مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • يهوه،‏ اله «غفور»‏
    برج المراقبة ١٩٩٧ | ١ كانون الاول (‏ديسمبر)‏
    • يهوه،‏ اله «غفور»‏

      ‏«لأنك انت يا رب صالح وغفور.‏» —‏ مزمور ٨٦:‏٥‏.‏

      ١ ما هو العبء الثقيل الذي حمله الملك داود،‏ وكيف وجد الراحة لقلبه المنزعج؟‏

      لقد عرف داود ملك اسرائيل القديمة كم هو ثقيل عبء الشعور بالذنب.‏ كتب:‏ «لأن آثامي قد طمت فوق رأسي.‏ كحمل ثقيل اثقل مما احتمل.‏ خدرت وانسحقت الى الغاية.‏ كنت ائن من زفير قلبي.‏» (‏مزمور ٣٨:‏٤،‏ ٨‏)‏ ومع ذلك،‏ وجد داود الراحة لقلبه المنزعج.‏ وعرف انه فيما يكره يهوه الخطية،‏ فهو لا يكره الخاطئ —‏ اذا تاب حقا ورفض مسلك خطئه.‏ (‏مزمور ٣٢:‏٥؛‏ ١٠٣:‏٣‏)‏ وبإيمان كامل برغبة يهوه في بسط رحمته على الاشخاص التائبين،‏ قال داود:‏ «لأنك انت يا رب صالح وغفور.‏» —‏ مزمور ٨٦:‏٥‏.‏

      ٢،‏ ٣ (‏أ)‏ عندما نخطئ،‏ اي عبء قد نحمله بسبب ذلك،‏ ولماذا ذلك مفيد؟‏ (‏ب)‏ ما هي مخاطر ان ‹نُبتلع› بمشاعر الذنب؟‏ (‏ج)‏ اي تأكيد يعطينا اياه الكتاب المقدس عن رغبة يهوه في الغفران؟‏

      ٢ عندما نخطئ،‏ قد نحمل ايضا العبء الثقيل لضمير معذَّب نتيجة لذلك.‏ ان هذا الشعور بالندم طبيعي،‏ وحتى مفيد.‏ فقد يحرِّكنا لاتخاذ الخطوات الايجابية لتقويم اخطائنا.‏ ولكن الشعور بالذنب سحق بعض المسيحيين.‏ وقد يصرُّ قلبهم الذي يشعر بإدانة الذات على ان اللّٰه لن يغفر لهم كاملا،‏ مهما كانوا تائبين.‏ قالت اخت تفكر في خطإ ارتكبته:‏ «إنه لشعور رهيب ان تفكروا في ان يهوه لم يعد يحبّكم.‏» وحتى بعد ان تابت وقبلت المشورة المساعِدة من شيوخ الجماعة،‏ استمر شعورها بأنها غير جديرة بغفران اللّٰه.‏ تشرح:‏ «لا يمر يوم الا وألتمس الغفرانَ من يهوه.‏» اذا ‹ابتلعنا› الذنب،‏ فقد يحاول الشيطان حملنا على الاستسلام،‏ والشعور بأننا غير جديرين بخدمة يهوه.‏ —‏ ٢ كورنثوس ٢:‏٥-‏٧،‏ ١١‏.‏

      ٣ لكن بالتأكيد ليست هذه طريقة يهوه في النظر الى الامور!‏ تؤكد لنا كلمته انه عندما نظهر توبة قلبية اصيلة،‏ يكون يهوه راغبا وحتى مستعدا للغفران.‏ (‏امثال ٢٨:‏١٣‏)‏ لذلك اذا بدا لكم غفران اللّٰه بعيد المنال،‏ فإن ما قد تحتاجون اليه هو فهم افضل لسبب وكيفية غفران اللّٰه.‏

      لماذا يهوه «غفور»؟‏

      ٤ ماذا يتذكر يهوه عن طبيعتنا،‏ وكيف يؤثر ذلك في طريقة تعامله معنا؟‏

      ٤ نقرأ:‏ «كبعد المشرق من المغرب ابعد عنا معاصينا.‏ كما يترأف الاب على البنين يترأف الرب على خائفيه.‏» ولماذا يهوه مستعد لاظهار الرحمة؟‏ يجيب العدد التالي:‏ «لأنه يعرف جبلتنا.‏ يذكر اننا تراب نحن.‏» (‏مزمور ١٠٣:‏١٢-‏١٤‏)‏ فعلا،‏ لا ينسى يهوه اننا مخلوقات من تراب،‏ لدينا زلات،‏ او ضعفات،‏ بسبب النقص.‏ والعبارة انه يعرف «جبلتنا» تذكرنا ان الكتاب المقدس يشبِّه يهوه بخزَّاف ويشبِّهنا نحن بالاوعية التي يصنعها.‏a (‏ارميا ١٨:‏٢-‏٦‏)‏ يمسك الخزَّاف آنيته الخزفية بإحكام ولكن برقة،‏ مدركا طبيعتها دائما.‏ وكذلك ايضا يلطِّف يهوه،‏ الخزَّاف العظيم،‏ تعاملاته معنا بحسب ضعف طبيعتنا الخاطئة.‏ —‏ قارنوا ٢ كورنثوس ٤:‏٧‏.‏

      ٥ كيف يصف سفر رومية قبضة الخطية القوية على جسدنا الناقص؟‏

      ٥ يدرك يهوه كم قوية هي الخطية.‏ وتصف الاسفار المقدسة الخطية بأنها قوة فعَّالة تمسك الانسانَ بقبضتها المميتة.‏ وكم قوية هي قبضة الخطية؟‏ في سفر رومية،‏ يشرح الرسول الملهم بولس ذلك بتعابير حيَّة:‏ اننا «تحت الخطية» كما الجنود تحت امرة قائدهم (‏رومية ٣:‏٩‏)‏؛‏ لقد «ملكت» على الجنس البشري (‏رومية ٥:‏٢١‏)‏؛‏ انها «ساكنة» فينا (‏رومية ٧:‏١٧،‏ ٢٠‏)‏؛‏ ويعمل «ناموسها» فينا باستمرار،‏ محاولا في الواقع السيطرة على مجرى حياتنا.‏ (‏رومية ٧:‏٢٣،‏ ٢٥‏)‏ يا لها من معركة صعبة ان نقاوم قبضة الخطية القوية على جسدنا الناقص!‏ —‏ رومية ٧:‏٢١،‏ ٢٤‏.‏

