مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • مَن يريد ان يكون مليونيرا؟‏
    استيقظ!‏ ١٩٩٢ | حزيران (‏يونيو)‏ ٨
    • مَن يريد ان يكون مليونيرا؟‏

      يبدو ان الجواب هو:‏ كل شخص تقريبا.‏ والطريقة الاسهل للصيرورة واحدا —‏ استنادا الى الرأي العام —‏ هي بالثراء الفوري في يانصيب او في رهان على كرة القدم.‏a

      واذ تعمل على ارضاء الميل السائد —‏ وتريد الدخل الاضافي الذي تنتجه ألعاب اليانصيب —‏ ترعى الحكومات من موسكو الى مدريد،‏ من مانيلا الى مدينة مكسيكو،‏ ألعابَ اليانصيب الدَّولي التي تقدِّم جوائز ضخمة تبلغ مئة مليون دولار اميركي.‏

      ان عددا قليلا من الاشخاص يصيرون من اصحاب الملايين.‏ فقد ملأ رجل انكليزي قسائم رهان على كرة القدم طوال ٢٥ سنة قبل ان ربح اخيرا جائزة كبرى قياسية.‏ فمقابل مراهنة من ٥٠ سنتا اميركيا،‏ ربح تقريبا ٥‏,١ مليون دولار اميركي.‏ والمذهل اكثر ايضا كان دفع الارباح الى امرأة من نيويورك،‏ صارت احدى اكبر الرابحين في العالم عندما ربحت ٥٥ مليون دولار اميركي في اليانصيب الدَّولي لفلوريدا.‏

      لكنَّ حالتيهما استثنائيتان.‏ والنموذجي اكثر هو الموظَّف الاسپاني المتوسط العمر الذي اشترى بطاقات يانصيب كل اسبوع طوال ٣٠ سنة.‏ وعلى الرغم من انه لم يربح قط ايّ شيء ضخم،‏ يبقى غير خائر العزيمة.‏ «اتوقَّع دائما ان اربح،‏» يقول.‏ وعلى نحو مماثل،‏ ثمة رجل في مونتريال،‏ انفق اجر اسبوع كامل على اليانصيب الكندي،‏ لخَّص وجهةَ نظر كثيرين عندما شرح:‏ «عمليات سحب مثل هذه هي الطريقة الوحيدة التي بها يمكن للشخص العادي ان يحلم بحياة افضل.‏» ولكنه لم يربح.‏

      على الرغم من الجاذبية العالمية لألعاب اليانصيب،‏ يتمتع شكل آخر من المقامرة بشعبية متزايدة:‏ اللعب بآ‌لات المقامرة الميكانيكية.‏ ومع ان هذه المشبَّهة بـ‍ قطّاع الطرق ذوي الذراع الواحدة لا تقدِّم ثروة بين عشيّة وضحاها،‏ فإنها تمنح اللاعب فرصة فورية لربح جائزة كبرى —‏ قد تكون ضخمة.‏ وهي لم تعد مقصورة على الكازينوات.‏ فالاغاني المقفَّاة الجذابة،‏ الاضواء الساطعة،‏ والقعقعة التي تحدث احيانا لقطع النقد المعدنية المتساقطة تُعلم بوجودها المنتشر في الكثير من المقاهي،‏ النوادي،‏ المطاعم،‏ والفنادق الاوروپية.‏

      فرانسِس هي ارملة مسنَّة تعيش في مدينة نيويورك.‏ ومرتين او ثلاث مرات كل اسبوع،‏ تركب الباص مدة ساعتين ونصف الساعة الى اتلانتيك سيتي،‏ نيو جيرزي.‏ ولدى الوصول تدخل احد كازينوات المدينة،‏ وهناك تلعب بآ‌لات المقامرة الميكانيكية ست ساعات او نحو ذلك قبل العودة الى البيت.‏ «لا ادري ماذا افعل دون اتلانتيك سيتي،‏» تعلِّق.‏ «هذا هو لهونا،‏ كما تعلمون،‏ هذا هو ما نقوم به.‏»‏

      وبالنسبة الى الآخرين،‏ المقامرة هي اكثر بكثير من مجرد تسليةٍ،‏ هربٍ من الروتين اليومي،‏ او محاولةٍ تبعث الامل للحصول على ثروة.‏ انها في حالتهم جزء مهم —‏ إنْ لم يكن ضروريا —‏ من الحياة.‏

