مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • مبغَضون من اجل ايمانهم
    برج المراقبة ١٩٩٨ | ١ كانون الاول (‏ديسمبر)‏
    • مبغَضون من اجل ايمانهم

      ‏«تكونون مبغَضين من الجميع من اجل اسمي».‏ —‏ متى ١٠:‏٢٢‏.‏

      ١،‏ ٢ هل يمكنكم ان ترووا بعض الاختبارات الواقعية عمّا عاناه شهود ليهوه بسبب ممارسة معتقداتهم الدينية؟‏

      صاحب متجر مستقيم من جزيرة كريت اعتُقل عشرات المرات ومثلَ امام المحاكم اليونانية مرارا عديدة.‏ وقضى ما مجموعه اكثر من ست سنوات في السجن،‏ بعيدا عن زوجته وأولاده الخمسة.‏ في اليابان،‏ طُرد طالب في الـ‍ ١٧ من العمر من مدرسته رغم حسن سلوكه وتفوُّقه على طلاب صفّه الـ‍ ٤٢.‏ وفي فرنسا،‏ صُرف دون ايّ إمهال عدد من الاشخاص من عملهم على الرغم من سجلاتهم الممتازة كعمّال مجتهدين وأصحاب ضمائر حية.‏ فما القاسم المشترك بين هذه الاختبارات الواقعية؟‏

      ٢ جميع هؤلاء الاشخاص من شهود يهوه.‏ وماذا كانت «جريمتهم»؟‏ بشكل رئيسي،‏ ممارسة معتقداتهم الدينية.‏ فإطاعةً لتعاليم يسوع المسيح،‏ كان صاحب المتجر يخبر الآخرين بإيمانه.‏ (‏متى ٢٨:‏١٩،‏ ٢٠‏)‏ لكنه أُدين بموجب قانون يوناني قديم يعتبر الهداية جريمة.‏ والطالب طُرد لأن ضميره المدرَّب حسب الكتاب المقدس لم يسمح له بأن يشارك في تمارين الكندو (‏المسايفة اليابانية)‏ الالزامية.‏ (‏اشعياء ٢:‏٤‏)‏ والذين صُرفوا من عملهم في فرنسا أُعلموا ان السبب الوحيد لطردهم هو انهم عرَّفوا بأنفسهم كشهود ليهوه.‏

      ٣ لماذا العذاب الاليم على يد اناس آخرين هو من الحالات النادرة نسبيا بين معظم شهود يهوه؟‏

      ٣ هذه الاختبارات القاسية هي عيِّنة ممّا يعانيه شهود يهوه مؤخرا في بعض البلدان.‏ لكنَّ معظم شهود يهوه لا يتعرَّضون،‏ إلا في حالات نادرة نسبيا،‏ لعذاب أليم على يد اناس آخرين.‏ فشعب يهوه معروف حول العالم بسيرته الحسنة،‏ وهذا الصيت لا يعطي احدا عذرا مشروعا ليرغب في ايذائهم.‏ (‏١ بطرس ٢:‏١١،‏ ١٢‏)‏ وهم لا يحوكون المؤامرات او ينهمكون في سلوك مؤذٍ.‏ (‏١ بطرس ٤:‏١٥‏)‏ على العكس،‏ يحاولون ان يعيشوا وفق مشورة الكتاب المقدس التي تقول ان الخضوع هو للّٰه اولا،‏ ثم للحكومات الدنيوية.‏ وهم يدفعون الضرائب التي يفرضها القانون ويحاولون ان ‹يسالموا جميع الناس›.‏ (‏رومية ١٢:‏١٨؛‏ ١٣:‏٦،‏ ٧؛‏ ١ بطرس ٢:‏١٣-‏١٧‏)‏ وفي عملهم التعليمي المؤسس على الكتاب المقدس،‏ يشجّعون على احترام القانون والقيم العائلية والآداب.‏ وقد مدحتهم حكومات كثيرة على كونهم مواطنين مطيعين للقانون.‏ (‏رومية ١٣:‏٣‏)‏ ولكن،‏ كما توضح الفقرة الاولى،‏ يتعرَّض الشهود احيانا في بعض البلدان للمقاومة وحتى للحظر الحكومي.‏ فهل ينبغي ان يدهشنا ذلك؟‏

      ‏«كلفة» صيرورة المرء تلميذا

      ٤ وفقا لما قاله يسوع،‏ ماذا يلزم ان يتوقع المرء عندما يصير واحدا من تلاميذه؟‏

      ٤ لم يترك يسوع المسيح مجالا للتساؤل عمّا تشمله صيرورة المرء تلميذا له.‏ فقد قال لأتباعه:‏ «ليس عبد اعظم من سيده.‏ إن كانوا قد اضطهدوني فسيضطهدونكم».‏ وكان يسوع مبغَضا «بلا سبب».‏ (‏يوحنا ١٥:‏١٨-‏٢٠،‏ ٢٥؛‏ مزمور ٦٩:‏٤؛‏ لوقا ٢٣:‏٢٢‏)‏ لذلك لزم ان يتوقع تلاميذه الامر نفسه:‏ مقاومة بدون اساس يبرِّرها.‏ وقد حذَّرهم اكثر من مرة قائلا:‏ «تكونون مبغَضين».‏ —‏ متى ١٠:‏٢٢؛‏ ٢٤:‏٩‏.‏

      ٥،‏ ٦ (‏أ)‏ لماذا حثّ يسوع أتباعه المحتمَلين على ‹حساب الكلفة›؟‏ (‏ب)‏ لماذا اذًا لا ينبغي ان نستغرب المقاومة عندما تواجهنا؟‏

      ٥ لذلك حثّ يسوع أتباعه المحتمَلين ان ‹يحسبوا كلفة› صيرورتهم تلاميذ له.‏ (‏لوقا ١٤:‏٢٨‏،‏ ترجمة تفسيرية‏)‏ ولماذا؟‏ ليس لكي يقرِّروا هل يصيرون أتباعا له ام لا،‏ بل لكي يملكوا التصميم على إتمام ما ينطوي عليه ذلك.‏ فيجب ان نكون مستعدين لتحمّل اية محن او مشقات ترافق هذا الامتياز.‏ (‏لوقا ١٤:‏٢٧‏)‏ ولا احد يجبرنا على خدمة يهوه كأتباع للمسيح.‏ فهذا قرار يُتخذ طوعا،‏ ويُتخذ ايضا بعد الاطّلاع على شروطه.‏ فنحن نعرف مسبقا انه بالاضافة الى البركات التي ننالها من امتلاك علاقة انتذار باللّٰه،‏ ‹سنكون مبغَضين›.‏ لذلك لا نستغرب المقاومة عندما تواجهنا.‏ فقد ‹حسبنا الكلفة›،‏ ونحن على اتمّ الاستعداد لتسديدها.‏ —‏ ١ بطرس ٤:‏١٢-‏١٤‏.‏

