-
حافظوا على الاستقامة واحيوا!برج المراقبة ١٩٩٥ | ١ كانون الثاني (يناير)
-
-
حافظوا على الاستقامة واحيوا!
«العن اللّٰه ومت!» تَظهر على غلاف مجلتنا صورة امرأة ايوب التي كانت تهاجمه بهذه الكلمات. كان ذلك منذ ٦٠٠,٣ سنة تقريبا. لكنَّ هذا التهجُّم الشفهي على خادم اللّٰه الامين يلقي الضوء على قضية تواجه الجنس البشري حتى يومنا هذا. لقد عانى ايوب الامين خسائر فادحة — ماشيته، بيته، اولاده العشرة. وجسمه تعذَّب بسبب مرض مزمن، الامر الذي كان يمتحن احتماله الى اقصى الحدود. والسبب؟ كان العدو الرئيسي للّٰه والانسان، الشيطان ابليس، يواصل تحديا ادَّعى فيه انه لا يمكن للانسان ان يحافظ على الاستقامة امام اللّٰه تحت الامتحان الشديد. — ايوب ١:١١، ١٢؛ ٢:٤، ٥، ٩، عج، ١٠ .
واليوم، كما في ايام ايوب، «العالم كله قد وُضع في الشرير،» الشيطان ابليس. (١ يوحنا ٥:١٩) ويصح هذا اليوم اكثر ايضا، لأن «المدعو ابليس والشيطان الذي يضل العالم كله» هو الآن مطرود من السموات الى هذه الارض. (رؤيا ١٢:٩) ويفسِّر ذلك الويلات الشديدة التي تصيب الجنس البشري في زمننا. والحرب العالمية الاولى، التي اندلعت في السنة ١٩١٤، وسمت «مبتدأ الاوجاع» التي تتواصل في هذا القرن الـ ٢٠. — متى ٢٤:٧، ٨.
في هذا العالم الوحشي والمنحط، هل حدث مرة ان شعرتم بأنكم بلغتم اقصى حدود الاحتمال البشري؟ هل حدث مرة ان تساءلتم: ‹هل هنالك ايّ قصد من الحياة؟› ربما شعر ايوب هكذا، لكنه لم يفقد قط الايمان باللّٰه، مع انه ارتكب اخطاء. فقد عبَّر عن تصميمه في هذه الكلمات: «حتى اسلم الروح لا اعزل (استقامتي) عني.» وكان على ثقة بأن اللّٰه ‹يعرف (استقامته).› — ايوب ٢٧:٥؛ ٣١:٦.
وكان على يسوع المسيح ايضا، ابن اللّٰه نفسه، ان يحتمل المحن وهو على الارض. لقد هاجم الشيطانُ يسوعَ بطرائق مختلفة. واستغل حاجات يسوع الجسدية وامتحن ثقته بكلمة اللّٰه، كما حدث على جبل التجربة. (متى ٤:١-١١) وضايق يسوع بجعله الكتبة والفريسيين المرتدين والاشخاص المنخدعين بهم يضطهدونه، يتهمونه بالتجديف، ويتآمرون على قتله. (لوقا ٥:٢١؛ يوحنا ٥:١٦-١٨؛ ١٠:٣٦-٣٩؛ ١١:٥٧) لقد اساءوا الى يسوع اكثر مما اساء المعزّون الباطلون الثلاثة الى ايوب. — ايوب ١٦:٢؛ ١٩:١، ٢.
في بستان جثسيماني، وباقتراب ذروة امتحان يسوع، قال لتلاميذه: «نفسي حزينة حتى الموت.» ثم «خرَّ على وجهه وكان يصلّي قائلا يا ابتاه إن امكن فلتعبر عني هذه الكأس. ولكن ليس كما اريد انا بل كما تريد انت.» وأخيرا، على خشبة الآلام، وإتماما للكلمات النبوية في المزمور ٢٢:١، صرخ يسوع: «الهي الهي لماذا تركتني.» لكنَّ اللّٰه في النهاية لم يترك يسوع، لأن يسوع حافظ على استقامة كاملة امامه، مزوِّدا مثالا ليتبعه جميع المسيحيين الحقيقيين. لقد كافأ يهوه يسوع على محافظته على الاستقامة بإقامته وترفيعه الى اعلى السموات. (متى ٢٦:٣٨، ٣٩؛ ٢٧:٤٦؛ اعمال ٢:٣٢-٣٦؛ ٥:٣٠؛ ١ بطرس ٢:٢١) وسيكافئ اللّٰه جميع الذين يحافظون هم ايضا على الاستقامة امامه.