      ٦ كيف ينظر يهوه الى اولئك الذين يلتمسون رحمته بقلب نادم؟‏

      ٦ لذلك يعرف الهنا الرحيم ان طاعة كاملة من جهتنا مستحيلة،‏ بصرف النظر عن مدى رغبتنا القلبية في اعطائه اياها.‏ (‏١ ملوك ٨:‏٤٦‏)‏ ويطمئننا اللّٰه بمحبة انه عندما نلتمس رحمته الابوية بقلب نادم،‏ يمنح الغفران.‏ قال المرنم الملهم داود:‏ «ذبائح اللّٰه هي روح منكسرة.‏ القلب المنكسر والمنسحق يا اللّٰه لا تحتقره.‏» (‏مزمور ٥١:‏١٧‏)‏ لن يرفض يهوه ابدا،‏ او يصدَّ قلبا منسحقا او منكسرا بعبء الشعور بالذنب.‏ وكم يصف ذلك على نحو جميل استعداد يهوه للغفران!‏

      ٧ لماذا لا يمكننا ان نستغل رحمة اللّٰه؟‏

      ٧ ولكن هل يعني ذلك انه يمكننا ان نستغل رحمة اللّٰه،‏ متذرِّعين بطبيعتنا الخاطئة كعذر للخطية؟‏ كلا على الاطلاق!‏ فيهوه لا تسيِّره مجرد العواطف.‏ فهنالك حدود لرحمته.‏ ولن يغفر لأولئك الذين بقساوة قلب يستمرون في ارتكاب الخطية العمدية الماكرة بدون توبة.‏ (‏عبرانيين ١٠:‏٢٦-‏٣١‏)‏ من ناحية ثانية،‏ فإنه «غفور» عندما يرى قلبا ‹منكسرا ومنسحقا.‏› (‏امثال ١٧:‏٣‏)‏ فلنتأمل في بعض الكلمات المعبِّرة المستعملة في الكتاب المقدس لوصف كمال الغفران الالهي.‏

      الى اي حدٍّ يغفر يهوه؟‏

      ٨ ماذا يفعل يهوه،‏ في الواقع،‏ عندما يغفر خطايانا،‏ وكيف يؤثر ذلك فينا؟‏

      ٨ قال الملك التائب داود:‏ «اعترف لك بخطيتي ولا اكتم اثمي.‏ قلت اعترف للرب بذنبي وأنت رفعت [«‏غفرت‏،‏» ع‌ج‏] أثام خطيتي.‏» (‏مزمور ٣٢:‏٥‏)‏ ان الكلمة «غفرت» مترجمة من الكلمة العبرانية التي تعني بشكل اساسي «يحمل،‏ يرفع.‏» ويدل استعمالها هنا على ‹ازالة الشعور بالذنب،‏ الخطية،‏ والتعدي.‏› لذلك رفع يهوه خطايا داود ومجازيا حملها بعيدا.‏ (‏قارنوا لاويين ١٦:‏٢٠-‏٢٢‏.‏)‏ وقد خفف ذلك من دون شك مشاعر الذنب التي حملها داود.‏ (‏قارنوا مزمور ٣٢:‏٣‏.‏)‏ ويمكننا نحن ايضا ان نملك ثقة كاملة باللّٰه الذي يغفر خطايا اولئك الذين يلتمسون غفرانه على اساس ايمانهم بذبيحة يسوع المسيح الفدائية.‏ (‏متى ٢٠:‏٢٨‏؛‏ قارنوا اشعياء ٥٣:‏١٢‏.‏)‏ ولا يحتاج اولئك الذين يحمل ويرفع يهوه خطاياهم ان يستمروا في حمل عبء مشاعر الذنب للخطايا السابقة.‏

      ٩ ما معنى كلمات يسوع:‏ «اغفر لنا ديوننا»؟‏

      ٩ استخدم يسوع العلاقة بين الدائنين والمَدينين ليوضح كيف يغفر يهوه.‏ على سبيل المثال،‏ حثَّنا يسوع ان نصلي:‏ «اغفر لنا ديوننا.‏» (‏متى ٦:‏١٢‏،‏ ع‌ج‏)‏ وهكذا شبَّه يسوع ‹الخطايا› ‹بالديون.‏› (‏لوقا ١١:‏٤‏)‏ فعندما نخطئ،‏ نصبح ‹مَدينين› ليهوه.‏ والفعل اليوناني المُترجَم الى ‹يغفر› يمكن ان يعني «يترك الدين،‏ يتخلى عنه،‏ بعدم المطالبة به.‏» وبمعنى من المعاني،‏ عندما يغفر يهوه،‏ يلغي الدَّين الذي لولا ذلك لقيِّد على حسابنا.‏ وهكذا يستطيع الخطاة التائبون ان يتعزَّوا.‏ فيهوه لن يطالب ابدا بدين قد ألغاه!‏ —‏ مزمور ٣٢:‏١،‏ ٢‏؛‏ قارنوا متى ١٨:‏٢٣-‏٣٥‏.‏

      ١٠،‏ ١١ (‏أ)‏ ما هي الفكرة المعبَّر عنها بكلمة «تمحى» الموجودة في الاعمال ٣:‏١٩‏؟‏ (‏ب)‏ كيف يُوضَّح كمال غفران يهوه؟‏

      ١٠ في الاعمال ٣:‏١٩‏،‏ يستعمل الكتاب المقدس لغة مجازية حية اخرى لوصف غفران اللّٰه:‏ «فتوبوا وارجعوا لتمحى خطاياكم.‏» ان عبارة «تمحى خطاياكم» تترجم فعلا يونانيا،‏ عندما يستعمل مجازيا،‏ يمكن ان يعني «يزيل،‏ يطمس،‏ يلغي،‏ او يدمِّر.‏» ووفقا لبعض العلماء،‏ فإن الفكرة المعبَّر عنها هي تلك التي لمحو الكتابة.‏ فكيف كان ذلك ممكنا؟‏ كان الحبر الشائع الاستعمال في العصور القديمة يُصنع من خليط يتضمَّن الكربون،‏ الصمغ،‏ والماء.‏ ومباشرة بعد الكتابة بمثل هذا الحبر،‏ كان المرء يستطيع ان يأخذ إسفنجة رطبة ويزيل الكتابة.‏

