-
الخداع في العلم — خداع اعظماستيقظ! ١٩٩٠ | كانون الثاني (يناير) ٢٢
-
-
الخداع في العلم — خداع اعظم
يعرَّف الخداع بأنه «عمل تضليل او اساءة تمثيل.» انه «التحوير العمدي للحق بغية حملِ آخر على التخلّي عن شيء ذي قيمة.» — قاموس وبستر الجامعي الجديد التاسع.
«التطور هو واقع.» هذا هو اعتراف الايمان النموذجي الذي يؤكِّد التماثل العلمي لمعتقدكم القويم. وللاستهلاك العام غالبا ما يُضاف الادِّعاء: ‹لقد تبرهن ذلك كثيرا جدا بحيث لم تعد هنالك حاجة الى تكرار البرهان.› ملائم جدا، وخصوصا لأن عالِم التطور لا برهان لديه يكرِّره. ومع ذلك فطوال سنوات يجري الادلاء بالتصريح مرة بعد اخرى، كأنشودة سحرية: «التطور هو واقع.»
وفي نيسان السنة الماضية، في مراجعة كتاب في مجلة ذا نيويورك تايمز بوك ريڤيو، كتب عالم الاحياء ريتشارد داوكِنز: «نحن هنا نتكلم عن واقع التطور نفسه، واقع يتبرهن تماما على نحو يتجاوز ايّ شك معقول.» وبعدئذ قال ان التأمل في الخلق «في صفوف علم الاحياء هو برجاحة العقل نفسها تقريبا كالمطالبة بوقت مساو من اجل نظرية الارض المسطَّحة في صفوف علم الفلك. او، كما اوضح احدهم، يمكنكم المطالبة ايضا بوقت مساو في صفوف تعليم الجنس من اجل نظرية اللقلق. انه آمنٌ على نحو مطلق القول انكم اذا التقيتم احدا يدَّعي عدم الايمان بالتطور فذلك الشخص جاهل، غبي، او مختل العقل (او شرير، ولكنني افضِّل ان لا افكِّر في ذلك).»
وستيڤن جاي ڠولد كتب مقالة عن التطور في عدد كانون الثاني ١٩٨٧ من المجلة العلمية ديسكوڤر. وبنيَّة المبالغة اعلن في هذه المقالة المؤلفة من خمس صفحات ان التطور هو واقع ١٢ مرة! وما يلي مقتطفات من المقالة:
كان عملُ داروين طول العمر «إثباتَ واقع التطور.» «ان واقع التطور مثبت كأيّ شيء في العلم (راسخ كدوران الارض حول الشمس).» بحلول وقت وفاة داروين، «بات كل الاشخاص المفكِّرين تقريبا يقبلون واقع التطور.» وتكلَّم ڠولد عنه بصفته «وقاعا راسخا» و «واقع التغيُّر الطفري.» «التطور هو ايضا واقع من وقائع الطبيعة.» و «التطور كذلك مثبت كأيّ واقع علمي.» «ثقتنا بواقع التطور تقوم على معلومات وافرة.» وهو يتكلَّم عن اتفاق علماء الاحياء «في واقع التطور.» و «اللاهوتيون لم يزعجهم واقع التطور.» «أعرف مئات العلماء الذين يتشاركون في قناعة ما بواقع التطور.»
وعند احدى النقاط في المقالة قال ڠولد: «لا اريد ان ابدو مثل شخص جازم بشدة يصرخ ‹التفّوا حول الراية يا شباب،› ولكنّ علماء الاحياء توصَّلوا الى إجماع . . . على واقع التطور.» ولكن، في الحقيقة، ألا يبدو ذلك مثل «شخص جازم بشدة يصرخ ‹التفّوا حول الراية يا شباب›»؟
واختصاصي علم الاحياء الجُزَيْئيّ ميخائيل دنتون اشار الى هذا الحديث الهذِر عن كون التطور واقعا ورفَضه بهذه الكلمات: «والآن، طبعا، ان ادِّعاءات كهذه هي مجرد هُراء.» انه اكثر بكثير من هُراء. انه خداع. فهو يضلِّل ويسيء التمثيل. وهو يحوِّر الحق لحملِ آخر على التخلّي عن شيء ذي قيمة. والصحف، الراديو، التلفزيون، مسلسلات الطبيعة، البرامج العلمية، الكتب المدرسية ابتداء من الصف الثاني فصاعدا — كلها تلجّ في طبع هذه التلاوة المتكررة «التطور هو واقع» في اذهان العامّة. ولكن، في الآونة الاخيرة، نقلت ذا نيويورك تايمز ان هيئة التدريس في كاليفورنيا اصدرت خطوطا ارشادية للكتب الدراسية العلمية تقلِّل على ما يظهر من التشديد على تعليم التطور كواقع. — ١٠ تشرين الثاني ١٩٨٩.
