-
«أبحث عن الضائعة»ارجع الى يهوه
-
-
الجزء ١
«أبحث عن الضائعة»
الخروف ضائع . . . فيما كان يرعى العشب، شرد عن باقي الخراف. وها هو الآن وحيد لا يرى القطيع ولا الراعي. بعد قليل يبسط الليل رداءه المظلم، ولا يزال الخروف الضعيف تائها في الوادي لقمةً سهلة للوحوش الضارية. ولكن فجأة يسمع صوتا يعرفه. انه صوت الراعي! وكم يشعر الخروف بالامان حين يركض راعيه نحوه ويحمله بين طيات ثوبه ويعود به الى الحظيرة!
يشبِّه يهوه نفسه مرارا براعٍ كهذا. فهو يقول مثلا: «أسأل عن غنمي وأعتني بها». — حزقيال ٣٤:١١، ١٢.
«انا ارعى غنمي»
من هم غنم او خراف يهوه؟ هم ببسيط العبارة الاشخاص الذين يحبونه ويعبدونه. يذكر الكتاب المقدس: «هلمَّ نعبد وننحني، ونجثو امام يهوه صانعنا. لأنه هو الهنا، ونحن شعب مرعاه وغنم يده». (مزمور ٩٥:٦، ٧) فعباد يهوه، مثلهم مثل الخراف، حريصون على اتِّباع راعيهم. الا انهم ليسوا معصومين من الخطإ. ففي بعض الاحيان، يصيرون كغنم ‹مشتتة› و «ضائعة» و ‹شاردة›. (حزقيال ٣٤:١٢، ترجمة فاندايك؛ متى ١٥:٢٤؛ ١ بطرس ٢:٢٥) رغم ذلك، حين يحيد احد عن الطريق لا يتخلى عنه يهوه ويفقد الامل بعودته.
فهل تشعر ان يهوه ما زال راعيك انت؟ كيف يلعب هذا الدور اليوم؟ سنستعرض في ما يلي ثلاث طرائق. لاحظ من فضلك ما يقوله اللّٰه نفسه عن خرافه.
يغذينا روحيا. «في مرعى جيد ارعاها . . . هناك تربض في مسكن صالح، وفي مرعى خصيب ترعى». (حزقيال ٣٤:١٤) لم يقصِّر يهوه قط في تزويدنا بوفرة من الطعام الروحي المغذي، طعام روحي يأتينا دائما في وقته. مثلا، هل تتذكر خطابا او فيلما او مقالة احسست انها أُعدَّت استجابة لصلواتك؟ ألم تلمس آنذاك ان يهوه يهتم بك شخصيا؟
يحمينا ويدعمنا. «أرد المشتتة وأعصب المكسورة وأقوِّي السقيمة». (حزقيال ٣٤:١٦) يقوي يهوه السقماء، بمعنى انه يدعم الغارقين في الهموم. وحين يتأذى خروف ما، ربما من احد رفاقه في الايمان، يعصبه يهوه ويساعده ان يتعافى. وهو يردُّ اليه ايضا من تشتتوا ومن تُنغِّص المشاعر السلبية عيشهم.
يشعر بالمسؤولية تجاهنا. «أُنقذها من جميع الاماكن التي تبددت فيها . . . أبحث عن الضائعة». (حزقيال ٣٤:١٢، ١٦) لا يرى يهوه في استرجاع الخروف الضائع معركة خاسرة. فهو يلاحظ غياب الخروف، يبحث عنه، ويفرح حين يجده. (متى ١٨:١٢-١٤) ولا عجب في ذلك. فهو يقول: «انا ارعى غنمي وأنا اربضها». (حزقيال ٣٤:١٥) وأنت دون شك احد هؤلاء الخراف.
