مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • ‏«وضعت لكم نموذجا»‏
    برج المراقبة ٢٠٠٢ | ١٥ آب (‏اغسطس)‏
    • ‏«وضعت لكم نموذجا»‏

      ‏«كان ينبغي ان تكونوا معلمين بسبب طول الزمان».‏ —‏ عبرانيين ٥:‏١٢‏.‏

      ١ لماذا من الطبيعي ان تجعل كلمات العبرانيين ٥:‏١٢ المسيحي يقلق نوعا ما؟‏

      عندما تقرأ كلمات آيتنا الرئيسية الموحى بها،‏ هل تشعر نوعا ما بالقلق على نفسك؟‏ اذا كان هذا ما تشعر به،‏ فأنت لست وحدك.‏ فكأتباع للمسيح،‏ نعرف انه يجب ان نكون معلِّمين.‏ (‏متى ٢٨:‏١٩،‏ ٢٠‏)‏ ونعرف انه من الملح في ايامنا هذه ان نعلِّم ببراعة قدر الامكان.‏ كما نعرف ان تعليمنا هو مسألة حياة او موت للذين نعلِّمهم.‏ (‏١ تيموثاوس ٤:‏١٦‏)‏ لذلك من المنطقي ان نسأل انفسنا:‏ ‹هل انا معلّم بارع؟‏ كيف يمكنني ان اتحسن؟‏›.‏

      ٢،‏ ٣ (‏أ)‏ كيف اوضح احد المعلِّمين ما هو اساس التعليم الجيد؟‏ (‏ب)‏ ايّ نموذج وضعه يسوع لنا بشأن التعليم؟‏

      ٢ ولكن لا ينبغي ان ندع هذا القلق يثبِّطنا.‏ فإذا كنا نعتبر التعليم مجرد امر يتطلب بعض المهارات التقنية الخصوصية،‏ فقد نشعر بأنه من الصعب جدا ان نقوم بالتحسينات.‏ لكنَّ التعليم الجيد ليس مؤسسا على مجرد تقنية،‏ بل على ما هو اهم من ذلك بكثير.‏ لاحظ ما دوّنه معلِّم ذو خبرة في كتاب حول هذا الموضوع:‏ «ليس التعليم الجيد مجرد مسألة تقنيات او اساليب،‏ مخطَّطات او تصرفات.‏ .‏ .‏ .‏ التعليم بشكل رئيسي هو مسألة محبة».‏ صحيح انه يتكلم من وجهة نظر معلِّم دنيوي،‏ إلا ان كلماته تنطبق ايضا على عمل التعليم الذين نقوم به كمسيحيين.‏ وكيف ذلك؟‏

      ٣ ان الشخص الذي نحتذي بمثاله كمعلِّم هو يسوع المسيح الذي قال لأتباعه:‏ «وضعت لكم نموذجا».‏ (‏يوحنا ١٣:‏١٥‏)‏ أشار يسوع هنا الى مثاله في إظهار التواضع،‏ لكنَّ النموذج الذي وضعه لنا يشمل بالتأكيد عمله الرئيسي الذي قام به وهو على الارض،‏ عمل تعليم الناس بشارة ملكوت اللّٰه.‏ (‏لوقا ٤:‏٤٣‏)‏ لذلك،‏ اذا كنا نريد اختيار كلمة لوصف خدمة يسوع،‏ أفلا نختار كلمة «محبة»؟‏ (‏كولوسي ١:‏١٥؛‏ ١ يوحنا ٤:‏٨‏)‏ فمحبة يسوع لأبيه السماوي يهوه كانت اهم ما في حياته.‏ (‏يوحنا ١٤:‏٣١‏)‏ لكنَّ يسوع اعرب عن محبته كمعلِّم بطريقتين أخريين.‏ فقد احب الحقائق التي علَّمها وأحب ايضا الاشخاص الذين علَّمهم.‏ فلنركز الآن اكثر على هاتين الناحيتين من النموذج الذي وضعه لنا.‏

      محبة قديمة العهد للحقائق الالهية

      ٤ كيف نمّى يسوع محبة لتعاليم يهوه؟‏

      ٤ يؤثر موقف المعلِّم ممّا يعلِّمه تأثيرا كبيرا في نوعية تعليمه.‏ فإذا كان لامباليا،‏ فسيشعر تلاميذه بذلك ويصيرون هم ايضا لامبالين.‏ لكنَّ يسوع لم يكن لامباليا بالحقائق الثمينة التي علَّمها عن يهوه وملكوته بل كانت محبته لما علّمه عميقة.‏ وهذه المحبة كانت قد نمت فيه عندما كان هو نفسه تلميذا.‏ فعلى مرّ دهور طويلة من وجوده السابق لبشريته،‏ كان ابن اللّٰه الوحيد تلميذا نهما.‏ تقول اشعياء ٥٠:‏٤،‏ ٥ هذه الكلمات الملائمة:‏ «اعطاني السيد الرب لسان المتعلمين لأعرف ان اغيث المعيي بكلمة.‏ يوقظ كل صباح.‏ يوقظ لي اذنا لأسمع كالمتعلمين.‏ السيد الرب فتح لي اذنا وأنا لم اعاند.‏ الى الوراء لم ارتد».‏

      ٥،‏ ٦ (‏أ)‏ ماذا حدث مع يسوع كما يبدو عند معموديته،‏ وكيف اثَّر ذلك فيه؟‏ (‏ب)‏ كيف يختلف يسوع عن الشيطان في استخدام كلمة اللّٰه؟‏

      ٥ ظل يسوع يحب الحكمة الالهية وهو ينمو كإنسان على الارض.‏ (‏لوقا ٢:‏٥٢‏)‏ ثم عند معموديته،‏ حدث معه امر فريد.‏ فقد «انفتحت السماء»،‏ كما تقول لوقا ٣:‏٢١‏.‏ وكما يبدو،‏ هذا ما مكَّنه من تذكر وجوده السابق لبشريته.‏ ثم قضى ٤٠ يوما صائما في البرية.‏ ولا بد انه سُرّ كثيرا بالتأمل في المرات الكثيرة حين تلقى الارشاد من يهوه في السماء.‏ ولكن لم يمضِ وقت طويل حتى وُضعت محبته للحقائق التي علَّمه اياها اللّٰه تحت الامتحان.‏

