مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • الامراض التي تنقلها الحشرات —‏ مشكلة متفاقمة
    استيقظ!‏ ٢٠٠٣ | ايار (‏مايو)‏ ٢٢
    • الامراض التي تنقلها الحشرات —‏ مشكلة متفاقمة

      يحين وقت النوم في احدى العائلات الاميركية اللاتينية.‏ فتضع الام ولدها في السرير،‏ وتلفه بالغطاء بكل حنان متمنية له ليلة سعيدة.‏ لكن في ظلمة الليل،‏ تنزلق من شق في السقف فوق السرير بقة لاثمة سوداء لامعة طولها اقل من ثلاثة سنتيمترات.‏ تقع دون ان يلاحظها احد على وجه الولد النائم وتثقب بفمها الانبوبي جلده الناعم دون ان يشعر.‏ وفيما تتّخم البقة من الدم،‏ تفرغ ايضا برازها المحمل بالطفيليات.‏ فيحك الصبي وجهه ويخدشه دون ان يستيقظ،‏ مدخلا في الجرح البراز الملوث بالطفيليات.‏

      عقب هذه اللسعة الوحيدة،‏ يُصاب الولد بمرض شاڠاس.‏ وفي غضون اسبوع او اثنين،‏ يُصاب بحمى شديدة وينتفخ جسمه.‏ وإذا تخطى هذه المرحلة وبقي حيا،‏ فقد تستقر الطفيليات في جسمه،‏ وتجتاح قلبه،‏ اعصابه،‏ وأنسجته الداخلية.‏ وقد تمر ١٠ الى ٢٠ سنة دون ظهور اية اعراض.‏ لكن بعد ذلك،‏ قد يُصاب بقروح في جهازه الهضمي،‏ يعاني خمجا في الدماغ،‏ وفي النهاية يموت من قصور في القلب.‏

      تُصوِّر هذه القصة بشكل واقعي كيف يمكن ان يلتقط المرء مرض شاڠاس.‏ والملايين في اميركا اللاتينية هم معرضون لِلثمة او قبلة الموت هذه.‏

      رفيقات الانسان المتعددة الارجل

      تذكر دائرة المعارف البريطانية (‏بالانكليزية)‏:‏ «معظم انواع الحمى التي يصاب بها الانسان سببها عُضويات مجهرية تنقلها الحشرات».‏ يستعمل الناس عموما كلمة «حشرة» ليشملوا ليس فقط الحشرات الحقيقية —‏ المخلوقات ذات الارجل الستة مثل الذباب،‏ البراغيث،‏ البعوض،‏ القَمْل،‏ والخنافس —‏ بل ايضا المخلوقات ذات الارجل الثمانية مثل العُث والقُراد.‏ يدرج العلماء كل هذه تحت الشعبة الاشمل،‏ شعبة مفصليات الارجل —‏ اكبر شُعَب عالم الحيوان —‏ التي تضم على الاقل مليون نوع معروف.‏

      الحشرات في غالبيتها العظمى لا تؤذي الانسان،‏ وبعضها مفيد جدا.‏ فعدم وجودها يحول دون تلقيح وإثمار الكثير من النباتات والاشجار التي يعتمد عليها الناس والحيوانات ليقتاتوا بها.‏ كما تساعد بعض الحشرات على اعادة تدوير النفايات.‏ وتقتات حشرات كثيرة بالنباتات فقط،‏ ويأكل البعض منها غيرها من الحشرات.‏

      طبعا،‏ هنالك حشرات تزعج الانسان والحيوان بلسعتها المؤلمة او لمجرد وجودها بأعداد كبيرة.‏ كما يُلحق بعضها ايضا ضررا بالمحاصيل.‏ لكنّ اسوأها هي الحشرات التي تنشر المرض والموت.‏ يذكر دواين ڠابلا،‏ الذي يعمل في مراكز مكافحة الامراض والوقاية منها في الولايات المتحدة،‏ ان الامراض التي تنقلها الحشرات «سبّبت مرض الناس وموتهم اكثر من كل الاسباب الاخرى مجتمعة،‏ من القرن الـ‍ ١٧ حتى اوائل القرن الـ‍ ٢٠».‏

      حاليا،‏ حوالي ١ من كل ٦ اشخاص مصاب بمرض تنقله الحشرات.‏ وبالاضافة الى ما تسببه هذه الامراض من معاناة بشرية،‏ فهي تفرض عبئا اقتصاديا ثقيلا،‏ وخصوصا على البلدان النامية —‏ وهي اقل البلدان تحمّلا لهذا العبء.‏ وتعرُّض احدها لتفشي وباء مرة واحدة فقط،‏ يمكن ان يكلّفه غاليا.‏ يقال ان غربي الهند تعرّض سنة ١٩٩٤ لاجتياح وباء،‏ فاستُنزفت بلايين الدولارات من الاقتصاد المحلي والعالمي.‏ وبحسب منظمة الصحة العالمية،‏ ستبقى البلدان الافقر في العالم عاجزة عن التقدم اقتصاديا الى ان يتم التحكم في مثل هذه المشاكل الصحية.‏

