-
الوضع الصحي في العالم — تفاوت متزايداستيقظ! ١٩٩٥ | نيسان (ابريل) ٨
-
-
الوضع الصحي في العالم — تفاوت متزايد
بواسطة مراسل استيقظ! في البرازيل
عندما أُصيب علي ماو معْلين بالجدري في الصومال سنة ١٩٧٧، أدّى به المرض الى دخول المستشفى وجَعَل اسمه يحتل العناوين الرئيسية ايضا. وبعد ان عولج وشُفي، اعلنت منظمة الصحة العالمية سنة ١٩٨٠ ان الجدري — بعد ان قضى على ملايين الاشخاص طوال قرون — قد امَّحى عن وجه الارض. وقيل ان عليًّا كان آخر إصابة في العالم.
وذكر تقرير منظمة الصحة العالمية سنة ١٩٩٢ انتصارات اخرى في مجال العناية الصحية: خلال ثمانينات الـ ١٩٠٠، صار بإمكان مزيد من الناس في البلدان النامية الحصول على مياه شرب آمنة والاستفادة من تسهيلات الصرف الصحي. وبالاضافة الى ذلك، صارت الخدمات الطبية المحلية في البلدان الاقل تطوُّرا في متناول نسبة اعلى من السكان. ونتيجةً لذلك، انخفض في العقد الماضي عدد وفيات الاطفال في بعض الاماكن.
وقائع مريعة
لكنَّ هذه الانتصارات تقابلها هزائم وتحجبها تهديدات تلوح في الافق. تأملوا في بعض الوقائع المريعة.
HIV/الأيدز — اكثر من ٠٠٠,٠٠٠,١٧ شخص في العالم مخموجون بالـ HIV، الڤيروس الذي يسبِّب الأيدز. وقد خُمج به نحو ٠٠٠,٠٠٠,٣ شخص مؤخرا في سنة واحدة، اي نحو ٠٠٠,٨ شخص في اليوم. وأُصيب اكثر من مليون طفل بالـ HIV. والوفيات من الأيدز بين الاطفال قد تلغي قريبا وتفوق اية انتصارات أُحرزت لانقاذ حياة الاطفال في العقود الاخيرة. والوبأ يدخل الآن مرحلة التفشي السريع الباكرة في اماكن كثيرة، كما في آسيا. وأكثر من ٨٠ في المئة من جميع ضحايا الـ HIV، كما تقول الأيدز والتنمية، يعيشون في البلدان النامية.
السل — رغم انه جرى تجاهله الى حد بعيد طوال العقدين الماضيين، فإن السل يجتاح العالم من جديد، قاتلا نحو ثلاثة ملايين شخص كل سنة، مما يجعله القاتل الاول في العالم بين الامراض المعدية. وأكثر من ٩٨ في المئة من هذه الوفيات حدث في البلدان النامية. وما يزيد الطين بلة هو ان بكتريا السل تصيب ايضا المخموجين بالـ HIV، مما يشكِّل اتحادا مميتا بنتائج مدمِّرة. ويُتوقع انه بحلول العام ٢٠٠٠ سوف يموت مليون شخص مخموج بالـ HIV من السل كل سنة.
السرطان — عدد حالات السرطان في البلدان النامية هو الآن اكبر من عدد الحالات في البلدان المتطوِّرة.
مرض القلب — يحذِّر الدكتور إيڤان ديارفس من منظمة الصحة العالمية قائلا: «نحن على شفير كارثة قلبية عالمية.» لم يعد مرض القلب وباء الدول الصناعية وحدها. ففي اميركا اللاتينية، مثلا، سيموت من مرض القلب من ضعفين الى ثلاثة اضعاف الذين سيموتون من الامراض المعدية. وبعد سنين قليلة، ستكون حالات التجلُّط الاكليلي والسكتات المسبِّبَ الرئيسي للوفاة في كل انحاء البلدان النامية.
الامراض المدارية — تحذر منظمة الصحة العالمية: «يبدو ان الامراض المدارية تفشت بقوة، اذ تمتد الكوليرا الى الاميركتين . . .، ويصيب وباءا الحمى الصفراء وحمى الضنك dengue اعدادا اكبر ايضا، والوضع مع الملاريا يتدهور.» وتقول مجلة تايم: «ان الصراع في بلدان العالم الافقر ضد المرض المعدي هو في وضع سيِّئ جدا الآن.» فعدد الذين يموتون من الملاريا وحدها يبلغ الآن نحو مليونَي شخص في السنة — هذا بعد ان اعتُقد انها استؤصلت الى حد بعيد منذ نحو ٤٠ سنة.
الامراض الاسهالية — ان عدد الصغار الذين يموتون في البلدان النامية مريع. فنحو ٠٠٠,٤٠ طفل يموتون كل يوم بسبب الخمج او سوء التغذية؛ طفل واحد يموت كل ثماني ثوانٍ من الامراض الاسهالية وحدها.
الصحة والفقر — ارتباط
ماذا نفهم من هذا الوضع الصحي؟ «ان البلدان النامية نكبتها مضاعَفة،» كما يقول خبير صحي. «فهي مبتلاة الآن بكل الامراض العصرية المزمنة التي تَظهر بالاضافة الى الامراض المدارية التي لا تزال موجودة.» والنتيجة؟ صار واضحا وجود «شقّ جغرافي،» كما يذكر كتاب تحقيق الصحة للجميع بحلول العام ٢٠٠٠. وهكذا فإن العناية الصحية في نحو ٤٠ بلدا افريقيا وآسيويا «ليست على المستوى نفسه مع باقي العالم.» فالتفاوت الصحي كبير — وهو يتزايد.
