-
المحافظة على كرامة المريضاستيقظ! ١٩٩٨ | ايلول (سبتمبر) ٢٢
-
-
المحافظة على كرامة المريض
قبل يومين من اخذ سالي زوجها ليعاينه طبيب اعصاب عُيِّن رئيس وزراء جديد في جنوب افريقيا. وعندما سأل طبيب الاعصاب ألفي عن نتيجة الانتخابات، بدا وجهه خاليا من التعابير ولم يستطع الاجابة. وبعد اجراء مسح دماغي اوضح طبيب الاعصاب دون ان يظهر اعتبارا لمشاعره: «هذا الرجل لا يقدر ان يجمع اثنين مع اثنين. فقد انطفأت شعلة ذهنه!». ومن ثم نصح سالي قائلا: «عليك اعالة نفسك ماديا. فهذا الرجل قد ينقلب عليك ويصبح عنيفا».
«غير ممكن ابدا!»، اجابت سالي، «ليس زوجي!». وقد تبرهن ان اعتراض سالي كان في محله، فألفي لم يصبح عنيفا قط، رغم ان بعض الذين يصابون بداء ألزهايمر يصيرون عدائيين. (غالبا ما يحدث ذلك بسبب مشاعر التثبُّط التي يمكن تخفيفها في بعض الحالات بحسب طريقة معاملة المصاب بداء ألزهايمر.) رغم ان طبيب الاعصاب نجح في تشخيص مشكلة ألفي، لم يكن على علم كما يبدو بالحاجة الى المحافظة على كرامة المريض. ولو كان على علم بذلك لشرح لسالي بلطف حالة ألفي على انفراد.
يذكر كتاب عندما اصبح هرما اكثر من ان احلم (بالانكليزية): «ان الحاجة الاساسية للمصابين بالخَرَف على انواعه، هي التمكن من المحافظة على كرامتهم، احترامهم، واعتبارهم للذات». ويشرح منشور ارشادي بعنوان الاتصال (بالانكليزية)، اصدار جمعية داء ألزهايمر في لندن، احدى اهم الطرائق للمحافظة على كرامة المريض: «لا تتكلموا ابدا امام الآخرين عن المرضى كما لو انهم غير موجودين. فحتى ان لم يفهموا، قد يشعرون انه يجري استثناؤهم بطريقة ما وينتابهم احساس بالاذلال».
في الواقع، ان بعض المصابين بداء ألزهايمر يفهمون ما يقوله الآخرون عنهم. على سبيل المثال، رافق مريض في أوستراليا زوجته الى اجتماع لجمعية ألزهايمر. وعلَّق لاحقا: «كانوا يعلِّمون المعتنين بنا ما يجب فعله وكيفية القيام بذلك. لم استطع تحمل فكرة وجودي هناك دون ان يتطرَّق احد الى ذكر المريض. . . . انه امر مزعج للغاية. فبسبب مرضي بداء ألزهايمر يكون كل ما اقوله خارجا عن الموضوع: لا احد يسمع لي».
كونوا ايجابيين
هنالك عدة طرائق ايجابية لمساعدة المرضى على المحافظة على كرامتهم. فقد يحتاجون الى المساعدة على القيام بالمهام اليومية التي كانت ذات مرة سهلة بالنسبة اليهم. مثلا، اذا كانوا سابقا هواة مراسلة، فربما يمكنكم ان تجلسوا وتساعدوهم على الرد على رسائل اصدقائهم المهتمين. وتزوِّد شارون فيش في كتابها ألزهايمر — الاعتناء بأحبائكم، الاعتناء بأنفسكم (بالانكليزية) طرائق عملية اخرى لمساعدة المصابين بداء ألزهايمر: «جدوا اعمالا سهلة ذات معنى ومنتجة للقيام بها معا: غسل وتجفيف الصحون، مسح الارض، طي الغسيل، اعداد الطعام». وتضيف قائلة: «قد لا يتمكن المصاب بداء ألزهايمر من تنظيف البيت كله او اعداد وجبة طعام كاملة، ولكن فقدان هذه المقدرات هو عادة تدريجي. فبإمكانكم الاعتماد على الامكانيات التي لا تزال موجودة والمساعدة على المحافظة عليها قدر المستطاع. واذ تفعلون ذلك تساعدون ايضا مَن تحبون ان يحافظ على اعتباره لنفسه».
