مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • ماذا يحدث للاجداد؟‏
    استيقظ!‏ ١٩٩٥ | تموز (‏يوليو)‏ ٨
    • ماذا يحدث للاجداد؟‏

      بواسطة مراسل استيقظ!‏ في ايطاليا

      ‏«كجدٍّ،‏ ادهشني ان يعبِّر حفدائي نحوي عن مشاعر رقيقة كهذه.‏ انهم هبة —‏ مبعوثون لطفاء وأبرياء لتقوية روابط المودة.‏» —‏ إتوري،‏ الجدّ.‏

      على الرغم من العلاقة السليمة المذكورة آنفا،‏ فإن الاجداد،‏ الوالدين،‏ والحفداء لا يكونون دائما على انسجام في هذه الايام.‏ وعوض ان تتعاون هذه الاجيال الثلاثة،‏ غالبا ما تتصادم.‏ وبأية نتائج؟‏ عزلة وبؤس متزايدان بين المسنين،‏ الاجداد —‏ اولئك الاعضاء في العائلة الذين غالبا ما يكونون الاكثر عرضة للأذى والانعزال،‏ اولئك الذين قد يلجأ اليهم اعضاء العائلة عندما يعانون المشاكل الاقتصادية.‏ فما هي الحالة في عائلتكم؟‏ هل يجري حقا تقدير الاجداد؟‏

      في العقود القليلة الاخيرة،‏ اثَّرت تغييرات اجتماعية عالمية جديرة بالملاحظة في العائلة والعلاقات بين اجيالها المختلفة،‏ مما ادَّى الى اختفاء كامل تقريبا للاسرة الابوية.‏ ففي اوروپا،‏ يعيش ٢ في المئة فقط من المسنين مع اولادهم.‏ ومع ذلك،‏ في الدول الصناعية،‏ نتيجةً للازدياد الحالي في معدل العمر المتوقع وانخفاض الولادات،‏ تزداد باستمرار نسبة الاجداد الى عدد السكان عموما.‏ ويشكِّل الاجداد ٢٦ في المئة من سكان اوروپا،‏ واستنادا الى استطلاع نشرته الوحدة الاوروپية،‏ «يُقدَّر ان يزداد» الرقم.‏ وتقول اساهي ايڤننڠ نيوز ان اليابان «فخورة بتقليدها للاعتناء بالكبار السنّ الذين لديها.‏» ولكن هنالك عادةٌ تنتشر بشكل متزايد،‏ وخصوصا في المدن،‏ وهي ترك الاجداد في المستشفيات والعيادات المتخصِّصة حتى عندما لا تكون هنالك حاجة حقيقية الى ادخالهم اليها.‏ وفي جنوب افريقيا ايضا،‏ حيث يُعامل المسنون بكرامة بموجب تقليدهم،‏ هنالك الآن ميل مؤسف الى رفض المسنين،‏ استنادا الى صحيفة كَيْپ تاون ذا كَيْپ تايمز.‏ ويُبرز التقرير ان العائلات تريد ان تتمتع «بالحياة قدر الامكان» وهم «يخدعون انفسهم بالاعتقاد انه بعدما يضعون الجدة بأمان في دار للرعاية،‏ يكونون قد قاموا بالتزامهم.‏»‏

      وتتحدث الصحيفة نفسها عن حالة خصوصية لجدَّة مسنَّة وضعها اولادها الثلاثة في مأوى للعجزة حسن الرعاية،‏ «واعدين بإعالتها وزيارتها قانونيا.‏» ولكن ماذ حدث لها؟‏ «في البداية كانت الزيارات يومية.‏ وبعد بضعة اسابيع انخفضت الى ثلاث مرات في الاسبوع.‏ ثم صارت مرة في الاسبوع.‏ وبعد سنة صارت مرتين او ثلاثا في الشهر،‏ وأخيرا خمس او ست مرات في السنة وفي النهاية انقطعت الزيارات تماما.‏» وكيف كانت هذه الجدة تقضي ايامها اللامتناهية؟‏ يقول الوصف الذي يسحق القلب:‏ «كانت ترى من نافذة غرفتها شجرة،‏ وكان اصحابها الاحياء الوحيدون الحمامَ وطيورَ الزرزور التي تحطّ عليها.‏ وهي تنتظر وصولها بشوق كما لو كانت اقرباء احماء.‏»‏

