مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • دور السلطات الفائقة
    برج المراقبة ١٩٩٠ | ١ تشرين الثاني (‏نوفمبر)‏
    • دور السلطات الفائقة

      ‏«انه خادم اللّٰه للصلاح.‏ ولكن ان فعلت الشر فخف.‏» —‏ رومية ١٣:‏٤‏.‏

      ١ و ٢ كيف صار كثيرون في العالم المسيحي متورطين في نشاطات ثورية؟‏

      منذ سنتين انتج اجتماع للاساقفة في لندن مقالة افتتاحية ساخطة في نيويورك پوست.‏ والاجتماع كان مؤتمر لامْبِث،‏ الذي حضره اكثر من ٥٠٠ اسقف من الطائفة الانڠليكانية.‏ وقد بعث على السخط قرارٌ صدر عن المؤتمر يعبِّر عن التفهم تجاه الناس «الذين،‏ بعد ان يستنفدوا كل الوسائل الاخرى،‏ يختارون سبيل الكفاح المسلَّح بصفته السبيل الوحيد الى العدل.‏»‏

      ٢ قالت پوست ان ذلك كان،‏ في الواقع،‏ موافقة على الارهاب.‏ لكنّ الاساقفة انما كانوا يتبعون نزعة متزايدة.‏ وموقفهم لم يكن مختلفا عن ذاك الذي للكاهن الكاثوليكي في غانا الذي اوصى بحرب العصابات بصفتها السبيل الاسرع،‏ الاثبت،‏ والاضمن لتحرير افريقيا؛‏ او للقس المنهجي الافريقي الذي نذر ان يدعم «حرب التحرير حتى النهاية القصوى»؛‏ او للمرسلين الكثيرين للعالم المسيحي الذين حاربوا مع الثوار ضد الحكومات المؤسسة في آسيا وأميركا الجنوبية.‏

      المسيحيون الحقيقيون لا ‹يقاومون السلطة›‏

      ٣ و ٤ (‏أ)‏ اية مبادئ ينتهكها المدعوّون مسيحيين الذين يعززون الثورة؟‏ (‏ب)‏ ماذا اكتشف احد الافراد عن شهود يهوه؟‏

      ٣ في القرن الاول،‏ قال يسوع عن أتباعه:‏ «ليسوا من العالم كما اني انا لست من العالم.‏» (‏يوحنا ١٧:‏١٤‏)‏ ان ايّ شخص مدعوّ مسيحيا يعزز الثورة هو جزء من العالم الى حد بعيد جدا.‏ فهو ليس من أتباع يسوع؛‏ وهو ليس ‹خاضعا للسلاطين الفائقة.‏› (‏رومية ١٣:‏١‏)‏ ويفعل حسنا اذ ينتبه الى تحذير الرسول بولس ان «مَن يقاوم السلطان يقاوم ترتيب اللّٰه والمقاومون سيأخذون لانفسهم دينونة.‏» —‏ رومية ١٣:‏٢‏.‏

      ٤ في تباين مع كثيرين في العالم المسيحي،‏ ليست لدى شهود يهوه تعاملات مع العنف المسلَّح.‏ وقد اكتشف ذلك رجل في اوروپا.‏ يكتب:‏ «لدى رؤية ما انتجه الدين والسياسة،‏ وقفتُ نفسي للاطاحة بالترتيب الاجتماعي المؤسس.‏ فانضممت الى مجموعة من الارهابيين وتلقيت تدريبا في استخدام كل انواع الاسلحة ببراعة؛‏ اشتركت في سرقات مسلَّحة كثيرة.‏ وكانت حياتي في خطر متواصل.‏ واذ مر الوقت،‏ صار من الواضح اننا نخوض معركة خاسرة.‏ فكنت رجلا مثبَّطا،‏ مغلوبا من الانعدام التام للرجاء في الحياة.‏ ثم قرعتْ شاهدة بابنا.‏ وأخبرتني عن ملكوت اللّٰه.‏ واذ اصررتُ ان هذا مضيعة لوقتي،‏ اقترحتُ ان تسمع زوجتي.‏ ففعلتْ ذلك،‏ وجرى البدء بدرس بيتي للكتاب المقدس.‏ وأخيرا،‏ وافقتُ ان احضر الدرس.‏ تعجز الكلمات عن نقل الارتياح الذي شعرتُ به في فهم القوة الموجِّهة التي تدفع الجنس البشري نحو الشر.‏ لقد اعطاني الوعد الرائع بالملكوت رجاء مقوِّيا وقصدا في الحياة.‏»‏

      ٥ لماذا يبقى المسيحيون على نحو مسالم خاضعين للسلطات الفائقة،‏ والى متى ستكون هذه هي الحال؟‏

      ٥ المسيحيون هم سفراء او مبعوثو اللّٰه والمسيح.‏ (‏اشعياء ٦١:‏١،‏ ٢؛‏ ٢ كورنثوس ٥:‏٢٠؛‏ افسس ٦:‏١٩،‏ ٢٠‏)‏ وبصفتهم كذلك،‏ يبقون حياديين في نزاعات هذا العالم.‏ وعلى الرغم من ان بعض الانظمة السياسية تبدو اكثر نجاحا اقتصاديا من الاخرى،‏ ويسمح البعض بحرية اكثر من الاخرى،‏ فالمسيحيون لا يعززون او يعتبرون نظاما اكثر من الآخر.‏ فهم يعرفون ان كل الانظمة ناقصة.‏ وانه «ترتيب اللّٰه» ان تستمر هذه في الوجود الى ان يسود ملكوته.‏ (‏دانيال ٢:‏٤٤‏)‏ وهكذا،‏ يبقى المسيحيون على نحو مسالم خاضعين للسلطات الفائقة فيما يعززون الخير الابدي للآخرين بالكرازة ببشارة الملكوت.‏ —‏ متى ٢٤:‏١٤؛‏ ١ بطرس ٣:‏١١،‏ ١٢‏.‏

      اطاعة القانون

      ٦ لماذا تكون شرائع بشرية كثيرة جيدة على الرغم من ان «العالم كله قد وضع في الشرير»؟‏

