-
اجداد «مختلفون»استيقظ! ١٩٩٩ | آذار (مارس) ٢٢
-
-
اجداد «مختلفون»
«اهلا بكم في بيت الجدّ والجدّة — سيُدلَّل اولادكم فيما تنتظرون». هكذا تقول لافتة عند مدخل منزل جين وجاين.
يُخيَّل اليكم حين تدخلون انكم سترون زوجَين مسنَّين في كرسي هزّاز. فإذا بكم تلتقون زوجين في الاربعينات من العمر مفعمَين بالشباب والحيوية. ان جين وجاين لا يتهربان من مسؤولية دورهما كجدَّين بل بالاحرى يرحبان بها بحرارة. يقول جين: «صحيح ان هذا الامر هو من احدى الدلائل الصغيرة في الحياة على انكم تتقدمون في السن، لكنَّ احدى المكافآت التي تنالونها مقابل تربيتكم لأولادكم هي حيازة احفاد».
يقول مثل قديم: «تاج الشيوخ بنو البنين». (امثال ١٧:٦) فغالبا ما يتمتع الاجداد والاحفاد برباط خصوصي من المحبة والعلاقة الحميمة. ووفقا لمجلة الاجيال (بالانكليزية)، «ان عددا لم يسبق له مثيل من الشعب الاميركي هم اجداد». والسبب؟ «ارتفاع متوسط العمر المتوقع والانماط الجديدة في دورة الحياة العائلية»، كما توضح المقالة. «ان التغييرات في معدل الوفيات والولادات تعني ان ما يُقدَّر بثلاثة ارباع الراشدين سيعيشون حتى يصيروا اجدادا . . .، ومعظم الناس المتوسطي الاعمار يصبحون اجدادا في الـ ٤٥ من عمرهم تقريبا».
في بعض البلدان، نشأ جيل مختلف من الاجداد. رغم ذلك، يجد كثيرون انفسهم متورطين اكثر فأكثر في مسألة العناية بأحفادهم. على سبيل المثال، تطلَّق ابن جين وجاين وزوجته وتشاركا في الوصاية على الولد. تقول جاين: «اننا نحاول المساعدة من خلال الاعتناء بحفيدنا عندما يكون ابننا في عمله». ووفقا لأحد الاستطلاعات، يبلغ معدل الساعات التي يقضيها الاجداد في الولايات المتحدة وهم يعتنون بأحفادهم ١٤ ساعة تقريبا في الاسبوع، اي ما يعادل ٢٩ بليون دولار في السنة!
فأية افراح يختبرها اجداد اليوم؟ وأية تحديات يواجهونها؟ ان المقالتين التاليتين تناقشان هذين السؤالين.
-
-
الاجداد — افراحهم وتحدياتهماستيقظ! ١٩٩٩ | آذار (مارس) ٢٢
-
-
الاجداد — افراحهم وتحدياتهم
«احب ان اكون جدّا! فأنتم تفرحون بأحفادكم دون ان تشعروا بأنكم مسؤولون عنهم. وأنتم تدركون انكم تؤثرون في حياتهم ولكنكم في النهاية لستم انتم من له الكلمة الاخيرة بل والدوهم». — جين، جد.
ما هو المثير في كون المرء جدّا؟ يشير الباحثون الى ان المتطلبات التي يضعها الوالدون على الاولاد يمكن ان تخلق الكثير من التوتر. لكنَّ الاجداد غير مجبورين عادة على وضع مثل هذه المتطلبات، لذلك يتمتعون بعلاقة بأحفادهم خالية من التوتر الى حد بعيد. وكما يعبِّر الطبيب آرثر كورنهابر، يمكنهم ان يحبوا احفادهم «لمجرد انهم يتنفسون». تقول جدة تدعى استر: «عندما كنت اعتني بأولادي، كان القلق ينتابني يوميا عند كل خطوة يقومون بها. لكنني كجدة اشعر بحرية التمتع بأحفادي والاعراب عن محبتي لهم وحسب».
