مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • ‏«اكرم اباك وامك»‏
    استيقظ!‏ ١٩٩١ | آذار (‏مارس)‏ ٢٢
    • فماذا يشمل اظهار هذا الاكرام؟‏ ليس مجرد الاحترام والطاعة بل ايضا العناية والدعم بطريقة مادية عند الحاجة.‏

      لقد جرى توضيح ذلك بعد قرون عندما تعارض يسوع مع الكتبة والفريسيين في ما يتعلق بتقاليدهم الشفهية.‏ فأشار يسوع الى انهم عندما يمنعون الدعم المادي عن الوالدين المعوزين،‏ يفشلون في اكرام ابيهم او امهم.‏ قال لهم،‏ كما هو مسجل في متى ١٥:‏٣-‏٦‏:‏ «ان اللّٰه اوصى قائلا اكرم اباك وامك.‏ ومن يشتم ابا او اما فليمت موتا.‏ واما انتم فتقولون من قال لابيه او امه قربان هو الذي تنتفع به مني.‏ فلا يكرم اباه او امه.‏ فقد ابطلتم وصية اللّٰه بسبب تقليدكم.‏»‏

      وفي قضية يسوع نفسه،‏ فقد اظهر الطاعة لوالدَيه،‏ اذ كان خاضعا لهما.‏ (‏لوقا ٢:‏٥١‏)‏ وبعد سنين،‏ عندما كان يسوع على وشك الموت على خشبة الآلام،‏ اظهر الاكرام لأمه بصنع تدبير حبي للعناية بها ودعمها.‏ —‏ يوحنا ١٩:‏٢٥-‏٢٧‏.‏

      عرف الرسول بولس جيدا انه مطلب اللّٰه من الاولاد،‏ وحتى من الحفداء،‏ ان يعتنوا بالوالدين المعوزين.‏ ومن المثير للاهتمام انه ربط مساعدة مادية كهذه باظهار الاكرام:‏ «اكرم الارامل اللواتي هنّ بالحقيقة ارامل.‏ ولكن إن كانت ارملة لها اولاد او حفدة فليتعلَّموا اولا ان يوقِّروا اهل بيتهم ويوفوا والديهم المكافأة.‏ لان هذا صالح ومقبول امام اللّٰه.‏» (‏١ تيموثاوس ٥:‏٣،‏ ٤‏)‏ لقد اعتنى بكم والدوكم عندما كنتم طفلا وولدا عاجزا؛‏ وفي شيخوختهم انه دوركم ان تساعدوهم في حاجتهم.‏

  • الاعتناء بالكبار السن —‏ مشكلة متزايدة
    استيقظ!‏ ١٩٩١ | آذار (‏مارس)‏ ٢٢
    • الاعتناء بالكبار السن —‏ مشكلة متزايدة

      تُروى القصة عن فتاة صغيرة سألت امها:‏ «لماذا تأكل جدتي في وعاء خشبي لكنّ الباقين منا يأكلون في صحوننا الجميلة؟‏» فأوضحت امها:‏ «ان يدَي والدتي ترتعشان،‏ وقد تُسقِط صحوننا الجيدة وتكسرها،‏ لذلك تستعمل الوعاء الخشبي عوضا عنها.‏» بعد التفكير في ذلك لحظة،‏ سألت الفتاة الصغيرة:‏ «اذًا هل ستحفظين الوعاء الخشبي لي كي استعمله من اجلك عندما اكبر؟‏» ان هذه النظرة المسبقة الى الحوادث القادمة ربما افزعت الام،‏ وحتى ارعشتها قليلا.‏ ولكن عند اعادة النظر،‏ ربما طمأنها ذلك ايضا —‏ ففتاتها الصغيرة كانت تخطط للاعتناء بها!‏

  • الاعتناء بالكبار السن —‏ مشكلة متزايدة
    استيقظ!‏ ١٩٩١ | آذار (‏مارس)‏ ٢٢
    • جهد خصوصي للاعتناء بخاصتكم

