مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • الغابات المطيرة —‏ هل يمكن انقاذها؟‏
    استيقظ!‏ ٢٠٠٣ | حزيران (‏يونيو)‏ ٢٢
    • الغابات المطيرة —‏ هل يمكن انقاذها؟‏

      من مراسل استيقظ!‏ في بوليڤيا

      يملك راميرو واديا تكسوه غابة مطيرة معتدلة مدارية.‏a يقع هذا الوادي عند التلال الرابضة في سفح جبال الأنديز في اميركا الجنوبية،‏ وهو احد الاودية القليلة التي لا تزال تضم اشجارا عتيقة.‏ فالناظر الى التلال المحيطة يجدها معرَّاة من الغابات.‏ وغابة راميرو المطيرة يقصدها العلماء من كل حدب وصوب ليدرسوا الحياة البرية فيها،‏ وقد اكتشفوا هناك انواعا عديدة لم تُصنّف من قبل.‏ يهتم راميرو كثيرا بالحفاظ على الطبيعة،‏ ويقول:‏ «لن اسمح بقطع الاشجار في غابتي».‏

      من جهة اخرى،‏ يتولى روبيرتو الاشراف على غابة مطيرة مدارية مساحتها ٦٠٠‏,٥ كيلومتر مربع في منخفضات حوض الامازون.‏ انه حراجيّ يقطع اشجارا مدارية ويبيعها للسوق العالمية.‏ لكنّ روبيرتو هو ايضا مهتم جدا بحماية الغابات المدارية وحياتها البرية.‏ وهو يؤكد قائلا:‏ «يمكن قطع اشجار من الغابات المدارية دون إلحاق ضرر دائم بالتنوُّع الأحيائي فيها».‏

      رغم اختلاف الحالتَين المذكورتَين آنفا،‏ راميرو وروبيرتو كلاهما قلقان جدا بشأن مصير الغابات المدارية.‏ وهما ليسا الوحيدين على الاطلاق.‏ ففي العقود الاخيرة،‏ ازداد التدمير المتهور للغابات المطيرة المدارية بشكل ينذر بالخطر.‏

      وهل هذا القلق مبالغ فيه؟‏ ألَم يحوّل الناس في المناطق ذات المناخ المعتدل غابات كثيرة الى مناطق زراعية بقطع اشجارها في القرون المنصرمة؟‏ فلمَ القلق اذا حذا الناس حذوهم في المناطق المدارية؟‏ يكمن السبب في وجود اختلافات رئيسية.‏ فالغابات المطيرة المدارية،‏ مثلا،‏ غالبا ما تنمو على تربة غير خصبة حيث تكون الزراعة خيارا بديلا غير ملائم.‏ كما ان التنوُّع الأحيائي في الغابات المطيرة هو اكبر بكثير،‏ وخسارته تؤثر على كل الجنس البشري.‏

      ثمن ازالة الاحراج

      اكثر من نصف انواع الكائنات الحية في العالم موجود في الغابات المدارية.‏ من السعادين العنكبوتية وحيوانات البَبر الى نبات الحَزاز والسَّحْلبيَّات،‏ من الافاعي والضفادع الى الفراشات النادرة والببَّغاوات،‏ وغيرها من الكائنات التي لا يمكن ادراجها كلها لكثرة انواعها.‏

      تنمو شتّى الكائنات الحية وتتكاثر في انواع كثيرة من الغابات المدارية.‏ فهنالك الغابات المطيرة المعتدلة التي تنمو ببطء في الاماكن الجبلية،‏ الغابات المطيرة المظلمة بظلّاتها الكثيفة،‏ الغابات المُعبلة المدارية،‏ والاحراج ذات الظلّات غير الكثيفة.‏ ومعظم الناس لم يزوروا قط غابة مدارية،‏ وربما انت احدهم.‏ فلماذا ينبغي ان يهمك امر هذه الاماكن؟‏

      ان الحفاظ على الغابات المطيرة المدارية حيوي لك،‏ لأن الكثير من النباتات التجارية والبستانية التي تحتاج اليها تعتمد،‏ من بعض النواحي،‏ على سلالاتها البرية التي لا تزال تنمو في هذه الغابات.‏ فهذه السلالات البرية تُستعمل احيانا لإنتاج سلالات جديدة مقاومة اكثر للامراض والآفات.‏ لذلك فإن التنوُّع الوراثي في الانواع البرية ضروري.‏

