-
لمَ الاسترشاد بروح اللّٰه؟برج المراقبة ٢٠١١ | ١٥ كانون الاول (ديسمبر)
-
-
لِمَ ٱلِٱسْتِرْشَادُ بِرُوحِ ٱللّٰهِ؟
«أَنْتَ إِلٰهِي. رُوحُكَ صَالِحٌ، فَلْيَهْدِنِي فِي أَرْضِ ٱلِٱسْتِقَامَةِ». — مز ١٤٣:١٠.
١ أَوْضِحُوا كَيْفَ يُمْكِنُ لِقُوَّةٍ غَيْرِ مَنْظُورَةٍ أَنْ تُرْشِدَ ٱلْمَرْءَ.
هَلْ سَبَقَ لَكَ أَنِ ٱسْتَخْدَمْتَ بُوصُلَةً لِتَهْتَدِيَ إِلَى طَرِيقٍ مَا؟ إِنَّ ٱلْبُوصُلَةَ أَدَاةٌ بَسِيطَةٌ، ٱلْجُزْءُ ٱلْوَحِيدُ ٱلَّذِي يَتَحَرَّكُ فِيهَا هُوَ إِبْرَةٌ مَغْنَطِيسِيَّةٌ تُشِيرُ إِلَى ٱلشَّمَالِ. فَبِسَبَبِ قُوَّةٍ غَيْرِ مَنْظُورَةٍ تُعْرَفُ بِٱلْمَغْنَطِيسِيَّةِ، تُعَدِّلُ هذِهِ ٱلْإِبْرَةُ وَضْعَهَا تِبْعًا لِلْحَقْلِ ٱلْمَغْنَطِيسِيِّ ٱلْمُحِيطِ بِٱلْأَرْضِ. وَقَدِ ٱسْتَعَانَ ٱلْمُسْتَكْشِفُونَ وَٱلرَّحَّالَةُ بِٱلْبُوصُلَةِ طَوَالَ قُرُونٍ كَيْ تُرْشِدَهُمْ بَرًّا وَبَحْرًا.
٢، ٣ (أ) أَيَّةُ قُوَّةٍ عَظِيمَةٍ ٱسْتَخْدَمَهَا يَهْوَهُ مُنْذُ دُهُورٍ؟ (ب) لِمَ يَجِبُ ٱلتَّوَقُّعُ مِنْ قُوَّةِ ٱللّٰهِ ٱلْفَعَّالَةِ غَيْرِ ٱلْمَنْظُورَةِ أَنْ تُرْشِدَنَا فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلْيَوْمَ؟
٢ إِلَّا أَنَّ هُنَالِكَ قُوَّةً أُخْرَى غَيْرَ مَنْظُورَةٍ لَا غِنَى لَنَا عَنْهَا لِنَيْلِ ٱلْإِرْشَادِ فِي ٱلْحَيَاةِ. وَقَدْ أَشَارَ إِلَيْهَا ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ فِي ٱلْآيَتَيْنِ ٱلِٱفْتِتَاحِيَّتَيْنِ. فَبِٱلْحَدِيثِ عَمَّا أَنْجَزَهُ يَهْوَهُ مُنْذُ دُهُورٍ، يَذْكُرُ سِفْرُ ٱلتَّكْوِينِ: «فِي ٱلْبَدْءِ خَلَقَ ٱللّٰهُ ٱلسَّمٰوَاتِ وَٱلْأَرْضَ. وَكَانَتْ . . . قُوَّةُ ٱللّٰهِ ٱلْفَعَّالَةُ تَرُوحُ وَتَجِيءُ». (تك ١:١، ٢) فَمَا هِيَ هذِهِ ٱلْقُوَّةُ ٱلْعَظِيمَةُ؟ اَلرُّوحُ ٱلْقُدُسُ. فَنَحْنُ نَدِينُ بِوُجُودِنَا لِيَهْوَهَ ٱلَّذِي ٱسْتَخْدَمَ ٱلرُّوحَ ٱلْقُدُسَ فِي خَلْقِ كُلِّ مَا فِي ٱلسَّمَاءِ وَٱلْأَرْضِ. — اي ٣٣:٤؛ مز ١٠٤:٣٠.
٣ وَهَلْ يَنْبَغِي أَنْ نَتَوَقَّعَ مِنْ قُوَّةِ ٱللّٰهِ ٱلْفَعَّالَةِ مُمَارَسَةَ أَيِّ تَأْثِيرٍ إِضَافِيٍّ فِينَا نَحْنُ ٱلْكَائِنَاتِ ٱلْحَيَّةَ؟ أَجَلْ، لِأَنَّ ٱبْنَ ٱللّٰهِ، يَسُوعَ، قَالَ لِتَلَامِيذِهِ: «رُوحُ ٱلْحَقِّ . . . يُرْشِدُكُمْ إِلَى ٱلْحَقِّ كُلِّهِ». (يو ١٦:١٣) فَمَا طَبِيعَةُ هذَا ٱلرُّوحِ، وَلِمَ يَجِبُ أَنْ نَرْغَبَ فِي ٱلِٱسْتِرْشَادِ بِهِ؟
طَبِيعَةُ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ
٤، ٥ (أ) أَيُّ مَفْهُومٍ خَاطِئٍ يَمْلِكُهُ ٱلثَّالُوثِيُّونَ عَنِ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ؟ (ب) مَا هِيَ طَبِيعَةُ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ ٱلْحَقِيقِيَّةُ؟
٤ لَا بُدَّ أَنَّكَ تَلْتَقِي أَثْنَاءَ خِدْمَتِكَ أَشْخَاصًا لَدَيْهِمْ مَفْهُومٌ خَاطِئٌ عَنِ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ لَا يَنْسَجِمُ مَعَ ٱلْأَسْفَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ. فَٱلثَّالُوثِيُّونَ مَثَلًا يَعْتَبِرُونَهُ كَائِنًا رُوحَانِيًّا مُعَادِلًا لِلّٰهِ ٱلْآبِ. (١ كو ٨:٦) غَيْرَ أَنَّ هذِهِ ٱلْعَقِيدَةَ تَتَنَافَى كُلِّيًّا مَعَ تَعَالِيمِ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ.
٥ فَٱلْكَلِمَةُ ٱلْعِبْرَانِيَّةُ رواح، ٱلْمُسْتَخْدَمَةُ فِي ٱلتَّكْوِينِ ١:٢، تُنْقَلُ عَادَةً إِلَى «رُوحٍ»، لكِنْ يُمْكِنُ تَرْجَمَتُهَا أَيْضًا إِلَى «رِيحٍ» أَوْ غَيْرِهَا مِنَ ٱلْكَلِمَاتِ ٱلَّتِي تُشِيرُ إِلَى قُوَّةٍ غَيْرِ مَنْظُورَةٍ. (قَارِنْ تكوين ٣:٨؛ ٨:١.) وَتَمَامًا كَمَا أَنَّ ٱلرِّيحَ تُؤَثِّرُ فِي مَا حَوْلَهَا مَعَ أَنَّهَا غَيْرُ مَرْئِيَّةٍ، كَذلِكَ ٱلرُّوحُ ٱلْقُدُسُ غَيْرُ ٱلْمَنْظُورِ. فَهُوَ لَيْسَ شَخْصًا وَلَا مِنْ طَبِيعَةٍ مَادِّيَّةٍ، إِلَّا أَنَّ لَهُ تَأْثِيرًا وَاضِحًا. إِنَّهُ طَاقَةٌ مُنْبَعِثَةٌ مِنَ ٱللّٰهِ، يَبُثُّهَا فِي ٱلْأَشْخَاصِ أَوِ ٱلْأَشْيَاءِ بِهَدَفِ إِنْجَازِ مَشِيئَتِهِ. وَلكِنْ هَلْ يَصْعُبُ ٱلتَّصْدِيقُ أَنَّ هذِهِ ٱلْقُوَّةَ ٱلْمَهِيبَةَ تَنْبَثِقُ مِنَ ٱلْإِلهِ ٱلْقُدُّوسِ ٱلْقَادِرِ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ؟ كَلَّا عَلَى ٱلْإِطْلَاقِ. — اِقْرَأْ اشعيا ٤٠:١٢، ١٣.
٦ أَيُّ مُنَاشَدَةٍ بَالِغَةِ ٱلْأَهَمِّيَّةِ قَامَ بِهَا دَاوُدُ؟
٦ وَهَلْ يُوَجِّهُنَا يَهْوَهُ ٱلْيَوْمَ مِنْ خِلَالِ رُوحِهِ؟ فِي ٱلْمَاضِي، وَعَدَ ٱللّٰهُ ٱلْمُرَنِّمَ ٱلْمُلْهَمَ دَاوُدَ: «أَمْنَحُكَ بَصِيرَةً وَأُرْشِدُكَ فِي ٱلطَّرِيقِ ٱلَّذِي تَسْلُكُهُ». (مز ٣٢:٨) وَقَدْ رَغِبَ دَاوُدُ فِي نَيْلِ هذَا ٱلْإِرْشَادِ لِأَنَّهُ نَاشَدَ يَهْوَهَ قَائِلًا: «عَلِّمْنِي أَنْ أَفْعَلَ مَشِيئَتَكَ، لِأَنَّكَ أَنْتَ إِلٰهِي. رُوحُكَ صَالِحٌ، فَلْيَهْدِنِي». (مز ١٤٣:١٠) نَحْنُ أَيْضًا يَجِبُ أَنْ نَمْتَلِكَ ٱلرَّغْبَةَ عَيْنَهَا وَٱلِٱسْتِعْدَادَ لِلِٱسْتِرْشَادِ بِرُوحِ ٱللّٰهِ. لِمَاذَا؟ إِلَيْكَ أَرْبَعَةَ أَسْبَابٍ فِي مَا يَلِي.
لَمْ نُخْلَقْ لِنُرْشِدَ أَنْفُسَنَا
٧، ٨ (أ) لِمَاذَا نَعْجَزُ عَنْ إِرْشَادِ أَنْفُسِنَا بِٱسْتِقْلَالٍ عَنِ ٱللّٰهِ؟ (ب) أَوْضِحُوا لِمَاذَا يَجِبُ أَلَّا نُحَاوِلَ إِيجَادَ طَرِيقِنَا بِمَعْزِلٍ عَنِ ٱللّٰهِ فِي نِظَامِ ٱلْأَشْيَاءِ ٱلشِّرِّيرِ هذَا.
٧ أَوَّلًا، يَجِبُ أَنْ نَرْغَبَ فِي نَيْلِ إِرْشَادِ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ لِأَنَّنَا نَعْجَزُ عَنْ إِرْشَادِ أَنْفُسِنَا. فَٱلْفِعْلُ «أَرْشَدَ» يَعْنِي هَدَى، وَجَّهَ، وَدَلَّ عَلَى ٱلطَّرِيقِ ٱلصَّحِيحِ. وَهذِهِ مَقْدِرَةٌ لَمْ يُزَوِّدْهَا يَهْوَهُ لِلْإِنْسَانِ ٱلْكَامِلِ عِنْدَ ٱلْخَلْقِ، فَكَمْ بِٱلْحَرِيِّ وَهُوَ فِي حَالَةِ ٱلنَّقْصِ! كَتَبَ ٱلنَّبِيُّ إِرْمِيَا: «عَرَفْتُ يَا يَهْوَهُ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْبَشَرِ طَرِيقُهُمْ. لَيْسَ لِإِنْسَانٍ يَمْشِي أَنْ يُوَجِّهَ خُطُوَاتِهِ». (ار ١٠:٢٣) وَلِمَ لَا؟ لَقَدْ أَطْلَعَ ٱللّٰهُ إِرْمِيَا عَلَى ٱلسَّبَبِ. فَبِٱلْإِشَارَةِ إِلَى مَا نَحْنُ عَلَيْهِ مِنَ ٱلدَّاخِلِ، قَالَ لَهُ: «اَلْقَلْبُ أَشَدُّ غَدْرًا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَهُوَ يَسْتَمِيتُ إِلَى غَايَتِهِ. فَمَنْ يَقْدِرُ أَنْ يَعْرِفَهُ؟». — ار ١٧:٩؛ مت ١٥:١٩.