      ٦ ولكن لماذا يريد البعض،‏ بمن فيهم بعض السلطات الحكومية،‏ ان يقاوموا المسيحيين الحقيقيين؟‏ للحصول على الجواب،‏ يحسن بنا ان نتأمل في حالة فريقَين دينيَّين في القرن الاول الميلادي.‏ فكلاهما كانا مبغَضَين،‏ ولكن لأسباب مختلفة جدا.‏

      مبغِضون ومبغَضون

      ٧،‏ ٨ اية تعاليم عكست روح الازدراء بالامم،‏ وأيّ موقف نما عند اليهود بسبب ذلك؟‏

      ٧ بحلول القرن الاول الميلادي،‏ كانت اسرائيل تحت الحكم الروماني.‏ وعموما كانت اليهودية —‏ اي النظام الديني اليهودي —‏ في قبضة قادة تعسُّفيين كالكتبة والفريسيين.‏ (‏متى ٢٣:‏٢-‏٤‏)‏ وكان هؤلاء القادة المتعصبون يأخذون مقتطفات من الناموس الموسوي حول الانفصال عن الامم ويحرِّفونها لكي تبدو وكأنها تتطلب احتقار غير اليهود.‏ وهذا ما انتج دينا ولّد عند اليهود شعورا بالبغض نحو الامم وأثار بدوره بغض الامم لليهود.‏

      ٨ لم يكن صعبا على القادة اليهود ان يحثّوا على الازدراء بالامم،‏ لأن اليهود في ذلك الوقت كانوا يعتبرون الامم مخلوقات منحطة.‏ فقد علّم القادة الدينيون ان المرأة اليهودية يجب ألا تبقى ابدا وحدها مع اشخاص من الامم،‏ لأنه «يُشتبه في كونهم فاسقين».‏ ووجب على الرجل اليهودي ألا «يبقى وحده معهم لأنه يُشتبه في كونهم سفّاكي دماء».‏ ولم يكن ممكنا استهلاك الحليب الذي حلبه اممي إلا اذا وُجد يهودي هناك ليراقب عملية الحلب.‏ وبسبب تأثير قادتهم،‏ نما عند اليهود شعور بالتعالي والتميُّز الشديد عن غيرهم.‏ —‏ قارنوا يوحنا ٤:‏٩‏.‏

      ٩ ماذا كان تأثير تعليم القادة اليهود عن غير اليهود؟‏

      ٩ هذه التعاليم المتعلقة بغير اليهود لم تروِّج علاقات طيبة بين اليهود والامم.‏ فصار الامم يعتبرون اليهود مبغِضين لكل البشرية.‏ وقال المؤرخ الروماني تاسيتوس (‏الذي وُلد نحو سنة ٥٦ ب‌م)‏ عن اليهود انهم «ينظرون الى باقي البشر نظرة الاعداء بكل ما فيها من بغض».‏ وادّعى تاسيتوس ايضا ان الامم الذين صاروا دخلاء الى اليهودية تعلموا ان ينكروا بلدهم ولا يكنّوا ايّ اعتبار لعائلتهم وأصدقائهم.‏ وكان الرومان عموما لا يقاومون اليهود،‏ اذ كان يُحسب حساب لكثرتهم.‏ لكنَّ ثورة يهودية سنة ٦٦ ب‌م دفعت الرومان الى الردّ بقوة،‏ مما ادى الى دمار اورشليم سنة ٧٠ ب‌م.‏

      ١٠،‏ ١١ (‏أ)‏ اية معاملة للاجانب امر بها الناموس الموسوي؟‏ (‏ب)‏ ايّ درس نتعلمه مما حدث لليهودية؟‏

      ١٠ وماذا كان موقف الناموس الموسوي بالمقارنة مع هذه النظرة الى الاجانب؟‏ صحيح ان الناموس ايّد الانفصال عن الامم،‏ لكنَّ ذلك كان بهدف حماية الاسرائيليين،‏ وخصوصا حماية عبادتهم النقية.‏ (‏يشوع ٢٣:‏٦-‏٨‏)‏ ومع ذلك،‏ امر الناموس ان يعامَل الاجانب بعدل وإنصاف وأن تُحسَن ضيافتهم،‏ ما داموا لا يخالفون شرائع اسرائيل بشكل فادح.‏ (‏لاويين ٢٤:‏٢٢‏)‏ أما القادة الدينيون اليهود في ايام يسوع فلم يعاملوا الاجانب بحسب الموقف المعتدل المبيَّن بكل وضوح في الناموس،‏ بل انتجوا ديانة أَبغَضت وأُبغِضت.‏ وفي النهاية خسرت الامة اليهودية في القرن الاول رضى يهوه.‏ —‏ متى ٢٣:‏٣٨‏.‏

      ١١ وهل يوجد درس نتعلمه من ذلك؟‏ طبعا يوجد.‏ ان موقف التعالي والبر الذاتي الذي يزدري بمَن لا يشاركوننا في معتقداتنا الدينية لا يمثِّل بشكل صحيح عبادة يهوه النقية،‏ وهو لا يسرّ به ايضا.‏ تأملوا في مثال المسيحيين الامناء في القرن الاول.‏ فهم لم يبغضوا غير المسيحيين،‏ ولم يثوروا على روما.‏ ولكنهم كانوا «مبغَضين».‏ لماذا؟‏ ومن قِبل مَن؟‏

      المسيحيون الاولون —‏ مبغَضون من قِبل مَن؟‏

      ١٢ كيف يتضح من الاسفار المقدسة ان يسوع يريد ان يمتلك أتباعه نظرة متزنة الى غير المسيحيين؟‏

      ١٢ يتضح من تعاليم يسوع انه اراد ان يمتلك تلاميذه نظرة متزنة الى غير المسيحيين.‏ فمن ناحية،‏ قال انه يجب على أتباعه ان ينفصلوا عن العالم،‏ اي ان يتجنبوا المواقف والتصرفات التي تتعارض مع طرق يهوه البارة.‏ وكان يجب ان يبقوا حياديين في مسألتَي الحرب والسياسة.‏ (‏يوحنا ١٧:‏١٤،‏ ١٦‏)‏ ومن ناحية اخرى،‏ لم يعلّم يسوع احتقار الذين ليسوا مسيحيين،‏ بل امر أتباعه بأن ‹يحبوا اعداءهم›.‏ (‏متى ٥:‏٤٤‏)‏ وحث الرسول بولس المسيحيين قائلا:‏ «إن جاع عدوك فأطعمه.‏ وإن عطش فاسقه».‏ (‏رومية ١٢:‏٢٠‏)‏ وأمر المسيحيين ايضا بأن ‹يعملوا الخير للجميع›.‏ —‏ غلاطية ٦:‏١٠‏.‏