      ونتيجةً لجعل انماط الحياة في جنوب افريقيا غربية،‏ الامر الذي يدفع كثيرين الى طلب العمل في المدن،‏ يحدث الامر نفسه في العائلات القَبَلية.‏ فإلى جانب تغيير الاوضاع الاجتماعية،‏ تكون الاسباب الاخرى لهجر الاجداد اختفاء تلك الصفات الانسانية التي تعزِّز الحياة الاجتماعية والعائلية السعيدة —‏ الصلاح،‏ احترام الفرد لجاره،‏ المودة العائلية —‏ وسيادة روح الانانية،‏ المتعة،‏ الكبرياء،‏ والتمرد.‏ وبحسب الاسفار المقدسة،‏ فإن مثل هذا الانحطاط الادبي دليل على اننا عائشون في «الايام الاخيرة.‏» (‏٢ تيموثاوس ٣:‏١-‏٥‏)‏ وهكذا،‏ عوض ان يقدِّر الاولاد والحفداء اجدادهم كمصدر للإغناء والاستقرار،‏ غالبا ما يعتبرونهم عائقا ثقيل الوطأة لا يتماشى مع التغيير الاجتماعي السريع.‏a

      تصير فجوة الجيل بارزة اكثر فأكثر،‏ وتسبِّب توترا كبيرا يزداد عندما يعيش المسنون مع عائلاتهم.‏ لكنَّ مساهمة الاجداد يمكن ان تكون لها فائدة كبيرة!‏ فما هي بعض المشاكل الرئيسية بين الاجيال،‏ المشاكل التي تعترض سبيل العلاقات الودية بين الاجداد،‏ الاولاد،‏ والحفداء؟‏ وكيف يمكن للاجداد ان يعيدوا تأسيس دورهم الثمين ضمن الدائرة العائلية؟‏

      ‏[الحاشية]‏

      a يجب الاعتراف بأنه في بعض حالات الخَرَف والمشاكل الصحية القصوى يمكن ان تكون دار التمريض،‏ التي لها هيئة عاملين متخصِّصة،‏ التدبير الحبي والعملي اكثر لبعض الوالدين المسنين.‏

  • ما هي بعض المشاكل؟‏
    استيقظ!‏ ١٩٩٥ | تموز (‏يوليو)‏ ٨
    • ما هي بعض المشاكل؟‏

      الاجداد،‏ الوالدون،‏ والحفداء —‏ ثلاثة اجيال تفصل بينها من حيث العمر عقود قليلة فقط،‏ ولكن من حيث الموقف العقلي هوَّة.‏

      كثيرون من الاجداد عانوا الاختبار المخيف للحرب العالمية الثانية،‏ بكل نتائجها المخرِّبة.‏ وعلى الارجح كان اولادهم صغارا في زمن حركات الاحتجاج والازدهار الاقتصادي لستينات الـ‍ ١٩٠٠.‏ أما اليوم فيعيش حفداؤهم في عالم خالٍ من القِيَم.‏ وبهذا التغيير السريع الذي يحدث اليوم في امثلة الاقتداء البارزة،‏ ليس من السهل على الجيل الاكبر سنا ان يجعل الجيل الاصغر سنا يقدِّر اختباره الشخصي.‏ هنالك شيء ناقص،‏ شيء ليُقنع الناس من اجيال مختلفة بالتعاون وباحترام واحدهم الآخر.‏ ولكن ماذا يمكن ان يكون ذلك؟‏

      في اغلب الاحيان يتدخل الاجداد الحسنو النية في شؤون عائلة اولادهم المتزوِّجين،‏ متشكِّين من ان الوالدين يبدون إما صارمين اكثر من اللازم او متهاونين اكثر من اللازم مع حفدائهم.‏ ومن ناحية اخرى،‏ يقول مثل اسپاني:‏ «العقوبة من الاجداد لا تصنع حفداء صالحين» —‏ لأن الاجداد من شأنهم ان يكونوا متساهلين.‏ وربما يتدخلون لأنهم يودّون ان يتجنب اولادهم اخطاء معيَّنة يمكن ان يدركوها هم بوضوح بفضل خبرتهم الخاصة.‏ لكنهم قد يكونون غير قادرين على اعادة النظر في العلاقات المتغيرة بأولادهم المتزوجين وتفسيرها بطريقة متزنة.‏ والاولاد،‏ الذين حصلوا بالزواج على الاستقلال الذي طالما تاقوا اليه،‏ ليسوا مستعدين ان يحتملوا التدخل.‏ والآن لأنهم يعملون لدعم العائلة،‏ يرفضون قبول التدخل في حقهم في اتِّخاذ قراراتهم.‏ والحفداء،‏ الذين قد يدَّعون معرفة كل شيء،‏ يستاؤون من القواعد والانظمة وربما يعتبرون اجدادهم غافلين عن وقائع الحياة.‏ وفي المجتمع العصري يبدو ان الاجداد خسروا جاذبيتهم.‏ وفي الاغلب يجري تجاهل خبرتهم.‏

