-
المساعدة للذين يشرفون على الموت في عصرنا الحديثاستيقظ! ١٩٩١ | تشرين الاول (اكتوبر) ٢٢
-
-
المساعدة للذين يشرفون على الموت في عصرنا الحديث
مرَّت المرأة، وهي نفسها طبيبة، بمحنة مؤلمة جدا. لقد شاهدت موت جدَّتها البالغة من العمر ٩٤ سنة في وحدة العناية الفائقة للمستشفى بعد عملية سرطان جراحية «لم تكن تريد اجراءها قط.»
«دموعي في مأتمها لم تكن لسبب واقع موتها، لان جدتي عاشت حياة طويلة وغنية بالاختبارات،» كتبت الطبيبة. «بكيت لسبب الالم الذي تحمَّلته، ولسبب عدم تحقيق رغباتها. بكيت على امي واشقائها، لسبب احساسهم بالخسارة والخيبة.»
ولكنكم قد تتساءلون عن امكانية مساعدة شخص مريض على نحو خطير كهذا. تتابع هذه الطبيبة:
«في الاغلب، بكيت على نفسي: لسبب الذنب الساحق الذي شعرت به لعدم تمكني من انقاذها من الالم والاهانة، ولسبب عدم الكفاءة المحزنة التي شعرت بها كطبيبة، عدم قدرتي على الشفاء، عدم قدرتي على تخفيف الالم. لانه ما من مكان في تدريبي تعلَّمت فيه قبول الموت او الاشراف على الموت. فالمرض كان العدو — الذي يجب محاربته على الدوام، بكل وسيلة ممكنة. لقد كان الموت هزيمة، فشلا؛ وكان المرض المزمن مذكِّرا دائما بعجز الطبيب. وصورة جدتي وهي تحدِّق اليّ بعينين خائفتين فيما كانت قيد المعالجة بالمهوِّية في وحدة العناية الفائقة تلازمني كالشبح الى هذا اليوم.»
هذه الجدة المحبَّة بلورت قضية اخلاقية وطبية شرعية معقدة تُناقش اليوم في قاعات المحاكم والمستشفيات حول العالم: ما هو الافضل للمرضى الميؤوس منهم في عصرنا المتقدم تكنولوجيّا؟
لدى البعض النظرة الادبية انه يجب القيام بكل ما يمكن طبيا لكل شخص مريض. وهذه النظرة تعبِّر عنها جمعية الاطباء والجراحين الاميركيين: «ان واجب الطبيب نحو المريض المسبوت، او الذي يتصرف بشكل غير ارادي، او العاجز لنقص في النمو لا يعتمد على امكانية الشفاء. فالطبيب يجب دائما ان يعمل من اجل خير المريض.» ويعني ذلك تزويد كل المعالجة او المساعدة الطبية التي يمكن تقديمها بأيّ حال. فهل تشعرون بأن هذا هو الافضل دائما للشخص المريض على نحو مميت؟
بالنسبة الى اناس كثيرين تبدو هذه الطريقة بالتأكيد جديرة بالثناء. ولكنَّ الاختبار مع الطب المتقدم تكنولوجيّا، في العقود القليلة الماضية، انشأ وجهة نظر جديدة ومختلفة. ففي مقالة سنة ١٩٨٤ تمثِّل نقطة تحوُّل عنوانها «مسؤولية الطبيب تجاه المرضى الميؤوس منهم،» استنتج مجموعة من عشرة اطباء ذوي خبرة: «ان النقص في المعالجة العدائية للمريض الميؤوس منه مستحسن عندما تُطيل فقط مثلُ هذه المعالجة عمليةَ الموت الصعبة وغير المريحة.» وبعد خمس سنوات نشر الاطباء انفسهم مقالة تحمل العنوان نفسه الذي أُضيفت اليه العبارة «نظرة ثانية.» واذ تأملوا في المشكلة نفسها، قالوا بأكثر صراحة ايضا: «اطباء وعلماء اخلاقيون كثيرون . . . استنتجوا، بناء على ذلك، انه اخلاقي التوقف عن تغذية وإماهة [اعطاء السوائل] بعض المرضى المشرفين على الموت، الميؤوس منهم، او فاقدي الوعي على نحو دائم.»
