مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • هل يمكن الغفران والنسيان؟‏
    استيقظ!‏ ١٩٩٨ | آب (‏اغسطس)‏ ٨
    • هل يمكن الغفران والنسيان؟‏

      مرّ اكثر من نصف قرن على نهاية الحرب العالمية الثانية سنة ١٩٤٥.‏ وقد كانت تلك الحرب العالمية اكثر الحروب وحشية وكلفة في كل التاريخ البشري.‏

      دامت الحرب العالمية الثانية ست سنوات وحصدت حياة نحو ٥٠ مليون شخص،‏ بمن فيهم المدنيون.‏ وآخرون لا يعدّون تشوَّهوا جسديا او عانوا اضطرابات عقلية وعاطفية.‏ وكثيرون ممَّن عاشوا سنين الحرب المفجعة هذه لا تزال تراودهم الذكريات الاليمة عن الاعمال الوحشية التي ارتُكبت،‏ وعن الاحباء الذين فُقدوا،‏ ولا شفاء.‏

      فهنالك ذكريات عن الاعمال الوحشية التي ارتكبها النازيون في المحرقة،‏ حيث قُتل الملايين من الضحايا الابرياء.‏ وفي اوروپا وآسيا على السواء،‏ اقتُرف الكثير من الاعمال الوحشية على ايدي الجيوش الغازية التي قتلت واغتصبت ونهبت وأرهبت المدنيين.‏ ووقع كثيرون ايضا ضحية الغارات الجوية التي زرعت الدمار ونجم عنها اصابات بين جرحى وقتلى شملت اعدادا لا تحصى من الرجال،‏ النساء،‏ والاطفال الابرياء.‏ وقد تحمّل ملايين المقاتلين ايضا محنا قاسية في مختلف ساحات القتال حول العالم.‏

      جروح عقلية وعاطفية

      سبَّبت الاحداث الرهيبة التي حصلت خلال الحرب العالمية الثانية الكثير من الجروح العقلية والعاطفية التي لم تُمحَ من ذاكرة اعداد كبيرة من الناس الذين عايشوها ولا يزالون احياء اليوم.‏ فهم يودّون ان يمحوا هذه الذكريات المروِّعة والمرّة.‏ لكنهم لا ينجحون في ذلك.‏ فتعود صوَر هذه الفظائع الى البعض لتعذِّبهم مثل كابوس يتكرر.‏

      لكن ثمة آخرون لا يريدون ان ينسوا،‏ إمّا لأنهم يريدون الانتقام او لأنهم يودّون ان يكرموا ذكرى الذين سقطوا.‏ وبالاضافة الى ذلك،‏ هنالك شعور واسع الانتشار بضرورة إبقاء الاعمال الوحشية الماضية حيَّة في الذاكرة الجماعية للعائلة البشرية على امل ان لا تتكرر ابدا.‏

      منذ سنوات قليلة،‏ خلال ١٩٩٤-‏١٩٩٥،‏ اظهر الجو الذي اكتنف احتفالات الذكرى الخمسين ليوم الغزو (‏انزالات الحلفاء في نورمَنديا في حزيران ١٩٤٤)‏ ونهاية المرحلة الاوروپية من الحرب العالمية الثانية (‏في ايار ١٩٤٥)‏ انه من الصعب جدا على كثيرين ممَّن عاينوا هذه الاحداث ان يغفروا وينسوا.‏ وغالبا ما تُعاق اية مبادرة لمصالحة الاعداء السابقين.‏ وهكذا رفض المحاربون القدامى الانكليز ان يدْعوا ممثلين المانا الى احتفالات ذكرى انزالات الحلفاء في نورمَنديا.‏

