-
استقامة ايوب — لماذا هي جديرة جدا بالملاحظة؟برج المراقبة ١٩٨٦ | ١٥ تشرين الاول (اكتوبر)
-
-
استقامة ايوب — لماذا هي جديرة جدا بالملاحظة؟
«حتى أُسلم الروح لا اعزل (استقامتي) عني»! — ايوب ٢٧:٥.
١ من كان ايوب، وكيف نعرف انه كان شخصا حقيقيا؟
كان ايوب رجلا بارزا في التاريخ. فلم يملك غنى ماديا عظيما فحسب بل كان محترما كقاض وقائد رؤوف. ويقول الكتاب المقدس انه كان «اعظم كل بني المشرق.» (ايوب ١:٣؛ ٢٩:١٢-٢٥) ويجري ذكره مع نوح ودانيال، كرجل بار جدا. (حزقيال ١٤:١٤، ٢٠) ويصوّر الكتاب المقدس ايضا ايوب كمثال ليتبعه المسيحيون، مظهرا بالتالي انه كان شخصا واقعيا في التاريخ. — يعقوب ٥:١١.
٢ كيف يمكننا تحديد وقت اختبار ايوب الامتحان من الشيطان؟
٢ عاش ايوب في ارض عوص، في ما هو الآن الجزيرة العربية. ومع انه ليس اسرائيليا فقد كان ايوب عابدا ليهوه، الامر الذي لفت يهوه انتباه الشيطان اليه. وعبارة اللّٰه ان «ليس مثله في الارض. رجل (بلا لوم) ومستقيم» تظهر انه لم يكن هنالك خادم للّٰه بارز آخر حيّ في ذلك الوقت. (ايوب ١:٨) وهكذا، يجب ان يكون امتحان ايوب من الشيطان قد حدث فيما كان انسباؤه الاسرائيليون ذوو القرابة البعيدة في العبودية في مصر — في وقت ما خلال السنوات التي تلت موت المحافظ البارز على الاستقامة يوسف في السنة ١٦٥٧ ق م، وقبل ان يستهل موسى مسلك استقامته.
٣ من كتب سفر ايوب، ولماذا كان قادرا على الحصول على المعلومات؟
٣ من البيّن ان موسى كتب سفر ايوب. ولكن كيف تمكن ان يعلم بامتحان ايوب؟ بعدما أُجبر موسى على ترك مصر في السنة ١٥٥٣ ق م استقر في مديان، ليس بعيدا عن ارض عوص. (خروج ٢:١٥-٢٥، اعمال ٧:٢٣-٣٠) وفي ذلك الوقت كان ايوب يحيا الـ ١٤٠ سنة الاخيرة التي باركه يهوه بها. (ايوب ٤٢:١٦) وبعد ذلك، عندما كان الاسرائيليون قرب عوص، نحو نهاية رحلتهم في البرية، تمكن موسى ان يسمع عن سني حياة ايوب الاخيرة وموته.
معرفة ايوب المحدودة
٤ (أ) ماذا كان على ما يتضح مصدر معرفة ايوب عن يهوه، ولماذا كان دون شك على اتصال بالمتحدرين من ابرهيم واسحق؟ (ب) كيف اصبح ايوب رجلا ذا استقامة بارزة؟
٤ عندما جرى امتحان ايوب كانت معرفته عن اللّٰه ومقاصده محدودة، اذ لم يكن ايّ جزء من الكتاب المقدس قد سُجّل بعد. ولكنّ ايوب عرف شيئا عن تعاملات يهوه مع ابرهيم واسحق ويعقوب ويوسف. ذلك لان ايوب كان على ما يتضح متحدرا من اخي ابرهيم، ناحور، بواسطة ابن ناحور البكر عوص. وفضلا عن ذلك فان اخا عوص كان بتوئيل، ابا رفقة زوجة اسحق، ابا جدة يوسف. (تكوين ٢٢:٢٠-٢٣) وكان ايوب دون شك يُعزّ المعرفة التي كانت لديه عن اتصالات يهوه بابرهيم والمتحدرين منه، وكان يتوق لارضاء يهوه. وهكذا اصبح ايوب رجلا ذا استقامة بارزة، رجلا بلا لوم ومتعبدا تماما ليهوه.
٥ ماذا بصورة خاصة يجعل استقامة ايوب بارزة جدا؟
٥ وبعد موت يوسف في مصر بوقت ليس بطويل اصبحت استقامة ايوب موضوع خلاف بين يهوه اللّٰه والشيطان في السموات غير المنظورة. ولكنّ ايوب لم يملك اية معرفة عن هذا الخلاف الذي تركز حول استقامته. وجهله في ما يتعلق بسبب معاناته هو بصورة خاصة ما جعل استقامته التي لا تنكسر جديرة جدا بالملاحظة. ولكن، لفائدة جميع خدام اللّٰه في ما بعد، جعل يهوه موسى يسجل تفاصيل الخلاف المتعلق باستقامة ايوب.
قضية استقامة ايوب
٦ (أ) كيف كشف محفل في السماء عن وجود قضية بين اللّٰه والشيطان؟ (ب) متى نشأت هذه القضية، وماذا شملت؟
٦ ان سفر ايوب يرفع حجاب الخفاء فيجري تزويدنا بمشهد عن اجتماع للملائكة جرى امام يهوه اللّٰه في السماء. وهنا يذكّر يهوه الشيطان، الذي هو حاضر ايضا، بأنه «ليس مثله ]ايوب[ في الارض. رجل (بلا لوم) ومستقيم يتقي اللّٰه ويحيد عن الشر.» (ايوب ١:٨) فبوضوح توجد قضية تشمل استقامة ايوب. ولكنها ليست جديدة. فالقضية جرت الدلالة عليها عندما حوَّل الشيطان آدم وحواء عن اللّٰه قائلا في الواقع: امنحني الفرصة فقط، ويمكنني ان احوّل الجميع عن خدمتك. — تكوين ٣:١-٦.
