مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • الصراع القديم مع المرض
    استيقظ!‏ ٢٠٠٤ | ايار (‏مايو)‏ ٢٢
    • الصراع القديم مع المرض

      كانت جوان،‏ التي تعيش في نيويورك،‏ مصابة بالسل.‏ ولم يكن مرضها من النوع الشائع،‏ بل هو سلّ تعرَّض لتغيُّرات في بنيته الوراثية بحيث صار يقاوم معظم العقاقير ويقتل نصف ضحاياه.‏ لم تكن جوان منتظمة في تلقي العلاج،‏ وبسببها انتقل السل الى اناس آخرين.‏ لذا قالت طبيبتها بغضب:‏ ‹يجب ان يُحجز عليها›.‏

      السل مرض مميت قديم جدا.‏ وملايين الاشخاص اصيبوا به وماتوا منه.‏ وقد عُثر على آثار المرض في مومياءات قديمة في مصر وپيرو.‏ واليوم،‏ تَظهر من جديد انواع من بكتيريا السل تتسبب بموت نحو مليونَي شخص كل سنة.‏

      كان كارليتوس،‏ الذي يعيش في افريقيا،‏ مستلقيا على سرير صغير في كوخ وقطرات العرق تغطي جبينه.‏ لقد أضعفت الملاريا جسمه حتى انه لم يعد يقوى على البكاء.‏ لم يكن والداه القلقان يملكان المال لشراء الدواء؛‏ ولم تكن هنالك عيادة قريبة يأخذان صغيرهما اليها ليلقى الرعاية الطبية المناسبة.‏ فاستمرت الحمى تشتد دون ان تخمد،‏ ومات في غضون ٤٨ ساعة.‏

      تقتل الملاريا كل سنة نحو مليون ولد مثل كارليتوس.‏ وفي قرى افريقيا الشرقية،‏ يلسع البعوض الحامل للملاريا اولادا كثيرين بين ٥٠ و ٨٠ مرة في الشهر.‏ وبدأ البعوض ينتشر الى مناطق جديدة،‏ ولم تعد العقاقير المضادة للملاريا فعالة مثلما كانت قبلا.‏ وفي كل سنة،‏ يصاب ما يقدَّر بـ‍ ٣٠٠ مليون شخص بالملاريا الحادة.‏

      قصد كينيث (‏٣٠ سنة)‏،‏ الذي يعيش في مدينة سان فرانسيسكو بولاية كاليفورنيا،‏ طبيبه سنة ١٩٨٠ وهو يتشكى من اسهال وتعب شديد.‏ ولم تمضِ سنة حتى مات.‏ فعلى الرغم من تلقّيه الرعاية الطبية على يد اختصاصيين،‏ هزل جسمه كثيرا وفي النهاية مات من ذات الرئة.‏

      بعد سنتين،‏ وعلى مسافة ٠٠٠‏,١٦ كيلومتر من سان فرانسيسكو،‏ بدأت شابة في شمالي تنزانيا تعاني اعراضا مماثلة.‏ وبعد اسابيع قليلة لم تعد تقوى على السير،‏ وما لبثت ان ماتت.‏ فأطلق القرويون على المرض الغريب اسم «مرض جوليانا» لأنه يبدو ان العدوى انتقلت اليها وإلى قرويات اخريات من رجل كان يبيع قماشا عليه الاسم «جوليانا».‏

      كان كينيث والمرأة التنزانية كلاهما يحملان نفس المرض:‏ الأيدز.‏ وقد ظهر هذا المرض المُعدي الجديد ليقضّ مضجع البشرية في مطلع ثمانينات القرن الماضي،‏ حين بدا ان الطب نجح في السيطرة على اخطر الميكروبات.‏ وفي غضون عشرين سنة اصبح عدد الوفيات الناجمة عن الأيدز يناهز عدد الوفيات التي تَسبَّب بها وباء اجتاح اوروپا وآسيا في القرن الرابع عشر،‏ وباء لن تنساه اوروپا ابدا.‏

      الطاعون الاسود

      بدأ تفشّي الوباء المسمى «الطاعون الاسود» سنة ١٣٤٧،‏ عندما قدمت سفينة من شبه جزيرة القرم ورست عند ساحل مدينة مَسِّينا في جزيرة صقلية.‏ بالاضافة الى حمولتها العادية،‏ حملت السفينة معها مرض الطاعون.‏a وسرعان ما انتشر الطاعون في ارجاء ايطاليا.‏