      بالاضافة الى ذلك،‏ يستخرج الباحثون باستمرار منتجات مفيدة من الغابات المدارية.‏ فجزء كبير من العقاقير المستعملة اليوم،‏ مثلا،‏ يُصنع من النباتات المدارية.‏ ولذلك يُشبّه التنوُّع الأحيائي في الغابات المطيرة المدارية في اغلب الاحيان بمكتبة حية،‏ لكن معظم «الكتب» في هذه المكتبة لم يُفتح بعد.‏

      شبكة حياة يسهل ايذاؤها

      يسهل جدا إلحاق الضرر بالبيئة الرطبة المعقدة جدا في الغابة المدارية.‏ فأشكال الحياة العديدة فيها يعتمد بعضها على بعض.‏ مثلا،‏ يعتمد معظم النباتات على انواع خصوصية من الطيور،‏ الحشرات،‏ او الحيوانات من اجل التلقيح ونشر البذار.‏ وفي دورة الحياة المعقدة،‏ تعيد الغابة بشكل فعال تدوير كل المواد الحية فيها من نباتات،‏ حيوانات،‏ حشرات،‏ وعُضويات مجهرية.‏ والمذهل ان هذا النظام البيئي بكامله موجود على تربة رديئة النوعية.‏ فإذا دُمر،‏ يصير صعبا او مستحيلا ان تعود الغابة الى سابق عهدها.‏

      ويعتمد كثيرون على الغابات المدارية من اجل كسب لقمة العيش.‏ فبالاضافة الى كون الغابات المدارية حقلا للابحاث العلمية وجاذبا سياحيا،‏ فهي مهمة على الصعيد التجاري ايضا لأنها تزوّد منتجات مثل الخشب،‏ الثمار الجوزية،‏ العسل،‏ الپالميتو،‏ المطاط،‏ والراتنج.‏ لكنّ الغابات المطيرة المدارية تختفي بشكل ينذر بالخطر.‏ ورغم ان الارقام هي محط جدل،‏ ثمة واقع واضح:‏ الغابات تتقلص بسرعة.‏

      وما يجعل هذه الخسارة البيئية امرا مؤسفا بشكل خصوصي هو ان الغابات المطيرة المدارية غالبا ما تُدمَّر من اجل مكاسب وقتية.‏ فمعظم هذه الغابات تحوَّل الى مراعٍ للماشية.‏ لكن سرعان ما تعجز الارض في اغلب الاحيان عن تزويد مراعٍ كافية فتُهجر.‏ وقد أُخبر ان مساحة ٠٠٠‏,١٦٥ كيلومتر مربع من الاراضي هُجرت لهذا السبب في حوض الأمازون البرازيلي.‏

      فأي امل ينتظر الغابات المطيرة وحياتها البرية بأنواعها العديدة؟‏ ان راميرو،‏ روبيرتو،‏ وكثيرين غيرهم يكافحون لحماية الغابات المطيرة المدارية من متطلبات التجارة الدولية،‏ اكتظاظ السكان،‏ مقتنصي الحيوانات لبيعها حية،‏ وكذلك الصيادين وقاطعي الاشجار غير الشرعيين.‏ لكن ما هي الاسباب الحقيقية الضمنية لإزالة الاحراج؟‏ وهل من طريقة للاستفادة من موارد الغابات المطيرة الوفيرة دون تدميرها؟‏

      ‏[الحاشية]‏

      a الغابة المطيرة المعتدلة هي غابة مطيرة تنمو في الجبال على ارتفاع يتعدى الـ‍ ٠٠٠‏,١ متر.‏

      ‏[النبذة في الصفحة ٣]‏

      معظم انواع الحيوانات في العالم موجود في الغابات المدارية،‏ مع تنوُّع هائل من النباتات

      ‏[الصور في الصفحتين ٤،‏ ٥]‏

      قاطعو الاشجار،‏ والطرقات التي يشقونها،‏ يمكن ان يدمروا الغابة المطيرة

  • الغابات المطيرة —‏ هل يمكن ان نستفيد منها دون تدميرها؟‏
    استيقظ!‏ ٢٠٠٣ | حزيران (‏يونيو)‏ ٢٢
    • الغابات المطيرة —‏ هل يمكن ان نستفيد منها دون تدميرها؟‏