لم تعطِ استقامة يسوع جوابا وافيا على تحدي الشيطان فحسب، بل زوَّدت ذبيحةُ حياته البشرية الكاملة الفديةَ التي على اساسها يمكن للبشر المحافظين على الاستقامة ان ينالوا الحياة الابدية. (متى ٢٠:٢٨) اولا، يجمع يسوع ‹قطيعا صغيرا› ممسوحا من اشخاص يصيرون ورثة معاونين معه في ملكوت السموات. (لوقا ١٢:٣٢) وبعد ذلك يُجمع «جمع كثير» ليعبروا «الضيقة العظيمة» احياء، وهم يأتون منها ليرثوا الحياة الابدية في حيّز ملكوت اللّٰه على الارض. — رؤيا ٧:٩، ١٤-١٧.
وسيكون ايوب المحافظ على الاستقامة بين بلايين الاموات الذين سيُقامون آنذاك ليصيروا جزءا من مجتمع ‹الارض الجديدة› السلمي ذاك. (٢ بطرس ٣:١٣؛ يوحنا ٥:٢٨، ٢٩) وكما هو مصوَّر على الغلاف الخلفي لمجلتنا، كوفئ ايوب على استقامته عندما «بارك الرب آخرة ايوب اكثر من اولاه.» لقد كان يتمتع بالقوة الروحية كمَن «لم يخطئ . . . بشفتيه.» فأطال اللّٰه حياته ١٤٠ سنة اضافية. وماديا، اعطى ايوبَ ضعف كل ما كان عنده، وكان لأيوب «سبعة بنين وثلاث بنات،» واعتُبرت بناته اجمل البنات في كل الارض. (ايوب ٢:١٠؛ ٤٢:١٢-١٧) لكنَّ كل هذا الازدهار ليس إلا عيِّنة من البركات التي سيتمتع بها المحافظون على الاستقامة في الفردوس على ‹الارض الجديدة.› وبإمكانكم انتم ايضا ان تشتركوا في هذا الفرح، كما ستوضح الصفحات التالية!
[الصورة في الصفحة ٤]
رسم يسوع المثال الكامل كمحافظ على الاستقامة
-
-
الانتصار على الشيطان وأعمالهبرج المراقبة ١٩٩٥ | ١ كانون الثاني (يناير)
-
-
الانتصار على الشيطان وأعماله
«اخضعوا للّٰه. قاوموا ابليس فيهرب منكم.» — يعقوب ٤:٧.
١ كيف تؤثر «يد الشرير» في الجنس البشري اليوم؟
قال ايوب بالصواب: «الارض مسلَّمة ليد الشرير.» (ايوب ٩:٢٤) ونحن الآن نواجه اصعب ازمنة في كل التاريخ البشري. ولماذا؟ لأن هذه الايام هي «الايام الاخيرة» للسيطرة الابليسية التي يمارسها الشيطان على الارض. فلا عجب ان ‹الناس الاشرار المزوِّرين،› مدفوعين من الشيطان، ‹يتقدمون الى اردأ مضِلّين ومضَلّين.› (٢ تيموثاوس ٣:١، ١٣) وعلاوة على ذلك، فإن الاضطهادات، المظالم، الاعمال الوحشية، الجرائم، الصعوبات الاقتصادية، الامراض المزمنة، آلام الشيخوخة، حالات الكآبة العاطفية — هذه الامور وغيرها ايضا قد تُثقل كاهلنا بشدة.
٢ كيف يمكننا ان نتغلب على هجمات الشيطان اليوم؟
٢ يشنُّ الخصم الكبير، الشيطان ابليس، هجوما مركَّزا على الجنس البشري وخصوصا على عبَّاد اللّٰه الحقيقيين. وهدفه هو حملُ جميع الذين يمكن ان يحافظوا على الاستقامة على معاداة اللّٰه وإهلاكُهم معه ومع ملائكته الابليسيين. ولكن يؤكَّد لنا انه اذا احتملنا باستقامة، فسيهرب ابليس منا. وكيسوع، يمكننا ان ‹نتعلَّم الطاعة› للّٰه مما نتألم به، وبلطفه غير المستحق يمكننا ان نبلغ الحياة الابدية. — عبرانيين ٥:٧، ٨؛ يعقوب ٤:٧؛ ١ بطرس ٥:٨-١٠.
٣، ٤ (أ) اية محن خارجية وجب على بولس ان يجابهها؟ (ب) ماذا كان اهتمام بولس كشيخ مسيحي؟
٣ امتُحن الرسول بولس ايضا بطرائق كثيرة. فعند ذكره اوراق اعتماده كخادم للمسيح، كتب: «انا افضل. في الاتعاب اكثر. في الضربات اوفر. في السجون اكثر. في الميتات مرارا كثيرة. من اليهود خمس مرات قبلتُ اربعين جلدة إلا واحدة. ثلاث مرات ضُربتُ بالعِصيّ. مرة رُجمت. ثلاث مرات انكسرت بي السفينة. ليلا ونهارا قضَّيت في العمق. بأسفار مرارا كثيرة. بأخطار سيول. بأخطار لصوص. بأخطار من جنسي. بأخطار من الامم. بأخطار في المدينة. بأخطار في البرية. بأخطار في البحر. بأخطار من اخوة كذبة. في تعب وكدّ. في اسهار مرارا كثيرة. في جوع وعطش. في اصوام مرارا كثيرة. في برد وعُري.
