-
اليابانالكتاب السنوي لشهود يهوه لعام ١٩٩٨
-
-
علمت صحيفة اليابان الرئيسية اساهي، ان خمس شابات مرسلات من برج المراقبة، أتين الى اوساكا ليعشن النمط الياباني في بيت ياباني. فزارهن مراسلون للصحيفة وأعدّوا مقالة مصوَّرة رائعة تقارن الاخوات الخمس بملائكة نزلوا من السماء، مثل ازهار الكرز. وزوَّدت المقالة ايضا عنوان بيت المرسلات.
-
-
اليابانالكتاب السنوي لشهود يهوه لعام ١٩٩٨
-
-
مرسلو سنة ١٩٤٩
صارت ظروف الكرازة مؤاتية اكثر بكثير بعد الحرب العالمية الثانية. ولكن في سنة ١٩٤٧، أَشعر جونزو أَكاشي مكتب جمعية برج المراقبة في بروكلين، نيويورك، انه لم يعد يوافق على تعاليم الكتاب المقدس. فكتب الاخ نور على الفور الى هاواي طالبا متطوعين هاواييين من اصل ياباني لكي يحضروا الصف الـ ١١ لمدرسة جلعاد لنيل التدريب الارسالي. وناظر فرع هاواي، الذي كان سكرتير ج. ف. رذرفورد في اوائل عشرينات الـ ١٩٠٠، ناشد قائلا: «ولكن ايها الاخ نور، ماذا عن الزوجين هاسلِت؟». لذلك وجِّهت الدعوة ايضا الى دون هاسلِت وزوجته مايبل، مع انهما كانا يناهزان الـ ٥٠ من عمرهما. وفي جلعاد، علَّم شينيتشي توهارا وإلسي تانيڠاوا اللغة اليابانية لأكثر من ٢٠ تلميذا.
وخلال سنة ١٩٤٩، تسلَّم «الهاواييون» — دون ومايبل هاسلِت، جيري ويوشي توما، شينيتشي وماساكو توهارا وأولادهما الثلاثة، وإلسي تانيڠاوا — تعييناتهم في مدينة طوكيو التي مزَّقها القصف. وفي السنة عينها، تبعهم فريق أوسترالي مؤلف من أدريان تومپسون، پرسي وايلما ايزلوب، ولويد ومِلبا باري، الذين عيِّنوا في مدينة كوبي التي دمَّرتها الحرب. وصار هؤلاء المرسلون الاوائل في اليابان يُعرفون بـ «مرسلي سنة ١٩٤٩». وقد مات منهم ستة في تعيينهم، فيما كانوا لا يزالون يقومون بعملهم. ولا يزال ثمانية آخرون يخدمون كامل الوقت في اليابان وفي بروكلين، نيويورك. وفي سنة ١٩٤٩، قدَّم ايضا ثمانية ناشرين محليين تقارير عن الوقت الذي صرفوه في خدمة الملكوت.
النمو في طوكيو
احرز الفريق الهاواييّ تقدما ملحوظا في طوكيو. تتذكَّر يوشي توما انه في تلك السنة لِما بعد الحرب، عملوا في المقاطعة «من خندق مسقوف الى آخر». تقول: «كان الناس فقراء ويجاهدون للشفاء من تأثيرات الحرب. وكان الطعام يُقنَّن، فكان دون هاسلِت يقف في الصف مع جيرانه ليحصل على ملفوفة واحدة». لكنَّ اصحاب البيوت كانوا لبقين ولطفاء، يصغون بصبر فيما كان هؤلاء المرسلون يجاهدون في تقديم عروضهم باليابانية. ولزم ان يتعلم المرسلون ان يخلعوا احذيتهم عند دخول البيت. ثم يدخلون الى غرفة مجاورة. لكنَّ السقوف كانت منخفضة، ولذلك كان دون هاسلِت، الذي كان طويلا، يُصاب بندوب كثيرة من جراء ارتطام رأسه بالسقف. وفي غضون سنة او اثنتين، بنى «الهاواييون» اساسا صلبا في طوكيو، التي تضمُّ الآن ١٣٩ جماعة.
