حثَّت زوجة ايوب زوجها، وماذا كان ردّ فعله؟
١٥ وأخيرا، قالت زوجة ايوب: «انت متمسك بعد (باستقامتك؟ العن) اللّٰه ومت.» وتشير ‹الاستقامة› الى التعبد الذي هو بلا لوم، ويمكن ان تكون قد تكلَّمت بتهكّم لتجعل ايوب يلعن اللّٰه. لكنه اجاب: «تتكلمين كلاما كإحدى الجاهلات. أالخير نقبل من عند اللّٰه والشر لا نقبل.» وحتى خدعة الشيطان هذه لم تنجح، اذ يجري اخبارنا: «في كل هذا لم يخطئ ايوب بشفتيه.» (ايوب ٢:٩، ١٠) افترضوا ان اعضاء مقاومين من العائلة قالوا اننا نرهق انفسنا بحماقة بالمساعي المسيحية وحثّونا على الارتداد عن يهوه اللّٰه. كأيوب، نستطيع احتمال امتحان كهذا لأننا نحب يهوه ونرغب في تسبيح اسمه القدوس. — مزمور ١٤٥:١، ٢؛ عبرانيين ١٣:١٥.
ثلاثة مخادعين متعجرفين
١٦ مَن اتوا كما يُفترض ليعزّوا ايوب، ولكن كيف ادارهم الشيطان؟
١٦ وفي ما تبيَّن اخيرا انه خطة شيطانية اخرى، اتى ‹الاصحاب› الثلاثة ليعزّوا ايوب كما يُفترض. وكان احدهم أليفاز، وهو على الارجح متحدر من ابرهيم بواسطة عيسو. ولأن أليفاز كانت له اولوية التكلم، فعلى الارجح كان هو الاكبر سنا. وكان موجودا ايضا بِلدد، متحدر من شوح الذي كان احد ابناء ابرهيم من قطورة. والثالث كان صوفر، المدعو النعماتي لتحديد عائلته او مكان اقامته، ربما في شمالي غربي شبه جزيرة العرب. (ايوب ٢:١١؛ تكوين ٢٥:١، ٢؛ ٣٦:٤، ١١) وكالذين يحاولون جعل شهود يهوه يرتدّون عن اللّٰه اليوم، حاول هذا الثلاثي، اذ اداره الشيطان، جعل ايوب يعترف بأنه مذنب بالتُّهَم الباطلة ويكسر استقامته.
١٧ ماذا فعل الثلاثي الزائر، وماذا لم يفعلوا سبعة ايام وسبع ليالٍ؟
١٧ قدَّم الثلاثي عرضا مخادعا علنيا للتعاطف بالبكاء، تمزيق ثيابهم، وتذرية تراب فوق رؤوسهم. لكنهم جلسوا مع ايوب بعد ذلك سبعة ايام وسبع ليالٍ دون ان يتفوَّهوا بكلمة تعزية واحدة! (ايوب ٢:١٢، ١٣؛ لوقا ١٨:١٠-١٤) وقد كان هؤلاء المخادعون المتعجرفون الثلاثة خالين من الروحيات بحيث لم يكن لديهم ايّ شيء معزٍّ ليقولوه عن يهوه ووعوده. لكنهم كانوا يصلون الى استنتاجات خاطئة ويستعدون ليستعملوها ضد ايوب حالما يكونون قد عملوا بموجب شكلية الحزن العلني. ومن المثير للاهتمام انه قبل انتهاء الصمت الذي دام سبعة ايام، جلس الشاب اليهو على بُعد يمكِّنه من سماع المحادثات.