      في السنة التالية وصف أنيولو دي تورا،‏ من مدينة سيينا الايطالية،‏ الاهوال الحاصلة في مسقط رأسه:‏ ‹بدأ الموت يحصد الضحايا في سيينا في شهر ايار (‏مايو)‏.‏ كان المرض فتاكا وفظيعا.‏ فقد كان يقضي على الضحايا في وقت قصير جدا،‏ والمئات يموتون على مدار الساعة›.‏ وأضاف:‏ ‹دفنتُ اولادي الخمسة بيديَّ،‏ شأني في ذلك شأن كثيرين ايضا.‏ لم يبكِ احد على فقيده أيًّا كان،‏ لأن الجميع تقريبا توقعوا ان يموتوا.‏ ومن كثرة ما مات اناس ظن الجميع انها نهاية العالم›.‏

      يقول بعض المؤرخين انه في غضون اربع سنوات،‏ انتشر الطاعون في ارجاء اوروپا وأهلك ثلث السكان،‏ اي ما يتراوح بين ٢٠ و ٣٠ مليون نسمة.‏ حتى جزيرة ايسلندا البعيدة لم تنجُ منه،‏ اذ قضى المرض على عدد كبير من سكانها.‏ أما بالنسبة الى الشرق الاقصى،‏ فقد انخفض عدد سكان الصين من ١٢٣ مليونا في مستهل القرن الثالث عشر الى ٦٥ مليونا خلال القرن الرابع عشر،‏ والسبب كما يَظهر هو الطاعون والمجاعة التي رافقته.‏

      لم يسبق ان ادى وباء او حرب او مجاعة الى موت الناس على هذا النطاق الواسع.‏ ذكر كتاب الانسان والميكروبات (‏بالانكليزية)‏:‏ «لم يسبق ان شهد التاريخ البشري مثيلا لهذه الكارثة.‏ فقد مات ما يتراوح بين ربع ونصف سكان اوروپا وإفريقيا الشمالية وبعض انحاء آسيا».‏

      لقد نجت القارة الاميركية من اهوال الطاعون،‏ وذلك بفضل انعزالها عن بقية العالم.‏ ولكن سرعان ما انتهت عزلتها بفضل السفن التي تجوب المحيطات.‏ وفي القرن السادس عشر،‏ اجتاح العالَمَ الجديد وباء اخطر من الطاعون نفسه.‏

      الجدري يجتاح الاميركتين

      عندما وصل كولومبس الى جزر الهند الغربية سنة ١٤٩٢،‏ وصف السكانَ الاصليين بأنهم ‹ذوو مظهر حسن وملامح جميلة،‏ وطولهم متوسط وعضلاتهم مفتولة›.‏ ولكن رغم الصحة الجيدة البادية عليهم،‏ لم تكن عندهم مناعة ضد امراض العالَم القديم.‏

      ففي سنة ١٥١٨ تفشى الجدري في جزيرة هِسپانيولا.‏ وبما ان الاميركيين الاصليين لم يتعرضوا قبلا لهذا المرض،‏ كان وقع الكارثة كبيرا عليهم.‏ فقد قدَّر احد شهود العيان انه لم ينجُ في الجزيرة سوى ألف شخص.‏ وسرعان ما انتشر الوباء الى المكسيك وپيرو،‏ مخلّفا وراءه هناك ايضا ضحايا كثيرين.‏

      وعندما وصل المهاجرون الانكليز في القرن التالي الى منطقة ماساتشوستس في اميركا الشمالية،‏ وجدوا ان الجدري اخلى الارض من سكانها تقريبا.‏ كتب زعيم المهاجرين جون وينثروپ:‏ «لقد اوشك الجدري ان يبيد السكان الاصليين».‏

      وتبعت الجدري اوبئة اخرى.‏ فقد ذكر احد المراجع انه بعد قرن من وصول كولومبس،‏ قضت الامراض التي حملها الاجانب معهم على ٩٠ في المئة من سكان العالَم الجديد.‏ وتقلّص عدد سكان المكسيك من ٣٠ مليونا الى ٣ ملايين،‏ وعدد سكان پيرو من ٨ ملايين الى مليون واحد.‏ طبعا،‏ لم يكن الاميركيون الاصليون وحدهم مَن قضوا بسبب الجدري.‏ فبحسب كتاب بلوى الجدري وخطره:‏ ماضيا ومستقبلا (‏بالانكليزية)‏،‏ «اودى الجدري على مر التاريخ البشري بحياة مئات ملايين الاشخاص،‏ وقد تجاوز عدد ضحاياه قتلى الطاعون .‏ .‏ .‏ وكل حروب القرن العشرين مجتمعةً».‏

      الحرب لم تُربح بعد

      لا احد اليوم يعتبر الطاعون والجدري وباءَين فظيعَين يفتكان بالبشرية.‏ فخلال القرن العشرين،‏ كسب الانسان معارك كثيرة ضد الامراض المُعدية،‏ وخصوصا في البلدان الصناعية.‏ فقد اكتشف الاطباء اسباب معظم هذه الامراض،‏ كما وجدوا وسائل لمكافحتها.‏ (‏انظر الاطار في الاسفل.‏)‏ وبدت اللقاحات والمضادات الحيوية كأدوية سحرية قادرة على القضاء حتى على الامراض المستعصية جدا.‏

