مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • الطوفان الذي لا يُنسى
    برج المراقبة ١٩٩٢ | ١٥ كانون الثاني (‏يناير)‏
    • الطوفان الذي لا يُنسى

      منذ نحو ٣٠٠‏,٤ سنة،‏ غمر فيضان فاجع الارض.‏ وفي اكتساح هائل،‏ دَمَّر تقريبا كل شيء حي.‏ وكان ان جسامة كهذه تركت انطباعا لا يُمحى لدى الجنس البشري،‏ وكل جيل نقل القصة الى التالي.‏

      وبعد نحو ٨٥٠ سنة من الطوفان،‏ دوَّن الكاتب العبراني موسى رواية الفيضان العالمي كتابةً.‏ وقد جرى حفظها في سفر التكوين للكتاب المقدس،‏ حيث يمكننا ان نقرأ التفاصيل الحية في الاصحاحات ٦ الى ٨ ‏.‏

      رواية الكتاب المقدس عن الطوفان

      يعطي سفر التكوين هذه التفاصيل،‏ ومن الواضح انها تلك التي لشاهد عيان:‏ «في سنة ست مئة من حياة نوح في الشهر الثاني في اليوم السابع عشر من الشهر في ذلك اليوم انفجرت كل ينابيع الغمر العظيم وانفتحت طاقات السماء.‏ وكان الطوفان اربعين يوما على الارض.‏ وتكاثرت المياه ورفعت الفلك فارتفع عن الارض.‏ وتعاظمت المياه كثيرا جدا على الارض.‏ فتغطَّت جميع الجبال الشامخة التي تحت كل السماء.‏» —‏ تكوين ٧:‏١١،‏ ١٧،‏ ١٩‏.‏

      وعن تأثير الطوفان في الاشياء الحية،‏ يقول الكتاب المقدس:‏ «مات كل ذي جسد كان يدب على الارض.‏ من الطيور والبهائم والوحوش وكل الزحافات التي كانت تزحف على الارض وجميع الناس.‏» ولكن نجا نوح وسبعة اشخاص آخرون،‏ مع عيِّنة من كل الحيوانات،‏ الطيور،‏ وما يدِّب على الارض.‏ (‏تكوين ٧:‏٢١،‏ ٢٣‏)‏ الجميع جرى حفظهم في فلك عائم كبير يبلغ طوله ٤٣٧ قدما (‏١٣٣ م)‏،‏ عرضه ٧٣ قدما (‏٢٢ م)‏،‏ وارتفاعه ٤٤ قدما (‏١٣ م)‏.‏ وبما ان الوظيفتين الوحيدتين للفلك كانتا ان لا يَنفذ منه الماء وأن يبقى عائما،‏ فلم تكن له قاعدة مستديرة،‏ مُقدَّم حاد،‏ وسائل للدفع،‏ او تجهيزات للقيادة.‏ ففلك نوح كان مجرد مركب مستطيل الشكل،‏ شبيه بصندوق.‏

      وبعد خمسة اشهر من ابتداء الفيضان،‏ استقر الفلك على جبال أراراط،‏ الواقعة في الوقت الحاضر شرقي تركيا.‏ وخرج نوح وعائلته من الفلك الى ارض جافة بعد سنة من ابتداء الطوفان وابتدأوا من جديد روتين الحياة العادي.‏ (‏تكوين ٨:‏١٤-‏١٩‏)‏ وعلى مر الوقت،‏ تكاثر الجنس البشري على نحو كاف للبدء ببناء مدينة بابل وبرجها السيئ السمعة قرب نهر الفرات.‏ ومن هناك بُدِّد الناس تدريجيا الى كل انحاء الارض عندما بلبل اللّٰه لسان الجنس البشري.‏ (‏تكوين ١١:‏١-‏٩‏)‏ ولكن ماذا حصل للفلك؟‏

      البحث عن الفلك

      منذ القرن الـ‍ ١٩،‏ كانت هنالك محاولات عديدة للعثور على الفلك على جبال أراراط.‏ وهذه الجبال لها قمتان بارزتان،‏ واحدة يبلغ ارتفاعها ٩٥٠‏,١٦ قدما (‏١٦٥‏,٥ م)‏ والاخرى ٨٤٠‏,١٢ قدما (‏٩١٤‏,٣ م)‏.‏ وأعلى الاثنتين مغطى على الدوام بالثلج.‏ وبسبب التغييرات المناخية التي تلت الطوفان،‏ طمر الثلج بسرعة الفلك.‏ ويعتقد بعض الباحثين على نحو راسخ ان الفلك لا يزال هناك،‏ مطمورا عميقا في مَجلَدة.‏ ويدَّعون انه كانت هنالك فترات حين ذاب الجليد على نحو كاف ليسمح لجزء من الفلك بأن يكون مكشوفا مؤقتا.‏

