مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • نار الهاوية —‏ مشتعلة ام هامدة؟‏
    برج المراقبة ١٩٩٣ | ١٥ نيسان (‏ابريل)‏
    • نار الهاوية —‏ مشتعلة ام هامدة؟‏

      اعتاد المبشِّر الپروتستانتي جوناثان ادوَردز ان يوقع الرعب في قلوب المستعمرين الاميركيين في القرن الـ‍ ١٨ بأوصافه التصويرية عن الهاوية.‏ وذات مرة وصف مشهدا فيه يدلّي اللّٰه الخطاة فوق اللُّهُب كعناكب كريهة.‏ ووبَّخ ادوَردز جماعته قائلا:‏ «ايها الخطاة،‏ تتعلَّقون بخيط رفيع،‏ ولُهُب الغضب الالهي تتَّقد حوله،‏ وهي جاهزة في كل لحظة لإشاطته وحرقه قطعا.‏»‏

      ولكن بعد ان ألقى ادوَردز موعظته الشهيرة بوقت قصير،‏ بدأت لُهُب الهاوية،‏ اذا جاز التعبير،‏ بالاهتزاز والهمود.‏a وكتاب انحطاط الهاوية،‏ بواسطة د.‏ پ.‏ والكر،‏ يذكر انه:‏ «بحلول العقد الرابع من القرن الـ‍ ١٨ جرى علنا تحدّي عقيدة العذاب الابدي للمحكوم عليهم.‏» وخلال القرن الـ‍ ١٩،‏ استمرت لُهُب الهاوية في الهمود،‏ وبحلول منتصف القرن الـ‍ ٢٠،‏ فإن رأي ادوَردز عن الهاوية بصفتها ‹اتون نار حيث تُعذَّب ضحاياه بشدة في اذهانهم وفي اجسادهم الى الابد› توقف عن ان يكون موضوع محادثة.‏ «اذ هوجمت من المذهب العقلي الحديث وضعفت بلُهُب هيروشيما والمحرقة،‏» يذكر الصحافي جفري شايلِر،‏ «خسرت التخيلات المرعبة للهاوية الكثير من شدتها.‏»‏

      وفقدَ ايضا العديد من المبشرين ميلهم الى النار والكبريت.‏ والمواعظ القوية عن اهوال الهاوية اختفت من تنميق منابر وعظ كنائس العالم المسيحي التقليدية.‏ وبالنسبة الى معظم اللاهوتيين،‏ صارت الهاوية موضوعا عتيقا جدا للدراسة الجدِّية.‏ ومنذ بضع سنوات كان مؤرخ كنسي يقوم ببحث من اجل محاضرة جامعية عن الهاوية،‏ ففحص فهارس صحف علمية عديدة.‏ ولم يتمكن من ايجاد حتى عنوان واحد عن «الهاوية.‏» وبحسب مجلة نيوزويك،‏ استنتج المؤرخ:‏ «الهاوية اختفت.‏ وما من احد لاحظ ذلك.‏»‏

      عودة الهاوية

      اختفت؟‏ في الحقيقة لا.‏ فعلى نحو مفاجئ،‏ ظهرت ثانية عقيدة الهاوية في السنين الاخيرة في بعض الاماكن.‏ والاستفتاءات التي أُجريت في اميركا تظهر ان عدد الناس الذين يقولون انهم يؤمنون بالهاوية ازداد من ٥٣ في المئة في سنة ١٩٨١ الى ٦٠ في المئة في سنة ١٩٩٠.‏ أَضيفوا الى ذلك الانتشار العالمي النطاق لحركات التبشير الانجيلية بالهاوية،‏ فيصير واضحا ان العودة الجدِّية للهاوية في تفكير العالم المسيحي هي في الواقع ظاهرة عالمية.‏