١٨ لماذا طلب ايوب السلام في الموت؟
١٨ اخيرا قطع ايوب حبل الصمت. ولأنه لم يستمد التعزية من الثلاثي الزائر، لعن يوم ولادته وتساءل لماذا أُطيلت حياته الشقية. والآن اذ صار معوِزا، ثاكلا، ومريضا بمرض خطير، طلب السلام في الموت، حتى دون ان يتصوَّر انه يستطيع امتلاك الفرح الحقيقي يوما قبل موته. ولكنَّ اللّٰه لم يكن ليدع ايوب يُمسّ الى درجة الموت. — ايوب ٣:١-٢٦.
متَّهِمو ايوب يهاجمون
١٩ من اية نواحٍ اتَّهم أليفاز ايوبَ باطلا؟
١٩ تكلَّم أليفاز اولا في كلٍّ من جولات المناظرة الثلاث التي امتحنت استقامة ايوب اكثر. ففي خطبته الاولى، سأل أليفاز: «اين أُبيدَ المستقيمون.» واستنتج انه لكي يكابد ايوب عقابا من اللّٰه لا بد ان يكون قد فعل شرا. (ايوب، الاصحاحان ٤، ٥) وفي خطبته الثانية، سخر أليفاز من حكمة ايوب وسأل: «ماذا تعرفه ولا نعرفه نحن.» ولمَّح أليفاز ان ايوب كان يحاول ان يظهر انه اسمى من القادر على كل شيء. وفي اختتام هجومه الثاني، نعت ايوب بأنه مذنب بالارتداد، الرشوة، والخداع. (ايوب، الاصحاح ١٥) وفي خطبته الاخيرة، اتَّهم أليفاز ايوبَ باطلا بجرائم عديدة — الابتزاز، حرمان المحتاجين من الخبز والماء، وظلم الارامل واليتامى. — ايوب، الاصحاح ٢٢.
٢٠ ماذا كانت طبيعة هجومات بِلدد على ايوب؟
٢٠ كان لبِلدد الدور الثاني في الكلام في كلٍّ من جولات المناظرة الثلاث، وكان عادة يتَّبع المحور العام الذي يضعه أليفاز. وكانت خُطَب بِلدد اقصر ولكن لاذعة اكثر. حتى انه اتَّهم اولاد ايوب بارتكاب خطإ وبذلك استحقوا الموت. وبحجة خاطئة، استعمل هذا الايضاح: كما يجف البردي والحلفاء ويموتان دون ماء، هكذا هي حال «كل الناسين اللّٰه.» وهذه العبارة صحيحة، لكنها لا تنطبق على ايوب. (ايوب، الاصحاح ٨) وصنَّف بِلدد بلايا ايوب بأنها بلايا تأتي على الاشرار. (ايوب، الاصحاح ١٨) وفي خطبته الثالثة القصيرة، حاجَّ بِلدد ان الانسان هو «رِمَّة» و«دود» ولذلك هو نجس امام اللّٰه. — ايوب، الاصحاح ٢٥.
٢١ بماذا اتَّهم صوفر ايوب؟
٢١ كان صوفر ثالث المتكلمين في المناظرة. وعموما اتَّبع تسلسل حججه ذاك الذي لأليفاز وبِلدد. فاتَّهم صوفر ايوبَ بأنه شرير وحثَّه على التخلص من ممارساته الخاطئة. (ايوب، الاصحاحان ١١، ٢٠) وبعد جولتين توقف صوفر عن الكلام. فلم يكن لديه شيء ليضيفه في الجولة الثالثة. ولكنَّ ايوب اجاب بجرأة متَّهميه خلال كل المناظرة. مثلا، قال عند احدى المراحل: «معزُّون متعبون كلكم. هل من نهاية لكلام فارغ.» — ايوب ١٦:٢، ٣.