انه يحذو حذو تكتيك رؤساء الكهنة والفريسيين في ايام يسوع. فعندما عاد الخدام الذين أُرسلوا لاعتقال يسوع بدونه سأل الفريسيون: «لماذا لم تأتوا به. اجاب الخدام لم يتكلم قط انسان هكذا مثل هذا الانسان. فأجابهم الفريسيون ألعلكم انتم ايضا قد ضللتم. ألعل احدا من الرؤساء او من الفريسيين آمن به. ولكن هذا الشعب الذي لا يفهم الناموس هو ملعون.» (يوحنا ٧:٤٥-٤٩) استبداد السلطة: ‹لا احد من الناس المهمين، لا احد من الناس المتعلمين، يقبل يسوع بصفته المسيّا. الاغبياء الملعونون فقط يقبلونه.›
واليوم يستعمل علماء التطور الاقتراب الفريسي عينه: ‹آمنوا مثلنا،› يقولون. ‹كل العلماء الاكفاء يؤمنون بالتطور. كل الناس الاذكياء يؤمنون به. غير المتعلمين والجهال فقط لا يؤمنون به.› وبمثل هذا الترهيب والطغيان الفكري يجري تجميع جموع الناس في معسكر علماء التطور. فهم لا يعرفون شيئا عن ضعفات ونقائص نظرية التطور او تخميناتها غير السليمة ومستحيلاتها الفرضية — كنشوء الحياة من مواد كيميائية غير حية.a ولذلك تجرفهم التعاويذ التكرارية التي يتلوها دعاة التطور. فتصير النظرية عقيدة مسلَّما بها، ويصير الكارزون بها متغطرسين، ويحصد المخالفون السبّ الازدرائي. وينجح التكتيك. لقد نجح ايام يسوع؛ وهو ينجح اليوم.
هذا السطر الدعائي المؤلف من ثلاث كلمات، ‹التطور هو واقع،› هو صغير (صغير في المحتوى)، هو جملة بسيطة (تقال بسهولة)، ويكرَّر بمثابرة (حتى ١٢ مرة في مقالة قصيرة واحدة). وهو يبلغ المؤهلات كدعاية تغسل الدماغ فعالة، وبالتكرار يصل الى مرتبة الشعار — والشعارات حيثما تتكرَّر سرعان ما تصير مبرمجة في الاذهان وتنزلق على الالسن بقليل من الفحص النقدي او التحليل المتشكك. وعندما تصير النظرية شعارا في تفكير المجتمع لا تعود تتطلب البرهان، وكل مَن يخالف يُحتقر. وإذا عرض مثل هؤلاء المخالفين دحضا منطقيا لصحة الشعار يكونون على نحو خصوصي مضايِقين وعرضة للاستجابة المتوافرة الوحيدة، اي الاستهزاء.
وعلماء التطور الذين يتخصَّصون في الكذبة الكبيرة ان ‹التطور هو واقع› يسيرون ايضا على منوال هتلر، لأنه قال في كتابه عن الجموع التي سيطر عليها: «بالبساطة البدائية لعقولهم يقعون ضحايا لكذبة كبيرة بسهولة اكثر مما لكذبة صغيرة، لأنهم هو انفسهم ربما يكذبون ايضا في بعض الاحيان في الامور الصغيرة، ولكنهم يظلون بالتأكيد خجلين جدا من الاكاذيب الكبيرة جدا.» وثمة كتاب للاقتباسات الشعبية يُدرِج هذا الاقتباس بينها: «اذا قلت كذبة كبيرة بقدر كافٍ وقلتها كثيرا بقدر كافٍ، فكثيرون سيصدقونها.» وتلك التي يقولها علماء التطور هي كما يَظهر كبيرة بقدر كافٍ، وهي بالتأكيد تقال كثيرا بقدر كافٍ، لأن الملايين يصدقونها.
