مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • الصفحة ٢
    استيقظ!‏ ١٩٩٠ | ايلول (‏سبتمبر)‏ ٢٢
    • ازمة النفايات كما يراها قادة العالم،‏ علماء البيئة،‏ والمواطنون المهتمون هي مشكلة متزايدة لا بد من اخذها بعين الاعتبار.‏ وقد دُعيت «ازمة التسعينات.‏» والمجلات تخصص اعمدة لتحذر من هذا المأزق العالمي.‏ «طَمْرنا احياء،‏» كان عنوان صفحة الغلاف لمجلة نيوزويك.‏ «فيض النفايات:‏ ازمة بيئية تبلغ عتبة بابنا،‏» اعلنت المجلة.‏ «اطنان وأطنان من القُمام ولا يوجد مكان لوضعها،‏» كان عنوان مقالة اخبار الولايات المتحدة وأنباء العالم عن النفايات.‏ «نفايات،‏ نفايات،‏ في كل مكان.‏ وأماكن ردم النفايات تفيض،‏ لكنّ البدائل قليلة،‏» اعلنت مجلة تايم بحرف مطبعي ثخين.‏ «نفايات الغرب —‏ حمل يتزايد على العالم الثالث،‏» كان عنوان انترناشونال هيرالد تريبيون الپاريسية.‏

  • فيض النفايات —‏ هل سيطمرنا؟‏
    استيقظ!‏ ١٩٩٠ | ايلول (‏سبتمبر)‏ ٢٢
    • فيض النفايات —‏ هل سيطمرنا؟‏

      انه حقا تناقض ظاهري غريب.‏ ففي هذا الجيل،‏ سافر الانسان الى القمر وعاد.‏ وآخر الاقمار الاصطناعية الحديثة التطور المجهزة بكاميرات دقيقة الاستبانة جرى نقلها بالصواريخ آلاف الملايين من الاميال في الفضاء،‏ باعثة صورا عن قرب لكواكب بعيدة.‏ لقد نزل الانسان الى اعماق المحيطات وعيَّن مواضع السفن الغارقة للعصور الماضية وأعاد الى السطح مقتنياتها النفيسة لحقبة نُسيت منذ زمن طويل.‏ واستخدم العلماء الذرة المحيِّرة،‏ إما ليفيد الانسان او ليمحو مدنا كاملة بسكانها عن وجه الارض.‏ وفي قليل من شرائح الكمپيوتر السليكونية الصغيرة جدا ليس اكبر من ظفر الانسان،‏ يمكن تسجيل نص الكتاب المقدس كلّه من اجل الاعادة الفورية.‏ ولكن،‏ في الوقت نفسه،‏ لا يستطيع الناس بكنز البراعة والذكاء هذا ان يُخرجوا نفاية منازلهم الخاصة ويتخلصوا منها على نحو لائق،‏ محررين بذلك جيلهم من خوف طمرهم فيها احياء.‏

      اولا،‏ تأملوا في ورطة الولايات المتحدة.‏ يُقال ان الاميركيين يطرحون اكثر من ٠٠٠‏,٤٠٠ طن من النفايات كل يوم.‏ ودون ان يشمل ذلك الحمأ وفضلات البناء،‏ يجري إلقاء ١٦٠ مليون طن كل سنة —‏ «ما يكفي لبسط ٣٠ طبقة على ٠٠٠‏,١ ملعب لكرة القدم،‏ ما يكفي لملء قافلة متلاصقة من شاحنات النفايات على طول نصف الطريق الى القمر،‏» اخبرت مجلة نيوزويك‏.‏ ان اكثر من ٩٠ في المئة من هذه النفايات يُنقل بالشاحنات الى اماكن ردم النفايات حتى ان كوم القمامة يمكن ان ترتفع مئات الاقدام فوق مستوى الارض.‏

