-
ينبغي ان يكون يهوه موضع ثقتنابرج المراقبة ١٩٩٨ | ١٥ آب (اغسطس)
-
-
ينبغي ان يكون يهوه موضع ثقتنا
«يهوه يكون موضع ثقتك». — امثال ٣:٢٦، عج.
١ رغم ان كثيرين يدّعون الثقة باللّٰه، ماذا يدل انهم لا يثقون به دائما؟
«باللّٰه نثق»، هو شعار يظهر على النقود في الولايات المتحدة الاميركية. ولكن هل يثق حقا كل الذين يستعملون هذه العملة في هذا البلد او غيره باللّٰه؟ ام انهم يثقون اكثر بالمال نفسه؟ لا يمكن ابدا التوفيق بين هذه الثقة بالمال في هذا البلد او غيره وبين الثقة بإله المحبة الكلي القدرة، الذي يستحيل عليه ان يسيء استعمال قدرته او ان يكون طمّاعا. فهو واضح في ادانته للطمع. — افسس ٥:٥.
٢ ما هو موقف المسيحيين الحقيقيين من قوة الغنى؟
٢ ان المسيحيين الحقيقيين يثقون باللّٰه، وليس ‹بقوة الغنى الخداعة›. (متى ١٣:٢٢، عج) فهم يعرفون ان قدرة المال على جلب السعادة وحفظ الحياة زهيدة جدا بعكس قدرة اللّٰه الكليّ القدرة. (صفنيا ١:١٨) فما احكم النصح: «لتكن سيرتكم خالية من محبة المال. كونوا مكتفين بما عندكم لأنه قال لا اهملك ولا اتركك»! — عبرانيين ١٣:٥.
٣ كيف توضح القرينة في التثنية ٣١:٦ الكلمات التي اقتبسها بولس من هذا العدد؟
٣ عندما كتب الرسول بولس الكلمات الآنفة الذكر الى المسيحيين من اصل عبراني، كان يقتبس من الارشادات التي اعطاها موسى للاسرائيليين قبيل موته: «تشددوا وتشجعوا. لا تخافوا ولا ترهبوا وجوههم لأن الرب الهك سائر معك. لا يهملك ولا يتركك». (تثنية ٣١:٦) وتظهر القرينة ان موسى كان يشجعهم ان تكون ثقتهم بيهوه اكثر من مجرد التيقن انه سيزودهم بالحاجات المادية. وكيف ذلك؟
٤ كيف برهن اللّٰه للاسرائيليين انه جدير بالثقة؟
٤ كان اللّٰه امينا في تزويد اسرائيل بضروريات الحياة خلال السنوات الـ ٤٠ حين تاهوا في البرية. (تثنية ٢:٧؛ ٢٩:٥) وكان ايضا يقودهم بواسطة سحابةٍ نهارا ونارٍ ليلا لجلبهم الى «ارض تفيض لبنا وعسلا». (خروج ٣:٨؛ ٤٠:٣٦-٣٨) وعندما حان وقت دخولهم ارض الموعد، اختار يهوه ان يكون يشوع خليفة لموسى. وكان من المتوقع ان يقاومهم السكان هناك. ولكنَّ يهوه كان قد سار مع شعبه طوال عقود. لذلك لم يكن من داعٍ الى الخوف. فقد كان لدى الاسرائيليين سبب وجيه ليعرفوا ان يهوه هو اله جدير بالثقة!
٥ كيف تناظر حالة المسيحيين اليوم حالة الاسرائيليين قبل دخولهم ارض الموعد؟
٥ يسير المسيحيون اليوم في برية العالم الشرير الحاضر في طريقهم الى عالم اللّٰه الجديد، وبعضهم يسلكون هذا الطريق منذ اكثر من ٤٠ سنة. وقد صاروا الآن على عتبة نظام اللّٰه الجديد. ولكنَّ الاعداء لا يزالون يعترضون سبيلهم، محاولين منع ايٍّ منهم من دخول ما يناظر ارض الموعد، التي كانت تفيض لبنا وعسلا، ولكنه امجد منها. فكم هي ملائمة في حالة المسيحيين اليوم كلمات موسى التي كرَّرها بولس: «لا اهملك ولا اتركك»! فكل مَن يبقى قويا شجاعا واثقا بيهوه وكله ايمان، ينال المكافأة لا محالة.