      عندما تتوقف المحادثة

      في بعض الاحيان،‏ يعزل الاجدادَ عن بقية العائلة جدارٌ لا يُخرق من عدم التفاهم المتبادل حتى عندما يكونون عائشين مع اولادهم.‏ ومن المؤسف ان ذلك يحدث تماما في الوقت الذي يصير فيه الاجداد بحاجة اكبر الى المودة،‏ وذلك لأن التقدم في السن يصير مرهِقا.‏ لا يلزم ان يكون الشخص عائشا وحده ليشعر بالوحدة.‏ فعندما تتوقف المحادثة،‏ عندما يُستبدل الاحترام والمودة بالشعور بالتفوُّق والغضب،‏ تكون النتائج جفاء تاما وخيبة امل شديدة من جهة الاجداد.‏ وتُجرح مشاعرهم الاعمق.‏ يكتب الاختصاصي في اصول التربية جاكومو داكْوينو:‏ «لا تزال المحبة في العائلة،‏ التي شبَّهها احد الاشخاص مؤخرا بطراز سيارة قديم،‏ افضل دواء للشيخوخة.‏ فتعبير وجه متفهِّم،‏ ابتسامة لطيفة،‏ كلمة مشجِّعة،‏ او ملاطفة تساعد اكثر من ادوية كثيرة.‏» —‏ Libertà di invecchiare (‏حرية التقدم في السن)‏.‏

      مثالكم يمكن ان يصنع فرقا

      ان التوتر الذي ينتج من تدهور العلاقات العائلية يسبب ايضا تشكِّيات متواصلة من احد الاجيال على الآخر.‏ فقد يشعر عضو في العائلة بأن كل ما يفعله الآخرون هو خطأ.‏ لكنَّ التأثيرات الرديئة يشعر بها الجميع.‏ فالاولاد يلاحظون كيف يعامل والدوهم اجدادهم وبالتالي كيف يتجاوب اجدادهم.‏ ومع ان المسنين عموما قد يتألمون بصمت،‏ فإن الحفداء يسمعون،‏ يرون،‏ ويتذكرون.‏ وهكذا تتأثر انماط سلوكهم المستقبلية.‏ فعندما يصيرون بالغين،‏ قد يعاملون والديهم على الارجح كما عامل والدوهم الاجداد الى حد بعيد.‏ ومن المستحيل الفرار من مبدإ الكتاب المقدس:‏ «الذي يزرعه الانسان اياه يحصد ايضا.‏» —‏ غلاطية ٦:‏٧‏.‏

      اذا رأى الحفداء ان الوالدين يعاملون الاجداد بطريقة تظهر انهم متفوِّقون —‏ ساخرين بهم،‏ مُسكِتين اياهم بفظاظة،‏ او حتى مستغلِّينهم —‏ فقد يتصرفون،‏ بدورهم،‏ بشكل مماثل نحو والديهم عندما يتقدمون في السن.‏ ولا يكفي وضع صورة الاجداد المُبَرْوَزة على صِوان السُّفرة —‏ فيجب ان يُحترموا ويُحَبّوا كأشخاص.‏ وبعد فترة قصيرة،‏ ربما يُظهر الحفداء المعاملة نفسها.‏ يُقال ان ظاهرة سوء معاملة الاجداد تصير واسعة الانتشار اكثر فأكثر.‏ وفي بعض البلدان الاوروپية أُقيمت خطوط استغاثة هاتفية من اجل التدخل لمصلحة المسنين الذين تُساء معاملتهم،‏ وهي مماثلة لتلك العاملة الآن من اجل حماية الاولاد.‏