٤ «عدا ما هو دون ذلك [«وفضلا عن هذه المخاطر الخارجية،» ترجمة تفسيرية]. التراكم عليَّ كل يوم. الاهتمام بجميع الكنائس. من يضعف وأنا لا اضعف. من يعثر وأنا لا التهب.» (٢ كورنثوس ١١:٢٣-٢٩) اذًا، حافظ بولس على الاستقامة عند مواجهة الاضطهادات والمحن التي من الخارج، وكشيخ مسيحي، كان مهتما الى ابعد حد بتقوية الاخوة والاخوات الاضعف في الجماعة، مساعدا اياهم لكي يحافظوا على الاستقامة. فيا له من مثال حسن للشيوخ المسيحيين اليوم!
الاستقامة تحت الاضطهاد
٥ ما هو الحلّ للاضطهاد المباشر؟
٥ اية وسائل يستخدمها الشيطان لكسر استقامة المرء؟ كما جرت الاشارة اليه آنفا، احد اكثر اساليب الشيطان وحشية هو الاضطهاد المباشر، لكن يوجد حلّ. تنصحنا افسس ٦:١٠، ١١: «تقوَّوا في الرب وفي شدة قوته. البسوا سلاح اللّٰه الكامل لكي تقدروا ان تثبتوا ضد مكايد ابليس [او «اعمال [ابليس] الماكرة،» حاشية عج].»
٦ كيف يمكن الإثبات ان شهود يهوه ‹عظُم انتصارهم›؟
٦ كثيرا ما اضطر شهود يهوه في هذه الايام الاخيرة الى مجابهة المحن. وهكذا يمكننا ان نقول مع بولس: «في هذه جميعها يعظم انتصارنا بالذي احبنا.» (رومية ٨:٣٧) وهذا ما يثبته سجل استقامة شهود يهوه في معسكرات الاعتقال في المانيا، النمسا، پولندا، ويوڠوسلاڤيا خلال الحقبة النازية بين السنتين ١٩٣٣ و ١٩٤٥، تحت الظلم الشيوعي في اوروپا الشرقية بين السنة ١٩٤٥ والسنة ١٩٨٩، وخلال الاضطهادات التي عصفت بأجزاء من افريقيا وأميركا اللاتينية في السنوات الاخيرة.
٧ اية امثلة مثيرة للاستقامة تَرِدُنا من إثيوپيا؟
٧ قدَّم شهود يهوه في إثيوپيا مثالا مثيرا للاستقامة بين السنتين ١٩٧٤ و ١٩٩١. فأحد المعتقِلين ذوي الميول السياسية قال لأخ سجين: «ان اطلاق سراح الأُسود من حديقة الحيوانات خير من اخلاء سبيلكم من جديد!» وعذَّب هؤلاء المضطهِدون القساة خدامَ يهوه، وبعد عدة سنوات امرت احدى محاكم الاستئناف بتنفيذ الاعدام. وعُرضت جثة اخ علنا كتحذير. وأطلقت محكمة اكثر تسامحا سراح اخوة آخرين كانوا قد استأنفوا حكم الاعدام، وكانت لبعض هؤلاء ‹الغالبين› الامناء ادوار في برنامج محفل «التعليم الالهي» الكوري في أديس أبابا الذي عُقد في وقت باكر من السنة ١٩٩٤.a — يوحنا ١٦:٣٣؛ قارنوا ١ كورنثوس ٤:٩.
٨ كيف حاول الشيطان الاستفادة من مسألة «التطهير العرقي»؟
٨ فشل الشيطان في كسر استقامة اخوة وأخوات اولياء كهؤلاء عن طريق الهجوم المباشر. فأية وسائل ماكرة اخرى يستخدمها؟ تقول الرؤيا ١٢:١٢ عن هذه الايام الاخيرة: «ويل لساكني الارض والبحر لأن ابليس نزل اليكم وبه غضب عظيم عالما ان له زمانا قليلا.» وإذ فشل في ابادة شعب اللّٰه الولي بالاضطهادات، يحاول في غضبه ان يقضي على مجموعات سكانية بكاملها، دون شك بهدف اهلاك شعب يهوه مع باقي السكان. وهكذا نُفِّذ ما يسمى بالتطهير العرقي في اجزاء من يوڠوسلاڤيا السابقة، وجرت محاولات ابادة جماعية في لَيبيريا، بوروندي، ورُوَندا.