      مثلا،‏ لدى مدينة نيويورك مدخل الى اكبر مُلقى نفايات مدينة في العالم —‏ ٠٠٠‏,٢ أكر (‏٨٠٠ هكتار)‏ في جزيرة ستاتن النيويوركية.‏ فكل يوم يجري جمع ٠٠٠‏,٢٤ طن من النفايات وجلبها على نحو مستمر بواسطة عدد كبير من النقَّالات المائية الى مكان ردم النفايات الضخم هذا.‏ ويقدَّر ان ركام النفايات هذا،‏ بحلول السنة ٢٠٠٠،‏ سوف «يبلغ ارتفاعه ارتفاع تمثال الحرية ونصفا ويملأ من الاقدام المكعبة اكثر من اكبر هرم ضخم في مصر.‏» ويُتوقع انه عندما يُغلق مكان ردم النفايات،‏ في غضون عقد،‏ سيكون قد بلغ ارتفاعَ ٥٠٠ قدم (‏١٥٠ م)‏.‏ وعندما تولَّى دايڤيد دنكنز،‏ رئيس بلدية مدينة نيويورك المنتخب حديثا،‏ المنصب،‏ رحَّب به مندوب الصحة العامة بهذه الرسالة:‏ «مرحبا.‏ اهلا بك في بناء البلدية.‏ وللمناسبة،‏ ليس لديك مكان لوضع القمامة.‏»‏

      ‏«كل مدينة رئيسية في الولايات المتحدة لديها مشكلة ردم النفايات،‏» قال احد الخبراء.‏ «ان اماكن إلقاء نفايات اميركا تمتلئ،‏ ولا يجري بناء اماكن اخرى جديدة،‏» صرَّحت اخبار الولايات المتحدة وأنباء العالم.‏ «بحلول السنة ١٩٩٥،‏ سيُغلق نصف اماكن إلقاء النفايات الموجودة.‏ والكثير لا يلائم المقاييس البيئية العصرية،‏» تابع التقرير.‏

      ويقدَّر ان المواطن العادي في كاليفورنيا يرمي نحو ٥٠٠‏,٢ پاوند (‏١٠٠‏,١ كلغ)‏ من النفايات والقُمام في السنة.‏ «في مقاطعة لوس انجيلوس نُنتج ما يكفي من القُمام لملء مدرَّج دودجر بالنفايات كل تسعة ايام او نحو ذلك،‏» قال احد خبراء البيئة.‏ ويُتوقع ان تمتلئ اماكن إلقاء النفايات في لوس انجيلوس بحلول السنة ١٩٩٥.‏ وماذا بعد ذلك؟‏ اسألوا مواطنيها.‏ ولكنّ يوم الحساب قد يأتي ابكر مما يُتوقع،‏ كما يشير احد علماء البيئة في كاليفورنيا:‏ «لدينا في الواقع شاحنات للنفايات تطوف في المدينة كل يوم بدون مكان لالقاء النفايات.‏»‏

      وتواجه شيكاڠو اغلاق اماكنها الـ‍ ٣٣ لالقاء النفايات بنهاية النصف الاول من هذا العقد.‏ والمدن الرئيسية الاخرى التي تواجه كارثة النفايات تنقل حثالتها بالشاحنات عبر حدود الولايات الى اماكن اخرى لردم النفايات.‏ فأثار ذلك غضبا في الولايات التي تتلقى النفايات غير المرغوب فيها لشعب آخر.‏ وحوالي ٠٠٠‏,٢٨ طن من النفايات تُنقل في طرق اميركا العامة كل يوم فيما يبحث الشخص عن مكان لالقائها.‏ ويجري الإخبار ان نيويورك،‏ نيو جيرزي،‏ وبنسيلڤانيا تصدِّر ثمانية ملايين طن من النفايات في السنة.‏ عملية تخلُّص مكلِّفة حقا.‏ «والاسوأ ايضا،‏» تكتب مجلة نيوزويك،‏ «هو ان بعض سائقي الشاحنات الذين ينقلون اللحم والانتاج الى الشرق في عربات مبرَّدة يعيدون الى الغرب نفايات تغزوها الدُوَيْدات في الشاحنات نفسها.‏» ويفكر الكونڠرس في حظر هذه الممارسة بسبب الاخطار الصحية الواضحة.‏

      ان ازمة النفايات ليست مشكلة للولايات المتحدة وحدها.‏ ففيض النفايات يهدِّد دولا اخرى ايضا.‏ فاليابان،‏ مثلا،‏ تحاول معالجة مشكلتها.‏ ويقدَّر انه بحلول السنة ٢٠٠٥ سيكون لدى طوكيو وثلاث مدن مجاورة ازدياد من ٤٣‏,٣ ملايين طن من النفايات.‏ وهي ايضا تواجه تصديرها.‏ «النفايات هي من صادرات اليابان التي ليس لها سوق،‏» قال احد الكتّاب.‏