      ان الانانية،‏ الكبرياء،‏ والنقص في المحبة تعزِّز النقص في العطف وتزيده.‏ وهكذا فإن عدد الذين يحاولون التخلُّص من الاجداد بوضعهم في دور للعجزة يزداد.‏ والبعض مستعدّون لدفع مبلغ كبير من المال للتحرُّر من مشكلة الاعتناء بالمسنين،‏ تاركين اياهم إما في مراكز متخصِّصة مجهَّزة بكل التكنولوجيا الاحدث او في قرى المتقاعدين كتلك التي في فلوريدا او كاليفورنيا،‏ الولايات المتحدة الاميركية،‏ حيث يوجد عدد وافر من الاسواق المركزية والتسليات ولكن لا توجد بسمة الاحباء وملاطفتهم ولا معانقة الحفداء.‏ وفي ايام العطل خصوصا،‏ يبحث كثيرون عن مكان لوضع الجدّة والجدّ مؤقتا.‏ وفي الهند يمكن ان تكون الحالة اسوأ ايضا عندما يُهجر بعض الاجداد ويُتركون ليتدبَّروا امرهم بأنفسهم.‏

      والطلاق يزيد الصعوبات في المحافظة على علاقات عائلية حميمة.‏ فهنالك عائلة بريطانية واحدة فقط من كل ٤ لا يزال فيها الوالدان عائشين مع الاسرة.‏ والطلاق في ازدياد عالميا.‏ ففي الولايات المتحدة،‏ هنالك اكثر من مليون حالة طلاق كل سنة.‏ وهكذا فجأة يجد الاجداد انفسهم يواجهون ازمة زواج اولادهم والتغييرات البالغة الناتجة في العلاقات مع حفدائهم.‏ وبالاضافة الى احراج التعامل مع صهر سابق او كنَّة سابقة هنالك مشكلة «القدوم السريع للحفداء ‹المكتسَبين›» اذا كان «لرفيق زواج ابنهم او ابنتهم الجديد اولاد من زواج سابق،‏» كما تخبر الصحيفة الايطالية كورييري سالوتي‏.‏

      ‏‹بصيص نور لحياتنا›‏

      ومع ذلك فإن علاقة الفرد الحميمة الودية بأجداده،‏ سواء كانوا عائشين مع باقي العائلة او لا،‏ هي ذات فائدة كبيرة للجميع.‏ «ان فعل شيء لاولادنا وحفدائنا،‏» تقول رْيوكو،‏ جدّة من فوكوي،‏ اليابان،‏ «هو كافٍ لمنح حياتنا بصيص نور.‏» وبحسب نتائج بحث نشرته كورييري سالوتي،‏ يُخبَر ان فريقا من الخبراء الاميركيين قال:‏ «عندما يحظى الاجداد والحفداء بالاختبار المفرح للتمتع بعلاقة قوية وودّية،‏ تكون الفائدة كبيرة ليس فقط للاولاد بل ايضا للعائلة كلها.‏»‏

      لذلك،‏ ماذا يمكن فعله للتغلب على الفوارق الشخصية،‏ فجوات الجيل،‏ والميول الفطرية نحو الانانية التي تمارس تأثيرا سلبيا كبيرا في العلاقات العائلية؟‏ سيجري التأمل في هذا الموضوع في المقالة التالية.‏

      ‏[النبذة في الصفحة ٦]‏

      ‏«ان الامر المروِّع بشأن تقدم المرء في السن هو عدم الاصغاء اليه.‏» —‏ ألبير كامو،‏ كاتب روائي فرنسي

  • العيش معا بمحبة
    استيقظ!‏ ١٩٩٥ | تموز (‏يوليو)‏ ٨
    • العيش معا بمحبة

      جدّي وجدّتي العزيزين،‏

      هل انتما بخير؟‏ اظنّ انني مصابة بالزكام.‏

      شكرا لأنكما لعبتما معي في ذلك اليوم.‏ لقد اخذتماني الى المتنزه وإلى الحمَّام العام.‏ وتمتَّعت بذلك كثيرا.‏

      في السنة التالية في ١١ شباط،‏ ستقدِّم مدرستنا حفلتها الموسيقية.‏ فإذا كنتما تستطيعان المجيء ثانية،‏ فمن فضلكما تعاليا.‏

      يا جدّتي ويا جدّي سنفرح كثيرا عندما تأتيان.‏

      ارجوكما اعتنيا بأنفسكما،‏ وانتبها دائما الى صحتكما.‏ سيصير الطقس باردا،‏ فانتبها لئلا تُصابا بالزكام.‏

      اتطلَّع بشوق الى الوقت الذي ستأتيان فيه مرة اخرى وتلعبان معي.‏ من فضلكما أَرسلا تحياتي الى يومي وماساكي.‏

