مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • صفحة العنوان/‏صفحة الناشرين
    هل يجب ان تؤمنوا بالثالوث؟‏
    • هذه المطبوعة تصدر كجزء من عمل عالمي لتعليم الكتاب المقدس تدعمه الهبات الطوعية.‏

      اقتباسات الآيات هي من الترجمة العربية،‏ طبع الاميركان في بيروت،‏ إلا اذا جرت الاشارة الى ترجمة اخرى،‏ والاختصار (‏ع‌ج‏)‏ يشير الى ترجمة العالم الجديد للاسفار المقدسة —‏ بشواهد

  • قائمة المحتويات
    هل يجب ان تؤمنوا بالثالوث؟‏
    • قائمة المحتويات

      ٣ هل يجب ان تؤمنوا به؟‏

      ٣ كيف يجري تفسير الثالوث؟‏

      ٥ هل هو بوضوح تعليم للكتاب المقدس؟‏

      ٧ كيف تطوَّرت عقيدة الثالوث؟‏

      ١٢ ماذا يقول الكتاب المقدس عن اللّٰه ويسوع؟‏

      ١٦ هل اللّٰه دائما اسمى من يسوع؟‏

      ٢٠ الروح القدس —‏ قوة اللّٰه الفعالة

      ٢٣ ماذا عن «آيات البرهان» على الثالوث؟‏

      ٣٠ اعبدوا اللّٰه وفقا لشروطه

  • المقدمة
    هل يجب ان تؤمنوا بالثالوث؟‏
    • المقدمة

      غالبا ما يقول الناس انهم يؤمنون بالثالوث،‏ ولكنهم يختلفون في فهمهم له.‏

      ما هو الثالوث على نحو دقيق؟‏

      هل يعلِّم الكتاب المقدس ذلك؟‏

      هل يسوع المسيح هو اللّٰه الكلي القدرة وجزء من الثالوث؟‏

  • هل يجب ان تؤمنوا به؟‏
    هل يجب ان تؤمنوا بالثالوث؟‏
    • هل يجب ان تؤمنوا به؟‏

      هل تؤمنون بالثالوث؟‏ معظم الناس في العالم المسيحي يؤمنون به.‏ على كل حال،‏ لقد كان العقيدة المركزية للكنائس طوال قرون.‏

      بالنظر الى ذلك،‏ ستعتقدون انه لا يمكن ان يكون هنالك مجال للشك فيه.‏ ولكن هنالك شك،‏ ومؤخَّرا اضاف بعض مؤيديه ايضا وقودا الى الخلاف.‏

      ولماذا يجب ان يكون لموضوع كهذا اكثر من اهمية عابرة؟‏ لان يسوع نفسه قال:‏ «هذه هي الحياة الابدية ان يعرفوك انت الاله الحقيقي وحدك ويسوع المسيح الذي ارسلته.‏» وهكذا يتوقف مستقبلنا بكامله على معرفتنا طبيعة اللّٰه الحقيقية،‏ وهذا يعني الوصول الى جذر الخلاف في الثالوث.‏ فلِمَ لا تفحصون ذلك لنفسكم؟‏ —‏ يوحنا ١٧:‏٣‏.‏

      توجد مفاهيم ثالوثية متنوِّعة.‏ ولكنَّ تعليم الثالوث عموما هو ان هنالك في الذات الالهية ثلاثة اقانيم،‏ الآب والابن والروح القدس؛‏ ومع ذلك فانهم معا ليسوا سوى اله واحد.‏ وتقول العقيدة ان الثلاثة متساوون،‏ قادرون على كل شيء،‏ غير مخلوقين،‏ موجودون طوال السرمدية في الذات الالهية.‏

      ولكن يقول آخرون ان عقيدة الثالوث باطلة،‏ ان اللّٰه الكلي القدرة يقف وحده كائنا منفصلا،‏ سرمديا،‏ وكلي القوة.‏ ويقولون ان يسوع في وجوده السابق لبشريته كان،‏ كالملائكة،‏ شخصا روحانيا منفصلا خلقه اللّٰه،‏ ولهذا السبب لا بد ان تكون له بداية.‏ انهم يعلِّمون ان يسوع ليس مساويا ابدا للّٰه الكلي القدرة بأيّ معنى؛‏ فلقد كان دائما ولا يزال خاضعا للّٰه.‏ ويؤمنون ايضا بأن الروح القدس ليس اقنوما بل روح اللّٰه،‏ قوته الفعالة.‏

      يقول مؤيدو الثالوث انه مؤسس ليس فقط على التقليد الديني بل ايضا على الكتاب المقدس.‏ ونُقَّاد العقيدة يقولون انه ليس تعليما للكتاب المقدس،‏ حتى ان مصدرا تاريخيا يعلن:‏ «اصل [الثالوث] وثني تماما.‏» —‏ الوثنية في مسيحيتنا.‏

      اذا كان الثالوث صحيحا يكون مخزيا ليسوع ان يقال انه لم يكن قط مساويا للّٰه كجزء من الذات الالهية.‏ ولكن اذا كان الثالوث باطلا يكون مخزيا للّٰه الكلي القدرة ان يُدعى احد مساويا له،‏ والاسوأ ايضا ان تُدعى مريم «امّ اللّٰه.‏» واذا كان الثالوث باطلا يهين اللّٰه ان يقال،‏ كما هو مدوَّن في كتاب الكاثوليكية:‏ «إن لم يحافظ [الناس] على هذا الايمان كاملا وغير مدنَّس فلا شك [انهم] سيهلكون الى الابد.‏ والايمان الكاثوليكي هو هذا:‏ نعبد الها واحدا في ثالوث.‏»‏

      اذًا،‏ هنالك اسباب وجيهة لوجوب رغبتكم في معرفة الحقيقة عن الثالوث.‏ ولكن قبل فحص اصله وادِّعائه الصحة يكون مساعدا تعريف هذه العقيدة باكثر تخصيص.‏ فما هو الثالوث على نحو دقيق؟‏ وكيف يفسره مؤيدوه؟‏

      ‏[الصور في الصفحة ٢]‏

      الى اليسار:‏ تمثال مصري من الالف الثاني (‏ق‌م)‏ لثالوث آمون رع،‏ رمسيس الثاني،‏ ومُوت.‏ الى اليمين:‏ تمثال ثالوث القرن الرابع عشر (‏ب‌م)‏ ليسوع المسيح،‏ الآب،‏ والروح القدس.‏ لاحظوا ثلاثة اشخاص ولكن اربع ارجل فقط.‏

  • كيف يجري تفسير الثالوث؟‏
    هل يجب ان تؤمنوا بالثالوث؟‏
    • كيف يجري تفسير الثالوث؟‏

      تعلن الكنيسة الكاثوليكية الرومانية:‏ «الثالوث هو التعبير المستعمل للدلالة على العقيدة المركزية للدين المسيحي .‏ .‏ .‏ وهكذا بكلمات الدستور الاثناسيوسي:‏ ‹الآب هو اللّٰه،‏ الابن هو اللّٰه،‏ والروح القدس هو اللّٰه،‏ ومع ذلك ليس هنالك ثلاثة آلهة بل اله واحد.‏› وفي هذا الثالوث .‏ .‏ .‏ تكون الاقانيم سرمدية ومتساوية معا:‏ تكون كلها على نحو متماثل غير مخلوقة وقادرة على كل شيء.‏» —‏ دائرة المعارف الكاثوليكية.‏

      كل الكنائس الاخرى تقريبا في العالم المسيحي تتفق في ذلك.‏ مثلا،‏ ان الكنيسة الأرثوذكسية اليونانية تدعو كذلك الثالوث «العقيدة الرئيسية للمسيحية،‏» قائلة ايضا:‏ «المسيحيون هم اولئك الذين يقبلون المسيح بصفته اللّٰه.‏» وفي كتاب ايماننا المسيحي الأرثوذكسي تعلن الكنيسة نفسها:‏ «اللّٰه ثالوث.‏ .‏ .‏ .‏ الآب هو اللّٰه كليا.‏ الابن هو اللّٰه كليا.‏ الروح القدس هو اللّٰه كليا.‏»‏

      وهكذا يُعتبر الثالوث «الها واحدا في ثلاثة اقانيم.‏» كلٌّ يقال انه لا بداية له،‏ موجود طوال السرمدية.‏ وكلٌّ يقال انه قادر على كل شيء،‏ ليس احد اعظم او ادنى من الآخر.‏

      وهل يصعب اتِّباع مثل هذا التفكير؟‏ وجد كثيرون من المؤمنين المخلصين ان ذلك مشوِّش،‏ مخالف للتفكير الطبيعي،‏ ليس مشابها لايّ شيء في اختبارهم.‏ فكيف،‏ يسألون،‏ يمكن للآب ان يكون اللّٰه،‏ ويسوع ان يكون اللّٰه،‏ والروح القدس ان يكون اللّٰه،‏ ومع ذلك ان لا يكون هنالك ثلاثة آلهة بل اله واحد فقط؟‏

      ‏«أبعد من ادراك العقل البشري»‏

      هذا التشويش واسع الانتشار.‏ وتشير دائرة المعارف الاميركية الى ان عقيدة الثالوث تُعتبر «أبعد من ادراك العقل البشري.‏»‏

      والكثيرون الذين يقبلون الثالوث ينظرون اليه بهذه الطريقة.‏ يقول الاسقف يوجين كلارك:‏ «اللّٰه واحد،‏ واللّٰه ثلاثة.‏ وبما انه ليس هنالك شيء كهذا في الخليقة،‏ لا يمكننا فهمه بل قبوله فقط.‏» ويعلن الكردينال جون اوكونر:‏ «نعرف ان ذلك سر عميق جدا لا نبتدئ بفهمه.‏» ويتحدث البابا يوحنا بولس الثاني عن «السر الغامض للّٰه الثالوث.‏»‏

      وهكذا،‏ يقول قاموس المعرفة الدينية:‏ «على ماهية هذه العقيدة بصورة دقيقة،‏ او بالاحرى كيفية تفسيرها بصورة دقيقة،‏ الثالوثيون هم غير متفقين في ما بينهم.‏»‏

      اذًا،‏ يمكننا ان نفهم لماذا تعلِّق دائرة المعارف الكاثوليكية الجديدة:‏ «هنالك قليلون من معلِّمي اللاهوت الثالوثي في المعاهد اللاهوتية الكاثوليكية الرومانية الذين لم ينزعجوا من حين الى آخر بالسؤال،‏ ‹ولكن كيف يكرز المرء بالثالوث؟‏› واذا كان السؤال دليلا على التشويش من جهة التلاميذ فربما لا يكون سوى دليل على تشويش مماثل من جهة معلِّميهم.‏»‏

      وحقيقة هذا التعليق يمكن اثباتها بالذهاب الى احدى المكتبات وفحص الكتب التي تؤيد الثالوث.‏ فقد كُتبت صفحات لا تُحصى في محاولة لتفسير ذلك.‏ ولكن بعد النزاع في تيهان التفاسير والتعابير اللاهوتية المشوِّشة يخرج الباحثون مع ذلك غير مقتنعين.‏

      من هذا القبيل،‏ يعلِّق اليسوعي جوزف براكن في كتابه ماذا يقولون عن الثالوث؟‏:‏ «الكهنة الذين بجهد كبير تعلَّموا .‏ .‏ .‏ الثالوث خلال سنوات معاهدهم اللاهوتية يتردَّدون بصورة طبيعية في تقديمه لشعبهم من على المنبر،‏ حتى في يوم أحد الثالوث.‏ .‏ .‏ .‏ فلماذا يزعج المرء الناس بشيء لن يفهموه في النهاية كما ينبغي على كل حال؟‏» ويقول ايضا:‏ «الثالوث هو مسألة ايمان اساسي،‏ ولكن له القليل او لا شيء من [التأثير] في حياة المسيحي وعبادته اليومية.‏» ومع ذلك،‏ انه «العقيدة المركزية» للكنائس.‏

      يلاحظ اللاهوتي الكاثوليكي هانز كيونڠ في كتابه المسيحية وأديان العالم ان الثالوث هو احد اسباب عدم تمكن الكنائس من احراز ايّ تقدم ذي مغزى مع الشعوب غير المسيحية.‏ ويعلن:‏ «حتى المسلمون ذوو الاطلاع الحسن لا يمكنهم ببساطة ان يتبعوا،‏ كما ان اليهود حتى الآن فشلوا ايضا في فهم،‏ فكرة الثالوث.‏ .‏ .‏ .‏ التمييزات التي تصنعها عقيدة الثالوث بين الاله الواحد والاقانيم الثلاثة لا ترضي المسلمين الذين تشوِّشهم،‏ عوضا عن ان تنيرهم،‏ التعابير اللاهوتية المشتقة من السريانية،‏ اليونانية،‏ واللاتينية.‏ ويجد المسلمون ان ذلك كله تلاعب بالكلمات.‏ .‏ .‏ .‏ فلماذا يريد احد ان يضيف الى فكرة وحدانية اللّٰه وكونه فريدا شيئا لا يمكن إلا ان يشوب ويبطل هذه الوحدانية وكونه فريدا؟‏»‏

      ‏«ليس اله تشويش»‏

      وكيف كان ممكنا لمثل هذه العقيدة المشوِّشة ان تنشأ؟‏ تدَّعي دائرة المعارف الكاثوليكية:‏ «العقيدة الغامضة جدا تفترض مسبقا اعلانا الهيا.‏» والعالمان الكاثوليكيان كارل رانر وهربرت ڤورڠريملر يعلنان في القاموس اللاهوتي الذي لهما:‏ «الثالوث هو سر .‏ .‏ .‏ بالمعنى الدقيق .‏ .‏ .‏،‏ لا يمكن معرفته دون اعلان،‏ وحتى بعد الاعلان لا يمكن ان يصير واضحا كليا.‏»‏

      ولكنّ التأكيد القائل انه بما ان الثالوث سر مشوِّش جدا لا بد ان يكون قد اتى من اعلان الهي يخلق مشكلة رئيسية اخرى.‏ ولماذا؟‏ لان الاعلان الالهي نفسه لا يسمح بمثل هذه النظرة الى اللّٰه:‏ «اللّٰه ليس اله تشويش.‏» —‏ ١ كورنثوس ١٤:‏٣٣‏.‏

      بالنظر الى هذه العبارة،‏ هل يكون اللّٰه مسؤولا عن عقيدة تتعلق به مشوِّشة جدا بحيث لا يتمكن حتى العلماء العبرانيون،‏ اليونانيون،‏ واللاتينيون من تفسيرها؟‏

      وفضلا عن ذلك،‏ هل يلزم ان يكون الناس علماء باللاهوت ‹ليعرفوا الاله الحقيقي الوحيد ويسوع المسيح الذي أرسله›؟‏ (‏يوحنا ١٧:‏٣‏)‏ اذا كانت هذه هي الحال،‏ لماذا ادرك قليلون جدا من القادة الدينيين اليهود المثقفين ان يسوع هو المسيّا؟‏ عوضا عن ذلك،‏ كان تلاميذه الامناء مزارعين،‏ صيادي سمك،‏ عشّارين وربات بيوت متواضعين.‏ وهؤلاء الناس العاديون كانوا على يقين مما علَّمه يسوع عن اللّٰه بحيث تمكنوا من تعليمه للآخرين وكانوا ايضا على استعداد للموت من اجل ايمانهم.‏ —‏ متى ١٥:‏١-‏٩؛‏ ٢١:‏٢٣-‏٣٢،‏ ٤٣؛‏ ٢٣:‏١٣-‏٣٦؛‏ يوحنا ٧:‏٤٥-‏٤٩؛‏ اعمال ٤:‏١٣‏.‏

      ‏[الصورة في الصفحة ٤]‏

      تلاميذ يسوع كانوا الناس العاديين المتواضعين،‏ لا القادة الدينيين

  • هل هو بوضوح تعليم للكتاب المقدس؟‏
    هل يجب ان تؤمنوا بالثالوث؟‏
    • هل هو بوضوح تعليم للكتاب المقدس؟‏

      اذا كان الثالوث صحيحا يجب ان يكون مقدَّما على نحو واضح وثابت في الكتاب المقدس.‏ ولماذا؟‏ لان الكتاب المقدس،‏ كما اكَّد الرسل،‏ هو اعلان اللّٰه عن نفسه للجنس البشري.‏ وبما انه يلزمنا ان نعرف اللّٰه لكي نعبده على نحو مقبول يجب ان يكون الكتاب المقدس واضحا في إخبارنا مَن هو.‏

      قبِل مؤمنو القرن الاول الاسفار المقدسة كاعلان للّٰه موثوق به.‏ وكان ذلك اساسا لمعتقداتهم،‏ المرجع الاخير.‏ مثلا،‏ عندما كرز الرسول بولس للناس في مدينة بيرية «قبلوا الكلمة بكل نشاط فاحصين الكتب كل يوم هل هذه الامور هكذا.‏» —‏ اعمال ١٧:‏١٠،‏ ١١‏.‏

      وماذا استعمل رجال اللّٰه البارزون في ذلك الوقت كمرجع لهم؟‏ تخبرنا الاعمال ١٧:‏٢،‏ ٣‏:‏ ‹حسب عادة بولس كان يحاجّهم من الكتب موضحا ومبينا [من الاسفار المقدسة].‏›‏

      ويسوع نفسه وضع المثال في استعمال الاسفار المقدسة كأساس لتعليمه،‏ قائلا على نحو متكرر:‏ «مكتوب.‏» «ابتدأ .‏ .‏ .‏ يفسر لهما الامور المختصة به في جميع الكتب.‏» —‏ متى ٤:‏٤،‏ ٧؛‏ لوقا ٢٤:‏٢٧‏.‏

      وهكذا كان يسوع وبولس ومؤمنو القرن الاول يستعملون الاسفار المقدسة كأساس لتعليمهم.‏ لقد عرفوا ان «كل الكتاب هو موحى به من اللّٰه ونافع للتعليم والتوبيخ للتقويم والتأديب الذي في البر لكي يكون انسان اللّٰه كاملا متأهبا لكل عمل صالح.‏» —‏ ٢ تيموثاوس ٣:‏١٦،‏ ١٧‏؛‏ انظروا ايضا ١ كورنثوس ٤:‏٦؛‏ ١ تسالونيكي ٢:‏١٣؛‏ ٢ بطرس ١:‏٢٠،‏ ٢١‏.‏

      وبما ان الكتاب المقدس يمكن ان ‹يقوِّم الامور› يجب ان يُظهر بوضوح المعلومات عن مسألة رئيسية كما يجري الادعاء ان الثالوث هو.‏ ولكن هل يقول اللاهوتيون والمؤرخون انفسهم ان ذلك على نحو واضح تعليم للكتاب المقدس؟‏

      ‏«الثالوث» في الكتاب المقدس؟‏

      تعلن مطبوعة پروتستانتية:‏ «الكلمة ثالوث ليست موجودة في الكتاب المقدس .‏ .‏ .‏ ولم تجد مكانا بصورة رسمية في لاهوت الكنيسة حتى القرن الـ‍ ٤.‏» (‏قاموس الكتاب المقدس المصوَّر‏)‏ ويقول مرجع كاثوليكي ان الثالوث «ليس .‏ .‏ .‏ كلمة اللّٰه على نحو مباشر وفوري.‏» —‏ دائرة المعارف الكاثوليكية الجديدة.‏

      وتعلِّق دائرة المعارف الكاثوليكية ايضا:‏ «في الكتاب المقدس ليس هنالك حتى الآن تعبير واحد به تجري الاشارة الى الاقانيم الالهية الثلاثة معا.‏ والكلمة τρίας [‏ترايَس‏] (‏التي تكون ترينيتاس اللاتينية ترجمة لها)‏ توجد اولا في كتابات ثاوفيلس الانطاكي حوالي ١٨٠ ب‌م.‏ .‏ .‏ .‏ وبعد ذلك بوقت قصير تَظهر في صيغتها اللاتينية ترينيتاس في كتابات ترتليان.‏»‏

      ولكنّ ذلك ليس برهانا بحد ذاته على ان ترتليان علَّم الثالوث.‏ مثلا،‏ تشير المطبوعة الكاثوليكية ترينيتاس —‏ دائرة معارف لاهوتية للثالوث الاقدس الى ان بعض كلمات ترتليان استعملها آخرون في ما بعد لوصف الثالوث.‏ ثم تحذر:‏ «ولكنّ الاستنتاجات السريعة لا يمكن استخراجها من استعمال الكلمات،‏ لانه لا يطبِّق الكلمات على اللاهوت الثالوثي.‏»‏

      شهادة الاسفار العبرانية

      بالرغم من ان الكلمة «ثالوث» غير موجودة في الكتاب المقدس،‏ هل يجري تعليم فكرة الثالوث على الاقل بوضوح فيه؟‏ مثلا،‏ ايّ شيء تكشفه الاسفار العبرانية (‏«العهد القديم»)‏؟‏