      وفي حين ان بعض الدول ليست مصابة الآن بمشكلة التخلص من النفايات المنزلية،‏ يواجه الكثير منها مشكلة ما يجب فعله بفضلاتها الصناعية.‏ فالبلدان،‏ مثلا،‏ التي تشغِّل مِحْرقات ضخمة لحرق نفاياتها تواجهها آلاف الاطنان من الرماد،‏ الذي يمكن ان يكون بعضه ساما على نحو خطير.‏ وعبارة «لا في فنائي الخلفي» هي الصرخة المرتفعة من مواطنيها عندما يواجههم رمي النفايات في جوارهم.‏ وماذا يجب فعله بالفضلات يصير سؤالا مربكا بالنسبة الى ذوي العلاقة.‏ وتطوف النقَّالات المائية المحمَّلة بآ‌لاف الاطنان من الفضلات السامة البحارَ باحثة عن «فناء خلفي» على شواطئ اجنبية.‏ فيجري صدّ الكثير منها.‏ ويعارضها التصميم «لا في فنائي الخلفي.‏»‏

      في السنوات الاخيرة،‏ صارت البلدان النامية ارض إلقاء النفايات لآلاف الاطنان من الفضلات غير المرغوب فيها.‏ وقد جرى إلقاء بعضها في الحقول المكشوفة من قبل اناس عديمي المبادئ.‏ «يكتشف الاوروپيون والاميركيون ان حماية بيئتهم يمكن ان تعني تلويث بلدان شعوب اخرى،‏» كتبت مجلة وورلد پرِس ريڤيو.‏

      وأخبرت المنبر الالماني عدد تشرين الاول ١٩٨٨ ان زوريخ،‏ سويسرا،‏ تصدِّر نفاياتها الفائضة الى فرنسا وأن كندا،‏ الولايات المتحدة،‏ اليابان،‏ واوستراليا قد وجدت اراضي لالقاء النفايات في «الفناء الخلفي» لاوروبا الشرقية.‏

      هكذا تسير الامور.‏ «ان ازمة النفايات لا تشبه اية ازمة اخرى واجهناها،‏» قال احد رسميي الولايات المتحدة.‏ «اذا كان هنالك جفاف يقلّل الناس استعمال الماء.‏ ولكننا في هذه الازمة ننتج نفايات اكثر.‏»‏

  • منتوجات يمكن التخلص منها تصير نفايات لا يمكن التخلص منها
    استيقظ!‏ ١٩٩٠ | ايلول (‏سبتمبر)‏ ٢٢
    • منتوجات يمكن التخلص منها تصير نفايات لا يمكن التخلص منها

      أن يغفل المرء عن ازمة النفايات وما يساهم فيها هو تجاهل لممارسات هذا المجتمع اللامبالي.‏ مثلا،‏ هل تجدون ان المناشف الورقيّة في المطبخ هي اختيار اكثر جاذبية من المناشف القماشية؟‏ هل تستبدلون المناديل الورقيّة بمناديل كتانية وقت الطعام؟‏ اذا كان لديكم اطفال لا يزالون في «الحفاض،‏» هل تستعملون تلك التي يمكن التخلص منها عوضا عن «الحفاضات» القماشية؟‏ هل وجدتم انه من الملائم كثيرا شراء آلات الحلاقة والكاميرات التي يمكن التخلص منها؟‏ وأحداث قليلون اليوم قد كتبوا في وقت ما بقلم حبر سائل؛‏ فأقلام الحبر الجاف،‏ التي بعضها يرمى هو بعينه والبعض الآخر له خراطيش تُرمى،‏ حلَّت محلها منذ زمن طويل.‏ وتطلب المؤسسات اقلام الحبر الجاف بالآلاف.‏ ويوزعها المعلنون بالملايين.‏

      ان الطلبات الخارجية من الشاي،‏ القهوة،‏ الكولا،‏ الحليب المخفوق مع عصير الفاكهة،‏ وأنواع الهمبرڠر السريعة التحضير لا توضع بعدُ في اكواب وعلى صوانٍ من الورق.‏ فالأوعية من متعدد الستيرين polystyrene جعلتها قديمة الطراز.‏ وهنالك سكاكين،‏ شوك،‏ وملاعق پلاستيكية،‏ كلها ترمى في القمامة بعد استعمال واحد.‏ ان عدد وتنوع وسائل الراحة التي ترمى لا نهاية لهما.‏ «اننا مجتمع لامبالٍ،‏» قال مدير قسم الفضلات الصلبة لولاية نيويورك.‏ «علينا ان نغيِّر طرائقنا.‏»‏

