مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • لنسر مع اللّٰه في هذه الأزمنة المليئة بالاضطرابات
    برج المراقبة ٢٠٠٥ | ١ ايلول (‏سبتمبر)‏
    • لنسر مع اللّٰه في هذه الأزمنة المليئة بالاضطرابات

      ‏«سار أخنوخ مع اللّٰه.‏ ثم لم يوجد بعد،‏ لأن اللّٰه أخذه».‏ —‏ تكوين ٥:‏٢٤‏.‏

      ١ ما هي بعض الأمور التي تجعل أزمنتنا مليئة بالاضطرابات؟‏

      أزمنة مليئة بالاضطرابات!‏ تصف هذه الكلمات وصفا ملائما سنوات الفوضى والعنف التي مر بها الجنس البشري منذ ولادة الملكوت المسياني سنة ١٩١٤.‏ فهذه الفترة هي «الأيام الأخيرة» التي يقاسي فيها الناس كوارث لم يسبق لها مثيل كالمجاعات،‏ الأوبئة،‏ الزلازل،‏ والحروب.‏ (‏٢ تيموثاوس ٣:‏١؛‏ رؤيا ٦:‏١-‏٨‏)‏ ونحن الذين نعبد يهوه لسنا مستثنين،‏ لأننا جميعا مضطرون إلى حد ما أن نتحمل مصاعب وتقلبات هذه الأزمنة.‏ فأمور مثل الضغوط الاقتصادية،‏ الاضطرابات السياسية،‏ الجريمة،‏ والمرض تصعب علينا حياتنا.‏

      ٢ أية صعوبات يواجهها خدام يهوه؟‏

      ٢ إضافة إلى ذلك،‏ يعاني الكثير من خدام يهوه موجات متتالية من الاضطهاد المرير،‏ إذ يواصل الشيطان شن حربه على «الذين يحفظون وصايا اللّٰه وعندهم عمل الشهادة ليسوع».‏ (‏رؤيا ١٢:‏١٧‏)‏ ورغم أننا لا نواجه جميعا الاضطهاد المباشر،‏ علينا كمسيحيين حقيقيين أن نصارع الشيطان إبليس والروح الذي يبثه بين البشر.‏ (‏افسس ٢:‏٢؛‏ ٦:‏١٢‏)‏ ويلزم أن نبقى متيقظين لئلا يؤثر فينا هذا الروح.‏ فهو متفش في العمل،‏ المدرسة،‏ وكل مكان آخر نضطر فيه إلى الاحتكاك بأشخاص لا يهتمون بالعبادة النقية.‏

      لنسر مع اللّٰه،‏ وليس مع الأمم

      ٣،‏ ٤ أي اختلاف هنالك بين المسيحيين والعالم؟‏

      ٣ صارع مسيحيو القرن الأول أيضا روح هذا العالم.‏ وهذا ما ميزهم عن الذين هم خارج الجماعة المسيحية.‏ وصف بولس هذا الاختلاف حين كتب:‏ «أقول هذا إذا وأشهد في الرب:‏ ألا تسيروا بعد كما يسير الأمم في بطل أذهانهم،‏ وهم في ظلام عقلي،‏ ومبعدون عن حياة اللّٰه،‏ بسبب الجهل الذي فيهم،‏ بسبب تصلب قلوبهم.‏ فهم،‏ إذ فقدوا كل حس أدبي،‏ أسلموا أنفسهم إلى الفجور ليعملوا كل نوع من النجاسة بجشع».‏ —‏ افسس ٤:‏١٧-‏١٩‏.‏

      ٤ تصف هذه الكلمات المعبرة الظلام الروحي والأدبي الدامس الذي كان هذا العالم غارقا فيه أيام بولس ولا يزال حتى الآن.‏ وتماما كما في القرن الأول،‏ فإن المسيحيين اليوم لا ‹يسيرون بعد كما يسير الأمم›،‏ بل يحظون بالامتياز الرائع أن يسيروا مع اللّٰه.‏ ولكن قد يتساءل البعض هل من المعقول أن يسير البشر الناقصون الوضعاء مع يهوه؟‏ يظهر الكتاب المقدس أن هذا ممكن،‏ فضلا عن أن يهوه يتوقع منا أن نسير معه.‏ ففي القرن الثامن قبل عصرنا الميلادي،‏ سجل النبي ميخا بالوحي الكلمات التالية:‏ «قد أخبرك أيها الإنسان ما هو صالح.‏ وماذا يطلب منك يهوه إلا أن تمارس العدل وتحب اللّطف وتسلك محتشما مع إلهك؟‏».‏ —‏ ميخا ٦:‏٨‏.‏

      كيف ولماذا نسير مع اللّٰه؟‏

      ٥ كيف يمكننا نحن البشر الناقصين أن نسير مع اللّٰه؟‏

      ٥ وكيف يمكننا أن نسير مع الإله الكلي القدرة وغير المنظور؟‏ من المؤكد أننا لا نقدر أن نسير معه كما نسير واحدنا مع الآخر.‏ ففي الكتاب المقدس،‏ يمكن أن تشير كلمة «سير» إلى ‹اتباع مسلك معين›.‏a لذلك فإن الذي يسير مع اللّٰه يتبع مسلك الحياة الذي حدده اللّٰه والذي يرضيه.‏ واتباع هذا المسلك يميزنا عن باقي الناس حولنا.‏ وهذا هو المسلك الوحيد الذي ينبغي أن يتبعه المسيحي.‏ ولماذا؟‏ سنعالج في ما يلي عدة أسباب لذلك.‏