      ١١ في ذلك وصف جميل لكمال غفران يهوه.‏ فعندما يغفر خطايانا،‏ يكون كما لو انه يأخذ إسفنجة ويزيلها.‏ وما من داعٍ الى الخوف من ان يستعمل يهوه خطايانا ضدنا في المستقبل،‏ لأن الكتاب المقدس يظهر شيئا آخر عن رحمة يهوه المميَّزة:‏ عندما يغفر،‏ ينسى!‏

      ‏«لا اذكر خطيتهم بعد»‏

      ١٢ عندما يقول الكتاب المقدس ان يهوه ينسى خطايانا،‏ هل يعني ذلك انه غير قادر على تذكرها،‏ ولماذا تجيبون كذلك؟‏

      ١٢ بواسطة النبي ارميا،‏ وعد يهوه اولئك الذين في العهد الجديد:‏ «لاني اصفح عن اثمهم ولا اذكر خطيتهم بعد.‏» (‏ارميا ٣١:‏٣٤‏)‏ وهل يعني ذلك انه عندما يغفر يهوه لا يستطيع تذكر الخطايا بعد؟‏ من الصعب ان تكون هذه هي الحال.‏ فالكتاب المقدس يخبرنا عن خطايا العديد من الافراد الذين غفر لهم يهوه،‏ بمن فيهم داود.‏ (‏٢ صموئيل ١١:‏١-‏١٧؛‏ ١٢:‏١-‏١٣‏)‏ ومن الواضح ان يهوه لا يزال يدرك الأخطاء التي ارتكبوها،‏ وهذا ما يجب ان نفعله نحن ايضا.‏ فسجل خطاياهم،‏ بالاضافة الى توبتهم وغفران اللّٰه،‏ قد حُفظ لفائدتنا.‏ (‏رومية ١٥:‏٤‏)‏ ماذا يقصد الكتاب المقدس اذًا بالقول ان يهوه لا ‹يتذكر› خطايا اولئك الذين غفر لهم؟‏

      ١٣ (‏أ)‏ ماذا يتضمنه معنى الفعل العبراني المنقول الى «اذكر»؟‏ (‏ب)‏ عندما يقول يهوه:‏ «لا اذكر خطيتهم بعد،‏» ماذا يؤكد لنا؟‏

      ١٣ ان الفعل العبراني المنقول الى «اذكر» يتضمَّن اكثر من مجرد تذكر الماضي.‏ وبحسب كتاب الكلمات اللاهوتي للعهد القديم‏،‏ فإنه يتضمَّن «المعنى الاضافي لاتخاذ الاجراء المناسب.‏» لذلك من هذه الناحية،‏ ان ‹تذكُّر› الخطية يشمل اتخاذ اجراء ضد الخطاة.‏ فعندما قال النبي هوشع عن الاسرائيليين الجامحين،‏ «سيذكر [يهوه] اثمهم،‏» عنى النبي بأن يهوه سيتخذ اجراء ضدهم بسبب عدم توبتهم.‏ وهكذا،‏ يضيف الجزء المتبقي من العدد:‏ «سيعاقب خطاياهم.‏» (‏هوشع ٩:‏٩‏)‏ ومن ناحية ثانية،‏ عندما يقول يهوه،‏ «لا اذكر خطيتهم بعد،‏» يؤكد لنا انه عندما يغفر للخاطئ التائب،‏ لن يتخذ اجراء ضده على هذه الخطايا في المستقبل.‏ (‏حزقيال ١٨:‏٢١،‏ ٢٢‏)‏ وهكذا فهو ينسى بمعنى انه لا يذكرنا بخطايانا مرة بعد اخرى ليتَّهمنا او يعاقبنا مرارا وتكرارا.‏ وبذلك يرسم يهوه لنا مثالا رائعا لنتبعه في تعاملاتنا مع الآخرين.‏ فعندما تنشأ الخلافات،‏ من الافضل عدم تذكر الاساءات السابقة التي وافقتم قبلا على غفرانها.‏

      ماذا عن العواقب؟‏

      ١٤ لماذا لا يعني الغفران ان الخاطئ التائب مستثنى من كل عواقب مسلكه الخاطئ؟‏

      ١٤ هل يعني غفران يهوه ان الخاطئ التائب مُستَثنى من كل عواقب مسلكه الخاطئ؟‏ كلا على الاطلاق.‏ لا نستطيع ان نخطئ ونفلت من العقاب.‏ كتب بولس:‏ «الذي يزرعه الانسان اياه يحصد ايضا.‏» (‏غلاطية ٦:‏٧‏)‏ فقد نواجه بعض عواقب اعمالنا او مشاكلنا،‏ لكنّ يهوه،‏ بعد منح الغفران،‏ لا يسبِّب ان تصيبنا اية شدَّة.‏ فعندما تنشأ المشاكل،‏ لا يجب ان يشعر المسيحي:‏ ‹ربما يعاقبني يهوه على خطاياي السابقة.‏› (‏قارنوا يعقوب ١:‏١٣‏.‏)‏ ومن ناحية ثانية،‏ لا يجنبنا يهوه كل نتائج اعمالنا الخاطئة.‏ فالطلاق،‏ الحبل غير المرغوب فيه،‏ الامراض المنتقلة جنسيا،‏ فقدان الثقة والاحترام —‏ كل هذه قد تكون عواقب محزنة للخطية،‏ ولن يحمينا يهوه منها.‏ تذكروا انه بالرغم من غفران يهوه لخطايا داود المتعلقة ببثشبع وأوريا،‏ لم يحمِه من النتائج المفجعة التي تبعت.‏ —‏ ٢ صموئيل ١٢:‏٩-‏١٤‏.‏