لا يرى يهوه في استرجاع الخروف الضائع معركة خاسرة. وهو يفرح حين يجده
«جدِّد ايامنا كما في القِدَم»
لماذا يبحث يهوه عنك ويدعوك ان ترجع اليه؟ لأنه يريد ان تكون سعيدا. فهو يعد ان تنهمر البركات على خرافه كما ينزل المطر الوفير. (حزقيال ٣٤:٢٦) هل هذا كلام في الهواء؟ اطلاقا! ألم يسبق لك انت ان لمست صحة هذا الوعد؟
تذكَّر حين تعرفت بدايةً بيهوه. كيف شعرت حين عرفت ما اسم اللّٰه وما قصده للبشر؟ أليست هذه حقائق رائعة؟! هل تذكر تلك المشاعر الحلوة التي احسست بها وأنت بين اخوتك وأخواتك المسيحيين في المحافل؟ وحين بشرت احدا ولمست كم هو مهتم، ألم تشعر انك ملكت الدنيا وما فيها؟!
هل تريد ان تعيش تلك الافراح من جديد؟ صلى خدام اللّٰه قديما: «أرجِعنا يا يهوه اليك، فنرجع على الفور. جدِّد ايامنا كما في القِدَم». (المراثي ٥:٢١) واللّٰه من جهته استجاب صلواتهم. وهكذا رجع شعبه يخدمونه بفرح كما في السابق. (نحميا ٨:١٧) ويهوه مستعد ان يُرجعك اليه انت ايضا.
مع ذلك، حين تفكر في العودة الى يهوه قد ترى ان الكلام سهل لكن العبرة في التطبيق. فلنستعرض بعض العقبات التي تقف في طريق عودتك ولنرَ كيف تتخطاها.
-
-
الهموم . . . «من كل وجه يضيَّق علينا»ارجع الى يهوه
-
-
الجزء ٢
الهموم . . . «من كل وجه يضيَّق علينا»
«بعد ٢٥ عاما على الزواج، تطلقت انا وزوجي. وفي تلك الفترة ايضا ترك اولادي الحق وعانيت مشاكل صحية خطيرة، فأُصبت بالكآبة. احسست ان عالمي انهار وما عدت اقوى على الاحتمال، فتوقفت عن حضور الاجتماعات وصرت خاملة». — دجون.
لا احد بمنأى عن الهموم، حتى شعب اللّٰه. كتب صاحب المزمور: «كثرت همومي في داخلي». (مزمور ٩٤:١٩) وذكر يسوع ايضا ان «هموم الحياة» قد تصعِّب على المرء كثيرا خدمة يهوه في وقت النهاية. (لوقا ٢١:٣٤) فماذا عنك؟ هل تشعر ان المشاكل المالية والعائلية والصحية تفوق طاقتك؟ كيف يساعدك يهوه ان تتخطاها؟
«القدرة التي تفوق ما هو عادي»
لا نقدر ان نواجه الهموم وحدنا. فالرسول بولس كتب: «من كل وجه يضيَّق علينا». ثم تابع قائلا اننا «حائرون» و «مطروحون». مع ذلك، ذكر اننا «لسنا محصورين» و «غير هالكين»، كما تحدَّث عن «منفذ» لنا. فماذا يساعدنا على الاحتمال؟ «القدرة التي تفوق ما هو عادي»، القدرة التي يمدنا بها يهوه الهنا القادر على كل شيء. — ٢ كورنثوس ٤:٧-٩.
هل تذكر كيف امدَّك يهوه قبلًا بهذه «القدرة التي تفوق ما هو عادي»؟ ألم تسمع يوما خطابا مشجعا عمَّق تقديرك لمحبة اللّٰه وولائه؟ ألم يقوَ ايمانك بوعود يهوه بعدما اخبرت الآخرين عن الفردوس الذي ننتظره؟ ان حضور الاجتماعات المسيحية وإخبار الآخرين بما نؤمن يقوينا لنحتمل الهموم ويُشعرنا براحة البال كي نخدم يهوه بفرح.
«ذوقوا وانظروا ما اطيب يهوه»
احيانا تحس انك تحارب على الف جبهة. فأنت مثلا تعرف ان يهوه يوصيك ان تطلب الملكوت اولا وتحافظ على نشاطك الروحي. (متى ٦:٣٣؛ لوقا ١٣:٢٤) ولكن لعل المقاومة التي تواجهها والصحة الرديئة والمشاكل العائلية تستنزف قواك. او ربما تكمن المشكلة في عملك الذي يسلبك الوقت والطاقة لتشارك في نشاطات الجماعة. وأمام هذه الضغوط الكبيرة، وبالنظر ان طاقتك ووقتك محدودان لا يسمحان لك ان تتصدى لها، تشعر انك خائر القوى وما عدت قادرا على الاحتمال. حتى انك قد تتساءل: ‹هل يطلب مني يهوه فوق طاقتي؟›.