      لكنَّ الدكتور ريتشارد كراوزي،‏ المدير السابق للمعهد القومي للأرجية والامراض المعدية في الولايات المتحدة،‏ يعتبر الاوبئة امرا لا مفر منه.‏ فالسل والملاريا لم يُستأصلا حتى الآن.‏ وليس انتشار وباء الأيدز الحديث سوى دليل محزن على ان الاوبئة لا تزال تهدد سكان المعمورة حتى يومنا هذا.‏ ذكر كتاب الانسان والميكروبات:‏ «لا تزال الامراض المُعدية السبب الرئيسي للوفيات في العالم،‏ وستبقى كذلك زمنا طويلا بعد».‏

      وعلى الرغم من التقدم الكبير في مكافحة الامراض،‏ يخشى بعض الاطباء ان تكون الانتصارات التي حُقِّقت في العقود القليلة الماضية وقتية فقط.‏ فقد حذّر طبيب الامراض الوبائية روبرت شوپ:‏ «لم يتلاشَ خطر الامراض المُعدية،‏ بل انه يزداد».‏ وستوضح المقالة التالية السبب.‏

      ‏[الحاشية]‏

      a اتخذ الطاعون اشكالا مختلفة،‏ منها الطاعون الدبلي والطاعون الرئوي.‏ وقد انتشر الطاعون الدبلي بواسطة البراغيث التي تحملها الجرذان،‏ أما الطاعون الرئوي فانتشر بواسطة رذاذ عطاس او سعال المصابين به.‏

      ‏[النبذة في الصفحة ٥]‏

      في غضون عشرين سنة اصبح عدد الوفيات الناجمة عن الأيدز يناهز عدد الوفيات التي تَسبَّب بها الوباء الذي اجتاح اوروپا وآسيا في القرن الرابع عشر

      الاطار/‏الصور في الصفحة ٦]‏

      المعرفة في وجه الخرافة

      في القرن الرابع عشر،‏ حين هدَّد الطاعون الاسود منزل البابا في آڤينيون،‏ قال له طبيبه ان السبب الاساسي للوباء هو اقتران ثلاثة كواكب (‏زحل والمشتري والمريخ)‏ في برج الدلو.‏

      وبعد اربعة قرون تقريبا،‏ اوى جورج واشنطن الى فراشه وهو يشكو من التهاب في حلقه.‏ فعالجه ثلاثة اطباء بارزين عن طريق سحب لترَي دم تقريبا من اوردته.‏ لكنَّ المريض مات في غضون ساعات قليلة.‏ لقد بقي سحب الدم من وريد المريض (‏عملية تسمى «الفصد»)‏ عادة طبية متبعة طوال ٥٠٠‏,٢ سنة،‏ من زمن أبقراط حتى منتصف القرن التاسع عشر.‏

      على الرغم من الخرافات والعادات التي اخَّرت تقدُّم الطب،‏ بذل اطباء متفانون كل ما في وسعهم لاكتشاف مسبِّبات الامراض المُعدية وعلاجات لها.‏ وإليك ادناه بعضا من انجازاتهم الباهرة.‏

      ▪ الجدري.‏ في سنة ١٧٩٨،‏ نجح ادوارد جَنَر في تطوير لقاح للجدري.‏ وقد أثبتت اللقاحات خلال القرن العشرين فعاليتها في مكافحة امراض اخرى كشلل الاطفال والحمى الصفراء والحصبة والحُمَيراء (‏الحصبة الالمانية)‏.‏

      ▪ السل.‏ في سنة ١٨٨٢،‏ اكتشف روبرت كوخ بكتيريا السل وطوَّر فحصا يكشف هذا المرض.‏ وبعد نحو ٦٠ سنة اكتُشف السترپتومِيسين streptomycin،‏ وهو مضاد حيوي فعال لمعالجة السل.‏ كما تبيّنت فعالية هذا العقّار في معالجة الطاعون الدبلي.‏

      ▪ الملاريا.‏ ابتُدئ من القرن السابع عشر استعمال مادة الكينين (‏المأخوذة من لحاء شجرة الكينا)‏ لإنقاذ حياة ملايين المصابين بالملاريا.‏ وفي سنة ١٨٩٧،‏ اظهر رونالد روس ان بعوض الاجمية هو الذي يحمل المرض.‏ فاتُّخذت لاحقا اجراءات للقضاء على هذا البعوض بهدف خفض الوفيات في البلدان المدارية.‏

