-
يهوه يبارك العبادة النقيةنبوة اشعيا — نور لكل الجنس البشري الجزء ٢
-
-
الفصل السابع والعشرون
يهوه يبارك العبادة النقية
١ اية محاور يشدَّد عليها في الاصحاح الاخير من سفر اشعياء، وأية اسئلة يُجاب عنها؟
في الاصحاح الاخير من سفر اشعياء، تبلغ بعض المحاور الرئيسية لهذا السفر النبوي حدًّا مثيرا ويُجاب عن عدد من الاسئلة المهمة. وبعض المحاور التي يشدَّد عليها تشمل: سمو يهوه، بغضه للرياء، عزمه على معاقبة الاشرار، ومحبته واهتمامه بالامناء. وكذلك يُجاب عن الاسئلة التالية: ماذا يميِّز العبادة الحقة من الباطلة؟ كيف نتأكد ان يهوه سيجازي المرائين الذين يدّعون القداسة فيما يظلمون شعب اللّٰه؟ وكيف سيبارك يهوه مَن يبقون امناء له؟
ما تستلزمه العبادة النقية
٢ ماذا يقول يهوه عن عظمته، وماذا لا يعنيه هذا القول؟
٢ في البداية، تشدد النبوة على عظمة يهوه: «هكذا قال الرب. السموات كرسيي والارض موطئ قدميَّ. اين البيت الذي تبنون لي وأين مكان راحتي». (اشعياء ٦٦:١) يعتقد البعض ان النبي يَثني اليهود عن اعادة بناء هيكل يهوه حين ترجع الامة الى ارضها. لكنَّ الامر ليس كذلك؛ اذ ان يهوه نفسه سيأمر بإعادة بناء الهيكل. (عزرا ١:١-٦؛ اشعياء ٦٠:١٣؛ حجي ١:٧، ٨) فماذا تعني هذه الآية اذًا؟
٣ لماذا من الملائم ان توصف الارض بأنها «موطئ قدمي» يهوه؟
٣ دعونا نرى اولا لماذا توصف الارض بأنها «موطئ قدمي» يهوه. هذه ليست عبارة ازدرائية. فبين بلايين الاجرام السماوية في الكون، لم تُطلق هذه التسمية المميزة الا على الارض. وستبقى ارضنا كوكبا فريدا الى الابد، لأنه عليها دفع الابن المولود الوحيد للّٰه الفدية، وعليها سيبرئ يهوه سلطانه بواسطة الملكوت المسيَّاني. فكم هو ملائم ان تُدعى الارض موطئ قدمي يهوه! والملك قد يستعمل موطئا ليصعد ويجلس على عرشه الرفيع وبعد ذلك يستخدم هذا الموطئ كمكان راحة لقدميه.
٤ (أ) لماذا يستحيل ان يكون ايّ بناء على الارض مكان راحة ليهوه اللّٰه؟ (ب) ماذا تعني عبارة «كل هذه»، وماذا يجب ان نستنتج بشأن عبادة يهوه؟
٤ طبعا، لا يجعل الملك سكناه على موطئ قدميه، وكذلك لا يجعل يهوه سكناه على هذه الارض. حتى السموات الحرفية الشاسعة لا تسعه! فكم بالاحرى بناء على الارض يُستعمل حرفيا كبيت ليهوه! (١ ملوك ٨:٢٧) ان كرسي يهوه ومكان راحته هما في الحيّز الروحاني، وهذا هو معنى كلمة «السموات» في اشعياء ٦٦:١ . ويساعدنا العدد التالي على فهم الفكرة بوضوح: «كل هذه صنعتها يدي فكانت كل هذه يقول الرب». (اشعياء ٦٦:٢ أ) تخيلوا يهوه يبسط ذراعه ويحركها بشكل دائري ليشير الى «كل هذه» — كل ما في السماء وعلى الارض. (اشعياء ٤٠:٢٦؛ كشف ١٠:٦) فبصفته الخالق العظيم لكل الكون، يستحق اكثر من مجرد بناء مكرَّس له. وكذلك يستحق اكثر من مجرد عبادة ظاهرية.
٥ كيف نُظهر اننا ‹بائسون ومنسحقو الروح›؟
٥ وما نوع العبادة التي تليق بسيد الكون؟ يقول هو بنفسه: «الى هذا أنظر الى المسكين [«البائس»، يس] والمنسحق الروح والمرتعد من كلامي». (اشعياء ٦٦:٢ ب) نعم، الموقف القلبي الصائب من جهة العابد ضروري للعبادة النقية. (كشف ٤:١١) ويجب على عابد يهوه ان يكون ‹بائسا ومنسحق الروح›. فهل يعني هذا ان يهوه يريد ان نكون تعساء؟ كلا، فهو «الاله السعيد»، ويريد ان يكون عبّاده فرحين ايضا. (١ تيموثاوس ١:١١؛ فيلبي ٤:٤) لكننا جميعا نخطئ مرارا، ولا يجوز ان نستخف بأمر خطايانا. فينبغي ان ‹نبتئس›، ان نحزن لأننا لا نبلغ مقاييس يهوه البارة. (مزمور ٥١:١٧) ويلزم ان نُظهر اننا ‹منسحقو الروح› بالتوبة ومحاربة ميولنا الخاطئة والصلاة الى يهوه طلبا للغفران. — لوقا ١١:٤؛ ١ يوحنا ١:٨-١٠ .
٦ بأيّ معنى ينبغي ان ‹يرتعد› العبّاد الحقيقيون من ‹كلام اللّٰه›؟
٦ بالاضافة الى ذلك، ينظر يهوه الى ‹المرتعدين من كلامه›. فهل يعني هذا انه يريد ان نرتجف خوفا كلما قرأنا اعلاناته؟ كلا، بل يريد ان ننظر الى ما يقوله برهبة واحترام. فعلينا ان نجدّ في طلب مشورته، ونستخدمها لترشدنا في كل شؤون الحياة. (مزمور ١١٩:١٠٥) وقد ‹نرتعد› ايضا بمعنى اننا نخاف من مجرد فكرة التمرد على اللّٰه، او تلويث حقه بالتقاليد البشرية، او الاستخفاف بهذا الحق. وهذا الموقف المتواضع ضروري للعبادة النقية — ولكن من المؤسف انه نادر في عالم اليوم.
