مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • النمو في المعرفة الدقيقة للحق
    شهود يهوه —‏ منادون بملكوت اللّٰه
    • الفصل ١٠

      النمو في المعرفة الدقيقة للحق

      لم يشرع شهود يهوه في ادخال عقائد جديدة،‏ طريقة جديدة للعبادة،‏ دين جديد.‏ وعوضا عن ذلك،‏ يعكس تاريخهم العصري جهدا مخلصا لتعليم ما هو موجود في الكتاب المقدس،‏ كلمة اللّٰه الموحى بها.‏ وهم يشيرون اليه بصفته الاساس لكل معتقداتهم وطريقة حياتهم.‏ وعوضا عن تطوير معتقدات تعكس الميول المتساهلة للعالم العصري،‏ سعوا الى العمل بدقة اكثر من ايّ وقت مضى بموجب تعاليم الكتاب المقدس وممارسات مسيحية القرن الاول.‏

      في وقت باكر من سبعينات الـ‍ ١٨٠٠ شرع تشارلز تاز رصل وعشراؤه في درس جدي للكتاب المقدس.‏ وصار واضحا لهم ان العالم المسيحي قد انحرف عن تعاليم وممارسات المسيحية الباكرة.‏ ولم يدَّع الاخ رصل انه اول من ادرك ذلك،‏ واعترف جهارا بأنه مدين للآخرين بالعون الذي قدَّموه في سنواته الباكرة لدرس الاسفار المقدسة.‏ وأشاد بالعمل الجيد الذي قامت به مختلف الحركات في الاصلاح بغية جعل نور الحق يضيء بشكل اسطع.‏ وذكر بالاسم رجالا اكبر سنا مثل جونَس وِنْدِل،‏ جورج سْتِتْسون،‏ جورج ستورز،‏ ونلسون باربور،‏ الذين ساهموا شخصيا في فهمه لكلمة اللّٰه بطرائق متنوعة.‏a

      وذكر ايضا:‏ «ان العقائد المتنوعة التي نؤمن بها والتي تبدو جديدة ومنعشة ومختلفة جدا جرى الايمان بها في شكل ما منذ زمن طويل:‏ مثلا —‏ الانتخاب،‏ النعمة المجانية،‏ الردّ،‏ التبرير،‏ التقديس،‏ التمجيد،‏ القيامة.‏» ولكن غالبا ما كانت الحالة ان فريقا دينيا تميَّز بفهم اوضح لحقيقة واحدة للكتاب المقدس؛‏ وفريقا آخر بحقيقة اخرى.‏ وتقدُّمهم الاضافي كثيرا ما كان يعاق لأنهم كانوا مقيَّدين بعقائد وتعاليم تضمَّنت افكارا كانت قد ازدهرت في بابل ومصر القديمتين او كانت مستعارة من الفلاسفة اليونان.‏

      ولكن ايّ فريق،‏ بمساعدة روح اللّٰه،‏ كان سيتمسك من جديد تدريجيا بكامل «صورة الكلام الصحيح» التي كان قد عزَّزها مسيحيو القرن الاول؟‏ (‏٢ تيموثاوس ١:‏١٣‏)‏ ومَن كان سيصحّ فيهم ان سبيلهم «كنور مشرق يتزايد وينير الى النهار الكامل»؟‏ (‏امثال ٤:‏١٨‏)‏ ومَن كانوا سيقومون حقا بالعمل الذي اوصى به يسوع عندما قال:‏ «تكونون لي شهودا .‏ .‏ .‏ الى اقصى الارض»؟‏ ومَن هم الذين لم يكونوا ليتلمذوا الناس فقط ولكنهم كانوا ايضا ‹سيعلِّمونهم ان يحفظوا جميع ما› اوصاهم به يسوع؟‏ (‏اعمال ١:‏٨؛‏ متى ٢٨:‏​١٩،‏ ٢٠‏)‏ حقا،‏ هل كان قد حان للرب ان يميِّز بوضوح بين المسيحيين الحقيقيين الذين شبَّههم بالحنطة والزائفين الذين اشار اليهم بالزوان (‏وفي الواقع،‏ زوان من النوع الذي يشبه كثيرا الحنطة الى ان يبلغ النضج)‏؟‏b (‏متى ١٣:‏​٢٤-‏٣٠،‏ ٣٦-‏٤٣‏)‏ ومَن كان سيتبرهن انهم «العبد الامين الحكيم» الذي يأتمنه السيد،‏ يسوع المسيح،‏ عند حضوره في سلطة الملكوت،‏ على مسؤولية اضافية في ما يتعلق بالعمل المنبإ به لاختتام نظام الاشياء هذا؟‏ —‏ متى ٢٤:‏​٣،‏ ٤٥-‏٤٧‏.‏