      ١٥،‏ ١٦ كيف افادت الشريعة المسجّلة في اللاويين ٦:‏١-‏٧ الضحية والمذنب كليهما؟‏

      ١٥ قد تكون لخطايانا عواقب اخرى ايضا.‏ خذوا،‏ مثلا،‏ الرواية في اللاويين الاصحاح ٦‏.‏ يتحدَّث الناموس الموسوي هنا عن الوضع الذي فيه يرتكب انسان خطية خطيرة باستيلائه على ممتلكات رفيق اسرائيلي بالسرقة،‏ الابتزاز،‏ او الخداع.‏ ثم يُنكر الخاطئ ذنبه،‏ حتى انه يتجرأ ان يحلف كذبا.‏ فتصبح القضية قضية كلمة انسان ضد كلمة آخر.‏ ولكنّ المذنب،‏ لاحقا،‏ يُعذِّبه ضميره فيعترف بخطئه.‏ ولنيل غفران اللّٰه،‏ على المذنب ان يقوم بثلاثة امور اضافية:‏ يعيد ما قد اخذه،‏ يدفع للضحية غرامة قدرها ٢٠ في المئة،‏ ويقدِّم كبشا كذبيحة اثم.‏ وبعد ذلك،‏ تقول الشريعة:‏ «فيكفِّر عنه الكاهن امام الرب فيُصفَح عنه.‏» —‏ لاويين ٦:‏١-‏٧‏؛‏ قارنوا متى ٥:‏٢٣،‏ ٢٤‏.‏

      ١٦ كانت هذه الشريعة تدبيرا رحيما من اللّٰه.‏ فقد افادت الضحية الذي أُرجعَت ممتلكاته والذي شعر دون شك بكثير من الارتياح عندما اعترف المذنب اخيرا بخطئه.‏ وفي الوقت نفسه،‏ افادت الشريعة الشخص الذي دفعه ضميره اخيرا الى الاعتراف بذنبه وتصحيح خطئه.‏ وفي الواقع،‏ لو لم يقم بذلك،‏ ما كان اللّٰه ليغفر له.‏

      ١٧ عندما يتأذى الآخرون من خطايانا،‏ ماذا يتوقع يهوه منا ان نفعل؟‏

      ١٧ بالرغم من اننا لسنا تحت الناموس الموسوي،‏ فهو يعطينا بصيرة ثمينة في فكر يهوه،‏ بما فيها وجهة نظره من الغفران.‏ (‏كولوسي ٢:‏١٣،‏ ١٤‏)‏ عندما يتأذى الآخرون من خطايانا او ينخدعون بها،‏ يُسرُّ يهوه حين نفعل كل ما في وسعنا ‹لتقويم الخطإ.‏› (‏٢ كورنثوس ٧:‏١١‏،‏ ع‌ج‏)‏ ويتضمَّن ذلك الاعتراف بخطئنا والاقرار بذنبنا،‏ وحتى الاعتذار الى الضحية.‏ ثم نستطيع الاقتراب الى يهوه على اساس ذبيحة يسوع ونيل الراحة الآتية من ضمير طاهر والثقة ان اللّٰه قد غفر لنا.‏ —‏ عبرانيين ١٠:‏٢١،‏ ٢٢‏.‏

      ١٨ أي تأديب قد يرافق غفران يهوه؟‏

      ١٨ كأي اب محب،‏ قد يمنح يهوه الغفران مع شيء من التأديب.‏ (‏امثال ٣:‏١١،‏ ١٢‏)‏ فالمسيحي التائب قد يضطر ان يتخلى عن امتياز خدمته كشيخ،‏ خادم مساعد،‏ او فاتح.‏ وقد يؤلمه ان يخسر لفترة من الوقت امتيازات كانت ثمينة عنده.‏ ولكن لا يعني مثل هذا التأديب انه خسر رضى يهوه او ان يهوه امتنع عن منح الغفران.‏ وبالاضافة الى ذلك،‏ يجب ان نتذكر ان التأديب من يهوه برهان على محبته لنا.‏ لذلك فقبول التأديب وتطبيقه هو لمصالحنا الفضلى ويمكن ان يؤدي ذلك الى حياة ابدية.‏ —‏ عبرانيين ١٢:‏٥-‏١١‏.‏

      ١٩،‏ ٢٠ (‏أ)‏ اذا ارتكبتم الاخطاء،‏ لماذا لا يجب ان تشعروا بأنكم ابعد من ان تشملكم رحمة يهوه؟‏ (‏ب)‏ ماذا سيناقَش في المقالة التالية؟‏

      ١٩ كم هو منعش ان نعرف اننا نخدم الها ‹غفورا›!‏ فيهوه يرى اكثر من خطايانا وأخطائنا.‏ (‏مزمور ١٣٠:‏٣،‏ ٤‏)‏ وهو يعرف ما في قلوبنا.‏ فإذا شعرتم بأن قلبكم منكسر ومنسحق بسبب اخطاء سابقة،‏ فلا تستنتجوا انكم ابعد من ان تشملكم رحمة يهوه.‏ وبالرغم من الاخطاء التي ارتكبتموها،‏ اذا تبتم حقا،‏ اتخذتم خطوات لتقويم الخطإ،‏ وصليتم بحرارة طلبا لغفران يهوه على اساس دم يسوع المسفوك،‏ يمكنكم ان تثقوا كاملا ان كلمات ١ يوحنا ١:‏٩ تنطبق عليكم:‏ «إن اعترفنا بخطايانا فهو امين وعادل حتى يغفر لنا خطايانا ويطهِّرنا من كل اثم.‏»‏

      ٢٠ يشجعنا الكتاب المقدس ان نتمثل بغفران يهوه في تعاملاتنا واحدنا مع الآخر.‏ ولكن الى اي حدٍّ يُتوقع منا ان نغفر وننسى عندما يخطئ الآخرون الينا؟‏ هذا ما ستناقشه المقالة التالية.‏

  • ‏‹استمروا في مسامحة بعضكم بعضا بسخاء›‏
    برج المراقبة ١٩٩٧ | ١ كانون الاول (‏ديسمبر)‏
    • ‏‹استمروا في مسامحة بعضكم بعضا بسخاء›‏

      ‏«استمروا في احتمال بعضكم بعضا ومسامحة بعضكم بعضا بسخاء.‏» —‏ كولوسي ٣:‏١٣‏،‏ ع‌ج.‏

      ١ (‏أ)‏ عندما اقترح بطرس ان نغفر للآخرين «الى سبع مرات،‏» لماذا اعتقد انه كريم جدا؟‏ (‏ب)‏ ماذا عنى يسوع عندما قال انه يجب ان نغفر «الى سبعين مرة سبع مرات»؟‏