      كيف تمرضنا الحشرات

      تنقل الحشرات الامراض بطريقتين.‏ الاولى هي النقل الخارجي.‏ فتماما مثلما يحمل الناس الاوساخ معهم الى المنازل بأحذيتهم المتسخة،‏ «يمكن ان يحمل الذباب على ارجله ملايين العُضويات المجهرية التي تسبب المرض،‏ اذا كانت كمياتها كبيرة بما فيه الكفاية»،‏ كما تقول دائرة المعارف البريطانية.‏ فقد يلتقط الذباب العُضويات المؤذية من البراز،‏ مثلا،‏ وينقلها عندما يحط على طعامنا او شرابنا.‏ بهذه الطريقة يُصاب البشر بأمراض موهنة ومميتة مثل التيفوئيد،‏ الزُّحار،‏ والكوليرا.‏ ويساهم الذباب ايضا في نشر التراخوما —‏ السبب الرئيسي للعمى في العالم.‏ ويُعمي التراخوما المرء بخدش القرنيَّة —‏ الجزء الشفاف من العين الموجود امام القُزَحيَّة.‏ وحول العالم،‏ يعاني هذه البلوى نحو ٠٠٠‏,٠٠٠‏,٥٠٠ شخص.‏

      ويُعتقد ان الصراصير ايضا،‏ التي تتكاثر في القذارة،‏ تنقل الامراض بالطريقة نفسها.‏ بالاضافة الى ذلك،‏ يربط الخبراء الارتفاع الحاد في حالات الربو مؤخرا،‏ وخصوصا بين الاولاد،‏ بالحساسية للصراصير.‏ تصوّر،‏ مثلا،‏ حالة آشلي البالغة من العمر ١٥ سنة.‏ انها تمضي ليالي كثيرة تكافح لتتنفس بسبب الربو.‏ وبينما كانت الطبيبة تستعد لفحص رئتيها،‏ وقع صرصور من قميص الفتاة وصار يعدو على طاولة الفحص.‏

      امراض داخل جسمها

      عندما تخفي الحشرات الڤيروسات،‏ البكتيريا،‏ او الطفيليات داخل جسمها،‏ يمكنها ان تنشر الامراض بطريقة ثانية —‏ بنقلها عن طريق اللسع او غيره.‏ لكن نسبة صغيرة فقط من الحشرات تنقل الامراض الى البشر بهذه الطريقة.‏ على سبيل المثال،‏ رغم وجود آلاف الانواع من البعوض،‏ فالبعوض الاجمي فقط هو الذي ينقل الملاريا —‏ اكثر الامراض المعدية تسبيبا للموت في العالم بعد السّل.‏

      وتنقل انواع اخرى من البعوض مجموعة من الامراض المختلفة.‏ تذكر منظمة الصحة العالمية:‏ «من كل الحشرات التي تنقل الامراض،‏ يشكل البعوض الخطر الاكبر،‏ ناشرا الملاريا،‏ حمّى الضَّنْك (‏ابو الرُّكَب)‏،‏ والحمّى الصفراء،‏ المسؤولة مجتمعة عن عدة ملايين من الوفيات ومئات ملايين الاصابات كل سنة».‏ ان ٤٠ في المئة على الاقل من سكان الارض معرضون للاصابة بالملاريا،‏ وحوالي ٤٠ في المئة للاصابة بحمّى الضَّنْك.‏ وفي اماكن كثيرة،‏ قد يُصاب الشخص بالاثنين معا.‏

      طبعا،‏ ليست البعوضة الحشرة الوحيدة التي تحمل المرض داخل جسمها.‏ فذباب التسي تسي ينقل الحيوانات الأَوالي المسببة لمرض النوم،‏ الذي يصيب مئات آلاف الناس ويجبر مجتمعات بكاملها على التخلي عن حقولها الخصبة.‏ والنِّقرس خسّر نحو ٠٠٠‏,٤٠٠ افريقي بصرهم،‏ بنقله العُضوية المسببة للعمى النهري.‏ وذباب الرمل يحمل الحيوانات الأَوالي التي تسبب اللِّيشمانيا،‏ وهو مجموعة من الامراض المعيقة،‏ المشوِّهة،‏ وغالبا المميتة التي تصيب حاليا ملايين الناس من كل الاعمار حول العالم.‏ والبراغيث المنتشرة في كل مكان يمكن ان تكون مضيفة للديدان الشريطية،‏ كما يمكن ان تسبب التهاب الدماغ،‏ حمّى الارانب،‏ حتى الطاعون —‏ المقترن عموما بالطاعون الاسود الذي اودى خلال ست سنوات فقط بثلث سكان اوروپا او اكثر في القرون الوسطى.‏

      اما القَمْل،‏ العُث،‏ والقُراد فيمكن ان تنقل اشكالا مختلفة من التيفوس،‏ بالاضافة الى امراض اخرى.‏ فالقُراد في البلدان ذات المناخ المعتدل حول العالم ينقل داء لايْم الموهن،‏ وهو من الامراض التي تنقلها الحشرات الاكثر شيوعا في الولايات المتحدة وفي اوروپا.‏ وقد اظهرت دراسة أُجريت في السويد ان الطيور المهاجرة تستطيع نقل القُراد آلاف الكيلومترات،‏ مدخلة على الارجح الامراض التي يحملها الى مناطق جديدة.‏ تقول دائرة المعارف البريطانية:‏ «القُراد .‏ .‏ .‏ يتفوق على كل مفصليات الارجل الاخرى (‏ما عدا البعوض)‏ في عدد الامراض التي ينقلها الى البشر».‏ وفي الواقع،‏ يمكن ان تحمل قُرادة واحدة ثلاث عُضويات مختلفة ناقلة للامراض وتنقلها كلها معا بلسعة واحدة!‏