الثقة نابعة من المعرفة والصداقة
٦، ٧ (أ) ماذا وضع ثقة ابراهيم بيهوه على المحك؟ (ب) كيف ربما كان شعور ابراهيم وهو ذاهب الى حيث سيقدِّم اسحاق ذبيحة؟
٦ ذات مرة، طُلب من ابراهيم، احد اسلاف الاسرائيليين، ان يقدِّم ابنه اسحاق محرقة. (تكوين ٢٢:٢) فماذا مكَّن هذا الاب المحب من وضع ثقة لا تتزعزع في يهوه حتى انه كان على استعداد للطاعة فورا؟ تجيب العبرانيين ١١:١٧-١٩: «بالايمان قدَّم ابراهيم اسحاق وهو مجرَّب. قدَّم الذي قبِل المواعيد وحيده الذي قيل له انه بإسحاق يُدعى لك نسل. اذ حسب ان اللّٰه قادر على الاقامة من الاموات ايضا الذين منهم اخذه ايضا في مثال».
٧ تذكروا ان ابراهيم واسحاق لزمهما ثلاثة ايام للوصول الى حيث ستُقدَّم الذبيحة. (تكوين ٢٢:٤) فكان هنالك متسع من الوقت ليعيد ابراهيم النظر في ما طُلب منه. فهل يمكننا ان نتخيل ما كان يشعر به؟ لقد كانت ولادة اسحاق فرحة غير متوقعة. وهذا الدليل على التدخل الالهي وطَّد العلاقة بين اللّٰه وبين ابراهيم وزوجته العاقر سابقا سارة. ومذّاك، لا شك انهما كانا يترقبان ما يخبئه المستقبل لاسحاق والمتحدرين منه. فهل كانت احلامهما ستنهار بسبب طلب اللّٰه؟
٨ كيف كانت ثقة ابراهيم باللّٰه تتعدى الايمان بأن في وسعه إقامة اسحاق؟
٨ رغم ذلك، كانت لابراهيم ثقة نابعة من المعرفة الشخصية التي يملكها الاصدقاء الاحماء واحدهم بالآخر. فلأنه كان «خليل اللّٰه»، ‹آمن باللّٰه فحُسب له برًّا›. (يعقوب ٢:٢٣) ولم تكن ثقته بيهوه تقتصر على ايمانه بأن اللّٰه في وسعه إقامة اسحاق. فقد كان مقتنعا ايضا بأن يهوه يطلب منه امرا صائبا رغم انه لم يعرف كل الوقائع. ولم يكن هنالك ايّ سبب ليظن ان هذا الطلب ينفي برّ يهوه. وقد ازدادت ثقة ابراهيم عندما تدخل ملاك يهوه ليمنع تقديم اسحاق ذبيحة. — تكوين ٢٢:٩-١٤.
٩، ١٠ (أ) متى كان ابراهيم قد اعرب عن ثقته بيهوه؟ (ب) ايّ درس قيِّم نتعلمه من ابراهيم؟
٩ كان ابراهيم قد اعرب عن هذه الثقة عينها ببرّ يهوه قبل نحو ٢٥ سنة. فبعد تحذيره ان سدوم وعمورة ستُدمران، كان من الطبيعي ان يقلق بشأن خير الاشخاص الابرار الذين يعيشون هناك، بمن فيهم ابن اخيه لوط. فتوسل ابراهيم الى اللّٰه قائلا: «حاشا لك ان تفعل مثل هذا الامر ان تميت البارّ مع الاثيم فيكون البارّ كالاثيم. حاشا لك. أديّان كل الارض لا يصنع عدلا». — تكوين ١٨:٢٥.
١٠ كان الاب الجليل ابراهيم مقتنعا بأن يهوه لا يتصرف البتة تصرفا غير بارّ. فقد رنم لاحقا صاحب المزمور: «الرب بارّ في كل طرقه ورحيم في كل اعماله». (مزمور ١٤٥:١٧) وحسنا نفعل إنْ سألنا انفسنا: ‹هل ارضى بما يسمح يهوه بأن أمرّ به دون ان اشكّ في برّه؟ هل انا مقتنع بأن كل ما يسمح به هو لخيري وخير الآخرين ايضا؟›. فإذا اجبنا بالايجاب، نكون قد تعلمنا درسا قيِّما من ابراهيم.
الثقة بمَن يختارهم يهوه
١١، ١٢ (أ) ايّ وجه للثقة ضروري لخدام اللّٰه؟ (ب) اية مشكلة قد تكون لدينا احيانا؟
١١ ان الذين يجعلون يهوه موضع ثقتهم يظهرون الثقة ايضا بالرجال الذين يختار ان يستخدمهم لإنجاز مقاصده. وهذا عنى للاسرائيليين الثقة بموسى ولاحقا بخليفته يشوع. وعنى للمسيحيين الاولين الثقة بالرسل والشيوخ في جماعة اورشليم. ويعني لنا اليوم الثقة ‹بالعبد الامين الحكيم› المعيَّن ليعطينا ‹طعامنا الروحي في حينه›، والثقة ايضا بالهيئة الحاكمة التي هي جزء منه. — متى ٢٤:٤٥.