      ١٣ لماذا كان القادة الدينيون اليهود مقاومين جدا لتلاميذ المسيح؟‏

      ١٣ ولكن سرعان ما وجد تلاميذ المسيح انفسهم «مبغَضين» من ثلاثة مصادر.‏ كان المصدر الاول القادة الدينيين اليهود.‏ ولا عجب ان يجذب المسيحيون انتباههم بسرعة!‏ فقد كانت للمسيحيين مبادئ سامية في الاخلاق والاستقامة،‏ وكانوا ينشرون رسالة رجاء بغيرة شديدة.‏ وهجر الآلاف اليهودية واعتنقوا المسيحية.‏ (‏اعمال ٢:‏٤١؛‏ ٤:‏٤؛‏ ٦:‏٧‏)‏ وكان تلاميذ يسوع اليهود،‏ في نظر القادة الدينيين اليهود،‏ مجرد اشخاص مرتدّين!‏ (‏قارنوا اعمال ١٣:‏٤٥‏.‏)‏ وشعر هؤلاء القادة الغِضاب بأن المسيحية تبطل تقاليدهم.‏ حتى ان المسيحية لم تعترف بنظرة هؤلاء الى الامم!‏ فمن سنة ٣٦ ب‌م فصاعدا،‏ صار بإمكان الامم ان يصيروا مسيحيين يشاركون في الايمان نفسه ويتمتعون بالامتيازات نفسها كالمسيحيين اليهود.‏ —‏ اعمال ١٠:‏٣٤،‏ ٣٥‏.‏

      ١٤،‏ ١٥ (‏أ)‏ لماذا جلب المسيحيون على انفسهم بغض العبّاد الوثنيين؟‏ اعطوا مثلا.‏ (‏ب)‏ ايّ فريق ثالث صار المسيحيون الاولون «مبغَضين» في نظره؟‏

      ١٤ ثانيا،‏ جلب المسيحيون على انفسهم بغض العبّاد الوثنيين.‏ مثلا،‏ في افسس القديمة،‏ كان صنع هياكل فضة للإلاهة ارطاميس يدرّ ربحا وفيرا.‏ ولكن عندما كرز بولس هناك،‏ تجاوب عدد كبير من الافسسيين مع الحق وتركوا عبادة ارطاميس.‏ فشعر الصاغة بأن تجارتهم مهدَّدة وأثاروا الشغب.‏ (‏اعمال ١٩:‏٢٤-‏٤١‏)‏ وحصل امر مماثل بعدما انتشرت المسيحية في بِثينية (‏اليوم في شمالي غربي تركيا)‏.‏ فبعد وقت غير طويل من إكمال الاسفار اليونانية المسيحية،‏ روى پلينيوس الاصغر والي بِثينية ان المعابد الوثنية هُجرت ومبيعات العلف للحيوانات،‏ التي تقدَّم ذبائح،‏ انخفضت بشدة.‏ فأُلقي اللوم على المسيحيين واضطُهدوا،‏ لأن عبادتهم لا تجيز الذبائح الحيوانية والاصنام.‏ (‏عبرانيين ١٠:‏١-‏٩؛‏ ١ يوحنا ٥:‏٢١‏)‏ فمن الواضح ان انتشار المسيحية اثر في بعض المصالح المتعلقة بالعبادة الوثنية،‏ مما اثار استياء الذين كانوا يخسرون تجارتهم ومالهم.‏

      ١٥ ثالثا،‏ صار المسيحيون «مبغَضين» من قِبل الرومان القوميين.‏ ففي البداية،‏ كان المسيحيون في نظر الرومان فريقا دينيا صغيرا وربما متعصبا.‏ ولكن على مرّ الوقت،‏ صار مجرد اعتراف المرء بأنه مسيحي يُعتبر جريمة يعاقَب عليها بالموت.‏ فلماذا صار مدنيون مستقيمون يعيشون حياة مسيحية يُعتبرون مستأهلين الاضطهاد والموت؟‏

      لماذا كان المسيحيون الاولون مبغَضين في العالم الروماني؟‏

      ١٦ بأية طرائق بقي المسيحيون منفصلين عن العالم،‏ ولماذا جعلهم ذلك غير محبوبين في العالم الروماني؟‏

      ١٦ السبب الرئيسي لكون المسيحيين مبغَضين في العالم الروماني هو ممارستهم لمعتقداتهم الدينية.‏ مثلا،‏ بقي المسيحيون منفصلين عن العالم.‏ (‏يوحنا ١٥:‏١٩‏)‏ فلم يشغلوا منصبا سياسيا،‏ ورفضوا الخدمة العسكرية.‏ ونتيجةً لذلك،‏ «مُثِّلوا كأشخاص غير مبالين بالعالم،‏ وعديمي الفائدة في كل شؤون الحياة»،‏ كما يقول المؤرخ اوغسطس نياندر.‏ وعدم كونهم جزءا من العالم عنى ايضا تجنب الطرق الشريرة للعالم الروماني الفاسد.‏ يوضح المؤرخ وِل ديورانت:‏ «كانت الطائفة المسيحية القليلة العدد تقضّ بتقواها ورقّة حاشيتها مضاجع العالم الوثني المنهمك في ملذاته وشهواته».‏ (‏١ بطرس ٤:‏٣،‏ ٤‏)‏ فباضطهاد المسيحيين وإعدامهم،‏ ربما كان الرومان يحاولون إسكات صوت الضمير المزعج.‏