      ‏«يا رب،‏ كم مرة يخطئ اليّ اخي وأنا اغفر له.‏ هل الى سبع مرات.‏» (‏متى ١٨:‏٢١‏)‏ ربما اعتقد بطرس انه كان كريما جدا باقتراحه هذا.‏ ففي ذلك الوقت،‏ قال تقليد الرَّبَّانيين ان المرء لا يجب ان يغفر لشخص آخر الاساءة نفسها اكثر من ثلاث مرات.‏a وتخيَّلوا دهشة بطرس عندما اجابه يسوع:‏ «لا اقول لك الى سبع مرات بل الى سبعين مرة سبع مرات»!‏ (‏متى ١٨:‏٢٢‏)‏ وتكرار العدد سبعة كان بمثابة القول «الى ما لا نهاية.‏» من وجهة نظر يسوع،‏ لا توجد فعليا اية حدود لعدد المرَّات التي يجب على المسيحي ان يغفر فيها للآخرين.‏

      ٢،‏ ٣ (‏أ)‏ ما هي بعض الحالات التي قد يبدو فيها الغفران للآخرين صعبا؟‏ (‏ب)‏ لماذا يمكننا الوثوق بأن الغفران للآخرين هو لأفضل مصالحنا؟‏

      ٢ ولكنَّ تطبيق هذه المشورة ليس سهلا دائما.‏ مَن منّا لم يشعر بلسعة اذية غير عادلة؟‏ ربما خان شخص تثقون به ثقتكم.‏ (‏امثال ١١:‏١٣‏)‏ والتعليقات الصادرة بدون تفكير من صديق حميم قد «تهذر مثل طعن السيف.‏» (‏امثال ١٢:‏١٨‏)‏ وقد تسبب اساءة من شخص احببتموه او وثقتم به جراحا عميقة.‏ فعندما تحدث مثل هذه الامور،‏ قد نشعر بالغضب كرد فعل طبيعي.‏ وقد نميل الى التوقف عن الكلام مع المسيء،‏ متجنبينه تماما اذا كان ذلك ممكنا.‏ فقد يبدو ان مسامحته ستجعله يُفلت من العقاب على ايذائنا.‏ ولكن بتنمية الاستياء،‏ ينتهي بنا الامر الى ايذاء انفسنا.‏

      ٣ لهذا السبب علَّمنا يسوع ان نغفر —‏ «الى سبعين مرة سبع مرات.‏» وبالتأكيد لن تعمل تعاليمه ابدا على ايذائنا.‏ فكل ما علّمه كان من يهوه،‏ ‹معلمنا لننتفع.‏› (‏اشعياء ٤٨:‏١٧؛‏ يوحنا ٧:‏١٦،‏ ١٧‏)‏ فمنطقي اذًا ان يكون لأفضل مصالحنا ان نغفر للآخرين.‏ وقبل ان نناقش لماذا يجب ان نغفر وكيف نستطيع ان نفعل ذلك،‏ من المساعِد ان نوضح اولا ما يكون عليه الغفران وما لا يكون عليه.‏ ان مفهومنا للغفران له علاقة بمقدرتنا على الغفران عندما يسيء الينا الآخرون.‏

      ٤ ماذا لا يعنيه غفراننا للآخرين،‏ ولكن كيف يُعرَّف الغفران؟‏

      ٤ لا يعني غفراننا للآخرين اساءاتهم الشخصية اننا نتغاضى عما فعلوه او نقلِّل من اهميته؛‏ ولا يعني ايضا اننا نسمح للآخرين باستغلالنا.‏ وفضلا عن ذلك،‏ عندما يغفر لنا يهوه،‏ لا يقلِّل بالتأكيد من اهمية خطايانا،‏ ولن يسمح للبشر الخطاة بأن يدوسوا رحمته.‏ (‏عبرانيين ١٠:‏٢٩‏)‏ وبحسب كتاب بصيرة في الاسفار المقدسة (‏بالانكليزية)‏،‏ يُعرَّف الغفران بأنه «عمل مسامحة المسيء؛‏ التوقف عن الشعور بالاستياء تجاهه بسبب اساءته والتخلّي عن المطالبة بأي تعويض.‏» (‏المجلد ١،‏ الصفحة ٨٦١)‏b ويزوِّدنا الكتاب المقدس بأسباب وجيهة لنغفر للآخرين.‏

      لماذا نغفر للآخرين؟‏

      ٥ ما هو السبب المهم المشار اليه في افسس ٥:‏١ لنغفر للآخرين؟‏

      ٥ تعطينا افسس ٥:‏١ سببا مهما لنغفر للآخرين:‏ «فكونوا [«لذلك كونوا،‏» ع‌ج‏] متمثلين باللّٰه كأولاد احباء.‏» ومن اية ناحية ينبغي ان نكون «متمثلين باللّٰه»؟‏ ان كلمة «لذلك» تربط هذه العبارة بالآية السابقة التي تقول:‏ «كونوا لطفاء بعضكم نحو بعض شفوقين متسامحين [«بسخاء،‏» ع‌ج‏] كما سامحكم اللّٰه ايضا [«بسخاء،‏» ع‌ج‏] في المسيح.‏»‏ (‏افسس ٤:‏٣٢‏)‏ وفي ما يتعلق بالغفران،‏ ينبغي ان نكون متمثلين باللّٰه.‏ وكولد صغير يحاول ان يتمثل بأبيه،‏ ينبغي لنا،‏ كأولاد يحبهم يهوه كثيرا،‏ ان نرغب في الصيرورة كأبينا السماوي الغفور.‏ وكم يبهج قلب يهوه ان ينظر من السموات ويرى اولاده الارضيين يحاولون التمثل به غافرين واحدهم للآخر!‏ —‏ لوقا ٦:‏٣٥،‏ ٣٦‏؛‏ قارنوا متى ٥:‏٤٤-‏٤٨‏.‏