يهوه يكره العبادة الريائية
٧، ٨ كيف ينظر يهوه الى العبادة الشكلية للمرائين الدينيين؟
٧ فيما يتأمل اشعيا في معاصريه، يدرك ان قليلين لديهم الموقف الذي يريد يهوه ان ينمّيه عبّاده. لهذا السبب تستحق اورشليم المرتدّة دينونتها الوشيكة. لاحظوا كيف ينظر يهوه الى العبادة التي تجري فيها: «مَن يذبح ثورا فهو قاتل انسان. مَن يذبح شاة فهو ناحر كلب. مَن يُصعد تقدمة يُصعد دم خنزير. مَن احرق لبانا فهو مبارك وثنا. بل هم اختاروا طرقهم وبمكرهاتهم سرَّت انفسهم». — اشعياء ٦٦:٣ .
٨ تذكّرنا هذه الكلمات بكلمات يهوه المسجلة في الاصحاح الاول من سفر اشعياء. فهناك اخبر يهوه شعبه المعاند ان عبادتهم الشكلية، بالاضافة الى انها لا ترضيه، تجعل غضبه البار يشتعل لأن عبادتهم ريائية. (اشعياء ١:١١-١٧) وبشكل مماثل، يشبِّه يهوه الآن تقدماتهم بالجرائم الشنيعة. فتقديمهم ثورا غالي الثمن ذبيحة لا يرضيه كما ان قتل انسان لا يرضيه! وتُشبَّه تقدماتهم الاخرى بتقدمة كلب او خنزير، وهما حيوانان نجسان بحسب الشريعة الموسوية ولا يجوز مطلقا تقديمهما ذبيحة. (لاويين ١١:٧، ٢٧) فهل يسمح يهوه بأن يستمر هذا الرياء الديني دون عقاب؟
٩ كيف يتجاوب معظم اليهود مع مذكِّرات يهوه بواسطة اشعيا، وماذا ستكون النتيجة الحتمية؟
٩ يقول يهوه الآن: «انا ايضا اختار مصائبهم ومخاوفهم اجلبها عليهم. من اجل أني دعوت فلم يكن مجيب تكلمت فلم يسمعوا بل عملوا القبيح في عينيَّ واختاروا ما لم اسر به». (اشعياء ٦٦:٤) لا شك ان اشعيا قادر على التفوه بهذه الكلمات عن اقتناع شديد. فهو اداة يهوه منذ سنين طويلة، ‹داعيا› شعبه و ‹متكلما› اليهم. ويعرف هذا النبي جيدا ان لا احد عموما يسمع. ولأنهم يستمرون في عمل القبيح، سيأتي جزاؤهم لا محالة. وسيختار يهوه عقابهم ويجلب احداثا مريعة على شعبه المرتد.
١٠ ماذا نعرف عن نظرة يهوه الى العالم المسيحي من خلال تعاملاته مع يهوذا؟
١٠ ان العالم المسيحي العصري يمارس ايضا امورا لا يسر بها يهوه. فالصنمية تكثر في كنائسه، والفلسفات والتقاليد غير المؤسسة على الاسفار المقدسة تُمجَّد من منابره، والسعي وراء السلطة السياسية يجعله ينغمس اكثر فأكثر في الزنا الروحي مع امم العالم. (مرقس ٧:١٣؛ كشف ١٨:٤، ٥، ٩) وكما حدث مع اورشليم القديمة، سينال العالم المسيحي حتما جزاءه العادل حين تأتي عليه ‹المخاوف›. وأحد اسباب عقابه الاكيد هو طريقة معاملته لشعب اللّٰه.
١١ (أ) ماذا يجعل خطية المرتدّين في ايام اشعيا اكبر؟ (ب) بأيّ معنى يطرد معاصرو اشعيا الافراد الامناء ‹من اجل اسم اللّٰه›؟
١١ يمضي اشعيا قائلا: «اسمعوا كلام الرب ايها المرتعدون من كلامه. قال اخوتكم الذين ابغضوكم وطردوكم من اجل اسمي ليتمجد الرب [«يهوه»، عج]. فيَظهر لفرحكم وأما هم فيخزون». (اشعياء ٦٦:٥) هنالك مسؤولية الهية ملقاة على «اخوة» اشعيا، او مواطني منطقته، وهي ان يمثِّلوا يهوه اللّٰه ويخضعوا لسلطانه. وعدم فعلهم ذلك يُحسب لهم خطية خطيرة. لكنَّ ما يجعل خطيتهم اكبر هو انهم يبغضون الامناء والمتواضعين، بمن فيهم اشعيا. وهؤلاء المرتدّون يبغضون ويطردون الافراد الامناء لأنهم يمثِّلون يهوه اللّٰه بصدق. وبهذا المعنى يكون الطرد ‹من اجل اسم اللّٰه›. وفي الوقت نفسه يدَّعي خدام يهوه الباطلون هؤلاء انهم يمثِّلونه، مستعملين برياء عبارات دينية مثل ‹ليتمجد يهوه!›.a
١٢ ما هي بعض الامثلة لاضطهاد المرائين الدينيين لخدام يهوه الامناء؟
١٢ ان البغض الذي يكنّه الدين الباطل لأتباع العبادة النقية ليس بجديد. فهو اتمام اضافي للنبوة في تكوين ٣:١٥ التي انبأت بعداوة طويلة بين نسل الشيطان ونسل امرأة اللّٰه. وقال يسوع لأتباعه الممسوحين في القرن الاول انهم سيتألمون هم ايضا على ايدي مواطنيهم، اذ يُطردون من المجامع ويُضطهدون حتى الموت. (يوحنا ١٦:٢) وماذا عن الازمنة العصرية؟ عند ابتداء «الايام الاخيرة»، توقع شعب اللّٰه ان يحل بهم اضطهاد مماثل. (٢ تيموثاوس ٣:١) ففي سنة ١٩١٤، اقتبست برج المراقبة (بالانكليزية) كلمات اشعياء ٦٦:٥ وقالت: «كل الاضطهادات تقريبا التي حلت بشعب اللّٰه اتت من مسيحيين زائفين». وقالت المقالة نفسها ايضا: «لا نعرف هل سيبلغون حد التطرف في ايامنا — يقتلوننا بقطعنا عن المجتمع، يقتلوننا بحلّ الهيئة، وربما يقتلوننا حرفيا». وكم كانت هذه الكلمات صحيحة! فبعد وقت قصير من نشرها، بلغ الاضطهاد بتحريض من رجال الدين اشُدَّه خلال الحرب العالمية الاولى. لكنَّ العالم المسيحي خزي، تماما كما أُنبئ. كيف؟
