مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • هل يتلف الانسان موارده الغذائية؟‏
    استيقظ!‏ ٢٠٠١ | ايلول (‏سبتمبر)‏ ٢٢
    • هل يتلف الانسان موارده الغذائية؟‏

      ‏«ان التحدي الحقيقي الذي نواجهه اليوم ليس الدَّين او العجز الاقتصاد او المنافسة العالمية،‏ بل هو الحاجة الى ايجاد طريقة عيش ذات معنى تمنح الاكتفاء دون اتلاف غلاف الارض الحيوي الذي يدعم كل الحياة.‏ فلم يسبق للجنس البشري ان واجه مثل هذا الخطر:‏ زوال العناصر نفسها التي تبقينا على قيد الحياة».‏ —‏ عالِم الوراثة دايڤيد سوزوكي.‏

      التفاحة ثمرة من السهل عدم تقدير وجودها.‏ فإذا كنتم تعيشون في منطقة يغزر فيها التفاح،‏ فهو بالنسبة اليكم سهل المنال وتستطيعون ربما ان تختاروا ما طاب لكم من أصنافه الكثيرة.‏ لكن هل تعرفون ان اصناف التفاح اقل جدا اليوم منها منذ ١٠٠ سنة؟‏

      بين سنة ١٨٠٤ و ١٩٠٥،‏ كانت الولايات المتحدة تنتج ٠٩٨‏,٧ صنفا من التفاح.‏ اما اليوم فقد انقرض ١٢١‏,٦ صنفا منها،‏ اي ما يعادل ٨٦ في المئة.‏ ولاقى الاجاص المصير نفسه.‏ فقد انقرض حوالي ٨٨ في المئة من الاصناف الـ‍ ٦٨٣‏,٢ التي كانت تُنتج يوما.‏ اما بالنسبة الى الخضر فالارقام مأساوية اكثر.‏ ان شيئا ما يؤول الى الزوال وهو ما يدعى التنوُّع الأحيائي —‏ ليس فقط التشكيلة الواسعة من انواع الكائنات الحية بل ايضا التشكيلة الواسعة من الاصناف الموجودة ضمن هذه الانواع.‏ فإن التنوُّع ضمن مختلف اشكال الخضر المنتجة في الولايات المتحدة انخفض ٩٧ في المئة في اقل من ٨٠ سنة!‏ لكن هل التنوُّع مهم حقا؟‏

      يقول العديد من العلماء انه مهم.‏ ورغم ان دور التنوُّع الأحيائي لا يزال مثار جدال،‏ يقول عدد من الخبراء البيئيين انه اساسي للحياة على الارض.‏ ويقولون ان اهميته في النباتات التي نزرعها للطعام تضاهي اهميته في النباتات البرية الموجودة في الغابات،‏ الادغال،‏ والمراعي حول العالم.‏ صحيح ان وجود انواع كثيرة مهم لكن ما يضاهيه اهمية هو التنوُّع الموجود ضمن كل منها.‏ فوجود العديد من سلالات الارزّ مثلا يزيد من امكانية مقاومة بعض هذه السلالات للأوبئة الشائعة.‏ لذلك،‏ ذكر مؤخرا بحث اصدره معهد وورلد واتش ان اهم امر قد يُظهر للجنس البشري مدى خطورة تقلُّص التنوُّع الأحيائي في الارض هو:‏ تأثيره في مواردنا الغذائية.‏

      هنالك طريقتان على الاقل يؤثر بهما اختفاء النباتات في المحاصيل الغذائية.‏ اولا:‏ بزوال القريبات البرية للنباتات المزروعة يزول مصدر محتمل للمورِّثات التي تساعد على توليد اصناف جديدة في المستقبل.‏ ثانيا:‏ يتسبب هذا الاختفاء بتضاؤل السلالات ضمن الانواع المزروعة.‏ في اوائل القرن العشرين،‏ مثلا،‏ أُنتج اكثر من ٠٠٠‏,١٠٠ صنف من الارزّ البلدي في آسيا،‏ ووُجد ٠٠٠‏,٣٠ صنف منها على الاقل في الهند فقط.‏ اما اليوم فإن ٧٥ في المئة من محاصيل الارزّ في الهند لا تشمل سوى عشرة اصناف.‏ وفي سري لانكا،‏ لم يبق تقريبا من الـ‍ ٠٠٠‏,٢ سلالة ارزّ سوى ٥.‏ اما المكسيك،‏ مهد زراعة الذرة الصفراء،‏ فينتج مجرد ٢٠ في المئة من الاصناف التي كان ينتجها في ثلاثينات الـ‍ ١٩٠٠.‏