٧ اية اقتراحات اضطر الشيطان الى تقديمها لتعليل استقامة ايوب، وكيف تحدى ابليس اللّٰه؟
٧ والآن، في اثناء ذلك الاجتماع الرسمي في السماء، يضطر الشيطان الى تقديم اقتراحاته المتعلقة بأساس استقامة ايوب. «هل مجانا يتقي ايوب اللّٰه،» يسأل. «أليس أنك سيَّجت حوله وحول بيته وحول كل ما له من كل ناحية. . . . ولكن ابسط يدك الآن،» يتحدى الشيطان، «ومسَّ كل ما له فانه في وجهك يجدّف عليك.» — ايوب ١:٩-١١.
٨ (أ) كيف تجاوب يهوه مع تحدي الشيطان؟ (ب) اية ضربات مريعة ارسلها الشيطان على ايوب؟
٨ يقبل يهوه تحدي الشيطان. فهو يثق كاملا باستقامة ايوب، مجيبا الشيطان: «هوذا كل ما له في يدك. وانما اليه لا تمد يدك.» (ايوب ١:١٢) ويضرب الشيطان ايوب في الحال. فالسبئيون المغيرون يأخذون ٠٠٠,١ من البقر و٥٠٠ من الاتن التي لايوب، قاتلين جميع الغلمان الملازمين لها الا واحدا. ثم يرسل الشيطان نارا من السماء لتلتهم غنم ايوب الـ ٠٠٠,٧ مع الغلمان الملازمين لها، مستبقية واحدا فقط من الرجال. ثم يجعل الشيطان ثلاث فرق من الكلدانيين يأخذون جمال ايوب الـ ٠٠٠,٣، قاتلين جميع الغلمان الملازمين الا واحدا. وأخيرا يرسل الشيطان ريحا شديدة تصدم البيت حيث يحتفل اولاد ايوب العشرة فيموتون جميعا. وبعد ذلك، في تعاقب سريع، ينقل الناجون من هذه الكوارث الاخبار المريعة الى ايوب. — ايوب ١:١٣-١٩.
٩ ماذا جعل نكبات ايوب صعبة الاحتمال بصورة خاصة، ولكن ماذا كان تجاوب ايوب معها؟
٩ يا لها من نكبات! فحتى لو فهم ايوب مَن كان قد سببها من الصعب احتمالها. ولكنه لم يفهم. ولم يعرف انه كان محور خلاف في السماء وأن يهوه كان يستخدمه ليظهر انه يوجد اناس يتمسكون باستقامتهم رغم كل الالم الجائر الذي يمكن ان يجلبه الشيطان عليهم. ومع ذلك، اذ كان مصابا بالحزن وظانا ايضا ان اللّٰه كان مسؤولا بطريقة ما عن خسائره، قال ايوب: «الرب اعطى والرب اخذ فليكن اسم الرب مباركا.» نعم، «في كل هذا لم يخطىء ايوب ولم ينسب للّٰه جهالة.» — ايوب ١:٢٠-٢٢.
١٠ (أ) اي شيء اضافي يتعلق بأيوب طلبه الشيطان، ولماذا كان يهوه مستعدا ان يمنح ذلك؟ (ب) ماذا كانت العواقب لايوب من الحالة البائسة التي تحول اليها؟
١٠ كم كان مخزيا للشيطان، في اجتماع آخر للملائكة، ان يذكّره يهوه في ما يتعلق بايوب: «الى الآن هو متمسك (باستقامته)»! ولكنّ الشيطان لا يستسلم. فهو يتحدى الآن انه اذا مُنح الفرصة ليضرب ايوب جسديا سيلعن ايوب اللّٰه في وجهه. واذ يثق باستقامة ايوب حتى الى هذا الحد يمنح يهوه الاذن، محذرا الشيطان ان لا يأخذ حياة ايوب. فيضرب الشيطان «ايوب بقرح رديء من باطن قدمه الى هامته.» (ايوب ٢:١-٨) فيتحول ايوب الى حالة بائسة مثيرة للاشمئزاز حتى ان اقرباءه واصدقاءه ينفرون منه ومعارفه السابقين يسخرون منه. — ايوب ١٢:٤؛ ١٧:٦؛ ١٩:١٣-١٩؛ ٣٠:١، ١٠-١٢.
١١ اية ضربة اضافية كان على ايوب احتمالها، وماذا جعل محافظته على الاستقامة في وجه جميع مشاكله جديرة جدا بالملاحظة؟
١١ ثم تأتي ضربة اخرى! فايمان زوجة ايوب يضعف. تقول له: «انت متمسك بعد (باستقامتك؟ العن) اللّٰه ومت.» ولكنه يقول لها: «تتكلمين كلاما كاحدى الجاهلات. أالخير نقبل من عند اللّٰه والشر لا نقبل.» وكما تقول الرواية، «في كل هذا لم يخطىء ايوب بشفتيه.» (ايوب ٢:٩، ١٠) وعندما تذكرون ان سبب معاناة ايوب قد كُتم عنه، كم تكون استقامته حقا جديرة جدا بالملاحظة!
