-
ايوب، مثال الاحتمال والاستقامةبرج المراقبة ٢٠٠٦ | ١٥ آب (اغسطس)
-
-
أَيُّوبُ، مِثَالُ ٱلِٱحْتِمَالِ وَٱلِٱسْتِقَامَةِ
«هَلْ جَعَلْتَ قَلْبَكَ عَلَى خَادِمِي أَيُّوبَ، لِأَنَّهُ لَيْسَ مِثْلُهُ فِي ٱلْأَرْضِ، رَجُلٌ بِلَا لَوْمٍ وَمُسْتَقِيمٌ، يَخَافُ ٱللّٰهَ وَيَحِيدُ عَنِ ٱلشَّرِّ؟». — ايوب ١:٨.
١، ٢ (أ) أَيَّةُ مَصَائِبَ غَيْرِ مُتَوَقَّعَةٍ حَلَّتْ بِأَيُّوبَ؟ (ب) كَيْفَ كَانَتْ حَيَاةُ أَيُّوبَ قَبْلَمَا حَلَّتْ بِهِ ٱلْمَصَائِبُ؟
رَجُلٌ كَانَ يَمْلِكُ كُلَّ شَيْءٍ: اَلثَّرْوَةَ، ٱلْمَكَانَةَ، ٱلصِّحَّةَ ٱلْجَيِّدَةَ، وَٱلْحَيَاةَ ٱلْعَائِلِيَّةَ ٱلسَّعِيدَةَ. وَلكِنْ فَجْأَةً حَلَّتْ بِهِ ثَلَاثُ مَصَائِبَ ٱلْوَاحِدَةُ تِلْوَ ٱلْأُخْرَى. فَقَدْ خَسِرَ ثَرْوَتَهُ بَيْنَ عَشِيَّةٍ وَضُحَاهَا. ثُمَّ هَبَّتْ عَاصِفَةٌ غَيْرُ ٱعْتِيَادِيَّةٍ أَوْدَتْ بِحَيَاةِ كُلِّ أَوْلَادِهِ. بُعَيْدَ ذلِكَ، أُصِيبَ بِمَرَضٍ رَهِيبٍ إِذْ غَطَّتِ ٱلدَّمَامِلُ جِسْمَهُ كُلَّهُ. أَنْتَ تَعْرِفُ عَلَى ٱلْأَرْجَحِ أَنَّ هذَا ٱلرَّجُلَ هُوَ أَيُّوبُ، شَخْصِيَّةٌ بَارِزَةٌ فِي ٱلسِّفْرِ ٱلَّذِي يَحْمِلُ ٱسْمَهُ. — ايوب، الاصحاحان ١ و ٢.
٢ تَحَسَّرَ أَيُّوبُ قَائِلًا: «يَا لَيْتَنِي كَمَا فِي ٱلْأَشْهُرِ ٱلْقَمَرِيَّةِ ٱلسَّالِفَةِ». (ايوب ٣:٣؛ ٢٩:٢) فَعِنْدَمَا تَحِلُّ ٱلنَّكْبَةُ، مَنْ لَا يَتُوقُ إِلَى ٱلْأَيَّامِ ٱلسَّالِفَةِ؟! كَانَ أَيُّوبُ يَعِيشُ فِي مَا مَضَى حَيَاةً هَانِئَةً وَكَأَنَّهُ بِمَنْأًى عَنِ ٱلْبَلِيَّةِ. وَقَدِ ٱحْتَرَمَهُ ٱلْأَشْخَاصُ ٱلْبَارِزُونَ وَطَلَبُوا مَشُورَتَهُ. (ايوب ٢٩:٥-١١) وَرَغْمَ أَنَّهُ كَانَ شَخْصًا ثَرِيًّا، فَقَدْ تَبَنَّى نَظْرَةً مُتَّزِنَةً إِلَى ٱلْمَالِ. (ايوب ٣١:٢٤، ٢٥، ٢٨) وَعِنْدَمَا كَانَ يَرَى أَرَامِلَ أَوْ أَيْتَامًا مُحْتَاجِينَ، كَانَ يَمُدُّ إِلَيْهِمْ يَدَ ٱلْمُسَاعَدَةِ. (ايوب ٢٩:١٢-١٦) كَمَا أَنَّهُ بَقِيَ أَمِينًا لِزَوْجَتِهِ. — ايوب ٣١:١، ٩، ١١.
٣ مَاذَا كَانَتْ نَظْرَةُ يَهْوَه إِلَى أَيُّوبَ؟
٣ كَانَ مَسْلَكُ حَيَاةِ أَيُّوبَ بِلَا لَوْمٍ لِأَنَّهُ كَانَ عَابِدًا للّٰهِ. فَقَدْ قَالَ يَهْوَه عَنْهُ: «لَيْسَ مِثْلُهُ فِي ٱلْأَرْضِ، رَجُلٌ بِلَا لَوْمٍ وَمُسْتَقِيمٌ، يَخَافُ ٱللّٰهَ وَيَحِيدُ عَنِ ٱلشَّرِّ». (ايوب ١:١، ٨) وَلكِنْ رَغْمَ ٱسْتِقَامَتِهِ ٱلْأَدَبِيَّةِ، نَغَّصَتِ ٱلْمَصَائِبُ عَلَيْهِ حَيَاتَهُ. فَفَقَدَ كُلَّ مَا عَمِلَ جَاهِدًا لِيَحْصُلَ عَلَيْهِ، وَٱمْتَحَنَ ٱلْأَلَمُ وَٱلْمُعَانَاةُ وَٱلْإِحْبَاطُ قُدْرَتَهُ عَلَى ٱلِٱحْتِمَالِ.
٤ لِمَاذَا مِنَ ٱلْمُسَاعِدِ أَنْ نَتَأَمَّلَ فِي مِحْنَةِ أَيُّوبَ؟
٤ طَبْعًا، لَيْسَ أَيُّوبُ خَادِمَ ٱللّٰهِ ٱلْوَحِيدَ ٱلَّذِي نَزَلَتْ بِهِ ٱلنَّكَبَاتُ. فَمَسِيحِيُّونَ كَثِيرُونَ ٱلْيَوْمَ يُعَانُونَ كَمَا عَانَى هُوَ. لِذلِكَ هُنَالِكَ سُؤَالَانِ جَدِيرَانِ بِأَنْ نَتَأَمَّلَ فِيهِمَا: كَيْفَ يُمْكِنُ لِلتَّفْكِيرِ فِي مِحْنَةِ أَيُّوبَ أَنْ يُسَاعِدَنَا عِنْدَمَا تَحِلُّ بِنَا ٱلْمَصَائِبُ؟ وَكَيْفَ تُعَلِّمُنَا هذِهِ ٱلْمِحْنَةُ أَنْ نَكُونَ أَكْثَرَ تَعَاطُفًا مَعَ ٱلَّذِينَ يُعَانُونَ ٱلْمَصَاعِبَ؟
قَضِيَّةُ وَلَاءٍ وَٱمْتِحَانُ ٱسْتِقَامَةٍ
٥ بِحَسَبِ ٱدِّعَاءِ ٱلشَّيْطَانِ، لِمَاذَا كَانَ أَيُّوبُ يَخْدُمُ ٱللّٰهَ؟
٥ إِنَّ مَا مَرَّ بِهِ أَيُّوبُ فَرِيدٌ مِنْ نَوْعِهِ. فَدُونَ عِلْمٍ مِنْهُ، كَانَ إِبْلِيسُ قَدْ شَكَّكَ فِي ٱلدَّافِعِ ٱلَّذِي يَجْعَلُهُ يَخْدُمُ ٱللّٰهَ. فَعِنْدَمَا لَفَتَ يَهْوَه ٱلِٱنْتِبَاهَ إِلَى صِفَاتِ أَيُّوبَ ٱلرَّائِعَةِ فِي تَجَمُّعٍ لِلْمَخْلُوقَاتِ ٱلرُّوحَانِيَّةِ فِي ٱلسَّمَاءِ، أَجَابَ ٱلشَّيْطَانُ: «أَمَا سَيَّجْتَ أَنْتَ حَوْلَهُ وَحَوْلَ بَيْتِهِ وَحَوْلَ كُلِّ مَا لَهُ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ؟». وَبِذلِكَ ٱدَّعَى ٱلشَّيْطَانُ أَنَّ دَافِعَ أَيُّوبَ — وَبِٱلتَّالِي دَافِعَ كُلِّ خُدَّامِ ٱللّٰهِ — هُوَ أَنَانِيٌّ. ثُمَّ قَالَ ٱلشَّيْطَانُ لِيَهْوَه: «مُدَّ يَدَكَ وَمَسَّ كُلَّ مَا لَهُ، وَٱنْظُرْ إِنْ كَانَ لَا يَلْعَنُكَ فِي وَجْهِكَ». — ايوب ١:٨-١١.
٦ أَيَّةُ قَضِيَّةٍ مُهِمَّةٍ أَنْشَأَهَا ٱلشَّيْطَانُ؟
٦ كَانَتْ هذِهِ ٱلْقَضِيَّةُ مُهِمَّةً. فَٱلشَّيْطَانُ تَحَدَّى قَدِيمًا طَرِيقَةَ يَهْوَه فِي مُمَارَسَةِ سُلْطَانِهِ. فَهَلْ مِنَ ٱلْمُمْكِنِ حَقًّا أَنْ يَحْكُمَ ٱللّٰهُ ٱلْكَوْنَ بِٱلْمَحَبَّةِ؟ أَمْ إِنَّ ٱلْأَنَانِيَّةَ عِنْدَ ٱلْبَشَرِ هِيَ ٱلَّتِي تَنْتَصِرُ دَائِمًا، كَمَا لَمَّحَ ٱلشَّيْطَانُ؟ سَمَحَ يَهْوَه لِإِبْلِيسَ أَنْ يُقْحِمَ أَيُّوبَ فِي قَضِيَّةٍ شَكَّلَتْ سَابِقَةً، وَقَدْ كَانَ وَاثِقًا مِنِ ٱسْتِقَامَةِ وَوَلَاءِ خَادِمِهِ. وَهكَذَا، فَإِنَّ ٱلشَّيْطَانَ هُوَ ٱلَّذِي أَنْزَلَ ٱلْمَصَائِبَ بِأَيُّوبَ بِهذَا ٱلتَّتَابُعِ ٱلسَّرِيعِ. وَعِنْدَمَا فَشِلَ فِي هَجَمَاتِهِ ٱلْأُولَى، ضَرَبَ أَيُّوبَ بِمَرَضٍ مُؤْلِمٍ. فَقَدِ ٱدَّعَى قَائِلًا: «جِلْدٌ بِجِلْدٍ، وَكُلُّ مَا لِلْإِنْسَانِ يُعْطِيهِ لِأَجْلِ نَفْسِهِ». — ايوب ٢:٤.