رد سريع ومفاجئ
١٣ ما هو ‹صوت الضجيج من المدينة› في الاتمام الاولي؟
١٣ ينبئ اشعيا: «صوت ضجيج من المدينة صوت من الهيكل صوت الرب مجازيا اعداءه». (اشعياء ٦٦:٦) في الاتمام الاولي لهذه الكلمات، «المدينة» هي اورشليم حيث يقع هيكل يهوه. ويدل ‹صوت الضجيج› الى ضجيج الحرب الذي يُسمع في المدينة حين تهاجمها الجيوش البابلية الغازية سنة ٦٠٧ قم. ولكن ماذا عن الاتمام العصري؟
١٤ (أ) بماذا انبأ ملاخي عن مجيء يهوه الى هيكله؟ (ب) بحسب نبوة حزقيال، الى ماذا ادى مجيء يهوه الى هيكله؟ (ج) متى تفقَّد يهوه ويسوع الهيكل الروحي، وماذا كانت النتيجة بالنسبة الى كل مَن ادّعوا انهم يمثِّلون العبادة النقية؟
١٤ تنسجم هذه الكلمات في سفر اشعياء مع نبوتين اخريين، الاولى مسجلة في حزقيال ٤٣:٤، ٦-٩ والاخرى في ملاخي ٣:١-٥ . ينبئ حزقيال وملاخي كلاهما بوقت يأتي فيه يهوه اللّٰه الى هيكله. وتُظهر نبوة ملاخي ان يهوه يأتي ليتفقد بيت عبادته النقية وليمحِّص، رافضا الذين يسيئون تمثيله. وتصوِّر رؤيا حزقيال يهوه يدخل الهيكل ويأمر بإزالة كل آثار الفساد الادبي والصنمية.b في الاتمام العصري لهاتين النبوتين، حدث تطور روحي بارز سنة ١٩١٨ مرتبط بعبادة يهوه. فكما يَظهر تفقَّد يهوه ويسوع كل الذين يدّعون انهم يمثِّلون العبادة النقية. وأدى هذا التفقُّد الى الرفض النهائي للعالم المسيحي الفاسد. وبالنسبة الى أتباع المسيح الممسوحين، عنى هذا التفقُّد فترة وجيزة من التمحيص تلاها رد روحي سريع سنة ١٩١٩ . — ١ بطرس ٤:١٧ .
١٥ اية ولادة أُنبئ بها، وكيف تمت سنة ٥٣٧ قم؟
١٥ وهذا الرد موصوف في العددين التاليين من سفر اشعياء: «قبل ان يأخذها الطلق وَلدت. قبل ان يأتي عليها المخاض وَلدت ذكرا. مَن سمع مثل هذا. مَن رأى مثل هذه. هل تمخض بلاد [«ارض»، عج] في يوم واحد. او تولد امة دفعة واحدة. فقد مخضت صهيون بل وَلدت بنيها». (اشعياء ٦٦:٧، ٨) شهدت هذه الكلمات اتماما اوليا رائعا بالنسبة الى اليهود المسبيين في بابل. فصهيون، او اورشليم، تشبَّه من جديد بامرأة تلد، ولكن يا لها من ولادة غير عادية! فهي سريعة ومفاجئة جدا حتى انها تحصل قبل ان يبدأ المخاض! هذا التشبيه مناسب جدا. فولادة شعب اللّٰه من جديد كأمة مميزة سنة ٥٣٧ قم سريعة ومفاجئة جدا حتى انها تبدو عجائبية. فأشهر قليلة تفصل بين تحرير كورش لليهود من الاسر وعودة بقية امينة الى ارضهم! وكم يتباين ذلك مع الاحداث التي سبقت ولادة امة اسرائيل اول مرة! ففي سنة ٥٣٧ قم، لا حاجة الى التوسل الى حاكم مقاوم ان يحررهم، ولا حاجة الى الهرب من امام جيش معادٍ، ولا حاجة الى الإقامة وقتيا في البرية ٤٠ سنة.
١٦ في الاتمام العصري لإشعياء ٦٦:٧، ٨، ماذا تمثِّل صهيون، وكيف شهدت ذريتها ولادة من جديد؟
١٦ في الاتمام العصري، تمثِّل صهيون «امرأة» يهوه السماوية، هيئته السماوية المؤلفة من كائنات روحانية. ففي سنة ١٩١٩ فرحت «المرأة» برؤية ولادة ابنائها الممسوحين على الارض كشعب منظم، «امة». وكانت هذه الولادة من جديد سريعة ومفاجئة.c ففي غضون اشهر قليلة، تحوَّل الممسوحون كمجموعة من حالة خمول شبيهة بالموت الى حياة مفعمة بالنشاط في ‹ارضهم›، حيّز نشاطهم الروحي المعطى من اللّٰه. (كشف ١١:٨-١٢) حتى انهم اعلنوا في خريف سنة ١٩١٩ اصدار مجلة جديدة مرافقة لمجلة برج المراقبة. وكانت هذه المطبوعة الجديدة، التي دعيت العصر الذهبي (اليوم استيقظ!)، دليلا على ان شعب اللّٰه تنشطوا من جديد وأُعيد تنظيمهم للخدمة.
