مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • هنڠاريا
    الكتاب السنوي لشهود يهوه لعام ١٩٩٦
    • وخلال هذه الفترة ابتدأت الفاشية تحظى بنفوذ قوي في هنڠاريا.‏ فأُجبر الاخوة الالمان على المغادرة،‏ وعانى الاخوة الهنڠاريون اضطهادا متزايدا.‏ وكثيرون منهم عوملوا بوحشية من قبل رجال الشرطة ثم حُكم عليهم بالسجن لمدة طويلة.‏

      عقد الاجتماعات بحذر

      في اواخر ثلاثينات الـ‍ ١٩٠٠ كان يمكن عقد اجتماعاتنا فقط سرا وفي فرق صغيرة.‏ وكانت المطبوعات المتوافرة تتألف عادة من مجرد مجلة واحدة من برج المراقبة لكل جماعة،‏ وهذه المجلة كان الاخوة يتداولونها بينهم.‏

      يذكر فِرِنتس نادي وهو من تيساڤاشڤاري قائلا:‏ «لم يكن درس برج المراقبة آنذاك كدروس اليوم.‏ فبعد وصول كل شخص ينتظرونه كانت الابواب تغلق.‏ وأحيانا كان البحث في مقالة يدوم حتى ست ساعات.‏ كنت تقريبا في الخامسة من العمر،‏ وكان اخي يصغرني بسنة واحدة،‏ لكننا تمتعنا بالجلوس على كرسيَّينا الصغيرين والاستماع الى الدروس الطويلة.‏ كان ذلك ممتعا حقا.‏ ولا ازال اذكر بعض المسرحيات النبوية.‏ فالطريقة التي ربّانا بها والدانا كانت لها نتائج جيدة.‏»‏

      إتِل كِشكِميتينا،‏ الآن في ثمانيناتها ولا تزال تخدم بأمانة في بوداپست،‏ تذكر انه في تيساكاراد كان الاخوة يعقدون الاجتماعات في حقولهم خلال فترات استراحة الغداء ظهرا.‏ وبما انهم كانوا يعملون معا في حرث ارض الشهود الواحد تلو الآخر،‏ فلم يكن بإمكان الرسميين ان يمنعوا مثل هذه الاجتماعات.‏ وخلال فصلَي الخريف والشتاء كانت الاخوات يجلسن معا للغزل،‏ وكان الاخوة ينضمون اليهن.‏ وعلى الرغم من ان رجال الشرطة كانوا يسألون عن نشاطهم،‏ لم يتمكنوا من ايقافهم.‏ واذا كانت مثل هذه الفرص للاجتماع غير متوافرة،‏ كانوا يجتمعون في مكان ما باكرا في الصباح او في وقت متأخر من الليل.‏

      منادون دهاة

      عندما حُظِرت الكرازة على الابواب،‏ وجد الشهود وسائل اخرى لإخبار حقائق الكتاب المقدس.‏ وكان استخدام الفونوڠرافات القابلة للحمل جديدا نسبيا آنذاك،‏ ولم يكن هنالك قانون يحظر استخدامها.‏ ونظرًا الى ذلك،‏ كان الاخوة يطلبون اذنا من صاحب البيت لتشغيل رسالة مسجلة.‏ فإذا أذن،‏ كان يُشغَّل تسجيل لأحد خطابات الاخ رذرفورد.‏ وللقيام بذلك صنع الاخوة اسطوانات فونوڠرافية بالهنڠارية تحتوي على خطابات ألقاها الاخ رذرفورد،‏ واستخدموا الفونوڠرافات القابلة للحمل وآلات الاسطوانات على حد سواء مع مكبرات صوت.‏

      وفي ما يتعلق برسائل الكتاب المقدس المسجلة القوية هذه يذكر يانوش لاكو،‏ الذي تزوج في ما بعد ابنة الاخت كِشكِميتينا:‏ «تمتعت بالاختبار المبهج لسماع احداها في شاتوروليوويها.‏ وإحدى عباراتها انطبعت في ذهني:‏ ‹الملكيات،‏ الديمقراطيات،‏ الارستقراطيات،‏ الفاشية،‏ الشيوعية والنازية،‏ وجميع المساعي المماثلة للحكم ستزول في هرمجدون وتُنسى عما قريب.‏› لقد اذهلنا العرض القوي لحقائق الكتاب المقدس.‏ وآنذاك في سنة ١٩٤٥ بدا الخطاب الذي كان قد خلّف في نفسي اثرا قويا اشبه بنبوة.‏»‏

      المشقات تستمر

      استمر الاضطهاد بضراوة متزايدة.‏ وبعد ان زار كاهن كاثوليكي مكتب بوداپست للجمعية وحصل على كل ما استطاع من معلومات،‏ أُطلِقت حملة افتراء في الصحف.‏ ورافقت ذلك تحذيرات من على منبر الكنائس والراديو.‏ فصودرت المطبوعات في كل انحاء البلاد،‏ وضُرِب الاخوة بقسوة.‏ وفي كيشڤاردا اقتيد عدد من الاخوة الى دار البلدية.‏ فأُدخِلوا واحدا فواحدا الى غرفة اخرى وضُرِبوا وعُذِّبوا بوحشية.‏ وإذ أورد الكتاب السنوي لشهود يهوه لعام ١٩٣٨ تقريرا عن ذلك،‏ سأل:‏ «‹عيد الفصح،‏› أحد الزيّاح العظيم.‏ بماذا احتفلوا يوم القيامة هذا؟‏ أبقيامة محكمة التفتيش الرومانية؟‏»‏

