مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • جوع وسط وفرة —‏ لماذا
    استيقظ!‏ ١٩٨٦ | نيسان (‏ابريل)‏ ٨
    • جوع وسط وفرة —‏ لماذا

      ‏• «انها حقيقة واقعية انه اذا جَمع المرء المقدار الاجمالي للحبوب المنتجة،‏ اضافة الى المقدار الاجمالي لمحاصيل الطعام الاخرى،‏ اضافة الى مجموع كل الاطعمة المنتجة الاخرى،‏ فآ‌نذاك يكون هنالك كفاية لتزويد كميةٍ ونوعيةٍ ملائمتين من الطعام لكل اناس العالم الخمسة بلايين.‏» —‏ «الجريدة» في مونتريال.‏

      ‏• «منذ ١٩٧٤ زادت الامم المتقدمة ككل من انتاج الطعام الاجمالي ٤‏,٣٪ سنويا وخلقت ربحا صافيا هاما في تيسُّر الطعام.‏ وزاد انتاج الطعام في اميركا اللاتينية وآسيا اكثر من ٣٢٪ خلال العقد الماضي.‏» —‏ «لوس انجلس تايمز.‏»‏

      ان مشكلة الجوع هي ابعد من ان تحل.‏ ولكنّ خبراء اكثر فاكثر في الحقل خلصوا الى الادراك ان النقص في الطعام ليس المتّهم الحقيقي.‏ ويظهر ان الاجماع هو ان شيئا غير توافر الطعام هو المسؤول عن حقيقة معاناة جموع من الناس حول العالم من الجوع وسوء التغذية.‏ فما نملكه هو تناقض بالفعل:‏ جوع وسط وفرة.‏ لماذا؟‏ مع ان المشكلة معقدة جدا،‏ هنالك عدد من العوامل الاساسية التي ساهمت في هذا التناقض الظاهر.‏

      اولويات مُساء وضعها

      ان تطوير نظام زراعي فعال هو مكلف.‏ فالاسمدة والمبيدات ومعدات المزارع الحديثة والبذور المحسّنة انما هي غالية.‏ وتسهيلات الخزن والنقل وانظمة الري يستنفد بناؤها الوقت والمال.‏ وواضح ان قيام دولة نامية بأي تقدم في هذه المجلات يستلزم رغبتها في تخصيص قسم جوهري من مواردها لها.‏ أما الامم التي فعلت ذلك،‏ كالصين والهند،‏ اكثر امتين على الارض تعدادا للسكان،‏ فقد احرزت تقدما هاما نحو اطعام نفسها.‏

      ولسوء الحظ،‏ لم تكن تلك هي الحال في معظم امم العالم الثالث وخاصة تلك التي في افريقيا،‏ حيث يصبح النقص في الغذاء مشكلة متزايدة دائمة.‏ وثمة تقرير للفاو (‏منظمة الاغذية والزراعة)‏ حول المؤتمر الاقليمي الـ‍ ١٣ الذي عُقد في زمبابوي في تموز الفائت يشير بخشونة:‏ «في اصل مشكلة الغذاء تكمن الحقيقة بأن الدول الاعضاء لم تمنح عادةً الاولوية الضرورية للزراعة.‏» فلمَ الامر هكذا؟‏

      يشير المراقبون الى ان حكومات كثيرة من الامم المستقبلة حديثا في افريقيا واماكن اخرى توازن في اغلب الاحيان بين الزراعة والاستعمار والرجعية.‏ وهي تعتقد ان السبيل الى التقدم هو بجعل اممها صناعية.‏ ولترويج هذه السياسات تميل الحكومات الى تفضيل الصناعات المتطورة في البلدات والمدن،‏ مما يؤدي الى اهمال المزارعين في الارياف.‏ وعوض استعمال الاعتمادات المالية لتطوير وتحسين انظمة الري والنقل،‏ او لتزويد المزارعين بالحافز لانتاج المزيد،‏ تخفض بعض الحكومات تعسفيا اسعار الطعام لمساعدة عمال المدن والصناعات الجديدة.‏ وحوّلت هذه السياسات الريف الى زراعة كفاف وصيّرت الامم التي كانت ذات مرة ذاتية الاكتفاء،‏ ومصدرة للطعام ايضا،‏ امما ذات عجز غذائي ومستوردة للطعام.‏