      ولكن هل يؤثر هذا الإحياء فقط في عامة الشعب،‏ ام يصل الى رجال الدين ايضا؟‏ الواقع هو ان نار الهاوية كما بشَّر بها جوناثان ادوَردز منذ ٢٥٠ سنة لم تغب عن بعض رجال الدين المحافظين في العالم المسيحي.‏ وفي سنة ١٩٩١،‏ لاحظت اخبار الولايات المتحدة وأنباء العالم:‏ «حتى بين بعض الطوائف الرئيسية المتحرِّرة،‏ هنالك اشارات الى ان اللاهوتيين يبتدئون بالتفكير في فكرة الهاوية بجدِّية اكثر مما كانوا قبل عقود.‏» فمن الواضح انه بعد سنين من الاهمال،‏ ظهرت نار الهاوية ثانية على الخريطة الدينية في كل العالم.‏ ولكن،‏ هل احتفظت بميزاتها النارية؟‏

      اسئلة نشأت

      ان اللاهوتي و.‏ ف.‏ وولبرِخت لم تكن لديه شكوك:‏ «الهاوية هي هاوية،‏ ولن تقلِّل اية امنية او فكرة بشرية العذاب الابدي.‏» والعديد من الذين يتردَّدون الى الكنائس ليسوا على يقين الى هذا الحد.‏ فمع انهم لا يشكّون في وجود الهاوية،‏ لديهم اسئلة حول طبيعة الهاوية.‏ يعترف لاهوتي آخر:‏ «بالنسبة اليَّ ايضا،‏ الهاوية هي حقيقة غير مشكوك فيها،‏ معلَنة بوضوح في شهادة الكتاب المقدس،‏ لكنَّ طبيعتها المحدَّدة مبهمة.‏» نعم،‏ بالنسبة الى عدد متزايد من اللاهوتيين وعامة الشعب،‏ لم يعد السؤال اليوم،‏ ‏«هل هنالك هاوية؟‏» بل،‏ ‏«ما هي الهاوية؟‏»‏

      فكيف تجيبون؟‏ ماذا أُخبرتم عن طبيعة الهاوية؟‏ ولماذا تقلق هذه العقيدة المسيحيين المخلصين؟‏

      ‏[الحاشية]‏

      a في ٨ تموز ١٧٤١،‏ ألقى ادوَردز الموعظة «خطاة في يدي اله غضبان.‏»‏

  • العذاب الابدي —‏ لماذا هو عقيدة مزعجة؟‏
    برج المراقبة ١٩٩٣ | ١٥ نيسان (‏ابريل)‏
    • العذاب الابدي —‏ لماذا هو عقيدة مزعجة؟‏

      ‏«سمعت انكم طردتم القس في كنيستكم.‏ فماذا كان الخطأ؟‏»‏

      ‏«في الواقع،‏ ظل يخبرنا اننا جميعا ذاهبون الى الهاوية.‏»‏

      ‏«وماذا يقول قس الكنيسة الجديد؟‏»‏

      ‏«يقول قس الكنيسة الجديد اننا ذاهبون الى الهاوية ايضا.‏»‏

      ‏«اذًا ما هو الفرق؟‏»‏

      ‏«في الواقع،‏ الفرق هو انه عندما قال ذلك قس الكنيسة السابق،‏ بدا وكأنه مبتهج بذلك؛‏ ولكن عندما يقول ذلك القس الجديد،‏ يبدو وكأنه يفطر قلبه حزنا.‏»‏

      اذ تُذكر في كتاب توضيحي،‏ تظهر هذه القصة بطريقتها الخاصة ان كثيرين من معلمي الكتاب المقدس،‏ بالاضافة الى الذين يتردَّدون الى الكنائس،‏ ليسوا مرتاحين لعقيدة الهاوية.‏ وعلى نطاق اوسع،‏ تؤكد ايضا ما لاحظه اللاهوتي الكندي كلارك.‏ ه‍.‏ پِناك:‏ «من كل مقالات اللاهوت التي اقلقت الضمير البشري طوال قرون،‏ أعتقد ان القليل يمكن ان يسبب قلقا اعظم من التفسير المقبول للهاوية بصفتها عقابا واعيا ابديا في الجسد والنفس.‏»‏