      ٦ بأية طريقة هنالك فرق شاسع بين غفران يهوه وغفراننا؟‏

      ٦ صحيح اننا لا نستطيع ان نغفر بمعنى كامل كما يغفر يهوه.‏ ولكنَّ ذلك سبب اضافي ليغفر واحدنا للآخر.‏ تأملوا:‏ هنالك فرق شاسع بين غفران يهوه وغفراننا.‏ (‏اشعياء ٥٥:‏٧-‏٩‏)‏ فعندما نغفر لاولئك الذين اخطأوا الينا،‏ غالبا ما ندرك انه عاجلا او آجلا قد نحتاج اليهم ليبادلونا الغفران.‏ ومع البشر،‏ انها دائما حالة خطاة يغفرون لخطاة.‏ أما مع يهوه،‏ فالغفران دائما باتجاه واحد.‏ فهو يغفر لنا،‏ ولكننا لن نحتاج ابدا ان نغفر له.‏ فإذا كان يهوه،‏ الذي لا يخطئ،‏ يمكنه ان يغفر لنا كاملا وبمحبة،‏ أفلا ينبغي ان نحاول نحن البشر الناقصين ان نغفر واحدنا للآخر؟‏ —‏ متى ٦:‏١٢‏.‏

      ٧ اذا رفضنا ان نغفر للآخرين عندما يكون هنالك سبب وجيه للرحمة،‏ فكيف يمكن ان يؤثر ذلك بشكل غير مؤات في علاقتنا الخاصة بيهوه؟‏

      ٧ والأهم ايضا،‏ اذا رفضنا ان نغفر للآخرين عندما يكون هنالك اساس للرحمة،‏ فسيؤثر ذلك بشكل غير مؤات في علاقتنا الخاصة باللّٰه.‏ فيهوه لا يطلب منا فقط ان يغفر واحدنا للآخر؛‏ ولكنه يتوقع منا ان نفعل ذلك.‏ وبحسب الاسفار المقدسة،‏ ان جزءا من دافعنا ان نكون غفورين هو ليغفر لنا يهوه او لانه قد غفر لنا.‏ (‏متى ٦:‏١٤؛‏ مرقس ١١:‏٢٥؛‏ افسس ٤:‏٣٢؛‏ ١ يوحنا ٤:‏١١‏)‏ فإن كنا غير مستعدّين لمسامحة الآخرين عندما يكون هنالك سبب وجيه لفعل ذلك،‏ فهل نتوقع حقا مثل هذا الغفران من يهوه؟‏ —‏ متى ١٨:‏٢١-‏٣٥‏.‏

      ٨ لماذا الكينونة غفورين هو لأفضل مصالحنا؟‏

      ٨ يعلِّم يهوه شعبه «الطريق الصالح الذي يسلكون فيه.‏» (‏١ ملوك ٨:‏٣٦‏)‏ فعندما يعلِّمنا يهوه ان نغفر واحدنا للآخر،‏ يمكننا ان نكون على ثقة بأنه يهتم بأفضل مصالحنا.‏ ولسبب وجيه يأمرنا الكتاب المقدس ان ‹نعطي مكانا للغضب.‏› (‏رومية ١٢:‏١٩‏)‏ فالاستياء هو عبء ثقيل لنحمله في الحياة.‏ وعندما نضمره،‏ يسيطر على افكارنا،‏ يسلبنا السلام،‏ ويخنق فرحنا.‏ والغضب المطوَّل،‏ كالغيرة،‏ يمكن ان يكون ضارا لصحتنا الجسدية.‏ (‏امثال ١٤:‏٣٠‏،‏ ع‌ج‏)‏ وفي كل ذلك،‏ قد يكون المسيء غير مدرك تماما لاضطرابنا!‏ يعرف خالقنا المحب اننا نحتاج ان نغفر للآخرين ليس لفائدتهم فقط بل لفائدتنا نحن ايضا.‏ ونصيحة الكتاب المقدس بأن نغفر هي حقا ‹الطريق الصالح لنسلك فيه.‏›‏

      ‏«استمروا في احتمال بعضكم بعضا»‏

      ٩،‏ ١٠ (‏أ)‏ اي نوع من الحالات لا يتطلَّب بالضرورة غفرانا رسميا؟‏ (‏ب)‏ ماذا تقترحه عبارة «استمروا في احتمال بعضكم بعضا»؟‏

      ٩ قد تتراوح الاضرار الجسدية بين خدوش ثانوية وجراح عميقة ولا تتطلَّب كلها الاهتمام نفسه.‏ والأمر مماثل مع المشاعر المجروحة —‏ فبعض الجراح اعمق من غيرها.‏ فهل يلزم ان نصنع قضية من كل اساءة طفيفة نعاني منها في علاقاتنا بالآخرين؟‏ ان الاغاظات والازدراءات،‏ والمضايقات الطفيفة جزء من الحياة ولا تتطلَّب بالضرورة غفرانا رسميا.‏ وإذا كنا معروفين كشخص يتجنَّب الآخرين لكل خيبة امل تافهة ويصرُّ بعد ذلك ان يعتذروا منه قبل معاملتهم بلطف من جديد،‏ فقد نجبرهم ان يتصرفوا بحذر معنا —‏ او ان لا يعاشرونا بشكل لصيق!‏

      ١٠ وبدلا من ذلك،‏ من الافضل كثيرا ان نكون ‹معروفين بتعقُّلنا.‏› (‏فيلبي ٤:‏٥‏،‏ فيلپس‏)‏ وكمخلوقات ناقصة نخدم كتفا الى كتف،‏ من المنطقي ان نتوقع انه من حين الى آخر قد يضايقنا اخوتنا،‏ وقد نفعل الامر نفسه لهم.‏ تنصحنا كولوسي ٣:‏١٣‏،‏ ع‌ج‏:‏ «استمروا في احتمال بعضكم بعضا.‏» وتقترح هذه العبارة ان نكون صبورين مع الآخرين،‏ محتملين التصرفات التي لا نحبها فيهم او الصفات التي قد تضايقنا.‏ ان مثل هذا الصبر والأناة يساعدنا على تحمُّل الاساءات البسيطة في تعاملاتنا مع الآخرين —‏ من دون ان نعكِّر سلام الجماعة.‏ —‏ ١ كورنثوس ١٦:‏١٤‏.‏