      فيما يتصاعد عالميا عدد المسنين جدا،‏ تصير المسألة المربكة لكيفية الاعتناء بهم ضرورية اكثر.‏ في ازمنة الكتاب المقدس لم تكن المشكلة بمثل هذه الصعوبة.‏ فقد كانت لديهم عائلة ممتدَّة،‏ حيث كان يعيش الاولاد،‏ الوالدون،‏ والاجداد معا.‏ وتفاعل الاولاد والاجداد بفائدة واحدهم للآخر،‏ وتمكن الوالدون من صنع التدابير المادية الضرورية وايضا التأكُّد من جعل اية عناية خصوصية يحتاج اليها المسنون في الاسرة متوافرة.‏ ومثل هذه العائلات الممتدَّة التي تعتني بالمسنين لا تزال قاعدة في بعض البلدان اليوم.‏ (‏من اجل الامثلة،‏ من فضلكم انظروا الاطار في الصفحة ٨.‏)‏ ولكن الحال ليست كذلك في الامم الغنية اكثر حيث تقتصر الدائرة العائلية على الوالدين والاولاد.‏ وعندما يكبر الاولاد ويتزوجون ويكون لهم اولاد،‏ غالبا ما تواجههم مشكلة الاعتناء بوالديهم الكبار السن،‏ الضعفاء،‏ والمرضى على نحو مزمن في الغالب.‏

      في نظام الاشياء الحاضر هذا،‏ يمكن ان يكون فعل ذلك مشكلة مثقِلة حقا!‏ وبقدر ما يكون ذلك غير مرغوب فيه،‏ ففي ظل الظروف الاقتصادية الحاضرة،‏ قد يكون من الضروري لكلا الوالدين ان يعملا.‏ فالطعام غالٍ،‏ الايجارات عالية،‏ الفواتير ترتفع.‏ ويمكن حتى لراتبَين ان يختفيا بسرعة.‏ واذا كانت امرأة المنزل لا تعمل خارجا،‏ فقد تكون مشغولة بالاولاد،‏ التسوُّق،‏ التنظيف —‏ عمل كامل الوقت بحد ذاته.‏ لا يعني ذلك انه لا يجب الاعتناء بوالد او والدَين مسنين في المنزل.‏ فما يعنيه ذلك هو انه يمكن ان يكون تعيينا صعبا جدا.‏ والمسنون لديهم آلامهم واوجاعهم،‏ ومن المفهوم انه يمكن ان يكونوا احيانا متذمرين غريبي الاطوار،‏ ليس دائما اجتماعيين وبمزاج مرح.‏ ولا يعني اي من هذه الامور انه لا يجب القيام بجهد شاق للاعتناء بوالد مسنّ في المنزل.‏

      وغالبا ما تقع المسؤولية على عاتق البنات الاحياء.‏ كشفت دراسة بعد دراسة انه على الرغم من تزويد الرجال العون المالي،‏ فان النساء هنّ مَن يزوِّدن بصورة رئيسية العناية الشخصية العملية المباشرة.‏ فيطبخن وجبات الطعام للكبار السن —‏ اذ غالبا ما يُلقمنهم الطعام بالملعقة —‏ يغسلنهم ويلبسنهم،‏ يبدِّلن ثيابهم،‏ يأخذنهم بالسيارة الى الاطباء والمستشفيات،‏ يُعنَين بمخزونهم الطبي.‏ وكثيرا ما يكنّ عيني،‏ اذني،‏ وعقل والديهن المسنين.‏ فعملهن عمل هائل،‏ وطوعيتهن للقيام به على الرغم من مشقاته هي حقا جديرة بالثناء ومرضية عند يهوه اللّٰه.‏

      والاعتقاد ان معظم الاولاد الراشدين يرسلون والديهم المسنين لكي يقضوا سنواتهم الاخيرة في دار للرعاية ليس صحيحا تماما،‏ وفقا لكارل آيزدورفِر،‏ دكتور في الطب،‏ حائز شهادة دكتوراة،‏ مدير مركز نمو الراشدين والشيخوخة في جامعة ميامي،‏ فلوريدا،‏ الولايات المتحدة الاميركية.‏ «اظهرت الدراسات ان المقدار الاكبر من العناية بالناس الاكبر سنا تزوِّده عائلاتهم الخاصة،‏» قال.‏

      وتدعم الاحصاءات ادعاءه.‏ ففي الولايات المتحدة،‏ مثلا،‏ قال ٧٥ في المئة من الذين جرى استطلاع رأيهم انهم يريدون ان يعيش والدوهم معهم،‏ إن لم يعودوا قادرين على العيش وحدهم.‏ «هذا يؤكد ان العائلات تريد ان تعتني بخاصتها،‏» قال الدكتور آيزدورفِر.‏ وقال تقرير في مجلة .‏Ms:‏ «ان ٥ في المئة فقط من اولئك الذين يتجاوز عمرهم الـ‍ ٦٥ هم في دور الرعاية في اي وقت لان المسنين ومعظم اقربائهم على السواء يفضلون البيت على عناية المؤسسات.‏»‏