      مضامين ادبية

      لماذا،‏ اذًا،‏ يقلق كثيرون من مشاهد الجحيم التي تُقدَّم في العالم المسيحي؟‏ (‏انظروا الاطار)‏ يظهر الپروفسور پِناك:‏ «ان الفكرة ان المخلوق الواعي يجب ان يخضع لعذاب عقلي وجسدي طوال فترة لا نهاية لها هي فكرة مزعجة جدا،‏ والتفكير ان هذا فُرض عليهم بقرار الهي يخالف اقتناعي بشأن محبة اللّٰه.‏»‏

      نعم،‏ ان التعليم عن عذاب ابدي يقدِّم مشكلة ادبية.‏ مثلا،‏ يتأمل المسيحيون المخلصون في الاسئلة التي اثارها اللاهوتي الكاثوليكي هانس كُونڠ:‏ «هل يجب ان يراقب اله المحبة .‏ .‏ .‏ طوال الابدية عذاب خلائقه هذا النفسي الجسدي،‏ القاسي،‏ العديم المحبة،‏ العديم الرحمة،‏ اليائس،‏ والذي لا نهاية له؟‏» ويتابع كُونڠ:‏ «هل هو كدائن قاسي القلب؟‏ .‏ .‏ .‏ ما هو رأينا في كائن بشري يشبع رغبته في الانتقام كثيرا بدون مسامحة وبدون اكتفاء؟‏»‏a حقا،‏ كيف يمكن للّٰه،‏ الذي يخبرنا في الكتاب المقدس ان نحب اعداءنا،‏ ان يرغب في تعذيب اعدائه الى الابد؟‏ (‏١ يوحنا ٤:‏٨-‏١٠‏)‏ ليس مدهشا ان يستنتج بعض الناس أنَّ طبيعة الهاوية لا تنسجم مع طبيعة اللّٰه،‏ أنَّ هذه العقيدة ليس لها معنى ادبي.‏

      يحاول مؤمنون آخرون كثيرون اسكات ضميرهم بتجنُّب هذه الاسئلة.‏ ولكنَّ تجاهل هذه الاسئلة لا يخفي هذه التعقيدات.‏ فدعونا نواجه القضية.‏ ما هي المضامين الادبية المتعلقة بهذه العقيدة؟‏ يكتب الپروفسور پِناك في مجلة كْرِسْوِل اللاهوتية:‏ «ان العذاب الابدي غير مقبول من وجهة النظر الادبية لأنه يصوِّر اللّٰه كوحش متعطش الى الدم يحافظ على أوشڤيتس [معسكر اعتقال نازي] دائم لضحايا لا يسمح لهم حتى بأن يموتوا.‏» ويسأل:‏ «كيف يمكن لأيّ شخص لديه رأفة ان يبقى هادئا متأملا في فكرة كهذه [عقيدة الهاوية التقليدية]؟‏ .‏ .‏ .‏ كيف يمكن للمسيحيين ان يتصوَّروا الها بهذه القسوة وحب الانتقام؟‏»‏

      واذ يظهر التأثير الرديء الذي يمكن ان يكون لهذه العقيدة في تصرُّف الانسان،‏ يعلِّق پِناك:‏ «حتى انني أتساءل اية فظائع ارتكبها اولئك الذين يؤمنون باله يعذب اعداءه؟‏» ويستنتج:‏ «أليس هذا مفهوما مزعجا جدا تلزم اعادة النظر فيه؟‏» نعم،‏ اذا نُسبت قسوة كهذه الى اللّٰه،‏ فليس عجيبا ان يعيد الذين يتردَّدون الى الكنائس الحسَّاسون فحص نار الهاوية.‏ وماذا يرون؟‏ مشكلة اخرى تواجه فكرة العذاب الابدي.‏

      الهاوية والعدل

      ان كثيرين ممن يفكرون في عقيدة الهاوية التقليدية يجدون انها تصوِّر اللّٰه وكأنه يعمل بظلم،‏ فيؤذي ذلك احساسهم الطبيعي بالعدل.‏ بأية طريقة؟‏