      وفي ما يتعلق بالاعمال الوحشية التي ارتكبها النازيون خلال الحرب العالمية الثانية وصعوبة الغفران والنسيان،‏ عبّر الكاتب ڤلاديمير جانكيليڤيتش عن رأيه بهذه الكلمات:‏ «ان رد فعل المرء الطبيعي لهذه الجريمة النكراء .‏ .‏ .‏ هو الغضب والاصرار على عدم النسيان وملاحقة المجرمين —‏ كما وعد قضاة محكمة الحلفاء في نورمبورڠ —‏ الى اقاصي الارض».‏ وأكمل الكاتب نفسه:‏ «ونقول بكل سرور،‏ عاكسين كلمات الصلاة التي وجهها يسوع الى اللّٰه في الانجيل بحسب القديس لوقا:‏ يا رب،‏ لا تغفر لهم،‏ لأنهم يعلمون ماذا يفعلون».‏ —‏ قارنوا لوقا ٢٣:‏٣٤‏.‏

      من المحزن القول انه،‏ ابتداء من سنة ١٩٤٥ حتى وقتنا الحاضر،‏ يستمر ارتكاب عدد لا يحصى من الاعمال الوحشية الاخرى —‏ في كمبوديا،‏ رواندا،‏ والبوسنة،‏ هذا اذا ذكرنا القليل —‏ في تلطيخ الارض بالدم.‏ وقد خلّفت هذه الاعمال الوحشية ملايين القتلى،‏ وتركت وراءها اعدادا هائلة من الناجين الارامل واليتامى،‏ حياتهم محطمة وتطاردهم ذكريات مريعة.‏

      لقد كان هذا القرن الـ‍ ٢٠ دون شك زمن وحشية لم يسبق له مثيل.‏ وكما انبأت نبوة الكتاب المقدس بدقة قبل وقت طويل عن عصرنا،‏ برهن الناس انهم ‹شرسون› و«غير محبين للصلاح».‏ —‏ ٢ تيموثاوس ٣:‏١-‏٥؛‏ رؤيا ٦:‏٤-‏٨‏.‏

      ماذا ينبغي ان نفعل؟‏

      تتفاوت ردود فعل الناس حين يواجَهون بمثل هذه الوحشية.‏ لكن ماذا عنّا؟‏ هل ينبغي ان نتذكر؟‏ او هل ينبغي ان ننسى؟‏ وهل يعني التذكر ان يضمر المرء الحقد المرير والمتأصّل لأعدائه السابقين،‏ رافضا ان يغفر؟‏ ومن الناحية الاخرى،‏ هل يعني الغفران ان ينسى المرء،‏ بمعنى ان يمحو الذكريات الاليمة كاملا؟‏

      ما رأي خالق الجنس البشري،‏ يهوه اللّٰه،‏ في الجرائم المريعة التي تُرتكب في وقتنا والتي ارتُكبت في الماضي؟‏ هل سيغفر لمرتكبي هذه الجرائم؟‏ ألم يفت اوان تعويض اللّٰه للضحايا الذين ماتوا بسبب الاعمال الوحشية؟‏ بما ان الاعمال الوحشية ما زالت مستمرة منذ آلاف السنين،‏ فهل هنالك رجاء اكيد بأنها ستنتهي؟‏ وأية طريقة سيستخدمها اللّٰه القادر على كل شيء في النهاية لحلّ كل هذه المسائل المعقدة؟‏

  • هل ينبغي ان نتذكر الماضي؟‏
    استيقظ!‏ ١٩٩٨ | آب (‏اغسطس)‏ ٨
    • هل ينبغي ان نتذكر الماضي؟‏

      ‏«هل يمكن ان ينسى اليهود المحرقة؟‏»،‏ طرح هذا السؤال ڤِرجيل إليسوندو،‏ رئيس المركز الثقافي المكسيكي الاميركي في سان انطونيو،‏ تكساس.‏ وهو يذكّرنا بأن الاعمال الوحشية التي ارتُكبت خلال هذا القرن يمكن ان تترك اثرا لا يمحى في الذاكرة الجماعية.‏ ويجب ايضا شمل الابادة الجماعية للأرمن (‏١٩١٥-‏١٩٢٣)‏ والمذابح الجماعية للكَمبوديين (‏١٩٧٥-‏١٩٧٩)‏ بين الاعمال الوحشية للقرن الـ‍ ٢٠.‏ وليست اللائحة بمكتملة.‏