      ١٧ ماذا يُظهر فعّالية العمل الكرازي الذي كان مسيحيو القرن الاول يقومون به؟‏

      ١٧ وكان مسيحيو القرن الاول يكرزون ببشارة ملكوت اللّٰه بغيرة شديدة.‏ (‏متى ٢٤:‏١٤‏)‏ ونحو سنة ٦٠ ب‌م،‏ كان بإمكان بولس ان يقول ان البشارة ‹قد كُرز بها في كل الخليقة التي تحت السماء›.‏ (‏كولوسي ١:‏٢٣‏)‏ وبحلول نهاية القرن الاول،‏ كان أتباع يسوع قد تلمذوا اشخاصا في كل انحاء الامبراطورية الرومانية —‏ في آسيا وأوروپا وإفريقيا!‏ حتى ان بعض اعضاء «بيت قيصر» صاروا مسيحيين.‏a (‏فيلبي ٤:‏٢٢‏)‏ لكنَّ هذه الكرازة الغيورة اثارت الاستياء.‏ يقول نياندر:‏ «كانت المسيحية تتقدم باطّراد بين الناس من كل المستويات،‏ وهدَّدت بقلب دين الدولة».‏

      ١٨ كيف صار المسيحيون على خلاف مع الحكومة الرومانية بسبب تقديمهم التعبد المطلق ليهوه؟‏

      ١٨ وكان أتباع يسوع يقدّمون التعبد المطلق ليهوه.‏ (‏متى ٤:‏٨-‏١٠‏)‏ وربما كان هذا الوجه من عبادتهم اكثر الامور التي جعلتهم على خلاف مع روما.‏ فقد كان الرومان متسامحين مع الاديان الاخرى ما دام أتباعها يشتركون ايضا في عبادة الامبراطور.‏ ولكن لم يكن ممكنا ان يشارك المسيحيون الاولون في هذه العبادة.‏ فقد اعتبروا انفسهم مسؤولين امام سلطة اسمى من سلطة الدولة الرومانية،‏ سلطة يهوه اللّٰه.‏ (‏اعمال ٥:‏٢٩‏)‏ ونتيجةً لذلك،‏ اعتُبر المسيحي عدوا للدولة مهما كان مواطنا صالحا في جميع الامور الاخرى.‏

      ١٩،‏ ٢٠ (‏أ)‏ مَن كانوا مسؤولين الى حد بعيد عن الافتراء الماكر الذي شاع عن المسيحيين الامناء؟‏ (‏ب)‏ اية تهم باطلة وُجهت الى المسيحيين؟‏

      ١٩ وهنالك سبب آخر ايضا جعل المسيحيين الامناء «مبغَضين» في العالم الروماني.‏ فقد كان الافتراء الماكر عليهم يُصدَّق بسرعة،‏ وكان القادة الدينيون اليهود مسؤولين الى حد بعيد عن التهم الموجهة اليهم.‏ (‏اعمال ١٧:‏٥-‏٨‏)‏ فنحو سنة ٦٠ او ٦١ ب‌م،‏ عندما كان بولس في روما ينتظر محاكمته في الدعوى التي رفعها الى الامبراطور نيرون،‏ قال اليهود البارزون عن المسيحيين:‏ «معلوم عندنا من جهة هذا المذهب انه يقاوَم في كل مكان».‏ (‏اعمال ٢٨:‏٢٢‏)‏ ولا شك ان نيرون سمع بالافتراءات الموجهة اليهم.‏ ففي سنة ٦٤ ب‌م،‏ عندما حُمِّل نيرون مسؤولية الحريق الذي دمّر روما،‏ يقال انه ألقى اللوم على المسيحيين المطعون فيهم من قبل.‏ ويبدو ان ذلك اثار موجة من الاضطهاد العنيف بهدف القضاء على المسيحيين.‏

      ٢٠ غالبا ما كانت التهم الباطلة ضد المسيحيين مزيجا من الاكاذيب الواضحة وتحريفا لمعتقداتهم.‏ فبسبب ايمانهم بإله واحد وعدم عبادتهم الامبراطور،‏ نُعتوا بالملحدين.‏ وبما ان بعض اعضاء العائلات غير المسيحيين كانوا يقاومون اقرباءهم المسيحيين،‏ اتُّهم المسيحيون بتفكيك العائلات.‏ (‏متى ١٠:‏٢١‏)‏ ونُعتوا بأكلة لحوم البشر؛‏ وهذا الاتهام،‏ كما تقول بعض المصادر،‏ مؤسس على تحريف لكلمات يسوع خلال عشاء الرب.‏ —‏ متى ٢٦:‏٢٦-‏٢٨‏.‏

      ٢١ لأيّ سببين كان المسيحيون «مبغَضين»؟‏

      ٢١ اذًا كان المسيحيون الامناء «مبغَضين» من قِبل الرومان لسببين اساسيين:‏ (‏١)‏ معتقداتهم وممارساتهم المؤسسة على الكتاب المقدس،‏ و (‏٢)‏ التهم الباطلة الموجهة اليهم.‏ وبصرف النظر عن السبب،‏ كان للمقاومين هدف واحد:‏ القضاء على المسيحية.‏ وطبعا،‏ كان المحرِّضون الحقيقيون لاضطهاد المسيحيين كائنات مقاوِمة فوق الطبيعة البشرية،‏ اجناد الشر الروحية غير المنظورة.‏ —‏ افسس ٦:‏١٢‏.‏

      ٢٢ (‏أ)‏ ايّ مثال يُظهر ان شهود يهوه يسعون دائما الى ‹عمل الخير للجميع›؟‏ (‏انظروا الاطار في الصفحة ١١.‏)‏ (‏ب)‏ ماذا ستناقشه المقالة التالية؟‏

      ٢٢ وكما كان المسيحيون الاولون،‏ كذلك فان شهود يهوه في الازمنة العصرية ‹مبغَضون› في بلدان عديدة.‏ ولكنهم لا يبغضون غير الشهود؛‏ ولا يرفعون ابدا راية العصيان على الحكومات.‏ على العكس،‏ يُعرف الشهود حول العالم بممارستهم المحبة الاصيلة التي تتجاوز كل الحواجز الاجتماعية والعرقية.‏ فلماذا يُضطهَدون اذًا؟‏ وكيف يتجاوبون مع المقاومة؟‏ سيناقَش هذان السؤالان في المقالة التالية.‏

  • الدفاع عن ايماننا
    برج المراقبة ١٩٩٨ | ١ كانون الاول (‏ديسمبر)‏
    • الدفاع عن ايماننا

      ‏«قدِّسوا الرب المسيح في قلوبكم،‏ وكونوا دوما مستعدين للدفاع تجاه كل مَن يسألكم عن منطق الرجاء الذي فيكم».‏ —‏ ١ بطرس ٣:‏١٥‏،‏ ترجمة الكسليك.‏