      هل تشعر بأنه يحق لصناعة قَطْع وبيع الاشجار القضاء على الغابات المطيرة المدارية في العالم؟‏ من المرجح ان يكون جوابك:‏ لا!‏ لكن قد يصرّ بعض علماء البيئة على ان كثيرين ممن يقولون «لا» سبق لهم في الواقع ان قالوا «نعم»،‏ اذ اشتروا اثاثا صُنع من خشب مداري رائج وجميل مصدره الغابات المطيرة عوض مغارس الاشجار.‏

      نادرا ما يفرِّق الناس بين قطع الاشجار لبيعها وإزالة الاحراج.‏ فغابات كثيرة تدمّر حين تُقطع اشجار فيها.‏ لكن يُقال ان غابات اخرى تُقطع فيها اشجار دون إحداث اضرار تُذكَر.‏ فهل يمكن قطع الاشجار دون القضاء على الغابات المطيرة المدارية وحياتها البرية؟‏ لنفحص اولا كيف يدمِّر قطع الاشجار الغابة.‏

      كيف يقضي قطع الاشجار على الغابة والحياة البرية

      إليك هذا المشهد:‏ تبدأ القصة حين تشق الجرافات الطرقات في قلب الغابة.‏ وسرعان ما يباشر قاطعو الاشجار عملهم مستخدمين مناشير بسلسلة.‏ لقد نالت الشركة التي يعملون فيها رخصة قصيرة الامد بقطع الاشجار.‏ لذلك تصلهم تعليمات بقطع كل شجرة ذات قيمة.‏ وفيما تقع الاشجار الصالحة للبيع تؤذي او تدمر الاشجار المجاورة المتصلة بها بنبات معترِش.‏ بعد ذلك،‏ تشق ناقلات مجنزرة ثقيلة طريقها عبر النبات الكثيف لسحب الاشجار المقطوعة،‏ فتُرصّ التربة الرقيقة حتى تصبح عديمة النفع تقريبا.‏

      وموظفو شركة قطع الاشجار يأكلون عموما كمية لحم اكثر من القرويين المحليين.‏ فيطوفون في الغابة بحثا عن الطرائد،‏ ويقتلون في اغلب الاحيان اعدادا من الحيوانات تفوق حاجتهم.‏ وهم يخلّفون وراءهم ايضا طرقات تفسح المجال لبلوغ منطقة تعذَّر بلوغها سابقا.‏ فيدخل الصيادون بعرباتهم وأسلحتهم ليقضوا على ما بقي من حياة برية.‏ ويمسك واضعو الفخوخ الطيور والحيوانات الصغرى للاتّجار بها حية،‏ كونها تجارة مربحة.‏ ثم يتوافد المستوطنون،‏ آلاف الاشخاص الذين لا يملكون ارضا،‏ مستغلين الفرصة ليحصلوا على ضروريات الحياة في الارض التي بات من الممكن بلوغها الآن.‏ وتقضي طريقة الزراعة التي يتبعونها «هشِّم وأحرق» على ما بقي من اشجار،‏ فتجرف الامطار الغزيرة التربة الرقيقة.‏

      وهكذا تُترك الغابة بلا حياة.‏ وليس قطع الاشجار سوى الخطوة الاولى.‏ لكن هل من الضروري ان يكون قطع الاشجار في الغابات المطيرة المدارية مدمِّرا الى هذا الحدّ؟‏

      قطع الاشجار دون اضرار تُذكَر

      في السنوات الاخيرة،‏ برز مجددا الاهتمام بقطع الاشجار دون اضرار تُذكَر وبالادارة المستدامة للغابات.‏ والهدف هو قطع الاشجار وتجنب الى اقصى حد ممكن إلحاق الضرر بالغابة وحياتها البرية.‏ فتستعيد الغابة تدريجيا عافيتها،‏ لتفسح المجال امام قطع الاشجار مجددا بعد عقود قليلة.‏ وبسبب الضغط الذي يمارسه انصار المحافظة على الطبيعة،‏ يسوّق بعض التجار الآن خشبهم بصفته مقطوعا من غابات نالت شهادة انها ذات ادارة مستدامة.‏ فلنلقِ نظرة على كيفية قطع الاشجار دون اضرار تُذكَر.‏

      يشق الحراجيّ طريقه عبر النبات مع مجموعة من المعاونين.‏ انهم احدى المجموعات العديدة التي ستقضي ربما ستة اشهر في الدغل،‏ لجمع بيانات بموجودات الغابة.‏ لقد نالت شركة قطع الاشجار هنا رخصة طويلة الامد،‏ لذلك يجد العمال متسعا من الوقت لجمع بياناتهم بغية حماية الغابة والاستفادة منها في المستقبل.‏