      تجدون احد الاجوبة بمقارنة عقيدة العذاب الابدي بمقياس العدل الذي وضعه اللّٰه:‏ «عينا بعين وسنا بسن.‏» (‏خروج ٢١:‏٢٤‏)‏ ومن اجل البرهان،‏ طبِّقوا على عقيدة نار الهاوية هذه الشريعة الالهية المعطاة لاسرائيل القديمة،‏ شريعة الجزاء الصحيح.‏ فأيّ استنتاج ستصلون اليه على الارجح؟‏ ان اولئك الخطاة فقط الذين سبَّبوا عذابا ابديا يستحقون بدورهم عذابا ابديا معادلا —‏ عذابا ابديا بعذاب ابدي.‏ ولكن بما ان البشر (‏مهما كانوا اشرارا)‏ يمكنهم ان يسبِّبوا عذابا محدودا فقط،‏ فإن الحكم عليهم بالعذاب الابدي يخلق تفاوتا بين جرائمهم وعقاب نار الهاوية غير المحدود.‏

      وببسيط العبارة،‏ يكون العقاب قاسيا جدا.‏ ويتجاوز الى حد بعيد «عينا بعين وسنا بسن.‏» واذ تأخذون بعين الاعتبار ان تعاليم يسوع عدّلت فكرة الانتقام تعترفون بأن المسيحيين الحقيقيين سيجدون صعوبة في رؤية العدل في العذاب الابدي.‏ —‏ متى ٥:‏٣٨،‏ ٣٩؛‏ رومية ١٢:‏١٧‏.‏

      تبرير العقيدة

      ومع ذلك،‏ يستمر مؤمنون كثيرون في محاولة تبرير العقيدة.‏ كيف؟‏ يتحدث المؤلف البريطاني كليڤ س.‏ لويس بالنيابة عن معظم المدافعين عن العقيدة في كتابه مشكلة الالم:‏ «ما من عقيدة أرغب في ان أزيلها طوعا من المسيحية اكثر من هذه،‏ اذا كان ذلك في وسعي.‏ ولكن لديها التأييد الكامل من الاسفار المقدسة وخصوصا من كلمات ربنا الخاصة.‏» وهكذا،‏ يعترف المؤيدون ان العذاب الابدي مرعب،‏ ولكنهم في الوقت نفسه يؤمنون بأن العقيدة إلزامية لأنهم يعتقدون ان الكتاب المقدس يعلِّمها.‏ يذكر اللاهوتي پِناك:‏ «بالاعتراف بفظاعتها،‏ يأملون ان يبرهنوا على اخلاصهم الثابت للكتاب المقدس وبطولة معيَّنة في ايمانهم بحقيقة مرعبة كهذه فقط لأن الاسفار المقدسة تعلِّمها.‏ وهم يجعلون الامر يبدو وكأن عصمة الكتاب المقدس هي الموضوع المتنازَع فيه.‏ ولكن هل الامر هو كذلك حقا؟‏»‏

      وأنتم ايضا قد تتساءلون عما اذا كان الاخلاص للكتاب المقدس لا يترك لكم خيارا سوى قبول هذه العقيدة.‏ فماذا يقول الكتاب المقدس حقا؟‏

      ‏[الحاشية]‏

      a حياة ابدية؟‏ —‏ الحياة بعد الموت كمشكلة طبية،‏ فلسفية ولاهوتية،‏ الصفحة ١٣٦.‏

      ‏[الاطار في الصفحة ٥]‏

      ثلاث صور متشابهة الرأي

      يذكر قانون وستمنستر للايمان،‏ الذي يقلبه پروتستانت كثيرون،‏ ان غير المختارين «سوف يطرحون في عذاب ابدي،‏ ويعاقبون بالهلاك الابدي.‏» «في المسيحية الكاثوليكية الرومانية،‏» توضح دائرة معارف الدين،‏ «يُعتقد ان تكون الهاوية حالة من العقاب الذي لا نهاية له .‏ .‏ .‏ تتميز .‏ .‏ .‏ بألم النار وعذابات اخرى.‏» وتضيف دائرة المعارف هذه ان «المسيحية الأُرثوذكسية الشرقية» تشترك في «التعليم ان الهاوية هي مصير الى النار والعقاب الابديين ينتظر الملعونين.‏» —‏ المجلد ٦،‏ الصفحتان ٢٣٨-‏٢٣٩.‏