نستطيع ان نحتمل
٢٢، ٢٣ (أ) كما في قضية ايوب، كيف يمكن ان يشرع ابليس في محاولة كسر استقامتنا امام يهوه اللّٰه؟ (ب) رغم ان ايوب احتمل امتحانات متنوعة، ماذا يمكن ان نسأل عن موقفه؟
٢٢ يمكن ان نواجه كأيوب اكثر من محنة في وقت واحد، ويمكن ان يستعمل الشيطان التثبط او عوامل اخرى في محاولاته لكسر استقامتنا. وقد يحاول ان يحوِّلنا عن يهوه اذا كنا نواجه مشاكل اقتصادية. وإذا مات شخص نحبه او تدهورت صحتنا، قد يحاول الشيطان ان يجعلنا نلوم اللّٰه. وكأصحاب ايوب، قد يتَّهمنا ايضا شخص ما باطلا. وكما اشار الاخ ماكميلان، يمكن ان ‹يتعقبنا› الشيطان، ولكننا نستطيع ان نحتمل.
٢٣ كما لاحظنا الى الآن، كان ايوب يحتمل محنه المتنوعة. ولكن، هل كان يحتمل بشِق النفس؟ وهل كان فعلا منسحق الروح؟ لنرَ ما اذا كان ايوب قد فقد الامل كليا.
-
-
مكافأة ايوب — مصدر املبرج المراقبة ١٩٩٤ | ١٥ تشرين الثاني (نوفمبر)
-
-
مكافأة ايوب — مصدر امل
«بارك الرب آخرة ايوب اكثر من أُولاه.» — ايوب ٤٢:١٢.
١ ماذا يفعل يهوه لشعبه، حتى عندما تضعفهم المحن كثيرا؟
يهوه «(يكافئ) الذين يطلبونه.» (عبرانيين ١١:٦) وهو يحث ايضا شعبه المخلص على الشهادة بشجاعة، حتى وإن جعلتهم المحن ضعفاء كأموات. (ايوب ٢٦:٥؛ رؤيا ١١:٣، ٧، ١١) وقد تبرهن ان ذلك صحيح في حالة ايوب المتألم. فعلى الرغم من ان معزّيه الزائفين الثلاثة افتروا عليه، لم يسكته خوف الناس. بل قدَّم شهادة جريئة.
٢ رغم ان شهود يهوه يعانون اضطهادا ومشقة، كيف يجتازون محنهم؟
٢ يعاني كثيرون من شهود يهوه اليوم اضطهادا ومشقة عظيمين بحيث يشرفون على الموت. (٢ كورنثوس ١١:٢٣) لكنهم، كأيوب، يظهرون المحبة للّٰه ويمارسون البر. (حزقيال ١٤:١٤، ٢٠) ويجتازون محنهم عازمين على ارضاء يهوه، متقوِّين لتقديم شهادة جريئة، ومملوئين املا حقيقيا.
ايوب يقدِّم شهادة جريئة
٣ اية شهادة قدَّمها ايوب في خطبته الاخيرة؟
٣ في خطبته الاخيرة، قدَّم ايوب شهادة اعظم ايضا مما قدَّم سابقا. وأسكت كاملا معزِّيه الزائفين. فقد قال بتهكُّم لاذع: «يا لكم من عون كبير للخائر!» (ايوب ٢٦:٢، ترجمة تفسيرية) ومجَّد ايوب يهوه، الذي تعلِّق قوته كرتنا الارضية على لا شيء في الفضاء وتوقِف السُّحُب المحمَّلة ماء فوق الارض. (ايوب ٢٦:٧-٩) مع ذلك، قال ايوب ان عجائب كهذه ليست سوى «اطراف طرقه.» — ايوب ٢٦:١٤.
٤ ماذا قال ايوب عن الاستقامة، ولماذا امكنه التعبير عن نفسه بهذه الطريقة؟
٤ وإذ كان ايوب متأكدا من براءته، اعلن: «حتى أُسلم الروح لا اعزل (استقامتي) عني.» (ايوب ٢٧:٥) وخلافا للاتهمات الباطلة التي انهمرت عليه، لم يفعل شيئا ليستحق ما اصابه. وكان ايوب يعرف ان يهوه لا يسمع صلوات المرتدّين لكنه يكافئ المحافظين على الاستقامة. ويمكن ان يذكِّرنا ذلك جيدا بأن عاصفة هرمجدون ستزيل قريبا الاشرار من مركز سلطتهم، ولن يفلتوا من يد اللّٰه التي ستبيدهم جميعا. وحتى ذلك الحين، سيسلك شعب يهوه باستقامتهم. — ايوب ٢٧:١١-٢٣.