يهوه يتفهم ظروفنا. وهو لا يتوقع منا ابدا ان نعطي فوق طاقتنا. كما يعرف اننا نحتاج الى الوقت كي نتخطى الضغوطات ونتعافى من آثارها السلبية في جسدنا ونفسيتنا. — مزمور ١٠٣:١٣، ١٤.
لاحظ مثلا كيف اعتنى بإيليا. فقد تثبط هذا النبي وخاف كثيرا وهرب الى البرية. الا ان يهوه لم يوبخه ويأمره بالرجوع الى تعيينه. بل ارسل اليه ملاكا مرتين ليوقظه بلطف ويعطيه طعاما ليأكل. مع ذلك، مر ٤٠ يوما وإيليا لم يزل مهموما وخائفا. فكيف ساعده يهوه عندئذ؟ في البداية، اراه بعينيه انه قادر على حمايته. ومن ثم هدَّأ اعصابه بصوت «منخفض هادئ». وأخيرا اخبره ان هناك آلافا غيره يعبدون اللّٰه بأمانة. وهكذا سرعان ما استعاد هذا النبي نشاطه وغيرته. (١ ملوك ١٩:١-١٩) الدرس؟ حين استحوذت الهموم على ايليا، صبر يهوه عليه وتعاطف معه. ويهوه لم يتغير. فهو يعتني بنا اليوم تماما كما اعتنى بإيليا.
عندما تريد ان تضع اهدافا ترضي يهوه، كن واقعيا. لا تقارن ما كنت تفعله في السابق وما تستطيع فعله اليوم. فالعدَّاء الذي يتوقف عن التمرن لأشهر او لسنوات لا يستطيع معاودة روتينه السابق بلمح البصر. بل عليه ان يضع اهدافا صغيرة تزيده قوة واحتمالا. والمسيحيون مثل العدائين يتمرنون وفي ذهنهم هدف واضح. (١ كورنثوس ٩:٢٤-٢٧) فلمَ لا تضع هدفا روحيا واحدا تقدر ان تحققه في الوقت الحاضر، كحضور اجتماع مثلا؟ اطلب من يهوه ان يساعدك على بلوغ هذا الهدف. وفيما تستعيد قوتك الروحية، ‹ستذوق وتنظر ما اطيب يهوه›. (مزمور ٣٤:٨) ولا يغب عن بالك ان اي جهد تبذله لتعبِّر عن محبتك ليهوه هو قيِّم في عينيه، مهما بدا لك بسيطا. — لوقا ٢١:١-٤.
يهوه لا يتوقع منا ابدا ان نعطي فوق طاقتنا
«الشرارة التي انتظرتها»
كيف ساعد يهوه دجون كي ترجع اليه؟ تخبر: «لم اتوقف عن الصلاة الى يهوه طالبة مساعدته. وفي احدى المرات، اخبرتني كنَّتي ان محفلا سيُعقد في المنطقة، فقررت ان احضر يوما واحدا منه. ويا للشعور الرائع الذي احسست به وأنا ثانية بين شعب يهوه! فكان هذا المحفل هو الشرارة التي انتظرتها حتى اخدم اللّٰه مجددا بكل فرح. واليوم بت ارى الحياة من منظار مختلف تماما، وصرت مقتنعة اكثر من اي وقت مضى بخطورة الانعزال ومواجهة مشاكلي بمفردي. وأنا شاكرة ليهوه لأنني عدت اليه قبل فوات الاوان».
-
-
المشاعر المجروحة . . . حين يكون لدينا «سبب للتشكي»ارجع الى يهوه
-
-
الجزء ٣
المشاعر المجروحة . . . حين يكون لدينا «سبب للتشكي»
«اتهمتني اخت في جماعتي زورا بسرقة مالها. فعرف بعض الاخوة بالامر واصطفوا الى جانبها. بعد فترة، اخبرتني الاخت ان بيدها معطيات جديدة تثبت براءتي. صحيح انها اعتذرت مني، لكني شعرت انها تسببت لي بأذى يستحيل ان اسامحها عليه ابدا». — ليندا.