      يعطي الحراجيّ كل شجرة رقم تسجيل ويحدّد نوعها.‏ وبسبب وجود مئات من الضروب،‏ ينبغي ان تكون خبرته واسعة في هذا المضمار.‏ اما الخطوة التالية فتتطلب التقنية الحديثة.‏

      باستخدام اداة تمسَك باليد وتتصل بالاقمار الاصطناعية التابعة لـ‍ «نظام تحديد المواقع العالمي»،‏ يُدخِل الحراجيّ معلومات عن حجم الشجرة،‏ نوعها،‏ ورقم تسجيلها.‏ وعندما ينهي ادخال المعلومات،‏ تكون كل التفاصيل،‏ بما في ذلك موقعها بالتحديد،‏ قد أُرسلت من الغابة الى كمپيوتر في مدينة ناشطة بعيدة.‏

      لاحقا،‏ يحصل الحراجيّ بواسطة الكمپيوتر على خريطة تفصيلية تشمل كل الاشجار القيّمة في الغابة.‏ فيختار بدقة الاشجار التي يمكن ان تُقطع وفقا للقوانين الرسمية.‏ بالنسبة الى انواع كثيرة،‏ يُسمح بقطع ٥٠ في المئة فقط من الاشجار التي يتعدى قطرها القياس المحدّد في الرخصة المعطاة.‏ وينبغي المحافظة على الاشجار الاعتق والاسلم كحاملة للبذار.‏

      لكن كيف يمكن إسقاط الاشجار دون إلحاق ضرر بالغابة؟‏ طرحت استيقظ!‏ هذا السؤال على روبيرتو،‏ الحراجيّ المذكور في المقالة السابقة.‏ اوضح:‏ «الخريطة هي المفتاح.‏ فبواسطتها يمكن ان نخطط لإسقاط الاشجار دون إلحاق اضرار تُذكَر بالغابة.‏ حتى الاتجاه الذي تسقط فيه الشجرة يمكن ان يُخطّط له لتقليل الاذى الجانبي الى اقصى حد.‏

      ‏«يمكن ان نخطط ايضا لإخراج الاشجار المقطوعة بالرافعات،‏ عوض استعمال الجرافات وشق الطرقات لبلوغ كل شجرة مقطوعة.‏ وقبل إسقاط الاشجار،‏ يقطع العمال النبات المعترِش الذي يربطها بالاشجار المجاورة،‏ وذلك ايضا من اجل تقليل الضرر الجانبي.‏ ونعمل بشكل دوري في الغابة المرخّص لنا القطع فيها،‏ بوضع كل سنة خريطة لجزء من الغابة وقطع اشجار فيها،‏ ولا نعود الى هذا الجزء إلّا بعد مرور ٢٠ سنة على الاقل.‏ وقد تصل المدة الى ٣٠ سنة في بعض اجزاء من الغابة».‏

      لكنّ روبيرتو موظف في شركة لقطع الاشجار.‏ فسألته استيقظ!‏:‏ «الى اي مدى يهتم قاطعو الاشجار حقا بحماية الحياة البرية؟‏».‏

      حماية الحيوانات

      يعلّق روبيرتو:‏ «لا يمكن ان تكون الغابة نامية دون حيوانات.‏ فهي ضرورية لتلقيح النباتات ونشر البذار.‏ ونحن نبذل جهودا دؤوبة كي لا نزعج الحيوانات البرية.‏ مثلا،‏ نخطط بعناية لتكون الطرقات التي نشقها قليلة وبعيدة بعضها عن بعض.‏ وحيثما امكن،‏ نجعل الطرقات ضيقة بحيث تغطيها ظلَّة الشجر.‏ فيسمح ذلك للحيوانات مثل حيوانات الكسلان والسعادين ان تجتاز الطريق دون ان تنزل من الاشجار».‏

      ويشير روبيرتو الى اجزاء ملوّنة على الخريطة لا ينبغي ان تمسها يد.‏ فعلى ضفاف كل مجرى ماء،‏ مثلا،‏ تُحفَظ قطعة ضيقة من الارض على حالها لتتمكن الحيوانات من الانتقال من منطقة الى اخرى في دغل لا فُرج فيه.‏