      والحالة التالية تُظهر الجهد الذي يقوم به البعض للاعتناء بوالد مسنّ.‏ والتقرير هو من ممثل جائل من شهود يهوه يزور الجماعات في كل مكان من الولايات المتحدة.‏ يشرح كيف صمَّم هو وزوجته على ابقاء والدتها البالغة من العمر ٨٣ سنة معهما عوضا عن وضعها في دار للرعاية.‏ «تذكرتُ القول،‏» علَّق،‏ «ان امّا واحدة يمكنها ان تعتني بـ‍ ١١ ولدا،‏ لكنّ ١١ ولدا لا يمكنهم الاعتناء بأم واحدة.‏ حسنا،‏ كنا كلانا مصمِّمَين على الاعتناء بأم مسنَّة واحدة.‏ وعلى الرغم من انها كانت في المرحلة الاولية لمرض الزهيمر،‏ سافرت معنا بالمقطورة.‏

      ‏«في بادئ الامر كانت تذهب معنا عندما كنا نكرز برسالة الملكوت من باب الى باب.‏ وفي ما بعد،‏ كان علينا ان نأخذها في كرسيّ ذي دواليب.‏ وبدا ان اصحاب البيوت يقدِّرون كيفية تولّي الاعتناء بها.‏ احيانا كانت تقول اشياء غير صحيحة،‏ لكننا لم نكن نربكها قط بالتصحيح لها.‏ ومع ذلك كانت لا تزال تتمتع بروحها الفكاهية.‏ كنت احذِّرها واقول،‏ ‹انتبهي لسيركِ يا امي،‏› فتجيب،‏ ‹ليس لحذائي سير.‏› لقد اعتنينا بها حتى ماتت،‏ بعمر ٩٠ سنة.‏»‏

      عندما تكون دور الرعاية لازمة

      ان حوالي مليوني مسنّ يعيشون في دور الرعاية في الولايات المتحدة.‏ ولكن في معظم الحالات لا يكون ذلك مسألة «خزن قاس للمسنين في مستودع،‏» كما دعا البعض وضعَهم في دور الرعاية.‏ وبالاحرى غالبا ما يكون ذلك الخيار الوحيد للاعتناء الملائم بأولئك العاجزين عن الاعتناء بأنفسهم.‏ وفي اغلب الاحوال،‏ لا يكون اولاد المسنين في وضع ليعتنوا بوالديهم الكبار السن،‏ الذين قد يكون الكثير منهم مصابين على نحو خطير بمرض الزهيمر او طريحي الفراش بمرض ما آخر مضعِف يتطلب عناية متواصلة خصوصية.‏ في حالات كهذه يمكن ان تكون دور الرعاية الاماكن الوحيدة القادرة على تزويد هذه الحاجات الخصوصية.‏

      اخبر مرسل لجمعية برج المراقبة في سييرا ليون،‏ افريقيا،‏ عن الالم الذي اختبرته امه عندما كان عليها ان تضع والدتها في دار للرعاية:‏ «مؤخرا،‏ وضعتْ امي في فلوريدا والدتها،‏ هيلين،‏ في دار للرعاية.‏ وكان ذلك قرارا صعبا جدا عليها.‏ لقد اعتنت بهيلين طوال اربع سنوات،‏ لكنّ هيلين احتاجت الآن الى عناية من ممرضة كامل الوقت.‏ واصدقاء امي،‏ العائلة،‏ والعديد من العمّال الاجتماعيين والاطباء جميعهم ايَّدوا قرار وضع هيلين في دار الرعاية،‏ لكنه مع ذلك كان قرارا صعبا جدا لاتخاذه.‏ فقد شعرت امي بأنه نظرا الى اعتناء والدتها بها كطفلة،‏ إنما يكون من الصواب الآن ان تعتني بوالدتها في سنها المتقدمة —‏ المجازاة،‏ او ‹المكافأة،‏› التي تكلم عنها الرسول بولس.‏ ولكن الواقع انه جرى الاعتناء بهيلين في دار الرعاية بطريقة افضل مما كان يمكن الاعتناء بها في منزل امي.‏» —‏ ١ تيموثاوس ٥:‏٤‏.‏