ثم هنالك الكفاءة والحكمة اللتان تزدادان مع تقدم العمر. (ايوب ١٢:١٢) فالاجداد، الذين لم يعودوا شبانا تنقصهم الخبرة، لديهم في جعبتهم سنين من الخبرة في تربية الاولاد. وإذ سبقوا وتعلَّموا من اخطائهم، يصبحون اكثر كفاءة مما كانوا عليه في ايام شبابهم في كيفية معاملة الاولاد.
لذلك يستنتج الطبيب كورنهابر: «ان العلاقة الجيدة التي تسودها المحبة بين الاجداد والاحفاد ضرورية من اجل الصحة العاطفية والسعادة لكلٍّ من الاجيال الثلاثة. وهذه العلاقة هي حق طبيعي للاولاد مكتسب بالولادة، . . . ارث لهم من الكبار يفيد كل فرد في العائلة». وبشكل مماثل، تذكر مجلة العلاقات العائلية (بالانكليزية): «ان الاجداد الذين يقومون بدورهم ويفهمونه ينمّون شعورا متزايدا من السعادة وروح التضامن».
دور الاجداد
هنالك ادوار قيمة كثيرة يمكن ان يقوم بها الاجداد. «يستطيعون ان يدعموا اولادهم المتزوجين»، كما يقول جين. «وبفعلهم ذلك، اظن انهم يعوِّضون عن بعض الظروف الصعبة التي يمر بها الوالدون الشباب». ويمكن ان يفعل الاجداد الكثير لدعم الاحفاد ايضا. فغالبا ما يكون احد الجدّين هو من يروي القصص التي تعرِّف الولد بتاريخ العائلة. وغالبا ما يلعب الاجداد ايضا دورا رئيسيا في نقل الارث العائلي الديني.
في عائلات كثيرة، يخدم الاجداد كمرشدين موثوق بهم. «قد يكون هنالك امور يفضل الاولاد مشاركتكم انتم فيها لأنهم لا يشعرون بالراحة في التحدث عنها الى والديهم»، كما تقول جاين، المذكورة في المقالة الاولى. ويرحب الوالدون عادة بهذا الدعم الاضافي. وتذكر احدى الدراسات ان «اكثر من ٨٠ في المئة من المراهقين يعتبرون اجدادهم مؤتمنين على سرهم. . . . ونسبة كبيرة من الاحفاد الراشدين يحافظون على اتصالهم القانوني بأجدادهم الالصق».
يمكن ان يكون الجدّ المحب ذا اهمية خصوصية لولد تنقصه التربية الملائمة في البيت. «كانت جدتي اهم شخص في طفولتي الباكرة»، كما تكتب سِلما واسرمان. «كانت هي مَن دخل حياتي واعتنى بي. وكان حضنها اوسع من شاطئ ميامي؛ فعندما كانت تأخذني فيه، كنت اشعر بالأمان. ان جدتي هي التي علمتني اهم الاشياء عن نفسي — انني محبوبة وبالتالي يمكن ان أُحَب». — الجدة التي تسكن بعيدا (بالانكليزية).
التوترات العائلية
لكنَّ الكينونة اجدادا لا تخلو من التوترات والمشاكل. مثلا، تتذكر ام مشاجَرة مرّة مع والدتها حول الطريقة المناسبة لمساعدة الطفل على التجشؤ. «لقد سبَّب ذلك هوة بيننا في وقت عصيب بالنسبة اليّ». من الواضح ان الوالدين الشباب يريدون ان يوافقهم والدوهم في الرأي في طريقة تربيتهم لأولادهم. لذلك قد تبدو لهم اقتراحات والديهم الحسني النية كنقد مدمر.
يخبر الطبيب كورنهابر في كتابه بين الوالدين والاجداد (بالانكليزية) عن والدَين اثنين يواجهان مشكلة شائعة اخرى. تقول ام: «يغزو والداي منزلي كل يوم. ويستاءان اذا جاءا ولم يجداني. . . . انهما لا يفكران فيَّ، في مشاعري وحياتي الخاصة». ويقول اب: «يريد والداي ان يمتلكا ابنتي الصغيرة. فهما يريدان ان يتدخلا في كل شاردة وواردة في حياة سوزي، اربعا وعشرين ساعة في اليوم. . . . اننا نفكر في الارتحال».