      ‏[الصور]‏

      دائرة البروج (‏في الاعلى)‏ وعملية الفصد

      ‏[مصدر الصورة]‏

      ‏”Both: Biblioteca Histórica “Marqués de Valdecilla

      ‏[الصورتان في الصفحة ٣]‏

      اليوم،‏ تَظهر من جديد انواع من بكتيريا السل تتسبب بموت نحو مليوني شخص كل سنة

      ‏[مصدر الصورة]‏

      X ray: New Jersey Medical School–National Tuberculosis Center; man: Photo: WHO/Thierry Falise

      ‏[‏الصورة في الصفحة ٤]‏

      نقش الماني يعود تاريخه الى سنة ١٥٠٠ تقريبا،‏ ويُرى فيه طبيب يضع قناعا ليحمي نفسه من الطاعون الاسود.‏ ويحتوي المنقار على عطر

      ‏[مصدر الصورة]‏

      Godo-Foto

      ‏[الصورة في الصفحة ٤]‏

      البكتيريا التي سببت الطاعون الدبلي

      ‏[مصدر الصورة]‏

      Gary Gaugler/Visuals Unlimited ©

  • الانتصارات والهزائم في الحرب ضد المرض
    استيقظ!‏ ٢٠٠٤ | ايار (‏مايو)‏ ٢٢
    • الانتصارات والهزائم في الحرب ضد المرض

      في ٥ آب (‏اغسطس)‏ ١٩٤٢،‏ علم الدكتور ألكسندر فليمينڠ ان احد مرضاه،‏ وهو صديق له،‏ يُحتضر.‏ فقد كان المريض،‏ البالغ من العمر ٥٢ سنة،‏ مصابا بالتهاب السَّحايا النخاعية.‏ ورغم كل الجهود التي بذلها فليمينڠ،‏ دخل صديقه في الغيبوبة.‏

      قبل ذلك بـ‍ ١٥ سنة،‏ اكتشف فليمينڠ بالصدفة مادة مميزة انتجها عفن اخضر ضارب الى الزرقة،‏ فأطلق عليها اسم «بنسلين».‏ لقد لاحظ ان لهذه المادة القدرة على قتل البكتيريا،‏ ولكنه لم يتمكن من استخلاص بنسلين نقيّ،‏ كما ان تجاربه لهذه المادة اقتصرت على فعاليتها كمطهّر.‏ لكنَّ هاوارد فلوري وفريق ابحاثه في جامعة أوكسفورد قرروا في سنة ١٩٣٨ انتاج كمية من هذا العقّار تكفي لإجراء التجارب على البشر.‏ فاتصل فليمينڠ بفلوري،‏ وعرض فلوري ان يرسل اليه كل كمية البنسلين المتوفرة لديه.‏ وهكذا سنحت لفليمينڠ فرصة اخيرة لينقذ صديقه.‏

      حقن فليمينڠ البنسلين في عضل صديقه،‏ فلم تظهر اية نتيجة،‏ لذا حقن الدواء في عمود صديقه الفقري مباشرةً.‏ ونجح البنسلين في القضاء على الميكروبات،‏ وبعد اسبوع تقريبا،‏ غادر مريض فليمينڠ المستشفى بتمام الصحة.‏ وهكذا ابتدأ عصر المضادات الحيوية،‏ وتحقق انتصار جديد للانسان في حربه ضد المرض.‏

      عصر المضادات الحيوية

      عندما ظهرت المضادات الحيوية،‏ بدا للناس انها تحقِّق العجائب.‏ فقد صار بالامكان معالجة الامراض التي تسببها البكتيريا او الفطريات او الكائنات المجهرية الاخرى.‏ وبفضل العقاقير الجديدة،‏ انخفضت بشدة الوفيات من التهاب السَّحايا وذات الرئة والحمى القرمزية.‏ وصار ممكنا في ايام قليلة معالجة الامراض التي يصاب بها المرء خلال إقامته في المستشفى،‏ بعدما كانت تودي بحياته.‏

      بعد زمن فليمينڠ،‏ قام الباحثون بتطوير عشرات المضادات الحيوية الاخرى،‏ ولا يزال البحث عن مضادات حيوية جديدة مستمرا.‏ وخلال السنوات الـ‍ ٦٠ الماضية،‏ صارت المضادات الحيوية سلاحا لا غنى عنه لمحاربة الامراض.‏ ولو كان جورج واشنطن حيًّا اليوم،‏ لَاستخدم الاطباء دون شك مضادا حيويا لمعالجة التهاب حلقه،‏ ولربما شُفي في غضون اسبوع تقريبا.‏ لقد ساهمت المضادات الحيوية في حمايتنا من الامراض الواحد تلو الآخر.‏ ولكن تبيَّن ان للمضادات الحيوية بعض السلبيات.‏