انها كذبة وهي ايضا خداع لأنها «عمل تضليل او اساءة تمثيل،» «تحوير . . . عمدي للحق بغية حملِ آخر على التخلّي عن شيء ذي قيمة.» وإذ يعلِّمون ان اسلاف الانسان هم حيوانات، بدءا من ميكروب وانتهاء الى قرد، فإن علماء التطور قد «استبدلوا حق اللّٰه بالكذب.» وبهذه الكذبة يحملون كثيرين على التخلّي عن شيء ذي قيمة عظيمة — ايمانهم باللّٰه بصفته خالقهم. — رومية ١:٢٥.
ان هذا الخداع يوقع ضررا مريعا. فضحاياه يشعرون بالتحرر من شرائع الخالق، ويصيرون شريعة لأنفسهم: ‹لا صواب او خطأ. أشبِعوا كل الشهوات الجسدية. اعملوا اموركم الخاصة. لا لزوم لأية زلات ذنْب.› ادخلوا الى الانحطاط الادبي، غير المكبوح والبالغ الذروة. وإذ يتخلَّون عن خالقهم والقيم الحقيقية للكتاب المقدس يصيرون مُعدِمين روحيا وينتهون «كحيوانات غير ناطقة طبيعية مولودة للصيد والهلاك.» — ٢ بطرس ٢:١٢.
[الحاشية]
a انظروا الحياة — كيف وصلت الى هنا؟ بالتطور ام بالخلق؟، بالانكليزية، الفصل ٤، اصدار جمعية برج المراقبة للكتاب المقدس والكراريس في نيويورك.
[الاطار في الصفحة ٩]
«ان الدعاية لن تقود الى النجاح إلاّ اذا أُخذ بعين الاعتبار مبدأ اساسي بانتباه شديد متواصل: يجب ان تقتصر على القليل وأن تكرِّر ذلك بصورة دائمة. وهنا ايضا تكون المثابرة، كما في امور اخرى كثيرة في هذا العالم، الشرط الاول والاهم للنجاح. . . . فالجموع . . . يوجِّهون ذاكرتهم فقط الى التكرار المردَّد ألف مرة لأبسط الافكار. والتغيير لا يجب ابدا ان يُبدِّل محتوى ما تولِّده الدعاية، وإنّما في النهاية عليها دائما ان تقول الامر عينه. وهكذا فإن الشعار يجب ان تُسلَّط عليه الاضواء من شتى الجوانب، ولكنّ نهاية كل انعكاس يجب دائما وتكرارا ان تكون الشعار نفسه.» — كفاحي، بقلم ادولف هتلر.
[الاطار في الصفحة ١٠]
دعاية الكذبة الكبيرة
«أمّا في ما يتعلق بواقع التطور فهنالك موافقة عالمية.» — حدود العلم، ١٩٣٣.
«ان التطور كواقع تاريخي قد تبرهن على نحو يتجاوز الشك المعقول في وقت لا يتعدّى العقود الختامية للقرن التاسع عشر.» — الاساس الاحيائي لحرية الانسان، ١٩٥٦.
«تطور الحياة لم يعد نظرية. انه واقع.» — جوليان هَكسلي، ١٩٥٩.
«كل علماء الاحياء المشهورين اتفقوا على ان تطور الحياة على الارض هو واقع مثبت.» — علم الاحياء لكم، ١٩٦٣.
«كل من يتعرَّض للدليل الداعم للتطور لا بد ان يعترف به كواقع تاريخي.» — تايمز-پيكايون لِنيو اورليانز، ١٩٦٤.
«اليوم، نظرية التطور هي واقع مقبول بالنسبة الى الجميع ما عدا اقلية اصولية.» — جيمس د. واطسون، ١٩٦٥.
«ان للتطور، الآن، مكانة الواقع.» — العلم قيد المحاكمة، ١٩٨٣.
«ما لدينا هو برهان لا يُدحض على واقع التطور.» — آشلي مونتاڠيو، ١٩٨٤.
-
-
الخداع في العلم — الخداع الاعظم على الاطلاقاستيقظ! ١٩٩٠ | كانون الثاني (يناير) ٢٢
-
-
الخداع في العلم — الخداع الاعظم على الاطلاق
يقول علماء التطور: ‹التطور هو واقع؛ اللّٰه هو خرافة.› ولا برهان لديهم على ايّ منهما، ولكنّ التعصُّب لا يحتاج الى برهان.