  • التنوُّع —‏ اساسي للحياة
    استيقظ!‏ ٢٠٠١ | ايلول (‏سبتمبر)‏ ٢٢
    • التنوُّع —‏ اساسي للحياة

      في اربعينات الـ‍ ١٨٠٠،‏ تعدى عدد السكان في ايرلندا الثمانية ملايين نسمة،‏ مما جعلها اكثر البلدان اكتظاظا في اوروپا.‏ كانت البطاطا عماد البلد الغذائي،‏ ولم يُزرع منها على نطاق واسع سوى صنف واحد.‏

      سنة ١٨٤٥ زرع المزارعون هذا الصنف من البطاطا كعادتهم،‏ لكنَّ آفة ضربت المحصول وأتلفته كله تقريبا.‏ ذكر پول رايبرن في كتابه بعنوان الحصاد الاخير —‏ المغامرة الوراثية التي تهدّد بإبادة الزراعة الاميركية (‏بالانكليزية)‏:‏ «تخطت ايرلندا بمعظمها الازمة في تلك السنة».‏ ثم اضاف:‏ «لكنَّ البلية اتت في السنة التالية.‏ فبسبب افتقار المزارعين الى اصناف اخرى من البطاطا،‏ لم يكن من خيار امامهم سوى زراعة الصنف نفسه.‏ فضربت الآفة ثانية،‏ وأتت الضربة قاضية هذه المرة.‏ وكانت المعاناة لا توصف».‏ ويقدِّر المؤرخون ان مليون شخص تقريبا ماتوا من الجوع،‏ فيما هاجر مليون ونصف آخرون،‏ معظمهم الى الولايات المتحدة.‏ والذين بقوا عانوا الفقر المدقع.‏

      اما في جبال الأنديز في اميركا الجنوبية،‏ فقد زرع المزارعون اصنافا عديدة من البطاطا،‏ ولم يتأثر إلّا بعضها بالآفة.‏ وهكذا لم يكن تأثير الآفة شاملا.‏ فمن الواضح ان تنوُّع الانواع والتنُّوع ضمنها ايضا يزوِّد الحماية.‏ وزراعة مجرد محصول متماثل واحد تخالف سياسة البقاء وتترك النباتات معرضة للآفات والحشرات المؤذية،‏ مما قد يتلف غلة منطقة بكاملها.‏ لذلك،‏ يعتمد مزارعون عديدون الاستعمال الكثيف والمتكرر لمبيدات الآفات،‏ مبيدات الاعشاب،‏ ومبيدات الفطريات حتى لو كانت هذه المواد الكيميائية خطرة على البيئة في معظم الاحيان.‏

      لكن لمَ يستبدل المزارعون اصنافهم البلدية المتعددة بمحصول متماثل واحد؟‏ عادة لمواجهة الضغوط الاقتصادية.‏ فزراعة محاصيل متماثلة تعد بحصاد اسهل،‏ غلة جذابة،‏ مقاومة المحاصيل للتلف،‏ وإنتاجية كبيرة.‏ وقد بلغت هذه السياسة أوجَها في ستينات الـ‍ ١٩٠٠ مع مجيء ما دُعي الثورة الخضراء.‏