شكل آخر للهجوم
١٢ (أ) مَن كان الرجال الذين اتوا لتعزية ايوب؟ (ب) كيف استخدم الشيطان هؤلاء الرجال لامتحان ايوب الى حد ابعد؟
١٢ ولكنّ الشيطان لا ينتهي عند هذا الحد. فيقيم ثلاثة رجال ذوي حكمة مزعومة عرفوا ايوب شخصيا او سمعوا عن صيته بصفته «اعظم كل بني المشرق.» ومن الواضح انهم اكبر سنا من ايوب بكثير. (ايوب ١:٣؛ ١٥:١٠؛ ٣٢:٦) واثنان منهم ذوو قرابة بعيدة له. فاليفاز التيماني متحدر من ابرهيم بواسطة تيمان حفيد عيسو، وبلدد الشوحي متحدر من ابن ابرهيم شوح. (ايوب ٢:١١، تكوين ٣٦:١٥؛ ٢٥:٢) أما سلسلة نسب صوفر فهي غير اكيدة. ويظهر ان هؤلاء الثلاثة يأتون لتعزية ايوب، ولكنّ الشيطان في الواقع يستخدمهم في محاولة لتقويض استقامة ايوب. وكما يقوّض المستنطقون السياسيون الذين يتظاهرون بالصداقة ولاء السجناء ويحوّلونهم ضد حكوماتهم الخاصة، كان الشيطان يأمل ان يحوّل «المعزّون» ايوب ضد الهه. — ايوب ١٦:٢ و ٣.
١٣ (أ) ماذا فعل زائرو ايوب عند وصولهم؟ (ب) عندما بدأ الكلام اي مجرى اتَّخذ؟
١٣ وعندما يصل الزائرون الثلاثة يقضون سبعة ايام وسبع ليال بصمت ملاحظين ألم ايوب المعذِّب وخزيه الشديد. (ايوب ٢:١٢، ١٣) وأخيرا يأخذ أليفاز، الاكبر سنا على ما يظهر، القيادة في الكلام راسما الحالة ومحور الموضوع العام لما تحوَّل الى مناظرة ثلاثية الجولات. وخطبة أليفاز، بالاضافة الى خطب رفيقيه التي تلت، مؤلفة على الاكثر من الاتهامات. وبعد ان يتكلم كل من متهميه يجيب ايوب بدوره، داحضا حججهم. ولا يشترك صوفر في مناظرة الجولة الثالثة، شاعرا على ما يظهر بأنه لا يستطيع اضافة شيء آخر. وهكذا يقدم صوفر خطبتين فقط فيما يلقي كل من أليفاز وبلدد ثلاث خطب.
١٤ اي نوع من الحجج استخدمه الثلاثة ضد ايوب، وكيف استخدم الشيطان وسيلة مماثلة ضد يسوع؟
١٤ خطب أليفاز هي أطول ولغته ألطف نوعا ما. لغة بلدد لاذعة اكثر، والاكثر منها ايضا لغة صوفر. حججهم مصممة بمكر لانجاز قصد الشيطان ان يكسر استقامة ايوب. فهم غالبا ما يذكرون حقائق واقعية، ولكن الاطار والتطبيق خاطئان. لقد استخدم الشيطان الوسيلة ذاتها ضد يسوع. فباقتباسه آية تقول ان ملاك اللّٰه يحمي خادمه من الاذية دعا الشيطان يسوع ليثبت انه ابن اللّٰه بطرح نفسه من الهيكل. (متى ٤:٥-٧، مزمور ٩١:١١، ١٢) وأيوب واجه لفترة مطوَّلة مباحثة شيطانية مماثلة.
١٥ ماذا احتج أليفاز بأنه مصدر مشاكل ايوب؟
١٥ في خطبته الافتتاحية يحتج أليفاز بأن مشاكل ايوب هي عقاب اللّٰه على خطاياه. «مَن هلك وهو بريّ،» يسأل. «كما قد رأيت ان الحارثين اثما والزارعين شقاوة يحصدونها.» (ايوب ٤:٧، ٨) واذ يتابع أليفاز يدّعي بأن اللّٰه لا يثق بخدامه. «عبيده لا يأتمنهم،» يقول أليفاز، «والى ملائكته ينسب حماقة. فكم بالحري سكان بيوت من طين.» — ايوب ٤:١٨، ١٩.
١٦ كيف تابع بلدد هجوم أليفاز، وأي توضيح غير عادل استخدمه؟
١٦ ويتابع بلدد الهجوم الكلامي. «ان كنت انت زكيا مستقيما،» يقول، «فانه الآن يتنبَّه ]اللّٰه[ لك ويُسلم مسكن برك.» ويذكر بلدد ان البردي والحلفاء يجفّان ويموتان بلا ماء ويختتم على نحو صحيح ان «كل الناسين اللّٰه» هم كذلك. ولكن كم هو خاطىء ان يطبق هذا التوضيح على ايوب ويضيف، «رجاء الفاجر يخيب»! — ايوب ٨:٦، ١١-١٣.
١٧ اية ملاحظات قوية قدمها صوفر؟
١٧ وملاحظات صوفر هي ايضا اكثر قوة. فهو في الواقع يقول: يا ليت اللّٰه يتكلم ويخبرك بما يفكر! فاللّٰه يعرف ماذا فعلت. وهو يعاقبك اقل بكثير مما تستحق. تخلَّص من خطاياك واترك كل شرك، وعند ذلك ستحظى بالامن والاصدقاء الكثيرين. — ايوب ١١:٤-٦، ١٤-٢٠.