      وعندما لم يتمكن رجال الدين من جعل بعض الرسميين ينفّذون ما يريدونه منهم،‏ استخدموا وسائل اخرى.‏ يذكر الكتاب السنوي لعام ١٩٣٩:‏ «كثيرا ما كان الرفقاء يضربهم ويسيء معاملتهم اشخاص طائشون يُحرَّضون على ذلك وكثيرا ما كان يُدفع لهم لقاء ذلك.‏ لقد وجدنا انه في بعض الاماكن كافأ رجال الدين المحليون كُلًّا من اولئك الاشخاص بـ‍ ١٠ كيلوغرامات [٢٢ پاوندا] من التبغ لقاء القاء التُّهَم الباطلة على اولاد اللّٰه.‏»‏

      محظورون

      في سنة ١٩٣٨،‏ اندراس بارتا،‏ الذي كان قد عمل في مكتب الجمعية في ماغدبورڠ،‏ المانيا،‏ طوال خمس سنوات ثم خدم في ما كان آنذاك تشيكوسلوڤاكيا،‏ وجد نفسه في مقاطعة هنڠارية بعد ضمّ اجزاء من تشيكوسلوڤاكيا وكرپ‍ات-‏اوكرانيا الى هنڠاريا.‏ وسرعان ما جرى تعيين الاخ بارتا للاعتناء بعمل الجمعية في هنڠاريا.‏ وكان نشاط شهود يهوه قد حُظر في المانيا تحت حكم الدولة النازية.‏ ومُنعت اجتماعاتهم في تشيكوسلوڤاكيا.‏ وبعد ذلك،‏ في ١٣ كانون الاول ١٩٣٩،‏ حُظر نشاطهم ايضا في هنڠاريا.‏

      وفي تلك السنة عينها جرى انشاء معسكرَي اعتقال في هنڠاريا،‏ يبعد احدهما ٢٠ ميلا (‏٣٠ كلم)‏ عن بوداپست ويقع الآخر في بلدة ناجكونيجو،‏ في جنوب غربي هنڠاريا،‏ على بعد ١٦ ميلا (‏٢٦ كلم)‏ من الحدود اليوڠوسلاڤية.‏ وسرعان ما امتلأ هذان المعسكران من اناس دُعوا بالذين لا يوثق بهم —‏ المجرمين،‏ الشيوعيين،‏ وشهود يهوه،‏ الذين اتُّهموا بأنهم تهديد للمجتمع.‏

      وفي الوقت نفسه نظَّم احد مديري الشرطة المركزية في بوداپست فرقة سرية للكشف عن «قيادة» شهود يهوه وتحليل عمل هذه الهيئة غير الشرعية وصِلاتها الاجنبية.‏ وتبعت ذلك اعتقالات،‏ اساءة جسدية ونفسية،‏ وسجن.‏

      فهل اوقف كل ذلك نشاط شهود يهوه في هنڠاريا؟‏ كلا،‏ لكنه تطلّب ان يصغي جميع الناشرين الى مشورة يسوع بأن يكونوا «حكماء كالحيات وبسطاء كالحمام.‏» (‏متى ١٠:‏١٦‏)‏ ويقدّم الكتاب السنوي لعام ١٩٤٠ مثالا لكيفية استخدام اخت فاتحة الحذر.‏ كانت ترتدي منديلا اسود على رأسها وآخر حول كتفيها.‏ وبعدما عملت في جزء من محلّة،‏ رأت احد ارباب البيوت متجها نحوها برفقة اثنين من الشرطة العسكرية.‏ فلجأت الاخت الى شارع فرعي،‏ واستبدلت منديلَيها الاسودين بمنديلَين من لون آخر،‏ وتابعت سيرها بهدوء باتجاه الشرطيَّين العسكريَّين.‏ فسألاها عما اذا كانت قد رأت امرأة ترتدي منديلَين اسودين،‏ فأجابت الاخت انها رأت واحدة،‏ يبدو انها على عجلة،‏ تركض بالاتجاه الآخر.‏ فابتدأ الشرطيان العسكريان وجاسوسهما يركضون بسرعة للّحاق بها فيما مضت الشاهدة بهدوء الى البيت.‏

      وتذكّرت في وقت لاحق احدى الاخوات الفاتحات الامينات كيف القت السلطات القبض عليها تحت ضغط من رجال الدين.‏ ولفترة من الوقت كانت تحت مراقبة الشرطة ومُلزمة بتقديم تقرير للشرطة مرتين في الشهر.‏ ولكنها حالما كانت تغادر مخفر الشرطة كانت تركب دراجتها وتذهب الى مقاطعتها للكرازة.‏ وبسبب مثابرتها على الشهادة سجنوها —‏ اولا خمسة ايام،‏ ثم عشرة،‏ خمسة عشر،‏ وثلاثين يوما،‏ اربعين يوما مرتين،‏ ثم ستين،‏ مئة يوم مرتين،‏ وأخيرا ثماني سنين.‏ ولماذا؟‏ بسبب تعليم الناس الكتاب المقدس.‏ فكرسل يسوع المسيح،‏ اطاعت اللّٰه حاكما لا الناس.‏ —‏ اعمال ٥:‏٢٩‏.‏