      ويوضح:‏ «بالاضافة الى المَواطن الحيوية الموجودة على جانبي مجاري المياه،‏ نحمي ايضا الكهوف،‏ النتوءات الصخرية،‏ الاشجار العتيقة ذات التجاويف،‏ الاشجار التي تحمل ثمارا لبّية،‏ وفي الواقع اي جزء حيوي لبقاء نوع معيّن من الحيوانات على قيد الحياة.‏ ولمنع الصيد غير المشروع،‏ نمنع موظفينا في مخيّم قطع الاشجار من حيازة اسلحة نارية،‏ وننقل اليهم جوا لحم بقر ودجاج كي لا يحتاجوا الى لحم الحيوانات البرية.‏ ثم عندما ننتهي من العمل في جزء معيّن من الغابة،‏ نقطع الطرقات لنمنع الصيادين او قاطعي الشجر من دخولها.‏

      ‏«شخصيا،‏ انا سعيد ان اقوم بكل ذلك لأنني اومن بالمحافظة على خليقة اللّٰه.‏ لكن كل الاجراءات التي وصفتها تقريبا مطلوبة بحسب الانظمة الدولية لتنال الغابة شهادة انها ذات ادارة مستدامة.‏ ولنيل الشهادة،‏ ينبغي ان تحظى شركة قطع الاشجار بموافقة المفتشين التابعين للمنظمات الدولية».‏

      وهل الغابات ذات الادارة المستدامة مربحة؟‏ باستثناء بعض الاشخاص المتحمسين مثل روبيرتو،‏ لا يرحب قاطعو الاشجار عموما بخطط الحفاظ على الحياة البرية بمثل هذا الحماس.‏ فغالبا ما تُعتبر هذه القيود بالنسبة اليهم تهديدا للربح.‏

      لكن بحسب الدراسات التي أُجريت في حوض الأمازون الشرقي في اواخر تسعينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ تبيّن ان كلفة وضع خريطة لمواقع الاشجار،‏ قطع النبات المعترِش،‏ وإخراج الاشجار المقطوعة حسبما خُطط له،‏ تُغطّى كاملا بفضل تزايد الانتاجية.‏ مثلا،‏ يضيع عدد اقل من الاشجار المقطوعة.‏ فدون خرائط،‏ غالبا ما يقطع العمال شجرة،‏ ولا يتمكن الفريق المسؤول عن اخراجها من ايجادها بسبب كثافة الدغل.‏

      ايضا،‏ قد يكون اسهل على الشركة ان تبيع الخشب اذا كان مصدره غابة ذات ادارة مستدامة نالت شهادة بذلك من مفتشين مستقلين غير تابعين لها.‏ لكن هل طريقة قطع الاشجار دون اضرار تُذكَر تحمي حقا التنوُّع الأحيائي؟‏ وكم ينجو من الحياة البرية بعد قطع اشجار الغابة المطيرة بهذه الطريقة؟‏

      هل تنجو الحياة البرية في الغابة بعد قطع الاشجار؟‏

      صحيح ان الانظمة البيئية في الغابات المطيرة المدارية معقدة وتتضرر بسرعة،‏ لكنها تتكيّف بشكل مذهل في بعض الظروف.‏ مثلا،‏ اذا بقيت ناحية لم تُقطع اشجارها في الغابة بالقرب من ناحية قُطعت فيها بعض الاشجار،‏ تنمو تدريجيا فروخ الانواع المقطوعة لتملأ الفجوات في الظلّة.‏ لكن ماذا عن الحيوانات،‏ الطيور،‏ والحشرات؟‏

      بعض الانواع تتأثر كثيرا.‏ فمعظم عمليات قطع الاشجار يقلل ضروب الطيور والحيوانات في المنطقة.‏ لكن الطريقة المتبعة لقطع الاشجار دون اضرار تُذكَر تكاد لا تؤذي في اغلب الاحيان معظم الانواع.‏ وفي الواقع،‏ قد يعزز خلق فجوات في الظلّة وجود بعض الانواع.‏ وتذكر ابحاث حديثة ان وجود البشر —‏ حتى عندما يأتي بعضهم لقطع الاشجار بطريقة انتقائية —‏ قد يزيد التنوُّع الأحيائي في الغابات المطيرة.‏