ومن «مرسلي سنة ١٩٤٩»، رسم الشاهدان الممسوحان دون ومايبل هاسلِت مثالا رائعا في خدمة الحقل حتى عندما تقدما في السن. وعندما مات دون في سنة ١٩٦٦، كان جميع الاخوة الستة الذين حملوا تابوته الى قاعة الملكوت من اجل مراسم الدفن احداثا علَّمهم الحق ويخدمون في ذلك الوقت في عائلة بيت ايل في طوكيو، اليابان، المؤلفة من ١٩ عضوا.
عاشت مايبل بعد موت دون ثماني سنوات. وعندما كانت في سبعيناتها، أُصيبت بسرطان القولون. وقد وافق مستشفى رئيسي في طوكيو في تورانومون، احتراما لمشاعرها، ان تُجرى لها عملية جراحية بدون دم شرط ان تدخل المستشفى قبل اسبوعين من العملية. وفي اول يوم لها هناك، زار غرفتها طبيب شاب يدفعه الفضول لمعرفة سبب رفضها الدم. فأدَّى ذلك الى مناقشات رائعة في الكتاب المقدس تتابعت كل يوم حتى العملية الجراحية. وبسبب خطورة الحالة، اجرى العملية اربعة اطباء. وعندما استعادت مايبل وعيها، صاحت: «اللعنة عليك يا آدم!». وكم كان ذلك ملائما! بقيت مايبل في العناية الفائقة ليوم واحد فقط، في حين بقي اياما عديدة في وحدة العناية الفائقة اربعةُ مرضى آخرون قاموا بالجراحة نفسها ذلك اليوم ولكن مع اجراءات نقل الدم. وماذا عن الطبيب الشاب؟ اخبر مايبل لاحقا: ‹انت لم تعلمي ذلك، ولكن كان هنالك خمسة اطباء في غرفة العمليات تلك. فقد دخلتُ انا ايضا لأتأكد انهم لن يعطوك دما›. وقد تابع الدكتور توميناڠا درسه في الكتاب المقدس في يوكوهاما. واليوم، هو ووالده الطبيب وزوجتاهما اعضاء نشاطى في الجماعة. ثمر رائع من اقامة في المستشفى!
تابعت مايبل خدمتها الارسالية من بيت المرسلين في طوكيو ميتا. وعندما كانت في الـ ٧٨ من عمرها، عاودها السرطان، وصارت حبيسة الفراش. ولكن عندما عاد المرسلون الى البيت ذات مساء وسردوا الاختبارات الرائعة التي حصلوا عليها في حملة اخبار الملكوت، اصرَّت مايبل ان يُلبسوها ويأخذوها لتوزِّع اخبار الملكوت. وكانت تملك من القوة ما يكفي لتزور ثلاثة بيوت مجاورة فقط، البيوت الثلاثة نفسها التي شهدت لها اولا عندما وصلت الى اليابان. وبعد عدة اسابيع أنهت مسلكها الارضي وانتقلت الى تعيينها السماوي. — قارنوا لوقا ٢٢:٢٨، ٢٩.
التطورات في كوبي
وفي كوبي ايضا سرعان ما صار النمو واضحا. وعُقد اول محفل كوري ثيوقراطي حقيقي في اليابان، على الارض الرحبة التابعة لبيت المرسلين في كوبي، من ٣٠ كانون الاول ١٩٤٩ الى ١ كانون الثاني ١٩٥٠. وارتفع عدد الحضور في الاجتماع العام يوم الاحد الى ١٠١، وقد عُقد في قاعة المحاضرات في مدرسة تارومي، في كوبي. واعتمد ثلاثة في الحمام العام الكبير في تارومي.
احرز أدريان تومپسون، من فريق مرسلي كوبي، تقدما ملحوظا في اللغة اليابانية، وعُيِّن سنة ١٩٥١ ليكون اول ناظر دائرة في اليابان. وأصبح في ما بعد اول ناظر كورة. وقد عمل الكثير ليضع اساسا صلبا لنمو مقبل. وقد اشتهر هذا الابن، الذي كان ولدا لأخت فاتحة امينة لوقت طويل في نيوزيلندا، كلاعب رڠبي من الفئة الاولى، ولكن عندما اندلعت الحرب العالمية الثانية، ترك بريق شهرة الالعاب الرياضية، اصبح شاهدا معتمدا، ثم تبنى الخدمة كامل الوقت في أوستراليا. ومع ان «طومي» مات سنة ١٩٧٧، فإنه لن يغيب عن البال نظرا الى طاقته التي لم تكن محدودة و ‹غيرته› ليهوه. — عدد ٢٥:١١.