      ‏«عطلة» من المرض

      لم يكن حتى سنة ١٨٧٧ ان تبين علميا ان الحشرات تنقل الامراض.‏ ومنذ ذلك الحين،‏ أُطلقت حملات مكثفة لمكافحة الحشرات الناقلة للامراض والتخلّص منها.‏ وفي سنة ١٩٣٩،‏ أُضيف الـ‍ د.‏د.‏ت.‏ الى ترسانة المبيدات.‏ وبحلول ستينات الـ‍ ١٩٠٠ لم تعد الامراض التي تنقلها الحشرات تُعتبر خطرا رئيسيا على الصحة العامة خارج افريقيا.‏ ثم انتقل التشديد من مكافحة الحشرات التي تنقل الامراض الى معالجة الحالات الطارئة بالعقاقير،‏ وتضاءل الاهتمام بدراسة الحشرات وموطنها.‏ فاكتُشفت عقاقير جديدة،‏ وبدا ان العلم وجد علاجا سحريا يقضي على كل الامراض.‏ وتمتع العالم بـ‍ «عطلة» من الامراض المعدية.‏ لكن هذه الفترة كانت ستنتهي.‏ وستناقش المقالة التالية السبب.‏

      ‏[النبذة في الصفحة ٣]‏

      ١ من ٦ اشخاص مصاب اليوم بمرض تنقله الحشرات

      ‏[الصورة في الصفحة ٣]‏

      البقة اللاثمة

      ‏[الصورة في الصفحة ٤]‏

      ذباب المنازل يحمل على ارجله مسببات للمرض

      ‏[الصور في الصفحة ٥]‏

      حشرات كثيرة تحمل الامراض داخل جسمها

      النِّقرس يسبب العمى النهري

      البعوض يحمل الملاريا،‏ الضَّنْك،‏ والحمّى الصفراء

      القَمْل يمكن ان ينقل التيفوس

      البراغيث تسبب التهاب الدماغ وأمراضا اخرى

      ذباب التسي تسي ينقل مرض النوم

      ‏[مصدر الصورة]‏

      WHO/TDR/LSTM

      CDC/James D.‎ Gathany

      CDC/Dr.‎ Dennis D.‎ Juranek

      CDC/Janice Carr

      WHO/TDR/Fisher

      ‏[مصدر الصورة في الصفحة ٤]‏

      Clemson University - USDA Cooperative Extension Slide Series,‎ www.‎insectimages.‎org

  • لمَ عودة الامراض؟‏
    استيقظ!‏ ٢٠٠٣ | ايار (‏مايو)‏ ٢٢
    • لمَ عودة الامراض؟‏

      من حوالي ٤٠ سنة،‏ ساد الاعتقاد ان الامراض المعروفة التي تنقلها الحشرات مثل الملاريا،‏ الحمّى الصفراء،‏ وحمّى الضَّنْك استؤصلت تقريبا من مناطق كبيرة في الارض.‏ لكن حصل ما لم يكن في الحسبان وبدأت الامراض التي تنقلها الحشرات تعود من جديد.‏

      ولماذا؟‏ احد الاسباب هو ان بعض الحشرات وما تحمله من ميكروبات نمّى مقاومة لمبيدات الحشرات والعقاقير التي استُعملت لمكافحتها.‏ وهذه العملية الطبيعية للتكيُّف عُزِّزت ليس فقط بالاستعمال المفرط لمبيدات الحشرات،‏ بل ايضا بإساءة استعمال العقاقير.‏ يذكر كتاب البعوضة (‏بالانكليزية)‏:‏ «في بيوت فقيرة كثيرة،‏ يحصل الناس على العقّار،‏ يستعملون منه ما يكفي لتخفيف الاعراض،‏ ثم يتركون ما بقي لموجة المرض التالية».‏ ونتيجة هذا العلاج غير المكتمل،‏ قد تبقى الميكروبات الاقوى حية في جسم الشخص لإنتاج جيل جديد مقاوِم للعقّار.‏

      تغيير في المناخ

      احد العوامل المهمة في عودة الامراض التي تنقلها الحشرات هو التغيير —‏ في الطبيعة وفي المجتمع.‏ والتغيير العالمي في المناخ انما هو مَثل مؤاتٍ.‏ فبعض العلماء يتوقعون ان يؤدي الدفء العالمي الى توسع نطاق تواجد الحشرات الحاملة للامراض الى مناطق ابرد حاليا.‏ وتشير بعض الادلة ان هذا الامر يحدث منذ الآن.‏ يذكر الدكتور پول ر.‏ أپستاين،‏ من المركز المختص بالصحة والبيئة العالمية في كلية الطب بجامعة هارڤرد:‏ «سواء تكلمنا عن الحشرات ام الامراض التي تنقلها (‏بما فيها الملاريا وحمّى الضَّنْك)‏،‏ فقد وصلت كما يُخبر الى المرتفعات في افريقيا،‏ آسيا،‏ وأميركا اللاتينية».‏ وفي كوستاريكا،‏ تخطت حمّى الضَّنْك الجبال،‏ التي كانت تحصر هذا المرض ضمن نطاق شاطئ المحيط الهادئ،‏ وهو الآن منتشر في كل البلاد.‏