لا يمكننا ان نرفض مثل هذه التعليقات كمجرد وضع نظرية او مجرد مناقشة ليس لها ايّ تأثير حقيقي فينا. فمسيحيون عديدون واجهتهم قرارات مؤلمة بهذا الخصوص. فهل يجب ان يُترك المريض الحبيب الميؤوس منه حيّا باستعمال جهاز التنفس الاصطناعي؟ وهل يجب استخدام طرائق الاطعام بالوريد او طرائق الاطعام الاصطناعية الاخرى لمريض لا امل بشفائه؟ وعندما تكون الحالة ميؤوسا منها، هل يجب انفاق كل الموارد المالية التي للقريب، او التي لكامل العائلة، للدفع لقاء المعالجة، اذ ربما يشمل ذلك النقل الى مركز طبي بعيد لنيل معالجة متقدمة اكثر؟
انتم تقدِّرون دون شك ان الاجابة عن اسئلة كهذه ليست بالامر السهل. وعلى الرغم من انكم تريدون ان تساعدوا صديقا او حبيبا مريضا، فاذا كان يجب ان تواجهوا هذه الاسئلة فقد تتساءلون: ‹ما هو الارشاد الذي لدى المسيحي؟ اية مصادر متوافرة للمساعدة؟ والاهم، ماذا تقول الاسفار المقدسة عن الموضوع؟›
-
-
اية عناية للمرضى الذين لا امل بشفائهم؟استيقظ! ١٩٩١ | تشرين الاول (اكتوبر) ٢٢
-
-
اية عناية للمرضى الذين لا امل بشفائهم؟
في الازمنة الحديثة تختبر طريقة معالجة الناس لقضية الموت والاشراف على الموت تغييرا في اجزاء كثيرة من العالم.
ففي الازمنة الماضية كان الاطباء يقبلون الموت كنهاية لا بد منها لخدماتهم لبعض المرضى — نهاية يجب تخفيف ألمها، وغالبا ما يجب معالجتها في البيت.
ومؤخرا، مع التشديد على التكنولوجيا والشفاء، صارت الهيئة الطبية تعتبر الموت فشلا او هزيمة. لذلك صار الهدف الرئيسي من الممارسة الطبية ذاك الذي لمنع الموت بأيّ ثمن. ومع هذا التغيير اتى تطوير تكنولوجيا جديدة كاملة لابقاء الناس احياء فترة اطول مما كان ممكنا من قبل.
احدثت التكنولوجيا الطبية تحسينات لا يمكن انكارها في حقول كثيرة؛ ومع ذلك، سبَّبت بعض الشكوك الخطيرة. علَّق احد الاطباء: «خسر معظم الاطباء اللؤلؤة التي كانت في ما مضى جزءا جوهريا من الطب، وهي الانسانية. فالمعدّات الآلية، الفعّالية والدقة نزعت من القلب الدفء، الرأفة، التعاطف والاهتمام بالفرد. الطب الآن علم ينقصه الدفء؛ وجاذبيته تنتمي الى عصر آخر. فالانسان المشرف على الموت يمكن ان ينال القليل من التعزية من الطبيب الذي يعتمد كثيرا على المعدّات الآلية.»
هذا هو مجرد رأي شخص واحد، وبالتأكيد ليس اتِّهاما عاما للمهنة الطبية. ولكنكم على الارجح رأيتم ان اناسا كثيرين قد طوَّروا خوفا من البقاء احياء بواسطة الآلات.
وتدريجيا جرى البدء بسماع وجهة نظر اخرى. وكانت انه في بعض الحالات يجب السماح للناس بأن يموتوا طبيعيا، بكرامة، ودون الخضوع لتدخُّل التكنولوجيا العديمة الرحمة. وثمة استفتاء أُجري مؤخرا لمجلة تايم اظهر ان اكثر من ثلاثة ارباع الذين جرى الاتصال بهم شعروا بأنه يجب ان يُسمح للطبيب بأن يتوقف عن المعالجة الداعمة الحياة لمريض لا امل بشفائه. وتوصلت الدراسة الى هذا الاستنتاج: «حالما يقبلون ما لا بد منه، يريدون [الناس] ان يموتوا بكرامة، لا ان يُقيَّدوا بمجموعة من الآلات في وحدة العناية الفائقة كعيِّنة مختبر تحت المنظار.» هل توافقون على ذلك؟ وكيف يمكن مقارنة ذلك بنظرتكم الى الموضوع؟
حلول مقترحة
اذ نعتمد على ثقافتنا او خلفيتنا الاجتماعية، هنالك اختلاف كبير في طرائق معالجة موضوع الموت والاشراف على الموت. ولكنَّ الناس في بلدان كثيرة يظهرون اهتماما متزايدا بمأزق المرضى الميؤوس منهم. وفي السنوات القليلة الاخيرة، عزَّز العلماء الاخلاقيون، الاطباء، والشعب عموما الجهود لتعديل العناية بمثل هؤلاء التعساء.