٧ كَيْفَ يَكُونُ خُدَّامُ ٱللّٰهِ ٱلْيَوْمَ مُعَرَّضِينَ لِمِحَنٍ مُمَاثِلَةٍ لِمِحَنِ أَيُّوبَ؟
٧ فِي حِينِ أَنَّ مُعْظَمَ ٱلْمَسِيحِيِّينَ ٱلْيَوْمَ لَا يَتَعَذَّبُونَ إِلَى هذَا ٱلْحَدِّ، فَهُمْ يَتَعَرَّضُونَ لِضِيقَاتٍ شَتَّى. فَكَثِيرُونَ يُوَاجِهُونَ ٱلِٱضْطِهَادَ أَوِ ٱلْمَشَاكِلَ ٱلْعَائِلِيَّةَ. وَيَرْزَحُ ٱلْبَعْضُ تَحْتَ وَطْأَةِ ٱلْمَشَقَّاتِ ٱلِٱقْتِصَادِيَّةِ أَوِ ٱلْمَرَضِ. كَمَا أَنَّ ٱلْبَعْضَ يُضَحُّونَ بِحَيَاتِهِمْ فِي سَبِيلِ إِيمَانِهِمْ. طَبْعًا، لَا يَجِبُ أَنْ نَسْتَنْتِجَ أَنَّ ٱلشَّيْطَانَ شَخْصِيًّا يُسَبِّبُ كُلَّ مُصِيبَةٍ تَحِلُّ بِنَا. فَبَعْضُ ٱلْمَشَاكِلِ قَدْ تَكُونُ فِي ٱلْوَاقِعِ نَتِيجَةَ أَخْطَائِنَا أَوْ عَامِلِ ٱلْوِرَاثَةِ. (غلاطية ٦:٧) وَجَمِيعُنَا مُعَرَّضُونَ لِمَشَاكِلِ ٱلشَّيْخُوخَةِ وَٱلْكَوَارِثِ ٱلطَّبِيعِيَّةِ. وَٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ يُوضِحُ أَنَّ يَهْوَه فِي ٱلْوَقْتِ ٱلْحَاضِرِ لَا يَحْمِي خُدَّامَهُ عَجَائِبِيًّا مِنْ هذِهِ ٱلْمَشَقَّاتِ. — جامعة ٩:١١.
٨ كَيْفَ يُمْكِنُ أَنْ يَسْتَغِلَّ ٱلشَّيْطَانُ ٱلضِّيقَاتِ ٱلَّتِي نُوَاجِهُهَا؟
٨ مَعَ أَنَّ ٱلشَّيْطَانَ لَا يُسَبِّبُ لَنَا كُلَّ هذِهِ ٱلضِّيقَاتِ، فَهُوَ يَسْتَغِلُّهَا لِتَقْوِيضِ إِيمَانِنَا. مَثَلًا، ذَكَرَ ٱلرَّسُولُ بُولُسُ أَنَّهُ أُعْطِيَ «شَوْكَةً فِي ٱلْجَسَدِ، مَلَاكًا لِلشَّيْطَانِ»، لِيَسْتَمِرَّ فِي ‹لَطْمِهِ›. (٢ كورنثوس ١٢:٧) وَسَوَاءٌ كَانَتْ هذِهِ مُشْكِلَةً صِحِّيَّةً، كَضُعْفِ ٱلْبَصَرِ، أَوْ مُشْكِلَةً أُخْرَى، فَقَدْ أَدْرَكَ بُولُسُ أَنَّ ٱلشَّيْطَانَ بِإِمْكَانِهِ ٱسْتِغْلَالُهَا وَٱسْتِغْلَالُ ٱلتَّثَبُّطِ ٱلنَّاتِجِ عَنْهَا لِيَجْعَلَهُ يَخْسَرُ فَرَحَهُ وَيَتَخَلَّى عَنِ ٱسْتِقَامَتِهِ. (امثال ٢٤:١٠) كَمَا أَنَّ ٱلشَّيْطَانَ قَدْ يُحَرِّضُ أَفْرَادَ ٱلْعَائِلَةِ أَوْ رُفَقَاءَ ٱلْمَدْرَسَةِ أَوْ حَتَّى ٱلْحُكُومَاتِ ٱلدِّكْتَاتُورِيَّةَ عَلَى ٱضْطِهَادِ خُدَّامِ ٱللّٰهِ بِطَرِيقَةٍ مَا.
٩ لِمَاذَا لَا يَنْبَغِي أَنْ تُفَاجِئَنَا ٱلشَّدَائِدُ أَوِ ٱلِٱضْطِهَادُ؟
٩ فَكَيْفَ يُمْكِنُنَا ٱلصُّمُودُ فِي وَجْهِ هذِهِ ٱلْمَشَاكِلِ؟ بِٱعْتِبَارِهَا فُرْصَةً لِلْبُرْهَانِ أَنَّ مَحَبَّتَنَا لِيَهْوَه وَإِذْعَانَنَا لِسُلْطَانِهِ لَا يَتَزَعْزَعَانِ. (يعقوب ١:٢-٤) فَمَهْمَا وَاجَهْنَا مِنْ مَشَاكِلَ، فَإِنَّ إِدْرَاكَ أَهَمِّيَّةِ وَلَائِنَا للّٰهِ سَيُسَاعِدُنَا لِنُحَافِظَ عَلَى ٱتِّزَانِنَا ٱلرُّوحِيِّ. كَتَبَ ٱلرَّسُولُ بُطْرُسُ إِلَى ٱلْمَسِيحِيِّينَ: «أَيُّهَا ٱلْأَحِبَّاءُ، لَا تَتَحَيَّرُوا مِنَ ٱلنَّارِ ٱلْمُشْتَعِلَةِ فِي مَا بَيْنَكُمُ، ٱلَّتِي تُصِيبُكُمْ لِأَجْلِ ٱمْتِحَانِكُمْ، وَكَأَنَّ أَمْرًا غَرِيبًا يَحِلُّ بِكُمْ». (١ بطرس ٤:١٢) وَأَوْضَحَ بُولُسُ: «إِنَّ جَمِيعَ ٱلَّذِينَ يَرْغَبُونَ فِي أَنْ يَحْيَوْا بِتَعَبُّدٍ للّٰهِ فِي ٱلْمَسِيحِ يَسُوعَ سَيُضْطَهَدُونَ أَيْضًا». (٢ تيموثاوس ٣:١٢) فَٱلشَّيْطَانُ مَا زَالَ يُشَكِّكُ فِي ٱسْتِقَامَةِ شُهُودِ يَهْوَه، كَمَا فَعَلَ فِي قَضِيَّةِ أَيُّوبَ. وَفِي ٱلْوَاقِعِ، يُشِيرُ ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ أَنَّ ٱلشَّيْطَانَ يُكَثِّفُ جُهُودَهُ لِلْهُجُومِ عَلَى شَعْبِ ٱللّٰهِ خِلَالَ هذِهِ ٱلْأَيَّامِ ٱلْأَخِيرَةِ. — رؤيا ١٢:٩، ١٧.
فَهْمٌ خَاطِئٌ وَنَصِيحَةٌ رَدِيئَةٌ
١٠ أَيَّةُ نَاحِيَةٍ سَلْبِيَّةٍ كَانَتْ فِي قَضِيَّةِ أَيُّوبَ؟
١٠ فِي قَضِيَّةِ أَيُّوبَ، كَانَتْ هُنَالِكَ نَاحِيَةٌ سَلْبِيَّةٌ بِإِمْكَانِنَا نَحْنُ ٱلْيَوْمَ تَجَنُّبُهَا. فَهُوَ لَمْ يَعْرِفْ لِمَاذَا تَنْزِلُ بِهِ ٱلنَّكَبَاتُ. وَقَدِ ٱسْتَنْتَجَ خَطَأً أَنَّ «يَهْوَه أَعْطَى، وَيَهْوَه أَخَذَ». (ايوب ١:٢١) فَلَرُبَّمَا سَعَى ٱلشَّيْطَانُ عَمْدًا أَنْ يُعْطِيَ أَيُّوبَ ٱلِٱنْطِبَاعَ أَنَّ ٱللّٰهَ هُوَ سَبَبُ بَلْوَاهُ.
١١ مَاذَا كَانَ رَدُّ فِعْلِ أَيُّوبَ عِنْدَمَا حَلَّتْ بِهِ ٱلْمَصَائِبُ؟
١١ رَغْمَ أَنَّ أَيُّوبَ رَفَضَ أَنْ يَلْعَنَ ٱللّٰهَ كَمَا حَثَّتْهُ زَوْجَتُهُ، لكِنَّهُ تَثَبَّطَ كَثِيرًا. (ايوب ٢:٩، ١٠) فَقَدْ قَالَ: ‹اَلْأَشْرَارُ مُزْدَهِرُونَ وَحَالُهُمْ أَفْضَلُ مِنِّي›. (ايوب ٢١:٧-٩) وَلَا بُدَّ أَنَّهُ تَسَاءَلَ: ‹لِمَاذَا يُعَاقِبُنِي ٱللّٰهُ؟›. حَتَّى إِنَّهُ كَانَ يَتَمَنَّى ٱلْمَوْتَ أَحْيَانًا. عَبَّرَ قَائِلًا: «لَيْتَكَ تُوَارِينِي فِي شِيُولَ، وَتُخْفِينِي إِلَى أَنْ يَرْتَدَّ غَضَبُكَ». — ايوب ١٤:١٣.
١٢، ١٣ أَيُّ أَثَرٍ تَرَكَتْهُ فِي أَيُّوبَ مَشُورَةُ أَصْحَابِهِ ٱلثَّلَاثَةِ؟
١٢ كَانَ لَدَى أَيُّوبَ ثَلَاثَةُ أَصْحَابٍ، وَقَدْ أَتَوْا لِزِيَارَتِهِ مُدَّعِينَ أَنَّهُمْ يُرِيدُونَ أَنْ «يَرْثُوا لَهُ وَيُعَزُّوهُ». (ايوب ٢:١١) وَلكِنْ تَبَيَّنَ أَنَّهُمْ «مُعَزُّونَ مُتْعِبُونَ». (ايوب ١٦:٢) فَأَيُّوبُ كَانَ يُمْكِنُ أَنْ يَسْتَفِيدَ مِنْ أَصْدِقَاءَ يَشْكُو إِلَيْهِمْ هَمَّهُ، إِلَّا أَنَّ هؤُلَاءِ ٱلثَّلَاثَةَ زَادُوا مِنْ شُعُورِهِ بِٱلِٱضْطِرَابِ وَٱلْإِحْبَاطِ. — ايوب ١٩:٢؛ ٢٦:٢.