      ٦ فعندما تعب يسوع وجاع،‏ حاول الشيطان ان يجرّبه.‏ وكم هو شاسع الفرق بين ابنَي اللّٰه هذين!‏ فرغم انهما كليهما اقتبسا من الاسفار العبرانية،‏ كان موقفهما مختلفا كليًّا.‏ فقد حرّف الشيطان كلمة اللّٰه،‏ مسخِّرا اياها بوقاحة في تحقيق اغراضه الشخصية.‏ حقا،‏ كان هذا المتمرد يحتقر الحقائق الالهية.‏ أما يسوع فقد ظهرت محبته لكلمة اللّٰه عندما اقتبس ما تقوله الاسفار المقدسة بدقة عند إعطاء كل جواب.‏ ورغم ان يسوع كان موجودا قبل وقت طويل من كتابة هذه الكلمات الموحى بها،‏ فقد احترمها كثيرا لأنها حقائق ثمينة من ابيه السماوي.‏ وقال للشيطان ان كلمات يهوه هذه اهم من الطعام.‏ (‏متى ٤:‏١-‏١١‏)‏ نعم لقد احبّ يسوع كل الحقائق التي تعلَّمها من يهوه.‏ ولكن كيف اظهر هذه المحبة كمعلِّم؟‏

      محبة للحقائق التي علّمها

      ٧ لماذا لم يعلِّم يسوع تعاليمه الخاصة؟‏

      ٧ كانت محبة يسوع للحقائق التي علّمها ظاهرة دائما.‏ فكان من السهل ان يطوِّر افكاره الخاصة بسبب ما لديه من معرفة وحكمة.‏ (‏كولوسي ٢:‏٣‏)‏ لكنه ذكَّر سامعيه مرة بعد اخرى ان كل ما علّمه ليس منه بل من ابيه السماوي.‏ (‏يوحنا ٧:‏١٦؛‏ ٨:‏٢٨؛‏ ١٢:‏٤٩؛‏ ١٤:‏١٠‏)‏ فقد احب الحقائق الالهية اكثر من ان يستبدلها بأفكاره الخاصة.‏

      ٨ كيف وضع يسوع عند بداية خدمته نموذجا للاتِّكال على كلمة اللّٰه؟‏

      ٨ حالما ابتدأ يسوع بخدمته العلنية،‏ وضع نموذجا.‏ لنتأمل كيف اعلن لشعب اللّٰه انه المسيَّا الموعود به.‏ هل ظهر امام الجموع،‏ اعلن انه المسيح،‏ ثم انجز عجائب مثيرة لإثبات ذلك؟‏ كلا.‏ لقد ذهب الى المجمع حيث اعتاد شعب اللّٰه قراءة الاسفار المقدسة.‏ وهناك،‏ قرأ نبوة اشعياء ٦١:‏١،‏ ٢ بصوت عالٍ وأوضح ان هذه الحقائق النبوية انطبقت عليه.‏ (‏لوقا ٤:‏١٦-‏٢٢‏)‏ والعجائب الكثيرة التي صنعها ساعدت على تأكيد دعم يهوه له.‏ رغم ذلك،‏ اتَّكل دائما على كلمة اللّٰه في تعليمه.‏

      ٩ كيف اظهر يسوع تعلّقه الولي بكلمة اللّٰه في تعاملاته مع الفريسيين؟‏

      ٩ وعندما تحدّى الخصوم الدينيون يسوع،‏ لم يجادلهم بهدف التفوق عليهم،‏ رغم انه كان يستطيع بكل سهولة ان يتغلب عليهم في المناقشة.‏ لكنه جعل كلمة اللّٰه تدحض اتهاماتهم.‏ مثلا،‏ تذكّرْ ما حدث عندما اتّهم الفريسيون أتباع يسوع بانتهاك شريعة السبت بقطف السنابل والأكل منها وهم يمرّون في احد الحقول.‏ اجابهم يسوع قائلا:‏ «أما قرأتم ما فعل داود حين جاع هو والذين معه؟‏».‏ (‏متى ١٢:‏١-‏٥‏)‏ طبعا،‏ لا بد ان هؤلاء الرجال ذوي البر الذاتي قرأوا تلك الرواية الموحى بها المسجّلة في ١ صموئيل ٢١:‏١-‏٦‏.‏ ورغم ذلك،‏ لم يتمكنوا من تمييز الدرس المهم الذي احتوته.‏ أما يسوع فلم يقرإ الرواية فحسب،‏ بل تأمل ايضا فيها واستخلص منها درسا.‏ فقد أحبّ المبادئ التي علَّمها يهوه في هذا المقطع.‏ لذلك استخدم هذه الرواية،‏ وكذلك مثالا من الشريعة الموسوية،‏ ليُظهر اتزان الشريعة.‏ كما ان تعلُّق يسوع الولي بكلمة اللّٰه دفعه الى حمايتها من محاولات القادة الدينيين لتحريفها بحيث تلائم اغراضهم الشخصية او لطمسها بالتقاليد البشرية.‏

      ١٠ كيف تمَّم يسوع النبوات المتعلقة بنوعية تعليمه؟‏

      ١٠ لم تكن محبة يسوع للحق الذي علّمه لتسمح له بأن يعلِّم بأسلوب روتيني،‏ مملّ وآلي.‏ فالنبوات الموحى بها قالت ان المسيَّا سيتكلم ‹بنعمة على شفتيه›،‏ مستخدما «اقوالا حسنة».‏ (‏مزمور ٤٥:‏٢؛‏ تكوين ٤٩:‏٢١‏)‏ وقد تمَّم يسوع هذه النبوات بإبقاء رسالته شيّقة وحيوية،‏ اذ استخدم «كلمات النعمة» وهو يعلِّم الحقائق التي يحبها كثيرا.‏ (‏لوقا ٤:‏٢٢‏)‏ ولا شك ان حماسه جعل وجهه يتلألأ وعينيه تشعان اهتماما بما يعلِّمه.‏ فكم كان من المسرّ الاصغاء اليه،‏ وما اروع النموذج الذي تركه لنا لنتبعه عندما نتحدث الى الآخرين عما تعلّمناه!‏