      جعل النور يضيء

      امر يسوع تلاميذه ان يشتركوا مع الآخرين في نور الحق الالهي الذي نالوه منه.‏ «انتم نور العالم،‏» قال.‏ «فليضئ نوركم هكذا قدام الناس.‏» (‏متى ٥:‏​١٤-‏١٦؛‏ اعمال ١٣:‏٤٧‏)‏ وقد ادرك تشارلز تاز رصل وعشراؤه ان لديهم التزام القيام بذلك.‏

      فهل اعتقدوا انهم يملكون كل الاجوبة،‏ كامل نور الحق؟‏ اجاب الاخ رصل عن هذا السؤال بصورة صريحة:‏ «كلا بالتأكيد؛‏ ولن نملكها حتى ‹النهار الكامل.‏›» (‏امثال ٤:‏١٨‏)‏ وكثيرا ما كانوا يشيرون الى معتقداتهم المؤسسة على الاسفار المقدسة بصفتها «الحق الحاضر» —‏ لا بفكرة ان الحق نفسه يتغير بل بالحري بفكرة ان فهمهم له تقدُّمي.‏

      وتلاميذ الكتاب المقدس المجتهدون هؤلاء لم يتجنبوا فكرة وجود شيء يُسمَّى الحق في مسائل الدين.‏ فقد اعترفوا بيهوه بصفته «اله الحق» وبالكتاب المقدس بصفته كلمة حقه.‏ (‏مزمور ٣١:‏٥؛‏ يشوع ٢١:‏٤٥؛‏ يوحنا ١٧:‏١٧‏)‏ وأدركوا انه لا يزال هنالك الكثير مما لا يعرفونه،‏ لكنهم لم يحجموا عن التصريح باقتناع بما تعلَّموه من الكتاب المقدس.‏ وعندما ناقضت العقائد والممارسات الدينية التقليدية ما وجدوه مبيَّنا بوضوح في كلمة اللّٰه الموحى بها،‏ عندئذ شهَّروا الكذب،‏ تمثُّلا بيسوع المسيح،‏ على الرغم من ان ذلك جلب عليهم الاستهزاء والبغض من رجال الدين.‏ —‏ متى ١٥:‏​٣-‏٩‏.‏

      ولبلوغ وإطعام الآخرين روحيا بدأ ت.‏ ت.‏ رصل،‏ في تموز ١٨٧٩،‏ بنشر مجلة برج مراقبة زيون وبشير حضور المسيح.‏

      الكتاب المقدس —‏ كلمة اللّٰه حقا

      لم تكن ثقة تشارلز تاز رصل بالكتاب المقدس مجرد مسألة قبول وجهة نظر تقليدية كانت شائعة في ذلك الوقت.‏ على العكس،‏ فما كان شائعا بين كثيرين في ذلك الوقت كان نقدا اعلى.‏ والذين ايَّدوه تحدَّوا امكان الاعتماد على سجل الكتاب المقدس.‏

      وكحدث كان رصل قد انضم الى الكنيسة الجماعية وكان نشيطا في عملها،‏ لكنَّ عدم عقلانية العقائد التقليدية ادَّى الى صيرورته متشكِّكا.‏ ووجد ان ما تعلَّمه لا يمكن المدافعة عنه من الكتاب المقدس بطريقة تمنح الاكتفاء.‏ فنبذ عقائد التعليم الكنسي،‏ ومعها الكتاب المقدس.‏ ثم فحص الاديان الشرقية الرئيسية،‏ لكنها هي ايضا لم تكن مانحة للاكتفاء.‏ وبعدئذ ابتدأ يتساءل عما اذا كانت عقائد العالم المسيحي تسيء تمثيل الكتاب المقدس.‏ واذ تشجع بما سمعه ذات مساء في اجتماع للمجيئيين،‏ باشر درسا شاملا للاسفار المقدسة.‏ وما رآه ينكشف امامه كان حقا كلمة اللّٰه الموحى بها.‏

      فتأثر عميقا بانسجام الكتاب المقدس مع ذاته ومع شخصية ذاك الذي تُحدَّد هويته بصفته مؤلِّفه الالهي.‏ ولمساعدة الآخرين على الافادة من ذلك،‏ كتب في وقت لاحق كتاب نظام الدهور الالهي،‏ الذي اصدره في السنة ١٨٨٦.‏ وضمَّنه بحثا رئيسيا في «الكتاب المقدس وحي الهي كما نرى بنور العقل.‏» ونحو نهاية هذا الفصل،‏ قال بصورة جلية:‏ «ان عمق وقوة وحكمة ومدى شهادة الكتاب المقدس تقنعنا بأنه لا الانسان،‏ بل اللّٰه القادر على كل شيء،‏ هو مؤلِّف مقاصده وإعلاناته.‏»‏