ومع انه توجد اسباب عديدة لهذا التفاوت المتزايد، فإن احد الاسباب الرئيسية للصحة الرديئة، كما تقول مجلة الصحة العالمية، «هو الفقر.» (قارنوا امثال ١٠:١٥.) فغالبا ما يقضي الفقر ان يعيش الناس في مسكن غير ملائم يتميز بعدم وجود صرف صحي، عدم وجود ماء آمن وكافٍ، وبضيقه واكتظاظه. وهذه العوامل الثلاثة لا تقف فقط عائقا في طريق الصحة الجيدة ولكنها في الواقع تمهِّد السبيل للامراض. أضيفوا الى ذلك سوء التغذية، الذي يُضعف دفاعات الجسم ضد المرض، ويمكنكم ان تفهموا سبب إضرار الفقر للصحة كما يضرّ النمل الابيض الخشب.
عندما تغزو الامراضُ المميتة البيوتَ، تصيب الاجسامَ بالعجز، وتميت الاطفال، يكون الفقراء اكثر الناس تأثرا. لاحظوا بعض الامثلة. يتفشى السل في الاجزاء الفقيرة من جنوب افريقيا اكثر منه بمئة مرة بين المناطق ذات الدخل العالي في البلد نفسه. وفي المناطق الفقيرة من البرازيل، يموت اناس من ذات الرئة والانفلونزا اكثر مما يموت في المناطق المجاورة الاغنى بست مرات. وعدد الاطفال الذين يموتون في العائلات الهندية المعدِمة هو اعلى بعشر مرات من عدد الاطفال الذين يموتون في العائلات الهندية الأثرى. ان الواقع الاليم جليّ جدا: ‹الفقر يضرُّ بصحتك!›
فلا عجب ان يشعر باليأس اكثر من بليون شخص حول العالم يسكنون في الاحياء الفقيرة. فالاسباب الكامنة وراء الفقر خارجة عن سيطرتهم، ونتائجه المَرَضية المريعة تهيمن على حياتهم. وإذا كنتم تعانون تأثيرات الفقر الرديئة، فقد تشعرون انتم ايضا بأنكم عالقون بلا رجاء في الجانب البائس من فجوة التفاوت الصحي. ومع ذلك، سواء كنتم فقراء او لا، هنالك بعض الخطوات التي يمكنكم اتخاذها لحماية صحتكم وصحة اولادكم. فما هي هذه الخطوات؟ ستقدِّم المقالة التالية بعض الاقتراحات.
-
-
ما يحدِّد صحتكم — ما يمكنكم فعلهاستيقظ! ١٩٩٥ | نيسان (ابريل) ٨
-
-
ما يحدِّد صحتكم — ما يمكنكم فعله
بخلاف الرزّ او الطحين، لا يستطيع العامل في الاغاثة ان يوزع الصحة. فهي لا تأتي في كيس لأنها ليست سلعة بل حالة. «الصحة،» كما تعرِّفها منظمة الصحة العالمية، «هي حالة من الخير الجسدي، العقلي والاجتماعي التام.» ولكن ماذا يحدِّد درجة هذا الخير؟
قد يُبنى بيت متواضع باستخدام الواح خشبية، مسامير، وألواح من الحديد المموَّج، لكنَّ الاجزاء المختلفة غالبا ما تدعمها اربعة اعمدة عند الزوايا. وبشكل مماثل، تحدِّد صحتَنا تأثيراتٌ عديدة، لكنها جميعا مرتبطة بأربعة تأثيرات «زاويّة.» وهي (١) التصرُّف، (٢) المحيط، (٣) العناية الطبية، و (٤) التركيب البيولوجي. وكما يمكنكم ان تُدعِّموا بيتكم بتحسين نوعية الاعمدة، يمكنكم ايضا ان تجعلوا صحتكم افضل بتحسين نوعية هذه العوامل المؤثِّرة. والسؤال المطروح هو: كيف يمكن انجاز ذلك بموارد محدودة؟
تصرُّفكم وصحتكم
من العوامل الاربعة، تصرُّفكم هو العامل الذي يمكنكم التحكُّم فيه اكثر. وتحسينه هو امر مساعد. صحيح ان الفقر يضع حدودا للتغييرات التي يمكنكم صنعها في نظامكم الغذائي وعاداتكم، ولكن باستخدام الخيارات التي هي متوفِّرة، بإمكانكم ان تصنعوا فرقا كبيرا. لاحظوا المثال التالي.
لدى الام عادةً خيار بين ارضاع طفلها بالثدي وإرضاعه بالزجاجة. والارضاع بالثدي، كما يقول صندوق رعاية الطفولة التابع للامم المتحدة، هو «خيار ممتاز، جسديا واقتصاديا على السواء.» ويقول الخبراء ان حليب الام هو «الطعام الصحي الاساسي،» اذ يمنح الطفل «بشكل دقيق التراكيز الصحيحة من الپروتين، الدهن، اللاكتوز، الڤيتامينات، المعادن والعناصر الشحيحة الضرورية للنموّ المتناسق.» وينقل حليب الثدي ايضا الپروتينات المقاومة للمرض، او الاجسام المضادة antibodies، من الام الى الطفل، مما يمنح الرضيع انطلاقة جيدة في محاربة الامراض.