      ١١ لماذا لم تكن مقدرات يسوع التعليمية سببا ليصير منتفخا بالكبرياء؟‏

      ١١ وهل كان فهم يسوع العميق للحقائق الالهية وحديثه الجذاب سببا لينتفخ بالكبرياء؟‏ هذا ما يحدث غالبا في حالة المعلمين البشر.‏ لكن تذكر ان يسوع كان حكيما بطريقة تعكس خوفه للّٰه.‏ وهذه الحكمة لا تترك مجالا للغطرسة،‏ لأن «مع المتواضعين حكمة».‏ (‏امثال ١١:‏٢‏)‏ كما ان هنالك امرا آخر حال دون صيرورة يسوع متكبرا او متغطرسا.‏

      محبة يسوع للناس الذين علّمهم

      ١٢ كيف اظهر يسوع انه لم يُرِد ان يخاف أتباعه منه؟‏

      ١٢ كانت محبة يسوع للناس ظاهرة دائما وهو يعلّم.‏ فبالتباين مع تعليم البشر المتكبرين،‏ لم يجعل تعليمه الناس يخافون منه.‏ (‏جامعة ٨:‏٩‏)‏ مثلا،‏ بعدما شهد بطرس احدى عجائب يسوع،‏ غمرته الدهشة وخرّ عند ركبتيه.‏ لكنّ يسوع لم يُرِد ان يخاف أتباعه منه خوفا غير سليم.‏ فقال لبطرس بلطف:‏ «كفاك خوف».‏ ثم أخبره عن عمل التلمذة المثير الذي سيشترك فيه.‏ (‏لوقا ٥:‏٨-‏١٠‏)‏ لقد اراد يسوع ان يكون دافع تلاميذه المحبة للحقائق الثمينة عن اللّٰه،‏ وليس الخوف من معلّمهم.‏

      ١٣،‏ ١٤ كيف اعرب يسوع عن التعاطف مع الناس؟‏

      ١٣ وكانت محبة يسوع للناس الذين علّمهم ظاهرة ايضا في تعاطفه معهم.‏ فلما «رأى الجموع اشفق عليهم،‏ لأنهم كانوا منزعجين ومنطرحين كخراف لا راعي لها».‏ (‏متى ٩:‏٣٦‏)‏ فقد تعاطف معهم بسبب حالتهم المزرية واندفع الى مساعدتهم.‏

      ١٤ لاحِظ تعاطف يسوع في مناسبة اخرى.‏ فعندما اقتربت منه امرأة في الجمع بها سيل دم ولمست هدب ثوبه،‏ شُفيت عجائبيا.‏ فشعر بأن قوة خرجت منه،‏ لكنه لم يرَ مَن شُفِي.‏ وقد أصر على ايجاد المرأة.‏ ولماذا؟‏ ليس لانتقادها على انتهاك الشريعة او قواعد الكتبة والفريسيين،‏ كما ربما كانت تخشى.‏ لكنه قال لها:‏ «يا ابنة،‏ إيمانك قد عافاك.‏ اذهبي بسلام،‏ وكوني صحيحة من مرضك المضني».‏ (‏مرقس ٥:‏٢٥-‏٣٤‏)‏ لاحِظ التعاطف في هذه الكلمات.‏ فهو لم يقل:‏ «اذهبي واشفي»،‏ بل «كوني صحيحة من مرضك المضني».‏ يستخدم مرقس هنا كلمة يمكن ان تعني حرفيا «الجلد» او الضرب بالسياط كوسيلة تُستعمل عادة للتعذيب.‏ وهكذا،‏ تعاطف يسوع معها،‏ اذ اعترف بأن مرضها يسبِّب لها المعاناة،‏ ربما الالم الشديد من الناحية الجسدية والعاطفية.‏

      ١٥،‏ ١٦ اية حوادث خلال خدمة يسوع برهنت انه كان يبحث عن الصفات الجيدة في الناس؟‏

      ١٥ كما ان يسوع اظهر المحبة للناس بالبحث عن الصفات الجيدة فيهم.‏ لاحِظ مثلا ما حدث عندما التقى نثنائيل،‏ الذي صار لاحقا رسولا.‏ لقد «رأى يسوع نثنائيل آتيا نحوه فقال عنه:‏ ‹هوذا إسرائيلي حقا،‏ لا خداع فيه›».‏ فبشكل عجائبي،‏ ادرك يسوع ما في قلب نثنائيل،‏ مما جعله يعرف الكثير عنه.‏ حتما،‏ لم يكن نثنائيل كاملا لأنه مثلنا جميعا،‏ كانت لديه اخطاؤه.‏ فعندما سمع عن يسوع،‏ تفوه بعبارات فظة نوعا ما قائلا:‏ «أيمكن ان يخرج من الناصرة شيء صالح؟‏».‏ (‏يوحنا ١:‏٤٥-‏٥١‏)‏ لكن من بين كل الامور التي كان يمكن قولها عن نثنائيل،‏ اختار يسوع شيئا ايجابيا للتركيز عليه،‏ استقامته.‏

      ١٦ وعلى نحو مماثل،‏ عندما اقترب من يسوع ضابط —‏ ربما اممي روماني —‏ وطلب منه شفاء عبده المريض،‏ كان يعرف ان لهذا الجندي اخطاءه.‏ فالضابط في تلك الايام كان لديه ماضٍ حافل بالعنف،‏ سفك الدم،‏ والعبادة الباطلة.‏ رغم ذلك،‏ ركَّز يسوع على شيء جيد —‏ الايمان البارز الذي امتلكه هذا الرجل.‏ (‏متى ٨:‏٥-‏١٣‏)‏ ولاحقا،‏ عندما كان يتكلم مع فاعل السوء المعلَّق على الخشبة بجانبه،‏ لم يوبِّخه على ماضيه الاجرامي بل شجَّعه بإعطائه رجاء للمستقبل.‏ (‏لوقا ٢٣:‏٤٣‏)‏ فقد عرف ان النظرة الانتقادية السلبية الى الآخرين لا تؤدي إلا الى تثبيطهم.‏ ولا شك ان جهوده لإيجاد الصفات الجيدة في الآخرين شجَّعتهم على التحسن.‏