      وفي محاولة لتعزيز المصالحة بين الضحايا ومعذِّبيهم،‏ دعا القادة الدينيون والسياسيون الناس في مناسبات عديدة الى نسيان الاعمال الوحشية التي عانوها.‏ وهذا ما حدث مثلا في اثينا،‏ اليونان،‏ سنة ٤٠٣ ق‌م.‏ فكانت المدينة قد شهدت نهاية دكتاتورية «الطغاة الثلاثين» الظالمة،‏ وهي حكم للاقلية كان قد ابعد عن طريقه،‏ حتى بالقتل،‏ جميع مناوئيه تقريبا.‏ فحاول الحكام الجدد اعادة السلم الاهلي بإصدار عفو عام (‏بالانكليزية amnesty،‏ وهي تشتق من كلمة يونانية تعني «التغاضي» او «النسيان»)‏ عن مؤيّدي الطغيان السابق.‏

      النسيان بواسطة مرسوم عفو؟‏

      قد يكون من السهل نسبيا اصدار مرسوم عفو كمحاولة لمحو ذكرى الاعمال الوحشية المرتكبة بحق الابرياء.‏ وقد يقرر الحكام فعل ذلك من اجل مصالح سياسية،‏ كما حصل في اليونان القديمة وفي بلدان اوروپية عديدة عند نهاية الحرب العالمية الثانية.‏ ففي ايطاليا مثلا،‏ اعلن مرسوم صادر سنة ١٩٤٦ عفوا عاما عن اكثر من ٠٠٠‏,٢٠٠ مواطن «مذنب بالاشتراك،‏ بشكل مباشر او غير مباشر،‏ في جرائم نظام الحكم الفاشيّ»،‏ كما قالت صحيفة لا رِپوبليكا (‏بالايطالية)‏.‏

      لكنَّ قرارات الحكومات والمؤسسات العامة شيء،‏ ومشاعر اعضاء المجتمع شيء آخر.‏ فلا يمكن اجبار الافراد —‏ وربما اولئك الذين كانوا ضحايا عاجزين في النزاعات الوحشية،‏ المجازر،‏ او الاعمال البربرية الاخرى —‏ ان ينسوا الآلام الماضية بإصدار مرسوم عفو.‏

      لقد مات اكثر من مئة مليون شخص في حروب هذا القرن وحده،‏ والكثيرون منهم بعد معاناة عذاب لا يوصف.‏ ولو اضفنا عدد كل الذين قُتلوا في المجازر المرتكبة خلال ازمنة السلم،‏ لكانت الاعمال الوحشية اكثر من ان تحصى.‏ ويبذل اشخاص كثيرون جهودا حثيثة ليضمنوا عدم نسيان ايّ من هذه الاعمال الوحشية.‏

      اولئك الذين يريدون ان يمحوا الذكرى

      غالبا ما يؤكد الذين يحثّون ضحايا الاعمال الوحشية او المتحدرين منهم على الغفران والنسيان ان تذكّر الماضي ليس إلا مصدر انقسام،‏ وخصوصا اذا كانت عقود قد مرَّت.‏ وهم يقولون ان النسيان يوحِّد،‏ وإن التذكر لن يعيد ما فُقد،‏ مهما كانت الآلام مأساوية.‏

      لكنَّ البعض،‏ في محاولتهم جعل الناس ينسون،‏ وصلوا الى حد انكار حقيقة معظم الجرائم الفظيعة المرتكبة بحق البشرية.‏ مثلا يدّعي البعض،‏ مدعومين بمن يزعمون انهم مؤرِّخون تعديليون،‏ ان المحرقة لم تحدث قط.‏a حتى انهم نظّموا رحلات الى معسكرات اعتقال سابقة في أوشڤيتس او تربلينكا،‏ وأخبروا الزائرين ان غرف الغاز لم توجد قط في هذه الاماكن —‏ على الرغم من وجود شهود عيان كثيرين وأكوام من الادلة والوثائق.‏

      فلماذا لاقت افكار تعديلية خاطئة كهذه النجاح في بعض الاوساط؟‏ لأن البعض يريدون ان ينسوا مسؤوليتهم ومسؤولية شعبهم.‏ ولماذا؟‏ بسبب القومية،‏ ايديولوجيتهم الخاصة،‏ او العداء للسامية او مشاعر اخرى.‏ فبنسيان الاعمال الوحشية،‏ كما يحاجّ التعديليون،‏ تُمحى المسؤولية.‏ لكنَّ كثيرين يقاومون بشدة هؤلاء التعديليين المتنصِّلين من المسؤولية،‏ الذين دعاهم احد المؤرِّخين الفرنسيين «قتلة الذاكرة».‏