هل تتفهم مشاعر ليندا؟ لقد جرحتها في الصميم تصرفات اخت مسيحية. لكن البعض بكل اسف تضايقوا كثيرا من سلوك الآخرين لدرجة ان روتينهم الروحي تأثر سلبا. فهل هذا ما حصل معك؟
هل يقدر احد ان ‹يفصلنا عن محبة اللّٰه›؟
قد نستصعب كثيرا ان نسامح اخا مسيحيا اذانا. أوليس مفترضا ان يحب المسيحيون واحدهم الآخر؟! (يوحنا ١٣:٣٤، ٣٥) لذلك عندما يظلمك رفيقك في الايمان، يمكن لمشاعر الخيبة والالم ان تدمرك. — مزمور ٥٥:١٢.
لا يُنكر الكتاب المقدس ان يكون للمسيحيين احيانا «سبب للتشكي». (كولوسي ٣:١٣) مع ذلك، حين يمر ايٌّ منا بظرف كهذا، قد يستصعب كثيرا تقبُّل الوضع. فماذا يساعدنا في هذا المجال؟ اليك ثلاثة مبادئ من الاسفار المقدسة.
لا يخفى شيء على ابينا السماوي. عينا يهوه تريان كل شيء، بما في ذلك الظلم الذي نتعرض له والالم الناجم عنه. (عبرانيين ٤:١٣) حتى انه يحس بوجعنا. (اشعيا ٦٣:٩) وهو لا يسمح مطلقا لأي شيء او لأي احد، ‹لا لضيق ولا لشدة› ولا حتى لواحد من خدامه، ان ‹يفصلنا عن محبته لنا›. (روما ٨:٣٥، ٣٨، ٣٩) على ضوء ذلك، ألا نندفع نحن ايضا ان نفعل الامر عينه ولا نسمح لأي شيء او لأي احد ان يقف بيننا وبينه؟
مسامحة الآخرين لا تعني ان نُغمض عينينا عن الخطإ. لا تعني مسامحة الآخرين اننا نعذرهم، نصغِّر خطأهم، نبرِّره، او نُغمض عينينا عنه. فيهوه لا يرضى بتاتا عن الخطية، لكنه يسامح مرتكبها اذا كان هناك اساس للغفران. (مزمور ١٠٣:١٢، ١٣؛ حبقوق ١:١٣) لذا حين يدعونا ان نسامح الآخرين، يطلب منا في الواقع ان نتشبه به، هو الذي «لا يحفظ الغضب الى الدهر». — مزمور ١٠٣:٩؛ متى ٦:١٤.
حين نتحرر من مشاعر الاستياء نستفيد نحن. تخيل انك تحمل حجرا يزن كيلوغراما او اثنين ويدك ممدودة. على الارجح، لن تستصعب حمله لبعض الوقت. ولكن ماذا لو مرت فترة طويلة وأنت على هذه الحال؟ لكم من الوقت تقدر ان تصمد؟ لدقائق، لساعة، ام لأكثر؟ لا شك انك ستتعب كثيرا. صحيح ان وزن الحجر لم يتغير، ولكن كلما طالت المدة شعرتَ وكأن الوزن يزداد اكثر فأكثر. المبدأ نفسه ينطبق على مشاعر الاستياء. فنحن قد نستاء من احد ولو قليلا. ولكن كلما طالت الفترة، بتنا نؤذي انفسنا اكثر فأكثر. فهل من عجب لمَ يدعونا يهوه ان نتحرر من الاستياء؟ أليس هذا لمنفعتنا؟! — امثال ١١:١٧.
حين نتحرر من مشاعر الاستياء نستفيد نحن
«شعرتُ كما لو ان يهوه يكلمني»
كيف تخطت ليندا ما فعلته بها اختها المسيحية ولم تضمر لها الاستياء؟ احد الامور التي ساعدتها هو انها تأملت في اسباب من الكتاب المقدس تدفعنا الى الغفران. (مزمور ١٣٠:٣، ٤) ولعل اكثر ما اثر فيها هو ان يهوه يسامحنا إن نحن سامحنا الآخرين. (افسس ٤:٣٢–٥:٢) قالت: «شعرتُ كما لو ان يهوه يكلمني».