٥ كيف حدَّد ايوب الحكمة الحقيقية؟
٥ تخيَّلوا الثلاثي الحكيم في نظر العالم وهم يصغون فيما اظهر ايوب ان الانسان يستعمل مهاراته ليجد الذهب، الفضة، والكنوز الاخرى في الارض وفي البحر. ثم قال: «تحصيل الحكمة خير من اللآلئ.» (ايوب ٢٨:١٨) ومعزُّو ايوب الزائفون لم يكن بإمكانهم شراء الحكمة الحقيقية. فمصدرها هو خالق الريح، المطر، البرق، والرعد. حقا، ان «مخافة الرب [التوقيرية] هي الحكمة والحيدان عن الشر هو الفهم.» — ايوب ٢٨:٢٨.
٦ لماذا تحدَّث ايوب عن سني حياته الابكر؟
٦ وعلى الرغم من آلامه، لم يتوقف ايوب عن خدمة يهوه. وبدلا من التحوُّل عن العليّ، تاق رجل الاستقامة هذا الى ‹علاقته الحميمة› السابقة باللّٰه. (ايوب ٢٩:٤، عج) ولم يكن ايوب يتباهى عندما روى كيف ‹انقذ المسكين، لبس البر، وكان ابا حقيقيا للفقراء.› (ايوب ٢٩:١٢-١٦) وبالاحرى كان يذكر وقائع حياته كخادم امين ليهوه. فهل بنيتم سجلا حسنا كهذا؟ وطبعا، كان ايوب يشهِّر بُطل التُّهم التي وجَّهها المخادعون الكاذبون الثلاثة.
٧ ايّ نوع من الاشخاص كان ايوب؟
٧ لقد ضحك على ايوب الاحداث ‹الذين كان يستنكف من ان يجعل آباءهم مع كلاب غنمه.› وكان مكروها وبُصق عليه. ورغم ان ايوب كان مصابا على نحو خطير، لم تُظهَر له اية مراعاة للشعور. (ايوب ٣٠:١، ١٠، ٣٠) ولكن، لأنه وقف نفسه كاملا ليهوه، كان لديه ضمير طاهر واستطاع ان يقول: «ليزنّي في ميزان الحق فيعرف اللّٰه (استقامتي).» (ايوب ٣١:٦) ولم يكن ايوب زانيا او مدبِّرا للمكايد، ولم يفشل في مساعدة المحتاجين. ورغم انه كان غنيا، لم يثق قط بالثراء المادي. وعلاوة على ذلك، لم يمارس ايوب الصنمية بالتعبّد للاشياء غير الحية، كالقمر. (ايوب ٣١:٢٦-٢٨) وإذ وثق باللّٰه، رسم مثالا حسنا كمحافظ على الاستقامة. ورغم كل آلام ايوب ووجود معزّين زائفين، دافع دفاعا بارعا وقدَّم شهادة رائعة. وفي ختام اقواله، نظر الى اللّٰه بصفته قاضيه ومكافئه. — ايوب ٣١:٣٥-٤٠.