لزم وقت ليعتاد المرسلون البيوت، الثقافة، واللغة اليابانية، لكنَّ اهتمامهم الرئيسي كان إخبار الآخرين بحق الكتاب المقدس. وقال «تايڠر» (پرسي) ايزلوب، أوسترالي ودود من كوينزلند، مسترجعا الماضي: «كنا ندير الكثير من الدروس في الكتاب المقدس. كنت اعقد ٣٦ درسا، وكان لإيلما والباقين العدد نفسه تقريبا. كان التلاميذ يأتون الى بيت المرسلين ليدرسوا، وكان البعض يأتون كل يوم. كانت تُدار دروس الكتاب المقدس في كل غرفة في البيت، ثلاثة او اكثر كل ليلة. وكنا نفتح مواد الدرس بالانكليزية واليابانية على السواء. ولمساعدة التلاميذ، كنا كلانا نعدّ الاسطر الى حيث يوجد الجواب. كان ذلك يسير ببطء، لكنَّ مقدرتهم على الفهم بمجرد قراءة الآيات ومقارنتها بالمطبوعات كانت مذهلة. وهم اليوم في الحق!».
في الايام الباكرة، كان المرسلون يملكون القليل من مطبوعات الملكوت لكرازتهم. ثم توفَّرت في كوبي كرتونة من الطبعة اليابانية لـ النور، الكتاب الثاني، والتي يرجع تاريخها الى ما قبل الحرب، لكنَّ الناس كانوا يقولون: ‹افضِّل ان ابدأ اولا بقراءة الكتاب الاول›. لكنَّ احد اليابانيين الاوائل الذي اعتنق الحق في كوبي، اهتم من خلال قراءة الكتاب الثاني، وصار على مرّ الوقت ناضجا مؤهلا ليخدم كناظر دائرة. وسرعان ما صارت المواد من كتاب «ليكن اللّٰه صادقا» تُستخدم. فقد قام البعض ممَّن كانوا يدرسون بترجمة فصول الكتاب، وكانت هذه الترجمات تُنسخ وتُعار للمرسلين لتُستعمل في دروس اخرى في الكتاب المقدس. لكنَّ بعض هذه الترجمات كان مشكوكا فيه. وقد صُدمت ايلما ايزلوب عندما وجدت انه قد أُدرجت ‹تفسيرات السيدة ايلما ايزلوب› كحواشٍ في صفحات احدى الترجمات.
بعد نحو عشر سنوات، في مدينة فوكووُوكا، حصل مع پرسي اختبار مهم. فقد طلب كيميهيرو ناكاتا، سجين عنيف محكوم عليه بالاعدام، كان قد دُفع له ليقتل رجلين، درسا في الكتاب المقدس، وكان پرسي مَن درس معه. ونتيجة ذلك، تخلى كيميهيرو كليا عن ‹شخصيته القديمة›. اعتمد في السجن، وقد وصفه پرسي بأنه «واحد من ناشري الملكوت الاكثر غيرة الذين عرفتهم». (افسس ٤:٢٢-٢٤) درس كيميهيرو نظام برايل ونسخ كتاب «ليكن اللّٰه صادقا» وكراسة «بشارة الملكوت هذه»، ومقالات من برج المراقبة و استيقظ! بحسب نظام برايل. ووُزِّعت هذه المطبوعات في انحاء مختلفة من اليابان، بما فيها مدارس للعميان. لكن في صباح ١٠ حزيران ١٩٥٩، توقفت سيارة للشرطة امام بيت المرسلين. فقد طلب كيميهيرو ان يحضر پرسي تنفيذ حكم الاعدام فيه ذلك الصباح. فاستجاب پرسي له. وفي الباحة حيث سينفَّذ الحكم، تحدثا بإيجاز، ورنَّما اخيرا ترنيمة ملكوت معا. وقال كيميهيرو لپرسي: «لماذا ترتعش يا پرسي؟ انا مَن ينبغي ان يكون مضطربا». وقبل ان يُشنق، كانت كلماته الاخيرة: «اشعر اليوم بثقة كبيرة بيهوه، وبالذبيحة الفدائية، وبرجاء القيامة. سأنام قليلا، وسألقاكم كلكم في الفردوس، اذا شاء يهوه». وأرسل تحياته الحارة الى اخوته حول العالم. مات كيميهيرو لتأخذ العدالة مجراها، معطيا حياة بحياة — ليس كمجرم ميؤوس منه وقاسٍ، بل كخادم ليهوه منتذر، معتمد، وأمين. — قارنوا اعمال ٢٥:١١.