قد لا تكون كل الاعمال التي يقوم بها المصابون بداء ألزهايمر على المستوى المطلوب، فقد تضطرون الى مسح الارض او غسل الصحون من جديد. ولكن بسماحكم للمريض ان يشعر بأنه نافع، تفسحون له المجال ان ينال الاكتفاء في الحياة. امدحوا المريض على عمله حتى ان لم يكن على المستوى المطلوب. وتذكروا انه قدَّم افضل ما عنده ضمن امكانياته المحدودة. يحتاج مرضى داء ألزهايمر الى الطمأنة والمدح بشكل مستمر — وبالاكثر فيما تقلّ مقدرتهم على القيام بنشاطاتهم جيدا. تذكر كاثي التي يعاني زوجها، البالغ من العمر ٨٤ سنة، من داء ألزهايمر قائلة: «يمكن في اية لحظة وبشكل لا يمكن توقعه ان تبتلعهم مشاعر عدم الجدارة. فعلى الذين يعتنون بالمريض ان يسرعوا الى طمأنته انه يقوم بالعمل بشكل جيد». ويوافق الكتاب نشاطات دون اخفاق للمصابين بداء ألزهايمر (بالانكليزية): «كلنا بحاجة الى سماع اننا نقوم بعملنا بشكل جيد، والمصابون بالخَرَف يحتاجون الى ذلك بشكل خصوصي».
كيفية معالجة الاوضاع المحرجة
يجب ان يتعلم الذين يزوِّدون العناية كيف يعالجون الاوضاع المحرجة التي يواجهها احباؤهم. وأكبر المخاوف هي السَّلَس علانية. يوضح الدكتور ڠيري بِنّيت في كتابه داء ألزهايمر وحالات التشويش الاخرى (بالانكليزية) قائلا: «ان هذه الاوضاع قلَّما تحدث ويمكن عادة تفاديها او التقليل منها. ويجب امتلاك نظرة واقعية الى الامور المهمة والاقل اهمية، فالامر الذي حدث لا يهم بحد ذاته ولا الاشخاص الحاضرون بقدر الحط من كرامة الفرد».
فإذا حدثت اوضاع محرجة كهذه لا تعنِّفوا المريض. وبدلا من ذلك حاولوا اتباع هذه النصيحة: «ابقوا هادئين وواقعيين وتذكروا ان الشخص لا يفعل ذلك عمدا. وعلاوة على ذلك، من المرجح ان يتعاونوا اكثر اذا كنتم لطفاء وثابتين عوض ان تغتاظوا وتكونوا قليلي الاحتمال. افعلوا كل ما في وسعكم كي لا تدعوا المشكلة تقف في طريق علاقتكم». — منشور ارشادي بعنوان السَّلَس (بالانكليزية)، اصدار جمعية داء ألزهايمر في لندن.
هل تصحيح الخطإ ضروري دائما؟
غالبا ما يقول المصابون بداء ألزهايمر اشياء غير صحيحة. مثلا، قد يقولون انهم ينتظرون زيارة قريب مات في الواقع منذ فترة طويلة، او قد يصابون بالهلوسة مشاهدين اشياء لا وجود لها الّا في عقلهم. فهل من الضروري دائما ان نصحح وجهة نظر المريض لأنه تفوَّه بأشياء غير دقيقة؟
يشرح روبرت ت. وودز في كتابه داء ألزهايمر — مواجهة حياة اشبه بالموت (بالانكليزية) قائلا: «هنالك والدون لا يكفّون عن التصحيح لأولادهم كلما اخطأوا في اللفظ او في قواعد اللغة. . . . وغالبا ما تكون النتيجة ولدا مستاء او منطويا على ذاته يجد ان جهوده للتعبير عن نفسه لا تكافَأ بل تُخنق. وقد يحدث الامر نفسه مع المصابين بداء ألزهايمر الذين يُصحح لهم ما يقولونه دائما». ينصح الكتاب المقدس في ما يتعلق بمعاملة الاولاد: «ايها الآباء لا تغيظوا اولادكم لئلا يفشلوا». (كولوسي ٣:٢١) وإذا كان الاولاد يغتاظون من التصحيح المستمر فكم بالحري الكبار! تحذر رسالة اخبارية في جنوب افريقيا صادرة عن جمعية ألزهايمر والأمراض ذات العلاقة: «تذكروا ان المريض هو راشد تمتع بالحرية والانجاز». والتصحيح الدائم قد لا يُغيظ ضحايا داء ألزهايمر فحسب بل يسبِّب لهم الكآبة وحتى يجعلهم عدائيين.
