-
هل يمكن ان يكون تضليلا بارعا؟هل هذه الحياة هي كل ما هنالك؟
-
-
جعل الناس يرون او يسمعون ظواهر غامضة ومخيفة — اصواتا، طَرَقات وأشكالا غير واضحة المعالم ليست لها اسباب ظاهرة — هو عامل رئيسي في وقايتنا من التضليل. وهذه المعرفة تحرِّرنا من خوف الأموات ومن الانهماك في شعائر عديمة القيمة لأجلهم. وتساعد ايضا على منع الأرواح الشريرة من جعلنا ضحايا.
٣١ ولكن اذا اردنا الحماية من كل وجه من اوجه التضليل الذي يسببه الشيطان وأبالسته في ما يتعلق بالأموات، يجب ان نؤمن بكامل الكتاب المقدس ونعمل بانسجام معه. ذلك لأنه كله كلمة اللّٰه الموحى بها.
-
-
هل الهاوية حارَّة؟هل هذه الحياة هي كل ما هنالك؟
-
-
الفصل ١١
هل الهاوية حارَّة؟
١-٥ (أ) ماذا يقول مصدران غير مسيحيين عن الهاوية؟ (ب) ماذا يقول مصدر كاثوليكي روماني عن الناس في الهاوية؟
أليس الواقع ان ترجمات كثيرة للكتاب المقدس تشير الى مكان يدعى «الهاوية»؟ بلى، ان ترجمات كثيرة للأسفار المقدسة تستعمل هذا التعبير. ولكنَّ السؤال هو ما اذا كانت الأشياء التي علَّمها رجال الدين عن المكان الذي يدعى «الهاوية» آتية من الكتاب المقدس او من مصدر آخر.
٢ هل عرفتم انه، ليس فقط اعضاء كنائس العالم المسيحي، بل ايضا كثيرون من غير المسيحيين، جرى تعليمهم ان يؤمنوا بهاوية عذاب؟ انه لأمر يمنح بصيرة ان نقرأ من مصادر متنوِّعة ما يقال عن عذاب المحبوسين في الهاوية.
٣ يقول «كتاب مقدس» غير مسيحي للقرن السابع بعد الميلاد ما يلي:
«جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمِهَادُ. هٰذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ. . . . فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ لَا بَارِدٍ وَلَا كَرِيمٍ.»
٤ والبوذية، التي ابتدأت نحو القرن السادس قبل الميلاد، تزوِّد هذا الوصف لإحدى «الهاويات» التي تعلِّم عنها:
«هنا لا توجد فترة انقطاع لا للَّهب ولا لألم الكائنات.»
٥ ويذكر كتاب التعليم الديني للعقيدة المسيحية الكاثوليكي الروماني (الصادر سنة ١٩٤٩):
«انهم محرومون من رؤية اللّٰه ويكابدون عذابا رهيبا، وخصوصا عذاب النار، طوال الأبدية كلها. . . . والحرمان من الرؤية المبهجة يدعى ألم الخسارة؛ والعذاب الذي تُنزله وسائل مبتكرة بالنفس، وبالجسد بعد قيامته، يدعى ألم الاحساس.»
٦ كيف يصف بعض رجال الدين ‹اهوال الهاوية›؟
٦ ويوجد ايضا بين رجال الدين الپروتستانت في بعض الأماكن اولئك الذين يرسمون صورا كلامية حيّة عن اهوال الهاوية. حتى ان اعضاء كنيستهم يدَّعون احيانا انهم رأوا رؤى عن عذابها. وصف احد الرجال ما تصوَّره كما يلي: ‹على مدى بصري لم يكن هنالك سوى النار الملتهبة والكائنات البشرية. ويا للألم والمعاناة! فكان بعض الناس يصرخون، آخرون يولولون ويلتمسون الماء، الماء! وكان البعض ينتفون شعرهم، آخرون يصرُّون بأسنانهم؛ وآخرون ايضا يعضُّون انفسهم في الأذرع والأيدي.›
٧ ماذا يُظهر ان عقاب الهاوية الذي يجري التهديد به ليس قوة عظيمة في دفع الناس الى فعل ما هو صواب؟
٧ غالبا ما يُدَّعى ان عقاب الهاوية الذي يجري التهديد به هو قوة عظيمة في دفع الناس الى فعل ما هو صواب. ولكن هل تثبت وقائع التاريخ صحة ذلك؟ ألم يسبب المؤمنون بعقيدة نار الهاوية بعض اعظم الأعمال الوحشية؟ أليست محاكم التفتيش المريعة والحملات الصليبية المريقة للدماء من جهة العالم المسيحي مثالَين لذلك؟
٨ لماذا يجب ان نفحص، لا معتقداتنا الشخصية فحسب، بل ايضا تعاليم اية هيئة دينية يمكن ان نعاشرها؟
٨ وهكذا لا يجب ان يكون مدهشا ان عددا متزايدا من الناس لا يؤمنون حقا بوجود هاوية للعذاب ولا ينظرون الى عقابها كرادع عن فعل الخطإ. وعلى الرغم من انهم لم يدحضوا فعلا هذا التعليم، فهم ببساطة لا يميلون الى الايمان بما لا يروقهم كشيء معقول وصحيح. ومع ذلك قد يكونون اعضاء في كنيسة تعلِّم هذه العقيدة، وبدعمها يشتركون في مسؤولية نشر تعليم نار الهاوية.
٩ ماذا يقول الكتاب المقدس عن العذاب بعد الموت؟
٩ ولكن ماذا يقول الكتاب المقدس عن العذاب بعد الموت؟ اذا كنتم قد قرأتم الفصول السابقة من هذا الكتاب، تعرفون ان الكثير من المعتقدات الشائعة عن الأموات باطلة. وتعرفون، بحسب الكتاب المقدس، انه ما من نفس او روح تنفصل عن الجسد عند الموت وتستمر في وجود واعٍ. لذلك لا يوجد اساس من الأسفار المقدسة لعقيدة العذاب الأبدي بعد الموت، لأنه ما من شيء يبقى على قيد الحياة يمكن اخضاعه لعذاب حرفي. اذًا ما هو المكان الذي تشير اليه ترجمات مختلفة للكتاب المقدس بصفته «الهاوية»؟
تحديد هوية «شيول»
١٠ اين هو الذكر الأول لِـ «الهاوية» في ترجمة دواي للكتاب المقدس، وماذا تعني هناك؟
١٠ في ترجمة دواي الكاثوليكية، يوجد الذكر الأول لِـ «الهاوية» في التكوين ٣٧:٣٥، التي تقتبس من الأب الجليل يعقوب قوله في ما يتعلق بيوسف، الذي اعتقد انه ميت: «اني انزل الى ابني نائحا الى الهاوية.» من الواضح ان يعقوب لم يكن يعبِّر عن فكرة الانضمام الى ابنه في مكان للعذاب. حتى ان حاشية هذا العدد في ترجمة دواي (اصدار دار دواي للكتاب المقدس، نيويورك، ١٩٤١) لا تضع مثل هذا التفسير للآية. فهي تقول:
«الى الهاوية. اي الى اليمبوس، المكان الذي استُقبلت فيه نفوس الابرار قبل موت فادينا. . . . عنى [ذلك] بالتأكيد مكان الراحة حيث اعتقد ان نفسه ستكون.»
١١ هل يشير الكتاب المقدس عينه الى مكان كهذا بصفته «اليمبوس»؟
١١ ولكن لا يشير الكتاب المقدس عينه في ايّ موضع الى مكان كهذا بصفته «اليمبوس.» ولا يدعم فكرة مكان راحة خصوصي للنفس كشيء منفصل بشكل متميِّز عن الجسد. وكما هو معترف به في جدول شرح الكلمات لترجمة كاثوليكية عصرية، الكتاب المقدس الأميركي الجديد (اصدار پ. ج. كَنَدِي وأبنائه، نيويورك، ١٩٧٠): «لا يوجد تعارض او اختلاف بين النفس والجسد؛ انهما مجرد طريقتين مختلفتين لوصف الحقيقة الملموسة الواحدة.»
١٢ (أ) ما هي «الهاوية» التي فكَّر يعقوب انه سينضم الى ابنه فيها؟ (ب) من اية كلمة عبرانية يترجَم التعبير «الهاوية»؟ (ج) اية امثلة هنالك تظهر ان الهاوية غالبا ما ترتبط بالموت وعدم النشاط؟
١٢ اذًا ما هي «الهاوية» التي فكَّر يعقوب انه سينضم الى ابنه فيها؟ الجواب الصحيح عن هذا السؤال يكمن في الحصول على المعنى الحقيقي للكلمة التي تقابل «الهاوية» في اللغة الأصلية، اي شِئول، المنقولة حرفيا الى «شيول.» وهذا التعبير، المترجم ايضا «مدفن،» «حفرة،» «مثوى الأموات» و «العالم الأسفل،» يظهر ستا وستين مرةa (في ترجمة العالم الجديد) في التسعة والثلاثين سفرا من الأسفار العبرانية (المدعوة عموما «العهد القديم»)، ولكنه لا يقترن ابدا بالحياة، النشاط او العذاب. وعلى الضد من ذلك، غالبا ما يرتبط بالموت وعدم النشاط. وهذه امثلة قليلة لذلك:
«لأنه ليس في الموت ذكرك [يهوه]. في (شيول) [المدفن، الترجمة المرخَّصة؛ الهاوية، ترجمة دواي] مَن يحمدك.» — مزمور ٦:٥ (٦:٦، ترجمة دواي).
«كل ما تجده يدك لتفعله فافعله بقوتك لأنه ليس من عمل ولا اختراع ولا معرفة ولا حكمة في (شيول) [المدفن، الترجمة المرخَّصة؛ الهاوية، ترجمة دواي] التي انت ذاهب اليها.» — جامعة ٩:١٠.
«لأن (شيول) [المدفن، الترجمة المرخَّصة؛ الهاوية، ترجمة دواي] لا تحمدك [يهوه]. الموت لا يسبِّحك. لا يرجو الهابطون الى الجب امانتك. الحيّ الحيّ هو يحمدك كما انا اليوم.» — اشعياء ٣٨:١٨، ١٩.
١٣، ١٤ ما هي هاوية الكتاب المقدس؟
١٣ من الواضح اذًا ان شيول هي المكان الذي يذهب اليه الأموات. وهي ليست مدفنا فرديا بل المدفن العام للبشر الأموات عموما، حيث يتوقف كل نشاط واعٍ. وهذا ايضا ما تعترف دائرة المعارف الكاثوليكية الجديدة بأنه معنى شيول بحسب الكتاب المقدس، اذ تقول:
١٤ «تشير في الكتاب المقدس الى مكان الجمود التام الذي ينزل اليه المرء عندما يموت سواء أكان بارا أم شريرا، غنيا أم فقيرا.» — المجلد ١٣، ص ١٧٠.