      ٦،‏ ٧ لماذا السير مع اللّٰه هو المسلك الأفضل؟‏

      ٦ أولا،‏ إن يهوه هو خالقنا،‏ مصدر حياتنا،‏ والذي يزودنا بكل ما نحتاج إليه لنبقى على قيد الحياة.‏ (‏رؤيا ٤:‏١١‏)‏ لذلك يحق له وحده أن يوجه خطواتنا.‏ ثانيا،‏ إن السير مع اللّٰه هو المسلك الأفضل لنا.‏ فقد صنع يهوه تدبيرا لغفران خطايا الذين يسيرون معه ومنحهم رجاء أكيدا بالعيش إلى الأبد.‏ كما أن هذا الأب السماوي المحب يعطيهم المشورة الحكيمة التي تساعدهم أن يحيوا حياة ناجحة رغم أنهم ناقصون ويعيشون في العالم الذي هو تحت سلطة الشيطان.‏ (‏يوحنا ٣:‏١٦؛‏ ٢ تيموثاوس ٣:‏١٥،‏ ١٦؛‏ ١ يوحنا ١:‏٨؛‏ ٢:‏٢٥؛‏ ٥:‏١٩‏)‏ والسبب الثالث الذي يدفعنا إلى السير مع اللّٰه هو أن رغبتنا في فعل ذلك تساهم في ترويج السلام والوحدة في الجماعة.‏ —‏ كولوسي ٣:‏١٥،‏ ١٦‏.‏

      ٧ والسبب الرابع والأهم هو أنه عندما نسير مع اللّٰه،‏ نظهر ما هو موقفنا من القضية العظمى التي نشأت قديما في جنة عدن:‏ قضية السلطان الكوني.‏ (‏تكوين ٣:‏١-‏٦‏)‏ فمن خلال مسلك حياتنا نبرهن أننا نؤيد تأييدا تاما جانب يهوه من القضية ونعلن بجرأة أنه المتسلط الشرعي الوحيد.‏ (‏مزمور ٨٣:‏١٨‏)‏ وهكذا،‏ نعمل بانسجام مع صلاتنا أن يتقدس اسم اللّٰه وأن تنجز مشيئته.‏ (‏متى ٦:‏٩،‏ ١٠‏)‏ فما أحكم الذين يختارون السير مع اللّٰه!‏ فيمكنهم الثقة بأنهم يسيرون في الاتجاه الصحيح،‏ لأن يهوه هو «الحكيم وحده» وهو معصوم من الخطإ.‏ —‏ روما ١٦:‏٢٧‏.‏

      ٨ كيف تشبه الأزمنة التي عاش فيها أخنوخ ونوح أزمنتنا؟‏

      ٨ ولكن كيف يمكن أن نسلك نحن المسيحيين كما يجب في هذه الأزمنة المليئة بالاضطرابات وسط أشخاص لا يهتمون بخدمة يهوه؟‏ يمكننا إيجاد الجواب حين نفكر في مثال الرجال الأمناء في الماضي الذين حافظوا على استقامتهم في أصعب الظروف،‏ رجال مثل أخنوخ ونوح.‏ لقد عاش هذان الرجلان كلاهما في أزمنة تفشى فيها الشر،‏ أزمنة تشبه إلى حد بعيد أزمنتنا اليوم.‏ ففي أيام نوح،‏ كانت الأرض ملآنة بالعنف والفساد الأدبي.‏ لكن أخنوخ ونوحا قاوما روح العالم آنذاك وسارا مع يهوه.‏ فكيف تمكنا من فعل ذلك؟‏ للإجابة عن هذا السؤال،‏ سنناقش مثال أخنوخ في هذه المقالة.‏ أما في المقالة التالية فسنناقش مثال نوح.‏

      أخنوخ سار مع اللّٰه في أزمنة مليئة بالاضطرابات

      ٩ أية معلومات لدينا عن أخنوخ؟‏

      ٩ كان أخنوخ أول شخص تقول عنه الأسفار المقدسة إنه سار مع اللّٰه.‏ يذكر السجل:‏ «سار أخنوخ مع اللّٰه بعدما ولد متوشالح».‏ (‏تكوين ٥:‏٢٢‏)‏ ثم يشير إلى مدة حياته،‏ التي كانت آنذاك تعتبر فترة قصيرة مع أنها تبدو في هذا الزمن طويلة بالمقارنة مع مدة حياتنا.‏ بعد ذلك،‏ يقول الكتاب المقدس:‏ «سار أخنوخ مع اللّٰه.‏ ثم لم يوجد بعد،‏ لأن اللّٰه أخذه».‏ (‏تكوين ٥:‏٢٤‏)‏ من الواضح أن يهوه نقل أخنوخ من أرض الأحياء إلى رقاد الموت قبل أن يتمكن أعداؤه من إيذائه.‏ (‏عبرانيين ١١:‏٥،‏ ١٣‏)‏ في الكتاب المقدس،‏ لا يذكر أخنوخ إلا في هذه الأعداد الوجيزة وفي أعداد قليلة أخرى.‏ لكن هذه المعلومات والمعلومات الأخرى المتوفرة لنا تعطينا سببا وجيها للقول إن أزمنة أخنوخ كانت مليئة بالاضطرابات.‏

      ١٠،‏ ١١ (‏أ)‏ كيف انتشر الفساد بعد تمرد آدم وحواء؟‏ (‏ب)‏ أية رسالة نبوية كرز بها أخنوخ،‏ وأي تجاوب لقيه؟‏