١٣ مِنَ ٱلْمَنْطِقِيِّ إِذًا أَنْ نَسْتَنْتِجَ أَنَّ أَيُّوبَ رُبَّمَا تَسَاءَلَ: ‹لِمَاذَا أَنَا؟ مَاذَا فَعَلْتُ لِأَسْتَحِقَّ هذِهِ ٱلْمَصَائِبَ؟›. لكِنَّ أَصْحَابَهُ قَدَّمُوا لَهُ أَسْبَابًا مُضَلِّلَةً تَمَامًا. فَقَدِ ٱفْتَرَضُوا أَنَّهُ هُوَ مَنْ جَلَبَ هذِهِ ٱلْمُعَانَاةَ عَلَى نَفْسِهِ لِأَنَّهُ ٱرْتَكَبَ خَطِيَّةً خَطِيرَةً. سَأَلَ أَلِيفَازُ: «مَنْ هَلَكَ وَهُوَ بَرِيءٌ؟». ثُمَّ قَالَ: «بِحَسَبِ مَا رَأَيْتُ، إِنَّ ٱلَّذِينَ يُدَبِّرُونَ ٱلْأَذِيَّةَ وَيَزْرَعُونَ ٱلْمَتَاعِبَ هُمْ يَحْصُدُونَهَا». — ايوب ٤:٧، ٨.
١٤ لِمَاذَا لَا يَنْبَغِي أَنْ نُسَارِعَ إِلَى ٱلِٱسْتِنْتَاجِ أَنَّ ٱلْمُعَانَاةَ هِيَ نَتِيجَةُ ٱلسُّلُوكِ ٱلْخَاطِئِ؟
١٤ لَا شَكَّ أَنَّنَا نَحْصُدُ ٱلْمَشَاكِلَ إِذَا زَرَعْنَا لِلْجَسَدِ بَدَلًا مِنْ أَنْ نَزْرَعَ لِلرُّوحِ. (غلاطية ٦:٧، ٨) وَلكِنْ فِي هذَا ٱلنِّظَامِ ٱلْحَاضِرِ، يُمْكِنُ أَنْ تَنْشَأَ ٱلْمَشَاكِلُ كَيْفَمَا تَصَرَّفْنَا. كَمَا أَنَّهُ لَا يُمْكِنُنَا ٱلْقَوْلُ إِنَّ ٱلْأَبْرِيَاءَ لَا تَحِلُّ بِهِمِ ٱلْمَصَائِبُ. فَيَسُوعُ ٱلْمَسِيحُ ٱلَّذِي كَانَ ‹غَيْرَ مُدَنَّسٍ، مُنْفَصِلًا عَنِ ٱلْخُطَاةِ› مَاتَ مِيتَةً فَظِيعَةً عَلَى خَشَبَةِ آلَامٍ. وَٱلرَّسُولُ يَعْقُوبُ مَاتَ شَهِيدًا. (عبرانيين ٧:٢٦؛ اعمال ١٢:١، ٢) وَٱلتَّحْلِيلُ ٱلْخَاطِئُ ٱلَّذِي قَدَّمَهُ أَلِيفَازُ وَصَاحِبَاهُ دَفَعَ أَيُّوبَ إِلَى ٱلدِّفَاعِ عَنْ صِيتِهِ ٱلْجَيِّدِ وَٱلْإِصْرَارِ عَلَى بَرَاءَتِهِ. لكِنَّ ٱدِّعَاءَاتِهِمِ ٱلْعَنِيدَةَ أَنَّ أَيُّوبَ يَسْتَحِقُّ مَا يُعَانِيهِ رُبَّمَا أَثَّرَتْ فِي نَظْرَتِهِ إِلَى عَدْلِ ٱللّٰهِ. — ايوب ٣٤:٥؛ ٣٥:٢.
نَيْلُ ٱلْمُسَاعَدَةِ عِنْدَ مُوَاجَهَةِ ٱلضِّيقِ
١٥ أَيُّ نَوْعٍ مِنَ ٱلتَّفْكِيرِ سَيُسَاعِدُنَا عَلَى ٱلصُّمُودِ فِي وَجْهِ ٱلْمُعَانَاةِ؟
١٥ هَلْ يُمْكِنُنَا أَنْ نَتَعَلَّمَ دَرْسًا مِنْ رِوَايَةِ أَيُّوبَ؟ قَدْ يَبْدُو مِنَ ٱلظُّلْمِ أَنْ نُعَانِيَ ٱلْمَآسِيَ أَوِ ٱلْمَرَضَ أَوِ ٱلِٱضْطِهَادَ فِي حِينِ أَنَّ ٱلْآخَرِينَ يُفْلِتُونَ مِنْهَا. (مزمور ٧٣:٣-١٢) وَلكِنْ يَجِبُ أَنْ نَسْأَلَ أَنْفُسَنَا هذَيْنِ ٱلسُّؤَالَيْنِ ٱلْمُهِمَّيْنِ: ‹هَلْ تَدْفَعُنِي مَحَبَّتِي للّٰهِ إِلَى خِدْمَتِهِ مَهْمَا حَدَثَ؟ وَهَلْ أَتُوقُ أَنْ أُزَوِّدَ يَهْوَه «بِجَوَابٍ لِمَنْ يُعَيِّرُهُ»؟›. (امثال ٢٧:١١؛ متى ٢٢:٣٧) لَا يَجِبُ أَبَدًا أَنْ نَسْمَحَ لِتَعْلِيقَاتِ ٱلْآخَرِينَ ٱلطَّائِشَةِ أَنْ تَجْعَلَنَا نَشُكُّ فِي أَبِينَا ٱلسَّمَاوِيِّ. قَالَتْ أُخْتٌ مَسِيحِيَّةٌ أَمِينَةٌ صَارَعَتْ مَرَضًا مُزْمِنًا طَوَالَ سَنَوَاتٍ: «أَنَا أَعْرِفُ أَنَّهُ مَهْمَا سَمَحَ بِهِ يَهْوَه، فَإِنِّي قَادِرَةٌ عَلَى ٱحْتِمَالِهِ. فَأَنَا أَعْرِفُ أَنَّهُ سَيُعْطِينِي ٱلْقُدْرَةَ ٱللَّازِمَةَ. وَهذَا مَا يَفْعَلُهُ دَائِمًا».
١٦ كَيْفَ تُزَوِّدُ كَلِمَةُ ٱللّٰهِ ٱلْمُسَاعَدَةَ لِلَّذِينَ يُوَاجِهُونَ ٱلْمَشَقَّاتِ؟
١٦ نَحْنُ ٱلْيَوْمَ فِي وَضْعٍ أَفْضَلَ مِنْ وَضْعِ أَيُّوبَ لِأَنَّنَا نَفْهَمُ أَسَالِيبَ ٱلشَّيْطَانِ. «فَنَحْنُ لَا نَجْهَلُ مُخَطَّطَاتِهِ» ٱلشِّرِّيرَةَ. (٢ كورنثوس ٢:١١) عِلَاوَةً عَلَى ذلِكَ، لَدَيْنَا وَفْرَةٌ مِنَ ٱلْحِكْمَةِ ٱلْعَمَلِيَّةِ. فَفِي ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ، نَجِدُ رِوَايَاتٍ عَنْ رِجَالٍ وَنِسَاءٍ أُمَنَاءَ تَحَمَّلُوا كُلَّ أَنْوَاعِ ٱلْمَشَقَّاتِ. كَتَبَ ٱلرَّسُولُ بُولُسُ ٱلَّذِي قَاسَى أَكْثَرَ مِنْ غَيْرِهِ: «كُلُّ مَا كُتِبَ مِنْ قَبْلُ كُتِبَ لِإِرْشَادِنَا، حَتَّى بِٱحْتِمَالِنَا وَبِٱلتَّعْزِيَةِ مِنَ ٱلْأَسْفَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ يَكُونُ لَنَا رَجَاءٌ». (روما ١٥:٤) مَثَلًا خِلَالَ ٱلْحَرْبِ ٱلْعَالَمِيَّةِ ٱلثَّانِيَةِ، قَايَضَ شَاهِدٌ مِنْ أُورُوبا كَانَ مَسْجُونًا بِسَبَبِ إِيمَانِهِ حِصَصَ ٱلطَّعَامِ طَوَالَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ بِكِتَابٍ مُقَدَّسٍ. يَقُولُ: «كَمْ كَانَتْ هذِهِ ٱلْمُقَايَضَةُ مُكَافِئَةً! فَرَغْمَ جُوعِي ٱلْجَسَدِيِّ، نِلْتُ ٱلطَّعَامَ ٱلرُّوحِيَّ ٱلَّذِي دَعَمَنِي أَنَا وَٱلْآخَرِينَ فِي تَجَارِبِنَا خِلَالَ تِلْكَ ٱلْأَوْقَاتِ ٱلْمُضْطَرِبَةِ. وَمَا زِلْتُ أَحْتَفِظُ بِهذَا ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ حَتَّى ٱلْيَوْمِ».