٨ فَكِّرْ فِي ذلِكَ: أَلَيْسَ مِنَ ٱلْحَمَاقَةِ لِشَخْصٍ لَا خِبْرَةَ لَدَيْهِ أَنْ يَتَوَغَّلَ فِي ٱلْأَدْغَالِ مَا لَمْ يَكُنْ فِي حَوْزَتِهِ بُوصُلَةٌ أَوْ لَمْ يُرَافِقْهُ مُرْشِدٌ مُتَمَرِّسٌ؟ إِنَّ عَدَمَ مَعْرِفَتِهِ سُبُلَ ٱلْبَقَاءِ عَلَى قَيْدِ ٱلْحَيَاةِ فِي مَكَانٍ كَهذَا وَجَهْلَهُ لِكَيْفِيَّةِ ٱلْوُصُولِ إِلَى وُجْهَتِهِ بِأَمَانٍ يُعَرِّضَانِ حَيَاتَهُ لِخَطَرٍ كَبِيرٍ. وَٱلْأَمْرُ نَفْسُهُ يَصِحُّ فِي ٱلشَّخْصِ ٱلَّذِي يَظُنُّ أَنَّ فِي وُسْعِهِ أَنْ يَهْدِيَ نَفْسَهُ فِي هذَا ٱلْعَالَمِ ٱلشِّرِّيرِ دُونَ ٱلسَّمَاحِ لِلّٰهِ بِأَنْ يَدُلَّهُ عَلَى ٱلطَّرِيقِ ٱلصَّحِيحِ. فَٱلْفُرْصَةُ ٱلْوَحِيدَةُ لِٱجْتِيَازِ نِظَامِ ٱلْأَشْيَاءِ هذَا هِيَ بِٱلتَّضَرُّعِ إِلَى يَهْوَهَ كَمَا فَعَلَ دَاوُدُ. فَقَدْ صَلَّى: «لِتَتَمَسَّكْ خُطُوَاتِي بِمَسَالِكِكَ، فَفِيهَا لَنْ تَتَزَعْزَعَ قَدَمَايَ». (مز ١٧:٥؛ ٢٣:٣) وَمَا ٱلسَّبِيلُ إِلَى ٱلْحُصُولِ عَلَى إِرْشَادٍ كَهذَا؟
٩ كَيْفَ نَنَالُ إِرْشَادَ رُوحِ ٱللّٰهِ حَسَبَ ٱلصُّورَةِ فِي ٱلصَّفْحَةِ ١٧؟
٩ ثَمَّةَ أَمْرٌ أَكِيدٌ، وَهُوَ أَنَّ ٱللّٰهَ يُوَجِّهُ خُطُوَاتِنَا بِوَاسِطَةِ رُوحِهِ ٱلْقُدُسِ شَرْطَ أَنْ نَكُونَ مُتَوَاضِعِينَ وَرَاغِبِينَ فِي ٱلِٱتِّكَالِ عَلَيْهِ. فَكَيْفَ تُسَاعِدُنَا هذِهِ ٱلْقُوَّةُ ٱلْفَعَّالَةُ؟ أَوْضَحَ يَسُوعُ لِتَلَامِيذِهِ: «اَلْمُعِينُ، ٱلرُّوحُ ٱلْقُدُسُ، ٱلَّذِي سَيُرْسِلُهُ ٱلْآبُ بِٱسْمِي، . . . ذَاكَ سَيُعَلِّمُكُمْ كُلَّ شَيْءٍ وَيُذَكِّرُكُمْ بِكُلِّ مَا قُلْتُهُ لَكُمْ». (يو ١٤:٢٦) فَإِذَا كُنَّا نَدْرُسُ كَلِمَةَ ٱللّٰهِ — بِمَا فِيهَا أَقْوَالُ ٱلْمَسِيحِ — بِٱنْتِظَامٍ وَبِرُوحِ ٱلصَّلَاةِ، فَسَيُعَمِّقُ ٱلرُّوحُ ٱلْقُدُسُ فَهْمَنَا لِحِكْمَةِ يَهْوَهَ، مَا يُمَكِّنُنَا مِنَ ٱلْعَيْشِ وَفْقَ مَشِيئَتِهِ بِشَكْلٍ أَفْضَلَ. (١ كو ٢:١٠) عِلَاوَةً عَلَى ذلِكَ، يُظْهِرُ لَنَا ٱلرُّوحُ ٱلْقُدُسُ كَيْفَ نَجْتَازُ أَيَّ مُنْعَطَفٍ غَيْرِ مُتَوَقَّعٍ فِي ٱلْحَيَاةِ. فَهُوَ يُذَكِّرُنَا بِمَبَادِئِ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ ٱلَّتِي سَبَقَ أَن تَعَلَّمْنَاهَا وَيُسَاعِدُنَا أَنْ نَعْرِفَ كَيْفَ نَسْتَدِلُّ بِهَا عِنْدَ ٱتِّخَاذِ ٱلْقَرَارَاتِ.
اَلرُّوحُ ٱلْقُدُسُ أَرْشَدَ يَسُوعَ
١٠، ١١ مَاذَا تَوَقَّعَ يَسُوعُ أَنْ يَنَالَ مِنَ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ، وَكَيْفَ سَاعَدَهُ هذَا ٱلرُّوحُ؟
١٠ إِنَّ ٱلسَّبَبَ ٱلثَّانِيَ ٱلَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يَدْفَعَنَا إِلَى طَلَبِ إِرْشَادِ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ هُوَ أَنَّ ٱللّٰهَ قَادَ ٱبْنَهُ مِنْ خِلَالِ هذَا ٱلرُّوحِ. فَٱبْنُ ٱللّٰهِ ٱلْوَحِيدُ كَانَ عَلَى عِلْمٍ بِٱلنُّبُوَّةِ ٱلتَّالِيَةِ قَبْلَ مَجِيئِهِ إِلَى ٱلْأَرْضِ: «يَحِلُّ عَلَيْهِ رُوحُ يَهْوَهَ، رُوحُ ٱلْحِكْمَةِ وَٱلْفَهْمِ، رُوحُ ٱلْمَشُورَةِ وَٱلْقُدْرَةِ، رُوحُ ٱلْمَعْرِفَةِ وَمَخَافَةِ يَهْوَهَ». (اش ١١:٢) فَكَمْ كَانَ يَسُوعُ يَتُوقُ دُونَ شَكٍّ إِلَى ٱلْحُصُولِ عَلَى مُسَاعَدَةِ رُوحِ ٱللّٰهِ أَثْنَاءَ حَيَاتِهِ عَلَى ٱلْأَرْضِ!
١١ وَفِعْلًا صَحَّتْ كَلِمَاتُ يَهْوَهَ أَعْلَاهُ. فَبِحَسَبِ إِنْجِيلِ لُوقَا: «اِنْصَرَفَ يَسُوعُ [مُبَاشَرَةً بَعْدَ مَعْمُودِيَّتِهِ] مِنَ ٱلْأُرْدُنِّ مَلْآنًا رُوحًا قُدُسًا، فَٱقْتَادَهُ ٱلرُّوحُ فِي أَرْجَاءِ ٱلْبَرِّيَّةِ». (لو ٤:١) فَفِيمَا هُوَ صَائِمٌ وَمُنْهَمِكٌ فِي ٱلصَّلَاةِ وَٱلتَّأَمُّلِ، أَنْبَأَهُ يَهْوَهُ عَلَى ٱلْأَرْجَحِ بِمَا كَانَ فِي ٱنْتِظَارِهِ. مِنَ ٱلْوَاضِحِ إِذًا أَنَّ قُوَّةَ ٱللّٰهِ ٱلْفَعَّالَةَ كَانَتْ تُؤَثِّرُ فِي عَقْلِهِ وَقَلْبِهِ، مُرْشِدَةً تَفْكِيرَهُ وَقَرَارَاتِهِ. نَتِيجَةَ ذلِكَ، عَرَفَ يَسُوعُ كَيْفَ يَتَصَرَّفُ فِي كُلِّ ظَرْفٍ، وَفَعَلَ بِٱلتَّمَامِ مَا أَرَادَ مِنْهُ أَبُوهُ.
١٢ لِمَاذَا مِنَ ٱلْمُهِمِّ أَنْ نَطْلُبَ إِرْشَادَ رُوحِ ٱللّٰهِ؟
١٢ لَقَدْ أَدْرَكَ يَسُوعُ أَهَمِّيَّةَ ٱلتَّأْثِيرِ ٱلَّذِي يُمَارِسُهُ رُوحُ ٱللّٰهِ فِي حَيَاتِهِ، لِذَا طَبَعَ فِي ذِهْنِ أَتْبَاعِهِ كَمْ هُوَ ضَرُورِيٌّ أَنْ يَطْلُبُوا رُوحَ ٱللّٰهِ وَيَتْبَعُوا إِرْشَادَهُ. (اِقْرَأْ لوقا ١١:٩-١٣.) وَلِمَاذَا مِنَ ٱلْمُهِمِّ أَنْ نَفْعَلَ نَحْنُ ٱلْأَمْرَ عَيْنَهُ؟ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يُغَيِّرَ تَفْكِيرَنَا بِحَيْثُ يُشْبِهُ فِكْرَ ٱلْمَسِيحِ. (رو ١٢:٢؛ ١ كو ٢:١٦) فَبِفَسْحِ ٱلْمَجَالِ لِرُوحِ ٱللّٰهِ أَنْ يُرْشِدَنَا فِي ٱلْحَيَاةِ، يُصْبِحُ فِي مَقْدُورِنَا ٱلتَّفْكِيرُ كَٱلْمَسِيحِ وَٱلِٱقْتِدَاءُ بِمِثَالِهِ. — ١ بط ٢:٢١.
هَدَفُ رُوحِ ٱلْعَالَمِ تَضْلِيلُنَا
١٣ مَا هُوَ رُوحُ ٱلْعَالَمِ، وَمَا هُوَ تَأْثِيرُهُ؟
١٣ اَلْأَمْرُ ٱلثَّالِثُ ٱلَّذِي يَجْعَلُنَا نَطْمَحُ إِلَى طَلَبِ إِرْشَادِ رُوحِ ٱللّٰهِ هُوَ حِمَايَةُ أَنْفُسِنَا مِنْ أَنْ يُضِلَّنَا رُوحٌ نَجِسٌ يُؤَثِّرُ فِي حَيَاةِ مُعْظَمِ ٱلنَّاسِ ٱلْيَوْمَ. فَلِلْعَالَمِ قُوَّةٌ مُحَرِّضَةٌ تَحْفِزُ ٱلْإِنْسَانَ عَلَى ٱلسُّلُوكِ فِي سَبِيلٍ يَتَعَارَضُ كُلِّيًّا مَعَ مَا يُنْتِجُهُ فِينَا ٱلرُّوحُ ٱلْقُدُسُ. نَعَمْ، يَجْعَلُ رُوحُ ٱلْعَالَمِ ٱلنَّاسَ يُفَكِّرُونَ وَيَتَصَرَّفُونَ مِثْلَ حَاكِمِ ٱلْعَالَمِ، ٱلشَّيْطَانِ، عِوَضَ أَنْ يُنَمِّيَ فِيهِمْ فِكْرَ ٱلْمَسِيحِ. (اِقْرَأْ افسس ٢:١-٣؛ تيطس ٣:٣.) وَحِينَ يَنْقَادُ ٱلْمَرْءُ لِرُوحِ ٱلْعَالَمِ وَيَبْدَأُ بِمُمَارَسَةِ أَعْمَالِ ٱلْجَسَدِ، يَحْصُدُ عَوَاقِبَ وَخِيمَةً تَحُولُ دُونَ أَنْ يَرِثَ مَلَكُوتَ ٱللّٰهِ. — غل ٥:١٩-٢١.
١٤، ١٥ كَيْفَ نَنْجَحُ فِي مُقَاوَمَةِ رُوحِ ٱلْعَالَمِ؟
١٤ لَقَدْ أَمَدَّنَا ٱللّٰهُ بِمَا يَلْزَمُ لِمُقَاوَمَةِ رُوحِ ٱلْعَالَمِ. كَتَبَ ٱلرَّسُولُ بُولُسُ: «تَقَوَّوْا فِي ٱلرَّبِّ وَفِي شِدَّةِ قُوَّتِهِ . . . لِكَيْ تَقْدِرُوا أَنْ تُقَاوِمُوا فِي ٱلْيَوْمِ ٱلشِّرِّيرِ». (اف ٦:١٠، ١٣) فَيَهْوَهُ يُشَدِّدُنَا بِوَاسِطَةِ رُوحِهِ كَيْ نَصْمُدَ فِي وَجْهِ مُحَاوَلَاتِ ٱلشَّيْطَانِ لِتَضْلِيلِنَا. (رؤ ١٢:٩) صَحِيحٌ أَنَّ رُوحَ ٱلْعَالَمِ قَوِيٌّ وَلَيْسَ فِي وُسْعِنَا تَجَنُّبُهُ بِشَكْلٍ كُلِّيٍّ، غَيْرَ أَنَّهُ فِي مَقْدُورِنَا مَنْعُهُ مِنْ إِفْسَادِنَا. فَٱلرُّوحُ ٱلْقُدُسُ أَقْوَى مِنْهُ وَسَيُعِينُنَا بِلَا رَيْبٍ!
١٥ قَالَ ٱلرَّسُولُ بُطْرُسُ بِخُصُوصِ ٱلَّذِينَ تَخَلَّوْا عَنِ ٱلدِّينِ ٱلْمَسِيحِيِّ فِي ٱلْقَرْنِ ٱلْأَوَّلِ: «تَرَكُوا ٱلسَّبِيلَ ٱلْمُسْتَقِيمَ فَضَلُّوا». (٢ بط ٢:١٥) فَكَمْ نَحْنُ شَاكِرُونَ لِأَنَّنَا «لَمْ نَنَلْ رُوحَ ٱلْعَالَمِ، بَلِ ٱلرُّوحَ ٱلَّذِي مِنَ ٱللّٰهِ»! (١ كو ٢:١٢) فَبِٱلِٱسْتِفَادَةِ مِنْ تَأْثِيرِهِ وَمِنْ كُلِّ ٱلتَّدَابِيرِ ٱلَّتِي أَعَدَّهَا يَهْوَهُ لِإِبْقَائِنَا فِي ٱلسَّبِيلِ ٱلْمُسْتَقِيمِ، نَنْجَحُ فِي مُقَاوَمَةِ ٱلرُّوحِ ٱلشَّيْطَانِيَّةِ لِهذَا ٱلْعَالَمِ ٱلشِّرِّيرِ. — غل ٥:١٦.