١٥، ١٦ ماذا يُظهر ان العذاب لا يُعلن ابدا كعقوبة على العصيان؟
١٥ أما انه لم يوجد مكان للعذاب الناري خلال كامل فترة الأسفار العبرانية فيؤكِّده ايضا واقع ان العذاب لا يُعلن ابدا كعقوبة على العصيان. فكان الاختيار الذي وُضع امام امة اسرائيل، لا الحياة او العذاب، بل الحياة او الموت. قال موسى للأمة: «قد جعلت قدَّامك الحياة والموت. البركة واللعنة. فاختر الحياة لكي تحيا انت ونسلك. اذ تحب الرب الهك وتسمع لصوته وتلتصق به.» — تثنية ٣٠:١٩، ٢٠.
١٦ وبشكل مماثل، فإن مناشدات اللّٰه اللاحقة للاسرائيليين غير الأمناء ان يتوبوا عملت على تشجيعهم ان يتجنبوا اختبار، لا العذاب، بل الموت قبل الأوان. اعلن يهوه بواسطة نبيه حزقيال: «اني لا أُسرُّ بموت الشرير بل بأن يرجع الشرير عن طريقه ويحيا. ارجعوا ارجعوا عن طرقكم الرديئة. فلماذا تموتون يا بيت اسرائيل.» — حزقيال ٣٣:١١.
هَادِس هي شيول نفسها
١٧ لماذا لا يمكن القول ان مجيء يسوع المسيح الى هذه الأرض غيَّر الأمور في ما يتعلق بالعذاب الواعي بعد الموت؟
١٧ ومع ذلك قد يسأل المرء، ألم تتغيَّر الأمور بمجيء يسوع المسيح الى هذه الأرض؟ كلا، فاللّٰه لا يغيِّر شخصيته او مقاييسه البارَّة. قال بواسطة نبيه ملاخي: «انا الرب لا اتغيَّر.» (ملاخي ٣:٦) ولم يغيِّر يهوه العقوبة على العصيان. فهو يتأنَّى على الناس ليتمكَّنوا من ان ينجوا، لا من العذاب، بل من الهلاك. وكما كتب الرسول بطرس الى الرفقاء المؤمنين: «لا يتباطأ الرب عن وعده كما يحسب قوم التباطؤ لكنه يتأنَّى علينا وهو لا يشاء ان يهلك اناس بل ان يقبل الجميع الى التوبة.» — ٢ بطرس ٣:٩.
١٨ الكلمة «الهاوية» تترجَم احيانا عن اية كلمة يونانية؟
١٨ وانسجاما مع واقع ان العقوبة على العصيان استمرت في ان تكون الموت، فإن المكان الذي تصف الأسفار اليونانية المسيحية (المدعوة عموما «العهد الجديد») بأن الأموات يذهبون اليه لا يختلف عن شيول الأسفار العبرانية. (رومية ٦:٢٣) وهذا واضح من مقارنة الأسفار العبرانية بالأسفار اليونانية المسيحية. واذ تظهر عشر مرات، فإن الكلمة اليونانية هايدِس، المنقولة حرفيا الى «هَادِس،» تنقل من حيث الأساس المعنى نفسه الذي للكلمة العبرانية شِئول. (متى ١١:٢٣؛ ١٦:١٨؛ لوقا ١٠:١٥؛ ١٦:٢٣؛b اعمال ٢:٢٧، ٣١؛ رؤيا ١:١٨؛ ٦:٨؛ ٢٠:١٣، ١٤ [اذا كانت الترجمة التي تستعملونها لا تورِد «الهاوية» او «هَادِس» في جميع هذه الآيات، فستلاحظون مع ذلك ان التعابير المستعملة عوضا عنهما لا تعطي ايّ تلميح الى مكان للعذاب.]) تأملوا في المثال التالي:
١٩، ٢٠ (أ) اية آية تُظهِر ان يسوع كان في الهاوية؟ (ب) بأية طريقة يُرى ان شيول وهَادِس هما تعبيران متناظران؟
١٩ نقرأ في المزمور ١٦:١٠ (١٥:١٠، ترجمة دواي): «لأنك [يهوه] لن تترك نفسي في (شيول) [الهاوية]. لن تدع تقيك يرى فسادا.» وفي خطاب القاه الرسول بطرس، ظهر ان هذا المزمور له تطبيق نبوي. قال بطرس: «اذ كان [داود] نبيا وعلم ان اللّٰه حلف له بقسم انه من ثمرة صلبه يقيم المسيح حسب الجسد ليجلس على كرسيه سبق فرأى وتكلَّم عن قيامة المسيح انه لم تترك نفسه في (هَادِس) [الهاوية] ولا رأى جسده فسادا.» (اعمال ٢:٣٠، ٣١) لاحظوا ان الكلمة اليونانية هايدِس استُعملت بدلا من الكلمة العبرانية شِئول. وهكذا يُرى ان شيول وهَادِس هما تعبيران متناظران.
٢٠ يلاحظ جدول شرح الكلمات في Version Nouvelle لجمعية الكتاب المقدس الفرنسية، تحت التعبير «مثوى الأموات»:
«هذا التعبير يترجَم عن الكلمة اليونانية هَادِس، التي تناظر شيول العبرانية. انه المكان حيث يستقر الأموات بين [وقت] رحيلهم وقيامتهم (لوقا ١٦:٢٣؛ اعمال ٢:٢٧، ٣١؛ رؤيا ٢٠:١٣، ١٤). وقد نقلت بعض الترجمات هذه الكلمة خطأً الى هاوية.»
مصدر تعليم نار الهاوية
٢١، ٢٢ بما ان الكتاب المقدس لا يُعلِّم عن هاوية نارية، فما هما المصدران المحتملان لهذه العقيدة؟
٢١ من الواضح ان الاشارات الى شيول وهَادِس في الأسفار المقدسة لا تدعم عقيدة هاوية نارية. وفي الاقرار بأنها غير مسيحية وتناقض ايضا روح المسيحية، تذكر المجلة الدورية الكاثوليكية كومونْوِيل (١٥ كانون الثاني ١٩٧١):
«بالنسبة الى اناس كثيرين، بمن فيهم بعض الفلاسفة، تستجيب الهاوية لحاجة الخيال البشري — نوع من سانتا كلوز بشكل عكسي. . . . فمَن بين الأبرار لا يحبّ ان يرى الظالمين يعاقَبون بشيء من الانصاف؟ وإنْ لم يكن في هذه الحياة، فلِمَ لا في التالية؟ لكنَّ مثل هذه النظرة لا تتوافق مع العهد الجديد، الذي يدعو الانسان الى الحياة والمحبة.»
٢٢ ثم تتابع هذه المجلة لتُظهر المصدرَين المحتملَين لهذه العقيدة، قائلة:
«والعنصر الآخر الذي ربما ساهم في المفهوم المسيحي التقليدي للهاوية يمكن ايجاده في العالم الروماني. وكما كان الخلود الذاتي افتراضا مسلَّما به في جزء كبير من الفلسفة اليونانية، كان العدل فضيلة اساسية بين الرومان، وخصوصا عندما ابتدأت المسيحية تزدهر. . . . وتزاوج هذين الفكرَين — اليوناني الفلسفي والروماني القضائي — ربما احدث التناظر اللاهوتي للسماء والهاوية: اذا كانت النفس الصالحة تكافأ، فالنفس الشريرة اذًا تعاقب. وبغية تأكيد اعتقادهم بالعدل للظالمين، ما كان على الرومان إلّا ان يأخذوا الإنيادة التي لڤرجيل ويقرأوا عن المبارَكين في الاليزيوم والملعونين في ترتاروس، المحاطة بالنار والتي تفيض بهلع العقاب.»
٢٣، ٢٤ (أ) التعليم عن هاوية نارية هو تعليم مَن؟ (ب) ماذا نتج من هذا التعليم؟
٢٣ وهكذا يجري الاعتراف بأن التعليم عن هاوية نارية معتقد يشترك فيه اشخاص بعيدون عن اللّٰه. ويمكن تصنيفه بالصواب بصفته ‹تعليم شياطين.› (١ تيموثاوس ٤:١) والأمر هو كذلك لأن مصدره هو في الأكذوبة القائلة ان الانسان لا يموت حقا، وهو يعكس الميل غير السليم، الشرير والوحشي للشياطين. (قارنوا مرقس ٥:٢-١٣.) ألم تملأ هذه العقيدة الناس رهبة وهولا دون لزوم؟ ألم تسِئ تمثيل اللّٰه بشكل جسيم؟ يكشف يهوه في كلمته انه اله محبة. (١ يوحنا ٤:٨) لكنَّ التعليم عن هاوية نارية هو افتراء عليه، اذ يتهمه باطلا بأسوإ الأعمال الوحشية التي يمكن تصوُّرها.
٢٤ ان الذين يعلِّمون عقيدة نار الهاوية يقولون اذًا امورا تجديفية على اللّٰه. وفي حين ان بعض رجال الدين ربما لا يكونون مطَّلعين جيدا على دليل الكتاب المقدس، يجب ان يكونوا كذلك. فهم يدَّعون انهم يتكلَّمون برسالة اللّٰه، ولذلك هم تحت التزام معرفة ما يقوله الكتاب المقدس. وهم بالتأكيد يعرفون جيدا ان ما يفعلونه ويقولونه يمكن ان يؤثِّر عميقا في حياة الذين يتطلعون اليهم من اجل الارشاد. وهذا يجب ان يجعلهم منتبهين للتأكُّد من تعليمهم. فأية اساءة لتمثيل اللّٰه يمكن ان تحوِّل الناس عن العبادة الحقيقية، لأذيتهم.
٢٥ كيف ينظر اللّٰه الى المعلِّمين الكذبة؟
٢٥ لا يمكن ان يكون هنالك شك في ان يهوه اللّٰه لا ينظر برضى الى المعلِّمين الكذبة. فعلى القادة الدينيين غير الأمناء لاسرائيل القديمة تلفظ بالدينونة التالية: «انا . . . صيَّرتكم محتقَرين ودنيئين عند كل الشعب كما انكم لم تحفظوا طرقي.» (ملاخي ٢:٩) ويمكن ان نتأكَّد ان دينونة مماثلة ستأتي على المعلِّمين الدينيين الكذبة في وقتنا. ويشير الكتاب المقدس الى ان عناصر العالم السياسية ستجرِّدهم قريبا من مركزهم وتأثيرهم. (رؤيا ١٧:١٥-١٨) أما الذين يستمرون في دعم الأنظمة الدينية التي تعلِّم الأكاذيب، فلن تكون حالتهم افضل. قال يسوع المسيح: «إنْ كان اعمى يقود اعمى يسقطان كلاهما في حفرة.» — متى ١٥:١٤.