٩ لماذا غالبا ما تفشل خطط الشيطان؟ أَعطوا امثلة.
٩ لكن غالبا ما ترتد خطط الشيطان عليه، لأن البلايا الشيطانية تجعل مستقيمي القلوب يدركون ان رجاءهم الحقيقي يعتمد على ملكوت اللّٰه الذي ينادي به شهود يهوه بغيرة. (متى ١٢:٢١) والمهتمون يتدفقون فعلا بأعداد كبيرة الى الملكوت! مثلا، في البوسنة والهرسك التي يمزقها النزاع، في الاحتفال بذكرى موت يسوع في ٢٦ آذار ١٩٩٤، حضر ٣٠٧,١ اشخاص، اكثر من حضور السنة السابقة بـ ٢٩١ شخصا. وسُجلت ذرى في عدد الحضور في ساراييڤو (٤١٤)، زنِتْسا (٢٢٣)، توزْلا (٣٣٩)، بانْيا لوكا (٢٥٥)، وفي بلدات اخرى. وفي كرواتيا المجاورة كانت هنالك ذروة حضور جديدة بلغت ٣٢٦,٨ شخصا. فالعنف المندلع حول شهود يهوه في هذين البلدين لم يمنعهم من اطاعة الوصية بأن ‹يخبروا بموت الرب الى ان يجيء.› — ١ كورنثوس ١١:٢٦.
في رُوَندا التي مزقها النزاع
١٠، ١١ (أ) ماذا حدث في رُوَندا المدعوة مسيحية؟ (ب) اية تعابير ذكرها المرسَلون الامناء؟
١٠ في رُوَندا حيث كان هنالك ٠٨٠,٢ ناشرا للملكوت في السنة ١٩٩٣، حضر ٠٧٥,٤ شخصا محفل «التعليم الالهي» الكوري، واعتمد ٢٣٠. ومن هؤلاء، قدَّم ١٤٢ شخصا على الفور طلبات لخدمة الفتح الاضافي. وارتفع عدد دروس الكتاب المقدس الى ٦٥٥,٧ في السنة ١٩٩٤ — زيادة من الواضح انها لم تعجب الشيطان! ورغم ان الاغلبية الساحقة من السكان تدَّعي انها مسيحية، وقعت مذابح قبلية. اعترفت صحيفة لوسِرڤاتوري رومانو الڤاتيكانية: «انها ابادة جماعية بكل معنى الكلمة، وللأسف، حتى الكاثوليك هم مسؤولون عنها.» وما يقدَّر بنصف مليون رجل، امرأة، وولد ماتوا، ونحو مليونَي شخص شُرِّدوا او أُجبروا على الفرار. أما شهود يهوه، فبمحافظتهم على حيادهم المسيحي المسالم حاولوا ان يبقوا معا. وقُتل مئات من اخوتنا وأخواتنا. ولكن في احدى الجماعات المؤلفة من ٦٥ ناشرا للملكوت، حيث قُتل ١٣ شخصا، ارتفع عدد الحضور الى ١٧٠ بحلول آب ١٩٩٤. وكانت مؤن الاغاثة من الشهود في بلدان اخرى بين اول المؤن التي تصل. وترتفع صلواتنا من اجل الناجين. — رومية ١٢:١٢؛ ٢ تسالونيكي ٣:١، ٢؛ عبرانيين ١٠:٢٣-٢٥.
١١ ووسط كل هذا الرعب، تمكن المرسَلون الثلاثة الذين كانوا في رُوَندا من الفرار. وهم يكتبون: «نحن ندرك ان اخوتنا في كل العالم اضطروا الى مواجهة اوضاع مشابهة او اسوأ منها، ونعلم ان هذا كله هو جزء من علامة الايام الاخيرة لهذا النظام الشرير. ومع ذلك، عندما تمسّ القضية المرء، تجعله يدرك بشدة حقيقة الامور ويقدِّر كم الحياة ثمينة. لقد اتخذَت بعض الآيات معنى جديدا بالنسبة الينا، ونحن نتطلع الى الوقت الذي فيه لن تُذكر الامور الاولى. وحتى ذلك الوقت نريد ان نبقى مشغولين بخدمة يهوه.»