اَلرُّوحُ ٱلْقُدُسُ يُنْتِجُ ثَمَرًا جَيِّدًا
١٦ أَيُّ ثَمَرٍ يُمْكِنُ أَنْ يُنْتِجَهُ فِينَا ٱلرُّوحُ ٱلْقُدُسُ؟
١٦ رَابِعًا، نَحْنُ نُرِيدُ أَنْ يَعْمَلَ فِينَا رُوحُ ٱللّٰهِ لِأَنَّهُ يُنْتِجُ ثَمَرًا جَيِّدًا فِي حَيَاةِ ٱلَّذِينَ يَهْتَدُونَ بِهِ. (اِقْرَأْ غلاطية ٥:٢٢، ٢٣.) فَمَنْ مِنَّا لَا يُحِبُّ أَنْ يُظْهِرَ مِقْدَارًا أَكْبَرَ مِنَ ٱلْمَحَبَّةِ، ٱلْفَرَحِ، ٱلسَّلَامِ، طُولِ ٱلْأَنَاةِ، ٱللُّطْفِ، وَٱلصَّلَاحِ؟ وَمَنْ بَيْنَنَا لَا يَسْتَفِيدُ إِذَا مَا ٱزْدَادَ إِيمَانًا، وَدَاعَةً، وَضَبْطَ نَفْسٍ؟ نَعَمْ، يُنْتِجُ فِينَا رُوحُ ٱللّٰهِ صِفَاتٍ جَمِيلَةً تُفِيدُنَا وَعَائِلَتَنَا وَإِخْوَتَنَا فِي ٱلْجَمَاعَةِ. وَتَنْمِيَةُ هذَا ٱلثَّمَرِ عَمَلِيَّةٌ مُسْتَمِرَّةٌ لِأَنَّ هُنَالِكَ دَوْمًا مَجَالًا لِلتَّحَسُّنِ.
١٧ كَيْفَ يُمْكِنُ أَنْ نُنَمِّيَ أَحَدَ أَوْجُهِ ثَمَرِ ٱلرُّوحِ عَلَى نَحْوٍ أَفْضَلَ؟
١٧ بِنَاءً عَلَى مَا تَقَدَّمَ، مِنَ ٱلْحِكْمَةِ أَنْ نَفْحَصَ أَنْفُسَنَا لِلتَّأَكُّدِ مِنْ أَنَّ كَلَامَنَا وَتَصَرُّفَنَا يُعْطِيَانِ ٱلدَّلِيلَ عَلَى أَنَّنَا نَسْتَرْشِدُ بِٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ وَنُعْرِبُ عَنْ ثَمَرِهِ. (٢ كو ١٣:٥أ؛ غل ٥:٢٥) لكِنْ مَاذَا لَوْ بَدَا أَنَّنَا بِحَاجَةٍ إِلَى ٱلْعَمَلِ عَلَى صَقْلِ بَعْضٍ مِنَ ٱلصِّفَاتِ ٱلَّتِي تُشَكِّلُ أَوْجُهَ ثَمَرِ ٱلرُّوحِ؟ يَلْزَمُ أَنْ نَبْذُلَ جُهْدًا إِضَافِيًّا كَيْ نَدَعَ ٱلرُّوحَ ٱلْقُدُسَ يُسَاعِدُنَا عَلَى تَحْسِينِ هذِهِ ٱلصِّفَاتِ. فَمِنَ ٱلْمُلَائِمِ أَنْ نَدْرُسَ كُلَّ وَجْهٍ كَمَا تَكْشِفُهُ صَفَحَاتُ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ وَتُنَاقِشُهُ ٱلْمَطْبُوعَاتُ ٱلْمَسِيحِيَّةُ. وَهكَذَا نَتَعَلَّمُ طَرَائِقَ لِإِظْهَارِ ثَمَرِ ٱلرُّوحِ وَنَنْدَفِعُ إِلَى تَنْمِيَتِهِ عَلَى نَحْوٍ أَفْضَلَ.a وَعِنْدَمَا نُلَاحِظُ نَتَائِجَ عَمَلِ رُوحِ ٱللّٰهِ فِي حَيَاتِنَا وَحَيَاةِ رُفَقَائِنَا ٱلْمَسِيحِيِّينَ، تَتَّضِحُ لَنَا أَهَمِّيَّةُ ٱلِٱسْتِرْشَادِ بِهِ.
هَلْ تُذْعِنُ لِرُوحِ ٱللّٰهِ؟
١٨ أَيُّ مِثَالٍ يَرْسُمُهُ يَسُوعُ لَنَا فِي ٱلْإِذْعَانِ لِرُوحِ ٱللّٰهِ؟
١٨ بِمَا أَنَّ يَسُوعَ كَانَ «عَامِلًا مَاهِرًا» بِجَانِبِ ٱللّٰهِ عِنْدَ خَلْقِ ٱلْكَوْنِ ٱلْمَادِّيِّ، فَقَدْ عَرَفَ كُلَّ مَا يَخُصُّ ٱلْحَقْلَ ٱلْمَغْنَطِيسِيَّ لِلْأَرْضِ ٱلَّذِي يَعْتَمِدُ عَلَيْهِ ٱلْبَشَرُ فِي مَجَالِ ٱلْمِلَاحَةِ. (ام ٨:٣٠؛ يو ١:٣) غَيْرَ أَنَّ ٱلْكِتَابَ ٱلْمُقَدَّسَ لَا يَتَضَمَّنُ أَيَّ دَلِيلٍ عَلَى أَنَّ يَسُوعَ ٱسْتَرْشَدَ بِهذِهِ ٱلْقُوَّةِ وَهُوَ عَلَى ٱلْأَرْضِ. بَلْ يُخْبِرُنَا أَنَّهُ عِنْدَمَا عَاشَ كَإِنْسَانٍ لَمَسَ مَدَى تَأْثِيرِ قُوَّةِ رُوحِ ٱللّٰهِ ٱلْقُدُسِ فِي حَيَاتِهِ إِذْ رَغِبَ فِي ٱتِّبَاعِ إِرْشَادِهِ وَأَذْعَنَ لِتَوْجِيهَاتِهِ. (مر ١:١٢، ١٣؛ لو ٤:١٤) فَهَلْ هذَا مَا تَفْعَلُهُ أَنْتَ أَيْضًا؟
١٩ مَاذَا يَجِبُ أَنْ نَفْعَلَ كَيْ يُصْبِحَ ٱلرُّوحُ ٱلْقُدُسُ ٱلْقُوَّةَ ٱلْمُرْشِدَةَ فِي حَيَاتِنَا؟
١٩ لَا تَزَالُ قُوَّةُ ٱللّٰهِ ٱلْفَعَّالَةُ تُوَجِّهُ ٱلَّذِينَ يَرْغَبُونَ فِي ٱلِٱسْتِرْشَادِ بِهَا. فَمَاذَا يَجِبُ أَنْ تَفْعَلَ كَيْ تَهْدِيَكَ إِلَى ٱلِٱتِّجَاهِ ٱلصَّائِبِ؟ صَلِّ إِلَى يَهْوَهَ بِٱسْتِمْرَارٍ لِيُرْسِلَ إِلَيْكَ رُوحَهُ وَيُسَاعِدَكَ أَنْ تَنْقَادَ لَهُ. (اِقْرَأْ افسس ٣:١٤-١٦.) اِعْمَلْ وَفْقَ صَلَوَاتِكَ بِطَلَبِ ٱلْمَشُورَةِ مِنْ كَلِمَةِ ٱللّٰهِ ٱلْمَكْتُوبَةِ، ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ — اَلَّذِي هُوَ مِنْ نِتَاجِ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ. (٢ تي ٣:١٦، ١٧) وَأَخِيرًا، أَطِعِ ٱلتَّعْلِيمَاتِ ٱلْحَكِيمَةَ ٱلَّتِي تُقَدِّمُهَا وَٱقْبَلْ طَوْعًا تَوْجِيهَ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ. وَبِفِعْلِكَ ذلِكَ كُلَّهُ، تُبَرْهِنُ أَنَّكَ تَثِقُ بِقُدْرَةِ يَهْوَهَ عَلَى إِرْشَادِكَ إِلَى ٱلطَّرِيقِ ٱلْقَوِيمِ ٱلْمُؤَدِّي إِلَى بَرِّ ٱلْأَمَانِ.
[الحاشية]
a لِمُنَاقَشَةِ كُلِّ وَجْهٍ، ٱنْظُرْ «قَائِمَةٌ بِحَسَبِ ٱلِٱسْمِ» تَحْتَ ٱلْعُنْوَانِ ٱلرَّئِيسِيِّ «ثَمَرُ رُوحِ ٱللّٰهِ» فِي فِهْرِسُ مَطْبُوعَاتِ بُرْجِ ٱلْمُرَاقَبَةِ.
-
-
روح اللّٰه يرشد ذوي الايمان في الماضيبرج المراقبة ٢٠١١ | ١٥ كانون الاول (ديسمبر)
-
-
رُوحُ ٱللّٰهِ يُرْشِدُ ذَوِي ٱلْإِيمَانِ فِي ٱلْمَاضِي
‹اَلسَّيِّدُ ٱلرَّبُّ يَهْوَهُ أَرْسَلَنِي هُوَ وَرُوحُهُ›. — اش ٤٨:١٦.
١، ٢ إِلَامَ نَحْتَاجُ كَيْ نُظْهِرَ ٱلْإِيمَانَ، وَكَيْفَ نَتَشَجَّعُ حِينَ نَتَأَمَّلُ فِي أَمْثِلَةِ ذَوِي ٱلْإِيمَانِ قَدِيمًا؟
صَحِيحٌ أَنَّ كَثِيرِينَ يُعْرِبُونَ عَنِ ٱلْإِيمَانِ مُنْذُ أَيَّامِ هَابِيلَ، إِلَّا أَنَّ «ٱلْإِيمَانَ لَيْسَ لِجَمِيعِ ٱلنَّاسِ». (٢ تس ٣:٢) فَلِمَ يَتَحَلَّى ٱلْمَرْءُ بِهذِهِ ٱلصِّفَةِ، وَمَاذَا يُسَاعِدُهُ عَلَى تَنْمِيَتِهَا؟ بِشَكْلٍ عَامٍّ، ٱلْإِيمَانُ يَلِي سَمَاعَ كَلِمَةِ ٱللّٰهِ. (رو ١٠:١٧) وَهُوَ أَحَدُ أَوْجُهِ ثَمَرِ رُوحِ ٱللّٰهِ ٱلْقُدُسِ. (غل ٥:٢٢، ٢٣) فَلَا غِنَى لَنَا عَنِ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ كَيْ نُظْهِرَ ٱلْإِيمَانَ وَنُمَارِسَهُ.
٢ لِذَا مِنَ ٱلْخَطَإِ ٱلِٱسْتِنْتَاجُ أَنَّ ٱلرِّجَالَ وَٱلنِّسَاءَ ٱلْأُمَنَاءَ لَدَيْهِمْ إِيمَانٌ فِطْرِيٌّ، أَيْ أَنَّهُمْ وُلِدُوا مُؤْمِنِينَ. فَخُدَّامُ ٱللّٰهِ ٱلَّذِينَ نَقْرَأُ عَنْهُمْ فِي ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ كَانُوا أُنَاسًا «بِمِثْلِ مَشَاعِرِنَا». (يع ٥:١٧) فَقَدْ سَاوَرَتْهُمُ ٱلشُّكُوكُ وَٱلْهَوَاجِسُ وَٱمْتَلَكُوا ضَعَفَاتٍ شَخْصِيَّةً، غَيْرَ أَنَّهُمْ «تَقَوَّوْا» بِرُوحِ ٱللّٰهِ لِمُوَاجَهَةِ ٱلتَّحَدِّيَاتِ. (عب ١١:٣٤) وَحِينَ نَتَأَمَّلُ كَيْفَ عَمِلَ رُوحُ يَهْوَهَ فِيهِمْ، نَتَشَجَّعُ نَحْنُ ٱلْيَوْمَ عَلَى ٱلِٱسْتِمْرَارِ فِي خِدْمَةِ ٱللّٰهِ بِإِيمَانٍ، لَا سِيَّمَا فِي هذِهِ ٱلْأَزْمِنَةِ ٱلَّتِي يَتَعَرَّضُ فِيهَا إِيمَانُنَا لِهَجَمَاتٍ شَتَّى.
رُوحُ ٱللّٰهِ أَمَدَّ مُوسَى بِٱلْقُوَّةِ
٣-٥ (أ) كَيْفَ نَعْرِفُ أَنَّ مُوسَى أَنْجَزَ مَا أَنْجَزَهُ بِمُسَاعَدَةِ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ؟ (ب) مَاذَا يُعَلِّمُنَا مِثَالُ مُوسَى عَنْ إِعْطَاءِ يَهْوَهَ رُوحَهُ لِخُدَّامِهِ؟
٣ كَانَ مُوسَى «حَلِيمًا جِدًّا أَكْثَرَ مِنْ جَمِيعِ ٱلنَّاسِ» ٱلْعَائِشِينَ سَنَةَ ١٥١٣ قم. (عد ١٢:٣) وَقَدْ عُهِدَتْ إِلَى هذَا ٱلْخَادِمِ ٱلْوَدِيعِ مَسْؤُولِيَّةٌ ضَخْمَةٌ فِي أُمَّةِ إِسْرَائِيلَ. فَبِٱلْقُوَّةِ ٱلَّتِي ٱسْتَمَدَّهَا مِنْ رُوحِ ٱللّٰهِ، تَفَوَّهَ بِنُبُوَّاتٍ، قَضَى لِلشَّعْبِ وَتَوَلَّى قِيَادَتَهُ، كَتَبَ أَسْفَارًا، وَصَنَعَ عَجَائِبَ. (اِقْرَأْ اشعيا ٦٣:١١-١٤.) وَلكِنْ فِي إِحْدَى ٱلْمَرَاحِلِ، تَشَكَّى مُوسَى أَنَّ حِمْلَ ٱلشَّعْبِ ثَقُلَ جِدًّا عَلَيْهِ. (عد ١١:١٤، ١٥) لِذَا أَخَذَ يَهْوَهُ «مِنَ ٱلرُّوحِ» ٱلَّذِي عَلَيْهِ وَوَضَعَهَا عَلَى سَبْعِينَ شَيْخًا لِيُعِينُوهُ عَلَى ٱلنُّهُوضِ بِٱلْمَسْؤُولِيَّةِ. (عد ١١:١٦، ١٧) فَمَعَ أَنَّ حِمْلَ مُوسَى بَدَا مُرْهِقًا، فَهُوَ فِي ٱلْوَاقِعِ لَمْ يَتَكَفَّلْ بِهِ وَحْدَهُ، وَكَذلِكَ ٱلسَّبْعُونَ ٱلَّذِينَ ٱخْتِيرُوا لِلْوُقُوفِ إِلَى جَانِبِهِ.