الارضاع بالثدي هو الافضل، وخصوصا في البلدان المدارية حيث الاحوال الصحية سيئة. فبخلاف حليب الزجاجة، لا يمكن ان يُخفَّف حليب الثدي بإفراط لتوفير المال، ولا يمكن ان تُرتكب اخطاء خلال تحضيره، والطفل يتناوله دائما من مصدر نظيف. وبالتباين مع ذلك، فإن «الطفل الذي يرضع بالزجاجة في مجتمع فقير،» كما تذكر Synergy ، رسالة اخبارية من الجمعية الكندية للصحة العالمية، «يُحتمل ان يموت من المرض الاسهالي اكثر بـ ١٥ مرة تقريبا وأن يموت من ذات الرئة اكثر بأربع مرات بالمقارنة مع الطفل الذي لا يرضع إلا بالثدي.»
وهنالك ايضا الفائدة الاقتصادية. فالحليب المجفَّف مكلف في العالم النامي. ففي البرازيل، مثلا، قد يكلِّف ارضاع طفل بالزجاجة خُمس الدخل الشهري لعائلة فقيرة. والمال الذي يوفَّر بالارضاع بالثدي يمكن ان يزوِّد وجبات صحية اكثر لكامل العائلة — بمن فيهم الام.
نظرا الى كل هذه الفوائد، قد تتوقعون ان يزدهر الارضاع بالثدي. ولكنَّ المرشدين الصحيين في الفيليپين يخبرون بأن الارضاع بالثدي هناك «مهدَّد كثيرا بالزوال،» وأظهرت دراسة في البرازيل ان احد العوامل الرئيسية المرتبطة بموت الاطفال من الخمج التنفسي هو «عدم الارضاع بالثدي.» ولكن من الممكن ان ينجو طفلكم من هذا المصير. فلديكم الخيار.
ومع ذلك، فإن جهود الام لحماية صحة الطفل يحبطها غالبا التصرُّف غير الصحي لأفراد العائلة الآخرين. خذوا على سبيل المثال حالة ام في نيپال. فهي تعيش في غرفة فيها رطوبة مع زوجها وابنتها البالغة من العمر ثلاث سنوات. ويملأ هذه الغرفة الصغيرة، كما تكتب مجلة پانوسكوپ، دخان الطبخ والتبغ. وتعاني الطفلة خمجا تنفسيا. وتتنهد الام وتقول: «لا يمكنني ان اوقف زوجي عن التدخين. والآن اشتري السجائر لزوجي والدواء لطفلتي.»
والمحزن ان معضلتها تشيع بازدياد اذ ان المزيد من الناس في البلدان النامية ينفقون على التدخين دخلا هم في حاجة ماسة اليه. وفي الواقع، مقابل كل مدخِّن يتوقف عن التدخين في اوروپا او الولايات المتحدة، يبتدئ شخصان بالتدخين في اميركا اللاتينية او افريقيا. وكما يذكر الكتاب الهولندي روكن ڤلْبسْكود، فإن الاعلانات المضلِّلة تتحمل جزءا كبيرا من الملامة. فشعارات مثل «ڤارسيتي: من اجل ذلك الشعور الرائع بذهن صافٍ» و «ڠولد لِيف: السجائر المهمة جدا لأشخاص مهمين جدا» تقنع الفقراء بأن التدخين مرتبط بالتقدُّم والازدهار. لكنَّ العكس هو الصحيح. فهو يبدِّد مالكم ويتلف صحتكم.
تأملوا في هذا. كلما دخَّن شخص سيجارة، قصَّر متوسط عمره المتوقع عشر دقائق وزاد خطر اصابته بنوبة قلبية وسكتة، بالاضافة الى سرطانات الرئة، الحلق، والفم وأمراض اخرى. تقول مجلة يو ان كرونيكل: «استهلاك التبغ هو اكبر مسبِّب يمكن تفاديه للموت المبكِّر والعجز في العالم.» لاحظوا من فضلكم انها قالت «مسبِّب يمكن تفاديه.» فالإقلاع نهائيا عن التدخين هو امر ممكن لكم.
طبعا، هنالك خيارات كثيرة اخرى في التصرُّف تؤثر في صحتكم. ويدرج الاطار في الصفحة ١١ من هذه المقالة بعض المواد التي يمكنكم قراءتها في مكتبة احدى قاعات الملكوت لشهود يهوه. صحيح ان تزويد انفسكم بالمعلومات يتطلب جهدا. ولكن كما يقول مسؤول في منظمة الصحة العالمية: «لا يمكن ان يكون هنالك مجتمع ينعم بالصحة دون وجود افراد منوَّرين جرى تعليمهم وتثقيفهم في ما يتعلق بوضعهم الصحي.» لذلك قوموا بهذه الخطوة المجانية المعزِّزة للصحة: تثقَّفوا.
الصحة والمحيط المنزلي
ان المحيط الاكثر تأثيرا في صحتكم، كما يذكر كتاب الفقراء يموتون صغارا، هو منزلكم وجواركم. ويمكن ان يكون محيطكم خطرا صحيا بسبب الماء. فالاخماج، الامراض الجلدية، الإسهال، الكوليرا، الزُّحار dysentery، التيفوئيد، والعلل الاخرى يسبِّبها الماء غير الكافي وغير الآمن.