  • الهاوية —‏ عذاب ابدي ام مدفن عام؟‏
    برج المراقبة ١٩٩٣ | ١٥ نيسان (‏ابريل)‏
    • الهاوية —‏ عذاب ابدي ام مدفن عام؟‏

      هل أُخبرتم ان آباء الكنيسة الاولين،‏ اللاهوتيين في القرون الوسطى،‏ والمصلحين حاولوا ان يبرهنوا ان العذاب المُختبر في الهاوية هو ابدي؟‏ اذا كان الامر كذلك،‏ فقد يدهشكم ان تعرفوا ان بعض علماء الكتاب المقدس المحترمين جدا يتحدَّون الآن هذه النظرة.‏ ففي بريطانيا،‏ يكتب احدهم،‏ جون ر.‏ و.‏ ستات،‏ ان «الكتاب المقدس يشير الى الابادة،‏ وأن ‹العذاب الابدي الواعي› هو تقليد يجب ان يذعن لسلطة الكتاب المقدس الاسمى.‏» —‏ المبادئ —‏ حوار ليبرالي-‏انجيلي.‏

      فماذا قاده الى الاستنتاج ان العذاب الابدي غير مؤسس على الكتاب المقدس؟‏

      درس اللغة

      ان برهانه الاول يشمل اللغة.‏ فيوضح انه عندما يشير الكتاب المقدس الى الحالة النهائية للعقاب الابدي (‏«جهنَّا»؛‏ انظروا الاطار،‏ الصفحة ٨)‏،‏ غالبا ما يستعمل مفردات «الهلاك،‏» «الفعل [اليوناني] أپولومي (‏ان يهلك)‏ والاسم [اليوناني] أپوليا (‏الهلاك)‏.‏» فهل تشير هذه الكلمات الى العذاب؟‏ اشار ستات الى انه عندما يكون الفعل مبنيا للمعلوم ومتعديا،‏ تعني ‏«أپولومي»‏ ان «يقتل.‏» (‏متى ٢:‏١٣؛‏ ١٢:‏١٤؛‏ ٢١:‏٤١‏)‏ وهكذا،‏ في متى ١٠:‏٢٨‏،‏ حيث تذكر ترجمة الملك جيمس اهلاك اللّٰه «النفس والجسد كليهما في الهاوية،‏» تكون الفكرة المتضمنة الهلاك في الموت،‏ وليس في ألم ابدي.‏ وفي متى ٧:‏١٣،‏ ١٤‏،‏ يقارن يسوع بين ‹الطريق الضيق الذي يؤدي الى الحياة› و ‹الطريق الواسع الذي يؤدي الى الهلاك.‏› يعلق ستات:‏ «لذلك يبدو غريبا اذا كان الناس الذين يُقال انهم سيعانون الهلاك لا يهلكون في الواقع.‏» ولسبب وجيه يصل الى الاستنتاج:‏ «اذا كان القتل هو حرمان الجسد من الحياة،‏ يبدو ان الهاوية هي الحرمان من الحياة الروحية والمادية على السواء،‏ اي الانقراض من الوجود.‏» —‏ المبادئ،‏ الصفحتان ٣١٥-‏٣١٦.‏

      تفسير اوصاف نار الهاوية

      ومع ذلك،‏ يتفق كثيرون من المتديِّنين مع رئيس الهيئة المعمدانية الجنوبية موريس ه‍.‏ تشاپمان،‏ الذي قال:‏ «اني ابشر بهاوية حرفية.‏» وأضاف:‏ «يدعوها الكتاب المقدس ‹بحيرة النار،‏› ولا اعتقد ان هذا التعريف يمكن ان يُحسَّن.‏»‏

      من المسلَّم به ان وصف النار المستعمل في الكتاب المقدس يمكن ان ينقل صورة ذهنية عن العذاب.‏ ومع ذلك،‏ يذكر كتاب المبادئ:‏ «لا شك في ان النار مقترنة في اذهاننا ‹بعذاب واعٍ،‏› لأننا جميعا اختبرنا الالم الحاد للاحتراق.‏ ولكنَّ وظيفة النار الرئيسية ليست تسبيب الالم،‏ بل ضمان الهلاك،‏ كما تشهد جميع محرقات القمامة في العالم.‏» (‏الصفحة ٣١٦)‏ وتذكُّر هذا التمييز المهم سيساعدكم على تجنب ايجاد معنى في الاسفار المقدسة هو في الحقيقة غير موجود.‏ بعض الامثلة:‏