٤ فَقَبْلَ تَعْيِينِ ٱلشُّيُوخِ، وُهِبَ مُوسَى مَا يَكْفِي مِنَ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ لِإِتْمَامِ مُهِمَّتِهِ. حَتَّى بَعْدَ تَعْيِينِهِمْ، لَمْ يُعْوِزْهُ أَيْضًا رُوحُ ٱللّٰهِ. فَلَا هُوَ نَالَ أَقَلَّ مِمَّا لَزِمَهُ وَلَا هُمْ أَكْثَرَ مِمَّا ٱحْتَاجُوا. إِذًا، يُزَوِّدُنَا يَهْوَهُ بِرُوحِهِ عَلَى قَدْرِ حَاجَتِنَا، بِحَسَبِ ظُرُوفِنَا. فَهُوَ «لَا يُعْطِي ٱلرُّوحَ بِٱلْكَيْلِ» بَلْ «مِنْ مِلْئِهِ». — يو ١:١٦؛ ٣:٣٤.
٥ هَلْ تُكَابِدُ ٱلْمِحَنَ؟ هَلْ تَشْعُرُ أَنَّ مُتَطَلَّبَاتِ ٱلْحَيَاةِ ٱلْمُتَزَايِدَةَ تَسْتَنْزِفُ وَقْتَكَ؟ هَلْ تَسْعَى جَاهِدًا لِسَدِّ حَاجَاتِ عَائِلَتِكَ ٱلرُّوحِيَّةِ وَٱلْجَسَدِيَّةِ وَأَنْتَ مُرْهَقٌ فِي ٱلْوَقْتِ عَيْنِهِ مِنْ كَثْرَةِ ٱلْمَصَارِيفِ أَوْ تَرَاجُعِ صِحَّتِكَ؟ هَلْ تَتَوَلَّى مَسْؤُولِيَّاتٍ ثَقِيلَةً فِي ٱلْجَمَاعَةِ؟ أَيًّا كَانَ حَالُكَ، فَكُنْ عَلَى ثِقَةٍ أَنَّ ٱللّٰهَ بِوَاسِطَةِ رُوحِهِ سَيَمْنَحُكَ ٱلْقُوَّةَ ٱللَّازِمَةَ لِتَتَكَيَّفَ مَعَ ظُرُوفِكَ. — رو ١٥:١٣.
اَلرُّوحُ ٱلْقُدُسُ أَهَّلَ بَصَلْئِيلَ
٦-٨ (أ) مَاذَا فَعَلَ بَصَلْئِيلُ وَأُهُولِيآبُ بِمُسَاعَدَةِ رُوحِ ٱللّٰهِ؟ (ب) مَاذَا يُظْهِرُ أَنَّ بَصَلْئِيلَ وَأُهُولِيآبَ نَالَا ٱلْإِرْشَادَ مِنْ رُوحِ ٱللّٰهِ؟ (ج) لِمَ ٱخْتِبَارُ بَصَلْئِيلَ مُشَجِّعٌ لَنَا ٱلْيَوْمَ؟
٦ يَكْشِفُ ٱخْتِبَارُ بَصَلْئِيلَ، أَحَدِ مُعَاصِرِي مُوسَى، ٱلشَّيْءَ ٱلْكَثِيرَ عَنْ عَمَلِ رُوحِ ٱللّٰهِ. (اِقْرَأْ خروج ٣٥:٣٠-٣٥.) فَقَدْ كُلِّفَ هذَا ٱلرَّجُلُ بِأَخْذِ ٱلْقِيَادَةِ فِي صُنْعِ ٱلتَّجْهِيزَاتِ ٱللَّازِمَةِ لِلْمَسْكَنِ. فَهَلْ كَانَ خَبِيرًا بِٱلصِّنَاعَاتِ ٱلْحِرَفِيَّةِ قَبْلَ هذَا ٱلْمَشْرُوعِ ٱلضَّخْمِ؟ رُبَّمَا، وَلكِنْ يُرَجَّحُ أَنَّ آخِرَ عَمَلٍ زَاوَلَهُ قَبْلَ ذلِكَ هُوَ صُنْعُ ٱللِّبْنِ لِلْمِصْرِيِّينَ. (خر ١:١٣، ١٤) فَكَيْفَ كَانَ لَهُ أَنْ يُتَمِّمَ مُهِمَّتَهُ ٱلْعَسِيرَةَ؟ لَقَدْ ‹مَلَأَهُ يَهْوَهُ مِنْ رُوحِهِ بِٱلْحِكْمَةِ وَٱلْفَهْمِ وَٱلْمَعْرِفَةِ وَٱلْمَهَارَةِ فِي كُلِّ صَنْعَةٍ، لِٱبْتِكَارِ تَصَامِيمَ حَتَّى يَصْنَعَ كُلَّ صَنْعَةٍ فِي غَايَةِ ٱلْإِبْدَاعِ›. فَٱلرُّوحُ ٱلْقُدُسُ صَقَلَ مَوَاهِبَ بَصَلْئِيلَ ٱلَّتِي رُبَّمَا تَحَلَّى بِهَا بِٱلْفِطْرَةِ. وَصَحَّ ٱلْأَمْرُ عَيْنُهُ فِي أُهُولِيآبَ. وَلَا بُدَّ أَنَّ هذَيْنِ ٱلرَّجُلَيْنِ ٱكْتَسَبَا ٱلْكَثِيرَ مِنَ ٱلْمَعْرِفَةِ لِأَنَّهُمَا لَمْ يُنْجِزَا ٱلْمُهِمَّةَ فَحَسْبُ، بَلْ عَلَّمَا غَيْرَهُمَا أَيْضًا. فَٱللّٰهُ هُوَ ٱلَّذِي جَعَلَ فِي قَلْبِهِمَا أَنْ يُعَلِّمَا ٱلْآخَرِينَ.
٧ وَثَمَّةَ دَلِيلٌ آخَرُ عَلَى أَنَّ بَصَلْئِيلَ وَأُهُولِيآبَ نَالَا ٱلْإِرْشَادَ مِنْ رُوحِ ٱللّٰهِ هُوَ جُودَةُ مَصْنُوعَاتِهِمَا ٱلَّتِي ظَلَّتْ تُسْتَعْمَلُ طَوَالَ ٥٠٠ سَنَةٍ تَقْرِيبًا. (٢ اخ ١:٢-٦) وَبِٱلتَّبَايُنِ مَعَ ٱلْمُصَنِّعِينَ فِي ٱلْأَزْمِنَةِ ٱلْعَصْرِيَّةِ، لَمْ يَكْتَرِثْ بَصَلْئِيلُ وَأُهُولِيآبُ بِأَنْ يَتْرُكَا تَوْقِيعَهُمَا أَوْ عَلَامَتَهُمَا ٱلتِّجَارِيَّةَ عَلَى أَعْمَالِهِمَا. فَكُلُّ ٱلْفَضْلِ فِي ٱنْجَازَاتِهِمَا نُسِبَ إِلَى يَهْوَهَ. — خر ٣٦:١، ٢.
٨ وَٱلْيَوْمَ، قَدْ تُطْلَبُ مِنَّا مُهِمَّاتٌ صَعْبَةٌ تَسْتَلْزِمُ مَهَارَاتٍ خُصُوصِيَّةً مِثْلُ ٱلْبِنَاءِ، ٱلطِّبَاعَةِ، تَنْظِيمِ ٱلْمَحَافِلِ، إِدَارَةِ أَعْمَالِ ٱلْإِغَاثَةِ، وَٱلتَّوَاصُلِ مَعَ ٱلْأَطِبَّاءِ وَٱلْمَسْؤُولِينَ فِي ٱلْمُسْتَشْفَيَاتِ بِشَأْنِ مَوْقِفِنَا ٱلْمُؤَسَّسِ عَلَى ٱلْأَسْفَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ مِنَ ٱلدَّمِ. فِي بَعْضِ ٱلْأَحْيَانِ، يُنْجِزُ هذِهِ ٱلْمَهَامَّ أَشْخَاصٌ يَتَمَتَّعُونَ بِٱلْخِبْرَاتِ ٱللَّازِمَةِ. وَلكِنْ فِي أَغْلَبِ ٱلْحَالَاتِ، يُسْتَعَانُ بِمُتَطَوِّعِينَ لَا يَعْرِفُونَ سِوَى ٱلْقَلِيلِ عَنْ هذِهِ ٱلْأَعْمَالِ. فَرُوحُ ٱللّٰهِ هُوَ ٱلَّذِي يُكَلِّلُ جُهُودَهُمْ بِٱلنَّجَاحِ. فَهَلِ ٱمْتَنَعْتَ يَوْمًا عَنْ قُبُولِ تَعْيِينٍ فِي خِدْمَةِ يَهْوَهَ ظَنًّا مِنْكَ أَنَّ ٱلْآخَرِينَ أَكْثَرُ كَفَاءَةً؟ تَذَكَّرْ أَنَّ رُوحَ يَهْوَهَ يُعَزِّزُ مَعْرِفَتَكَ وَمَقْدِرَاتِكَ وَيُسَاعِدُكَ أَنْ تُتَمِّمَ أَيَّ تَعْيِينٍ يُعْهَدُ بِهِ إِلَيْكَ.
يَشُوعُ نَجَحَ بِفَضْلِ رُوحِ ٱللّٰهِ
٩ أَيُّ ظَرْفٍ وَاجَهَهُ ٱلْإِسْرَائِيلِيُّونَ بَعْدَ ٱلْخُرُوجِ مِنْ مِصْرَ، وَأَيُّ سُؤَالٍ نَشَأَ؟
٩ أَرْشَدَ رُوحُ ٱللّٰهِ أَيْضًا رَجُلًا عَاشَ زَمَنَ مُوسَى وَبَصَلْئِيلَ. فَبُعَيْدَ ٱلْخُرُوجِ مِنْ مِصْرَ، شَنَّ ٱلْعَمَالِيقِيُّونَ هُجُومًا غَيْرَ مُبَرَّرٍ عَلَى شَعْبِ ٱللّٰهِ. وَمَعَ أَنَّ ٱلْإِسْرَائِيلِيِّينَ لَمْ يَخُوضُوا حَرْبًا مِنْ قَبْلُ، حَانَ ٱلْوَقْتُ لِإِبْعَادِ هذَا ٱلْخَطَرِ وَٱلْقِيَامِ بِأَوَّلِ تَحَرُّكٍ عَسْكَرِيٍّ لَهُمْ كَشَعْبٍ حُرٍّ. (خر ١٣:١٧؛ ١٧:٨) لِذَا نَشَأَتِ ٱلْحَاجَةُ إِلَى قَائِدٍ يَتَرَأَّسُ ٱلْقُوَّاتِ ٱلْمُحَارِبَةَ. فَعَلَى مَنْ وَقَعَ ٱلِٱخْتِيَارُ؟
١٠ لِمَ حَالَفَ ٱلنَّصْرُ ٱلْإِسْرَائِيلِيِّينَ بِقِيَادَةِ يَشُوعَ؟
١٠ وَقَعَ ٱلِٱخْتِيَارُ عَلَى يَشُوعَ. وَلكِنْ لَوْ طُلِبَ مِنْهُ أَنْ يُعَدِّدَ خِبْرَاتِهِ ٱلسَّابِقَةَ ٱلَّتِي تُؤَهِّلُهُ لِهذِهِ ٱلْمَسْؤُولِيَّةِ، فَمَاذَا كَانَ سَيَذْكُرُ؟ أَنَّهُ عَبْدٌ كَادِحٌ؟ صَانِعُ لِبْنٍ؟ أَمْ جَامِعٌ لِلْمَنِّ؟ مِنَ ٱلْجَدِيرِ بِٱلذِّكْرِ أَنَّ جَدَّهُ أَلِيشَامَاعَ كَانَ زَعِيمَ سِبْطِ أَفْرَايِمَ ٱلَّذِي قَادَ كَمَا يَبْدُو ١٠٠,١٠٨ رَجُلٍ مِنْ إِحْدَى فِرَقِ إِسْرَائِيلَ ذَاتِ ٱلثَّلَاثَةِ ٱلْأَسْبَاطِ. (عد ٢:١٨، ٢٤؛ ١ اخ ٧:٢٦، ٢٧) إِلَّا أَنَّ يَهْوَهَ مِنْ خِلَالِ مُوسَى لَمْ يَنْتَقِ أَلِيشَامَاعَ أَوِ ٱبْنَهُ نُونًا، بَلِ ٱخْتَارَ يَشُوعَ لِيَرْأَسَ ٱلْقُوَّةَ ٱلَّتِي قَهَرَتِ ٱلْأَعْدَاءَ فِي مَعْرَكَةٍ دَامَتْ مُعْظَمَ سَاعَاتِ ٱلنَّهَارِ. فَقَدْ حَالَفَ ٱلنَّصْرُ ٱلْإِسْرَائِيلِيِّينَ بِفَضْلِ إِطَاعَةِ يَشُوعَ ٱلتَّامَّةِ وَتَقْدِيرِهِ ٱلْعَمِيقِ لِإِرْشَادِ رُوحِ ٱللّٰهِ ٱلْقُدُسِ. — خر ١٧:٩-١٣.