٢٦، ٢٧ (أ) لماذا لا يجب ان ترغبوا في الاستمرار في دعم ايّ نظام ديني يعلِّم عن هاوية نارية؟ (ب) ما هو الدافع اللائق الى خدمة اللّٰه؟
٢٦ بما ان الأمر هو كذلك، هل ترغبون في الاستمرار في دعم ايّ نظام ديني يعلِّم عن هاوية نارية؟ كيف تشعرون اذا جرى الافتراء على ابيكم بخبث؟ هل تستمرون في قبول المفترين كأصدقاء لكم؟ ألا تقطعون، بالأحرى، كل معاشرة لهم؟ أفلا يجب بشكل مماثل ان نرغب في التوقف عن كل معاشرة للذين افتروا على أبينا السماوي؟
٢٧ ان الخوف من العذاب ليس الدافع اللائق الى خدمة اللّٰه. فهو يرغب في ان تدفع المحبة عبادتنا. وهذا الامر يجب ان يروق قلوبنا. وادراكنا ان الأموات ليسوا في مكان ممتلئ ألما مبرِّحا في نيران ملتهبة، لكنهم بالأحرى غير واعين في المدفن العام الساكن والعديم الحياة للبشر الأموات، يمكن ان يزيل حاجزا في وجه تعبيرنا عن محبة كهذه للّٰه.
[الحاشيتان]
a تكوين ٣٧:٣٥؛ ٤٢:٣٨؛ ٤٤:٢٩، ٣١؛ عدد ١٦:٣٠، ٣٣؛ تثنية ٣٢:٢٢؛ ١ صموئيل ٢:٦؛ ٢ صموئيل ٢٢:٦؛ ١ ملوك ٢:٦، ٩؛ ايوب ٧:٩؛ ١١:٨؛ ١٤:١٣؛ ١٧:١٣، ١٦؛ ٢١:١٣؛ ٢٤:١٩؛ ٢٦:٦؛ مزمور ٦:٥؛ ٩:١٧؛ ١٦:١٠؛ ١٨:٥؛ ٣٠:٣؛ ٣١:١٧؛ ٤٩:١٤، ١٥؛ ٥٥:١٥؛ ٨٦:١٣؛ ٨٨:٣؛ ٨٩:٤٨؛ ١١٦:٣؛ ١٣٩:٨؛ ١٤١:٧؛ امثال ١:١٢؛ ٥:٥؛ ٧:٢٧؛ ٩:١٨؛ ١٥:١١، ٢٤؛ ٢٣:١٤؛ ٢٧:٢٠؛ ٣٠:١٦؛ جامعة ٩:١٠؛ نشيد الانشاد ٨:٦؛ اشعياء ٥:١٤؛ ٧:١١؛ ١٤:٩، ١١، ١٥؛ ٢٨:١٥، ١٨؛ ٣٨:١٠، ١٨؛ ٥٧:٩؛ حزقيال ٣١:١٥-١٧؛ ٣٢:٢١، ٢٧؛ هوشع ١٣:١٤؛ عاموس ٩:٢؛ يونان ٢:٢؛ حبقوق ٢:٥.
b تجري مناقشة لوقا ١٦:٢٣ بالتفصيل في الفصل التالي.
[الصورة في الصفحة ٩٠]
مشهدان من صور بوذية عن الهاوية
[الصورة في الصفحة ٩١]
مشهدان من «جحيم» دانتي الكاثوليكي
-
-
انسان غني في هَادِسهل هذه الحياة هي كل ما هنالك؟
-
-
الفصل ١٢
انسان غني في هَادِس
١، ٢ معلِّمو نار الهاوية يتجاهلون اية آيتين؟
بما ان هَادِس هي مجرد المدفن العام للبشر الأموات، فلماذا يتكلَّم الكتاب المقدس عن انسان غني يقاسي العذاب في نار هَادِس؟ هل يُظهر ذلك ان هَادِس، او على الأقل جزءا منها، هي مكان للعذاب الناري؟
٢ يشير معلِّمو نار الهاوية بحماس الى هذه الرواية كبرهان قاطع على ان هنالك حقا هاوية عذاب تنتظر الأشرار. ولكن، بفعلهم ذلك، يتجاهلون عبارات الكتاب المقدس الواضحة والمتكرِّرة مثل: «النفس التي تخطئ هي تموت.» (حزقيال ١٨:٤، ٢٠) و: «أمّا الموتى فلا يعلمون شيئا.» (جامعة ٩:٥) من الواضح ان هاتين العبارتين لا تدعمان فكرة عذاب «الأنفس المحكوم عليها» في هاوية نارية.
٣، ٤ تعليم الكتاب المقدس عن حالة الأموات يترك ايّ تباين بين رجال دين العالم المسيحي وطالبي الحق المخلصين؟
٣ لذلك فإن تعليم الكتاب المقدس عن حالة الأموات يترك كثيرين من رجال دين العالم المسيحي في موقف حرِج. فالكتاب نفسه الذي يدَّعون انهم يؤسسون تعاليمهم عليه، الكتاب المقدس، يتعارض مع عقائدهم. ومع ذلك، عن علم او غير علم، يشعرون بأنهم مجبرون على التفتيش في الكتاب المقدس ليتشبَّثوا بشيء يثبتون به نقطتهم، مُعمين بذلك انفسهم والآخرين عن الحق. وغالبا ما يجري ذلك عمدا.
٤ ومن ناحية اخرى، يريد طالبو الحق المخلصون ان يعرفوا ما هو صواب. فهم يدركون انهم انما يخدعون انفسهم اذا رفضوا اقساما من كلمة اللّٰه فيما يدَّعون انهم يؤسسون معتقداتهم على اجزاء اخرى. وهم يريدون ان يعرفوا ما يقوله الكتاب المقدس فعلا عن حالة الأموات. ولاكمال الصورة، يريدون ان يعرفوا معنى ما يقال عن الانسان الغني الذي اختبر العذاب في هَادِس، وكيف ينسجم ذلك مع باقي الكتاب المقدس.
٥ الى اية رواية في الكتاب المقدس غالبا ما يشير المؤمنون بهاوية نارية؟
٥ كان يسوع المسيح مَن تكلَّم عن انسان غني وأيضا عن مسكين اسمه لعازر. وكلماته موجودة في لوقا ١٦:١٩-٣١ وهي تقول:
«كان انسان غني وكان يلبس الأرجوان والبزَّ وهو يتنعم كل يوم مترفِّها. وكان مسكين اسمه لعازر الذي طُرح عند بابه مضروبا بالقروح. ويشتهي ان يشبع من الفتات الساقط من مائدة الغني. بل كانت الكلاب تأتي وتلحس قروحه. فمات المسكين وحملته الملائكة الى حضن ابراهيم.
«ومات الغني ايضا ودُفن. فرفع عينيه في (هَادِس) وهو في العذاب ورأى ابراهيم من بعيد ولعازر في حضنه. فنادى وقال يا أبي ابراهيم ارحمني وأَرسل لعازر ليبلَّ طرف اصبعه بماء ويبرِّد لساني لأني معذَّب في هذا اللهيب. فقال ابراهيم يا ابني اذكر انك استوفيت خيراتك في حياتك وكذلك لعازر البلايا. والآن هو يتعزَّى وأنت تتعذَّب. وفوق هذا كله بيننا وبينكم هوَّة عظيمة قد أُثبتت حتى ان الذين يريدون العبور من ههنا اليكم لا يقدرون ولا الذين من هناك يجتازون الينا. فقال اسألك اذًا يا أبت ان ترسله الى بيت أبي. لأن لي خمسة اخوة. حتى يشهد لهم لكيلا يأتوا هم ايضا الى موضع العذاب هذا. قال له ابراهيم عندهم موسى والأنبياء. ليسمعوا منهم. فقال لا يا أبي ابراهيم. بل اذا مضى اليهم واحد من الأموات يتوبون. فقال له إن كانوا لا يسمعون من موسى والأنبياء ولا إن قام واحد من الأموات يصدِّقون.»
٦ ماذا فعل الانسان الغني؟
٦ لاحظوا ما يقال عن الانسان الغني. لماذا كان يتعذَّب في هَادِس؟ ماذا فعل؟ لم يقل يسوع ان الانسان الغني عاش حياة منحطة، أليس كذلك؟ كل ما قاله يسوع هو ان الانسان كان غنيا، يرتدي لباسا حسنا ويتناول اطعمة فاخرة. فهل يستأهل سلوك كهذا بحد ذاته العقاب بالعذاب؟ صحيح ان تقصيرا خطيرا مشمول بموقف الانسان الغني من لعازر المسكين. فالانسان الغني افتقر الى الرأفة نحوه. ولكن هل ميَّزه هذا التقصير عن لعازر بشكل كاف.
٧ ماذا قال يسوع عن نوع الشخص الذي كان عليه لعازر؟
٧ فكِّروا في ما قاله يسوع عن لعازر. هل هنالك في الرواية ما يقودنا الى الاستنتاج انه، لو انعكس الوضع، لكان لعازر انسانا رؤوفا؟ وهل نقرأ ان لعازر بنى سجلا من الأعمال الحسنة لدى اللّٰه، مما ادّى الى اتيانه الى «حضن ابراهيم،» اي موقف الرضى الالهي؟ لم يقل يسوع ذلك. فقد وصف لعازر فقط بمسكين مريض.
٨ ماذا لا يعلِّمه الكتاب المقدس عن المساكين والأغنياء؟
٨ اذًا هل من المنطقي الاستنتاج ان جميع المساكين المرضى سينالون بركات الهية عند الموت، في حين ان جميع الأغنياء سيذهبون الى مكان للعذاب الواعي؟ كلا على الاطلاق. فكون المرء مسكينا ليس بحد ذاته علامة على رضى اللّٰه. على العكس، يحتوي الكتاب المقدس على عبارة الصلاة: «لا تعطِني فقرا ولا غنى.» (امثال ٣٠:٨) وكتب الملك داود عن زمانه: «لم أرَ صدِّيقا تُخلي عنه ولا ذرية له تلتمس خبزا.» — مزمور ٣٧:٢٥.