يمكننا تعلم درس مساعد من يسوع المسيح في تعاملاتنا مع الامكانيات المحدودة للمصاب بداء ألزهايمر. فيسوع لم يكن يصحح على الفور كل وجهة نظر خاطئة عند رسله. وفي الواقع، اخفى بعض الاحيان معلومات عنهم لأنهم لم يكونوا بعد في وضع يؤهلهم لاستيعابها. (يوحنا ١٦:١٢، ١٣) وإذا كان يسوع قد اخذ بعين الاعتبار الامكانيات المحدودة للبشر الاصحاء، فكم بالحري يجب علينا ان نكون مستعدين لنتكيَّف مع وجهات النظر الغريبة ولكن غير المؤذية لراشد مريض جدا! ان محاولة جعل المريض يرى حقيقة امر معين قد تكون اكثر مما يمكنه القيام به. وبدلا من حصول مشاجرة، لمَ لا تلزمون الصمت او تغيرون الموضوع بلباقة؟ — فيلبي ٤:٥.
وفي بعض الاوقات، نظهر محبة اكبر عندما نجاري هلوسة المريض بدلا من محاولة اقناعه انها ليست واقعا. مثلا، قد يضطرب المصاب بداء ألزهايمر بسبب «رؤيته» حيوانا غير اليف او تخيُّله وجود دخيل وراء الستار. فالآن ليس الوقت للتحليل المنطقي. وتذكروا ان ما «يراه» في ذهنه انما هو حقيقة بالنسبة اليه، ويجب تهدئة مخاوفه الحقيقية. فقد يلزم ان تتأكدوا انه لا يوجد شيء وراء الستار، ثم تقولون: «من فضلك اذا ‹رأيته› مرة اخرى اعلمني كي اتمكن من المساعدة». وتوضح الدكتورتان اوليڤر وبوك في كتابهما مواجهة داء ألزهايمر: دليل المعتنين بالمرضى لتخطّي المحنة العاطفية (بالانكليزية) انكم عندما تتصرفون بحسب وجهة نظر المريض، تمنحونه «امكانية السيطرة على التخيلات المخيفة والمرعبة التي يكوِّنها في ذهنه . . . وهو يعرف ان بإمكانه الاعتماد عليكم».
«في اشياء كثيرة نعثر جميعنا»
قد يكون تطبيق كل الاقتراحات السابقة صعبا، وخصوصا للذين يرزحون تحت وطأة العمل ومسؤوليات عائلية اخرى. وغالبا ما لا يتمالك المعتني المحبَط نفسه ويفشل في معاملة المصاب بداء ألزهايمر بكرامة. وعند حدوث ذلك من المهم ان لا تدعوا مشاعر الذنب تثقلكم. وتذكروا انه بسبب نوع المرض قد ينسى المريض الحادثة بسرعة.
ويذكر ايضا يعقوب، كاتب في الكتاب المقدس: «في اشياء كثيرة نعثر جميعنا. إن كان احد لا يعثر في الكلام فذاك رجل كامل». (يعقوب ٣:٢) وبما ان لا احد كامل، يمكن توقُّع الاخطاء في القيام بالدور الصعب للاعتناء بالمصابين بداء ألزهايمر. وستناقش المقالة التالية امورا اخرى تساعد المعتنين بمرضى داء ألزهايمر على مواجهة الوضع وإيجاد الفرح في ذلك.