      وإذ صار الاخ بارتا مشغولا كاملا بعمل الترجمة،‏ عهدت الجمعية في سنة ١٩٤٠ الى يانوش كونراد،‏ خادم منطقة (‏ناظر دائرة)‏ سابق،‏ في توجيه العمل في هنڠاريا.‏

      مزيد من معسكرات الاعتقال

      في آب ١٩٤٠ سيطرت هنڠاريا على جزء من ترانسلڤانيا (‏رومانيا)‏.‏ وفي السنة التالية اشتدّ الاضطهاد في هذه المنطقة.‏ وفي كلوج،‏ ترانسلڤانيا،‏ أُنشئ معسكر آخر،‏ ومئات الاخوة والاخوات،‏ صغارا وكبارا،‏ أُخذوا الى هذا المعسكر.‏ وفي ما بعد،‏ أُخضع الشهود هناك لكثير من الوحشية لأنهم لم ينكروا ايمانهم ويعودوا الى دينهم السابق.‏ وعندما وصلت الاخبار عن ذلك الى الشهود خارج المعسكر،‏ اتَّحد الامناء في كل البلد في الصلاة لأجلهم.‏ وبُعَيد ذلك كشف تحقيق رسمي في معسكر كلوج عن الفساد فجرى نقل الضابط الآمر وغالبية الحرس حتى ان البعض سُجنوا.‏ وجلب ذلك شيئا من الراحة لإخوتنا،‏ فشكروا يهوه على ذلك.‏

      وفي غضون ذلك،‏ في جنوب غربي هنڠاريا،‏ في معسكر يقع قرب ناجكونيجو،‏ اعتُقل رفقاء الزواج معا،‏ فاعتنى بأولادهم الشهود الذين لا يزالون في البيت.‏ وفي كل هذه المعسكرات جرت ممارسة الضغط على شعب يهوه.‏ فعُرضت عليهم الحرية شرط ان يوقّعوا وثيقة ينكرون فيها ايمانهم ويعِدون بأن يتخلوا عن كل صلة بشهود يهوه ويعودوا الى ايمانهم السابق الذي توافق عليه الدولة.‏

      صارت حالة شهود يهوه اخطر ايضا في ٢٧ حزيران ١٩٤١ عندما اشتركت هنڠاريا في الحرب ضد الاتحاد السوڤياتي.‏ فأدَّى ذلك الى محن كثيرة تتعلق برفض الخدمة العسكرية.‏

      اعتقال خادم البلد

      صارت الفرقة السرية التي تتعامل مع شهود يهوه نشيطة بشكل متزايد،‏ مداهمة بيوت اخوة عديدين.‏ وتلقى الاخ كونراد مذكرات حضور متكررة،‏ وخضع بيته للمداهمات،‏ وأُرغم على المجيء شخصيا الى مركز الشرطة مرتين في الاسبوع.‏

      وفي تشرين الثاني ١٩٤١ جَمع كل خدام المناطق (‏نظار الدوائر)‏ وأخبرهم انه على يقين من ان اعتقاله قريب،‏ ولذلك اشار الى ان يوجيف كلينيِتس،‏ احد خدام المناطق،‏ ينبغي ان يُشرف على العمل في حال اعتقاله.‏

      وفي الشهر التالي نفسه،‏ في ١٥ كانون الاول،‏ أُلقي القبض على الاخ كونراد.‏ ولعدة ايام عومل بوحشية بطريقة همجية لا توصف في محاولة لجعله يبوح بأسماء خدام المناطق والفاتحين،‏ لكنَّ معذّبيه لم يفلحوا.‏ وأخيرا جرى تسليمه الى وكيل النيابة المركزي.‏ وبعد ذلك كله حُكِم عليه بالسجن شهرين فقط.‏ ولكن عند نهاية مدة حكمه لم يطلق سراحه.‏ وبدلا من ذلك،‏ نُقل الى معسكر الاعتقال في كيشتارتشا بحجة انه خطر على المجتمع.‏

      خادما بلد

      في غضون ذلك،‏ في سنة ١٩٤٢،‏ قام المكتب الاوروپي المركزي في سويسرا بتعيين دينِش فالوڤاڠي رسميا للاشراف على العمل في هنڠاريا.‏ والاخ فالوڤاڠي،‏ الذي كان وديعا ومرنا بطبيعته،‏ كان مع ذلك قادرا على التأثير في الآخرين بغيرته للحق.‏ وقد كان مدرِّسا في ترانسلڤانيا وساهم مساهمة ذات شأن في تنظيم العمل في رومانيا بعد الحرب العالمية الاولى.‏

      لكنّ الاخ كلينيِتس،‏ خادم المنطقة الذي عهد اليه الاخ كونراد في المسؤولية الوقتية عن العمل في حال اعتقاله،‏ لم يكن مسرورا عندما أُعطي التعيين للاخ فالوڤاڠي.‏ فقد اعتبر الاخ فالوڤاڠي غير قادر على مجابهة المهمة الصعبة.‏