١٢ ان ثقتنا بالذين يأخذون القيادة في الجماعة المسيحية هي لفائدتنا. تُوجَّه الينا هذه الكلمات: «أطيعوا مرشديكم [«الذين يأخذون القيادة بينكم»، عج] واخضعوا لأنهم يسهرون لأجل نفوسكم كأنهم سوف يعطون حسابا لكي يفعلوا ذلك بفرح لا آنّين لأن هذا غير نافع لكم». — عبرانيين ١٣:١٧.
لا تفكروا في بدائل لمَن يختارهم يهوه
١٣ ماذا يجعلنا نثق بالمعيَّنين لأخذ القيادة؟
١٣ يساعدنا الكتاب المقدس ان نكون متزنين في اظهار الثقة بالذين يأخذون القيادة بين شعب يهوه. فقد نسأل انفسنا: ‹هل اقترف موسى الاخطاء؟ هل كان الرسل يظهرون دائما الموقف المسيحي الذي كان يسوع يريد ان يظهروه؟›. ان الاجابة واضحة. فيهوه اختار ان يستخدم رجالا اولياء ومخلصين لقيادة شعبه، رغم انهم ناقصون. وبشكل مماثل، رغم ان الشيوخ اليوم ناقصون، يجب ان نعترف بأن ‹الروح القدس عيَّنهم ليكونوا نظارا، ليرعوا جماعة اللّٰه›. فهم جديرون بدعمنا واحترامنا. — اعمال ٢٠:٢٨، عج.
١٤ ايّ امر يلفت الانتباه في ان يهوه اختار موسى قائدا وليس هارون او مريم؟
١٤ كان هارون اكبر من موسى بثلاث سنوات، ولكنهما كانا اصغر من اختهما مريم. (خروج ٢:٣، ٤؛ ٧:٧) وبما ان هارون كان طلق اللسان اكثر من موسى، فقد عيِّن ليكون الناطق بلسان اخيه. (خروج ٦:٢٩–٧:٢) فيهوه لم يختر مريم الاكبر سنا او هارون الاكثر طلاقة لقيادة الاسرائيليين. واختياره لموسى كان نتيجة معرفة كل الوقائع والحاجات آنذاك. وكان هارون ومريم ذات مرة يفتقران الى هذه البصيرة النافذة. لذلك تذمَّرا: «هل كلَّم الرب موسى وحده. ألم يكلِّمنا نحن ايضا». ولأن مريم كانت على الارجح المحرِّض الرئيسي، فقد عوقبت على هذا الموقف العديم الاحترام للشخص الذي اختاره يهوه والذي كان ينبغي ان تعترف هي وهارون بأنه «كان حليما جدا اكثر من جميع الناس الذين على وجه الارض». — عدد ١٢:١-٣، ٩-١٥.
١٥، ١٦ كيف اثبت كالب انه يثق بيهوه؟
١٥ عندما أُرسل ١٢ جاسوسا ليتجسسوا ارض الموعد، رجع ١٠ بأخبار سلبية. فألقوا الرعب في قلوب الاسرائيليين بالتكلم عن الكنعانيين ‹الطوال القامة›. وهذا ما جعل الاسرائيليين ‹يتذمرون على موسى وهارون›. ولكن لم يُظهِر كل الجواسيس قلة الثقة بموسى وبيهوه. نقرأ: «لكن كالب انصت الشعب الى موسى وقال اننا نصعد ونمتلكها لأننا قادرون عليها». (عدد ١٣:٢، ٢٥-٣٣؛ ١٤:٢) وكان موقف يشوع، احد الجواسيس، كموقف كالب الثابت. فقد اظهرا كلاهما انهما جعلا يهوه موضع ثقتهما عندما قالا: «إن سُرَّ بنا الرب يُدخلنا الى هذه الارض ويعطينا اياها ارضا تفيض لبنا وعسلا. انما . . . لا تخافوا من شعب الارض . . . الرب معنا. لا تخافوهم». (عدد ١٤:٦-٩) فكوفئت هذه الثقة بيهوه لأنه من بين جيل الراشدين آنذاك، لم يُمنح امتياز دخول ارض الموعد إلا لكالب ويشوع وبعض اللاويين.
١٦ وبعد مرور عدة سنوات، قال كالب: «أما انا فاتّبعت تماما الرب الهي . . . والآن فها قد استحياني الرب كما تكلم هذه الخمس والاربعين سنة من حين كلَّم الرب موسى بهذا الكلام حين سار اسرائيل في القفر. والآن فها انا اليوم ابن خمس وثمانين سنة. فلم ازل اليوم متشددا كما في يوم ارسلني موسى. كما كانت قوتي حينئذ هكذا قوتي الآن». (يشوع ١٤:٦-١١) لاحظوا موقف كالب الايجابي وأمانته وقدرته الجسدية. ولكنَّ يهوه لم يختره ليكون خليفة موسى. فقد مُنح هذا الامتياز ليشوع. ويمكن ان يكون لنا ملء الثقة بأن اختيار يهوه كان على اساس اسباب وجيهة وبأنه الاختيار الانسب.