      تعترف دائرة معارف الدين:‏ «اللاهوتيون اليوم متفقون على ان الكتاب المقدس العبراني لا يحتوي على عقيدة الثالوث.‏» وتقول دائرة المعارف الكاثوليكية الجديدة ايضا:‏ «لا يجري تعليم عقيدة الثالوث الاقدس في العهد القديم.‏»‏

      وعلى نحو مماثل،‏ في كتابه الاله الثالوثي،‏ يعترف اليسوعي ادموند فورتمان:‏ «العهد القديم .‏ .‏ .‏ لا يخبرنا ايّ شيء بوضوح او بمعنى ضمني محتوم عن اله ثالوثي هو الآب والابن والروح القدس.‏ .‏ .‏ .‏ لا دليل هنالك على ان ايًّا من كتبة الكتابات المقدسة تَوقَّع ايضا وجود [ثالوث] في الذات الالهية‏.‏ .‏ .‏ .‏ وأيضا أن يرى المرء في [«العهد القديم»] اشارات او رموزا او ‹علامات باطنية› لثالوث من الاقانيم هو أن يذهب الى أبعد من كلمات وقصد كتبة الكتابات المقدسة.‏» —‏ الحروف المائلة لنا.‏

      وفحص الاسفار العبرانية نفسها يؤيد هذه التعليقات.‏ وهكذا،‏ ليس هنالك تعليم واضح للثالوث في الاسفار الـ‍ ٣٩ الاولى للكتاب المقدس التي تؤلف المجموعة الصحيحة للاسفار العبرانية الموحى بها.‏

      شهادة الاسفار اليونانية

      اذًا،‏ هل تتحدث الاسفار اليونانية المسيحية (‏«العهد الجديد»)‏ بوضوح عن الثالوث؟‏

      تقول دائرة معارف الدين:‏ «يوافق اللاهوتيون على ان العهد الجديد لا يحتوي ايضا على عقيدة واضحة للثالوث.‏»‏

      ويعلن اليسوعي فورتمان:‏ «ان كتبة العهد الجديد .‏ .‏ .‏ لا يعطوننا عقيدة للثالوث رسمية او مصوغة،‏ ولا تعليما واضحا بأن هنالك ثلاثة اقانيم الهية متساوية في اله واحد.‏ .‏ .‏ .‏ لا نجد في ايّ مكان اية عقيدة ثالوثية لثلاثة اشخاص متميزين للحياة والنشاط الالهيين في الذات الالهية نفسها.‏»‏

      وتعلِّق دائرة المعارف البريطانية الجديدة:‏ «لا الكلمة ثالوث ولا العقيدة الواضحة تَظهران في العهد الجديد.‏»‏

      ويقول برنار لوسيه في تاريخ قصير للعقيدة المسيحية:‏ «في ما يتعلق بالعهد الجديد لا يجد المرء فيه عقيدة حقيقية للثالوث.‏»‏

      والقاموس الاممي الجديد للاهوت العهد الجديد يعلن على نحو مماثل:‏ «لا يحتوي العهد الجديد على عقيدة الثالوث المتطورة.‏ ‹لا يوجد في الكتاب المقدس اعلان واضح بأن الآب والابن والروح القدس هم من جوهر متساوٍ› [قال اللاهوتي الپروتستانتي كارل بارت].‏»‏

      والپروفسور إ.‏ واشبرن هوپكنز من جامعة يال اكَّد:‏ «بالنسبة الى يسوع وبولس كانت عقيدة الثالوث على ما يظهر غير معروفة؛‏ .‏ .‏ .‏ انهما لا يقولان شيئا عنها.‏» —‏ اصل الدين وتطوره.‏

      ويكتب المؤرخ آرثر ويڠول:‏ «لم يذكر يسوع المسيح قط مثل هذه الظاهرة،‏ ولا تَظهر في ايّ مكان في العهد الجديد كلمة ‹ثالوث.‏› غير ان الفكرة تبنَّتها الكنيسة بعد ثلاثمئة سنة من موت ربنا.‏» —‏ الوثنية في مسيحيتنا.‏

      وهكذا،‏ لا الاسفار الـ‍ ٣٩ للاسفار العبرانية ولا مجموعة الاسفار الـ‍ ٢٧ الموحى بها للاسفار اليونانية المسيحية تزوِّد ايّ تعليم واضح للثالوث.‏

      علَّمه المسيحيون الاولون؟‏

      وهل علَّم المسيحيون الاولون الثالوث؟‏ لاحظوا التعليقات التالية للمؤرخين واللاهوتيين:‏

      ‏«لم تكن لدى المسيحية الاولى عقيدة واضحة للثالوث كالتي تطوَّرت في ما بعد في الدساتير.‏» —‏ القاموس الاممي الجديد للاهوت العهد الجديد.‏

      ‏«ولكنّ المسيحيين الاولين لم يفكروا في بادئ الامر في تطبيق الفكرة [الثالوث] على ايمانهم.‏ لقد منحوا اخلاصهم للّٰه الآب وليسوع المسيح،‏ ابن اللّٰه،‏ واعترفوا .‏ .‏ .‏ بالروح القدس؛‏ ولكن لم تكن هنالك اية فكرة بأن هؤلاء الثلاثة ثالوث حقيقي،‏ متساوون معا ومتحدون في واحد.‏» —‏ الوثنية في مسيحيتنا.‏

      ‏«في بادئ الامر لم يكن الايمان المسيحي ثالوثيا .‏ .‏ .‏ ولم يكن كذلك في العصر الرسولي وبعده مباشرة،‏ كما يَظهر في العهد الجديد والكتابات المسيحية الباكرة الاخرى.‏» —‏ دائرة معارف الدين والاخلاق.‏

      ‏«الصيغة ‹اله واحد في ثلاثة اقانيم› لم تتأسس برسوخ،‏ وبالتأكيد لم تُستوعب كاملا في الحياة المسيحية ومجاهرتها بالايمان،‏ قبل نهاية القرن الـ‍ ٤.‏ .‏ .‏ .‏ فبين الآباء الرسوليين لم يكن هنالك حتى ما يقارب عن بعد مثل هذا التفكير او هذه النظرة.‏» —‏ دائرة المعارف الكاثوليكية الجديدة.‏

      ما علَّم به آباء ما قبل مجمع نيقية

      جرى الاعتراف بأن آباء ما قبل مجمع نيقية كانوا يقودون المعلمين الدينيين في القرون الاولى بعد ولادة المسيح.‏ فما علَّموا به ذو اهمية.‏

      ان يوستينوس الشهيد،‏ الذي مات نحو السنة ١٦٥ ب‌م،‏ دعا يسوع قبل بشريته ملاكا مخلوقا هو «غير اللّٰه الذي صنع كل الاشياء.‏» وقال ان يسوع هو ادنى من اللّٰه و «لم يفعل شيئا إلا ما اراد الخالق .‏ .‏ .‏ ان يفعله ويقوله.‏»‏

      وايريناوس،‏ الذي مات نحو السنة ٢٠٠ ب‌م،‏ قال ان يسوع قبل بشريته كان له وجود منفصل عن اللّٰه وكان ادنى منه.‏ وأظهر ان يسوع ليس مساويا ‹للاله الواحد الحقيقي والوحيد،‏› الذي هو «اسمى من الجميع،‏ ولا احد آخر مثله.‏»‏

      وكليمنت الاسكندري،‏ الذي مات نحو السنة ٢١٥ ب‌م،‏ دعا اللّٰه «الاله غير المخلوق والذي لا يفنى والحقيقي الوحيد.‏» وقال ان الابن «هو بعد الآب الوحيد القادر على كل شيء» ولكن ليس مساويا له.‏

      وترتليان،‏ الذي مات نحو السنة ٢٣٠ ب‌م،‏ علَّم بسموّ اللّٰه.‏ وعلَّق قائلا:‏ «الآب مختلف عن الابن (‏شخص آخَر)‏،‏ اذ هو اعظم؛‏ اذ ان الذي يلِد مختلف عن الذي يولَد؛‏ الذي يُرسِل مختلف عن الذي يُرسَل.‏» وقال ايضا:‏ «كان هنالك وقت لم يكن فيه يسوع.‏ .‏ .‏ .‏ قبل كل الاشياء كان اللّٰه وحده.‏»‏

      وهيبوليتوس،‏ الذي مات نحو السنة ٢٣٥ ب‌م،‏ قال ان اللّٰه هو «الاله الواحد،‏ الاول والوحيد،‏ الصانع ورب الجميع،‏» الذي «لا شيء مزامن [بعمر مساوٍ] له .‏ .‏ .‏ ولكنه كان واحدا،‏ وحده بذاته؛‏ الذي،‏ اذ اراد ذلك،‏ دعا الى الوجود ما لم يكن له وجود من قبل،‏» كيسوع المخلوق قبل بشريته.‏

      وأوريجينس،‏ الذي مات نحو السنة ٢٥٠ ب‌م،‏ قال ان «الآب والابن جوهران .‏ .‏ .‏ شيئان في ما يتعلق بذاتهما،‏» وانه «لدى مقارنته بالآب يكون [الابن] نورا ضئيلا جدا.‏»‏

      واذ يلخص الدليل التاريخي يقول ألڤان لامسون في كنيسة القرون الثلاثة الاولى:‏ «العقيدة الشائعة العصرية للثالوث .‏ .‏ .‏ لا تستمد ايّ تأييد من لغة يوستينوس [الشهيد]:‏ وهذه الملاحظة يمكن ان تشمل كل آباء ما قبل مجمع نيقية؛‏ اي كل الكتبة المسيحيين طوال ثلاثة قرون بعد ميلاد المسيح.‏ صحيح انهم يتكلمون عن الآب والابن و .‏ .‏ .‏ الروح القدس ولكن ليس بأنهم متساوون معا،‏ ليس بأنهم جوهر عددي واحد،‏ ليس بأنهم ثلاثة في واحد،‏ بأيّ معنى يعترف به الثالوثيون الآن.‏ والعكس تماما هو الواقع.‏»‏

      وهكذا فان شهادة الكتاب المقدس والتاريخ توضح ان الثالوث لم يكن معروفا في كل ازمنة الكتاب المقدس وطوال عدة قرون بعد ذلك.‏

      ‏[النبذة في الصفحة ٧]‏

      ‏«لا دليل هنالك على ان ايًّا من كتبة الكتابات المقدسة تَوقَّع ايضا وجود [ثالوث] في الذات الالهية.‏» —‏ الاله الثالوثي

  • كيف تطوَّرت عقيدة الثالوث؟‏
    هل يجب ان تؤمنوا بالثالوث؟‏
    • كيف تطوَّرت عقيدة الثالوث؟‏

      في هذه المرحلة قد تسألون:‏ ‹إن لم يكن الثالوث تعليما للكتاب المقدس،‏ فكيف صار عقيدة العالم المسيحي؟‏› يعتقد كثيرون انه صِيغَ في مجمع نيقية في سنة ٣٢٥ ب‌م.‏

      ولكنّ ذلك ليس صحيحا كليا.‏ فمجمع نيقية زعم فعلا ان المسيح هو من الجوهر نفسه كالآب،‏ وذلك وضع الاساس للاَّهوت الثالوثي اللاحق.‏ ولكنه لم يؤسس الثالوث،‏ لانه في ذلك المجمع لم يكن هنالك ذكر للروح القدس بصفته الاقنوم الثالث لذات الهية ثالوثية.‏

      دور قسطنطين في نيقية

      طوال سنوات كثيرة كان هنالك الكثير من المقاومة على اساس الكتاب المقدس للفكرة المتطورة القائلة ان يسوع هو اللّٰه.‏ وفي محاولة لحل الجدال دعا قسطنطين الامبراطور الروماني جميع الاساقفة الى نيقية.‏ ونحو ٣٠٠ اسقف،‏ جزء صغير من المجموع،‏ حضروا فعلا.‏

      لم يكن قسطنطين مسيحيا.‏ ويُظنّ انه اهتدى في اواخر حياته،‏ ولكنه لم يعتمد حتى صار على فراش الموت.‏ وعنه يقول هنري تشادويك في الكنيسة الباكرة:‏ «كان قسطنطين،‏ كأبيه،‏ يعبد الشمس التي لا تُقهر؛‏ .‏ .‏ .‏ واهتداؤه لا يجب التفسير انه اختبار داخلي للنعمة .‏ .‏ .‏ لقد كان ذلك قضية عسكرية.‏ وفهمه للعقيدة المسيحية لم يكن قط واضحا جدا،‏ ولكنه كان على يقين من ان الانتصار في المعركة يكمن في هبة اله المسيحيين.‏»‏

      وأيّ دور قام به هذا الامبراطور غير المعتمد في مجمع نيقية؟‏ تخبر دائرة المعارف البريطانية:‏ «قسطنطين نفسه اشرف،‏ موجِّها المناقشات بفعالية،‏ واقترح شخصيا .‏ .‏ .‏ الصيغة الحاسمة التي اظهرت علاقة المسيح باللّٰه في الدستور الذي اصدره المجمع،‏ ‹من جوهر واحد مع الآب› .‏ .‏ .‏ واذ كانوا يرتاعون من الامبراطور فان الاساقفة،‏ باستثناء اثنين فقط،‏ وقَّعوا الدستور،‏ وكثيرون منهم ضد رغبتهم.‏»‏

      لذلك كان دور قسطنطين حاسما.‏ فبعد شهرين من الجدال الديني العنيف تدخَّل هذا السياسي الوثني واتخذ قرارا لمصلحة اولئك الذين قالوا بأن يسوع هو اللّٰه.‏ ولكن لماذا؟‏ بالتاكيد ليس لسبب ايّ اقتناع مؤسس على الكتاب المقدس.‏ «من حيث الاساس،‏ لم يكن لدى قسطنطين فهمٌ على الاطلاق للاسئلة التي كانت تُطرح في اللاهوت اليوناني،‏» يقول تاريخ قصير للعقيدة المسيحية.‏ ان ما فهمه فعلا كان ان الانشقاق الديني تهديد لامبراطوريته،‏ وكان يرغب في جعل منطقته متينة.‏

      ولكن لا احد من الاساقفة في نيقية روَّج الثالوث.‏ لقد قرروا فقط طبيعة يسوع ولكن ليس دور الروح القدس.‏ ولو كان الثالوث حقيقة واضحة للكتاب المقدس أفلا يلزم ان يكونوا قد اقترحوه في ذلك الوقت؟‏

      تطوُّر اضافي

      بعد نيقية استمرت المناقشات في هذا الموضوع لعقود.‏ واولئك الذين كانوا يؤمنون بأن يسوع ليس مساويا للّٰه جرى كذلك استحسانهم من جديد لمدة من الوقت.‏ ولكن في ما بعد اتخذ الامبراطور ثيودوسيوس قرارا ضدهم.‏ وثبَّت دستور مجمع نيقية بصفته المقياس لمملكته ودعا الى مجمع القسطنطينية في سنة ٣٨١ ب‌م لايضاح الصيغة.‏

      ووافق هذا المجمع على وضع الروح القدس في المستوى نفسه مع اللّٰه والمسيح.‏ وللمرة الاولى ابتدأ يبرز ثالوث العالم المسيحي.‏

      ولكن،‏ حتى بعد مجمع القسطنطينية،‏ لم يصر الثالوث دستورا مقبولا على نحو واسع.‏ فكثيرون قاوموه وبالتالي جلبوا على انفسهم الاضطهاد العنيف.‏ وفي القرون اللاحقة فقط كان انّ الثالوث صِيغَ في دساتير مقرَّرة.‏ تكتب دائرة المعارف الاميركية:‏ «التطور الكامل للاعتقاد بالتثليث حدث في الغرب،‏ في السكولاستية [الفلسفة اللاهوتية] للعصور الوسطى،‏ عندما جرى قبول تفسير بلغة الفلسفة وعلم النفس.‏»‏

      الدستور الاثناسيوسي

      جرى تعريف الثالوث على نحو اكمل في الدستور الاثناسيوسي.‏ وكان اثناسيوس رجل دين ايَّد قسطنطين في نيقية.‏ والدستور الذي يحمل اسمه يعلن:‏ «نعبد الها واحدا في ثالوث .‏ .‏ .‏ الآب هو اللّٰه،‏ الابن هو اللّٰه،‏ والروح القدس هو اللّٰه؛‏ ولكنهم ليسوا ثلاثة آلهة،‏ بل اله واحد.‏»‏

      ومع ذلك،‏ يوافق العلماء ذوو الاطلاع الحسن ان اثناسيوس لم يشكِّل هذا الدستور.‏ تعلِّق دائرة المعارف البريطانية الجديدة:‏ «لم يُعرف الدستور عند الكنيسة الشرقية حتى القرن الـ‍ ١٢.‏ ومنذ القرن الـ‍ ١٧ يوافق العلماء عموما ان الدستور الاثناسيوسي لم يكتبه اثناسيوس (‏مات سنة ٣٧٣)‏ ولكنه تشكَّل على الارجح في جنوب فرنسا خلال القرن الـ‍ ٥.‏ .‏ .‏ .‏ ويبدو ان تأثير الدستور كان على نحو رئيسي في جنوب فرنسا واسپانيا في القرنين الـ‍ ٦ والـ‍ ٧.‏ واستُعمل في طقوس الكنيسة في المانيا في القرن الـ‍ ٩ وبعد ذلك بقليل في روما.‏»‏

      وهكذا استغرقت صيرورة الثالوث مقبولا على نحو واسع في العالم المسيحي قرونا منذ زمن المسيح.‏ وفي كل ذلك،‏ ماذا وجَّه القرارات؟‏ هل كان ذلك كلمة اللّٰه؟‏ أم كان آراء رجال الدين والسياسة؟‏ في اصل الدين وتطوره يجيب المؤرخ إ.‏ و.‏ هوپكنز:‏ «التعريف الأرثوذكسي الاخير للثالوث كان على نحو اساسي مسألة سياسة الكنيسة.‏»‏

      الإنباء بالارتداد

      ان هذا التاريخ الرديء السمعة للثالوث يلائم ما انبأ يسوع ورسله بأنه سيلي زمنهم.‏ فقد قالوا انه سيكون هنالك ارتداد،‏ انحراف،‏ ابتعاد عن العبادة الحقيقية حتى رجوع المسيح،‏ الوقت الذي فيه يجري ردّ العبادة الحقيقية قبل يوم اللّٰه لدمار نظام الاشياء هذا.‏

      وعن ذلك «اليوم» قال الرسول بولس:‏ «لا يأتي إن لم يأتِ الارتداد اولا ويُستعلَن انسان الخطية.‏» (‏٢ تسالونيكي ٢:‏٣،‏ ٧‏)‏ وفي ما بعد انبأ:‏ «بعد ذهابي سيدخل بينكم ذئاب خاطفة لا تشفق على الرعية.‏ ومنكم انتم سيقوم رجال يتكلمون بأمور ملتوية ليجتذبوا التلاميذ وراءهم.‏» (‏اعمال ٢٠:‏٢٩،‏ ٣٠‏)‏ وتلاميذ يسوع الآخرون كتبوا ايضا عن هذا الارتداد بصف رجال دينه ‹الخاطئ.‏› —‏ انظروا،‏ مثلا،‏ ٢ بطرس ٢:‏١؛‏ ١ يوحنا ٤:‏١-‏٣؛‏ يهوذا ٣،‏ ٤‏.‏

      وكتب بولس ايضا:‏ «سيكون وقت لا يحتملون فيه التعليم الصحيح بل حسب شهواتهم الخاصة يجمعون لهم معلمين مستحكة مسامعهم فيصرفون مسامعهم عن الحق وينحرفون الى الخرافات.‏» —‏ ٢ تيموثاوس ٤:‏٣،‏ ٤‏.‏

      ويسوع نفسه اوضح ما كان وراء هذا الابتعاد عن العبادة الحقيقية.‏ فقال انه زرع زرعا جيدا ولكنّ العدو،‏ الشيطان،‏ كان سيزرع كذلك في الحقل زوانا.‏ ولذلك،‏ مع الاوراق الاولى للحنطة،‏ ظهر الزوان ايضا.‏ وهكذا فان الانحراف عن المسيحية النقية كان سيُتوقع حتى الحصاد حين يُصلح المسيح الامور.‏ (‏متى ١٣:‏٢٤-‏٤٣‏)‏ تعلِّق دائرة المعارف الاميركية:‏ «الاعتقاد بالتثليث في القرن الرابع لم يعكس بدقة التعليم المسيحي الباكر عن طبيعة اللّٰه؛‏ وعلى العكس،‏ كان انحرافا عن هذا التعليم.‏» اذًا،‏ اين نشأ هذا الانحراف؟‏ —‏ ١ تيموثاوس ١:‏٦‏.‏