      وماذا يمكن القول عن قناني الحليب الپلاستيكية بدلا من الزجاجية؛‏ الاحذية الپلاستيكية بدلا من الجلدية والمطاطية؛‏ معاطف المطر الپلاستيكية عوضا عن الالياف الطبيعية التي تمنع نفاذ الماء؟‏ وقد يتساءل بعض القراء كيف كان العالم قادرا على العمل قبل زمن الپلاستيك.‏ ولاحظوا ايضا صف المنتوجات الواحد تلو الآخر في اوعية كبيرة الحجم،‏ اذ تناديكم من رفوف الاسواق المركزية والاماكن الاخرى التي تباع فيها السلع المعلَّبة.‏ وعصر الكمپيوتر —‏ اذ يقذف آلاف الملايين من الصفحات الورقية —‏ يزيد على الكومة الورقية الكبيرة الآن التي صارت بارتفاع جبل.‏

      فكم من العناء نحن مستعدون ان نحتمل لكي نرى بعض الراحة من مشكلة النفايات المتزايدة هذه؟‏ على الرغم من ان الاميركيين وحدهم يلقون في علب نفاياتهم ما يقدَّر بـ‍ ٣‏,٤ ملايين قلم و ٤‏,٥ ملايين آلة حلاقة يمكن التخلص منها في اليوم العادي،‏ فمن غير المرجح ان يرجع هذا المجتمع نصف قرن الى زمن ما قبل عصر الپلاستيك والمواد التي يمكن التخلص منها ذات التكنولوجيا المتطورة،‏ حتى لو ان الثمن الذي ندفعه لاجل وسائل الراحة هذه قد يكون مذهلا.‏

      ويمكن قول الامر نفسه عن «الحفاضات» التي يمكن التخلص منها.‏ «ان اكثر من ١٦ بليون ‹حفاض،‏› يحتوي على ما يقدَّر بـ‍ ٨‏,٢ مليون طن من البراز والبول،‏ يُلقى كل سنة في عدد متضائل من اماكن ردم النفايات في البلد،‏» اخبرت ذا نيويورك تايمز.‏ واكثر من ٠٠٠‏,٢٧٥‏,٤ طن من «الحفاضات» المرمية قد يكون شيئا مثيرا للدهشة.‏ «انها حالة مثالية،‏» قال خبير في الفضلات الصلبة من واشنطن،‏ «وحيث نستعمل المنتوج الممكن التخلص منه الذي يكلف اكثر من المنتوج المعاد استعماله،‏ يكون بيئيا خطيرا اكثر ويستهلك موارد لا يمكن تجديدها.‏» فهل الوالدون مستعدون لاحتمال عناء غسل «حفاضات» اطفالهم او الاشتراك في مؤسسة لغسل وتسليم «الحفاضات»؟‏ بالنسبة الى كثيرين،‏ ان عالما بدون «حفاضات» ممكن التخلص منها لا يمكن التفكير فيه.‏

      صارت «الحفاضات» التي يمكن التخلص منها بالنسبة الى الاختصاصيين في شؤون البيئة رمزا الى مشكلة النفايات بكاملها.‏ «ما هو اسوأ،‏» تكتب اخبار الولايات المتحدة وأنباء العالم،‏ «ان كل ‹حفاض› پلاستيكي صُنع منذ ان أُدخلت للاستعمال اولا في سنة ١٩٦١ لا يزال هناك؛‏ ويلزمها حوالي ٥٠٠ سنة لكي تنحل.‏»‏

      ومع ذلك،‏ يقول خبراء البيئة ورسميو الحكومة،‏ لا بد من تغيير عاداتنا وإلاّ فسنُطمر احياء في نفاياتنا الخاصة.‏ وقد تكون المنتوجات العصرية التي تُرمى نعمة للمستهلكين،‏ لكنها قنبلة لاماكن إلقاء النفايات في الارض.‏ ولا توجد نهاية امام اعيننا لحياة المواد الپلاستيكية المرمية.‏ وخلافا للمعرفة التقليدية،‏ فان الـ‍ ٣٥٠ مليون پاوند من الورق التي يطرحها الاميركيون كل يوم،‏ والمقدار الكبير غير المعروف عالميا،‏ لا تنحلّ وتختفي في اماكن ردم النفايات حتى تحت اطنان من النفايات لسنوات.‏ فالصحف التي أُخرجت في اماكن ردم النفايات بعد ان طُمرت لاكثر من ٣٥ سنة كانت واضحة للقراءة كاليوم الذي نُشرت فيه.‏