      وكتاب في البحث عن فلك نوح يقتبس من جورج هاڠوپيان،‏ ارمني،‏ ادعى انه تسلَّق جبل أراراط ورأى الفلك في سنة ١٩٠٢ ومرة ثانية في سنة ١٩٠٤.‏ ففي الزيارة الاولى،‏ قال انه تسلَّق فعلا أعلى الفلك.‏ «وقفت مستقيما ونظرت الى كل السفينة.‏ كانت طويلة،‏ وكان يبلغ ارتفاعها نحو اربعين قدما (‏١٢ م)‏.‏» وعن تعليقه على زيارته اللاحقة،‏ قال:‏ «لم ارَ اية منحنيات حقيقية.‏ لقد كان بخلاف ايّ زورق آخر رأيته على الاطلاق.‏ وبدا شبيها الى حد بعيد بمركب كبير ذي قاعدة مسطَّحة.‏»‏

      ومن السنة ١٩٥٢ الى السنة ١٩٦٩،‏ قام فيرناند ناڤارا بأربع محاولات للعثور على دليل على الفلك.‏ وفي رحلته الثالثة الى جبل أراراط،‏ شقَّ طريقه بجهد الى اسفل صدع عميق في مَجلَدة،‏ حيث وجد قطعة من الخشب الاسود مطمورة في الجليد.‏ «لا بد انها كانت طويلة جدا،‏» قال،‏ «وربما لا تزال متَّصلة بالاجزاء الاخرى لهيكل السفينة.‏ وتمكَّنت فقط من ان اقطع على طول التجزُّع الى ان فصلت قطعة طولها نحو خمس اقدام (‏٥‏,١ م)‏.‏»‏

      وقال الپروفسور ريتشارد بليس،‏ احد الخبراء العديدين الذين فحصوا الخشبة:‏ «ان عيِّنة ناڤارا الخشبية هي دعامة بنائية مشرَّبة الزفت الحُمَّري.‏ لها وُصل ذات نُقر وألسنة.‏ وهي طبعا مقطوعة بشكل محدد باليد ومربعة.‏» وحُدِّد العمر المقدَّر للخشبة بنحو اربعة او خمسة آلاف سنة.‏

      وعلى الرغم من الجهود التي بُذلت للعثور على الفلك على جبل أراراط،‏ فإن البرهان الواضح انه استُعمل للنجاة من فيضان مفاجئ وعنيف يوجد في السجل المكتوب لتلك الحادثة في سفر التكوين للكتاب المقدس.‏ وتأكيد هذا السجل يمكن رؤيته في العدد الكبير من اساطير الطوفان بين الشعوب البدائية في كل العالم.‏ تأملوا في شهادتهم في المقالة التالية.‏

      ‏[الصورة في الصفحتين ٤،‏ ٥]‏

      للفلك سعة حمل تعادل تلك التي لـ‍ ١٠ قُطُر شحن كل واحد مؤلف من نحو ٢٥ عربة شحن اميركية!‏

  • الطوفان في اساطير العالم
    برج المراقبة ١٩٩٢ | ١٥ كانون الثاني (‏يناير)‏
    • الطوفان في اساطير العالم

      كان الطوفان ايام نوح جائحة مدمرة الى حد انه لا يمكن ابدا ان ينساه الجنس البشري.‏ وبعد اكثر من ٤٠٠‏,٢ سنة،‏ تكلم عنه يسوع المسيح بصفته واقعا تاريخيا.‏ (‏متى ٢٤:‏٣٧-‏٣٩‏)‏ وتركت هذه الحادثة الرهيبة لدى الجنس البشري انطباعا لا يُمحى الى حد انها صارت اسطورية في كل العالم.‏