      ما اثَّر فيه

      في كل مكان من العالم القديم،‏ رجوعا الى بابل،‏ كانت عبادة الآلهة الوثنية المجموعة في فِرَق من ثلاثة،‏ او ثواليث،‏ شائعة.‏ وهذا التأثير كان ايضا سائدا في مصر واليونان ورومية في القرون التي قبل،‏ وفي ايام،‏ وبعد المسيح.‏ وبعد موت الرسل ابتدأت مثل هذه المعتقدات الوثنية تجتاح المسيحية.‏

      يعلِّق المؤرخ وِل ديورانت:‏ «المسيحية لم تدمِّر الوثنية؛‏ لقد تبنَّتها.‏ .‏ .‏ .‏ ومن مصر اتت افكار الثالوث الالهي.‏» وفي كتاب الدين المصري يكتب سيڠفريد مورنز:‏ «كان الثالوث شغل اللاهوتيين المصريين الرئيسي .‏ .‏ .‏ تُجمع ثلاثة آلهة وتُعتبر كائنا واحدا،‏ اذ تجري مخاطبتها بصيغة المفرد.‏ بهذه الطريقة تُظهِر القوة الروحية للدين المصري صلة مباشرة باللاهوت المسيحي.‏»‏

      وهكذا في الاسكندرية،‏ مصر،‏ اعرب رجال الكنيسة لاواخر القرن الثالث واوائل الرابع،‏ مثل اثناسيوس،‏ عن هذا التأثير اذ صاغوا افكارا قادت الى الثالوث.‏ وانتشر تأثيرهم،‏ حتى ان مورنز يعتبر «اللاهوت الاسكندري وسيطا بين التراث الديني المصري والمسيحية.‏»‏

      وفي مقدمة تاريخ المسيحية بواسطة ادوارد غيبون نقرأ:‏ «اذا كانت المسيحية قد قهرت الوثنية يكون صحيحا على نحو مساوٍ ان الوثنية قد افسدت المسيحية.‏ والربوبية النقية للمسيحيين الاولين .‏ .‏ .‏ تحوَّلت،‏ بواسطة كنيسة روما،‏ الى عقيدة للثالوث لا يمكن فهمها.‏ والكثير من المعتقدات الوثنية،‏ التي اختلقها المصريون وجعلها افلاطون مثالية،‏ جرى استبقاؤها بصفتها جديرة بالايمان.‏»‏

      ويشير قاموس المعرفة الدينية الى ان كثيرين يقولون ان الثالوث «فساد استُعير من الاديان الوثنية،‏ وطُعِّم في الايمان المسيحي.‏» ويعلن الوثنية في مسيحيتنا:‏ «اصل [الثالوث] وثني تماما.‏»‏

      لهذا السبب،‏ في دائرة معارف الدين والاخلاق،‏ كتب جيمس هيستينڠز:‏ «في الديانة الهندية،‏ مثلا،‏ نواجه المجموعة الثالوثية من براهما،‏ شيڤا،‏ وڤيشنو؛‏ وفي الديانة المصرية المجموعة الثالوثية من أوزيريس،‏ إيزيس،‏ وحُورَس .‏ .‏ .‏ وليس فقط في الديانات التاريخية يحدث اننا نجد ان اللّٰه يُعتبر ثالوثا.‏ فالمرء يذكر خصوصا النظرة الافلاطونية المحدَثة الى الحقيقة الاسمى او المطلقة،‏» التي هي «ممثَّلة ثالوثيا.‏» فما علاقة الفيلسوف اليوناني افلاطون بالثالوث؟‏

      الافلاطونية

      يُعتقد ان افلاطون عاش من ٤٢٨ الى ٣٤٧ قبل المسيح.‏ وفي حين انه لم يعلِّم الثالوث بصيغته الحاضرة فقد مهَّدت فلسفاته الطريق له.‏ فلاحقا برزت الحركات الفلسفية التي شملت المعتقدات الثالوثية،‏ وهذه اثرت فيها افكار افلاطون عن اللّٰه والطبيعة.‏

      يقول القاموس الكوني الجديد الفرنسي عن تأثير افلاطون:‏ «‏الثالوث الافلاطوني،‏ الذي هو بحد ذاته مجرد ترتيب جديد لثواليث اقدم يرجع تاريخها الى شعوب ابكر،‏ يبدو انه الثالوث الفلسفي العقلاني للصفات التي وَلدت الشخصيات او الاقانيم الالهية الثلاثة التي تعلِّمها الكنائس المسيحية.‏ .‏ .‏ .‏ ومفهوم هذا الفيلسوف اليوناني للثالوث الالهي .‏ .‏ .‏ يمكن ايجاده في كل الديانات [الوثنية] القديمة.‏»‏

      ودائرة معارف شاف-‏إرزوڠ الجديدة للمعرفة الدينية تُظهر تأثير هذه الفلسفة اليونانية:‏ «ان عقيدتي لوڠوس والثالوث اخذتا شكلهما من الآباء اليونانيين الذين .‏ .‏ .‏ تأثروا جدا،‏ بطريقة مباشرة او غير مباشرة،‏ بالفلسفة الافلاطونية .‏ .‏ .‏ أمّا ان الاخطاء والمفاسد زحفت الى الكنيسة من هذا المصدر فلا يمكن انكاره.‏»‏

      يقول كنيسة القرون الثلاثة الاولى:‏ «كان لعقيدة الثالوث تشكُّل تدرُّجي ومتأخر نسبيا؛‏ .‏ .‏ .‏ فكان لها اصلها في مصدر غريب كليا عن ذاك الذي للاسفار اليهودية والمسيحية؛‏ .‏ .‏ .‏ لقد نمت،‏ وطُعِّمت في المسيحية،‏ على ايدي الآباء الافلاطونيين.‏»‏

      وبحلول نهاية القرن الثالث ب‌م صارت «المسيحية» والفلسفات الافلاطونية الجديدة متحدة على نحو لا ينفصل.‏ وكما يعلن ادولف هارناك في مجمل تاريخ العقيدة،‏ صارت عقيدة الكنيسة «متأصلة على نحو راسخ في تربة الهلِّينية [الفكر اليوناني الوثني].‏ وبذلك صارت سرا للاغلبية العظمى من المسيحيين.‏»‏

      ادَّعت الكنيسة ان عقائدها الجديدة مؤسسة على الكتاب المقدس.‏ ولكنّ هارناك يقول:‏ «في الحقيقة،‏ لقد اباحت في وسطها الفكر الهلِّيني،‏ الآراء والعادات الخرافية للعبادة السرية الوثنية.‏»‏

      وفي كتاب بيان للحجج يقول أندروز نورتن عن الثالوث:‏ ‏«يمكننا ان نتتبَّع تاريخ هذه العقيدة ونكتشف مصدرها،‏ لا في الاعلان المسيحي،‏ بل في الفلسفة الافلاطونية؛‏ .‏ .‏ .‏ ليس الثالوث عقيدة المسيح ورسله،‏ ولكنه خيال مدرسة الافلاطونيين اللاحقين.‏»‏

      وهكذا،‏ في القرن الرابع ب‌م،‏ وصل الارتداد الذي انبأ به يسوع والرسل الى ذروته.‏ وتطوُّر الثالوث كان مجرد دليل واحد على ذلك.‏ فالكنائس المرتدة ابتدأت ايضا تعتنق افكارا وثنية اخرى كنار الهاوية،‏ خلود النفس،‏ والصنمية.‏ وبلغة روحية،‏ دخل العالم المسيحي عصوره المظلمة المنبأ بها،‏ اذ ساد عليه صف متزايد من رجال دين «انسان الخطية.‏» —‏ ٢ تسالونيكي ٢:‏٣،‏ ٧‏.‏

      لماذا انبياء اللّٰه لم يعلِّموا به؟‏

      ولماذا،‏ طوال آلاف السنين،‏ لم يعلِّم احد من انبياء اللّٰه شعبه عن الثالوث؟‏ وأخيرا،‏ ألم يكن يسوع ليستخدم مقدرته بصفته المعلِّم الكبير لجعل الثالوث واضحا لأتباعه؟‏ هل كان اللّٰه سيوحي بمئات صفحات الاسفار المقدسة ومع ذلك لا يستخدم ايًّا من هذا الارشاد ليعلِّم الثالوث لو كان ذلك «العقيدة المركزية» للايمان؟‏

      هل يجب ان يؤمن المسيحيون بأن اللّٰه بعد المسيح بقرون وبعد الايحاء بكتابة الكتاب المقدس كان سيؤيد صيغة عقيدة لم تكن معروفة عند خدامه طوال آلاف السنين،‏ عقيدة هي ‹سر غامض› «أبعد من ادراك العقل البشري،‏» عقيدة من المسلَّم به انه كانت لها خلفية وثنية وكانت «على نحو اساسي مسألة سياسة الكنيسة»؟‏

      ان شهادة التاريخ واضحة:‏ تعليم الثالوث هو انحراف عن الحق،‏ ارتداد عنه.‏

      ‏[النبذة في الصفحة ٨]‏

      ‏‹الاعتقاد بالتثليث في القرن الرابع كان انحرافا عن التعليم المسيحي الباكر.‏› —‏ دائرة المعارف الاميركية

      ‏[الاطار في الصفحة ٩]‏

      ‏«ثالوث الآلهة العظيمة»‏

      قبل زمن المسيح بقرون كثيرة كانت هنالك ثواليث من الآلهة في بابل وأشور القديمتين.‏ و «دائرة معارف لاروس للاساطير» الفرنسية تشير الى احد تلك الثواليث في منطقة ما بين النهرين هذه:‏ «كان الكون منقسما الى ثلاث مناطق صار كلٌّ منها مقاطعة لاله.‏ حصة آنو كانت السماء.‏ والارض أُعطيت لانليل.‏ وايا صار حاكم المياه.‏ ومعا كانوا يؤلفون ثالوث الآلهة العظيمة.‏»‏

      ‏[الاطار في الصفحة ١٢]‏

      الثالوث الهندوسي

      يقول كتاب «رمزية الآلهة والشعائر الهندوسية» عن ثالوث هندوسي وُجد قبل المسيح بقرون:‏ «شيڤا هو احد آلهة الثالوث.‏ ويُقال انه اله الدمار.‏ والإلٰهان الآخران هما براهما،‏ اله الخلق وڤيشنو،‏ اله الحفظ.‏ .‏ .‏ .‏ وللدلالة على ان هذه العمليات الثلاث هي واحدة،‏ وهي الامر نفسه،‏ يجري جمع الآلهة الثلاثة في شكل واحد.‏» —‏ نُشر بواسطة أ.‏ پارثاساراثي،‏ بومباي.‏

      ‏[الصورة في الصفحة ٨]‏

      ‏«من حيث الاساس،‏ لم يكن لدى قسطنطين فهمٌ على الاطلاق للاسئلة التي كانت تُطرح في اللاهوت اليوناني.‏» —‏ تاريخ قصير للعقيدة المسيحية

      ‏[الصور في الصفحة ١٠]‏

      ١-‏ مصر.‏ ثالوث حُورَس،‏ أوزيريس،‏ إيزيس،‏ الالف الـ‍ ٢ ق‌م

      ٢-‏ بابل.‏ ثالوث عَشْتار،‏ سِن،‏ شَمَش،‏ الالف الـ‍ ٢ ق‌م

      ٣-‏ تدمر.‏ ثالوث اله القمر،‏ رب السموات،‏ اله الشمس،‏ نحو القرن الـ‍ ١ ب‌م

      ٤-‏ الهند.‏ اله هندوسي ثالوثي،‏ نحو القرن الـ‍ ٧ ب‌م

      ٥-‏ كمپوتشيا.‏ اله بوذي ثالوثي،‏ نحو القرن الـ‍ ١٢ ب‌م

      ٦-‏ النروج.‏ ثالوث (‏الآب،‏ الابن،‏ الروح القدس)‏،‏ نحو القرن الـ‍ ١٣ ب‌م

      ٧-‏ فرنسا.‏ ثالوث،‏ نحو القرن الـ‍ ١٤ ب‌م

      ٨-‏ ايطاليا.‏ ثالوث،‏ نحو القرن الـ‍ ١٥ ب‌م

      ٩-‏ المانيا.‏ ثالوث،‏ نحو القرن الـ‍ ١٩ ب‌م

      ١٠-‏ المانيا.‏ ثالوث،‏ القرن الـ‍ ٢٠ ب‌م

  • ماذا يقول الكتاب المقدس عن اللّٰه ويسوع؟‏
    هل يجب ان تؤمنوا بالثالوث؟‏
    • ماذا يقول الكتاب المقدس عن اللّٰه ويسوع؟‏

      اذا قرأ الناس الكتاب المقدس من اوله الى آخره دون ان تكون لديهم فكرة مسبقة عن الثالوث،‏ هل يتوصلون الى مثل هذه الفكرة من تلقاء انفسهم؟‏ كلا على الاطلاق.‏

      وما يَظهر واضحا جدا للقارئ عديم المحاباة هو ان اللّٰه وحده هو الكلي القدرة،‏ الخالق،‏ المنفصل والمتميز عن ايّ شخص آخر،‏ وأن يسوع،‏ حتى في وجوده السابق لبشريته،‏ منفصل ومتميز ايضا،‏ كائن مخلوق،‏ ادنى من اللّٰه.‏

      اللّٰه واحد،‏ لا ثلاثة

      ان تعليم الكتاب المقدس بأن اللّٰه واحد يُدعى التوحيد.‏ ويشير ل.‏ ل.‏ پين،‏ استاذ التاريخ الكنسي،‏ الى ان التوحيد في شكله الانقى لا يسمح بثالوث:‏ «العهد القديم توحيدي تماما.‏ فاللّٰه كائن شخصي واحد.‏ والفكرة ان الثالوث يجب ان يوجد هناك .‏ .‏ .‏ لا اساس لها مطلقا.‏»‏

      وهل كان هنالك ايّ تغيير عن التوحيد بعد مجيء يسوع الى الارض؟‏ يجيب پين:‏ «في هذه النقطة ليس هنالك تغيير بين العهد القديم والجديد.‏ فالتقليد التوحيدي مستمر.‏ كان يسوع يهوديا،‏ درَّبه والدان يهوديان في اسفار العهد القديم.‏ وتعليمه كان يهوديا حتى الصميم؛‏ انجيلا جديدا حقا،‏ ولكن ليس لاهوتا جديدا.‏ .‏ .‏ .‏ ولقد قبِل كمعتقد له الآية العظيمة للتوحيد اليهودي:‏ ‹اسمع يا اسرائيل.‏ الرب الهنا رب واحد.‏›»‏

      هذه الكلمات موجودة في التثنية ٦:‏٤‏.‏ والكتاب المقدس الاورشليمي الجديد (‏ك‌اج‏)‏ الكاثوليكي يقول هنا:‏ «اسمع،‏ يا اسرائيل:‏ يهوِه الهنا هو يهوِه الواحد،‏ الوحيد.‏»‏a وفي قواعد اللغة لهذه الآية ليست للكلمة «واحد» مقيِّدات نحوية للمعنى بصيغة الجمع لتقترح انها تعني ايّ شيء غير فرد واحد.‏

      والرسول المسيحي بولس لم يكن يشير الى ايّ تغيير في طبيعة اللّٰه ايضا،‏ حتى بعد مجيء يسوع الى الارض.‏ لقد كتب:‏ «اللّٰه واحد.‏» —‏ غلاطية ٣:‏٢٠‏؛‏ انظروا ايضا ١ كورنثوس ٨:‏٤-‏٦‏.‏

      وآلاف المرات في كل الكتاب المقدس يجري التكلم عن اللّٰه بصفته شخصا واحدا.‏ فعندما يتكلم يكون ذلك كفرد واحد غير منقسم.‏ ولا يمكن ان يكون الكتاب المقدس اكثر وضوحا في ذلك.‏ وكما يقول اللّٰه:‏ «‏انا الرب هذا اسمي ومجدي لا اعطيه لآخر.‏» (‏اشعياء ٤٢:‏٨‏)‏ «‏انا الرب الهك .‏ .‏ .‏ لا يكن لك آلهة اخرى امامي.‏‏» (‏الحروف المائلة لنا.‏)‏ —‏ خروج ٢٠:‏٢،‏ ٣‏.‏

      ولماذا كان جميع كتبة الكتاب المقدس الموحى اليهم من اللّٰه سيتكلمون عن اللّٰه بصفته شخصا واحدا لو كان فعلا ثلاثة اقانيم؟‏ ايّ قصد يخدمه ذلك إلا ان يُضل الناس؟‏ وبالتاكيد،‏ لو كان اللّٰه مكوَّنا من ثلاثة اقانيم لَجعَل كتبةَ الكتاب المقدس يوضحون ذلك جيدا بحيث لا يمكن ان يكون هنالك شك في ذلك.‏ وعلى الاقل،‏ لكان كتبة الاسفار اليونانية المسيحية،‏ الذين كان لهم اتصال شخصي بابن اللّٰه،‏ قد فعلوا ذلك.‏ ولكنهم لم يفعلوا.‏

      وعوض ذلك،‏ فان ما جعله كتبة الكتاب المقدس فعلا واضحا جدا هو ان اللّٰه شخص واحد —‏ كائن فريد غير منقسم لا يساويه احد:‏ «انا الرب وليس آخَر.‏ لا اله سواي.‏» (‏اشعياء ٤٥:‏٥‏)‏ «اسمك يهوه وحدك العلي على كل الارض.‏» —‏ مزمور ٨٣:‏١٨‏.‏

      ليس الها متعدِّدا

      كان يسوع يدعو اللّٰه «الاله الحقيقي الوحيد.‏» (‏يوحنا ١٧:‏٣‏،‏ ع‌ج)‏ ولم يكن قط يشير الى اللّٰه كاله من اقانيم متعدِّدة.‏ لهذا السبب لا يوجد مكان في الكتاب المقدس يُدعى فيه احد كلي القدرة سوى يهوه.‏ وإلا لأبطل ذلك معنى الكلمة «كلي القدرة.‏» فلا يسوع ولا الروح القدس يُدعيان هكذا على الاطلاق،‏ لان يهوه وحده هو الاسمى.‏ يعلن في التكوين ١٧:‏١‏،‏ ع‌ج:‏ «انا اللّٰه الكلي القدرة.‏» وتقول خروج ١٨:‏١١‏:‏ «الرب اعظم من جميع الآلهة.‏»‏

      في الاسفار العبرانية،‏ هنالك للكلمة إلوهاه (‏إله)‏ صيغتان للجمع،‏ اي إلوهيم (‏آلهة)‏ وإلوهِه (‏آلهة لـ‍)‏.‏ وصيغتا الجمع هاتان تشيران عموما الى يهوه،‏ الحالة التي فيها تُترجمان بصيغة المفرد الى «اللّٰه.‏» فهل تشير صيغتا الجمع هاتان الى ثالوث؟‏ كلا،‏ ليس الامر كذلك.‏ وفي قاموس الكتاب المقدس يقول وليم سميث:‏ «الفكرة الخيالية ان [‏إلوهيم‏] اشارت الى ثالوث من الاقانيم في الذات الالهية قلما تجد الآن مؤيِّدا بين العلماء.‏ فذلك إما ما يدعوه النحويون جمع الجلالة،‏ او انه يشير الى تمام القوة الالهية،‏ مجموع القدرات التي يعرب عنها اللّٰه.‏»‏

      وتقول المجلة الاميركية للغات وعلوم الادب الساميّة عن إلوهيم:‏ «انها دون استثناء تقريبا تُعرَب مع مسنَد فعلي مفرد،‏ وتأخذ صفة نعتية مفردة.‏» ولايضاح ذلك،‏ يَظهر اللقب إلوهيم ٣٥ مرة وحده في رواية الخلق،‏ وفي كل مرة يكون الفعل الذي يصف ما قاله وفعله اللّٰه بصيغة المفرد.‏ (‏تكوين ١:‏١-‏٢:‏٤‏)‏ وهكذا تختتم هذه المطبوعة:‏ «[‏إلوهيم‏] يجب بالاحرى التفسير بأنها جمع توكيدي،‏ اذ تشير الى العظمة والجلالة.‏»‏

      وإلوهيم لا تعني «اقانيم» بل «آلهة.‏» وهكذا فان اولئك الذين يحتجون بأن هذه الكلمة تدل ضمنا على ثالوث يجعلون انفسهم مشرِكين،‏ عبّادا لاكثر من اله واحد.‏ ولماذا؟‏ لان ذلك يعني ان هنالك ثلاثة آلهة في الثالوث.‏ ولكنّ جميع مؤيدي الثالوث تقريبا يرفضون الفكرة ان الثالوث مؤلف من ثلاثة آلهة منفصلة.‏