      ١٠ لنتأمل مثلا كم انتشر الفساد بسرعة بين البشر بعدما أخطأ آدم.‏ يقول لنا الكتاب المقدس إن قايين،‏ ابن آدم البكر،‏ صار أول قاتل بين البشر حين قتل أخاه هابيل.‏ (‏تكوين ٤:‏٨-‏١٠‏)‏ بعد موت هابيل،‏ ولد لآدم وحواء ابن آخر اسمه شيث.‏ نقرأ عنه:‏ «لشيث أيضا ولد ابن فدعا اسمه أنوش.‏ حينئذ ابتدئَ بالدعاء باسم يهوه».‏ (‏تكوين ٤:‏٢٥،‏ ٢٦‏)‏ ومن المؤْسف أن «الدعاء باسم يهوه» كان بطريقة محقرة.‏b وبعد سنوات من ولادة أنوش،‏ نظم لامك،‏ أحد المتحدرين من قايين،‏ أغنية لزوجتيه يعترف فيها أنه قتل شابا لأنه جرحه.‏ كما حذر قائلا:‏ «إن كان ينتقم لقايين سبعة أضعاف،‏ فللامك سبعة وسبعين».‏ —‏ تكوين ٤:‏١٠،‏ ١٩،‏ ٢٣،‏ ٢٤‏.‏

      ١١ تشير الوقائع الموجزة الآنفة الذكر إلى أن الفساد الذي أبدأه الشيطان في جنة عدن سرعان ما أدى إلى انتشار الشر بين المتحدرين من آدم.‏ في عالم كهذا،‏ كان أخنوخ نبيا ليهوه وتفوه بكلمات موحى بها لا تزال أصداؤها تتردد حتى يومنا هذا.‏ فقد ذكر يهوذا أن أخنوخ تنبأ قائلا:‏ «ها قد أتى يهوه مع ربوات قدوسيه،‏ لينفذ دينونة في الجميع،‏ ويدين جميع الكافرين بجميع أعمال كفرهم التي كفروا بها،‏ وبجميع الأمور الفظيعة التي تكلم بها عليه خطاة كافرون».‏ (‏يهوذا ١٤،‏ ١٥‏)‏ وهذه الكلمات ستتم إتماما نهائيا في هرمجدون.‏ (‏رؤيا ١٦:‏١٤،‏ ١٦‏)‏ لا شك أن نبوة أخنوخ هذه قد أغضبت كثيرين من ‹الخطاة الكافرين› الذين سمعوها.‏ فكم أعرب يهوه عن محبة شديدة عندما نقل النبي لئلا يلحق أعداؤه الأذى به!‏

      ماذا قوى أخنوخ على السير مع اللّٰه؟‏

      ١٢ ما الفرق بين أخنوخ ومعاصريه؟‏

      ١٢ قديما في جنة عدن،‏ أصغى آدم وحواء إلى الشيطان وتمرد آدم على يهوه.‏ (‏تكوين ٣:‏١-‏٦‏)‏ أما ابنهما هابيل فلم يفعل ذلك،‏ فنظر يهوه باستحسان إليه.‏ (‏تكوين ٤:‏٣،‏ ٤‏)‏ ولكن من المؤْسف أن معظم المتحدرين من آدم لم يتبعوا مثال هابيل،‏ بعكس أخنوخ الذي ولد بعد مئات السنين.‏ فما الفرق بين أخنوخ وغيره من ذرية آدم؟‏ أجاب الرسول بولس عن هذا السؤال عندما كتب:‏ «بالإيمان نقل أخنوخ لكيلا يرى الموت،‏ ولم يوجد لأن اللّٰه نقله.‏ فقد شهد له قبل نقله بأنه قد أرضى اللّٰه».‏ (‏عبرانيين ١١:‏٥‏)‏ كان أخنوخ بين ‹السحابة العظيمة من الشهود› في أزمنة ما قبل المسيحية،‏ الذين تركوا لنا أمثلة رائعة في الإيمان.‏ (‏عبرانيين ١٢:‏١‏)‏ فإيمانه هو الذي مكنه من المثابرة على فعل الصواب طوال أكثر من ٣٠٠ سنة —‏ فترة تزيد عن ثلاثة أضعاف مدة حياة معظمنا.‏

      ١٣ أي نوع من الإيمان امتلكه أخنوخ؟‏

      ١٣ وصف بولس إيمان أخنوخ وغيره من الشهود حين كتب:‏ «الإيمان هو الترقب الأكيد لأمور مرجوة،‏ والبرهان الجلي على حقائق لا ترى».‏ (‏عبرانيين ١١:‏١‏)‏ نعم،‏ إن الإيمان هو الترقب الأكيد المؤسس على ضمانات أن الأمور التي نرجوها ستتحقق.‏ وهو يشمل ترقبا راسخا جدا يؤثر في أولوياتنا في الحياة.‏ وقد مكن هذا النوع من الإيمان أخنوخ من السير مع اللّٰه وسط عالم لا يأبه البتة بهذا الأمر.‏