ماتت ايلما ايزلوب بعد صراع مع السرطان دام عشر سنوات تقريبا، في بيت ايل في ايبينا، اليابان، في ٢٩ كانون الثاني ١٩٨٨. بعد ذلك حضر پرسي الاجتماعات السنوية للجمعية مرات عديدة، كعضو في جمعية برج المراقبة للكتاب المقدس والكراريس في پنسلڤانيا، وقدَّم تقريرا جيدا عن اليابان في اجتماع سنوي حديث العهد؛ ثم مات هو ايضا في سنة ١٩٩٦.
ورغم عائق اللغة، ابتدأت مِلبا باري درسا في الكتاب المقدس في اول يوم لها في خدمة الحقل في كوبي، في اواخر سنة ١٩٤٩. نتج من الدرس ناشران جديدان، ومِيو تكاجي هي واحدة منهما، وقد انخرطت في خدمة الفتح طوال عقود عديدة. واخبرت مِلبا لاحقا انها تأثَّرت عند رؤية اختين مرسلتين تجتازان حقلا وحِلا لزيارتها. والآن بعد ٤٨ سنة، يحمل كرسي ذو دواليب مِيو وينقلها من بيت الى بيت فيما تتابع خدمتها. وفي اقل من ثلاث سنوات، وقبل ان يُعاد تعيين مِلبا في الخدمة الارسالية في طوكيو، ساعدت نحو سبعة اشخاص على قبول الحق. وقد احتمل هؤلاء الكثير على مرّ السنين، ولحسن التوفيق، نجوا ايضا من زلزال كوبي العظيم سنة ١٩٩٥.
مزيد من المرسلين الى الحقل
في اوائل سنة ١٩٥٠، أُعيد تعيين خمس اخوات من الصف الـ ١١ لجلعاد في كوبي، اليابان، اذ لم يتمكنّ من الحصول على تأشيرة دخول الى كاليدونيا الجديدة. وكانت بينهن لويس داير، التي قضت حتى الآن ٦٧ سنة في خدمة الفتح، ومولي هَرون. وكانتا رفيقتين طوال السنوات الـ ٤٩ الماضية، وهما تخدمان في الوقت الحاضر في بيت المرسلين في طوكيو ميتا. وقد نُشرت قصة حياة لويس في برج المراقبة عدد ١٥ حزيران ١٩٨٠، بالانكليزية.
وتتذكَّر مولي هَرون: «كان البيت في كوبي واسعا، وعقدنا الذكرى بعد ستة اشهر من وصول المرسلين الاوائل. وقد حضر نحو ١٨٠ شخصا، مالئين غرفة الطعام والمدخل، حتى ان البعض كانوا يصغون من النوافذ الى الخطاب الذي كان يُترجم». وبعد سماع اعلان في ذلك الاجتماع يتعلق بخدمة الحقل، حضر في صباح اليوم التالي (الاحد) نحو ٣٥ شخصا للاشتراك فيها. يذكر الاخ باري: «كان على كل مرسل ان يأخذ ثلاثة او اربعة من المهتمين الجدد الى الابواب، وبما ان المرسلين لم يكونوا يتكلمون اللغة بطلاقة بعد، كان اصحاب البيوت يلتفتون الى رفقائنا اليابانيين ويتحدثون اليهم. ولم نعلم قط ماذا كان هؤلاء المهتمون الجدد يخبرون اصحاب البيوت».
وفي أواخر حزيران ١٩٥٠، اندلعت فجأة الحرب الكورية. وأراد طبعا المرسلون في اليابان ان يعرفوا كيف كان الاعضاء الثمانية من صفهم، الذين يخدمون في كوريا، يدبِّرون امرهم. ولم يكن عليهم الانتظار طويلا. ففي اليوم الثاني بعد نشوب الحرب، كان بعض مرسلي كوبي في طريق العودة الى البيت في قطار للعمال المسافرين يوميا. ووصل قطار من الجهة المعاكسة الى المحطة في الوقت نفسه. وعندما انطلق القطاران، رأى مرسلو كوبي الاعضاء الثمانية لفريق مرسلي كوريا يقفون على الرصيف المقابل. ويا له من لقاء! لقد تمكَّن الاخوة الذين كانوا في كوريا من مغادرة البلد على متن آخر طائرة أجلَت المدنيين. والآن ارتفع العدد في بيت المرسلين في كوبي من ١٠ الى ١٨ مرسلا. وقد نالت المقاطعة في تلك المدينة، التي دُمِّر معظمها، شهادة شاملة جدا.