      كان الاخ كلينيِتس على الدوام اخا غيورا وشجاعا،‏ حازما بطبيعته اكثر منه وديعا.‏ وكان غيورًا في خدمة الحقل والاخوة يعرفونه جيدا ويحبونه في كل انحاء البلد.‏ فصار الاخوة منقسمين الى فريقين —‏ فريق يعترف بتعيين الجمعية للاخ فالوڤاڠي،‏ وآخر يشترك في رأي الاخ كلينيِتس أن مسؤولية الاشراف يلزم ان تكون في ايدٍ حازمة في تلك الاوقات الصعبة.‏

      وقد زار بعض الجماعات في وقت واحد خادما منطقة —‏ خادم مرسل من الاخ فالوڤاڠي،‏ وآخر من الاخ كلينيِتس.‏ ومؤسف القول انه في مثل هذه الحالات،‏ كان خادما المنطقة يتشاجران احيانا بدلا من تشجيع الاخوة.‏ ومن المفهوم ان ذلك احزن الاخوة الامناء.‏

      اسطبل سباق الخيل في ألاڠ

      في آب ١٩٤٢ قررت السلطات وضع حد لشهود يهوه في هنڠاريا.‏ ولذلك اعدّوا عشرة مواقع للتجميع حيث جُمِع الشهود معا،‏ رجالا ونساء،‏ صغارا وكبارا.‏ حتى ان الاشخاص الذين لم يكونوا معتمدين بعد ولكنهم كانوا معروفين بأنهم على اتصال بشهود يهوه اقتيدوا الى هذه الاماكن.‏

      اقتيد الشهود من بوداپست وجوارها الى اسطبل سباق الخيل في ألاڠ.‏ وعلى جانبي الاسطبل،‏ وعلى طول الجدران الخارجية،‏ نُشِر التبن الذي عليه نام الاخوة والاخوات ليلا.‏ وإذا اراد احد ان يتحوّل من جانب الى آخر اثناء الليل،‏ كان عليه ان يحصل على اذن رسمي من الحراس.‏ وخلال النهار أُجبِروا على الجلوس في صف على مقاعد خشبية مقابل الحائط فيما كان الحراس يخطون ذهابا وإيابا في الاسطبل وحرابهم مركّزة.‏ ولم يكن التكلم مسموحا به.‏

      وفي جوار الاسطبل كانت هنالك غرفة اصغر حيث اجرى رجال التحري،‏ تحت توجيه اشتڤان وأنتال يوهاس،‏ اخَوين في الجسد،‏ «الاستجوابات.‏» لقد عذّبوا الاخوة،‏ مستخدمين اساليب بعضها منحطّ اكثر من ان يُذكَر.‏

      ولم تُستثنَ الاخوات.‏ فقد أُدخِلت جوارب احدى الاخوات عنوةً في فمها لكتم صيحاتها.‏ ثم أُجبِرت على الاستلقاء على وجهها على الارض فيما جلس واحد من رجال التحري عليها ورفع قدميها وضربها آخر بلا رحمة على باطن قدميها.‏ وكان يمكن سماع الضربات وصرخاتها بوضوح في الغرفة حيث كان الاخوة.‏

      ‏«محكمة» في ألاڠ

      انتهت «الاستجوابات» بحلول نهاية تشرين الثاني.‏ وفي ذلك الشهر أُعدَّت بشكل ارتجالي قاعة محكمة في مرقص احد المطاعم في ألاڠ حيث عالجت محكمة الاركان العامة في هينريخ ورْث قضية ٦٤ شاهدا ليهوه.‏ وعند دخولهم قاعة المحكمة هذه رأوا مطبوعات،‏ كتبا مقدسة،‏ آلات كاتبة،‏ فونوڠرافات،‏ وسجلات صودرت خلال تفتيش المنازل.‏

      افتُتحت الجلسة دون ان يستجوب النائب العام العسكري ايًّا من المتهمين الـ‍ ٦٤ ودون ان يتمكن ايٌّ منهم حتى من التكلم مع المحامي الذي كلفته المحكمة ان يدافع عنهم.‏ واستغرق استجواب جميع المدّعى عليهم ساعات قليلة فقط،‏ ولم يُمنَح الشهود فرصة حقيقية للدفاع عن انفسهم.‏ وسئلت احدى الاخوات عما اذا كانت مستعدة لحمل السلاح.‏ فأجابت:‏ «انا امرأة،‏ وفي مثل هذه الحالة لست مضطرة الى حمل السلاح.‏» وعند ذلك سئلت:‏ «هل تحملين السلاح لو كنت رجلا؟‏» اجابت:‏ «سأجيب عن هذا السؤال يوم اصير رجلا!‏»‏

      وفي ما بعدُ صدرت الاحكام.‏ فحُكِم على الاخوة بارتا،‏ فالوڤاڠي،‏ وكونراد بالاعدام شنقا.‏ وحكم على آخرين بالسجن مدى الحياة،‏ وتراوحت عقوبة الباقين بين سنتين وخمس عشرة سنة في اصلاحية.‏ وبعد ظهر ذلك اليوم عينه أُخِذوا الى سجن عسكري في جادة مارڠيت في بوداپست.‏ والاخوة الثلاثة الذين حكم عليهم بالموت توقعوا ان يُنفَّذ الاعدام فورا،‏ ولكن بعد شهر تماما من دخولهم السجن،‏ اتى محاميهم وأخبرهم ان احكام الاعدام قد خُفِّفت الى السجن مدى الحياة.‏