      عندما تكون الجراح اعمق

      ١١ عندما يخطئ الينا الآخرون،‏ ماذا يساعدنا على مسامحتهم؟‏

      ١١ ولكن ماذا لو اخطأ الينا الآخرون،‏ مسببين لنا جرحا ملحوظا؟‏ اذا لم تكن الخطية خطيرة جدا،‏ فقد لا نجد صعوبة في تطبيق مشورة الكتاب المقدس ان نكون «متسامحين بسخاء.‏» (‏افسس ٤:‏٣٢‏،‏ ع‌ج‏)‏ ان مثل هذا الاستعداد للغفران منسجم مع كلمات بطرس الموحى بها:‏ «ولكن قبل كل شيء لتكن محبتكم بعضكم لبعض شديدة لأن المحبة تستر كثرة من الخطايا.‏» (‏١ بطرس ٤:‏٨‏)‏ وإبقاؤنا في الذهن اننا ايضا خطاة يمكِّننا من تجاوز تعدِّيات الآخرين.‏ وهكذا عندما نغفر،‏ نتخلَّص من الاستياء بدلا من ان ننميه.‏ ونتيجة لذلك،‏ قد لا تعاني علاقتنا بالمسيء ايّ اذى دائم،‏ ونساهم ايضا في الحفاظ على سلام الجماعة الثمين.‏ (‏رومية ١٤:‏١٩‏)‏ وبمرور الوقت قد ننسى تماما ما فعله لنا المسيء.‏

      ١٢ (‏أ)‏ اية مبادرة قد يلزم القيام بها لنغفر لشخص جرحنا بشكل عميق؟‏ (‏ب)‏ كيف تشير كلمات افسس ٤:‏٢٦ الى تسوية المسائل بسرعة؟‏

      ١٢ ولكن ماذا لو اخطأ احد الينا بطريقة اخطر،‏ مسببا لنا جرحا عميقا؟‏ على سبيل المثال،‏ قد يبوح صديق موثوق به بمسائل شخصية للغاية ائتمنتموه عليها.‏ فتشعرون بالألم العميق،‏ الاحراج،‏ والخيانة.‏ وقد حاولتم ان تصرفوا المسألة من ذهنكم،‏ ولكن دون جدوى.‏ في مثل هذه الحالة،‏ قد يلزم القيام بمبادرة لتسوية المشكلة،‏ ربما بالتكلم مع المسيء.‏ ومن الحكمة فعل ذلك قبل ان تزداد الامور سوءا.‏ حضَّنا بولس:‏ «اغضبوا ولا تخطئوا [اي ان نضمر الغضب او نتصرف منقادين له].‏ لا تغرب الشمس على غيظكم.‏» (‏افسس ٤:‏٢٦‏)‏ ومشورة بولس تكون فعّالة اكثر عندما نتأمل في الواقع انه عند اليهود،‏ كان غروب الشمس يسم نهاية يوم وبداية يوم جديد.‏ فالنصيحة هي اذًا:‏ سوُّوا المسألة بسرعة!‏ —‏ متى ٥:‏٢٣،‏ ٢٤‏.‏

      ١٣ عندما نقترب من شخص اساء الينا،‏ ماذا يجب ان يكون هدفنا،‏ وما هي الاقتراحات التي قد تساعدنا على الوصول الى هذا الهدف؟‏

      ١٣ وكيف ينبغي ان تقتربوا الى المسيء؟‏ تقول ١ بطرس ٣:‏١١‏:‏ ‹اطلبوا السلام وجدوا في اثره.‏› فليس هدفكم اذًا التعبير عن الغضب بل صنع السلام مع اخيكم.‏ ولتحقيق هذه الغاية،‏ من الافضل ان نتجنب الكلمات والتعابير القاسية؛‏ فقد تثير هذه رد فعل مشابها عند الشخص الآخر.‏ (‏امثال ١٥:‏١٨؛‏ ٢٩:‏١١‏)‏ وإضافة الى ذلك،‏ تجنبوا التعابير المبالغ فيها مثل،‏ «انت دائما .‏ .‏ .‏!‏» او،‏ «انت لا .‏ .‏ .‏!‏» ان مثل هذه التعليقات المبالغ بها قد تدفعه الى اتخاذ موقف دفاعيّ.‏ وبدلا من ذلك،‏ دعوا نبرة صوتكم وتعبير وجهكم ينقلان انكم تريدون ان تحلُّوا مسألة جرحتكم بعمق.‏ تكلموا بالتحديد في شرح كيفية شعوركم حيال ما حصل.‏ أعطوا الشخص الآخر فرصة لشرح تصرفاته.‏ أصغوا الى ما يقوله.‏ (‏يعقوب ١:‏١٩‏)‏ وأي نفعٍ يأتي من ذلك؟‏ تشرح الامثال ١٩:‏١١‏:‏ «تعقل الانسان يبطئ غضبه وفخره الصفح عن معصية.‏» ان فهم مشاعر الشخص الآخر وأسباب تصرفاته قد يبدِّد الافكار والمشاعر السلبية تجاهه.‏ وعندما نعالج الوضع بهدف صنع السلام والمحافظة على هذا الموقف،‏ من المرجح جدا ازالة سوء التفاهم،‏ تقديم الاعتذارات المناسبة،‏ ومنح الغفران.‏

      ١٤ عندما نغفر للآخرين،‏ بأي معنى ينبغي ان ننسى؟‏

      ١٤ هل يعني الغفران للآخرين انه يجب ان ننسى فعليّا ما حصل؟‏ تذكروا مثال يهوه الخاص في هذا الخصوص،‏ كما جرت مناقشته في المقالة السابقة.‏ عندما يقول الكتاب المقدس ان يهوه ينسى خطايانا،‏ لا يعني ذلك انه غير قادر على تذكرها.‏ (‏اشعياء ٤٣:‏٢٥‏)‏ ولكنه،‏ ينسى بمعنى انه حين يغفر لا يستعمل هذه الخطايا ضدنا في المستقبل.‏ (‏حزقيال ٣٣:‏١٤-‏١٦‏)‏ وعلى نحو مماثل،‏ فإن الغفران للرفقاء البشر لا يعني بالضرورة اننا سنكون غير قادرين على تذكر ما فعلوه.‏ ولكن نستطيع ان ننسى بمعنى اننا لن نستعمل ما فعله المسيء ضده او نثيره مرة ثانية في المستقبل.‏ وهكذا مع تسوية المسألة،‏ من المناسب ألا نثرثر عنها؛‏ ولا يُعتبر عمل محبة ان نتجنَّب المسيء كاملا،‏ معاملينه وكأنَّه مفصول.‏ (‏امثال ١٧:‏٩‏)‏ صحيح انه قد يمر بعض الوقت قبل ان تتحسن علاقتنا به؛‏ وربما لا نعود نتمتع بالعلاقة الحميمة نفسها كما في السابق.‏ ولكننا لا نزال نحبُّه كأخ مسيحي لنا ونبذل قصارى جهدنا للمحافظة على علاقات سلمية.‏ —‏ قارنوا لوقا ١٧:‏٣‏.‏