      فالعلاج بالمضادات الحيوية لا ينفع في حالة الامراض التي تسبّبها الڤيروسات،‏ مثل الأيدز والانفلونزا.‏ كما ان البعض لديهم حساسية لمضادات حيوية معينة.‏ وهناك مضادات حيوية واسعة الفعالية يمكن ان تقتل الكائنات المجهرية المفيدة في اجسامنا.‏ ولعل اكبر مشكلة مع المضادات الحيوية هي استعمالها اكثر من اللازم او اقل من اللازم.‏

      تُستعمل المضادات الحيوية اقل من اللازم حين لا يكمل المرضى العلاج الموصوف،‏ ربما لأنهم يشعرون بالتحسن او لأن فترة العلاج طويلة جدا.‏ وهكذا قد لا يقتل المضاد الحيوي كل البكتيريا المهاجِمة،‏ مما يتيح للسلالات المقاوِمة ان تتكاثر.‏ وهذا ما حدث مرارا عند معالجة السل.‏

      وكان الاطباء والمزارعون على السواء مسؤولين عن استعمال هذه الادوية الجديدة اكثر من اللازم.‏ يوضح كتاب الانسان والميكروبات:‏ «غالبا ما توصف المضادات الحيوية دون لزوم في الولايات المتحدة،‏ ويكثر استعمالها دون تمييز في بلدان اخرى كثيرة.‏ فالمواشي تُطعَم كميات كبيرة منها،‏ لا لمعالجة الامراض بل لتسريع نموها.‏ وهذا من الاسباب الرئيسية لازدياد مقاومة الميكروبات».‏ والنتيجة،‏ كما يحذّر الكتاب،‏ هي «ان المضادات الحيوية الجديدة التي لدينا قد تصير عديمة النفع».‏

      ولكن بصرف النظر عن هذه المخاوف من مقاومة المضادات الحيوية،‏ يمكن القول ان النصف الثاني للقرن العشرين شهد عدة انتصارات طبية.‏ فقد بدا ان الابحاث الطبية قادرة على ايجاد الدواء لكل مرض تقريبا.‏ واللقاحات عززت ايضا الامل بمكافحة الامراض.‏

      الطب يحرز انتصارات

      ورد في تقرير الصحة العالمية لسنة ١٩٩٩ (‏بالانكليزية)‏:‏ «التمنيع (‏التحصين)‏ هو اكبر النجاحات التي تحققت في مجال الصحة العامة على مر التاريخ».‏ فقد أُنقذت حياة ملايين الاشخاص بفضل حملات التلقيح الواسعة في كل انحاء العالم.‏ وقد نجح برنامج تمنيع عالمي في القضاء على الجدري،‏ ذاك المرض المميت الذي اودى بحياة اشخاص يزيد عددهم على عدد ضحايا حروب القرن العشرين مجتمعةً؛‏ وتوشك حملة مماثلة ان تقضي على شلل الاطفال.‏ (‏انظر الاطار «الانتصار على الجدري وشلل الاطفال».‏)‏ ويلقَّح حاليا اولاد كثيرون لحمايتهم من امراض شائعة تهدّد حياتهم.‏

      كما انخفض انتشار امراض اخرى دون اتخاذ اجراءات شاملة مماثلة.‏ فالامراض المنقولة بالماء،‏ كالكوليرا،‏ نادرا ما تتفشى حيث تتوفر المياه النقية وتدابير حفظ الصحة العامة.‏ وبما انه تسهل في بلدان كثيرة الاستفادة من خدمات الاطباء والمستشفيات،‏ فهذا يعني انه يمكن تشخيص معظم الامراض ومعالجتها قبل ان تتسبب بموت المريض.‏ كما ان تحسين النظام الغذائي والظروف المعيشية،‏ بالاضافة الى فرض قوانين بشأن معالجة الاطعمة وخزنها،‏ ساهم في تعزيز الصحة العامة.‏

      وبعدما اكتشف العلماء اسباب الامراض المُعدية،‏ صار بإمكان السلطات الصحية اتخاذ خطوات عملية لوقف انتشار الوباء على الفور.‏ وإليك هذا المثل.‏ في سنة ١٩٠٧ تفشى الطاعون الدبلي في سان فرانسيسكو،‏ لكنَّ اناسا قليلين ماتوا منه لأن المدينة اطلقت على الفور حملة لإبادة الجرذان التي تحمل البراغيث الناقلة للمرض.‏ أما في سنة ١٨٩٦،‏ فقد ابتدأ تفشّي نفس المرض في الهند،‏ ومات عشرة ملايين شخص في السنوات الـ‍ ١٢ التالية لأن السبب الرئيسي لم يكن قد اكتُشف بعد.‏