ومن بين الاجراءات الكثيرة التي جرى بحثها لمعالجة هذه القضية، فإن الاجراء الذي يطبَّق على نحو شائع اكثر في بعض المستشفيات هو سياسة «لا تُنعشوا،» او DNR. وهل تعرفون ماذا يشمل ذلك؟ بعد مناقشات واسعة مع عائلة المريض، ومن الافضل ايضا مع المريض، يجري صنع خطط مسبقة معيَّنة، وتُدوَّن هذه على سجل المريض للمعلومات الطبية. ويركِّز ذلك على القيود التي ستُفرض على الجهود لاحياء، او انعاش، المريض الميؤوس منه اذا ساءت حالته او حالتها.
يدرك كل شخص تقريبا ان الاعتبار الاول في قرارات صعبة كهذه يجب ان يكون «ماذا يريد المريض ان يُفعل؟» ولكنَّ ما يجعل ذلك مشكلة خطيرة هو ان المريض غالبا ما يكون فاقد الوعي او من ناحية اخرى غير مؤهل لاتخاذ قرارات شخصية مؤسسة على معلومات. فأنشأ ذلك وثيقة يمكن ان تدعى وصية الحي. وصُمِّمت لتسمح للناس بأن يعيِّنوا مسبقا اية معالجة يرغبون فيها في ايامهم الاخيرة. مثلا، يمكن ان تقول وصية كهذه:
«اذا كنت اعاني حالة مستعصية او غير قابلة للتغيير ستسبب موتي في غضون وقت قصير نسبيا، فانها رغبتي ان لا تجري اطالة حياتي بالقيام باجراءات داعمة للحياة. واذا كانت حالتي لا امل فيها بالشفاء وأنا غير قادر على الاشتراك في قرارات تتعلق بمعالجتي الطبية، اوعز الى طبيبي الذي يعتني بي ان يمتنع او يتوقف عن الاجراءات التي تطيل فقط عملية الموت وغير الضرورية لراحتي ولتحرري من الالم.» ومثل هذه الوثائق يمكن ان تحدِّد ايضا ايّ نوع من المداواة يريد المريض او لا يريد ان تطبَّق في حالة لا امل فيها بالشفاء.
ووصايا احياء كهذه، على الرغم من انها غير ملزِمة شرعيا في كل الظروف، يجري الاعتراف بها في اماكن كثيرة. وما يقدَّر بخمسة ملايين شخص في الولايات المتحدة قد اعدّوا وصايا احياء طبية. ومراجع كثيرة في ذلك البلد تعتبر هذا الامر افضل وسيلة متوافرة لضمان احترام واتّباع رغبات المرء.
ايّ نوع من المعالجة او العناية؟
وماذا عن العناية الفعلية بالمرضى الذين لا امل بشفائهم؟ ربما الابتكار الاكثر اهمية كان المفهوم المدعو المأوى hospice، المعروف عالميا على نحو متزايد. فما هو «المأوى»؟
عوضا عن ان يعني مكانا او بناء، فإن المأوى بهذا المعنى يشير فعلا الى فلسفة او برنامج للعناية بالمرضى الذين لا امل بشفائهم. والكلمة الانكليزية مشتقَّة من الكلمة الفرنسية للقرون الوسطى التي تقابل مكان راحة للمسافرين. ويركِّز المأوى على طريقة معالجة الطاقم (الاطباء، الممرضين، والمتطوعين) التي تعمل على ضمان بقاء المريض الذي لا امل بشفائه مستريحا ومتحرِّرا من الالم نسبيا، ومن الافضل في بيت المريض.