اذا كان غسل ايديكم لا يتطلب منكم اكثر من فتح حنفية، فقد يصعب عليكم ان تتخيلوا مقدار الوقت الذي يصرفه الناس الذين يفتقرون الى مياه جارية في بيوتهم لكي يحصلوا على الماء كل يوم. وغالبا ما يستخدم اكثر من ٥٠٠ شخص حنفية واحدة. وذلك يتطلب الانتظار. لكنَّ الاشخاص ذوي الدخل المنخفض يعملون ساعات طويلة، والانتظار، كما يذكر كتاب المشاكل البيئية في مدن العالم الثالث، «يضيِّع الوقت الذي يمكن ان يُستخدم لكسب دخل.» فلا عجب انه لتوفير الوقت تنقل الى البيت في اغلب الاحيان عائلةٌ مؤلفة من ستة افراد اقلَّ من ٣٠ دلوا من الماء اللازم كل يوم لعائلة في مثل هذا الحجم. لكنَّ هذا الماء قليل جدا لغسل الطعام، الاطباق، والثياب وللنظافة الشخصية. وهذا يؤدي الى احوال تجذب بدورها القمل والذباب، مما يعرِّض صحة العائلة للخطر.
فكِّروا في هذه الحالة. اذا كنتم تعتمدون على دراجة هوائية لتصلوا الى عملكم البعيد، فهل تعتبرونه خسارة ان تقضوا بعض الوقت كل اسبوع في تزييت السلسلة، ضبط المكابح، او تغيير احد قضبان العجلتين؟ كلا، لأنكم تدركون انه حتى لو كسبتم ساعات قليلة الآن بإهمال الصيانة، فقد تخسرون لاحقا يوم عمل كاملا عندما يصيبها عطل. وبشكل مماثل، قد تكسبون بعض الساعات والقليل من المال كل اسبوع اذا لم تنقلوا ما يكفي من الماء لتصونوا صحتكم، ولكنكم قد تخسرون لاحقا اياما كثيرة ومالا كثيرا عندما تعتلُّ صحتكم بسبب العناية السيئة بها.
يمكن ان يُجعل جلب الماء الكافي مشروعا تقوم به العائلة. ومع انه قد تُملي الثقافة المحلية ان تقوم الام والاولاد بدورِ عتّالي الماء، فلن يمتنع الاب المحب عن استخدام عضلاته لنقل الماء هو بنفسه.
ولكن بعد ان يبلغ الماء البيت، تنشأ مشكلة ثانية — كيفية ابقائه نظيفا. ينصح خبراء الصحة: لا تخزنوا ماء الشرب مع الماء الذي سيُستخدم لأغراض اخرى في المكان نفسه. غطوا دائما وعاء الخزن بغطاء محكم الاغلاق. دعوا الماء يركد فترة من الوقت حتى تترسب الشوائب في القعر. لا تلمسوا الماء بأصابعكم عندما تغرفونه، بل استعملوا كوبا نظيفا ذا مقبض طويل. نظِّفوا اوعية الماء بانتظام بمحلول تبييض، وبعد ذلك اشطفوها بماء نقي. وماذا عن ماء المطر؟ انه حلٌّ موفَّق بالتأكيد (هذا اذا امطرت!)، ويمكن ان يكون آمنا اذا لم تنجرف مع ماء المطر اوساخٌ الى وعاء الخزن وإذا كان الوعاء محميا من الحشرات والقوارض والحيوانات الاخرى.
وعندما تشكّون في ما اذا كان الماء آمنا او لا، تقترح منظمة الصحة العالمية ان تضيفوا اليه مادة تُطلق الكلور، مثل تحت كلوريت hypochlorite الصوديوم او تحت كلوريت الكلسيوم. وهذه الوسيلة فعَّالة، وهي رخيصة. فهي تكلِّف العائلة العادية في پيرو، مثلا، اقل من دولارين اميركيين في السنة.
الصحة والعناية الصحية
غالبا ما لا يرى الفقراء سوى شكلين من العناية الصحية: (١) الموجود ولكن لا يمكن تحمُّل تكاليفه و (٢) الذي يمكن تحمُّل تكاليفه ولكنه غير موجود. والشكل الاول توضحه دونا ماريا، واحدة من سكان الاحياء الفقيرة البالغ عددهم نحو ٠٠٠,٦٥٠ في سان پاولو: «بالنسبة الينا، الصحة الجيدة هي كسلعة في نافذة معروضات في مركز تسوُّق فخم. بإمكاننا ان ننظر اليها، ولكن من المستحيل ان نحصل عليها.» (مجلة ڤاندار) وفي الواقع، تعيش دونا ماريا في مدينة تُجري فيها المستشفيات عمليات تطعيم مجازة قلبية heart-bypass، زرع، مسح CAT (التصوير المقطعي المحوري بواسطة الكمپيوتر)، وعلاجات اخرى عالية التقنية. لكنها غير قادرة على تحمُّل تكاليف هذه الامور.
اذا كانت العناية الصحية التي لا يمكن تحمُّل تكاليفها هي كسلعة كماليّة في مركز تسوُّق، فالعناية الصحية التي يمكن تحمُّل تكاليفها اشبه بسلعة رخيصة السعر تمتد اليها ايدي مئات الزُّبن المتدافعين في الوقت نفسه. لاحظ تقرير إخباري حديث في بلد جنوب اميركي: ‹يقف المرضى طوال يومين في صف ليعاينهم الطبيب. وليست هنالك اسرَّة شاغرة. والمستشفيات العامة تفتقر الى المال، الادوية، والطعام. ونظام العناية الصحية مريض.›
ولتحسين هذه العناية الصحية المتدهورة لفائدة العامّة، نقلت منظمة الصحة العالمية عملها تدريجيا من مكافحة الامراض الى تعزيز الصحة بتعليم الناس الوقاية من الامراض ومكافحتها. والبرامج التي تروِّج العناية الصحية الاساسية، كالتغذية الملائمة، الماء الآمن، والاجراءات الصحية العامة الرئيسية، كما تكتب يو ان كرونيكل، ادت الى «تحسُّن كبير في الصحة حول العالم.» فهل تفيدكم هذه البرامج؟ ربما افادكم احدها. ايّ برنامج؟ البرنامج الموسَّع حول التمنيع EPI.