      ١،‏ ٢ لماذا لا تدهش المقاومة شهود يهوه،‏ ولكن ماذا يريدون؟‏

      يُعرف عموما شهود يهوه في معظم البلدان بأنهم شعب مستقيم وحسن الاخلاق.‏ ويعتبرهم كثيرون جيرانا صالحين لا يسببون اية مشاكل.‏ لكنَّ ما يدعو الى السخرية هو ان هؤلاء المسيحيين المحبين للسلام يعانون اضطهادا ظالما،‏ سواء في زمن الحرب او السلم.‏ وهذه المقاومة لا تدهشهم،‏ بل يتوقعونها ايضا.‏ وعلى اية حال،‏ يعرف الشهود ان المسيحيين الامناء في القرن الاول الميلادي كانوا «مبغَضين»،‏ فلمَ يتوقع الذين يسعون الى ان يكونوا أتباعا حقيقيين للمسيح اليوم معاملة مختلفة؟‏!‏ (‏متى ١٠:‏٢٢‏)‏ وعلاوة على ذلك،‏ يقول الكتاب المقدس:‏ «جميع الذين يريدون ان يعيشوا بالتقوى في المسيح يسوع يُضطهَدون».‏ —‏ ٢ تيموثاوس ٣:‏١٢‏.‏

      ٢ لا يسعى شهود يهوه وراء الاضطهاد،‏ ولا يتمتعون بالمشقّات —‏ كالغرامات او السَّجن او المعاملة الوحشية —‏ التي قد ترافقه.‏ فهم يريدون ان ‹يقضوا حياة مطمئنة هادئة› لكي يتمكنوا من الكرازة ببشارة ملكوت اللّٰه بلا عائق.‏ (‏١ تيموثاوس ٢:‏١،‏ ٢‏)‏ ويقدِّرون الحرية الدينية التي يتمتعون بها في معظم البلدان حيث يُسمح لهم بممارسة دينهم،‏ وهم يفعلون بضمير حي كل ما يمكنهم فعله ‏‹ليسالموا جميع الناس›،‏ بمن فيهم حكام الحكومات البشرية.‏ (‏رومية ١٢:‏١٨؛‏ ١٣:‏١-‏٧‏)‏ فلماذا اذًا هم ‹مبغَضون›؟‏

      ٣ ما هو احد الاسباب التي تجعل شهود يهوه مبغَضين ظلما؟‏

      ٣ بشكل رئيسي،‏ يُبغَض شهود يهوه ظلما للاسباب نفسها التي جعلت المسيحيين الاولين يُضطهدون.‏ اولا،‏ يعمل شهود يهوه بانسجام مع معتقداتهم الدينية بطرائق تجعلهم غير محبوبين عند البعض.‏ مثلا،‏ يكرز الشهود بغيرة ببشارة ملكوت اللّٰه،‏ لكنَّ الناس غالبا ما يسيئون فهم غيرتهم ويعتبرون كرازتهم «هداية هجومية».‏ (‏قارنوا اعمال ٤:‏١٩،‏ ٢٠‏.‏)‏ وهم ايضا حياديون في شؤون الدول السياسية وحروبها،‏ وأحيانا يُفهم من ذلك خطأً ان الشهود مواطنون غير اولياء.‏ —‏ ميخا ٤:‏٣،‏ ٤‏.‏

      ٤،‏ ٥ (‏أ)‏ اية تهم باطلة تُوَجَّه الى شهود يهوه؟‏ (‏ب)‏ مَن هم غالبا المحرِّضون الرئيسيون على اضطهاد خدام يهوه؟‏

      ٤ ثانيا،‏ تُوَجَّه الى شهود يهوه تهم باطلة ليست سوى اكاذيب فاضحة وتحريفات لمعتقداتهم.‏ وبسبب ذلك تعرَّضوا لحملات غير مبرَّرة في بعض البلدان.‏ وأيضا لأنهم يطلبون معالجة طبية بدون دم انسجاما مع رغبتهم في اطاعة وصية الكتاب المقدس ‹بالامتناع عن الدم›،‏ نُعتوا خطأً بـ‍ «قتلة الاولاد» و «بدعة انتحارية».‏ (‏اعمال ١٥:‏٢٩‏)‏ لكنَّ الحقيقة هي ان شهود يهوه ينظرون الى الحياة نظرة سامية ويحاولون ان يحصلوا على افضل رعاية طبية متوفرة لهم ولأولادهم.‏ والتهمة القائلة ان اولادا كثيرين لشهود يهوه يموتون كل سنة بسبب رفض نقل الدم غير صحيحة البتة.‏ وبالاضافة الى ذلك،‏ لأن حق الكتاب المقدس لا يملك التأثير نفسه في كل اعضاء العائلة،‏ اتُّهم الشهود ايضا بتفكيك العائلات.‏ لكنَّ الذين يعرفون شهود يهوه يعلمون انهم يكنّون تقديرا كبيرا للحياة العائلية،‏ وهم يحاولون اتِّباع وصايا الكتاب المقدس التي تأمر الزوج والزوجة بأن يحبّا ويحترما واحدهما الآخر والاولاد بأن يطيعوا والديهم،‏ سواء كانوا مؤمنين او لا.‏ —‏ افسس ٥:‏٢١–‏٦:‏٣‏.‏

      ٥ يتبيَّن في حالات كثيرة ان المحرِّضين الرئيسيين على اضطهاد خدام يهوه هم مقاومون دينيون يستخدمون نفوذهم لدى السلطات السياسية ووسائل الاعلام لوقف نشاطات الشهود.‏ فكيف ينبغي لنا،‏ كشهود ليهوه،‏ ان نتجاوب مع مقاومة كهذه،‏ سواء كانت بسبب معتقداتنا وممارساتنا او بسبب التهم الباطلة؟‏

      ‏‹ليكن تعقلكم معروفا عند جميع الناس›‏

      ٦ لماذا من المهم ان نمتلك نظرة متزنة الى الذين هم من خارج الجماعة المسيحية؟‏

      ٦ اولا،‏ ينبغي ان نمتلك النظرة الصائبة —‏ نظرة يهوه —‏ الى الذين لا يشاركوننا في اقتناعاتنا الدينية،‏ وإلا جلبنا على انفسنا العداء او التعيير من الآخرين بلا لزوم.‏ كتب الرسول بولس:‏ «ليكن حِلمكم [«تعقلكم»،‏ ع‌ج‏] معروفا عند جميع الناس».‏ (‏فيلبي ٤:‏٥‏)‏ اذًا يشجعنا الكتاب المقدس على امتلاك نظرة متزنة الى الذين هم من خارج الجماعة المسيحية.‏