١٧ كيف يؤكد يهوه لشعبه ان لا شيء يمكن ان يمنعه من تحقيق قصده بشأن اسرائيل الروحي؟
١٧ لا تستطيع اية قوة في الكون ان تمنع هذه الولادة الروحية من ان تحدث من جديد. وهذا ما تذكره الآية التالية بأسلوب شيق: «هل انا امخض ولا اولّد يقول الرب. او انا المولّد هل اغلق الرحم قال الهك». (اشعياء ٦٦:٩) كما ان عملية الولادة محتومة عندما تبدأ، كذلك ولادة اسرائيل الروحي من جديد: عندما تبدأ، لا يمكن ايقافها. صحيح انه حدثت مقاومة، وعلى الارجح سينشأ المزيد من المقاومة في المستقبل. لكنَّ يهوه وحده قادر على ايقاف ما بدأه، وهذا ما لا يفعله ابدا! فكيف يعامل يهوه شعبه الذي استعاد نشاطه؟
رعاية يهوه الرقيقة
١٨، ١٩ (أ) ايّ مثَل مؤثر يستعمله يهوه، وكيف ينطبق على شعبه المسبي؟ (ب) كيف استفادت البقية الممسوحة اليوم من الغذاء والرعاية الحبيَّين؟
١٨ تورد الاعداد الاربعة التالية وصفا مؤثرا لرعاية يهوه الرقيقة. يقول اشعيا اولا: «افرحوا مع اورشليم وابتهجوا معها يا جميع محبيها. افرحوا معها فرحا يا جميع النائحين عليها لكي ترضعوا وتشبعوا من ثدي تعزياتها. لكي تعصروا وتتلذذوا من دِرَّة مجدها». (اشعياء ٦٦:١٠، ١١) يستخدم يهوه هنا مثَل المرأة التي ترضع طفلها. فعندما يشعر الطفل بالجوع، يبدأ بالبكاء دون توقف. ولكن عندما يقرَّب الى ثدي امه ليأكل، يتحول حزنه الى رضا واكتفاء سعيدين. كذلك ايضا، ستتحول بسرعة حالة النوح التي يعانيها اليهود الاسرى في بابل الى حالة فرح واكتفاء عندما يحين وقت الاطلاق والرد. فسيعمهم الفرح. وسيتجدد مجد اورشليم عندما تُبنى وتُسكن ثانيةً. ومجد المدينة سيشمل بدوره سكانها الامناء. ومرة اخرى، سيتغذون روحيا بواسطة كهنوت يقوم بمهامه. — حزقيال ٤٤:١٥، ٢٣ .
١٩ وكذلك بورك اسرائيل الروحي بوفرة من الغذاء بعد الرد سنة ١٩١٩ . ومنذ ذلك الوقت يستمر تدفق الطعام الروحي الذي يعطيه «العبد الامين الفطين» دون انقطاع. (متى ٢٤:٤٥-٤٧) لقد كانت فعلا فترة تعزية وفرح للبقية الممسوحة. ولكن هنالك بركات اخرى بعد.
٢٠ كيف بوركت اورشليم بـ «سيل جارف»، في الازمنة القديمة والعصرية على السواء؟
٢٠ تمضي النبوة قائلة: «هكذا قال الرب. هأنذا ادير عليها سلاما كنهر ومجد الامم كسيل جارف فترضعون وعلى الايدي [«الخاصرة»، عج] تُحملون وعلى الركبتين تدلَّلون». (اشعياء ٦٦:١٢) ترتبط هنا فكرة الرضاعة بفكرة الوفرة في البركات، وذلك من خلال التشبيهين «نهر» و «سيل جارف». فلن تُبارَك اورشليم فقط بوفرة السلام من يهوه بل ايضا بـ «مجد الامم» الذي يفيض نحو شعب اللّٰه ويباركهم. وهذا يعني ان اناسا من الامم سيتقاطرون وينضمون الى شعب يهوه. (حجي ٢:٧) في الاتمام القديم، انضم عدد من الاشخاص من مختلف الامم الى اسرائيل، صائرين من المتهوِّدين. لكنَّ اتماما اعظم بكثير حدث في ايامنا حين انضم «جمع كثير . . . من كل الأمم والقبائل والشعوب والألسنة» — سيل جارف من البشر حقا — الى بقية اسرائيل الروحي. — كشف ٧:٩؛ زكريا ٨:٢٣ .
٢١ ايّ نوع من التعزية يُنبأ عنه باستخدام تشبيه جذاب؟
٢١ تتناول اشعياء ٦٦:١٢ ايضا تعابير تمثِّل محبة الام — تدليل الولد على الركبتين وحمله على الخاصرة. وفي العدد التالي يعبَّر عن فكرة مماثلة، وإنما من منظار آخر مميز. «كإنسان [«كرجل»، عج] تعزّيه امه هكذا اعزّيكم انا وفي اورشليم تُعَزَّون». (اشعياء ٦٦:١٣) لقد اصبح الولد ‹رجلا›، راشدا. لكن لا يزال عند امه الاستعداد لمنحه التعزية وقت الضيق.
٢٢ كيف يُظهر يهوه مدى رقة وشدة محبته؟
٢٢ بهذه الطريقة الجذابة يوضح يهوه مدى شدة ورقة محبته لشعبه. ومهما كانت محبة الام قوية، فلن تكون بقدر محبة يهوه العميقة لشعبه الامين. (اشعياء ٤٩:١٥) كم هو مهم ان يعكس جميع المسيحيين هذه الصفة التي يملكها ابوهم السماوي! وهذا ما فعله الرسول بولس، تاركا بالتالي مثالا حسنا للشيوخ في الجماعة المسيحية. (١ تسالونيكي ٢:٧) وقد قال يسوع ان المحبة الاخوية ستكون ابرز سمة تميّز أتباعه. — يوحنا ١٣:٣٤، ٣٥ .
٢٣ صفوا سعادة شعب يهوه المسترد.
٢٣ لا يعبّر يهوه عن محبته قولا فقط بل عملا ايضا. وهكذا يمضي قائلا: «ترون وتفرح قلوبكم وتزهو عظامكم كالعشب وتُعرف يد الرب عند عبيده ويحنق على اعدائه». (اشعياء ٦٦:١٤) يشير نحويّ متخصص في اللغة العبرانية ان كلمة «ترون» تدل ضمنا الى انه حيثما ينظر المسبيون العائدون في ارضهم المستردة، «لن يروا الا فرحا». انهم سيبتهجون دون شك، وستعجز الكلمات عن وصف فرح عودتهم الى موطنهم الحبيب. وسيشعرون بالتجدد، كما لو ان عظامهم قويت من جديد، وبالانتعاش كالعشب في الربيع. وسيعرف الجميع ان هذه النعمة لم تحل عليهم بجهد بشري، بل ‹بيد يهوه›.
٢٤ (أ) ماذا تستنتجون عندما تفكرون في الاحداث التي تتعلق بشعب يهوه اليوم؟ (ب) علامَ ينبغي ان نصمم؟
٢٤ هل تميزون يد يهوه وهي تفعل فعلها بين شعبه اليوم؟ فليس في وسع ايّ انسان ان يحدث هذا الرد للعبادة النقية. وليس في وسع ايّ انسان ان يجعل ملايين الافراد الاعزّاء من كل الامم ينضمون الى البقية الامينة في ارضهم الروحية. يهوه اللّٰه فقط قادر على فعل ذلك. ان هذه الطرائق التي يعبّر بها يهوه عن محبته تعطينا سببا وجيها للابتهاج. فلنقدِّر محبته لنا. ولنستمر في ‹الارتعاد من كلامه›. ولنصمم ان نعيش حسب مبادئ الكتاب المقدس ونجد المسرة في خدمة يهوه.