      مشكلة تكرير النفايات

      كُتب ان هنالك اربع طرائق فقط لمعالجة النفايات:‏ «اطمروها،‏ احرقوها،‏ كرِّروها —‏ او قبل كل شيء لا تصنعوا ذلك المقدار منها.‏» ان النفايات المطمورة في اماكن ردم النفايات لا تقدِّم فقط منظرا قبيحا ضارا بالصحة لاولئك الذين لا بد ان يعيشوا على مقربة منها بل يمكن ايضا ان تصير مصدر خطر للصحة.‏ فاذ تتفكك الفضلات في اماكن ردم النفايات تنتج غازا لا لون له ولا رائحة،‏ سريع الالتهاب،‏ يدعى مِتان methane.‏ واذا لم يسيطَر عليه يمكن ان ينتقل المِتان تحت سطح الارض بعيدا عن مكان ردم النفايات،‏ يقتل الحياة النباتية،‏ يتغلغل في الابنية القريبة،‏ وينفجر اذا اشتعل.‏ وقد انتج الموت في بعض الحالات.‏ ومستودعات الماء التي تحت سطح الارض،‏ او المكامن المائية،‏ مهدَّدة اذ تتسرَّب المواد الكيميائية الخطرة في الارض وتلوث مخزون الماء الذي للانسان.‏

      والمشكلة في تكرير ورق الصحف هي،‏ على وجه التخصيص،‏ المخزون الزائد الهائل.‏ «بلغ مخزون فضلات الصحف الرقم القياسي،‏» قال ناطق بلسان المؤسسة الاميركية للورق.‏ «ان المصانع وتجار الورق يملكون في مخازنهم اكثر من مليون طن من الصحف،‏ التي تمثل ثلث الانتاج في السنة.‏ وتأتي مرحلة تكون فيها مساحة المستودع ملآنة كاملا.‏» ونتيجة لفيض الورق هذا فان المدن الكثيرة التي كانت تُعِدّ ٤٠ دولارا للطن لاجل ورقها منذ سنة تدفع الآن للمتعهدين ٢٥ دولارا للطن لنقله بعيدا —‏ ليُحرق او يُطمر في اماكن ردم النفايات.‏

      وماذا يمكن القول عن المواد الپلاستيكية؟‏ «ان صناعة المواد الپلاستيكية تسعى الى دعم التكرير،‏ وعلى الاغلب خوفا من ان يجري حظر منتوجاتها الكلية الوجود إن لم يكن الامر كذلك،‏» قالت اخبار الولايات المتحدة وأنباء العالم.‏ فيمكن،‏ مثلا،‏ تحويل القناني الپلاستيكية الى ألياف لصنع سجادات من الپوليستر،‏ لُحَم (‏خيوط تُنسج عرضا)‏ لبعض انواع الستَر،‏ ومجموعة من الاشياء الاخرى.‏ ومع ذلك،‏ فان الصناعة تعمل حسنا بأن تكون مهتمة بسوقها.‏ فبعض الاماكن وضعت تشريعا يحظر استعمال وبيع كل منتوجات متعدد الستيرين polystyrene والكلوريد المتعدد الڤينيل PVC في مؤسسات بيع الطعام بالمفرق.‏ ويشمل الحظر اكياس البقول الپلاستيكية،‏ اكواب وصواني الطعام من متعدد الستيرين،‏ والاوعية من متعدد الستيرين التي تحتوي على الهمبرڠر السريع التحضير.‏

      يقدَّر ان اكثر من ٧٥ في المئة من الفضلات الصلبة المحلية في الولايات المتحدة يمكن تكريرها.‏ ولكن بسبب عدم الاكتراث العام،‏ والنقائص في التكنولوجيا،‏ لا يجري تحقيق هذه الامكانية الآن.‏ «تكرير النفايات هو دخول فترة خطرة جدا،‏» قال احد خبراء تكرير النفايات.‏ «فالكثير من الحكومات ستكابد المتاعب للنجاة من الكساد.‏»‏