      الاستعداد لخدمة الآخرين

      ١٧،‏ ١٨ كيف اظهر يسوع استعداده لخدمة الآخرين عندما قبل التعيين ان يأتي الى الارض؟‏

      ١٧ ثمة دليل قاطع آخر على محبة يسوع للناس الذين علَّمهم،‏ وهو استعداده لخدمتهم.‏ فابن اللّٰه كان في حياته السابقة لبشريته مولعا بالبشر.‏ (‏امثال ٨:‏٣٠،‏ ٣١‏)‏ وبما انه «كلمة» يهوه،‏ اي الناطق بلسانه،‏ فلربما كانت لديه تعاملات كثيرة مع البشر.‏ (‏يوحنا ١:‏١‏)‏ لكنَّ ما دفعه جزئيا الى ‹إخلاء نفسه آخذا هيئة عبد› وترْك مركزه الرفيع في السماء هو تعليم البشر شخصيا.‏ (‏فيلبي ٢:‏٧؛‏ ٢ كورنثوس ٨:‏٩‏)‏ وعندما اتى الى الارض،‏ لم يتوقع ان يُخدَم،‏ بل قال:‏ «ابن الانسان لم يأتِ ليُخدَم،‏ بل ليخدُم وليبذل نفسه فدية عن كثيرين».‏ (‏متى ٢٠:‏٢٨‏)‏ حقا،‏ طبَّق يسوع هذه الكلمات كاملا.‏

      ١٨ فقد خدم يسوع بتواضع حاجات الذين علّمهم،‏ باذلا كل ما لديه من اجلهم دون تردد.‏ فجاب ارض الموعد،‏ سائرا مئات الكيلومترات في جولات كرازية لبلوغ اكبر عدد ممكن من الناس.‏ وبعكس الفريسيين والكتبة المتكبرين،‏ بقي متواضعا وسهل الاقتراب اليه.‏ فقد اقترب اليه بتوق ودون خوف كل انواع الناس —‏ الوجهاء،‏ الجنود،‏ المتضلعون من الشريعة،‏ النساء،‏ الاولاد،‏ الفقراء،‏ المرضى،‏ حتى المنبوذون من المجتمع.‏ ورغم انه كان كاملا،‏ كان انسانا معرّضا للجوع والتعب.‏ ولكن حتى عندما تعِب او احتاج الى الراحة او الهدوء ليصلي،‏ وضع حاجات الآخرين قبل حاجاته.‏ —‏ مرقس ١:‏٣٥-‏٣٩‏.‏

      ١٩ كيف وضع يسوع نموذجا عندما تعامل مع تلاميذه بتواضع،‏ صبر،‏ ولطف؟‏

      ١٩ كما ان يسوع كان مستعدا لخدمة تلاميذه.‏ وذلك بتعليمهم بلطف وصبر.‏ فعندما كانوا بطيئين في فهم بعض الدروس المهمة،‏ لم يستسلم،‏ يفقد اعصابه،‏ او يعنِّفهم.‏ بل استمر يحاول ايجاد طرائق جديدة لمساعدتهم على الفهم.‏ مثلا،‏ لنفكر كم مرة تشاجر تلاميذه في مَن هو الاعظم بينهم.‏ ومرة بعد اخرى،‏ حتى في الليلة التي سبقت إعدامه،‏ حاول ايجاد طرائق جديدة ليعلِّمهم ان يعاملوا واحدهم الآخر بتواضع.‏ وفي مسألة التواضع هذه،‏ كما في كل المسائل الاخرى،‏ تمكن ان يقول بحق:‏ «وضعت لكم نموذجا».‏ —‏ يوحنا ١٣:‏٥-‏١٥؛‏ متى ٢٠:‏٢٥؛‏ مرقس ٩:‏٣٤-‏٣٧‏.‏

      ٢٠ ايّ اسلوب في التعليم ميَّز يسوع عن الفريسيين،‏ ولماذا كان هذا الاسلوب فعّالا؟‏

      ٢٠ لاحِظ ان يسوع لم يقلْ لتلاميذه بالكلمات فقط ما هو النموذج،‏ بل ‹وضع نموذجا›،‏ معلِّما اياهم بالمثال.‏ فلم يتكلم معهم على انه شخص اسمى منهم،‏ وكأنه يعتبر نفسه اهم من ان يفعل ما يقول لهم ان يفعلوه.‏ فهذه كانت طريقة الفريسيين الذين قال هو عنهم:‏ «يقولون ولا يفعلون».‏ (‏متى ٢٣:‏٣‏)‏ بل اظهر لتلاميذه ما عنته تعاليمه تماما عندما عاش وفقها وطبَّقها.‏ لذلك،‏ عندما حث أتباعه على العيش حياة بسيطة خالية من المادية،‏ لم يضطروا ان يخمِّنوا ما يعنيه ذلك.‏ فكان بإمكانهم ان يروا صحة كلماته:‏ «للثعالب اوجرة ولطيور السماء اوكار،‏ اما ابن الانسان فليس له اين يضع رأسه».‏ (‏متى ٨:‏٢٠‏)‏ لقد خدم يسوع تلاميذه عندما وضع لهم بتواضع نموذجا.‏

      ٢١ ماذا ستعالج المقالة التالية؟‏

      ٢١ لا شك ان يسوع كان اعظم معلِّم على الارض!‏ فمحبته لما علَّمه ومحبته للناس الذين علَّمهم ظهرتا لكل المستقيمي القلوب الذين رأوه وسمعوه.‏ وهما ظاهرتان ايضا للذين يتأملون اليوم في النموذج الذي وضعه.‏ ولكن كيف يمكننا الاقتداء بمثال المسيح الكامل؟‏ ستعالج المقالة التالية هذا السؤال.‏

  • ‏‹‏اتبعوني على الدوام›‏
    برج المراقبة ٢٠٠٢ | ١٥ آب (‏اغسطس)‏
    • ‏‹‏اتبعوني على الدوام›‏