      الثورة الخضراء

      من خلال حملات مكثفة اطلقتها الحكومات والشركات،‏ أُقنع المزارعون في البلدان المعرضة للمجاعة باستبدال محاصيلهم المتنوعة بزراعة حبوب متماثلة تعطي غلة وافرة،‏ وخصوصا الارزّ والقمح.‏ ورُحب بهذه الحبوب «المعجزة» كحل للمجاعة في العالم.‏ لكنها لم تكن رخيصة،‏ اذ بلغت كلفة البذور ثلاثة اضعاف السعر العادي.‏ واعتمدت الغلات ايضا كثيرا على المواد الكيميائية،‏ بما فيها الاسمدة،‏ بالاضافة الى المعدات الغالية الثمن مثل الجَرّارات.‏ رغم ذلك،‏ انطلقت الثورة الخضراء مدعومة بالاعانات المالية التي قدمتها الحكومات.‏ يقول رايبرن:‏ «رغم انها انقذت الملايين من الموت جوعا،‏ فهي تهدد اليوم الامن الغذائي العالمي».‏

      في الحقيقة،‏ ربما زوّدت الثورة الخضراء ارباحا قصيرة الاجل،‏ لكنها انطوت على مخاطر بعيدة المدى.‏ وسرعان ما صارت زراعة محاصيل متماثلة شائعة في العالم بأسره —‏ فيما ساهم الاستعمال الكثيف للاسمدة في نمو الاعشاب الضارة،‏ وقتلت مبيدات الآفات الحشرات المفيدة والمؤذية على حد سواء.‏ ففي حقول الارزّ،‏ قتلت المواد الكيميائية السامة السمك،‏ القريدس،‏ السرطان،‏ الضفادع،‏ الاعشاب الصالحة للاكل،‏ والنباتات البرية،‏ ومعظمها يشكِّل مكمِّلات غذائية قيمة.‏ كما ادّى التعرض للمواد الكيميائية الى حالات تسمُّم بين المزراعين.‏

      كتبت ماي-‏وان هو،‏ استاذة في قسم علم الاحياء في الجامعة العامة في المملكة المتحدة:‏ «لم يعد من شك الآن ان الزراعة الاحادية التي بدأت مع ‹الثورة الخضراء› اثرت سلبيا على التنوُّع الأحيائي والامن الغذائي في كل انحاء العالم».‏ وذكرت منظمة الاغذية والزراعة التابعة للامم المتحدة ان ٧٥ في المئة من التنوُّع الوراثي الذي كان موجودا منذ قرن في النباتات المزروعة مفقود اليوم،‏ والسبب الرئيسي هو الزراعة الصناعية.‏

      يحذِّر بحث اصدره معهد وورلد واتش ان «مجازفتنا في تبني التماثل الوراثي تؤدي الى مخاطر بيئية جمة».‏ وكيف تجري السيطرة على هذه المخاطر؟‏ يلزم علماء زراعة ومواد كيميائية فعالة كما يلزم تمويل المزارعين ايضا.‏ لكن لا توجد ضمانات.‏ ففي الولايات المتحدة،‏ ساهم التماثل الوراثي بشكل كبير في اتلاف شامل للذرة بسبب آفة غزت المحاصيل،‏ كما ادّى في إندونيسيا الى خسارة مئتي الف هكتار من الارزّ.‏ لكن في السنوات الاخيرة،‏ بدأت ثورة جديدة في مجال الزراعة،‏ ثورة شملت التلاعب بالحياة على صعيد جوهري اكثر —‏ المورِّثات.‏

      الثورة الوراثية

      ادَّى علم الوراثة الى صناعة جديدة مربحة تدعى التكنولوجيا الحيوية.‏ وهي،‏ كما يشير اسمها،‏ تجمع بين علم الاحياء والتكنولوجيا الحديثة من خلال تقنيات معينة مثل الهندسة الوراثية.‏ وبعض شركات التكنولوجيا الحيوية الجديدة تتخصص في الزراعة وتسعى جاهدة للحصول على براءة اختراع بذور تنتج غلالا وافرة،‏ تقاوم الآفات والجفاف والتجمُّد،‏ وتقلل الحاجة الى استعمال مواد كيميائية خطرة.‏ اذا تحققت هذه الاهداف فستكون مفيدة كثيرا.‏ لكنَّ البعض اعربوا عن القلق بشأن المحاصيل المهندسة وراثيا.‏