وفي بعض الاحيان يُتهم الاجداد بتدليل احفادهم بإفراط وذلك بإمطارهم بوابل من الهدايا. طبعا، ان الكرم بالنسبة الى الاجداد طبيعي كالتنفس، رغم ان بعضهم، كما يبدو، يتخطون الحدود في هذا المضمار. لكن احيانا قد ينبع تذمُّر الوالدين من الغيرة. (امثال ١٤:٣٠، عج) تعترف ميلدرد: «كان والداي حازمَين وقاسيَين معي. أما مع اولادي فهما كريمان ومتساهلان. انا اغار لأنهما لم يبدِّلا طريقة تصرفهما تجاهي قط». مهما تكن الدوافع والاسباب، يمكن ان تنشأ المشاكل اذا لم يحترم الاجداد رغبات الوالدين في ما يتعلق بتقديم الهدايا.
لذلك من الحكمة ان يُظهر الاجداد التعقُّل في ابراز كرمهم. يظهر الكتاب المقدس ان الاكثار من شيء ما، حتى لو كان جيدا، يمكن ان يكون سيئا. (امثال ٢٥:٢٧) اذا لم تكونوا متأكدين اي نوع من الهدايا هو ملائم، فاستشيروا الوالدين. وهكذا ‹ستعرفون كيف تعطون . . . عطايا صالحة›. — لوقا ١١:١٣.
المحبة والاحترام — المفتاحان!
من المحزن القول ان بعض الاجداد اشتكوا ان عملهم الذي يشمل الاعتناء بالاولاد وحضانتهم يُعتبر مسلَّما به. ويشعر آخرون بأنهم لا يُعطَون فرصة الاتصال الكافي بأحفادهم. لكنَّ آخرين يقولون ان اولادهم الراشدين تجنبوهم دون ان يوضحوا السبب. غالبا ما يمكن تفادي مثل هذه المشاكل المؤلمة اذا اظهر افراد العائلة المحبة والاحترام واحدهم للآخر. يقول الكتاب المقدس: «المحبة طويلة الاناة ولطيفة. المحبة لا تغار . . . ولا تطلب مصلحتها الخاصة، ولا تحتد. . . . تصبر على كل شيء، وتصدق كل شيء، وترجو كل شيء، وتحتمل كل شيء». — ١ كورنثوس ١٣:٤، ٥، ٧.
ربما انتِ والدة شابة اعطتها الجدة اقتراحا او ملاحظة مزعجة بالرغم من حسن نيتها. فهل هذا حقا سبب وجيه ‹لتحتدّي›؟ حتى الكتاب المقدس يظهر انه دور النساء المسيحيات الاكبر سنا ان يعلِّمن «الشابات . . . ليكنَّ محبَّات لأزواجهن، محبَّات لاولادهن، رزينات، عفيفات، عاملات في بيوتهن». (تيطس ٢:٣-٥) أفلا تريدون انتم والاجداد على السواء الامر نفسه — الافضل لأولادكم؟ بما ان المحبة «لا تطلب مصلحتها الخاصة»، فربما يكون من الافضل التركيز على حاجات الاولاد، لا على مشاعركم الخاصة. وسيساعدكم ذلك على تجنُّب ‹اجبار واحدكم الآخر على تصفية الحساب› عند كل حالة غضب تافهة. — غلاطية ٥:٢٦، حاشية عج، بالانكليزية.
طبعا، قد تشعرون بأن الكرم الزائد سيفسد اولادكم. لكنَّ الاجداد عادة لا يملكون دوافع شريرة حين يعربون عن الكرم. يوافق اكثر الخبراء بالاعتناء بالاولاد ان كيفية تربيتكم انتم لأولادكم هي التي ستؤثر فيهم اكثر بكثير من تدخُّل الاجداد العرضي. ينصح دكتور في علم النفس: «ان الحفاظ على روح الفكاهة يساعد».