      هزائم في محاربة المرض

      من الواضح ان الطب ربح معارك كبيرة.‏ لكنَّ بعض هذه الانتصارات على الامراض المنتشرة اقتصر على بلدان العالم الغنية.‏ فالامراض التي يمكن معالجتها لا تزال تقتل ملايين الاشخاص،‏ والسبب هو النقص في التمويل لا اكثر.‏ وفي البلدان النامية،‏ لا يزال كثيرون يفتقرون الى تدابير حفظ الصحة العامة والرعاية الطبية والمياه النقية.‏ وما يزيد من صعوبة تأمين هذه الحاجات الاساسية في البلدان النامية هو كثرة النزوح من الريف الى المدن الكبرى.‏ وبسبب عوامل كهذه،‏ يتحمل فقراء العالم ما تدعوه منظمة الصحة العالمية «قسطا لا تكافؤ فيه من عبء المرض» مقارنة بغيرهم.‏

      والانانية التي تعمي البصيرة هي السبب الرئيسي لهذا التفاوت.‏ ذكر كتاب الانسان والميكروبات:‏ «هناك مَن يرون ان بعض اسوإ الامراض القاتلة في العالم بعيدة عن بلادهم.‏ .‏ .‏ .‏ فبعضها يكاد ينحصر في المناطق المدارية وشبه المدارية الفقيرة».‏ وبما ان الدول المتطورة الغنية وشركات الادوية لا تستفيد مباشرة،‏ فهي تتردد في تخصيص الاموال لمعالجة هذه الامراض.‏

      كما ان تصرفات البشر غير المسؤولة تساهم في انتشار الامراض.‏ ولا شيء يوضح هذه الحقيقة المُرّة افضل من ڤيروس الأيدز الذي ينتقل من انسان الى آخر عن طريق سوائل الجسم.‏ ففي سنوات قليلة،‏ اكتسح هذا الوباء ارجاء المعمورة.‏ (‏انظر الاطار «الأيدز:‏ بلوى العصر».‏)‏ قال طبيب الامراض الوبائية جو ماكورميك:‏ «البشر هم المسؤولون عن وقوعهم في هذه المصيبة.‏ وليس هذا انتقادا لأخلاقيات الناس،‏ بل هو مجرد إخبار بحقيقة ما يجري».‏

      ولكن كيف نشر البشر عن غير قصد ڤيروس الأيدز؟‏ يعدد كتاب الوبأ الوشيك (‏بالانكليزية)‏ العوامل التالية:‏ التغيرات الاجتماعية (‏وخصوصا تعدُّد الشركاء في الجنس)‏ التي ادت الى تفشّي الامراض المنتقلة جنسيا وسهَّلت على الڤيروس إحكام قبضته والانتقال من حامله الى اشخاص كثيرين؛‏ شيوع استعمال الحقن الملوثة في البلدان النامية لأغراض طبية او لتعاطي المخدِّرات؛‏ وأيضا تجارة الدم التي يبلغ حجمها بليون دولار والتي تجعل ڤيروس الأيدز ينتقل من متبرّع واحد الى عشرات المرضى.‏

      وكما ذكرنا قبلا،‏ ادى استعمال المضادات الحيوية اكثر من اللازم او اقل من اللازم الى ظهور ميكروبات مقاوِمة.‏ وهذه المشكلة خطيرة،‏ وهي تزداد سوءا.‏ لقد كان من السهل جدا القضاء على البكتيريا العنقودية staphylococcus التي تسبّب غالبا تلوّث الجروح باستخدام مشتقات البنسلين.‏ لكنَّ معظم هذه المضادات الحيوية غير فعّال حاليا.‏ لذا يضطر الاطباء الى استعمال مضادات حيوية جديدة ومكلفة جدا،‏ ولكنّ المستشفيات في البلدان النامية نادرا ما تتمكن من شرائها.‏ حتى المضادات الحيوية الاحدث قد لا تتمكن من مكافحة بعض الميكروبات،‏ وهذا ما يزيد شيوع وفتك الامراض التي يصاب بها المرء خلال إقامته في المستشفى.‏ ويصف الدكتور ريتشارد كراوزي،‏ المدير السابق للمعهد القومي للأرجية والامراض المعدية في الولايات المتحدة،‏ الوضع الراهن بأنه «زمن تفشّي الميكروبات المقاوِمة».‏

      ‏«هل نحن اليوم في وضع افضل؟‏»‏

      مع بداية القرن الحادي والعشرين،‏ لا يزال خطر الامراض محدقا.‏ فانتشار الأيدز المتواصل،‏ وظهور جراثيم مقاوِمة للعقاقير،‏ وعودة امراض قاتلة قديمة كالسل والملاريا،‏ كلها دليل على ان الحرب على المرض لم تُكسَب بعد.‏

      ‏«هل نحن اليوم في وضع افضل مما كنا عليه قبل قرن؟‏».‏ هذا السؤال طرحه جوشوا ليدربرڠ الحائز جائزة نوبل.‏ وفي الاجابة قال:‏ «نحن اسوأ حالا في معظم النواحي.‏ فقد استخففنا بالميكروبات ونحن نحصد العواقب».‏ ولكن هل يمكن التغلب على النكسات الحالية عن طريق الجهود الطبية وتعاون كل دول العالم؟‏ هل ستُستأصل في النهاية الامراض المُعدية الرئيسية كما استُؤصل الجدري؟‏ ستجيب مقالتنا التالية عن هذين السؤالين.‏