      اذًا،‏ تشير براهين كثيرة الى امكانية قطع الاشجار في الغابات المطيرة المدارية بوعي،‏ دون إلحاق ضرر دائم بتنوُّع الحياة.‏ قالت مجلة إيكونوميست اللندنية:‏ «١٠ في المئة فقط من الغابات المتبقية،‏ اذا قُطعت اشجارها بطريقة الادارة المستدامة،‏ يمكن ان تفي بحاجة الناس الى الخشب المداري.‏ وبالتالي يمكن ان يُمنع قطع الاشجار في باقي اجزاء الغابة منعا باتا».‏

      وأحد الامثلة عن الحماية الشاملة هو الغابة المشار اليها في المقالة الافتتاحية.‏ فراميرو يحميها لأن العلماء حدَّدوا فيها انواعا عديدة معرضة للخطر.‏ ان مثل هذه الغابات المطيرة المعتدلة نادرة وتضم تنوّعا احيائيا كبيرا جدا.‏ يوضح راميرو:‏ «سر المحافظة عليها هو تثقيف الناس.‏ فبعدما علم القرويون المحليون ان مورد مياههم يعتمد على الغابة،‏ اصبحوا مهتمين بالحفاظ عليها».‏

      يضيف راميرو:‏ «السياحة البيئية ايضا مهمة،‏ لأن الزائرين يتعلمون لماذا تستحق شتى الاشجار والنباتات التي يرونها الحماية.‏ فيغادرون بتقدير اكبر للغابة وحياتها البرية».‏

      يوضح مثالَا راميرو وروبيرتو انه بإمكان الانسان الاستفادة من الغابة المطيرة المدارية دون تدميرها او تدمير الحياة البرية فيها.‏ لكن هذه الامكانية لا تعني ان ذلك سيحدث.‏ صحيح ان بعض الناس اليوم يمكن ان يتأكدوا ان الخشب المداري الذي يشترونه مقطوع من غابة نالت شهادة انها ذات ادارة مستدامة،‏ لكن هذه المعلومات غير متوفرة للبعض الآخر.‏ فهل ستحمي الجهود التي تُبذل للحفاظ على الطبيعة التنوُّع الأحيائي المذهل الموجود في الغابات؟‏

      ‏[الخريطة في الصفحة ٧]‏

      ‏(‏اطلب النص في شكله المنسَّق في المطبوعة)‏

      بوليڤيا

      الخريطة الى اليمين تعطي تفاصيل عن كل شجرة؛‏ وكما يظهر في الاعلى،‏ تمثل الخريطة منطقة صغيرة فقط من بوليڤيا

      ‏[مصدر الصورة]‏

      All maps except top left: Aserradero San Martin S.‎R.‎L.‎,‎ Bolivia

      ‏[الصور في الصفحة ٧]‏

      كل شجرة ترقّم،‏ ويحدد نوعها.‏ ثم بمساعدة جهاز «نظام تحديد المواقع العالمي» (‏في الاعلى)‏،‏ يُسجَّل موقعها بدقة

      ‏[الصورة في الصفحة ٧]‏

      ‏‹وضع خريطة بموجودات الغابة هو المفتاح لتخطيط قطع الاشجار دون إلحاق اضرار دائمة بالغابة وحياتها البرية›.‏ —‏ روبيرتو

      ‏[الصورة في الصفحتين ٨،‏ ٩]‏

      ‏‹سر المحافظة على الغابة هو تثقيف الناس›.‏ —‏ راميرو

      ‏[مصدر الصورة في الصفحة ٩]‏

      Foto: Zoo de Baños

  • الغابات المطيرة —‏ من سينقذها؟‏
    استيقظ!‏ ٢٠٠٣ | حزيران (‏يونيو)‏ ٢٢
    • الغابات المطيرة —‏ من سينقذها؟‏

      كل من يرغب في حل مشاكل الغابات المدارية عليه اولا ان يعالج اسبابها.‏ فما هي هذه الاسباب؟‏ ان الضغط الناجم عن فيض السكان ليس المتهم الوحيد.‏ فالمناطق الخصبة في الارض تؤمن بسهولة حاجات الناس حول العالم،‏ لا بل ما يفيض عنهم ايضا.‏

      وفي الواقع،‏ يساور القلق حكومات بعض البلدان بشأن الانتاج الزائد في المزارع لأنه يؤدي الى انخفاض اسعار الطعام.‏ لذلك يشجِّع بعضها المزارعين على تحويل ارضهم الى اماكن ترفيهية،‏ كمواقع للتخييم،‏ ملاعب ڠولف،‏ او حدائق خاصة بالحيوانات البرية.‏