      انهم لا ينسون

      من الطبيعي ان يكون صعبا جدا على الناجين ان ينسوا الاحباء الذين فقدوهم في حرب او من جراء اعمال وحشية.‏ لكنَّ معظم الذين يريدون تذكّر المجازر والابادات الجماعية يفعلون ذلك على امل ان تعمل الدروس المأخوذة من معاناتهم ومعاناة احبائهم على تجنّب تكرار مثل هذه الوحشية.‏

      لذلك قررت الحكومة الالمانية ان تحيي ذكرى الفظائع التي ارتكبها النازيون في معسكر اعتقال أوشڤيتس.‏ والقصد من ذلك،‏ حسب قول الرئيس الالماني،‏ هو ان «التذكّر سيخدم كتحذير للاجيال القادمة».‏

      وبشكل مماثل،‏ اكّد البابا يوحنا بولس الثاني في الذكرى الخمسين لنهاية الحرب العالمية الثانية:‏ «مع مرور السنين،‏ لا يجب ان تضمحل ذكريات هذه الحرب؛‏ بل يجب ان تصبح درسا صارما لجيلنا وللاجيال الآتية».‏ ومع ذلك،‏ لا بد من القول ان الكنيسة الكاثوليكية ليست دائما متمسكة بتذكر الاعمال الوحشية والذين وقعوا ضحاياها خلال تلك السنوات.‏

      ولكي تستخلص الاجيال الجديدة عِبرا وتحذيرات من الابادات الجماعية في هذا القرن والقرون الاخرى،‏ أُنشئ عدد من المتاحف —‏ مثل المتحف التذكاري للمحرقة في واشنطن العاصمة،‏ ومتحف بيت هاشوع للتسامح في لوس انجلوس.‏ وللسبب عينه،‏ أُنتجت افلام وثائقية مؤثرة وافلام اخرى حول هذا الموضوع.‏ وكل ذلك لكي لا تنسى البشرية ان اناسا عانوا الامرَّين على ايدي اناس آخرين.‏

      لمَ التذكر؟‏

      كتب الفيلسوف الاميركي الاسپاني الاصل جورج سانتايانا:‏ «ان الذين لا يمكنهم تذكّر الماضي محكوم عليهم بإعادته».‏ والمحزن انه على مرّ آلاف السنين ينسى الجنس البشري كما يبدو ماضيه بسرعة،‏ حاكما على نفسه بارتكاب الاغلاط المُرّة نفسها مرارا وتكرارا.‏

      ان السلسلة الطويلة والوحشية من المذابح الجماعية التي سببها البشر تُبرِز فشل الانسان الذريع في تسلطه على الانسان.‏ ولماذا الامر كذلك؟‏ لأن البشر يكررون بشكل مستمر الخطأ الاساسي نفسه اي رفضهم اللّٰه وشرائعه.‏ (‏تكوين ٣:‏١-‏٦؛‏ جامعة ٨:‏٩‏)‏ واليوم يقوم ‹جيل ملتوٍ› بالامر نفسه ويحصد النتائج،‏ تماما كما هو منبأ في الكتاب المقدس.‏ —‏ فيلبي ٢:‏١٥؛‏ مزمور ٩٢:‏٧؛‏ ٢ تيموثاوس ٣:‏١-‏٥،‏ ١٣‏.‏

      وبما اننا شملنا الخالق،‏ يهوه،‏ في مناقشتنا،‏ فما هي وجهة نظره؟‏ وما الذي ينساه اللّٰه وما الذي يتذكره؟‏ هل يمكن التغلب على المخلّفات الاليمة للاعمال الوحشية التي ارتكبها الانسان؟‏ وهل ‹سينتهي شر الاشرار›؟‏ —‏ مزمور ٧:‏٩‏.‏