      ‏[الاطار/‏الصورة في الصفحة ٨]‏

      الانتصار على الجدري وشلل الاطفال

      في اواخر تشرين الاول (‏اكتوبر)‏ سنة ١٩٧٧،‏ وجدت منظمة الصحة العالمية آخر شخص مصاب بالجدري انتقل اليه المرض طبيعيا.‏ كان هذا الشخص يُدعى علي ماو معلين،‏ ويعمل طباخا في مستشفى في الصومال.‏ لم يكن المرض قد اشتدّ عليه،‏ ولم تمضِ اسابيع قليلة حتى تعافى.‏ كما تمَّ تلقيح كل الاشخاص الذين يحتكّون به.‏

      وبقي الاطباء ينتظرون بقلق طوال سنتَين.‏ وعُرضت مكافأة بقيمة ٠٠٠‏,١ دولار اميركي لمَن يُبلغ عن «حالة جدري» مؤكَّدة اخرى.‏ لم تكن الجائزة من نصيب احد،‏ إذ لم يُبلغ عن حالات فعلية.‏ وهكذا اعلنت منظمة الصحة العالمية رسميا في ٨ ايار (‏مايو)‏ ١٩٨٠ ان «العالم وكل شعوبه قد تحرروا من خطر الجدري».‏ هذا مع العلم انه قبل عشر سنوات فقط،‏ كان الجدري يتسبب بمصرع نحو مليونَي شخص في السنة.‏ وهكذا،‏ ولأول مرة في التاريخ،‏ تم القضاء على مرض مُعدٍ خطير.‏a

      ويبدو ان الحرب ضد شلل الاطفال ستؤول الى نتيجة مماثلة.‏ ففي سنة ١٩٥٥،‏ صنع جوناس سولك لقاحا فعالا لهذا المرض،‏ وبدأت حملة تمنيع ضد شلل الاطفال في الولايات المتحدة وبلدان اخرى.‏ وبعد ذلك صُنع لقاح يُعطى بالفم.‏ وفي سنة ١٩٨٨،‏ اطلقت منظمة الصحة العالمية حملة عالمية للقضاء على شلل الاطفال.‏

      تذكر الطبيبة ڠرو هارلم برونتلان،‏ التي كانت آنذاك المديرة العامة لمنظمة الصحة العالمية:‏ «عندما بدأنا الحملة للقضاء على شلل الاطفال سنة ١٩٨٨،‏ كان هذا المرض يشل اكثر من ٠٠٠‏,١ طفل كل يوم».‏ وتمضي قائلة:‏ «في سنة ٢٠٠١،‏ كان العدد اقل بكثير من ٠٠٠‏,١ حالة طوال السنة».‏ حاليا،‏ يقتصر وجود شلل الاطفال على اقل من عشرة بلدان،‏ ولا يلزم سوى تمويل اضافي لمساعدة هذه البلدان على التخلص نهائيا من هذا المرض.‏

      ‏[الحاشية]‏

      a الجدري هو افضل مثال للامراض التي يمكن محاربتها بواسطة حملة تلقيح عالمية.‏ والسبب هو ان ڤيروس الجدري يعتمد على مضيف بشري ليعيش،‏ بخلاف الامراض التي تنتشر بواسطة كائنات تنقل الجراثيم وتصعب السيطرة عليها،‏ كالجرذان والحشرات.‏

      ‏[الصورة]‏

      صبي اثيوپي يتلقى لقاح شلل الاطفال عن طريق الفم

      ‏[مصدر الصورة]‏

      WHO/P.‎ Virot ©

      ‏[الاطار/‏الصورة في الصفحة ١٠]‏

      الأيدز:‏ بلوى العصر

      شكّل الأيدز من بداياته خطرا عالميّ النطاق.‏ فبعد نحو ٢٠ سنة من اكتشافه،‏ زاد عدد المصابين به على ٦٠ مليونا.‏ وتحذّر السلطات الصحية من ان وباء الأيدز لا يزال في «اطواره الاولى».‏ فأعداد المصابين «ترتفع بشكل لم يكن متوقعا من قبل»،‏ وهو يسبب ازمات كبيرة في المناطق ذات الانتشار الاوسع للمرض.‏