[الحواشي]
a يرفض اليوم كثيرون في العالم المسيحي استعمال اسم اللّٰه، حتى انه أُزيل من العديد من ترجمات الكتاب المقدس. كما ان البعض يزدرون بشعب اللّٰه بسبب استعمالهم اسمه. لكنَّ كثيرين منهم يستعملون برياء كلمة «هللويا» التي تعني «سبِّحوا ياه».
b ان عبارة «جثث ملوكهم» المستعملة في حزقيال ٤٣:٧، ٩ تشير الى الاصنام. فقد لوث قادة اورشليم المتمردون وشعبها هيكل اللّٰه بالاصنام، جاعلينها ملوكا عليهم.
c الولادة المنبأ بها هنا مختلفة عن الولادة المذكورة في كشف ١٢:١، ٢، ٥ . ففي هذا الاصحاح من سفر الكشف، يمثِّل ‹الابن الذكر› الملكوت المسيَّاني الذي تأسس سنة ١٩١٤ . أما ‹المرأة› فهي نفسها في كلتا النبوتين.
-
-
نورٌ للاممنبوة اشعيا — نور لكل الجنس البشري الجزء ٢
-
-
الفصل الثامن والعشرون
نورٌ للامم
١، ٢ ما هي اهمية الضوء، وأيّ نوع من الظلمة يغطي الارض اليوم؟
يهوه هو مصدر النور، «الجاعل الشمس للاضاءة نهارا وفرائض القمر والنجوم للاضاءة ليلا». (ارميا ٣١:٣٥) وهذا سبب كافٍ للاعتراف بأنه ينبوع الحياة، لأن النور يعني الحياة. فلو لم تكن الارض معرَّضة دائما لدفء الشمس وضوئها، لَكانت الحياة كما نعرفها مستحيلة. ولَكانت ارضنا كوكبا لا يمكن العيش فيه.
٢ لذلك يهمنا جدا ان نعرف ان يهوه انبأ بفترة ظلام لا نور في اشارة الى ايامنا. فقد كتب اشعيا بالوحي: «ها هي الظلمة تغطي الارض والظلام الدامس الامم». (اشعياء ٦٠:٢) طبعا، لا بد ان هذه الكلمات تشير الى ظلام روحي لا حرفي، لكنَّ ذلك لا يقلل من خطورتها. فالحياة لن تعود في النهاية ممكنة للذين لا ينعمون بنور روحي، تماما كما يحدث للذين لا يستفيدون من ضوء الشمس.
٣ في هذه الايام المظلمة، اين يمكن ان نجد النور؟
٣ في هذه الاوقات المظلمة، يجب ألا نتجاهل النور الروحي الذي يجعله يهوه متوفرا لنا. فمن المهم ان نعتمد على كلمة اللّٰه لتنير سبيلنا، قارئين الكتاب المقدس كل يوم اذا امكن. (مزمور ١١٩:١٠٥) وتزود الاجتماعات المسيحية فرصا لنا لتشجيع بعضنا بعضا على ملازمة «سبيل الصدّيقين». (امثال ٤:١٨؛ عبرانيين ١٠:٢٣-٢٥) والقوة التي نستمدها من الدرس الدؤوب للكتاب المقدس والمعاشرة المسيحية السليمة تحمينا من الغرق في ظلمة هذه «الايام الاخيرة»، التي ستبلغ ذروتها في «يوم سخط الرب» العظيم. (٢ تيموثاوس ٣:١؛ صفنيا ٢:٣) وهذا اليوم آتٍ سريعا! وإتيانه اكيد بقدر ما كان إتيان يوم مماثل على سكان اورشليم القديمة اكيدا.
يهوه «يعاقب»
٤، ٥ (أ) بأية طريقة يأتي يهوه على اورشليم؟ (ب) لماذا يمكننا الاستنتاج ان عددا قليلا نسبيا سينجون من دمار اورشليم سنة ٦٠٧ قم؟ (انظروا الحاشية.)
٤ في الاعداد الختامية من نبوة اشعيا المثيرة، يصف يهوه بأسلوب حي الاحداث التي ستسبق يوم سخطه. نقرأ: «هوذا الرب بالنار يأتي ومركباته كزوبعة ليرد بحموٍّ غضبَه وزجرَه بلهيب نار. لأن الرب بالنار يعاقب وبسيفه على كل بشر ويكثر قتلى الرب». — اشعياء ٦٦:١٥، ١٦ .
٥ ينبغي ان تساعد هذه الكلمات معاصري اشعيا على ادراك خطورة وضعهم. فقريبا سيأتي البابليون، ادوات يهوه لتنفيذ الحكم، على اورشليم فيما تثير مركباتهم سحبا من غبار كالزوبعة. وكم سيكون هذا المنظر مخيفا! فسيستخدم يهوه هؤلاء الغزاة لينفذ دينونته النارية في كل «بشر» من اليهود غير الامناء. وسيكون كما لو ان يهوه نفسه يحارب شعبه. فلن يقف شيء في طريق ‹حموّه›. وسيسقط يهود كثيرون «قتلى الرب». وفي سنة ٦٠٧ قم تشهد هذه النبوة الاتمام.a
٦ اية ممارسات شائنة تجري في يهوذا؟
٦ وهل يهوه مبرَّر ‹بمعاقبة› شعبه؟ طبعا هو مبرّر! فكثيرا ما رأينا، خلال مناقشتنا لسفر اشعياء، ان اليهود كانوا منغمسين جدا في العبادة الباطلة — رغم كونهم شعبا منتذرا ليهوه — ولم يكن يهوه غافلا عن اعمالهم. ونرى ذلك من جديد في الكلمات التالية للنبوة: «الذين يقدسون ويطهرون انفسهم في الجنات وراء واحد في الوسط آكلين لحم الخنزير والرجس والجُرَذ يفنون معا يقول الرب». (اشعياء ٦٦:١٧) هل يقوم هؤلاء اليهود بتقديس وتطهير انفسهم لأنهم يعدّون انفسهم للعبادة النقية؟ الجواب بوضوح هو لا. فهم ينهمكون في طقوس تطهير وثنية في جنات خصوصية. وبعد ذلك يلتهمون بنهم لحم الخنزير وحيوانات اخرى تعتبرها الشريعة الموسوية نجسة. — لاويين ١١:٧، ٢١-٢٣ .