      ‏«انا مقامر لأنني اتمتع بالمجازفة ذات العلاقة،‏» يشرح لوسيانو،‏ من قرطبة،‏ اسپانيا.‏ «انني لا ابرِّر نفسي،‏» يضيف،‏ «ولكنَّ الواقع هو انني كنت اشعر بالكآ‌بة،‏ ولهذا السبب بدأت ألعب بالبنڠو.‏ ثم بحثت عن ألعاب حظ اخرى.‏ انكم تشعرون بسرور عظيم عندما تملكون ملء الجيب اوراقا نقدية وتكونون مستعدين للعب.‏» وثمة مقامر مدمن آخر،‏ خسر وظيفته كمدير شركة،‏ سُئل عمّا اذا تأمَّل يوما في التخلي عن خصلته الذميمة.‏ «اتخلى عنها؟‏» اجاب.‏ «لا يمكنني ان افعل ذلك.‏ انها حياتي.‏»‏

      على الرغم من ان الدوافع قد تختلف،‏ فالمقامرون ليسوا بالتأكيد فريق اقلية.‏ فالى درجة اكبر او اقل،‏ ٣ من ٤ اميركيين راشدين يقامرون؛‏ والنسبة في اسپانيا،‏ بلد آخر حيث المقامرة منتشرة،‏ هي مماثلة.‏ والمقامرة هي تجارة كبيرة.‏ فعدد قليل فقط من الشركات الصناعية في العالم لديه مبيعات سنوية تتجاوز تلك التي تنتجها ألعاب اليانصيب في ٣٩ بلدا.‏

      من الواضح ان سحر المقامرة قوي.‏ ولكن هل هو افتتان غير مؤذ،‏ ام هل يخفي مخاطر مخبَّأة؟‏ يحذِّر مثل قديم:‏ «المستعجِل الى الغنى لا يُبرأ.‏» (‏امثال ٢٨:‏٢٠‏)‏ فهل هذا صحيح في حالة اولئك الذين يصيرون اغنياء بواسطة المقامرة؟‏

      ‏[الحاشية]‏

      a المقامرة على نتائج مباريات كرة القدم.‏

  • ثمن المقامرة الاليم
    استيقظ!‏ ١٩٩٢ | حزيران (‏يونيو)‏ ٨
    • ثمن المقامرة الاليم

      وُجد بوبي ميتا في سيارة واقفة في احد شوارع شمالي لندن.‏ لقد انتحر بعمر ٢٣ سنة فقط.‏

      كان الرجل المسنّ ينام في الشوارع لمدة من الوقت قبل ان يحضر الى مركز للرعاية الاجتماعية.‏ لقد كان ضعيفا جدا،‏ اذ لم يأكل لأربعة ايام،‏ ولم يأخذ دواءه الموصوف من اجل ضعف في القلب.‏

      إميليو،‏ اب لخمسة،‏ كان منسحق القلب.‏ فزوجته وأولاده كانوا قد هجروه.‏ والآن رفضوا حتى التكلم اليه.‏

      منتحر،‏ متشرِّد،‏ وأب منبوذ:‏ ثلاث حالات محزنة،‏ غير مرتبطة ظاهريا ولكنها ليست غير عادية في المجتمع الحاضر.‏ ولكنَّ كل مأساة كان لها عامل مشترك —‏ ادمان المقامرة.‏

      يرفض كثيرون من المقامرين القسريين الاعتراف بأن لديهم مشكلة،‏ وغالبا ما يستر اعضاء العائلة المشكلة لتجنُّب الوصمة الاجتماعية.‏ ولكن كل يوم تواجه ملايين الأُسر في كل العالم الكرب واليأس بسبب هذا الادمان الهدَّام.‏

      لا احد يعرف كم يوجد من المقامرين القسريين.‏ وبالنسبة الى الولايات المتحدة،‏ يُعتبر العدد عشرة ملايين تقديرا معتدلا.‏ فالارقام مرعبة وهي تتصاعد في كل مكان فيما تتضاعف فُرص المقامرة في بلد بعد بلد.‏ ووُصفت المقامرة القسرية بأنها «الادمان الاسرع ازديادا.‏»‏

      وكثيرون من المدمنين الجدد بدأوا بصفتهم مقامرين متقطِّعين أرادوا فقط ان «يجرِّبوا حظهم.‏» ثم جُرفوا الى كابوس ادمان المقامرة.‏

      عندما تخرج المقامرة عن السيطرة

      وماذا يحوِّل المقامرين المتقطِّعين الى مقامرين قسريين؟‏ تختلف الاسباب،‏ ولكن بطريقة او بأخرى،‏ يصل المقامرون الى مرحلة في حياتهم يشعرون فيها بأنهم لا يستطيعون العيش بدون مقامرة.‏ (‏انظروا الاطار في الصفحة ٧.‏)‏ ويكتشف البعض في المقامرة اثارةً مفقودة في حياتهم.‏ شرحت احدى المقامرات:‏ «لا يهمني حقا إن ربحت او خسرت.‏ فعندما اراهن،‏ وخصوصا اذا راهنت اكثر من اولئك الذين حولي،‏ اشعر بأنني اهم شخص في العالم.‏ والناس يحترمونني.‏ وأشعر بالكثير من الاثارة!‏»‏