      والكتاب المقدس يستعمل ايضا الكلمتين إلوهيم وإلوهِه عند الاشارة الى عدد من الآلهة الوثنية الباطلة.‏ (‏خروج ١٢:‏١٢؛‏ ٢٠:‏٢٣‏)‏ ولكن في احيان اخرى يمكن ان يشير ذلك الى مجرد اله باطل واحد،‏ كما عندما اشار الفلسطينيون الى «داجون الههم [‏إلوهِه‏].‏» (‏قضاة ١٦:‏٢٣،‏ ٢٤‏)‏ وبعل يدعى ‹الها [‏إلوهيم‏].‏› (‏١ ملوك ١٨:‏٢٧‏)‏ وبالاضافة الى ذلك،‏ يُستعمل التعبير للبشر.‏ (‏مزمور ٨٢:‏١،‏ ٦‏)‏ وقد قيل لموسى انه يجب ان يخدم ‹كإله [‏إلوهيم‏]› لهٰرون وفرعون.‏ —‏ خروج ٤:‏١٦؛‏ ٧:‏١‏.‏

      من الواضح ان استعمال اللقبين إلوهيم وإلوهِه للآلهة الباطلة،‏ وحتى للبشر،‏ لم يكن يدل ضمنا على ان كلاًّ منهم هو عدد من الآلهة؛‏ ولا يعني ايضا تطبيق إلوهيم او إلوهِه على يهوه انه اكثر من شخص واحد،‏ وخصوصا عندما نتأمل في شهادة باقي الكتاب المقدس حول هذا الموضوع.‏

      يسوع خليقة منفصلة

      عندما كان على الارض كان يسوع انسانا،‏ رغم انه كان كاملا لان اللّٰه هو الذي نقل قوة حياة يسوع الى رحم مريم.‏ (‏متى ١:‏١٨-‏٢٥‏)‏ ولكنّ ذلك ليس الطريقة التي بها ابتدأ.‏ فهو نفسه اعلن انه «نزل من السماء.‏» (‏يوحنا ٣:‏١٣‏)‏ ولذلك كان طبيعيا جدا ان يقول في ما بعد لأتباعه:‏ «فإن رأيتم ابن الانسان [يسوع] صاعدا الى حيث كان اولا.‏» —‏ يوحنا ٦:‏٦٢‏.‏

      وهكذا كان ليسوع وجود في السماء قبل المجيء الى الارض.‏ ولكن هل كان ذلك كواحد من الاقانيم في ذات الهية ثالوثية سرمدية قادرة على كل شيء؟‏ كلا،‏ لان الكتاب المقدس يعلن بوضوح انه في وجوده السابق لبشريته كان يسوع كائنا روحانيا مخلوقا،‏ تماما كما كانت الملائكة كائنات روحانية مخلوقة من اللّٰه.‏ فلا الملائكة ولا يسوع كانوا قد وُجدوا قبل خلقهم.‏

      كان يسوع،‏ في وجوده السابق لبشريته،‏ «بكر كل خليقة.‏» (‏كولوسي ١:‏١٥‏)‏ لقد كان «بداءة خليقة اللّٰه.‏» (‏رؤيا ٣:‏١٤‏)‏ والكلمة «بداءة» [باليونانية،‏ ارخي‏] لا يمكن بالصواب التفسير بأنها تعني ان يسوع ‹مبدئ› خليقة اللّٰه.‏ وفي كتاباته للكتاب المقدس يستعمل يوحنا صيغا عديدة للكلمة اليونانية ارخي اكثر من ٢٠ مرة،‏ وهذه دائما لها المعنى المشترك لـ‍ «بداءة.‏» نعم،‏ كان يسوع مخلوقا من اللّٰه بصفته بداءة خلائق اللّٰه غير المنظورة.‏

      لاحظوا كم ترتبط هذه الاشارات الى اصل يسوع على نحو وثيق بالعبارات التي تفوَّهت بها «الحكمة» المجازية في سفر الامثال للكتاب المقدس:‏ «الرب (‏خلقني،‏ ك‌اج)‏ اول طريقه من قبل اعماله منذ القدم.‏ من قبل ان تقرَّرَت الجبال قبل التلال أُبدئتُ.‏ اذ لم يكن قد صنع الارض بعدُ ولا البراري ولا اول أعفار المسكونة.‏» (‏امثال ٨:‏١٢،‏ ٢٢،‏ ٢٥،‏ ٢٦‏)‏ وبينما يُستعمل التعبير «حكمة» لتجسيم ذاك الذي خلقه اللّٰه يوافق معظم العلماء ان ذلك فعلا لغة مجازية عن يسوع كمخلوق روحاني قبل وجوده البشري.‏

      وبصفته «الحكمة» في وجوده السابق لبشريته يمضي يسوع قائلا انه كان «عنده [اللّٰه] صانعا.‏» (‏امثال ٨:‏٣٠‏)‏ وبانسجام مع دوره كصانع تقول كولوسي ١:‏١٦ عن يسوع انه «به خلق اللّٰه كل شيء في السماء وعلى الارض.‏» —‏ الترجمة الانكليزية الحديثة (‏ت‌اح‏)‏.‏

      وهكذا كان بواسطة هذا الصانع،‏ مرافقه الاصغر،‏ اذا جاز التعبير،‏ انَّ اللّٰه الكلي القدرة خلق كل الاشياء الاخرى.‏ ويلخص الكتاب المقدس المسألة بهذه الطريقة:‏ «لنا اله واحد الآب الذي منه جميع الاشياء .‏ .‏ .‏ ورب واحد يسوع المسيح الذي به جميع الاشياء.‏» (‏الحروف المائلة لنا.‏)‏ —‏ ١ كورنثوس ٨:‏٦‏.‏

      ودون شك،‏ كان لهذا الصانع انَّ اللّٰه قال:‏ «نعمل الانسان على صورتنا.‏» (‏تكوين ١:‏٢٦‏)‏ ويدَّعي البعض ان «نعمل» و «صورتنا» في هذه العبارة تشير الى ثالوث.‏ ولكن اذا قلتم،‏ ‹لنعمل شيئا لانفسنا،‏› لا يفهم احد عادةً ان ذلك يدل على ان عدة اشخاص هم مجتمعون كشخص واحد في داخلكم.‏ فأنتم ببساطة تعنون ان شخصين او اكثر سيعملون معا في امر ما.‏ وكذلك عندما استعمل اللّٰه «نعمل» و «صورتنا» كان ببساطة يخاطب شخصا آخر،‏ اول خليقة روحانية له،‏ الصانع،‏ يسوع قبل بشريته.‏

      هل من الممكن ان يجرَّب اللّٰه؟‏

      في متى ٤:‏١ يجري التحدث عن يسوع انه «يجرَّب من ابليس.‏» وبعد ان أرى يسوعَ «جميع ممالك العالم ومجدها» قال الشيطان:‏ «اعطيك هذه جميعها إن خررت وسجدت لي.‏» (‏متى ٤:‏٨،‏ ٩‏)‏ فكان الشيطان يحاول جعل يسوع عديم الولاء للّٰه.‏

      ولكن ايّ امتحان للولاء يكون ذلك لو كان يسوع اللّٰه؟‏ هل يمكن ان يتمرد اللّٰه على نفسه؟‏ كلا،‏ ولكنّ الملائكة والبشر يمكن ان يتمردوا على اللّٰه وقد فعلوا ذلك.‏ فتجربة يسوع تكون ذات معنى فقط اذا كان هو،‏ لا اللّٰهَ،‏ بل فردا منفصلا له ارادته الحرة الخاصة،‏ فردا يمكن ان يكون عديم الولاء اذا اختار ذلك،‏ كملاك او انسان.‏

      ومن ناحية اخرى،‏ من غير الممكن التخيُّل ان اللّٰه يمكن ان يخطئ ويكون عديم الولاء لنفسه.‏ «هو الصخر الكامل صنيعه .‏ .‏ .‏ اله امانة .‏ .‏ .‏ صدِّيق وعادل هو.‏» (‏تثنية ٣٢:‏٤‏)‏ فلو كان يسوع اللّٰه لما كان ممكنا ان يجرَّب.‏ —‏ يعقوب ١:‏١٣‏.‏

      لعدم كونه اللّٰه كان من الممكن ان يكون يسوع عديم الولاء.‏ ولكنه بقي امينا،‏ قائلا:‏ «اذهب يا شيطان.‏ لانه مكتوب للرب الهك تسجد واياه وحده تعبد.‏» —‏ متى ٤:‏١٠‏.‏

      الى ايّ مدى كانت الفدية؟‏

      ان احد الاسباب الرئيسية التي لاجلها جاء يسوع الى الارض له ايضا علاقة مباشرة بالثالوث.‏ يعلن الكتاب المقدس:‏ «يوجد اله واحد ووسيط واحد بين اللّٰه والناس الانسان يسوع المسيح الذي بذل نفسه فدية (‏معادلة،‏ ع‌ج)‏ لاجل الجميع.‏» —‏ ١ تيموثاوس ٢:‏٥،‏ ٦‏.‏

      فيسوع،‏ لا اكثر ولا اقل من انسان كامل،‏ صار فدية عوَّضت تماما عما خسره آدم —‏ الحق في الحياة البشرية الكاملة على الارض.‏ ولذلك كان ممكنا ان يُدعى يسوع بالصواب «آدم الاخير» من قِبل الرسول بولس،‏ الذي قال في سياق الكلام نفسه:‏ «كما في آدم يموت الجميع هكذا في المسيح سيُحيا الجميع.‏» (‏١ كورنثوس ١٥:‏٢٢،‏ ٤٥‏)‏ فحياة يسوع البشرية الكاملة كانت «فدية (‏معادلة،‏ ع‌ج)‏» تطلَّبها العدل الالهي —‏ لا اكثر ولا اقل.‏ والمبدأ الاساسي للعدل البشري ايضا هو ان الثمن المدفوع يجب ان يلائم الخطأ المقترف.‏

      ولكن لو كان يسوع جزءا من ذات الهية لكان ثمن الفدية اعلى على نحو غير محدود مما تطلَّبته شريعة اللّٰه.‏ (‏خروج ٢١:‏٢٣-‏٢٥؛‏ لاويين ٢٤:‏١٩-‏٢١‏)‏ ومجرد انسان كامل،‏ آدم،‏ هو الذي اخطأ في عدن،‏ لا اللّٰه.‏ لذلك فان الفدية،‏ لنكون حقا على انسجام مع عدل اللّٰه،‏ لزم ان تكون بالتدقيق مساوية —‏ انسانا كاملا،‏ «آدم الاخير.‏» وهكذا عندما ارسل اللّٰه يسوع الى الارض فديةً جعل يسوعَ يكون ما يرضي العدل،‏ لا تجسُّدا،‏ لا انسانا الها،‏ بل انسانا كاملا،‏ «وُضع قليلا عن الملائكة.‏» (‏عبرانيين ٢:‏٩‏؛‏ قارنوا مزمور ٨:‏٥،‏ ٦‏.‏)‏ فكيف يمكن لايّ جزء من ذات الهية قادرة على كل شيء —‏ الآب،‏ الابن،‏ او الروح القدس —‏ ان يكون يوما ما ادنى من الملائكة؟‏

      كيف يكون «الابن المولود الوحيد»؟‏

      يدعو الكتاب المقدس يسوع «الابن المولود الوحيد» للّٰه.‏ (‏يوحنا ١:‏١٤؛‏ ٣:‏١٦،‏ ١٨؛‏ ١ يوحنا ٤:‏٩‏،‏ ع‌ج)‏ ويقول الثالوثيون انه بما ان اللّٰه سرمدي،‏ كذلك فان ابن اللّٰه سرمدي.‏ ولكن كيف يمكن للشخص ان يكون ابنا وفي الوقت نفسه ان يكون قديما قدم ابيه؟‏

      يدَّعي الثالوثيون انه في قضية يسوع ليس «المولود الوحيد» كنفس تعريف القاموس لكلمة «يلد،‏» الذي هو «ينسل كأب.‏» (‏قاموس وبستر الجامعي الجديد التاسع‏)‏ ويقولون انه في قضية يسوع يعني ذلك «معنى علاقة لا اصل لها،‏» نوعا من علاقة الابن الوحيد دون الولادة.‏ (‏قاموس ڤاين التفسيري لكلمات العهد القديم والجديد‏)‏ فهل يبدو ذلك منطقيا لكم؟‏ هل يمكن للرجل ان يصير ابا لابن دون ان يلده؟‏

      وفضلا عن ذلك،‏ لماذا يستعمل الكتاب المقدس الكلمة اليونانية نفسها التي تقابل «المولود الوحيد» (‏كما يعترف ڤاين دون ايّ تفسير)‏ ليصف علاقة اسحق بابرهيم؟‏ تتحدث عبرانيين ١١:‏١٧‏،‏ ع‌ج،‏ عن اسحق بصفته ‹الابن المولود الوحيد› لابرهيم.‏ ولا يمكن ان يكون هنالك شك في انه،‏ في قضية اسحق،‏ كان هو المولود الوحيد بالمعنى الطبيعي،‏ لا مساويا في الزمن او المركز لابيه.‏

      والكلمة اليونانية الاساسية التي تقابل «المولود الوحيد» التي استُعملت ليسوع واسحق هي مونوجينيس،‏ من مونوس،‏ التي تعني «وحيد،‏» وجينوماي،‏ كلمة جذرية تعني «يلد،‏» «ان يصير (‏يأتي الى الوجود)‏،‏» يقول الفهرس الابجدي الشامل لسترونڠ.‏ وهكذا يجري تعريف مونوجينيس بـ‍ «وليد وحيد،‏ مولود وحيد،‏ اي ولد وحيد.‏» —‏ معجم يوناني وانكليزي للعهد الجديد،‏ بواسطة إ.‏ روبنسون.‏

      ويقول القاموس اللاهوتي للعهد الجديد،‏ حرَّره ڠيرهارد كيتل:‏ «[‏مونوجينيس‏] تعني ‹بتحدُّر وحيد،‏› اي دون اخوة او اخوات.‏» ويعلن هذا الكتاب ايضا انه في يوحنا ١:‏١٨؛‏ ٣:‏١٦،‏ ١٨‏؛‏ و ١ يوحنا ٤:‏٩‏،‏ «لا تقارَن علاقة يسوع فقط بتلك التي لولد وحيد بأبيه.‏ انها علاقة المولود الوحيد بالآب.‏»‏

      وهكذا فان يسوع،‏ الابن المولود الوحيد،‏ كانت له بداية لحياته.‏ واللّٰه الكلي القدرة يمكن بالصواب ان يُدعى والده،‏ او اباه،‏ بنفس معنى ان ابًا ارضيًا،‏ كابرهيم،‏ يلد ابنا.‏ (‏عبرانيين ١١:‏١٧‏)‏ لذلك عندما يتكلم الكتاب المقدس عن اللّٰه بصفته ‹ابًا› ليسوع فهو يعني ما يقوله —‏ انهما شخصان منفصلان.‏ فاللّٰه هو الاكبر.‏ ويسوع هو الاصغر —‏ في الزمان،‏ المركز،‏ القدرة،‏ والمعرفة.‏

      عندما يتأمل المرء في ان يسوع لم يكن ابن اللّٰه الروحاني الوحيد المخلوق في السماء يتضح سبب استعمال التعبير «الابن المولود الوحيد» في قضيته.‏ فما لا يحصى من الكائنات الروحانية المخلوقة الاخرى،‏ الملائكة،‏ تُدعى ايضا «بني اللّٰه،‏» بالمعنى نفسه كما كان آدم،‏ لان قوة حياتهم هي من يهوه اللّٰه ينبوع،‏ او مصدر،‏ الحياة.‏ (‏ايوب ٣٨:‏٧؛‏ مزمور ٣٦:‏٩؛‏ لوقا ٣:‏٣٨‏)‏ ولكنّ هؤلاء جميعا خُلقوا بواسطة «الابن المولود الوحيد،‏» الذي كان الشخص الوحيد المولود مباشرة من اللّٰه.‏ —‏ كولوسي ١:‏١٥-‏١٧‏.‏

      هل كان يسوع يُعتبر اللّٰه؟‏

      بينما يُدعى يسوع غالبا ابن اللّٰه في الكتاب المقدس لا احد في القرن الاول كان يعتقد على الاطلاق انه اللّٰه الابن.‏ وحتى الابالسة،‏ الذين ‹يؤمنون ان اللّٰه واحد،‏› عرفوا من اختبارهم في الحيِّز الروحي ان يسوع ليس اللّٰه.‏ لذلك خاطبوا يسوع على نحو صحيح بصفته «ابن اللّٰه» المنفصل.‏ (‏يعقوب ٢:‏١٩؛‏ متى ٨:‏٢٩‏)‏ وعندما مات يسوع كان الجنود الرومان الوثنيون الواقفون جانبا يعرفون ما يكفي ليقولوا ان ما كانوا قد سمعوه من أتباعه لا بد انه صحيح،‏ ليس ان يسوع كان اللّٰه بل «حقا كان هذا ابن اللّٰه.‏» —‏ متى ٢٧:‏٥٤‏.‏

      لذلك تشير العبارة «ابن اللّٰه» الى يسوع بصفته كائنا مخلوقا منفصلا،‏ وليس جزءا من ثالوث.‏ وبصفته ابن اللّٰه لا يمكن ان يكون اللّٰه نفسه،‏ لان يوحنا ١:‏١٨ تقول:‏ «اللّٰه لم يره احد قط.‏»‏

      والتلاميذ كانوا يعتبرون ان يسوع «وسيط واحد بين اللّٰه والناس،‏» لا اللّٰه نفسه.‏ (‏١ تيموثاوس ٢:‏٥‏)‏ وبما ان الوسيط بحسب التعريف هو شخص منفصل عن اولئك الذين تلزمهم الوساطة يكون تناقضا ان يكون يسوع كيانا واحدا مع ايّ من الفريقين اللذين يحاول مصالحتهما معا.‏ ويكون ذلك ادعاء بما ليس هو عليه.‏

      ان الكتاب المقدس واضح وثابت في علاقة اللّٰه بيسوع.‏ فيهوه اللّٰه وحده هو الكلي القدرة.‏ وهو خلق مباشرة يسوع قبل بشريته.‏ لذلك كانت ليسوع بداية ولا يمكن ابدا ان يكون مساويا للّٰه في القدرة او السرمدية.‏

      ‏[الحاشية]‏

      a يُنقل اسم اللّٰه الى «يهوِه» في بعض الترجمات،‏ و «يهوَه» في الاخرى.‏

      ‏[النبذة في الصفحة ١٤]‏

      لكونه مخلوقا من اللّٰه فان يسوع في مركز ثانوي في الزمان،‏ القدرة،‏ والمعرفة

      ‏[الصورة في الصفحة ١٥]‏

      قال يسوع انه كان له وجود سابق لبشريته،‏ اذ خلقه اللّٰه بصفته بداءة خلائق اللّٰه غير المنظورة

  • هل اللّٰه دائما اسمى من يسوع؟‏
    هل يجب ان تؤمنوا بالثالوث؟‏
    • هل اللّٰه دائما اسمى من يسوع؟‏

      لم يكن يسوع قط يدَّعي انه اللّٰه.‏ وكل ما قاله عن نفسه يدل انه لم يعتبر نفسه مساويا للّٰه بأية طريقة —‏ لا في القدرة،‏ لا في المعرفة،‏ لا في العمر.‏

      وفي كل فترة من وجوده،‏ سواء في السماء او على الارض،‏ يعكس كلامه وسلوكه الخضوع للّٰه.‏ فاللّٰه هو دائما الاسمى،‏ ويسوع الادنى الذي خلقه اللّٰه.‏

      يسوع مميَّز عن اللّٰه

      مرة بعد اخرى اظهر يسوع انه مخلوق منفصل عن اللّٰه وأنه،‏ يسوع،‏ له اله فوقه،‏ اله عبَده،‏ اله دعاه «الآب.‏» وفي صلاة الى اللّٰه،‏ اي الآب،‏ قال يسوع،‏ «انت الاله الحقيقي وحدك.‏» (‏يوحنا ١٧:‏٣‏)‏ وفي يوحنا ٢٠:‏١٧ قال لمريم المجدلية:‏ «اني اصعد الى ابي وابيكم والهي والهكم.‏» وفي ٢ كورنثوس ١:‏٣ يؤكد الرسول بولس هذه العلاقة:‏ «مبارك اللّٰه ابو ربنا يسوع المسيح.‏» وبما ان يسوع له اله،‏ ابوه،‏ لا يمكن في الوقت نفسه ان يكون هو هذا الاله.‏

      لم تكن لدى الرسول بولس اية تحفظات في التكلم عن يسوع واللّٰه بصفتهما منفصلين على نحو متميز:‏ «لنا اله واحد الآب .‏ .‏ .‏ ورب واحد يسوع المسيح.‏» (‏١ كورنثوس ٨:‏٦‏)‏ ويُظهر الرسول الفرق عندما يذكر:‏ «امام اللّٰه والرب يسوع المسيح والملائكة المختارين.‏» (‏١ تيموثاوس ٥:‏٢١‏)‏ وتماما كما يتكلم بولس عن يسوع والملائكة بصفتهم متميزين احدهم عن الآخر في السماء،‏ كذلك ايضا يكون يسوع واللّٰه.‏

