-
«ساعات» الخليقة الخفيَّةاستيقظ! ١٩٨٧ | كانون الثاني (يناير) ٨
-
-
a الساعات الأحيائية، او التواترات اليومية، يجب ألا تُخلط بما يدعى عموما التواترات الحيوية. ومن اجل مناقشة حول التواترات الحيوية انظروا «استيقظ!» عدد ٢٢ نيسان ١٩٧٩، الصفحات ١٦-١٩، بالانكليزية.
-
-
«ساعات» الخليقة الخفيَّةاستيقظ! ١٩٨٧ | كانون الثاني (يناير) ٨
-
-
«ساعات» الخليقة الخفيَّة
«اكره كوني مرتبطا بساعة!» هل تشعرون هكذا احيانا؟ اذا كان كذلك، ربما خطرت ببالكم الفكرة: «ما اجمل ان يترك المرء وراءه ساعات الحائط واليد لئلا تزعجه ثانية دقاتها ومنبهاتها المتوالية!»
ومع ذلك، حيثما ذهبتم في هذا الكوكب، هنالك ساعات لا مفر منها. وقد بدأت تدق عندما كنتم جنينا صغيرا في الرحم. وتتوقف فقط عندما تلفظون نفسكم الاخير.
يسمّي العلماء هذه ساعاتنا الأحيائية او التواترات اليومية. والفشل في التقيد ببرنامج ساعاتنا غالبا ما ينتج لنا المشاكل.
الساعات الاحيائية
وضع الخالق بحكمة فينا ساعات تنظم عمليات جسدية معينة. فهل تجدون نفسكم نُعَّسا ليلا؟ احد اسباب ذلك هو ان حرارة جسدكم ترتفع وتنخفض وفق نموذج او تواتر محدَّد. فليلا تبدأ حرارتكم بالانخفاض. ولكن فيما يقترب الصباح ترتفع ثانية، وسرعان ما تستيقظون مستعدين للنشاط. وهل تجوعون باقتراب وقت الطعام؟ حسنا، ان نبضكم وضغط دمكم ومستويات السكر موقَّتة وفقا لتواترات احيائية معيَّنة.a
وفي الواقع، اكتشف العلماء الطبيون ان الساعات الخفيَّة تضبط مئات الدورات المختلفة في اجسادنا. ومما يثير الاهتمام ان الكثير من هذه الساعات يتزامن مع نظام آخر معقد حافظ للوقت: دوران كوكب الارض. ففيما يدور كوكبنا على محوره يُخضع كل كائن حي عليه لتواترات نظامية، تواترات تغيُّر الحرارة والنور. وكما عبَّر عن ذلك احد الكتّاب: «ليس مدهشا . . . ان نكتشف ان التصرّف والتغييرات الكيميائية في الخلايا لمعظم الكائنات الحية يتبع برنامجا من ٢٤ ساعة.»
ومع ذلك، جرّب الباحثون ان يخدعوا هذه الساعات الداخلية بوضع اشكال حياة في محيط مخبري، مبقين الحرارة والنور والطعام والصوت ثابتا. الا ان تواترات الـ ٢٤ ساعة استمرت دون تغيير! وهذا يبيّن لنا ان الساعات اليومية انما هي داخلية، رغم ان بعض التأثيرات الخارجية يمكن ان تؤثر فيها او حتى تفسد نظامها الى درجة ما.
افساد نظام الساعات
يرجَّح الآن ان تكون ساعات جسدكم مضبوطة وفق المنطقة الزمنية التي تحيون فيها. فبعد الظهر في كاليفورنيا، الولايات المتحدة الاميركية، يكون الليل في اوروبا. ولذلك، بعد الطيران على متن طائرة نفاثة بين هاتين النقطتين، قد تختبرون الصداع والكسل ومشاكل النوم — حالة معروفة عموما بـ «فتور النفاثة.»
فماذا حدث؟ لقد اضطربت ساعتكم الأحيائية. وهي تحاول بيأس ان تلتصق ببرنامج موطنكم. (العمال المناوبون غالبا ما يختبرون بشكل مماثل اعراضا غير ملائمة.) ومشاريع العمل او المؤتمرات او حتى متعة العطلة يمكن ان تتأثر على نحو غير مؤات بالصداع والارق والتهيجية والمشاكل الهضمية والاعياء التي غالبا ما يتسبب بها «فتور النفاثة.»
ومن المثير للاهتمام ان مشاكل كهذه لم تحدث في ايام التنقل الابطأ. فساعات الجسد كانت تحظى بالوقت لتتكيف مع المنطقة الزمنية الجديدة حتى قبل ان يصل المسافر الى مقصده. ولكن بالسفر في طائرة نفاثة يمكن للمرء ان يعبر اربع او خمس مناطق زمنية في مجرد ساعات. وهذا يمكن ان يشوش كاملا برنامج اكلكم ونومكم! وكما يمكنكم ان تتصوروا فهذا مزعج لمستخدمي الخطوط الجوية خصوصا. اخبر طيّار سابق في احد الخطوط الجوية العالمية مجلة «استيقظ!»:
«لم اختبر اية مشكلة في عبور مناطق زمنية عديدة خلال ما ندعوه برنامج رحلة الـ ١٢ ساعة لان ذلك يرجعني الى الموطن ثانية ضمن فترة الـ ٢٤ ساعة ذاتها. ولكن عندما احصل على توقف لفترة خمسة ايام بعد رحلة من فانكوفر [كندا] الى امستردام او روما تبدأ مشاكلي. فكان يبدو ان نظامي برمته يتشوش. ومحاولةً مني للتغلب على المشكلة كنت اسير حتى اتعب جسديا فأنام. وبعد خمسة ايام يتكيّف نظامي مع التوقيت الاوروبي، ثم يحين وقت العودة الى فانكوفر لفعل الامر ذاته ثانية. ولم تكن المسكِّنات هي الجواب. لقد كان امرا شاقا فعلا.»
يُظهر الاختبار ان المسافرين من الغرب الى الشرق يعانون مشاكل التكيّف الاقسى. والذين يذهبون من الشرق الى الغرب يعانون اقل لان النهار يصبح اطول، مسهلا على الجسد التكيف. وأحد الطيارين المعينين لرحلة فانكوفر — طوكيو خفَّف مشكلته ببقائه دائما حسب توقيت طوكيو مهما كانت المدينة التي يوجد فيها. ولكنّ التواترات اليومية لا تتأثر عادة بالرحلات من الشمال الى الجنوب لانها تبقى في منطقة زمنية واحدة او اثنتين على الاكثر.
-