      يتحوَّل آخرون الى المقامرة بسبب الوحدة او الكآ‌بة.‏ إستر،‏ أم لأربعة،‏ تزوَّجت عسكريا يكون في احيان كثيرة بعيدا عن البيت.‏ فشعرت بالوحدة وبدأت تلعب بآ‌لات المقامرة الميكانيكية في مراكز التسلية.‏ وقبل مضي وقت طويل،‏ كانت تلعب عدة ساعات كل يوم.‏ وسريعا فُقد مال التسوُّق،‏ وتضاعفت المشاكل.‏ فحاولت اخفاء ما تخسره على زوجها فيما كانت تحاول بقلق ان تستلف المال من المصارف او الاشخاص الآخرين لمواصلة ادمانها البالغ ٢٠٠ دولار اميركي يوميا.‏

      وهنالك ايضا اولئك الذين اثار ربح كبير هاجسَهم.‏ روبرت كاستر،‏ خبير بالمقامرة القسرية،‏ يشرح:‏ «ان اولئك الذين يربحون باكرا وعلى نحو ثابت في مسلك مقامرتهم هم عموما الذين يصيرون المقامرين القسريين.‏» وبعد ذلك،‏ فإن الرغبة في مواصلة الربح تصير غالبة.‏

      الفخ الماكر للايمان بالحظ

      تسيطر على كثيرين من المقامرين مشاعر حدسية عوضا عن المنطق.‏ فحساب بسيط للاحتمالات يجب ان يردع الراغب في ان يكون مقامرا اذا وجَّهه العقل وحده.‏ وللايضاح،‏ في الولايات المتحدة،‏ ان احتمالات ان يُقتل المرء بواسطة صاعقة هي نحو ١ في الـ‍ ٠٠٠‏,٧٠٠‏,١.‏ وربح يانصيب دَولي هو مستبعَد اكثر بمرتين على الاقل.‏

      مَن يتوقَّع ان تصيبه صاعقة؟‏ فقط المتشائم العنيد.‏ ومع ذلك،‏ فإن كل مَن يشتري بطاقة يانصيب تقريبا يحلم بأن يربح رقمه.‏ صحيح ان الربح في اليانصيب هو توقُّع جذاب اكثر،‏ ولكنَّ السبب الذي من اجله يرجو كثيرون ما يكاد يكون مستحيلا هو الايمان بالحظ.‏ واختيارهم لما يُفضَّل من «الارقام الجالبة للحظ» يقنعهم بأنهم قد يربحون على الرغم من ان الاحتمالات ضئيلة.‏ —‏ انظروا الاطار في الصفحة ٨.‏

      كلوديو ألسينا،‏ عالِم رياضي اسپاني،‏ اشار الى انه اذا كانت الكازينوات وألعاب اليانصيب ستستعمل الاحرف بدلا من الارقام في ألعاب الحظ،‏ فإن امكانيات الربح ستبقى هي نفسها تماما،‏ ولكنَّ السحر —‏ وعلى الارجح نسبة ليست بقليلة من الايرادات —‏ سيختفي.‏ والافتتان الذي تمارسه بعض الارقام هو في غاية الغرابة.‏ فالارقام ٩،‏ ٧،‏ ٦ و .‏ هي المفضَّلة لدى البعض،‏ فيما يختار آخرون ‹رقمهم الجالب للحظ› من امور مثل يوم الميلاد او قراءة خرائط الابراج.‏ وهنالك اولئك الذين توجِّههم حادثة غريبة.‏

      فذات يوم كانت لرجل مفاجأة غير سارة فيما اقترب من كازينو مونتي كارلو.‏ فقد وسَّخت قبعته حمامة طائرة فوق رأسه.‏ وفي ذلك اليوم نفسه ربح ٠٠٠‏,١٥ دولار اميركي.‏ واذ كان مقتنعا بأن ذرق الحمامة كان فألا ميمونا،‏ لم يعد يدخل الكازينو من دون ان يطوف اولا حول المكان خارجا بأمل نيل «علامة من السماء» اخرى.‏ ولذلك يخدع الايمان بالحظ مقامرين كثيرين ليعتقدوا ان فترة الربح لن تنتهي ابدا.‏ ولكن غالبا ما ترافق ذلك السيطرةُ القاسية لهاجس يتحكَّم فيهم وقد يستحوذ اخيرا على تفكيرهم.‏