      ٧ على ماذا يشتمل حفظ انفسنا «بلا دنس من العالم»؟‏

      ٧ ومن ناحية اخرى،‏ تأمرنا الاسفار المقدسة بكل وضوح بأن ‹نحفظ انفسنا بلا دنس من العالم›.‏ (‏يعقوب ١:‏٢٧؛‏ ٤:‏٤‏)‏ وكلمة «العالم» هنا،‏ كما في اماكن كثيرة في الكتاب المقدس،‏ تشير الى البشرية عموما باستثناء المسيحيين الحقيقيين.‏ ونحن نعيش وسط هذا المجتمع من الناس،‏ ونحتك بهم في العمل والمدرسة والحي الذي نعيش فيه.‏ (‏يوحنا ١٧:‏١١،‏ ١٥؛‏ ١ كورنثوس ٥:‏٩،‏ ١٠‏)‏ لكننا نحفظ انفسنا بلا دنس من العالم بتجنب المواقف والكلام والتصرفات التي تتعارض مع طرق اللّٰه البارة.‏ ومن الضروري ايضا ان ندرك خطر المعاشرة اللصيقة لهذا العالم،‏ وخصوصا للذين يُظهرون تجاهلا فاضحا لمقاييس يهوه.‏ —‏ امثال ١٣:‏٢٠‏.‏

      ٨ لماذا المشورة التي تحثنا على حفظ انفسنا بلا دنس من العالم لا تجيز لنا ابدا النظر الى الآخرين باحتقار؟‏

      ٨ لكنَّ المشورة التي تحثنا على حفظ انفسنا بلا دنس من العالم لا تجيز لنا ابدا الاستخفاف بمَن ليسوا شهودا ليهوه.‏ (‏امثال ٨:‏١٣‏)‏ تذكروا مثال القادة الدينيين اليهود الذي نوقش في المقالة السابقة.‏ فشكل الديانة الذي طوَّروه لم يُرضِ يهوه،‏ ولم يساهم في تنمية علاقات جيدة بغير اليهود.‏ (‏متى ٢١:‏٤٣،‏ ٤٥‏)‏ لقد رفّع هؤلاء المتعصّبون انفسهم ببرّهم الذاتي،‏ ونظروا الى الامم نظرة احتقار.‏ أما نحن فلا نملك نظرة ضيقة كهذه،‏ معاملين غير الشهود بازدراء،‏ بل نتمنى كالرسول بولس ان ينال جميع الذين يسمعون رسالة الكتاب المقدس حظوة لدى اللّٰه.‏ —‏ اعمال ٢٦:‏٢٩؛‏ ١ تيموثاوس ٢:‏٣،‏ ٤‏.‏

      ٩ كيف ينبغي ان تؤثر النظرة المتزنة والمنسجمة مع الاسفار المقدسة في الطريقة التي نتحدث بها عن الذين لا يشاركوننا في معتقداتنا؟‏

      ٩ يجب ان نمتلك نظرة متزنة ومنسجمة مع الاسفار المقدسة الى الطريقة التي نتحدث بها عن غير الشهود.‏ فقد امر بولس تيطس ان يذكّر المسيحيين في جزيرة كريت بأن «لا يطعنوا في احد ويكونوا غير مخاصمين حلماء [«متعقلين»،‏ ع‌ج‏] مظهرين كل وداعة لجميع الناس».‏ (‏تيطس ٣:‏٢‏)‏ لاحظوا ان المسيحيين أُمروا بأن لا يطعنوا «في احد» —‏ ولا حتى في غير المسيحيين في كريت الذين كان البعض منهم معروفين بكذبهم وشراهتهم وكسلهم.‏ (‏تيطس ١:‏١٢‏)‏ اذًا لا تجيز الاسفار المقدسة لنا ان نستخدم عبارات تحطّ من قدر مَن لا يشاركوننا في معتقداتنا.‏ والموقف المتعالي لا يجذب الآخرين الى عبادة يهوه.‏ أما عندما ننظر الى الآخرين ونعاملهم حسب المبادئ الحكيمة في كلمة يهوه،‏ فعندئذ ‹نزيِّن تعليم› اللّٰه.‏ —‏ تيطس ٢:‏١٠‏.‏

      متى يلزم السكوت،‏ ومتى التكلم

      ١٠،‏ ١١ كيف اظهر يسوع انه يعرف متى هو (‏أ)‏ ‹الوقت للسكوت›؟‏ (‏ب)‏ ‹الوقت للتكلم›؟‏

      ١٠ تقول الجامعة ٣:‏٧ انه يوجد «للسكوت وقت وللتكلم وقت».‏ وهنا تنشأ المشكلة:‏ متى نتجاهل المقاومين ومتى نتكلم دفاعا عن ايماننا.‏ يمكننا تعلّم الكثير من المثال الذي رسمه مَن كان دائما حكيما في مواقفه:‏ يسوع.‏ (‏١ بطرس ٢:‏٢١‏)‏ فكان يعلم متى هو ‹الوقت للسكوت›.‏ مثلا،‏ عندما وجَّه رؤساء الكهنة والشيوخ الى يسوع تهمة باطلة امام بيلاطس،‏ «لم يُجب بشيء».‏ (‏متى ٢٧:‏١١-‏١٤‏)‏ فلم يُرِد ان يقول شيئا يمكن ان يعيق اتمام مشيئة اللّٰه نحوه،‏ بل ترك اعماله تتكلم.‏ وكان يعلم انه حتى الحق لن يغيّر عقولهم وقلوبهم المتفاخرة.‏ لذلك تجاهل اتهامهم،‏ رافضا قطع صمته المقصود.‏ —‏ اشعياء ٥٣:‏٧‏.‏

      ١١ لكنَّ يسوع كان يعلم ايضا متى ‹الوقت للتكلم›.‏ ففي بعض المناسبات،‏ كان يجادل منتقديه جهرا وبدون تحفظ،‏ داحضا تهمهم الباطلة.‏ مثلا،‏ عندما حاول الكتبة والفريسيون تكذيب يسوع امام جمع باتهامه بطرد الشياطين بواسطة بعلزبول،‏ لم يسكت عن التهم الباطلة.‏ فبمنطق سديد وإيضاح فعّال دحض الكِذبة.‏ (‏مرقس ٣:‏٢٠-‏٣٠‏؛‏ انظروا ايضا متى ١٥:‏١-‏١١؛‏ ٢٢:‏١٧-‏٢١؛‏ يوحنا ١٨:‏٣٧‏)‏ وبشكل مماثل،‏ عندما جُلب يسوع ليمثل امام السنهدريم بعد خيانته واعتقاله،‏ سأله رئيس الكهنة قيافا بمكر:‏ «استحلفك باللّٰه الحي ان تقول لنا هل انت المسيح ابن اللّٰه».‏ وكان ذلك ايضا ‹وقتا للتكلم›،‏ لأنه كان يمكن ان يُعتبر الصمت انكارا لكونه المسيح.‏ لذلك اجاب يسوع:‏ «انا هو».‏ —‏ متى ٢٦:‏٦٣،‏ ٦٤؛‏ مرقس ١٤:‏٦١،‏ ٦٢‏.‏