      عن الذين يطرحون في جهنَّا،‏ قال يسوع ان «دودهم لا يموت والنار لا تُطفأ.‏» (‏مرقس ٩:‏٤٧،‏ ٤٨‏)‏ واذ تأثروا بالكلمات الموجودة في سفر يهوديت الاپوكريفي (‏«يجعل النار والدود في لحومهم فيبكون ألما للابد.‏» —‏ يهوديت ١٦:‏١٧،‏ الكتاب المقدس الاورشليمي‏)‏،‏ زعم بعض المعلقين على الكتاب المقدس أن كلمات يسوع تدل على عذاب ابدي.‏ ولكنَّ سفر يهوديت الاپوكريفي،‏ كونه غير موحى به من اللّٰه،‏ ليس مقياسا لتحديد معنى كتابات مرقس.‏ وتقول اشعياء ٦٦:‏٢٤‏،‏ الآية التي لمَّح اليها يسوع على ما يبدو،‏ ان النار والدود يهلكان الاجساد الميتة (‏الـ‍ «جثث،‏» يقول اشعياء)‏ التي لأعداء اللّٰه.‏ فليس هنالك تلميح الى عذاب واعٍ ابدي سواء في كلمات اشعياء او في كلمات يسوع.‏ فوصف النار يرمز الى الهلاك التام.‏

      وتتحدث الرؤيا ١٤:‏٩-‏١١ عن بعض الذين ‹يعذَّبون بنار وكبريت .‏ .‏ .‏ ويصعد دخان عذابهم الى أبد الآبدين.‏›‏a فهل يبرهن ذلك على عذاب واعٍ ابدي في نار الهاوية؟‏ في الواقع،‏ يقول كل هذا المقطع ان الاشرار يُعذَّبون،‏ وليس انهم يُعذَّبون الى الابد.‏ وتذكر الآية ان الدخان —‏ الدليل على ان النار قامت بعملها المتعلق بالاهلاك —‏ هو الذي يستمر الى الابد،‏ وليس العذاب الناري.‏

      وتقول الرؤيا ٢٠:‏١٠-‏١٥ انه «في بحيرة النار والكبريت .‏ .‏ .‏ سيُعذَّبون نهارا وليلا الى أبد الآبدين.‏» عند القراءة الاولى،‏ يمكن ان يبدو ذلك كبرهان على العذاب الواعي الابدي بالنار،‏ ولكنه بالتأكيد ليس كذلك.‏ ولماذا؟‏ بين اسباب اخرى،‏ «الوحش والنبي الكذاب» و «الموت (‏وهادِس)‏» سينتهي بها الامر الى ما يُسمى هنا «بحيرة النار.‏» وكما يمكن ان تستنتجوا بسهولة،‏ فإن الوحش،‏ النبي الكذاب،‏ الموت،‏ وهادِس ليست اشخاصا حرفيين؛‏ ولذلك لا يمكن ان تختبر العذاب الواعي.‏ وعوضا عن ذلك،‏ يكتب جي.‏ ب.‏ كارد في تعليق على رؤيا القديس يوحنا اللاهوتي،‏ «بحيرة النار» تعني «الانقراض والنسيان التام.‏» وهذا الادراك يجب التوصُّل اليه بسهولة،‏ لأن الكتاب المقدس نفسه يقول عن بحيرة النار هذه:‏ «هذا هو الموت الثاني.‏» —‏ رؤيا ٢٠:‏١٤‏.‏

      فصل التوأمين اللاهوتيين

      على الرغم من هذه البراهين،‏ يُصرّ مؤمنون كثيرون على ان «الهلاك» لا يعني ما تقوله الكلمة بل يعني عذابا ابديا.‏ ولماذا؟‏ ان تفكيرهم متأثر بتوأم نار الهاوية الديني —‏ عقيدة خلود النفس البشرية.‏ وبما ان كنيستهم ربما تبنَّت هذين التوأمين طوال قرون،‏ فقد يشعرون بأن الآيات التي تتحدث عن الهلاك تعني في الواقع عذابا ابديا.‏ وفضلا عن ذلك،‏ لا يمكن للنفس البشرية الخالدة ان تتوقف عن الوجود —‏ او هكذا يباحث كثيرون.‏