      وفي اماكن التجميع التسعة الاخرى،‏ اجريت الاستجوابات بطرائق مماثلة لتلك المستخدمة في الاسطبل في ألاڠ.‏ ونُقل اخيرا الاخوة المدانون الى اصلاحية في ڤاتس،‏ في شمالي البلاد.‏

      راهبات يحرسن السجن

      اعتُقِلت الاخوات عموما في سجن الاستخبارات المضادة في بوداپست في شارع كونتي.‏ واللواتي حُكم عليهن بثلاث سنين او اكثر نُقلن الى سجن للنساء في ماريانوسترا (‏سيدتنا مريم)‏،‏ وهي قرية قرب الحدود السلوڤاكية حيث حرستهن راهبات عاملن اخواتنا بطريقة مروِّعة الى ابعد حد.‏ والشاهدات اللواتي كنّ سابقا في سجون اخرى أُخذن ايضا الى هناك.‏

      وكل من لم تكُن على استعداد لاطاعة قوانين السجن التي سنَّتها الراهبات كانت توضع في سجن مظلم.‏ وكان بين تلك القوانين حضور الكنيسة الالزامي وتأدية التحية الكاثوليكية،‏ «التسبيح ليسوع المسيح.‏» وإذا أُعطِيت السجينات ايَّ شيء وجب ان يكون تعبير الشكر،‏ «فليكافئكِ اللّٰه على ذلك.‏»‏

      طبعًا،‏ لم تطِع اخواتنا الامينات هذه القوانين.‏ وكلما رفضن الذهاب الى الكنيسة،‏ كنّ يوضعن في السجن المظلم مدة ٢٤ ساعة؛‏ وكان في هذه المناسبات ان اخواتنا قلن:‏ «فليكافئكِ اللّٰه على ذلك.‏» وحُرِمت الشاهدات ايضا من جميع الحقوق المعتادة،‏ كتسلّم الرزم،‏ مراسلة الاقرباء،‏ واستقبال الزائرين.‏ وقليلات فقط سايرن لتجنب المزيد من المشقة.‏ ولكن بعد فترة من الوقت كان هنالك تخفيف من حدة المعاملة القاسية للامينات.‏

      معسكر بور للاعتقال

      في صيف ١٩٤٣ جُمع الاخوة تحت الـ‍ ٤٩ من العمر من جميع السجون في البلاد في احدى البلدات الريفية وأُمروا بالالتحاق بالخدمة العسكرية.‏ والاخوة الامناء،‏ على الرغم من معاملتهم بوحشية مرة ثانية،‏ بقوا ثابتين وامتنعوا،‏ رافضين ايضا الملابس العسكرية التي قُدِّمت لهم.‏ لكنَّ تسعة من الفريق ادّوا اليمين العسكرية وقبلوا البزّة العسكرية.‏ لكنَّ مسايرتهم لم تجلب لهم اية راحة.‏ وجميع الـ‍ ١٦٠ الذين جُمعوا هناك،‏ بمن فيهم التسعة الذين نقضوا ولاءهم،‏ نقلوا الى معسكر الاعتقال في بور (‏صربيا)‏.‏ وبعد سنتين،‏ فيما كان احد اولئك الذين نقضوا ولاءهم حاملا البندقية،‏ اصفرّ وارتعش لمّا وجد نفسه في فرقة فُوِّض اليها ان تُعدِم بين آخرين،‏ شقيقه الاصغر سنا،‏ شاهد امين.‏

      وفي الطريق الى المعسكر وفي المعسكر كليهما،‏ كان للاخوة بعض الاختبارات القاسية.‏ لكنَّ قائد المعسكر لم يصرّ عموما على جعل الاخوة يقومون بعمل يتعارض مع ضمائرهم.‏ حتى ان القائد اعتذر عندما استخدم بعض الجنود في احدى المناسبات التعذيب في محاولة لإرغام الشهود على مخالفة ضمائرهم.‏

      يخبر كارولي أفرا،‏ اخ في سبعيناته،‏ وهو لا يزال يخدم يهوه بأمانة:‏ «كانت هنالك بعض المحاولات لكسر ايماننا،‏ لكننا بقينا ثابتين.‏ وفي احدى المناسبات كان علينا ان نصنع قاعدة مدفع اسمنتية.‏ واختير اخَوان للقيام بالعمل.‏ فرفضا وقالا انهما سُجنا بسبب عدم قيامهما بأيّ شيء يتعلق بالحرب.‏ فقال لهما الضابط انه في حال عدم قيامهما بالعمل سيعدمهما.‏ فأخذ جندي احد الاخوَين بعيدا الى الجهة الاخرى من الجبل،‏ وسُمِعت طلقة نارية.‏ فالتفت الضابط الى الاخ الآخر:‏ ‹اخوك ميت الآن،‏ ولكن بإمكانك ان تعيد النظر في الامر.‏›‏

      ‏«كان جواب الاخ:‏ ‹ان كان باستطاعة اخي ان يموت لاجل ايمانه،‏ فلماذا لا استطيع انا؟‏› فأمر الضابط الجندي الآخر ان يعيد الاخ ‹المصاب،‏› وقال مربِّتا على ظهر الآخر:‏ ‹رجال شجعان كهؤلاء يستحقون البقاء احياء،‏› وصرفهما.‏»‏