      حبًّا للمال

      يقامر الناس ليربحوا المال،‏ كمية كبيرة من المال إن كان ممكنا.‏ ولكن في حالة المقامر القسري،‏ يكتسب المال الذي يربحه سحرا خصوصيا.‏ ففي عينيه،‏ كما يشرح روبرت كاستر،‏ «المال هو الاهمية.‏ .‏ .‏ .‏ المال هو الصداقة.‏ .‏ .‏ .‏ المال هو الدواء.‏» ولماذا يعني له المال الشيء الكثير؟‏

      في اوساط المقامرة،‏ يُعجَب الناس بالرابح الكبير او المبذِّر الكبير.‏ ويريدون ان يكونوا حوله.‏ ولذلك فإن المال الذي يربحه المقامر يخبره انه شخص مهم،‏ انه ذكي.‏ والمال يجعله ايضا ينسى مشاكله،‏ يساعده على الاسترخاء،‏ ويجعله مبتهجا اكثر.‏ وبكلمات الباحث جاي ليڤنڠستون،‏ فإن المقامرين القسريين «يعتمدون على المقامرة لتحقيق كل حاجاتهم العاطفية.‏» وذلك خطأ مأساوي.‏

      عندما ينتهي الوهم ويخسر مرة بعد مرة،‏ يصير المال مهمّا اكثر ايضا.‏ فهو الآن يريد بيأس ان يسترد ما خسره.‏ وكيف يمكنه ان يجمع بجهد ما يكفي من المال ليدفع الى دائنيه،‏ ليستعيد فترة الربح تلك؟‏ وقبل مضي وقت طويل تنحطّ حياته لتصير بحثا متواصلا عن النقود.‏

      ان مأزقا رهيبا كهذا هو واقع للحياة بالنسبة الى ملايين المقامرين.‏ وهم يأتون من كلا الجنسين،‏ من كل فئات الاعمار،‏ ومن كل مسالك الحياة.‏ وكل شخص هو معرَّض لذلك،‏ كما يمكن ان يُرى من الموجة الاخيرة لادمان المقامرة بين المراهقين وربَّات البيوت.‏

      مراهقون وربَّات بيوت مدمنون

      الاحداث هم ضحية سهلة لآلات المقامرة الميكانيكية الفاتنة او لألعاب الحظ الاخرى التي تمنحهم توقُّع الربح السريع للمال.‏ وقد كشف استطلاع في مدينة انكليزية ان ٤ من ٥ من الذين تبلغ اعمارهم ١٤ سنة يلعبون بآ‌لات المقامرة الميكانيكية قانونيا وأن معظمهم بدأوا بعمر ٩ سنوات.‏ والبعض كانوا يتغيَّبون عن المدرسة بغير اذن لكي يقامروا.‏ وكشف استطلاع لتلاميذ مدرسة ثانوية في الولايات المتحدة ان ٦ في المئة «اظهروا علامات مقامرة مَرَضية محتملة.‏»‏

      مانْوِل مِلڠارِخو،‏ رئيس فريق للمساعدة الذاتية مؤلف من مقامرين سابقين في مدريد،‏ اسپانيا،‏ شرح لـ‍ استيقظ!‏ ان الحدث السريع التأثر يمكن ان يعلق بربح مجرد جائزة كبرى ضخمة واحدة في آلة المقامرة الميكانيكية.‏ وبين عشية وضحاها،‏ تصير المقامرة سلوى وولعا.‏ وقبل مضي وقت طويل،‏ قد يبيع المدمن الحدث امتعة العائلة الموروثة او يسرق من العائلة،‏ متحولا ايضا الى السرقة الصغرى او العهارة لتمويل ادمانه.‏

      ويلاحظ الخبراء ايضا تزايدا بارزا في عدد ربَّات البيوت اللواتي هن مقامرات قسريات.‏ ففي الولايات المتحدة،‏ مثلا،‏ تمثِّل النساء الآن نحو ٣٠ في المئة من العدد الاجمالي للمقامرين القسريين،‏ ولكن يقدَّر انه بحلول السنة ٢٠٠٠،‏ تكون هذه قد ارتفعت الى ٥٠ في المئة.‏

      ماريا،‏ أم لفتاتين من الطبقة العاملة،‏ هي نموذجية لكثير من ربَّات البيوت اللواتي صرن مقامرات قسريات.‏ فخلال السنوات السبع الاخيرة،‏ انفقت ٠٠٠‏,٣٥ دولار اميركي —‏ مال الاسرة بصورة رئيسية —‏ على البنڠو وعلى آلات المقامرة الميكانيكية.‏ «لقد ذهب المال الى الابد،‏» تتنهَّد.‏ «انني اتوق الى اليوم الذي فيه اتمكَّن من دخول مقهى بـ‍ ٥٠ دولارا اميركيا في محفظتي وتكون لديّ القدرة على انفاقه على ولديّ [بدلا من وضعه في آلة المقامرة الميكانيكية].‏»‏