أليهو يتكلم
٨ مَن كان أليهو، وكيف اعرب عن الاحترام والشجاعة كليهما؟
٨ على مقربة منهم كان الشاب أليهو، متحدر من بوز بن ناحور وبالتالي نسيب بعيد القرابة لإبرهيم صديق يهوه. (اشعياء ٤١:٨، عج) وأظهر أليهو الاحترام للاكبر سنا بالاصغاء الى فريقَي المناظرة كليهما. لكنه تكلَّم بشجاعة عن امور كانوا فيها على خطإ. مثلا، حمي غضبه على ايوب عندما «حسب نفسه ابرَّ من اللّٰه.» وقد وُجِّه سخط أليهو خصوصا الى المعزّين الزائفين. فقد بدا ان عباراتهم تمجِّد اللّٰه لكنها في الواقع عيَّرته باتخاذ جانب الشيطان من القضية. وإذ كان أليهو ‹ملآنا اقوالا› ومدفوعا من الروح القدس، كان شاهدا غير متحيِّز ليهوه. — ايوب ٣٢:٢، ١٨، ٢١.
٩ كيف لمَّح أليهو الى ردّ لأجل ايوب؟
٩ كان ايوب قد صار مهتما بتبرئة نفسه اكثر من تبرئة اللّٰه. وفي الواقع، خاصم ايوب اللّٰه. ولكن اذ اشرف ايوب على الموت، جرى التلميح الى الردّ. وكيف ذلك؟ اندفع أليهو الى القول ان يهوه ترأف على ايوب بهذه الرسالة: «أُطلقه عن الهبوط الى الحفرة قد وجدت فدية. يصير لحمه اغض من لحم الصبي ويعود الى ايام شبابه.» — ايوب ٣٣:٢٤، ٢٥.
١٠ الى ايّ حد كان ايوب سيُمتحن، ولكن ممَّ يمكننا ان نتأكد نظرا الى ١ كورنثوس ١٠:١٣؟
١٠ ووبَّخ أليهو ايوب لقوله انه لا نفع من إرضاء اللّٰه بالمحافظة على الاستقامة. وقال أليهو: «حاشا للّٰه من الشر وللقدير من الظلم. لأنه يجازي الانسان على فعله.» فقد تصرَّف ايوب بتهوُّر في التشديد على برِّه الخاص، ولكنه فعل ذلك دون معرفة وبصيرة كافيتين. وأضاف أليهو: «ليت ايوب كان يُمتحن الى الغاية من اجل اجوبته كأهل الاثم.» (ايوب ٣٤:١٠، ١١، ٣٥، ٣٦) وعلى نحو مماثل، لا يمكن ان نثبت كاملا ايماننا واستقامتنا الا اذا ‹امتُحنا الى الغاية› بطريقة ما. ومع ذلك، لن يدعنا ابونا السماوي المحب نُجرَّب فوق ما نستطيع ان نحتمل. — ١ كورنثوس ١٠:١٣.
١١ عندما نُمتحن امتحانا قاسيا، ماذا يجب ان نتذكَّر؟
١١ وإذ تابع أليهو، اظهر مجدَّدا ان ايوب كان يشدِّد بإفراط على برِّه الخاص. والانتباه يجب ان يُركَّز على صانعنا العظيم. (ايوب ٣٥:٢، ٦، ١٠، عج) وقال أليهو ان اللّٰه «لا يحيي الشرير بل يجري قضاء البائسين.» (ايوب ٣٦:٦) ولا احد يستطيع ان يفرض على اللّٰه طريقه ويقول انه ليس بارًّا. وهو ممجَّد اكثر مما نستطيع ان ندرك، وسنواته ازلية لا يمكن فحصها. (ايوب ٣٦:٢٢-٢٦) وعندما تُمتحنون امتحانا قاسيا، تذكَّروا ان الهنا السرمدي بارٌّ وسيكافئنا على اعمالنا الامينة التي تجلب له التسبيح.