      علم الاخوة ان سبب كونهم احياء انما هو ليخدموا كشهود ليهوه.‏ وكان هنالك آلاف السجناء الآخرين في المعسكر في بور،‏ فأعطى شهود كثيرون منهم شهادة كاملة عن يهوه وملكوته.‏ وفي كل انحاء البلد خلال تلك السنين الصعبة،‏ اغتنم شهود يهوه الفرص —‏ سواء كانوا في السجن،‏ في معسكرات الاعتقال،‏ او في ايّ مكان آخر —‏ لإعطاء الشهادة.‏ والتقوا في كل مكان اشخاصا ودّيين،‏ حتى بين الرسميين ذوي المراتب العالية ممَّن اعجبوا باحتمال الشهود الشجاع.‏ حتى ان بعض الرسميين شجعوهم قائلين:‏ «استمروا في الاحتمال في ايمانكم.‏»‏

      كان قد مضى على الاخوة في بور تحت ظروف خطرة وشاقة ١١ شهرا عندما سرت الاشاعة بأن المغاوير ينوون مهاجمة القرية.‏ فاتُّخذ القرار بإخلاء المعسكر.‏ وعندما علم الشهود،‏ قبل يومين من الرحيل المخطط له،‏ انهم سيضطرون الى الشروع في الرحلة سيرا على الاقدام،‏ بدأوا حالا بإنشاء عربات بدولابين وأربعة دواليب.‏ وبحلول وقت الرحيل كانت لديهم عربات كثيرة جدا حتى ان الضباط،‏ الجنود،‏ والسجناء الآخرين اتوا مدهوشين ليروا ما انجزه شهود يهوه.‏

      قبل الرحيل (‏بالاضافة الى ٠٠٠‏,٣ سجين يهودي)‏،‏ أُعطي كل اخ پاوندا ونصف الپاوند (‏٧‏,٠ كلغ)‏ من الخبز وخمس علب من السمك،‏ التي لم تكن كافية للرحلة.‏ لكنَّ يهوه زوَّد ما لم يزوده الضباط.‏ كيف؟‏ بواسطة السكان الصربيين والهنڠاريين في المقاطعة التي مرّوا فيها.‏ فقد اعطاهم هؤلاء بسرور الخبز الذي كان في وسعهم الاستغناء عنه.‏ فجمع الاخوة هذا الخبز معا،‏ وخلال التوقف المؤقت كانوا يقسمونه بطريقة عادلة بحيث ينال كل واحد قطعة،‏ حتى لو كانت مجرد كسرة.‏ وعلى الرغم من ان مئات السجناء سُلِّموا الى الجنود الالمان لإعدامهم في الطريق،‏ كانت يد يهوه الواقية على شهوده.‏

      الاستقامة تُمتحن ثانية

      نحو نهاية سنة ١٩٤٤،‏ عند اقتراب الجيش السوڤياتي،‏ طُلب من الشهود التوجُّه نحو الحدود الهنڠارية-‏النمساوية.‏ واذ وجد الشهود ان جميع الرجال كانوا في الجبهة،‏ ساعدوا النساء في المنطقة على انجاز العمل الشاق في ارضهنّ.‏ وحيثما باتوا اغتنم الاخوة الفرص للشهادة.‏

      في كانون الثاني ١٩٤٥ ابلغ القائدُ الشهودَ بأن جميع الرجال القادرين على العمل يجب ان يذهبوا الى دار بلدية يانوشهازا.‏ ومن هناك اخذهم ضابط الماني خارج القرية لحفر الخنادق.‏ وعندما رفض الستة الأُوَل الذين اختيروا،‏ أمَر الضابط على الفور:‏ «ليعدموا!‏» فصُفَّ الاخوة الستة،‏ ووقف الجنود الهنڠاريون وبنادقهم جاهزة لاطلاق النار حال تلقّي الاوامر،‏ وكان الاخوة الـ‍ ٧٦ الباقون يراقبون.‏ وبهدوء حثّ احد الجنود الهنڠاريين الاخوة المراقبين:‏ «اذهبوا وارموا انتم ايضا عدتكم والا فسيطلقون النار عليهم.‏» فعملوا بموجب نصيحته في الحال.‏ فارتبك الضابط الالماني كثيرا حتى انه في بادئ الامر حدّق غير مصدِّق.‏ ثم سأل:‏ «ولا يريدون العمل ايضا؟‏» فأجاب الاخ بارتا بالالمانية:‏ «بلى،‏ نحن نريد ان نعمل،‏ ولكننا لا نستطيع ان ننجز مهمات تتعارض مع ايماننا.‏ ويمكن للرقيب هنا ان يؤكد اننا عملنا كل شيء بضمير حي وفعَّالية الى ابعد حد،‏ وما زلنا نفعل ذلك،‏ أما هذا العمل فلن نقوم به.‏»‏

      ولاحقا ذكر احد اولئك الاخوة:‏ «بعد ذلك اعلن الضابط اننا جميعا موقوفون،‏ الامر الذي كان حقا مضحكا الى حد ما لأننا كنا جميعا سجناء على اية حال.‏»‏