      ١٤ أية معرفة دقيقة ربما أسس عليها أخنوخ إيمانه؟‏

      ١٤ يرتكز الإيمان الحقيقي على المعرفة الدقيقة.‏ فأية معرفة امتلكها أخنوخ؟‏ (‏روما ١٠:‏١٤،‏ ١٧؛‏ ١ تيموثاوس ٢:‏٤‏)‏ لا شك أنه كان مطلعا على الأحداث التي جرت في جنة عدن.‏ وعرف على الأرجح كيف كانت الحياة في جنة عدن،‏ التي ربما كانت لا تزال موجودة في أيامه ولكن حظر على البشر أن يدخلوها.‏ (‏تكوين ٣:‏٢٣،‏ ٢٤‏)‏ كما عرف قصد اللّٰه أن يملأ المتحدرون من آدم الأرض وأن يجعلوها بأسرها مثل الفردوس الأصلي.‏ (‏تكوين ١:‏٢٨‏)‏ إضافة إلى ذلك،‏ لا شك أن وعد اللّٰه بمجيء نسل يسحق رأس الشيطان ويزيل كل أثر لخداع الشيطان لم يغب عن باله قط.‏ (‏تكوين ٣:‏١٥‏)‏ لذلك فإن نبوة أخنوخ الموحى بها والمسجلة في سفر يهوذا تتعلق بإهلاك نسل الشيطان.‏ وبما أن أخنوخ امتلك الإيمان،‏ فنحن نعرف أنه عبد يهوه بصفته الإله الذي «يكافئُ الذين يجدون في طلبه».‏ (‏عبرانيين ١١:‏٦‏)‏ وفي حين أن أخنوخ لم يملك كل المعلومات التي نعرفها نحن،‏ فالمعلومات المحدودة التي امتلكها كانت كافية لتكون ركيزة متينة يؤسس عليها إيمانه.‏ وإيمانه هذا هو ما جعله يحافظ على استقامته خلال الأزمنة المليئة بالاضطرابات.‏

      لنقتد بمثال أخنوخ

      ١٥،‏ ١٦ كيف نقتدي بمسلك أخنوخ؟‏

      ١٥ بما أننا نرغب في إرضاء يهوه في أزمنتنا المليئة بالاضطرابات،‏ يحسن بنا أن نقتدي بمثال أخنوخ.‏ فيلزم أن ننال المعرفة الدقيقة عن يهوه وقصده ونتمسك بها جيدا.‏ لكن ذلك لا يكفي.‏ فمن الضروري أيضا أن ندع هذه المعرفة الدقيقة توجه كامل مسلك حياتنا.‏ (‏مزمور ١١٩:‏١٠١؛‏ ٢ بطرس ١:‏١٩‏)‏ ويجب أن نسمح لطريقة تفكير اللّٰه بأن تقودنا،‏ إذ نسعى دائما إلى إرضائه في أفكارنا وأعمالنا.‏

      ١٦ لا يذكر الكتاب المقدس اسم شخص آخر كان يخدم يهوه في زمن أخنوخ.‏ ولكن من الواضح أنه كان آنذاك الوحيد الذي يعبد يهوه أو فردا من أقلية صغيرة.‏ نحن أيضا نشكل أقلية صغيرة في هذا العالم،‏ إلا أن ذلك لا يثبطنا.‏ فيهوه سيدعمنا بصرف النظر من هم أعداؤنا.‏ (‏روما ٨:‏٣١‏)‏ وأخنوخ حذر بشجاعة من هلاك الكافرين القادم.‏ نحن أيضا نكرز بشجاعة «ببشارة الملكوت هذه» رغم السخرية والمقاومة والاضطهاد.‏ (‏متى ٢٤:‏١٤‏)‏ كما أن حياة أخنوخ كانت أقصر من حياة معاصريه.‏ رغم ذلك،‏ لم يكن يضع رجاءه في ذلك العالم،‏ بل وضع نصب عينيه شيئا أعظم بكثير.‏ (‏عبرانيين ١١:‏١٠،‏ ٣٥‏)‏ نحن أيضا نضع نصب أعيننا إتمام قصد يهوه،‏ لذلك لا نستعمل هذا العالم كاملا.‏ (‏١ كورنثوس ٧:‏٣١‏)‏ بدلا من ذلك،‏ نحن نستخدم قدراتنا ومواردنا بشكل رئيسي في خدمة يهوه.‏

      ١٧ أية معلومات لدينا لم يملكها أخنوخ،‏ لذلك ماذا ينبغي أن نفعل؟‏

      ١٧ كان أخنوخ يؤْمن بالنسل الذي وعد اللّٰه بأنه سيظهر في وقته المعين.‏ وقد ظهر هذا النسل،‏ يسوع المسيح،‏ منذ نحو ألفي سنة.‏ فزود الفدية وأتاح لنا ولشهود أمناء من الماضي،‏ مثل أخنوخ،‏ فرصة نيل الحياة الأبدية.‏ وهذا النسل هو الآن ملك متوج في السماء لملكوت اللّٰه.‏ وقد طرد الشيطان من السماء إلى هذه الأرض،‏ مما أدى إلى الاضطرابات التي نشهدها في العالم حولنا.‏ (‏رؤيا ١٢:‏١٢‏)‏ نعم،‏ لدينا معلومات أكثر بكثير مما كان لدى أخنوخ.‏ لذلك لنقتد به بامتلاك إيمان راسخ،‏ بجعل ثقتنا بإتمام وعود اللّٰه تؤثر في كل ما نفعله،‏ وبالسير مع اللّٰه في هذه الأزمنة المليئة بالاضطرابات.‏

      ‏[الحاشيتان]‏

      a انظر بصيرة في الأسفار المقدسة،‏ المجلد ١،‏ الصفحة ٢٢٠،‏ الفقرة ٦ (‏بالانكليزية)‏،‏ إصدار شهود يهوه.‏

      b قبل أيام أنوش،‏ كان يهوه يتكلم مع آدم.‏ كما قدم هابيل ليهوه تقدمة مقبولة لديه.‏ حتى إن اللّٰه تكلم مع قايين قبلما دفعه سخطه وغيرته إلى ارتكاب جريمة قتل.‏ لذلك لا بد أنه ابتدئَ ‹يدعى باسم يهوه› بطريقة مختلفة لا تنسجم مع العبادة النقية.‏

  • نحن نسير باسم يهوه إلهنا
    برج المراقبة ٢٠٠٥ | ١ ايلول (‏سبتمبر)‏
    • نحن نسير باسم يهوه إلهنا