ملكية خاصة. ابقوا خارجا. هذا يعنيك انت يا اللّٰه! يسيِّج علماء التطور موضوع علم الاحياء بلافتات ويقولون للّٰه ان يظلّ خارجه. ‹كل العلماء الاكفاء يؤمنون بالتطور،› يقولون. وذلك يقول ايضا، في الواقع: ‹العلماء الذين لا يؤمنون هم غير اكفاء؛ تعوزهم حذاقتنا نحن.› أمّا بالنسبة الى اللّٰه فيقولون انه لا مكان له في التفكير العلمي. وفضلا عن ذلك، فحتى وجوده غير قابل للبرهان.
ان هذا الإقصاء الهذِر للّٰه هو الخداع الاعظم على الاطلاق.
وعلم الاحياء الجديد، لواضعيه روبرت اوڠروس وجورج ستانكيو، يُبرز في الصفحة ١٨٨ بعض العبارات لعلماء بارزين يتجاهلون اللّٰه: «يعتقد الرأي العام ان داروين خلَّص علم الاحياء مرة وإلى الابد من الحاجة الى اللّٰه. ويقول إِلدْرِج، داروين ‹علَّمنا اننا نستطيع فهم تاريخ الحياة بلغة طبيعية محض، دون اللجوء الى ما هو فوق الطبيعي او إلهي.› وقال جوليان هَكسلي: ‹الداروينية ازالت فكرة اللّٰه بكاملها كخالق للعُضويّات organisms من نطاق المناقشة العقلانية.› ويكتب جاكوب: ‹ان الفكرة ان كل نوع صمَّمه خالق على حدته نسفها داروين.› ويكتب سيمپسون عن اصل اول عُضويّة: ‹ليس هنالك، بأية حال، ايّ سبب لاشتراط عجيبة. ولا هو ضروري الافتراض ان اصل العمليات الجديدة للتناسل والطفرة (تحوُّل وراثي مفاجئ) كان ايّ شيء سوى مادي.›»
‹ولكن ألا يترك ذلك الحياة على الارض دون خالق مصمِّم؟› تسألون. ‹لا حاجة الى احد،› يجيب علماء التطور. ‹انها في يد الصدفة. الصدفةُ العمياء هي المصمِّم. ونحن ندعوها الانتقاء الطبيعي.›
ولكن كلما تعلَّمنا اكثر رأينا تصميما اكثر. فالمقدار المصروف من الذكاء والحكمة مذهل. أليس ذلك اكثر بكثير من ان تعالجه الصدفة المغفَّلة العديمة التفكير والعمياء؟ تأملوا في مجرد عدد قليل من مئات الاجهزة في الطبيعة التي تعكس الحكمة الخلاّقة — التي غالبا ما ينسخها المخترعون البشر.
ان علم تحريك الغازات aerodynamics لأجنحة الطيور سبق بألوف السنين التصميم الادنى مستوًى الموجود في اجنحة الطائرات. والبحَّار ذو الغرف chambered nautilus والحبَّار cuttlefish يستعملان خزانات عوم للمحافظة على الطفو buoyancy مهما كان العمق الذي يسبحان فيه، وذلك بفعالية اكثر بكثير مما تفعل الغواصات الحديثة. والاخطبوط والصبِّيدج هما سيِّدا الدفع النفّاث jet propulsion. والخفافيش والدلافين خبيرة بالسونار (الكشف بالموجات الصوتية). وللعديد من الزواحف والطيور البحرية «مصانعُ لازالة الملوحة» خاصةٌ بها مبنية فيها تمكِّنها من شرب ماء البحر. ولبعض الجراثيم (البكتيريا) المجهرية محرِّكات دوّارة يمْكنها تشغيلها الى الامام وإلى الوراء.
وبالاوكار المصمَّمة ببراعة وباستعمالها الماء تقوم الأَرَض (النمل الابيض) بتكييف هواء بيوتها. والحشرات، النباتات المجهرية، الاسماك، والاشجار تستعمل شكلها الخاص من المواد «المضادة للتجمُّد.» ويجري الاحساس بأجزاء زهيدة من درجات تغيُّر الحرارة بواسطة موازين حرارة مبنية في بعض الثعابين، البعوض، طيور الادغال mallee، والديوك الحبشية للأجمات. والزنابير، الدبابير، والزنابير الصفراء تصنع الورق. والاسفنج، الفطريات، الجراثيم، اليراع glowworms، الحشرات، الاسماك — كلها تنتج الضوء البارد، وغالبا بالالوان. وعلى ما يبدو، للكثير من الطيور المهاجرة بُوصلات، خرائط، وساعات احيائية في رؤوسها. وخنافس وعناكب الماء تستعمل جهاز تنفس مستقلا ونواقيس غطس.a — انظروا الصور في الصفحة ١٥.