يذكر تقرير عن البرنامج الموسَّع حول التمنيع: «لقد حلَّ الملقِّح محلَّ ساعي البريد بوصفه زائر البيوت والقرى الصغيرة المعروف اكثر.» وخلال العقد الاخير، أُجري التلقيح من نهر الامازون الى جبال الهملايا، وبحلول العام ١٩٩٠، كما اخبرت منظمة الصحة العالمية، لُقِّح ٨٠ في المئة من اطفال العالم ضد ستة امراض قاتلة.a وينقذ البرنامج الموسَّع حول التمنيع حياة اكثر من ثلاثة ملايين طفل كل سنة. و ٠٠٠,٤٥٠ آخرون كان من الممكن ان يجعلهم المرض معاقين، ولكنهم الآن قادرون على المشي، الركض، واللعب. وهكذا، للوقاية من الامراض، يتخذ والدون كثيرون قرارا شخصيا ان يلقَّح اولادهم.
في بعض الاحيان لا يمكنكم منع مرض ما، ولكن تبقى مكافحته امرا ممكنا. «لقد قُدِّر ان اكثر من نصف كل حالات العناية الصحية بكثير،» كما تقول مجلة الصحة العالمية، «هو من نوع العناية الذاتية او العناية التي تزودها العائلة.» وأحد اشكال هذه العناية الذاتية هو مزيج بسيط وغير مكلف من الملح، السكر، والماء النظيف يدعى محلول الامهاء الفموي ORS.
يعتبر اختصاصيون كثيرون في الصحة المعالجةَ بالامهاء الفموي، التي تشمل استخدام محلول ORS، العلاجَ الاكثر فعَّالية للتجفاف الناتج من الاسهال. وإذا استُخدم في كل انحاء العالم لمكافحة عوارض الاسهال البالغة ٥,١ بليونا كل سنة في البلدان النامية، فبإمكان ظرف صغير من املاح ORS لا يكلِّف سوى عشرة سنتات اميركية ان ينقذ حياة كثيرين من الـ ٢,٣ ملايين طفل الذين يموتون من الامراض الاسهالية كل سنة.
ان هذا ممكن، ولكنَّ استعمال الادوية المضادة للاسهال في بعض البلدان، كما تذكر Monitor Essential Drugs ، وهي رسالة اخبارية لمنظمة الصحة العالمية، لا يزال «شائعا اكثر بكثير من استعمال محلول ORS.» ففي بعض البلدان النامية، مثلا، تُستعمل الادوية لمعالجة الاسهال اكثر مما يُستعمل محلول ORS بثلاث مرات. وتذكر الرسالة الاخبارية ان «هذا الاستعمال غير الضروري للادوية مكلف للغاية.» حتى ان العائلات الفقيرة قد تضطر الى بيع الطعام لهذا القصد. وهي، علاوة على ذلك، تحذِّر من ان الادوية المضادة للاسهال ليست لها اية قيمة عملية مبرهَنة. «يجب الّا يصف الاطباء ادوية كهذه، . . . ويجب على العائلات الّا تشتريها.»
وبدلا من ان تنصح باستعمال الادوية، تقدِّم منظمة الصحة العالمية ما يلي لمعالجة امر الاسهال. (١) امنعوا التجفاف بإعطاء الطفل المزيد من السوائل، كماء الرزّ او الشاي. (٢) اذا أُصيب الطفل بالتجفاف مع ذلك، فاستشيروا مرشدا صحيا لتقييم الحالة، وعالجوا الطفل بمحلول ORS. (٣) أَطعموا الطفل بشكل طبيعي خلال عارض الاسهال وبعده. (٤) اذا كان الطفل مصابا بتجفاف شديد، يجب ان يُمهى (يُردّ السائل الى جسمه) وريديا.b
اذا لم يكن بإمكانكم الحصول على ظرف ORS معدّ مسبقا، فاتَّبعوا هذه الوصفة بدقة: اذيبوا ملعقة صغيرة ممسوحة من ملح الطعام، ثماني ملاعق صغيرة ممسوحة من السكر، في لتر (خمسة اكواب سعة كل واحد منها ٢٠٠ ملِّيلتر) من الماء النظيف. أَعطوا كوبا عند كل تبرُّز رخو، وللاولاد الصغار نصف كوب. انظروا الاطار في الصفحة ١٠ للمزيد من المعلومات حول هذه المسألة.
ولكن ماذا عن العامل الرابع، تركيبنا البيولوجي؟ كيف يمكن ان يتأثر؟ ستناقش المقالة التالية هذا السؤال.
[الحاشيتان]
a هذه الستة هي الخناق، الحصبة، شلل الاطفال، الكزاز، السل، والشاهوق. وتوصي منظمة الصحة العالمية بأن يُشمل ايضا ببرامج التمنيع التهاب الكبد B، الذي يقتل اكثر مما يقتل الأيدز الآن بكثير.
b اقرصوا جلد بطن الطفل. اذا لزم الجلد اكثر من ثانيتين ليعود الى حالته الطبيعية، فقد يكون الطفل مصابا بتجفاف شديد.