ومع ان بعض المآوي يتأسس داخل المستشفيات، فان الكثير منها مستقل. ويستفيد معظمها من موارد المجتمع، كالممرضات الزائرات، خبراء التغذية، الكهنة، والخبراء بالمعالجة اليدوية. وعوضا عن استخدام الاجراءات الطبية البطولية، تشدِّد عناية المأوى على الرأفة البطولية. وعوضا عن المعالجة العدائية لمرض المريض، تركِّز على المعالجة العدائية لانزعاج المريض. وعبَّر احد الاطباء عن ذلك بهذه الطريقة: «المأوى ليس عناية اقل او عدم عناية او عناية رديئة. انه مجرد نوع مختلف كليا من العناية.»
ما هو ردّ فعلكم تجاه هذا المفهوم؟ هل تبدو طريقة المعالجة هذه كتلك التي تشعرون بأنه يجب مناقشتها مع ايّ من احبائكم ربما يجري التشخيص انه يواجه حالة لا امل فيها بالشفاء، وربما مع الطبيب ذي العلاقة؟
على الرغم من ان عناية المأوى ربما لا تكون متوافرة في منطقتكم الآن، فمن المحتمل انها ستكون في المستقبل، اذ ان حركة المآوي تزداد عالميا. واذ اعتُبرت اولا جهدا ضد النظام المؤسس للعناية الطبية، دخلت عناية المأوى تدريجيا في التيار السائد للطب، وتعتبر الآن بديلا مقبولا للمرضى الذين لا امل بشفائهم. وبواسطة تقنياته، وخصوصا الاستعمال الملائم لمسكِّنات الالم، ساهم المأوى في بعض التحسينات الجديرة بالذكر للعناية الصحية.
وفي رسالة الى مجلة الطب لانكلترا الجديدة، وصفت الدكتورة ڠلوريا وِرث موت اختها في المأوى: «ما من مرة فُرض فيها دواء، طعام، او سائل على اختي. لقد كانت حرة ان تأكل، تشرب، . . . او تأخذ الدواء كما ترغب . . . ولكنَّ افضل ما في المأوى هو ان ذكرياتنا عن موت ڤرجينيا مطمئنة وسعيدة على نحو غير اعتيادي. وكم مرة يمكن ان يقال ذلك بعد الموت في وحدة العناية الفائقة؟»
[النبذة في الصفحة ٥]
«الطب الآن علم ينقصه الدفء؛ وجاذبيته تنتمي الى عصر آخر. فالانسان المشرف على الموت يمكن ان ينال القليل من التعزية من الطبيب الذي يعتمد كثيرا على المعدّات الآلية»
[النبذة في الصفحة ٦]
تركِّز المآوي على المعالجة العدائية لانزعاج المريض عوضا عن المعالجة العدائية للمرض نفسه
-
-
المساعدة الفضلى متوافرة!استيقظ! ١٩٩١ | تشرين الاول (اكتوبر) ٢٢
-
-
المساعدة الفضلى متوافرة!
بالنسبة الى المسيحي قد ينشئ اختيار ومدى العناية بالمرضى الذين لا امل بشفائهم اسئلة عميقة. مثلا:
هل يكون مخالفا للاسفار المقدسة ان نقوم بأقل من كل ما يمكن لحفظ الحياة؟ واذا كان مقبولا ادبيا ان نسمح لشخص ما بالموت على نحو طبيعي، دون تدخُّل بطولي لاطالة الحياة، فماذا عن القتل الرحيم — عمل عمدي وايجابي لانهاء ألم المريض بتقصير او انهاء حياته فعليا؟
في هذا الزمن والعصر، هذان هما سؤالان مهمان. ولكننا لسنا دون مساعدة في الاجابة عنهما.
قال كاتب ملهم على نحو ملائم: «اللّٰه لنا ملجأ وقوة. عونا في الضيقات وجد شديدا.» (مزمور ٤٦:١) ويصح ذلك فينا ايضا لدى التأمل في المسألة الحاضرة. فيهوه اللّٰه هو مصدر المساعدة الاكثر حكمة وخبرة. وقد لاحظ حياة آلاف الملايين من الناس. وهو يعرف — على نحو افضل من ايّ طبيب، عالم اخلاقي، او محام — ما هو الافضل. لذلك دعونا نرى اية مساعدة يجعلها متوافرة لنا. — مزمور ٢٥:٤، ٥؛ عبرانيين ٤:١٦.