      يورد كتاب الهندسة الوراثية،‏ الطعام،‏ وبيئتنا (‏بالانكليزية)‏:‏ «في الطبيعة،‏ خُلق التنوُّع الوراثي ضمن حدود،‏ فقد يُهجَّن الورد بوَرد من صنف مختلف،‏ لكن لا يتم ابدا التهجين بين الورد والبطاطا.‏ .‏ .‏ .‏ لكنَّ الهندسة الوراثية تشمل عادة اخذ مورِّثات من نوع وإدخالها في نوع آخر في محاولة لنقل سمة او ميزة مرغوب فيها.‏ وهذا قد يعني مثلا،‏ اختيار مورِّثة من سمك من القطب الشمالي (‏مثل سمك التِّرس)‏ تنتج مادة كيميائية مضادّة للتجمُّد،‏ وإقحامها في البطاطا او الفراولة لإكسابها هذه الميزة.‏ واليوم من الممكن هندسة النباتات وراثيا بأخذ مورِّثات من البكتيريا،‏ الڤيروسات،‏ الحشرات،‏ الحيوانات،‏ ومن البشر ايضا».‏a اذًا كما يظهر الواقع،‏ تتيح التكنولوجيا الحيوية للبشر خرق الجدار الوراثي الذي يفصل بين الانواع.‏

      مثل الثورة الخضراء،‏ يساهم ما يدعوه البعض الثورة الوراثية في مشكلة التماثل الوراثي —‏ بل يزيد الوضع سوءا،‏ كما يصرّ البعض،‏ لأن علماء الوراثة يمكن ان يستعملوا تقنيات مثل الاستنساخ وزراعة الانسجة في مستنبتات،‏ عمليتان تنتجان نسخا متطابقة تماما.‏ لذلك يستمر القلق بشأن الاختفاء التدريجي للتنوُّع الأحيائي.‏ لكنَّ النباتات المعدَّلة وراثيا تثير قضايا جديدة مثل التأثيرات التي يمكن ان تجلبها علينا وعلى البيئة.‏ قال الكاتب العلمي جيرمي ريفكين:‏ «نحن ننطلق سريعا على غير هدى في حقل جديد من التكنولوجيا الحيوية الزراعية بآ‌مال كبيرة،‏ قيود قليلة،‏ ودون اية فكرة عن النتائج المحتملة».‏b

      من جهة اخرى،‏ اذ تشكل القدرة على التلاعب بالحياة على صعيد المورِّثات مصدر ربح محتملا،‏ تنطلق الشركات في سباق من اجل حيازة براءة اختراع بذور جديدة وعضويات اخرى مهندسة وراثيا.‏ لكن في الوقت الحاضر يستمر انقراض النباتات بلا هوادة.‏ وكما ذُكر سابقا،‏ في سبيل تفادي الكارثة،‏ انشأت بعض الحكومات والمؤسسات الخاصة مصارف للبذور.‏ فهل ستتيح هذه المصارف للأجيال القادمة حيازة تشكيلة واسعة من البذور لزراعتها وحصدها؟‏

      مصارف البذور —‏ ضمان ضد الانقراض؟‏

      باشرت الحدائق النباتية الملكية في كْيو،‏ انكلترا،‏ ما اعتُبر «احد اوسع المشاريع العالمية التي لم يسبق لها مثيل للحفاظ على النباتات» —‏ مشروع مصرف الالفية للبذور.‏ من اهداف المشروع الرئيسية:‏ (‏١)‏ جمع وحفظ ١٠ في المئة —‏ اكثر من ٠٠٠‏,٢٤ نوع —‏ من النباتات العالمية التي تحمل بذورا،‏ وذلك بحلول سنة ٢٠١٠ و (‏٢)‏ قبل ذلك بكثير،‏ جمع وحفظ بذور نباتات محلية تُجمع من كل انحاء المملكة المتحدة.‏ وقد اسست بلدان اخرى ايضا مصارف للبذور،‏ او مصارف للمورِّثات كما تدعى بعض الاحيان.‏