وسرعان ما انتقل سكوت وأليس كاونتس الى بيت المرسلين في طوكيو، ولكن في تشرين الاول، انتقل جميع مرسلي كوريا الثمانية الى بيت جديد افتُتح في ناڠويا. ومن فريق كوريا، عاد فقط الى ذلك البلد دون ستيل وزوجته، أيرلين، عندما سنحت الظروف.
الحقول تنضج للحصاد
كانت ڠريس وڠلادس ڠريڠوري بين الذين شاركوا في افتتاح بيت المرسلين في ناڠويا. وقد وجدتا ان المقاطعة ناضجة للحصاد. وفي نيسان ١٩٥١، التقت ڠريس إيسامو سوڠييورا البالغ من العمر ١٨ سنة، والذي كان يعمل عند تاجر يبيع الپيانوات. تتذكَّر ڠلادس: «ان والدة إيسامو ربَّته في المذهب الشنتوي، وقيل له ان اليابان هي شينشو (الارض الالهية)، وإن الكاميكازي (الريح الالهية) ستحمي اليابان وتساعدهم ليربحوا الحرب. لكنَّ ايمانه بالآلهة اليابانية تحطَّم عندما استسلمت اليابان، وعانى الظروف الاقتصادية المريعة، والنقص في الطعام من جرّاء الحرب. ومات والده من سوء التغذية بعد انتهاء الحرب بسنة واحدة. وقد تجاوب الحدث إيسامو مع الرجاء بأرض فردوسية واعتمد في محفل دائري في تشرين الاول سنة ١٩٥١».
وقد حضر ذلك المحفل نحو ٥٠ مرسلا، مع ٢٥٠ يابانيا تقريبا. وقد تأثَّر إيسامو عميقا بالواقع ان المرسلين كانوا يختلطون بحرية باليابانيين دون تحامل، مع انه لم يكن قد مضى على انتهاء الحرب الا ست سنوات. وبعد ٤٥ سنة من الخدمة من كل النفس، بما في ذلك مدرسة جلعاد، والعمل الدائري والكوري، يخدم الاخ سوڠييورا الآن في بيت ايل في ايبينا كعضو في لجنة الفرع.
وتتذكَّر ڠلادس ڠريڠوري انها زارت امرأة كانت بوذية بالاسم والتفتت لاحقا الى كنائس العالم المسيحي؛ لكنها تركتها، خائبة الامل. وقد تثبَّطت عندما لم يتمكن القسوس من ان يوضحوا مَن هو اللّٰه، ولماذا لا يستعملون الاسم الشخصي للّٰه، مع انه يرد تقريبا ٠٠٠,٧ مرة في كتابها المقدس (البانڠوتاي، ترجمة كلاسيكية قديمة). وبدلا من الاجابة عن اسئلتها الكثيرة، قال لها رجل الدين ان «تؤمن فقط». وقد حصلت هذه المرأة من جارتها على نسخة من برج المراقبة (تصدر شهريا باليابانية منذ ايار ١٩٥١) كانت ڠلادس قد وضعتها عندها. وإذ تأثَّرت بما قرأته، بحثت عن ڠلادس. وفي ما يتعلق بهذا الاختبار، قالت ڠلادس لاحقا: «عندما رأت اجوبة الكتاب المقدس عن اسئلتها، مسّ ذلك قلبها. فحضرت على الفور درس الكتاب الجَماعي. وهناك سمعت اعلانات الخدمة لليوم التالي وعبَّرت عن رغبتها في الذهاب ايضا. فحاولنا ان نجعلها تتريَّث بإخبارها انه يلزم ان تدرس قليلا اولا. فقالت: ‹حسنا، سأدرس، ولكن اريد ان اذهب الى الخدمة ايضا!›. ففعلت ذلك، وصرفت اكثر من ٥٠ ساعة في ذلك الشهر الاول! وفي غضون سنة اعتمدت وبدأت بالفتح، ثم خدمت كفاتحة خصوصية مثمرة. ولا تزال في خدمة الفتح وهي في الـ ٨٠ من عمرها».