١٧ أَيَّةُ تَدَابِيرَ إِلهِيَّةٍ يُمْكِنُ أَنْ تُسَاعِدَنَا عَلَى ٱلِٱحْتِمَالِ؟
١٧ إِضَافَةً إِلَى ٱلتَّعْزِيَةِ مِنَ ٱلْأَسْفَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ، لَدَيْنَا مُسَاعِدَاتٌ عَدِيدَةٌ عَلَى فَهْمِ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ تُزَوِّدُنَا بِٱلْإِرْشَادِ ٱلسَّلِيمِ لِمُوَاجَهَةِ ٱلْمَشَاكِلِ. فَإِذَا رَجَعْتَ إِلَى فَهْرَسُ مَطْبُوعَاتِ بُرْجِ ٱلْمُرَاقَبَةِ، فَسَتَجِدُ عَلَى ٱلْأَرْجَحِ ٱخْتِبَارًا عَنْ مَسِيحِيٍّ عَانَى مِحْنَةً مُمَاثِلَةً لِمِحْنَتِكَ. (١ بطرس ٥:٩) وَمِنَ ٱلْمُفِيدِ أَيْضًا أَنْ تُنَاقِشَ مُشْكِلَتَكَ مَعَ شُيُوخٍ مُتَعَاطِفِينَ أَوْ مَسِيحِيِّينَ نَاضِجِينَ آخَرِينَ. وَٱلْأَهَمُّ مِنْ ذلِكَ كُلِّهِ هُوَ أَنَّهُ بِإِمْكَانِكَ أَنْ تُصَلِّيَ إِلَى يَهْوَه طَلَبًا لِلْمُسَاعَدَةِ وَٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ. فَكَيْفَ قَاوَمَ بُولُسُ «لَطْمَ» ٱلشَّيْطَانِ؟ بِٱلِٱتِّكَالِ عَلَى قُدْرَةِ ٱللّٰهِ. (٢ كورنثوس ١٢:٩، ١٠) كَتَبَ: «أَسْتَطِيعُ كُلَّ شَيْءٍ بِذَاكَ ٱلَّذِي يَمْنَحُنِي ٱلْقُوَّةَ». — فيلبي ٤:١٣.
١٨ كَيْفَ يُمْكِنُ لِلرُّفَقَاءِ ٱلْمَسِيحِيِّينَ أَنْ يُقَدِّمُوا ٱلتَّشْجِيعَ ٱلْقَيِّمَ؟
١٨ بِمَا أَنَّ ٱلْمُسَاعَدَةَ مُتَاحَةٌ لَكَ، فَلَا يَنْبَغِي أَنْ تَتَرَدَّدَ فِي طَلَبِهَا. يَقُولُ أَحَدُ ٱلْأَمْثَالِ: «إِنْ تَثَبَّطْتَ فِي يَوْمِ ٱلشِّدَّةِ، ضَاقَتْ قُوَّتُكَ». (امثال ٢٤:١٠) فَتَمَامًا كَمَا يُمْكِنُ أَنْ يُقَوِّضَ ٱلنَّمْلُ ٱلْأَبْيَضُ بَيْتًا خَشَبِيًّا، يُمْكِنُ لِلتَّثَبُّطِ أَنْ يُقَوِّضَ ٱسْتِقَامَةَ ٱلْمَسِيحِيِّ. وَلِتَفَادِي هذَا ٱلْخَطَرِ، يُزَوِّدُنَا يَهْوَه بِٱلدَّعْمِ مِنْ خِلَالِ رُفَقَائِنَا ٱلْخُدَّامِ. مَثَلًا، تَرَاءَى مَلَاكٌ لِيَسُوعَ وَقَوَّاهُ لَيْلَةَ ٱعْتِقَالِهِ. (لوقا ٢٢:٤٣) وَعِنْدَمَا كَانَ بُولُسُ مُسَافِرًا إِلَى رُومَا كَسَجِينٍ، «شَكَرَ ٱللّٰهَ وَتَشَجَّعَ» عِنْدَمَا ٱلْتَقَى ٱلْإِخْوَةَ فِي سَاحَةِ سُوقِ أَبِّيُوسَ وَٱلْخَانَاتِ ٱلثَّلَاثَةِ. (اعمال ٢٨:١٥) وَلَا تَزَالُ شَاهِدَةٌ أَلْمَانِيَّةٌ تَتَذَكَّرُ ٱلْمُسَاعَدَةَ ٱلَّتِي نَالَتْهَا عِنْدَ وُصُولِهَا إِلَى مُعَسْكَرِ ٱعْتِقَالِ رَڤنسْبروك حِينَ كَانَتْ مُرَاهِقَةً يَتَمَلَّكُهَا ٱلْخَوْفُ. تَتَذَكَّرُ: «فَوْرًا، عَثَرَتْ عَلَيَّ إِحْدَى ٱلشَّاهِدَاتِ ٱلْمَسِيحِيَّاتِ وَرَحَّبَتْ بِي تَرْحِيبًا حَارًّا». وَتُتَابِعُ قَائِلَةً: «اِعْتَنَتْ بِي أُخْتٌ أَمِينَةٌ أُخْرَى وَصَارَتْ بِمَثَابَةِ أُمٍّ رُوحِيَّةٍ لِي».
«كُنْ أَمِينًا»
١٩ مَاذَا سَاعَدَ أَيُّوبَ عَلَى إِحْبَاطِ جُهُودِ ٱلشَّيْطَانِ؟
١٩ وَصَفَ يَهْوَه أَيُّوبَ بِأَنَّهُ رَجُلٌ «مُتَمَسِّكٌ بِٱسْتِقَامَتِهِ». (ايوب ٢:٣) فَرَغْمَ أَنَّهُ كَانَ مُثَبَّطًا وَلَمْ يَفْهَمْ سَبَبَ مُعَانَاتِهِ، لَمْ يَتَرَدَّدْ قَطُّ فِي قَضِيَّةِ ٱلْوَلَاءِ ٱلْمُهِمَّةِ. فَقَدْ أَبَى أَنْ يَتَخَلَّى عَنْ أَهَمِّ شَيْءٍ لَدَيْهِ فِي ٱلْحَيَاةِ. قَالَ: «حَتَّى أَلْفِظَ آخِرَ أَنْفَاسِي لَا أَنْزِعُ ٱسْتِقَامَتِي عَنِّي». — ايوب ٢٧:٥.
٢٠ لِمَاذَا ٱلِٱحْتِمَالُ يُجْدِي نَفْعًا؟
٢٠ نَحْنُ أَيْضًا سَيُسَاعِدُنَا ٱمْتِلَاكُ ٱلتَّصْمِيمِ عَيْنِهِ أَنْ نُحَافِظَ عَلَى ٱسْتِقَامَتِنَا مَهْمَا كَانَتِ ٱلظُّرُوفُ — سَوَاءٌ كُنَّا نُوَاجِهُ ٱلتَّجَارِبَ أَوِ ٱلْمُقَاوَمَةَ أَوِ ٱلشَّدَائِدَ. قَالَ يَسُوعُ لِلْجَمَاعَةِ فِي سِمِيرْنَا: «لَا تَخَفْ مِمَّا أَنْتَ مُوشِكٌ أَنْ تُعَانِيَ. هَا إِنَّ إِبْلِيسَ يُلْقِي ٱلْبَعْضَ مِنْكُمْ فِي ٱلسِّجْنِ لِكَيْ تُمْتَحَنُوا كَامِلًا، وَيَكُونَ لَكُمْ ضِيقٌ [مَشَاكِلُ أَوْ أَلَمٌ أَوِ ٱضْطِهَادٌ] عَشَرَةَ أَيَّامٍ. كُنْ أَمِينًا حَتَّى ٱلْمَوْتِ، فَأُعْطِيَكَ تَاجَ ٱلْحَيَاةِ». — رؤيا ٢:١٠.
٢١، ٢٢ أَيُّ أَمْرٍ تُعَزِّينَا مَعْرِفَتُهُ عِنْدَ ٱحْتِمَالِ ٱلضِّيقِ؟
٢١ فِي هذَا ٱلنِّظَامِ ٱلَّذِي يَحْكُمُهُ ٱلشَّيْطَانُ، سَيُمْتَحَنُ ٱحْتِمَالُنَا وَٱسْتِقَامَتُنَا. إِلَّا أَنَّ يَسُوعَ يُؤَكِّدُ لَنَا أَنَّهُ مَا مِنْ سَبَبٍ لِنَخَافَ مِنَ ٱلْمُسْتَقْبَلِ. فَٱلْأَمْرُ ٱلْمُهِمُّ هُوَ أَنْ نَبْقَى أُمَنَاءَ. وَقَالَ بُولُسُ إِنَّ ‹ٱلضِّيقَ وَجِيزٌ› فِي حِينِ أَنَّ ‹ٱلْمَجْدَ›، أَوِ ٱلْمُكَافَأَةَ ٱلَّتِي يَعِدُنَا يَهْوَه بِهَا، هُوَ ‹أَعْظَمُ جِدًّا وَأَبَدِيٌّ›. (٢ كورنثوس ٤:١٧، ١٨) حَتَّى ٱلضِّيقُ ٱلَّذِي مَرَّ بِهِ أَيُّوبُ كَانَ وَجِيزًا وَوَقْتِيًّا بِٱلْمُقَارَنَةِ مَعَ سَنَوَاتِ ٱلسَّعَادَةِ ٱلْعَدِيدَةِ ٱلَّتِي عَاشَهَا قَبْلَ مِحْنَتِهِ وَبَعْدَهَا. — ايوب ٤٢:١٦.
٢٢ رَغْمَ ذلِكَ، قَدْ تَمُرُّ أَوْقَاتٌ فِي حَيَاتِنَا يَبْدُو فِيهَا أَنَّ مِحَنَنَا لَنْ تَنْتَهِيَ وَعَذَابَنَا لَا يُحْتَمَلُ. وَفِي ٱلْمَقَالَةِ ٱلتَّالِيَةِ سَنَتَأَمَّلُ فِي دُرُوسٍ أُخْرَى عَنِ ٱلِٱحْتِمَالِ نَتَعَلَّمُهَا مِنِ ٱخْتِبَارِ أَيُّوبَ. كَمَا أَنَّنَا سَنَسْتَعْرِضُ طَرَائِقَ يُمْكِنُنَا بِوَاسِطَتِهَا أَنْ نُقَوِّيَ ٱلَّذِينَ يُوَاجِهُونَ ٱلشَّدَائِدَ.
-
-
«سمعتم باحتمال ايوب»برج المراقبة ٢٠٠٦ | ١٥ آب (اغسطس)
-
-
«سَمِعْتُمْ بِٱحْتِمَالِ أَيُّوبَ»
«قَدْ سَمِعْتُمْ بِٱحْتِمَالِ أَيُّوبَ وَرَأَيْتُمْ عَاقِبَةَ يَهْوَهَ، أَنَّ يَهْوَهَ حَنُونٌ جِدًّا وَرَحِيمٌ». — يعقوب ٥:١١.