احداث محافظون على الاستقامة
١٢، ١٣ (أ) ايّ مسلك للمحافظة على الاستقامة اتخذته احدى الحدثات؟ (ب) اين يمكن ان يجد احداثنا التشجيع؟
١٢ اشار يسوع الى ان الذين ينكرهم افراد عائلتهم من اجل الحق سيكافأون ‹بمئة ضعف.› (مرقس ١٠:٢٩، ٣٠) وقد صحَّ ذلك في حالة أنتَليا، فتاة في شمال افريقيا في العاشرة من العمر، احبت اسم اللّٰه — يهوه — حالما سمعت به. كانت تدرس مع شهود يهوه وتمشي ٩٠ دقيقة ذهابا وإيابا الى الاجتماعات، مع انه غالبا ما كانت عائلتها المقاوِمة لا تسمح لها بدخول البيت عند عودتها. وفي الـ ١٣ من العمر ابتدأت تكرز من بيت الى بيت، فاشتدت مقاومة العائلة. وفي احد الايام ربط اقرباء لها يديها ورجليها وجعلوها تستلقي تحت الشمس المحرقة سبع ساعات، ملقين عليها ماء وسخا بين حين وآخر. وضربوها بوحشية، معطبين احدى عينيها، وأخيرا اجبروها على مغادرة بيتها. لكنها وجدت عملا في مستشفى وتأهلت اخيرا كممرضة. وفي الـ ٢٠ من العمر اعتمدت وانخرطت فورا في الفتح الاضافي. وإذ تأثرت عائلتها باستقامتها، رحبوا بها من جديد في بيتهم، وقبِل تسعة منهم دروسا بيتية في الكتاب المقدس.
١٣ كانت أنتَليا تنال الكثير من التشجيع من المزمور ١١٦، وخصوصا الاعداد ١-٤، التي كانت تقرأها مرارا وتكرارا: «احببتُ لأن (يهوه) يسمع صوتي تضرُّعاتي. لأنه امال اذنه اليَّ. فأدعوه مدة حياتي. اكتنفتني حبال الموت اصابتني شدائد الهاوية. كابدتُ ضيقا وحزنا. وباسم (يهوه) دعوتُ آه يا (يهوه) نَجِّ نفسي.» ويهوه يستجيب صلوات كهذه!
١٤ كيف اعرب الشهود الپولنديون عن استقامة بارزة؟
١٤ وكما في ايام يسوع، غالبا ما يستخدم الشيطان التعصب الديني ليؤجج نيران الاضطهاد — انما دون ان ينجح. ويبرز في هذا المجال مثال اخوتنا في پولندا، كما يوصَف ذلك في الكتاب السنوي لشهود يهوه لعام ١٩٩٤. وحتى الاحداث لزمهم ان يبرهنوا انهم محافظون على الاستقامة. في السنة ١٩٤٦ كانت فتاة في الـ ١٥ من العمر واحدة من هؤلاء الاحداث، وقد قيل لها: «ارسمي فقط اشارة الصليب الكاثوليكية، وإلا فإن رصاصة تنتظركِ!» ولأنها حافظت على استقامتها، جُرَّت الى غابة، عُذِّبت عذابا فظيعا، وأُطلقت النار عليها وقُتلت. — قارنوا متى ٤:٩، ١٠.
وسائل ماكرة اخرى لدى الشيطان
١٥، ١٦ (أ) ما هي سياسة الشيطان الخبيثة، وكيف يمكننا ان نقاومه؟ (ب) لماذا لا داعي لأن يعثر احداثنا؟
١٥ ان سياسة الشيطان الخبيثة هي في الواقع «سيطر او دمِّر»! ولديه اسلحة رهيبة كثيرة في ترسانته. فلا عجب اذًا ان يحذِّر الرسول بولس: «ان مصارعتنا ليست مع دم ولحم بل مع الرؤساء مع السلاطين مع ولاة العالم على ظلمة هذا الدهر مع اجناد الشر الروحية في السماويات. من اجل ذلك احملوا سلاح اللّٰه الكامل لكي تقدروا ان تقاوموا في اليوم الشرير وبعد ان تتمموا كل شيء ان تثبتوا.» (افسس ٦:١٢، ١٣) فالرغبات المادية، التسلية والدعاية المنحطتان، الموسيقى الشيطانية، ضغط النظير في المدرسة، اساءة استعمال المخدِّرات، والسكر — يمكن لأيّ واحدة من هذه ان تحطِّم حياتنا. لذلك يمضي الرسول ناصحا: «[احملوا] فوق الكل ترس الايمان الذي به تقدرون ان تطفئوا جميع سهام الشرير الملتهبة.» — افسس ٦:١٦.