١٨ في الجولة الثانية من المناظرة كيف تابع الثلاثة هجومهم على ايوب؟
١٨ وفي الجولة الثانية من المناظرة يتابع أليفاز الهجوم على استقامة ايوب: ان اللّٰه لا يثق حتى بالملائكة، فكم بالحري شخص مثلك! الانسان الشرير هو دائما في مشكلة. (ايوب ١٥:١٤-١٦، ٢٠) وبلدد المغتاظ من مقاومة ايوب الثابتة لحججهم يقول في الواقع: نورك سينطفىء. وكل ذكرى لوجودك سينقرض. هذا ما يحدث للذين ينسون اللّٰه. (ايوب ١٨:٥، ١٢، ١٣، ١٧-٢١) وصوفر اذ يلمّح الى ازدهار ايوب السابق يسأل: ألا تعلم ان هتاف الاشرار قصير وفرح الفاجر الى لحظة؟ السماء تعلن اخطاء الشرير. — ايوب ٢٠:٤ و ٥، ٢٦-٢٩.
١٩ (أ) بحسب أليفاز اية قيمة يعطيها اللّٰه لاستقامة الانسان؟ (ب) كيف انهى بلدد الهجوم الكلامي على ايوب؟
١٩ ويسأل أليفاز مفتتحا الجولة الثالثة من المناظرة: هل للانسان قيمة في نظر اللّٰه؟ حتى ولو كنت بلا لوم، هل ينتفع اللّٰه من ذلك؟ ثم يقول: ارجع الى اللّٰه وقوّم امورك. حينئذ تشفى. (ايوب ٢٢:٢ و ٣، ٢١-٢٣) ويُنهي بلدد الهجوم الكلامي، فيسأل: مَن على الارض يمكن ان يفتخر بأنه طاهر؟ اللّٰه مجيد للغاية حتى ان القمر والنجوم اقل من لا شيء بالنسبة اليه. فكم بالحري الانسان الذي هو ليس سوى دودة في نظره! — ايوب ٢٥:٢-٦.
دفاع ايوب وتقويمه
٢٠ (أ) كيف اجاب ايوب عن الحجة بأن الالم عقاب من اللّٰه على الخطايا؟ (ب) ماذا كان تصميم ايوب، وكيف نعلم ان استقامته كانت تهم اللّٰه حقا؟
٢٠ وبالرغم من ألمه الفظيع، لا يستسلم ايوب لحظة واحدة لحجج معذّبيه الخداعة. فاذا كان الالم عقابا من اللّٰه على الخطايا، يسأل، «لماذا تحيا الاشرار ويشيخون نعم ويتجبرون قوة.» (ايوب ٢١:٧-١٣) وبخلاف ما يقوله متهمو ايوب، يقدّر يهوه المحافظين على الاستقامة الذين يزوّدون بذلك جوابا لتعيير الشيطان بأنه يستطيع تحويل الجميع عن خدمة اللّٰه. (امثال ٢٧:١١، مزمور ٤١:١٢) ويثق ايوب باستقامته معلنا: «حتى أُسلم الروح لا اعزل (استقامتي) عني.» (ايوب ٢٧:٥) كلا، لم يفعل شيئا يستحق ما اصابه.
٢١ ماذا قال أليهو لمعزّي ايوب الزائفين، وأي تقويم لازم اعطاه لايوب؟
٢١ والشاب أليهو يصغي بانتباه الى كل كلمة من هذه المناظرة المطوَّلة. ويتكلم الآن مخبرا معزّي ايوب الزائفين انهم لم يقولوا شيئا يثبت ان ايوب خاطىء. (ايوب ٣٢:١١، ١٢) ثم اذ يلتفت أليهو الى ايوب يقول: «صوت اقوالك سمعت. قلت انا بريّ بلا ذنب. زكي انا ولا اثم لي. هوذا يطلب عليَّ علل عداوة. يحسبني عدوا له . . . انك في هذا لم تُصب.» (ايوب ٣٣:٨-١٣؛ ٦:٢٩؛ ١٣:٢٤، ٢٧؛ ١٩:٦-٨) نعم، لقد اعرب ايوب عن اهتمام كبير بتبرئة نفسه. ولكن، في الوقت نفسه، لم يدن اللّٰه او يفقد الثقة بأن اللّٰه سيعمل ما هو صواب.
٢٢ بعد الاستماع الى يهوه ماذا كان تجاوب ايوب؟ (ب) ماذا تطلَّب اللّٰه من معزّي ايوب الزائفين، وماذا كانت النتيجة النهائية لايوب؟
٢٢ تبدأ العاصفة بالتشكل اذ يكمل أليهو خطبته، ويتكلم يهوه من العاصفة: «مَن هذا الذي يُظلم القضاء بكلام بلا معرفة. اشدد الآن حقويك . . . فاني اسألك فتعلّمني.» وبعد الاستماع الى يهوه يعترف ايوب بأنه تكلم بتهور، بلا معرفة كاملة، ويندم «في التراب والرماد.» ثم يتَّهم يهوه أليفاز ورفيقيه، آمرا ايوب بأن يتشفع فيهم. وبعد ذلك يُشفى ايوب ويبارَك بسبعة بنين وثلاث بنات جميلات وبضعف ما كان له سابقا من مواش. واذ يعيش ايوب ١٤٠ سنة اخرى يموت «شيخا وشبعان الايام.» — ايوب ٣٨:١-٤؛ ٤٢:١-١٧.