      اخبر شاهد آخر،‏ يعمل في المركز الرئيسي العالمي لشهود يهوه،‏ عن صراع ابيه مع السرطان.‏ «كان ابي شاهدا غيورا طوال اكثر من ٣٠ سنة.‏ وفي السنوات التسع الاخيرة من حياته،‏ عانى من السرطان.‏ قضينا زوجتي وانا عطلنا معه واخذنا اجازات غياب طويلة لنكون معه ونقدم المساعدة.‏ وساعد اقرباء آخرون بطرائق مختلفة.‏ ولكن في معظم ذلك الوقت،‏ اعتنت به زوجته وابنة متزوجة تقيم في المنزل المجاور.‏ كان يزوره ايضا اعضاء من جماعة الشهود حيث كان يحضر.‏ وفي السنتين الاخيرتين،‏ دخل وخرج مرارا عديدة الى ومن المستشفى،‏ وقضى الاشهر الخمسة الاخيرة في تسهيل للعناية المكثَّفة حيث امكنه الحصول على العناية المتخصصة التي احتاج اليها.‏

      ‏«كان قرار نقله من البيت الى التسهيل قرارا عائليا،‏ بالاشتراك معه.‏ لقد جزم ان العناية به صارت شاقة جدا،‏ بل مستحيلة،‏ على العائلة في المنزل.‏ ‹سيقتلكم ذلك جميعا!‏› اعلن بقوة.‏ ‹حان الوقت للذهاب الى هذا التسهيل للعناية المكثَّفة.‏ فذلك افضل لكم؛‏ وافضل لي.‏›‏

      ‏«وهكذا ذهب.‏ فطوال تسع سنوات تقريبا،‏ اعتنت العائلة به،‏ ولما كان ذلك الحل الوحيد الاخير دخل الى تسهيل العناية المكثَّفة من اجل العناية المتخصصة المتواصلة التي كانت لازمة.‏»‏

      عندما،‏ كحلّ اخير،‏ تصير دار الرعاية لازمة من اجل العناية الملائمة،‏ يجب على العائلة ان تبحث عن دار نظيفة ومزوَّدة بمانحي عناية لطفاء ومؤهلين.‏ واذا كان ذلك ممكنا دائما،‏ رتبوا من اجل زائر كل يوم —‏ عضو في العائلة،‏ شخص ما من الجماعة،‏ وعلى الاقل مخابرة هاتفية —‏ كي لا يشعر الشخص المسنّ بأنه متروك،‏ منسيّ،‏ وحيد تماما،‏ ويعتقد ان لا احد يهتم.‏ وعندما يكون لدى الآخرين في دار الرعاية زائرون،‏ ولكن ما من احد يأتي لرؤية محبوبكم —‏ يمكن ان يكون ذلك مثبطا جدا.‏ لذلك حاولوا ان تروا الشخص قانونيا.‏ تحدثوا معه.‏ اصغوا إليه.‏ صلّوا معه.‏ فهذا الامر الاخير مهم جدا.‏ وحتى اذا بدا انه في غيبوبة،‏ صلّوا مهما كان الامر.‏ فلا تعلمون ابدا الى اية درجة يمكن ان يسمع شيئا ما!‏

      وعندما تتخذون القرارات في ما يتعلق بالوالدين،‏ حاولوا ان تقوموا بذلك معهم بدلا من ان تقوموا به عنهم.‏ دعوهم يشعرون بأنهم لا يزالون يتحكمون في حياتهم.‏ قدِّموا العون اللازم مع كل ما يمكن من المحبة والصبر والتفهم.‏ فذلك هو الوقت لايفاء،‏ كما كتب الرسول بولس،‏ ما نحن مدينون به لوالدينا واجدادنا.‏

      ‏«التزام الانسان كله»‏

      في زحام وضوضاء هذا العالم العصري،‏ من السهل ان يُدفع المسنون الى المواضع الخلفية المعزولة للحياة.‏ وخصوصا الاحداث الذين يدخلون الآن السباق ويسرعون الى احراز تقدم في حياتهم يميلون الى الشعور بأن المسنين هم عائق،‏ انهم عمّروا اكثر من ان يُنتفع منهم.‏ فربما يجب علينا جميعا ان نتوقف ونفكر مليا:‏ ماذا يميِّز الحياة بأنها نافعة على اي حال؟‏ من السهل ان يقلِّل الاحداث من قيمة حياة المتقدمين في السن ويعلِّقوا قيمة مبالغا فيها على حياتهم.‏