١٦ ويبدو ان ذلك ضروري وخصوصا اليوم نظرا الى الموسيقى الغريبة التي بها يُغرق الشيطان هذا العالم. وفي بعض الحالات هنالك ارتباط مباشر بعبادة الشيطان. ذكر تقرير من مكتب العمدة في مقاطعة سان دياڠو (الولايات المتحدة الاميركية): «جرت عندنا هنا حفلة موسيقية وفيها جعلت الفرقة الموسيقية ٠٠٠,١٥ ولد ينشدون ‹ناتاس› — اي كلمة شيطان بالانكليزية معكوسة.» وقد شُبِّهت عبادة الشيطان بحفرة يعثر المراهقون ويقعون فيها «لأنهم يهيمون على وجوههم يائسين، غِضابا ومتوحدين.» فيا ايها الاحداث في الجماعة المسيحية، لا داعي ابدا لأن تعثروا! فيهوه يزوِّدكم بسلاح روحي لن تخرقه ابدا نبال الشيطان. — مزمور ١٦:٨، ٩.
١٧ كيف يمكن التغلب على الكآبة العاطفية؟
١٧ ان السهام الابليسية الملتهبة مصمَّمة للتأثير في المشاعر. فمن خلال ضغوط الحياة، كالمرض الجسدي او حالة من الكآبة الشديدة، قد يجعل خصمنا البعض يشعرون بعدم القيمة. وقد يصير المرء متثبِّطا لأنه غير قادر على قضاء ساعات كثيرة في خدمة اللّٰه او لأن بعض اجتماعات الجماعة تفوته. والاهتمام الحبي الذي يُظهره الشيوخ والاخوة والاخوات الآخرون ذوو القلوب الرقيقة يمكن ان يساعد على التغلب على جروح نفسية صعبة. وتذكروا دائما ان يهوه يحب خدامه الامناء. (١ يوحنا ٤:١٦، ١٩) يذكر المزمور ٥٥:٢٢: «أَلقِ على (يهوه) همَّك فهو يعولك. لا يدع الصِّدِّيق يتزعزع الى الابد.»
١٨ اية مكايد شيطانية يجب على البعض ان يصارعوها؟
١٨ ظهرت مؤخرا «مكايد» الشيطان الماكرة في شكل آخر ايضا. ففي بعض البلدان اجتاحت راشدين كثيرين افكار تنقل الانطباع الساحق ان بدعا شيطانية اساءت اليهم بطريقة سادية عندما كانوا صغارا. فمن اين تأتي افكار كهذه؟ رغم الابحاث الشاملة، تختلف كثيرا آراء الخبراء العالميين. فالبعض يعتبر افكارا كهذه ذكريات واقعية، وآخرون يعتبرونها اوهاما — ربما تُحدثها معالجة مشكوك فيها — وآخرون ايضا يعتبرونها نوعا من الهلوسة التي يسبِّبها جرح نفسي حصل عند الصِّغَر.
١٩ (أ) اية افكار وجب على ايوب ان يحاربها؟ (ب) كيف يمكن للشيوخ ان يتبعوا مثال اليهو؟
١٩ من المثير للاهتمام ان خادم اللّٰه ايوب وجب عليه ان يحارب «هواجس» نقلها الشيطان من خلال اليفاز وصوفر. (ايوب ٤:١٣-١٨؛ ٢٠:٢، ٣) وعانى ايوب بالتالي ‹كربا› ادى الى استرساله في ‹اللَّغْو بالاهوال› التي برَّحت بفكره. (ايوب ٦:٢-٤؛ ٣٠:١٥، ١٦) فأصغى اليهو بصمت الى ايوب وساعده بإخلاص ليرى نظرة يهوه الكليَّة الحكمة الى الامور. وبشكل مماثل اليوم، يُظهر الشيوخ المتفهِّمون انهم يهتمون بالمتألمين بعدم اضافة المزيد من «الضغط» على هؤلاء. ولكنهم بالاحرى يصغون اليهم بصبر كأليهو ثم يضعون زيت كلمة اللّٰه الملطِّف. (ايوب ٣٣:١-٣، ٧، عج؛ يعقوب ٥:١٣-١٥) وهكذا فان كل مَن تكون عواطفه مضطربة بسبب جروح نفسية، سواء أكانت حقيقية ام وهمية، او مَن ‹تريعه احلام ورؤى› كما كان ايوب، يمكن ان يجد تعزية ملطِّفة مؤسسة على الاسفار المقدسة ضمن الجماعة. — ايوب ٧:١٤؛ يعقوب ٤:٧.
٢٠ كيف يمكن مساعدة المسيحيين المَكروبين على المحافظة على اتزانهم الروحي؟
٢٠ في الوقت الحاضر يمكن ان يكون المسيحي متأكدا ان الشيطان، بطريقة او بأخرى، هو وراء هذه الافكار المريعة. وإذا كان البعض في الجماعة يعانون ذلك، فمن الحكمة ان يروا في انطباعات عقلية مخيفة كهذه محاولةً مباشرة يقوم بها الشيطان لإفساد اتزانهم الروحي. ويحتاج هؤلاء الى دعم صبور ومتفهِّم مؤسس على الاسفار المقدسة. وبالالتفات الى يهوه بروح الصلاة وبالاستفادة من الرعاية الروحية، ينال الذين يختبرون الكرب قدرة فوق ما هو عادي. (اشعياء ٣٢:٢؛ ٢ كورنثوس ٤:٧، ٨، عج) وهكذا يتمكنون من الاحتمال بأمانة ويرفضون السماح للافكار الشريرة غير المرغوب فيها بأن تؤثر في سلام الجماعة. (يعقوب ٣:١٧، ١٨) نعم، سيتمكنون من مقاومة ابليس، مظهرين الروح نفسها التي اظهرها يسوع عندما قال: «اذهب يا شيطان.» — متى ٤:١٠؛ يعقوب ٤:٧.