      يذكر عالِم الاحياء جون تكسل ان ٩٠ في المئة على الاقل من ملايين البذور المخزنة في مصارف البذور يأتي من نباتات مهمة تُستخدم للطعام وغيره مثل القمح،‏ الارزّ،‏ الذرة،‏ البطاطا،‏ البصل،‏ الثوم،‏ قصب السكر،‏ القطن،‏ فول الصويا،‏ والفاصولياء،‏ وليس هذا سوى غيض من فيض.‏ لكنَّ البذور هي عضويات حية تبقى قابلة للنمو ما دامت محتفِظة بطاقتها الداخلية.‏ فإلى اي مدى يمكن الاعتماد على مصارف البذور؟‏

      بلايا المصارف

      ان ادارة مصارف البذور مكلفة —‏ حوالي ٣٠٠ مليون دولار اميركي سنويا،‏ كما يقول تكسل.‏ لكنه يذكر انه حتى هذا المبلغ قد يكون غير كافٍ،‏ اذ ان «١٣ في المئة فقط من البذور الموضوعة في المصارف موجود في تسهيلات ذات ادارة جيدة ولديها مقدرة على خزن البذور مدة طويلة».‏ ولأن البذور المخزَّنة بشكل غير ملائم لا تدوم طويلا،‏ ينبغي ان تُزرع باكرا لكي يجري جني الجيل التالي من البذور وإلّا تصبح هذه المصارف مقابر البذور.‏ طبعا،‏ تتطلب الادارة الجيدة عددا كبيرا من العمال،‏ ولا يساهم ذلك سوى في تعقيد الامور بالنسبة الى التسهيلات التي تكون بحاجة ماسة الى دعم مالي.‏

      يوضح كتاب بذور التغيير —‏ الكنز الحي (‏بالانكليزية)‏ ان مختبر خزن البذور الوطني في كولورادو،‏ الولايات المتحدة الاميركية،‏ «عانى مصاعب متعددة،‏ منها انقطاع التيار الكهربائي،‏ تعطُّل معدات التبريد،‏ والنقص في عدد العاملين الذي ادّى الى إهمال كوم هائلة من البذور وعدم إدراجها في قوائم».‏ ومصارف البذور هي عرضة ايضا للاضطرابات السياسية،‏ تردّي الحالة الاقتصادية،‏ والكوارث الطبيعية.‏

      والخزن الطويل الامد يخلق مشاكل اخرى ايضا.‏ فلدى النباتات في بيئتها الطبيعية قدرة على التكيف محدودة لكن حيوية،‏ وهذا يتيح لها النجاة من الآفات وتحديات اخرى.‏ لكن في جو مصرف البذور المحمي،‏ قد تخسر بعد بضعة اجيال شيئا من قدرتها على التكيف.‏ لكنَّ بذور العديد من النباتات تدوم قرونا قبل ان تلزم زراعتها من جديد اذا كانت مخزَّنة جيدا.‏ رغم البلبلة المحيطة بمصارف البذور،‏ فوجودها بحد ذاته يعكس القلق المتفاقم بشأن مستقبل محاصيل الجنس البشري الغذائية.‏

      طبعا،‏ ان افضل طريقة للحد من انقراض النباتات هي حماية البيئة الطبيعية الاصلية وإعادة احياء التنوُّع في المحاصيل.‏ لكن للتوصل الى ذلك،‏ يقول تكسل،‏ نحتاج الى «تطوير توازن جديد بين الحاجات البشرية وحاجات عالم الطبيعة».‏ لكن كم هو واقعي التفكير ان البشر سيتمكنون من «تطوير توازن جديد» مع عالم الطبيعة فيما يسعون وراء التقدم الاقتصادي والصناعي بغيرة متقدة؟‏ حتى الزراعة،‏ كما رأينا،‏ تصير تدريجيا جزءا من عالم التقنية العالية الذي تديره شركات تجارية وتتحكم فيه المصالح المادية.‏ لا بد اذًا من وجود حل آخر.‏