      وفي كتاب خرافات الخلق،‏ يقدِّر فيليپ فرويُنت ان اكثر من ٢٥٠ قبيلة وشعبا يخبرون عن اكثر من ٥٠٠ اسطورة عن الطوفان.‏ وكما يمكن توقعه،‏ بمرور عدة قرون،‏ جرى تزيين هذه الاساطير بكثرة بحوادث وشخصيات خيالية.‏ ولكن في جميعها يمكن العثور على بعض التشابهات الاساسية.‏

      تشابهات لافتة للنظر

      فيما ارتحل الناس من ما بين النهرين بعد الطوفان،‏ نقلوا روايات الكارثة الى كل انحاء الارض.‏ وهكذا فان لدى سكان آسيا،‏ جزر المحيط الهادئ الجنوبي،‏ اميركا الشمالية،‏ اميركا الوسطى،‏ واميركا الجنوبية حكايات عن هذه الحادثة المؤثرة.‏ وأساطير الطوفان الكثيرة كانت موجودة قبل زمن طويل من اتصال هذه الشعوب بالكتاب المقدس.‏ ومع ذلك،‏ لدى الاساطير بعض النقاط الاساسية مثل رواية الكتاب المقدس عن الفيضان.‏

      تذكر بعض الاساطير ان عمالقة عنفاء عاشوا على الارض قبل الطوفان.‏ وعلى نحو مشابه،‏ يشير الكتاب المقدس الى انه قبل الفيضان اتخذ الملائكة العصاة اجسادا لحمية،‏ عاشوا مع النساء،‏ وأنجبوا سلالة عمالقة دُعوا بالجبابرة.‏ —‏ تكوين ٦:‏١-‏٤؛‏ ٢ بطرس ٢:‏٤،‏ ٥‏.‏

      وتشير عادة اساطير الطوفان الى ان رجلا كان يحذِّر من فيضان آت من مصدر الهي.‏ ووفقا للكتاب المقدس،‏ حذَّر يهوه اللّٰه نوحا انه سيهلك الاشخاص الاشرار والعنفاء.‏ اخبر اللّٰه نوحا:‏ «نهاية كل بشر قد اتت امامي،‏ لانّ الارض مليئة عنفا بسببهم.‏ فها انا مهلكهم مع الارض.‏» —‏ تكوين ٦:‏١٣‏،‏ ع‌ج‏.‏

      وتشير عموما الاساطير المتعلقة بالطوفان الى انه سبَّب دمارا عالميا.‏ وعلى نحو مماثل،‏ يقول الكتاب المقدس:‏ «تعاظمت المياه كثيرا جدا على الارض.‏ فتغطَّت جميع الجبال الشامخة التي تحت كل السماء.‏ كل ما في أنفه نسمة روح حياة من كل ما في اليابسة مات.‏» —‏ تكوين ٧:‏١٩،‏ ٢٢‏.‏

      وتقول معظم اساطير الطوفان ان رجلا نجا من الفيضان مع شخص آخر او اكثر.‏ وتخبر عنه اساطير كثيرة انه التجأ الى مركب كان قد بناه،‏ واستقروا على احد الجبال.‏ وعلى نحو مشابه،‏ تقول الاسفار المقدسة ان نوحا بنى فلكا.‏ وتذكر ايضا:‏ «تبقَّى نوح والذين معه في الفلك فقط.‏» (‏تكوين ٦:‏٥-‏٨؛‏ ٧:‏٢٣‏)‏ ووفقا للكتاب المقدس،‏ بعد الفيضان «استقر الفلك .‏ .‏ .‏ على جبال أراراط،‏» حيث نزل نوح وعائلته.‏ (‏تكوين ٨:‏٤،‏ ١٥-‏١٨‏)‏ وتشير الاساطير ايضا الى ان الناجين من الطوفان ابتدأوا بملء الارض بالسكان من جديد،‏ كما يظهر الكتاب المقدس ان عائلة نوح فعلت.‏ —‏ تكوين ٩:‏١؛‏ ١٠:‏١‏.‏

      اساطير الطوفان القديمة

      وبالنقاط السابقة في الذهن،‏ دعونا نتأمل في بعض اساطير الطوفان.‏ افترضوا اننا نبدأ بالسومريين،‏ شعب قديم سكن ما بين النهرين.‏ وروايتهم عن الفيضان وُجدت على لوحة طينية اكتُشفت في خرائب نيبور.‏ وتقول هذه اللوحة ان الإلهين السومريين آنو وانليل قررا اهلاك الجنس البشري بطوفان جبّار.‏ واذ حذَّره الإله انكي،‏ تمكَّن زيوسودرا وعائلته من النجاة في مركب ضخم.‏