      ٦ تضع الحكومات القومية انظمة قوانين،‏ ومعظم هذه القوانين جيد.‏ فهل يجب ان يفاجئنا ذلك،‏ بالنظر الى واقع كون «العالم كله قد وضع في الشرير»؟‏ (‏١ يوحنا ٥:‏١٩‏)‏ كلا.‏ فيهوه اعطى ابانا الاول،‏ آدم،‏ ضميرا،‏ وهذا الشعور الفِطري بالصواب والخطإ ينعكس بطرائق كثيرة في القوانين البشرية.‏ (‏رومية ٢:‏١٣-‏١٦‏)‏ فحمورابي،‏ مشترع بابلي قديم،‏ استهل مجموعة قوانينه كما يلي:‏ «في ذلك الوقت عيَّنوني لاعزز خير الشعب،‏ انا،‏ حمورابي،‏ الامير المخلص،‏ الخائف اللّٰه،‏ لاجعل العدل يسود في الارض،‏ لاهلك الشرير والشر،‏ لئلا يظلم القويُّ الضعيفَ.‏»‏

      ٧ اذا خالف احد القانون،‏ فمن له الحق في معاقبته،‏ ولماذا؟‏

      ٧ تقول معظم الحكومات ان القصد من قوانينها مشابه:‏ تعزيز خير المواطنين والنظام الجيد في المجتمع.‏ وهكذا،‏ تعاقب على الاعمال المعادية للمجتمع،‏ كالقتل والسرقة،‏ وتضع انظمة،‏ كحدود السرعة وقوانين ايقاف السيارات.‏ وكل من يكسر عمدا قوانينها يتخذ موقفا ضد السلطة و ‹يأخذ لنفسه دينونة.‏› دينونة ممن؟‏ ليس بالضرورة من اللّٰه.‏ فالكلمة اليونانية المترجمة هنا الى دينونة يمكن ان تشير الى الاجراءات المدنية اكثر مما الى الاحكام من يهوه.‏ (‏قارنوا ١ كورنثوس ٦:‏٧‏.‏)‏ واذا تصرَّف احد على نحو غير شرعي،‏ فلدى السلطة الفائقة حق معاقبته.‏

      ٨ كيف تتجاوب الجماعة اذا ارتكب عضو جريمة خطيرة؟‏

      ٨ لدى شهود يهوه صيت حسن لعدم مقاومة السلطات البشرية.‏ واذا حدث ان فردا في الجماعة خالف القانون،‏ فالجماعة لن تساعده على التملص من العقاب الشرعي.‏ واذا كان احد يسرق،‏ يقتل،‏ يشهِّر،‏ يغش في ضرائبه،‏ يغتصب،‏ يختلس،‏ يستعمل المخدرات غير الشرعية،‏ او يقاوم السلطة الشرعية بأية طريقة اخرى،‏ فسيواجه تأديبا قاسيا من الجماعة —‏ ولا يجب ان يشعر بأنه مضطهَد عندما يعاقَب من السلطة الدنيوية.‏ —‏ ١ كورنثوس ٥:‏١٢،‏ ١٣؛‏ ١ بطرس ٢:‏١٣-‏١٧،‏ ٢٠‏.‏

      موضع خوف

      ٩ اي سبيل هنالك لدى المسيحيين بلياقة اذا هدَّدتهم عناصر متمردة على القانون؟‏

      ٩ يتابع بولس مناقشته للسلطات الفائقة قائلا:‏ «فان الحكام ليسوا خوفا للاعمال الصالحة بل للشريرة.‏ أفتريد ان لا تخاف السلطان.‏ افعل الصلاح فيكون لك مدح منه.‏» (‏رومية ١٣:‏٣‏)‏ فالمسيحيون ذوو الولاء ليسوا الذين يجب ان يخافوا العقاب من السلطة بل فعلة الشر،‏ اولئك الذين يرتكبون ‹الاعمال الشريرة،‏› الافعال الاجرامية.‏ وعندما تهدِّدهم عناصر كهذه متمردة على القانون يمكن لشهود يهوه ان يقبلوا بلياقة من السلطة الحماية العسكرية او حماية الشرطة.‏ —‏ اعمال ٢٣:‏١٢-‏٢٢‏.‏

      ١٠ كيف ‹كان مدح› لشهود يهوه من السلطة؟‏

      ١٠ للمسيحيين الذين يحافظون على قانون السلطة الفائقة يقول بولس:‏ ‹يكون لكم مدح منه.‏› ومثالا لذلك،‏ تأملوا في بعض الرسائل التي تسلَّمها شهود يهوه في البرازيل بعد محافلهم الكورية.‏ فمن مستشار قسم محلي للرياضة:‏ «تستحقون المدح الاكبر على مسلككم المسالم.‏ ومن المعزي ان نعرف ان كثيرين جدا في عالم اليوم المضطرب لا يزالون يؤمنون باللّٰه ويعبدونه.‏» ومن مدير ملعب مدرَّج محلي:‏ «على الرغم من العدد الضخم جدا من الحاضرين،‏ لم يسجَّل ايّ حادث يفسد المناسبة،‏ بفضل التنظيم الخالي من العيوب.‏» ومن مكتب المحافظ:‏ «نريد ان نغتنم هذه الفرصة لنهنئكم بترتيبكم وانضباطكم العفوي الرائع،‏ ونتمنى لكم كل نجاح في المناسبات المستقبلية.‏»‏

      ١١ لماذا لا يمكن ابدا ان يقال ان الكرازة بالبشارة هي عمل شرير؟‏

      ١١ تشير عبارة «الاعمال الصالحة» الى الافعال اطاعة لقوانين السلطات الفائقة.‏ وبالاضافة الى ذلك فان عملنا الكرازي،‏ الذي يأمر به اللّٰه،‏ لا الانسان،‏ ليس عملا شريرا —‏ نقطة يجب ان تعترف بها السلطات.‏ فهو خدمة عامة ترفع المكانة الادبية لاولئك الذين يتجاوبون.‏ لذلك فان رجاءنا هو ان تحمي السلطات الفائقة حقنا في الكرازة للآخرين.‏ لقد رفع بولس دعواه الى السلطات بغية تثبيت الكرازة بالبشارة شرعيا.‏ (‏اعمال ١٦:‏٣٥-‏٤٠؛‏ ٢٥:‏٨-‏١٢؛‏ فيلبي ١:‏٧‏)‏ ومؤخرا،‏ طلب شهود يهوه على نحو مماثل وحصلوا على الاعتراف الشرعي بعملهم في المانيا الشرقية،‏ هنڠاريا،‏ پولندا،‏ رومانيا،‏ بينين،‏ وميانمار (‏بورما)‏.‏