      لماذا تتقلص اذًا غابات العالم؟‏ ينبغي ان نلقي نظرة الى اسباب اعمق من تلك المذكورة حتى الآن.‏

      الاسباب الجوهرية لإزالة الاحراج

      قبل الانفجار السكاني الحالي بزمن بعيد،‏ خرّبت حكومات كثيرة الغابات سعيا وراء السلطة والثروة.‏ مثلا،‏ حين احتاجت الامبراطورية البريطانية الى الخشب من اجل بناء السفن،‏ لجأت الى تدمير احراج السنديان المحلية ثم غابات السّاج في بورما في تايلند.‏ كما انها عرّت الغابات في الهند لتزوِّد معامل الحديد بالوقود.‏ وقطعت غابات اخرى لتُقام مكانها مزارع المطاط،‏ البن،‏ والكاكاو.‏

      وبعد الحرب العالمية الثانية،‏ صار قطع الاشجار ممكنا على صعيد اوسع باستخدام المناشير بسلسلة والجرافات.‏ وصارت الغابات السريعة التضرر تُستثمر اكثر فأكثر كمصدر للربح.‏

      كما اشترت الشركات الكبرى قطعا كبيرة من الاراضي الخصبة استخدمت فيها المعدات الآلية لزراعة المنتوجات ذات المكسب السريع.‏ وطردت آلاف العمال الريفيين من العمل،‏ فانتقلوا الى المدن.‏ اما البعض الآخر فانتقل الى الغابات المطيرة،‏ اذ كان يُقال احيانا عن هذه الغابات انها «ارض بدون شعب لشعب بدون ارض».‏ لكن الناس لم يدركوا مدى صعوبة تحويل هذه الاماكن الى اراضٍ زراعية حتى كان قد سبق السيف العذل،‏ وأُزيل جزء كبير من الغابة عن وجه الارض.‏

      اما فساد المسؤولين الحكوميين فقد سبّب ايضا القضاء على غابات كثيرة.‏ فالحصول على اذن بقطع الاشجار يكلف مالا كثيرا.‏ والمعروف ان بعض المسؤولين الحكوميين غير النزهاء يُرتَشون،‏ فيعطون رُخصا قصيرة الامد لشركات تغزو الغابات دون اي اعتبار لفكرة الحفاظ على الطبيعة.‏

      لكنّ الخطر الاكبر الذي يهدّد الحياة البرية في الغابات لا يكمن في قطع الاشجار لبيعها،‏ بل في تحويل الغابات الى اراضٍ زراعية.‏ عندما تكون الارض خصبة،‏ يمكن تبرير مثل هذا التحويل في بعض الحالات.‏ لكن غالبا ما يوقِّع مسؤولون فاسدون او غير مؤهلين على اذن بقطع اشجار في غابة لا يمكن ان تعود مطلقا الى سابق عهدها.‏

      وهنالك ايضا مَن يخربون الغابات.‏ فقاطعو الاشجار غير الشرعيين يقطعون سرّا الاشجار القيمة،‏ حتى تلك الموجودة في الحدائق الوطنية.‏ وهم احيانا يحوّلون على الفور الاشجار الى ألواح خشبية في الغابة،‏ عمل غير شرعي ويؤدي الى هدر الكثير من الخشب.‏ بعد ذلك يُدفع المال لبعض السكان المحليين فيُخرجون الاخشاب من الغابة على الدراجات او على ظهورهم.‏ ولتجنّب حواجز التفتيش،‏ تنقلها الشاحنات بعدما يحلّ الظلام على طرقات جبلية لا تُسلَك كثيرا.‏

      اذًا،‏ ليست ازالة الاحراج وخسارة الحياة البرية نتيجتَين حتميتَين لعدد السكان المتزايد.‏ فغالبا ما تكونان من نتائج سوء الادارة،‏ التجارة الجشعة،‏ قطع الاشجار غير الشرعي،‏ والحكومة الفاسدة.‏ فأي امل هنالك للمحافظة على التنوُّع الأحيائي الهائل الموجود في الغابات المطيرة المدارية؟‏

      اي امل للغابات المطيرة؟‏

      يقول كتاب الحدّ القاطع:‏ حفظ الحياة البرية في الغابات المدارية التي تُقطع (‏بالانكليزية)‏:‏ «جزء صغير من الغابات المدارية في العالم يُدار بطريقة جيدة».‏ ويضيف:‏ «حاليا،‏ يوجد القليل من الغابات (‏هذا اذا وجد)‏ حيث تُتَّبع الادارة المستدامة بطريقة ناجحة».‏ فلا شك ان الادارة المستدامة ممكنة،‏ لكن ما يجري حول العالم في الواقع هو الازالة السريعة للاحراج.‏