١١ كَيْفَ نَنْجَحُ فِي إِتْمَامِ خِدْمَتِنَا ٱلْمُقَدَّسَةِ عَلَى غِرَارِ يَشُوعَ؟
١١ وَفِي وَقْتٍ لَاحِقٍ، خَلَفَ يَشُوعُ مُوسَى ‹مُمْتَلِئًا رُوحَ حِكْمَةٍ›. (تث ٣٤:٩) وَمَعَ أَنَّ ٱلرُّوحَ ٱلْقُدُسَ لَمْ يَهَبْهُ ٱلْقُدْرَةَ عَلَى ٱلتَّنَبُّؤِ أَوْ صُنْعِ ٱلْعَجَائِبِ مِثْلَ مُوسَى، فَقَدْ مَكَّنَهُ مِنْ قِيَادَةِ إِسْرَائِيلَ فِي ٱلْحَمْلَةِ ٱلْعَسْكَرِيَّةِ ٱلرَّامِيَةِ إِلَى إِخْضَاعِ أَرْضِ كَنْعَانَ. وَٱلْيَوْمَ، قَدْ نَشْعُرُ أَنَّنَا نَفْتَقِرُ إِلَى ٱلْخِبْرَةِ أَوِ ٱلْكَفَاءَةِ لِإِنْجَازِ أَوْجُهٍ مُعَيَّنَةٍ مِنْ خِدْمَتِنَا ٱلْمُقَدَّسَةِ. لكِنَّنَا سَنَنْجَحُ حَتْمًا، عَلَى غِرَارِ يَشُوعَ، إِذَا مَا ٱلْتَصَقْنَا بِٱلْإِرْشَادِ ٱلْإِلهِيِّ. — يش ١:٧-٩.
«اِكْتَنَفَ رُوحُ يَهْوَهَ جِدْعُونَ»
١٢-١٤ (أ) مَاذَا تَكْشِفُ ٱلْهَزِيمَةُ ٱلَّتِي أَوْقَعَهَا ٱلرِّجَالُ ٱلثَّلَاثُمِئَةٍ بِجُيُوشِ ٱلْمِدْيَانِيِّينَ ٱلْضَّخْمَةِ؟ (ب) كَيْفَ طَمْأَنَ يَهْوَهُ جِدْعُونَ؟ (ج) كَيْفَ يُطَمْئِنُنَا ٱللّٰهُ ٱلْيَوْمَ؟
١٢ بَعْدَ مَوْتِ يَشُوعَ، ٱسْتَمَرَّ يَهْوَهُ يُظْهِرُ كَيْفَ يَعْضُدُ بِرُوحِهِ ذَوِي ٱلْإِيمَانِ. فَسِفْرُ ٱلْقُضَاةِ زَاخِرٌ بِرِوَايَاتٍ عَنْ أَشْخَاصٍ «تَقَوَّوْا مِنْ حَالَةِ ضُعْفٍ». (عب ١١:٣٤) مَثَلًا، دَفَعَ ٱللّٰهُ جِدْعُونَ بِوَاسِطَةِ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ إِلَى مُحَارَبَةِ ٱلْمِدْيَانِيِّينَ مِنْ أَجْلِ شَعْبِهِ. (قض ٦:٣٤) لكِنَّ هؤُلَاءِ ٱلْأَعْدَاءَ تَفَوَّقُوا فِي ٱلْعَدَدِ عَلَى قُوَّاتِ جِدْعُونَ بِنِسْبَةِ ٤ إِلَى ١. مَعَ ذلِكَ، كَانَتْ تِلْكَ ٱلْقُوَّةُ ٱلصَّغِيرَةُ لَا تَزَالُ كَبِيرَةً جِدًّا فِي عَيْنَيْ يَهْوَهَ. لِذَا أَمَرَ جِدْعُونَ مَرَّتَيْنِ بِخَفْضِ عَدِيدِ ٱلْجَيْشِ حَتَّى صَارَ ٱلْأَعْدَاءُ يَفُوقُونَهُمْ بِنِسْبَةِ ٤٥٠ إِلَى ١. (قض ٧:٢-٨؛ ٨:١٠) وَقَدْ رَضِيَ يَهْوَهُ عَنْ هذَا ٱلْفَارِقِ ٱلشَّاسِعِ. فَفِي حَالِ أَحْرَزَ ٱلْإِسْرَائِيلِيُّونَ نَصْرًا سَاحِقًا، فَلَيْسَ فِي وُسْعِ أَحَدٍ أَنْ يَفْتَخِرَ نَاسِبًا ٱلْفَضْلَ إِلَى جُهُودِ ٱلْبَشَرِ أَوْ حِكْمَتِهِمْ.
١٣ وَبَعْدَ تَخْفِيضِ عَدِيدِ ٱلْجَيْشِ، بَاتَ جِدْعُونُ وَقُوَّاتُهُ مُسْتَعِدِّينَ تَقْرِيبًا. فَلَوْ كُنْتَ فَرْدًا فِي تِلْكَ ٱلْفِرْقَةِ ٱلصَّغِيرَةِ، فَهَلْ تَشْعُرُ بِٱلْأَمَانِ لِعِلْمِكَ أَنَّ صُفُوفَ ٱلْمُحَارِبِينَ خَلَتْ مِنَ ٱلرِّجَالِ ٱلْخَائِفِينَ وَغَيْرِ ٱلْيَقِظِينَ، أَمْ تَعْتَرِيكَ رَعْشَةٌ مِنَ ٱلْخَوْفِ وَأَنْتَ تُفَكِّرُ فِي نَتِيجَةِ ٱلْمَعْرَكَةِ؟ لَا حَاجَةَ أَنْ نُخَمِّنَ أَيَّةَ مَشَاعِرَ سَاوَرَتْ جِدْعُونَ. فَقَدْ وَثِقَ بِٱللّٰهِ وَفَعَلَ مَا طُلِبَ مِنْهُ. (اِقْرَأْ قضاة ٧:٩-١٤.) وَٱلْجَدِيرُ بِٱلذِّكْرِ أَنَّ يَهْوَهَ لَمْ يُوَبِّخْهُ لِأَنَّهُ طَلَبَ عَلَامَةً تُؤَكِّدُ وُقُوفَهُ إِلَى جَانِبِهِ. (قض ٦:٣٦-٤٠) بَلْ لَبَّى طَلَبَهُ تَرْسِيخًا لِإِيمَانِهِ.
١٤ حَقًّا، إِنَّ قُدْرَةَ يَهْوَهَ عَلَى ٱلْإِنْقَاذِ لَا تَحُدُّهَا حُدُودٌ. فَهُوَ قَادِرٌ أَنْ يَنْتَشِلَ شَعْبَهُ مِنْ أَيَّةِ وَرْطَةٍ مُسْتَعِينًا إِذَا ٱقْتَضَى ٱلْأَمْرُ بِأَشْخَاصٍ يَبْدُونَ ضُعَفَاءَ أَوْ عَاجِزِينَ. فَفِي بَعْضِ ٱلْأَحْيَانِ، نَشْعُرُ أَنَّ كَثِيرِينَ يَقِفُونَ فِي وَجْهِنَا أَوْ أَنَّنَا فِي ظَرْفٍ عَصِيبٍ. وَمَعَ أَنَّنَا لَا نَتَوَقَّعُ تَأْكِيدًا عَجَائِبِيًّا مِنْ يَهْوَهَ مِثْلَ جِدْعُونَ، فَنَحْنُ نَنَالُ إِرْشَادًا وَافِيًا وَطَمْأَنَةً كَبِيرَةً مِنْ كَلِمَةِ ٱللّٰهِ وَجَمَاعَتِهِ ٱلْمُوَجَّهَةِ بِرُوحِهِ. (رو ٨:٣١، ٣٢) فَوُعُودُهُ ٱلْحُبِّيَّةُ تُوَطِّدُ إِيمَانَنَا وَقَنَاعَتَنَا بِأَنَّهُ مُعِينٌ لَنَا.
«كَانَ رُوحُ يَهْوَهَ عَلَى يَفْتَاحَ»
١٥، ١٦ لِمَ تَحَلَّتِ ٱبْنَةُ يَفْتَاحَ بِمَوْقِفٍ رَائِعٍ، وَأَيُّ تَشْجِيعٍ يَسْتَمِدُّهُ ٱلْوَالِدُونَ مِنْ ذلِكَ؟
١٥ إِلَيْكَ مِثَالَ شَخْصٍ آخَرَ أَرْشَدَهُ رُوحُ ٱللّٰهِ. فَحِينَ ٱضْطُرَّ ٱلْإِسْرَائِيلِيُّونَ إِلَى مُحَارَبَةِ ٱلْعَمُّونِيِّينَ، حَلَّ «رُوحُ يَهْوَهَ عَلَى يَفْتَاحَ». وَمِنْ شِدَّةِ تَوْقِهِ إِلَى ٱلِٱنْتِصَارِ تَسْبِيحًا لِيَهْوَهَ، نَذَرَ نَذْرًا كَلَّفَهُ ثَمَنًا بَاهِظًا. فَقَدْ وَعَدَ ٱللّٰهَ، إِنْ هُوَ أَسْلَمَ ٱلْعَمُّونِيِّينَ إِلَى يَدِهِ، بِإِعْطَائِهِ أَوَّلَ مَنْ يَخْرُجُ لِمُلَاقَاتِهِ عِنْدَ عَوْدَتِهِ إِلَى ٱلْبَيْتِ. وَإِذَا بِٱبْنَتِهِ تَخْرُجُ لِٱسْتِقْبَالِهِ بَعْدَ رُجُوعِهِ مُنْتَصِرًا. (قض ١١:٢٩-٣١، ٣٤) فَهَلْ تَفَاجَأَ يَفْتَاحُ؟ عَلَى ٱلْأَرْجَحِ لَا، فَهُوَ لَمْ يُرْزَقْ بِسِوَاهَا. وَقَدْ تَمَّمَ نَذْرَهُ بِتَكْرِيسِ ٱبْنَتِهِ لِخِدْمَةِ يَهْوَهَ مَدَى حَيَاتِهَا فِي ٱلْمَقْدِسِ فِي شِيلُوهَ. وَبِمَا أَنَّهَا عَابِدَةٌ وَلِيَّةٌ لِيَهْوَهَ، فَقَدْ كَانَتْ مُقْتَنِعَةً بِضَرُورَةِ إِيفَاءِ نَذْرِ أَبِيهَا. (اِقْرَأْ قضاة ١١:٣٦.) وَلَا شَكَّ أَنَّ رُوحَ يَهْوَهَ أَمَدَّهُمَا كِلَيْهِمَا بِٱلْقُوَّةِ ٱللَّازِمَةِ.
١٦ وَلكِنْ كَيْفَ نَمَّتِ ٱبْنَةُ يَفْتَاحَ رُوحَ ٱلتَّضْحِيَةِ بِٱلذَّاتِ؟ لَا بُدَّ أَنَّ غَيْرَةَ أَبِيهَا وَتَعَبُّدَهُ لِلّٰهِ سَاهَمَا فِي بُنْيَانِ إِيمَانِهَا. فَيَا أَيُّهَا ٱلْوَالِدُونَ، لَا تَحْسَبُوا أَنَّ أَوْلَادَكُمْ لَا يُلَاحِظُونَ مِثَالَكُمْ. فَقَرَارَاتُكُمْ تُظْهِرُ أَنَّكُمْ مُقْتَنِعُونَ بِمَا تَقُولُونَهُ. وَهُمْ يَرَوْنَ مِنْ خِلَالِ صَلَوَاتِكُمُ ٱلْحَارَّةِ وَتَعْلِيمِكُمُ ٱلْفَعَّالِ إِلَى جَانِبِ مِثَالِكُمُ ٱلْجَيِّدِ أَنَّكُمْ تَسْعَوْنَ إِلَى خِدْمَةِ يَهْوَهَ بِقَلْبٍ كَامِلٍ. وَهكَذَا تَنْمُو فِي قُلُوبِهِمْ عَلَى ٱلْأَرْجَحِ رَغْبَةٌ قَوِيَّةٌ فِي خِدْمَةِ يَهْوَهَ، ٱلْأَمْرُ ٱلَّذِي يُفْعِمُ قُلُوبَكُمْ بِٱلْفَرَحِ.