١٧ ماذا جعل بطرس حسب الظاهر غير جدير بحمل المسؤولية؟
١٧ انكر الرسول بطرس معلمه ثلاث مرات. وكان قد اظهر التهور عندما اخذ على عاتقه حلّ المسائل وقطع اذن عبد رئيس الكهنة. (متى ٢٦:٤٧-٥٥، ٦٩-٧٥؛ يوحنا ١٨:١٠، ١١) ورُبَّ قائل ان بطرس كان جبانا ينقصه الاتزان وليس اهلا لأن يُمنح امتيازات خصوصية. ولكن مَن أُعطي مفاتيح الملكوت وبذلك مُنح الامتياز ان يفتح الطريق الى الدعوة السماوية امام ثلاث فرق؟ ليس سوى بطرس. — اعمال ٢:١-٤١؛ ٨:١٤-١٧؛ ١٠:١-٤٨.
١٨ ايّ خطإ ذكره يهوذا ينبغي ان نتجنبه؟
١٨ تظهر هذه الامثلة انه يجب ان نحذر من الحكم على اساس المظهر الخارجي. فإذا أولينا ثقتنا ليهوه، فلن نشك في الذين يختارهم. ورغم ان هيئته الارضية مؤلفة من بشر ناقصين لا يدَّعون العصمة، فهو يستخدمهم لينجزوا عملا جبارا. حذَّر يهوذا، اخو يسوع من امه، المسيحيين في القرن الاول من اشخاص «يتهاونون بالسيادة ويفترون على ذوي الامجاد». (يهوذا ٨-١٠) فلا ينبغي ابدا ان نكون مثلهم!
١٩ لماذا لا داعي الى التفكير في بدائل لمَن يختارهم يهوه؟
١٩ من الواضح ان يهوه يختار لمسؤوليات معيَّنة اشخاصا بصفات معيَّنة لازمة لقيادة شعبه كما يشاء هو في ذلك الوقت. ويجب ان نعترف بهذا الواقع، دون ان نفكر في بدائل لمَن يختارهم اللّٰه، بل ان نكون قانعين بتواضع بالخدمة حيثما يضعنا يهوه. وبذلك نظهر اننا جعلنا يهوه موضع ثقتنا. — افسس ٤:١١-١٦؛ فيلبي ٢:٣.
الثقة ببرّ يهوه
٢٠، ٢١ ماذا قد نتعلم من طريقة اللّٰه في التعامل مع موسى؟
٢٠ اذا كنا احيانا نعرب عن ثقة مفرطة بأنفسنا وقلة ثقة بيهوه، فلنتعلم درسا من موسى. فعندما كان بعمر ٤٠ سنة، شرع في محاولة تحرير الاسرائيليين من الاسر المصري على طريقته الخاصة. ورغم انه كان حسن النية حتما، فهو لم ينقذ اسرائيل فورا ولم يحسِّن وضعه. وقد أُجبر على الهرب، ولم يصر اهلا لانتقائه ليفعل ما كان يريد فعله إلا بعد ٤٠ سنة من التدريب الصارم في بلد غريب. ولكن هذه المرة كان بإمكانه ان يثق بدعم يهوه لأن الامور تجري كما يريد يهوه وحسب جدول مواعيده. — خروج ٢:١١–٣:١٠.
٢١ وجيد ان يسأل كلٌّ منا نفسه: ‹هل اسبق احيانا يهوه والشيوخ المعيَّنين في الجماعة، محاولا الاسراع بالامور او فعلها على طريقتي؟ هل اتقبل فورا ان تستمر فترة تدريبي دون ان اشعر بأنه جرى التغاضي عن منحي بعض الامتيازات؟›. هل تعلَّمنا درسا قيِّما من موسى؟
٢٢ ماذا كان شعور موسى تجاه يهوه رغم انه خسر امتيازا ثمينا؟
٢٢ يمكن ايضا ان نتعلم درسا آخر من موسى. تخبرنا العدد ٢٠:٧-١٣ عن خطإ ارتكبه جعله يدفع ثمنا باهظا. فقد خسر امتياز قيادة الاسرائيليين الى ارض الموعد. فهل كان ردّ فعله آنذاك ان قرار يهوه في هذه المسألة تعسفي؟ هل اعتزل مستاء لأن اللّٰه عامله هذه المعاملة الجائرة؟ وهل فقد ثقته ببرّ يهوه؟ يمكن ان نجد الاجابة في كلمات قالها موسى نفسه لإسرائيل قبيل موته. قال عن يهوه: «الكامل صنيعه. ان جميع سبله عدل. اله امانة لا جَور فيه صدِّيق [«بارّ»، عج] وعادل هو». (تثنية ٣٢:٤) لا شك ان موسى حافظ على ثقته بيهوه حتى النهاية. فماذا عنا؟ هل نتَّخذ افراديا الخطوات لزيادة ثقتنا بيهوه وبرّه؟ كيف يمكننا ذلك؟ دعونا نرى.