      ‏«انه خادم اللّٰه»‏

      ١٢-‏١٤ كيف عملت السلطات الفائقة كخادم للّٰه (‏أ)‏ في ازمنة الكتاب المقدس؟‏ (‏ب)‏ في الازمنة العصرية؟‏

      ١٢ واذ يتكلم عن السلطة الدنيوية،‏ يتابع بولس:‏ «انه خادم اللّٰه للصلاح.‏ ولكن ان فعلت الشر فخف.‏ لانه لا يحمل السيف عبثا اذ هو خادم اللّٰه منتقم للغضب من الذي يفعل الشر.‏» —‏ رومية ١٣:‏٤‏.‏

      ١٣ لقد خدمت السلطات القومية احيانا كخادم للّٰه بطرائق محدَّدة.‏ فكورش فعل ذلك عندما دعا اليهود ليرجعوا من بابل ويعيدوا بناء بيت اللّٰه.‏ (‏عزرا ١:‏١-‏٤؛‏ اشعياء ٤٤:‏٢٨‏)‏ وأرتحشستا كان خادما للّٰه عندما ارسل عزرا مع تبرع لاعادة بناء هذا البيت وفي ما بعد عندما فوَّض الى نحميا اعادة بناء اسوار اورشليم.‏ (‏عزرا ٧:‏١١-‏٢٦؛‏ ٨:‏٢٥-‏٣٠؛‏ نحميا ٢:‏١-‏٨‏)‏ والسلطة الفائقة الرومانية خدمت هكذا عندما انقذت بولس من الرعاع في اورشليم،‏ حمته خلال انكسار السفينة،‏ ورتبت ان يكون له بيته الخاص في رومية.‏ —‏ اعمال ٢١:‏٣١،‏ ٣٢؛‏ ٢٨:‏٧-‏١٠،‏ ٣٠،‏ ٣١‏.‏

      ١٤ وعلى نحو مماثل،‏ خدمت السلطات الدنيوية كخادم للّٰه في الازمنة العصرية.‏ ففي سنة ١٩٥٩،‏ على سبيل المثال،‏ حكمت محكمة كندا العليا بأن شخصا من شهود يهوه متهما في كيبيك بنشر منشورات افترائية ومحرِّضة على الفتنة لم يكن مذنبا —‏ مبطلة بالتالي التحيّز الذي لرئيس وزراء كيبيك آنذاك،‏ موريس دوپلِسّي.‏

      ١٥ بأية طريقة عامة تعمل السلطات كخادم للّٰه،‏ وأي حق يعطيها ذلك؟‏

      ١٥ اضافة الى ذلك،‏ وبطريقة عامة،‏ تخدم الحكومات القومية كخادم للّٰه بحفظ النظام العام الى ان يتولى ملكوت اللّٰه هذه المسؤولية.‏ وبحسب بولس،‏ لهذه الغاية ‹تحمل› السلطة «السيف،‏» الذي يمثل حقها في انزال العقاب.‏ وهذا يشمل عادة السجن او الغرامات.‏ وفي بعض البلدان يمكن ان يتضمن ذلك ايضا عقوبة الموت.‏a ومن ناحية اخرى،‏ اختارت امم كثيرة ان لا تكون لديها عقوبة الموت،‏ وهذا هو ايضا حقها.‏

      ١٦ (‏أ)‏ بما ان السلطة هي خادم اللّٰه،‏ اي شيء اعتبر بعض خدام اللّٰه فعله لائقا؟‏ (‏ب)‏ اي نوع من الاستخدام لن يقبله المسيحي،‏ ولمَ لا؟‏

      ١٦ ان واقع كون السلطات الفائقة خادما للّٰه يوضح لماذا كان دانيال،‏ العبرانيون الثلاثة،‏ نحميا ومردخاي قادرين على قبول مراكز مسؤولة في الحكومتين البابلية والفارسية.‏ وهكذا استطاعوا ان يلجأوا الى سلطة الدولة لمصلحة شعب اللّٰه.‏ (‏نحميا ١:‏١١؛‏ استير ١٠:‏٣؛‏ دانيال ٢:‏٤٨،‏ ٤٩؛‏ ٦:‏١،‏ ٢‏)‏ واليوم يعمل بعض المسيحيين ايضا في خدمة الحكومة.‏ ولكن بما انهم منفصلون عن العالم فانهم لا ينضمون الى احزاب سياسية،‏ يسعون الى منصب سياسي،‏ او يقبلون مراكز في الهيئات السياسية خاصة بوضع السياسة.‏

      الحاجة الى الايمان

      ١٧ اية احوال قد تحرض بعض الذين ليسوا مسيحيين على مقاومة السلطة؟‏

      ١٧ ولكن ماذا اذا احتملت السلطة الفساد او حتى الظلم؟‏ هل يجب ان يحاول المسيحيون ان يستبدلوا السلطة بواحدة تبدو افضل؟‏ حسنا،‏ ليس الظلم والفساد الحكوميان امرا جديدا.‏ ففي القرن الاول ايَّدت الامبراطورية الرومانية اعمال الظلم كالعبودية.‏ واحتملت ايضا موظفين فاسدين.‏ والكتاب المقدس يتحدث عن عشّارين يغشّون،‏ قاضي ظلم،‏ وحاكم ولاية بحث عن رشًى.‏ —‏ لوقا ٣:‏١٢،‏ ١٣؛‏ ١٨:‏٢-‏٥؛‏ اعمال ٢٤:‏٢٦،‏ ٢٧‏.‏

      ١٨ و ١٩ (‏أ)‏ كيف يتجاوب المسيحيون اذا كانت هنالك مساوئ او فساد من جهة موظفي الحكومة؟‏ (‏ب)‏ كيف حسَّن المسيحيون حياة الافراد،‏ كما يدل احد المؤرخين والاطار ادناه؟‏