اذا كان لديكم سبب شرعي للقلق بشأن مسألة تتعلق بالاعتناء بالولد، فلا تحرموا والديكم او احْماءكم من اولادكم. يقول الكتاب المقدس: «مقاصد بغير مشورة تبطل». (امثال ١٥:٢٢) في ‹الوقت المناسب›، قوموا بمناقشة جدية معهم وأظهروا قلقكم. (امثال ١٥:٢٣) وغالبا ما يكون ممكنا ايجاد الحلول.
هل انتم جدّ او جدّة؟ في هذه الحال يكون اظهار الاحترام لوالدي احفادكم امرا اساسيا. طبعا، قد تشعرون بواجب التعبير عن رأيكم اذا ما شعرتم ان حفيدكم في خطر. ولكن فيما يكون من الطبيعي ان تحبوا وتعزّوا احفادكم، فإن مسؤولية تربية الاولاد تقع على عاتق الوالدين — لا الاجداد. (افسس ٦:٤) ويأمر الكتاب المقدس احفادكم ان يحترموا ويطيعوا والديهم. (افسس ٦:١، ٢؛ عبرانيين ١٢:٩) اذًا، حاولوا ان تتجنَّبوا اعاقة عمل والديهم بإعطائهم نصائح غير مطلوبة او تقويض سلطة والديهم. — قارنوا ١ تسالونيكي ٤:١١.
نعم، ان الامتناع عن التدخل والتعبير عن رأيكم، او ربما انتظار حدوث امر ما بقلق، والسماح لأولادكم بأن ينجزوا مهمتهم كآباء، ليس دائما بالامر السهل. ولكن كما يعبِّر جين: «ما لم يطلبوا هم نصيحتكم، يجب ان تجاروهم في ما يشعرون هم انه الافضل لأولادهم». تقول جاين: «انا احرص ألّا اقول: ‹هكذا يجب ان تسير الامور!›. فهنالك طرائق عديدة للقيام بالاشياء، وإذا كنتم من الذين يتشبثون برأيهم يمكن ان يسبِّب ذلك المشاكل».
ما يمكن ان يقدمه الاجداد
يصف الكتاب المقدس حيازة الاحفاد كبركة من اللّٰه. (مزمور ١٢٨:٣-٦) عندما تهتمون بأحفادكم، تستطيعون ان تؤثروا في حياتهم بشكل قوي بمساعدتهم على تنمية القيم الالهية. (قارنوا تثنية ٣٢:٧.) وفي ازمنة الكتاب المقدس لعبت امرأة تدعى لوئيس دورا مهما في مساعدة حفيدها تيموثاوس على الصيرورة بارزا كرجل للّٰه. (٢ تيموثاوس ١:٥) وبشكل مماثل، يمكنكم ان تختبروا الفرح نفسه حين يتجاوب احفادكم مع التدريب الالهي.
يمكن ايضا ان تكونوا مصدرا للمحبة والحنو اللازمين. صحيح انكم قد لا تكونون من الذين يستفيضون في التعبير عن حنانهم وشعورهم. لكنَّ المحبة الالهية يمكن ان تظهر ايضا من خلال الاهتمام الصادق وغير الاناني بأحفادكم. تقول الكاتبة سِلما واسرمان: «ان اظهار الاهتمام بما يخبركم الولد . . . سيدل بالتأكيد على اهتمامكم. فالاصغاء جيدا، عدم قطع الحديث، عدم كونكم انتقاديين، كلها امور تعبِّر عن الاحترام، الحنو، والتقدير». وبالنسبة الى الاحفاد، يمكن ان يكون هذا الاهتمام الحبي من افضل الهدايا التي يمكن ان يقدمها الاجداد.
لقد ركزت مناقشتنا حتى الآن على ادوار الاجداد التقليدية. لكنَّ كثيرين من الاجداد اليوم يقع على عاتقهم حمل اكبر بكثير.
[النبذة في الصفحة ٦]
«ان جدتي هي التي علمتني اهم الاشياء عن نفسي — انني محبوبة وبالتالي يمكن ان أُحَب»
[الاطار في الصفحة ٦]
افكار للأجداد الذين يسكنون بعيدا
• اطلبوا من الوالدين ان يرسلوا لكم اشرطة ڤيديو او صورا للاحفاد.