٩، ١٠ اية اسباب اخرى تظهر انه لا يمكننا ان نفهم هذا المثل حرفيا؟
٩ اذا فهمنا كلمات يسوع حرفيا، فلا بد ان نصل الى استنتاجات اخرى ايضا تجعل المثل غريبا حقا. وهذه تشمل: ان الذين يتمتعون بالسعادة السماوية هم في وضع يمكِّنهم من رؤية الذين يكابدون العذاب في هَادِس والتكلُّم اليهم. ان الماء العالق بطرف اصبع المرء لا يتبخَّر بنار هَادِس. وانه، على الرغم من شدَّة عذاب هَادِس، فمجرد قطرة من الماء تجلب الراحة للمتألم.
١٠ اذ تُفهم حرفيا، هل تبدو لكم هذه الأمور معقولة؟ ام هل تشعرون، عوضا عن ذلك، بأن ما قاله يسوع لم يُقصد ان يُفهم حرفيا؟ وهل هنالك طريقة للتأكُّد من ذلك؟
تحديد هويتَي «الغني» و «لعازر»
١١، ١٢ كيف نعرف ان كلمات يسوع عن الانسان الغني ولعازر هي مثل؟
١١ افحصوا القرينة. الى مَن كان يسوع يتكلَّم؟ في لوقا ١٦:١٤ يجري اخبارنا: «وكان الفريسيون ايضا يسمعون هذا كله وهم محبون للمال فاستهزأوا به.»
١٢ بما ان يسوع كان يتكلَّم في مسامع الفريسيين، فهل كان يسرد قضية واقعية ام كان يستعمل مجرد مثل؟ في ما يتعلق بأسلوب يسوع لتعليم الجموع، نقرأ: «وبدون مثل لم يكن يكلِّمهم.» (متى ١٣:٣٤) ولذلك لا بد ان تكون الرواية عن الانسان الغني ولعازر مثلا.
١٣ من الواضح ان هذا المثل كان موجَّها الى مَن؟
١٣ من الواضح ان هذا المثل كان موجَّها الى الفريسيين. فكصف كانوا كالانسان الغني. فقد احبوا المال، وكذلك الشهرة وألقاب الاطراء. قال عنهم يسوع: «وكل اعمالهم يعملونها لكي تنظرهم الناس. فيعرِّضون عصائبهم ويعظِّمون اهداب ثيابهم. ويحبون المتكأ الأول في الولائم والمجالس الأولى في المجامع. والتحيات في الأسواق وأن يدعوهم الناس سيدي سيدي.» — متى ٢٣:٥-٧.
١٤ كيف كان الفريسيون ينظرون الى الأشخاص الآخرين؟
١٤ كان الفريسيون يزدرون بالآخرين، وخصوصا العشارين، الزواني وغيرهم ممن لهم سمعة خطاة. (لوقا ١٨:١١، ١٢) ففي احدى المناسبات عندما عاد الخدام، الذين أُرسلوا لالقاء القبض على يسوع، فارغي اليدين لأنهم تأثَّروا بتعليمه، رفع الفريسيون صوتهم قائلين: «ألعلكم انتم ايضا قد ضللتم. ألعل احدا من الرؤساء او من الفريسيين آمن به. ولكنَّ هذا الشعب الذي لا يفهم الناموس هو ملعون.» — يوحنا ٧:٤٧-٤٩.
١٥ مَن مثَّل لعازر في المثل؟
١٥ ففي المثل اذًا يمثِّل لعازر المسكين في الواقع اولئك الأشخاص المتواضعين الذين احتقرهم الفريسيون ولكنهم تابوا وصاروا أتباعا ليسوع المسيح. وقد اظهر يسوع ان هؤلاء الخطاة المحتقَرين، عند توبتهم، ينالون موقف الرضى الالهي، في حين ان الفريسيين والقادة الدينيين البارزين الآخرين يخسرون ذلك كصف. قال: «الحق اقول لكم ان العشارين والزواني يسبقونكم الى ملكوت اللّٰه. لأن يوحنا جاءكم في طريق الحق فلم تؤمنوا به. وأما العشارون والزواني فآمنوا به. وأنتم اذ رأيتم لم تندموا اخيرا لتؤمنوا به.» — متى ٢١:٣١، ٣٢.
موت «الغني» و «لعازر»
١٦، ١٧ كما يُستعمل في الكتاب المقدس، ماذا يمكن ان يمثِّل الموت؟
١٦ ماذا يعني اذًا موت «الغني» و «لعازر»؟ لا يلزم ان نستنتج انه يشير الى موت فعلي. فكما يُستعمل في الكتاب المقدس، يمكن ان يمثِّل الموت ايضا تغييرا كبيرا في حالة الأفراد. على سبيل المثال: الأشخاص الذين يتبعون مسلك حياة مخالفا لمشيئة اللّٰه يجري التكلُّم عنهم بصفتهم «امواتا بالذنوب والخطايا.» أما عندما يأتون الى موقف مقبول امام اللّٰه كتلاميذ ليسوع المسيح فتجري الاشارة اليهم بأنهم يصيرون ‹احياء.› (افسس ٢:١، ٥؛ كولوسي ٢:١٣) وفي الوقت نفسه يصير مثل هؤلاء الأشخاص الأحياء «امواتا» بالنسبة الى الخطية. نقرأ: «احسبوا انفسكم امواتا (في ما يتعلق بالخطية) ولكن احياء للّٰه بالمسيح يسوع ربنا.» — رومية ٦:١١.
١٧ بما ان «الغني» و «لعازر» في مثل يسوع رمزيان بشكل واضح، فمن المنطقي ان يكون موتهما ايضا رمزيا. ولكن بأيّ معنى يموتان؟
١٨-٢١ (أ) بسبب الناموس الموسوي، في اية علاقة عهد باللّٰه كانت امة اسرائيل؟ (ب) لكي يصيروا جزءا من «عروس» المسيح، كان على اليهود ان يتحرَّروا من اي شيء؟ (ج) ماذا تقول رومية ٧:١-٦ عن هذه المسألة؟ (د) اية فرصة جديدة أُتيحت منذ ايام يوحنا المعمدان؟
١٨ ان المفتاح للاجابة عن هذا السؤال يكمن في ما قاله يسوع مباشرة قبل تقديم المثل: «كل مَن يطلِّق امرأته ويتزوج بأخرى يزني. وكل مَن يتزوج بمطلَّقة من رجل يزني.» (لوقا ١٦:١٨) قد يبدو ان هذه العبارة لا علاقة لها البتة بالمثل. ولكن ليست هذه هي الحال.
١٩ فبسبب الناموس الموسوي كانت امة اسرائيل في علاقة عهد باللّٰه وبالتالي يمكن التكلُّم عنها كزوجة له. مثلا، في ارميا ٣:١٤، الترجمة اليسوعية، يشير اللّٰه الى الأمة كزوجة غير امينة: «ارجعوا ايها البنون العصاة يقول الرب فإني بعل لكم.» وبعد ذلك، بمجيء يسوع، قُدِّمت لليهود فرصة الصيرورة جزءا من ‹عروسه.› ولهذا السبب قال يوحنا المعمدان لتلاميذه: «انتم انفسكم تشهدون لي اني قلت لست انا المسيح بل اني مرسل امامه. مَن له العروس فهو العريس. وأما صديق العريس الذي يقف ويسمعه فيفرح فرحا من اجل صوت العريس. اذًا فرحي هذا قد كمل. ينبغي ان ذلك [يسوع] يزيد وأني انا انقص.» — يوحنا ٣:٢٨-٣٠.
٢٠ ولكي يصيروا جزءا من «عروس» المسيح، كان على اليهود ان يتحرَّروا من الناموس الذي جعلهم، بلغة مجازية، زوجة للّٰه. وبدون تحرُّر كهذا، لم يكن بامكانهم ان يأتوا الى علاقة زوجة بالمسيح، اذ يكون ذلك علاقة زنى. والكلمات في رومية ٧:١-٦ تؤكِّد ذلك:
«أم تجهلون ايها الاخوة. لأني اكلِّم العارفين بالناموس. ان الناموس يسود على الانسان ما دام حيًّا. فإن المرأة التي تحت رجل هي مرتبطة بالناموس بالرجل الحيّ. ولكن إن مات الرجل فقد تحرَّرت من ناموس الرجل. فإذًا ما دام الرجل حيًّا تدعى زانية إن صارت لرجل آخر. ولكن إن مات الرجل فهي حرَّة من الناموس حتى انها ليست زانية إن صارت لرجل آخر.
«اذًا يا اخوتي انتم ايضا قد متُّم للناموس بجسد المسيح لكي تصيروا لآخر للذي قد أُقيم من الأموات لنثمر للّٰه. . . . وأما الآن فقد تحرَّرنا من الناموس اذ مات الذي كنا ممسكين فيه حتى نعبد بجدة الروح لا بعتق الحرف.»
٢١ في حين ان موت يسوع المسيح كان الأساس لتحرير اليهود من الناموس، فحتى قبل موته كان في وسع التائبين ان يأتوا الى موقف مرضي عند اللّٰه كتلاميذ لابنه. فرسالة وعمل يوحنا المعمدان ويسوع المسيح فتحا الباب لليهود لينتهزوا فرصة نيل الرضى الالهي ويسيروا في الطريق الى الميراث السماوي كأعضاء من عروس المسيح. وكما عبَّر يسوع نفسه عن ذلك: «من ايام يوحنا المعمدان الى الآن ملكوت السموات هو الهدف الذي يندفع نحوه الناس، والذين يندفعون الى الأمام يمسكون به.» — متى ١١:١٢، عج.
٢٢ بأي معنى مات «الغني» و «لعازر»؟
٢٢ لذلك فإن عمل ورسالة يوحنا المعمدان ويسوع المسيح بدأا يقودان الى تغيير كامل في حالة «الغني» و «لعازر» الرمزيين. فكلا الصفين ماتا بالنسبة الى حالتهما السابقة. فأتى صف «لعازر» التائب الى موقف الرضى الالهي، فيما صار صف «الغني» تحت السخط الالهي بسبب الاستمرار في عدم التوبة. وذات مرة كان صف «لعازر» قد نظر الى الفريسيين وغيرهم من القادة الدينيين لليهودية من اجل «الفتات» الروحي. ولكنَّ تقديم يسوع الحق لهم سدَّ حاجاتهم الروحية. وفي مقابلة التغذية الروحية التي زوَّدها يسوع بتلك التي للقادة الدينيين، يذكر الكتاب المقدس: «بُهتت الجموع من تعليمه. لأنه كان يعلِّمهم كمَن له سلطان وليس كالكتبة.» (متى ٧:٢٨، ٢٩) حقا، حدث انعكاس تام. وتبيَّن ان القادة الدينيين لليهودية ليس لديهم ما يقدِّمونه لصف «لعازر.»