وهكذا استطاعت ليندا مع الوقت ان تتحرر من مشاعر الاستياء. فسامحت الاختَ التي اساءت اليها، وهما الآن صديقتان مقربتان. ولا تزال ليندا تخدم يهوه بأمانة. وأنت ايضا ثق تماما ان يهوه يريد مساعدتك ان تتخطى الاساءة كما ساعد ليندا.
-
-
الشعور بالذنب . . . «من خطيتي طهِّرني»ارجع الى يهوه
-
-
الجزء ٤
الشعور بالذنب . . . «من خطيتي طهِّرني»
«حسَّن عملي الجديد مستوى معيشتي انا وعائلتي. لكني تورطت بسببه في مختلف النشاطات الخاطئة. فصرت احتفل بالاعياد وأشارك في النشاطات السياسية وأذهب الى الكنيسة ايضا. وبقيت خاملة طوال ٤٠ سنة. وكنت كلما تقدم بي الوقت، اقتنع اكثر فأكثر ان يهوه يستحيل ان يسامحني. حتى انا لم اقدر ان اسامح نفسي. فقد كنت اعرف الحق، ومع ذلك مشيت في الطريق الخطإ». — مارثا.
قد يتحول الشعور بالذنب الى عبء ثقيل يخنق انفاسك. كتب الملك داود: «ذنوبي قد طمت فوق رأسي، كحمل ثقيل اثقل من استطاعتي». (مزمور ٣٨:٤) لقد غرق بعض المسيحيين في حزن مفرط وباتوا مقتنعين ان يهوه يستحيل ان يسامحهم. (٢ كورنثوس ٢:٧) فهل تفكيرهم في محله؟ ما رأيك انت، في حال ارتكبت خطايا خطيرة، هل يعني ذلك انك ابتعدت جدا عن يهوه لدرجة انه لن يسامحك ابدا؟ كلا على الاطلاق!
«هلمَّ نتناقش معا لتقوِّموا اموركم»
لا يتخلى يهوه عن الخطاة التائبين، بل يمد لهم يد المساعدة. ففي مثل الابن الضال، شبَّه يسوع يهوه بأب محب يترك ابنُه العائلة ويعيش حياة خليعة. وبعد غياب طويل، يقرر هذا الابن الرجوع الى البيت. «وإذ كان لم يزل بعيدا رآه ابوه فتحنن وركض ووقع على عنقه وقبَّله». (لوقا ١٥:١١-٢٠) فهل انت مثل هذا الابن تريد الاقتراب الى يهوه لكنك تشعر انك ‹لا تزال بعيدا›؟ تأكد ان يهوه، تماما كالاب في مثل يسوع، يحمل لك في قلبه الكثير من الحنان والمحبة. وهو ينتظر بشوق ان يلاقيك ويرحب بك.
ولكن هل تشعر ان خطاياك اكبر او اكثر من ان تُغفر؟ تأمل من فضلك في اشعيا ١:١٨. نقرأ هناك: «‹هلمَّ نتناقش معا لتقوِّموا اموركم›، يقول يهوه. ‹إن كانت خطاياكم كالقرمز، تبيضُّ كالثلج›». اذًا حتى لو اعتبرت ان خطاياك تركت اثرا بالغا يصعب محوه، كما لو انك لطخت رداء ابيض بصباغ قرمزي، فإن يهوه مستعد ان يغفر هذه الخطايا.
لا يريد اللّٰه ان يظل عذاب الضمير يكدِّر حياتك. ولكن لعلك تتساءل كيف عساك ترتاح وما السبيل الى غفران اللّٰه والتنعم بضمير طاهر. تأمل في خطوتين اتخذهما الملك داود. نتبين الخطوة الاولى من كلماته في المزمور ٣٢:٥: «أعترف ليهوه بتعدياتي». فماذا عنك؟ تذكَّر ان يهوه سبق ودعاك ان تقترب اليه بالصلاة ‹وتقوِّم امورك› معه. فاعترِف له بخطاياك وافتح قلبك امامه. فحين اخطأ داود صلى دون تردد: «من خطيتي طهِّرني . . . القلب المنكسر والمنسحق، يا اللّٰه، لا تحتقره». — مزمور ٥١:٢، ١٧.