يهوه جعله ينمو
كانت الاخوات المرسلات الخمس اللواتي عيِّنّ في اوساكا سنة ١٩٥١ مسرورات لأن اناسا كثيرين اتوا مباشرة الى بيت المرسلين من اجل الدرس. لكنَّ هؤلاء المرسلات الجديدات وجدن صعوبة في تمييز شخص ياباني من آخر. تقول لاينا ڤينتِلر، من سويسرا: «عندما كان الناس يصلون، كنا نحن الخمس جميعنا نذهب كفريق وندعهم يختارون مديرة درسهم الصحيحة». وفي محاولة للاقتداء بالعادة اليابانية، كانت المرسلات يصففن الاخفاف ليستعملها الناس الذين يأتون الى البيت، لكنَّ المرسلات لم يكنّ يعرفن الفرق بين الاخفاف التي يستعملها الضيوف والاخفاف التي تُستعمل في الحمام. وذات يوم، اخذت احدى التلميذات لاينا جانبا وأوضحت: «ليس من عادتنا ان نضع اخفاف الحمام للضيوف». وقد تعلَّمت المرسلات تدريجيا.
ومن وقت الى آخر، كان الاخوة المرسلون في كوبي يزورون اوساكا ليقدِّموا بعض المساعدة للاخوات العوازب الخمس هناك. ولم يكن في كل اوساكا آنذاك الا ناشرون قليلون. وفي احدى المناسبات، انضمّ لويد باري الى بعض المرسلات في اوساكا لحضور حفلة اوپرا أُقيمت في الهواء الطلق، في مدرَّج كبير للبايسبول في كوشيين. وعلَّق قائلا: ‹ألا يكون رائعا لو نتمكن من ملء هذا المدرَّج بمحفل يوما ما!›. امر بدا مستحيلا.
ولكن نحو نهاية سنة ١٩٩٤، دُعي الاخ باري، وهو الآن عضو في الهيئة الحاكمة، في بروكلين، الى إلقاء خطاب التدشين في قاعة محافل هيوڠو المبنية حديثا، والتي تخدم ٥٢ جماعة في منطقة كوبي. لقد كان اجتماعا مبهجا حضره عدد من الناشرين اليابانيين الاوائل هناك. وقد خُطِّط لعقد محفل اكبر بكثير لليوم التالي. وأين كان سيُعقد؟ ليس الا في مدرَّج البايسبول في كوشيين. وقد اجتمع اكثر من ٠٠٠,٤٠ شخص، وكم كانوا فريقا منظَّما! وحضر ايضا كثيرون في ٤٠ موقعا آخر في كل انحاء اليابان، جُعلوا على اتصال بواسطة الهاتف. وهكذا كان مجموع الحضور اكثر من ٠٠٠,٢٥٤ شخص — حتى اكثر من الذين حضروا المحفل الضخم في نيويورك سنة ١٩٥٨. فكم كان يهوه «يُنمي» بطريقة رائعة في اليابان! — ١ كورنثوس ٣:٦، ٧.
وفي وقت باكر من سنة ١٩٥١، افتُتح بيت للمرسلين في يوكوهاما. وقد تبيَّن ان هذه المدينة ايضا كانت حقلا مثمرا جدا. وڠوردن ديرن، الاخ المسؤول عن بيت المرسلين منذ البداية، وهو الآن ارمل، يتابع خدمته كامل الوقت في فرع طوكيو في ايبينا. وهنالك اليوم ١١٤ جماعة في يوكوهاما، والتوسُّع يستمر، فيما يُكمل الاخوة المحليون العمل الذي ابتدأه المرسلون.
في سنة ١٩٥٢، تأسس ايضا بيت للمرسلين في مدينة كيوتو. ونُقل المرسلون من اوساكا وكوبي الى كيوتو لينضموا هناك الى فريق غيور من المرسلين الجدد. وفي نيسان ١٩٥٤، أُعيد ايضا تعيين لويس داير ومولي هَرون من كوبي الى كيوتو.