      ويقول بعض الرسميين ان احراق النفايات في مِحْرقات محلية ضخمة هو الجواب.‏ ولكن هنا ايضا توجد المشاكل.‏ فالاختصاصيون في شؤون البيئة يحذرون من ان حرق المواد الپلاستيكية والقمامة الاخرى يطلق مواد كيميائية سامّة،‏ بما فيها الديوكسن،‏ في الهواء.‏ «يمكنكم فقط ان تعتبروا المِحْرقة مصنع ديوكسن،‏» قال احد الاختصاصيين المشهورين في شؤون البيئة.‏ «وتنتج المِحْرقات ايضا اطنانا من الرماد الملوَّث غالبا بالرصاص والكدميوم،‏» اخبرت مجلة نيوزويك.‏ ويمكن سماع احتجاج شعبي صاخب من المواطنين الذين يعيشون قرب مواقع المِحْرقات المقترحة.‏ فلا احد يريدها في جواره.‏ ويُنظر اليها كتهديد خطر للصحة والبيئة.‏ وهكذا تستمر ازمة النفايات في التصاعد.‏ فهل يملك احد الجواب؟‏

  • الفضلات النووية —‏ النفايات المهلكة
    استيقظ!‏ ١٩٩٠ | ايلول (‏سبتمبر)‏ ٢٢
    • الفضلات النووية —‏ النفايات المهلكة

      ان الهَيْل من النفايات المنزلية ليس الخطر الوحيد الذي يهدِّد بقطع الحياة عن هذا العالم.‏ فهو يصير تافها الى جانب مشكلة الفضلات الاعظم جدا والمميتة اكثر.‏ فمنذ تعلَّم الانسان استخدام الذرَّة لصنع الاسلحة النووية وتوليد الكهرباء،‏ وُجد العلماء في مأزق يتعلق بالاساليب الممكنة الاكثر امانا للتخلص من الفضلات النووية المشعة جدا التي تنتجها الاجهزة.‏

      جرى انفاق آلاف الملايين من الدولارات على الجهود لايجاد طرائق لمنع تلوث الناس والبيئة للاجيال القادمة بهذه الفضلات المميتة.‏ مهمة هائلة،‏ فعلا،‏ اذ يمكن للفضلات المشعة ان تبقى مهلكة لكل الاشياء الحية طوال آلاف السنين!‏

      ولعقود جرى إلقاء الكثير من هذه الفضلات في حفر للطمر وأحواض نزَّة في مكان العمل عينه اعتقادا ان المواد الخطرة تُخفَّف وتصير غير مؤذية —‏ افتراض تبرهن انه كارثة في تأثيراته،‏ كما سنرى.‏ وملايين الڠالونات من الفضلات المشعة ذات المستوى العالي جرى خزنها في صهاريج ضخمة تحت سطح الارض؛‏ وجرى حصر فضلات اخرى في براميل وخزنها فوق سطح الارض،‏ اسلوب آخر للتخلص من النفايات تبرهن انه خطر.‏

      وهذه الفضلات النووية خطرة ومهلكة جدا حتى ان العلماء اخذوا بعين الاعتبار كل شيء من اطلاق الفضلات الى الفضاء الخارجي حتى وضعها تحت طبقات الجليد القطبية.‏ وهنالك الآن تحت الاستقصاء احتمال اسقاط علب صغيرة من الفضلات في المحيط الهادئ الشمالي حيث يُتوقع ان تتغلغل مئة قدم (‏٣٠ م)‏ في الوحل تحت قعر المحيط.‏ «لدينا مواد على هذا الكوكب يجب ان نعالجها،‏ إما على الارض،‏ في الماء او تحت مياه المحيط.‏ هذا كل ما لدينا،‏» قال نائب رئيس معهد وودز هول لعلم المحيطات.‏

      في الوقت الحاضر،‏ كحلّ مؤقت حتى يمكن ايجاد اسلوب اكثر امانا واستمرارا للتخلص من الفضلات،‏ يجري خزن معظم هذه المادة المشعة في برك ملآنة بالماء داخل ابنية مقفلة باحكام.‏ فلدى اونتاريو،‏ كندا،‏ مثلا،‏ ١٦ مُفاعِلا نوويا قد انتج اكثر من ٠٠٠‏,٧ طن من الفضلات المشعة،‏ مخزونة الآن في اوعية كهذه.‏ وبريطانيا ايضا تواجهها المشكلة المحيِّرة حول ما يجب فعله بفضلاتها.‏ وحاليا،‏ تُحفظ الفضلات ذات المستوى الخطير في مواقع فوق سطح الارض،‏ ويُتوقع ان تستمر هذه السياسة حتى يمكن ايجاد واختبار مواقع ضد التسرّب تحت سطح الارض.‏ وتحاول ايضا فرنسا،‏ المانيا،‏ واليابان ان تحارب مشكلة الفضلات النووية التي لها.‏