      ولكن لاحظوا النقطة التي يقدِّمها الكاهن الانڠليكاني فيليپ إ.‏ هيوز:‏ «ان الزعم انّ النفس البشرية فقط خالدة فطريا هو المحافظة على موقف غير مقبول في ايّ مكان في تعليم الاسفار المقدسة،‏ لأنه في وصف الكتاب المقدس تُرى الطبيعة الانسانية دائما مركَّبة على نحو متكامل من الروحي والجسدي على السواء.‏ .‏ .‏ .‏ وتحذير اللّٰه في البداية،‏ في ما يتعلق بالشجرة المحرَّمة،‏ ‹يوم تأكل منها موتا تموت،‏› جرى توجيهه الى الانسان كمخلوق جسدي-‏روحي —‏ إذا اكل منها كان كمخلوق جسدي-‏روحي سيموت.‏ فليست هنالك اشارة الى ان جزءا منه كان خالدا وبالتالي الى ان موته سيكون جزئيا فقط.‏» —‏ الصورة الحقيقية —‏ اصل ومصير الانسان في المسيح.‏

      وبشكل مماثل،‏ يعلِّق اللاهوتي كلارك پِناك:‏ «ان هذا المفهوم [ان النفس البشرية خالدة] أثَّر في اللاهوت لزمن طويل جدا،‏ ولكنه غير مؤسس على الكتاب المقدس.‏ فالكتاب المقدس لا يعلِّم خلود النفس الطبيعي.‏» وحزقيال ١٨:‏٤،‏ ٢٠ ومتى ١٠:‏٢٨ تؤكد هذا الامر.‏ وفضلا عن ذلك،‏ تحدَّث يسوع نفسه عن صديقه الميت لعازر انه «قد نام.‏» وقال يسوع انه ‹سيوقظه.‏› (‏يوحنا ١١:‏١١-‏١٤‏)‏ ولذلك فان الكائن البشري،‏ او النفس البشرية،‏ لعازر كان قد مات،‏ ولكن حتى بعد ان مرّ بعض الوقت كان يمكن اقامته،‏ اعادته الى الحياة ثانية.‏ والوقائع تبرهن ذلك.‏ فيسوع اقام لعازر من الاموات.‏ —‏ يوحنا ١١:‏١٧-‏٤٤‏.‏

      فكيف تؤثِّر هذه النقاط في عقيدة العذاب الابدي؟‏ قديما في القرن الـ‍ ١٧،‏ ذكر الكاتب وليم تامپل:‏ «هنالك [آيات] تتحدث عن الطرح في نار لا تُطفأ.‏ ولكن اذا لم نتأمل في هذه الآيات بالافتراض المسبَق ان ما يُطرح فيها على هذا النحو لا يفنى،‏ فسنحصل على الانطباع،‏ ليس انه سيحترق الى الابد،‏ وانما سيهلك.‏» وهذا التحليل الصحيح لا يزال صائبا،‏ لأن هذا في الواقع ما يعلِّمه الكتاب المقدس.‏

      وعلى نحو لا يُنكر،‏ لديكم اسباب مقنعة لتشكّوا في فكرة العذاب الواعي الابدي في الهاوية.‏ او ربما تريدون ان تذهبوا الى ما وراء مجرد الشك وتتبعوا نصيحة الپروفسور في اللاهوت پِناك،‏ الذي قال:‏ «ان كامل مجموعة المعتقدات المحيطة بالهاوية،‏ بما فيها العذاب الابدي،‏ .‏ .‏ .‏ يجب التخلُّص منها على اساس عقيدة معقولة.‏» نعم،‏ ان الآداب،‏ العدل،‏ و —‏ الاهم من ذلك —‏ كلمة اللّٰه،‏ الكتاب المقدس،‏ تخبركم بأن تفعلوا تماما هذا الامر.‏