      ١٨ كان بامكان المسيحيين ان يحاولوا انهاء مساوئ كهذه في ذلك الحين،‏ لكنهم لم يفعلوا.‏ على سبيل المثال،‏ لم يكرز بولس بنهاية للعبودية،‏ ولم يقل لسادة العبيد المسيحيين ان يطلقوا عبيدهم.‏ وعوض ذلك،‏ نصح العبيد وسادة العبيد ان يظهروا الرأفة المسيحية عندما يتعاملون احدهم مع الآخر.‏ (‏١ كورنثوس ٧:‏٢٠-‏٢٤؛‏ افسس ٦:‏١-‏٩؛‏ فليمون ١٠-‏١٦‏؛‏ انظروا ايضا ١ بطرس ٢:‏١٨‏.‏)‏ وعلى نحو مماثل،‏ لم يتورط المسيحيون في النشاط الثوري.‏ فقد كانوا منشغلين جدا في الكرازة ‹ببشارة السلام.‏› (‏اعمال ١٠:‏٣٦‏)‏ وفي سنة ٦٦ ب‌م حاصر جيش روماني اورشليم ثم انسحب.‏ وعوض البقاء مع المدافعين عن المدينة المتمرّدين،‏ فان المسيحيين العبرانيين ‹هربوا الى الجبال› اطاعة لتوجيه يسوع.‏ —‏ لوقا ٢١:‏٢٠،‏ ٢١‏.‏

      ١٩ عاش المسيحيون الاولون مع الامور كما كانت وحاولوا تحسين حياة الافراد بمساعدتهم على اتِّباع مبادئ الكتاب المقدس.‏ كتب المؤرخ جون لورد في كتابه العالَم الروماني القديم:‏ «كانت الانتصارات الحقيقية للمسيحية تُرى في صنع اناس صالحين من اولئك الذين اعتنقوا عقائدها،‏ بدلا من تغيير المؤسسات الشعبية،‏ او الحكومات،‏ او القوانين ظاهريا.‏» فهل يجب ان يعمل المسيحيون اليوم على نحو مختلف الى حد ما؟‏

      عندما لا تساعد الدولة

      ٢٠ و ٢١ (‏أ)‏ كيف فشلت احدى السلطات الدنيوية في التصرف كخادم اللّٰه للصلاح؟‏ (‏ب)‏ كيف يجب ان يتجاوب شهود يهوه عندما يُضطهدون بمشاركة من الدولة؟‏

      ٢٠ في ايلول ١٩٧٢،‏ اندلع اضطهاد وحشي ضد شهود يهوه في بلد في افريقيا الوسطى.‏ والآلاف سُلبوا كل ممتلكاتهم وأُخضعوا لفظائع اخرى،‏ بما في ذلك الضرب،‏ التعذيب،‏ والقتل.‏ فهل تمَّمت السلطة الفائقة واجبها بحماية الشهود؟‏ كلا!‏ وعوض ذلك،‏ شجعت على العنف،‏ مجبرة اولئك المسيحيين الابرياء على الهرب الى البلدان المجاورة من اجل الامان.‏

      ٢١ ألا يجب ان ينتفض شهود يهوه بغضب على معذبين كهؤلاء؟‏ كلا.‏ فالمسيحيون يجب ان يحتملوا بصبر اهانات كهذه،‏ متصرفين بتواضع تمثلا بالمسيح:‏ «الذي اذ شُتم لم يكن يشتم عوضا واذ تألم لم يكن يهدد بل كان يسلّم لمن يقضي بعدل.‏» (‏١ بطرس ٢:‏٢٣‏)‏ وهم يتذكرون انه عندما أُلقي القبض على يسوع في بستان جثسيماني وبَّخ تلميذا اتى للدفاع عنه بسيف،‏ وفي ما بعد قال لبيلاطس البنطي:‏ «مملكتي ليست من هذا العالم.‏ لو كانت مملكتي من هذا العالم لكان خدامي يجاهدون لكي لا اسلم الى اليهود.‏ ولكن الآن ليست مملكتي من هنا.‏» —‏ يوحنا ١٨:‏٣٦؛‏ متى ٢٦:‏٥٢؛‏ لوقا ٢٢:‏٥٠،‏ ٥١‏.‏

      ٢٢ اي مثال حسن وضعه بعض الشهود في افريقيا عندما عانوا الاضطهاد القاسي؟‏

      ٢٢ بمثال يسوع في الذهن،‏ امتلك اولئك الشهود الافريقيون الشجاعة لاتِّباع مشورة بولس:‏ «لا تجازوا احدا عن شر بشر.‏ معتنين بأمور حسنة قدام جميع الناس.‏ ان كان ممكنا فحسب طاقتكم سالموا جميع الناس.‏ لا تنتقموا لانفسكم ايها الاحباء بل أعطوا مكانا للغضب.‏ لانه مكتوب لي النقمة انا اجازي يقول الرب.‏» (‏رومية ١٢:‏١٧-‏١٩‏؛‏ قارنوا عبرانيين ١٠:‏٣٢-‏٣٤‏.‏)‏ وكم كان اخوتنا الافريقيون مثالا حسنا لجميعنا اليوم!‏ فحتى عندما ترفض السلطة ان تتصرف على نحو جدير بالاحترام،‏ لا يتخلى المسيحيون الحقيقيون عن مبادئ الكتاب المقدس.‏

      ٢٣ اي سؤالين يبقيان لمناقشتهما؟‏

      ٢٣ ولكن ماذا يمكن ان تتوقع السلطات الفائقة من المسيحيين؟‏ وهل هنالك اية حدود للمطالب التي يمكن ان تصنعها بحق؟‏ سيناقَش ذلك في المقالة التالية.‏

      ‏[الحاشية]‏

      a ان مجموعة الشرائع المعطاة الهيا في اسرائيل القديمة تضمنت عقوبة الموت على الجرائم الجسيمة.‏ —‏ خروج ٣١:‏١٤؛‏ لاويين ١٨:‏٢٩؛‏ ٢٠:‏٢-‏٦؛‏ عدد ٣٥:‏٣٠‏.‏

  • خضوعنا النسبي للسلطات الفائقة
    برج المراقبة ١٩٩٠ | ١ تشرين الثاني (‏نوفمبر)‏
    • خضوعنا النسبي للسلطات الفائقة

      ‏«لذلك يلزم ان يُخضَع له.‏» —‏ رومية ١٣:‏٥‏.‏

      ١ اية اختبارات قاسية كانت لشهود يهوه على ايدي السلطات الفائقة النازية،‏ وهل كان ذلك بسبب ‹فعل الشر›؟‏