• ارسلوا «رسائل» على شريط سمعيّ مسجل الى احفادكم. وللاولاد الصغار، سجِّلوا بصوتكم قراءة قصص الكتاب المقدس او اغاني لوقت النوم.
• ارسلوا الى احفادكم بطاقات بريدية ورسائل. وقوموا بذلك قانونيا اذا كان ممكنا.
• اذا كنتم تستطيعون تحمّل التكاليف، فابقوا على اتصال بأحفادكم بالمكالمات الهاتفية الخارجية. عندما تتحدثون الى اولاد صغار، ابدأوا المحادثات بطرح اسئلة بسيطة مثل، «ماذا تناولتم عند الفطور؟».
• قوموا بالزيارات القانونية المختصرة، اذا كان ممكنا.
• رتِّبوا مع الوالدين كي يزوركم احفادكم في منزلكم. خططوا لممارسة نشاطات مسلية مثل الذهاب الى حديقة الحيوانات، المتاحف، والحدائق العامة.
-
-
عندما يصبح الاجداد والديناستيقظ! ١٩٩٩ | آذار (مارس) ٢٢
-
-
عندما يصبح الاجداد والدين
«لم يكن قد مضى على وصولي من الاجتماع في قاعة الملكوت سوى لحظات حين قُرع باب المنزل. وإذا بشرطيين في الخارج معهما ولدان قذران بشعر اشعث يوحي منظرهما بأنهما لم يستحما منذ اشهر. كان من الصعب الادراك انهما ولدان! لقد كانا حفيديَّ اللذين اهملتهما امهما المدمنة على المخدِّرات. أما انا فكنت ارملة ومسؤولة عن اولادي الستة. لكنَّني لم استطع رفض استقبالهما». — سالي.a
«طلبت مني ابنتي هل بإمكاني الاهتمام بأولادها حتى تستقيم احوالها. لم اكن اعلم انها تتعاطى المخدِّرات. فانتهى بي المطاف الى تربية ولدَيها. بعد سنوات، انجبت ابنتي ايضا طفلة. لم اشأ ان آخذها، ولكنَّ حفيدي توسَّل الي: ‹جدتي، ألا نستطيع القبول بها فقط؟›». — ويلي مي.
ان الكينونة اجدادا كان يجري وصفها بـ «المتعة دون مسؤولية». لكنَّ الامر لم يعد كذلك. ويُقدَّر انه في الولايات المتحدة وحدها، يعيش اكثر من ثلاثة ملايين ولد مع اجدادهم. والعدد في ارتفاع سريع.
وماذا وراء هذا النمط المشوش؟ ان الاولاد الذين يتطلَّق والدوهم قد ينتهي بهم الامر الى العيش مع اجدادهم. وقد يحدث الامر نفسه للاولاد الذين يهملهم والدوهم او يسيئون معاملتهم. تقول مجلة خير الولد (بالانكليزية) ان تأثيرات ‹كوكائين الكراك› المهدِّمة في الوالدين المدمنين ‹تخلق جيلا ضائعا›. وهنالك ايضا ملايين الاولاد «بلا والدين» بسبب هجرهم لهم، موتهم، او اصابتهم بمرض عقلي. والاولاد الذين تموت امهم بسبب مرض الأيدز قد ينتهي بهم المطاف ايضا الى عهدة اجدادهم.
عندما يأخذ المرء مسؤولية تربية الاولاد على عاتقه في خريف عمره او اثناء «ايام السوء» في شيخوخته قد يكون ذلك ساحقا. (جامعة ١٢:١-٧، الترجمة اليسوعية الجديدة) فكثيرون من الناس لا يملكون ما يكفي من الطاقة للاهتمام بالاولاد الصغار بشكل مستمر. كما ان بعض الاجداد يعتنون ايضا بوالديهم المسنين. وهنالك آخرون ايضا يكونون ارامل او مطلَّقين مضطرين بالتالي الى اعالة انفسهم دون دعم رفيق زواج. ويجد كثيرون انفسهم غير مستعدين ماديا لتحمل عبء تربية الاولاد. وجد احد الاستطلاعات ان ٤ من ١٠ اجداد أوصياء على الاولاد كان دخلهم قريبا من مستوى الفقر. تتذكر سالي: «عندما مرض احفادي، اضطُررت الى دفع مال كثير للعلاج. ولم احصل إلّا على مساعدة لا تذكر من الدولة». وتتذكر امرأة مسنَّة: «اضطُررت ان استعمل مال تقاعدي للاعتناء بأحفادي».