  • ما هو حل اللّٰه للاعمال الوحشية؟‏
    استيقظ!‏ ١٩٩٨ | آب (‏اغسطس)‏ ٨
    • ما هو حل اللّٰه للاعمال الوحشية؟‏

      كيف يمكن منع حصول الاعمال الوحشية؟‏ ما هو الحل؟‏ عندما ندرس التاريخ،‏ يظهر بشكل واضح فشل الحلول البشرية.‏ وفي الواقع،‏ هنالك مقدار كبير من التناقض،‏ إن لم نقل من الرياء الفاضح،‏ في الطريقة التي يعالج بها القادة البشر هذا الموضوع.‏

      لاحظوا مثلا ما حصل سنة ١٩٩٥،‏ السنة التي وسمت الذكرى الخمسين لنهاية المحرقة النازية،‏ الحرب العالمية الثانية،‏ وانفجار القنبلة الذرية.‏ ففي تلك السنة حضر قادة العالم احتفالات تذكارية أُقيمت في اماكن عديدة حول الارض.‏ ولماذا؟‏ لنقْل احساس بالاشمئزاز من هذه الاعمال الوحشية على امل ان لا تُكرر ابدا.‏ ومع ذلك فإن بعض المراقبين لاحظوا درجة كبيرة من التناقض في مثل هذه الاحتفالات.‏

      الرياء

      لقد اراد كل الممثلين الدينيين والحكوميين ان يظهروا،‏ في هذه الاحتفالات المغطاة اعلاميا بشكل كثيف،‏ كفاعلي خير او على الاقل ان يتجنبوا الظهور كفاعلي شر.‏ ولكنَّ الدول التي دانت الاعمال الوحشية الماضية تبني ترسانات الاسلحة،‏ مخصصة مبالغ ضخمة من ميزانياتها لهذا الغرض.‏ وفي الوقت نفسه يتركون مشاكل حيوية مثل الفقر،‏ الانحطاط الادبي،‏ والتلوث دون حل،‏ محتجّين عموما بأنهم لا يملكون الاموال الكافية.‏

      وتحاول الاديان العالمية ان تروي تاريخا يموِّه صمتها الطويل عن الاعمال الوحشية التي ارتكبتها الدكتاتوريات ويطمس تواطؤها مع هذه الدكتاتوريات.‏ فهي لم تفعل شيئا لردع الناس من الدين نفسه عن قتل واحدهم الآخر.‏ مثلا،‏ في الحرب العالمية الثانية،‏ قتل الكاثوليك الكاثوليك والپروتستانت الپروتستانت لأنهم كانوا من قوميات مختلفة وفي الجهة المضادة.‏ لقد ادعى كلا الجانبين انهما مسيحيان،‏ لكنَّ ما مارساه ناقض تماما تعاليم يسوع.‏ (‏متى ٢٦:‏٥٢؛‏ يوحنا ١٣:‏٣٤،‏ ٣٥؛‏ ١ يوحنا ٣:‏١٠-‏١٢؛‏ ٤:‏٢٠،‏ ٢١‏)‏ وقد فعلت اديان اخرى الامر عينه.‏ وما زال اعضاء في هذه الاديان يرتكبون الاعمال الوحشية في مختلف انحاء العالم حتى يومنا هذا.‏

      لقد كان القادة الدينيون في ايام يسوع مرائين.‏ فشهَّرهم يسوع،‏ قائلا:‏ «ويل لكم ايها الكتبة والفريسيون المراؤون لأنكم تبنون قبور الانبياء وتزينون مدافن الصدِّيقين.‏ وتقولون لو كنا في ايام آبائنا لَما شاركناهم في دم الانبياء.‏ فأنتم تشهدون على انفسكم انكم ابناء قتلة الانبياء».‏ (‏متى ٢٣:‏٢٩-‏٣١‏)‏ لقد ادعى اولئك القادة الدينيون انهم اتقياء،‏ لكنَّ رياءهم ظهر في اضطهادهم يسوع وتلاميذه.‏