      في ٧ كانون الثاني ١٩٤٠ جرى اعدام فرانز رايتر وخمسة احداث نمساويين آخرين بالمقصلة.‏ فقد كانوا بيبِلفورشَر،‏ شهودا ليهوه،‏ وماتوا لانهم لم يستطيعوا بضمير حي ان يحملوا السلاح لرايخ هتلر.‏ ورايتر كان واحدا من آلاف الشهود الذين ماتوا من اجل ايمانهم خلال الحرب العالمية الثانية.‏ وعدد اكبر احتملوا سنين طويلة في معسكرات الاعتقال.‏ فهل تألم هؤلاء جميعا ‹بسيف› السلطات الفائقة النازية بسبب ‹فعل الشر›؟‏ (‏رومية ١٣:‏٤‏)‏ طبعا لا!‏ فكلمات بولس الاضافية تظهر ان اولئك المسيحيين اطاعوا اوامر اللّٰه في رومية الاصحاح ١٣‏،‏ على الرغم من انهم تألموا على يدي السلطة.‏

      ٢ ما هو السبب الملزم للكينونة خاضعين للسلطات الفائقة؟‏

      ٢ في رومية ١٣:‏٥ يكتب الرسول:‏ «لذلك يلزم ان يُخضَع له ليس بسبب الغضب فقط بل ايضا بسبب الضمير.‏» وقال بولس سابقا ان حمل السلطات «السيف» هو سبب وجيه للخضوع لها.‏ لكنه يعطي الآن سببا اقوى:‏ الضمير.‏ فنحن نجاهد لنخدم اللّٰه «بضمير طاهر.‏» (‏٢ تيموثاوس ١:‏٣‏)‏ والكتاب المقدس يأمرنا بأن نكون خاضعين للسلطات الفائقة،‏ ونحن نطيع لاننا نريد ان نفعل ما هو صائب في عيني اللّٰه.‏ (‏عبرانيين ٥:‏١٤‏)‏ حقا،‏ يدفعنا ضميرنا المدرب على الكتاب المقدس الى اطاعة السلطة حتى عندما لا يكون انسان حاضرا ليتحقق ذلك منا.‏ —‏ قارنوا جامعة ١٠:‏٢٠‏.‏

      ‏«لاجل هذا توفون الجزية ايضا»‏

      ٣ و ٤ اي صيت هنالك لشهود يهوه،‏ ولماذا يجب على المسيحيين ان يدفعوا الضرائب؟‏

      ٣ في نَيجيريا منذ سنوات قليلة كانت هنالك مشاغبات حول دفع الضرائب.‏ ففُقدت حياة عديدين،‏ واستدعت السلطات الجيش.‏ فدخل الجنود الى قاعة ملكوت حيث كان يجري اجتماع وطلبوا معرفة القصد من التجمُّع.‏ وعند الاكتشاف انه اجتماع لدرس الكتاب المقدس لشهود يهوه،‏ امر الضابط المسؤول الجنود بأن يغادروا قائلا:‏ «شهود يهوه ليسوا مهيِّجين ضد الضرائب.‏»‏

      ٤ كان لاولئك الشهود النَيجيريين صيت للعيش بانسجام مع كلمات بولس:‏ «فانكم لاجل هذا توفون الجزية ايضا.‏ اذ هم خدام اللّٰه مواظبون على ذلك بعينه.‏» (‏رومية ١٣:‏٦‏)‏ وعندما اعطى يسوع القاعدة،‏ ‹أعطوا ما لقيصر لقيصر،‏› كان يتكلم عن دفع الجزية.‏ (‏متى ٢٢:‏٢١‏)‏ فالسلطات الدنيوية تزوِّد الطرقات،‏ حماية الشرطة،‏ المكتبات،‏ شبكات التنقل،‏ المدارس،‏ الخدمات البريدية،‏ وأكثر بكثير.‏ وغالبا ما نستخدم هذه التدابير.‏ فمن الصائب تماما ان ندفع لها من خلال ضرائبنا.‏

      ‏«أعطوا الجميع حقوقهم»‏

      ٥ ما هو المقصود من عبارة «أعطوا الجميع حقوقهم»؟‏

      ٥ يتابع بولس:‏ «فأعطوا الجميع حقوقهم.‏ الجزية لمن له الجزية.‏ الجباية لمن له الجباية.‏ والخوف لمن له الخوف والاكرام لمن له الاكرام.‏» (‏رومية ١٣:‏٧‏)‏ تشمل كلمة «الجميع» كل سلطة دنيوية تكون خادما للّٰه.‏ فليست هنالك استثناءات.‏ وحتى ان كنا نحيا في ظل نظام سياسي لا يعجبنا شخصيا،‏ فنحن ندفع الضرائب.‏ واذا كانت الاديان معفاة من الضرائب حيث نحيا،‏ يمكن للجماعات ان تستفيد من ذلك.‏ وكالمواطنين الآخرين،‏ يمكن ان يستعمل المسيحيون اية تدابير قانونية مصنوعة لتحديد الضرائب التي يدفعونها.‏ ولكن لا يجب على المسيحي ان يتملص على نحو غير قانوني من دفع الضرائب.‏ —‏ قارنوا متى ٥:‏٤١؛‏ ١٧:‏٢٤-‏٢٧‏.‏

      ٦ و ٧ لماذا يجب ان ندفع الضرائب حتى اذا كان المال يُستعمل لتمويل شيء لا نوافق عليه او حتى اذا كانت السلطة تضطهدنا؟‏

      ٦ ولكن لنفرض ان الضريبة تبدو غير عادلة.‏ او ماذا اذا كان جزء من اموال الضرائب يُستعمل لتمويل شيء لا نوافق عليه،‏ كالاجهاضات المجانية،‏ بنوك الدم،‏ او البرامج التي تتعارض مع وجهات نظرنا الحيادية؟‏ نستمر في دفع كل ضرائبنا.‏ فالسلطة هي مَن يجب ان يتحمل المسؤولية عن كيفية استخدامها اموال الضرائب.‏ وليس مفوَّضا الينا ان ندين السلطة.‏ فاللّٰه هو «ديّان الارض،‏» وفي وقته المعيَّن سيُجري محاسبة مع الحكومات في ما يتعلق بكيفية استخدامها سلطتها.‏ (‏مزمور ٩٤:‏٢؛‏ ارميا ٢٥:‏٣١‏)‏ والى ان يحدث ذلك،‏ نحن ندفع ضرائبنا.‏