الاجهاد والتوتر
لا عجب ان تجد احدى الدراسات ان «الاعتناء بالأحفاد سبَّب الاجهاد الكبير للأجداد. وعبَّر ٨٦ في المئة من الـ ٦٠ جدّا الذين شملتهم الدراسة عن شعورهم ‹بالكآبة والقلق معظم الاحيان›». ويخبر كثيرون ايضا عن مشاكل صحية. تقول اليزابيث، امرأة اعتنت بحفيدتها المراهقة: «لقد اثر ذلك فيَّ جسديا، عقليا، وروحيا». وتقول ويلي مي التي تعاني مرض القلب وارتفاع ضغط الدم: «تعتقد طبيبتي ان الامر سببه الإجهاد في تربية الاولاد».
والكثيرون ليسوا مستعدين لتغيير نمط الحياة الذي تتطلبه تربية الاولاد. يقول احد الاجداد: «احيانا تمر ايام وأنا قابع في المنزل. كنت اشعر بالذنب . . . اذا تركتهم مع احد غيري. لذلك، عوض الذهاب الى مكان ما او القيام بشيء ما، لم اكن افعل شيئا». وتصف جدة ايضا وقتها الخاص بأنه «غير موجود». والانعزال عن المجتمع والوحدة امران شائعان. ثمة جدة قالت: «معظم اصحابنا الذين من عمرنا ليس لديهم اولاد [احداث] ونتيجة لذلك غالبا ما نعتذر عن قبول دعوة منهم لأن اولادنا [الاحفاد] غير مدعوين».
اضيفوا الى ذلك آلام الضغوط العاطفية. تقول مقالة في اخبار الولايات المتحدة والتقرير العالمي (بالانكليزية): «كثيرون منهم [الاجداد] يشعرون بالخجل والذنب لأن اولادهم فشلوا في دورهم كآباء — وكثيرون يلومون انفسهم متسائلين اين اخفقوا في دورهم هم كآباء. وبغية تزويد بيوت آمنة لأحفادهم تسودها المحبة، يضطر بعض الاجداد ان يتخلّوا عاطفيا عن اولادهم المسيئين او المدمنين على المخدِّرات».
يخبر احد الاستطلاعات: «اكثر من الربع . . . قالوا ان اكتفاءهم في علاقتهم الزوجية انحطّ نتيجة تزويد العناية». فالازواج خصوصا، غالبا ما يشعرون بأنهم مهمَلون اذ تتحمل زوجاتهم الحصة الاكبر من المسؤولية في العناية بالاولاد. ويشعر بعض الازواج انهم بكل بساطة لا يستطيعون تحمل الضغط. تقول احدى النساء عن زوجها: «لقد هجرَنا. . . . اظن انه شعر وكأنه واقع في فخ».
اولاد غضاب
تقول اخبار الولايات المتحدة والتقرير العالمي (بالانكليزية): «ان ما يزيد الضغوط هو ان بعض الاولاد الذين يعتني بهم [الاجداد] هم بين الاولاد الاكثر احتياجا الى الدعم العاطفي، والأكثر تأذّيا عاطفيا والاكثر غضبا في الامة».
تأملوا في حفيدة اليزابيث. لقد تخلى عنها والدها حرفيا عند زاوية الطريق حيث كانت اليزابيث تعمل كناظرة تساعد الاولاد في المدرسة على قطع الطريق. تقول اليزابيث: «انها فتاة غضبى. لقد تأذت مشاعرها». ويعاني أحفاد سالي الندوب عينها. «يشعر حفيدي بالامتعاض. فهو يشعر ان لا احد يريده». ان حيازة اب وأم محبين هي حق الولد المكتسب بالولادة. فتخيلوا المشاعر التي تنتاب الولد حين يتخليان عنه، يهملانه او يرفضانه! ان فهم هذه المشاعر يمكن ان يكون المفتاح للتعامل بصبر مع الاولاد الذين يعانون مشاكل في التصرف. تقول الامثال ١٩:١١، عج: «بصيرة الانسان تبطئ غضبه».