ان ابتكار كل هذا التصميم والحكمة الغريزية يتطلَّب ذكاء يفوق كثيرا ذكاء الانسان. (امثال ٣٠:٢٤، عج) ولكنّ بعض الامثلة المذهلة اكثر موجودة في عالَم الاشياء المتناهية الصِغر — حيث كان علماء التطور يرجون رؤية البداية البسيطة للحياة لمباشرة التطور في ارتقائه الصعودي الى التصميمات الواضحة التعقيد اينما كان — بما فيها نحن. بداية بسيطة؟ لا شيء كهذا! تأملوا في التعقيدات التي تعكس التصميم الذكي في اصغر الخلايا.
يقول علم الاحياء الجديد في الصفحة ٣٠: «تُجري الخلية العادية مئات التفاعلات الكيميائية كل ثانية ويمكنها ان تتكاثر كل عشرين دقيقة او نحو ذلك. ومع ذلك يحدث كل هذا في نطاق بمثل هذا الصِغر: فأكثر من ٥٠٠ جرثومة يمكن استيعابها في المساحة التي تشغلها النقطة في آخر هذه الجملة. و [عالِم الاحياء فرانسوا] جاكوب يتعجَّب من المختبر البالغ الصِغر للخلية الجرثومية، الذي ‹يُجري حوالي ألفي تفاعل متميز بمهارة لا تُضاهى، في اصغر فسحة يمكن تخيُّلها. والألفا تفاعل هذه تتشعب وتتجمع في اقصى سرعة، دون ان تتشابك ابدا.›»
ويقول مركز الحياة — تاريخ طبيعي للخلية، بقلم ل. ل. لاريسون كدمور، في الصفحتين ١٣، ١٤: «ان مجرد خلية واحدة تستطيع صنع الاسلحة، التقاط الطعام، هضمه، التخلُّص من الفضلات، التجوُّل، بناء البيوت، الانهماك في نشاط جنسي بشكل مباشر او شاذ. هذه المخلوقات لا تزال حولنا. ووحيدات الخلية protists — عُضويّات تامة وكاملة، ومع ذلك مؤلفة من مجرد خلية واحدة ذات مواهب عديدة، إنّما دون انسجة، دون اعضاء، دون قلوب ودون عقول — لها حقا كل ما لدينا.»
وصانع الساعات الاعمى، بقلم ريتشارد داوكِنز، في الصفحة ١١٦ يعلِّق على مقدار المعلومات المخزونة في خلية واحدة: «هنالك سعة خزن في الـ DNA لبزرة زنبق واحدة او لخلية منوية واحدة للسَّمَنْدل كافية لخزن دائرة المعارف البريطانية ٦٠ مرة. وبعض الانواع التي تدعى ظلما أميبا ‹بدائية› لديها معلومات في الـ DNA تعادل ٠٠٠,١ دائرة معارف بريطانية.»
والاختصاصي في علم الاحياء الجُزَيْئيّ ميخائيل دنتون يكتب في التطور: نظرية في ازمة، الصفحة ٢٥٠: «لقد اظهر علم الاحياء الجُزَيْئيّ انه حتى ابسط الاجهزة الحية جميعا على الارض اليوم، الخلايا الجرثومية، هي اجسام معقَّدة للغاية. ومع ان اصغر الخلايا الجرثومية هي صغيرة الى حدّ يفوق التصديق، اذ تزن اقل من [جزء من تريليون من الڠرام]، فإن كل واحدة هي في الواقع مصنع مصغَّر جدا حقيقي يحتوي على ألوف القطع المصمَّمة بصورة دقيقة للآلات الجُزَيْئيّة المعقَّدة، مؤلفة جملة من مئة ألف مليون ذرّة، أكثر تعقيدا بكثير من اية آلة بناها الانسان وبلا نظير مطلقا في العالم غير الحي.