      ٧ وماذا اذا كانت السلطة تضطهدنا؟‏ نستمر في دفع ضرائبنا بسبب الخدمات اليومية التي تقدَّم.‏ وعن الشهود الذين يتألمون من الاضطهاد في احد البلدان الافريقية قالت سان فرنسيسكو اكزامينر‏:‏ «بامكانكم ان تعتبروهم مواطنين مثاليين.‏ فهم يدفعون الضرائب باجتهاد،‏ يعتنون بالمرضى،‏ يكافحون الأُمِّيَّة.‏» اجل،‏ لقد دفع اولئك الشهود المضطهَدون ضرائبهم.‏

      ‏«الخوف» و «الاكرام»‏

      ٨ ما هو «الخوف» الذي نمنحه للسلطة؟‏

      ٨ ان «الخوف» الذي لرومية ١٣:‏٧ ليس خوفا جبانا بل هو بالاحرى احترام للسلطة الدنيوية،‏ خوف من مخالفة قانونها.‏ ويُمنح هذا الاحترام بسبب المركز ذي العلاقة،‏ وليس دائما بسبب الفرد الذي يملأ المركز.‏ وعندما يتكلم الكتاب المقدس نبويا عن الامبراطور الروماني طيباريوس يدعوه «محتقَر.‏» (‏دانيال ١١:‏٢١‏)‏ لكنه كان الامبراطور،‏ وبصفته كذلك،‏ كان المسيحي مدينا له بالخوف والاكرام.‏

      ٩ ما هي بعض الطرائق التي نقدِّم بها الاكرام للسلطات البشرية؟‏

      ٩ وفي ما يتعلق بالاكرام،‏ نحن نتبع امر يسوع بأن لا نعطي ألقابا مؤسسة على مركز ديني.‏ (‏متى ٢٣:‏٨-‏١٠‏)‏ ولكن،‏ في حالة السلطات الدنيوية،‏ يسعدنا ان نخاطبهم بأيّ لقب قد يُطلب لاكرامهم.‏ فقد استخدم بولس عبارة «المكرَّم» عندما كان يتكلم مع الحكام الرومانيين.‏ (‏اعمال ٢٦:‏٢٥‏،‏ الترجمة الكاثوليكية الجديدة.‏)‏ ودعا دانيال نبوخذنصّر «سيدي.‏» (‏دانيال ٤:‏١٩‏)‏ واليوم،‏ يمكن ان يستخدم المسيحيون عبارات مثل «سيادتكم» او «صاحب الجلالة.‏» ويمكن ان يقفوا عندما يدخل قاض الى قاعة المحكمة او ينحنوا باحترام امام حاكم اذا كانت هذه هي العادة.‏

      خضوع نسبي

      ١٠ كيف اظهر يسوع ان هنالك حدودا لما يمكن ان تطلبه السلطة البشرية من المسيحي؟‏

      ١٠ بما ان شهود يهوه خاضعون للسلطة البشرية،‏ فلماذا تألم فرانز رايتر وآخرون كثيرون على النحو الذي تألموا به؟‏ لأن خضوعنا هو نسبي،‏ والسلطة لا تدرك دائما ان هنالك حدودا موضوعة من الكتاب المقدس لما يمكنها ان تطلب.‏ واذا طلبت السلطة شيئا يزعج الضمير المسيحي المدرَّب،‏ فهي تتعدى حدودها المعطاة من اللّٰه.‏ وقد اشار يسوع الى ذلك عندما قال:‏ «أعطوا .‏ .‏ .‏ ما لقيصر لقيصر وما للّٰه للّٰه.‏» (‏متى ٢٢:‏٢١‏)‏ فعندما يطلب قيصر ما هو للّٰه يجب ان نعترف بأن اللّٰه له الحق الاول في المطالبة.‏

      ١١ اي مبدإ مقبول على نحو واسع يبرهن ان هنالك حدودا لما يمكن ان تطلبه السلطة البشرية؟‏

      ١١ وهل هذا الموقف مخرِّب او خائن؟‏ كلا على الاطلاق.‏ انه في الواقع امتداد لمبدإ تعترف به معظم الامم المتمدِّنة.‏ ففي القرن الـ‍ ١٥ حوكم شخص يدعى پيتر ڤون هاڠِنباخ لانشائه عهد الارهاب في منطقة اوروپا التي كانت له سلطة عليها.‏ وحجته بأنه كان يتبع فقط اوامر سيده،‏ الدوق بَرڠَندي،‏ رُفضت.‏ والادعاء بأن الشخص الذي يرتكب الفظائع ليس مسؤولا اذا كان يتبع اوامر سلطة فائقة صُنع مرارا عديدة منذ ذلك الحين —‏ وعلى النحو الابرز من قِبل مجرمي الحرب النازيين امام المحكمة الدولية في نورَمبورڠ.‏ وكان الادعاء يُرفض عادة.‏ قالت المحكمة الدولية في حكمها:‏ «لدى الافراد واجبات دولية تفوق التزامات الطاعة القومية التي تفرضها الدولة الفردية.‏»‏

      ١٢ ما هي بعض الامثلة المؤسسة على الكتاب المقدس لخدام اللّٰه الذين رفضوا ان يطيعوا مطالب غير معقولة من السلطة؟‏

      ١٢ ادرك خدام اللّٰه دائما ان هنالك حدودا للخضوع الذي يدينون به بضمير حي للسلطات الفائقة.‏ فنحو الوقت الذي وُلد فيه موسى في مصر امر فرعون قابلتين عبرانيتين بقتل كل الصبيان العبرانيين المولودين حديثا.‏ لكنّ القابلتين استحْيَتا الاطفال.‏ فهل كانتا على خطإ في التمرد على فرعون؟‏ كلا،‏ لقد كانتا تتبعان ضميرهما المعطى من اللّٰه،‏ وباركهما اللّٰه من اجل ذلك.‏ (‏خروج ١:‏١٥-‏٢٠‏)‏ وعندما كان اسرائيل في السبي في بابل طلب نبوخذنصر ان ينحني رسميوه،‏ بمن فيهم العبرانيون شدرخ،‏ ميشخ،‏ وعبدنغو،‏ امام تمثال كان قد وضعه في بقعة دورا.‏ فرفض العبرانيون الثلاثة.‏ وهل كانوا على خطإ؟‏ كلا،‏ لان اتِّباع امر الملك كان سيعني التمرد على شريعة اللّٰه.‏ —‏ خروج ٢٠:‏٤،‏ ٥؛‏ دانيال ٣:‏١-‏١٨‏.‏