-
-
تقوية ثقتنا ببرّ اللّٰهبرج المراقبة ١٩٩٨ | ١٥ آب (اغسطس)
-
-
تقوية ثقتنا ببرّ اللّٰه
«لكي تكون ثقتك في يهوه اعطيتك معرفة». — امثال ٢٢:١٩، عج.
١، ٢ (أ) لماذا يعرب شهود يهوه عن الثقة به؟ (امثال ٢٢:١٩، عج) (ب) ماذا يدل ان بعض الافراد يلزمهم تقوية ثقتهم بيهوه؟
أُنعم على المسيحيين الحقيقيين بمعرفة دقيقة عن يهوه ومقاصده. ‹فالعبد الامين الحكيم› يزوِّدهم بمحبة ‹الطعام الروحي في حينه›. (متى ٢٤:٤٥) والمعرفة التي ينالونها تمنحهم اساسا راسخا لثقتهم باللّٰه. ولذلك يُظهِر شهود يهوه كفريق ثقة جديرة بالملاحظة بيهوه وبرّه.
٢ ولكن يظهر ان بعض الافراد قد يلزمهم تقوية ثقتهم. فالجمعية تتسلم احيانا رسائل تعبِّر عن الشك بشأن بعض الشروح في مطبوعاتها. وقد تكون هذه الشكوك نتيجة بعض التعديلات في الفهم، او قد تنجم عن مسائل تمسّ الذي طرح السؤال، وخصوصا من الناحية العاطفية. — قارنوا يوحنا ٦:٦٠، ٦١.
٣ ماذا يمكن ان يحدث حتى لخدام يهوه الامناء، ولماذا؟
٣ وحتى خدام يهوه الحقيقيون يلمسون صحة الجامعة ٩:١١ التي تقول: «فعدت ورأيت تحت الشمس ان السعي ليس للخفيف [«للسريع»، ترجمة تفسيرية] ولا الحرب للاقوياء ولا الخبز للحكماء ولا الغنى للفهماء ولا النعمة لذوي المعرفة لأنه الوقت والعَرَض يلاقيانهم كافة». وكيف تَثبت صحة هذه الكلمات بمعنى موسَّع، او روحي؟ ربما نعرف مسيحيين كانوا سريعين في تطبيق مشورة الكتاب المقدس، اقوياء في الدفاع عن الحق، حكماء في تطبيق مبادئ الكتاب المقدس، وغيورين في سعيهم وراء المعرفة الدقيقة. ولكن نتيجة «الوقت والعَرَض»، قد تصير امكانيات البعض محدودة من جراء حادث ما او الشيخوخة. وقد يتساءلون هل يعبرون احياء الى عالم اللّٰه الجديد.
٤، ٥ لماذا ليس هنالك سبب يجعل المسيحيين يفقدون ثقتهم ببرّ يهوه؟
٤ عندما يفقد المسيحي رفيق زواجه، يكون الالم مبرِّحا والخسارة فادحة. فربما خَدَما يهوه معا طوال سنوات او عقود. والذي بقي على قيد الحياة يعرف ان الموت يحلّ رباط الزواج.a (١ كورنثوس ٧:٣٩) لذلك يجب ان يضبط مشاعره لئلا تضعف ثقته. — قارنوا مرقس ١٦:٨، عج.
٥ فما احكم اعتبار موت رفيق الزواج او الوالد او الولد او الصديق المسيحي الحميم فرصة لإظهار الثقة ببرّ يهوه! فحتى عندما تحلّ بنا الخسارة، يمكن ان نثق بأن يهوه بارّ. ويمكن ان نثق بأن كل مَن سيرث الحياة الابدية — سواء بواسطة النجاة او القيامة — سيكون سعيدا. يقول صاحب المزمور عن يهوه: «تفتح يدك فتُشبع كل حي رضى. الرب بارّ في كل طرقه ورحيم في كل اعماله. الرب قريب لكل الذين يدعونه الذين يدعونه بالحق. يعمل رضى خائفيه ويسمع تضرعهم فيخلّصهم». — مزمور ١٤٥:١٦-١٩.