      ‏«لهذا المسلك دعيتم،‏ لأنه حتى المسيح تألم لأجلكم،‏ تاركا لكم قدوة لتتبعوا خطواته بدقة».‏ —‏ ١ بطرس ٢:‏٢١‏.‏

      ١،‏ ٢ لماذا ليس مثال يسوع الكامل اسمى من ان نقتدي به؟‏

      كان يسوع المسيح حتما اعظم معلِّم على الارض.‏ إضافة الى ذلك،‏ كان كاملا،‏ اذ لم يرتكب خطية خلال كامل حياته كإنسان.‏ (‏١ بطرس ٢:‏٢٢‏)‏ ولكن هل يعني ذلك ان مثال يسوع كمعلِّم اسمى من ان نقتدي به نحن البشر الناقصين؟‏ كلا على الاطلاق.‏

      ٢ كما رأينا في المقالة السابقة،‏ كانت المحبة اساس تعليم يسوع.‏ والمحبة صفة يمكن للجميع تنميتها.‏ فكثيرا ما تحثنا كلمة اللّٰه ان ننمي محبتنا للآخرين ونزيدها.‏ (‏فيلبي ١:‏٩؛‏ كولوسي ٣:‏١٤‏)‏ ويهوه لا يتوقع ابدا من مخلوقاته ما لا يستطيعون فعله.‏ فبما ان «اللّٰه محبة» وقد خلَقَنا على صورته،‏ يمكن القول انه صمَّمنا بالقدرة على إظهار المحبة.‏ (‏١ يوحنا ٤:‏٨؛‏ تكوين ١:‏٢٧‏)‏ لذلك،‏ عندما نقرأ كلمات الرسول بطرس المسجلة في آيتنا الرئيسية،‏ يمكننا الثقة بأننا قادرون على تطبيقها.‏ نعم،‏ يمكننا اتِّباع خطوات المسيح بدقة.‏ وفي الواقع،‏ يمكننا إطاعة وصية يسوع ان ‹نتبعه على الدوام›.‏ (‏لوقا ٩:‏٢٣‏)‏ فلنتأمل الآن كيف يمكننا الاقتداء بمحبة المسيح للحقائق التي علَّمها وللناس الذين علَّمهم.‏

      تنمية المحبة للحقائق التي نتعلمها

      ٣ لماذا يستصعب البعض الدرس،‏ ولكن ايّ حضّ نجده في الامثال ٢:‏١-‏٥‏؟‏

      ٣ لنحب الحقائق التي نعلِّمها للآخرين،‏ يجب ان نحب تعلّم هذه الحقائق.‏ ولكن في عالمنا اليوم،‏ ليس من السهل دائما ان ننمي هذا النوع من المحبة.‏ فعوامل مثل التعليم الدراسي غير الكافي والعادات الرديئة خلال الحداثة تجعل كثيرين ينمّون كرها طويل الامد للدرس.‏ ولكن من الضروري ان نتعلم من يهوه.‏ فالامثال ٢:‏١-‏٥ تقول:‏ «يا ابني إنْ قبلت كلامي وخبأت وصاياي عندك حتى تُميل اذنك الى الحكمة وتعطِّف قلبك على الفهم إنْ دعوت المعرفة ورفعت صوتك الى الفهم إنْ طلبتها كالفضة وبحثت عنها كالكنوز فحينئذ تفهم مخافة الرب وتجد معرفة اللّٰه».‏

      ٤ ماذا يعني ان ‹نعطِّف› قلبنا،‏ وأية نظرة تساعدنا على ذلك؟‏

      ٤ لاحِظ انه من العدد ١ حتى العدد ٤‏،‏ يجري حثّنا ان نبذل الجهد ليس فقط ‹لنقبل› و ‹نخبئ› بل ايضا ‹لنطلب› و ‹نبحث›.‏ ولكن ماذا يجب ان يدفعنا الى القيام بكل هذا؟‏ لاحِظ العبارة «تعطِّف قلبك على الفهم».‏ يقول احد المراجع ان هذا الحض «ليس مناشدة لمنح الانتباه فقط؛‏ انه طلب لحيازة موقف معيّن:‏ توق الى تقبل التعاليم».‏ وماذا يمكن ان يجعلنا نتقبل ونتوق الى تعلّم ما يعلِّمنا اياه يهوه؟‏ نظرتنا.‏ فيجب ان نعتبر «معرفة اللّٰه» «كالفضة» و «كالكنوز».‏

      ٥،‏ ٦ (‏أ)‏ ماذا قد يحدث بمرور الوقت،‏ وكيف يمكننا الحؤول دون ذلك؟‏ (‏ب)‏ لماذا ينبغي ان نستمر في زيادة كنوز المعرفة التي وجدناها في الكتاب المقدس؟‏

      ٥ ليس من الصعب حيازة هذه النظرة.‏ مثلا،‏ ان «معرفة اللّٰه» التي اخذتها تشمل قصد يهوه ان يعيش البشر الامناء الى الابد في الفردوس على الارض.‏ (‏مزمور ٣٧:‏٢٨،‏ ٢٩‏)‏ وعندما تعلمت هذه الحقيقة،‏ لا شك انك اعتبرتها كنزا حقيقيا،‏ واقعا جعل عقلك وقلبك يطفحان فرحا ورجاء.‏ ولكن ما القول الآن؟‏ هل تلاشى او تضاءل تقديرك بمرور الوقت؟‏ في هذه الحال،‏ حاول ان تفعل امرين.‏ اولا،‏ جدِّد هذا التقدير بتذكير نفسك دائما لماذا تقدِّر كل حقيقة علَّمك اياها يهوه،‏ حتى الحقائق التي تعلَّمتها قبل وقت طويل.‏

      ٦ ثانيا،‏ استمر في زيادة كنزك.‏ فإذا نقبت ووجدت جوهرة ثمينة،‏ فهل تضعها في جيبك وترحل مكتفيا بها؟‏ ام تنقِّب اكثر لترى اذا كان هنالك المزيد؟‏ ان كلمة اللّٰه ملآنة بالحقائق الثمينة المشبَّهة بالجواهر والفضة.‏ ومهما كان عدد الحقائق التي وجدتها،‏ فبإمكانك ايجاد المزيد.‏ (‏روما ١١:‏٣٣‏)‏ فعندما تكتشف حقيقة ما،‏ اسأل نفسك:‏ ‹ماذا يجعلها كنزا؟‏ هل تمنحني بصيرة اعمق في شخصية يهوه ومقاصده؟‏ وهل تزوِّدني بالارشاد العملي الذي يساعدني على اتِّباع خطوات يسوع؟‏›.‏ ان التأمل في اسئلة كهذه سيساعدك على تنمية محبتك للحقائق التي يعلِّمك اياها يهوه.‏