      ومع ذلك،‏ ليس مجرد المتقدمين في السن والضعفاء هم الذين يمكن ان يساهموا قليلا او لا يساهموا في ما يبدو انه ذو اهمية.‏ فالملك سليمان في سفر الجامعة اشار تكرارا الى ان نشاطات الناس عموما هي باطلة.‏ وتكلم عن الاحداث وقوتهم الوقتية واظهر كيف ستُهلِك السنون العابرة اجسادهم تماما كما اهلكت قبلا اجساد الملايين الآخرين.‏ الجميع ينتهون الى تراب ويستحقون هذا التقييم:‏ «باطل الاباطيل،‏» قال سليمان.‏ «الكل باطل.‏» —‏ جامعة ١٢:‏٨‏.‏

      لكنه مجّد كلام الحكماء ولخّص تعليقاته على الحياة بهذه الكلمات:‏ «وختام الامر،‏ كل ما قد سُمع،‏ هو:‏ اخشَ الاله الحقيقي واحفظ وصاياه.‏ لانّ هذا هو التزام الانسان كله.‏» (‏جامعة ١٢:‏١٣‏،‏ ع‌ج‏)‏ هذه هي الصيغة لحياة نافعة،‏ لا الى اي حد انتم شبان او الى اي حد انتم متقدمون في السن او اي نوع من الاهداف تضعونه في هذا العالم القديم المادي الزائل.‏

      ومن اجل ضبط علاقاتنا البشرية،‏ اعطى يسوع المبدأ المرشِد الذي صار يُعرف بالقاعدة الذهبية:‏ «فكل ما تريدون ان يفعل الناس بكم افعلوا هكذا انتم ايضا بهم.‏» (‏متى ٧:‏١٢‏)‏ ومن اجل تطبيق هذه القاعدة،‏ لا بد ان نكون قادرين على وضع انفسنا في مكان الشخص الآخَر،‏ لنرى الطريقة التي نرغب ان نعامَل بها اذا كنا في مكانه.‏ فاذا كنا متقدمين في السن وضعفاء وفي حاجة الى المساعدة،‏ فكيف نرغب ان يعاملنا احد اولادنا؟‏ هل نوفي والدينا ثمن الـ‍ ٢٠ سنة من العناية والدعم الذي انفقوه علينا عندما كنا اطفالا عاجزين بالاعتناء الآن بهم عندما يكونون عاجزين في سنهم المتقدمة؟‏

      اذ ننظر الى والدينا المسنين في حاجتهم،‏ ربما نعيد النظر في طفولتنا ونتذكر كل ما فعلوه لاجلنا عندما كنا اطفالا،‏ اولادا،‏ اذ عالجونا في وقت امراض الطفولة،‏ أطعمونا وألبسونا،‏ أخذونا في نُزَه من اجل بهجتنا الطفولية.‏ اذًا،‏ باهتمام حبي بخيرهم،‏ فكروا في ما هو افضل لسدّ حاجاتهم.‏

      يمكن ان يكون ذلك بصنع الترتيبات الضرورية لابقائهم في المنزل اذا كان ذلك بأي حال ممكنا.‏ ومن جهة ثانية،‏ فان الترتيب الافضل لجميع ذوي العلاقة،‏ بمن فيهم الوالدون المسنون،‏ قد يكون تسهيل العناية المكثَّفة او دار الرعاية.‏ ومهما كان القرار الذي يُتخذ،‏ يجب ان يحترمه الآخرون.‏ وكما يقال لنا:‏ «لماذا تدين اخاك.‏ او انت ايضا لماذا تزدري بأخيك.‏» ومرة ثانية:‏ «مَن انت يا مَن تدين غيرك.‏» —‏ رومية ١٤:‏١٠؛‏ يعقوب ٤:‏١٢‏.‏