١٢ علامَ تدل عبارات أليهو الختامية عن تنفيذ اللّٰه الدينونة في الاشرار؟
١٢ وفيما كان أليهو يتكلم، كانت تتشكل عاصفة. فابتدأ قلبه يخفق ويضطرب وهي تقترب. وتحدَّث عن امور عظيمة صنعها يهوه، قائلا: «انصت الى هذا يا ايوب وقِف وتأمَّل بعجائب اللّٰه.» وكأيوب، يلزمنا ايضا ان نتأمَّل بعجائب اللّٰه وجلاله الذي يملأنا خوفا. قال أليهو: «القدير لا ندركه.» «عظيم القوة والحق وكثير البر. لا يجاوب. لذلك فلتخفه الناس.» (ايوب ٣٧:١، ١٤، ٢٣، ٢٤) وتذكِّرنا عبارات أليهو الختامية انه عندما ينفِّذ اللّٰه الدينونة قريبا في الاشرار، لن يخفِّف العدل والبر وسيحفظ خائفيه بصفتهم عبَّاده الذين يوقِّرونه. فيا للامتياز ان نكون بين مثل هؤلاء المحافظين على الاستقامة الذين يعترفون بيهوه بصفته المتسلط الكوني! فاحتملوا كما احتمل ايوب، ولا تدعوا ابدا ابليس يبعدكم عن مكانكم المبارَك بين هذه الحشود السعيدة.
يهوه يجيب ايوب
١٣، ١٤ (أ) عمَّ ابتدأ يهوه يسأل ايوب؟ (ب) اية نقاط يمكن تعلُّمها من اسئلة اخرى طرحها اللّٰه على ايوب؟
١٣ كم كان ايوب مندهشا دون شك عندما تكلَّم يهوه اليه من العاصفة! وهذه العاصفة كانت عملا للّٰه، بعكس الريح الشديدة التي استخدمها الشيطان ليدمِّر البيت ويقتل اولاد ايوب. وكان ايوب عاجزا عن الكلام عندما سأل اللّٰه: «اين كنتَ حين اسَّستُ الارض. . . . مَن وضع حجر زاويتها عندما ترنمت كواكب الصبح معا وهتف جميع بني اللّٰه.» (ايوب ٣٨:٤، ٦، ٧) وأمطر يهوه ايوبَ بسؤال تلو الآخر عن البحر، السحاب الذي تلبسه الارض، الفجر، ابواب الموت، النور والظلمة، ومجموعات النجوم. ولم يستطع ايوب ان يقول شيئا عندما سُئل: «هل عرفتَ سُنَن السموات.» — ايوب ٣٨:٣٣.
١٤ ودلَّت اسئلة اخرى انه قبل ان يُخلق الانسان ويُسلَّط على السمك، الدواجن، الوحوش، والزواحف، كان اللّٰه يعيلها — دون اية مساعدة او نصيحة بشرية. واشارت اسئلة يهوه الاضافية الى مخلوقات كالثور البري، النعامة، والفرس. وسُئل ايوب: «أو بأمرك يحلِّق النسر ويعلِّي وكره.» (ايوب ٣٩:٢٧) طبعا لا! تصوَّروا ردّ فعل ايوب عندما سأله اللّٰه: «هل يخاصم القديرَ موبِّخُه.» فلا عجب ان يقول ايوب: «ها انا حقير فماذا اجاوبك. وضعتُ يدي على فمي.» (ايوب ٤٠:٢، ٤) ولأن يهوه على صواب دائما، يجب ان ‹نضع يدنا على فمنا› اذا ما جُرِّبنا يوما لنتذمَّر عليه. وأسئلة اللّٰه عظَّمت ايضا تفوُّقه، جلاله، وقدرته، كما جرى الاعراب عنها في الخليقة.
بهيموث ولوياثان
١٥ ايّ نوع من الحيوانات يُعتبر البهيموث عموما، وما هي بعض ميزاته؟
١٥ بعد ذلك ذكر يهوه بهيموث المعتبَر عموما فرس النهر. (ايوب ٤٠:١٥-٢٤) ورغم ان هذا الحيوان لافت للنظر بسبب حجمه الضخم، وزنه الثقيل، وجلده القوي، فهو حيوان ‹يأكل العشب.› وتكمن مواطن قوته وطاقته في متنيه وعضلات بطنه. وعظام رجليه قوية ‹كأنابيب نحاس.› وبهيموث لا يُصاب بالذعر عندما تكون المياه جارفة بل يسبح بسهولة ضد التيار.