      إظهار المحبة للحقائق التي نعلِّمها

      ٧،‏ ٨ كيف يمكننا الاظهار للآخرين اننا نحب الحقائق التي نتعلمها من الكتاب المقدس؟‏ أعطوا مثالا.‏

      ٧ كيف يمكننا إظهار المحبة للحقائق التي نتعلمها من كلمة اللّٰه عندما نعلِّم الآخرين؟‏ اقتداء بمثال يسوع،‏ نتكل كثيرا على الكتاب المقدس في كرازتنا وتعليمنا.‏ ومؤخرا،‏ يُشجَّع شعب اللّٰه حول العالم على زيادة استخدامهم للكتاب المقدس في خدمتهم العامة.‏ وإذ تطبِّق هذا الاقتراح،‏ ابحث عن طرائق لتجعل صاحب البيت يعرف انك تقدِّر ما تخبره اياه من الكتاب المقدس.‏ —‏ متى ١٣:‏٥٢‏.‏

      ٨ مثلا،‏ على اثر الهجوم الارهابي على مدينة نيويورك السنة الماضية،‏ كانت احدى الاخوات المسيحيات تقرأ المزمور ٤٦:‏١،‏ ١١ على الناس الذين تلتقيهم في خدمتها.‏ كانت اولا تسأل الناس كيف يتدبرون امرهم على اثر المأساة التي حصلت.‏ وبعد ان تصغي الى جوابهم بانتباه وتوافق عليه،‏ كانت تقول:‏ «هل تسمحون لي بأن اقرأ عليكم آية عزّتني كثيرا خلال هذا الوقت العصيب؟‏».‏ وقليلون هم الذين رفضوا الاستماع اليها،‏ مما انتج مناقشات رائعة كثيرة.‏ وعند التحدث الى الاحداث،‏ كانت هذه الاخت تقول:‏ «انا اعلِّم الكتاب المقدس منذ ٥٠ سنة،‏ وأؤكد لكم انه لم تواجهني مشكلة واحدة لم يتمكن هذا الكتاب من مساعدتي على حلّها».‏ فباستخدامنا اسلوبا مخلصا وحماسيا،‏ نُظهِر للناس اننا نقدِّر ونحب ما نتعلمه من كلمة اللّٰه.‏ —‏ مزمور ١١٩:‏٩٧،‏ ١٠٥‏.‏

      ٩،‏ ١٠ لماذا من المهم استخدام الكتاب المقدس عند الاجابة عن الاسئلة حول معتقداتنا؟‏

      ٩ عندما يطرح علينا الناس اسئلة عن معتقداتنا،‏ تُتاح لنا فرصة جيدة لنُظهِر اننا نحب كلمة اللّٰه.‏ فاقتداءً بمثال يسوع،‏ لا نؤسس اجوبتنا على افكارنا الخاصة.‏ (‏امثال ٣:‏٥،‏ ٦‏)‏ بل نستخدم الكتاب المقدس في الاجابة.‏ وهل تخاف ان يطرح عليك احد سؤالا لا تستطيع الاجابة عنه؟‏ تأمل في خطوتين عمليتَين يمكنك اتِّخاذهما.‏

      ١٠ ابذل كل ما في وسعك للاستعداد.‏ كتب الرسول بطرس:‏ «قدِّسوا المسيح ربا في قلوبكم،‏ مستعدين دائما للدفاع تجاه كل من يسألكم سببا للرجاء الذي فيكم،‏ ولكن بوداعة واحترام عميق».‏ (‏١ بطرس ٣:‏١٥‏)‏ فهل انت مستعد للدفاع عن معتقداتك؟‏ مثلا،‏ اذا اراد احد ان يعرف لماذا لا تشترك في عادة او ممارسة لا تنسجم مع الاسفار المقدسة،‏ فلا تكتفِ بالقول:‏ «ان هذا الامر يتنافى مع ديني».‏ فجواب كهذا يوحي انك تدع الآخرين يتَّخذون القرارات عنك وأنك تنتمي الى بدعة ما.‏ بل من الافضل ان تقول:‏ «ان كلمة اللّٰه،‏ الكتاب المقدس،‏ تمنع ذلك»،‏ او،‏ «ان اللّٰه لا يرضى عن ذلك».‏ ثم اشرح السبب بشكل منطقي.‏ —‏ روما ١٢:‏١‏.‏

      ١١ اية اداة للبحث تساعدنا ان نكون مستعدين للاجابة عن الاسئلة حول حقائق كلمة اللّٰه؟‏

      ١١ اذا شعرت انك غير مستعد،‏ فلمَ لا تصرف الوقت في درس كتاب المباحثة من الاسفار المقدسة في حال وُجد بلغتك؟‏a اختَر بعض المواضيع التي يبدو ان الناس يسألون عنها كثيرا،‏ واحفظ بعض النقاط المؤسسة على الاسفار المقدسة.‏ أبقِ كتاب المباحثة والكتاب المقدس معك دائما.‏ لا تتردد في استخدامهما،‏ قائلا ان لديك اداة تحب استخدامها لمساعدتك على ايجاد اجوبة الكتاب المقدس عن الاسئلة.‏

      ١٢ ماذا يمكننا القول اذا كنا لا نعرف الجواب على سؤال من الكتاب المقدس؟‏

      ١٢ حاول ألا تقلق اكثر من اللازم.‏ فما من شخص ناقص يعرف كل الاجوبة.‏ لذلك عندما يُطرَح عليك سؤال من الكتاب المقدس لا تستطيع الاجابة عنه،‏ بإمكانك ان تجيب:‏ «ان السؤال الذي طرحته مهم جدا.‏ بصراحة،‏ انا لا اعرف الجواب،‏ لكنني متأكد ان الكتاب المقدس يتكلم عن هذا الموضوع.‏ انا اتمتع بالقيام ببحث في الكتاب المقدس،‏ لذلك سأبحث عن جواب لسؤالك وأعود مرة اخرى لزيارتك».‏ ان هذا الجواب الصريح الذي يدل على الاحتشام يمهِّد الطريق لمناقشات اخرى.‏ —‏ امثال ١١:‏٢‏،‏ ع‌ج.‏