نظرة صائبة الى الحياة
يحسن بنا ان ندرك ان فلسفة حفظ الحياة بأيّ ثمن لا تقتصر على علماء التكنولوجيا الطبيين. انها نتيجة طبيعية للفلسفة الدنيوية العصرية. ولماذا الامر كذلك؟ حسنا، اذا كانت هذه الحياة الحاضرة هي كل ما هنالك، فعندئذ قد يبدو ان حياتنا الشخصية يجب حفظها في كل الظروف وبأيّ ثمن. ولكنَّ هذه الفلسفة الدنيوية ادَّت في بعض الحالات الى كوابيس تقنية — ابقاء الناس الفاقدي الوعي «احياء» بواسطة الآلات لسنوات.
ومن ناحية اخرى، هنالك اولئك الذين يؤمنون بخلود النفس البشرية. وبحسب فلسفتهم، فان هذه الحياة ليست سوى محطة متوسطة في الطريق الى شيء افضل. وعبَّر افلاطون، احد واضعي اسس هذه الفلسفة، عن معتقده:
«إمّا ان يكون الموت حالة عدم وجود وعدم وعي تام، او، كما يقول الناس، هنالك تغيير وارتحال للنفس عن هذا العالم الى عالم آخر. . . . والآن اذا كان الموت من طبيعة كهذه، فانني اقول ان الموت ربح.»
والشخص الذي له ايمان كهذا قد يعتبر الموت صديقا، للترحيب به وربما ايضا للاسراع اليه. ولكنَّ الكتاب المقدس يعلِّم ان الحياة مقدسة بالنسبة الى يهوه. «عندك ينبوع الحياة،» كتب المرنم الملهم. (مزمور ٣٦:٩) فهل يجب، اذًا، ان يوافق المسيحي الحقيقي على الاشتراك في القتل الرحيم؟
يعتقد البعض ان هنالك اشارة مؤسسة على الاسفار المقدسة الى الموضوع اذ التمس الملك شاول، المجروح على نحو خطير، من حامل سلاحه ان يقتله. لقد اعتبروا ذلك نوعا من القتل الرحيم، عملا عمديا لتعجيل موت شخص كان في ذلك الحين مشرفا على الموت. وفي ما بعد ادَّعى عماليقي انه اذعن لطلب شاول بأن يقتله. ولكن هل اعتُبر ذلك العماليقي انه فعل خيرا بانهاء ألم شاول؟ كلا. فداود، مسيح يهوه، امر بأن يُقتل ذلك العماليقي بسبب ذنب سفكه الدم. (١ صموئيل ٣١:٣، ٤؛ ٢ صموئيل ١:٢-١٦) وهذه الحادثة في الكتاب المقدس لا تبرر بأية طريقة ان يكون للمسيحي ايّ اشتراك في القتل الرحيم.a
ولكن هل يعني ذلك ان المسيحي يجب ان يفعل كل ما يمكن تكنولوجيّا لاطالة الحياة المشرفة على النهاية؟ هل يجب ان يمدِّد المرء عملية الموت طالما ذلك ممكن؟ تعلِّم الاسفار المقدسة ان الموت ليس صديقا للانسان ولكنه عدو. (١ كورنثوس ١٥:٢٦) واضافة الى ذلك، فإن الموتى لا يتعذبون ولا هم في النعيم، بل في حالة تشبه النوم. (ايوب ٣:١١، ١٣؛ جامعة ٩:٥، ١٠؛ يوحنا ١١:١١-١٤؛ اعمال ٧:٦٠) وآمال الحياة المقبلة للموتى تعتمد كليا على قوة اللّٰه لاقامتهم بواسطة يسوع المسيح. (يوحنا ٦:٣٩، ٤٠) لذلك نجد ان اللّٰه قد زوَّدنا بهذه المعرفة المساعدة: الموت ليس امرا لنتوق اليه، ولكن ليس هنالك ايضا التزام باللجوء الى الجهود اليائسة لاطالة عملية الموت.
الخطوط الارشادية المسيحية
فأية خطوط ارشادية يمكن ان يطبقها المسيحي في وضع يكون فيه احد الاحباء في حالة لا امل فيها بالشفاء؟
اولا، يجب ان نعترف بأن كل حالة تشمل مرضا لا امل فيه بالشفاء هي مختلفة، مختلفة مأساويا، وليست هنالك قواعد عالمية. وعلاوة على ذلك، يجب ان يكون المسيحي منتبها لاخذ قوانين البلد بعين الاعتبار في حالات كهذه. (متى ٢٢:٢١) وتذكَّروا ايضا انه ما من مسيحي محب يؤيد الاهمال الطبي.