      يوضح تقرير صادر عن الامم المتحدة:‏ «الاغلبية العظمى من المصابين بالأيدز او حاملي ڤيروس الأيدز حول العالم هم في ريعان حياتهم المهنية».‏ ولهذا السبب يُعتقد ان عدة بلدان في جنوبي افريقيا ستفقد ما يتراوح بين ١٠ و ٢٠ في المئة من قوتها العاملة بحلول عام ٢٠٠٥.‏ كما يذكر التقرير:‏ «متوسط العمر المتوقع الحالي في افريقيا السوداء [جنوبي الصحراء الكبرى] هو ٤٧ سنة.‏ ولولا الأيدز،‏ لَبلغ متوسط العمر ٦٢ سنة».‏

      حتى الآن فشلت الجهود المبذولة للعثور على لقاح للأيدز،‏ و ٤ في المئة فقط من الـ‍ ٦ ملايين شخص المصابين به في البلدان النامية يحصلون على ادوية للأيدز.‏ حاليا لا يوجد علاج يشفي المرضى منه،‏ ويخشى الاطباء ان يَظهر المرض في آخر الامر لدى معظم حاملي الڤيروس.‏

      ‏[الصورة]‏

      لمفاويات تائية مصابة بڤيروس الأيدز

      ‏[مصدر الصورة]‏

      Godo-Foto

      ‏[الصورة في الصفحة ٧]‏

      عامل في مختبر يفحص سلالة ڤيروس تصعب محاربته

      ‏[مصدر الصورة]‏

      CDC/Anthony Sanchez

  • عالم خالٍ من الامراض
    استيقظ!‏ ٢٠٠٤ | ايار (‏مايو)‏ ٢٢
    • عالم خالٍ من الامراض

      ‏«على جميع الدول ان تتعاون،‏ بروح الفائدة المتبادلة والمعروف،‏ لتضمن تأمين الرعاية الصحية الاولية لكل الناس.‏ وتمتع سكان دولة واحدة بالصحة يؤثر ويفيد مباشرةً كل دولة اخرى».‏ —‏ اعلان آلما آتا،‏ ١٢ ايلول (‏سبتمبر)‏ ١٩٧٨ (‏بالانكليزية)‏.‏

      قبل ٢٥ سنة،‏ كان يبدو للبعض ان توفير الرعاية الصحية الاولية لكل انسان على وجه الارض هدف يمكن تحقيقه.‏ لذلك فإن المندوبين الى المؤتمر الدولي للرعاية الصحية الاولية،‏ المجتمعين في مدينة آلما آتا (‏في دولة قازاخستان اليوم)‏،‏ اصدروا قرارا بتمنيع كل البشر ضد الامراض المُعدية الرئيسية بحلول عام ٢٠٠٠.‏ كما املوا ان تتوفر التدابير الاساسية لحفظ الصحة العامة والمياه النقية لكل فرد على الارض بحلول تلك السنة.‏ وقد وقّعت جميع الدول الاعضاء في منظمة الصحة العالمية هذا الاعلان.‏

      كان هذا الهدف نبيلا بالفعل،‏ لكنَّ التطورات اللاحقة اتت مخيِّبة للآمال.‏ فالرعاية الصحية الاولية غير متوفرة اليوم لكل انسان،‏ ولا تزال الامراض المُعدية تهدِّد صحة بلايين الاشخاص على الارض.‏ وغالبا ما تصيب الامراض القاتلة الاولاد والراشدين في ريعان شبابهم.‏

      حتى الامراض الخطرة الثلاثة،‏ الأيدز والسل والملاريا،‏ لا تدفع الدول الى ‹التعاون بروح الفائدة المتبادلة›.‏ فقد تأسس مؤخرا «الصندوق العالمي لمكافحة الأيدز والسل والملاريا»،‏ وطلب من الحكومات ١٣ بليون دولار للمساهمة في مكافحة هذه الاوبئة.‏ ولكن بحلول صيف سنة ٢٠٠٢،‏ لم يقدَّم سوى بليونَي دولار تقريبا،‏ فيما قُدِّر الانفاق العسكري في تلك السنة بـ‍ ٧٠٠ بليون دولار.‏ ففي هذا العالم المنقسم،‏ تكاد لا توجد اسباب تدفع كل دول العالم الى الاتحاد من اجل الخير العام.‏

      حتى لو كانت السلطات الصحية صادقة في جهودها لمكافحة الامراض المُعدية،‏ فإنها تجد نفسها مكبَّلة اليدين.‏ فقد لا توفّر الحكومات التمويل اللازم،‏ والميكروبات صارت مقاوِمة لعقاقير كثيرة،‏ والناس يصرّون على اتّباع نمط حياة محفوف بالمخاطر.‏ كما ان مشاكل الفقر والحرب والمجاعة الشائعة في بعض المناطق تمهد السبيل امام الجراثيم لتغزو ملايين البشر.‏

المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
الخروج
الدخول
  • العربية
  • مشاركة
  • التفضيلات
  • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
  • شروط الاستخدام
  • سياسة الخصوصية
  • إعدادات الخصوصية
  • JW.ORG
  • الدخول
مشاركة