      وكلمات يسوع في يوحنا ٨:‏١٧،‏ ١٨ مهمة ايضا.‏ فهو يعلن:‏ «في ناموسكم مكتوب ان شهادة رجلين حق.‏ انا هو الشاهد لنفسي ويشهد لي الآب الذي ارسلني.‏» هنا يُظهر يسوع انه والآب،‏ اي اللّٰه الكلي القدرة،‏ لا بد ان يكونا كائنين متميزين،‏ لانه كيف يمكن بطريقة اخرى ان يكون هنالك حقا شاهدان؟‏

      وأظهر يسوع ايضا انه كائن منفصل عن اللّٰه بالقول:‏ «لماذا تدعوني صالحا.‏ ليس احد صالحا إلا واحد وهو اللّٰه.‏» (‏مرقس ١٠:‏١٨‏)‏ وهكذا كان يسوع يقول انه ليس احد صالحا بقدر اللّٰه،‏ حتى ولا يسوع نفسه.‏ فاللّٰه صالح بطريقة تفصله عن يسوع.‏

      خادم اللّٰه الخاضع

      ومرة بعد اخرى تفوَّه يسوع بعبارات مثل:‏ «لا يقدر الابن ان يعمل من نفسه شيئا إلا ما ينظر الآب يعمل.‏» (‏يوحنا ٥:‏١٩‏)‏ «قد نزلت من السماء ليس لاعمل مشيئتي بل مشيئة الذي ارسلني.‏» (‏يوحنا ٦:‏٣٨‏)‏ «تعليمي ليس لي بل للذي ارسلني.‏» (‏يوحنا ٧:‏١٦‏)‏ أليس المرسِل اسمى من المرسَل؟‏

      وهذه العلاقة واضحة في مثل يسوع عن الكرم.‏ فقد شبَّه اللّٰهَ،‏ اباه،‏ بصاحب الكرم،‏ الذي سافر وتركه في عهدة كرامين مثَّلوا رجال الدين اليهود.‏ وعندما ارسل صاحب الكرم في ما بعد عبدا ليأخذ بعضا من ثمر الكرم جلد الكرامون العبد وأرسلوه فارغ اليدين.‏ ثم ارسل صاحب الكرم عبدا ثانيا،‏ وفي ما بعد عبدا ثالثا،‏ وكلاهما نالا المعاملة نفسها.‏ وأخيرا قال صاحب الكرم:‏ «ارسل ابني [يسوع] الحبيب.‏ لعلهم اذا رأوه يهابون.‏» ولكنّ الكرامين الفاسدين قالوا:‏ «هذا هو الوارث.‏ هلموا نقتله لكي يصير لنا الميراث.‏ فأخرجوه خارج الكرم وقتلوه.‏» (‏لوقا ٢٠:‏٩-‏١٦‏)‏ وهكذا اوضح يسوع مركزه بأنه مرسَل من اللّٰه ليفعل مشيئة اللّٰه،‏ تماما كما يرسل الاب ابنا خاضعا.‏

      وأتباع يسوع كانوا دائما يعتبرونه خادما خاضعا للّٰه،‏ لا مساويا للّٰه.‏ وقد صلَّوا الى اللّٰه بشأن «(‏خادمك،‏ ع‌ج)‏ القدوس يسوع الذي مسحته .‏ .‏ .‏ ولتُجرَ آيات وعجائب باسم (‏خادمك،‏ ع‌ج)‏ القدوس يسوع.‏» —‏ اعمال ٤:‏٢٣،‏ ٢٧،‏ ٣٠‏.‏

      اللّٰه اسمى في كل الاوقات

      في بداية خدمة يسوع،‏ عندما صعد من ماء المعمودية،‏ قال صوت اللّٰه من السماء:‏ «هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت.‏» (‏متى ٣:‏١٦،‏ ١٧‏)‏ فهل كان اللّٰه يقول انه هو ابنه،‏ انه سُرَّ بنفسه،‏ انه ارسل نفسه؟‏ كلا،‏ فكان اللّٰه الخالق يقول انه،‏ بصفته الاسمى،‏ مسرور بشخص ادنى،‏ ابنه يسوع،‏ من اجل العمل القادم.‏

      ويسوع اشار الى سموّ ابيه عندما قال:‏ «روح الرب علي لانه مسحني لأبشر المساكين.‏» (‏لوقا ٤:‏١٨‏)‏ والمسح هو اعطاء سلطة او مهمة من شخص اسمى الى شخص لا يملك السلطة قبل ذلك.‏ وهنا من الواضح ان اللّٰه هو الاسمى لانه مسح يسوع،‏ معطيا اياه سلطة لم يكن يملكها سابقا.‏

      ويسوع اوضح سموّ ابيه عندما طلبت امّ تلميذين ان يجلس ابناها واحد عن يمين يسوع والآخر عن يساره عندما يأتي في ملكوته.‏ لقد اجاب يسوع:‏ «أما الجلوس عن يميني وعن يساري فليس لي ان اعطيه إلا للذين أُعد لهم من ابي،‏» اي اللّٰه.‏ (‏متى ٢٠:‏٢٣‏)‏ فلو كان يسوع اللّٰه الكلي القدرة لكان له ان يعطي هذين المركزين.‏ ولكنّ يسوع لم يتمكن من اعطائهما لانه كان للّٰه ان يعطيهما،‏ ويسوع لم يكن اللّٰه.‏

      وصلوات يسوع مثال قوي لمركزه الادنى.‏ فعندما كان يسوع على وشك الموت اظهر مَن هو اسمى منه اذ صلّى قائلا:‏ «يا ابتاه إن شئت ان تجيز عني هذه الكأس.‏ ولكن لتكن لا ارادتي بل ارادتك.‏» (‏لوقا ٢٢:‏٤٢‏)‏ فإلى مَن كان يصلّي؟‏ الى جزء من نفسه؟‏ كلا،‏ لقد كان يصلّي الى شخص منفصل تماما،‏ ابيه،‏ اللّٰه،‏ الذي كانت ارادته اسمى ويمكن ان تكون مختلفة عن ارادته،‏ الوحيد الذي يمكنه ان ‹يجيز هذه الكأس.‏›‏

      ثم،‏ اذ اقترب من الموت،‏ صرخ يسوع:‏ «الهي الهي لماذا تركتني.‏» (‏مرقس ١٥:‏٣٤‏)‏ فإلى مَن كان يسوع يصرخ؟‏ الى نفسه او الى جزء من نفسه؟‏ بالتأكيد،‏ لم يكن هذا الصراخ،‏ «الهي،‏» من شخص يعتبر نفسه اللّٰه.‏ ولو كان يسوع اللّٰه،‏ فمِن قِبل مَن كان متروكا؟‏ نفسه؟‏ لا يعقل ذلك.‏ وقال يسوع ايضا:‏ «يا ابتاه في يديك استودع روحي.‏» (‏لوقا ٢٣:‏٤٦‏)‏ فلو كان يسوع اللّٰه،‏ لأي سبب يستودع روحه للآب؟‏

      وبعد ان مات يسوع كان في القبر طوال اجزاء من ثلاثة ايام.‏ فلو كان هو اللّٰه لكانت حبقوق ١:‏١٢‏،‏ ع‌ج،‏ على خطإ عندما تقول:‏ «الهي،‏ قدوسي،‏ انت لا تموت.‏» ولكنّ الكتاب المقدس يقول ان يسوع مات فعلا وكان في حالة عدم الوعي في القبر.‏ ومَن اقام يسوع من الاموات؟‏ اذا كان ميتا حقا لا يستطيع ان يقيم نفسه.‏ ومن ناحية اخرى،‏ اذا لم يكن ميتا حقا فان موته المزعوم لا يدفع ثمن الفدية عن خطية آدم.‏ ولكنه دفع فعلا هذا الثمن كاملا بموته الحقيقي.‏ وهكذا فان ‹اللّٰه هو الذي اقام [يسوع] ناقضا اوجاع الموت.‏› (‏اعمال ٢:‏٢٤‏)‏ والاسمى،‏ اللّٰه الكلي القدرة،‏ اقام الادنى،‏ خادمه يسوع،‏ من الاموات.‏

      وهل تشير قدرة يسوع على صنع العجائب،‏ كإقامة الناس،‏ الى انه كان اللّٰه؟‏ حسنا،‏ كانت للرسل وللنبيَّين ايليا وأليشع هذه القدرة ايضا،‏ ولكنّ ذلك لم يجعلهم اكثر من رجال.‏ فاللّٰه اعطى القدرة على صنع العجائب للنبيَّين ويسوع والرسل ليُظهر انه يدعمهم.‏ ولكنّ ذلك لم يجعل ايًّا منهم جزءا من ذات الهية متعدِّدة.‏

      كانت ليسوع معرفة محدودة

      عندما اعطى يسوع نبوته عن نهاية نظام الاشياء هذا اعلن:‏ «وأما ذلك اليوم وتلك الساعة فلا يعلم بهما احد ولا الملائكة الذين في السماء ولا الابن إلا الآب.‏» (‏مرقس ١٣:‏٣٢‏)‏ فلو كان يسوع الجزء الابن المساوي من ذات الهية لعرف ما يعرفه الآب.‏ ولكنّ يسوع لم يعرف،‏ لانه لم يكن مساويا للّٰه.‏

      وعلى نحو مماثل،‏ نقرأ في العبرانيين ٥:‏٨ ان يسوع «تعلَّم الطاعة مما تألم به.‏» فهل يمكن ان نتخيَّل ان اللّٰه كان يلزمه ان يتعلَّم شيئا؟‏ كلا،‏ ولكنّ يسوع تعلَّم،‏ لانه لم يكن يعرف كل ما يعرفه اللّٰه.‏ وكان يلزمه ان يتعلَّم شيئا لا يلزم اللّٰه ابدا ان يتعلَّمه —‏ الطاعة.‏ فاللّٰه لا يلزمه ابدا ان يطيع احدا.‏

      والفرق بين ما يعرفه اللّٰه وما يعرفه المسيح كان موجودا ايضا عندما أُقيم يسوع الى السماء ليكون مع اللّٰه.‏ لاحظوا الكلمات الاولى للسفر الاخير من الكتاب المقدس:‏ «اعلان يسوع المسيح الذي اعطاه اياه اللّٰه.‏» (‏رؤيا ١:‏١‏)‏ فلو كان يسوع نفسه جزءا من ذات الهية،‏ هل كان يلزم ان يُعطى اعلانا من جزء آخر من الذات الالهية —‏ اللّٰه؟‏ كان دون شك سيعرف كل شيء عن ذلك،‏ لان اللّٰه كان يعرف.‏ ولكنّ يسوع لم يعرف،‏ لانه لم يكن اللّٰه.‏

      يسوع يستمر خاضعا

      في وجوده السابق لبشريته،‏ وأيضا عندما كان على الارض،‏ كان يسوع خاضعا للّٰه.‏ وبعد قيامته يستمر في ان يكون في مركز ثانوي ادنى.‏

      وفي التكلم عن قيامة يسوع قال بطرس واولئك الذين معه للسنهدريم اليهودي:‏ «هذا [يسوع] رفَّعه اللّٰه بيمينه.‏» (‏اعمال ٥:‏٣١‏)‏ وقال بولس:‏ «رفَّعه اللّٰه الى مركز اسمى.‏» (‏فيلبي ٢:‏٩‏،‏ ع‌ج)‏ فلو كان يسوع اللّٰه،‏ كيف كان يمكن ان يترفَّع يسوع،‏ اي يتعلَّى الى مركز اعلى مما تمتع به سابقا؟‏ كان سيكون من قَبل جزءا مترفِّعا من الثالوث.‏ ولو كان يسوع،‏ قبل ترفيعه،‏ مساويا للّٰه لكان ترفيعه اكثر قد جعله اسمى من اللّٰه.‏

      وقال بولس ايضا ان المسيح دخل «الى السماء عينها ليظهر الآن امام وجه اللّٰه لاجلنا.‏» (‏عبرانيين ٩:‏٢٤‏)‏ فاذا ظهرتم امام شخص آخر،‏ كيف يمكن ان تكونوا هذا الشخص؟‏ لا يمكنكم ذلك.‏ فلا بد ان تكونوا مختلفين ومنفصلين.‏

      وعلى نحو مماثل فان الشهيد استفانوس،‏ قبيل رجمه حتى الموت،‏ «شخصَ الى السماء .‏ .‏ .‏ فرأى مجد اللّٰه ويسوع قائما عن يمين اللّٰه.‏» (‏اعمال ٧:‏٥٥‏)‏ ومن الواضح انه رأى شخصين منفصلين —‏ ولكن ليس الروح القدس،‏ ليس الذات الالهية الثالوثية.‏

      وفي الرواية في الرؤيا ٤:‏٨ الى ٥:‏٧ يَظهر اللّٰه جالسا على عرشه السماوي،‏ ولكن ليس يسوع.‏ فهو يلزم ان يقترب الى اللّٰه ليأخذ سفرا من يمين اللّٰه.‏ ويُظهر ذلك ان يسوع في السماء ليس اللّٰه ولكنه منفصل عنه.‏

      وبانسجام مع ما ذُكر آنفا تعلن نشرة مكتبة جون رايلاندز في مانشستر،‏ انكلترا:‏ «في حياته السماوية بعد قيامته يجري وصف يسوع بأنه محتفظ بفردية شخصية كلها متميزة ومنفصلة عن شخص اللّٰه كما كان في حياته على الارض بصفته يسوع الارضي.‏ والى جانب اللّٰه وبالمقارنة مع اللّٰه يَظهر فعلا كائنا سماويا آخر ايضا في بلاط اللّٰه السماوي،‏ تماما كما كان الملائكة —‏ بالرغم من انه كابن للّٰه يقف في رتبة مختلفة،‏ وله منزلة ارفع منهم بكثير.‏» —‏ قارنوا فيلبي ٢:‏١١‏.‏

      وتقول النشرة ايضا:‏ «ولكنّ ما يقال عن حياته وأعماله بصفته المسيح السماوي لا يعني ولا يدل انه في الحالة الالهية يقف معادلا للّٰه نفسه وأنه اللّٰه تماما.‏ على الضد من ذلك،‏ في صورة العهد الجديد لشخصه وخدمته السماويين نرى شخصية منفصلة عن اللّٰه وخاضعة له على السواء.‏»‏

      وفي المستقبل الابدي في السماء سيستمر يسوع في ان يكون خادما منفصلا خاضعا للّٰه.‏ والكتاب المقدس يعبِّر عن ذلك بهذه الطريقة:‏ «وبعد ذلك النهاية متى سلَّم [يسوع في السماء] المُلك للّٰه الآب .‏ .‏ .‏ فحينئذ الابن نفسه ايضا سيخضع للذي اخضع له الكل كي يكون اللّٰه الكل في الكل.‏» —‏ ١ كورنثوس ١٥:‏٢٤،‏ ٢٨‏.‏

      لم يدَّع يسوع قط انه اللّٰه

      ان موقف الكتاب المقدس واضح.‏ ليس فقط ان اللّٰه الكلي القدرة،‏ يهوه،‏ شخصية منفصلة عن يسوع ولكنه في كل الاوقات اسمى منه.‏ ويسوع يجري تقديمه دائما بصفته منفصلا وأدنى،‏ خادما متواضعا للّٰه.‏ لهذا السبب يقول الكتاب المقدس بوضوح ان «رأس المسيح هو اللّٰه» تماما كما ان «رأس كل رجل هو المسيح.‏» (‏١ كورنثوس ١١:‏٣‏)‏ ولهذا السبب قال يسوع نفسه:‏ «ابي اعظم مني.‏» —‏ يوحنا ١٤:‏٢٨‏.‏

      الواقع هو ان يسوع ليس اللّٰه ولم يدَّع ذلك قط.‏ وهذا يدركه عدد متزايد من العلماء.‏ وكما تعلن نشرة رايلاندز:‏ «يجب مواجهة الواقع ان البحث في العهد الجديد طوال الثلاثين او الاربعين سنة الماضية تقريبا يقود عددا متزايدا من علماء العهد الجديد المشهورين الى الاستنتاج ان يسوع .‏ .‏ .‏ بالتأكيد لم يعتقد قط انه اللّٰه.‏»‏

      وتقول النشرة ايضا عن مسيحيي القرن الاول:‏ «لذلك عندما خصصوا [يسوع] بألقاب تبجيل كالمسيح،‏ ابن الانسان،‏ ابن اللّٰه،‏ ورب،‏ كانت هذه طرائق للقول ليس انه اللّٰه بل انه يقوم بعمل اللّٰه.‏»‏

      وهكذا،‏ حتى بعض العلماء الدينيين يعترفون بأن فكرة كون يسوع اللّٰه تعارض شهادة الكتاب المقدس كلها.‏ فهنا،‏ اللّٰه هو دائما الاسمى،‏ ويسوع هو الخادم الخاضع.‏

      ‏[النبذة في الصفحة ١٩]‏

      ‏‹البحث في العهد الجديد يقود عددا متزايدا من العلماء الى الاستنتاج ان يسوع بالتاكيد لم يعتقد قط انه اللّٰه.‏› —‏ نشرة مكتبة جون رايلاندز

      ‏[الصورة في الصفحة ١٧]‏

      قال يسوع لليهود:‏ «قد نزلتُ من السماء ليس لاعمل مشيئتي بل مشيئة الذي ارسلني.‏» —‏ يوحنا ٦:‏٣٨

      ‏[الصورة في الصفحة ١٨]‏

      عندما صرخ يسوع:‏ «الهي الهي لماذا تركتني،‏» لم يكن بالتاكيد يؤمن بأنه نفسه كان اللّٰه

  • الروح القدس —‏ قوة اللّٰه الفعالة
    هل يجب ان تؤمنوا بالثالوث؟‏
    • الروح القدس —‏ قوة اللّٰه الفعالة

      بحسب عقيدة الثالوث،‏ ان الروح القدس هو الاقنوم الثالث من الذات الالهية،‏ مساوٍ للآب وللابن.‏ وكما يقول كتاب ايماننا المسيحي الأرثوذكسي:‏ «الروح القدس هو اللّٰه كليا.‏»‏

      ان الكلمة التي تُستعمل تكرارا في الاسفار العبرانية مقابل «روح» هي رواخ،‏ اذ تعني «نسمة؛‏ ريح؛‏ روح.‏» والكلمة في الاسفار اليونانية هي نيوما،‏ اذ لها معنى مماثل.‏ فهل تدل هاتان الكلمتان على ان الروح القدس جزء من ثالوث؟‏

      قوة فعالة

      ان استعمال الكتاب المقدس لـ‍ «الروح القدس» يدل انه قوة مضبوطة يستعملها يهوه اللّٰه لينجز مجموعة متنوعة من مقاصده.‏ والى حد معيَّن،‏ يمكن تشبيهه بالكهرباء،‏ القوة التي يمكن تكييفها لتنجز مجموعة متنوعة كبيرة من العمليات.‏

      في التكوين ١:‏٢‏،‏ ع‌ج،‏ يعلن الكتاب المقدس ان «قوة اللّٰه الفعالة [«روح» (‏بالعبرانية،‏ رواخ‏)‏] كانت تتحرك ذهابا وايابا على وجه المياه.‏» هنا روح اللّٰه كان قوته الفعالة العاملة لتشكيل الارض.‏

      وكان اللّٰه يستعمل روحه لينير اولئك الذين يخدمونه.‏ صلَّى داود قائلا:‏ «علِّمني ان اعمل رضاك لانك انت الهي.‏ روحك [‏رواخ‏] الصالح يهديني في ارض مستوية.‏» (‏مزمور ١٤٣:‏١٠‏)‏ وعندما تعيَّن ٧٠ من الرجال ذوي القدرة لمساعدة موسى قال اللّٰه له:‏ «آخذ من الروح [‏رواخ‏] الذي عليك وأضع عليهم.‏» —‏ عدد ١١:‏١٧‏.‏

      وجرى تسجيل نبوة الكتاب المقدس عندما كان رجال اللّٰه «مسوقين من الروح [اليونانية،‏ من نيوما‏] القدس.‏» (‏٢ بطرس ١:‏٢٠،‏ ٢١‏)‏ بهذه الطريقة كان الكتاب المقدس «موحى به من اللّٰه،‏» والكلمة اليونانية التي تقابلها هي «‏ثيونيوستوس،‏‏» اذ تعني «اللّٰه تنفَّس.‏» (‏٢ تيموثاوس ٣:‏١٦‏)‏ والروح القدس وجَّه اناسا معيَّنين ليروا رؤى او يحلموا أحلاما نبوية.‏ —‏ ٢ صموئيل ٢٣:‏٢؛‏ يوئيل ٢:‏٢٨،‏ ٢٩؛‏ لوقا ١:‏٦٧؛‏ اعمال ١:‏١٦؛‏ ٢:‏٣٢،‏ ٣٣‏.‏