-
-
المحافظة على كرامة المريضاستيقظ! ١٩٩٨ | ايلول (سبتمبر) ٢٢
-
-
هل يجب اخبار المريض؟
يتساءل العديد ممن يعتنون بمريض يحبونه هل يجب اخباره انه مصاب بداء ألزهايمر. اذا قررتم فعل ذلك، كيف ومتى عليكم القيام بذلك؟ تضمنت رسالة اخبارية في جنوب افريقيا صادرة عن جمعية ألزهايمر والأمراض ذات العلاقة هذه التعليقات المثيرة للاهتمام من احدى القارئات:
«زوجي مصاب بداء ألزهايمر منذ نحو سبع سنوات. عمره الآن ٨١ سنة، والحمد للّٰه ان تدهور صحته بطيء جدا . . . ولفترة طويلة من الوقت بدا لي من القساوة ان اخبره انه مصاب بداء ألزهايمر ولذلك كنا نستعمل عبارته التي يقولها ‹للتغطية›: ‹ماذا تنتظرون من عجوز عمره ٨٠ سنة!›».
ثم راجعت القارئة كتابا ينصح بإخبار المريض بطريقة لطيفة وبسيطة عن مرضه. ولكنها امتنعت عن اتباع النصيحة خوفا من ان تسحق زوجها.
«وذات يوم»، تابعت «عبَّر زوجي عن خوف من التصرف بحماقة امام الاصدقاء. وهذه كانت فرصتي! فركعت بجانبه (وأنا اتصبب عرقا) وقلت له انه مصاب بداء ألزهايمر. طبعا لم يفهم معنى ذلك، ولكني شرحت له ان المرض يُصعِّب عليه القيام بالأمور التي طالما وجدها سهلة، ويسبِّب ايضا النسيان. فأريته جملتين في كراسة ألزهايمر: لا يمكننا تجاهله بعد الآن: ‹ان داء ألزهايمر هو اضطراب في الدماغ يسبِّب فقدان الذاكرة وتلفا دماغيا خطيرا . . . فهو مرض وليس جزءا طبيعيا من التقدم في السن›. وأخبرته ايضا ان اصدقاءه على علم بمرضه وتفهَّموا الوضع. ففكر في الامر للحظات، ثم قال: ‹من المهم ان اعرف ذلك. انه مساعد حقا!›. يمكنكم ان تتصوروا شعوري عند رؤية الارتياح الكبير الذي بدا عليه لدى معرفة ذلك!
«وهكذا عندما يغتاظ الآن من امر ما، يمكنني ان اضمه بين ذراعيّ وأقول له ‹تذكَّر ان الذنب ليس ذنبك. انه داء ألزهايمر المريع الذي يعيق امورك›، فيهدأ بسرعة».
طبعا، تختلف كل حالة لداء ألزهايمر عن الاخرى، وكذلك العلاقة بين المرضى والذين يعتنون بهم. فإذا قررتم ان تخبروا مَن تحبون انه مصاب بداء ألزهايمر ام لا فذلك مسألة شخصية.
-
-
المحافظة على كرامة المريضاستيقظ! ١٩٩٨ | ايلول (سبتمبر) ٢٢
-
-
هل هو حقا داء ألزهايمر؟
عندما يعاني المتقدم في السن تشويشا حادا لا تستنتجوا بسرعة انه مريض بداء ألزهايمر. هنالك عدة اسباب تجعل الكبار في السن مشوَّشين ومنها: فاجعة الموت، الانتقال العاجل الى بيت جديد، او الخمج. وفي العديد من هذه الحالات لا يستمر هذا التشويش الحاد بشكل دائم.