١٦ (أ) على ايّ مخلوق ينطبق وصف لوياثان، وما هي بعض الوقائع عنه؟ (ب) ماذا تقترح قوة بهيموث ولوياثان بشأن إتمام التعيينات في خدمة يهوه؟
١٦ وسأل اللّٰه ايوب ايضا: «أتصطاد لوياثان بشصّ او تضغط لسانه بحبل.» ينطبق وصف لوياثان على التمساح. (ايوب ٤١:١-٣٤) انه لن يقطع عهد سلام مع ايٍّ كان، ولا احد حكيما يجرؤ ان يثير هذا الحيوان الذي من فصيلة الزواحف. ولا ترغمه السهام على الفرار، و«يضحك على اهتزاز الرمح.» ولوياثان الثائر يجعل الاعماق تغلي كقدر طِيب. وواقع ان لوياثان وبهيموث هما اقوى من ايوب ساعد على جعله يتضع. ونحن ايضا يجب ان نعترف باتضاع بأننا لسنا اقوياء من تلقاء انفسنا. فنحن بحاجة الى الحكمة والقدرة اللتين يزوِّدهما اللّٰه للإفلات من انياب الشيطان، الحية، ولإتمام تعييناتنا في خدمة يهوه. — فيلبي ٤:١٣؛ رؤيا ١٢:٩.
١٧ (أ) كيف ‹رأى ايوب اللّٰه›؟ (ب) ماذا اثبتت الاسئلة التي لم يستطع ايوب الاجابة عنها، وكيف يمكن ان يساعدنا ذلك؟
١٧ وإذ اتَّضع ايوب كاملا، اعترف بوجهة نظره الخاطئة وأقرَّ بأنه تكلَّم دون معرفة. ومع ذلك، عبَّر عن الايمان بأنه ‹يرى اللّٰه.› (ايوب ١٩:٢٥-٢٧) وبما انه لا يمكن لأيّ انسان ان يرى يهوه ويعيش، فكيف يمكن ان يحدث ذلك؟ (خروج ٣٣:٢٠) في الواقع، رأى ايوب الاعراب عن القوة الالهية، سمع كلمة اللّٰه، وانفتحت عينا ادراكه ليرى الحقيقة عن يهوه. لذلك ‹تراجع ايوب وندم في التراب والرماد.› (ايوب ٤٢:١-٦) لقد اثبتت الاسئلة العديدة التي لم يستطع الاجابة عنها تفوُّقَ اللّٰه وأظهرت صغر الانسان، وحتى الذي يقف نفسه ليهوه كأيوب. وهذا يساعدنا ان ندرك انه لا يجب وضع مصالحنا قبل تقديس اسم يهوه وتبرئة سلطانه. (متى ٦:٩، ١٠) واهتمامنا الرئيسي يجب ان يكون المحافظة على الاستقامة ليهوه وتمجيد اسمه.
١٨ ماذا لزم ان يفعل معزُّو ايوب الزائفون؟
١٨ ولكن، ماذا عن المعزِّين الزائفين ذوي البر الذاتي؟ كان يمكن ليهوه بالصواب ان يقتل أليفاز، بِلدد، وصوفر لعدم قولهم الحقيقة عنه، كما فعل ايوب. قال اللّٰه: «خذوا لأنفسكم سبعة ثيران وسبعة كباش واذهبوا الى عبدي ايوب وأصعدوا محرقة لأجل انفسكم وعبدي ايوب يصلي من اجلكم.» لزم الثلاثي ان يتّضعوا من اجل العمل وفق ذلك. وكان ايوب المحافظ على الاستقامة سيصلي من اجلهم، وقد قبل يهوه صلاته. (ايوب ٤٢:٧-٩) ولكن ماذا عن زوجة ايوب التي حثَّته ان يلعن اللّٰه ويموت؟ يبدو ان رحمة اللّٰه سوَّت الامور بينهما.