      الاحلام التي تصير كوابيس

      الاحلام هي القِوام الذي تُبنى عليه المقامرة.‏ وبالنسبة الى بعض المقامرين،‏ تكون احلام الغنى عابرة،‏ ولكن بالنسبة الى المقامرين القسريين،‏ تصير هاجس المرء،‏ هاجسا يسعى وراءه بلا هوادة،‏ الى درجة الافلاس،‏ السجن،‏ وحتى الموت.‏

      ان المقامرة تعد بسدّ حاجات مشروعة —‏ سلوى ممتعة،‏ قليل من الاثارة،‏ بعض المال الاضافي،‏ او هرب من الهموم اليومية —‏ ولكن قد يتبيَّن ان الثمن المخبَّأ باهظ،‏ كما اكتشف المقامرون القسريون لحزنهم.‏ فهل يمكن اشباع هذه الحاجات في مكان آخر؟‏

      ‏[الاطار في الصفحة ٧]‏

      وصف لمقامر قسري

      يواظب المقامر على المقامرة بصرف النظر عن الكمية التي يخسرها.‏ واذا ربح،‏ فإنه يستعمل المال لمتابعة المقامرة.‏ وفيما قد يدَّعي انه يمكنه التوقُّف متى يشاء،‏ فإن المقامر القسري الذي يملك مالا في جيبه لن يتحمَّل سوى ايام قليلة دون ان يراهن على شيء.‏ فلديه حافز مَرَضي الى المقامرة.‏

      انه يجلب على نفسه الديون باستمرار.‏ وعندما يكون غير قادر ان يدفع الى دائنيه،‏ يستلف بقلق المزيد من المال لتغطية الديون الاكثر إلحاحا وللمواظبة على المقامرة.‏ وعاجلا او آجلا يصير غير مستقيم.‏ فقد يخسر ايضا بالمقامرة مال مستخدِمه.‏ وعادة،‏ ينتهي به الامر الى طرده من عمله.‏

      وكل شيء،‏ حتى زوجته وأولاده،‏ يصير اقل شأنا من مقامرته.‏ ودافعه القسري يقود بصورة محتومة الى الخصام الزوجي وقد يؤدي اخيرا الى الانفصال او الطلاق.‏

      ومشاعر الذنب القوية تجعله منطويا على نفسه اكثر فأكثر.‏ فهو يجد من الصعب ان يكون على صلة ودية بالناس الآخرين.‏ وأخيرا يعاني كآ‌بة شديدة وربما يحاول ايضا الانتحار؛‏ فهو لا يستطيع ان يرى طريقة اخرى للخروج من ورطته.‏

      ‏[الاطار في الصفحة ٨]‏

      الرجل الذي جعل بنك المقامرة يُفلس في موتتي كارلو

      تشارلز ولْز،‏ رجل انكليزي،‏ زار كازينو مونتي كارلو في تموز ١٨٩١.‏ وفي مجرد ايام قليلة،‏ حوَّل بالمقامرة عشرة آلاف فرنك الى مليون،‏ وعلى نحو مدهش كرَّر العمل البارع بعد اربعة اشهر.‏ حاول مقامرون آخرون كثيرون ان يكتشفوا «الطريقة» التي له ولكن دون جدوى.‏ وكان ولْز يصرّ دائما انه ليست لديه طريقة ابدا.‏ وفي الواقع،‏ خسر في السنة التالية كل ماله،‏ ومات معدِما.‏ وعلى نحو ساخر،‏ صار الحادث البارز ضربة دعائية موفَّقة للكازينو.‏ فقد اكتسب شهرة اممية لم يخسرها قط.‏

      مغالطة مونتي كارلو

      يعتقد مقامرون كثيرون ان آلات المقامرة الميكانيكية او عجلات الروليت لديها ذاكرة.‏ ولذلك قد يفترض اللاعب بالروليت انه اذا كان تسلسل معيَّن من الارقام قد ربح حتى الآن،‏ فالاحتمالات هي ان تستمر العجلة في اختيار الارقام التي تطابق هذا التسلسل.‏ وعلى نحو مماثل،‏ يسلِّم بعض الذين يلعبون بآ‌لات المقامرة الميكانيكية انه اذا لم تُربَح الجائزة الكبرى لبعض الوقت في آلة معيَّنة،‏ فلا بدّ ان تُربَح سريعا.‏ ان مثل هذه الافتراضات الخاطئة تُدعى مغالطة مونتي كارلو.‏