      ولازدياد دفء الطقس تأثيرات اخرى ايضا.‏ ففي بعض المناطق يُحوِّل الانهار الى برك صغيرة موحلة،‏ فيما يسبِّب في مناطق اخرى امطارا وفيضانات تخلف وراءها بركا من المياه الراكدة.‏ وفي كلتا الحالتين تشكّل المياه الراكدة مرتعا مثاليا لتوالد البعوض.‏ ومع ازدياد الحر تُقصَّر ايضا دورة توالد البعوض،‏ فيتكاثر بسرعة،‏ ويطول الموسم الذي تكثر فيه اعداده.‏ وعند ازدياد دفء الطقس يزداد نشاط البعوض.‏ وتؤثر درجات الحرارة العالية حتى في داخل احشاء البعوضة،‏ فتنشط عملية تكاثر الميكروبات الناقلة للامراض معززة بذلك امكانية نقل المرض بمجرد لسعة واحدة.‏ وثمة امور اخرى مقلقة ايضا.‏

      مَثل عن انتقال المرض

      يمكن ان تساهم التغييرات في المجتمع البشري ايضا في انتشار الامراض التي تنقلها الحشرات.‏ ولنفهم كيفية حدوث ذلك،‏ نحتاج الى إلقاء نظرة ثاقبة على دور الحشرات.‏ تشكّل الحشرات،‏ في امراض كثيرة،‏ مجرد حلقة واحدة في سلسلة حلقات انتقال الامراض.‏ ويمكن لحيوان او طائر ان يكون مضيفا لمرض ما بحمله حشرات على جسمه او عُضويات مجهرية في مجرى دمه.‏ وإذا استطاع المضيف ان يبقى حيا رغم حمله هذه العُضويات،‏ فقد يصبح ايضا مستودعا للمرض.‏

      تأمل في داء لايْم،‏ الذي حُدِّد سنة ١٩٧٥،‏ ودُعي على اسم بلدة لايْم في كونكتيكت بالولايات المتحدة الاميركية،‏ حيث لوحظ للمرة الاولى.‏ ربما وصلت البكتيرية التي تسبب داء لايْم الى اميركا الشمالية منذ مئة سنة مع الجرذان او المواشي على متن السفن القادمة من اوروپا.‏ عندما تمتص قُرادة الايائل البالغة الصغر دم حيوان مخموج،‏ تبقى البكتيريا في احشاء القُرادة باقي حياتها.‏ وهكذا حين تلسع القُرادة لاحقا حيوانا آخر او انسانا،‏ تنقل البكتيريا الى مجرى دم الضحية.‏

      يستوطن داء لايْم في شمالي شرقي الولايات المتحدة —‏ وقد وُجد هناك منذ زمن بعيد.‏ والمستودع المحلي الرئيسي لبكتيريا داء لايْم هو الفأر الابيض القدمين.‏ كما ان الفئران تضيف القُراد،‏ وخصوصا القُراد في مراحل نموه.‏ اما القُراد البالغ فيفضل ان يعيش على الأيائل،‏ حيث يتغذى ويتزاوج.‏ وعندما تمتلئ انثى القُراد دما تقع على الارض لكي تضع بيوضها،‏ التي سرعان ما تخرج منها يرقات لتبدأ الدورة من جديد.‏

      تغيير في الظروف

      لقد عايشت المُمرِضات الحيوانات والحشرات سنوات طويلة دون ان تسبب المرض للانسان.‏ لكنّ تغييرا في الظروف يمكن ان يحوِّل مرضا مستوطنا الى وباء —‏ مرض يصيب اناسا كثيرين في مجتمع معين.‏ فما هي التغييرات التي حدثت في ما يتعلق بداء لايْم؟‏

      في الماضي،‏ ساهمت الحيوانات المفترسة في الحد من الاحتكاك بين قُراد الأيائل والانسان بضبط عدد الأيائل.‏ وعندما قطع المستعمرون الاوروپيون الاوائل الاشجار من الغابات لينشئوا المزارع،‏ تضاءل اكثر عدد الأيائل وابتعدت الحيوانات التي تفترسها.‏ لكن في اواسط سنوات الـ‍ ١٨٠٠،‏ هُجرت مزارع كثيرة فيما انتقلت الزراعة غربا،‏ وبدأت الغابات تغطي الارض مجددا.‏ فعادت الأيائل،‏ لكنّ الحيوانات التي تفترسها لم تعد.‏ فكثر عدد الأيائل فجأة وكذلك عدد القُراد.‏

      بعد فترة،‏ وصلت بكتيرية داء لايْم وعاشت في الحيوانات عقودا قبل ان تصبح خطرا يهدد البشر.‏ لكن،‏ عندما صارت ضواحي المدينة تُبنى على حدود الغابة،‏ بدأ الاولاد والراشدون يدخلون عالم القُراد بأعداد اكبر.‏ فصار القُراد يعلق بالبشر وصار الانسان يُصاب بداء لايْم.‏