[الاطار في الصفحتين ٨، ٩]
العناية الصحية الاساسية — كيف تنجح؟
لمعرفة الجواب عن هذا السؤال، تحدثت استيقظ! الى الدكتور مايكل اوكارِل، احد ممثلي منظمة الصحة العالمية في اميركا الجنوبية. وما يلي بعض المقتطفات.
‹لقد ورثنا نظاما للعناية الصحية قائما على مفهوم معالجة الصحة طبيا. إذا كنتَ مريضا، تذهب الى طبيب. انسَ انك شربت زجاجتَي ويسكي. انسَ انك لا تقوم ابدا بتمارين رياضية. انتَ تذهب الى الطبيب وتقول له: «يا دكتور، اشفِني.» فيضع الطبيب شيئا في فمك، يغرز شيئا في ذراعك، يزيل شيئا، او يضع شيئا في جسمك. انا الآن اتكلم بفظاظة هنا، كما ستدركون، لكي اوضح الامور، ولكنَّ اقترابا طبيا من هذا النوع قد صار سائدا. لقد اخطأنا عندما اعتبرنا مشاكل المجتمع مشاكل طبية. اصبح الانتحار، سوء التغذية، واساءة استعمال المخدِّرات مشاكل طبية. لكنها ليست كذلك. حتى انها ليست مشاكل صحية. انها مشاكل اجتماعية ذات عواقب صحية وطبية.
‹ثم صار الناس يقولون طوال الـ ٢٠ السنة الماضية، «مهلا، مهلا. نحن نعمل بالطريقة الخاطئة. يلزم ان نعيد تقييم نظرتنا الى الصحة.» وتطوَّرت بعض المبادئ التي تشكِّل اساس العناية الصحية الاساسية، مثل:
‹ان الوقاية من المرض امر انساني واقتصادي على المدى الطويل اكثر من معالجته. ويخالف هذا المبدأ، مثلا، ان تبني مركزا طبيا يُجري عمليات القلب المفتوح في حين لا تفعل شيئا حيال الاسباب. لا يعني ذلك ان لا تعالج الامراض اذا وُجدت، فأنت تعالجها بالتأكيد. فإذا كانت هنالك حفرة في الشارع تسبب الحوادث كل يوم من ايام الاسبوع، فأنت ستعالج هذا المسكين الذي يسقط فيها ويكسر رجليه، لكنه انساني واقتصادي اكثر ان تفعل هذا: سدّ الحفرة.
‹والمبدأ الآخر هو استخدام مواردكم الصحية بفعَّالية. ويخالف هذا المبدأ ان ترسل الى عيادة شخصا يعاني مشكلة يمكن ان تعالَج في البيت. او ان ترسل احدا الى مستشفى متطور لإيجاد علاج لمشكلة كان من الممكن ان تهتم عيادة بأمرها. وكذلك ارسال طبيب يتدرب في جامعة طوال عشر سنوات ليخرج ويعطي لقاحات فيما يستطيع شخص مدرَّب لمدة ستة اشهر ان يقوم بالعمل عينه. فعندما تكون هنالك حاجة الى ان يقوم ذلك الطبيب بالعمل الذي دُرِّب ليقوم به، يجب ان يكون حاضرا. هذا ما تأمرنا به العناية الصحية الاساسية: علِّموا الناس، امنعوا الامراض، واستخدموا مواردكم الصحية بحكمة.›
[الاطار في الصفحة ١٠]
محلول ORS آخر للكوليرا
توصي منظمة الصحة العالمية الآن باستعمال محلول ORS (محلول الامهاء الفموي) القائم على الرزّ، بدلا من محلول ORS العادي القائم على الڠلوكوز، لمعالجة مرضى الكوليرا. وتُظهر الدراسات ان مرضى الكوليرا المعالَجين بمحلول ORS القائم على الرزّ انخفض النتاج البرازي لديهم ٣٣ في المئة بالمقارنة مع مرضى الكوليرا الذين أُعطوا محلول ORS العادي، وكانت عوارض الاسهال لديهم اقصر. ويُصنع لتر واحد من محلول ORS القائم على الرزّ بابدال الاونصة (الـ ٢٠ غ) من السكر بأونصتين او ثلاث اونصات (٥٠-٨٠ غ) من الرزّ الناعم المطهو. .Essential Drugs Monitor —
[الاطار في الصفحة ١١]
لقراءة المزيد عن . . .
التصرُّف: «الصحة الجيدة — ماذا يمكنكم فعله حيالها؟» (استيقظ!، عدد ٨ كانون الاول ١٩٨٩، بالانكليزية) «التبغ وصحتكم — هل هنالك رابط حقا؟» (استيقظ!، عدد ٨ تموز ١٩٨٩، بالانكليزية) «مساعدة الاولاد على البقاء احياء!» (استيقظ!، عدد ٨ نيسان ١٩٨٩) «ما يفعله الكحول بجسمكم» — استيقظ!، عدد ٨ آذار ١٩٨٠، بالانكليزية.
المحيط: «مواجهة تحدي النظافة» (استيقظ!، عدد ٨ نيسان ١٩٨٩) «ابقوا نظفاء، تبقوا اصحّاء!» — استيقظ!، عدد ٢٢ ايلول ١٩٧٧، بالانكليزية.
العناية الصحية: «اجراءات اخرى منقذة للحياة» (استيقظ!، عدد ٨ نيسان ١٩٨٩) «شراب ملحي ينقذ الحياة!» — استيقظ!، عدد ٢٢ ايلول ١٩٨٥، بالانكليزية.
