-
لماذا يدخِّن الناس، لماذا يجب ألا يدخِّنوااستيقظ! ١٩٨٧ | نيسان (ابريل) ٨
-
-
والامراض المرتبطة بالتدخين تطالب بحياة الملايين كل سنة.
-
-
لماذا يدخِّن الناس، لماذا يجب ألا يدخِّنوااستيقظ! ١٩٨٧ | نيسان (ابريل) ٨
-
-
كلما تعلَّم العلم اكثر انكشفت اكثر طبيعة التبغ المميتة. وفي كل سنة يموت اكثر من مليوني مدخِّن بسبب مرض القلب وسرطان الرئة وانتفاخ الرئة. ويعمل قلب المدخِّن بصعوبة اكثر من قلب غير المدخِّن. فهو يعمل بمعدل ثماني الى عشر خفقات اكثر في الدقيقة خلال النهار وثلاث الى خمس خفقات اكثر خلال النوم. وذكر بحث نُشر في مجلة «العلم»: «تدخين لفائف التبغ هو السبب الرئيسي الواحد المعروف للوفيات السرطانية في الولايات المتحدة، ويُقدَّر بأن مساهمة التبغ في كل الوفيات السرطانية هي ٣٠ في المئة.» ومعظم هذه الـ ٣٠ في المئة هو بسبب سرطان الرئة. وفي جنوب افريقيا أعطب ادمان احد المدخِّنين على ٩٠ لفافة تبغ في اليوم عصب بصره وتركه اعمى — ضحية للكمش (إظلام البصر من غير علة عضوية ظاهرة) بسبب التبغ.
التحرر الى العبودية؟
ان المرأة العصرية، المتحررة الآن، تدخِّن اكثر وتحصد من الغلال اكثر. فسرطان الثدي كان القاتل الاكبر للنساء الاميركيات — والآن سرطان الرئة. فقد ارتفع فجأة ٥٠٠ في المئة منذ عام ١٩٥٠، وقضى على اكثر من ٠٠٠,٣٨ امرأة في سنة ١٩٨٥. ومرض القلب يدرك النساء ايضا. ويُرهق التدخين القلب وجهاز الدورة الدموية، وفي كل سنة تُصاب ٠٠٠,٨٠٠ امرأة إما بنوبات قلبية او بسكتات دماغية. والنساء المصابات بالتهاب القصبات المزمن اللواتي يُدخنَّ يحظين بالتفوق المشكوك في نتيجته بأن عددهنَّ الآن يتجاوز الرجال بمليون اصابة. والمواد الكيميائية في دخان لفائف التبغ تسبب ضررا وراثيا يستطيع بدء السرطان في النساء الحوامل وفي أجنَّتهن. فهل المرأة العصرية متحررة؟ وهل هي متحررة الى عبودية التبغ، ربما جنبا الى جنب مع نظرائها الذكور؟
وبغية تقليل الاخطار يتحوَّل بعض المدخِّنين من لفائف التبغ الى الغليون او السيجار. وفي كانون الاول ١٩٨٥ اطلقت «مجلة الجمعية الطبية الاميركية» هذا الحلم في الدخان. فالتبغ المستعمل في الغلايين ولفائف السيجار يحتوي على نيكوتين اكثر، وعلى القطران المسبب للسرطان اكثر، ويُنتج من غاز اول اكسيد الكربون ما هو اكثر خطورة من ذاك المستعمل في لفائف التبغ. والاستقصاءات تُظهر ان الكثيرين، وخصوصا المراهقين، يعتقدون ان التبغ العديم الدخان بديل آمن للفائف التبغ. ولكنّ الامر ليس كذلك. ففي سنة ١٩٨٥ مات فتى يبلغ من العمر ١٩ سنة في الولايات المتحدة من سرطان الفم. وقالت امه امام لجنة فرعية تابعة لمجلس الشيوخ انه بدأ يستعمل العاطوس في سن الـ ١٢، ولكنه ابى ان يكف عنه لان التبغ العديم الدخان لم يحمل لافتة تحذير ولان الرياضيين كانوا يعلنونه.