      الامراض في عالم غير مستقر

      ما وُصف آنفا هو احد المسارات العديدة التي يتخذها المرض وأحد الامثلة عن كيفية تأثير البشر في ظهوره.‏ يكتب احد انصار البيئة،‏ يوجين لِندن،‏ في كتابه المستقبل الظاهر للعيان (‏بالانكليزية)‏:‏ «كل الامراض الجديدة تقريبا التي طوّرت مقاومة تدين بعودتها لتدخل البشر».‏ وثمة امثلة اخرى ايضا.‏ مثلا،‏ يمكن لشعبية وسرعة السفر العصري ان تنشرا المُمرِضات وحاملاتها حول العالم.‏ كما ان إلحاق الاذى بمَواطن المخلوقات الصغيرة والكبيرة على السواء يهدّد التنوُّع الأحيائي.‏ يذكر لِندن:‏ «يؤثر التلوث في الهواء والماء،‏ مضعفا بذلك الجهاز المناعي عند الحيوان والانسان على السواء».‏ ويقتبس ما استنتجه الدكتور أپستاين:‏ «من حيث الاساس،‏ لقد اضعف تلاعب الانسان بالتوازن البيئي الجهاز المناعي في العالم،‏ معززا الظروف الملائمة لنمو الميكروبات».‏

      ويؤدي عدم الاستقرار السياسي الى حروب تدمر الانظمة البيئية والبُنى التحتية التي تؤمن العناية الصحية وتوزيع الاطعمة.‏ بالاضافة الى ذلك،‏ تشير النشرة الاحيائية التي يصدرها المتحف الاميركي للتاريخ الطبيعي:‏ «ان اللاجئين،‏ الذين يعانون سوء التغذية والوهن،‏ يُجبَرون في اغلب الاحيان على الالتحاق بمخيَّمات اللاجئين حيث يتعرض الاشخاص لمجموعة من الامراض المعدية بسبب الاكتظاظ والظروف غير الصحية».‏

      ايضا،‏ يدفع عدم الاستقرار الاقتصادي الناس الى الهجرة،‏ داخل وخارج الوطن على السواء،‏ متجهين بشكل رئيسي نحو المناطق المدينية المكتظة.‏ توضح النشرة الاحيائية:‏ «تحب المُمرِضات الاماكن المكتظة».‏ ومع الانفجار السكاني في المدن «فإن التدابير الاساسية المتعلقة بالصحة العامة مثل التعليم الاساسي،‏ التغذية،‏ والتلقيح غالبا ما تعجز عن مواكبة الوضع».‏ كما يلقي الاكتظاظ السكاني عبئا اضافيا على شبكات المياه،‏ المجارير،‏ ووسائل التخلص من النفايات.‏ فيصعّب ذلك تعزيز الصحة العامة والعادات الصحية الشخصية ويخلق في الوقت نفسه ظروفا تعزز تكاثر الحشرات وغيرها من ناقلات الامراض.‏ رغم ذلك،‏ الحالة غير ميؤوس منها كما ستظهر المقالة التالية.‏

      ‏[النبذة في الصفحة ١١]‏

      ‏«كل الامراض الجديدة تقريبا التي طوّرت مقاومة تدين بعودتها لتدخل البشر»‏

      ‏[الاطار/‏الصورة في الصفحة ٧]‏

      ڤيروس غربي النيل يجتاح الولايات المتحدة

      ڤيروس غربي النيل،‏ الذي ينتقل الى الانسان بواسطة البعوض بشكل رئيسي،‏ عُزل للمرة الاولى سنة ١٩٣٧ في أوغندا،‏ ولوحظ لاحقا في الشرق الاوسط،‏ آسيا،‏ اوقيانيا،‏ وأوروپا.‏ ولم يُكتشف الڤيروس في النصف الغربي للكرة الارضية حتى سنة ١٩٩٩.‏ لكن منذ ذلك الوقت،‏ أُخبر عن اكثر من ٠٠٠‏,٣ اصابة في الولايات المتحدة ومات اكثر من ٢٠٠ شخص.‏

      معظم الاشخاص المصابين لا يكونون على علم مطلقا بإصابتهم،‏ رغم ان بعضهم قد يعانون اعراضا شبيهة بأعراض الانفلوَنزا.‏ لكنّ نسبة ضئيلة تصاب بأمراض خطيرة،‏ مثل التهاب الدماغ والتهاب السَّحايا النخاعية.‏ ولا يوجد حتى الآن لقاح وقائي او علاج خصوصي لڤيروس غربي النيل.‏ وكما تحذّر مراكز مكافحة الامراض والوقاية منها في الولايات المتحدة،‏ يمكن التقاط ڤيروس غربي النيل ايضا من خلال نقل الدم او زراعة عضو من متبرِّع مصاب.‏ وقد اخبرت وكالة رويترز للانباء في سنة ٢٠٠٢:‏ «حاليا لا توجد طريقة لنخل الدم بحثا عن ڤيروس غربي النيل».‏

      ‏[مصدر الصورة]‏

      CDC/James D.‎ Gathany

      ‏[الاطار/‏الصورة في الصفحتين ٨،‏ ٩]‏

      كيف يمكنك حماية نفسك؟‏

      بعض ما ينبغي وما لا ينبغي فعله

      في كل انحاء العالم استشارت استيقظ!‏ بعض المقيمين في مناطق تبتليها الحشرات والامراض لنيل اقتراحات تساهم في المحافظة على الصحة.‏ وقد تجد نصيحتهم مساعدة في منطقتك.‏