مثلا، قد يقاوم ولد تُخليَ عنه جهودكم للاعتناء به. ان تفهم مخاوف الولد وأسباب قلقه يمكن ان يساعدكم في التجاوب معه بتعاطف. ربما يكون التسليم بصحة مخاوفه والتأكيد له بأنكم ستبذلون قصارى جهدكم للاعتناء به مساعدَين جدا في تهدئة مخاوفه.
التغلب على الضغوط
‹شعرت بجرح في الصميم وبالشفقة على نفسي. فليس عدلا ان يحدث هذا لنا›. هكذا قالت جدة وصية على احفادها. اذا كنتم في وضع مماثل، فقد تخالجكم المشاعر عينها. لكن لا تيأسوا، فالامل موجود دائما. احد الاسباب هو ان العمر قد يحد من طاقتكم الجسدية، لكنه يحوي بين ثناياه الحكمة، الصبر، والمهارة. فلا عجب ان تكون دراسة قد وجدت ان «الاولاد الذين رباهم اجدادهم وحدهم يتدبرون امرهم بشكل جيد بالمقارنة مع الاولاد الذين تربوا في عائلات مع والد متوحد».
يحثنا الكتاب المقدس ان ‹نلقي كل همنا عليه [يهوه]، لأنه يهتم بنا›. (١ بطرس ٥:٧) فعلى غرار صاحب المزمور، داوموا على الصلاة له من اجل تزويدكم بالقوة والارشاد. (قارنوا مزمور ٧١:١٨.) انتبهوا لحاجاتكم الروحية الشخصية. (متى ٥:٣) تقول امرأة مسيحية: «لقد ساعدتني الاجتماعات المسيحية والكرازة للآخرين على الاستمرار في الحياة». لذلك حين يكون ممكنا، حاولوا ان تعلِّموا احفادكم طرق اللّٰه. (تثنية ٤:٩) وسيدعم اللّٰه بالتأكيد جهودكم المبذولة في تربية احفادكم «في تأديب يهوه وتوجيهه الفكري». — افسس ٦:٤.b
لا تخافوا من طلب المساعدة. فغالبا ما يمكن ان يكون الاصدقاء مساعدين، وخصوصا ضمن الجماعة المسيحية. تتذكر سالي: «ان الاخوة والاخوات في الجماعة كانوا داعمين جدا. فعندما كنت اشعر بالاكتئاب، كانوا الى جانبي ليعضدوني. حتى ان البعض ساعدوني ماديا».
لا تتجاهلوا المساعدة التي يمكن الحصول عليها من الدولة. (روما ١٣:٦) ووفقا لأحد الاستطلاعات الذي يشمل اجدادا، فإن المثير للاهتمام هو ان «معظمهم لا يعرفون ما المتوفر او الى اين يلجأون من اجل المساعدة». (خير الولد) ان العمال الاجتماعيين والوكالات المحلية التي تساعد المسنين قد تكون قادرة على ارشادكم الى مركز للخدمات المساعِدة.
في حالات كثيرة، يكون الاجداد الاوصياء نتاج هذه ‹الازمنة الحرجة›. (٢ تيموثاوس ٣:١-٥) ولسعادتنا، ليست هذه الاوقات الصعبة إلّا علامة ان اللّٰه سيتدخل قريبا ويخلق «ارضا جديدة» حيث تكون الحالات المأساوية التي تصيب عائلات كثيرة اليوم شيئا من الماضي. (٢ بطرس ٣:١٣؛ رؤيا ٢١:٣، ٤) وإلى ان يحين ذلك الوقت، يجب ان يبذل الاجداد الاوصياء قصارى جهدهم ليستفيدوا من ظرفهم الى اقصى حد. وكثيرون هم الذين يحصدون نجاحا في مساعيهم! تذكروا دائما انه رغم التثبط يمكنكم حصد الافراح. فقد تتمتعون بفرح رؤية احفادكم يصيرون محبين اولياء للّٰه. أفلا يستحق ذلك عناءكم؟
[الحاشيتان]
a بعض الاسماء جرى تغييرها.