٢٣ كيف يجب ان تؤثر فينا استقامة ايوب؟
٢٣ حقا، كان ايوب رجل استقامة جديرا بالملاحظة! فلم تكن لديه طريقة ليعرف انه جُعل هدفا لتحدي الشيطان الشرير. وهذا يؤكد استقامته اكثر لانه رغم اعتقاده ان كل ألمه كان من اللّٰه لم ينكر اللّٰه او يلعنه. فيا له من درس لنا، اذ نعرف مصدر امتحانات استقامتنا! وطبعا، يجب علينا ان نندفع الى الاقتداء بمثال ايوب والتقدم في عمل يهوه بصرف النظر عن ايّ شيء يمكن ان يجلبه علينا خصم اللّٰه.
-
-
استقامة ايوب — من يمكنه التمثل بها؟برج المراقبة ١٩٨٦ | ١٥ تشرين الاول (اكتوبر)
-
-
استقامة ايوب — من يمكنه التمثل بها؟
«ليزنّي في ميزان الحق فيعرف اللّٰه (استقامتي).» — ايوب ٣١:٦.
١ لماذا من الحسن التأمل في مثال ايوب، وأية اسئلة تنشأ؟
كان ايوب يثق باستقامته، لذلك رحَّب بالفحص من اللّٰه. ومثاله يمكن ان يكون مصدر تشجيع كبير لنا اليوم، خاصة عندما يحاول الشيطان ابليس بيأس كسر استقامة جميع الذين يخدمون اللّٰه. (١ بطرس ٥:٨) واذ ادرك التلميذ يعقوب ذلك قال: «خذوا . . . مثالا لاحتمال المشقات والاناة الانبياء،» خاصة ايوب. (يعقوب ٥:١٠، ١١) ولكن من يمكنه التمثل باستقامة ايوب؟ هل يمكننا نحن؟ وبأية طرائق وضع لنا ايوب مثالا للمحافظة على الاستقامة؟
٢ (أ) ماذا يعني الاسم ايوب؟ (ب) ماذا جرى انجازه بمسلك ايوب للمحافظة على الاستقامة؟
٢ الاسم ايوب يعني «هدف عداء،» وهذا ما صار عليه بالتأكيد. ولكن عندما وافق يهوه على طلب الشيطان وأزال سياج الحماية من حول ايوب لم يستطع الشيطان ان يفعل شيئا يمكن ان يكسر استقامة ايوب امام اللّٰه. (ايوب ١:١–٢:١٠) ولذلك زوَّد ايوب جوابا لتعيير الشيطان بأنه يستطيع تحويل الجميع عن خدمة اللّٰه. (امثال ٢٧:١١) وبمسلك محافظته على الاستقامة كان ايوب في الواقع يعلن للكون بكامله: يا شيطان، انت كاذب حقير، لان يهوه هو الهي، وسأحافظ على الاستقامة امامه مهما يحدث! — ايوب ٢٧:٥.
الذين هم مثل ايوب
٣ مَن جرت حمايته في السماء، وأية اسئلة نشأت في ما يتعلق به؟
٣ وبشكل ذي مغزى كانت القضية بين يهوه والشيطان قضية كونية تشمل الحيز الروحي. فهناك في السماء، محاطا بسياج عناية يهوه الواقية، كان «النسل» الموعود به الذي بواسطته اراد اللّٰه انجاز مقاصده العظيمة. (تكوين ٣:١٥) ولكن عندما يجرَّد من سياج الحماية هل يتمثل هذا حقا باستقامة ايوب؟ وهل يُظهر ان انسانا كاملا، كما كان آدم، يستطيع المحافظة على الاستقامة الكاملة امام اللّٰه؟ (١ كورنثوس ١٥:٤٥) صنع الشيطان اعدادات ليخضع هذا «النسل» لاشد امتحان عندما يظهر على الارض.
٤ (أ) مَن اصبح الهدف الرئيسي لعداء الشيطان، وكيف نعرف ان اللّٰه ازال عنايته الواقية عنه؟ (ب) ماذا زوَّد يسوع ليهوه؟
٤ برهن يسوع المسيح انه «النسل» المرسل من السماء. فأصبح بذلك مركز انتباه الشيطان، نعم، الهدف الرئيسي لعداء الشيطان. ودليلا على ان يهوه كان قد ازال سياج عنايته الواقية صرخ المسيح عندما كان على خشبة الالآم: «الهي الهي لماذا تركتني.» (متى ٢٧:٤٦، مزمور ٢٢:١) ورغم انه شعر بوضوح بأن اللّٰه كان قد حوَّل عنه حمايته فان يسوع، كايوب، «لم يخطىء . . . ولم ينسب للّٰه جهالة.» (ايوب ١:٢٢) لقد تمثل بأيوب محافظا على الاستقامة الكاملة امام اللّٰه، مبرهنا بذلك انه لم يكن هنالك احد مثله في الارض. (ايوب ١:٨) فبيسوع يملك يهوه اللّٰه جوابا كاملا وأبديا لاتهام الشيطان الباطل بأن اللّٰه لا يمكنه ان يضع على الارض انسانا يبقى امينا له تحت اعظم محنة.