«وقد اظهر علم الاحياء الجُزَيْئيّ ايضا ان التصميم الاساسي لجهاز الخلية هو جوهريا التصميم نفسه في كل الاجهزة الحية على الارض من الجراثيم الى الثدييات. فأدوار الـ DNA، الـ mRNA والپروتين هي متطابقة في كل العُضويّات. ومعنى الكود الوراثي هو ايضا متطابق فعليا في كل الخلايا. وحجم آلية تخليق الپروتين وبنيتها وتصميم مكوِّناتها هي عمليا نفسها في كل الخلايا. اذًا من حيث تصميمها الكيميائي الاحيائي الاساسي لا يمكن التفكير في ايّ جهاز حي كبدائي او اولي بالنسبة الى ايّ جهاز آخر، كما انه ليس هنالك ادنى تلميح فعلي الى تعاقب تطوري بين كل الخلايا المتنوِّعة تنوُّعا يفوق التصديق على الارض.»
ويعترف جورج ڠرينشتاين بكل هذا الذكاء الذي تشتمل عليه بنية الارض. وفي كتابه الكون المتعايش يتحدث عن السلسلة الغامضة التي لا تصدَّق من المصادفات التي تتجاوز حدّ التفسير، المصادفات التي بدونها تكون الحياة على الارض مستحيلة. والعبارات التالية، الظاهرة في الصفحات ٢١-٢٨، تعكس تعذُّبه من الاحوال التي تدل على الحاجة الى إله ذكي وذي قصد:
«أعتقد اننا نواجه لغزا — لغزا عظيما وعميقا، ولغزا ذا اهمية هائلة: لغز قابلية الكون للسكن، وصلاحية البيئة.» ويشرع في «تفصيل ما لا يمكن ان يبدو سوى تعاقب مدهش للصدف المذهلة والبعيدة الاحتمال التي مهَّدت الطريق لبزوغ الحياة.b هنالك قائمة من المصادفات، وكلها جوهرية بالنسبة الى وجودنا.» ومع ذلك «ظلَّت القائمة تطول . . . مصادفات كثيرة جدا! وكلما قرأت اكثر صرت مقتنعا اكثر بأن ‹مصادفات› كهذه لا يعقل ان تكون قد حدثت بالصدفة.» انه واقع هدَّام ليواجهه عالِم التطور، كما يعترف بعدئذ:
«ولكن اذ نما هذا الاقتناع نما شيء آخر ايضا. وحتى في الوقت الحاضر يصعب التعبير عن هذا ‹الشيء› بالكلمات. لقد كان نفورا شديدا وفي بعض الاحيان كاد يكون ذا طبيعة جسدية. فكنت أتَلوّى تلوِّيا من الانزعاج. ومجرد الفكرة ان صلاحية الكون للحياة قد تكون لغزا يتطلَّب حلا تركت فيَّ انطباعا يبعث على السخرية، وسخيفا. واستصعبتُ النظر في الفكرة دون ان اكشِّر اشمئزازا . . . كما ان ردّ الفعل هذا لم يضمحل على مرّ السنين: لقد كان عليَّ ان اصارعه على الدوام خلال كتابة هذا الكتاب. انا متأكد ان ردّ الفعل عينه يعمل داخل كل عالِم آخر، وأن هذا هو ما يعلِّل عدم المبالاة الواسع الانتشار الممنوح للفكرة في الوقت الحاضر. وأكثر من ذلك: أعتقد الآن ان ما يبدو عدم مبالاة إنّما يستر في الواقع معاداة شديدة.»
اية معاداة؟ معاداة للفكرة ان التفسير قد يكمن في خالق ذي قصد. وكما يعبِّر عن ذلك ڠرينشتاين: «اذ نتفحَّص كل الدليل تبرز الفكرة بإلحاح ان عاملا ما فوق الطبيعة — او بالاحرى عاملا اسمى — لا بدّ ان يكون ذا علاقة. أيعقل ان نكون قد عَثَرنا فجأة، من غير ان نقصد، على برهان علمي على وجود كائن اسمى؟ أيكون اللّٰه هو الذي تدخَّل وأعدّ الكون بمثل هذه العناية الالهية لفائدتنا؟» ولكنّ ڠرينشتاين يُفيق من مثل هذا التفكير الهرطوقي ويعود فيصرّ على تمسُّكه بالآراء التقليدية للمذهب التطوري، مردِّدا احدى عقائد ايمانهم: «اللّٰه ليس بتفسير.»