وفقط عندما يكون هنالك مرض لا امل فيه بالشفاء على نحو لا يمكن انكاره (حيث حُدِّدت الحالة بشكل واضح انه ميؤوس منها) يجب منح الاعتبار لطلب ايقاف التكنولوجيا الداعمة الحياة. وفي مثل هذه الحالات ليس هنالك سبب مؤسس على الاسفار المقدسة للاصرار على التكنولوجيا الطبية التي تطيل فقط عملية الموت المتقدمة الى حد بعيد.
غالبا ما تكون هذه حالات صعبة جدا ويمكن ان تشمل قرارات مؤلمة. فكيف يعرف المرء، مثلا، متى تكون الحالة ميؤوسا منها؟ على الرغم من ان لا احد يمكنه ان يكون على يقين تام، تلزم ممارسة التعقُّل الى جانب التشاور المتَّسم بالحذر. تعلق مقالة طبية تنصح الاطباء:
«اذا كان هنالك اختلاف يتعلق بالتشخيص او التكهن او كليهما، فان طريقة المعالجة الداعمة الحياة يجب ان تستمر الى ان يجري التوصل الى اتفاق معقول. ولكنَّ الاصرار على اليقينية الى ابعد من الحد المعقول يمكن ان يكون عائقا في تعامل الطبيب مع اختيارات المعالجة في الحالات التي يبدو انه ميؤوس منها. والتقرير النادر عن مريض بحالة مماثلة نجا من الموت ليس سببا اساسيا للاستمرار في المعالجة العدائية. ومثل هذه الامكانيات الاحصائية القليلة لا ترجح على التوقعات المعقولة للنتيجة التي توجِّه قرارات المعالجة.»
وفي ورطة كهذه، يتوقع المسيحي بحق، سواء كان المريض او القريب، مساعدة ما من طبيبه. وتختتم هذه المقالة الطبية: «على ايّ حال، من غير الانصاف ان نزوِّد الكثير من الوقائع والاختيارات الطبية ونترك المريض هائما دون ايّ ارشاد اضافي حول الطرائق البديلة للعمل او عدم العمل.»
والشيوخ المسيحيون المحليون، كونهم خداما ناضجين، يمكن ان يكونوا ايضا ذوي قيمة كبيرة. وطبعا، يجب ان يتخذ المريض وعائلته الاقرب قرارهم المتزن في هذه الحالة العاطفية جدا.
وأخيرا، فكِّروا مليّا في هذه النقاط. ان المسيحيين يريدون كثيرا ان يبقوا احياء لكي يتمكنوا من التمتع بخدمة اللّٰه. ولكنهم يدركون انه في النظام الحاضر، جميعنا نموت؛ وبهذا المعنى جميعنا مرضى لا امل بشفائنا. وفقط بواسطة الدم الفدائي ليسوع المسيح لدينا رجاء بابطال هذه الحالة. — افسس ١:٧.
واذا اصاب الموت شخصا حبيبا، وهو امر صعب، فنحن لسنا متروكين لنتألم ونحزن «كالباقين الذين لا رجاء لهم.» (١ تسالونيكي ٤:١٣) وعوضا عن ذلك، يمكننا ان نتعزى اننا فعلنا افضل ما يمكننا على نحو معقول لحبيبنا المريض وأن اية مساعدة طبية استخدمناها كانت في افضل الاحوال مساعدة وقتية. ومع ذلك، لدينا الوعد المفرح لذاك الذي سيحررنا من مثل هذه المشاكل كلها عندما ‹يُبطل آخر عدو، الموت.› — ١ كورنثوس ١٥:٢٦.
نعم، ستأتي اخيرا افضل مساعدة للمشرفين على الموت من اللّٰه الذي اعطى الحياة للرجل والمرأة الاولين والذي يعد بالقيامة لاولئك الذين يمارسون الايمان به وبابنه، يسوع المسيح. — يوحنا ٣:١٦؛ ٥:٢٨، ٢٩.
[الحاشية]
a من اجل تعليقات اضافية على ما يدعى القتل الرحيم، انظروا استيقظ! ٨ آذار ١٩٧٨، الصفحات ٤-٧ بالانكليزية، و ٨ ايار ١٩٧٤، الصفحتين ٢٧، ٢٨ بالانكليزية.
[الصورة في الصفحة ٨]
هل يؤيد موت شاول القتل الرحيم؟
-