      عندما يبدو الغفران مستحيلا

      ١٥،‏ ١٦ (‏أ)‏ هل يُطلب من المسيحيين ان يغفروا لخاطئ غير تائب؟‏ (‏ب)‏ كيف يمكننا ان نطبق نصيحة الكتاب المقدس الموجودة في المزمور ٣٧:‏٨‏؟‏

      ١٥ ولكن ماذا لو اخطأ الينا الآخرون بطريقة سببت لنا اعمق الجراح،‏ ومع ذلك لم يعترف المسيء بخطيته،‏ لم يتُب،‏ ولم يعتذر؟‏ (‏امثال ٢٨:‏١٣‏)‏ تشير الاسفار المقدسة بوضوح ان يهوه لا يغفر للخطاة القساة وغير التائبين.‏ (‏عبرانيين ٦:‏٤-‏٦؛‏ ١٠:‏٢٦،‏ ٢٧‏)‏ وماذا عنَّا؟‏ تقول بصيرة في الاسفار المقدسة‏:‏ «لا يُطلب من المسيحيين ان يغفروا لاولئك الذين يمارسون الخطية العمدية الماكرة بدون توبة.‏ ان مثل هؤلاء يصيرون اعداء للّٰه.‏» (‏المجلد ١،‏ الصفحة ٨٦٢)‏ فلا ينبغي ان يشعر ايّ مسيحي وقع ضحية معاملة ظالمة،‏ بغيضة،‏ او شائنة للغاية بأنه مُجبر على الغفران او العفو عن خاطئ غير تائب.‏ —‏ مزمور ١٣٩:‏٢١،‏ ٢٢‏.‏

      ١٦ من الطبيعي ان يشعر ضحايا المعاملة القاسية بالاذى والغضب.‏ ولكن تذكروا ان التمسك بالغضب والاستياء قد يؤذينا جدا.‏ وانتظار اعتراف او اعتذار لن يأتي ابدا،‏ قد لا يؤدي إلا الى ازعاجنا اكثر فأكثر.‏ وإذ يستحوذ علينا الظلم قد يبقى الغضب متأجِّجا في داخلنا،‏ بتأثيرات مدمِّرة على صحتنا الروحية،‏ العاطفية،‏ والجسدية.‏ وفي الواقع،‏ نسمح للشخص الذي آذانا بأن يستمر في اذيتنا.‏ ينصح الكتاب المقدس بحكمة:‏ «كفَّ عن الغضب واترك السخط.‏» (‏مزمور ٣٧:‏٨‏)‏ ولذلك وجد بعض المسيحيين انه بإمكانهم بعد مدة اتخاذ قرار بالغفران بمعنى التوقف عن اضمار الاستياء —‏ غير مبرِّرين ما حصل لهم،‏ ولكن رافضين ان يبتلعهم الغضب.‏ وبترك المسألة كاملا بين يدي اله العدل،‏ تمتعوا بالكثير من الراحة وتمكَّنوا من متابعة حياتهم دون شعور قوي بالاستياء.‏ —‏ مزمور ٣٧:‏٢٨‏.‏

      ١٧ اي تأكيد معزٍّ يزوِّدنا به وعد يهوه المسجل في الرؤيا ٢١:‏٤‏؟‏

      ١٧ عندما يكون الجرح عميقا جدا،‏ قد لا ننجح في محوه كاملا من عقلنا،‏ على الاقل ليس في نظام الاشياء هذا.‏ ولكنَّ يهوه يعد بعالم جديد فيه «سيمسح اللّٰه كل دمعة من عيونهم والموت لا يكون في ما بعد ولا يكون حزن ولا صراخ ولا وجع في ما بعد لأن الامور الاولى قد مضت.‏» (‏رؤيا ٢١:‏٤‏)‏ ومهما كان ما نتذكره في ذلك الوقت فلن يسبِّب لنا جرحا،‏ او الما عميقا،‏ كالذي قد يُثقل قلوبنا الآن.‏ —‏ اشعياء ٦٥:‏١٧،‏ ١٨‏.‏

      ١٨ (‏أ)‏ لماذا يلزم ان نغفر في تعاملاتنا مع اخوتنا وأخواتنا؟‏ (‏ب)‏ عندما يخطئ الينا الآخرون،‏ بأي معنى يمكننا ان نغفر وننسى؟‏ (‏ج)‏ كيف يفيدنا ذلك؟‏

      ١٨ وفي هذه الاثناء،‏ يجب ان نحيا ونعمل معًا كإخوة وأخوات ناقصين وخطاة.‏ فكلّنا نرتكب الاخطاء.‏ وأحيانا نخيِّب ونؤذي ايضا واحدنا الآخر.‏ ولكن ألم يعرف يسوع اننا نحتاج ان نغفر للآخرين،‏ ليس «الى سبع مرات بل الى سبعين مرة سبع مرات»!‏ (‏متى ١٨:‏٢٢‏)‏ صحيح اننا لا نستطيع ان نغفر كاملا كما يغفر يهوه.‏ ولكن في معظم الحالات عندما يخطئ الينا اخوتنا،‏ نستطيع ان نغفر بمعنى ان نتغلّب على الاستياء ونستطيع ان ننسى بمعنى ان لا نستعمل المسألة ضدهم لوقت غير محدَّد في المستقبل.‏ وهكذا عندما نغفر وننسى،‏ نساعد على الحفاظ ليس فقط على سلام الجماعة بل ايضا على سلام عقلنا وقلبنا.‏ وفوق كل شيء،‏ نتمتع بالسلام الذي يمكن ليهوه الهنا المحب فقط ان يزوِّده.‏

المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
الخروج
الدخول
  • العربية
  • مشاركة
  • التفضيلات
  • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
  • شروط الاستخدام
  • سياسة الخصوصية
  • إعدادات الخصوصية
  • JW.ORG
  • الدخول
مشاركة