٧ كيف يماثل العالم المسيحي يهوذا الصنمية؟
٧ كم تثير هذه الحالة الاشمئزاز، اذ تحدث في امة تربطها بالاله الحقيقي الوحيد علاقة عهد! ولكن تأملوا في هذا: توجد اليوم حالة مماثلة مثيرة للاشمئزاز بين اديان العالم المسيحي. فهم ايضا يدَّعون انهم يخدمون اللّٰه، وكثيرون من قادتهم يتصنعون التقوى. لكنهم ينجسون انفسهم بالتعاليم والتقاليد الوثنية، مظهرين انهم في ظلام روحي. فما اشد هذه الظلمة! — متى ٦:٢٣؛ يوحنا ٣:١٩، ٢٠ .
«يرون مجدي»
٨ (أ) ماذا سيحل بيهوذا والعالم المسيحي على السواء؟ (ب) بأيّ معنى ‹سترى› الامم ‹مجد يهوه›؟
٨ هل يرى يهوه اعمال العالم المسيحي الشائنة وتعاليمهم الباطلة؟ اقرأوا كلمات يهوه التالية، كما سجلها اشعيا، واستنتجوا انتم بأنفسكم: «انا اجازي اعمالهم وأفكارهم. حدثَ لجمع كل الامم والالسنة فيأتون ويرون مجدي». (اشعياء ٦٦:١٨) فيهوه عالم بما يجري، وهو مستعد ليدين، ليس فقط اعمال مَن يدّعون انهم خدامه، بل ايضا افكارهم. تدّعي يهوذا انها تؤمن بيهوه، لكنَّ اعمالها الصنمية وممارساتها الوثنية تفضح كذبها. وكل ‹التطهير› الذي يقوم به مواطنوها بحسب الطقوس الوثنية لا يجدي نفعا. فالامة ستُقطع، وسيحدث ذلك على مرأى جيرانها عبدة الاصنام. ‹وسيرى› هؤلاء ‹مجد يهوه› بمعنى انهم سيشهدون الاحداث ويُجبَرون على الاعتراف بأن ما تكلم به يهوه قد صار. وكيف ينطبق كل ذلك على العالم المسيحي؟ عندما تأتي نهايته، سيُجبَر كثيرون من اصدقائه وشركائه السابقين في الاعمال التجارية على الوقوف جانبا والتفرج دون التمكن من فعل شيء فيما يتمم يهوه كلمته. — ارميا ٢٥:٣١-٣٣؛ كشف ١٧:١٥-١٨؛ ١٨:٩-١٩ .
٩ اية بشارة يعلنها يهوه؟
٩ هل يعني دمار اورشليم سنة ٦٠٧ قم انه لن يعود ليهوه شهود على الارض؟ كلا. فالذين حافظوا على استقامتهم على نحو بارز، كدانيال وأصحابه الثلاثة، سيستمرون في خدمة يهوه حتى خلال سبيهم في بابل. (دانيال ١:٦، ٧) نعم، لن تنقطع سلسلة شهود يهوه الامناء، وعند نهاية الـ ٧٠ سنة، سيغادر الرجال والنساء الامناء بابل ويعودون الى يهوذا ليردوا العبادة النقية هناك. وهذا ما يلمح اليه يهوه في الكلمات التالية: «اجعل فيهم آية وأرسل منهم ناجين الى الامم الى ترشيش وفول ولود النازعين في القوس الى توبال وياوان الى الجزائر البعيدة التي لم تسمع خبري ولا رأت مجدي فيخبرون بمجدي بين الامم». — اشعياء ٦٦:١٩ .
١٠ (أ) بأيّ معنى يكون اليهود الامناء المحرَّرون من بابل آية؟ (ب) مَن هم اليوم آية؟
١٠ سيكون حشد الرجال والنساء الامناء، العائدين الى اورشليم سنة ٥٣٧ قم، آية مدهشة، دليلا على ان يهوه انقذ شعبه. فمَن كان يتخيل ان اليهود الاسرى سيتمكنون في يوم من الايام من استئناف العبادة النقية في هيكل يهوه؟! وبشكل مماثل، في القرن الاول، تمثّلت ‹الآيات والعجائب› بمسيحيين ممسوحين جرى اليهم الودعاء الذين يريدون ان يخدموا يهوه. (اشعياء ٨:١٨؛ عبرانيين ٢:١٣) والمسيحيون الممسوحون، المزدهرون في ارضهم الروحية المستردة، هم اليوم آية مدهشة في الارض. (اشعياء ٦٦:٨) انهم دليل حي على قدرة روح يهوه، اذ يجذبون الودعاء الذين تدفعهم قلوبهم الى خدمة يهوه.
١١ (أ) بعد الرد، كيف سيتعلم الافراد من الامم عن يهوه؟ (ب) كيف تمت زكريا ٨:٢٣ اتماما اوليا؟
١١ ولكن، بعد الرد سنة ٥٣٧ قم، كيف سيعرف يهوهَ الافرادُ من الامم الذين لم يسمعوا خبره؟ لن يرجع جميع اليهود الامناء الى اورشليم عند نهاية الاسر البابلي. فسيبقى البعض، كدانيال، في بابل. وسيتفرق آخرون الى زوايا الارض الاربع. فبحلول القرن الخامس قبل الميلاد، كان هنالك يهود في كل انحاء الامبراطورية الفارسية. (استير ١:١؛ ٣:٨) ولا شك ان بعضهم اخبروا جيرانهم الوثنيين عن يهوه، لأن كثيرين من هؤلاء الامم تهوَّدوا. وهذا ما جرى كما يَظهر مع الخصي الحبشي الذي كرز له التلميذ فيلبس في القرن الاول. (اعمال ٨:٢٦-٤٠) كل ذلك حدث كإتمام اولي لكلمات النبي زكريا: «في تلك الايام يمسك عشرة رجال من جميع ألسنة الامم يتمسكون بذيل رجل يهودي قائلين نذهب معكم لأننا سمعنا ان اللّٰه معكم». (زكريا ٨:٢٣) نعم، لقد ارسل يهوه نوره الى الامم! — مزمور ٤٣:٣ .