‹رُوحُ يَهْوَهَ عَمِلَ فِي شَمْشُونَ›
١٧ مَاذَا فَعَلَ شَمْشُونُ بِقُوَّةِ رُوحِ ٱللّٰهِ؟
١٧ تَأَمَّلْ فِي مِثَالٍ آخَرَ. فَحِينَ كَانَ ٱلْفِلِسْطِيُّونَ مُتَسَلِّطِينَ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ، «ٱبْتَدَأَ رُوحُ يَهْوَهَ يُحَرِّكُ» شَمْشُونَ لِيُخَلِّصَهُمْ. (قض ١٣:٢٤، ٢٥) فَمَنَحَهُ قُوَّةً أَتَاحَتْ لَهُ ٱلْقِيَامَ بِأَعْمَالٍ مُذْهِلَةٍ وَخَارِقَةٍ. مَثَلًا، عِنْدَمَا أَقْنَعَ ٱلْفِلِسْطِيُّونَ رُفَقَاءَهُ ٱلْإِسْرَائِيلِيِّينَ بِٱلْقَبْضِ عَلَيْهِ، «عَمِلَ فِيهِ رُوحُ يَهْوَهَ، فَكَانَ ٱلْحَبْلَانِ ٱللَّذَانِ عَلَى ذِرَاعَيْهِ كَخُيُوطِ كَتَّانٍ لُفِحَتْ بِٱلنَّارِ، فَٱنْحَلَّ ٱلْوِثَاقُ عَنْ يَدَيْهِ». (قض ١٥:١٤) حَتَّى عِنْدَمَا ضَعُفَتْ قُوَّتُهُ جَرَّاءَ قَرَارٍ غَيْرِ حَكِيمٍ، تَقَوَّى «بِٱلْإِيمَانِ». (عب ١١:٣٢-٣٤؛ قض ١٦:١٨-٢١، ٢٨-٣٠) فَرُوحُ يَهْوَهَ عَمِلَ فِيهِ بِطَرِيقَةٍ غَيْرِ عَادِيَّةٍ نَظَرًا إِلَى ٱلظُّرُوفِ ٱلِٱسْتِثْنَائِيَّةِ آنَذَاكَ. إِلَّا أَنَّ هذِهِ ٱلْقِصَّةَ ٱلتَّارِيخِيَّةَ تَمْنَحُنَا ٱلْكَثِيرَ مِنَ ٱلتَّشْجِيعِ. كَيْفَ ذلِكَ؟
١٨، ١٩ (أ) كَيْفَ يُشَجِّعُنَا ٱخْتِبَارُ شَمْشُونَ؟ (ب) كَيْفَ ٱسْتَفَدْتُمْ مِنَ ٱلتَّأَمُّلِ فِي أَمْثِلَةِ ذَوِي ٱلْإِيمَانِ فِي هذِهِ ٱلْمَقَالَةِ؟
١٨ نَحْنُ نَعْتَمِدُ عَلَى ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ نَفْسِهِ ٱلَّذِي ٱتَّكَلَ عَلَيْهِ شَمْشُونُ حِينَ نَقُومُ بِٱلْعَمَلِ ٱلَّذِي فَوَّضَهُ يَسُوعُ إِلَيْنَا، أَيْ «أَنْ نَكْرِزَ لِلشَّعْبِ وَنَشْهَدَ كَامِلًا». (اع ١٠:٤٢) وَهذَا ٱلتَّعْيِينُ يَسْتَلْزِمُ مَهَارَاتٍ رُبَّمَا لَا نَمْتَلِكُهَا بِٱلْفِطْرَةِ. فَكَمْ نَحْنُ شَاكِرُونَ لِيَهْوَهَ ٱلَّذِي يَسْتَخْدِمُ رُوحَهُ لِإِعَانَتِنَا عَلَى إِنْجَازِ شَتَّى ٱلْمُهِمَّاتِ ٱلْمُوكَلَةِ إِلَيْنَا! وَهكَذَا يَكُونُ لِسَانُ حَالِنَا كَلِمَاتِ ٱلنَّبِيِّ إِشَعْيَا: ‹اَلسَّيِّدُ ٱلرَّبُّ يَهْوَهُ أَرْسَلَنِي هُوَ وَرُوحُهُ›. (اش ٤٨:١٦) نَعَمْ، رُوحُ يَهْوَهَ هُوَ ٱلَّذِي يُرْسِلُنَا. وَنَحْنُ نَبْذُلُ جُهْدَنَا فِي هذَا ٱلْعَمَلِ مُتَأَكِّدِينَ أَنَّ يَهْوَهَ سَيُنَمِّي مُؤَهِّلَاتِنَا، مِثْلَمَا فَعَلَ مَعَ مُوسَى وَبَصَلْئِيلَ وَيَشُوعَ. كَمَا أَنَّنَا نَحْمِلُ «سَيْفَ ٱلرُّوحِ، أَيْ كَلِمَةَ ٱللّٰهِ» وَمِلْؤُنَا ٱلثِّقَةُ أَنَّهُ سَيَبُثُّ فِينَا ٱلْقُوَّةَ، تَمَامًا كَمَا قَوَّى جِدْعُونَ وَيَفْتَاحَ وَشَمْشُونَ. (اف ٦:١٧، ١٨) وَبِٱلِٱتِّكَالِ عَلَى يَهْوَهَ فِي تَخَطِّي ٱلْعَقَبَاتِ، نَغْدُو أَقْوِيَاءَ رُوحِيًّا مِثْلَمَا كَانَ شَمْشُونُ قَوِيًّا جَسَدِيًّا.
١٩ مِنَ ٱلْوَاضِحِ إِذًا أَنَّ يَهْوَهَ يُبَارِكُ ٱلَّذِينَ يَقِفُونَ بِشَجَاعَةٍ إِلَى جَانِبِ ٱلْعِبَادَةِ ٱلْحَقَّةِ. وَفِيمَا نَتَجَاوَبُ مَعَ عَمَلِ رُوحِ ٱللّٰهِ ٱلْقُدُسِ، يَتَوَطَّدُ إِيمَانُنَا أَكْثَرَ فَأَكْثَرَ. لِذَا سَنَسْتَمْتِعُ فِي ٱلْمَقَالَةِ ٱلتَّالِيَةِ بِمُرَاجَعَةِ بَعْضِ ٱلْأَحْدَاثِ ٱلشَّيِّقَةِ ٱلْمُدَوَّنَةِ فِي ٱلْأَسْفَارِ ٱلْيُونَانِيَّةِ ٱلْمَسِيحِيَّةِ. فَهِيَ تَكْشِفُ لَنَا كَيْفَ عَمِلَ رُوحُ يَهْوَهَ فِي ذَوِي ٱلْإِيمَانِ فِي ٱلْقَرْنِ ٱلْأَوَّلِ، قَبْلَ وَبَعْدَ يَوْمِ ٱلْخَمْسِينَ سَنَةَ ٣٣ بم.
-
-
روح اللّٰه يمنح الارشاد في القرن الاول واليومبرج المراقبة ٢٠١١ | ١٥ كانون الاول (ديسمبر)
-
-
رُوحُ ٱللّٰهِ يَمْنَحُ ٱلْإِرْشَادَ فِي ٱلْقَرْنِ ٱلْأَوَّلِ وَٱلْيَوْمَ
«كُلُّ هٰذِهِ ٱلْأَعْمَالِ يُنْجِزُهَا ٱلرُّوحُ ٱلْوَاحِدُ نَفْسُهُ». — ١ كو ١٢:١١.
١ مَاذَا سَنُنَاقِشُ فِي هذَا ٱلدَّرْسِ؟
يَوْمُ ٱلْخَمْسِينَ. يَا لَلْأَحْدَاثِ ٱلشَّيِّقَةِ ٱلَّتِي تَتَبَادَرُ إِلَى ٱلذِّهْنِ عِنْدَ سَمَاعِ هذِهِ ٱلْعِبَارَةِ! (اع ٢:١-٤) فَسَكْبُ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ فِي ذلِكَ ٱلْيَوْمِ مِنَ ٱلْقَرْنِ ٱلْأَوَّلِ شَكَّلَ مُنْعَطَفًا هَامًّا فِي تَعَامُلَاتِ ٱللّٰهِ مَعَ خُدَّامِهِ. فِي ٱلْمَقَالَةِ ٱلسَّابِقَةِ، تَأَمَّلْنَا كَيْفَ سَاعَدَ رُوحُ ٱللّٰهِ ذَوِي ٱلْإِيمَانِ فِي ٱلْمَاضِي عَلَى إِتْمَامِ مَهَامَّ صَعْبَةٍ وَدَقِيقَةٍ. وَلكِنْ مَا ٱلْفَرْقُ بَيْنَ طَرِيقَةِ عَمَلِ رُوحِ ٱللّٰهِ فِي أَزْمِنَةِ مَا قَبْلَ ٱلْمَسِيحِيَّةِ وَفِي ٱلْقَرْنِ ٱلْأَوَّلِ؟ وَكَيْفَ يَسْتَفِيدُ ٱلْمَسِيحِيُّونَ مِنْ عَمَلِ رُوحِ ٱللّٰهِ ٱلْقُدُسِ ٱلْيَوْمَ؟ لِنَرَ مَعًا ٱلْجَوَابَ عَنْ هذَيْنِ ٱلسُّؤَالَيْنِ.
«هُوَذَا أَمَةُ يَهْوَهَ!»
٢ كَيْفَ شَهِدَتْ مَرْيَمُ تَأْثِيرَ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ؟
٢ كَانَتْ مَرْيَمُ بَيْنَ ٱلْمَوْجُودِينَ فِي تِلْكَ ٱلْعُلِّيَّةِ ٱلْكَبِيرَةِ فِي أُورُشَلِيمَ حِينَ سُكِبَ ٱلرُّوحُ ٱلْقُدُسُ ٱلْمَوْعُودُ بِهِ. (اع ١:١٣، ١٤) غَيْرَ أَنَّ عَمَلَ رُوحِ يَهْوَهَ لَمْ يَكُنْ بِٱلْأَمْرِ ٱلْجَدِيدِ عَلَيْهَا. فَقَبْلَ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ عُقُودٍ، شَهِدَتْ تَأْثِيرَهُ ٱلْمُذْهِلَ حِينَ نَقَلَ يَهْوَهُ حَيَاةَ ٱبْنِهِ مِنَ ٱلسَّمَاءِ إِلَى ٱلْأَرْضِ، مُحْدِثًا حَبَلًا فِي رَحِمِهَا وَهِيَ عَذْرَاءُ. فَٱلَّذِي حُبِلَ بِهِ فِيهَا كَانَ «مِنْ رُوحٍ قُدُسٍ». — مت ١:٢٠.
٣، ٤ أَيُّ مَوْقِفٍ أَعْرَبَتْ عَنْهُ مَرْيَمُ وَكَيْفَ نَقْتَدِي بِهَا؟
٣ فَلِمَ أُنْعِمَ عَلَى مَرْيَمَ بِهذَا ٱلِٱمْتِيَازِ ٱلْفَرِيدِ مِنْ نَوْعِهِ؟ بَعْدَمَا أَوْضَحَ لَهَا ٱلْمَلَاكُ مَشِيئَةَ يَهْوَهَ نَحْوَهَا، هَتَفَتْ: «هُوَذَا أَمَةُ يَهْوَهَ! لِيَكُنْ لِي كَمَا أَعْلَنْتَ». (لو ١:٣٨) فَقَدْ كَشَفَتْ بِهذِهِ ٱلْكَلِمَاتِ عَنْ مَوْقِفٍ قَلْبِيٍّ سَبَقَ أَنْ لَاحَظَهُ ٱللّٰهُ. فَتَجَاوُبُهَا ٱلْفَوْرِيُّ دَلَّ أَنَّهَا مُسْتَعِدَّةٌ لِقُبُولِ مَشِيئَتِهِ. حَتَّى إِنَّهَا لَمْ تَسْأَلْ عَمَّا سَتَكُونُ نَظْرَةُ ٱلْمُجْتَمَعِ إِلَى حَبَلِهَا أَوْ تَأْثِيرُهُ فِي عَلَاقَتِهَا بِخَطِيبِهَا. فَبِقَوْلِهَا إِنَّهَا أَمَةٌ، أَيْ أَدْنَى ٱلْخَدَمِ، بَيَّنَتْ أَنَّهَا تَثِقُ كُلَّ ٱلثِّقَةِ بِيَهْوَهَ كَسَيِّدٍ لَهَا.
٤ هَلْ تَشْعُرُ أَحْيَانًا أَنَّ ٱلتَّحَدِّيَاتِ أَوِ ٱلْمَسْؤُولِيَّاتِ فِي خِدْمَةِ ٱللّٰهِ تَفُوقُ طَاقَتَكَ؟ يَحْسُنُ بِكُلٍّ مِنَّا أَنْ يَسْأَلَ نَفْسَهُ: ‹هَلْ لَدَيَّ ثِقَةٌ مُطْلَقَةٌ أَنَّ يَهْوَهَ سَيُجْرِي ٱلْأُمُورَ بِٱنْسِجَامٍ مَعَ مَشِيئَتِهِ؟ هَلْ أُعْرِبُ حَقًّا عَنْ رُوحٍ طَوْعِيَّةٍ؟›. كُنْ مُتَأَكِّدًا أَنَّ ٱللّٰهَ يُعْطِي رُوحَهُ لِلَّذِينَ يَتَّكِلُونَ عَلَيْهِ بِكُلِّ قَلْبِهِمْ وَيَعْتَرِفُونَ بِسُلْطَتِهِ كَحَاكِمٍ عَلَيْهِمْ. — اع ٥:٣٢.