٥ (أ) ماذا يستمر الشيطان في فعله؟ (ب) ماذا فعل الشيطان عندما أُزيل من السماء؟
٥ ولكنّ الشيطان، اذ يرغب باكثر من جواب، يستمر في اتهام اخوة يسوع الروحيين الذين يشكلون مع يسوع «نسل» هيئة اللّٰه المشبهة بامرأة. وعندما يصف الكتاب المقدس تأسيس الملكوت في السماء يقول في ما يتعلق بالشيطان: «طُرح المشتكي على اخوتنا الذي كان يشتكي عليهم امام الهنا نهارا وليلا»! ولكنّ الشيطان يفعل اكثر من الاتهام، فهو يعدّ هجوما عدائيا! ويوضح الكتاب المقدس انه بعد طرده من السماء «غضب التنين ]الشيطان[ على المرأة وذهب ليصنع حربا مع باقي نسلها الذين يحفظون وصايا اللّٰه وعندهم شهادة يسوع المسيح.» — رؤيا ١٢:٧-١٢، ١٧.
٦ (أ) مَن هم اليوم في طليعة عمل الكرازة، ومن انضم اليهم؟ (ب) ماذا يحاول الشيطان فعله لهؤلاء جميعا؟
٦ ان «باقي نسل ]المرأة[» هم شهود يهوه الممسوحون الباقون على الارض اليوم. وهم في طليعة عمل الشهادة ليسوع، معلنين جهارا حول العالم انه الآن متوج كملك وأنه قريبا سينهي نظام الاشياء الاثيم هذا. (متى ٢٤:١٤، دانيال ٢:٤٤) ولكنهم ليسوا وحدهم! فالآن انضم اليهم جمع غفير من اكثر من ثلاثة ملايين من الناس ليشكلوا هيئة موحَّدة عالمية الانتشار للمحافظة على الاستقامة. وجميع المحافظين على الاستقامة هؤلاء اصبحوا ايضا اهدافا لاضطهاد الشيطان العديم الشفقة، وأبوهم السماوي يهوه يسر باستقامتهم. — ٢ تيموثاوس ٣:١٢، امثال ٢٧:١١.
٧ لماذا يمكننا ان نكون واثقين في وجه هجمات الشيطان؟
٧ طبعا، من الرزانة الادراك انه كما تركَّز انتباه الشيطان الشرير على ايوب، كذلك علينا نحن الذين نحاول المحافظة على الاستقامة امام اللّٰه. ولكن لا يلزم ان نضطرب. ولماذا؟ لان يهوه «كثير الرحمة ورأوف،» وهو «لا يهملك ولا يتركك.» (يعقوب ٥:١١، تثنية ٣١:٦) نعم، يهوه سيدعمنا، اذ «هو مجنّ للسالكين (بالاستقامة)،» يقول الكتاب المقدس. (امثال ٢:٧) ولكنّ هذا لا يعني ان يهوه لن يدعنا نُمتحن. فهو سيفعل ذلك، كما فعل مع ايوب. «ولكنّ اللّٰه امين،» ذكر الرسول بولس، «الذي لا يدعكم تجرَّبون فوق ما تستطيعون بل سيجعل مع التجربة ايضا المنفذ لتستطيعوا ان تحتملوا.» — ١ كورنثوس ١٠:١٣.
عندما نكون تحت المحنة
٨ كيف يمكن ان يفيدنا مثال ايوب اليوم؟
٨ ان مثال ايوب للاستقامة يمكن ان يكون بصورة خاصة ذا فائدة لنا عندما نواجه محنا قاسية. لقد تألم ايوب كثيرا حتى تمنى ان يموت ويوارى في شيول، المدفن العام للجنس البشري. (ايوب ١٤:١٣) ويشعر البعض اليوم على نحو مماثل، قائلين انه يمكن تصنيفهم مع ايوب عندما كان يتألم كثيرا. وربما شعرتم احيانا بهذه الطريقة ايضا. وفي الواقع، ان القراءة عن آلامه يمكن ان تكون كنيل التشجيع من صديق اختبر محنة اقسى ايضا من تلك التي لنا. ومعرفتنا ان شخصا آخر قد احتمل، ويفهم، تساعدنا بالتأكيد على الاحتمال ايضا.
٩ كيف نستفيد من محافظة الآخرين على الاستقامة؟
٩ واذ يدرك يهوه حاجاتنا جعل سفر ايوب يدوَّن لمساعدتنا على المحافظة على الاستقامة كما فعل ايوب. (رومية ١٥:٤، يعقوب ٥:١٠، ١١) فاللّٰه يعرف انه كما يعتمد الجزء الواحد من الجسم على الآخر، كذلك يحتاج خدامه الامناء احدهم الى الآخر. (١ كورنثوس ١٢:٢٠، ٢٦) اذكروا محفل «المحافظين على الاستقامة» في الآونة الاخيرة الذي حضره ملايين من قراء هذه المجلة. واولئك الذين كانوا هناك سيذكرون كم كان حسنا وجودهم بصحبة كثيرين من الذين هدفهم الرئيسي في الحياة هو المحافظة على الاستقامة امام اللّٰه. وكم كان تشجيعا على المحافظة على الاستقامة ان يعرف اولئك الحاضرون ان الآلاف الكثيرة حولهم — وهم في اماكن عملهم او في المدارس في مجتمعاتهم — كانوا يحافظون ايضا على الاستقامة تحت امتحانات صعبة! — ١ بطرس ٥:٩.