      ‏‹اطيعوا اللّٰه›‏

      ١٣ اي مثال زوَّده المسيحيون الاولون في مسألة الطاعة النسبية للسلطات الفائقة؟‏

      ١٣ وعلى نحو مماثل،‏ عندما امرت السلطات اليهودية بطرسَ ويوحنا بأن يتوقفا عن الكرازة بيسوع اجابا:‏ «ان كان حقا امام اللّٰه ان نسمع لكم اكثر من اللّٰه فاحكموا.‏» (‏اعمال ٤:‏١٩؛‏ ٥:‏٢٩‏)‏ فلم يكن بامكانهما ان يلزما الصمت.‏ ومجلة القرن المسيحي تلفت الانتباه الى موقف امين آخر اتخذه المسيحيون الاولون عندما تقول:‏ «لم يخدم المسيحيون الاولون في القوات المسلَّحة.‏ ويذكر رولاند باينتُن انه ‹من نهاية فترة العهد الجديد الى العقد ١٧٠-‏١٨٠ للميلاد ليس هنالك دليل البتة على مسيحيين في الجيش› (‏المواقف المسيحية من الحرب والسلم [ابِنڠدُن،‏ ١٩٦٠]،‏ الصفحتان ٦٧،‏ ٦٨)‏.‏ .‏ .‏ .‏ ويقول سوِيفْت ان يوستينُس الشهيد ‹يعتبرها مسألة مسلك ان يحجم المسيحيون عن اعمال العنف.‏›»‏

      ١٤ و ١٥ ما هي بعض مبادئ الكتاب المقدس التي حدَّدت طاعة المسيحيين الاولين النسبية للسلطات البشرية؟‏

      ١٤ ولماذا لم يخدم المسيحيون الاولون كجنود؟‏ لا شك ان كل واحد درس باعتناء كلمة اللّٰه وشرائعه واتخذ قراره الشخصي على اساس ضميره المدرَّب على الكتاب المقدس.‏ وكانوا حياديين،‏ «ليسوا (‏جزءا)‏ من العالم،‏» وحيادهم منعهم من الانحياز في نزاعات هذا العالم.‏ (‏يوحنا ١٧:‏١٦؛‏ ١٨:‏٣٦‏)‏ وبالاضافة الى ذلك،‏ انهم ينتمون الى اللّٰه.‏ (‏٢ تيموثاوس ٢:‏١٩‏)‏ والتضحية بحياتهم من اجل الدولة كانت ستعني اعطاء قيصر ما هو للّٰه.‏ وعلاوة على ذلك،‏ فقد كانوا جزءا من اخوَّة عالمية موثَقة معا بالمحبة.‏ (‏يوحنا ١٣:‏٣٤،‏ ٣٥؛‏ كولوسي ٣:‏١٤؛‏ ١ بطرس ٤:‏٨؛‏ ٥:‏٩‏)‏ ولا يمكنهم بضمير صالح ان يرفعوا السلاح بامكانية قتل رفيق مسيحي.‏

      ١٥ وبالاضافة الى ذلك،‏ لم يكن ممكنا للمسيحيين ان يوافقوا على الشعائر الدينية الشائعة،‏ كعبادة الامبراطور.‏ ونتيجة لذلك،‏ كان يُنظر اليهم ك‍ «شعب غريب وخطر،‏ وكان باقي السكان يرتابون منهم طبيعيا.‏» (‏الكتاب المقدس يتكلم بعد،‏ لواضعه و.‏ ا.‏ سمارت)‏ ومع ان بولس كتب ان المسيحيين يجب ان ‹يعطوا الخوف لمن له الخوف،‏› فهم لم ينسوا خوفهم الاعظم،‏ او احترامهم،‏ ليهوه.‏ (‏رومية ١٣:‏٧؛‏ مزمور ٨٦:‏١١‏)‏ ويسوع نفسه قال:‏ «لا تخافوا من الذين يقتلون الجسد ولكن النفس لا يقدرون ان يقتلوها.‏ بل خافوا بالحري من الذي يقدر ان يهلك النفس والجسد كليهما في جهنم.‏» —‏ متى ١٠:‏٢٨‏.‏

      ١٦ (‏أ)‏ في اية مجالات يجب ان يزن المسيحيون باعتناء خضوعهم للسلطات الفائقة؟‏ (‏ب)‏ ماذا يوضح الاطار في الصفحة ٢٧؟‏

      ١٦ كمسيحيين،‏ نواجه ببسالة تحديات مماثلة اليوم.‏ فلا يمكننا ان نشترك في اية صيغة عصرية للصنمية —‏ سواء كانت اشارات تبجيل تجاه تمثال او رمز او نسب الخلاص الى شخص او منظمة.‏ (‏١ كورنثوس ١٠:‏١٤؛‏ ١ يوحنا ٥:‏٢١‏)‏ وكالمسيحيين الاولين،‏ لا يمكننا ان نساير في حيادنا المسيحي.‏ —‏ قارنوا ٢ كورنثوس ١٠:‏٤‏.‏