      ان عجلة الروليت والآلية التي تحدِّد الجائزة الكبرى لآلة المقامرة الميكانيكية كلتيهما تعملان كليا بالمصادفة.‏ ولذلك فما يكون قد حدث باكرا لا علاقة له بالامر.‏ ففي ألعاب الحظ هذه،‏ كما تشير دائرة المعارف البريطانية الجديدة،‏ «لكل دور الأرجحية نفسها مثل كلٍّ من الادوار الاخرى في انتاج نتيجة معيَّنة.‏» ولذلك فاحتمالات الربح تكون هي نفسها تماما كل مرة.‏ ولكنَّ مغالطة مونتي كارلو قد افقرت مقامرين كثيرين في حين تملأ خزائن الكازينوات.‏

  • شيء افضل من شيء دون مقابل
    استيقظ!‏ ١٩٩٢ | حزيران (‏يونيو)‏ ٨
    • شيء افضل من شيء دون مقابل

      كل المقامرين تقريبا ينتهي بهم الامر الى ان يكونوا افقر مما كانوا قبلما ابتدأوا بالمقامرة.‏ وغالبا ما يجد حتى القليلون الذين يربحون كميات ضخمة ان ارباحهم ليست سبيلا الى السعادة.‏

      لقد ربح اعزب يبلغ من العمر ٣٦ سنة في اليابان ٠٠٠‏,٤٥ دولار اميركي في يانصيب.‏ فاعتزم شراء بيت بأرباحه،‏ ولكنه كان عرضة للكثير من الحسد والاغتياب بحيث قرَّر ان الامر لا يستحق العناء.‏ ولدهشة رفقائه في العمل،‏ احرق بطاقته الرابحة امام اعينهم.‏

      واعتقلت الشرطة في فلوريدا امرأة خطَّطت،‏ على الرغم من انها ربحت ٥ ملايين دولار اميركي في يانصيب،‏ لقتل كنَّتها.‏ وقال ابنها انها كانت شديدة الاهتياج بسبب الاستثمارات السيِّئة والانفاق المفرط الذي بدَّد ثروتها.‏

      خاسر صار رابحا

      كان دومِنڠو مقامرا قسريا وأبا لخمسة.‏ يشرح:‏ «اذا ربحت،‏ يصير الامر اسوأ.‏ فكنت اعتقد انني عبقري،‏ ولم يكن باستطاعتي الانتظار لاعود الى طاولات المقامرة لأُثبت ان ذلك لم يكن مصادفة.‏

      ‏«عندما استحوذ عليَّ هذا الهاجس،‏ كان ذلك كما لو انني مخدَّر.‏ كنت مستعدا ان اهجر زوجتي وأولادي فقط لاواظب على المقامرة.‏ وعلى الرغم من انني كنت احلف مرارا لزوجتي اني لن اقامر ثانية،‏ كنت اعلم في قلبي ان هذه الوعود باطلة.‏ وأتذكَّر مرة انني كنت اؤكد لزوجتي اني تركت المقامرة نهائيا،‏ في حين كنت اخطِّط في تلك اللحظة نفسها لكيفية الحصول على المال لأراهن.‏

      ‏«خسرت كل مالي،‏ مال زوجتي،‏ وعملي،‏ وغصت عميقا في الدَّين.‏ لم يكن يمرّ يوم بدون مراهنة من نوع ما،‏ الى ان حدث شيء اجبرني على تقييم نفسي.‏ بدأت بدرس الكتاب المقدس مع شهود يهوه.‏ وما تعلَّمته ترك اثرا في نفسي،‏ ولكنني لم اتوقَّف عن المقامرة في الحال.‏ وأنا شاكر ان الشاهد الذي درس معي كان صبورا جدا.‏

      ‏«لكنَّ رسالة الكتاب المقدس بدأت بسرعة تؤثِّر فيَّ.‏ فساعدتني على هجر عالم احلامي ورؤية نفسي كما يراني اللّٰه.‏ لقد كان ذلك صدمة.‏ وشعرت باستحاء شديد،‏ كأولئك الذين كتب اليهم الرسول بولس في القرن الاول:‏ ‹فأيّ ثمر كان لكم حينئذ من الامور التي تستحون بها الآن.‏ لأن نهاية تلك الامور هي الموت.‏› —‏ رومية ٦:‏٢١‏.‏

      ‏«وقد دفعتني معرفة اللّٰه،‏ اسمه،‏ شخصيته،‏ وخصوصا رحمته الى الرغبة في تغيير طرقي،‏ الى التفكير في الآخرين بدلا من نفسي.‏ وأخيرا تخلَّصت من عادة المقامرة كاملا،‏ واعتمدنا زوجتي وأنا.‏