      ‏[الحاشيتان]‏

      a ان النظريات المتعلقة بالاطعمة المعدَّلة وراثيا وتأثيرها المحتمل في صحة الحيوانات والبشر والبيئة تبقى مثار جدل.‏ كما ادّى المزج الوراثي بين عضويات لا علاقة لها بعضها ببعض الى اثارة اسئلة اخلاقية.‏ —‏ انظروا عدد ٢٢ نيسان (‏ابريل)‏ ٢٠٠٠ من استيقظ!‏،‏ الصفحات ٢٥-‏٢٧‏.‏

      b تخبر مجلة العالِم الجديد (‏بالانكليزية)‏ ان الشمندر الاوروپي «المعدَّل وراثيا لمقاومة احد مبيدات الاعشاب اكتسب صدفة المورِّثات التي تتيح له مقاومة مبيد اعشاب آخر».‏ وقد تسلَّلت المورِّثة الضالة الى الشمندر عندما لُقِّح صدفة بصنف آخر من الشمندر هُندس وراثيا لمقاومة مبيد اعشاب مختلف.‏ ويخشى بعض العلماء ان الاستعمال الواسع النطاق لمحاصيل تقاوم مبيدات الاعشاب قد يؤدي الى خلق اعشاب ضارة «خارقة» محصنة ضد مبيدات الاعشاب.‏

  • التنوُّع —‏ اساسي للحياة
    استيقظ!‏ ٢٠٠١ | ايلول (‏سبتمبر)‏ ٢٢
    • ‏[الصور في الصفحة ٧]‏

      ‏«ان الزراعة الاحادية التي بدأت مع ‹الثورة الخضراء› اثرت سلبيا على التنوُّع الأحيائي والامن الغذائي في كل انحاء العالم».‏ —‏ الدكتورة ماي-‏وان هو

      ‏[مصدر الصورة]‏

      Background: U.‎S.‎ Department of Agriculture

      ‏(Centro Internacional de Mejoramiento de Maíz y Trigo )CIMMYT

  • من يُطعم العالم؟‏
    استيقظ!‏ ٢٠٠١ | ايلول (‏سبتمبر)‏ ٢٢
    • من يُطعم العالم؟‏

      هل يبدأ الجنس البشري يوما بحماية التنوُّع الأحيائي عوض القضاء عليه؟‏ يقتضي هذا الامر بحسب عالِم الاحياء جون تكسل «تعديلا جذريا في السياسة المتّبعة».‏ لكنه يضيف ان مثل هذا التعديل «لا يحدث على الارجح ما لم يحصل تغيير جذري في ادراك الناس لفوائد التنوُّع الأحيائي في النباتات،‏ في رغبتهم في تغيير الطرائق المعهودة،‏ وفي استعدادهم لتجربة طرائق جديدة».‏

      يستصعب كثيرون التصديق ان مثل هذه التغييرات الجذرية يمكن ان تحصل.‏ كما يعارض كثيرون الاستنتاج الذي توصل اليه تكسل.‏ فهنالك خبراء بيئيون يشعرون ان دور التنوُّع الأحيائي لم يُفهم بعد كاملا،‏ وربما يوليه بعض الزملاء اهمية اكثر من اللازم.‏ رغم ذلك،‏ فيما يناقش العلماء المسألة،‏ يبدو من المفيد التنبه لصرخة الانذار التي يطلقها بعض الخبراء في هذا الحقل.‏ فهم يبدون قلقين ليس بسبب خسارة التنوُّع الأحيائي فحسب،‏ بل ايضا بسبب الجشع والافتقار الى بعد النظر اللذين يؤديان الى هذه الخسارة.‏ وإليكم بعض التعليقات من كتّاب متعددين.‏

      ‏«منذ قرن فقط،‏ كان مئات الملايين من المزارعين حول العالم مسؤولين شخصيا عن مخزون البذور الذي يملكونه.‏ .‏ .‏ .‏ اما اليوم،‏ فالشركات العالمية هي التي تتولى انتاج معظم كميات البذور،‏ هندستها وراثيا،‏ والحصول على براءة اختراعها،‏ كما تُحفظ هذه البذور ايضا بشكل ملكية فكرية خاصة بهذه الشركات.‏ .‏ .‏ .‏ وبالتركيز على ما يجلب الارباح الفورية،‏ تهدِّد صناعة التكنولوجيا الحيوية بإتلاف الميراث الوراثي نفسه الذي قد يكون يوما ما قيّما جدا كخط دفاعي جديد ضد نوع جديد من الآفات او الجراثيم ‹الخارقة› المقاومة للمبيدات».‏ —‏ الكاتب العلمي جيرمي ريفكين.‏