      ‏‹الوداعة و (‏الاحترام العميق)‏›‏

      ١٧ اية مشورة اعطاها بطرس لاولئك الذين يتألمون بسبب الضمير؟‏

      ١٧ كتب الرسول بطرس عن موقفنا الامين وقال:‏ «هذا فضل إن كان احد من اجل ضمير نحو اللّٰه يحتمل احزانا متألما بالظلم.‏» (‏١ بطرس ٢:‏١٩‏)‏ اجل،‏ انه فضل لدى اللّٰه عندما يقف المسيحي بثبات على الرغم من الاضطهاد،‏ وهنالك الفائدة الاضافية لتقوية وتنقية ايمان المسيحي.‏ (‏يعقوب ١:‏٢-‏٤؛‏ ١ بطرس ١:‏٦،‏ ٧؛‏ ٥:‏٨-‏١٠‏)‏ وكتب بطرس ايضا:‏ «إن تألمتم من اجل البر فطوباكم.‏ وأما خوفهم فلا تخافوه ولا تضطربوا بل قدسوا الرب الاله في قلوبكم مستعدين دائما لمجاوبة كل من يسألكم عن سبب الرجاء الذي فيكم بوداعة و (‏احترام عميق)‏.‏» (‏١ بطرس ٣:‏١٤،‏ ١٥‏)‏ مشورة مساعِدة حقا!‏

      ١٨ و ١٩ كيف يمكن لموقف الاحترام العميق والتعقل ان يساعد اذا وضعت السلطة حدودا على حرية عبادتنا؟‏

      ١٨ عندما ينشأ الاضطهاد لأن السلطة تسيء فهم الموقف المسيحي،‏ او لأن القادة الدينيين للعالم المسيحي قد اساءوا تمثيل شهود يهوه لدى السلطة،‏ فان تقديم الوقائع للسلطة يمكن ان يُنتج تخفيف الضغط.‏ واذ يملك الوداعة والاحترام العميق لا يقاوم المسيحي جسديا المضطهِدين.‏ لكنه يستعمل كل الوسائل الشرعية المتوافرة للدفاع عن ايمانه.‏ ثم يترك الامور بين يدي يهوه.‏ —‏ فيلبي ١:‏٧؛‏ كولوسي ٤:‏٥،‏ ٦‏.‏

      ١٩ ان الاحترام العميق يقود المسيحي ايضا الى المضي قدر ما يستطيع،‏ دون مخالفة ضميره،‏ في اطاعة السلطة.‏ فاذا حُظرت،‏ على سبيل المثال،‏ اجتماعات الجماعة فسيجد المسيحيون طريقة اقل وضوحا للاستمرار في التغذي من مائدة يهوه.‏ تأمرنا السلطة الاسمى،‏ يهوه اللّٰه،‏ بواسطة بولس:‏ «لنلاحظ بعضنا بعضا للتحريض على المحبة والاعمال الحسنة غير تاركين اجتماعنا كما لقوم عادة.‏» (‏عبرانيين ١٠:‏٢٤،‏ ٢٥‏)‏ لكنّ تجمُّعات كهذه يمكن ان تُعقد بتحفُّظ.‏ وحتى إن كان قليلون فقط حاضرين يمكننا ان نثق بأن اللّٰه يبارك ترتيبات كهذه.‏ —‏ قارنوا متى ١٨:‏٢٠‏.‏

      ٢٠ اذا حُظرت الكرازة العلنية بالبشارة،‏ كيف يمكن ان يعالج المسيحيون الوضع؟‏

      ٢٠ وعلى نحو مماثل،‏ منعت بعض السلطات الكرازة العلنية بالبشارة.‏ والمسيحيون الذين يحيون في ظلها يذكرون ان السلطة الاسمى،‏ بواسطة يسوع نفسه،‏ قالت:‏ «ينبغي ان يكرز اولا بالانجيل في جميع الامم.‏» (‏مرقس ١٣:‏١٠‏)‏ وهكذا فانهم يطيعون السلطة الاسمى مهما كلفهم الامر.‏ وحيثما كان ممكنا،‏ كرز الرسل علانية ومن بيت الى بيت،‏ ولكن هنالك طرائق اخرى لبلوغ الناس،‏ كالشهادة غير الرسمية.‏ (‏يوحنا ٤:‏٧-‏١٥؛‏ اعمال ٥:‏٤٢؛‏ ٢٠:‏٢٠‏)‏ وغالبا،‏ لن تتدخل السلطات في عمل الكرازة اذا استُعمل الكتاب المقدس فقط —‏ مما يُبرِز حاجة جميع الشهود الى الكينونة مدرَّبين حسنا في المباحثة من الاسفار المقدسة.‏ (‏قارنوا اعمال ١٧:‏٢،‏ ١٧‏.‏)‏ واذ يكونون شجعانا،‏ ولكن محترِمين،‏ يمكن ان يجد المسيحيون غالبا سبيلا الى اطاعة يهوه دون جلب غضب السلطات الفائقة.‏ —‏ تيطس ٣:‏١،‏ ٢‏.‏

      ٢١ اذا كان قيصر قاسيا في اضطهاده،‏ فأي مسلك يجب ان يختاره المسيحيون؟‏

      ٢١ ولكن تكون السلطة احيانا قاسية في اضطهاد المسيحيين.‏ وحينئذ،‏ بضمير طاهر،‏ لا يمكننا إلا ان نحتمل في فعل ما هو صائب.‏ واجه فرانز رايتر الحدث خِيارا:‏ المسايرة في ايمانه او الموت.‏ وبما انه لم يتمكن من التوقف عن عبادة اللّٰه،‏ مضى بشجاعة الى موته.‏ وفي الليلة التي سبقت موته كتب فرانز الى امه:‏ «سيجري اعدامي غدا صباحا.‏ لديّ قوتي من اللّٰه،‏ تماما كما كان الامر دائما مع كل المسيحيين الحقيقيين سابقا في الماضي .‏ .‏ .‏ اذا ثبتم حتى الموت فسنلتقي ثانية في القيامة.‏»‏

      ٢٢ اي رجاء لدينا،‏ وكيف يجب ان نواصل السير في هذه الاثناء؟‏

      ٢٢ سيكون كل الجنس البشري يوما ما في ظل قانون واحد فقط،‏ ذاك الذي ليهوه اللّٰه.‏ وحتى ذلك الحين،‏ يجب ان نحافظ بضمير صالح على ترتيب اللّٰه ونتمسك بخضوعنا النسبي للسلطات الفائقة فيما نطيع في الوقت نفسه ربنا المتسلط يهوه في كل شيء.‏ —‏ فيلبي ٤:‏٥-‏٧‏.‏

المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
الخروج
الدخول
  • العربية
  • مشاركة
  • التفضيلات
  • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
  • شروط الاستخدام
  • سياسة الخصوصية
  • إعدادات الخصوصية
  • JW.ORG
  • الدخول
مشاركة