      دروس من الكتاب المقدس

      يمكن تعلُّم الكثير من التاريخ العلماني،‏ لكنَّ الكتاب المقدس هو مصدر الدروس الاكثر افادة.‏ فهو لا يعهد بمهمة تفسير التاريخ الى الحُكم او التحامل البشري،‏ بل يشرحه ويشرح المستقبل على ضوء طريقة تفكير اللّٰه.‏ —‏ اشعياء ٥٥:‏٨،‏ ٩‏.‏

      تتكلم الاسفار المقدسة عن الاحداث الجيدة والرديئة على السواء،‏ وتتكلم ايضا عن الناس الصالحين والاردياء.‏ وغالبا ما يمكن تعلُّم درس صحيح،‏ ينسجم مع مشيئة اللّٰه،‏ من هذه الروايات.‏ فبعد ذكر عدد من الاحداث التي حصلت في تاريخ اسرائيل القديمة،‏ استنتج الرسول بولس:‏ «هذه الامور جميعها اصابتهم مثالا وكُتبت لإنذارنا».‏ (‏١ كورنثوس ١٠:‏١١‏)‏ وقد استمدَّ يسوع نفسه درسا من التاريخ عندما قال لتلاميذه:‏ «اذكروا امرأة لوط».‏ —‏ لوقا ١٧:‏٣٢‏.‏

      ما يتذكره اللّٰه وما ينساه

      نتعلم من الكتاب المقدس ان اللّٰه يتذكر الافراد او ينساهم حسب اعمالهم.‏ فالذين يخطئون،‏ لكنهم يعودون ويظهرون التوبة،‏ «يكثر» لهم اللّٰه الغفران.‏ (‏اشعياء ٥٥:‏٧‏)‏ فإذا تاب الشرير و«رجع عن خطيته وعمل بالعدل والحق،‏ .‏ .‏ .‏ كل خطيته .‏ .‏ .‏ لا تُذكر عليه».‏ —‏ حزقيال ٣٣:‏١٤-‏١٦‏.‏

      وكتب بولس ان «اللّٰه ليس بظالم حتى ينسى عملكم وتعب المحبة التي اظهرتموها نحو اسمه».‏ (‏عبرانيين ٦:‏١٠‏)‏ وهكذا فإن يهوه سيكافئ الذين يتذكرهم برضى.‏ صلّى ايوب الامين:‏ «ليتك تواريني في الهاوية [المدفن العام للجنس البشري] .‏ .‏ .‏ وتعيِّن لي اجلا فتذكرني».‏ —‏ ايوب ١٤:‏١٣‏.‏

      وبالتباين،‏ سيتعامل اللّٰه مع فاعل الشر غير التائب انسجاما مع الكلمات التي قالها لموسى:‏ ‏«امحوه من كتابي».‏ (‏خروج ٣٢:‏٣٣‏)‏ نعم،‏ سينسى اللّٰه الاشرار الى الابد.‏

      الديّان الاخير

      ان اللّٰه هو الديّان الاخير لكل ما سبق وحدث في التاريخ.‏ (‏تكوين ١٨:‏٢٥؛‏ اشعياء ١٤:‏٢٤،‏ ٢٧؛‏ ٤٦:‏٩-‏١١؛‏ ٥٥:‏١١‏)‏ وبحسب دينونته السامية،‏ لن ينسى اللّٰه الاعمال الوحشية الكثيرة التي ارتُكبت بحق البشرية.‏ وفي يوم سخطه البار،‏ سوف يحاسب كل المسؤولين عنها،‏ افرادا ومؤسسات.‏ —‏ رؤيا،‏ الاصحاحان ١٨،‏ ١٩‏.‏

      وسيشمل ذلك كامل نظام الدين الباطل،‏ الذي تعطيه الاسفار المقدسة الاسم الرمزي «بابل العظيمة».‏ وعنها مكتوب:‏ «خطاياها لحقت السماء وتذكر اللّٰه آثامها».‏ —‏ رؤيا ١٨:‏٢،‏ ٥‏.‏

      لقد كان من المفترض ان تعلِّم هذه الاديان اتباعها فعل الصلاح،‏ لكنها فشلت.‏ تقول كلمة اللّٰه عن كل الاديان العالمية:‏ «وفيها وُجد دم انبياء وقديسين وجميع مَن قُتل على الارض».‏ (‏رؤيا ١٨:‏٢٤‏)‏ فبسبب فشلها في تعليم اعضائها ان يحبوا رفيقهم الانسان واخوتهم في الدين،‏ صارت هذه الاديان متهمة بذنب سفك الدم.‏