      والروح القدس دفع يسوع الى الذهاب الى البرية بعد معموديته.‏ (‏مرقس ١:‏١٢‏)‏ والروح كان كنار في خدام اللّٰه،‏ جاعلا اياهم مزوَّدين بالطاقة من هذه القوة.‏ ومكَّنهم من التكلم بجرأة وشجاعة.‏ —‏ ميخا ٣:‏٨؛‏ اعمال ٧:‏٥٥-‏٦٠؛‏ ١٨:‏٢٥؛‏ رومية ١٢:‏١١؛‏ ١ تسالونيكي ٥:‏١٩‏.‏

      وبروحه ينفِّذ اللّٰه أحكامه في الناس والامم.‏ (‏اشعياء ٣٠:‏٢٧،‏ ٢٨؛‏ ٥٩:‏١٨،‏ ١٩‏)‏ ويمكن لروح اللّٰه ان يبلغ كل مكان،‏ عاملا من اجل الناس او ضدهم.‏ —‏ مزمور ١٣٩:‏٧-‏١٢‏.‏

      ‏‹قدرة فوق العادة›‏

      يمكن لروح اللّٰه ايضا ان يزوِّد اولئك الذين يخدمونه «قدرة فوق ما هو عادي.‏» (‏٢ كورنثوس ٤:‏٧‏،‏ ع‌ج)‏ وهذا يمكِّنهم من احتمال تجارب الايمان او من فعل امور لا يمكنهم فعلها بطريقة اخرى.‏

      مثلا،‏ في ما يتعلق بشمشون،‏ تسرد قضاة ١٤:‏٦‏:‏ «حلَّ عليه روح الرب فشقه [شبل اسد] كشق الجدي وليس في يده شيء.‏» وهل دخل فعلا شخص الهي في شمشون او حلَّ عليه،‏ مؤثِّرا في جسده ليفعل ما فعل؟‏ كلا،‏ كان ذلك حقا «قدرة الرب [التي] جعلت شمشون قويا.‏» —‏ ت‌اح.‏

      ويقول الكتاب المقدس انه عندما اعتمد يسوع نزل عليه الروح القدس اذ ظهر كحمامة،‏ لا كشكل بشري.‏ (‏مرقس ١:‏١٠‏)‏ وقوة اللّٰه الفعالة هذه مكَّنت يسوع من ان يشفي المرضى ويقيم الموتى.‏ وكما تقول لوقا ٥:‏١٧‏:‏ «كانت قدرة الرب [اللّٰه] وراء اعمال شفائه [يسوع].‏» —‏ الكتاب المقدس الاورشليمي (‏ك‌ا‏)‏‏.‏

      وروح اللّٰه ايضا منح تلاميذ يسوع القدرة على صنع العجائب.‏ وتخبر اعمال ٢:‏١-‏٤ ان التلاميذ كانوا مجتمعين معا في يوم الخمسين عندما «صار بغتة من السماء صوت كما من هبوب ريح عاصفة .‏ .‏ .‏ وامتلأ الجميع من الروح القدس وابتدأوا يتكلمون بألسنة اخرى كما اعطاهم الروح ان ينطقوا.‏»‏

      وهكذا فان الروح القدس اعطى يسوع وخدام اللّٰه الآخرين القدرة على فعل ما لا يستطيع البشر ان يفعلوه عادة.‏

      ليس شخصا

      ولكن أليست هنالك آيات للكتاب المقدس تتكلم عن الروح القدس بتعابير شخصية؟‏ نعم،‏ ولكن لاحظوا ما يقوله اللاهوتي الكاثوليكي ادموند فورتمان عن ذلك في الاله الثالوثي:‏ «بالرغم من ان هذا الروح يجري وصفه غالبا بتعابير شخصية،‏ يبدو واضحا ان كتبة الكتابات المقدسة [للاسفار العبرانية] لم يفهموا او يقدِّموا قط هذا الروح كشخص متميِّز.‏»‏

      وفي الاسفار المقدسة ليس غير عادي ان يجري تشخيص الشيء.‏ فالحكمة يقال ان لها اولادا.‏ (‏لوقا ٧:‏٣٥‏)‏ والخطية والموت يُدعيان مَلكين.‏ (‏رومية ٥:‏١٤،‏ ٢١‏)‏ وفي التكوين ٤:‏٧ يقول الكتاب المقدس الانكليزي الجديد (‏اج‏)‏:‏ «الخطية هي ابليس رابض عند الباب،‏» اذ يشخِّص الخطية كروح شرير رابض عند باب قايين.‏ ولكنَّ الخطية،‏ طبعا،‏ ليست شخصا روحانيا؛‏ وتشخيص الروح القدس لا يجعله شخصا روحانيا.‏

      وعلى نحو مماثل،‏ في ١ يوحنا ٥:‏٦-‏٨ ليس الروح فقط بل «الماء والدم» ايضا يقال انها ‹تشهد.‏› ولكن من الواضح انه لا الماء والدم شخصان،‏ ولا الروح القدس شخص.‏

      وينسجم مع ذلك استعمال الكتاب المقدس العام ‹للروح القدس› بطريقة شخصية،‏ كمماثَلته بالماء والنار.‏ (‏متى ٣:‏١١؛‏ مرقس ١:‏٨‏)‏ والناس يجري حثهم على الامتلاء بالروح القدس عوض الخمر.‏ (‏افسس ٥:‏١٨‏)‏ ويجري التكلم عنهم بصفتهم مملوئين بالروح القدس بالطريقة نفسها التي بها يمتلئون بصفات كالحكمة،‏ الايمان،‏ والفرح.‏ (‏اعمال ٦:‏٣؛‏ ١١:‏٢٤؛‏ ١٣:‏٥٢‏)‏ وفي ٢ كورنثوس ٦:‏٦ يجري شمل الروح القدس بين عدد من الصفات.‏ ولم تكن مثل هذه التعابير لتصير شائعة جدا لو كان الروح القدس شخصا فعلا.‏

      ثم،‏ ايضا،‏ بينما تقول بعض آيات الكتاب المقدس ان الروح يتكلم تُظهر آيات اخرى ان ذلك كان يجري فعلا بواسطة البشر او الملائكة.‏ (‏متى ١٠:‏١٩،‏ ٢٠؛‏ اعمال ٤:‏٢٤،‏ ٢٥؛‏ ٢٨:‏٢٥؛‏ عبرانيين ٢:‏٢‏)‏ وعمل الروح في مثل هذه الحالات يشبه ذاك الذي لموجات الراديو التي تنقل الرسائل من شخص الى آخر بعيد.‏

      وفي متى ٢٨:‏١٩ يشار الى «اسم .‏ .‏ .‏ الروح القدس.‏» ولكنّ الكلمة «اسم» لا تعني دائما اسما شخصيا،‏ لا في اليونانية ولا في العربية.‏ فعندما نقول «باسم القانون» لا نشير الى شخص.‏ اننا نعني ما يؤيده القانون،‏ سلطته.‏ تقول صور الكلام في العهد الجديد لروبرتسون:‏ «استعمال اسم (‏اونوما‏)‏ هنا هو استعمال شائع في الترجمة السبعينية وأوراق البردي عن القدرة او السلطة.‏» لذلك فان المعمودية ‹باسم الروح القدس› تعترف بسلطة الروح،‏ انه من اللّٰه ويعمل بمشيئة الهية.‏

      ‏‹المعين›‏

      تكلم يسوع عن الروح القدس ‹كمعين،‏› وقال انه يعلِّم،‏ يرشد،‏ ويتكلم.‏ (‏يوحنا ١٤:‏١٦،‏ ٢٦‏،‏ ع‌ج؛‏ ١٦:‏١٣‏)‏ والكلمة اليونانية التي استعملها مقابل معين (‏پَراكليتوس‏)‏ هي بصيغة المذكَّر.‏ وهكذا عندما اشار يسوع الى ما يفعله المعين استعمل الضمير الشخصي المذكَّر.‏ (‏يوحنا ١٦:‏٧،‏ ٨‏)‏ ومن ناحية اخرى،‏ عندما تُستعمل الكلمة اليونانية المحايدة مقابل روح (‏نيوما‏)‏ يُستخدم على نحو لائق الضمير المحايد.‏

      يخفي معظم التراجمة الثالوثيين هذا الواقع،‏ كما يعترف الكتاب المقدس الاميركي الجديد الكاثوليكي في ما يتعلق بيوحنا ١٤:‏١٧‏:‏ «الكلمة اليونانية التي تقابل ‹روح› هي محايدة،‏ وفيما نستعمل الضمائر الشخصية بالانكليزية (‏‹‏him‏› ‹‏‏,his‏› ‹‏‏,he‏›)‏ يستخدم معظم المخطوطات اليونانية ‹‏it‏› [الضمير المحايد].‏»‏

      وهكذا عندما يستعمل الكتاب المقدس الضمير الشخصي المذكَّر في ما يتعلق بكلمة پَراكليتوس في يوحنا ١٦:‏٧،‏ ٨ يطابق ذلك قواعد النحو،‏ ولا يعبِّر عن عقيدة.‏

      ليس جزءا من ثالوث

      تعترف مصادر متنوعة ان الكتاب المقدس لا يؤيد الفكرة ان الروح القدس هو الاقنوم الثالث من الثالوث.‏ مثلا:‏

      دائرة المعارف الكاثوليكية:‏ «لا نجد في ايّ مكان في العهد القديم دليلا واضحا على اقنوم ثالث.‏»‏

      فورتمان اللاهوتي الكاثوليكي:‏ «لم يعتبر اليهود قط ان الروح اقنوم؛‏ وليس هنالك ايّ دليل راسخ على ان ايًّا من كتبة العهد القديم كان يعتقد بهذه الفكرة.‏ .‏ .‏ .‏ يجري تقديم الروح القدس عادة في الاناجيل وأعمال الرسل كقوة او قدرة الهية.‏»‏

      دائرة المعارف الكاثوليكية الجديدة:‏ «من الواضح ان العهد القديم لا يعتبر روح اللّٰه اقنوما .‏ .‏ .‏ روح اللّٰه هو ببساطة قدرة اللّٰه.‏ واذا جرى تمثيله احيانا كمتميِّز عن اللّٰه فذلك لان نسمة يهوِه تعمل خارجيا.‏» وتقول ايضا:‏ «تُظهر اغلبية آيات العهد الجديد روح اللّٰه كشيء،‏ لا كشخص؛‏ ويُرى ذلك خصوصا في التناظر بين الروح وقدرة اللّٰه.‏» —‏ الحروف المائلة لنا.‏

      قاموس كاثوليكي:‏ «عموما،‏ يتكلم العهد الجديد،‏ كالعهد القديم،‏ عن الروح كطاقة او قدرة الهية.‏»‏

      لذلك لا اليهود ولا المسيحيون الاولون نظروا الى الروح القدس كجزء من ثالوث.‏ وهذا التعليم اتى بعد قرون.‏ كما يكتب قاموس كاثوليكي:‏ «جرى تأكيد الاقنوم الثالث في مجمع الاسكندرية في سنة ٣٦٢ .‏ .‏ .‏ وأخيرا بواسطة مجمع القسطنطينية لسنة ٣٨١» —‏ نحو ثلاثة قرون ونصف القرن بعد ان ملأ الروح القدس التلاميذ في يوم الخمسين!‏

      كلا،‏ الروح القدس ليس اقنوما وهو ليس جزءا من ثالوث.‏ الروح القدس هو قوة اللّٰه الفعالة التي يستعملها لانجاز مشيئته.‏ وهو ليس مساويا للّٰه ولكنه دائما تحت تصرفه وخاضع له.‏

      ‏[النبذة في الصفحة ٢٢]‏

      ‏«عموما،‏ يتكلم العهد الجديد،‏ كالعهد القديم،‏ عن الروح كطاقة او قدرة الهية.‏» —‏ قاموس كاثوليكي

      ‏[الصورتان في الصفحة ٢١]‏

      في احدى المناسبات ظهر الروح القدس كحمامة.‏ وفي مناسبة اخرى ظهر كألسنة من نار —‏ وليس كشخص على الاطلاق

  • ماذا عن «آيات البرهان» على الثالوث؟‏
    هل يجب ان تؤمنوا بالثالوث؟‏
    • ماذا عن «آيات البرهان» على الثالوث؟‏

      يقال ان بعض آيات الكتاب المقدس تقدِّم برهانا يؤيد الثالوث.‏ ولكن عند قراءة مثل هذه الآيات يجب ان نذكر ان الدليل المؤسس على الكتاب المقدس وعلى التاريخ لا يؤيد الثالوث.‏

      كل مرجع للكتاب المقدس يقدَّم كبرهان لا بد ان يجري فهمه في قرينة التعليم الثابت لكامل الكتاب المقدس.‏ وفي اغلب الاحيان يتضح المعنى الحقيقي لآية كهذه من قرينة الآيات المحيطة.‏

      ثلاثة في واحد

      تقدِّم دائرة المعارف الكاثوليكية الجديدة ثلاثا من مثل «آيات البرهان» هذه ولكنها تعترف ايضا:‏ «لا يجري تعليم عقيدة الثالوث الاقدس في العهد القديم.‏ وفي العهد الجديد،‏ اقدم دليل هو في رسائل بولس،‏ وخصوصا ٢ كورنثوس ١٣:‏١٣ [العدد ١٤ في بعض الكتب المقدسة]،‏ و ١ كورنثوس ١٢:‏٤-‏٦‏.‏ وفي الاناجيل يوجد الدليل على الثالوث على نحو واضح فقط في صيغة المعمودية في متى ٢٨:‏١٩‏.‏»‏

      في هذه الآيات تُدرَج «الاقانيم» الثلاثة كما يلي.‏ كورنثوس الثانية ١٣:‏١٣ (‏١٤)‏ تضع الثلاثة معا بهذه الطريقة:‏ «نعمة ربنا يسوع المسيح ومحبة اللّٰه وشركة الروح القدس مع جميعكم.‏» وكورنثوس الاولى ١٢:‏٤-‏٦ تقول:‏ «فأنواع مواهب موجودة ولكنَّ الروح واحد.‏ وانواع خِدم موجودة ولكنَّ الرب واحد.‏ وانواع اعمال موجودة ولكنَّ اللّٰه واحد الذي يعمل الكل في الكل.‏» ومتى ٢٨:‏١٩ تقول:‏ «فاذهبوا وتلمذوا جميع الامم وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس.‏»‏

      فهل تقول هذه الآيات ان اللّٰه والمسيح والروح القدس يؤلفون ذاتا الهية ثالوثية،‏ ان الثلاثة متساوون في الجوهر،‏ القدرة،‏ والسرمدية؟‏ كلا،‏ لا تقول ذلك،‏ كما ان إدراج اسماء ثلاثة اشخاص مثل طوم،‏ دِك،‏ وهاري،‏ لا يعني انهم ثلاثة في واحد.‏

      ان هذا النوع من المراجع،‏ تعترف دائرة معارف مطبوعات الكتاب المقدس اللاهوتية والكنسية لمكلنتوك وسترونغ،‏ «يبرهن فقط ان هنالك ذكرا لاسماء الاشخاص الثلاثة .‏ .‏ .‏ ولكنه لا يبرهن بحد ذاته ان الثلاثة كلهم ينتمون بالضرورة الى الطبيعة الالهية،‏ ويملكون كرامة الهية متساوية.‏»‏

      وبالرغم من انه يؤيد الثالوث،‏ يقول هذا المصدر عن ٢ كورنثوس ١٣:‏١٣ (‏١٤)‏:‏ «لا يمكننا بحق ان نستنتج انهم يملكون سلطة متساوية،‏ او الطبيعة نفسها.‏» وعن متى ٢٨:‏١٨-‏٢٠ يقول:‏ «ولكنّ هذه الآية،‏ اذ تؤخذ بحد ذاتها،‏ لا تبرهن على نحو حاسم على شخصية الاشخاص الثلاثة المذكورين او مساواتهم او ألوهيتهم.‏‏»‏

      عندما اعتمد يسوع ذُكر ايضا اللّٰه ويسوع والروح القدس في القرينة نفسها.‏ فيسوع «رأى روح اللّٰه نازلا مثل حمامة وآتيا عليه.‏» (‏متى ٣:‏١٦‏)‏ ولكنّ ذلك لا يقول ان الثلاثة هم واحد.‏ فابرهيم واسحق ويعقوب يجري ذكرهم معا مرات عديدة،‏ ولكنّ ذلك لا يجعلهم واحدا.‏ وبطرس ويعقوب ويوحنا تُذكر اسماؤهم معا،‏ ولكنّ ذلك لا يجعلهم واحدا ايضا.‏ وفضلا عن ذلك،‏ نزل روح اللّٰه على يسوع عند معموديته،‏ مظهرا ان يسوع لم يكن ممسوحا بالروح حتى ذلك الوقت.‏ واذ يكون الامر كذلك،‏ كيف يمكن ان يكون جزءا من ثالوث يكون فيه دائما واحدا مع الروح القدس؟‏

      والمرجع الآخَر الذي يتكلم عن الثلاثة معا موجود في بعض ترجمات الكتاب المقدس الاقدم في ١ يوحنا ٥:‏٧‏.‏ إلا ان العلماء يعترفون بأن هذه الكلمات لم تكن في الاصل في الكتاب المقدس ولكنها أُضيفت بعد ذلك بوقت طويل.‏ ومعظم الترجمات العصرية تحذف بالصواب هذه الآية الزائفة.‏

      و «آيات البرهان» الاخرى تعالج فقط العلاقة بين اثنين —‏ الآب ويسوع.‏ فدعونا نتأمل في بعضها.‏

      ‏«انا والآب واحد»‏

      غالبا ما يُشار الى هذه الآية،‏ في يوحنا ١٠:‏٣٠‏،‏ لتأييد الثالوث رغم انه لا يجري ذكر اقنوم ثالث هنا.‏ ولكنّ يسوع نفسه اظهر ما يعنيه بأنه «واحد» مع الآب.‏ ففي يوحنا ١٧:‏٢١،‏ ٢٢ صلَّى الى اللّٰه ان يكون جميع تلاميذه «واحدا كما انك انت ايها الآب فيَّ وانا فيك ليكونوا هم ايضا واحدا فينا .‏ .‏ .‏ ليكونوا واحدا كما اننا نحن واحد.‏» فهل كان يسوع يصلّي ان يصير جميع تلاميذه كيانا واحدا؟‏ كلا،‏ من الواضح ان يسوع كان يصلّي ان يكونوا متحدين في الفكر والقصد،‏ كما كان هو واللّٰه.‏ —‏ انظروا ايضا ١ كورنثوس ١:‏١٠‏.‏

      في ١ كورنثوس ٣:‏٦،‏ ٨ يقول بولس:‏ «انا غرست وأبلوس سقى .‏ .‏ .‏ الغارس والساقي هما واحد.‏» فلم يعنِ بولس انه وأبلوس شخصان في واحد؛‏ لقد عنى انهما موحَّدان في القصد.‏ والكلمة اليونانية التي استعملها بولس هنا التي تقابل «واحد» (‏هِن‏)‏ هي محايدة،‏ وحرفيا «(‏شيء)‏ واحد،‏» اذ تشير الى الوحدانية في التعاون.‏ انها الكلمة نفسها التي استعملها يسوع في يوحنا ١٠:‏٣٠ ليصف علاقته بأبيه.‏ وهي ايضا الكلمة نفسها التي استعملها يسوع في يوحنا ١٧:‏٢١،‏ ٢٢‏.‏ لذلك عندما استعمل الكلمة «واحد» (‏هِن‏)‏ في هذه الحالات كان يتكلم عن وحدة الفكر والقصد.‏

      وفي ما يتعلق بيوحنا ١٠:‏٣٠ قال جون كالڤن (‏الذي كان ثالوثيا)‏ في كتاب تعليق على الانجيل بحسب يوحنا:‏ «استعمل القدماء هذه العبارة استعمالا خاطئا ليبرهنوا ان المسيح هو .‏ .‏ .‏ من الجوهر نفسه مع الآب.‏ لان المسيح لا يتكلم عن وحدة الجوهر بل عن الاتفاق الذي له مع الآب.‏»‏

      وفي قرينة الآيات مباشرة بعد يوحنا ١٠:‏٣٠ احتج يسوع بقوة ان كلماته ليست ادعاء بأنه اللّٰه.‏ وسأل اليهودَ الذين توصَّلوا الى هذا الاستنتاج على نحو خاطئ وأرادوا رجمه:‏ «فالذي قدَّسه الآب وأرسله الى العالم أتقولون له انك تجدف لاني قلت اني ابن اللّٰه.‏» (‏يوحنا ١٠:‏٣١-‏٣٦‏)‏ كلا،‏ ادَّعى يسوع انه،‏ لا اللّٰه الابن،‏ بل ابن اللّٰه.‏