وحتى بالنسبة الى مرضى داء ألزهايمر ليس من الضروري ان يكون التدهور المفاجئ في حالة الفرد، كبداية السَّلَس، بسبب خَرَف داء ألزهايمر. فداء ألزهايمر يتطوَّر ببطء. يذكر كتاب داء ألزهايمر وحالات التشويش الاخرى قائلا: «غالبا ما يشير التدهور المفاجئ الى نشوء حالة حادة (كالخمج الصدري او البولي). فقليلون من المصابين [بداء ألزهايمر] تتدهور حالتهم بشكل سريع . . . ولكن بالنسبة الى الاكثرية فالتدهور بطيء، وخصوصا عند الاعتناء جيدا بالفرد ومعالجة المشاكل الطبية الاخرى من بداياتها وبشكل فعَّال». وقد يكون السَّلَس في حالة المصاب بداء ألزهايمر نتيجة مشاكل صحية اخرى يمكن معالجتها. يشرح منشور ارشادي بعنوان السَّلَس، اصدار جمعية داء ألزهايمر في لندن، قائلا: «ان الخطوة الأولى هي دائما استشارة [الطبيب]».
-
-
ما يمكن ان يفعله المعتنون بالمريضاستيقظ! ١٩٩٨ | ايلول (سبتمبر) ٢٢
-
-
ما يمكن ان يفعله المعتنون بالمريض
«لطالما ادهشني كم يتفاوت [الناس] في قدرتهم على المواجهة»، تذكر مارڠريت، اختصاصية في الطب في أوستراليا، التي تعاملت مع المصابين بداء ألزهايمر ومع الذين يعتنون بهم لسنوات عديدة. وتضيف: «ان بعض العائلات تتخطى المشكلة رغم الاعباء الهائلة الملقاة على عاتقها؛ فيما تكون عائلات اخرى عاجزة تقريبا عن معالجة الوضع حالما يُظهر المريض اقل تغيير في شخصيته». — مقتبسة من كتاب عندما اصبح هرما اكثر من ان احلم (بالانكليزية).
وما سبب هذا الفرق؟ ان احد العوامل يمكن ان يكون نوعية العلاقة الموجودة قبل بداية المرض. فالعائلات التي تتمتع بالمحبة وبروابط وطيدة يسهل عليها مواجهة المرض. وعندما يُعنى جيدا بالمصابين بداء ألزهايمر، تكون مواجهة المرض اسهل.
بالرغم من تدهور المقدرة التفكيرية، غالبا ما يتجاوب المريض مع المحبة والحنان حتى مراحل المرض الاخيرة. ويذكر منشور ارشادي بعنوان الاتصال، اصدار جمعية داء ألزهايمر في لندن قائلا: «ليست الكلمات فقط الطريقة الوحيدة للاتصال». فالاتصال غير الشفهي الذي من الضروري ان يستخدمه المعتنون بالمريض يشمل تعابير وجه حبِّية وودِّية ونبرة صوت لطيفة. والاتصال البصري مهم ايضا وكذلك الكلام الواضح والهادئ واستعمال اسم المريض باستمرار.
وتقول كاثي المذكورة في المقالة السابقة: «ليس إبقاء الاتصال بمن تحبون ممكنا فحسب بل هو مهم ايضا. ان الاتصال الجسدي الودِّي والمتَّسم بالرقة، ونبرة الصوت اللطيفة، وفي الواقع حضوركم سيزوِّد الأمان والاطمئنان لمن تحبون». وتلخص جمعية داء ألزهايمر في لندن ذلك قائلة: «التعاطف يساعدكم على البقاء قريبين، وخصوصا عندما يتعذر الكلام اكثر فأكثر. فالامساك بيد المريض، الجلوس بجانب المريض ووضع ذراعكم حول كتفه، التكلم معه بصوت مهدِّئ، او المعانقة تدل انكم ما زلتم تهتمون».
حيث توجد علاقة جيدة بين المريض والمعتنين به يمكن دائما التمتع بضحكة من القلب حتى عند اقتراف الاخطاء. مثلا، يتذكر احد الازواج انه عندما رتبت زوجته المشوَّشة عقليا السرير وضعت خطأً الحِرام بين الشرشفين. وقد اكتشفا الخطأ عندما أويَا الى الفراش تلك الليلة. فقالت: «يا الهي! كم كنت غبيَّة». فضحكا معا من قلبيهما.