      طريقة عيش متغيرة

      ادى اهمال الارياف الى هجرة جماعية للناس من الريف الى المدن بحثا عن اعمال.‏ وتظهر الدراسات ان افريقيًّا واحدا من عشرة كان يعيش في بلدة ما في عام ١٩٦٠،‏ ولكنّ واحدى من خمسة اصبح يعيش هناك في عام ١٩٨٠.‏ والتصوّر هو انه اذا استمر الميل فان نصف سكان افريقيا سيعيشون في المدن بحلول نهاية القرن.‏ وهذا يعني طبعا عقبات اضافية في وجه القطاع الزراعي والانتاج الغذائي.‏

      ولكنّ ذلك ليس كل ما في الامر.‏ فالنقص في الخزن الملائم وتسهيلات النقل يصعّب نقل ما ينتج في الريف الى المدن ليباع.‏ واضافة الى ذلك فان المحاصيل المحلية كالدُّخن والمنيهوت لم تعد مطلوبة لان سكان المدن يطلبون اطعمة سهلة التحضير كالخبز والارز.‏ وهكذا ليس لدى المزارعين حافز لانتاج المزيد وابن المدينة يتحوّل الى الاطعمة المستوردة.‏ وتظهر التقارير انه بين عامي ١٩٦٠ و ١٩٨٢ زادت واردات الحبوب الى افريقيا نحو اربعة اضعاف فيما انزلق انتاج الغذاء المحلي الى ما وراء النمو السكاني.‏

      واضافة الى الواردات الغذائية الغالية،‏ فان الكلفة العالية للطاقة اللازمة لتزويد صناعاتها المؤسسة حديثا بالوقود تضيف كذلك الى مشكلة الغذاء في كثير من امم العالم الثالث.‏ مثلا تظهر التقارير من نيروبي،‏ كينيا،‏ ان «ستين في المئة من مقايضة البلد الخارجية تذهب الى واردات النفط.‏» وأوغاندا المجاورة «تنفق كل مكاسبها الخارجية،‏ ١٠ ملايين دولار شهريا،‏ لتسد فاتورة بترولها الشهرية.‏»‏

      ولتخفيف هذا العبء غالبا ما تتبنى حكومات الامم النامية سياسات انما تعمّق من مشكلة الجوع.‏ مثلا تظهر احدى الدراسات ان نحو نصف الارض الزراعية في اميركا الوسطى تُستعمل لانتاج غلال نقدية يمكن تصديرها كالسكر والبن والتبغ بدلا من انتاج المحاصيل الغذائية ذات الحاجة الماسة.‏ وعلى نحو مشابه تزرع بلدان كثيرة في افريقيا الاستوائية الفريز والقرنفل لتبيعها في اوروبا،‏ او تربي المواشي والخراف والجداء لتصدرها الى الامم العربية فيما تفتقر شعوبها هي الى الكفاية لتأكل.‏

      سياسات الجوع

      وعدم الاستقرار الاجتماعي والسياسي في كثير من الامم النامية يزيد كذلك من خطورة مشكلة الغذاء.‏ ووفقا لاحد الاحصاءات شهدت افريقيا منذ عام ١٩٦٠ اكثر من ١٢ حربا،‏ ٥٠ انقلابا،‏ ١٣ اغتيالا لرؤساء دول،‏ وحركات لاجئين واسعة.‏ والوضع مشابه في مناطق اخرى من العالم.‏ وذلك كله لا يضر بالنظام الزراعي الهش وحسب بل يُضعف كذلك الاقتصاد المتوتر سلفا بسبب الانفاق العسكري الضخم.‏ ويبدو ان الامم تهتم بتكديس اسلحة ترساناتها اكثر من ملأ معدها الخاوية.‏

      ومؤخرا،‏ على سبيل المثال،‏ اعلن كثيرا ان احدى امم افريقيا الشرقية،‏ التي تلقت ٢ بليون دولار (‏اميركي)‏ كاعانة عسكرية،‏ انفقت نحو ١٠٠ مليون دولار على الاحتفال بالذكرى السنوية العاشرة لثروتها،‏ في حين كان ستة ملايين من شعبها يواجهون التضور جوعا بسبب الجفاف والمجاعة الحادّين.‏

      قبضة الفقر

      ولكن،‏ من بين كل العوامل الخفية التي تسبب الجوع الواسع الانتشار،‏ ربما كان الفقر اعمقها رسوخا.‏ «تحتاجون الى اكثر من فائض الحبوب لاطعام جياع العالم،‏» تقول بربارة هدلستون،‏ وهي خبيرة في الاعانة الغذائية العالمية.‏ «لدى العالم الآن فائض حبوب.‏ فما يجب ان يحدث هو نقل كامل للقوة الشرائية الى اماكن كافريقيا.‏» أما كيف سيحدث ذلك فحتى الخبراء لا يعرفون.‏