      المحبة للناس الذين نعلِّمهم

      ١٣ لماذا ينبغي ان نحافظ على نظرة ايجابية الى الذين نكرز لهم؟‏

      ١٣ اظهر يسوع المحبة للناس الذين علَّمهم.‏ فكيف يمكننا الاقتداء به في هذا المجال؟‏ لا ينبغي ابدا ان ننمي موقفا متصلبا من الناس الذين نلتقيهم.‏ لا شك ان «حرب اليوم العظيم،‏ يوم اللّٰه القادر على كل شيء» تدنو اكثر من ايّ وقت مضى وأن بلايين الاشخاص سيهلكون.‏ (‏كشف ١٦:‏١٤؛‏ ارميا ٢٥:‏٣٣‏)‏ إلا اننا لا نعرف مَن سيعيش ومَن سيموت.‏ فالدينونة ستحدث في المستقبل والذي سينفِّذها هو يسوع المسيح،‏ الشخص الذي عيَّنه يهوه.‏ حتى ذلك الحين،‏ نحن نعتبر ان هنالك امكانية ان يصير اي شخص خادما ليهوه.‏ —‏ متى ١٩:‏٢٤-‏٢٦؛‏ ٢٥:‏٣١-‏٣٣؛‏ اعمال ١٧:‏٣١‏.‏

      ١٤ (‏أ)‏ كيف يمكن ان نفحص انفسنا لنعرف هل نحن متعاطفون مع الناس ام لا؟‏ (‏ب)‏ بأية طرائق عملية يمكننا إظهار التعاطف والاهتمام الشخصي بالآخرين؟‏

      ١٤ لذلك نسعى،‏ كيسوع،‏ الى التعاطف مع الناس.‏ ويمكن ان نسأل انفسنا:‏ ‹هل اتعاطف مع الاشخاص الذين ضلّلتهم الاكاذيب والاخاديع البارعة لعناصر هذا العالم الدينية،‏ السياسية،‏ والتجارية؟‏ وإذا بدا انهم لا يبالون بالرسالة التي نخبرهم بها،‏ فهل احاول فهم السبب؟‏ هل اعترف ان هذا الشعور نفسه تملّكني مرة انا وآخرين يخدمون يهوه بأمانة الآن؟‏ هل يدفعني ذلك الى تعديل اسلوبي؟‏ ام هل اعتبر ان لا امل في هؤلاء الاشخاص؟‏›.‏ (‏كشف ١٢:‏٩‏)‏ فعندما يشعر الناس بتعاطفنا الصادق،‏ يتجاوبون على الارجح مع رسالتنا.‏ (‏١ بطرس ٣:‏٨‏)‏ والتعاطف يجعلنا نهتم اكثر بالذين نلتقيهم في خدمتنا.‏ فقد ندوِّن اسئلتهم واهتماماتهم.‏ وعندما نعود،‏ يمكن ان نُظهِر لهم اننا كنا نفكر في الملاحظات التي ذكروها في الزيارة السابقة.‏ وإذا كانت لديهم في ذلك الوقت حاجة ملحّة،‏ فقد نتمكن من مد يد المساعدة لهم.‏

      ١٥ لماذا ينبغي ان نبحث عن الصفات الجيدة في الناس،‏ وكيف يمكن فعل ذلك؟‏

      ١٥ كيسوع،‏ نحن نبحث ايضا عن الصفات الجيدة في الناس.‏ فربما تبذل ام متوحدة جهدا كبيرا في تربية اولادها.‏ وقد يجاهد رجل لإعالة عائلته.‏ وقد يُظهِر شخص مسن الاهتمام بالامور الروحية.‏ فهل نلاحظ هذه الصفات في الناس الذين نلتقيهم ونمدحهم عليها؟‏ اذا فعلنا ذلك،‏ نرسِّخ الاساس المشترك بيننا،‏ مما قد يفسح المجال لتقديم شهادة عن الملكوت.‏ —‏ اعمال ٢٦:‏٢،‏ ٣‏.‏

      التواضع ضروري في إظهار المحبة

      ١٦ لماذا من المهم ان نتكلم بوداعة واحترام مع الذين نكرز لهم؟‏

      ١٦ تدفعنا المحبة للناس الذين نعلِّمهم الى الاصغاء لتحذير الكتاب المقدس:‏ «المعرفة تنفخ،‏ لكن المحبة تبني».‏ (‏١ كورنثوس ٨:‏١‏)‏ فيسوع لم يكن متغطرسا رغم انه امتلك معرفة كبيرة.‏ لذلك تجنَّب نبرة الصوت التي توحي بالتحدي والتشامخ فيما تتحدث مع الناس عن معتقداتك.‏ فهدفنا هو بلوغ القلوب وجذب الناس الى الحقائق التي نحبها.‏ (‏كولوسي ٤:‏٦‏)‏ تذكر ان بطرس،‏ عندما نصح المسيحيين ان يكونوا مستعدين للدفاع،‏ ذكَّرنا انه ينبغي فعل ذلك «بوداعة واحترام عميق».‏ (‏١ بطرس ٣:‏١٥‏)‏ فإذا تكلمنا بوداعة واحترام،‏ نجتذب الناس على الارجح الى الاله الذي نخدمه.‏

      ١٧،‏ ١٨ (‏أ)‏ كيف ينبغي ان نتجاوب مع الانتقادات على مؤهلاتنا كخدام؟‏ (‏ب)‏ لماذا ليس ضروريا ان يعرف تلاميذ الكتاب المقدس لغات الكتاب المقدس القديمة؟‏