١٠ (أ) كيف يمكن ان يفشل الشخص في المحافظة على وجهة النظر الصائبة؟ (ب) ماذا بدأ ايوب يشك فيه؟
١٠ ولكن ربما لا نحافظ دائما على وجهة النظر الصائبة، كما فشل ايوب في ذلك. فالشخص الذي يتألم كثيرا، وهو في حالة عقلية كئيبة، قد يقول، «آه، لماذا يفعل اللّٰه هذا لي؟ لماذا يسمح بأن يحدث ذلك؟» وقد يصل الشخص ايضا الى درجة السؤال، «ما النفع من خدمة اللّٰه؟» واذ لم يدرك ايوب مصدر ألمه ارتاب في الفائدة الحالية لكون الشخص بارا، اذ ظهر ان الصالحين يتألمون كالطالحين ان لم يكن اكثر منهم. (ايوب ٩:٢٢) وبحسب أليهو، قال ايوب: «ماذا يفيدني؟ ماذا اربح اكثر مما لو كنت قد اخطأت؟» (ايوب ٣٥:٣، ترجمة اميركية) ولكن لا يمكننا ان ندع انفسنا ننهمك في مشاكلنا الخاصة بحيث نخسر وجهة النظر الصائبة ونشك في قيمة خدمة اللّٰه.
١١ اي تقويم حسن زوَّده أليهو لايوب؟
١١ زوَّد أليهو ايوب التقويم اللازم، واضعا الامور في المركز الملائم اذ اشار ان يهوه مرفَّع اعلى بكثير من ايوب. (ايوب ٣٥:٤، ٥) وأظهر أليهو انه مهما يحدث لا يجب ان نستنتج ابدا ان اللّٰه غير مكترث ونفكر نوعا ما انه يمكننا ان نحقد عليه من اجل الاشياء المعتبرة غير عادلة من جهته. «ان اخطأت،» سأل أليهو ايوب، «فماذا فعلت به وان كثَّرت معاصيك فماذا عملت له.» (ايوب ٣٥:٦) نعم، اذا حاولتم ان تحقدوا على اللّٰه بهجركم طرقه او خدمته تضرّون انفسكم فقط لا اللّٰه.
١٢ كيف تؤثر محافظتنا على الاستقامة في اللّٰه؟
١٢ ومن ناحية اخرى، اظهر أليهو ان يهوه لا ينتفع شخصيا اذا عملنا ما هو صواب. وطبعا، يسر اللّٰه اذا حافظنا على الاستقامة، ولكنه في الوقت ذاته لا يعتمد اطلاقا على عبادتنا، كما أُشير اليه بما سأله أليهو لايوب: «ان كنت بارا فماذا اعطيته او ماذا يأخذه من يدك.» (ايوب ٣٥:٧) لقد اعطانا اللّٰه الحياة، ونحن به نتنفس ونتحرك ونوجد. انه يملك كل شيء! (اعمال ١٧:٢٥؛ ١ أخبار الايام ٢٩:١٤) وهكذا فان شرّنا او برّنا لا يمكن ان يؤثر في اللّٰه شخصيا. — ايوب ٣٥:٨.
عندما نُقوَّم
١٣ (أ) كيف تجاوب ايوب مع التقويم المعطى؟ (ب) اية مشكلة نملكها جميعنا؟
١٣ كيف تجاوب ايوب مع التقويم المعطى، اولا من أليهو ثم من يهوه نفسه؟ لقد قبله نادما «في التراب والرماد.» (ايوب ٤٢:٦) نعم، تواضع ايوب معترفا بخطئه. ألا نعجب باتضاع كهذا؟ ولكن ماذا عنّا؟ رغم اننا قد نكون محافظين على الاستقامة شجعانا كأيوب، فجميعنا ميالون الى ارتكاب الاخطاء والصيرورة غير متزنين بطريقة او بأخرى. (يعقوب ٣:٢، غلاطية ٢:١١-١٤) فماذا نفعل عندما يجري لفت انتباهنا الى خطئنا او نقصنا حتى من شخص اصغر سنا كأليهو؟ — ايوب ٣٢:٤.
١٤ (أ) ما هو الميل الشائع عندما يجري تقويم الشخص؟ (ب) ماذا يمكن ان يساهم في الاخطاء او الاحكام غير الملائمة، وأي مثال رسمه ايوب عندما جرى تقويمه؟
١٤ ليس من السهل دائما قبول التقويم. (عبرانيين ١٢:١١، امثال ٣:١١، ١٢) والميل هو محاولة تبرير انفسنا. وكأيوب، ربما لم نقل او نفعل شيئا خاطئا عن قصد. وربما كان دافعنا حسنا. ولكن ربما تكلمنا دون معرفة كاملة بنقص في الفهم او الادراك. وربما عكست تعليقاتنا نغمة التفوق العنصري او القومي، او صرامة في قضية غير مدعومة من الاسفار المقدسة. وقد يُلفت انتباهنا الى ان ما قلناه يعكس اكثر وجهة نظرنا الشخصية وأنه قد جرح الآخرين الى حد تعريض روحياتهم للخطر. فعندما نُقوَّم هل نعترف كأيوب بأننا تكلمنا دون فهم ونتراجع؟ — ايوب ٤٢:٣ و ٦.
واثقين باللّٰه لا الغنى
١٥ كيف نعرف ان ثقة ايوب لم تكن بغناه؟
١٥ شكك بلدد بموضع ثقة ايوب، معلنا انه قد نسي اللّٰه وأن ثقته قد وضعت في مكان آخر. (ايوب ٨:١٣، ١٤) ولكن رغم ان ايوب كان قد بورك بأشياء مادية كثيرة فلم تكن ثقته بها. ولم تتزعزع استقامته قط عندما خسر كل ممتلكاته. (ايوب ١:٢١) وفي دفاعه الختامي قال ايوب: «ان كنت قد جعلت الذهب عمدتي او قلت للابريز انت متكلي. ان كنت قد فرحت اذ كثرت ثروتي ولان يدي وجدت كثيرا. . . . فهذا ايضا اثم يُعرض للقضاة لاني اكون قد جحدت اللّٰه من فوق.» — ايوب ٣١:٢٤-٢٨.