إحضار ‹تقدمة ليهوه›
١٢، ١٣ بأية طريقة سيُحضَر «اخوة» الى اورشليم ابتداء من سنة ٥٣٧ قم؟
١٢ بعد اعادة بناء اورشليم، ستكون المدينة وكهنوتها المسترد مركز العبادة النقية في نظر اليهود المنتشرين بعيدا جدا عن موطنهم. وسيقطع كثيرون منهم مسافات طويلة ليحضروا الاعياد السنوية هناك. يكتب اشعيا بالوحي: «يُحضِرون كلَّ اخوتكم من كل الامم تقدمةً للرب على خيل وبمركبات وبهوادج وبغال وهُجُن الى جبل قدسي اورشليم قال الرب كما يُحضِر بنو اسرائيل تقدمةً في اناء طاهر الى بيت الرب. وأتخذ ايضا منهم كهنة ولاويين». — اشعياء ٦٦:٢٠، ٢١ .
١٣ كان بعضٌ من هؤلاء ‹الاخوة من كل الامم› حاضرين يوم الخمسين حين سُكب الروح القدس على تلاميذ يسوع. يذكر السجل: «كان ساكنا في اورشليم يهود، رجال يخشون اللّٰه، من كل امة تحت السماء». (اعمال ٢:٥) فقد اتوا الى اورشليم ليقدموا العبادة حسب العادة اليهودية، ولكن عندما سمعوا البشارة عن يسوع المسيح، مارس كثيرون الايمان به واعتمدوا.
١٤، ١٥ (أ) كيف جمع المسيحيون الممسوحون المزيد من ‹اخوتهم› الروحيين بعد الحرب العالمية الاولى، وكيف أُحضر هؤلاء الى يهوه «تقدمة في اناء طاهر»؟ (ب) بأية طريقة اتخذ يهوه «منهم كهنة»؟ (ج) مَن هم بعض المسيحيين الممسوحين الذين اشتركوا في تجميع اخوتهم الروحيين؟ (انظروا الاطار في هذه الصفحة.)
١٤ وهل لهذه النبوة اتمام عصري؟ نعم، بالتأكيد. فبعد الحرب العالمية الاولى، فهم خدام يهوه الممسوحون من الاسفار المقدسة ان ملكوت اللّٰه تأسس في السماء سنة ١٩١٤ . وبالدرس الدقيق للكتاب المقدس، علموا انه سيجري تجميع «اخوة»، او ورثة اضافيين للملكوت. فذهب خدامٌ شجعان الى «اقصى الارض»، مستخدمين كل وسيلة نقل ممكنة بحثا عن اعضاء محتملين من البقية الممسوحة، ومعظم هؤلاء الاعضاء خرجوا من كنائس العالم المسيحي. وعندما وُجد هؤلاء، أُحضروا تقدمة ليهوه. — اعمال ١:٨ .
١٥ لم يتوقع الممسوحون الذين جُمعوا في تلك السنوات الباكرة ان يقبلهم يهوه كما كانوا عليه قبل تعرُّفهم بحق الكتاب المقدس. فاتخذوا الخطوات اللازمة ليطهّروا انفسهم من النجاسات الروحية والادبية، وهكذا يقدَّمون «تقدمة في اناء طاهر»، او كما ذكر الرسول بولس، «عذراء عفيفة الى المسيح». (٢ كورنثوس ١١:٢) وبالاضافة الى رفض الضلال العقائدي، لزم ان يتعلم الممسوحون كيف يحافظون على الحياد التام في شؤون هذا العالم السياسية. وفي سنة ١٩٣١، عندما طُهِّر خدام يهوه الى حد كافٍ، انعم يهوه عليهم بامتياز حمل اسمه كشهود له. (اشعياء ٤٣:١٠-١٢، عج) ولكن كيف يتخذ يهوه «منهم كهنة»؟ صار هؤلاء الممسوحون كمجموعة ‹كهنوتا ملكيا، امة مقدسة›، مقدمين ذبائح التسبيح للّٰه. — ١ بطرس ٢:٩؛ اشعياء ٥٤:١؛ عبرانيين ١٣:١٥ .
التجميع يتواصل
١٦، ١٧ مَن هم «نسلكم» بعد الحرب العالمية الاولى؟
١٦ يبلغ العدد الكامل لهذا ‹الكهنوت الملكي› ٠٠٠,١٤٤، وعلى مر الوقت اكتمل تجميعهم. (كشف ٧:١-٨؛ ١٤:١) فهل كان ذلك نهاية عمل التجميع؟ كلا. تمضي نبوة اشعيا قائلة: «كما ان السموات الجديدة والارض الجديدة التي انا صانع تثبت امامي يقول الرب هكذا يثبت نسلكم واسمكم». (اشعياء ٦٦:٢٢) في الاتمام الاولي لهذه الكلمات، سيبدأ اليهود العائدون من الاسر البابلي بتربية الاولاد. وهكذا تثبت البقية اليهودية المستردة، «الارض الجديدة»، في ظل ادارة يهودية جديدة، «السموات الجديدة». ولكن لهذه النبوة اتمام بارز جدا في ايامنا.
١٧ ان ‹النسل› الذي تجلبه امة الاخوة الروحيين هو ‹الجمع الكثير›، الذين يرجون العيش حياة ابدية على الارض. وهم يأتون «من كل الامم والقبائل والشعوب والالسنة»، ويقفون «امام العرش وأمام الحمل». وقد «غسلوا حُلَلهم وبيَّضوها بدم الحمل». (كشف ٧:٩-١٤؛ ٢٢:١٧) واليوم يبتعد ‹الجمع الكثير› عن الظلمة الروحية ويأتون الى النور الذي يزوده يهوه. ويمارسون الايمان بيسوع المسيح، ويجاهدون ليبقوا اطهارا روحيا وأدبيا كإخوتهم وأخواتهم الممسوحين. ويستمرون كمجموعة في الخدمة تحت توجيه المسيح، وهكذا ‹يثبتون› الى الابد! — مزمور ٣٧:١١، ٢٩ .