المكافآت الموعود بها تمنحنا املا
١٩ في ما يتعلق بأيوب، كيف اظهر يهوه تفوُّقه على ابليس؟
١٩ عندما كفَّ ايوب عن القلق بشأن آلامه وتنشَّط للقيام بخدمة اللّٰه، غيَّر له يهوه مجرى الامور. وبعد ان صلَّى ايوب من اجل الثلاثي، «ردّ [اللّٰه] سبي ايوب» وأعطاه ‹كل ما كان له ضعفا.› وأظهر يهوه تفوُّقه على ابليس بوضع حدٍّ ليد الشيطان التي ابتلت ايوب بالمرض وبشفائه عجائبيا. وصدَّ اللّٰه ايضا الحشود الابليسية وأبعدها بالتسييج حول ايوب مجدَّدا بواسطة ملائكته. — ايوب ٤٢:١٠؛ مزمور ٣٤:٧.
٢٠ بأية طرائق كافأ يهوه ايوب وباركه؟
٢٠ وجاء اخوة ايوب، اخواته، ومعارفه السابقون ليأكلوا معه، يرثوا له، ويعزُّوه عن كل الشر الذي سمح يهوه بأن يختبره. وأعطى كلّ واحد منهم ايوبَ مالا وقرطا من ذهب. وبارك يهوه آخرة ايوب اكثر من أُولاه، بحيث صار يملك ٠٠٠,١٤ من الغنم، ٠٠٠,٦ من الابل، ٠٠٠,١ فدان من البقر، و ٠٠٠,١ اتان. وولد ايوب ايضا سبعة بنين وثلاث بنات، عدد الاولاد نفسه الذي كان لديه سابقا. وكانت بناته — يميمة، قصيعة، وقرن هفُّوك — اجمل نساء الارض، وأعطاهن ايوب ميراثا بين اخوتهن. (ايوب ٤٢:١١-١٥) وإضافة الى ذلك، عاش ايوب ١٤٠ سنة اخرى ورأى اربعة اجيال من ذريته. وتختتم الرواية: «مات ايوب شيخا وشبعان الايام.» (ايوب ٤٢:١٦، ١٧) وكانت إطالة حياته عجيبة من يهوه اللّٰه.
٢١ كيف تساعدنا رواية الاسفار المقدسة عن ايوب، وعلى ماذا يجب ان نصمِّم؟
٢١ ان رواية الاسفار المقدسة عن ايوب تجعلنا اكثر تيقُّظا لمكايد الشيطان وتساعدنا ان نرى كيف يتعلق السلطان الكوني باستقامة البشر. كأيوب، سيُمتحن جميع الذين يحبون اللّٰه. لكننا نستطيع ان نحتمل كما احتمل ايوب. فقد خرج من محنه بإيمان وأمل، وكانت مكافآته عديدة. وكخدام ليهوه اليوم، لدينا ايمان وأمل حقيقيان. ويا للامل العظيم الذي وضعه المكافئ العظيم امام كلٍّ منا! وإبقاء المكافأة السماوية في الذهن سيساعد الممسوحين على خدمة اللّٰه بولاء باقي حياتهم على الارض. وكثيرون من ذوي الرجاء الارضي لن يموتوا ابدا، ولكنَّ اولئك الذين يموتون سيُكافأون بقيامة في الفردوس على الارض، مع ايوب نفسه. وبأمل حقيقي كهذا في القلب والعقل، ليبرهن جميع الذين يحبون اللّٰه ان الشيطان كاذب بالوقوف بثبات بجانب يهوه كمحافظين على الاستقامة وداعمين مخلصين لسلطانه الكوني.
-