      ‏«نحن .‏ .‏ .‏ نسير باسم يهوه إلهنا إلى الدهر والأبد».‏ —‏ ميخا ٤:‏٥‏.‏

      ١ أية مقاييس أدبية سادت في أيام نوح،‏ وكيف كان نوح مختلفا؟‏

      كان أخنوخ أول رجل يقول عنه الكتاب المقدس إنه سار مع اللّٰه.‏ أما الرجل الثاني فهو نوح.‏ يخبرنا السجل:‏ «كان نوح رجلا بارا،‏ لا عيب فيه بين معاصريه.‏ وسار نوح مع اللّٰه».‏ (‏تكوين ٦:‏٩‏)‏ بحلول زمن نوح،‏ كان الجنس البشري عموما قد انحرف عن العبادة النقية.‏ وما زاد الطين بلة هو الملائكة غير الأمناء الذين أقاموا علاقات غير طبيعية مع النساء وأنجبوا ذرية دعيت النفيليم،‏ «الجبابرة» أو ‹الرجال ذوي الشهرة›،‏ في تلك الأيام.‏ فلا عجب أن الأرض امتلأت عنفا!‏ (‏تكوين ٦:‏٢،‏ ٤،‏ ١١‏)‏ رغم ذلك،‏ كان نوح رجلا لا عيب فيه و ‹كارزا بالبر›.‏ (‏٢ بطرس ٢:‏٥‏)‏ فعندما أمره اللّٰه أن يبني فلكا لاستبقاء حياة،‏ أطاع و ‹فعل بحسب كل ما أمره به اللّٰه.‏ هكذا فعل›.‏ (‏تكوين ٦:‏٢٢‏)‏ حقا،‏ لقد سار نوح مع اللّٰه.‏

      ٢،‏ ٣ أي مثال رائع رسمه نوح لنا اليوم؟‏

      ٢ أدرج بولس نوحا في لائحة الشهود الأمناء حين كتب:‏ «بالإيمان نوح،‏ بعدما أعطي تحذيرا إلهيا من أمور لم تر بعد،‏ اتقى وبنى فلكا لخلاص أهل بيته.‏ وبهذا الإيمان حكم على العالم،‏ وصار وارثا للبر الذي بحسب الإيمان».‏ (‏عبرانيين ١١:‏٧‏)‏ فيا له من إيمان رائع!‏ لقد كان نوح متأكدا أن كلمات يهوه ستتحقق حتى إنه صرف الوقت والطاقة والموارد لإتمام وصايا اللّٰه.‏ اليوم أيضا،‏ يرفض كثيرون الفرص المادية التي يقدمها لهم هذا العالم،‏ ويصرفون وقتهم وطاقتهم ومواردهم متممين وصايا يهوه.‏ وإيمانهم هذا جدير بالملاحظة ويجلب الخلاص لهم وللآخرين أيضا.‏ —‏ لوقا ١٦:‏٩؛‏ ١ تيموثاوس ٤:‏١٦‏.‏

      ٣ لا بد أن ممارسة الإيمان كانت صعبة على نوح وعائلته كما كانت على جد أبيه أخنوخ،‏ الذي ناقشنا مثاله في المقالة السابقة.‏ ففي زمن نوح،‏ كما في أيام أخنوخ،‏ كان العباد الحقيقيون أقلية صغيرة:‏ ثمانية أشخاص فقط برهنوا عن أمانتهم ونجوا من الطوفان.‏ فقد كرز نوح بالبر وسط عالم عنيف وفاسد أدبيا.‏ علاوة على ذلك،‏ بنى هو وعائلته فلكا خشبيا ضخما استعدادا لمجيء طوفان عالمي،‏ رغم أنه لم يكن أحد قد رأى طوفانا من قبل.‏ ولا بد أن بناءهم الفلك أثار استغراب الذين حولهم.‏

      ٤ أي خطإ ارتكبه معاصرو نوح شدد عليه يسوع؟‏

      ٤ من المثير للاهتمام أنه عندما أشار يسوع إلى أيام نوح،‏ لم يتحدث عن العنف،‏ الدين الباطل،‏ أو الفساد الأدبي رغم أن هذه الأمور الخطيرة كانت متفشية آنذاك.‏ فالخطأ الذي شدد عليه يسوع كان رفض الناس الإصغاء إلى التحذير.‏ فقد قال إنهم كانوا «يأكلون ويشربون،‏ والرجال يتزوجون والنساء يزوجن،‏ إلى اليوم الذي فيه دخل نوح الفلك».‏ ولكن ما الخطأ في الأكل والشرب والزواج؟‏ أليست هذه الأمور جزءا من الحياة «الطبيعية»؟‏ نعم.‏ لكن الطوفان كان قادما،‏ وكان نوح يكرز بالبر.‏ لذلك كان ينبغي أن تكون كلماته وتصرفاته بمثابة تحذير لهم.‏ إلا أنهم «لم يكترثوا حتى جاء الطوفان وجرفهم جميعا».‏ —‏ متى ٢٤:‏٣٨،‏ ٣٩‏.‏

      ٥ أية صفات لزم أن يمتلكها نوح وعائلته؟‏

      ٥ حين نتذكر ما حدث قبل الطوفان،‏ ندرك كم كان حكيما المسلك الذي اختاره نوح.‏ لكن الكينونة شخصا مختلفا عن الآخرين تطلبت منه الشجاعة.‏ كما أن بناء الفلك وإدخال جميع أنواع الحيوانات إليه استلزما أن يمتلك هو وعائلته اقتناعا راسخا.‏ وهل تمنى بعض هؤلاء الأشخاص الأمناء لو لم يكونوا مميزين عن باقي العالم ولو عاشوا حياة «طبيعية»؟‏ حتى لو خطرت هذه الفكرة على بالهم،‏ فهي لم تزعزع استقامتهم.‏ فبعد سنوات طويلة —‏ فترة دامت أطول مما على أي منا أن يحتمل في نظام الأشياء هذا —‏ أدى إيمان نوح إلى خلاصه من الطوفان.‏ بالمقابل،‏ نفذ يهوه الدينونة في كل الذين عاشوا حياة «طبيعية» ولم يكترثوا بأهمية الأزمنة التي عاشوا فيها.‏