      ميكا (‏يابانية)‏

      هل كتب لكم حفيدكم يوما ما رسالة كهذه؟‏ اذا كان كذلك،‏ فلا بد انكم فرحتم كثيرا عندما تسلَّمتموها.‏ فرسائل كهذه دليل على الصلة العائلية الرائعة والودية بين الاجداد والحفداء.‏ ولكن ماذا يلزم لتأسيس هذا النوع من العلاقة،‏ المحافظة عليه،‏ وتقويته؟‏ وكيف يمكن ان يبرهن انه مفيد للاجيال الثلاثة كلها؟‏

      المحبة —‏ «رباط كامل للوحدة»‏

      يقول روي وجين،‏ جدّان بريطانيان:‏ «نعتقد ان المبدأين الرئيسيين هما الاعتراف بالرئاسة والمحافظة على الانسجام واحدنا مع الآخر بمحبة.‏» وذكر شاهدا يهوه هذان على نحو خصوصي الآية في كولوسي ٣:‏١٤‏،‏ ع‌ج،‏ التي تصف المحبة المسيحية بأنها «رباط كامل للوحدة.‏» فالمحبة تولِّد الاحترام،‏ الانتباه المتّسم بمراعاة مشاعر الآخرين،‏ المودة،‏ والوحدة العائلية.‏ عندما يأتي البابا من العمل،‏ تركض العائلة كلها لملاقاته وللترحيب به بحرارة.‏ فإذا كانت المحبة موجودة في العائلة،‏ يحدث الامر نفسه عندما يصل الجدّان.‏ «جدّتي وجدّي هنا!‏» يصرخ الولد بحماس.‏ وتجلس الاسرة الموسَّعة في تلك الامسية لتناول العشاء،‏ ويجلس الجدّ،‏ حسب التقليد المحلي،‏ في المكان المحفوظ له عند رأس الطاولة.‏ فهل يمكن ان تتصوَّروا نفسكم وعائلتكم في هذا المشهد الودّي؟‏ هل تتمتعون بهذه البركة؟‏

      ‏«تاج جمال شيبة»‏

      من الواضح ان المحبة والاحترام للاجداد يجب ان يظهرا دائما،‏ وليس فقط في المناسبات الخصوصية.‏ لهذا السبب من الضروري تعليم الاولاد باستمرار.‏ وفي العائلة يتعلم الاولاد ان يحبوا الاقرباء والآخرين،‏ متَّبعين المثال الذي يرسمه والدوهم.‏ ومثالهم بالغ الاهمية،‏ كما ذكر كثيرون جرت مقابلتهم في ما يتعلق بهذا الموضوع.‏ يقول مَكايا،‏ اب من مدينة بينين،‏ نَيجيريا:‏ «اعتقد ان مثال احترامي لحَمِيَّ وحماتي ساعد ايضا اولادي ليكونوا متواضعين ومتَّصفين بالاحترام.‏ فأنا اخاطب حَمِيَّ وحماتي بـ‍ ‹بابا› و‹ماما.‏› فيسمع اولادي ويرون انني احترمهما كوالديَّ.‏»‏

      اذا فشل الحفداء في احترام اجدادهم فقد يستاء الاجداد،‏ ليس بشكل رئيسي بسبب عدم الاحترام بحدّ ذاته،‏ بل بسبب عدم تقويم الوالدين لهم.‏ يقول ديميتريو،‏ جدّ من روما،‏ ايطاليا:‏ «يمكنني ان ارى المحبة التي يكنّها لنا ابنتي وصهري من الطريقة التي بها يعلِّمان حفداءنا ان يكرمونا ويحترمونا.‏» احيانا،‏ قد يعامل الحفداء الاجداد بطريقة تتخطَّى كثيرا حدود اللياقة،‏ كما لو انهم مجرد رفقاء لعب من العمر نفسه،‏ او بموقف يعرب عن التفوُّق.‏ انها مسؤولية الوالدين ان يقوِّموا ايّ ميل كهذا.‏ يقول پول،‏ شاهد نَيجيري:‏ «قبل سنة تقريبا،‏ ابتدأ الاولاد يزدرون بوالدتي.‏ عندما لاحظت ذلك،‏ قرأت عليهم الامثال ١٦:‏٣١‏:‏ ‹تاج جمال شيبة،‏› وذكَّرتهم ايضا بأن جدّتهم هي امي.‏ وكما يحترمونني يجب عليهم ايضا ان يحترموها.‏ ودرست معهم ايضا الفصل ١٠ من كتاب حداثتكم —‏ نائلين افضل ما فيها‏،‏a بعنوان ‹كيف تنظرون الى آبائكم؟‏› والآن،‏ ليست لديهم اية مشكلة في احترام جدّتهم.‏»‏