      النظافة —‏ خطك الدفاعي الاول

      ◼ حافظ على نظافة بيتك

      «غطِّ الاوعية التي يُخزَّن فيها الطعام.‏ احفظ الطعام المطبوخ مغطى حتى يُقدَّم.‏ أزل ما يقع من الاطعمة فورا.‏ لا تترك الاطباق وسخة طوال الليل،‏ ولا ترمِ نفايات الطعام خارج البيت وتنتظر حتى الصباح لتتخلص منها.‏ غطِّها او اطمرها،‏ لأن الحشرات والقواضم تخرج في الليل لكي تبحث عما تأكله.‏ كما ان وضع قشرة من الاسمنت فوق الارض الترابية يسهّل الحفاظ على البيت نظيفا وخاليا من الحشرات».‏ —‏ افريقيا.‏

      «خزّن الفواكه او اي شيء يجذب الحشرات بعيدا عن المنزل.‏ ابقِ حيوانات المزرعة —‏ المعْز،‏ الخنازير،‏ الدجاج —‏ خارج المنزل.‏ غطِّ المراحيض الخارجية.‏ اطمر براز الحيوانات بسرعة او غطِّه بكلس لإبعاد الذباب.‏ حتى لو لم يتخذ الجيران هذه التدابير،‏ فقد تتمكن من تقليل عدد الحشرات في بيتك وخارجه وأيضا من رسم المثال الحسن».‏ —‏ اميركا الجنوبية.‏

      ‏[الصورة]‏

      ترك الطعام او النفايات غير مغطى هو بمثابة دعوة الحشرات الى تناول وجبة معك

      ◼ العادات الصحية الشخصية

      «الصابون سلعة غير مكلفة.‏ لذلك اغسل دائما يديك وثيابك،‏ وخصوصا بعد الاحتكاك بالناس والحيوانات.‏ تجنب لمس الحيوانات الميتة.‏ تجنب لمس فمك،‏ انفك،‏ وعينيك.‏ ينبغي غسل الثياب قانونيا حتى لو بدت نظيفة.‏ وبما ان بعض الروائح تجذب الحشرات،‏ فتجنب استعمال الصابون المعطر وغيره من المنتجات المعطرة المتعلقة بالتنظيف».‏ —‏ افريقيا.‏

      اجراءات وقائية

      ◼ ازِل المواقع التي يتكاثر فيها البعوض

      غطِّ خزانات المياه وأحواض الغسْل.‏ أزِل كل الحاويات المفتوحة حيث تتجمع المياه.‏ لا تدع المياه تتجمع في احواض النباتات.‏ فالبعوض يمكن ان يتكاثر في اي بركة تدوم اكثر من اربعة ايام.‏ —‏ جنوب شرق آسيا.‏

      ◼ قلِّل تعرّضك للحشرات

      تجنب اوقات وأماكن الاكل المفضلة لدى الحشرات.‏ في المنطقة المدارية،‏ تغرب الشمس باكرا فيُنجَز الكثير من النشاطات اليومية في الظلام،‏ حين يزداد نشاط العديد من الحشرات.‏ ان الجلوس والنوم في الهواء الطلق يزيدان من خطر تعرضك للامراض المتفشية التي تنقلها الحشرات.‏ —‏ افريقيا.‏

      ‏[الصورة]‏

      النوم في الهواء الطلق حيث يكثر البعوض هو بمثابة تقديم نفسك وجبة له

      ارتدِ ثيابا تقلِّل الى الحد الادنى تعرض جسمك للحشرات،‏ وخصوصا في الغابات.‏ ضع مواد طاردة للحشرات على ملابسك وجسمك،‏ متبعا دائما الارشادات المدونة على علبها.‏ تأكد من عدم وجود قُراد عليك وعلى اولادك بعد قضاء وقت في الهواء الطلق.‏ حافظ على حيواناتك الاليفة بصحة جيدة وتأكد من خلوها من الحشرات.‏ —‏ اميركا الشمالية.‏

      ابقِ الاحتكاك بحيوانات المزرعة عند الحد الادنى،‏ لأن الحشرات يمكن ان تنقل الامراض منها الى البشر.‏ —‏ آسيا الوسطى.‏

      استعمل الناموسيات لكل اعضاء العائلة،‏ ومن الافضل ان تُرَشّ بمبيدات الحشرات.‏ استعمل الاشرطة المنخلية على النوافذ،‏ وأبقِها في حالة جيدة.‏ سدّ بإحكام الفتحات تحت الافاريز حيث يمكن ان تدخل الحشرات.‏ ان هذه التدابير الوقائية تكلف بعض المال،‏ لكنك ستخسر مالا اكثر اذا اضطررت ان تأخذ ولدا الى المستشفى او اذا مرض مُعيل العائلة وعجز عن الذهاب الى العمل.‏ —‏ افريقيا.‏

      ‏[الصورة]‏

      الناموسيات التي رُشّت بمبيدات الحشرات هي ارخص من العقاقير وفواتير المستشفى

      ازِل الامكنة التي تختبئ فيها الحشرات من منزلك.‏ اطلِ الجدران والسقف بالملاط وسدّ الشقوق والثقوب.‏ غطِّ الجانب الداخلي من سقوف القش او القصب بقماش يمنع دخول الحشرات.‏ أزِل كوم الاوراق او القماش او الصور المعلقة على الجدران —‏ حيث تختبئ الحشرات.‏ —‏ اميركا الجنوبية.‏