      العنف يبتلي الجنس البشري ثانية

      ٦ أي وضع ظل موجودا بعد الطوفان؟‏

      ٦ صحيح أنه بعد انحسار مياه الطوفان فتح البشر صفحة بيضاء جديدة،‏ لكنهم كانوا لا يزالون ناقصين و ‹ميل قلبهم شرير منذ حداثته›.‏ (‏تكوين ٨:‏٢١‏)‏ فضلا عن ذلك،‏ رغم أن الشياطين لم يعودوا قادرين على اتخاذ أجساد بشرية،‏ كان تأثيرهم لا يزال قويا جدا.‏ وسرعان ما تبين أن البشر الكافرين هم «تحت سلطة الشرير».‏ وتماما مثل اليوم،‏ كان على العباد الحقيقيين أن يحاربوا «مكايد إبليس».‏ —‏ ١ يوحنا ٥:‏١٩؛‏ افسس ٦:‏١١،‏ ١٢‏.‏

      ٧ كيف ازدادت حدة العنف في عالم ما بعد الطوفان؟‏

      ٧ في حقبة ما بعد الطوفان،‏ صارت الأرض منذ زمن نمرود مسرحا للعنف.‏ ونتيجة لتزايد السكان وتقدم التقنيات،‏ ازدادت حدة العنف بمرور الوقت.‏ ففي الماضي،‏ كان البشر يستخدمون الرمح،‏ السيف،‏ القوس والنشاب،‏ والمركبات الحربية.‏ لكنهم طوروا في وقت لاحق البنادق والمدافع.‏ ثم في بداية القرن العشرين،‏ جاءت الأسلحة المتطورة.‏ فقد شهدت الحرب العالمية الأولى ولادة أسلحة جديدة مريعة مثل الطائرات،‏ الدبابات،‏ الغواصات،‏ والغازات السامة.‏ وخلال تلك الحرب،‏ حصدت هذه الأسلحة العصرية حياة الملايين.‏ فهل كان ذلك أمرا غير متوقع؟‏ كلا.‏

      ٨ كيف تتم كلمات الرؤيا ٦:‏١-‏٤‏؟‏

      ٨ سنة ١٩١٤،‏ توج يسوع ملكا لملكوت اللّٰه السماوي وابتدأ «يوم الرب».‏ (‏رؤيا ١:‏١٠‏)‏ وفي سفر الرؤيا يصور يسوع الظافر راكبا على فرس أبيض ويتبعه فرسان آخرون.‏ وكل من هؤلاء الفرسان يمثل ويلا سيحل على البشر.‏ وكان الأول فارسا يمتطي فرسا ناري اللون،‏ وقد أعطي «أن ينزع السلام من الأرض حتى يذبح بعضهم بعضا،‏ وأعطي سيفا عظيما».‏ (‏رؤيا ٦:‏١-‏٤‏)‏ يشير هذا الفرس وراكبه إلى الحرب،‏ ويرمز السيف العظيم إلى الدمار الذي لم يسبق له مثيل الذي تخلفه الحرب العصرية وأسلحتها المتطورة.‏ فهذه الأسلحة تشمل الآن الرؤوس النووية التي بإمكان كل منها إهلاك حياة الملايين،‏ الصواريخ التي تحمل هذه الرؤوس إلى أهداف تبعد آلاف الكيلومترات،‏ وأسلحة الدمار الشامل الكيميائية والبيولوجية المتطورة.‏

      نحن نصغي إلى تحذيرات يهوه

      ٩ كيف يشبه العالم اليوم عالم ما قبل الطوفان؟‏

      ٩ في أيام نوح،‏ أهلك يهوه الجنس البشري بسبب أعمال العنف الفظيعة التي ارتكبها البشر الأشرار بمساعدة النفيليم.‏ ولكن ماذا عن أيامنا هذه؟‏ هل العنف المتفشي في الأرض أقل مما كان آنذاك؟‏ طبعا لا.‏ وتماما كما كان الوضع في أيام نوح،‏ فإن الناس اليوم يهتمون بشؤونهم ويعيشون حياة «طبيعية»،‏ رافضين الإصغاء إلى التحذيرات.‏ (‏لوقا ١٧:‏٢٦،‏ ٢٧‏)‏ إذا،‏ هل من داع إلى الشك في أن يهوه سيهلك البشر ثانية؟‏ كلا.‏

      ١٠ (‏أ)‏ أي تحذير يتكرر في نبوات الكتاب المقدس؟‏ (‏ب)‏ ما هو المسلك الحكيم الوحيد اليوم؟‏