٢٣، ٢٤ (أ) اي تغيير في الحالة حدث في يوم الخمسين سنة ٣٣ بم؟ (ب) ماذا يُقصد بـ ‹الهوَّة› المذكورة في المثل؟
٢٣ وفي يوم الخمسين سنة ٣٣ بعد الميلاد تمَّ التغيير في الحالتين. ففي ذلك الوقت حلَّ العهد الجديد محلّ عهد الناموس القديم. وأولئك الذين تابوا وقبلوا يسوع جرى تحريرهم آنذاك كاملا من عهد الناموس القديم. لقد ماتوا بالنسبة اليه. وفي يوم الخمسين هذا كان هنالك ايضا دليل جليّ على ان تلاميذ يسوع المسيح رُفِّعوا كثيرا فوق الفريسيين والقادة الدينيين البارزين الآخرين. فليس القادة الدينيون لليهودية بل اولئك التلاميذ هم الذين نالوا روح اللّٰه، ممكِّنا اياهم من التكلُّم «بعظائم اللّٰه» باللغات القومية للناس من اماكن متفرقة بشكل واسع. (اعمال ٢:٥-١١) وكم كان هذا اعرابا رائعا عن نيلهم بركة اللّٰه ورضاه! لقد اتى صف «لعازر» حقا الى الحالة المرضيَّة اذ صاروا النسل الروحي لابراهيم الأعظم، يهوه. وهذا الامر مثَّله مركز ‹الحضن.› — قارنوا يوحنا ١:١٨.
٢٤ أما الفريسيون والقادة الدينيون البارزون الآخرون غير التائبين، فقد كانوا امواتا بالنسبة الى موقفهم السابق للرضى الظاهري. لقد كانوا في «(هَادِس).» وبالبقاء غير تائبين، فُصلوا عن تلاميذ يسوع الأمناء كما بـ «هوَّة عظيمة.» وكانت هذه «هوَّة» دينونة اللّٰه البارَّة التي لا تتغيَّر. نقرأ عن ذلك في الأسفار المقدسة: «احكامك لُجَّة عظيمة.» — مزمور ٣٦:٦.
عذاب «الغني»
٢٥-٢٧ كيف عُذِّب «الغني»؟
٢٥ ان صف «الغني» عذِّب ايضا. كيف؟ بواسطة رسائل دينونة اللّٰه النارية التي نادى بها تلاميذ يسوع. — قارنوا رؤيا ١٤:١٠.
٢٦ لا يمكن ان يكون هنالك شك في ان الرسالة التي نادى بها تلاميذ يسوع عذَّبت القادة الدينيين. وقد حاولوا بيأس ايقاف المناداة. فعندما قدَّم رسل يسوع المسيح دفاعهم امام المحكمة اليهودية العليا المؤلفة من رجال دينيين بارزين، «حنق [القضاة] وجعلوا يتشاورون ان يقتلوهم.» (اعمال ٥:٣٣) وفي ما بعد كان لدفاع التلميذ استفانوس تأثير معذِّب مماثل في اعضاء تلك المحكمة. «حنقوا بقلوبهم وصرُّوا بأسنانهم عليه.» — اعمال ٧:٥٤.
٢٧ اراد اولئك القادة الدينيون ان يأتي تلاميذ يسوع ‹ويبرِّدوا لسانهم.› لقد ارادوا ان يترك صف «لعازر» «حضن» رضى اللّٰه ويقدِّم رسالته بطريقة لا تسبب لهم الانزعاج. وبصورة مماثلة، ارادوا ان يلطِّف صف «لعازر» رسالة اللّٰه لكيلا يوضع ‹اخوتهم الخمسة،› حلفاؤهم الدينيون، في ‹موضع عذاب.› نعم، لم يريدوا ان يتعذَّب ايٌّ من عشرائهم برسائل الدينونة.
٢٨ ماذا رفض رسل الرب يسوع المسيح ان يفعلوا؟
٢٨ ولكن، كما اشار مثل يسوع، لم يكن صف «الغني» ولا حلفاؤه الدينيون ليتحرَّروا من التأثيرات المعذِّبة للرسالة التي ينادي بها صف «لعازر.» لقد رفض رسل الرب يسوع المسيح ان يلطِّفوا الرسالة. ورفضوا ان يتوقفوا عن التعليم على اساس اسم يسوع. وكان جوابهم للمحكمة اليهودية العليا. «ينبغي ان يطاع اللّٰه اكثر من الناس.» — اعمال ٥:٢٩.
٢٩ كيف كان بإمكان حلفاء «الغني» الدينيين ان ينجوا من العذاب؟
٢٩ وإذا اراد حلفاء «الغني» الدينيون ان ينجوا من هذا العذاب، فبإمكانهم ذلك. فكان عندهم «موسى والأنبياء،» اي كانت عندهم الأسفار المقدسة الموحى بها التي كتبها موسى والأنبياء القدامى الآخرون. ولم تشِر تلك الأسفار المقدسة الموحى بها ولا مرة واحدة الى ايّ مكان حرفي للعذاب بعد الموت، ولكنها احتوت كل ما يلزم لتحديد هوية يسوع بصفته المسيّا او المسيح الموعود به. (تثنية ١٨:١٥، ١٨، ١٩؛ ١ بطرس ١:١٠، ١١) ولذلك، لو ان صف «الغني» و ‹اخوته الخمسة› انتبهوا لِـ «موسى والأنبياء،» لقبلوا يسوع بصفته المسيّا. ولوضعهم ذلك في الطريق الى الرضى الالهي وحماهم من التأثيرات المعذِّبة لرسالة دينونة اللّٰه.
العالم المسيحي يجب ان يعرف
٣٠ لماذا ليس هنالك سبب لكيلا يعرف رجال دين العالم المسيحي ان هذا هو مثل؟
٣٠ ليس هنالك سبب لكيلا يكون رجال دين العالم المسيحي حسني الاطلاع على هذا الفهم لمثل يسوع. وثمة تعليق پروتستانتي بارز، الكتاب المقدس للمفسِّر، يلفت الانتباه الى توضيح مماثل. فهو يظهر ان مفسِّرين كثيرين يعتقدون ان كلمات يسوع هي «ملحق مجازي يتصوَّر مقدما الصراع بين المسيحية الباكرة واليهودية الأرثوذكسية. والغني واخوته يمثّلون اليهود غير المؤمنين. ويبدو ان يسوع يؤكِّد انهم رفضوا بعناد ان يتوبوا على الرغم من الشهادة الواضحة له في الأسفار المقدسة وينبئ انهم سيفشلون في التأثر بقيامته. وما يمكن تخيُّله هو ان لوقا وقرَّاءه فرضوا تفسيرا كهذا على هذه الآيات.» وفي حاشية على لوقا الاصحاح ١٦، يعترف الكتاب المقدس الأورشليمي الكاثوليكي بأن هذا «مثل في شكل قصة دون اشارة الى اية شخصية تاريخية.»
٣١-٣٣ (أ) اية اسئلة مهمة تُطرح عن رجال دين العالم المسيحي؟ (ب) اية دروس حيوية نتعلَّمها من مثل الغني ولعازر؟ (ج) اية اسئلة شخصية يجب ان نطرحها على انفسنا؟
٣١ نظرا الى ذلك، يمكننا ان نسأل بالصواب: لماذا لم يعترف رجال دين العالم المسيحي على الأقل لرعايا كنيستهم بأن هذا مثل؟ ولماذا يستمر اولئك الذين يعرفون ان الكتاب المقدس لا يعلِّم خلود النفس البشرية في وضع تطبيق حرفي على مثل واضح؟ أليس ذلك عدم استقامة؟ ألا يظهرون استخفافا بكلمة اللّٰه، مخفين الوقائع عمدا؟
٣٢ يحتوي مثل الغني ولعازر على دروس حيوية لنا اليوم. فهل ننتبه لكلمة اللّٰه الموحى بها؟ وهل نرغب في اتِّباعها كتلاميذ منتذرين ليسوع المسيح؟ ان الذين يرفضون ذلك، كالفريسيين اليهود، لن ينجوا من التأثيرات المعذِّبة لرسالة دينونة اللّٰه ضدهم. وسيواصل خدامه الأولياء اعلان الحق، مشهِّرين الخطأ الديني بجرأة.
٣٣ فأين تقفون في هذه المسألة؟ هل تعتقدون انه يجب ان يكون هنالك فتور في تشهير كهذا، شاعرين بأنه يوجد صلاح في جميع الأديان؟ أم هل تشعرون بالسخط على اساءة تمثيل العالم المسيحي اللّٰه بعقائده الباطلة عن الأموات؟ هل تريدون ان تروا اسم اللّٰه يتبرَّأ من التعيير الذي جلبه عليه تعليم العقائد الباطلة؟ وهل ترغبون في رؤية عدم توفير ايّ جهد في سبيل تحرير ذوي القلوب المستقيمة من العبودية للأباطيل الدينية؟ اذا كان الامر كذلك، فستجدون ان قصد اللّٰه المتعلق بالأموات والأحياء معزٍّ جدا.
-
-
ماذا عن نار جهنَّا؟هل هذه الحياة هي كل ما هنالك؟
-
-
الفصل ١٣
ماذا عن نار جهنَّا؟
١-٤ (أ) عندما تتكلَّم بعض ترجمات الكتاب المقدس عن «نار الهاوية،» من اية كلمة يونانية اصلية يُترجَم التعبير «الهاوية»؟ (ب) ماذا يظهر ان جهنَّا لا يمكن ان تكون مكانا للعذاب الأبدي؟
‹من المسلم به،› قد يقول المرء، ‹ان هَادِس لا تُستعمل ابدا في الكتاب المقدس لتشير الى مكان للعذاب الناري. ولكن ألا يتكلَّم الكتاب المقدس عن «نار الهاوية»؟›
٢ صحيح ان ترجمات عديدة للأسفار اليونانية المسيحية (المدعوة عموما «العهد الجديد») تستعمل التعبير «نار الهاوية» او «نيران الهاوية.» والتعبير اليوناني المنقول الى «هاوية» في هذه الحالة هو غِيِنَّا (جهنَّا). ولكن هل جهنَّا هي اسم مكان للعذاب الناري؟ نعم، يقول معلِّقون كثيرون للعالم المسيحي. ولكنهم يعرفون جيدا ان النفس ليست خالدة. ويعرفون ايضا ان الأسفار المقدسة تُظهر ان الخلود يُمنح مكافأةً فقط للذين يعيِّنهم اللّٰه كمستحقين لنيله، وليس لعنةً على الأشرار ليتعذَّبوا الى الأبد. — رومية ٢:٦، ٧؛ ١ كورنثوس ١٥:٥٣، ٥٤.