٢١ كيف تحذِّر الاسفار المقدسة من اساليب الشيطان الماكرة؟
٢١ نحن نعلم ان هدف الشيطان هو افساد اذهاننا بطريقة ما، كما حذَّر الرسول بولس في ٢ كورنثوس ١١:٣: «اخاف انه كما خدعت الحية حواء بمكرها هكذا تُفسَد اذهانكم عن البساطة التي في المسيح.» والفساد الحاضر لكل بشر او مجتمع بشري مبتعد عن اللّٰه يذكِّرنا بالانحطاط الذي تسبَّب به «المسقِطون» الهجناء العنفاء والفاسدون في ايام نوح. (تكوين ٦:٤، ١٢، ١٣، حاشية عج؛ لوقا ١٧:٢٦) لذلك ليس مدهشا ان يلجأ الشيطان الى اعمال ووسائل ماكرة ليصبَّ بها جام غضبه، وخصوصا على شعب اللّٰه. — ١ بطرس ٥:٨؛ رؤيا ١٢:١٧.
٢٢ بإبعاد الشيطان عن الطريق، اية بركات يمكننا توقعها؟
٢٢ لا يُذكر الشيطان في الاصحاحات الختامية من سفر ايوب في الكتاب المقدس. فتحدِّيه الشرير ان البشر لا يمكنهم ان يحافظوا على الاستقامة امام اللّٰه قد تبرهن انه باطل من خلال استقامة ايوب. وبشكل مماثل، في المستقبل القريب عندما ‹يأتي جمع كثير› محافظ على الاستقامة «من الضيقة العظيمة،» سيُسجن الشيطان في المهواة. وسينضم رجال ونساء الايمان، بمَن فيهم ايوب الامين، الى ‹الجمع الكثير› ليتمتعوا ببركات فردوسية هي اعظم من البركات التي كوفئ بها ايوب! — رؤيا ٧:٩-١٧؛ ٢٠:١-٣، ١١-١٣؛ ايوب ١٤:١٣.
[الحاشية]
a انظروا الكتاب السنوي لشهود يهوه لعام ١٩٩٢، الصفحة ١٧٧، بالانكليزية.
-
-
الامة المحافِظة على الاستقامةبرج المراقبة ١٩٩٥ | ١ كانون الثاني (يناير)
-
-
الامة المحافِظة على الاستقامة
«افتحوا الابواب لتدخل الامة البارة الحافظة الامانة.» — اشعياء ٢٦:٢.
١ لماذا قد يكون كلام اشعياء عن ‹امة بارة› امرا مفاجئا؟
هنالك اليوم امم من كل الانواع. البعض منها ديمقراطيات، والبعض دكتاتوريات. بعضها غني، وبعضها الآخر فقير. انما يوجد امر واحد مشترك بينها: جميعها جزء من العالم الذي الهه الشيطان. (٢ كورنثوس ٤:٤) ونظرا الى ذلك، قد يفاجَأ البعض بكلمات اشعياء التالية: «افتحوا الابواب لتدخل الامة البارة الحافظة الامانة.» (اشعياء ٢٦:٢) امة بارة؟ نعم، هنالك فعلا امة بارة، ما دامت النبوة تشير الى وجودها في ايامنا. فكيف يمكن للمرء ان يحدِّد هوية هذه الامة غير العادية؟
٢ ما هي «الامة البارة»؟ وكيف نعرف ذلك؟
٢ في اشعياء ٢٦:٢، حسب ترجمة العالم الجديد، يقال ان الامة «تحافظ على مسلك امين.» وتنقل الترجمة اليسوعية الآية الى «الامة الصِّدِّيقة الحافظة للحق.» وكلا الوصفَين ملائم. وفي الواقع، من السهل معرفة الامة البارة لأنها الامة الوحيدة الخاضعة للمسيح الملك، وهكذا لا تكون جزءا من عالم الشيطان. (يوحنا ١٧:١٦) وأعضاؤها معروفون ‹بسلوكهم بين الامم مسلكا حميدا.› وهم يتبعون نمط حياة يمجد اللّٰه. (١ بطرس ٢:١٢، ترجمة حريصا) وعلاوة على ذلك، هم جزء من «جماعة الاله الحي، عمود الحق ودعامته» حيثما كانوا في العالم. (١ تيموثاوس ٣:١٥، عج) وبدعمهم الحق يرفضون الفلسفات الوثنية التي يعلِّمها العالم المسيحي، ويؤيدون «لبن الكلمة الخالص» — كلمة اللّٰه، الكتاب المقدس. (١ بطرس ٢:٢، ترجمة الشدياق) وهم بالاضافة الى ذلك يكرزون بغيرة ببشارة الملكوت «في كل الخليقة التي تحت السماء.» (كولوسي ١:٢٣) فهل يمكن ان يوجد ايّ شك في ان هذه الامة مؤلَّفة من الباقين من «اسرائيل اللّٰه،» جماعة المسيحيين الممسوحين؟ كلا على الاطلاق! — غلاطية ٦:١٦.