١، ٢ أَيَّةُ مِحْنَةٍ وَاجَهَهَا زَوْجَانِ فِي بُولَنْدَا؟
حِينَ ٱسْتَولَى جَيْشُ هِتْلِر عَلَى دَانزيڠ (اَلْآنَ ڠدَانسك) فِي شَمَالِ بُولَنْدَا، كَانَ هَارَالت آبْت قَدْ صَارَ شَاهِدًا لِيَهْوَه مُنْذُ أَقَلَّ مِنْ سَنَةٍ. فِي ذلِكَ ٱلْوَقْتِ، عَاشَ ٱلْمَسِيحِيُّونَ ٱلْحَقِيقِيُّونَ فِي ظُرُوفٍ صَعْبَةٍ وَخَطِيرَةٍ. مَثَلًا، حَاوَلَ ٱلْغسْتَابُو إِجْبَارَ هَارَالت عَلَى تَوْقِيعِ وَثِيقَةٍ يُنْكِرُ فِيهَا إِيمَانَهُ، لكِنَّهُ رَفَضَ ذلِكَ. وَبَعْدَ عِدَّةِ أَسَابِيعَ فِي ٱلسِّجْنِ، أُرْسِلَ إِلَى مُعَسْكَرِ ٱعْتِقَالِ زَاكْسِنْهَاوزِنْ، حَيْثُ هُدِّدَ وَضُرِبَ مِرَارًا. وَذَاتَ مَرَّةٍ، أَشَارَ أَحَدُ ٱلْجُنُودِ إِلَى مَدْخَنَةِ مَحْرَقَةِ ٱلْجُثَثِ وَقَالَ لَهُ: «سَتَصْعَدُ مِنْ هُنَا إِلَى يَهْوَه إِلهِكَ فِي غُضُونِ ١٤ يَوْمًا إِذَا تَمَسَّكْتَ بِإِيمَانِكَ».
٢ عِنْدَمَا أُلْقِيَ ٱلْقَبْضُ عَلَى هَارَالت، كَانَتْ زَوْجَتُهُ إِلْزَا لَا تَزَالُ تُرْضِعُ طِفْلَتَهُمَا ٱلْبَالِغَةَ عَشَرَةَ أَشْهُرٍ مِنْ عُمْرِهَا. لكِنَّ ذلِكَ لَمْ يَجْعَلِ ٱلْغسْتَابُو يَغُضُّونَ ٱلنَّظَرَ عَنْهَا. فَسُرْعَانَ مَا أُخِذَتْ مِنْهَا طِفْلَتُهَا وَأُرْسِلَتْ إِلَى مُعَسْكَرِ ٱلْإِبَادَةِ فِي أُوشْڤِيتْس. غَيْرَ أَنَّهَا بَقِيَتْ عَلَى قَيْدِ ٱلْحَيَاةِ طَوَالَ سَنَوَاتٍ هِيَ وَزَوْجُهَا. وَيُمْكِنُكَ قِرَاءَةُ ٱلْمَزِيدِ مِنَ ٱلتَّفَاصِيلِ عَنِ ٱحْتِمَالِهِمَا فِي عدد ١٥ نيسان (ابريل) ١٩٨٠ (بالانكليزية). كَتَبَ هَارَالت: «قَضَيْتُ مَا مَجْمُوعُهُ ١٤ سَنَةً فِي مُعَسْكَرَاتِ ٱلِٱعْتِقَالِ وَٱلسُّجُونِ بِسَبَبِ إِيمَانِي بِٱللّٰهِ. وَقَدْ طُرِحَ عَلَيَّ هذَا ٱلسُّؤَالُ: ‹هَلْ سَاعَدَتْكَ زَوْجَتُكَ عَلَى ٱحْتِمَالِ كُلِّ ذلِكَ؟›. نَعَمْ، لَقَدْ سَاعَدَتْنِي بِٱلْفِعْلِ. فَكُنْتُ أَعْرِفُ سَلَفًا أَنَّهَا لَنْ تُسَايِرَ عَلَى حِسَابِ إِيمَانِهَا، وَهذَا مَا سَاهَمَ فِي دَعْمِي. وَكُنْتُ أَعْرِفُ أَنَّهَا تُفَضِّلُ أَنْ أَمُوتَ لِأَنِّي بَقِيتُ أَمِينًا لِيَهْوَه عَلَى أَنْ يُطْلَقَ سَرَاحِي لِأَنَّنِي سَايَرْتُ عَلَى حِسَابِ إِيمَانِي. . . . اِحْتَمَلَتْ إِلْزَا مَشَقَّاتٍ كَثِيرَةً خِلَالَ ٱلسَّنَوَاتِ ٱلَّتِي قَضَتْهَا فِي مُعَسْكَرَاتِ ٱلِٱعْتِقَالِ ٱلْأَلْمَانِيَّةِ».
٣، ٤ (أ) مِثَالُ مَنْ يُمْكِنُ أَنْ يُشَجِّعَ ٱلْمَسِيحِيِّينَ عَلَى ٱلِٱحْتِمَالِ؟ (ب) لِمَاذَا يَحُثُّنَا ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ عَلَى ٱلتَّأَمُّلِ فِي ٱخْتِبَارِ أَيُّوبَ؟
٣ إِنَّ ٱحْتِمَالَ ٱلْمَصَائِبِ لَيْسَ سَهْلًا أَلْبَتَّةَ، كَمَا يُؤَكِّدُ شُهُودٌ كَثِيرُونَ. لِذلِكَ يَنْصَحُ ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ كُلَّ ٱلْمَسِيحِيِّينَ: «اِتَّخِذُوا ٱلْأَنْبِيَاءَ، ٱلَّذِينَ تَكَلَّمُوا بِٱسْمِ يَهْوَهَ، نَمُوذَجًا لِتَحَمُّلِ ٱلسُّوءِ وَلِلصَّبْرِ». (يعقوب ٥:١٠) فَعَلَى مَرِّ ٱلْقُرُونِ، ٱضْطُهِدَ ٱلْكَثِيرُ مِنْ خُدَّامِ ٱللّٰهِ دُونَ سَبَبٍ. وَٱلْمِثَالُ ٱلَّذِي تَرَكَتْهُ هذِهِ ‹ٱلسَّحَابَةُ ٱلْعَظِيمَةُ مِنَ ٱلشُّهُودِ› يُشَجِّعُنَا عَلَى مُوَاصَلَةِ ٱلرَّكْضِ بِٱحْتِمَالٍ فِي سِبَاقِنَا ٱلْمَسِيحِيِّ. — عبرانيين ١١:٣٢-٣٨؛ ١٢:١.
٤ وَفِي سِجِلِّ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ، يَبْرُزُ أَيُّوبُ كَمِثَالٍ لِلِٱحْتِمَالِ. كَتَبَ يَعْقُوبُ: «هَا نَحْنُ نَغْبِطُ ٱلَّذِينَ يَحْتَمِلُونَ. قَدْ سَمِعْتُمْ بِٱحْتِمَالِ أَيُّوبَ وَرَأَيْتُمْ عَاقِبَةَ يَهْوَهَ، أَنَّ يَهْوَهَ حَنُونٌ جِدًّا وَرَحِيمٌ». (يعقوب ٥:١١) فَٱخْتِبَارُ أَيُّوبَ يُعْطِينَا لَمْحَةً عَنِ ٱلْمُكَافَأَةِ ٱلَّتِي تَنْتَظِرُ ٱلْأُمَنَاءَ ٱلَّذِينَ يُبَارِكُهُمْ يَهْوَه. وَٱلْأَهَمُّ هُوَ أَنَّهُ يَكْشِفُ حَقَائِقَ تُفِيدُنَا فِي أَوْقَاتِ ٱلشِّدَّةِ. كَمَا أَنَّ سِفْرَ أَيُّوبَ يُسَاعِدُنَا عَلَى ٱلْإِجَابَةِ عَنِ ٱلْأَسْئِلَةِ ٱلتَّالِيَةِ: عِنْدَمَا نَكُونُ فِي مِحْنَةٍ، لِمَاذَا يَجِبُ أَنْ نُحَاوِلَ فَهْمَ ٱلْقَضِيَّةِ ٱلْمُهِمَّةِ ذَاتِ ٱلْعَلَاقَةِ؟ أَيَّةُ صِفَاتٍ وَمَوَاقِفَ تُسَاعِدُنَا عَلَى ٱلِٱحْتِمَالِ؟ وَكَيْفَ يُمْكِنُنَا تَقْوِيَةُ ٱلرُّفَقَاءِ ٱلْمَسِيحِيِّينَ ٱلَّذِينَ يُعَانُونَ ٱلْمَشَقَّاتِ؟
اِمْتِلَاكُ نَظْرَةٍ شَامِلَةٍ
٥ أَيَّةُ قَضِيَّةٍ رَئِيسِيَّةٍ يَجِبُ أَنْ نُبْقِيَهَا فِي ذِهْنِنَا عِنْدَمَا نُوَاجِهُ ٱلْمِحَنَ أَوِ ٱلتَّجَارِبَ؟
٥ لِلْمُحَافَظَةِ عَلَى ٱلِٱتِّزَانِ ٱلرُّوحِيِّ خِلَالَ ٱلشَّدَائِدِ، يَلْزَمُ أَنْ نَمْتَلِكَ نَظْرَةً شَامِلَةً. وَإِلَّا فَسَتُغَشِّي مَشَاكِلُنَا بَصَرَنَا ٱلرُّوحِيَّ. فَقَضِيَّةُ ٱلْوَلَاءِ للّٰهِ لَهَا أَهَمِّيَّةٌ قُصْوَى. وَأَبُونَا ٱلسَّمَاوِيُّ يُقَدِّمُ مُنَاشَدَةً يُمْكِنُ لِكُلٍّ مِنَّا أَنْ يُفَكِّرَ فِيهَا جِدِّيًّا. يَقُولُ: «يَا ٱبْنِي، كُنْ حَكِيمًا وَفَرِّحْ قَلْبِي، لِأُجِيبَ مَنْ يُعَيِّرُنِي». (امثال ٢٧:١١) يَا لَهُ مِنِ ٱمْتِيَازٍ فَرِيدٍ! فَرَغْمَ ضَعَفَاتِنَا وَنَقَائِصِنَا، يُمْكِنُنَا أَنْ نُفَرِّحَ خَالِقَنَا. وَهذَا مَا نَفْعَلُهُ حِينَ تُمَكِّنُنَا مَحَبَّتُنَا لِيَهْوَه مِنَ ٱلصُّمُودِ فِي وَجْهِ ٱلْمِحَنِ وَٱلتَّجَارِبِ. فَٱلْمَحَبَّةُ ٱلْمَسِيحِيَّةُ ٱلْحَقِيقِيَّةُ تَحْتَمِلُ كُلَّ شَيْءٍ وَلَا تَفْنَى أَبَدًا. — ١ كورنثوس ١٣:٧، ٨.