      عالم جديد قريب

      قريب هو اليوم الذي فيه سيُقضى على الشر!‏ (‏صفنيا ٢:‏١-‏٣؛‏ متى ٢٤:‏٣،‏ ٧-‏١٤‏)‏ وبعد ذلك اليوم،‏ سيأتي الوقت عندما «لا يكون حزن ولا صراخ ولا وجع في ما بعد» بين سكان الارض السعداء.‏ (‏رؤيا ٢١:‏٣-‏٥‏)‏ ولن تحدث اعمال وحشية او مجازر في ما بعد لأن حكم هذه الارض سيؤخذ من البشر ويُعطى لملكوت اللّٰه السماوي تحت اشراف «رئيس السلام»،‏ يسوع المسيح.‏ —‏ اشعياء ٩:‏٦،‏ ٧؛‏ دانيال ٢:‏٤٤؛‏ متى ٦:‏٩،‏ ١٠‏.‏

      وفي ذلك الوقت،‏ ستتم كاملا النبوة في المزمور ٤٦:‏٩‏:‏ «[اللّٰه] مسكِّن الحروب الى اقصى الارض».‏ وهذا السلام سيدوم الى الابد،‏ لأنه كما تُنبئ اشعياء ٢:‏٤‏،‏ «لا ترفع امة على امة سيفا ولا يتعلمون الحرب في ما بعد».‏ وكذلك يُنبئ المزمور ٣٧:‏١١‏:‏ «أما الودعاء فيرثون الارض ويتلذذون في كثرة السلامة».‏ نعم،‏ سيُقال عندئذ:‏ «استراحت اطمأنت كل الارض.‏ هتفوا ترنما».‏ —‏ اشعياء ١٤:‏٧‏.‏

      وكل هذا يعني ان عالما جديدا بارا قريب.‏ وفي هذا العالم الجديد،‏ تحت اشراف ملكوت اللّٰه السماوي،‏ سيحدث امر بديع آخر —‏ قيامة الاموات!‏ تؤكد كلمة اللّٰه:‏ «سوف تكون قيامة للاموات الابرار والاثمة».‏ —‏ اعمال ٢٤:‏١٥‏.‏

      عندما كان يسوع على الارض،‏ برهن على ذلك بإقامته اناسا من الاموات.‏ فعندما اقام فتاة صغيرة،‏ مثلا،‏ تقول الرواية:‏ «وللوقت قامت الصبية ومشت .‏ .‏ .‏ فبُهتوا [المراقبون] بهتا عظيما».‏ (‏مرقس ٥:‏٤٢‏)‏ وفي القيامة سيُعاد الى الحياة الذين ماتوا نتيجة الاعمال الوحشية وكل الاموات من زمن طويل،‏ وسيُمنحون فرصة العيش الى الابد على ارض فردوسية.‏ (‏لوقا ٢٣:‏٤٣‏)‏ وبمرور الوقت ‹لن تُذكر الامور الاولى ولن تخطر على بال›.‏ —‏ اشعياء ٦٥:‏١٧‏.‏

      سيكون امرا حكيما من جهتكم ان تأخذوا المعرفة الدقيقة عن كلمة اللّٰه،‏ الكتاب المقدس،‏ وتفعلوا مشيئته.‏ فعندئذ سيتذكركم يهوه برضى عندما يحل الى الابد مشكلة الاعمال الوحشية ويُرجع الحياة الى الضحايا.‏ فقد قال يسوع:‏ «هذه هي الحياة الابدية ان يعرفوك انت الاله الحقيقي وحدك ويسوع المسيح الذي ارسلته».‏ —‏ يوحنا ١٧:‏٣‏.‏

المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
الخروج
الدخول
  • العربية
  • مشاركة
  • التفضيلات
  • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
  • شروط الاستخدام
  • سياسة الخصوصية
  • إعدادات الخصوصية
  • JW.ORG
  • الدخول
مشاركة