اَلرُّوحُ ٱلْقُدُسُ أَعَانَ بُطْرُسَ
٥ كَيْفَ لَمَسَ بُطْرُسُ عَمَلَ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ قَبْلَ يَوْمِ ٱلْخَمْسِينَ سَنَةَ ٣٣ بم؟
٥ عَلَى غِرَارِ مَرْيَمَ، لَمَسَ ٱلرَّسُولُ بُطْرُسُ شَخْصِيًّا عَمَلَ رُوحِ ٱللّٰهِ ٱلْقُدُسِ قَبْلَ يَوْمِ ٱلْخَمْسِينَ سَنَةَ ٣٣ بم. فَيَسُوعُ كَانَ قَدْ مَنَحَهُ سُلْطَةً هُوَ وَٱلرُّسُلَ ٱلْآخَرِينَ أَنْ يُخْرِجُوا ٱلشَّيَاطِينَ. (مر ٣:١٤-١٦) وَمَعَ أَنَّ ٱلْأَسْفَارَ ٱلْمُقَدَّسَةَ لَا تُزَوِّدُنَا بِٱلْكَثِيرِ مِنَ ٱلتَّفَاصِيلِ، يُرَجَّحُ أَنَّ بُطْرُسَ ٱسْتَعْمَلَ هذِهِ ٱلسُّلْطَةَ. وَتَجَلَّتْ قُدْرَةُ ٱللّٰهِ أَيْضًا حِينَ ٱسْتَطَاعَ أَنْ يَمْشِيَ عَلَى مِيَاهِ بَحْرِ ٱلْجَلِيلِ مُتَّجِهًا نَحْوَ يَسُوعَ. (اِقْرَأْ متى ١٤:٢٥-٢٩.) فَمِنَ ٱلْوَاضِحِ أَنَّهُ ٱتَّكَلَ عَلَى ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ بُغْيَةَ ٱلْقِيَامِ بِأَعْمَالٍ عَظِيمَةٍ. وَلكِنْ سُرْعَانَ مَا كَانَ هذَا ٱلرُّوحُ سَيَعْمَلُ فِيهِ وَفِي رُفَقَائِهِ ٱلتَّلَامِيذِ بِطَرَائِقَ جَدِيدَةٍ.
٦ مَاذَا أَنْجَزَ بُطْرُسُ بِفَضْلِ رُوحِ ٱللّٰهِ خِلَالَ وَبَعْدَ يَوْمِ ٱلْخَمْسِينَ سَنَةَ ٣٣ بم؟
٦ فَفِي يَوْمِ ٱلْخَمْسِينَ سَنَةَ ٣٣ بم، وُهِبَ بُطْرُسُ وَٱلْآخَرُونَ قُدْرَةً عَجَائِبِيَّةً عَلَى ٱلتَّحَدُّثِ بِلُغَاتِ ٱلَّذِينَ أَتَوْا لِزِيَارَةِ أُورُشَلِيمَ. بَعْدَ ذلِكَ، أَخَذَ بُطْرُسُ ٱلْقِيَادَةَ فِي مُخَاطَبَةِ ٱلْجُمُوعِ. (اع ٢:١٤-٣٦) نَعَمْ، إِنَّ هذَا ٱلرَّجُلَ ٱلَّذِي أَعْرَبَ أَحْيَانًا عَنِ ٱلتَّهَوُّرِ أَوِ ٱلْخَوْفِ ٱمْتَلَأَ شَجَاعَةً مُقَدِّمًا شَهَادَةً جَرِيئَةً رَغْمَ ٱلتَّهْدِيدَاتِ وَٱلِٱضْطِهَادَاتِ. (اع ٤:١٨-٢٠، ٣١) كَمَا أَنَّهُ نَالَ مَعْرِفَةً خُصُوصِيَّةً بِوَاسِطَةِ كَشْفٍ إِلهِيٍّ. (اع ٥:٨، ٩) حَتَّى إِنَّهُ مُنِحَ ٱلْقُدْرَةَ عَلَى إِقَامَةِ شَخْصٍ مِنَ ٱلْأَمْوَاتِ. — اع ٩:٤٠.
٧ أَيَّةُ تَعَالِيمَ لِيَسُوعَ لَمْ يَفْهَمْهَا بُطْرُسُ إِلَّا بَعْدَ مَسْحِهِ بِٱلرُّوحِ؟
٧ قَبْلَ يَوْمِ ٱلْخَمْسِينَ، فَهِمَ بُطْرُسُ حَقَائِقَ عَدِيدَةً عَلَّمَهَا يَسُوعُ. (مت ١٦:١٦، ١٧؛ يو ٦:٦٨) وَلكِنْ ثَمَّةَ تَعَالِيمُ بَقِيَتْ غَامِضَةً بِٱلنِّسْبَةِ إِلَيْهِ حَتَّى تِلْكَ ٱلْمُنَاسَبَةِ. مَثَلًا، لَمْ يُدْرِكْ أَنَّ ٱلْمَسِيحَ سَيُقَامُ بِٱلرُّوحِ فِي ٱلْيَوْمِ ٱلثَّالِثِ أَوْ أَنَّ ٱلْمَلَكُوتَ سَيَكُونُ فِي ٱلسَّمَاءِ. (يو ٢٠:٦-١٠؛ اع ١:٦) وَٱلْفِكْرَةُ أَنَّ ٱلْبَشَرَ سَيُصْبِحُونَ مَخْلُوقَاتٍ رُوحَانِيَّةً وَيَحْكُمُونَ فِي مَلَكُوتٍ سَمَاوِيٍّ كَانَتْ غَرِيبَةً عَلَيْهِ. وَلكِنْ بَعْدَمَا ٱعْتَمَدَ هُوَ نَفْسُهُ بِٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ وَنَالَ ٱلرَّجَاءَ ٱلسَّمَاوِيَّ، فَهِمَ مَعْنَى هذِهِ ٱلتَّعَالِيمِ.
٨ أَيَّةُ مَعْرِفَةٍ مُتَوَفِّرَةٌ لِلْمَمْسُوحِينَ وَ ‹ٱلْخِرَافِ ٱلْأُخَرِ› عَلَى ٱلسَّوَاءِ؟
٨ إِذًا، مَنَحَ سَكْبُ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ تَلَامِيذَ يَسُوعَ بَصِيرَةً لَمْ يَحْظَوْا بِهَا مِنْ قَبْلُ. فَبِوَحْيٍ مِنَ ٱللّٰهِ، كَشَفَ كَتَبَةُ ٱلْأَسْفَارِ ٱلْيُونَانِيَّةِ ٱلْمَسِيحِيَّةِ لِفَائِدَتِنَا أَوْجُهًا مُدْهِشَةً مِنْ قَصْدِ يَهْوَهَ. (اف ٣:٨-١١، ١٨) وَٱلْيَوْمَ، يَتَغَذَّى ٱلْمَمْسُوحُونَ بِٱلرُّوحِ وَ ‹ٱلْخِرَافُ ٱلْأُخَرُ› عَلَى ٱلسَّوَاءِ مِنَ ٱلْمَائِدَةِ ٱلرُّوحِيَّةِ نَفْسِهَا مُتَعَلِّمِينَ هذِهِ ٱلْحَقَائِقَ عَيْنَهَا. (يو ١٠:١٦) فَهَلْ تُعِزُّ مَا يُوَفِّرُهُ لَكَ ٱلرُّوحُ ٱلْقُدُسُ مِنْ مَعْرِفَةٍ وَفَهْمٍ لِكَلِمَةِ ٱللّٰهِ؟
بُولُسُ «صَارَ مُمْتَلِئًا رُوحًا قُدُسًا»
٩ مَاذَا حَقَّقَ بُولُسُ بِوَاسِطَةِ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ؟
٩ بَعْدَ مُرُورِ نَحْوِ سَنَةٍ عَلَى يَوْمِ ٱلْخَمْسِينَ سَنَةَ ٣٣ بم، نَالَ شَخْصٌ آخَرُ هِبَةَ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ. إِنَّهُ شَاوُلُ ٱلَّذِي بَاتَ مَعْرُوفًا بِٱسْمِ بُولُسَ. فَٱلرُّوحُ عَمِلَ فِيهِ بِطَرَائِقَ تُفِيدُنَا ٱلْيَوْمَ. فَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْهِ أَنْ يَكْتُبَ ١٤ سِفْرًا فِي ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ. وَمِثْلَ بُطْرُسَ، تَمَكَّنَ بُولُسُ بِمُسَاعَدَةِ رُوحِ ٱللّٰهِ أَنْ يَفْهَمَ وَيَكْتُبَ بِوُضُوحٍ عَنْ رَجَاءِ ٱلْخُلُودِ وَعَدَمِ ٱلْفَسَادِ فِي ٱلسَّمَاءِ. وَبِقُوَّةِ هذَا ٱلرُّوحِ، شَفَى ٱلْأَمْرَاضَ، أَخْرَجَ ٱلشَّيَاطِينَ، وَأَقَامَ مَيِّتًا. لكِنَّ ٱلْقُدْرَةَ ٱلَّتِي نَالَهَا مِنَ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ حَقَّقَتْ قَصْدًا أَكْثَرَ أَهَمِّيَّةً، وَهذِهِ ٱلْقُدْرَةُ يَنَالُهَا كَافَّةُ خُدَّامِ ٱللّٰهِ ٱلْيَوْمَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِطَرِيقَةٍ عَجَائِبِيَّةٍ.
١٠ كَيْفَ أَثَّرَ ٱلرُّوحُ ٱلْقُدُسُ فِي قُدْرَةِ بُولُسَ عَلَى ٱلتَّكَلُّمِ؟
١٠ فَبُولُسُ، «مُمْتَلِئًا رُوحًا قُدُسًا»، شَهَّرَ بِجُرْأَةٍ سَاحِرًا سَعَى لِمُقَاوَمَتِهِ. وَمَا كَانَ أَشَدَّ وَقْعَ كَلَامِهِ عَلَى وَالِي قُبْرُصَ ٱلَّذِي أَصْغَى إِلَى ٱلْحَدِيثِ بِكَامِلِهِ! فَهُوَ قَبِلَ ٱلْحَقَّ «مَذْهُولًا مِنْ تَعْلِيمِ يَهْوَهَ». (اع ١٣:٨-١٢) فَكَمَا يَتَّضِحُ، عَرَفَ بُولُسُ تَمَامَ ٱلْمَعْرِفَةِ أَهَمِّيَّةَ رُوحِ ٱللّٰهِ ٱلْقُدُسِ فِي ٱلْمُجَاهَرَةِ بِٱلْحَقِّ. (مت ١٠:٢٠) لِذَا نَاشَدَ لَاحِقًا جَمَاعَةَ أَفَسُسَ أَنْ يَتَضَرَّعُوا مِنْ أَجْلِهِ كَيْ يُعْطَى «قُدْرَةً عَلَى ٱلتَّكَلُّمِ». — اف ٦:١٨-٢٠.
١١ كَيْفَ أَرْشَدَ رُوحُ ٱللّٰهِ بُولُسَ؟
١١ فِي حِينِ عَزَّزَ ٱلرُّوحُ ٱلْقُدُسُ قُدْرَةَ بُولُسَ عَلَى إِعْلَانِ ٱلْحَقِّ، نَهَاهُ أَحْيَانًا عَنِ ٱلتَّكَلُّمِ فِي مَنَاطِقَ مُعَيَّنَةٍ. فَفِي رِحْلَاتِهِ ٱلْإِرْسَالِيَّةِ، تَلَقَّى ٱلْإِرْشَادَ مِنْ رُوحِ ٱللّٰهِ. (اع ١٣:٢؛ اِقْرَأْ اعمال ١٦:٦-١٠.) وَٱلْيَوْمَ، لَا يَزَالُ يَهْوَهُ يُوَجِّهُ عَمَلَ ٱلْكِرَازَةِ مُسْتَخْدِمًا رُوحَهُ. وَجَمِيعُ خُدَّامِهِ ٱلطَّائِعِينَ يَسْعَوْنَ أُسْوَةً بِبُولُسَ إِلَى نَشْرِ ٱلْحَقِّ بِجُرْأَةٍ وَغَيْرَةٍ. وَرَغْمَ أَنَّ يَهْوَهَ يُرْشِدُنَا ٱلْيَوْمَ بِطَرِيقَةٍ مُغَايِرَةٍ لِزَمَنِ بُولُسَ، نَحْنُ وَاثِقُونَ أَنَّهُ يَسْتَعْمِلُ رُوحَهُ ٱلْقُدُسَ كَيْ يَسْمَعَ ٱلْمُسْتَحِقُّونَ ٱلْحَقَّ. — يو ٦:٤٤.
«أَنْوَاعٌ مِنَ ٱلْأَعْمَالِ»
١٢-١٤ هَلْ يَعْمَلُ رُوحُ ٱللّٰهِ فِي كَافَّةِ خُدَّامِهِ بِٱلطَّرِيقَةِ عَيْنِهَا؟ أَوْضِحُوا.