ثانيا، قبِل داود المساعدة من ممثل عن اللّٰه هو النبي ناثان. (٢ صموئيل ١٢:١٣) واليوم يزودنا يهوه بشيوخ في جماعاتنا تدربوا على مساعدة الخطاة التائبين كي يرجعوا اصدقاء ليهوه. فحين تخبر الشيوخ بمشكلتك، يرجعون الى الاسفار المقدسة ويرفعون صلوات صادقة ليريحوك، وليزيلوا المشاعر السلبية التي تراودك او يخففوا منها، وليساعدوك ان تشفى روحيا. — يعقوب ٥:١٤-١٦.
يرغب يهوه ان تشعر براحة الضمير
«سعيد هو الذي عُفي عن معصيته»
قد تستصعب كثيرا الاعتراف بخطاياك ليهوه اللّٰه وإخبار الشيوخ بها. وداود على ما يبدو احس بهذه الطريقة. فهو «سكت» عن خطاياه فترة من الوقت. (مزمور ٣٢:٣) لكنه ادرك بعدئذ فوائد الاعتراف بخطاياه وتصحيح مسلكه.
وإحدى اهم الفوائد التي اختبرها داود هي انه رجع فرِحا كما من قبل. كتب: «سعيد هو الذي عُفي عن معصيته وسُترت خطيته». (مزمور ٣٢:١) وحين فاض قلبه امتنانا للّٰه وارتاح من مشاعر الذنب، اندفع ان يخبر الآخرين عن يهوه. صلى قائلا: «يا يهوه افتح شفتيَّ، فيخبر فمي بتسبيحك». — مزمور ٥١:١٥.
يرغب يهوه ان تشعر براحة الضمير انت ايضا. وهو يشاء ان تندفع من كل قلبك وبفرح عظيم الى اخبار الآخرين عنه وعن مقاصده ملقيا عنك الشعور بالذنب. (مزمور ٦٥:١-٤) فهو يدعوك لكي ‹تُمحى خطاياك، وتأتي اوقات الانتعاش من حضرته›. — اعمال ٣:١٩.
هذا ما اختبرته مارثا. تخبر: «ظل ابني يرسل الي مجلتي برج المراقبة و استيقظ!. وهكذا شيئا فشيئا بدأت استعيد علاقتي بيهوه. وأكثر ما صعَّب عليَّ العودة كان طلب المغفرة على كل خطاياي. لكنني في النهاية صليت الى اللّٰه وطلبت منه الغفران. لا اصدق ان ٤٠ سنة مرت قبل ان اعود الى يهوه. لكن تجربتي هذه تؤكد ان الشخص يُمنح فرصة اخرى ليخدم اللّٰه ويحفظ نفسه في محبته حتى لو مرت سنوات طويلة وهو بعيد».
-
-
ارجعوا الى «راعي نفوسكم وناظرها»ارجع الى يهوه
-
-
الجزء ٥
ارجعوا الى «راعي نفوسكم وناظرها»
هل تعترض سبيلك عقبة او اكثر من العقبات المذكورة في هذه الكراسة؟ لا يغب عن بالك ان كثيرين من خدام اللّٰه الامناء في الماضي والحاضر واجهوا عقبات مماثلة. وعلى غرارهم، يمكنك ان تطلب مساعدة يهوه لتتغلب عليها.
يهوه ينتظر عودتك
كن على ثقة ان يهوه ينتظر عودتك. وهو سيساعدك لكي تتخطى همومك، وتشفى من مشاعرك المجروحة، وتحس براحة البال والسكينة فيما تنعم بضمير طاهر. عندئذ تندفع مجددا الى خدمة يهوه كتفا الى كتف مع اخوتك المؤمنين. فتصح فيك كلمات بطرس التي وجهها الى بعض المسيحيين في القرن الاول: «كنتم كالخراف شاردين، لكنكم عدتم الآن الى راعي نفوسكم وناظرها». — ١ بطرس ٢:٢٥.