      وتحتوي ملحمة جلجامش البابلية على الكثير من التفاصيل.‏ فوفقا لها،‏ زار جلجامش جده الاعلى اوتنَپِشتِم،‏ الذي كان قد مُنح الحياة الابدية بعد النجاة من الطوفان.‏ وفي المحادثة التي نتجت،‏ اوضح اوتنَپِشتِم انه أُمر بأن يبني سفينة ويُصعد اليها الماشية،‏ الحيوانات البرية،‏ وعائلته.‏ فبنى السفينة كمكعب ضخم ٢٠٠ قدم (‏٦٠ م)‏ كل جانب،‏ مع ست طبقات.‏ ويخبر جلجامش ان العاصفة دامت ستة ايام وست ليال،‏ ثم يقول:‏ «مع حلول اليوم السابع،‏ خفت وطأة الاعصار،‏ الفيضان،‏ صدمة المعركة،‏ التي كانت قد ضربت بقوة كالجيش.‏ وهدأ البحر،‏ اضمحلت الزوبعة،‏ توقف الفيضان.‏ فنظرت الى البحر وكانت ضجة الاصوات قد انتهت.‏ وتحوَّل كل البشر الى طين.‏»‏

      بعد ان حطَّ المركب على جبل نصير،‏ اطلق اوتنَپِشتِم حمامة رجعت الى المركب عندما لم تتمكن من العثور على مقرّ.‏ وتبع ذلك سنونو رجع ايضا.‏ ثم اطلق غرابا،‏ وعندما لم يعد،‏ عرف ان الماء قد انحسر.‏ فأطلق اوتنَپِشتِم حينئذ الحيوانات وقدَّم ذبيحة.‏

      ان هذه الاسطورة القديمة جدا مماثلة الى حد ما لرواية الكتاب المقدس عن الطوفان.‏ ولكن تنقصها التفاصيل الحية وبساطة الكتاب المقدس،‏ ولا تعطي حجم الفلك المعقول ولا تزوِّد فترة الوقت المشار اليها في الاسفار المقدسة.‏ مثلا،‏ قالت ملحمة جلجامش ان العاصفة دامت ستة ايام وست ليال،‏ في حين يقول الكتاب المقدس انه «كان المطر على الارض اربعين يوما وأربعين ليلة» —‏ مطر غزير متواصل غطى اخيرا كامل الكرة الارضية بالماء.‏ —‏ تكوين ٧:‏١٢‏.‏

      وعلى الرغم من ان الكتاب المقدس يذكر ثمانية ناجين من الطوفان،‏ نجا فقط في اسطورة يونانية ديوكاليون وزوجته،‏ پيرها.‏ (‏٢ بطرس ٢:‏٥‏)‏ ووفقا لهذه الاسطورة،‏ سكن على الارض قبل الطوفان افراد عنفاء دُعوا رجال البرونز.‏ فقرر الإله زيوس اهلاكهم بطوفان عظيم وأمر ديوكاليون ان يبني صندوقا كبيرا ويدخل اليه.‏ وعندما انحسر الطوفان،‏ استقرّ الصندوق على جبل البرناس.‏ ونزل ديوكاليون وپيرها من الجبل وأبدأا الجنس البشري من جديد.‏

      اساطير الشرق الاقصى

      في الهند هنالك اسطورة عن الطوفان حيث مانو هو الناجي البشري.‏ فيصادق سمكة صغيرة تنمو الى حجم كبير وتحذِّره من طوفان مدمِّر.‏ فيبني مانو مركبا،‏ تجرّه السمكة حتى يحطّ على جبل في الهِمَلايا.‏ وعندما ينحسر الطوفان،‏ ينزل مانو من الجبل ويجدِّد مع ايدا،‏ مجسَّم ذبيحته،‏ السلالة البشرية.‏

      ووفقا لاسطورة الطوفان الصينية،‏ يعطي إله الرعد سنّا لولدين،‏ نُوا وفُسي.‏ ويأمرهما ان يغرساها وأن يحتميا باليقطينة التي ستنمو منها.‏ فتنمو على الفور شجرة من السن وتُنتج يقطينة ضخمة.‏ وعندما يُسبِّب إله الرعد تهطال مطر جارف،‏ يصعد الولدان الى اليقطينة.‏ وعلى الرغم من ان الطوفان الناتج يُغرق كل سكان الارض الباقين،‏ فان نُوا وفُسي ينجوان ويملآن الكرة الارضية بالسكان من جديد.‏