٣ ويعترف معلِّقون آخرون للعالم المسيحي بأن جهنَّا ليست مكانا للعذاب الناري الأبدي. يقول تعليق الكتاب المقدس الجديد (الصفحة ٧٧٩): «جهنَّا كانت الصيغة الهلِّينستية لاسم وادي هِنُّوم في اورشليم حيث كانت النيران تبقى مشتعلة باستمرار لاتلاف فضلات المدينة. وهذه صورة مؤثِّرة للهلاك النهائي.»
٤ فما هي حقيقة المسألة؟ ان الطريقة الفضلى لمعرفة ذلك هي ان نفحص ما يقوله الكتاب المقدس نفسه.
٥ كيف يُستعمل التعبير «جهنَّا» في الكتاب المقدس؟
٥ ان التعبير «جهنَّا» موجود اثنتي عشرة مرة في الأسفار اليونانية المسيحية. وقد استعمله التلميذ يعقوب مرة واحدة، ويَظهر احدى عشرة مرة في عبارات تُنسب الى يسوع المسيح وتتعلق بحكم ادانة. تقول هذه الآيات:
«اقول لكم ان كل مَن يغضب على اخيه باطلا يكون مستوجب الحكم. ومَن قال لأخيه رقا يكون مستوجب المجمع. ومَن قال يا احمق [حاكما بذلك على اخيه ومدينا اياه خطأً بأنه عديم القيمة ادبيا] يكون مستوجب نار (جهنَّا).» — متى ٥:٢٢.
«لا تخافوا من الذين يقتلون الجسد ولكنَّ النفس لا يقدرون ان يقتلوها. بل خافوا بالحري من الذي يقدر ان يهلك النفس والجسد كليهما في (جهنَّا).» — متى ١٠:٢٨.
«أُريكم ممَّن تخافون. خافوا من الذي بعدما يقتل له سلطان ان يلقي في (جهنَّا). نعم اقول لكم من هذا خافوا.» — لوقا ١٢:٥.
«ويل لكم ايها الكتبة والفريسيون المراؤون لأنكم تطوفون البحر والبر لتكسبوا دخيلا واحدا. ومتى حصل تصنعونه ابنا (لجهنَّا) اكثر منكم مضاعفا. ايها الحيات اولاد الأفاعي كيف تهربون من دينونة (جهنَّا).» — متى ٢٣:١٥، ٣٣.
«إن اعثرتك يدك فاقطعها. خير لك ان تدخل الحياة اقطع من ان تكون لك يدان وتمضي الى (جهنَّا) الى النار التي لا تُطفأ . . .، وإن اعثرتك رجلك فاقطعها. خير لك ان تدخل الحياة اعرج من ان تكون لك رجلان وتُطرح في (جهنَّا) في النار التي لا تُطفأ. . . . وإن اعثرتك عينك فاقلعها. خير لك ان تدخل ملكوت اللّٰه أعور من ان تكون لك عينان وتطرح في (جهنَّا) النار. حيث دودهم لا يموت والنار لا تُطفأ.» — مرقس ٩:٤٣-٤٨؛ انظروا ايضا المقاطع المعبَّر عنها بطريقة مماثلة في متى ٥:٢٩، ٣٠؛ ١٨:٨، ٩.
«فاللسان نار. عالَم الاثم. هكذا جُعِل في اعضائنا اللسان الذي يدنِّس الجسم كله ويضرِم دائرة (الحياة) ويضرَم من (جهنَّا) [اي ان الاستعمال غير اللائق للسان مهلك كجهنَّا؛ ويمكن ان يؤثِّر كثيرا في كامل دورة الحياة التي يأتي اليها الشخص بالولادة حتى انه يمكن ان يؤدي الى استحقاقه دينونة جهنَّا].» — يعقوب ٣:٦.
٦ اية استنتاجات عن الوجود الواعي او الالم بعد الموت يمكننا استخلاصها من الآيات التي تذكر جهنَّا؟
٦ لاحظوا انه، فيما تقرن هذه الآيات النار بجهنَّا، لا تتحدث اية منها عن ايّ وجود واع، ايّ ألم بعد الموت. وبالأحرى، كما يظهر في متى ١٠:٢٨، اوضح يسوع ان اللّٰه يقدر ان «يهلك،» لا الجسد فحسب، بل الشخص بكامله، النفس، في جهنَّا. فما هي طبيعة هذا الهلاك؟ ان فهم ذلك يجري احرازه من فحص ادق لكلمة «جهنَّا.»
جهنَّا — وادي هِنُّوم
٧ كيف كان وادي هِنُّوم يُستعمل في ايام ملكَي يهوذا العديمَي الأمانة آحاز ومنسى؟
٧ على الرغم من ان «جهنَّا» موجودة في الأسفار اليونانية المسيحية، فهي مشتقة من كلمتين عبرانيتين جَي وهينّوم، وتعنيان وادي هِنُّوم. وكان هذا الوادي يقع جنوبي وجنوبي غربي اورشليم. وفي ايام ملكَي يهوذا العديمَي الأمانة آحاز ومنسى خدم وادي هِنُّوم كمكان للشعائر الدينية الوثنية، بما فيها الممارسة البغيضة لتقديم الأولاد قرابين. (٢ أخبار الأيام ٢٨:١، ٣؛ ٣٣:١، ٦؛ ارميا ٧:٣١؛ ١٩:٢، ٦) وفي ما بعد اوقف الملك الصالح يوشيا العبادة الوثنية التي مورست هناك وجعل الوادي غير صالح للاستعمال في العبادة. — ٢ ملوك ٢٣:١٠.
٨ ماذا يدعى وادي هِنُّوم في ارميا ٣١:٤٠، ولماذا؟
٨ ويروي التقليد ان وادي هِنُّوم صار بعد ذلك مكانا للتخلص من النفايات. ويزوِّد الكتاب المقدس تأكيدا لذلك. ففي ارميا ٣١:٤٠، مثلا، يدعى وادي هِنُّوم بوضوح «وادي الجثث والرماد.» وكان هنالك ايضا «باب الدِّمْن،» وهو باب يبدو انه مفتوح الى الطرف الشرقي من وادي هِنُّوم عند اتصاله بوادي قدرون. — نحميا ٣:١٣، ١٤.
٩، ١٠ كيف استُعمل التعبير «جهنَّا» عندما كان يسوع على الأرض؟
٩ أما ان جهنَّا يجب ان ترتبط بالأوجه المهلكة لمُلقى نفايات المدينة فيتفق تماما مع كلمات يسوع المسيح. ففي ما يتعلق بجهنَّا قال: «دودهم لا يموت والنار لا تُطفأ.» (مرقس ٩:٤٨) من الواضح ان كلماته تلمِّح الى واقع ان النيران كانت تشتعل باستمرار في مُلقى نفايات المدينة، وربما كانت تزداد حدَّة باضافة الكبريت. وحيث لا تصل النار، كان الدود يتوالد ويتغذى بما لم تتلفه النار.
١٠ ويجب ان يلاحَظ ايضا ان يسوع، بكلامه عن جهنَّا بهذه الطريقة، لم يُدخل مفهوما غريبا تماما عن الأسفار العبرانية. ففي تلك الأسفار المقدسة الأبكر تظهر صياغة مماثلة تقريبا في الاشارات الى ما سيحدث للفجار.
١١-١٣ كيف توضح اشعياء ٦٦:٢٤ وارميا ١٩:٦، ٧ ان جهنَّا لا يجب ان تُربط بالعذاب الواعي؟
١١ تنبئ اشعياء ٦٦:٢٤ بأن الأشخاص الذين يحظَون برضى اللّٰه «يخرجون ويرون جثث الناس الذين عصوا على [اللّٰه] لأن دودهم لا يموت ونارهم لا تُطفأ. ويكونون رذالة لكل ذي جسد.» من الواضح ان ذلك ليس صورة لعذاب واعٍ وانما لهلاك رهيب. وما يبقى، ليس انفسا واعية او «ارواحا تحرَّرت من الأجساد،» بل «جثث» ميتة. وتُظهر الآية انه، لا البشر، بل الدود الذي عليهم هو الحيّ. ولا ذكر هنا لأية «نفس خالدة.»
١٢ وفي نبوة ارميا يجري ربط وادي هِنُّوم على نحو مماثل بهلاك البشر العديمي الأمانة. «ها ايام تأتي يقول الرب ولا يدعى بعد هذا الموضع توفة ولا وادي ابن هِنُّوم بل وادي القتل. وأنقض مشورة يهوذا وأورشليم في هذا الموضع وأجعلهم يسقطون بالسيف امام اعدائهم وبيد طالبي نفوسهم وأجعل جثثهم أُكلا لطيور السماء ولوحوش الأرض.» — ارميا ١٩:٦، ٧.
١٣ لاحظوا ان اشارة ارميا الى وادي هِنُّوم لا تحتوي على تلميح الى عذاب واعٍ بعد الموت. فالصورة المرسومة هي صورة هلاك تام، اذ تلتهم الطيور والوحوش القمّامة ‹الجثث.›
رمز الى الهلاك
١٤-١٦ (أ) لماذا لا يمكن ان تخدم جهنَّا كرمز الى العذاب الناري الواعي؟ (ب) اي نوع من الهلاك ترمز اليه جهنَّا؟
١٤ اذًا، انسجاما مع دليل الكتاب المقدس، يمكن ان تخدم جهنَّا او وادي هِنُّوم بلياقة كرمز الى الهلاك ولكن ليس الى العذاب الناري الواعي. ويعترف بذلك جوزف إ. كُكْجون، في المجلة الدورية الكاثوليكية كومونْوِيل، قائلا:
«من الواضح ان المكان النهائي للعقاب هو جهنَّا، وادي هِنُّو[م]، الذي كان في وقت من الاوقات مكانا تُقدَّم فيه القرابين البشرية للآلهة الوثنية، لكنه صار في ازمنة الكتاب المقدس مُلقى نفايات المدينة، كومة من الفضلات في ضواحي اورشليم. هنا كانت الرائحة النتنة والدخان والنار مذكِّرا دائما للسكان بما يحدث للأشياء التي خدمت قصدها — لقد أُهلكت.»
١٥ أما ان الهلاك الذي ترمز اليه جهنَّا هو هلاك دائم فيظهر في مكان آخر من الأسفار المقدسة. فالرسول بولس، عندما كتب الى المسيحيين في تسالونيكي، قال ان الذين يسببون لهم المضايقة «سيعاقَبون بـ هلاك ابدي من وجه الرب ومن مجد قوته.» — ٢ تسالونيكي ١:٦-٩.