ان الرجوع الى يهوه هو حتما الخيار الافضل. فعودتك اليه تفرِّح قلبه. (امثال ٢٧:١١) فكما تعلم، يهوه لديه مشاعر. لذا فإن اعمالنا تؤثر فيه. رغم ذلك، هو لا يجبرنا ان نحبه ونخدمه. (تثنية ٣٠:١٩، ٢٠) في هذا الخصوص، يقول احد علماء الكتاب المقدس: «ليس لقلب الانسان مسكة من الخارج. فبابه يُفتح فقط من الداخل». وإذا اردنا ان نفتح هذا الباب، فعلينا ان نعبد يهوه بقلب مفعم بالمحبة. وبذلك نقدم له هدية ثمينة، ألا وهي استقامتنا، ونُدخل البهجة الى قلبه. ولا شيء يضاهي السعادة التي نشعر بها حين نوفي يهوه العبادة التي يستحقها. — اعمال ٢٠:٣٥؛ رؤيا ٤:١١.
اضافة الى ذلك، حين تستأنف عبادتك المسيحية، تُشبع حاجتك الروحية. (متى ٥:٣) فالناس حول العالم يتساءلون: ‹ما القصد من حياتنا؟›. وهم يتوقون الى معرفة الجواب. فالبشر بالفطرة لديهم هذه الحاجة. وبالفطرة ايضا يشعرون بالسعادة في خدمته. لذا عندما تدفعنا محبتنا للّٰه ان نعبده، ننعم باكتفاء لا يوصف. — مزمور ٦٣:١-٥.
تأكد رجاءً ان يهوه يريد ان ترجع اليه. وما الدليل؟ تأمل في ما يلي: حُضِّرَت هذه الكراسة بعناية بعد الكثير والكثير من الصلاة. ولعل شيخا او رفيقا مسيحيا آخر اوصلها اليك فاندفعت الى قراءتها والتجاوب معها. وفي هذا دليل ان يهوه لم ينسك وأن يده الحنونة تجتذبك اليه. — يوحنا ٦:٤٤.
وحين نعرف ان يهوه لا ينسى اطلاقا خرافه الضائعة، ألا نشعر بالطمأنينة؟ هذا ما احست به اخت اسمها دونا. تقول: «ابتعدت تدريجيا عن الحق، لكن غالبا ما كان يخطر في بالي المزمور ١٣٩:٢٣، ٢٤: ‹اختبرني يا اللّٰه، واعرف قلبي. امتحني واعرف همومي، وانظر إن كان فيَّ طريق مكدِّر، واهدني طريقا ابديا›. كنت اعرف انني لا انتمي الى العالم، فأنا لم احس قط اني جزء منه. وأدركت ايضا ان مكاني الطبيعي هو ضمن هيئة يهوه. وشيئا فشيئا بت ارى ان يهوه لم يتركني قط، وكان عليَّ انا الرجوع اليه. وأنا في غاية السعادة لأني اتخذت هذه الخطوة».
«شيئا فشيئا بت ارى ان يهوه لم يتركني قط، وكان عليَّ انا الرجوع اليه»
في الختام، نصلي من كل قلبنا ونسأل اللّٰه ان تحس من جديد ‹بفرح يهوه›. (نحميا ٨:١٠) وثق تماما انك لن تندم ابدا على رجوعك اليه.
-
-
الخاتمةارجع الى يهوه
-
-
الخاتمة
هل تذكر الاوقات الحلوة التي عشتها بين شعب يهوه؟ هل تذكر اجتماعا مشجعا حضرته، محفلا مشوقا مسَّ قلبك، اختبارا مفرحا عشته في الخدمة، او حديثا ممتعا تبادلته مع رفيق مسيحي؟ في قرارة نفسك، انت لم تنسَ يهوه الهك. وتأكد: هو ايضا لم ينسك قط. وهو يتذكر بإعزاز خدمتك الامينة له ويتوق الى مساعدتك كي ترجع اليه.
يقول يهوه: «أسأل عن غنمي وأعتني بها. كما يعتني الراعي بقطيعه يوم يكون في وسط غنمه المنتشرة، كذلك اعتني بغنمي وأنقذها من جميع الاماكن التي تبددت فيها». — حزقيال ٣٤:١١، ١٢.
-