٦ كَيْفَ تَطَالُ تَعْيِيرَاتُ ٱلشَّيْطَانِ يَهْوَه، وَإِلَى أَيِّ حَدٍّ تَصِلُ؟
٦ يَذْكُرُ سِفْرُ أَيُّوبَ بِٱلتَّحْدِيدِ أَنَّ ٱلشَّيْطَانَ هُوَ مَنْ يُعَيِّرُ يَهْوَه. وَيَكْشِفُ أَيْضًا ٱلْمَيْلَ ٱلشِّرِّيرَ لِهذَا ٱلْعَدُوِّ غَيْرِ ٱلْمَنْظُورِ وَرَغْبَتَهُ فِي تَقْوِيضِ عَلَاقَتِنَا بِٱللّٰهِ. وَكَمَا تُوضِحُ قَضِيَّةُ أَيُّوبَ، يَتَّهِمُ ٱلشَّيْطَانُ فِي ٱلْوَاقِعِ كُلَّ خُدَّامِ يَهْوَه بِأَنَّ لَدَيْهِمْ دَوَافِعَ أَنَانِيَّةً وَيَسْعَى إِلَى ٱلْبُرْهَانِ أَنَّ مَحَبَّتَهُمْ للّٰهِ يُمْكِنُ أَنْ تَبْرُدَ. وَهُوَ يُعَيِّرُ ٱللّٰهَ مُنْذُ آلَافِ ٱلسِّنِينَ. فَعِنْدَمَا طُرِدَ مِنَ ٱلسَّمَاءِ، وَصَفَهُ صَوْتٌ مِنَ ٱلسَّمَاءِ بِأَنَّهُ «مُتَّهِمُ إِخْوَتِنَا» وَقَالَ إِنَّهُ يَتَّهِمُهُمْ «نَهَارًا وَلَيْلًا أَمَامَ إِلٰهِنَا». (رؤيا ١٢:١٠) وَبِٱحْتِمَالِنَا بِأَمَانَةٍ، نُبَرْهِنُ أَنَّ ٱتِّهَامَاتِهِ لَا أَسَاسَ لَهَا مِنَ ٱلصِّحَّةِ.
٧ مَا هِيَ أَفْضَلُ طَرِيقَةٍ لِإِبْطَالِ مَفْعُولِ ٱلضُّعْفِ ٱلْجَسَدِيِّ؟
٧ يَجِبُ أَنْ نَتَذَكَّرَ أَنَّ إِبْلِيسَ سَيَسْتَغِلُّ أَيَّ ضِيقٍ نُوَاجِهُهُ لِيُحَاوِلَ إِبْعَادَنَا عَنْ يَهْوَه. فَمَتَى جَرَّبَ يَسُوعَ؟ حِينَ كَانَ يَسُوعُ جَائِعًا بَعْدَمَا صَامَ طَوَالَ أَيَّامٍ. (لوقا ٤:١-٣) لكِنَّ قُوَّةَ يَسُوعَ ٱلرُّوحِيَّةَ مَكَّنَتْهُ مِنْ صَدِّ تَجَارِبِ إِبْلِيسَ بِثَبَاتٍ. فَكَمْ هُوَ مُهِمٌّ أَنْ نَمْتَلِكَ ٱلْقُوَّةَ ٱلرُّوحِيَّةَ لِإِبْطَالِ مَفْعُولِ أَيِّ ضُعْفٍ جَسَدِيٍّ قَدْ يُنْتِجُهُ ٱلْمَرَضُ أَوِ ٱلشَّيْخُوخَةُ! فَرَغْمَ أَنَّ «إِنْسَانَنَا ٱلْخَارِجِيَّ يَضْنَى»، نَحْنُ لَا نَسْتَسْلِمُ لِأَنَّ «إِنْسَانَنَا ٱلدَّاخِلِيَّ يَتَجَدَّدُ يَوْمًا فَيَوْمًا». — ٢ كورنثوس ٤:١٦.
٨ (أ) أَيُّ أَثَرٍ هَدَّامٍ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ لِلْمَشَاعِرِ ٱلسَّلْبِيَّةِ؟ (ب) أَيُّ مَوْقِفٍ ٱمْتَلَكَهُ يَسُوعُ؟
٨ إِضَافَةً إِلَى ذلِكَ، يُمْكِنُ لِلْمَشَاعِرِ ٱلسَّلْبِيَّةِ أَنْ تُقَوِّضَ رُوحِيَّاتِ ٱلْمَرْءِ. فَقَدْ يَتَسَاءَلُ ٱلشَّخْصُ: ‹لِمَاذَا يَسْمَحُ يَهْوَه بِذلِكَ؟›. وَرُبَّمَا يَسْأَلُ شَخْصٌ آخَرُ بَعْدَ أَنْ يُعَامَلَ بِقَسْوَةٍ: ‹كَيْفَ يُمْكِنُ لِأَخٍ أَنْ يُعَامِلَنِي بِهذِهِ ٱلطَّرِيقَةِ؟›. إِنَّ هذِهِ ٱلْمَشَاعِرَ قَدْ تُعْمِينَا عَنِ ٱلْقَضِيَّةِ ٱلرَّئِيسِيَّةِ وَتَجْعَلُنَا نُرَكِّزُ عَلَى ظُرُوفِنَا ٱلشَّخْصِيَّةِ. فَتَثَبُّطُ أَيُّوبَ بِسَبَبِ أَصْحَابِهِ ٱلثَّلَاثَةِ ٱلَّذِينَ كَانَ لَدَيْهِمْ فَهْمٌ خَاطِئٌ أَنْتَجَ لَهُ أَذًى عَاطِفِيًّا — تَمَامًا كَٱلْأَذَى ٱلْجَسَدِيِّ ٱلَّذِي سَبَّبَهُ لَهُ مَرَضُهُ. (ايوب ١٦:٢٠؛ ١٩:٢) عَلَى نَحْوٍ مُمَاثِلٍ، أَشَارَ ٱلرَّسُولُ بُولُسُ أَنَّ ٱلْغَضَبَ ٱلْمُطَوَّلَ ‹يُفْسِحُ لِإِبْلِيسَ مَكَانًا› أَوْ فُرْصَةً. (افسس ٤:٢٦، ٢٧) فَبَدَلًا مِنْ أَنْ يَصُبَّ ٱلْمَسِيحِيُّونَ جَامَ غَضَبِهِمْ أَوْ تَثَبُّطِهِمْ عَلَى ٱلْآخَرِينَ أَوْ يُرَكِّزُوا كَثِيرًا عَلَى ٱلظُّلْمِ، يَحْسُنُ بِهِمِ ٱلِٱقْتِدَاءُ بِيَسُوعَ ‹بِتَسْلِيمِ أَمْرِهِمْ لِمَنْ يَدِينُ بِٱلْبِرِّ›. (١ بطرس ٢:٢١-٢٣) فَٱمْتِلَاكُ ‹مَيْلِ يَسُوعَ ٱلْعَقْلِيِّ› هُوَ خَيْرُ دِفَاعٍ فِي وَجْهِ هَجَمَاتِ ٱلشَّيْطَانِ. — ١ بطرس ٤:١.
٩ أَيَّةُ طَمْأَنَةٍ يُعْطِينَا إِيَّاهَا ٱللّٰهُ فِي مَا يَتَعَلَّقُ بِٱلْأَعْبَاءِ ٱلَّتِي نُضْطَرُّ إِلَى حَمْلِهَا أَوِ ٱلتَّجَارِبِ ٱلَّتِي نُوَاجِهُهَا؟
٩ وَٱلْأَهَمُّ مِنْ ذلِكَ كُلِّهِ هُوَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ إِطْلَاقًا أَنْ نَعْتَبِرَ مَشَاكِلَنَا دَلِيلًا قَاطِعًا عَلَى عَدَمِ رِضَى ٱللّٰهِ. فَهذَا ٱلْفَهْمُ ٱلْخَاطِئُ آلَمَ أَيُّوبَ حِينَ كَانَ مُعَزُّوهُ ٱلْمَزْعُومُونَ يُمْطِرُونَهُ بِوَابِلٍ مِنَ ٱلْكَلِمَاتِ ٱلْجَارِحَةِ. (ايوب ١٩:٢١، ٢٢) وَٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ يُطَمْئِنُنَا بِهذِهِ ٱلْكَلِمَاتِ: «إِنَّ ٱللّٰهَ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُمْتَحَنَ بِٱلسَّيِّئَاتِ، وَلَا هُوَ يَمْتَحِنُ أَحَدًا». (يعقوب ١:١٣) عَلَى ٱلْعَكْسِ، يَعِدُ يَهْوَه بِأَنْ يُسَاعِدَنَا عَلَى ٱحْتِمَالِ أَيِّ عِبْءٍ يُلْقَى عَلَيْنَا وَأَنْ يَجْعَلَ لَنَا ٱلْمَنْفَذَ مَعَ أَيَّةِ تَجْرِبَةٍ نَمُرُّ بِهَا. (مزمور ٥٥:٢٢؛ ١ كورنثوس ١٠:١٣) وَبِٱلِٱقْتِرَابِ إِلَى ٱللّٰهِ فِي أَوْقَاتِ ٱلشِّدَّةِ، يُمْكِنُنَا أَنْ نُحَافِظَ عَلَى نَظْرَةٍ مَوْضُوعِيَّةٍ وَأَنْ نُقَاوِمَ إِبْلِيسَ بِنَجَاحٍ. — يعقوب ٤:٧، ٨.