١٦ وهكذا فإن دليل الكتاب المقدس يجعله واضحا ان الذين يحكم اللّٰه بأنهم لا يستحقون الحياة سيختبرون، لا العذاب الأبدي في نار حرفية، بل ‹الهلاك الابدي.› ولن يُحفظوا احياء في ايّ مكان. لذلك ليست نار جهنَّا سوى رمز الى كون ذلك الهلاك كليا وتاما.
١٧ كيف تكلَّم يسوع عن القادة الدينيين في ايامه؟
١٧ من الجدير بالذكر ان يسوع المسيح عندما خاطب القادة الدينيين في ايامه قال: «ايها الحيات اولاد الأفاعي كيف تهربون من دينونة (جهنَّا).» (متى ٢٣:٣٣) ولماذا ذلك؟ لأن اولئك القادة الدينيين كانوا مرائين. فقد رغبوا في ان يبجَّلوا ويخاطَبوا بألقاب طنَّانة، ولكن لم يكن لديهم ايّ اعتبار للذين كان يجب ان يساعدوهم روحيا. وقد ارهقوا الآخرين بالفرائض التقليدية، وصرفوا النظر عن العدل، الرحمة والأمانة. وكانوا معلِّمين كذبة، واضعين التقاليد البشرية فوق سلطة كلمة اللّٰه. — متى ١٥:٣-٦؛ ٢٣:١-٣٢.
١٨ لماذا لن يكون القادة الدينيون الكذبة للوقت الحاضر افضل حالا من الذين كانوا في ايام يسوع؟
١٨ هل لاحظتم امورا مماثلة بين القادة الدينيين للوقت الحاضر، وخصوصا في العالم المسيحي؟ هل هم افضل حالا من القادة الدينيين لليهودية في ايام خدمة يسوع الأرضية؟ كلا على الاطلاق، لأن القادة الدينيين للعالم المسيحي بعصيان اساءوا تمثيل اللّٰه و «(بشارة) ربنا يسوع.» ولذلك ما داموا مصرّين على تعليم العقائد الباطلة يكونون في خطر المعاقبة بـ «هلاك ابدي.»
١٩، ٢٠ (أ) ماذا يجب ان تساعدنا الحقيقة عن جهنَّا على فعله؟ (ب) ماذا سيحصل للناس الذين يتَّبعون بشكل اعمى التعاليم الدينية الباطلة؟ (ج) كيف يمكن ان يكون ذلك ضمانا معزِّيا لنا؟
١٩ وهكذا، يجب ان تساعدنا الحقيقة عن جهنَّا على تقدير اهمية تجنب الاقتران بالدين الباطل. وكما اظهر يسوع، ليس القادة فقط بل ايضا الذين يدعمون المعلِّمين الدينيين الكذبة هم في خطر. وفي الواقع، تكلَّم يسوع المسيح عن صيرورة دخيل للكتبة والفريسيين ‹ابنا (لجهنَّا) اكثر منهم مضاعفا.› (متى ٢٣:١٥) لذلك فإن الناس الذين يستمرون بشكل اعمى في اتِّباع التعليم الديني الباطل اليوم لا يمكنهم ان يرجوا النجاة من دينونة اللّٰه المضادة.
٢٠ فيما يجعلنا ذلك نفكِّر جدّيا في موقفنا الخاص، يمكن ان يكون ايضا ضمانا معزِّيا لنا. وكيف ذلك؟ لانه يمكننا ان نتيقن ان يهوه اللّٰه لن يترك الخطأ الخطير دون عقاب. فإن لم يُرِد الناس ان يعملوا وفق شرائعه البارَّة وأصرّوا عمدا على مسلك الشر، فلن يَسمح لهم لمدة طويلة بالاستمرار في تعكير سلام الأبرار.
[الخريطة في الصفحة ١١٣]
(اطلب النص في شكله المنسَّق في المطبوعة)
خريطة اورشليم القرن الاول
منطقة الهيكل
وادي هِنُّوم (جهنَّا)
-
-
ما يعنيه ‹العذاب في بحيرة النار›هل هذه الحياة هي كل ما هنالك؟
-
-
الفصل ١٤
ما يعنيه ‹العذاب في بحيرة النار›
١، ٢ (أ) ماذا يقول سفر الرؤيا للكتاب المقدس عن ‹العذاب›؟ (ب) اية اسئلة تحسن الاجابة عنها؟
اذ عرفتم الآن ما يقوله الكتاب المقدس عن حالة عدم الوعي التي للأموات، كيف تتجاوبون اذا وجدتم آية في الكتاب المقدس تذكر مكانا للعذاب؟ هل تفكِّرون ان ذلك يبرِّر تجاهل كل الآيات الأخرى والتمسك بالفكرة انه قد تكون هنالك مع ذلك امكانية لوجود واعٍ يستمر بعد الموت؟ أم انكم تشرعون في فحص دقيق للقرينة لتعرفوا تماما ما يمكن ان تعنيه الآية حقا وكيف تنسجم مع باقي الكتاب المقدس؟
٢ ان السبب للتأمُّل في ذلك هو ان سفر الرؤيا للكتاب المقدس يتكلَّم عن ‹العذاب› في «بحيرة النار.» تذكر الرؤيا ٢٠:١٠: «ابليس الذي كان يضلُّهم طُرح في بحيرة النار والكبريت حيث الوحش والنبي الكذَّاب وسيعذَّبون نهارا وليلا الى ابد الآبدين.» — انظروا ايضا رؤيا ١٩:٢٠.
٣، ٤ لماذا لا يجب ان نسرع الى الاستنتاج ان «بحيرة النار» هي حرفية؟
٣ وكيف يعذَّب الذين يُلقَون في «بحيرة النار»؟ أما اننا لا يجب ان نسرع الى فهم هذا التعبير كشيء حرفي فواضح من طبيعة سفر الرؤيا. تقول الكلمات الافتتاحية للسفر: «اعلان يسوع المسيح الذي اعطاه اياه اللّٰه ليري عبيده ما لا بد ان يكون عن قريب و (قدَّمه بعلامات) مرسِلا بيد ملاكه لعبده يوحنا.» — رؤيا ١:١.
٤ كما يُذكر هنا، قُدِّمت هذه الرؤيا «(بعلامات).» فماذا، اذًا، عن «بحيرة النار» و ‹العذاب› هناك؟ هل هما حرفيان أم انهما ‹(علامتان)› او رمزان؟
٥، ٦ لماذا لا يمكن ان يُطرح الموت وهَادِس في بحيرة نار حرفية؟
٥ ان المعلومات الاضافية عما يُلقَى في بحيرة النار، فضلا عن ابليس، «الوحش» و «النبي الكذَّاب،» تلقي ضوءا على المسألة. لاحظوا كلمات الرؤيا ٢٠:١٤، ١٥: «طُرح الموت و (هَادِس) في بحيرة النار. هذا هو الموت الثاني. وكل مَن لم يوجد مكتوبا في سفر الحياة طُرح في بحيرة النار.»
٦ والآن، هل يمكن ان يُطرح الموت وهَادِس في بحيرة نار حرفية؟ من الواضح ان ذلك غير ممكن، لأنهما ليسا من الأشياء، الحيوانات او الأشخاص. فالموت هو حالة او وضع. فكيف يمكن ان يُقذف في بحيرة نار حرفية؟ أما هَادِس فهي المدفن العام للجنس البشري. وأية بحيرة يمكن ان تسعه؟
٧، ٨ (أ) الى اي شيء ترمز «بحيرة النار»؟ (ب) ماذا يعني التعبير «الموت الثاني»؟
٧ ثم ان الرؤيا ٢٠:١٤، ١٥ لا تقول ان البحيرة حرفية. وبالأحرى نقرأ ان «بحيرة النار» هي نفسها علامة او رمز الى «الموت الثاني.» والنقطة نفسها تُذكر في الرؤيا ٢١:٨: «أما الخائفون وغير المؤمنين والرجسون والقاتلون والزناة والسحرة وعبدة الأوثان وجميع الكذبة فنصيبهم في البحيرة المتقدة بنار وكبريت الذي هو الموت الثاني.»
٨ بما ان بحيرة النار رمز الى الموت الثاني، فإن إلقاء الموت وهَادِس فيها هو مجرد طريقة رمزية للقول انهما سيفنيان الى الأبد. وهذا يتفق مع عبارة الكتاب المقدس ان «آخر عدوّ يُبطَل هو الموت.» (١ كورنثوس ١٥:٢٦) وبما ان هَادِس، المدفن العام للجنس البشري عموما، تفرغ و «الموت لا يكون في ما بعد،» يعني ذلك ان هَادِس تتوقف عن العمل، تزول من الوجود. — رؤيا ٢٠:١٣؛ ٢١:٤.
عذاب مجازي
٩-١١ (أ) بما ان «بحيرة النار» رمزية، فماذا لا بد ان نقول عن العذاب المقترن بها؟ (ب) بماذا يشبَّه الموت في الأسفار المقدسة؟
٩ فما هو، اذًا، ‹العذاب› الذي يختبره البشر الأشرار وغيرهم ممَّن يُطرحون في «بحيرة النار»؟ دون وجود واعٍ، لا يمكن ان يختبروا عذابا حرفيا. وليس هنالك في الأسفار المقدسة ما يُظهر انه سيكون لهم وجود واعٍ. فلماذا اذًا يتكلَّم الكتاب المقدس عن عذاب ابدي في «بحيرة النار»؟
١٠ بما ان «بحيرة النار» رمزية، فلا بد ان يكون العذاب المقترن بها ايضا رمزيا او مجازيا. ويمكن ادراك ذلك بشكل افضل على ضوء ما يقوله الكتاب المقدس عن الأشياء التي تُطرح في «بحيرة النار.» وما يجب ان نلاحظه هو ان «الموت الثاني» هو ما ترمز اليه «بحيرة النار.» والموت الآدمي، اي الموت الذي ورثه كل الجنس البشري المولود عن آدم وحواء بعد خطيتهما، لا يشبَّه ابدا بأمر مخيف كهذا، على الرغم من ان الموت هو «اجرة الخطية.» — رومية ٦:٢٣.
١١ شبَّه يسوع المسيح حالة موت الذين يموتون بسبب الخطية الموروثة بالنوم. مثلا، قال عن لعازر، الذي بقي ميتا لأجزاء من اربعة ايام، «لعازر حبيبنا قد نام. لكني اذهب لأوقظه.» (يوحنا ١١:١١) وفي ما بعد، نام يسوع ايضا نوم الموت لأجزاء من ثلاثة ايام. «الآن قد قام المسيح من الأموات وصار باكورة الراقدين.» (١ كورنثوس ١٥:٢٠) فالموت هو كالنوم، اذ ينتهي الى اليقظة.