      ١٢ اية ظروف دفعت بولس وبرنابا الى المجاهرة في ايقونية؟‏

      ١٢ تأملوا ايضا في مثال بولس وبرنابا.‏ تذكر الاعمال ١٤:‏١،‏ ٢‏:‏ «حدث في ايقونية انهما دخلا معا الى مجمع اليهود وتكلما حتى آمن جمهور كثير من اليهود واليونانيين.‏ ولكنَّ اليهود غير المؤمنين غَرُّوا وأفسدوا نفوس الامم على الاخوة».‏ وتذكر الترجمة اليسوعية الجديدة:‏ «غير ان الذين لم يؤمنوا من اليهود اثاروا الوثنيين وحملوهم على ان يسيئوا الظن بالاخوة».‏ لم يكتفِ المقاومون اليهود برفض الرسالة،‏ بل اطلقوا حملة لتلطيخ سمعة المسيحيين،‏ وذلك لجعل السكان الامم يكوِّنون مسبقا افكارا خاطئة عن المسيحيين.‏a فكم كان بغضهم للمسيحية شديدا!‏ (‏قارنوا اعمال ١٠:‏٢٨‏.‏)‏ وقد شعر بولس وبرنابا انه ‹الوقت للتكلم›،‏ وإلا تثبَّط التلاميذ الجدد بسبب هذا التعيير العلني.‏ لذلك «اقام [بولس وبرنابا] زمانا طويلا يجاهران بالرب» يهوه الذي اظهر رضاه بمنحهما القدرة على صنع العجائب.‏ والنتيجة ان ‹البعض كانوا مع اليهود والبعض مع الرسولين›.‏ —‏ اعمال ١٤:‏٣،‏ ٤‏.‏

      ١٣ عند التعامل مع التعيير،‏ متى يكون عادةً ‹الوقت للسكوت›؟‏

      ١٣ فكيف ينبغي ان نتجاوب عندما نُعيَّر؟‏ يعتمد ذلك على الظروف.‏ فبعض الحالات تستلزم ان نطبق المبدأ القائل انه «للسكوت وقت».‏ ويصحّ ذلك خصوصا حين يحاول المقاومون المعاندون جرَّنا الى مجادلات عقيمة.‏ فيجب ألا ننسى ان هنالك اشخاصا لا يريدون ان يعرفوا الحق.‏ (‏٢ تسالونيكي ٢:‏٩-‏١٢‏)‏ ولا جدوى من مباحثة اشخاص تصرُّ قلوبهم المتكبرة على عدم الايمان.‏ والاهم من ذلك هو انه اذا كنا سنغوص في جدال مع كل متَّهِم زور يهاجمنا،‏ يمكن ان يُبعدنا ذلك عن العمل المهم والمفرح اكثر:‏ مساعدة المستقيمي القلوب الذين يريدون فعلا تعلّم حق الكتاب المقدس.‏ لذلك عندما نواجه خصوما للحق عازمين على نشر الاكاذيب عنا،‏ تنصحنا كلمة اللّٰه الملهمة:‏ «أعرضوا عنهم».‏ —‏ رومية ١٦:‏١٧،‏ ١٨؛‏ متى ٧:‏٦‏.‏

      ١٤ بأية طرائق يمكن ان ندافع عن ايماننا امام الآخرين؟‏

      ١٤ وطبعا،‏ لا يعني ذلك اننا لا ندافع عن ايماننا.‏ فهنالك «للتكلم وقت» ايضا.‏ ويهمُّنا امر الاشخاص المخلصين الذين يرون الانتقاد الافترائي الذي نتعرض له.‏ ونحن مستعدون لنقدّم للآخرين شرحا واضحا عن اقتناعاتنا القلبية،‏ ونرحب بكل فرصة تسمح بذلك.‏ كتب بطرس:‏ «قدِّسوا الرب المسيح في قلوبكم،‏ وكونوا دوما مستعدين للدفاع تجاه كل مَن يسألكم عن منطق الرجاء الذي فيكم،‏ انما بِدَعَة ومخافة».‏ (‏١ بطرس ٣:‏١٥،‏ ١٦‏،‏ ك‏)‏ فعندما يطلب منا الاشخاص المهتمون اهتماما اصيلا براهين للمعتقدات التي نعزُّها،‏ وعندما يسألون عن التهم الباطلة التي يوجّهها الينا المقاومون،‏ من مسؤوليتنا ان ندافع عن ايماننا بإعطاء الاجوبة السليمة من الكتاب المقدس.‏ وبالاضافة الى ذلك،‏ يقدّم سلوكنا الحسن شهادة عظيمة.‏ فعندما يلاحظ المراقبون المنفتحو العقل اننا نحاول فعلا العيش وفق مقاييس اللّٰه البارة،‏ يتأكد لهم بسرعة ان التهم الموجّهة الينا باطلة.‏ —‏ ١ بطرس ٢:‏١٢-‏١٥‏.‏

      ماذا عن الدعاية الافترائية؟‏

      ١٥ ما هو احد الامثلة لنشر وسائل الاعلام معلومات محرَّفة عن شهود يهوه؟‏

      ١٥ تنشر احيانا وسائل الاعلام معلومات محرَّفة عن شهود يهوه.‏ مثلا،‏ في ١ آب (‏اغسطس)‏ ١٩٩٧،‏ اصدرت صحيفة روسية مقالة افترائية ادّعت فيها،‏ بين امور اخرى،‏ ان الشهود يفرضون على الاعضاء ‹نبذ زوجاتهم وأزواجهم ووالديهم اذا لم يتفهموا دينهم ولم يعتنقوه›.‏ لكنَّ كل من يعرف شهود يهوه حق المعرفة يعلم ان التهمة باطلة.‏ فالكتاب المقدس يقول انه يجب على المسيحيين ان يعاملوا اعضاء العائلة غير المؤمنين بمحبة واحترام،‏ ويحاول الشهود اتِّباع هذا التوجيه.‏ (‏١ كورنثوس ٧:‏١٢-‏١٦؛‏ ١ بطرس ٣:‏١-‏٤‏)‏ ومع ذلك طُبعت المقالة،‏ وكثيرون من القراء تلقوا معلومات خاطئة.‏ فكيف يمكن ان ندافع عن ايماننا عندما نُتَّهم باطلا؟‏