      فوائد تنمية علاقات عائلية

      يمكن تنمية مودّة متبادَلة حتى عندما يعيش اعضاء العائلة بعيدين واحدهم عن الآخر.‏ يقول ستيڤِن،‏ جدّ نَيجيري:‏ «نكتب الرسائل الى كلّ من حفدائنا افراديا.‏ وهذا يتطلب جهدا كبيرا،‏ لكنَّ مكافأة تعزيز علاقة عائلية حميمة مع الحفداء والمحافظة عليها هي عظيمة جدا.‏» وجهود الوالدين اساسية من هذا القبيل.‏ وآخرون يبقون على اتصال بالهاتف،‏ بحسب ظروفهم.‏

      يوضح جوزيپّا،‏ جدّ من باري،‏ ايطاليا،‏ له ١١ حفيدا كيف ينمي صداقة حميمة مع اعضاء عائلته الاقربين:‏ «في الوقت الحاضر،‏ ثلاث من العائلات الستّ التي تشكِّل ‹قبيلتي› تسكن بعيدا.‏ لكنَّ ذلك لا يشكِّل عائقا في وجه المعاشرات والتجمعات الممتعة بيننا.‏ ولنا عادة ان نجتمع معا مرة واحدة على الاقل في السنة،‏ نحن الـ‍ ٢٤ جميعا.‏»‏

      عندما يعيش الاجداد وحدهم،‏ يمكن ان تصير العلاقات باردة إن لم يكن تبادل الزيارات،‏ الاتصالات الهاتفية،‏ او الرسائل مع اعضاء العائلة امرا قانونيا.‏ فيلزم اظهار المودة دائما.‏ وبعض الاجداد الذين في منتصف العمر او الذين يتمتعون بصحة جيدة يريدون ان يحيوا مستقلّين فيما لا يزالون نشاطى ومكتفين ذاتيا.‏ ولكن،‏ اذا عزلوا انفسهم كليا عن اعضاء العائلة،‏ فقد يجدون ايضا انه عندما تكون حاجتهم الى المودة اكبر،‏ قد لا يحصلون عليها بسرعة.‏

      ويأتي اقتراح مفيد آخر من مايكل،‏ جدّ نَيجيري:‏ «اطبِّق قاعدة يسوع الذهبية —‏ ان تفعلوا بالآخرين ما تريدون ان يفعلوا هم بكم.‏ لهذا السبب يحبني اولادي كثيرا.‏ ونحن نتمتع باتصال جيد.‏» ويضيف:‏ «اذا فعل ايّ من حفدائي شيئا يزعجني،‏ اتكلَّم اليه اذا كان ذلك ضروريا.‏ ولكن اذا كان شيئا يمكنني التغاضي عنه،‏ فعادةً انساه.‏»‏

      ان الهدايا الصغيرة او التعابير الصغيرة من جهة الاجداد تُنتج ردّ فعل ايجابيا.‏ واللطف،‏ الكلمات المشجِّعة،‏ بدلا من التشكّي المستمر،‏ تجعل الحياة العائلية ممتعة.‏ وتخصيص الوقت للحفداء،‏ تعليمهم ألعابا مسلِّية وأعمالا صغيرة نافعة،‏ سرد روايات الكتاب المقدس او النوادر العائلية لهم،‏ تخلق ذكريات حميمة ودائمة.‏ ان مثل هذه الامور الصغيرة ولكن المهمة تجعل الحياة ممتعة اكثر.‏

      فوائد الاحترام المتبادَل

      يقول الطبيب ڠاسْپاريه ڤيلّا:‏ «يلزم ان يحترز الاجداد لئلا يعارضوا او ينافسوا سلطة الوالدين في تربية الاولاد.‏» «وإلّا،‏» يضيف،‏ «فإنهم يتخطَّون حقل نشاطهم كأجداد ويغتصبون مكان الوالدين.‏» وهذا الاقتراح ينسجم مع ما تقوله الاسفار المقدسة،‏ ان الوالدين هم المسؤولون الرئيسيون عن تربية اولادهم.‏ —‏ امثال ٦:‏٢٠؛‏ كولوسي ٣:‏٢٠‏.‏