      ‏«السياسة الرسمية في الولايات المتحدة،‏» اخبرت ذا نيويورك تايمز،‏ «هي ان الاسلوب الاكثر امانا هو الطمر في ‹خزّان جيولوجي عميق،‏› مكان ما جاف،‏ مستقر ومهجور.‏ ولكنّ ايجاد الموضع يبرهن انه صعب.‏» انه صعب فعلا!‏ ووفقا للعلماء،‏ لا بد ان يكون مكانا جافا ومستقرا حتى يتمكن من ايواء المادة بأمان طوال ٠٠٠‏,١٠ سنة.‏ وعلى الرغم من ان بعض هذه الفضلات الذرية يمكن ان يبقى مهلكا طوال ما يقدَّر بـ‍ ٠٠٠‏,٢٥٠ سنة،‏ يعتقد الخبراء ان الكثير جدا من التغيير الجيولوجي سيحدث خلال ٠٠٠‏,١٠ سنة «بحيث يكون من التفاهة ان يحاول المرء التخطيط لمدة اطول.‏» «لا اعرف ايّ نموذج تخميني على وجه الارض يمكن ايضا ان يتحدث عن احتمالات مستقبلية لـ‍ ٠٠٠‏,١ سنة،‏» قال احد خبراء الاشعاع المشهورين.‏ وأضاف انه «صعب التحدث عن مجازفة صحية لـ‍ ٠٠٠‏,١ سنة في المستقبل.‏»‏

      كارثة!‏

      عندما كشف العلماء اسرار الذرَّة اطلقوا العنان لظاهرة جديدة غريبة لم يكونوا مستعدين للسيطرة عليها —‏ كابوس التلوث المميت الذي كان سيتبع.‏ وحتى بعد ان جرى تحذيرهم من الخطر المحتمل،‏ تجاهل رسميو الحكومة التحذيرات عمدا.‏ واذ صارت الاسلحة الذرية في المقام الاول بالنسبة الى الدول ذات المقدرة والمواد لصنعها،‏ جرى التخلي عن الاعتبار للصحة وحياة الناس وطبيعة البيئة.‏ وجرى استعمال اساليب غير متقنة في جمع الفضلات المميتة.‏ مثلا:‏ في احد مصانع الاسلحة الذرية «سُكب اكثر من ٢٠٠ بليون ڠالون [٧٥٠ بليون ل] من الفضلات الخطرة،‏ ما يكفي لغمر مانهاتن الى عمق ٤٠ قدما [١٢ م]،‏ في حفر وأهوار غير مبطَّنة،‏» كتبت اخبار الولايات المتحدة وأنباء العالم عدد آذار ١٩٨٩.‏ «وقد لوَّث التسرّب السام ما لا يقل عن ١٠٠ ميل مربع (‏٢٦٠ كلم٢‏)‏ من ماء الارض.‏ وحوالي ٤٥ مليون ڠالون (‏١٧٠ مليون ل)‏ من النفاية المشعة ذات المستوى الخطير يجري خزنه في صهاريج ضخمة تحت سطح الارض،‏ واكثر من ٥٠ قنبلة بحجم قنبلة ناڠازاكي يمكن بناؤها من الپلوتونيوم الذي تسرَّب من هذه الاوعية،‏» قالت المجلة.‏ ويقدَّر ان تنظيف هذا الموقع سيكلف ما يعادل ٦٥ ألف مليون دولار.‏