١٢ هَلِ ٱلرِّوَايَاتُ عَنْ إِغْدَاقِ يَهْوَهَ بَرَكَتَهُ عَلَى جَمَاعَةِ ٱلْمَمْسُوحِينَ فِي ٱلْقَرْنِ ٱلْأَوَّلِ تُشَجِّعُ خُدَّامَهُ ٱلْمُنْتَذِرِينَ ٱلْيَوْمَ؟ نَعَمْ دُونَ أَدْنَى شَكٍّ. تَذَكَّرْ كَلِمَاتِ بُولُسَ ٱلْمُلْهَمَةَ إِلَى جَمَاعَةِ كُورِنْثُوسَ عَنْ مَوَاهِبِ ٱلرُّوحِ ٱلْعَجَائِبِيَّةِ فِي أَيَّامِهِ: «هُنَاكَ أَنْوَاعٌ مِنَ ٱلْمَوَاهِبِ، لٰكِنَّ ٱلرُّوحَ هُوَ نَفْسُهُ. وَهُنَاكَ أَنْوَاعٌ مِنَ ٱلْخِدْمَاتِ، لٰكِنَّ ٱلرَّبَّ هُوَ نَفْسُهُ. وَهُنَاكَ أَنْوَاعٌ مِنَ ٱلْأَعْمَالِ، لٰكِنَّ ٱللّٰهَ ٱلَّذِي يُنْجِزُ فِي ٱلْجَمِيعِ كُلَّ ٱلْأَعْمَالِ هُوَ نَفْسُهُ». (١ كو ١٢:٤-٦، ١١) نَعَمْ، يَعْمَلُ ٱلرُّوحُ ٱلْقُدُسُ بِطَرَائِقَ مُخْتَلِفَةٍ فِي خُدَّامِ ٱللّٰهِ مِنْ أَجْلِ تَحْقِيقِ قَصْدٍ مُعَيَّنٍ. وَلَا شَكَّ أَنَّ هذَا ٱلرُّوحَ مُتَاحٌ لِكُلٍّ مِنَ «ٱلْقَطِيعِ ٱلصَّغِيرِ» وَ ‹ٱلْخِرَافِ ٱلْأُخَرِ›. (لو ١٢:٣٢؛ يو ١٠:١٦) لكِنَّهُ لَا يَعْمَلُ دَوْمًا بِٱلطَّرِيقَةِ ذَاتِهَا فِي كُلِّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ ٱلْجَمَاعَةِ.
١٣ مَثَلًا، يُعَيَّنُ ٱلشُّيُوخُ بِٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ. (اع ٢٠:٢٨) وَلكِنْ لَيْسَ كُلُّ ٱلْمَمْسُوحِينَ بِٱلرُّوحِ يَخْدُمُونَ نُظَّارًا فِي ٱلْجَمَاعَةِ. فَمَاذَا نَسْتَنْتِجُ؟ إِنَّ رُوحَ ٱللّٰهِ يَعْمَلُ بِطَرَائِقَ مُتَبَايِنَةٍ فِي أَفْرَادِ ٱلْجَمَاعَةِ.
١٤ غَيْرَ أَنَّ ٱلرُّوحَ ٱلَّذِي يَبُثُّ فِي ٱلْمَمْسُوحِينَ «رُوحَ ٱلتَّبَنِّي»، أَيِ ٱلشُّعُورَ بِأَنَّهُمْ أَبْنَاءُ ٱللّٰهِ، هُوَ نَفْسُ ٱلرُّوحِ ٱلَّذِي بِهِ أَقَامَ يَهْوَهُ ٱبْنَهُ ٱلْمَوْلُودَ ٱلْوَحِيدَ مِنَ ٱلْمَوْتِ إِلَى ٱلْحَيَاةِ ٱلْخَالِدَةِ فِي ٱلسَّمَاءِ. (اِقْرَأْ روما ٨:١١، ١٥.) وَهُوَ ٱلرُّوحُ عَيْنُهُ ٱلَّذِي أَبْدَعَ بِوَاسِطَتِهِ ٱلْكَوْنَ بِأَسْرِهِ. (تك ١:١-٣) وَبِٱسْتِخْدَامِ هذَا ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ أَيْضًا، أَهَّلَ يَهْوَهُ بَصَلْئِيلَ لِيُنْجِزَ مَهَامَّ خُصُوصِيَّةً فِي ٱلْمَسْكَنِ، مَكَّنَ شَمْشُونَ مِنَ ٱلْقِيَامِ بِأَعْمَالٍ خَارِقَةٍ، وَسَاعَدَ بُطْرُسَ أَنْ يَمْشِيَ عَلَى ٱلْمَاءِ. فَلْنُمَيِّزْ إِذًا بَيْنَ أَنْ يَنَالَ ٱلْمَرْءُ رُوحَ ٱللّٰهِ وَأَنْ يُمْسَحَ بِهِ، فَٱلْمَسْحُ بِٱلرُّوحِ لَيْسَ سِوَى إِحْدَى ٱلطَّرَائِقِ ٱلْمُمَيَّزَةِ ٱلَّتِي يَعْمَلُ بِهَا ٱلرُّوحُ. وَٱلْقَرَارُ فِي هذِهِ ٱلْمَسْأَلَةِ عَائِدٌ إِلَى ٱللّٰهِ نَفْسِهِ.
١٥ هَلْ تَسْتَمِرُّ ٱلْمَعْمُودِيَّةُ بِٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ إِلَى مَا لَا نِهَايَةَ؟ أَوْضِحُوا.
١٥ إِنَّ رُوحَ ٱللّٰهِ ٱلْقُدُسَ يَعْمَلُ بِطَرَائِقَ شَتَّى فِي خُدَّامِهِ ٱلْأُمَنَاءِ مُذْ وُجِدُوا، أَيْ قَبْلَ آلَافِ ٱلسِّنِينَ مِنِ ٱبْتِدَاءِ ٱلْمَسْحِ بِٱلرُّوحِ. فَهذَا ٱلْعَمَلُ ٱلْجَدِيدُ لِلرُّوحِ بَدَأَ يَوْمَ ٱلْخَمْسِينَ سَنَةَ ٣٣ بم، إِلَّا أَنَّهُ لَنْ يَسْتَمِرَّ إِلَى مَا لَا نِهَايَةَ. فَٱلْمَعْمُودِيَّةُ بِٱلرُّوحِ سَتَتَوَقَّفُ، لكِنَّ ٱلرُّوحَ ٱلْقُدُسَ سَيَظَلُّ يَعْمَلُ فِي شَعْبِ ٱللّٰهِ مُسَاعِدًا إِيَّاهُمْ عَلَى فِعْلِ مَشِيئَتِهِ مَدَى ٱلْأَبَدِيَّةِ.
١٦ مَاذَا يُنْجِزُ خُدَّامُ ٱللّٰهِ ٱلْيَوْمَ بِفِعْلِ رُوحِهِ؟
١٦ وَمَاذَا يُنْجِزُ خُدَّامُ يَهْوَهَ ٱلْيَوْمَ عَلَى ٱلْأَرْضِ بِفِعْلِ رُوحِهِ ٱلْقُدُسِ؟ تُجِيبُ ٱلرُّؤْيَا ٢٢:١٧: «اَلرُّوحُ وَٱلْعَرُوسُ يَقُولَانِ: ‹تَعَالَ!›. وَمَنْ يَسْمَعْ فَلْيَقُلْ: ‹تَعَالَ!›. وَمَنْ يَعْطَشْ فَلْيَأْتِ، وَمَنْ يُرِدْ فَلْيَأْخُذْ مَاءَ ٱلْحَيَاةِ مَجَّانًا». فَٱلرُّوحُ ٱلْقُدُسُ يَدْفَعُ ٱلْمَسِيحِيِّينَ ٱلْيَوْمَ إِلَى تَوْجِيهِ دَعْوَةِ يَهْوَهَ ٱلْمَانِحَةِ لِلْحَيَاةِ إِلَى كُلِّ ‹مَنْ يُرِيدُ› قُبُولَ مَاءِ ٱلْحَيَاةِ. وَفِي حِينِ يَقُودُ ٱلْمَمْسُوحُونَ هذَا ٱلْعَمَلَ، يَنْضَمُّ إِلَيْهِمِ ٱلْخِرَافُ ٱلْأُخَرُ فِي تَوْجِيهِ ٱلدَّعْوَةِ. وَيَتَعَاوَنُ ٱلصَّفَّانِ كِلَاهُمَا مَعَ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ عَيْنِهِ لِإِتْمَامِ هذَا ٱلتَّفْوِيضِ. كَمَا أَنَّ أَفْرَادَ هذَيْنِ ٱلصَّفَّيْنِ يَرْمُزُونَ إِلَى ٱنْتِذَارِهِمْ لِيَهْوَهَ بِٱلْمَعْمُودِيَّةِ «بِٱسْمِ ٱلْآبِ وَٱلِٱبْنِ وَٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ». (مت ٢٨:١٩) وَجَمِيعُهُمْ يُذْعِنُونَ لِعَمَلِ رُوحِ ٱللّٰهِ فِي حَيَاتِهِمْ، سَامِحِينَ لَهُ أَنْ يُنْتِجَ فِيهِمْ ثَمَرَهُ. (غل ٥:٢٢، ٢٣) وَبِمُسَاعَدَةِ هذَا ٱلرُّوحِ، يَفْعَلُونَ كُلَّ مَا فِي وُسْعِهِمْ لِبُلُوغِ مَطْلَبِ ٱلْقَدَاسَةِ ٱلَّذِي وَضَعَهُ يَهْوَهُ. — ٢ كو ٧:١؛ رؤ ٧:٩، ١٤.
دَاوِمْ عَلَى طَلَبِ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ
١٧ كَيْفَ نُبَرْهِنُ أَنَّ رُوحَ ٱللّٰهِ مَعَنَا؟
١٧ إِذًا، سَوَاءٌ وَهَبَكَ ٱللّٰهُ رَجَاءَ ٱلْحَيَاةِ ٱلْأَبَدِيَّةِ فِي ٱلسَّمَاءِ أَوْ عَلَى ٱلْأَرْضِ، فَهُوَ يُعْطِيكَ «ٱلْقُدْرَةَ ٱلَّتِي تَفُوقُ مَا هُوَ عَادِيٌّ» كَيْ تُحَافِظَ عَلَى ٱسْتِقَامَتِكَ وَتَنَالَ مُكَافَأَتَكَ. (٢ كو ٤:٧) وَرَغْمَ أَنَّ مُوَاظَبَتَكَ عَلَى ٱلْكِرَازَةِ بِبِشَارَةِ ٱلْمَلَكُوتِ قَدْ تُعَرِّضُكَ لِلِٱسْتِهْزَاءِ، لَا تَنْسَ كَلِمَاتِ ٱلرَّسُولِ بُطْرُسَ: «سُعَدَاءُ أَنْتُمْ إِذَا عُيِّرْتُمْ مِنْ أَجْلِ ٱسْمِ ٱلْمَسِيحِ، لِأَنَّ رُوحَ ٱلْمَجْدِ، أَيْ رُوحَ ٱللّٰهِ، يَسْتَقِرُّ عَلَيْكُمْ». — ١ بط ٤:١٤.
١٨، ١٩ كَيْفَ يُسَاعِدُنَا يَهْوَهُ بِوَاسِطَةِ رُوحِهِ ٱلْقُدُسِ، وَمَا هُوَ تَصْمِيمُكُمْ؟
١٨ إِنَّ ٱلرُّوحَ ٱلْقُدُسَ هِبَةٌ مِنَ ٱللّٰهِ لِلَّذِينَ يَطْلُبُونَهَا بِإِخْلَاصٍ. وَهِيَ لَا تَصْقُلُ مَقْدِرَاتِنَا فَحَسْبُ، بَلْ تُقَوِّي رَغْبَتَنَا أَيْضًا فِي بَذْلِ غَايَةِ جُهْدِنَا فِي خِدْمَتِهِ. يَقُولُ ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ: «اَللّٰهُ هُوَ ٱلْعَامِلُ فِيكُمْ، مِنْ أَجْلِ مَسَرَّتِهِ، لِكَيْ تُرِيدُوا وَتَعْمَلُوا عَلَى ٱلسَّوَاءِ». فَهِبَةُ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ ٱلثَّمِينَةُ، إِلَى جَانِبِ جُهُودِنَا ٱلدَّؤُوبَةِ لِلْبَقَاءِ «مُتَمَسِّكِينَ بِإِحْكَامٍ بِكَلِمَةِ ٱلْحَيَاةِ»، سَتُسَاعِدُنَا أَنْ ‹نَعْمَلَ لِأَجْلِ خَلَاصِنَا بِخَوْفٍ وَرِعْدَةٍ›. — في ٢:١٢، ١٣، ١٦.
١٩ لِذَا بِٱتِّكَالِكَ ٱلتَّامِّ عَلَى رُوحِ ٱللّٰهِ، تَمِّمْ مِنْ صَمِيمِ قَلْبِكَ كُلَّ تَعْيِينٍ يُعْهَدُ بِهِ إِلَيْكَ، ٱسْعَ إِلَى إِتْقَانِهِ، وَٱلْتَفِتْ إِلَى يَهْوَهَ مِنْ أَجْلِ ٱلْمُسَاعَدَةِ. (يع ١:٥) وَهُوَ سَيَمُدُّكَ بِمَا يَلْزَمُ كَيْ تَفْهَمَ كَلِمَتَهُ، تَتَخَطَّى مَشَاكِلَ ٱلْحَيَاةِ، وَتَكْرِزَ بِٱلْبِشَارَةِ. وَعَدَ يَسُوعُ: «دَاوِمُوا عَلَى ٱلسُّؤَالِ تُعْطَوْا، دَاوِمُوا عَلَى ٱلطَّلَبِ تَجِدُوا، دَاوِمُوا عَلَى ٱلْقَرْعِ يُفْتَحْ لَكُمْ»، وَهذَا يَشْمُلُ نَيْلَ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ. (لو ١١:٩، ١٣) فَوَاصِلِ ٱلتَّضَرُّعَ إِلَى يَهْوَهَ كَيْ تَكُونَ مِثْلَ ذَوِي ٱلْإِيمَانِ فِي ٱلْمَاضِي وَٱلْحَاضِرِ ٱلَّذِينَ نَالُوا إِرْشَادَ رُوحِ ٱللّٰهِ ٱلْقُدُسِ.
-