أُمُورٌ سَاعَدَتْ أَيُّوبَ عَلَى ٱلِٱحْتِمَالِ
١٠، ١١ (أ) مَاذَا سَاعَدَ أَيُّوبَ عَلَى ٱلِٱحْتِمَالِ؟ (ب) كَيْفَ كَانَ ٱمْتِلَاكُ ضَمِيرٍ صَالِحٍ أَمْرًا مُسَاعِدًا لِأَيُّوبَ؟
١٠ رَغْمَ حَالَةِ أَيُّوبَ ٱلْمَأْسَاوِيَّةِ، بِمَا فِي ذلِكَ ٱلْإِسَاءَةُ ٱلشَّفَهِيَّةُ مِنْ ‹مُعَزِّيهِ› وَحَيْرَتُهُ فِي مَا يَتَعَلَّقُ بِٱلسَّبَبِ ٱلْحَقِيقِيِّ لِبَلْوَاهُ، فَقَدْ حَافَظَ عَلَى ٱسْتِقَامَتِهِ. فَمَاذَا نَتَعَلَّمُ مِنِ ٱحْتِمَالِهِ؟ لَا شَكَّ أَنَّ ٱلسَّبَبَ ٱلرَّئِيسِيَّ لِٱنْتِصَارِهِ هُوَ أَمَانَتُهُ لِيَهْوَه. فَكَانَ شَخْصًا «يَخَافُ ٱللّٰهَ وَيَحِيدُ عَنِ ٱلشَّرِّ». (ايوب ١:١) وَكَانَتْ هذِهِ طَرِيقَةَ حَيَاتِهِ. وَقَدْ رَفَضَ أَنْ يَتْرُكَ يَهْوَه، حَتَّى حِينَ لَمْ يَفْهَمْ لِمَاذَا تُصِيبُهُ كُلُّ هذِهِ ٱلْمَشَاكِلِ. وَكَانَ مُقْتَنِعًا بِأَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَخْدُمَ ٱللّٰهَ فِي ٱلسَّرَّاءِ وَٱلضَّرَّاءِ. — ايوب ١:٢١؛ ٢:١٠.
١١ كَمَا أَنَّ ٱمْتِلَاكَهُ ضَمِيرًا صَالِحًا كَانَ أَمْرًا مُعَزِّيًا لَهُ. فَحِينَ بَدَا أَنَّهُ مُشْرِفٌ عَلَى ٱلْمَوْتِ، تَعَزَّى بِٱلْمَعْرِفَةِ أَنَّهُ عَمِلَ كُلَّ مَا فِي وُسْعِهِ لِمُسَاعَدَةِ ٱلْآخَرِينَ، ٱلْتَصَقَ بِمَقَايِيسِ يَهْوَه ٱلْبَارَّةِ، وَتَجَنَّبَ أَيَّ شَكْلٍ مِنْ أَشْكَالِ ٱلْعِبَادَةِ ٱلْبَاطِلَةِ. — ايوب ٣١:٤-١١، ٢٦-٢٨.
١٢ كَيْفَ تَجَاوَبَ أَيُّوبُ مَعَ ٱلْمُسَاعَدَةِ ٱلَّتِي قَدَّمَهَا لَهُ أَلِيهُو؟
١٢ مِمَّا لَا شَكَّ فِيهِ أَنَّهُ لَزِمَ تَقْوِيمُ طَرِيقَةِ تَفْكِيرِ أَيُّوبَ مِنْ بَعْضِ ٱلنَّوَاحِي. وَقَدْ قَبِلَ بِتَوَاضُعٍ هذِهِ ٱلْمُسَاعَدَةَ — أَمْرٌ آخَرُ سَاعَدَهُ عَلَى ٱلِٱحْتِمَالِ. فَأَيُّوبُ أَصْغَى بِٱحْتِرَامٍ إِلَى مَشُورَةِ أَلِيهُو ٱلْحَكِيمَةِ وَتَجَاوَبَ مَعَ تَقْوِيمِ يَهْوَه. اِعْتَرَفَ قَائِلًا: «إِنِّي قَدْ تَكَلَّمْتُ مِنْ غَيْرِ أَنْ أَفْهَمَ . . . أَتَرَاجَعُ، وَأَتُوبُ فِي ٱلتُّرَابِ وَٱلرَّمَادِ». (ايوب ٤٢:٣، ٦) وَرَغْمَ ٱلْمَرَضِ ٱلَّذِي كَانَ لَا يَزَالُ مُصَابًا بِهِ، كَانَ فَرِحًا لِأَنَّ هذَا ٱلتَّعْدِيلَ فِي تَفْكِيرِهِ قَرَّبَهُ أَكْثَرَ إِلَى ٱللّٰهِ. قَالَ: «قَدْ عَرَفْتُ أَنَّكَ [يَا يَهْوَه] تَسْتَطِيعُ كُلَّ شَيْءٍ». (ايوب ٤٢:٢) فَبِفَضْلِ ٱلْوَصْفِ ٱلَّذِي قَدَّمَهُ يَهْوَه عَنْ عَظَمَتِهِ، ٱتَّضَحَ لِأَيُّوبَ مَا هِيَ مَكَانَتُهُ بِٱلْمُقَارَنَةِ مَعَ مَكَانَةِ ٱلْخَالِقِ.
١٣ كَيْفَ ٱسْتَفَادَ أَيُّوبُ مِنْ إِظْهَارِ ٱلرَّحْمَةِ؟
١٣ وَأَخِيرًا، يَرْسُمُ أَيُّوبُ لَنَا مِثَالًا بَارِزًا فِي مَجَالِ ٱلرَّحْمَةِ. فَمَعَ أَنَّ مُعَزِّيهِ ٱلزَّائِفِينَ سَبَّبُوا لَهُ أَذًى عَمِيقًا، فَقَدْ صَلَّى مِنْ أَجْلِهِمْ عِنْدَمَا طَلَبَ يَهْوَه ذلِكَ مِنْهُ. بَعْدَئِذٍ، أَعَادَ يَهْوَه إِلَيْهِ عَافِيَتَهُ. (ايوب ٤٢:٨، ١٠) مِنَ ٱلْوَاضِحِ إِذًا أَنَّ ٱلِٱسْتِيَاءَ لَنْ يُسَاعِدَنَا عَلَى ٱلِٱحْتِمَالِ، فِي حِينِ أَنَّ ٱلْمَحَبَّةَ وَٱلرَّحْمَةَ هُمَا خَيْرُ مُسَاعِدٍ عَلَى ذلِكَ. فَعَدَمُ إِضْمَارِ ٱلِٱسْتِيَاءِ يُنْعِشُنَا رُوحِيًّا وَيَجْلُبُ لَنَا بَرَكَاتٍ مِنْ يَهْوَه. — مرقس ١١:٢٥.
مُشِيرُونَ حُكَمَاءُ يُسَاعِدُونَنَا عَلَى ٱلِٱحْتِمَالِ
١٤، ١٥ (أ) أَيَّةُ صِفَاتٍ تُمَكِّنُ ٱلْمُشِيرَ مِنْ شِفَاءِ ٱلْآخَرِينَ؟ (ب) أَوْضِحُوا لِمَاذَا تَمَكَّنَ أَلِيهُو مِنْ مُسَاعَدَةِ أَيُّوبَ.
١٤ اَلدَّرْسُ ٱلْآخَرُ ٱلَّذِي نَتَعَلَّمُهُ مِنْ رِوَايَةِ أَيُّوبَ يَتَعَلَّقُ بِأَهَمِّيَّةِ ٱلْمُشِيرِينَ ٱلْحُكَمَاءِ. فَأَمْثَالُ هؤُلَاءِ هُمْ إِخْوَةٌ ‹لِلشِّدَّةِ يُولَدُونَ›. (امثال ١٧:١٧) لكِنَّ ٱخْتِبَارَ أَيُّوبَ يُظْهِرُ لَنَا أَنَّ بَعْضَ ٱلْمُشِيرِينَ يُسَبِّبُونَ ٱلْأَذَى لِلْآخَرِينَ بَدَلًا مِنْ أَنْ يَشْفُوهُمْ. فَٱلْمُشِيرُ ٱلْجَيِّدُ يَجِبُ أَنْ يُظْهِرَ ٱلتَّعَاطُفَ، ٱلِٱحْتِرَامَ، وَٱللُّطْفَ تَمَامًا كَأَلِيهُو. وَٱلشُّيُوخُ وَٱلْمَسِيحِيُّونَ ٱلنَّاضِجُونَ ٱلْآخَرُونَ قَدْ يُضْطَرُّونَ إِلَى تَقْوِيمِ تَفْكِيرِ ٱلْإِخْوَةِ ٱلَّذِين تُثْقِلُ ٱلْمَشَاكِلُ كَاهِلَهُمْ. وَفِي هذَا ٱلْمَجَالِ، يُمْكِنُ لِهؤُلَاءِ ٱلْمُشِيرِينَ أَنْ يَتَعَلَّمُوا ٱلْكَثِيرَ مِنْ سِفْرِ أَيُّوبَ. — غلاطية ٦:١؛ عبرانيين ١٢:١٢، ١٣.
١٥ مَثَلًا، يُمْكِنُهُمُ ٱسْتِخْلَاصُ دُرُوسٍ رَائِعَةٍ عَدِيدَةٍ مِنْ طَرِيقَةِ أَلِيهُو فِي ٱلتَّصَرُّفِ. فَقَدْ أَصْغَى بِصَبْرٍ وَقْتًا طَوِيلًا قَبْلَمَا رَدَّ عَلَى ٱلتَّعْلِيقَاتِ ٱلْخَاطِئَةِ ٱلَّتِي تَفَوَّهَ بِهَا أَصْحَابُ أَيُّوبَ ٱلثَّلَاثَةُ. (ايوب ٣٢:١١؛ امثال ١٨:١٣) وَٱسْتَخْدَمَ ٱسْمَ أَيُّوبَ وَنَاشَدَهُ كَصَدِيقٍ. (ايوب ٣٣:١) وَبِعَكْسِ ٱلْمُعَزِّينَ ٱلزَّائِفِينَ ٱلثَّلَاثَةِ، لَمْ يَعْتَبِرْ نَفْسَهُ أَسْمَى مِنْ أَيُّوبَ. قَالَ: «أَنَا أَيْضًا مِنَ ٱلطِّينِ صُوِّرْتُ». وَلَمْ يُرِدْ أَنْ يَزِيدَ عَذَابًا عَلَى عَذَابِ أَيُّوبَ بِٱلتَّفَوُّهِ بِكَلِمَاتٍ طَائِشَةٍ. (ايوب ٣٣:٦، ٧؛ امثال ١٢:١٨) وَبَدَلًا مِنِ ٱنْتِقَادِ أَيُّوبَ عَلَى مَسْلَكِهِ ٱلسَّابِقِ، مَدَحَهُ عَلَى بِرِّهِ. (ايوب ٣٣:٣٢) وَٱلْأَهَمُّ مِنْ ذلِكَ كُلِّهِ هُوَ أَنَّ أَلِيهُو ٱمْتَلَكَ وُجْهَةَ نَظَرِ ٱللّٰهِ وَسَاعَدَ أَيُّوبَ أَنْ يُرَكِّزَ عَلَى ٱلْفِكْرَةِ أَنَّ يَهْوَه لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ ظَالِمًا أَلْبَتَّةَ. (ايوب ٣٤:١٠-١٢) كَمَا شَجَّعَهُ عَلَى ٱنْتِظَارِ يَهْوَه، بَدَلًا مِنْ أَنْ يُحَاوِلَ إِثْبَاتَ بِرِّهِ. (ايوب ٣٥:٢؛ ٣٧:١٤، ٢٣) أَفَلَيْسَتْ هذِهِ دُرُوسًا مُفِيدَةً لِلشُّيُوخِ ٱلْمَسِيحِيِّينَ وَغَيْرِهِمْ؟!