      واذا فعلتم ذلك،‏ فسترون ان طبيعة الهاوية الحقيقية معقولة حقا.‏ ويمكنكم ان تجدوا معلومات مساعدة عن هذا الموضوع في كتاب يمكنكم ان تحيوا الى الابد في الفردوس على الارض.‏b فمن فضلكم اطلبوه عندما تلتقون شهود يهوه.‏ اقرأوا الفصول «ماذا يحدث عند الموت؟‏» «‹الهاوية› —‏ هل توجد فعلا؟‏» و «القيامة —‏ لمن،‏ وأين؟‏» وستكتشفون ان طبيعة الهاوية الحقيقية ليست فقط معقولة بل ايضا تبشر بالخير.‏

      ‏[الحاشيتان]‏

      a في مقطع الكتاب المقدس هذا،‏ تشير «يُعذَّب بنار» بصورة رئيسية الى عذاب روحي،‏ ولكن محدود.‏ من اجل المزيد من التفاصيل انظروا الرؤيا —‏ ذروتها العظمى قريبة!‏ اصدار جمعية برج المراقبة للكتاب المقدس والكراريس في نيويورك.‏

      b اصدار جمعية برج المراقبة للكتاب المقدس والكراريس في نيويورك.‏

      ‏[الاطار في الصفحة ٨]‏

      تحديد التعابير

      في هذه المقالة يشير التعبيران «هاوية» و «نار الهاوية» كما يستعملهما اللاهوتيون في العالم المسيحي الى الكلمة اليونانية ينْيا،‏ التي تظهر ١٢ مرة في «العهد الجديد.‏» (‏متى ٥:‏٢٢،‏ ٢٩،‏ ٣٠؛‏ ١٠:‏٢٨؛‏ ١٨:‏٩؛‏ ٢٣:‏١٥،‏ ٣٣؛‏ مرقس ٩:‏٤٣،‏ ٤٥،‏ ٤٧؛‏ لوقا ١٢:‏٥؛‏ يعقوب ٣:‏٦‏)‏ ومع ان ترجمات مختلفة للكتاب المقدس تنقل هذه الكلمة اليونانية الى «هاوية،‏» فإن ترجمات اخرى تنقلها حرفيا الى «جهنَّا.‏» انها تطابق «بحيرة النار.‏ .‏ .‏ .‏ الموت الثاني،‏» رمز الهلاك الابدي الموجود في السفر الاخير من الكتاب المقدس.‏ —‏ رؤيا ٢٠:‏١٤‏.‏

      وفي ما يتعلق بكلمتين اخريين تُترجمان احيانا «هاوية،‏» يذكر قاموس الكتاب المقدس (‏١٩١٤)‏،‏ حرَّره وليم سميث:‏ «الهاوية .‏ .‏ .‏ هي الكلمة التي يستعملها عموما وللأسف مترجمونا لينقلوا شيول العبرانية.‏ وربما يكون افضل الاحتفاظ بالكلمة العبرانية شيول،‏ او نقلها دائما الى ‹المدفن› او ‹الحفرة› .‏ .‏ .‏ وفي العهد الجديد،‏ ان الكلمة هادِس،‏ مثل شيول،‏ تعني احيانا مجرد ‹المدفن› .‏ .‏ .‏ وبهذا المعنى تقول شهادة الايمان عن ربنا ‹نزل الى الهاوية،‏› مما يعني حالة الموتى عموما.‏»‏

      وبخلاف جهنَّا،‏ التي ترمز الى الهلاك النهائي،‏ تشير شيول وهادِس الى الموت في المدفن العام للجنس البشري،‏ بأمل القيامة الى الحياة ثانية.‏ —‏ رؤيا ٢٠:‏١٣‏.‏

      ‏[الصورة في الصفحة ٩]‏

      ايقظ يسوع لعازر من رقاد الموت

المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
الخروج
الدخول
  • العربية
  • مشاركة
  • التفضيلات
  • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
  • شروط الاستخدام
  • سياسة الخصوصية
  • إعدادات الخصوصية
  • JW.ORG
  • الدخول
مشاركة