      في الاميركتين

      لدى هنود اميركا الشمالية اساطير عديدة تحمل المحور المشترك لطوفان يهلك الجميع سوى اناس قليلين.‏ مثلا،‏ يقول الاريكاريّون،‏ شعب من الكادو،‏ انه في ما مضى كان يسكن الارض جنس قوي جدا من الناس سخروا بالآلهة.‏ فأهلك الإله نِسَرو هؤلاء العمالقة بواسطة طوفان لكنه حفظ شعبه،‏ الحيوانات،‏ والذرة في كهف.‏ ويقول شعب هَڤَسوپاي ان الإله هوكوماتا سبَّب فيضانا اهلك الجنس البشري.‏ ولكنَّ الانسان توتشوپا حفظ ابنته پوكِهِ بالختم عليها في جذع مجوَّف.‏

      ولدى الهنود في اميركا الوسطى والجنوبية اساطير عن الطوفان ذات تشابهات اساسية.‏ فالمايانيّون في اميركا الوسطى اعتقدوا بأن حيّة مطرية كبيرة اهلكت العالم بسيول من الماء.‏ وفي المكسيك تخبر رواية التشيمالپوپوكا ان طوفانا غمر الجبال.‏ وحذَّر الإله تزكاتليپوكا الانسان ناتا،‏ الذي جوَّف جذعا حيث وجد هو وزوجته،‏ ننا،‏ الملجأ الى ان انحسر الماء.‏

      وفي پيرو لدى التشينتشا اسطورة عن طوفان من خمسة ايام اهلك كل الناس سوى شخص واحد قادته لامَة تتكلم الى الامان على احد الجبال.‏ ويقول الآيماريون في پيرو وبوليڤيا ان الإله ڤيراهوتشا اتى من بحيرة تيتيكاكا وخلق العالم ورجالا اقوياء ضخاما على نحو غير طبيعي.‏ ولأن السلالة الاولى هذه اغضبته،‏ اهلكهم ڤيراهوتشا بطوفان.‏

      وتكلم هنود التيپَنَمبا في البرازيل عن وقت حيث اغرق طوفان عظيم جميع اسلافهم سوى اولئك الذين نجوا بواسطة قوارب او اعالي الاشجار الشاهقة.‏ والكاتشيناوا في البرازيل،‏ المَكوشي في ڠَيانا،‏ الكَرَبس في اميركا الوسطى،‏ والأونا والياڠَن في تييرا دَل فووَيڠو في اميركا الجنوبية هم بين القبائل الكثيرة التي لديها اساطير عن الطوفان.‏

      المحيط الهادئ الجنوبي وآسيا

      في كل مكان في المحيط الهادئ الجنوبي،‏ الاساطير عن طوفان مع ناجين قلائل هي مشتركة.‏ مثلا،‏ في ساموا هنالك اسطورة عن طوفان في ازمنة باكرة اهلك كل شخص سوى پيلي وزوجته.‏ فوجدا الأمان على صخرة،‏ وبعد الطوفان ملأا الارض بالسكان من جديد.‏ وفي جزر هاوايي،‏ انزعج الإله كاني من البشر وأرسل طوفانا لاهلاكهم.‏ فنجا فقط نوو في مركب كبير حطَّ اخيرا على احد الجبال.‏

      وفي مِنْداناوو في الفيليپين،‏ يقول شعب الأَتا ان الارض تغطَّت ذات مرة بالماء الذي اهلك كل شخص سوى رجلين وامرأة.‏ ويقول الايبانيون في ساراواك،‏ بورنيو،‏ ان اشخاصا قليلين فقط نجوا من فيضان بالهروب الى التلال الاعلى.‏ وفي اسطورة الإڠَروت في الفيليپين،‏ نجا فقط اخ وأخت باللجوء الى جبل پوكيس.‏

      ويقول السويوتيّون في سَيبيريا،‏ روسيا،‏ ان ضفدعا عملاقا،‏ كان يدعم الارض،‏ تحرك وسبَّب طوفانا للكرة الارضية.‏ ونجا رجل مسن وعائلته في رَمَث كان قد صنعه.‏ وعندما انحسر الماء،‏ حطَّ الرَّمَث على احد الجبال العالية.‏ وأيضا يقول اليوڠريانيون في سَيبيريا الغربية وهنڠاريا ان الناجين من الطوفان استعملوا ارماثا ولكنها انجرفت الى انحاء مختلفة من الارض.‏