      ‏«معادلا نفسه باللّٰه»؟‏

      والآية الاخرى التي تقدَّم كتأييد للثالوث هي يوحنا ٥:‏١٨‏.‏ وهي تقول ان اليهود (‏كما في يوحنا ١٠:‏٣١-‏٣٦‏)‏ ارادوا ان يقتلوا يسوع لانه «قال ايضا ان اللّٰه ابوه معادلا نفسه باللّٰه.‏»‏

      ولكن مَن قال ان يسوع يعادل نفسه باللّٰه؟‏ ليس يسوع.‏ لقد دافع عن نفسه ضد هذه التهمة الباطلة في العدد التالي نفسه (‏١٩‏)‏:‏ «فأجاب يسوع وقال .‏ .‏ .‏ لا يقدر الابن ان يعمل من نفسه شيئا إلا ما ينظر الآبَ يعمل.‏»‏

      بهذا اظهر يسوع لليهود انه ليس معادلا للّٰه ولذلك لا يقدر ان يعمل من تلقاء نفسه.‏ فهل يمكن ان نتخيَّل شخصا معادلا للّٰه الكلي القدرة يقول انه ‹لا يقدر ان يعمل من نفسه شيئا›؟‏ (‏قارنوا دانيال ٤:‏٣٤،‏ ٣٥‏.‏)‏ وعلى نحو مثير للاهتمام تُظهر قرينة يوحنا ٥:‏١٨ و ١٠:‏٣٠ على السواء ان يسوع دافع عن نفسه ضد التُّهم الباطلة من اليهود الذين،‏ كالثالوثيين،‏ كانوا يتوصَّلون الى استنتاجات خاطئة!‏

      ‏«متساويا مع اللّٰه»؟‏

      في فيلبي ٢:‏٦ تقول ترجمة دواي الكاثوليكية (‏دي‏)‏ للسنة ١٦٠٩ عن يسوع:‏ «الذي اذ كان في شكل اللّٰه،‏ فكَّر انه ليس سرقة ان يكون متساويا مع اللّٰه.‏» وترجمة الملك جيمس (‏م‌ج‏)‏ للسنة ١٦١١ تُقرأ بالطريقة نفسها تقريبا.‏ وثمة عدد من مثل هاتين الترجمتين لا يزال البعض يستعملونه لتأييد الفكرة ان يسوع كان مساويا للّٰه.‏ ولكن لاحظوا كيف تنقل ترجمات اخرى هذا العدد:‏

      ١٨٦٩:‏ «الذي،‏ اذ كان في شكل اللّٰه،‏ لم يعدَّه شيئا يجب اختطافه ان يكون في مساواة مع اللّٰه.‏» العهد الجديد،‏ بواسطة ج.‏ ر.‏ نويز.‏

      ١٩٦٥:‏ «وهو —‏ حقا من طبيعة الهية!‏ —‏ لم يجعل نفسه قط بثقة بالنفس مساويا للّٰه.‏» العهد الجديد،‏ طبعة منقَّحة،‏ بواسطة فريدريك پافلِن.‏

      ١٩٦٨:‏ «الذي،‏ بالرغم من كونه في شكل اللّٰه،‏ لم يعتبر كونه مساويا للّٰه شيئا لجعله بطمع خاصته.‏» لا بيبيا كونكورداتا.‏

      ١٩٧٦:‏ «كانت له دائما طبيعة اللّٰه،‏ ولكنه لم يفكر ان يحاول بالقوة ان يصير متساويا مع اللّٰه.‏» الترجمة الانكليزية الحديثة.‏

      ١٩٨٤:‏ «الذي،‏ بالرغم من انه كان موجودا في شكل اللّٰه،‏ لم يتأمل في اختلاس،‏ اي ان يكون مساويا للّٰه.‏» ترجمة العالم الجديد للاسفار المقدسة.‏

      ١٩٨٥:‏ «الذي،‏ اذ كان في شكل اللّٰه،‏ لم يحسب المساواة مع اللّٰه شيئا يجب ان يُختطف.‏» الكتاب المقدس الاورشليمي الجديد.‏

      ولكن يدَّعي البعض انه حتى هذه الترجمات الاكثر دقة تشير الى انه (‏١)‏ كانت ليسوع من قبل مساواة ولكنه لم يرغب في التمسك بها او انه (‏٢)‏ لم يكن يلزمه اختطاف المساواة لانها كانت له من قبل.‏

      ومن هذا القبيل يقول رالف مارتن في رسالة بولس الى اهل فيلبي عن اليونانية الاصلية:‏ «ولكن هنالك شك في ما اذا كان يمكن لمعنى الفعل ان ينزلق من معناه الحقيقي ‹يختلس،‏› ‹ينتزع بعنف،‏› الى ‹يتمسك ب‍.‏›» ومفسر العهد الجديد اليوناني يقول ايضا:‏ «لا نستطيع ان نجد اية عبارة حيث ἁρπάζω [‏هارپازو‏] او ايّ من مشتقاتها لها معنى ‹الامتلاك،‏› ‹الاحتفاظ ب‍.‏› ويبدو بشكل ثابت انها تعني ‏‹يختلس،‏› ‹ينتزع بعنف.‏›‏ وهكذا لا يجوز الانزلاق من المعنى الحقيقي ‹يختطف› الى معنى مختلف كليا،‏ ‹يتمسك ب‍.‏›»‏

      يَظهر مما تقدَّم ان مترجمي ترجمات مثل دواي والملك جيمس يعوِّجون القواعد لتأييد غايات الثالوثيين.‏ وبعيدا عن القول ان يسوع فكَّر انه من اللائق ان يكون مساويا للّٰه،‏ فان فيلبي ٢:‏٦ باليونانية،‏ عندما تُقرأ بموضوعية،‏ تُظهر العكس تماما،‏ ان يسوع لم يفكر ان ذلك لائق.‏

      وقرينة الاعداد المحيطة (‏٣-‏٥‏،‏ ٧،‏ ٨‏)‏ توضح كيف يجب فهم العدد ٦ ‏.‏ فقد جرى حث اهل فيلبي:‏ «بتواضع حاسبين بعضكم البعض افضل من انفسهم.‏» ثم يستعمل بولس المسيح كمثال بارز لهذا الموقف:‏ «فليكن فيكم هذا الفكر الذي في المسيح يسوع ايضا.‏» ايّ «فكر»؟‏ أن ‹يفكِّر انه ليس سرقة ان يكون متساويا مع اللّٰه›؟‏ كلا،‏ فذلك يكون مناقضا تماما للفكرة التي يجرى اثباتها!‏ وبالاحرى فان يسوع،‏ الذي ‹حسب اللّٰه افضل من نفسه،‏› لم يكن قط ‹ليختطف المساواة مع اللّٰه،‏› ولكنه عوض ذلك «وضع نفسه وأطاع حتى الموت.‏»‏

      بالتأكيد،‏ لا يمكن ان يكون ذلك تحدثا عن ايّ جزء من اللّٰه الكلي القدرة.‏ لقد كان تحدثا عن يسوع المسيح،‏ الذي اوضح كاملا فكرة بولس هنا —‏ اي اهمية التواضع واطاعة الاسمى والخالق،‏ يهوه اللّٰه.‏

      ‏«انا كائن»‏

      في يوحنا ٨:‏٥٨ يورد عدد من الترجمات،‏ مثلا الكتاب المقدس الاورشليمي،‏ قول يسوع:‏ «قبل ان يكون ابرهيم انا كائن.‏» فهل كان يسوع يعلِّم هنا،‏ كما يزعم الثالوثيون،‏ انه كان معروفا بلقب «انا كائن»؟‏ وكما يدَّعون،‏ هل يعني ذلك انه كان يهوه الاسفار العبرانية،‏ لان ترجمة الملك جيمس في خروج ٣:‏١٤ تقول:‏ «قال اللّٰه لموسى،‏ انا الذي انا كائن‏»؟‏

      في خروج ٣:‏١٤ (‏م‌ج‏)‏ يُستعمل التعبير «‏انا كائن‏» كلقب للّٰه ليشير الى انه كان موجودا حقا وسيفعل ما وعد به.‏ واسفار موسى الخمسة ومختارات من كتب الانبياء،‏ تحرير الدكتور ج.‏ ه‍.‏ هيرتز،‏ تقول عن التعبير:‏ «بالنسبة الى الاسرائيليين في العبودية يكون المعنى،‏ ‹بالرغم من انه لم يُظهِر بعدُ قدرته نحوكم،‏ فانه سيفعل ذلك؛‏ انه سرمدي وبالتأكيد سيحرركم.‏› ومعظم العصريين يتبعون راشي [معلِّق فرنسي على الكتاب المقدس والتلمود] في ترجمة [‏خروج ٣:‏١٤‏] ‹سأكون ما سأكون.‏›»‏

      ان التعبير في يوحنا ٨:‏٥٨ مختلف تماما عن ذاك المستعمل في خروج ٣:‏١٤‏.‏ فيسوع لم يستعمله كاسم او لقب بل كوسيلة لايضاح وجوده السابق لبشريته.‏ لذلك لاحظوا كيف تنقل بعض الترجمات الاخرى للكتاب المقدس يوحنا ٨:‏٥٨‏:‏

      ١٨٦٩:‏ «من قبل ان يكون ابرهيم كنت انا.‏» العهد الجديد،‏ بواسطة ج.‏ ر.‏ نويز.‏

      ١٩٣٥:‏ «كنت موجودا قبل ان يولد ابرهيم!‏» الكتاب المقدس —‏ ترجمة اميركية،‏ بواسطة ج.‏ م.‏ پ.‏ سميث و إ.‏ ج.‏ ڠودسپيد.‏

      ١٩٦٥:‏ «قبل ان يولد ابرهيم كنت من قبلُ الذي انا هو.‏» العهد الجديد،‏ بواسطة يورڠ تسينك.‏

      ١٩٨١:‏ «كنت حيًّا قبل ان يولد ابرهيم!‏» الكتاب المقدس الانكليزي البسيط.‏

      ١٩٨٤:‏ «قبل ان يأتي ابرهيم الى الوجود كنت انا.‏» ترجمة العالم الجديد للاسفار المقدسة.‏

      وهكذا فان الفكرة الحقيقية لليونانية المستعملة هنا هي ان «بكر» اللّٰه المخلوق،‏ يسوع،‏ كان قد وُجد قبل ان يولد ابرهيم بزمن طويل.‏ —‏ كولوسي ١:‏١٥؛‏ امثال ٨:‏٢٢،‏ ٢٣،‏ ٣٠؛‏ رؤيا ٣:‏١٤‏.‏

      مرة اخرى تُظهر القرينة ان هذا هو الفهم الصحيح.‏ وفي هذه المرة اراد اليهود ان يرجموا يسوع لسبب الادعاء انه ‹رأى ابرهيم› بالرغم من انه،‏ كما قالوا،‏ ليس له ٥٠ سنة بعد.‏ (‏العدد ٥٧‏)‏ وتجاوُب يسوع الطبيعي كان ان يقول الحق عن عمره.‏ وهكذا قال لهم طبيعيا انه كان «حيًّا قبل ان يولد ابرهيم!‏» —‏ الكتاب المقدس الانكليزي البسيط.‏

      ‏«الكلمة كان اللّٰه»‏

      في يوحنا ١:‏١ تقول ترجمة الملك جيمس:‏ «في البدء كان الكلمة،‏ والكلمة كان عند اللّٰه،‏ والكلمة كان اللّٰه.‏» ويدَّعي الثالوثيون ان ذلك يعني ان «الكلمة» (‏باليونانية،‏ هُو لوڠوس‏)‏ الذي جاء الى الارض بصفته يسوع المسيح كان اللّٰه الكلي القدرة نفسه.‏

      ولكن لاحظوا انه هنا مرة اخرى تضع القرينة الاساس للفهم الصحيح.‏ فحتى ترجمة الملك جيمس تقول،‏ «الكلمة كان عند اللّٰه.‏» (‏الحروف المائلة لنا.‏)‏ والشخص الذي هو «عند» شخص آخَر لا يمكن ان يكون ذلك الشخص الآخَر نفسه.‏ وبانسجام مع ذلك،‏ تشير مجلة مطبوعات الكتاب المقدس،‏ تحرير اليسوعي جوزف ا.‏ فيتسماير،‏ الى انه اذا تُرجم الجزء الاخير من يوحنا ١:‏١ ليعني «الـ‍ » اله فذلك «يناقض حينئذ الجزء السابق من الجملة،‏» الذي يقول ان الكلمة كان عند اللّٰه.‏

      لاحظوا ايضا كيف تنقل ترجمات اخرى هذا الجزء من الآية:‏

      ١٨٠٨:‏ «والكلمة كان إلها.‏» العهد الجديد،‏ في ترجمة محسَّنة،‏ على اساس الترجمة الجديدة لرئيس الاساقفة نيوكم:‏ بنص مصحَّح.‏

      ١٨٦٤:‏ «وإلها كان الكلمة.‏» مؤكد اللسانين،‏ قراءة ما بين السطور،‏ بواسطة بنيامين ولسون.‏

      ١٩٢٨:‏ «والكلمة كان كائنا إلهيا.‏» لا بيبل دي سنتنير،‏ الانجيل بحسب يوحنا،‏ بواسطة موريس ڠوڠيل.‏

      ١٩٣٥:‏ «والكلمة كان إلهيا.‏» الكتاب المقدس —‏ ترجمة اميركية،‏ بواسطة ج.‏ م.‏ پ.‏ سميث و إ.‏ ج.‏ ڠودسپيد.‏

      ١٩٤٦:‏ «ومن نوع إلهي كان الكلمة.‏» العهد الجديد،‏ بواسطة لودفيخ ثايم.‏

      ١٩٥٠:‏ «والكلمة كان إلها.‏» ترجمة العالم الجديد للاسفار اليونانية المسيحية.‏

      ١٩٥٨:‏ «والكلمة كان إلها.‏» العهد الجديد،‏ بواسطة جيمس ل.‏ تومانك.‏

      ١٩٧٥:‏ «وإلها (‏او،‏ من نوع إلهي)‏ كان الكلمة.‏» الانجيل بحسب يوحنا،‏ بواسطة سيڠفريد شولز.‏

      ١٩٧٨:‏ «ونوعا شبيها بإله كان لوڠوس.‏» الانجيل بحسب يوحنا،‏ بواسطة جوهانس شنايدر.‏

      في يوحنا ١:‏١ يرد الاسم اليوناني ثيوس (‏اله)‏ مرتين.‏ في المرة الاولى يشير الى اللّٰه الكلي القدرة،‏ الذي عنده كان الكلمة (‏«والكلمة [‏لوڠوس‏] كان عند اللّٰه [صيغة من ثيوس‏]»)‏.‏ وثيوس الاول هذا تسبقه لفظة تون (‏الـ‍ )‏،‏ صيغة لاداة التعريف اليونانية تشير الى هوية متميزة،‏ وفي هذه الحالة اللّٰه الكلي القدرة (‏«والكلمة كان عند [الـ‍ ] اله»)‏.‏

      ومن ناحية اخرى،‏ ليست هنالك اداة قبل ثيوس الثاني في يوحنا ١:‏١‏.‏ لذلك فان الترجمة الحرفية تُقرأ،‏ «وإلها كان الكلمة.‏» ومع ذلك فقد رأينا ان ترجمات عديدة تنقل ثيوس الثاني هذا (‏اسم مسنَد)‏ الى «إلهيا،‏» «شبيها بإله،‏» او «إلها.‏» فعلى ايّ اساس يفعلون ذلك؟‏

      كانت للغة اليونانية الدارجة اداة تعريف (‏«الـ‍ »)‏،‏ ولكن لم تكن لها اداة تنكير.‏ لذلك عندما لا تأتي اداة التعريف قبل الاسم المسنَد يمكن ان يكون نكرة،‏ اذ يتوقف ذلك على القرينة.‏

      وتقول مجلة مطبوعات الكتاب المقدس ان التعابير «بمسنَد يأتي قبل الفعل دون اداة تعريف هي على نحو رئيسي وصفية في المعنى.‏» وكما تكتب المجلة،‏ يشير ذلك الى ان لوڠوس يمكن تشبيهه بإله.‏ وتقول ايضا عن يوحنا ١:‏١‏:‏ «القوة الوصفية للمسنَد بارزة جدا حتى ان الاسم [‏ثيوس‏] لا يمكن اعتباره معرفة.‏»‏

      لذلك تُبرز يوحنا ١:‏١ صفة الكلمة،‏ انه كان «إلهيا،‏» «شبيها بإله،‏» «إلها،‏» ولكن ليس اللّٰه الكلي القدرة.‏ وهذا ينسجم مع باقي الكتاب المقدس الذي يُظهر ان يسوع،‏ الذي يُدعى هنا «الكلمة» في دوره كمتكلم عن اللّٰه،‏ كان خاضعا طائعا مرسلا الى الارض من الاسمى منه،‏ اللّٰه الكلي القدرة.‏

      هنالك أعداد للكتاب المقدس كثيرة اخرى فيها جميع المترجمين تقريبا باللغات الاخرى يُدخلون على نحو ثابت اداة تنكير عند ترجمة الجمل اليونانية ذات التركيب نفسه.‏ مثلا،‏ في مرقس ٦:‏٤٩‏،‏ عندما رأى التلاميذ يسوع ماشيا على الماء،‏ تقول ترجمة الملك جيمس:‏ «ظنوه روحا.‏» وفي اللغة اليونانية الدارجة ليست هنالك اداة تنكير قبل «روحا.‏» ولكنّ جميع الترجمات تقريبا باللغات الاخرى تضيف اداة تنكير كي تجعل الترجمة ملائمة للقرينة.‏ وبالطريقة نفسها،‏ بما ان يوحنا ١:‏١ تُظهر ان الكلمة كان عند اللّٰه،‏ لا يمكن ان يكون اللّٰه،‏ بل كان «إلها،‏» او «إلهيا.‏»‏

      وجوزف هنري ثاير،‏ لاهوتيٌّ وعالمٌ عمِل في الترجمة القانونية الاميركية اعلن ببساطة:‏ «لوڠوس كان إلهيا،‏ وليس الكائن الالهي نفسه.‏» واليسوعي جون ل.‏ مكنزي كتب في مؤلَّفه قاموس الكتاب المقدس:‏ «‏يو ١:‏١ يجب ان تُترجم بالتدقيق .‏ .‏ .‏ ‹الكلمة كان كائنا إلهيا.‏›»‏

      مخالفة قاعدة؟‏

      ولكن يدَّعي البعض ان مثل هذه الترجمات تخالف قاعدة من قواعد النحو للغة اليونانية الدارجة نشرها العالم اليوناني إ.‏ سي.‏ كولويل قديما في سنة ١٩٣٣.‏ لقد زعم ان الاسم المسنَد في اليونانية «تكون له اداة [التعريف] عندما يأتي بعد الفعل؛‏ ولا تكون له اداة [التعريف] عندما يأتي قبل الفعل.‏» وبذلك عنى ان الاسم المسنَد قبل الفعل يجب فهمه كما لو ان له اداة التعريف (‏«الـ‍ »)‏ امامه.‏ وفي يوحنا ١:‏١ يأتي الاسم الثاني (‏ثيوس‏)‏،‏ المسنَد،‏ قبل الفعل —‏ «و [‏ثيوس‏] كان الكلمة.‏» وهكذا،‏ ادَّعى كولويل،‏ يجب ان تُقرأ يوحنا ١:‏١ «و [الـ‍ ] إله كان الكلمة.‏»‏

      ولكن تأملوا في مجرد مثالين موجودين في يوحنا ٨:‏٤٤‏.‏ هنا يقول يسوع عن ابليس:‏ «ذاك كان قتَّالا للناس» و «انه كذاب.‏» وكما في يوحنا ١:‏١ يأتي الاسمان المسنَدان (‏«قتَّالا» و «كذاب»)‏ قبل الفعلين في اليونانية.‏ وليست هنالك اداة تنكير امام ايّ من الاسمين لانه لم تكن هنالك اداة تنكير في اليونانية الدارجة.‏ ولكنّ معظم الترجمات تُدخل اداة تنكير لان قواعد النحو اليونانية والقرينة يتطلبان ذلك.‏ —‏ انظروا ايضا مرقس ١١:‏٣٢؛‏ يوحنا ٤:‏١٩؛‏ ٦:‏٧٠؛‏ ٩:‏١٧؛‏ ١٠:‏١؛‏ ١٢:‏٦‏.‏

      ولزم كولويل ان يعترف بذلك في ما يتعلق بالاسم المسنَد،‏ لانه قال:‏ «يكون نكرة في هذه الحالة عندما تتطلب القرينة ذلك فقط.‏» فحتى هو يعترف بأنه عندما تتطلب القرينة ذلك يمكن للمترجمين ان يُدخلوا اداة تنكير امام الاسم في هذا النوع من تركيب الجمل.‏