وفي كيوتو، هنالك نحو الف معبد، واحد في كل زاوية تقريبا. ولم تُقصف المدينة خلال الحرب، لحفظ المعابد. تتذكَّر لويس: «فيما كنا هناك التقينا شوزو ميما، تاجر بقول بالجملة، كان يتعافى في البيت من مرض مزمن. ومع انه كان بوذيا غيورا، اخبرني انه يريد ان يعرف عن الاله الحقيقي. فكان من السهل جدا الابتداء معه بدرس في الكتاب المقدس. وفي وقت لاحق درست زوجته وبناته ايضا، واعتنقت كامل العائلة الحق. وأصبح شوزو الودود عمودا روحيا في جماعة كيوتو».
انضمت مارڠريت ڤينتِلر، من سويسرا، الى اختها الاكبر لاينا في كيوتو. واكتشفت انه في هذا التعيين الجديد عليها ان تعتاد الاشارات كما تعتاد الكلام. على سبيل المثال، ان الرجل الذي يتوقَّع ان تقرِّر زوجته ما اذا كانت ستقبل المطبوعات ام لا، يومئ بخنصره (الاصبع الصغرى) ليشير الى انها ليست في البيت. وقد ترفع الزوجة من جهة اخرى ابهامها، الذي يمثِّل الزوج، لتقول انه ليس في البيت. وصارت مارڠريت تدرك انه عندما يواصل الناس في كيوتو تصفُّح المجلات المقدَّمة، قالبين بتمهُّل صفحة كل مرة، فهُم في الواقع يرفضونها بلغة الجسد ويريدونها ان تدرك ذلك دون ان يضطروا الى قوله. ولكن، على اية حال، لم تكن كل الاجوبة سلبية، سواء بالكلمات او بلغة الجسد. وهنالك اليوم ٣٩ جماعة مزدهرة لشهود يهوه في كيوتو.
التغلب على فصول الشتاء الباردة واللغة الجديدة
عندما وصل في سنة ١٩٥٣ الى اليابان من هاواي المزيد من المرسلين، بمن فيهم أدِلين ناكو ورفيقتها ليليان سامسون، عُيِّنوا في مدينة سَنداي الشمالية الباردة. ففي الليل تنخفض درجات الحرارة الى ٥ درجات مئوية تحت الصفر (٢٣°ف). وكان دون ومايبل هاسلِت قد اسسا بيت المرسلين الجديد هناك في تشرين الاول المنصرم وانضم اليهما شينيتشي وماساكو توهارا. ولأن هؤلاء الهاواييين نشأوا في المنطقة المدارية، وجدوا ان فصول الشتاء الباردة في سَنداي تشكِّل تحديا. وصاروا معروفين بصفتهم «الهاواييين المبرَّدين الطازجين».
تتذكَّر ليليان: «لأول مرة في حياتنا تعلَّمنا كيف نقطع الخشب للموقد. ولم تكن هنالك حرارة الا في المطبخ فقط، لذلك كنا نحاول ان نُدفئ اسرَّتنا بـ يوتانپو، اداة يابانية لتدفئة الاسرّة مصنوعة من المعدن. وخلال النهار، كنا نشتري إيشي ياكِييمو (بطاطا حلوة تُطبخ على الحجارة الساخنة)، نضعها في جيوبنا لنُدْفئ ايدينا، ثم نأكلها عند تناول الغداء».
لكنَّ البرد لم يكن وحده ما سبَّب المشاكل. فإلى ان تعلَّم المرسلون قراءة الاحرف الابجدية اليابانية، كانت هنالك حالات مربكة. لم تنسَ بعد أدِلين اليوم الذي فيه ضغطت على جهاز انذار الحريق للطوارىء، معتقدة انه جرس باب احمر، بسبب عجزها عن قراءة اليابانية. فهرع الناس من شققهم ليروا ماذا حدث. ونالت بسبب ذلك توبيخا شديد اللهجة.
لكنَّ ذكريات هؤلاء المرسلين تشمل اكثر بكثير من الاختبارات الشخصية خلال سنواتهم الباكرة في اليابان. فبالنسبة اليهم، ان الآلاف الكثيرة من اخوتهم وأخواتهم اليابانيين والحوادث التي تشاركوا فيها، تحتلّ كلها مكانا في «ألبومهم العائلي». ونحن ندعوكم الى التأمل في صفحات هذا الألبوم، فيما نسترجع حوادث اخرى ساهمت في نمو المجتمع الثيوقراطي في اليابان.
-