١٨ (أ) كيف فعل اعضاء الجمع الكثير مثل اخوتهم الممسوحين؟ (ب) كيف يعبد الممسوحون ورفقاؤهم يهوه «من هلال الى هلال ومن سبت الى سبت»؟
١٨ يعرف هؤلاء الرجال والنساء المجتهدون، ذوو الرجاء الارضي، انه رغم اهمية البقاء اطهارا ادبيا وروحيا، يلزم شيء آخر لإرضاء يهوه. فعمل التجميع يتقدم بزخم، وهم يريدون ان يشاركوا فيه. ينبئ عنهم سفر الكشف: «هم امام عرش اللّٰه؛ ويؤدون له خدمة مقدسة نهارا وليلا في هيكله». (كشف ٧:١٥) تذكِّرنا هذه الكلمات بالآية قبل الاخيرة في نبوة اشعيا: «يكون من هلال الى هلال ومن سبت الى سبت ان كل ذي جسد يأتي ليسجد امامي قال الرب». (اشعياء ٦٦:٢٣) وهذا ما يحدث اليوم. فمن «هلال الى هلال ومن سبت الى سبت» — اي بشكل منتظم، كل اسبوع من كل شهر — يلتقي المسيحيون الممسوحون ورفقاؤهم الجمع الكثير ليعبدوا يهوه. ويفعلون ذلك بحضور الاجتماعات المسيحية والاشتراك في الخدمة العامة وأمور اخرى. فهل انتم احد الذين ‹يأتون ليسجدوا امام يهوه› بانتظام؟ يجد شعب يهوه فرحا كبيرا في ذلك، ويتطلع اعضاء الجمع الكثير الى الوقت الذي فيه يخدم «كل ذي جسد» — جميع البشر الاحياء — يهوه «من هلال الى هلال ومن سبت الى سبت» الى الابد.
النهاية الاخيرة لأعداء اللّٰه
١٩، ٢٠ ماذا كانت جهنا في ازمنة الكتاب المقدس، وإلى ماذا ترمز؟
١٩ لا يزال هنالك عدد واحد من درسنا لنبوة اشعيا. يُختتم السفر بهذه الكلمات: «يخرجون ويرون جثث الناس الذين عصوا عليَّ لأن دودهم لا يموت ونارهم لا تُطفأ. ويكونون رذالة لكل ذي جسد». (اشعياء ٦٦:٢٤) ربما كان يسوع المسيح يفكر في هذه النبوة عندما شجع تلاميذه على تبسيط حياتهم وإعطاء الاولوية لمصالح الملكوت. قال: «إن اعثرتك عينك فألقِها عنك؛ خير لك ان تدخل ملكوت اللّٰه اعور من ان تكون لك عينان وتُرمى في جهنا، حيث يرقانهم لا يموت والنار لا تُطفأ». — مرقس ٩:٤٧، ٤٨؛ متى ٥:٢٩، ٣٠؛ ٦:٣٣ .
٢٠ ما هو هذا المكان المسمى جهنا؟ قبل عدة قرون، كتب العالم اليهودي داود كمحي: «هو مكان. . . متاخم لأورشليم، وهو مكان كريه، ويرمون فيه الاشياء النجسة والجثث. وأيضا كانت هناك نار دائمة لتحرق الاشياء النجسة وعظام الجثث. لذلك، تدعى دينونة الاشرار على سبيل المجاز جِهِينُّوم». فإذا كانت جهنا تُستعمل، كما يشير هذا العالم اليهودي، لرمي النفايات وجثث الذين لم يُعتبروا اهلا لأنْ يُدفنوا، تكون النار وسيلة ملائمة لإزالة هذه النفايات. وما لا تأكله النار يأكله الدود. فيا له من تشبيه ملائم للنهاية الاخيرة لأعداء اللّٰه!b
٢١ مَن يعتبرون آخر آية في سفر اشعياء خاتمة ايجابية، ولماذا؟
٢١ نظرا الى هذا الكلام عن الجثث والنار والدود، هل يمكن القول ان نبوة اشعيا المثيرة تُختتم بانطباع مخيف؟ لا شك ان هذا هو شعور اعداء اللّٰه. لكنَّ وصف اشعيا لهلاك الاشرار الابدي هو مصدر تشجيع كبير لأصدقاء اللّٰه. فشعب يهوه بحاجة الى التأكد ان اعداءهم لن يهيمنوا في ما بعد. وهؤلاء الاعداء، الذين سببوا لعبّاد اللّٰه الكثير من الالم وجلبوا الكثير من التعيير على اسمه، سيهلكون الى الابد. وعندئذ «لا يقوم الضيق مرتين». — ناحوم ١:٩ .
-
-
نورٌ للاممنبوة اشعيا — نور لكل الجنس البشري الجزء ٢
-
-
[الاطار في الصفحة ٤٠٩]
تقدمات ليهوه من الممسوحين من كل الامم
في سنة ١٩٢٠، ترك خوان مونييز الولايات المتحدة وتوجَّه الى اسپانيا ثم الى الارجنتين، حيث نظَّم جماعات من الممسوحين. ومن سنة ١٩٢٣ فصاعدا، اضاء نور الحق على المستقيمي القلوب في افريقيا الغربية عندما شرع المرسَل وليَم ر. براون (المدعو عموما «بايبل براون») يكرز برسالة الملكوت في سيراليون وغانا وليبيريا وڠامبيا ونيجيريا. كما انه في السنة نفسها ذهب جورج يونڠ الكندي الى البرازيل، ثم سافر الى الارجنتين، كوستاريكا، پاناما، ڤنزويلا، حتى انه وصل الى الاتحاد السوڤياتي. وفي نفس الفترة تقريبا، ابحر أدوين سكينر من انكلترا الى الهند، حيث اشترك سنين كثيرة في عمل الحصاد.
[الصورة في الصفحة ٤١١]
كان بعض اليهود في يوم الخمسين ‹اخوة من كل الامم›
[صورة تغطي كامل الصفحة ٤١٣]
-
-
نورٌ للاممنبوة اشعيا — نور لكل الجنس البشري الجزء ٢
-
-
a بشأن الحالة التي سادت بعد سقوط اورشليم بيد البابليين، تتحدث ارميا ٥٢:١٥ عن ‹بعض من فقراء الشعب وبقية الشعب الذين بقوا في المدينة›. (إمالة الحروف لنا) وتعليقا على ذلك، يقول بصيرة في الاسفار المقدسة، المجلد ١، الصفحة ٤١٥ (بالانكليزية): «تشير عبارة ‹الذين بقوا في المدينة› كما يَظهر الى ان اعدادا كبيرة من الناس ماتوا من المجاعة او المرض او النيران، او انهم قُتلوا في الحرب».
b بما ان جثثا ميتة، لا اشخاصا احياء، يُلقَون في جهنا، لا يرمز هذا المكان الى العذاب الابدي.
-