الشعور بأننا تألمنا بلا لزوم
٦، ٧ (أ) لماذا قد يكون الآن لبعض الشهود الذين تألموا في الماضي فهم مختلف؟ (ب) لماذا لا ينبغي ان نعتبر ان يهوه غير بارّ لأنه سمح بهذا الالم في الماضي؟
٦ في الماضي، تألم بعض الشهود نتيجة رفضهم المشاركة في امر قد يسمح لهم ضميرهم الآن ان يشاركوا فيه. مثلا، ربما كان قرارهم قبل سنوات الامتناع عن بعض انواع الخدمة المدنية. وقد يشعر احد الاخوة الآن انه كان بإمكانه القيام بها بضمير حيّ دون انتهاك مبدإ الحياد المسيحي في ما يتعلق بنظام الاشياء الحاضر.
٧ فهل كان يهوه غير بارّ لأنه سمح له بأن يتألم بسبب رفضه ما يمكنه القيام به الآن دون عواقب؟ معظم الذين مروا بهذه الحالة لا يظنون ذلك. فهم فرحون لأن الفرصة أُتيحت لهم للاعراب جهرا وبوضوح عن تصميمهم ان يكونوا ثابتين في قضية السلطان الكوني. (قارنوا ايوب ٢٧:٥، عج.) فلماذا يندم المرء على فعل ما املاه عليه ضميره في اتخاذ موقف ثابت مع يهوه؟ فبدعمه بولاء المبادئ المسيحية كما فهمها او باستجابته لوخزات الضمير، برهن انه جدير بصداقة يهوه. ولكن لا شك انه من الحكمة تجنب مسلك يزعج ضميره او يمكن ان يعثر الآخرين. والمثال الذي يخطر في بالنا في هذا المجال هو مثال الرسول بولس. — ١ كورنثوس ٨:١٢، ١٣؛ ١٠:٣١-٣٣.
٨ لماذا لم يكن هنالك ما يدعو الى ان يندم المسيحيون من اصل يهودي، الذين كانوا يحفظون سابقا الناموس؟
٨ لإرضاء يهوه، كان مطلوبا من اليهود ان يطيعوا الوصايا العشر ومجموعة واسعة من ٦٠٠ شريعة اضافية. ولاحقا، لم تعد إطاعة هذه الشرائع مطلبا لخدمة يهوه في الترتيب المسيحي، حتى انها لم تعد مطلبا لليهود الطبيعيين. والشرائع التي لم تعد ملزِمة شملت شرائع الختان، حفظ السبت، تقديم الذبائح الحيوانية، والامتناع عن بعض الاطعمة. (١ كورنثوس ٧:١٩؛ ١٠:٢٥؛ كولوسي ٢:١٦، ١٧؛ عبرانيين ١٠:١، ١١-١٤) واليهود — بمن فيهم الرسل — الذين صاروا مسيحيين لم يعودوا مُلزَمين بحفظ الشرائع التي كانت مطلوبة منهم تحت عهد الناموس. فهل تذمروا لأن ترتيب اللّٰه لم يكن بارّا عندما طلب منهم سابقا امورا لم تعد ضرورية؟ كلا، فقد افرحهم الفهم الاوضح لمقاصد يهوه. — اعمال ١٦:٤، ٥.
٩ ماذا كان صحيحا في حالة بعض الشهود، ولكن لماذا ليس هنالك ما يدعو الى الندم؟
٩ في الازمنة العصرية، كان بعض الشهود متشددين جدا في نظرتهم الى ما يفعلونه او لا يفعلونه. لذلك تألموا اكثر من غيرهم. ولكنَّ المعرفة المتزايدة ساعدتهم لاحقا على عدم التصلب في نظرتهم الى الامور. ولكن ليس هنالك ما يدعو الى الندم على ما قاموا به سابقا كما املى عليهم ضميرهم، حتى عندما كان ذلك يجعلهم يتألمون اكثر. ومن الجدير بالمدح حقا انهم اعربوا عن استعدادهم ان يتألموا بسبب امانتهم ليهوه، وأن ‹يفعلوا كل شيء لأجل البشارة›. ويهوه يبارك هذا النوع من التعبد له. (١ كورنثوس ٩:٢٣، عج؛ عبرانيين ٦:١٠) فبالصواب كتب الرسول بطرس: «إن كنتم تتألمون عاملين الخير فتصبرون فهذا فضل عند اللّٰه». — ١ بطرس ٢:٢٠.
التعلم من يونان
١٠، ١١ كيف اظهر يونان قلة ثقته بيهوه (أ) عندما عُيِّن له ان يذهب الى نينوى؟ (ب) عندما لم يهلك اللّٰه اهل نينوى؟
١٠ لم يظهر يونان التقدير للثقة التي اولاه اياها يهوه عندما امره بالذهاب الى نينوى. وبعد ان مرّ باختبار فظيع نتيجة عدم طاعته، عاد الى رشده، ادرك انه على خطإ، قبِل تعيينه الاجنبي، وحذَّر اهل نينوى من الهلاك الوشيك. وهنا كانت المفاجأة: لقد قرر يهوه ألا يهلك اهل نينوى لأنهم تابوا! — يونان ١:١–٣:١٠.