      محافظون آخرون على الاستقامة

      وكاولئك الاخوة المذكورين آنفا،‏ جاهد مئات الاخوة والاخوات الآخرين في كل انحاء البلد الجهاد نفسه من اجل ايمانهم في معسكرات الاعتقال والسجون العديدة الاخرى.‏

      وفي ربيع سنة ١٩٤٤،‏ عندما نُقل يهود كثيرون من معسكر الاعتقال في ناجكونيجو الى معسكرات في المانيا،‏ كانت هنالك بينهم شاهدتان،‏ إِڤا باس وأولڠا سلِزينڠر،‏ يهوديتان بالولادة،‏ عمرهما ٢٠ و ٤٥ سنة على التوالي.‏ وكانتا كلتاهما عابدتَين ليهوه اللّٰه غيورتَين ونقيتَي القلب.‏ كانت صحة الاخت باس ضعيفة لكنها كانت تخدم كفاتحة قبل اعتقالها.‏ وكانت في خدمة الحقل في دوناڤِتش عندما اوقفها رجال البوليس وأخذوها الى دار البلدية.‏

      وبتحريض من رئيس بلدية القرية قاست معاملة مخزية.‏ تذكر الاخت باس:‏ «ازيل شعري كله؛‏ كان عليَّ ان اقف عارية امام عشرة او اثني عشر من رجال البوليس.‏ ثم بدأوا الاستجواب وأرادوا ان يعرفوا مَن كان قائدنا في هنڠاريا.‏ فأوضحتُ انه لا قائد لنا سوى يسوع المسيح.‏» كان ردّهم ضربا عديم الرحمة بهراويهم.‏ لكنَّ الاخت باس عقدت العزم على عدم خيانة اخوتها المسيحيين.‏

      بعد ذلك،‏ تذكر:‏ «ربط هؤلاء الوحوش يديّ ورجليّ معا فوق رأسي،‏ وجميعهم اذلّوني باغتصابي،‏ جميعهم ما عدا واحدا من رجال البوليس.‏ ربطوني بشدة حتى انه كانت لا تزال لدي ندوب على معصميّ عند مجيئي الى السويد بعد ثلاث سنوات.‏ أُسيئت معاملتي الى حد بعيد حتى انهم اخفوني في الطبقة السفلى لأسبوعين،‏ حتى التأمت الجروح الاكثر ايلاما.‏ ولم يجسروا ان يسمحوا لآخرين برؤية حالتي.‏» أرسِلت الاخت باس الى معسكر ناجكونيجو ومن هناك،‏ مع الاخت سلِزينڠر،‏ الى اوشڤيتس.‏

      وتمضي قائلة:‏ «شعرت بالامن عندما كنت مع اولڠا؛‏ فقد استطاعت ان تكون فَكِهة في الظروف الصعبة.‏ وكانت للطبيب منڠلي مهمة فرز الوافدين الجدد غير الصالحين للعمل من أقوياء البنية.‏ فأُرسل الاوَّلون الى غرف الغاز.‏ وعندما اتى دورنا قال لاولڠا:‏ ‹كم عمرك؟‏› فأجابت بشجاعة وبطرْف ظريف بعينيها:‏ ‹عشرون.‏› في الحقيقة،‏ كان عمرها ضعف ذلك.‏ لكنَّ منڠلي ضحك وسمح لها بأن تذهب الى الجهة اليمنى وتبقى حية.‏»‏

      وخيطت نجمتان صفراوان على لباسهما تميزهما كيهوديتين،‏ لكنهما احتجتا،‏ مصرتين على انهما من شهود يهوه.‏ فانتَزعتا النجمتين الصفراوين وطلبتا ان يُخاط مثلثان ارجوانيان لتحديد هويتهما بصفتهما من شهود يهوه.‏ وعلى الرغم من ضربهما بقسوة على فعل ذلك،‏ اجابتا:‏ «افعلوا بنا ما يحلو لكم،‏ لكننا سنبقى دائما شاهدتَين ليهوه.‏»‏

      وفي ما بعد أُتي بهما الى معسكر الاعتقال في بِرڠِن-‏بِلزِن.‏ وكان نحو هذا الوقت انّ وباء التيفوس تفشّى في المعسكر.‏ وصارت الاخت سلِزينڠر مريضة جدا بحيث نُقلت من المعسكر مع آخرين كثيرين.‏ ولم تُرَ قط ثانية.‏ وبُعيد ذلك،‏ حرَّر الجيش البريطاني هذه المقاطعة.‏ وأخذت الاخت باس الى مستشفى،‏ ثم انتقلت الى السويد،‏ حيث اتصلت فورا بالاخوة.‏

      كثيرون من الاخوة الذين سُجنوا في هنڠاريا جرى ترحيلهم في ما بعد الى المانيا.‏ وعاد معظمهم عقب الحرب،‏ ولكن ليس الجميع.‏ وأحد هؤلاء كان دينِش فالوڤاڠي الذي مات اثناء نقله من معسكر الاعتقال في بوكنْوُلد الى المعسكر في داخاو.‏ وقد خدم يهوه بأمانة اكثر من ٣٠ سنة.‏