      وهل تتطلب القرينة اداة تنكير في يوحنا ١:‏١‏؟‏ نعم،‏ لان شهادة الكتاب المقدس بكامله هي ان يسوع ليس اللّٰه الكلي القدرة.‏ وهكذا،‏ ليست قاعدة النحو المشكوك فيها لكولويل،‏ بل القرينة يجب ان ترشد المترجم في مثل هذه الحالات.‏ ويتضح من الترجمات الكثيرة التي تُدخل اداة تنكير في يوحنا ١:‏١ وفي اماكن اخرى ان الكثير من العلماء لا يوافقون على مثل هذه القاعدة الزائفة،‏ وكذلك تفعل كلمة اللّٰه.‏

      لا تعارض

      وهل يتعارض القول ان يسوع المسيح هو «إله» مع تعليم الكتاب المقدس ان هنالك إلها واحدا فقط؟‏ كلا،‏ لان الكتاب المقدس احيانا يستعمل هذا التعبير ليشير الى المخلوقات الجبارة.‏ تقول مزمور ٨:‏٥‏:‏ «تَنقُصه [الانسان] قليلا عن (‏أشباه الآلهة،‏ ع‌ج)‏ [بالعبرانية،‏ إلوهيم‏]،‏» اي الملائكة.‏ وفي دفاع يسوع ضد تهمة اليهود،‏ بأنه ادَّعى انه اللّٰه،‏ اشار الى ان الناموس يستعمل كلمة «آلهة لاولئك الذين صارت اليهم كلمة اللّٰه،‏» اي القضاة البشر.‏ (‏يوحنا ١٠:‏٣٤،‏ ٣٥؛‏ مزمور ٨٢:‏١-‏٦‏)‏ وحتى الشيطان يُدعى «إله هذا الدهر» في ٢ كورنثوس ٤:‏٤‏.‏

      ليسوع مركز اعلى بكثير من الملائكة او البشر الناقصين او الشيطان.‏ وبما ان هؤلاء تجري الاشارة اليهم بصفتهم «آلهة،‏» جبابرة،‏ يمكن بالتأكيد ان يكون يسوع «إلها،‏» وهو كذلك.‏ ولسبب مركزه الفريد بالنسبة الى يهوه يكون يسوع «إلها قديرا.‏» —‏ يوحنا ١:‏١؛‏ اشعياء ٩:‏٦‏.‏

      ولكن ألا تشير «إلها قديرا» بحرفيها الاستهلاليين الكبيرين (‏في الانكليزية)‏ الى ان يسوع هو بطريقة ما مساوٍ ليهوه اللّٰه؟‏ كلا،‏ على الاطلاق.‏ فاشعياء انما تنبأ بأن يكون ذلك احد الالقاب الاربعة التي كان يسوع سيُدعى بها،‏ وفي اللغة الانكليزية تجري كتابة مثل هذه الالقاب بحروف استهلالية كبيرة.‏ ومع ذلك،‏ على الرغم من ان يسوع دُعي «قديرا،‏» يمكن ان يكون هنالك واحد فقط «قادر على كل شيء.‏» وأن يُدعى يهوه اللّٰه «القادرَ على كل شيء» يكون ذا مغزى زهيد إلا اذا كان يوجد آخرون يُدعون ايضا آلهة ولكنهم يشغلون مركزا اقل او ادنى.‏

      تقول نشرة مكتبة جون رايلاندز في انكلترا انه،‏ بحسب اللاهوتي الكاثوليكي كارل رانر،‏ فيما تُستعمل ثيوس في آيات مثل يوحنا ١:‏١ في ما يتعلق بالمسيح «لا تُستعمل ‹ثيوس› في ايّ من هذه الحالات بطريقة تثبت هوية يسوع بأنه ذاك الذي في مكان آخر في العهد الجديد يُعتبر ‹هُو ثيوس،‏› اي الاله الاسمى.‏» وتضيف النشرة:‏ «اذا اعتقد كتبة العهد الجديد انه من الحيوي ان يعترف المؤمنون بأن يسوع هو ‹اللّٰه،‏› هل يمكن تفسير الغياب التام تقريبا لمجرد شكل الاعتراف هذا في العهد الجديد؟‏»‏

      ولكن ماذا عن قول الرسول توما،‏ «ربي وإلهي،‏» ليسوع في يوحنا ٢٠:‏٢٨‏؟‏ بالنسبة الى توما كان يسوع مثل «إله،‏» وخصوصا في الظروف العجائبية التي اثارت هتافه.‏ ويقترح بعض العلماء ان توما ربما هتف هتاف دهشة عاطفيا،‏ مقولا ليسوع ولكن موجَّها الى اللّٰه.‏ وفي ايّ من الحالتين،‏ لم يعتقد توما ان يسوع هو اللّٰه الكلي القدرة،‏ لانه وجميع الرسل الآخرين عرفوا ان يسوع لم يدَّع قط انه اللّٰه بل علَّم ان يهوه وحده هو «الاله الحقيقي الوحيد.‏» —‏ يوحنا ١٧:‏٣‏،‏ ع‌ج.‏

      ومرة اخرى تساعدنا القرينة على فهم ذلك.‏ فقبل ايام قليلة كان يسوع المقام قد قال لمريم المجدلية ان تقول للتلاميذ:‏ «اني اصعد الى ابي وابيكم وإلهي وإلهكم.‏» (‏يوحنا ٢٠:‏١٧‏)‏ فبالرغم من ان يسوع قد أُقيم روحا جبارا،‏ كان يهوه لا يزال إلهه.‏ ويسوع استمر في الاشارة اليه على هذا النحو حتى في السفر الاخير للكتاب المقدس،‏ بعد ان تمجَّد.‏ —‏ رؤيا ١:‏٥،‏ ٦؛‏ ٣:‏٢،‏ ١٢‏.‏

      بعد ثلاثة أعداد فقط من هتاف توما،‏ في يوحنا ٢٠:‏٣١‏،‏ يوضح الكتاب المقدس المسألة اكثر بالقول:‏ «أما هذه فقد كُتبت لتؤمنوا أن يسوع هو المسيح ابن اللّٰه،‏» وليس انه اللّٰه الكلي القدرة.‏ وعنى ذلك ‹ابنا› بطريقة حرفية،‏ كما هي الحال مع اب وابن طبيعيين،‏ لا مع جزء غامض من ذات الهية ثالوثية.‏

      لا بد ان تنسجم مع الكتاب المقدس

      يجري الادعاء ان عدة آيات اخرى تؤيد الثالوث.‏ ولكنّ هذه مماثلة لتلك التي جرت مناقشتها آنفا بمعنى انها،‏ عندما تُفحص باعتناء،‏ لا تقدِّم ايّ تأييد فعلي.‏ ومثل هذه الآيات انما توضح انه عند بحث ايّ تأييد مزعوم للثالوث لا بد للمرء ان يسأل:‏ هل تنسجم الترجمة مع التعليم الثابت لكامل الكتاب المقدس —‏ ان يهوه اللّٰه وحده هو الاسمى؟‏ إن لم يكن الامر كذلك،‏ حينئذ لا بد ان تكون الترجمة خاطئة.‏

      يلزمنا ايضا ان نتذكر انه حتى ولا «آية برهان» واحدة تقول ان اللّٰه ويسوع والروح القدس هم واحد في ذات الهية غامضة.‏ ولا تقول آية واحدة في ايّ مكان في الكتاب المقدس ان الثلاثة كلهم متساوون في الجوهر،‏ القدرة،‏ والسرمدية.‏ والكتاب المقدس ثابت في الاظهار ان اللّٰه الكلي القدرة،‏ يهوه،‏ هو الاسمى وحده،‏ يسوع هو ابنه المخلوق،‏ والروح القدس هو قوة اللّٰه الفعالة.‏

      ‏[النبذة في الصفحة ٢٤]‏

      ‏«استعمل القدماء [‏يوحنا ١٠:‏٣٠‏] استعمالا خاطئا ليبرهنوا ان المسيح هو .‏ .‏ .‏ من الجوهر نفسه مع الآب.‏» —‏ تعليق على الانجيل بحسب يوحنا،‏ بواسطة جون كالڤن

      ‏[النبذة في الصفحة ٢٧]‏

      الشخص الذي هو «عند» شخص آخَر لا يمكن ان يكون ذلك الشخص الآخَر ايضا

      ‏[النبذة في الصفحة ٢٨]‏

      ‏«لوڠوس كان إلهيا،‏ وليس الكائن الالهي نفسه.‏» —‏ جوزف هنري ثاير،‏ عالم الكتاب المقدس

      ‏[الصورتان في الصفحتين ٢٤ و ٢٥]‏

      صلَّى يسوع الى اللّٰه ان يكون جميع تلاميذه «واحدا،‏» كما انه وأباه «واحد»‏

      ‏[الصورة في الصفحة ٢٦]‏

      اظهر يسوع لليهود انه ليس معادلا للّٰه،‏ قائلا انه ‹لا يقدر ان يعمل من نفسه شيئا إلا ما ينظر الآب يعمل›‏

      ‏[الصور في الصفحة ٢٩]‏

      بما ان الكتاب المقدس يدعو البشر،‏ الملائكة،‏ وحتى الشيطان،‏ «آلهة،‏» او اقوياء،‏ يمكن ان يدعى يسوع الارفع في السماء بلياقة «إلها»‏

  • اعبدوا اللّٰه وفقا لشروطه
    هل يجب ان تؤمنوا بالثالوث؟‏
    • اعبدوا اللّٰه وفقا لشروطه

      قال يسوع في الصلاة الى اللّٰه:‏ «هذه هي الحياة الابدية ان يعرفوك انت الاله الحقيقي (‏الوحيد،‏ ع‌ج)‏ ويسوع المسيح الذي ارسلته.‏» (‏يوحنا ١٧:‏٣‏)‏ وايّ نوع من المعرفة هي هذه؟‏ «[اللّٰه] يريد أن جميع الناس يخلصون والى معرفة الحق (‏الصحيحة،‏ ع‌ج)‏ يُقبلون.‏» (‏١ تيموثاوس ٢:‏٤‏)‏ وينقل الكتاب المقدس الموسَّع العبارة الاخيرة بهذه الطريقة:‏ «يعرفون الحق [الالهي] على نحو دقيق وصحيح.‏»‏

      وهكذا يريد اللّٰه ان نعرفه ونعرف مقاصده على نحو صحيح،‏ وفقا للحق الالهي.‏ وكلمة اللّٰه،‏ الكتاب المقدس،‏ هي مصدر هذا الحق.‏ (‏يوحنا ١٧:‏١٧؛‏ ٢ تيموثاوس ٣:‏١٦،‏ ١٧‏)‏ وعندما يتعلَّم الناس على نحو صحيح ما يقوله الكتاب المقدس عن اللّٰه،‏ حينئذ يتجنَّبون الصيرورة كأولئك المذكورين في رومية ١٠:‏٢،‏ ٣‏،‏ الذين كانت لهم «غيرة للّٰه ولكن ليس حسب المعرفة (‏الصحيحة،‏ ع‌ج)‏.‏» او كالسامريين،‏ الذين قال لهم يسوع:‏ «انتم تسجدون لما لستم تعلمون.‏» —‏ يوحنا ٤:‏٢٢‏.‏

      لذلك،‏ اذا اردنا رضى اللّٰه،‏ يلزمنا ان نسأل انفسنا:‏ ماذا يقول اللّٰه عن نفسه؟‏ كيف يريد ان يُعبد؟‏ ما هي مقاصده،‏ وكيف يجب ان نكون على وفاق معها؟‏ ان المعرفة الصحيحة عن الحق تعطينا الاجوبة السليمة عن مثل هذه الاسئلة.‏ وحينئذ يمكننا ان نعبد اللّٰه وفقا لشروطه.‏

      عدم اكرام اللّٰه

      ‏«اني أُكرم الذين يكرمونني،‏» يقول اللّٰه.‏ (‏١ صموئيل ٢:‏٣٠‏)‏ فهل يكرم اللّٰه ان يُعتبر احد مساويا له؟‏ وهل يكرمه ان تُدعى مريم «امّ اللّٰه» و «الوسيطة .‏ .‏ .‏ بين الخالق ومخلوقاته،‏» كما تفعل دائرة المعارف الكاثوليكية الجديدة؟‏ كلا،‏ ان هذه الافكار تهين اللّٰه.‏ فلا احد يساويه؛‏ ولم تكن له امّ بشرية لان يسوع لم يكن اللّٰه.‏ وليست هنالك «وسيطة» لان اللّٰه عيَّن مجرد «وسيط واحد بين اللّٰه والناس،‏» يسوع.‏ —‏ ١ تيموثاوس ٢:‏٥؛‏ ١ يوحنا ٢:‏١،‏ ٢‏.‏

      لا شك ان عقيدة الثالوث شوَّشت وشابت فهم الناس لمركز اللّٰه الحقيقي.‏ ومنعت الناس من ان يعرفوا على نحو صحيح المتسلط الكوني،‏ يهوه اللّٰه،‏ ومن ان يعبدوه وفقا لشروطه.‏ وكما قال اللاهوتي هانز كيونڠ:‏ «لماذا يريد احد ان يضيف الى فكرة وحدانية اللّٰه وكونه فريدا شيئا لا يمكن إلا ان يشوب او يبطل هذه الوحدانية وكونه فريدا؟‏» ولكنْ هذا ما فعله الايمان بالثالوث.‏

      واولئك الذين يؤمنون بالثالوث لا ‹يُبقون اللّٰه في معرفتهم.‏› (‏رومية ١:‏٢٨‏)‏ وهذا العدد يقول ايضا:‏ «اسلمهم اللّٰه الى ذهن مرفوض ليفعلوا ما لا يليق.‏» والأعداد ٢٩ الى ٣١ تدرج بعض هذه الامور التي ‹لا تليق،‏› ‹كالقتل،‏ الخصام،‏ الكينونة بلا عهد،‏ عدم امتلاك الحنوّ،‏ عدم الرحمة.‏› وهذه الامور نفسها تمارسها الاديان التي تقبل الثالوث.‏

      مثلا،‏ غالبا ما كان الثالوثيون يضطهدون وحتى يقتلون اولئك الذين يرفضون عقيدة الثالوث.‏ وذهبوا ايضا الى أبعد من ذلك.‏ فقد كانوا يقتلون رفقاءهم الثالوثيين في زمن الحرب.‏ وماذا يمكن ان يكون ‹غير لائق› اكثر من ان يقتل الكاثوليك الكاثوليك،‏ يقتل الأرثوذكس الأرثوذكس،‏ يقتل الپروتستانت الپروتستانت —‏ كل ذلك باسم الاله الثالوثي نفسه؟‏

      ومع ذلك،‏ قال يسوع بوضوح:‏ «بهذا يعرف الجميع انكم تلاميذي إن كان لكم حب بعضا لبعض.‏‏» (‏يوحنا ١٣:‏٣٥‏)‏ وكلمة اللّٰه تتوسَّع في ذلك،‏ قائلة:‏ «بهذا اولاد اللّٰه ظاهرون واولاد ابليس.‏ كل مَن لا يفعل البر فليس من اللّٰه وكذا مَن لا يحب اخاه.‏‏» وهي تشبِّه اولئك الذين يقتلون اخوتهم الروحيين ‹بقايين الذي كان من الشرير [الشيطان] وذبح اخاه.‏› —‏ ١ يوحنا ٣:‏١٠-‏١٢‏.‏

      وهكذا فان تعليم عقائد مشوِّشة عن اللّٰه قاد الى اعمال تخالف شرائعه.‏ حقا،‏ ان ما حدث في كل العالم المسيحي هو ما وصفه اللاهوتي الدانماركي سورين كيركيڠارد:‏ «قتل العالم المسيحي المسيحية دون ان يدرك ذلك.‏»‏

      ان حالة العالم المسيحي الروحية تلائم ما كتبه الرسول بولس:‏ «يعترفون بأنهم يعرفون اللّٰه ولكنهم بالاعمال ينكرونه اذ هم رجسون غير طائعين ومن جهة كل عمل صالح مرفوضون.‏» —‏ تيطس ١:‏١٦‏.‏

      وقريبا،‏ عندما يأتي اللّٰه بنظام الاشياء الشرير الحاضر هذا الى نهايته،‏ سيحاسَب العالم المسيحي الثالوثي.‏ وسيدان دينونة مضادة لسبب اعماله وعقائده التي لا تكرم اللّٰه.‏ —‏ متى ٢٤:‏١٤،‏ ٣٤؛‏ ٢٥:‏٣١-‏٣٤،‏ ٤١،‏ ٤٦؛‏ رؤيا ١٧:‏١-‏٦،‏ ١٦؛‏ ١٨:‏١-‏٨،‏ ٢٠،‏ ٢٤؛‏ ١٩:‏١٧-‏٢١‏.‏

      ارفضوا الثالوث

      لا يمكن ان تكون هنالك مسايرة في ما يتعلق بحقائق اللّٰه.‏ لذلك،‏ أن نعبد اللّٰه وفقا لشروطه يعني أن نرفض عقيدة الثالوث.‏ فهي تناقض ما آمن به وعلَّمه الانبياء ويسوع والرسل والمسيحيون الاولون.‏ وهي تناقض ما يقوله اللّٰه عن نفسه في كلمته الموحى بها.‏ وهكذا يعطي المشورة:‏ «اذكروا .‏ .‏ .‏ اني انا اللّٰه وليس آخر.‏ الاله وليس مثلي.‏» —‏ اشعياء ٤٦:‏٩‏.‏

      ان مصالح اللّٰه لا يخدمها جعله مشوِّشا وغامضا.‏ وعوض ذلك،‏ كلما صار الناس مشوَّشين اكثر بشأن اللّٰه ومقاصده لاءم ذلك اكثر خصم اللّٰه،‏ الشيطان ابليس،‏ ‹اله هذا العالم.‏› فهو الذي يروِّج مثل هذه العقائد الباطلة لكي ‹يُعمي اذهان غير المؤمنين.‏› (‏٢ كورنثوس ٤:‏٤‏)‏ وعقيدة الثالوث تخدم ايضا مصالح رجال الدين الذين يريدون ان يحافظوا على سيطرتهم على الناس،‏ لانهم يجعلونها تبدو وكأن اللاهوتيين فقط يتمكنون من فهمها.‏ —‏ انظروا يوحنا ٨:‏٤٤‏.‏

      ان المعرفة الصحيحة عن اللّٰه تجلب راحة عظيمة.‏ وتحرِّرنا من التعاليم التي تخالف كلمة اللّٰه ومن الهيئات التي ارتدَّت.‏ وكما قال يسوع:‏ «تعرفون الحق والحق يحرركم.‏» —‏ يوحنا ٨:‏٣٢‏.‏

      باكرام اللّٰه بصفته الاسمى وعبادته وفقا لشروطه يمكننا ان نتجنَّب الدينونة التي سيجلبها قريبا على العالم المسيحي المرتد.‏ وعوض ذلك،‏ يمكننا ان نتطلع بشوق الى رضى اللّٰه عندما ينتهي هذا النظام:‏ «العالم يمضي وشهوته وأما الذي يصنع مشيئة اللّٰه فيثبت الى الابد.‏» —‏ ١ يوحنا ٢:‏١٧‏.‏

      ‏[الصورة في الصفحة ٣١]‏

      هذا التمثال في فرنسا الذي يرجع عهده الى قرون يصوِّر تتويج «العذراء» مريم من الثالوث.‏ والاعتقاد بالثالوث قاد الى تبجيل مريم بصفتها «امّ اللّٰه»‏

  • مصدر الصور
    هل يجب ان تؤمنوا بالثالوث؟‏
    • مصدر الصور

      مدرجة بحسب الصفحة،‏ الموقع،‏ والرقم:‏

      ‏‎.‏(7)‏ ‎,‏10 page ‏France,‎ ‏Church of Tagnon,‎

      ‏‎.‏31 ‏page ‏‎ France,‎,‏‏Collegiate of Montréal,‎ Yonne

      ‏‎.‏(right) ‏page 2,‎ ‏‎,‏‏Musée des Beaux-Arts de Troyes

      ‏‎.‏(3)‏ ‎,‏(1) ‏page 10,‎‏ ‎,‏‏Musée du Louvre,‎ Paris

      ‏‎.‏(5)‏ ‏‎,‏10‏ page ‏‎,‏‏Musée Guimet,‎ Paris

      ‏‎.‏(2)‏ ‎,‏10 page ‏‎,‏‏Musées Nationaux,‎ France

      ‏‎.‏(8)‏ ‎,‏10 ‏page ‏Museo Bardini,‎ Florence,‎

      ‏‎.‏(left)‏ ‎,‏2‏ page‏ Museo Egizio,‎ Turin,‎

      ‏‎.‏8‏ page ‏Scala New York/Florence,‎

المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
الخروج
الدخول
  • العربية
  • مشاركة
  • التفضيلات
  • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
  • شروط الاستخدام
  • سياسة الخصوصية
  • إعدادات الخصوصية
  • JW.ORG
  • الدخول
مشاركة