بسِّطوا الامور
يتصرف المريض بداء ألزهايمر بأفضل شكل وهو في محيطه المألوف. وهو بحاجة الى روتين يومي منتظم. ولهذا الغرض يكون مساعدا جدا الاستعانة بروزنامة كبيرة دُوِّنت عليها المواعيد اليومية بوضوح. يشرح الدكتور ڠيري بِنّت: «ان إبعاد المرء عن محيطه المألوف يمكن ان يؤدي الى عواقب وخيمة. فإبقاء الامور على حالها والاستمرارية في القيام بها هما عاملان مهمان جدا للشخص المشوَّش».
وفيما يتطوَّر المرض يصعب اكثر على المريض بداء ألزهايمر اتباع التعليمات. لذلك يجب ان تعطى التعليمات بطريقة بسيطة وواضحة. مثلا، قد يكون الطلب من المريض ارتداء ملابسه امرا معقدا جدا. فيلزم ان توضع الثياب بالترتيب بحيث يتمكن المريض من ارتدائها القطعة بعد الاخرى كما يجب.
الحاجة الى البقاء منشغلين
يضيع بعض مرضى داء ألزهايمر وهم يتمشون حول البيت. ان المشي هو تمرين جيد للمريض وقد يساعد على التخفيف من التوتر والأرق. ولكنَّ التجوُّل بعيدا عن البيت يمكن ان يكون خطِرا. يوضح كتاب ألزهايمر — الاعتناء بأحبائكم، الاعتناء بأنفسكم (بالانكليزية) قائلا: «اذا تاه حبيبكم بعيدا، فأنتم تواجهون حالة طارئة قد تتحول بسرعة الى مأساة. ان العبارة التي يجب تذكرها هي لا ترتعبوا . . . ان فرق البحث تحتاج الى اوصاف تعتمد عليها في البحث. ولذلك احتفظوا ببعض الصور الحديثة الملوَّنة في البيت».a
ومن ناحية اخرى، يصبح بعض المرضى خاملين، فكل ما يريدونه هو مجرد الجلوس طوال النهار. حاولوا ان تُشركوهم في شيء تتمتعون به معا. دعوهم يغنون، يصفرون او يعزفون على آلة موسيقية. ويتمتع البعض بالتصفيق، الاهتزاز، او الرقص على انغام موسيقاهم المفضلة. توضح الدكتورة كارميل شيريدان: «ان افضل النشاطات التي يقوم بها المصابون بداء ألزهايمر هي التي تتضمن الموسيقى. وغالبا ما تذكر العائلات ان اقرباءهم يتمتعون بالاغاني والألحان القديمة والمألوفة، حتى بعد نسيان معظم [الاشياء] الاخرى بوقت طويل».
«اردت فعل ذلك»
كانت احدى النساء من جنوب افريقيا تقضي بفرح كل يوم في دار العجزة مع زوجها المصاب بداء ألزهايمر الذي كان في المراحل الاخيرة. ولكن انتقد افراد عائلتها الحسنو النية عليها فعلها ذلك. فربما بدا لهم انها تضيِّع الوقت، وذلك لأن زوجها لم يكن قادرا على تمييزها او التفوه بكلمة. ولكنها اوضحت بعد مماته: «رغم ذلك، اردت الجلوس معه. فالممرضات كن منشغلات جدا ولذلك عندما كان يوسخ ثيابه كنت انظفه وأغيِّر ملابسه. وكنت اقوم بذلك وأنا فرحة — اردت فعل ذلك. وذات مرة تأذَّت قدمه فيما كنت اجرُّه على الكرسي ذي الدواليب. فسألته ‹هل تؤلمك قدمك؟›، فأجاب ‹طبعا!›. عندئذ عرفت انه ما زال يشعر وما زال قادرا على النطق».