      وبسبب خبرة الاجداد في الحياة،‏ يسهل عليهم تقديم النصيحة.‏ ولكن يلزم ان ينتبهوا لئلا يقدِّموا مشورة لم تُطلب وأحيانا غير مرحَّب بها.‏ يقول روي وجين:‏ «من المهم الادراك ان الوالدين هم المسؤولون الرئيسيون عن تدريب وتأديب اولادهم.‏ وأحيانا قد يشعر المرء بأنهم صارمون اكثر قليلا مما ينبغي وفي حالات اخرى غير صارمين كفاية.‏ هنا توجد حاجة الى محاربة الاغراء الحقيقي بالتدخل.‏» ويؤكِّد النقطة نفسها مايكل وشينا،‏ جدّان بريطانيان آخران:‏ «اذا طلب الاولاد نصيحتنا،‏ نقدِّمها،‏ لكننا لا نتوقع بالضرورة ان يقبلوها،‏ ولا نستاء اذا لم يقبلوها.‏» فيحسن بالوالدين المسنين ان تكون لديهم ثقة بأبنائهم وبناتهم المتزوِّجين.‏ ومثل هذه الثقة تحسِّن العلاقات بين الاجيال الثلاثة.‏

      ڤيڤيَن وجاين،‏ اللذان يعيشان في جنوب انكلترا،‏ يبذلان جهدا ليؤيِّدا في كل الاوقات التأديب الذي يمنحه لحفدائهما ابنهما وكنَّتهما اللذان يعيشان معهما:‏ «لا نحاول فرض آرائنا الخاصة في المجالات التي ربما نعتقد ان الامور يجب ان تجري فيها بشكل مختلف.‏ وإذ يدرك الاولاد اننا ندعم امهم وأباهم،‏ لا يحاولون ابدا ان يحرِّضونا على والدَيهم.‏» وحتى في غياب الوالدين،‏ يجب ان يكون الاجداد حذرين بشأن تأديب الحفداء.‏ يقول هارولد،‏ من بريطانيا:‏ «ان ايّ تأديب يراه الجدّ لازما في غياب الوالدَين يجب مناقشته مسبقا مع الوالدَين.‏» ويضيف هارولد ان التكلم بلطف،‏ لكن بثبات،‏ الى الحفداء او مجرد تذكيرهم «بما يطلبه منهم الوالد» كثيرا ما يكون كافيا.‏

      عندما يلاحظ كريستوفر،‏ جدّ نَيجيري،‏ عيبا معيَّنا من جهة اولاده،‏ يتجنب التكلم عنه في حضور حفدائه:‏ «اقدِّم اية مشورة ضرورية عندما اكون وحدي مع الوالدَين.‏» والوالدون بالتالي يلزم ان يقوموا بما عليهم في ضمان احترام دور الاجداد.‏ «انه لامر بالغ الاهمية،‏» يقول كارلو،‏ اب يعيش في روما،‏ ايطاليا،‏ «ان لا يجري ابدا التشكّي من ضعفات الاجداد او اعضاء العائلة الآخرين امام الاولاد.‏» وتقول هيروكو،‏ ام يابانية:‏ «عندما تنشأ مشكلة مع الاقرباء بالزواج،‏ اناقش ذلك اولا مع زوجي.‏»‏

      دور الاجداد التعليمي

      لكل عائلة تاريخها،‏ عاداتها،‏ واختباراتها الخاصة التي تميِّزها عن كل العائلات الاخرى.‏ وعموما يشكِّل الاجداد الرابط بين العائلة وتاريخها الماضي.‏ واستنادا الى قول افريقي مأثور،‏ «كل مسنّ يموت انما هو مكتبة تحترق.‏» فالاجداد ينقلون ذكريات الاقرباء والحوادث العائلية المهمة،‏ بالاضافة الى القِيَم العائلية التي غالبا ما توحِّد العائلة بتزويدها اساسا ادبيا وروحيا متينا.‏ قال احد الخبراء،‏ مستثنيا الارشاد الادبي الذي يعطيه الكتاب المقدس،‏ انه اذا «لم يكن الاحداث على علم بتاريخ عائلتهم،‏ يكبرون من دون اساس الخبرة التي سبقتهم،‏ مجرَّدين من القِيَم،‏ مفتقرين الى الثقة بالنفس ومتقلقلين في علاقتهم بالناس الآخرين.‏» —‏ ڠايِتانو بارْليتا،‏ Nonni e nipoti (‏الاجداد والحفداء)‏.‏

      يحب الحفداء ان يسمعوا القصص عن الماما والبابا والاقرباء الآخرين عندما كانوا شبّانا.‏ ومشاهدة ألبوم من الصور الفوتوڠرافية يمكن ان تكون امرا مثقِّفا ومسلِّيا.‏ ويا لَلحنان والدفء اللذين يتولَّدان فيما يروي الاجداد قصة الحوادث السابقة كما تمثِّلها الصور الفوتوڠرافية.‏