b ان كتاب سرّ السعادة العائلية (اصدار جمعية برج المراقبة للكتاب المقدس والكراريس في نيويورك) يحتوي على مبادئ كثيرة مساعِدة من الكتاب المقدس يمكن ان يستعملها الاجداد الاوصياء في تربية احفادهم.
[الاطار في الصفحة ١٠]
مسائل قانونية
ان مسألة الحصول على وصاية الاحفاد قانونيا هي مسألة دقيقة ومعقدة. توضح ماري فرون، الخبيرة بهذا المضمار: «من جهة، قد تكون حقوقكم القانونية، دون وصاية، محدودة. ففي معظم الحالات، يمكن ان يعود الوالدون ويستعيدوا الولد في اي وقت كان. ومن جهة اخرى، يحجم اجداد كثيرون عن طلب الوصاية لأن ذلك يعني المثول امام المحكمة للشهادة ان ولدهم انما هو والد غير صالح». — ادارة البيت بشكل جيد (بالانكليزية).
ودون وصاية قانونية، غالبا ما يواجه الاجداد صعوبة في تسجيل احفادهم في المدارس او حتى تأمين العناية الطبية لهم. لكنَّ الحصول على الوصاية يمكن ان يكون مكلفا، مستهلكا للوقت ومرهقا عاطفيا. حتى ولو حصل عليها الاجداد فقد يُحرمون من الدعم المادي الذي تقدمه الدولة. لذلك تنصح مجلة خير الولد الاجداد بأن «يطلبوا المشورة القانونية من محام محلي عنده خبرة في قانون العائلة للدولة، حالات الوصاية، وخير الاولاد».
[الاطار في الصفحة ١١]
حساب النفقة
يتفطَّر قلب المرء حزنا عند رؤيته ولدا محتاجا وخصوصا اذا كان هذا الولد من لحمه ودمه. يأمر الكتاب المقدس المسيحيين ان يعتنوا ‹بخاصتهم›. (١ تيموثاوس ٥:٨) رغم ذلك، في حالات كثيرة تتطلب الحكمة من الاجداد ان يفكروا مليا قبل ان يأخذوا على عاتقهم هذه المسؤولية. (امثال ١٤:١٥؛ ٢١:٥) فيجب على المرء ان يحسب النفقة. — قارنوا لوقا ١٤:٢٨.
تأملوا بروح الصلاة في الاسئلة التالية: هل انتم حقا في وضع جسدي، عاطفي، روحي، ومادي يمكّنكم من سد حاجات هذا الولد؟ كيف يشعر رفيق زواجكم حيال هذا الامر؟ هل هنالك طريقة تستطيعون من خلالها تشجيع او مساعدة والدي الولد بحيث يتمكنان من الاعتناء شخصيا بولدهما؟ من المحزن القول ان بعض الوالدين المهملين لا يتوقفون عن اتّباع نمط حياة فاسد ادبيا. تتذكر جدة بمرارة: «تعهدت عددا من اولادها. لكنها داومت على تعاطي المخدِّرات وإنجاب المزيد من الاولاد، حتى جاء ذلك اليوم الذي اضطررت فيه ان اقول لا!».
من جهة اخرى، ما لم تبالوا بأحفادكم، فماذا يحدث لهم؟ هل تستطيعون تحمُّل الضغط حين تعرفون ان آخرين يعتنون بهم، ربما الغرباء؟ ماذا عن حاجات الاولاد الروحية؟ هل سيتمكن الآخرون من تربيتهم وفقا لمبادئ الكتاب المقدس؟ قد يستنتج البعض انه رغم الصعوبات المشمولة، لا مناص من تحمُّل المسؤولية.
ان هذه الامور أليمة وكل فرد يجب ان يتخذ قراره هو بنفسه.
-