وتمكَّن المعتنون بالمريض من مواجهة المشكلة حتى في الحالات التي انعدمت فيها العلاقات العائلية الجيدة قبل الاصابة بداء ألزهايمر.b فمعرفتهم انهم يفعلون ما هو صائب وما يرضي اللّٰه تجلب لهم الاكتفاء العميق. يقول الكتاب المقدس انه على الانسان ان ‹يحترم وجه الشيخ›، وأن ‹لا يحتقر امه اذا شاخت›. (لاويين ١٩:٣٢؛ امثال ٢٣:٢٢) وعلاوة على ذلك، يؤمَر المسيحيون: «إن كانت ارملة لها اولاد او حفدة فليتعلموا اولا ان يوقروا اهل بيتهم ويوفوا والديهم المكافأة. لأن هذا صالح ومقبول امام اللّٰه. وإن كان احد لا يعتني بخاصته ولا سيما اهل بيته فقد انكر الايمان وهو شر من غير المؤمن». — ١ تيموثاوس ٥:٤، ٨.
بمساعدة اللّٰه تمكن العديد من المعتنين بالمرضى ان يقوموا بعمل جدير بالمدح في اعتنائهم بأقربائهم، بمن فيهم المصابون بداء ألزهايمر.
[الحاشيتان]
a لقد وجد بعض المعتنين بالمرضى انه من المساعد ان يزوِّدوا المريض بشيء يعرِّف به، ربما سوار او قلادة.
b من اجل معلومات اضافية حول الاعتناء بالمرضى وكيف يمكن للآخرين ان يساعدوا، من فضلكم راجعوا السلسلة: «الاعتناء بالمرضى — مواجهة التحدّي»، في عدد ٨ شباط (فبراير) ١٩٩٧ من استيقظ!، الصفحات ٣-١٣.
[الاطار في الصفحة ١١]
كيف يساعد الزائرون
بسبب تدهور المقدرة التفكيرية عند المصابين بداء ألزهايمر غالبا ما يفشلون في مناقشة المستجدات العالمية بعمق. ولكنَّ الامر يختلف عند الكلام عن الماضي. فالذاكرة الطويلة الامد تظل حية نسبيا، وخصوصا في المراحل الاولى من المرض. ويتمتع العديد من المصابين بداء ألزهايمر باستعادة ذكريات ماضيهم. لذلك لِمَ لا تطلبون منهم سرد بعض الحوادث المفضلة عندهم حتى وإن كنتم قد سمعتموها مرارا كثيرة. وهكذا تُسعدون المريض. وفي الوقت نفسه تمنحون من يعتني بالمريض فرصة للراحة هو بأمسّ الحاجة اليها. وفي الواقع ان عرض المساعدة لفترة من الوقت، ربما يوم بكامله، ينعش كثيرا مانح العناية الدائم.
[الاطار في الصفحة ١١]
المعالجة الطبية وداء ألزهايمر
رغم وجود نحو ٢٠٠ علاج ممكن لداء ألزهايمر قيد الاختبار، لا يوجد حتى الآن علاج واحد شافٍ. ويُذكر ان بعض العقاقير تخفِّف فقدان الذاكرة لفترة من الوقت في المراحل الاولى من المرض او قد تُبطئ تطوّر المرض عند بعض المرضى. ولكن يجب الانتباه، اذ ان هذه العقاقير ليست فعَّالة في كل المرضى، حتى ان بعضها يمكن ان يكون خطِرا. وهنالك علاجات طبية تُستعمل في معالجة الحالات التي ترافق داء ألزهايمر، مثل الكآبة والقلق والأرق. وبعد استشارة الطبيب يمكن لكل عائلة ان تزِن حسنات وسيئات علاج معيَّن قبل ان تتَّخذ قرارها.
[الاطار في الصفحة ١٢]
مواجهة السَّلَس
ومع ظهور مشكلة السَّلَس قد «يبدو انه طفح الكيل»، كما يذكر منشور ارشادي بعنوان السَّلَس، ولكن «هنالك امور يمكن القيام بها لتخفيف المشكلة او لجعلها اقل اجهادا». وتذكروا ان مشكلة السَّلَس عند المريض قد لا تدوم؛ فربما تاه او تأخر في الوصول الى الحمام. وعلاوة على ذلك، ربما يعاني المريض حالة قابلة للعلاج تسبب السَّلَس الوقتي؛ لذلك عليكم استشارة طبيب.