١١ وكيف تجاوب يونان؟ لقد استاء وعبَّر عن تذمره للّٰه في الصلاة. وكان فحوى شكواه: ‹كنت اعرف من البداية ان هذا ما سيحدث. لذلك لم أُرد الذهاب الى نينوى. وها هي النتيجة الآن بعد كل ما احسست به من خوف وإذلال عندما ابتلعني الحوت وبعد كل الجهد الذي بذلته لتحذير اهل نينوى من الهلاك الوشيك! فكل جهدي ومعاناتي ذهبا هباء! ليتني اموت!›. — يونان ٤:١-٣.
١٢ ماذا يمكن ان نتعلم من اختبار يونان؟
١٢ وهل كان لدى يونان سبب وجيه للتذمر؟ هل كان يهوه غير بارّ عندما اظهر الرحمة للخطاة التائبين؟ كان حريًّا بيونان ان يفرح لأن عشرات الآلاف أُنقذوا من الهلاك! (يونان ٤:١١) لكنَّ عدم احترامه وتذمره اظهرا انه لم يكن يثق ثقة مطلقة ببرّ يهوه. فقد كان يفكر في نفسه اكثر مما يفكر في الآخرين. فلنتعلم من مثال يونان ألا نضع انفسنا ومشاعرنا في المرتبة الاولى. وليكن اقتناعنا ان إطاعة يهوه، باتِّباع ارشاد هيئته وقبول قراراته، هي الامر الصائب. ولنا ملء الثقة انه «يكون خير للمتقين اللّٰه». — جامعة ٨:١٢.
الآن هو الوقت لتقوية ثقتنا!
١٣ كيف يمكننا جميعا ان نقوّي ثقتنا بيهوه؟
١٣ من الحكمة ان نقوّي ثقتنا بيهوه. (امثال ٣:٥-٨، عج) وطبعا، لا يقتصر ذلك على مجرد الصلاة ان يساعدنا يهوه على زيادة ثقتنا. فالثقة تزداد بازدياد المعرفة الدقيقة. لذلك يجب ان يشمل روتيننا اليومي الدرس الشخصي، اي قراءة الكتاب المقدس والمطبوعات التي تشرحه. ومن الحيوي ايضا حضور الاجتماعات المسيحية قانونيا، وكذلك الاستعداد الجيد والاشتراك الى الحد الممكن. وما يعمِّق ايضا ثقتنا بيهوه وبكلمته هو اعتياد إخبار الآخرين بحقائق الكتاب المقدس، متغلبين ببراعة على الاعتراضات. وبذلك تقوى اواصر صداقتنا ليهوه على مرّ الايام.
١٤ لماذا يلزم ان يعرب شعب اللّٰه عمّا قريب عن ثقتهم بيهوه كما لم يسبق لهم قط؟
١٤ في المستقبل القريب، سيندلع اعظم ضيق يحلّ بالبشر. (متى ٢٤:٢١) عندئذ، يلزم ان يعرب خدام اللّٰه اكثر من ايّ وقت مضى عن الثقة ببرّ يهوه وبإرشاد هيئته. وسيطيعون بثقة حضّ اللّٰه المجازي هذا: «هلم يا شعبي ادخل مخادعك وأغلق ابوابك خلفك. اختبئ نحو لحيظة حتى يعبر الغضب». (اشعياء ٢٦:٢٠) وقد سبق ان دخلوا منطقة الامان: اكثر من ٠٠٠,٨٥ جماعة في ٢٣٢ بلدا. ومهما يكن ما يشمله الحضّ: «ادخل مخادعك»، يمكن ان نثق بأن يهوه سيساعدنا على تنفيذه.
١٥ كيف يُشدَّد على مسألة الثقة خلال سنة ١٩٩٨، ولماذا هذا صائب؟
١٥ ومن الضروري ان نقوّي ثقتنا الآن. فالنجاة مستحيلة بدون الثقة بإخوتنا المسيحيين وبهيئة يهوه والاهم بيهوه نفسه. فكم هو ملائم خلال سنة ١٩٩٨ ان تذكِّر كلمات الآية السنوية تكرارا شهود يهوه حول العالم بأن «كل مَن يدعو باسم يهوه يخلص»! (رومية ١٠:١٣، عج) وهذا ما يجب ان نظل واثقين به. وإذا اكتشفنا ايّ مقدار ضئيل من الخلل في هذه الثقة، ينبغي ان نعاجل الى اصلاحه الآن دون أيما تأخير.