      ومهما كان الامر الذي يمكن ان ينجح بالنسبة الى الوالدين المسنين،‏ سواء العيش مع اولادهم او في دار للرعاية،‏ فاذا كانت قدراتهم العقلية سليمة،‏ يمكن ان تكون لديهم بعدُ حياة ذات معنى.‏ فقد يتعلمون عن قصد يهوه ان يعيش كل الجنس البشري الطائع الى الابد بصحة في ارض فردوسية.‏ وقد يجدون مهنة جديدة،‏ مهنة مفرحة ومانحة الاكتفاء في خدمة خالقهم،‏ يهوه اللّٰه.‏ ويصير ذلك حينئذ اكثر وقت ذي معنى وسعادة في حياتهم.‏ والبعض في سنواتهم المتقدمة،‏ في الوقت الذي تخلّى فيه آخرون عن الحياة نفسها،‏ اتوا الى معرفة وعود يهوه بحياة ابدية في عالم جديد من البر لا نهاية له ووجدوا فرحا جديدا في التكلم مع الآخرين عن هذا الرجاء.‏

      ونختتم بحادثة وثيقة الصلة بالموضوع.‏ فقد جرى إطلاع امرأة من كاليفورنيا،‏ بعمر ١٠٠ سنة،‏ على هذه البركات الموعود بها بواسطة ممرضة في دار الرعاية،‏ وبعمر متقدِّم كثيرا يبلغ ١٠٢،‏ اعتمدت كواحدة من شهود يهوه.‏ ولم تكمل حياتها بنهاية دون جدوى كشيء «باطل الاباطيل،‏» بل باتمام ‹التزامها للحياة كله،‏› اي،‏ ‹خشية الاله الحقيقي وحفظ وصاياه.‏›‏

      ‏[النبذة في الصفحة ٦]‏

      قيل انه منذ سنين كان بامكان ام واحدة ان تعتني بـ‍ ١١ ولدا؛‏ والآن فان ١١ ولدا لا يمكنهم الاعتناء بأم واحدة

      ‏[الاطار في الصفحة ٨]‏

      اظهار الاكرام بالاعتناء بالمسنين —‏ تعليقات من حول العالم

      ‏«في افريقيا يوجد القليل او لا شيء من التدابير الحكومية للمسنين —‏ لا دور للرعاية،‏ لا مساعدات عناية طبية او ضمان اجتماعي،‏ ولا معاشات شيخوخة.‏ فأولاد الاشخاص المتقدمين في السن هم الذين يتولّون امر الاعتناء بهم.‏

      «ان السبب الرئيسي لاهمية انجاب الاولاد عند الناس في البلدان النامية هو ان اولادهم يتولّون امر الاعتناء بهم في المستقبل.‏ وحتى الناس الفقراء ينجبون اولادا كثيرين،‏ اذ يفكرون انه كلما كان لديهم اولاد اكثر كثرت فرص بقاء البعض على قيد الحياة وتولّي امر الاعتناء بهم.‏

      «وعلى الرغم من ان المقاييس تتغير في افريقيا،‏ بشكل عام،‏ تتحمل العائلات بجدّ مسؤولية تولّي الاعتناء بمسنيهم.‏ وإن لم يكن هنالك اولاد،‏ يتولّى اعضاء آخرون في العائلة امر الاعتناء بهم.‏ وغالبا ما يكون اولئك الذين يزوِّدون العناية في وضع مالي ضعيف،‏ لكنهم يتقاسمون ما يملكون.‏

      «وثمة طريقة اخرى يعتني بها الاولاد بوالديهم وهي بتقديم اولادهم لهم.‏ والحفداء غالبا هم الذين يقومون بالعمل في كل المنزل.‏

      «في البلدان المتطورة،‏ يعيش الناس مدة اطول بسبب التقدم الطبي.‏ والحال ليست كذلك في البلدان النامية.‏ فالناس الفقراء يموتون لانهم لا يستطيعون تحمّل ثمن حتى المساعدة الطبية المحدودة المتوافرة.‏ وثمة مثل يقال في سييرا ليون:‏ ‹ما من شخص فقير مريض.‏› مما يعني انه نظرا الى كون الشخص الفقير لا يملك المال من اجل المعالجة،‏ فهو إما في صحة جيدة او ميت.‏» —‏ روبرت لاندِس،‏ مرسل في افريقيا.‏

      ‏«في المكسيك يملك الناس احتراما شديدا للوالدين المسنين.‏ يعيش الوالدون وحدهم في منازلهم عندما يتزوج ابناؤهم،‏ ولكن حين يصير الوالدون اكبر سنا وفي حاجة،‏ يأخذهم الاولاد الى منزلهم ويعتنون بهم.‏ وهم يشعرون بأن ذلك واجب.‏