      وفي هذه الاثناء يعجز كثيرون من الفقراء عن شراء الطعام حتى حيثما يتوافر.‏ مثلا يظهر تقرير من غانا ان «اطعام عائلة نموذجية من ستة اشخاص ثلاث وجبات مشبعة كل يوم يكلّف ستة اضعاف معدل دخل زوجين بالغين يعملان كلاهما.‏» وفيما يجود الاغنياء على انفسهم بالاطعمة المستوردة الغالية يواجه الفقراء صعوبة في مجرد الحصول على الطعام.‏ وفي الاماكن حيث لا يتوافر العمل،‏ او ينعدم،‏ قد يكون الوضع ميؤوسا منه.‏ «ليس اقل من اعادة فحص الاولويات الاجتماعية والاقتصادية واعادة تنظيمها بالجملة .‏ .‏ .‏ هو المطلوب لاعادة العالم الى طريق اقتصادي وديموغرافي يقلل الجوع بدلا من زيادته،‏» يقول لستر براون من معهد مراقبة العالم.‏

      الاعانة والغوث —‏ هل يساعدان؟‏

      ان كانت الامم الفقيرة لا تملك التسهيلات الزراعية لزرع الكفاية من الطعام ولا الاعتمادات المالية لشرائه في السوق العالمي التنافسي،‏ فكيف تتدبر امر اطعام نفسها؟‏ الجواب هو ان قلة منها تتدبر ذلك.‏ ويعتمد الكثير منها على اعانة الغذاء العالمية،‏ وفي الحالات القصوى على الاغاثة الطارئة.‏ وحاليا يبلغ المقدار الكامل من الاعانة الغذائية،‏ بما فيها الهبات الطارئة،‏ نحو ٤٥ مليون طن سنويا،‏ وهو كاف من الناحية النظرية لسد الثغرة بين ما تستطيع الامم الفقيرة ان تنتجه وتشتريه وما تحتاجه فعلا.‏ أما ما اذا كان اولئك الذين يحتاجون حقا الى العون ينالونه فهو شأن آخر تماما.‏

      والغذاء هو سلاح قوي على المسرح العالمي،‏ والامم ذات الفائض الغذائي تعي ذلك جيدا.‏ «اذ تكون الموارد محدودة،‏ فان اكثر اعانتكم تذهب الى اصدقائكم،‏» قال رسمي حكومي اميركي.‏ وتابع:‏ «وكل حكومة اعرف عنها تطبق الاجراء ذاته.‏» وهكذا فان الانحياز السياسي للامة النامية المتورطة في الصراع يتعلق كثيرا بنوعية ومقدار الاعانة التي تنالها.‏ وحتى آنذاك فان الافتقار الى تسهيلات النقل الملائمة في هذه البلدان يعني عادة ان الكثير من الاعانة لا يوزّع ابدا على الذين يحتاجونها حقا في الارياف.‏

      والاعانة الغذائية،‏ رغم اهميتها،‏ هي في احسن الاحوال اجراء مستعمل كبديل مؤقت.‏ «ان الاعانة الغذائية القانونية للبلدان الفقيرة،‏» كما تروي «غلوب ان مايل» في كندا،‏ «جعلت كثيرين يصبحون عالة على الامم المتقدمة،‏ وأضعفت مبادرتها للصيرورة منتجة للغذاء باكتفاء ذاتي وخلّفت مساحات هائلة من الاراضي الزراعية دون استعمال كاف.‏» ومع ان الامم الواهبة تشترط عادة على الامم المتسلحة ان تبدأ ببعض الاصلاحات الاقتصادية وغيرها من الخطط الطويلة الاجل،‏ فغالبا ما تُعتبر هذه الاجراءات تدخلا في الشؤون الداخلية للامة الاخرى وغالبا ما تؤدي الى الشغب والعنف.‏ واضافة الى ذلك،‏ بسبب ماهية الطبيعة البشرية،‏ يعرف قلة من الناس الوضع اليومي الطويل الامد للناس في الاماكن البعيدة او يهتمون به بشكل كاف حقا.‏ وخلال اوقات الحالات الطارئة القصوى تجري اثارة الناس الى العمل،‏ ولكنّ ما يجري آنذاك يكون في الغالب زهيدا جدا ومتأخرا جدا.‏