      يقول ريڠ ومولي،‏ جدّان بريطانيان من شهود يهوه:‏ «نشعر بالسعادة بسبب تمكننا من مرافقة الحفداء والاشتراك في النشاطات معهم،‏ دون التدخل في رباطهم الوثيق بأمهم وأبيهم،‏ مجيبين عن اسئلتهم الكثيرة،‏ لاعبين معا،‏ قارئين معا،‏ مظهرين لهم كيفية الكتابة،‏ مستمعين الى قراءتهم،‏ متابعين تعليمهم المدرسي باهتمام حبي.‏»‏

      والخطأ الخطير الذي يرتكبه اجداد ووالدون كثيرون هو القلق فقط بشأن الخير الجسدي للاولاد والحفداء.‏ يقول ريڠ ومولي المذكوران آنفا:‏ «اعظم ميراث يمكن ان نمنحه لاولادنا وحفدائنا هو ان نراهم ينمون في المعرفة الحقيقية لكلمة اللّٰه.‏» —‏ تثنية ٤:‏٩؛‏ ٣٢:‏٧؛‏ مزمور ٤٨:‏١٣؛‏ ٧٨:‏٣،‏ ٤،‏ ٦‏.‏

      العمل بانسجام مع التعليم الالهي

      ان الكتاب المقدس،‏ كلمة اللّٰه،‏ «فعَّال» في الناس.‏ فلديه المقدرة على مساعدتهم على ضبط الصفات المسبِّبة للشقاق او التخلص منها،‏ كالانانية والكبرياء.‏ (‏عبرانيين ٤:‏١٢‏)‏ لذلك فإن الذين يمارسون تعاليمه يتمتعون بالسلام والوحدة في العائلة.‏ وإحدى الآيات العديدة التي تساعد الاجيال الثلاثة على التخلص من اية فجوة قد توجد بينهم هي فيلبي ٢:‏٢-‏٤‏،‏ ع‌ج‏،‏ التي تشجع الجميع على اظهار المحبة وتواضع العقل،‏ المحافظة على الوحدة،‏ ‹ناظرين،‏ لا باهتمام شخصي الى مجرد امورهم الخاصة،‏ بل ايضا باهتمام شخصي الى تلك التي للآخرين.‏›‏

      وإذ يعمل الوالدون والحفداء على السواء بانسجام مع التعليم الالهي،‏ يتَّخذون بجدِّية بالغة الحضّ على ‹ايفاء والديهم (‏وأجدادهم)‏ المكافأة،‏› ماديا،‏ عاطفيا،‏ وروحيا.‏ (‏١ تيموثاوس ٥:‏٤‏)‏ وبخوف يهوه السليم،‏ يظهرون الاحترام العميق للاجداد،‏ متذكِّرين كلماته:‏ «من امام الاشيب تقوم وتحترم وجه الشيخ وتخشى الهك.‏» (‏لاويين ١٩:‏٣٢‏)‏ ويظهر الاجداد الصلاح بالعمل من اجل خير ذريتهم:‏ «الصالح يورث بني البنين.‏» —‏ امثال ١٣:‏٢٢‏.‏

      الاجداد،‏ الوالدون،‏ والحفداء،‏ سواء كانوا يعيشون معا او لا،‏ يمكن ان يجدوا الفائدة المتبادلة في العلاقات الودية المؤسسة على المحبة والاحترام،‏ تماما كما تقول الامثال ١٧:‏٦‏:‏ «تاج الشيوخ بنو البنين وفخر البنين آباؤهم.‏»‏

      ‏[الحاشية]‏

      a اصدار جمعية برج المراقبة للكتاب المقدس والكراريس في نيويورك.‏

      ‏[الصورة في الصفحة ٨]‏

      التجمُّع العائلي يمكن ان يساهم في وحدة العائلة

      ‏[الصورة في الصفحة ٩]‏

      يتشجَّع اجدادكم عندما تكتبون رسائل اليهم

      ‏[الصورة في الصفحة ١٠]‏

      تصفُّح ألبوم للعائلة مع حفدائكم يمكن ان يكون اختبارا مغنيا

المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
الخروج
الدخول
  • العربية
  • مشاركة
  • التفضيلات
  • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
  • شروط الاستخدام
  • سياسة الخصوصية
  • إعدادات الخصوصية
  • JW.ORG
  • الدخول
مشاركة