والعالم بالفيزياء الفلكية فرِد هُويْل في كتابه الكون الذكي، في الصفحة ٩، يتحدث عن اولئك الذين، مثل ڠرينشتاين، يخشون دخول اللّٰه في الصورة: «ان العلماء المتمسِّكين بالآراء التقليدية مهتمون بالحؤول دون العودة الى التجاوزات الدينية التي للماضي اكثر من التطلُّع الى الامام الى الحقيقة [وهذا الاهتمام] هيمن على التفكير العلمي طوال القرن الماضي.»
وفي كتابه يناقش بعدئذ تلك الاوجه الغامضة عينها التي تزعج ڠرينشتاين. «ان مثل هذه الخصائص،» يقول، «يبدو انها تسري في نسيج العالَم الطبيعي كخيط من الصدف السعيدة. ولكن هنالك الكثير جدا من هذه المصادفات الغريبة الجوهرية بالنسبة الى الحياة بحيث يبدو ان تفسيرا ما مطلوب لتعليلها.» وهُويْل وڠرينشتاين كلاهما يقولان ان الصدفة لا يمكنها ان تشرح هذه «المصادفات العرَضية» الكثيرة. وبعدئذ يقول هُويْل انه بغية تعليلها ‹يتطلَّب اصل الكون ذكاء،› ‹ذكاء على مستوى اسمى،› ‹ذكاء سبقَنا وقاد الى عمل خلق عمدي للبنى الملائمة للحياة.›
لا شيء من هذا يجب فهمه وكأنّما يقول ان هُويْل يفكر في إله الكتاب المقدس، ولكنه يرى ان وراء الكون والارض والحياة عليها لا بدّ ان يكون هنالك ذكاء فوق الطبيعة هائل. وبينما يقول ان «‹اللّٰه› كلمة محرَّمة في العلم،» فهو يجيز انه بإمكاننا ان «نعرِّف ذكاء اسمى منا بوصفه معبودا ما.» وهو يخمِّن انه «عبر حالة عقولنا المبرمجة مسبقا» قد تكون هنالك «سلسلة ذكاء رابطة، تمتد نزولا . . . الى البشر على الارض.»
«هنالك وفرة من الدلائل،» يقول، «على ان الامر قد يكون كذلك. وعدم راحة البال في داخلنا هو احد تلك التلاميح. فكأنّما نملك إدراكا غريزيا ان هنالك شيئا مهمًّا لننجزه. وعدم راحة البال يأتي لأننا لم نستطع ان نكتشف حتى الآن ما هي طبيعته بالضبط.» وفي مكان آخر يقول: «يبدو ان الحافز الديني شيء ينفرد به الانسان . . . وإذ يُجرَّد من الزخارف الخيالية الكثيرة التي صار الدين تقليديا محاطا بها، ألا يكون بمثابة ارشاد في داخلنا، اذا عُبِّر عنه ببساطة يقول ما يلي: انتم في الاصل من شيء ما ‹هنالك› في السماء. اسعوا اليه تجدوا اكثر بكثير مما تتوقَّعون.»
ان الانسان يتلمَّس طرقه. وما يتلمَّسه دون ادراكه هو حق الكتاب المقدس اننا خُلقنا على صورة اللّٰه وشبهه، مما يعني اننا نملك مقدارا من مزايا اللّٰه تلك كالحكمة، المحبة، القدرة، العدل، القصد، والصفات الاخرى التي تعلِّل الهوَّة الكبيرة بين الناس والحيوانات. وأفكارنا مبرمجة مسبقا لمثل هذه المزايا الالهية ولعبادة اللّٰه الحقة. وإلى ان تصير هذه المزايا العديدة في توازن لائق ويجري ارتباط باللّٰه بواسطة الصلاة وعبادته الحقة فإن عدم راحة البال سيبقى. وعندما تُسَدّ هذه الحاجات الروحية التي خُلقنا بها فإن عدم راحة البال سيفسح المجال لـ «سلام اللّٰه الذي يفوق كل عقل.» — فيلبي ٤:٧؛ تكوين ١:٢٦-٢٨.