[الصورة في الصفحة ٧]
جمع الماء يستلزم الانتظار والعمل
[مصدر الصورة]
Mark Peters/Sipa Press
[الصورة في الصفحة ٨]
ماء آمن كافٍ — ضرورة من اجل صحة جيدة
[مصدر الصورة]
Mark Peters/Sipa Press
-
-
الصحة الكاملة للجميعاستيقظ! ١٩٩٥ | نيسان (ابريل) ٨
-
-
الصحة الكاملة للجميع
كما هي الحال مع التصرُّف، المحيط، والعناية الصحية، يؤثر تركيبنا البيولوجي في صحتنا ايضا. ويتأثر هذا التركيب بالوراثة والامراض التي يمكن ان نُصاب بها لاحقا بسبب وجود استعداد وراثي لها.
«ان البنية البيولوجية التي وُلدتم بها،» كما يقول احد الاختصاصيين في الصحة، «تحدِّد عموما ما اذا كنتم تحيون حياة جيدة، حياة طويلة، او تحيون بأيّ حال.»
ان الصداع، العضلات المتيبِّسة، الاعصاب المرهقة، العظام الهشة، القلوب الضعيفة، والعلل الاخرى، مهما كانت طريقة اصابتنا بها، تذكِّرنا يوميا بأن صحتنا يؤثر فيها بشكل سيئ ضعف الجسد والعقل. فما هو السبب الرئيسي وراء هذه المشاكل الصحية السريعة التفشّي؟
السبب الرئيسي
يجيب عن هذا السؤال طبيب يدعى لوقا عاش في القرن الاول الميلادي، وذلك في سيرة حياةٍ موحى بها كتبها عن يسوع المسيح. ففي احد الايام، كما يكتب لوقا، حُمل مفلوج الى يسوع على امل شفائه. فقال يسوع للمفلوج: «مغفورة لك خطاياك.» ولكي يُظهر يسوع انه يملك فعلا سلطانا على مغفرة الخطايا، امر الرجلَ بعد ذلك: «قم واحمل فراشك واذهب الى بيتك.» وهذا ما فعله الرجل! ونتيجةً لذلك «اخذت الجميع حيرة،» جميع اولئك الذين شاهدوا الشفاء، «ومجدوا اللّٰه.» — لوقا ٥:١٧-٢٦.
فإلى اية خطية اشار يسوع؟ يساعدنا الجواب على فهم السبب الذي من اجله نمرض، نشيخ، ونموت. وبما اننا متأكدون ان «كل الكتاب هو موحى به من اللّٰه،» يمكننا ان نتطلع الى الكتاب المقدس بحثا عن ذلك الجواب. (٢ تيموثاوس ٣:١٦؛ ٢ بطرس ١:٢١) فهو يخبرنا ان الانسان الاول آدم خُلق بصحة كاملة. وكان سيتمتع بالصحة المفعمة بالنشاط ما دام يطيع خالقه.
لكنَّ آدم اختار مخالفة شريعة اللّٰه. وبعصيانه وتمرُّده العمدي على خالقه اخطأ. وبسبب ذلك صار ناقصا، قابلا للمرض، وفي النهاية مات. لذلك كانت الخطية سبب مرض آدم وموته.
وكما ان بعض الامراض ينتقل من الوالدين الى الاولاد بفعل قوانين الوراثة، انتقل النقص والامراض الناتجة منه من آدم الى ذريته، الجنس البشري. وهكذا فإن كل الامراض هي نتيجة لخطية آدم الاصلية. (تكوين ٢:١٧؛ ٣:١-١٩؛ رومية ٥:١٢) فهل من منفذ؟
المنفذ
ان التحوُّل من الصحة الكاملة الى الصحة الرديئة كان سببه الخطية — تمرُّد آدم على شريعة اللّٰه. وليس التحوُّل من الصحة الرديئة الى الصحة الكاملة ممكنا إلا من خلال ازالة الخطية. (رومية ٥:١٨، ١٩) كيف؟ كان على انسان كامل آخر، النظير التام لآدم عندما كان كاملا، ان يقدِّم حياته فدية. وشريعة اللّٰه هي «نفس بنفس،» اي حياة بحياة. — تثنية ١٩:٢١.
ولكن لم يكن بإمكان احد من المتحدرين الخطاة من آدم ان يزوِّد فدية كهذه. وهكذا قدَّم يهوه نفسُه وبمحبة ابنَه يسوع كإنسان كامل ليبذل نفسه «فدية عن كثيرين» «لكي نحيا به.» — متى ٢٠:٢٨؛ ١ يوحنا ٤:٩؛ مزمور ٤٩:٧.
وفيما كان يسوع على الارض، اظهر ان اباه يهوه اعطاه سلطانا ان يزيل الخطايا عندما قال للمفلوج، «مغفورة لك خطاياك،» فمشى الذي شُفي الى بيته. ومرة بعد اخرى استخدم يسوع هذا السلطان المعطى من اللّٰه ليشفي فورا العمي، الصم، وكثيرين آخرين مصابين بعلل مختلفة.
وبشأن الشفاءات العجائبية التي انجزها يسوع، يروي الكتاب المقدس: «فجاء اليه جموع كثيرة معهم عرج وعمي وخرس وشلّ وآخرون كثيرون. وطرحوهم عند قدمي يسوع. فشفاهم حتى تعجب الجموع اذ رأوا الخرس يتكلمون والشلّ يصحّون والعرج يمشون والعمي يبصرون.» (متى ١٥:٣٠، ٣١) والابرز ايضا هو ان يسوع تمكَّن من اعادة الموتى الى الحياة. ويخبرنا الكتاب المقدس عن بعض هذه القيامات. — لوقا ٧:١١-١٦؛ ٨:٤٩-٥٦؛ يوحنا ١١:١٤، ٣٨-٤٤.