      يعتبر بعض الاشخاص الحشرات والقواضم ضيوفا في البيت.‏ انها ليست كذلك!‏ لا تدعها تدخل بيتك.‏ استعمل المبيدات والمواد الطاردة للحشرات متبعا دائما الارشادات بدقة.‏ استعمل مصيدة ومضرب الذباب.‏ كن مبتكرا:‏ لفّت امرأة قطعة من القماش وملأتها رملا ثم وضعتها في الفسحة تحت الباب لمنع الحشرات من الدخول.‏ —‏ افريقيا.‏

      ‏[الصورة]‏

      لا ينبغي ان تكون الحشرات ضيوفا في المنزل.‏ اطردها!‏

      ◼ تدابير وقائية

      حافظ على مناعة قوية بتناول الغذاء المناسب،‏ اخذ قسط من الراحة،‏ والقيام بتمارين رياضية.‏ خفف الاجهاد.‏ —‏ افريقيا.‏

      المسافرون:‏ اطلع مسبقا على آخر المعلومات المتعلقة بمخاطر الامراض التي تنقلها الحشرات.‏ ويمكنك الحصول على المعلومات من وزارات الصحة العامة والمواقع الحكومية على الإنترنت.‏ قبل ان تسافر،‏ تناول علاجا وقائيا ملائما للمنطقة التي ستزورها.‏

      اذا شعرت بالمرض

      ◼ احصل على العناية الطبية بسرعة

      معظم الامراض يسهل شفاؤها اكثر عندما تُشخَّص باكرا.‏

      ◼ انتبه من التشخيص الخاطئ

      اذهب الى الاطباء الحسني الاطلاع على الامراض التي تنقلها الحشرات وعلى الامراض المدارية اذا كنت قد زرت المنطقة المدارية.‏ اخبر طبيبك عن كل اعراضك والاماكن التي زرتها في سفرك،‏ حتى في الماضي.‏ استعمل المضادات الحيوية عند الضرورة فقط،‏ وتناول العلاج بكامله.‏

      ‏[الصورة]‏

      الامراض التي تنقلها الحشرات تشبه امراضا اخرى.‏ زوّد طبيبك بكامل المعلومات عنك

      ‏[مصدر الصورة]‏

      Globe: Mountain High Maps® Copyright © 1997 Digital Wisdom,‎ Inc.‎

      ‏[الاطار/‏الصورة في الفصحة ١٠]‏

      هل تنشر الحشرات ڤيروس الأيدز؟‏

      بعد اكثر من عقد من الاستقصاء والبحث،‏ لم يجد علماء الحشرات وعلماء الطب دليلا يشير الى ان البعوض او اي حشرات اخرى ينقل ڤيروس الأيدز.‏

      فأجزاء فم البعوض،‏ مثلا،‏ ليست مثل محقنة بفتحة واحدة يعاد حقن الدم منها.‏ عوض ذلك،‏ يسحب البعوض الدم عبر ممر ويفرز اللعاب عبر ممر آخر.‏ ثم يفكك الجهاز الهضمي في البعوض الدم،‏ قاضيا على الڤيروس،‏ حسبما يوضح توماس داماسو،‏ اختصاصي في ڤيروس الأيدز يعمل مع فريق الادارة الصحية للمقاطعة في مونڠو،‏ في زامبيا.‏ كما ان براز البعوض لا يحتوي على ڤيروس الأيدز.‏ وبخلاف طفيليات الملاريا،‏ لا يدخل ڤيروس الأيدز الى غدد البعوض اللعابية.‏

      لكي يلتقط الشخص ڤيروس الأيدز،‏ ينبغي ان يتعرض لكمية كبيرة من الجُسيمات المُعدية.‏ فإذا قطعت بعوضة وجبة طعامها وطارت مباشرة الى ضحية اخرى،‏ فستكون كمية الدم الباقية على فمها اقل من ان تؤذي.‏ وبحسب الخبراء،‏ حتى لو ضُربت بعوضة مليئة بالدم الملوث بڤيروس الأيدز على جرح مفتوح لا يسبب ذلك التقاط الڤيروس.‏

      ‏[مصدر الصورة]‏

      CDC/James D.‎ Gathany

      ‏[الصور في الصفحة ٧]‏

      قُرادة الأيائل (‏التي تظهر مكبّرة على اليسار)‏ تنقل داء لايْم الى الناس

      من اليسار الى اليمين:‏ انثى بالغة،‏ ذكر بالغ،‏ وحوراء،‏ وكلها تظهر بالحجم الفعلي

      ‏[مصدر الصورة]‏

      All ticks: CDC

      ‏[الصور في الصفحتين ١٠،‏ ١١]‏

      الفيضانات،‏ الظروف غير الصحية،‏ والهجرة البشرية تساهم في انتشار الامراض التي تنقلها الحشرات

      ‏[مصدر الصورة]‏

      ‏(FOTO UNACIONES )from U.‎S.‎ Army

  • هل تتحسن الامور يوما؟‏
    استيقظ!‏ ٢٠٠٣ | ايار (‏مايو)‏ ٢٢
    • هل تتحسن الامور يوما؟‏