١٦ (أ) اي فحص يجب ان نجريه لانفسنا؟ (ب) اي وعد يعطيه اللّٰه لاولئك الذي يثقون به؟
١٦ وما القول فينا؟ اين نضع ثقتنا — في يهوه ام في الممتلكات المادية؟ وان وُزنّا في موازين الحق، كما رغب ايوب، هل يعرف اللّٰه استقامتنا في هذا الامر؟ هل اهتمامنا الرئيسي في الحياة هو حقا تزويد يهوه مسلكا للمحافظة على الاستقامة للاجابة عن تعييرات الشيطان؟ ام هل نهتم بصورة خاصة باشباع رغباتنا في الملذات والممتلكات؟ فكم هو حسن ان نتمكن من الصيرورة كايوب ونفرّح قلب يهوه بالثقة به، ولا نعطي اية اهمية غير ملائمة لانفسنا او للامور المادية المتوافرة! واذا وثقنا بيهوه، واضعين مصالحه اولا، يعد بعدم اهمالنا او تركنا ابدا. — متى ٦:٣١-٣٣، عبرانيين ١٣:٥ و ٦.
الآداب الجنسية
١٧ اية تلميحات صنعها «معزّو» ايوب، ولكن ماذا قال ايوب عن سلوكه الادبي؟
١٧ ومعزّو ايوب الزائفون لم يتهموه مباشرة بسوء السلوك الجنسي، ولكنهم اشاروا مرة بعد اخرى الى انه كان مذنبا بخطإ سري يعاقبه اللّٰه عليه. وكرجل غني، اذ كان في الواقع «اعظم كل بني المشرق،» سنحت لايوب بالتأكيد فرص لممارسة الجنس خارج نطاق الزواج. (ايوب ١:٣؛ ٢٤:١٥) فخدام اللّٰه الآخرون، قبل زمان ايوب وبعده، سقطوا في اغراءات جنسية. (تكوين ٣٨:١٥-٢٣؛ ٢ صموئيل ١١:١-٥) ولكنّ ايوب دافع عن نفسه ضد اية تلميحات الى مثل هذا الخطإ مصرحا: «عهدا قطعت لعينيَّ فكيف اتطلع في عذراء. ان غوي قلبي على امرأة او كمنت على باب قريبي . . . هذه رذيلة وهي اثم يُعرض للقضاة.» — ايوب ٣١:١ و ٩-١١.
١٨ لماذا من الصعب المحافظة على الآداب الجنسية، ولكن لماذا نكون سعداء اذا حافظنا عليها؟
١٨ ربما لم يكن الشيطان ناجحا في تقويض استقامة خدام اللّٰه بوسيلة اخرى كما باغرائهم لارتكاب العهارة. (عدد، الاصحاح ٢٥) فهل يمكنكم التمثل باستقامة ايوب بمقاومة جميع اغراءات سوء السلوك الجنسي؟ انه في الواقع تحدٍّ، خاصة في هذا العالم المجنون جنسيا حيث الفساد الادبي منتشر جدا. ولكن فكروا كم يكون حسنا، عندما ندعى للحساب، ان نتمكن من القول بثقة كما قال ايوب: «يعرف اللّٰه (استقامتي)»! — ايوب ٣١:٦.
ما يمكن ان يساعدنا
١٩ ما هو الشيء الضروري لمساعدتنا على المحافظة على الاستقامة؟
١٩ ليس من السهل التمثل باستقامة ايوب اذ يحاول الشيطان اليوم بجد ان يكسر استقامتنا كما حاول ان يكسر استقامة ايوب. فمن الضروري ان نلبس سلاح اللّٰه الكامل. (افسس ٦:١٠-١٨) وهذا يشمل اصطفافنا مع اللّٰه، كما كان ايوب، هادفين ان نسره في جميع ما نفعله نحن او عائلاتنا. (ايوب ١:٥) ولذلك فان درس الكتاب المقدس والمعاشرة القانونية للرفقاء المؤمنين والاعلان الجهري لايماننا هي اشياء حيوية. — ٢ تيموثاوس ٢:١٥، عبرانيين ١٠:٢٥، رومية ١٠:١٠.
٢٠ (أ) اي رجاء يمكن ان يدعمنا في اثناء المحن؟ (ب) اية مكافأة للمحافظة على الاستقامة ذكرها المرنم الملهم يمكن ان ننالها؟
٢٠ ولكنّ ما يمكن ان يدعمنا بصورة خاصة في اثناء المحنة هو ما دعم ايوب — ثقته بأن حياته ليست كل ما في الامر. «ان مات رجل أفيحيا،» سأل ايوب. وفي ردّه اجاب: «تدعو فأنا اجيبك.» (ايوب ١٤:١٣-١٥) وامتلاكنا هذه الثقة الكاملة عينها بأن يهوه سيقيم خدامه الامناء يمكن ان يساعدنا ايضا على مواجهة ايّ امتحان قد يفرضه الشيطان. (عبرانيين ٦:١٠) ومنذ زمن طويل كتب المرنم الملهم للكتاب المقدس: «أما انا (فباستقامتي) دعمتني وأقمتني قدامك الى الابد.» (مزمور ٤١:١٢) فليكن ذلك المستقبل السعيد لكل واحد منا — ان يدعمنا يهوه ويحفظنا الى الابد لكوننا خدامه المحافظين على الاستقامة!
-