١٦ كَيْفَ صَارَ مُعَزُّو أَيُّوبَ ٱلثَّلَاثَةُ أَدَوَاتٍ فِي يَدِ ٱلشَّيْطَانِ؟
١٦ تَتَبَايَنُ مَشُورَةُ أَلِيهُو ٱلْحَكِيمَةُ مَعَ ٱلْكَلِمَاتِ ٱلْجَارِحَةِ ٱلَّتِي تَفَوَّهَ بِهَا أَلِيفَازُ وَبِلْدَدُ وَصُوفَرُ ٱلَّذِينَ قَالَ لَهُمْ يَهْوَه: «لَمْ تَقُولُوا فِيَّ ٱلْحَقَّ». (ايوب ٤٢:٧) فَرَغْمَ ٱدِّعَائِهِمْ أَنَّ لَدَيْهِمْ نِيَّةً حَسَنَةً، كَانُوا أَدَوَاتٍ فِي يَدِ ٱلشَّيْطَانِ بَدَلًا مِنْ أَنْ يَكُونُوا أَصْحَابًا أَوْفِيَاءَ. فَٱلثَّلَاثَةُ بِأَجْمَعِهِمِ ٱفْتَرَضُوا مِنَ ٱلْبِدَايَةِ أَنَّ أَيُّوبَ هُوَ ٱلْمَلُومُ عَلَى ٱلْمَصَائِبِ ٱلَّتِي حَلَّتْ بِهِ. (ايوب ٤:٧، ٨؛ ٨:٦؛ ٢٠:٢٢، ٢٩) مَثَلًا، قَالَ أَلِيفَازُ إِنَّ ٱللّٰهَ لَا يَثِقُ بِخُدَّامِهِ وَلَا يَهُمُّهُ أَلْبَتَّةَ إِنْ كُنَّا أَبْرَارًا أَمْ لَا. (ايوب ١٥:١٥؛ ٢٢:٢، ٣) حَتَّى إِنَّهُ ٱتَّهَمَ أَيُّوبَ بِذُنُوبٍ لَمْ يَرْتَكِبْهَا. (ايوب ٢٢:٥، ٩) أَمَّا أَلِيهُو فَقَدْ قَدَّمَ ٱلْمُسَاعَدَةَ ٱلرُّوحِيَّةَ لِأَيُّوبَ. وَهذَا هُوَ دَائِمًا هَدَفُ ٱلْمُشِيرِ ٱلْمُحِبِّ.
١٧ مَاذَا يَنْبَغِي أَنْ نُبْقِيَ فِي بَالِنَا عِنْدَمَا نَمُرُّ بِٱلْمِحَنِ؟
١٧ وَثَمَّةَ دَرْسٌ آخَرُ نَتَعَلَّمُهُ مِنْ سِفْرِ أَيُّوبَ عَنِ ٱلِٱحْتِمَالِ. فَإِلهُنَا ٱلْمُحِبُّ يُدْرِكُ حَالَتَنَا وَهُوَ مُسْتَعِدٌّ وَقَادِرٌ أَنْ يُسَاعِدَنَا بِشَتَّى ٱلطَّرَائِقِ. لَاحِظْ مَا ٱسْتَخْلَصَتْهُ إِلْزَا آبْت ٱلَّتِي قَرَأْنَا ٱخْتِبَارَهَا فِي مُسْتَهَلِّ ٱلْمَقَالَةِ. قَالَتْ: «قَبْلَ ٱعْتِقَالِي، قَرَأْتُ رِسَالَةً مِنْ أُخْتٍ تَقُولُ إِنَّ رُوحَ يَهْوَه يَمْنَحُنَا ٱلسَّكِينَةَ فِي ٱلْمِحَنِ ٱلْعَسِيرَةِ. فَٱعْتَقَدْتُ أَنَّها تُبَالِغُ فِي ٱلْأَمْرِ. وَلكِنْ عِنْدَمَا مَرَرْتُ أَنَا نَفْسِي بِٱلْمِحَنِ، لَمَسْتُ لَمْسَ ٱلْيَدِ أَنَّهَا مُحِقَّةٌ. فَهذَا مَا يَحْدُثُ فِعْلًا. وَرَغْمَ أَنَّكَ قَدْ تَسْتَصْعِبُ تَخَيُّلَ ذلِكَ إِذَا لَمْ تَخْتَبِرْهُ شَخْصِيًّا، فَهذَا مَا حَدَثَ مَعِي. إِنَّ يَهْوَه يُسَاعِدُ فِعْلًا». وَإِلْزَا لَمْ تَكُنْ تَتَكَلَّمْ عَمَّا يَسْتَطِيعُ يَهْوَه فِعْلَهُ أَوْ مَاذَا فَعَلَ مُنْذُ آلَافِ ٱلسِّنِينَ فِي أَيَّامِ أَيُّوبَ، بَلْ كَانَتْ تَقْصِدُ أَيَّامَنَا. حَقًّا، إِنَّ «يَهْوَه يُسَاعِدُ».
سَعِيدٌ هُوَ ٱلْإِنْسَانُ ٱلَّذِي يَحْتَمِلُ
١٨ أَيَّةُ فَوَائِدَ حَصَدَهَا أَيُّوبُ مِنَ ٱلِٱحْتِمَالِ؟
١٨ قَلِيلُونَ مِنَّا يُوَاجِهُونَ ظُرُوفًا عَصِيبَةً كَظُرُوفِ أَيُّوبَ. وَلكِنْ مَهْمَا كَانَتِ ٱلْمِحَنُ ٱلَّتِي نَمُرُّ بِهَا فِي نِظَامِ ٱلْأَشْيَاءِ هذَا، فَلَدَيْنَا أَسْبَابٌ وَجِيهَةٌ لِلْمُحَافَظَةِ عَلَى ٱسْتِقَامَتِنَا عَلَى غِرَارِ أَيُّوبَ. فَٱلِٱحْتِمَالُ أَغْنَى حَيَاتَهُ وَكَمَّلَهُ، أَوْ جَعَلَهُ تَامًّا. (يعقوب ١:٢-٤) وَقَدْ قَوَّى عَلَاقَتَهُ بِٱللّٰهِ كَمَا أَكَّدَ هُوَ بِنَفْسِهِ عِنْدَمَا قَالَ: «سَمِعْتُ عَنْكَ سَمَاعَ ٱلْأُذُنِ، أَمَّا ٱلْآنَ فَإِنِّي أَرَاكَ بِأُمِّ عَيْنِي». (ايوب ٤٢:٥) كَمَا بَرْهَنَ ذلِكَ أَنَّ ٱلشَّيْطَانَ كَاذِبٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَطِعْ كَسْرَ ٱسْتِقَامَةِ أَيُّوبَ. فَبَعْدَ مِئَاتِ ٱلسِّنِينَ، قَالَ يَهْوَه عَنْ خَادِمِهِ أَيُّوبَ إِنَّهُ مِثَالٌ لِلْبِرِّ. (حزقيال ١٤:١٤) وَلَا شَكَّ أَنَّ سِجِلَّ ٱسْتِقَامَتِهِ وَٱحْتِمَالِهِ هُوَ حَافِزٌ لِشَعْبِ ٱللّٰهِ ٱلْيَوْمَ.
١٩ لِمَاذَا تَشْعُرُونَ أَنَّ ٱلِٱحْتِمَالَ يُجْدِي نَفْعًا؟
١٩ عِنْدَمَا كَتَبَ يَعْقُوبُ إِلَى مَسِيحِيِّي ٱلْقَرْنِ ٱلْأَوَّلِ عَنِ ٱلِٱحْتِمَالِ، أَشَارَ إِلَى ٱلشُّعُورِ بِٱلِٱكْتِفَاءِ ٱلنَّاجِمِ عَنْ هذِهِ ٱلصِّفَةِ. وَٱسْتَخْدَمَ مِثَالَ أَيُّوبَ لِيُذَكِّرَهُمْ أَنَّ يَهْوَه يُكَافِئُ خُدَّامَهُ ٱلْأُمَنَاءَ بِسَخَاءٍ. (يعقوب ٥:١١) نَقْرَأُ فِي أَيُّوبَ ٤٢:١٢: «بَارَكَ يَهْوَهُ آخِرَةَ أَيُّوبَ أَكْثَرَ مِنْ أُولَاهُ». فَقَدْ أَعْطَى ٱللّٰهُ أَيُّوبَ ضِعْفَ مَا خَسِرَهُ فَعَاشَ حَيَاةً مَدِيدَةً وَسَعِيدَةً. (ايوب ٤٢:١٦، ١٧) عَلَى نَحْوٍ مُمَاثِلٍ، فَإِنَّ أَيَّ أَلَمٍ أَوْ عَذَابٍ أَوْ حُزْنٍ قَدْ نُضْطَرُّ إِلَى ٱحْتِمَالِهِ فِي نِهَايَةِ نِظَامِ ٱلْأَشْيَاءِ هذَا سَيُمْحَى وَيُنْسَى فِي عَالَمِ ٱللّٰهِ ٱلْجَدِيدِ. (اشعيا ٦٥:١٧؛ رؤيا ٢١:٤) وَقَدْ سَمِعْنَا بِٱحْتِمَالِ أَيُّوبَ وَنَحْنُ مُصَمِّمُونَ عَلَى ٱلِٱقْتِدَاءِ بِهِ بِمُسَاعَدَةِ يَهْوَه. فَٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ يَعِدُنَا: «سَعِيدٌ هُوَ ٱلْإِنْسَانُ ٱلَّذِي يُدَاوِمُ عَلَى ٱحْتِمَالِ ٱلْمِحْنَةِ، لِأَنَّهُ مَتَى رُضِيَ عَنْهُ يَنَالُ تَاجَ ٱلْحَيَاةِ، ٱلَّذِي وَعَدَ بِهِ يَهْوَهُ لِلَّذِينَ يَبْقَوْنَ عَلَى مَحَبَّتِهِ». — يعقوب ١:١٢.
-