      اصل مشترك

      ماذا يمكننا ان نستنتج من اساطير الطوفان الكثيرة هذه؟‏ على الرغم من انها تختلف كثيرا في التفاصيل،‏ لديها بعض الأوجه المميّزة المشتركة.‏ وهذه تشير الى اصل في جائحة ما هائلة ولا تُنسى.‏ وعلى الرغم من الاختلافات في القصة على مرّ القرون،‏ فان محورها الضمني هو مثل خيط يربطها بحادثة عظيمة واحدة —‏ الفيضان العالمي المتعلق برواية الكتاب المقدس البسيطة وغير المحرَّفة.‏

      بما ان اساطير الطوفان وٌجدت بصورة عامة بين اناس لم يكونوا على صلة بالكتاب المقدس حتى القرون الاخيرة،‏ يكون من الخطإ القول ان رواية الكتاب المقدس قد اثَّرت فيهم.‏ وفضلا عن ذلك،‏ تقول دائرة معارف الكتاب المقدس القانونية الاممية‏:‏ «ان عالمية روايات الطوفان يجري اتخاذها عادة كدليل على هلاك عالمي للبشرية بواسطة طوفان .‏ .‏ .‏ وفضلا عن ذلك،‏ فان بعض الروايات القديمة كتبها اناس مقاومون كثيرا للتقليد العبراني-‏المسيحي.‏» (‏المجلد ٢،‏ الصفحة ٣١٩)‏ ولذلك يمكننا ان نستنتج بثقة ان اساطير الطوفان تؤكد حقيقة رواية الكتاب المقدس.‏

      اذ نعيش في عالم ملآن بالعنف والفساد الادبي،‏ يحسن بنا ان نقرأ رواية الكتاب المقدس عن الطوفان،‏ كما هي مسجلة في التكوين الاصحاحات ٦ الى ٨‏.‏ واذا تأملنا في سبب ذلك الفيضان العالمي —‏ ممارسة ما كان شرا في نظر اللّٰه —‏ فسنرى في ذلك تحذيرا حيويا.‏

      قريبا سيختبر نظام الاشياء الشرير الحاضر دينونة اللّٰه المضادة.‏ ولكن لسعادتنا،‏ سيكون هنالك ناجون.‏ ويمكن ان تكونوا بينهم اذا اصغيتم الى كلمات الرسول بطرس:‏ «عالم [نوح] الكائن حينئذ فاض عليه الماء فهلك.‏ وأما السموات والارض الكائنة الآن فهي مخزونة بتلك الكلمة عينها محفوظة للنار الى يوم الدين وهلاك الناس الفجار.‏ .‏ .‏ .‏ فبما ان هذه كلها تنحلُّ اي أُناس يجب ان تكونوا انتم في سيرة مقدسة وتقوى منتظرين (‏ومبقين قريبا في الذهن حضور يوم يهوه.‏)‏» —‏ ٢ بطرس ٣:‏٦-‏١٢‏.‏

      فهل ستبقون حضور يوم يهوه قريبا في الذهن؟‏ اذا كنتم تفعلون ذلك وتعملون بانسجام مع مشيئة اللّٰه،‏ فستتمتعون ببركات عظيمة.‏ واولئك الذين يرضون يهوه اللّٰه على هذا النحو يمكن ان يملكوا الايمان بالعالم الجديد الذي يشير اليه بطرس عندما يضيف:‏ «بحسب وعد [اللّٰه] ننتظر سموات جديدة وأرضا جديدة يسكن فيها البر.‏» —‏ ٢ بطرس ٣:‏١٣‏.‏

      ‏[الصورة في الصفحة ٧]‏

      اساطير الطوفان البابلية انتقلت من جيل الى آخر

      ‏[الصورة في الصفحة ٨]‏

      هل تصغون الى تحذير بطرس بإبقاء يوم يهوه في الذهن؟‏

المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
الخروج
الدخول
  • العربية
  • مشاركة
  • التفضيلات
  • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
  • شروط الاستخدام
  • سياسة الخصوصية
  • إعدادات الخصوصية
  • JW.ORG
  • الدخول
مشاركة