      «من الشائع رؤية الاجداد يعيشون في المنزل نفسه الذي لابنائهم وحفدائهم.‏ والحفداء يحبون ويحترمون اجدادهم.‏ فالعائلة حميمة جدا.‏

      «وفي المكسيك،‏ ان الدور من اجل الاشخاص المسنين نادرة لان الابناء والبنات يعتنون بالمسنين.‏ واذا كان هنالك ابناء عديدون،‏ يبقى احيانا آخِر مَن يتزوج في المنزل ويعيش مع الوالدين.‏» —‏ إِسا ألِيْمان،‏ من المكسيك.‏

      ‏«في كوريا يجري تعليمنا في المنزل وفي المدرسة ان نكرم الناس المسنين.‏ ويُفترض ان يعتني الابن الاكبر سنا في العائلة بوالديه المتقدمين في السن.‏ واذا كان غير قادر على دعمهما،‏ سيفعل ذلك ابن آخر او ابنة اخرى.‏ ويعيش ازواج كثيرون مع والديهم المتقدمين في السن ويعتنون بهم تحت سقف واحد.‏ ويتوقع الوالدون ان يعيشوا مع اولادهم،‏ ويرغبون في ارشاد حفدائهم والاعتناء بهم.‏ ويُعتبر مخجلا ان يرسل زوجان شابان والديهما المتقدمين في السن الى دار للرعاية.‏

      «كان والدي الابن الاكبر سنا،‏ فعشنا مع جدَّينا في البيت نفسه.‏ وكلما غادرنا المنزل،‏ كنا نعلمهما بالمكان الذي نذهب اليه وبوقت عودتنا.‏ وعندما نعود الى المنزل،‏ كنا نقوم بزيارة قصيرة لغرفتهما ونحييهما ورأسنا منحنٍ ونخبرهما بأننا عدنا لانهما معنيان بخير العائلة بكاملها.‏

      «وعندما نناولهما شيئا ما،‏ كنا نمسكه باليدين الاثنتين.‏ فانه غير ادبي تمرير اي شيء بيد واحدة لاشخاص هم موضع احترام،‏ كالوالدين،‏ الاجداد،‏ المعلمين،‏ او الموظفين الاعلى في الخدمة العامة.‏ وعندما يكون لدينا طعام خصوصي،‏ كنا نقدمه الى جدَّينا اولا.‏

      «ان اكرام المسنين لا يقتصر على اعضاء العائلة فقط بل يمتد الى كل المسنين.‏ ومن المدرسة الابتدائية حتى المدرسة الثانوية،‏ هنالك صفوف في علم الاخلاق.‏ وفي هذا الصف،‏ كنا نتعلّم من خلال الحكايات الخرافية او المحاضرات كيفية احترام واكرام المسنين.‏

      «وعندما يدخل الى الغرفة شخص متقدم في السن،‏ يُتوقع من الاشخاص الصغار السن ان يقفوا.‏ واذا كان شخص صغير السن جالسا في باص وليس لدى رجل مسنّ او امرأة مسنّة مقعد،‏ فمن المعتاد ان يتخلى الشخص الاصغر سنا عن مقعده.‏ واذا كان رجل متقدم في السن يحمل حزمة تبدو ثقيلة،‏ تتوقفون وتسألون عما اذا كان يحتاج الى مساعدة ام لا.‏ واذا قال نعم،‏ تحملون الحزمة الى مكانه المقصود.‏

      «وكما تنبأ الكتاب المقدس،‏ في هذه الايام الاخيرة من نظام الاشياء سينحطّ المقياس الادبي يوما بعد يوم.‏ وليست كوريا معفاة من هذا التأثير.‏ ومع ذلك،‏ يبقى هذا النوع من الموقف المتسم بالاحترام تجاه الناس المسنين في قلوب الكثير من الكوريين.‏» (‏٢ تيموثاوس ٣:‏١-‏٥‏)‏ —‏ كاي كيم،‏ من كوريا.‏

المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
الخروج
الدخول
  • العربية
  • مشاركة
  • التفضيلات
  • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
  • شروط الاستخدام
  • سياسة الخصوصية
  • إعدادات الخصوصية
  • JW.ORG
  • الدخول
مشاركة