      وفي هذا المجال يُقال ان بوليڤيا مختلفة بشكل بارز،‏ اذ ان ٢٥ في المئة من غابتها المطيرة المدارية نالت شهادة بأنها ذات ادارة مستدامة.‏ بينما قد تبلغ النسبة حول العالم اقل من واحد في المئة،‏ رقم صغير مثبط.‏ فمعظم الغابات المدارية تُستثمر بإفراط.‏ والانانية والجشع هما القوتان الدافعتان الحقيقيتان وراء هذا التدمير.‏ فإلى اي حد هو منطقي التوقع ان يتصدّى تجار العالم والسياسيون لموجة التخريب ويبدأوا عوض ذلك بحماية ميراث الجنس البشري الذي لا يعوّض؟‏

      يُختَتم كتاب غابات الامل (‏بالانكليزية)‏ بوضع هذا الهدف امام الجنس البشري:‏ «اكتشاف واتباع نمط حياة يلائم الناس في كل انحاء العالم،‏ ولا يدمّر الارض ومواردها».‏ هدف جميل،‏ ولكن هل هو واقعي؟‏

      ماذا كان قصد خالقنا للارض والجنس البشري؟‏ لقد اوصى الزوجين البشريين الاولين:‏ «أثمروا واكثروا واملأوا الارض وأخضعوها وتسلطوا على سمك البحر وعلى طير السماء وعلى كل حيوان يدب على الارض».‏ (‏تكوين ١:‏٢٨‏)‏ فاللّٰه يسمح اذًا للجنس البشري بالاستفادة من الخليقة.‏ لكنّ عملية ‹الاخضاع› هذه ليست اذنا بالتخريب.‏

      لذلك يُطرح السؤال التالي:‏ هل يستطيع الجنس البشري ان يغير نمط حياته،‏ على صعيد عالمي،‏ الى نمط «لا يدمّر الارض ومواردها؟‏».‏ تعكس هذه الكلمات قدرا من المحبة للقريب والاحترام لخليقة اللّٰه النادرَين في عالم اليوم.‏ وتعليل النفس بأمل تبنّي القادة البشر مثل هذا النمط من الحياة وترويجهم له هو بمثابة الامل بأمور وهمية.‏

      لكن كلمة اللّٰه تنبئ بوقت تمتلئ فيه الارض بأناس يحبون رفقاءهم البشر وخالقهم.‏ يقول الكتاب المقدس:‏ «لا يسوؤون ولا يفسدون في كل جبل قدسي لأن الارض تمتلئ من معرفة الرب كما تغطي المياه البحر».‏ (‏اشعياء ١١:‏٩؛‏ مزمور ٣٧:‏٢٩؛‏ متى ٥:‏٥‏)‏ لاحظْ ان شعب اللّٰه يحجمون عن فعل ‹السوء› او تسبيب ‹الفساد› لأنهم صاروا يعرفون ويحبون يهوه،‏ الخالق العظيم.‏ وما من شك ان هذا الشعب سيتجنب تخريب الارض.‏

      وهذا الامر ليس مجرد حلم.‏ فيهوه،‏ منذ الآن،‏ يجمع الناس المخلصين ويعلّمهم.‏ وبدرس كلمة اللّٰه،‏ يتعلم ملايين حول العالم عن نمط حياة مؤسس على محبة الآخرين المتسمة بالتضحية بالذات.‏ (‏يوحنا ١٣:‏٣٤؛‏ ١ يوحنا ٤:‏٢١‏)‏ وهذه المجلة،‏ مع رفيقتها برج المراقبة،‏ تُنشر بهدف مساعدة الناس على التعلم اكثر عن نمط الحياة هذا وطريقة تبنيه.‏ ونحن ندعوك الى الاستمرار في التعلم.‏ فما من موضوع يمكن ان يكون مكافئا اكثر.‏

      ‏[الصورتان في الصفحة ١٠]‏

      سيُعنى الانسان بالارض الجميلة عوض تدميرها

المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
الخروج
الدخول
  • العربية
  • مشاركة
  • التفضيلات
  • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
  • شروط الاستخدام
  • سياسة الخصوصية
  • إعدادات الخصوصية
  • JW.ORG
  • الدخول
مشاركة