      ١٦،‏ ١٧،‏ والاطار في الصفحة ١٦ (‏أ)‏ ماذا قالت برج المراقبة مرةً بشأن الرد على المعلومات الخاطئة في وسائل الاعلام؟‏ (‏ب)‏ في اية ظروف يمكن ان يردّ شهود يهوه على التقارير السلبية في وسائل الاعلام؟‏

      ١٦ هنا ايضا يوجد «للسكوت وقت وللتكلم وقت».‏ وقد عبَّرت برج المراقبة عن المسألة بهذه الطريقة:‏ «ما اذا كنا سنتجاهل المعلومات الخاطئة في وسائل الاعلام او سندافع عن الحق بالوسائل المناسبة فذلك يعتمد على الظروف،‏ على المحرِّض على الانتقاد،‏ وهدفه».‏ وفي بعض الحالات قد يكون من الافضل تجاهل التقارير السلبية،‏ حتى لا تنال الاكاذيب دعاية اكبر.‏

      ١٧ وقد يحين ‹الوقت للتكلم› في حالات اخرى.‏ فقد تكون عند الصحافي او المراسل المحترم معلومات خاطئة عن شهود يهوه ويريد الحصول على معلومات صحيحة عنا.‏ (‏انظروا الاطار «تصحيح حقائق مشوَّهة».‏)‏ وإذا اثارت التقارير السلبية تحاملا يعيق عملنا الكرازي،‏ فقد يأخذ ممثّلون لمكتب فرع جمعية برج المراقبة المبادرة في الدفاع عن الحق بوسائل مناسبة.‏b على سبيل المثال،‏ يمكن ان يُعيَّن شيوخ مؤهلون ليعرضوا الوقائع،‏ في برنامج تلفزيوني مثلا،‏ اذا كان عدم الظهور يوحي بأن شهود يهوه لا يملكون الاجوبة.‏ ويتعاون الشهود الافراد بحكمة مع توجيهات جمعية برج المراقبة وممثّليها في امور كهذه.‏ —‏ عبرانيين ١٣:‏١٧‏.‏

      الدفاع شرعيا عن البشارة

      ١٨ (‏أ)‏ لماذا لا نحتاج الى اذن من الحكومات البشرية لنكرز؟‏ (‏ب)‏ ايّ مسلك نتبعه عندما لا يُسمح لنا بالكرازة؟‏

      ١٨ ان تفويضنا ان نكرز ببشارة ملكوت اللّٰه يأتي من السماء.‏ ويسوع،‏ الذي امرَنا بالقيام بهذا العمل،‏ دُفع اليه «كل سلطان في السماء وعلى الارض».‏ (‏متى ٢٨:‏١٨-‏٢٠؛‏ فيلبي ٢:‏٩-‏١١‏)‏ لذلك لا نحتاج الى اذن من الحكومات البشرية لنكرز.‏ ومع ذلك،‏ ندرك ان التمتع بالحرية الدينية يسهّل نشر رسالة الملكوت.‏ وفي البلدان حيث نملك الحرية لنستمر في عبادتنا،‏ نستعين بالسلطة القضائية لنحميها.‏ وحيث تُمنع عنا هذه الحرية،‏ نجاهد للحصول عليها ضمن اطار القانون.‏ وليس هدفنا الاصلاح الاجتماعي،‏ بل ‹المدافعة عن البشارة وتثبيتها شرعيا›.‏c —‏ فيلبي ١:‏٧‏،‏ ع‌ج‏.‏

      ١٩ (‏أ)‏ ماذا قد تكون نتيجة ‹اعطائنا ما للّٰه للّٰه›؟‏ (‏ب)‏ على ماذا نحن مصمِّمون؟‏

      ١٩ كشهود ليهوه،‏ نعترف ان يهوه هو المتسلط الكوني.‏ وشريعته هي الاسمى.‏ ونحن نطيع بضمير حي الحكومات البشرية،‏ لذلك ‹نعطي ما لقيصر لقيصر›.‏ لكننا لن نسمح لأيّ شيء بأن يمنعنا من إتمام المسؤولية الاكثر اهمية بكثير:‏ ‹اعطاء ما للّٰه للّٰه›.‏ (‏متى ٢٢:‏٢١‏)‏ ونحن نعرف تماما ان ذلك سيجعلنا «مبغَضين» من الامم،‏ لكننا نقبل بذلك كجزء من كلفة صيرورتنا تلاميذ ليسوع.‏ والسجل القانوني لشهود يهوه في القرن الـ‍ ٢٠ يشهد كم نحن مصمِّمون على الدفاع عن ايماننا.‏ وبمعونة يهوه ودعمه،‏ سنواصل ‹التعليم والتبشير بلا انقطاع›.‏ —‏ اعمال ٥:‏٤٢‏،‏ ترجمة تفسيرية.‏

      ‏[الحواشي]‏

      a يوضح تعليق ماثيو هنري على كامل الكتاب المقدس (‏بالانكليزية)‏ ان المقاومين اليهود «كان شغلهم الشاغل تعمُّد الذهاب الى هؤلاء [الامم] الذين يعرفونهم والتفوُّه بكل ما يمكن ان يختلقه عقلهم او خبثهم،‏ وذلك لتتكوَّن عندهم فكرة دنيئة وحتى عدائية عن المسيحية».‏

      b بعد نشر المقالة الافترائية في الصحيفة الروسية (‏كما ذُكر في الفقرة ١٥)‏،‏ تقدَّم شهود يهوه بطلب الى مجلس القضاء الرئاسي للنزاعات الاعلامية في روسيا الاتحادية للنظر في التهم الباطلة المذكورة في المقالة.‏ وقد اصدرت المحكمة مؤخرا قرارا ينتقد بشدة على الصحيفة نشرها هذه المقالة التشهيرية.‏ —‏ انظروا استيقظ!‏ عدد ٢٢ تشرين الثاني (‏نوفمبر)‏ ١٩٩٨،‏ الصفحتين ٢٦-‏٢٧‏.‏

      c انظروا مقالة «حماية البشارة قانونيا» في الصفحات ١٩-‏٢٢.‏

المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
الخروج
الدخول
  • العربية
  • مشاركة
  • التفضيلات
  • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
  • شروط الاستخدام
  • سياسة الخصوصية
  • إعدادات الخصوصية
  • JW.ORG
  • الدخول
مشاركة