      الوجه الآخر للقضية

      يُظهر فحصنا الموجز ان مشكلة الجوع ظاهرية التناقض حقا.‏ ولكنّ ما تأملنا فيه حتى الآن ليس سوى جزء واحد من الصورة —‏ الجموع الجائعة والمعدمة في افريقيا او الاماكن الاخرى من الامم النامية.‏ وماذا عن الوجه الآخر من القضية،‏ الامم المتقدمة؟‏ يتطلع الكثير من العالم الثالث الى هذه الامم طلبا للعون،‏ الآن وفي المستقبل الممكن توقعه.‏ فهل يستطيعون الاستمرار في تزويد العون؟‏ وهل يستطيعون ايجاد الحل للوضع الغذائي المعقد؟‏ كيف يبدو المستقبل؟‏ وايّ امل هنالك حقا لاطعام جياع العالم؟‏

  • اطعام جياع العالم —‏ اية آمال؟‏
    استيقظ!‏ ١٩٨٦ | نيسان (‏ابريل)‏ ٨
    • توقع يهدد بالخطر

      اذ يتطلع المحللون الى الامام فان غالبيتهم يرون طلبا يتقدم العرض.‏ ويشير كثيرون منهم الى ان مخزون العالم الغذائي كان ثابتا خلال العقد الماضي في حين تقدم الطلب باطراد.‏ ويرون ان الفجوة بين العرض والطلب تنسد.‏ فماذا يساهم في هذا الانحدار؟‏

      من المعترف به ان الطقس السيئ هو احد العوامل.‏ ففصل الصيف الحار الطويل عام ١٩٨٠ في الولايات المتحدة والطقس السيئ المتكرر في الاتحاد السوفياتي قد جلبا اخفاقا ذريعا في الغلال.‏ ولكن يزعم علماء البيئة ان هذه الاخفاقات هي في الحقيقة نتيجة السعي وراء المحاصيل الاعلى والكفاءة في الزراعة.‏ فقديما عندما كانت المزارع اصغر واقل كفاءة كان يُزرع تنوّع اكبر من الغلال ولم يكن المزارعون يتكلون على الطقس الجيد كثيرا.‏ وبالزراعة التجارية الحديثة باتت ألوف بل ملايين من الاكرات تزرع بالغلة ذاتها.‏

      والزراعة التكثيفية تنتزع من انتاجية التربة القدر الاخير ولا تعيد اليها سوى النزر اليسير.‏ ويجري العمل في التربة سنة تلو السنة وبالغلة ذاتها،‏ دون ان يجري سد نقص التربة الفوقية الدكناء الغنية من المواد المغذية والمواد العضوية ثانية.‏ والى جانب ذلك فان تعرية الريح والماء تخرب الارض الزراعية بسرعة تنذر بالخطر في المناطق الزراعية الرئيسية في العالم.‏ وعلى سبيل المثال،‏ في آيووا،‏ يفقد الاكر كمعدل عشرة اطنان،‏ او عُشر الانش (‏٢٥‏,٠ سم)‏ من التربة الفوقية كل سنة.‏ وتظهر دراسة «مصلحة حفظ التربة» ان تعرية انش واحد (‏٥‏,٢ سم)‏ من التربة الفوقية يخفض انتاج الذرة نحو ٦ في المئة.‏ وهي تحذر من انه اذا لم يجر فحص نسبة التعرية الحالية فان انتاج الذرة في الولايات المتحدة يمكن ان ينخفض بمقدار الثلث في العقود القليلة التالية.‏

      وتنخفض الانتاجية من جراء سبب آخر.‏ فالاراضي الزراعية المنتجة تختفي بسرعة.‏ والقيمة المتضخمة للممتلكات الحقيقية،‏ والكلفة الباهظة للوقود والمواد الكيميائية واليد العاملة والمعدات،‏ وأسعار الانتاج المنخفضة بسبب وفرة الانتاج الزراعي،‏ كلها تزيد من الضغوط الهائلة على المزارعين الصغار ليبيعوا ممتلكاتهم.‏ وكنتيجة يجري تحويل ما يعادل المليون اكر (‏٤‏,٠ مليون هكتار)‏ من الارض الزراعية كل سنة الى تنميات سكنية،‏ مراكز تسويق،‏ مستودعات وطرق عامة في الولايات المتحدة الاميركية.‏

      ‏«بالفائض الكبير،‏ الجوع العالمي،‏ وعدم الربح في الزراعة،‏ يتضح تماما ان النظام الحاضر لا يعمل بنجاح،‏» قال اقتصادي من دائرة الزراعة في الولايات المتحدة الاميركية.‏

المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
الخروج
الدخول
  • العربية
  • مشاركة
  • التفضيلات
  • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
  • شروط الاستخدام
  • سياسة الخصوصية
  • إعدادات الخصوصية
  • JW.ORG
  • الدخول
مشاركة