      ‏«قال يسوع ان الحق يحرِّرنا.‏ (‏يوحنا ٨:‏٣٢‏)‏ وكان ذلك صحيحا حتما في حالتي.‏ فحق كلمة اللّٰه هو الذي منحني شيئا جديرا بالاهتمام لأحيا من اجله،‏ اعاد اليَّ احترامي للذات،‏ وجلب لي اكتفاء عظيما.‏ وكنت قادرا ايضا ان اساعد احد رفقائي السابقين في المقامرة على تجديد حياته كما فعلت انا.‏ وعندما اعتمد هو وزوجته،‏ منحني ذلك اثارة اعظم مما منحني ايّ ربح في المقامرة على الاطلاق.‏

      ‏«في السنوات الـ‍ ٢٠ الاخيرة،‏ لم اراهن بأي شيء،‏ حتى ولا بكمية صغيرة.‏ لا استطيع ان اقول ان ذلك كان سهلا،‏ ولكنه لم يكن ايضا صعبا الى حد بعيد.‏ وما منحني اياه اللّٰه فعل اكثر من سدّ تلك الحاجات التي سعيت الى اشباعها بالمقامرة.‏»‏a

      ان وجهة نظر الاسفار المقدسة هي ذات اهمية رئيسية بالنسبة الى اولئك الذين يرغبون في فعل مشيئة اللّٰه.‏ واولئك الذين يتبعون مشورة اللّٰه لا يتجنَّبون الاسى الذي يمكن ان تجلبه المقامرة فحسب بل يجدون ان ذلك يقدِّم لهم شيئا يفوق الى حد بعيد ايّ ربح في المقامرة.‏

      ثروة ذات قيمة اعظم بكثير

      اذ كتب الى تيموثاوس في القرن الاول،‏ قال بولس:‏ «وصِّ‍[هم] بألَّا .‏ .‏ .‏ يجعلوا رجاءهم في الغنى الزائل،‏ بل في اللّٰه الذي يجود علينا بكل شيء لنتمتع به،‏ وأن يصنعوا الخير .‏ .‏ .‏،‏ ويُعطوا بسخاء ويُشركوا غيرهم في خيراتهم ليكنزوا لأنفسهم للمستقبل ذخرا ثابتا لينالوا الحياة الحقيقية.‏» —‏ ١ تيموثاوس ٦:‏١٧-‏١٩‏،‏ الترجمة اليسوعية الجديدة.‏

      وأحد الكنوز لنيله هو صيت حسن لدى اللّٰه.‏ وهذا يقود الى «الحياة الحقيقية» —‏ الحياة الابدية،‏ اعظم جائزة قُدِّمت على الاطلاق.‏ قال يسوع في الصلاة الى اللّٰه:‏ «وهذه هي الحياة الابدية ان يعرفوك انت الاله الحقيقي وحدك ويسوع المسيح الذي ارسلته.‏» —‏ يوحنا ١٧:‏٣‏.‏

      وبخلاف الجوائز المالية الزائلة،‏ فإن الجائزة التي يقدِّمها اللّٰه يمكن ان يربحها ايّ شخص وكل شخص يفعل مشيئة اللّٰه.‏ واضافة الى ذلك،‏ فإن فعل مشيئة اللّٰه يزوِّد كل الاثارة التي يمكن ان يتمنَّاها ايّ شخص،‏ ويمنح المرء احترام الذات وحياة ذات معنى.‏ وفي هذه الاثناء،‏ نظرا الى ثمن المقامرة الاليم،‏ تذكَّروا نصيحة مثل انكليزي قديم:‏ «ان افضل رمية لزهر النَّرد هي رميه بعيدا.‏»‏

      ‏[الحاشية]‏

      a لقد ساعد شهود يهوه مقامرين قسريين كثيرين في التغلب على ادمانهم.‏ وآخرون اعانتهم فرق للمساعدة الذاتية مثل «المقامرون المجهولون.‏»‏

      ‏[الصورة في الصفحة ١٠]‏

      الحياة الابدية على ارض فردوسية هي جائزة اعظم بكثير من اية جائزة تُحرَز بالمقامرة

  • هل يقامر المسيحيون؟‏
    استيقظ!‏ ١٩٩٢ | حزيران (‏يونيو)‏ ٨
    • هل يقامر المسيحيون؟‏

      هل يقامر المسيحي ليحاول الحصول على شيء دون مقابل؟‏ لا،‏ لأن كلمة اللّٰه تشجِّعه على العمل لاعالة نفسه وعائلته:‏ «إن كان احد لا يريد ان يشتغل فلا يأكل ايضا.‏ .‏ .‏ .‏ أن يشتغلوا بهدوء ويأكلوا خبز انفسهم.‏» —‏ ٢ تسالونيكي ٣:‏١٠،‏١٢‏.‏