      ١٠ قبل الطوفان بمئات السنين،‏ تنبأ أخنوخ بالهلاك الذي سيحدث في أيامنا.‏ (‏يهوذا ١٤،‏ ١٥‏)‏ وتحدث يسوع أيضا عن ‹الضيق العظيم› القادم.‏ (‏متى ٢٤:‏٢١‏)‏ وحذر أنبياء آخرون من مجيء هذا الوقت.‏ (‏حزقيال ٣٨:‏١٨-‏٢٣؛‏ دانيال ١٢:‏١؛‏ يوئيل ٢:‏٣١،‏ ٣٢‏)‏ كما نقرأ في سفر الرؤيا وصفا حيا لهذا الهلاك النهائي.‏ (‏رؤيا ١٩:‏١١-‏٢١‏)‏ لذلك نحن نقتدي بمثال نوح في السير مع اللّٰه.‏ فنحن نشاطى في عمل الكرازة بالبر ونصغي إلى تحذيرات يهوه ونساعد بمحبة قريبنا ليفعل الأمر عينه.‏ حقا،‏ يجب على من يرغب في الحياة أن يواصل السير مع اللّٰه.‏ ولكن كيف يمكننا ذلك رغم الضغوط التي نواجهها يوميا؟‏ يلزم أن ننمي إيمانا قويا بأن قصد اللّٰه سيتم لا محالة.‏ —‏ عبرانيين ١١:‏٦‏.‏

      لنواصل السير مع اللّٰه في الأزمنة المليئة بالاضطرابات

      ١١ كيف نقتدي بمسيحيي القرن الأول؟‏

      ١١ في القرن الأول،‏ قيل عن المسيحيين الممسوحين إنهم من «الطريق».‏ (‏اعمال ٩:‏٢‏)‏ وقد عنى ذلك أن مسلك حياتهم بكامله تمحور حول الإيمان بيهوه ويسوع المسيح،‏ وأنهم ساروا في الطريق التي رسمها لهم سيدهم يسوع.‏ واليوم،‏ يفعل المسيحيون الأمناء الأمر عينه.‏

      ١٢ ماذا حدث بعدما أطعم يسوع الجمع عجائبيا؟‏

      ١٢ يمكننا أن نرى أهمية الإيمان من خلال حادثة حصلت أثناء خدمة يسوع.‏ ذات مرة،‏ أطعم يسوع عجائبيا جمعا مؤلفا من حوالي ٠٠٠‏,٥ رجل.‏ فبهت الناس من هذه العجيبة وفرحوا كثيرا.‏ ولكن لاحظ ما حصل لاحقا.‏ نقرأ:‏ «لما رأى الناس الآيات التي صنعها،‏ أخذوا يقولون:‏ ‹هذا هو بالحقيقة النبي الآتي إلى العالم›.‏ وإذ علم يسوع أنهم على وشك أن يأتوا ويأخذوه عنوة ليجعلوه ملكا،‏ انصرف وعاد إلى الجبل وحده».‏ (‏يوحنا ٦:‏١٠-‏١٥‏)‏ وفي تلك الليلة انتقل إلى مكان آخر.‏ لا شك أن رفض يسوع أن يكون ملكا خيب أمل كثيرين لأنهم رأوا براهين أثبتت أن لديه الحكمة اللازمة ليكون جديرا بالملك وأن لديه القدرة على سد حاجات البشر الجسدية.‏ لكن الوقت الذي حدده يهوه لتسليم يسوع الملك لم يكن قد حان بعد.‏ كما أن مملكة يسوع هي سماوية،‏ وليست أرضية.‏

      ١٣،‏ ١٤ أية نظرة امتلكها البعض،‏ وكيف امتحن إيمانهم؟‏

      ١٣ رغم كل ذلك،‏ تبعته الجموع دون كلل ووجدته «في عبر البحر»،‏ كما يقول يوحنا.‏ ولكن لماذا لحقوا به بعد رفضه أن يصير ملكا؟‏ لم يكن السبب اهتمامهم بالأمور الروحية.‏ فكثيرون منهم كانت نظرتهم جسدية،‏ وهذا ما ظهر حين ركزوا في كلامهم على التدابير المادية التي صنعها يهوه في البرية أيام موسى.‏ وقد أظهر ذلك توقعهم أن يستمر يسوع في تزويدهم بالتدابير المادية.‏ وإذ أدرك يسوع دوافعهم الخاطئة،‏ ابتدأ يعلمهم الحقائق الروحية القادرة على تقويم طريقة تفكيرهم.‏ (‏يوحنا ٦:‏١٧،‏ ٢٤،‏ ٢٥،‏ ٣٠،‏ ٣١،‏ ٣٥-‏٤٠‏)‏ غير أن البعض تذمروا عليه،‏ وخصوصا حين ذكر لهم الإيضاح التالي:‏ «الحق الحق أقول لكم:‏ إن لم تأكلوا جسد ابن الإنسان وتشربوا دمه،‏ فلا حياة لكم في أنفسكم.‏ من يأكل جسدي ويشرب دمي تكون له حياة أبدية،‏ وأنا أقيمه في اليوم الأخير».‏ —‏ يوحنا ٦:‏٥٣،‏ ٥٤‏.‏

      ١٤ غالبا ما دفعت إيضاحات يسوع الناس أن يظهروا هل لديهم رغبة حقيقية في السير مع اللّٰه.‏ ويصح الأمر نفسه في هذا الإيضاح،‏ إذ أنه أثار في مستمعيه ردود فعل قوية.‏ نقرأ:‏ «كثيرون من تلاميذه،‏ إذ سمعوا هذا،‏ قالوا:‏ ‹هذا الكلام فظيع.‏ من يقدر أن يسمعه؟‏›».‏ بعد ذلك،‏ تابع يسوع موضحا أن عليهم فهم المغزى الروحي لكلماته.‏ قال:‏ «الروح هو الذي يحيي؛‏ الجسد لا ينفع شيئا البتة.‏ الكلام الذي كلمتكم به هو روح وهو حياة».‏ رغم ذلك،‏ رفض كثيرون الإصغاء.‏ وتمضي الرواية قائلة:‏ «لذلك رجع كثيرون من تلاميذه إلى الوراء ولم يعودوا يمشون معه».‏ —‏ يوحنا ٦:‏٦٠،‏ ٦٣،‏ ٦٦‏.‏