وسواء مضغتم او مصصتم العاطوس الرطب المحجوز بين الخد واللثة (ويسمى ذلك الغمس)، فأنتم انما تطلبون سرطان الفم وامراض اللثة وادمان النيكوتين. والسرطان يتطوَّر حيث يلامس التبغ الخد واللثة، وغالبا ما يمتد الورم الخبيث الى اجزاء اخرى من الجسم. ويحتوي التبغ العديم الدخان على ٢٠ او اكثر من نتروز الامينات المسببة للسرطان والهيدروكربونات العطرية المتعددة الحلقات. وقال تقرير الرصد العالمي انه على مدى الـ ٢٠ سنة الاخيرة ازداد استعمال التبغ والعاطوس اللذين يُمضغان بنسبة ٤٠ في المئة، مع ازدياد متماثل في سرطان الفم.
ضحايا دخان الآخرين
ان مستعملي التبغ لا يُعرِّضون صحتهم للخطر وحسب بل ايضا صحة الآخرين. وأظهرت اكثر من عشر دراسات في سنة ١٩٨٥ ان التدخين التأثّري — تنشُّق الدخان من لفائف تبغ الآخرين — سبَّب سرطان الرئة في زوجات المدخِّنين اللواتي لا يدخِّنَّ. وتشير الابحاث في اليابان والمانيا الغربية واليونان والولايات المتحدة الى ان «احتمال اصابة زوجات المدخِّنين بسرطان الرئة هو مرتان او ثلاث مرات اكثر من زوجات غير المدخِّنين.» واحدى الدراسات «قدَّرت ان التدخين التأثّري يسبّب في الولايات المتحدة وفيات سرطانية اكثر من كل ملوّثات الهواء الصناعية المضبوطة جمعاء.» وذكر العلماء الكنديون انه لا يوجد مستوى آمن للدخان غير المباشر. وهو يحتوي على «اكثر من ٥٠ مادة معروفة تولّد السرطان و ٨٠٠,٣ مركب كيميائي.» قالت مجلة طبية: «كلما عاش المرء مع عدد اكبر من المدخِّنين ازداد خطر تعرضه للسرطان.»
وما يلوّث هواء الآخرين هو اكثر من نفث الدخان. فبين النَّفثات يتصاعد الدخان غير المُصفَّى بشكل لولبي من لفائف التبغ الممسكة بالايدي او المستقرة في المنافض. وهذا المجرى الجانبي للدخان مسؤول عن ٨٥ في المئة من الدخان في الغرفة ذات المدخِّنين. وهو يحتوي على مواد مهيِّجة مثل ألدهيد النمل، نشادر، أكرولئين، اكسيد الآزوتي، هيدروكربونات ومواد دقائقية. وهو يزيد من المواد المولّدة للسرطان التي يتنشقها غير المدخِّنين القريبين بنسبة ٥٠ في المئة.
والاولاد الذين يُدخِّن آباؤهم يعانون اكثر من الزكام، الانفلونزا، التهاب القصبات، الربو والتهاب الرئة. وتتضرر القدرة على التعلم في اولاد الامهات اللواتي يدخِّنَّ. واظهرت الدراسات انهم يقرأون ببطء اكثر وقد يتخلّفون في المدرسة عدة اشهر عن اولاد غير المدخِّنات. والامهات اللواتي يُدخِّنَّ ينجبن اطفالا ناقصي الوزن بنسبة ضعف ما تنجبه الامهات غير المدخِّنات. وفي الهند تمضغ ٣٩ في المئة من النساء التبغ. وتكون النتيجة اطفالا ناقصي الوزن. وختمت «الرسالة الصحية لمدرسة هارفرد الطبية،» عدد تموز ١٩٨٥، مقالتها عن مخاطر التدخين التأثّري بعنوان «اللُهاث الاخير؟» بهذه العبارة: «وينبغي ان يدرك الراشدون المدخِّنون انهم حين يُشعلون لفافة تبغ في وجود الاطفال انما ينهمكون في شكل غير لطيف من اشكال الاساءة الى الاطفال.» والاساءة الى كل امرىء آخر حولهم!
-