والاعمال ١٧:٢٧، ٢٨ توصي بهذا التلمُّس، اي «لكي يطلبوا اللّٰه لعلهم يتلمَّسونه فيجدوه مع انه عن كل واحد منا ليس بعيدا. لأننا به نحيا ونتحرك ونوجد.» اننا به، خالق الكون بما فيه الارض ونحن عليها، نحيا ونتحرك ونوجد. وبطرح الزخارف والعقائد الباطلة للاديان التقليدية — الاديان التي حوَّلت الملايين عن اللّٰه، بمن فيهم علماء كثيرون — واتِّباع عبادة يهوه اللّٰه الحقة، ننال الحياة الابدية في ارض فردوسية، الامر الذي كان قصد يهوه في خلق الارض في المقام الاول. — تكوين ٢:١٥؛ اشعياء ٤٥:١٨؛ لوقا ٢٣:٤٣؛ يوحنا ١٧:٣.
ان التفكير بأن ذكاء بهذا المقدار يكمن في الصدفة المغفَّلة العمياء يتطلَّب سذاجة هائلة. انه ايمان يمكن مقارنته بذاك الذي للمتديِّنين الوثنيين في زمن النبي اشعياء: «انتم الذين نبذتم الرب ونسيتم جبلي المقدّس، وهيَّأتم مذبحا لإله ‹الحظ› وملأتم الكؤوس خمرا ممزوجة لإله ‹القدر›.» (اشعياء ٦٥:١١، ترجمة تفسيرية) فعلماء التطور يتطلَّعون الى ملايين صدف «الحظ» لإنتاج الانسان من الصخر، ولكنهم لم يرتفعوا عن الارض ليبلغوا الدرجة الاولى من سُلَّمهم التطوري. و «إله ‹الحظ›» الذي لهم هو قصبة مرضوضة.
ويشعر فرِد هُويْل بنذير شر مشؤوم في كل هذا: «ان نقطة اخرى تزعجني باستمرار هي الاقتناع بأن نافذة الفرصة للنوع البشري قد تكون ضيقة جدا في الوقت. والتكنولوجيا المتطورة ضرورية لفتح النافذة، ولكنّ التكنولوجيا المتطورة وحدها، دون تأسيس علاقة بين نوعنا والعالم خارج الارض، من الممكن تماما ان تكون دربا يؤدي الى تدمير الذات. وإذا بدا احيانا في هذا الكتاب ان مقاومتي للنظرية الداروينية شرسة فذلك بسبب شعوري بأن مجتمعا توجِّهه هذه النظرية من المرجَّح جدا انه ماضٍ في مسلك تدمير الذات.»
وأليس، في حكاية من خلال المرآة، اذ تشكَّكت في المنطق الغريب للملكة البيضاء، لم يكن في وسعها سوى الضحك. «لا جدوى من المحاولة،» قالت. «فلا يستطيع المرء تصديق المستحيلات.» فأجابت الملكة: «أُرجِّح انكِ لم تقومي بالكثير من التمرُّن. عندما كنت في عمركِ كنت اقوم بذلك نصف ساعة في اليوم. وأحيانا كنت اصدِّق ما مقداره ستة مستحيلات قبل الفطور.»
ان علماء التطور هم الملكات البيض للوقت الحاضر. فقد قاموا بتمرُّن لانهائي في تصديق المستحيلات.
[الحاشيتان]
a انظروا الفصل ١٢ من الحياة — كيف وصلت الى هنا؟ بالتطور ام بالخلق؟، بالانكليزية، اصدار جمعية برج المراقبة للكتاب المقدس والكراريس في نيويورك.
b المسافات بين النجوم؛ طنين resonance الجُسَيمات دون الذرية والذرات لتشكيل الكربون؛ الشحنتان المتعادلتان والمتعاكستان للالكترون والپروتون؛ خصائص الماء الفريدة والمخالفة للقاعدة؛ تردُّدات frequencies ضوء الشمس وتردُّدات الامتصاص اللازمة للتخليق الضوئي photosynthesis؛ الفصل بين الشمس والارض؛ الابعاد الثلاثة للفضاء، لا اكثر ولا اقل؛ وغيرها.
[النبذة في الصفحة ١٢]
كل هذا التصميم والحكمة الغريزية يتطلَّب ذكاء
[النبذة في الصفحة ١٣]
للخلية الجرثومية مئة ألف مليون ذرّة
[النبذة في الصفحة ١٤]
‹يتطلَّب اصل الكون ذكاء›
[الصور في الصفحة ١٥]
الدفع النفّاث
ازالة الملوحة
صنع الورق
السونار
-