      ١٥ أية نظرة صائبة امتلكها بعض أتباع يسوع؟‏

      ١٥ ولكن لم يتجاوب جميع تلاميذ يسوع بهذه الطريقة.‏ فرغم أن التلاميذ الأولياء لم يفهموا كاملا ما قاله،‏ فإن ثقتهم به لم تتزعزع.‏ وقد عبر بطرس،‏ أحد هؤلاء التلاميذ الأولياء،‏ عن مشاعر جميع الذين بقوا مع يسوع حين قال:‏ «يا رب،‏ إلى من نذهب؟‏ عندك كلام الحياة الأبدية».‏ (‏يوحنا ٦:‏٦٨‏)‏ فما أروع الموقف الذي أظهره والمثال الذي رسمه!‏

      ١٦ كيف يمكن أن يمتحن إيماننا،‏ وأية نظرة صائبة ينبغي أن نمتلكها؟‏

      ١٦ اليوم أيضا،‏ قد يمتحن إيماننا كما امتحن إيمان تلاميذ يسوع الأولين هؤلاء.‏ فقد يخيب أملنا لأن وعود يهوه لم تتم بالسرعة التي نريدها نحن.‏ وقد نستصعب فهم بعض تفسيرات الأسفار المقدسة التي ترد في مطبوعاتنا المؤسسة على الكتاب المقدس.‏ كما أن تصرفات أحد الرفقاء المسيحيين قد تثبطنا.‏ فهل من الصواب أن نسمح لهذه الأسباب أو لأسباب مماثلة بأن تجعلنا نتوقف عن السير مع اللّٰه؟‏ طبعا لا!‏ فالتلاميذ الذين تركوا يسوع كانوا يفكرون تفكيرا جسديا.‏ لذلك،‏ لنتجنب ما فعله هؤلاء التلاميذ.‏

      ‏«لسنا ممن يتراجعون للهلاك»‏

      ١٧ ماذا يساعدنا لنواصل السير مع اللّٰه؟‏

      ١٧ كتب الرسول بولس:‏ «كل الأسفار المقدسة موحى بها من اللّٰه».‏ (‏٢ تيموثاوس ٣:‏١٦‏)‏ فمن خلال صفحات الكتاب المقدس،‏ يرشدنا يهوه بكل وضوح قائلا:‏ «هذه هي الطريق.‏ اسلكوا فيها».‏ (‏اشعيا ٣٠:‏٢١‏)‏ وإطاعة كلمة اللّٰه تساعدنا أن ‹ننتبه بدقة كيف نسير›.‏ (‏افسس ٥:‏١٥‏)‏ كما يمكننا درس الكتاب المقدس والتأمل في ما نتعلمه من ‹متابعة السير في الحق›.‏ (‏٣ يوحنا ٣‏)‏ فكم تصح كلمات يسوع:‏ «الروح هو الذي يحيي؛‏ الجسد لا ينفع شيئا البتة»!‏ لذلك فإن الإرشاد الوحيد الجدير بالثقة الذي يهدي خطواتنا هو الإرشاد الروحي الذي نناله بواسطة كلمة يهوه،‏ روحه،‏ وهيئته.‏

      ١٨ (‏أ)‏ أي مسلك لا ينم عن الحكمة يتخذه البعض؟‏ (‏ب)‏ أي نوع من الإيمان نمتلكه نحن؟‏

      ١٨ واليوم،‏ فإن الذين يصيرون مستائين بسبب تفكيرهم الجسدي أو آمالهم التي لم تتحقق،‏ غالبا ما يحاولون الاستفادة إلى أقصى حد من الأمور التي يقدمها هذا العالم.‏ فيخسرون شعورهم بالإلحاح ولا يرون الحاجة إلى ‹المداومة على السهر›.‏ لذلك يختارون اتباع أهداف أنانية بدلا من وضع مصالح الملكوت أولا.‏ (‏متى ٢٤:‏٤٢‏)‏ لكن السير بهذه الطريقة لا ينم أبدا عن الحكمة.‏ لاحظ كلمات الرسول بولس:‏ «أما نحن فلسنا ممن يتراجعون للهلاك،‏ بل ممن لهم إيمان لاستحياء النفس».‏ (‏عبرانيين ١٠:‏٣٩‏)‏ فعلى غرار أخنوخ ونوح،‏ نحن نواصل السير مع اللّٰه رغم أننا نعيش في أزمنة مليئة بالاضطرابات.‏ وإذ نفعل ذلك،‏ يكون لدينا ترقب أكيد أننا سنرى إتمام وعود يهوه،‏ زوال الشر،‏ وإتيان عالم جديد بار.‏ فما أروع هذا الرجاء!‏

      ١٩ كيف يصف ميخا مسلك العباد الحقيقيين؟‏

      ١٩ تحدث النبي الملهم ميخا عن الناس في العالم أنهم سوف «يسيرون كل واحد باسم إلهه».‏ ثم قال عن نفسه وعن سائر العباد الأمناء:‏ «أما نحن فنسير باسم يهوه إلهنا إلى الدهر والأبد».‏ (‏ميخا ٤:‏٥‏)‏ فإذا كان هذا تصميمك،‏ فابق قريبا إلى يهوه مهما ازدادت الاضطرابات في زمننا.‏ (‏يعقوب ٤:‏٨‏)‏ وليصمم كل منا على السير مع يهوه إلهنا الآن وإلى الدهر والأبد!‏

المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
الخروج
الدخول
  • العربية
  • مشاركة
  • التفضيلات
  • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
  • شروط الاستخدام
  • سياسة الخصوصية
  • إعدادات الخصوصية
  • JW.ORG
  • الدخول
مشاركة