وتسهل معالجة مشكلة السَّلَس مهما كان سببها اذا ارتدى المريض ثيابا خارجية سهلة اللبس والخلع وكذلك السراويل المعدة بشكل خصوصي. ومن المساعد ايضا وضع اشياء تحمي الاسرَّة والكراسي. لا تدعوا الپلاستيك يحتك بجلد المريض مسببا تهيجا في الجلد وتقرُّحا. اغسلوا المريض جيدا بمياه دافئة مع صابون وجفِّفوه كاملا قبل ان تلبسوه. ازيلوا الاشياء التي قد تعيق المريض عن الوصول بسرعة وأمان الى الحمام. وقد يكون مساعدا ابقاء ضوء خافت كي يتمكن من رؤية طريقه. وما يسهِّل وصوله الى الحمام هو وضع درابزين ملائم يتمسك به، وذلك لأن المريض قد يفقد التوازن في هذه المرحلة.
وتقترح جمعية داء ألزهايمر في لندن انه «اذا تمكنتم من ادخال الفكاهة فذلك قد يزيل التوتر». فكيف يتمكن المعتنون بالمريض من مواجهة كل هذه التحديات؟ تجيب احدى المعتنيات بمريض قائلة: «الصبر، النعومة، اللطف، والمجاملة التي تمكِّن المريض من المحافظة على كرامته في كل الاوقات، دون الخوف من الاحراج او الخجل».
[الاطار في الصفحة ١٣]
هل يجب نقل المريض؟
من المحزن انه قد يلزم نقل المريض بداء ألزهايمر من بيته الى بيت احد اقاربه او الى دار العجزة وذلك بسبب حالته المتدهورة. ولكن قبل اتخاذ القرار بنقل المريض من محيطه المألوف، يجب التأمل في بعض العوامل المهمة.
يمكن ان يسبب انتقال المريض تيهانا شديدا. يعطي الدكتور ڠيري بِنّيت مثالا يتعلق بمريضة اعتادت ان تتمشى في جوار بيتها وكانت تتوه بعض الاحيان. ومع ذلك، تمكنت من العيش وحدها. ولكن قررت عائلتها انه يجب نقلها الى شقة بالقرب منهم كي تظل تحت مراقبتهم.
«وللأسف»، يذكر الدكتور بِنّيت، «لم تعتبر المكان الجديد منزلها. . . . ولم تعتد على المكان، وبالتالي اصبحت تعتمد اكثر على الآخرين لأنها لم تستطع ان تدبر امورها في محيطها الجديد. فالمطبخ لم يكن مألوفا، ولم تستطع تذكُّر الطريق الجديدة الى الحمام وأصابها السَّلَس. فحدثت مأساة رغم الدوافع الجيدة، وأخيرا كان دار العجزة هو الحل». — داء ألزهايمر وحالات التشويش الاخرى (بالانكليزية).
ولكن ماذا لو كان دار العناية هو الحل الوحيد؟ انه حقا قرار صعب. وفي الواقع يوصف بأنه «احد [القرارات] الاكثر توليدا لمشاعر الذنب»، التي تواجه المعتنين بمريض، وغالبا ما تجعلهم يشعرون بأنهم فشلوا في مهمتهم وأنهم تخلّوا عمَّن يحبون.
تقول ممرضة تتمتع بخبرة واسعة في معالجة مرضى داء ألزهايمر: «إنه شعور طبيعي بالذنب ولكن غير ضروري». ولماذا؟ تضيف: «لأن الاهتمام بالمريض وسلامته هما الاهم». وتوافقها الرأي الدكتورتان اوليڤر وبوك: «اصعب قرار يمكن اتخاذه على الارجح هو ان تقتنعوا بأن قواكم العاطفية قد استنفدت وأن المرض اصبح في مراحل متقدمة بحيث قد يتعذَّر عليكم القيام بالعناية البيتية». ولكن بعد ان يأخذ المعتنون بالمريض بعين الاعتبار كل العوامل في الحالة التي يواجهونها، قد يتوصل بعضهم الى الاستنتاج ان «العناية البيتية هي . . . لمصلحة المريض الفضلى». — مواجهة داء ألزهايمر: دليل المعتنين بالمرضى لتخطّي المحنة العاطفية (بالانكليزية).
-