الامة تولَد
٣ صِفوا كيف وُلدت «الامة البارة.»
٣ متى وُلدت «الامة البارة»؟ جرى التنبؤ ببدايتها في سفر اشعياء. ففي اشعياء ٦٦:٧، ٨، نقرأ: «قبل ان يأخذها [صهيون] الطَّلْق وَلدت. قبل ان يأتي عليها المخاض وَلدت (ولدا) ذكرا. . . . مخضت صهيون بل وَلدت بنيها.» وما يدعو الى الغرابة هو ان صهيون، هيئة اللّٰه السماوية، كانت ستلد «(ولدا) ذَكَرا» قبل ان يجيئها الطَّلْق. في السنة ١٩١٤ وُلد الملكوت المسيَّاني في السموات. (رؤيا ١٢:٥) وبعد ذلك تورطت امم اضافية في الحرب العالمية الاولى، وعانى المسيحيون الممسوحون كربا واضطهادا شديدين. وأخيرا، في السنة ١٩١٩، وُلدت الامة الروحية، ‹الولد الذَّكَر،› على الارض. وهكذا «وَلدت [صهيون] بنيها» — الاعضاء الممسوحين ‹للامة البارة› الجديدة — وهؤلاء كانوا منظَّمين لعمل شهادة دائم التوسُّع. — متى ٢٤:٣، ٧، ٨، ١٤؛ ١ بطرس ٢:٩.
٤ لماذا وجب على امة اللّٰه البارة ان تجاهد لتحافظ على الاستقامة؟
٤ ومن بدايتها واجهت هذه الامة امتحانات قاسية لاستقامتها. ولماذا؟ عندما وُلد الملكوت السماوي، طُرح الشيطان وأبالسته من السماء الى الارض. وأعلن صوت عظيم: «الآن صار خلاص الهنا وقدرته ومُلكه وسلطان مسيحه لأنه قد طُرح المشتكي على اخوتنا الذي كان يشتكي عليهم امام الهنا نهارا وليلا. وهم غلبوه بدم الخروف وبكلمة شهادتهم ولم يحبوا حياتهم حتى الموت.» ومع هذا التغيُّر في مجرى الامور، تجاوب الشيطان بغضب عظيم «وذهب ليصنع حربا مع باقي نسل [المرأة] الذين يحفظون وصايا اللّٰه وعندهم شهادة يسوع.» وفي وجه هجمات الشيطان، وقف المسيحيون الممسوحون ثابتين. وحتى هذا اليوم لا يزال الاعضاء الغيورون في امة اللّٰه البارة يمارسون الايمان بدم يسوع الفدائي ويستمرون في اعطاء يهوه جوابا للمعيِّر العظيم بالمحافظة على الاستقامة «حتى الموت.» — رؤيا ١٢:١، ٥، ٩-١٢، ١٧؛ امثال ٢٧:١١.
٥ ايّ موقف حسن لدى الشهود العصريين ساعدهم على المحافظة على الاستقامة؟
٥ في السنة ١٩١٩، عندما ابتدأت الشهادة العصرية بملكوت اللّٰه، كان تلاميذ الكتاب المقدس، كما دُعي شهود يهوه آنذاك، قليلي العدد انما اقوياء في الايمان. وصاروا الاعضاء الذين يشكِّلون اساس ‹مدينة قوية حيث الخلاص جُعل اسوارا ومترسة.› وكان اتكالهم على «ياه (يهوه) صخر الدهور.» (اشعياء ٢٦:١، ٣، ٤) وقد اعلنوا كموسى قديما: «اني باسم (يهوه) انادي. أَعطوا عظمة لإلهنا. هو الصخر الكامل صنيعه. ان جميع سبله عدل. اله امانة لا جَور فيه صدِّيق وعادل هو.» — تثنية ٣٢:٣، ٤.
-