      شهود امناء حتى الموت

      عندما حُلَّ معسكر ناجكونيجو في خريف سنة ١٩٤٤،‏ أُطلق سراح الشهود الذين لم يكونوا قد أبعدوا الى المانيا.‏ ولكن،‏ بما ان جبهة القتال حالت دون عودتهم الى الموطن،‏ قرروا مزاولة اعمال في المزارع المجاورة حتى تتحسن الحالة.‏ ثم في ١٥ تشرين الاول ١٩٤٤ تولّى السلطةَ نييلاسكِرِستِش پارت (‏حزب الصليب السهم)‏،‏ الذي دعمه الحزب النازي الالماني،‏ وشرع مباشرة في استدعاء الشبان للخدمة العسكرية.‏

      وسرعان ما أُلقي القبض على الاخوة من جديد بسبب حيادهم.‏ وأُخذ خمسة من الاخوة الاحداث الموقوفين الى كورمِند،‏ على بعد نحو ستة اميال (‏١٠ كلم)‏ من الحدود النمساوية،‏ حيث كانت محكمة عسكرية منعقدة في مبنى مدرسة محلية.‏ وكان اول مَن جرت محاكمتهم بِرتالان سابو،‏ الذي حكم عليه بالاعدام رميا بالرصاص.‏ وقبل تنفيذ الاعدام كتب رسالة وداعية مثيرة للمشاعر يمكنكم قراءتها في كتاب شهود يهوه —‏ منادون بملكوت اللّٰه،‏ الصفحة ٦٦٢‏.‏ وفي ما بعد،‏ أُخذ أخَوان آخران يانوش زجوندور وأنتال هونِش،‏ ليمثلا امام المحكمة.‏ وهما ايضا بقيا ثابتَين،‏ وأعدما ايضا.‏

      كان شاندور هِلمِتْسي مسجونا في المكان نفسه.‏ يذكر:‏ «في ساعة معيَّنة من النهار كان يُسمح لنا باستعمال المرحاض في الباحة.‏ وأعادوا تنظيم البرنامج لكي نرى ما كان سيحدث.‏ وأرادوا ان يقولوا بذلك:‏ ‹تعرفون الآن ما سيحدث لكم انتم ايضا.‏› تلك كانت لحظة محزنة جدا —‏ ان نرى اخوتنا الاحباء يسقطون امواتا.‏ ثم أُعدنا الى زنزاناتنا.‏

      ‏«بعد عشر دقائق دُعينا الى الخروج،‏ وطُلب منا ان نزيل دم اخوتنا.‏ فرأيناهم عن كثب.‏ بقي وجه يانوش زجوندور طبيعيا تماما.‏ ولم يبدُ على وجهه الباسم،‏ الودي،‏ والوديع ايّ اثر للخوف.‏»‏

      وفي الوقت نفسه،‏ أُعدم شنقًا امام اعين الجميع اخ آخر،‏ لايوش دِلي البالغ من العمر ٢٠ سنة،‏ في ساحة شارڤار،‏ على بعد ٢٥ ميلا (‏٤٠ كلم)‏ تقريبا من الحدود النمساوية.‏ وفي سنة ١٩٥٤ تذكَّر ضابط سابق،‏ شاهد عيان،‏ ما حدث في ذلك اليوم:‏

      ‏«كان هنالك كثيرون منا،‏ نحن المدنيين والعسكريين على السواء،‏ يهربون غربا.‏ وإذ مررنا بشارڤار رأينا المشنقة منصوبة في الساحة.‏ وكان هنالك حدَثٌ بوجه راضٍ وهادئ تحت المشنقة.‏ وعندما سألتُ احد المشاهدين عما فعله الفتى،‏ أُخبرت انه رفض ان يحمل السلاح او حتى المجرفة.‏ وكان هنالك مجنَّدون عديدون من حزب الصليب السهم في المكان،‏ حاملين رشاشات.‏ وسمع الجميع عندما قال احدهم للحدث:‏ ‹هذه هي فرصتك الاخيرة،‏ احمله وإلا فسنعدمك!‏› لم يتجاوب الحدث؛‏ ولم يكن متأثرا البتّة.‏ ثم قال بصوت جازم:‏ ‹يمكنكم ان تتقدموا وتعدموني،‏ ولكنني سأطيع الهي،‏ يهوه،‏ لا مجرد بشر.‏› وبعدئذ أُعدم.‏»‏

      بحسب الكتاب السنوي لعام ١٩٤٦،‏ قُتل ١٦ شاهدا ما بين السنة ١٩٤٠ و ١٩٤٥ لاعتراضهم على الخدمة العسكرية بسبب الضمير؛‏ ومات ٢٦ آخرون نتيجة المعاملة السيئة.‏ وكربِّهم غلبوا العالم بإيمانهم.‏

  • هنڠاريا
    الكتاب السنوي لشهود يهوه لعام ١٩٩٦
    • ‏[الصور في الصفحة ٩٠]‏

      وليَّان ليهوه حتى الموت:‏ (‏الاعلى)‏ بِرتالان سابو،‏ على يد فرقة الاعدام؛‏ (‏اليمين)‏ لايوش دِلي،‏ شنقا

المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
الخروج
الدخول
  • العربية
  • مشاركة
  • التفضيلات
  • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
  • شروط الاستخدام
  • سياسة الخصوصية
  • إعدادات الخصوصية
  • JW.ORG
  • الدخول
مشاركة