      ‏«تردد وسائل الاعلام مرارا وتكرارا ان عالم التجارة،‏ التجارة الحرة،‏ والاقتصاد العالمي هي ما ينبغي ان يحتل الاولوية.‏ وعندما تتحكم المادية ومصالح الشركات بوسائل الاعلام،‏ يصير هذا المنحى الاقتصادي مثل عقيدة دينية نادرا ما يُعترض عليها».‏ —‏ عالِم الوراثة دايڤيد سوزوكي.‏

      ويشير الكاتب كيني اوسبِل في مؤلفه بذور التغيير —‏ الكنز الحي (‏بالانكليزية)‏ الى الرياء في البلدان المتقدمة عندما «تتحسر الحكومات والشركات على الخطر العالمي الوشيك،‏ خطر زوال الجَميعة الوراثية gene pool التي تشكل ‹الميراث المشترك› للجنس البشري».‏ ويذكر ان هذه البلدان تهدِّد هي ايضا التنوُّع الأحيائي بترويج الزراعة الاحادية واستعمال تقنيات الزراعة الحديثة.‏

      سواء كان انصار البيئة مبرَّرين في اسوإ مخاوفهم ام لا،‏ قد تجدون من الصعب الشعور بالثقة بمستقبل هذا الكوكب.‏ فإلى متى يمكن ان يدوم كوكبنا والجشع يتحكم في الجنس البشري؟‏ كثيرون من الناس الذين يتوقون الى نيل اجوبة يأملون ان يأتي العلم الى نجدتنا.‏

      هل يمكن ان يأتي خلاصنا على يد التكنولوجيا والعلم؟‏

      اعربت الجمعية الملكية في أدنبره مؤخرا عن تخوفها من كون التقدم العلمي اليوم سريعا ومتطورا جدا بحيث يعرّض العلماء لخطر عدم تقدير عاقبة هذا التقدم كاملا.‏ كتب دايڤيد سوزوكي:‏ «يزوِّد العلم فهما ناقصا وصورة غير مكتملة عن عالم الطبيعة».‏ وأضاف:‏ «نحن لا نعرف شيئا تقريبا عن التركيبة البيولوجية لأشكال الحياة على الارض،‏ هذا اذا لم نذكر كيفية ارتباطها بعضها ببعض واعتمادها بعضها على بعض».‏

      وأوضحت مجلة العِلم (‏بالانكليزية)‏:‏ «لا المخاطر ولا فوائد العضويات المهندسة وراثيا هي اكيدة او عالمية النطاق.‏ .‏ .‏ .‏ ان مقدرتنا على التنبؤ بالتأثير الذي سيلحق بالبيئة بسبب الانواع التي أُدخلت حديثا،‏ بما فيها العضويات المهندسة وراثيا،‏ هي غير دقيقة».‏

      والكثير من «التقدم» هو في الواقع سيف ذو حدَّين.‏ صحيح انه يفيد احيانا لكنه يعرب عن جشع الجنس البشري وافتقاره الى الحكمة.‏ (‏ارميا ١٠:‏٢٣‏)‏ مثلا،‏ فيما انتجت الثورة الخضراء وفرة من الطعام وأطعمت افواها  كثيرة،‏ ساهمت ايضا في خسارة التنوُّع الأحيائي.‏ ذكرت الدكتورة ماي-‏وان هو ان الثورة الخضراء افادت «الشركات التي تولِّد النباتات ونخبة من الاشخاص في البلدان النامية على حساب عامة الشعب» من خلال ترويجها استعمال مبيدات الآفات وتقنيات زراعية مكلفة.‏ وتستمر هذه النزعة فيما تنشط الزراعة المؤسسة على التكنولوجيا الحيوية اكثر وتقودنا الى مستقبل يعتمد فيه الامن الغذائي اكثر فأكثر على العلم.‏

المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
الخروج
الدخول
  • العربية
  • مشاركة
  • التفضيلات
  • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
  • شروط الاستخدام
  • سياسة الخصوصية
  • إعدادات الخصوصية
  • JW.ORG
  • الدخول
مشاركة