      صارت بعض صهاريج الحفظ المبنية لتحتوي على الفضلات النووية ساخنة جدا من الحرارة المشعة بحيث تصدَّعت.‏ ويقدَّر ان نصف مليون ڠالون (‏مليوني ل)‏ من الفضلات المشعة تسرَّب في الارض.‏ وتلوثت مياه الشرب بالسترونسيوم-‏٩٠ المشع ألف مرة اكثر من الحد المسموح به لمياه الشرب كما حددته وكالة حماية البيئة.‏ وفي مصنع آخر للاسلحة الذرية،‏ «تتسرَّب المواد المشعة من حفر الفضلات التي تحتفظ بـ‍ ١١ مليون ڠالون [٤٢ مليون ل] من اليورانيوم .‏ .‏ .‏ الى مكمن مائي وقد لوَّثت الآبار على بعد نصف ميل [٨‏,٠ كلم] جنوبي المرفق،‏» اخبرت ذا نيويورك تايمز.‏ وأخبرت الصحيفة ايضا انه في ولاية واشنطن جرى سكب آلاف الملايين من ڠالونات المياه الملوَّثة على الارض،‏ ومجرى ثابت من التريتيوم المشع يجري في نهر كولومبيا.‏

      وفي آيداهو رشحت آثار الپلوتونيوم من الحفر القليلة العمق للفضلات في مجمَّع معالجة الفضلات المشعة،‏ اخبرت ذا نيويورك تايمز.‏ «انها تتحرك عبر طبقات الصخر نحو خزان ماء واسع تحت سطح الارض يزوِّد الآلاف من سكان آيداهو الجنوبية.‏» لقد تغلغل العنصر المميت الى عمق ٢٤٠ قدما (‏٧٠ م)‏،‏ نصف المسافة تقريبا الى المكمن المائي،‏ قالت الصحيفة.‏

      كم مميتة هي فضلات الپلوتونيوم هذه التي سُكبت في الانهر والمجاري المائية وقُذفت في الهواء؟‏ «يبقى الپلوتونيوم مشعا طوال ٠٠٠‏,٢٥٠ سنة،‏» اخبرت ذا نيويورك تايمز،‏ «وحتى الجسيمات المتناهية الصغر يمكن ان تكون مهلكة اذا جرى تنشقها او ابتلاعها.‏» «ان تنشق مجرد مقدار ضئيل من غبار الپلوتونيوم يمكن ان يسبب السرطان،‏» قالت مجلة نيوزويك.‏

      ان تأثيرات الفضلات النووية الفورية والطويلة الاجل في الناس ليست معروفة.‏ وربما لن تكون كذلك ابدا.‏ ولكن يكفي القول انه في مصنع ذري واحد أُخبر عن ١٦٢ حالة سرطان بين اولئك الذين يعيشون ضمن حدود عدة اميال من المرفق.‏ الناس خائفون من شرب الماء،‏ والخوف يزداد.‏ «سيكون لديهم في ايّ مكان من ست الى ٢٠٠ حالة سرطان اضافية،‏» قال دكتور جامعي ومستشار لعمال المصنع.‏ «جميعهم مذعورون.‏ ويشعرون كأنهم فقدوا السيطرة على بيئتهم وحياتهم.‏»‏

      وهم كذلك.‏ ومنذ قرون كثيرة قال نبي امين ليهوه:‏ «عرفت يا رب انه ليس للانسان طريقه.‏ ليس لانسان يمشي ان يهدي خطواته.‏» (‏ارميا ١٠:‏٢٣‏)‏ وبالتأكيد برهن التاريخ ان هذه الكلمات صحيحة —‏ وهي كذلك على نحو دراماتيكي في هذه الايام الاخيرة.‏ ان ازمة النفايات المتزايدة هي مجرد واحدة من فشل الانسان الكثير في هداية خطواته بحكمة.‏

      وعلى الرغم من ذلك،‏ لا توجد حاجة الى اليأس.‏ ونبوة الكتاب المقدس تُظهر بوضوح ان نظام الاشياء الحاضر هذا سيزول قريبا وأن عالما جديدا سيُدخله الخالق.‏ فهو لن يحتمل لمدة اطول ما يفعله الانسان للارض ولنفسه لكنه ‹سيهلك الذين كانوا يهلكون الارض.‏› (‏رؤيا ١١:‏١٨‏)‏ وبعد ذلك،‏ تحت ادارة الخالق،‏ سيتعلم البشر كيفية الاعتناء بالارض على نحو لائق وكيفية استعمال مواردها بحكمة.‏ —‏ مزمور ٣٧:‏٣٤؛‏ ٢ بطرس ٣:‏١٠-‏١٣‏.‏

المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
الخروج
الدخول
  • العربية
  • مشاركة
  • التفضيلات
  • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
  • شروط الاستخدام
  • سياسة الخصوصية
  • إعدادات الخصوصية
  • JW.ORG
  • الدخول
مشاركة