      اليوم‏،‏ تضع منظمة الصحة العالمية وغيرها من المجموعات المهتمة برامج لمراقبة ومكافحة انتشار المرض.‏ وتنشر مختلف الوكالات معلومات وأبحاثا متعلقة باكتشاف عقاقير جديدة وطرائق جديدة لمكافحة المرض،‏ ساعية جميعها لمعالجة المشكلة المتفاقمة المتعلقة بالامراض التي تنقلها الحشرات.‏ ويستطيع الافراد والمجتمعات ايضا ان يقوموا بأمور كثيرة ليكونوا حسني الاطلاع ويحموا انفسهم.‏ رغم ذلك،‏ تختلف حماية الافراد عن مكافحة المرض حول العالم.‏

      يعتقد خبراء كثيرون ان التعاون والثقة العالميين امران حيويان لإنجاح مكافحة المرض.‏ تكتب الصحفية الحائزة جائزة پوليتزر،‏ لوري ڠاريت،‏ في كتابها الوبأ الوشيك —‏ امراض جديدة تظهر في عالم يفتقر الى التوازن (‏بالانكليزية)‏:‏ «تتطلب العولمة السريعة للمجتمعات البشرية ان يعتبر الناس في كل اقطار العالم ان محيطهم لا يقتصر على مجرد الحي،‏ المقاطعة،‏ البلد،‏ او نصف الكرة الارضية حيث يعيشون.‏ فالميكروبات وناقلاتها لا تعترف بأي حدود يقيمها البشر».‏ وتفشي وباء في بلد ما يسبب القلق بسرعة،‏ ليس فقط في البلدان المجاورة لكن حول العالم ايضا.‏

      لكنّ بعض الحكومات والشعوب لا يثقون بأي نوع من التدخل يأتي من خارج حدود بلادهم —‏ حتى لو كان هذا التدخل متعلقا ببرامج مكافحة الامراض.‏ بالاضافة الى ذلك،‏ غالبا ما تُعاق الجهود الدولية المتضافرة بسبب قصر نظر الحكومات وبسبب الجشع التجاري.‏ فهل تكون الهيمنة من نصيب الميكروبات في صراع الانسان ضد المرض؟‏ يقول الكاتب يوجين لِندن الذي يظن ذلك:‏ «لقد فات الاوان ان يقلب الانسان الادوار».‏

      سبب للامل

      لقد تخلّف التقدم التكنولوجي والعلمي كثيرا في سباقه مع المرض.‏ ولا شك ان مشكلة الامراض التي تنقلها الحشرات هي احد المخاطر الكثيرة التي تهدِّد الصحة البشرية.‏ لكن ثمة سبب للامل.‏ فرغم ان فهم العلماء للعلاقة المعقدة بين الكائنات الحية لا يزال في بدايته،‏ فهم يدركون ان للارض قدرة على شفاء نفسها.‏ فلدى كوكبنا آليات داخلية قادرة ان تعيد التوازن الى الانظمة الطبيعية.‏ على سبيل المثال،‏ غالبا ما تنمو الغابات من جديد على ارض أُزيلت منها الاشجار،‏ كما تميل العلاقات بين الميكروبات،‏ الحشرات،‏ والحيوانات الى الاستقرار مع الوقت.‏

      والاهم هو ان التصميم المعقد في الطبيعة يشير الى وجود خالق،‏ اله انشأ منذ البدء آليات الارض.‏ وعلماء كثيرون يعترفون انه لا بد من وجود ذكاء اسمى وراء خلق الارض.‏ نعم،‏ لا يستطيع العميقو التفكير ان ينكروا وجود اللّٰه مهما حاولوا.‏ والكتاب المقدس يصف الخالق،‏ يهوه اللّٰه،‏ كإله كلي القدرة ومحب.‏ وهو يهتم كثيرا بسعادتنا.‏

      يوضح الكتاب المقدس ايضا انه بسبب الخطية العمدية التي ارتكبها الانسان الاول،‏ ورث البشر النقص والمرض والموت.‏ فهل يعني ذلك انه حُكم علينا ان نتألم الى ما لا نهاية؟‏ كلا!‏ فقصد اللّٰه هو جعل الارض فردوسا،‏ حيث يستطيع البشر ان يعيشوا في وئام مع المخلوقات الاخرى،‏ الكبيرة منها والصغيرة على السواء.‏ وينبئ الكتاب المقدس بعالم لن يوجد فيه مخلوق،‏ سواء أكان حيوانا كبيرا او حشرة صغيرة،‏ يشكل خطرا على الانسان.‏ —‏ اشعياء ١١:‏٦-‏٩‏.‏

      طبعا،‏ سيكون للانسان دور في الحفاظ على مثل هذه الظروف —‏ اجتماعيا وبيئيا.‏ فاللّٰه اوصى الانسان ان «يحفظ» الارض.‏ (‏تكوين ٢:‏١٥‏)‏ وفي الفردوس المستقبلي،‏ سينجز الانسان بشكل كامل هذه المهمة بإطاعة واتباع ارشادات الخالق نفسه.‏ وهكذا يمكننا ان نتطلع بشوق الى ذلك اليوم حين «لا يقول ساكن انا مرضت».‏ —‏ اشعياء ٣٣:‏٢٤‏.‏

المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
الخروج
الدخول
  • العربية
  • مشاركة
  • التفضيلات
  • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
  • شروط الاستخدام
  • سياسة الخصوصية
  • إعدادات الخصوصية
  • JW.ORG
  • الدخول
مشاركة