      وقد دعا عالِم اجتماع اليانصيبَ ‹وسيلة يجعل بواسطتها كثيرون من الناس الفقراء اناسا قليلين اغنياء،‏› وهذا صحيح في المقامرة عموما.‏ فهل يريد المسيحي ان يغتني على حساب اولئك الذين يستطيعون بصعوبة تحمُّل ذلك؟‏ يجب على المسيحيين ان ‹يحبوا قريبهم كأنفسهم.‏› (‏مرقس ١٢:‏٣١‏)‏ ولكنَّ المقامرة تخلق الانانية بدلا من المحبة،‏ اللامبالاة بدلا من الشفقة.‏

      والباعث على المقامرة غالبا ما يكون الشهوة —‏ الطمع —‏ روح متنافية مع المسيحية.‏ ففي رومية ٧:‏٧‏،‏ قال بولس:‏ «لا تشتهِ.‏» والكلمة «يشتهي» تعني «ان يتوق الى،‏ ان يرغب رغبة قوية في.‏» ألا يصف ذلك رغبة المقامر الجامحة في ربح مال قريبه؟‏ ورغبة كهذه تتعارض مع مَثل المسيحي الاعلى للمشاركة والعطاء.‏

      يقول الكتاب المقدس:‏ «محبة المال اصل لكل الشرور الذي اذ ابتغاه قوم .‏ .‏ .‏ طعنوا انفسهم بأوجاع كثيرة.‏» (‏١ تيموثاوس ٦:‏١٠‏)‏ ويصف ذلك مأزق المقامر القسري،‏ المستعبَد لعادة تطعنه على نحو مؤلم مرة بعد مرة.‏

      وقال يسوع ان الناس يمكن ان يُعرَفوا من «ثمارهم.‏» (‏متى ٧:‏٢٠‏)‏ وفضلا عن الشقاء الذي يعانيه المقامرون القسريون وعائلاتهم،‏ لطالما اقترنت المقامرة بعدم الاستقامة والجريمة.‏ تلاحظ دائرة المعارف البريطانية الجديدة:‏ «الكثير من وصمة العار المتعلقة بالمقامرة نتج من عدم استقامة مروِّجيها.‏» والجريمة المنظَّمة ترتبط بنشاطات المقامرة الشرعية وغير الشرعية على السواء.‏ فهل يريد المسيحي ان يدعم هذه الصناعة،‏ ولو بطريقة غير مباشرة؟‏

      وكما شُرح في المقالة الثانية من هذه السلسلة،‏ تشمل المقامرة في احيان كثيرة بحثا متَّسما بالايمان بالحظ عن ارقام تجلب الحظ،‏ ايام تجلب الحظ،‏ او فترات تجلب الحظ.‏ ولقرون يتودَّد الى السيدة حظ مقامرون شديدو الرغبة في كسب رضاها.‏ وقد دعاها الرومان فورتونا (‏البخت)‏،‏ وكان لمدينة روما اخيرا ٢٦ معبدا مشيَّدا اكراما لها.‏

      وقد اشار النبي اشعياء الى معبود مماثل،‏ يُدعى جَذ،‏ عبَده الاسرائيليون المرتدّون.‏ كتب:‏ «انتم الذين تركوا الرب .‏ .‏ .‏ ورتَّبوا (‏لاله الحظ السعيد)‏ [بالعبرانية،‏ جَذ‏] مائدة.‏» (‏اشعياء ٦٥:‏١١‏)‏ ففي اليوم الاخير من السنة،‏ كانت العادة ان تُعَدَّ لاله الحظ السعيد مائدة ملآنة بأنواع شتى من الطعام.‏ وبهذه الطريقة رجا القدماء ان يضمنوا الحظ السعيد خلال السنة القادمة.‏

      لم يرضَ اللّٰه عن اولئك الذين اتَّكلوا بسذاجة على جَذ،‏ او السيدة حظ،‏ لحلّ مشاكلهم.‏ فقد جرت معادلة الاعتماد على الحظ بترك الاله الحقيقي،‏ يهوه.‏ وبدلا من السجود للميل المتقلِّب للبخت،‏ يجب ان يتَّكل المسيحيون على الاله الحقيقي،‏ يهوه،‏ الذي يعدنا بغنى ذي قيمة اعظم بكثير،‏ والذي لن يخذلنا ابدا.‏

المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
الخروج
الدخول
  • العربية
  • مشاركة
  • التفضيلات
  • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
  • شروط الاستخدام
  • سياسة الخصوصية
  • إعدادات الخصوصية
  • JW.ORG
  • الدخول
مشاركة