تؤكد لنا هذه الشفاءات العجائبية انه لا يوجد مرض لا يقوى يسوع على معالجته. فهل سيستخدم هذا السلطان المعطى من اللّٰه من جديد؟ وهل يمكن ان نستفيد؟
الصحة الكاملة امر اكيد
تظهر نبوات الكتاب المقدس ان يسوع يحكم الآن في السماء كملك حكومة اللّٰه السماوية. وقد اعطاه اللّٰه سلطانا ان يزيل كل الحكومات البشرية الموجودة الآن ويتسلط على كل الارض. (مزمور ١١٠:١، ٢؛ دانيال ٢:٤٤) وستتم الصلاة التي علمها يسوع لأتباعه: «ليأت ملكوتك. لتكن مشيئتك كما في السماء كذلك على الارض.» (متى ٦:١٠) وتحت حكم هذا الملكوت السماوي، فإن جزءا من مشيئة اللّٰه نحو هذه الارض سيكون تحسين الاوضاع الصحية بشكل جذري لخير العائلة البشرية.
وحينئذ، بمعنى حرفي وروحي ايضا، «تتفقح عيون العمي وآذان الصم تتفتح. حينئذ يقفز الاعرج كالايل ويترنم لسان الاخرس.» «ولا يقول ساكن انا مرضت.» — اشعياء ٣٣:٢٤؛ ٣٥:٥، ٦.
وتحت حكم ملكوت اللّٰه السماوي، ستعني الصحة الكاملة ان الناس لن يكون محتوما عليهم ان يموتوا كما يحدث معنا اليوم. تعد كلمة اللّٰه: «كل من يؤمن به . . . تكون له الحياة الابدية.» «أما هبة اللّٰه فهي حياة ابدية بالمسيح يسوع ربنا.» (يوحنا ٣:١٦؛ رومية ٦:٢٣) نعم، وعد المزمور الملهم منذ زمن طويل: «الصدّيقون يرثون الارض ويسكنونها الى الابد.» (مزمور ٣٧:٢٩) وكما فعل يسوع عندما كان على الارض، سيقيم عندئذ الموتى ويمنحهم فرصة الاستفادة من الصحة الكاملة. يعد الكتاب المقدس: «سوف تكون قيامة للاموات الابرار والاثمة.» — اعمال ٢٤:١٥.
والارض نفسها ستزدهر تحت حكم الملكوت بحيث ان الجوع، الذي يساهم في الصحة الرديئة، لن يوجد ابدا في ما بعد. تعد نبوات الكتاب المقدس: «تعطي شجرة الحقل ثمرتها وتعطي الارض غلتها ويكونون آمنين في ارضهم.» (حزقيال ٣٤:٢٧) «الارض اعطت غلتها. يباركنا اللّٰه الهنا.» (مزمور ٦٧:٦) «تكون (وفرة) بُرّ في الارض.» (مزمور ٧٢:١٦) «تفرح البرية والارض اليابسة ويبتهج القفر ويزهر كالنرجس.» — اشعياء ٣٥:١.
وإذ يوجز الحالة التي ستسود في عالم اللّٰه الجديد، يعلن السفر النبوي الاخير في الكتاب المقدس: «سيمسح اللّٰه كل دمعة من عيونهم والموت لا يكون في ما بعد ولا يكون حزن ولا صراخ ولا وجع في ما بعد.» — رؤيا ٢١:٤.
فهل تقولون، ‹يصعب تصديق ذلك›؟ اذًا فكِّروا في هذا. قبل ان يخطئ آدم، كان يتمتع بصحة كاملة. تصوَّروا انه كان من الممكن ان يتكلم اليه شخص في ذلك الوقت ويقول له انه في يوم من الايام ستمتلئ الارض بأشخاص يتألمون، يمرضون ويتقدمون في السن. أفلا تعتقدون ان آدم كان سيجد ذلك صعب التصديق؟ لكنَّ ذلك هو حقيقة الآن.
وبالعكس، ستصير الصحة الكاملة حقيقة تحت حكم ملكوت اللّٰه. تؤكد لنا كلمة يهوه: «هذه الاقوال صادقة وأمينة.» (رؤيا ٢١:٥) وما يقول اللّٰه انه سيحدث فهو سيحدث لأنه «لا يمكن ان اللّٰه يكذب.» — عبرانيين ٦:١٨.
فماذا يمكنكم فعله الآن لتضمنوا التمتع بهذه البركات القادمة؟ ان مفتاح الصحة الكاملة والحياة الابدية بيَّنه ما قاله يسوع في صلاته الى ابيه: «هذه هي الحياة الابدية ان يعرفوك انت الاله الحقيقي وحدك ويسوع المسيح الذي ارسلته.» — يوحنا ١٧:٣.
اطلبوا من شهود يهوه برنامج درس مجانيا للكتاب المقدس في منزلكم. فسيسعدهم ان يساعدوكم على تعلُّم المزيد عن وعود اللّٰه الرائعة. وسيكون ذلك خطوتكم الاولى في الرحلة الى الصحة الكاملة!
[الصورة في الصفحة ١٢]
في عالم اللّٰه الجديد، سيتمتع جميع البشر بالصحة الكاملة
-