      ١٧ لا داعي الى إثارة إعجاب الناس بمعرفتنا وثقافتنا.‏ فإذا رفض البعض في مقاطعتك الاصغاء الى كل مَن لا يملكون شهادات جامعية او ألقابا،‏ فلا تسمح لموقفهم بأن يثبِّطك.‏ فقد تجاهل يسوع الاعتراض انه لم يتعلم في مدارس الربّانيين المُحترَمة في ايامه؛‏ ولم يستسلم للتحامل الشائع بمحاولة إثارة إعجاب الناس بثقافته الواسعة.‏ —‏ يوحنا ٧:‏١٥‏.‏

      ١٨ ان التواضع والمحبة اهم بكثير للخدام المسيحيين من ايّ مستوى للثقافة الدنيوية.‏ فيهوه،‏ المعلِّم العظيم،‏ هو مَن يؤهلنا للخدمة.‏ (‏٢ كورنثوس ٣:‏٥،‏ ٦‏)‏ ومهما يقُل بعض رجال دين العالم المسيحي،‏ فليس ضروريا ان نتعلم لغات الكتاب المقدس القديمة لنصير معلمين لكلمة اللّٰه.‏ فقد اوحى يهوه بكتابة الكتاب المقدس بعبارات واضحة محدَّدة بحيث يمكن لأيٍّ كان ان يفهم حقائقه الثمينة.‏ وهذه الحقائق لا تتغير حتى عندما تُترجَم الى مئات ومئات اللغات.‏ لذلك فإن معرفة اللغات القديمة غير ضرورية،‏ رغم انها مفيدة احيانا.‏ كما ان الافتخار بالمعرفة اللغوية يمكن ان يجعل المرء يخسر صفة ضرورية للمسيحيين الحقيقيين:‏ الاستعداد للتعلم.‏ —‏ ١ تيموثاوس ٦:‏٤‏.‏

      ١٩ بأيّ معنى تكون كرازتنا المسيحية خدمة؟‏

      ١٩ لا شك ان كرازتنا المسيحية هي عمل يتطلب التواضع.‏ فنحن نتعرض دائما للمقاومة،‏ اللامبالاة،‏ حتى الاضطهاد.‏ (‏يوحنا ١٥:‏٢٠‏)‏ ومع ذلك،‏ نحن نقوم بخدمة مهمة عندما نُنجِز كرازتنا بأمانة.‏ وإذا استمررنا في خدمة الآخرين بتواضع في هذا العمل،‏ نقتدي بالمحبة التي اظهرها يسوع المسيح للناس.‏ مثلا،‏ اذا كان علينا الكرازة لألف شخص لامبالٍ او مقاوم لكي نصل الى شخص واحد من المشبهين بالخراف،‏ أفلا يستحق ذلك بذل الجهد؟‏ نعم بالتأكيد!‏ لذلك،‏ بالمثابرة على العمل وعدم الاستسلام،‏ نخدم بأمانة المشبهين بالخراف الذين لم نعثر عليهم بعد.‏ ولا شك ان يهوه ويسوع سيحرصان على ان نجد هؤلاء الافراد الاعزاء في نظرهما ونساعدهم قبل ان تأتي النهاية.‏ —‏ حجي ٢:‏٧‏.‏

      ٢٠ كيف يمكننا ان نعلِّم بالمثال؟‏

      ٢٠ والطريقة الاخرى لإظهار استعدادنا لخدمة الآخرين هي التعليم بالمثال.‏ مثلا،‏ نحن نريد ان نعلِّم الناس ان خدمة يهوه،‏ «الاله السعيد»،‏ هي طريقة الحياة الفضلى والتي تجلب الاكتفاء اكثر.‏ (‏١ تيموثاوس ١:‏١١‏)‏ فهل يمكنهم ان يروا اننا سعداء ونملك الاكتفاء عندما يراقبون سلوكنا وتصرفاتنا مع جيراننا،‏ رفقائنا في المدرسة،‏ وزملائنا في العمل؟‏ نحن نعلِّم تلاميذ الكتاب المقدس ايضا ان الجماعة المسيحية هي ملاذ للمحبة في عالمنا القاسي والمتوحش.‏ فهل من السهل ان يرى تلاميذنا اننا نحب كل افراد الجماعة وأننا نبذل جهدنا للمحافظة على السلام واحدنا مع الآخر؟‏ —‏ ١ بطرس ٤:‏٨‏.‏

      ٢١،‏ ٢٢ (‏أ)‏ فحص انفسنا بشأن خدمتنا يمكن ان يجعلنا نستفيد من اية فرص؟‏ (‏ب)‏ ماذا ستعالج سلسلة المقالات في العدد التالي من برج المراقبة؟‏

      ٢١ ان الموقف الطوعي في خدمتنا يدفعنا احيانا الى إعادة فحص انفسنا.‏ وقد وجد كثيرون،‏ عندما فعلوا ذلك باستقامة،‏ ان بإمكانهم توسيع خدمتهم بالانخراط في الخدمة كامل الوقت او بالانتقال للخدمة حيث الحاجة اعظم.‏ وقرّر آخرون تعلم لغة اجنبية للخدمة في بلدهم حيث توجد مجموعات مهاجرة متزايدة.‏ فإذا سنحت لك هذه الفرصة،‏ فتأمل فيها مليًّا وبروح الصلاة.‏ فالحياة المليئة بالخدمة تجلب الفرح الغامر،‏ الاكتفاء،‏ وسلام العقل.‏ —‏ جامعة ٥:‏١٢‏.‏

      ٢٢ فلنستمرّ في الاقتداء بيسوع المسيح بتنمية محبتنا للحقائق التي نعلِّمها وللناس الذين نعلِّمهم.‏ وتنمية المحبة وإظهارها في هذين المجالين يساعداننا على بناء اساس جيد لنكون معلمين على غرار المسيح.‏ ولكن كيف يمكننا البناء فوق هذا الاساس؟‏ في العدد التالي من برج المراقبة ستعالج سلسلة مقالات بعض اساليب التعليم التي استخدمها يسوع.‏

المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
الخروج
الدخول
  • العربية
  • مشاركة
  • التفضيلات
  • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
  • شروط الاستخدام
  • سياسة الخصوصية
  • إعدادات الخصوصية
  • JW.ORG
  • الدخول
مشاركة