دينونة يهوه بارّة
١٦ ماذا يمكن ان يحدث لثقتنا اذا لم نعمل على تنميتها، وكيف يمكن تفادي ذلك؟
١٦ يُحذَّر المسيحيون الممسوحون في العبرانيين ٣:١٤، تف: «فإن تمسكنا دائما بالثقة التي انطلقنا بها في البداية، وأبقيناها ثابتة الى النهاية، نكون مشاركين للمسيح». وتنطبق هذه الكلمات ايضا من حيث المبدأ على المسيحيين ذوي الرجاء الارضي. فالثقة التي كانت في البداية يمكن ان تضعف اذا لم نعمل على تنميتها. فكم هو حيوي ان نستمر في السعي وراء المعرفة الدقيقة، مقوّين بالتالي الاساس الذي ترتكز عليه ثقتنا!
١٧ لماذا يمكن ان نثق بأن يسوع سيدين بالعدل عندما يقضي مَن يستحق النجاة؟
١٧ سيفحص المسيح قريبا جميع الشعوب لكي «يميز بعضهم من بعض كما يميز الراعي الخراف من الجداء». (متى ٢٥:٣١-٣٣) ويمكننا ان نكون على يقين ان المسيح سيكون بارّا عندما يقضي في الدينونة مَن يستحقون النجاة. فيهوه قد اعطاه الحكمة والبصيرة والصفات الاخرى اللازمة لكي «يدين المسكونة بالعدل [«بالبرّ» عج]». (اعمال ١٧:٣٠، ٣١) فليكن اقتناعنا كاقتناع ابراهيم الذي قال: «حاشا لك [يا يهوه] ان تفعل مثل هذا الامر ان تميت البار مع الاثيم فيكون البار كالاثيم. حاشا لك. أديّان كل الارض لا يصنع عدلا». — تكوين ١٨:٢٥.
١٨ لماذا لا ينبغي ان نقلق بإفراط بشأن ما نجهله الآن؟
١٨ وبثقة مطلقة ببرّ يهوه، لا يلزم ان نقلق بشأن ايجاد اجوبة عن اسئلة مثل: ‹كيف سيُدان الاطفال والاولاد الصغار؟ هل يمكن ألا تكون البشارة قد وصلت الى عدد كبير من الناس عندما تأتي هرمجدون؟ ما القول في المرضى عقليا؟ وماذا عن . . .؟›. من المسلم به اننا قد لا نعرف الآن كيف سيحلّ يهوه هذه القضايا. ولكن من المؤكد انه سيكون بارّا ورحيما . فلا ينبغي ان نشك في ذلك مطلقا. حتى اننا قد نتعجب ونسرّ عندما يحلّها بطريقة لم تخطر على بالنا. — قارنوا ايوب ٤٢:٣، عج؛ مزمور ٧٨:١١-١٦، عج؛ ١٣٦:٤-٩، عج؛ متى ١٥:٣١؛ لوقا ٢:٤٧.
١٩، ٢٠ (أ) لماذا ليس من الخطإ طرح اسئلة منطقية؟ (ب) متى سيزوِّد يهوه الاجوبة اللازمة؟
١٩ لا تثني هيئة يهوه عن الاسئلة المخلصة في حينها كما يدَّعي خطأ بعض المقاومين. (١ بطرس ١:١٠-١٢، عج) لكنَّ الكتاب المقدس ينصح بتجنب الاسئلة الغبية والتخمينات. (تيطس ٣:٩) أما طرح الاسئلة المنطقية والبحث في كلمة اللّٰه والمطبوعات المسيحية لإيجاد اجوبة مؤسسة على الاسفار المقدسة فيزيدان معرفتنا الدقيقة ويقوّيان بالتالي ثقتنا بيهوه. وتتبع الهيئة مثال يسوع الذي لم يُجب عن اسئلة لم يكن قد حان الوقت للاجابة عنها. قال موضحا: «ان لي امورا كثيرة ايضا لأقول لكم ولكن لا تستطيعون ان تحتملوا الآن». (يوحنا ١٦:١٢) وقد اعترف ايضا بأن هنالك امورا لم يكن هو يعرفها آنذاك. — متى ٢٤:٣٦.
٢٠ لا يزال هنالك الكثير ليكشفه يهوه. فما احكم ان ننتظره، واثقين انه سيكشف مقاصده في الوقت المناسب. ويمكننا ان نثق انه عندما يحين وقت يهوه، سنحرز بصيرة اعمق في طرقه. اجل، سنُكافأ شرط ان نثق ملء الثقة بيهوه وبالهيئة التي يستخدمها. تؤكد لنا الامثال ١٤:٢٦: «في مخافة الرب ثقة شديدة ويكون لبنيه ملجأ».
-