١٢ (أ) كيف «يعذَّب» الأشخاص الى الأبد في الموت الثاني؟ (ب) مَن هم المعذِّبون المذكورون في متى ١٨:٣٤؟
١٢ لكنَّ الذين لا بد ان يقاسوا «الموت الثاني» ليست لديهم تعزية رجاء القيامة. وموتهم ليس نوما. فهم لا يستيقظون ابدا من الهلاك في الموت الثاني. وإذ تستمر هذه الحالة العديمة الرجاء في الامساك بهم، ‹يعذَّبون الى الأبد› بمعنى كونهم مقيَّدين الى الأبد عن ان يكون لهم ايّ وجود واعٍ او نشاط. أما ان تقييدهم في «الموت الثاني» مشبَّه بعذاب الحجز في السجن فيُظهره يسوع في مثله عن العبد العديم الشكر والرحمة. فعن الاجراء الذي اتخذه سيده ضده، قال يسوع: «وغضب سيده وسلَّمه الى المعذِّبين حتى يوفي كل ما كان له عليه.» (متى ١٨:٣٤) وتُظهر ترجمة العالم الجديد مَن هم هؤلاء المعذِّبون اذ تقول: «وغضب سيده وسلَّمه الى السجَّانين [نص الحاشية: المعذِّبين] حتى يوفي كل ما كان له عليه.»
١٣، ١٤ كيف ينفي واقع ان «بحيرة النار» هي رمز الى «الموت الثاني» فكرة كونها مكانا للعذاب الواعي؟
١٣ وواقع ان «بحيرة النار» هي رمز الى «الموت الثاني» ينفي فكرة كونها مكانا للعذاب الواعي. ولا يقترح الكتاب المقدس ايضا في ايّ مكان ان الأموات يمكن ان يختبروا العذاب الواعي، بل ان الأموات قد فقدوا كل الاحاسيس. وعن الأموات في المدفن العام للجنس البشري يقول الكتاب المقدس: «هناك يكفُّ المنافقون عن الشغب وهناك يستريح المتعبون. الأسرى يطمئنون جميعا. لا يسمعون صوت المسخِّر. الصغير كما الكبير هناك والعبد حرٌّ من سيده.» — ايوب ٣:١٧-١٩.
١٤ وكما ان الموت الذي يستمر البشر عموما في ان يكونوا عرضة له ينهي كل الأحاسيس والمشاعر، كذلك يفعل «الموت الثاني.» ولكن، ما من مغفرة للخطايا او افتداء ممكنٌ للذين يعاقَبون بـ «الموت الثاني.» فهذه الحالة المخزية هي نصيبهم الى الأبد. وذكراهم تكون نتانة ايضا. — اشعياء ٦٦:٢٤؛ امثال ١٠:٧.
١٥-١٧ (أ) ماذا تقول الرؤيا ١٤:٩-١١ عن العذاب؟ (ب) بأية وسيلة يعذَّب الذين يسجدون «للوحش» و «لصورته»؟
١٥ ولكن حتى قبل ان يُلقى الأشرار في الفناء التام، «الموت الثاني،» يختبرون العذاب. ويشار الى ذلك رمزيا في الرؤيا ١٤:٩-١١: «إن كان احد يسجد للوحش ولصورته ويقبل سمته على جبهته او على يده فهو ايضا سيشرب من خمر غضب اللّٰه المصبوب صرفا في كأس غضبه ويعذَّب بنار وكبريت امام الملائكة القديسين وأمام الخروف. ويصعد دخان عذابهم الى ابد الآبدين ولا تكون راحة نهارا وليلا للذين يسجدون للوحش ولصورته ولكل مَن يقبل سمة اسمه.» فبأية وسيلة يعذَّب الذين يسجدون «للوحش» و «لصورته»؟ ان كلمات الرؤيا التي تتبع بعد ذلك مباشرة تزوِّد الدليل: «هنا (احتمال) القديسين هنا الذين يحفظون وصايا اللّٰه وايمان يسوع.» — رؤيا ١٤:١٢.
١٦ لن تكون هنالك حاجة الى الاحتمال من جهة القديسين اذا حُجز الذين يسجدون «للوحش» و «لصورته» في مكان عذاب حرفي. فحينئذ يُجرَّد اولئك الساجدون الزائفون من كل قدرة على ايذاء خدام اللّٰه الأمناء. ولكن ما داموا احياء وطلقاء يمكنهم ان ينهمكوا في اعمال بغيضة ووحشية ضد «القديسين.»
١٧ وواقع إدخال «القديسين» في الصورة يدل على انهم ادوات لجلب العذاب على الأشرار. وكيف يمكن ان يكون ذلك؟ انهم يعلنون الرسالة التي تشير الى الهلاك الأبدي الذي ينتظر الساجدين «للوحش» و «لصورته.» وهذه الرسالة تضع اولئك الساجدين الزائفين في العذاب، دون ان تمنحهم راحة نهارا او ليلا. ولهذا السبب يجرِّبون كل ما يستطيعون لإسكات خدام اللّٰه. والاضطهاد الناتج يدعو الى الاحتمال من جهة «القديسين.» وأخيرا، عندما يهلك الساجدون «للوحش» و «لصورته» كما «بنار وكبريت،» فإن الدليل على هذا الهلاك الكلي سيصعد، كالدخان، الى ابد الدهور.
١٨ كيف يمكن ايضاح تمام هذا الهلاك؟
١٨ وتمام هذا الهلاك يمكن ايضاحه بما حدث لمدينتَي سدوم وعمورة. كتب التلميذ يهوذا: «سدوم وعمورة والمدن التي حولهما . . . جُعلت عبرة مكابدة عقاب نار ابدية.» (يهوذا ٧) ان النار التي دمَّرت تينك المدينتين توقفت عن الاشتعال قبلما كتب يهوذا رسالته بزمن طويل. ولكنَّ الدليل الدائم ‹الأبدي› على قدرة تلك النار على التدمير بقي، لان تينك المدينتين ما زالتا غير موجودتين.
العذاب الأبدي لا ينسجم مع شخصية اللّٰه
١٩-٢٢ (أ) ماذا يُظهر لنا ان يهوه اللّٰه لديه مشاعر رقيقة تجاه كل خلائقه؟ (ب) الى ماذا يشير ذلك بشأن تعذيبه بعض البشر طوال الأبدية؟
١٩ أما ان الهلاك الكلي، لا العذاب الواعي طوال الأبدية، هو العقاب الذي يناله الذين يثابرون على التمرد فيتفق ايضا مع ما يكشفه اللّٰه عن نفسه في كلمته الكتاب المقدس. فلدى يهوه اللّٰه مشاعر رقيقة تجاه خليقته البشرية وكذلك خليقته الحيوانية.
٢٠ تأملوا لحظة في شريعة اللّٰه المتعلقة بالثور العامل: «لا تكمَّ الثور في دراسه.» (تثنية ٢٥:٤) لقد عكست هذه الشريعة اهتمام اللّٰه الرؤوف بالحيوانات غير العاقلة. فلم يكن الثور ليعذَّب بمنعه عنوة من اشباع رغبته في الأكل من بعض الحبوب التي يدرسها.
٢١ واهتمام اللّٰه ومحبته للجنس البشري اعظم بكثير مما للحيوانات غير العاقلة. وكما ذكَّر يسوع المسيح تلاميذه: «أليست خمسة عصافير تباع بفلسَين. وواحد منها ليس منسيًّا امام اللّٰه. بل شعور رؤوسكم ايضا جميعها محصاة. فلا تخافوا. انتم افضل من عصافير كثيرة.» — لوقا ١٢:٦، ٧.
٢٢ أفلا يكون متناقضا كليا ان يدَّعي احد ان الها بمثل هذه المشاعر الرقيقة يعذِّب حرفيا بعض البشر طوال الأبدية؟ ومَن منا يريد ان يرى شخصا يقاسي اشد العذاب حتى لساعة واحدة؟ أليس صحيحا ان الناس الوحشيين فقط يبتهجون برؤية الآخرين يتألمون؟ ألا يثور احساسنا الداخلي بالمحبة والعدل عندما نسمع ان أبا عذَّب ولده الى حد الموت تقريبا بسبب عمل من اعمال العصيان؟ بصرف النظر عن مدى رداءة الولد، نجد انه من المستحيل حيازة مشاعر رقيقة تجاه أب كهذا.
٢٣-٢٥ (أ) لماذا لا ينسجم العذاب الأبدي مع شخصية اللّٰه؟ (ب) ماذا يمكن قوله عما اذا كان العذاب الأبدي يمكن ان يخدم اي قصد؟ (ج) لماذا سيساعدنا الادراك ان يهوه اله محب وعادل؟
٢٣ لكنَّ تعامل اللّٰه الرؤوف مع الجنس البشري الناقص يروق احساسنا الأدبي. وهو يبهج قلوبنا ويقرِّبنا اكثر الى خالقنا. فكِّروا في هذا: حتى عندما يستحق الناس العقاب، لا يُسرّ اللّٰه بالمعاقبة. وكما هتف النبي ارميا في ما يتعلق بدينونة اللّٰه التي اتت على اورشليم غير الأمينة: «ولو احزن يرحم حسب كثرة مراحمه. لأنه لا يُذِل من قلبه ولا يُحزِن بني الانسان.» — مراثي ارميا ٣:٣٢، ٣٣.
٢٤ اذا كان يهوه اللّٰه لا يُسرّ بأن يؤلم او يُحزن البشر الذين يستحقون العقاب، فكيف يمكن ان ينظر برضى الى عذاب الأشرار طوال الأبدية؟ وعلاوة على ذلك، ايّ قصد يخدمه ذلك؟ بحسب نظرية رجال الدين غير المؤسسة على الأسفار المقدسة عن «نار الهاوية،» حتى اذا اراد الذين يختبرون العذاب ان يغيِّروا، لا يمكنهم ذلك، ولا يمكنهم ان يحسِّنوا وضعهم. ولكنَّ كلمة اللّٰه تُظهر دون خطإ ان الهلاك الكلي، لا العذاب، هو العقاب لجميع الذين يثابرون على الشر.
٢٥ وإذ ندرك ان يهوه اله محب وعادل، يمكن ان نتيقَّن ان قصده للذين يريدون ان يخدموه بديع حقا. اذًا، بتوق شديد، لنفحص الأسفار المقدسة لنتعلَّم عن التدابير الحبية التي صنعها لانقاذ الجنس البشري من عبودية المرض والموت.
-