      ان الثقة بكامل الكتاب المقدس بصفته كلمة اللّٰه تستمر في ان تكون اساسا لمعتقدات شهود يهوه العصريين.‏ وفي كل العالم لديهم ادوات مساعِدة على الدرس تمكِّنهم شخصيا من فحص الدليل على كونه موحى به.‏ وأوجه هذا الموضوع تُبحث تكرارا في مجلاتهم.‏ وفي السنة ١٩٦٩ اصدروا كتاب Is the Bible Really the Word of God? (‏هل الكتاب المقدس حقا كلمة اللّٰه؟‏‏)‏ وبعد عشرين سنة اتَّخذ كتاب الكتاب المقدس —‏ كلمة اللّٰه أم الانسان؟‏ نظرة جديدة الى موضوع صحة الكتاب المقدس،‏ لفت الانتباه الى ادلة اضافية،‏ وتوصَّل الى الاستنتاج نفسه:‏ الكتاب المقدس هو فعلا كلمة اللّٰه الموحى بها.‏ والكتاب الآخر من كتبهم،‏ وقد طبع اولا في السنة ١٩٦٣،‏ وجُعل عصريا في السنة ١٩٩٠،‏ هو ‏«كل الكتاب هو موحى به من اللّٰه ونافع.‏»‏ والتفصيل الاضافي موجود في موسوعتهم للكتاب المقدس،‏ بصيرة في الاسفار المقدسة،‏ المطبوعة في السنة ١٩٨٨.‏

      ومن درسهم الشخصي والجماعي لمثل هذه المواد هم مقتنعون بأنه،‏ على الرغم من ان نحو ٤٠ شخصا خلال فترة ١٦ قرنا استُخدموا لتسجيل ما هو موجود في الـ‍ ٦٦ سفرا للكتاب المقدس،‏ وجَّه اللّٰه نفسه الكتابة بروحه بصورة فعَّالة.‏ كتب الرسول بولس:‏ «كل الكتاب هو موحى به من اللّٰه.‏» (‏٢ تيموثاوس ٣:‏١٦؛‏ ٢ بطرس ١:‏​٢٠،‏ ٢١‏)‏ وهذا الاقتناع هو عامل فعَّال في حياة شهود يهوه.‏ وتعليقا على ذلك،‏ قالت صحيفة بريطانية:‏ «وراء كل ما يفعله الشاهد يكمن سبب من الاسفار المقدسة.‏ حقا،‏ ان عقيدتهم الاساسية الواحدة هي الاعتراف بالكتاب المقدس بصفته .‏ .‏ .‏ الحق.‏»‏

      التعرُّف بالاله الحقيقي

      واذ درس الاخ رصل وعشراؤه الاسفار المقدسة،‏ لم يلزمهم وقت طويل ليروا ان اللّٰه الموصوف في الكتاب المقدس ليس اله العالم المسيحي.‏ وكانت هذه مسألة مهمة لأن آمال الناس بالحياة الابدية،‏ كما قال يسوع،‏ تتوقف على معرفتهم الاله الحقيقي الوحيد وذاك الذي ارسله،‏ وكيله الرئيسي للخلاص.‏ (‏يوحنا ١٧:‏٣؛‏ عبرانيين ٢:‏١٠‏،‏ ع‌ج‏)‏ وأدرك ت.‏ ت.‏ رصل والفريق الذي اشترك معه في درس الكتاب المقدس ان عدل اللّٰه هو في توازن كامل مع الحكمة،‏ المحبة،‏ والقدرة الالهية،‏ وأن هذه الصفات يجري الاعراب عنها في جميع اعماله.‏ وعلى اساس المعرفة التي كانت لديهم آنذاك عن قصد اللّٰه،‏ اعدُّوا بحثا عن سبب السماح بالشر وضمَّنوا ذلك احدى مطبوعاتهم الابكر والاوسع توزيعا،‏ الكتاب المؤلَّف من ١٦٢ صفحة Food for Thinking Christians (‏طعام للمسيحيين المفكرين‏)‏،‏ الذي صدر اولا كطبعة خصوصية من برج مراقبة زيون في ايلول ١٨٨١ (‏بالانكليزية)‏.‏

      ودرسهم لكلمة اللّٰه ساعدهم على الادراك ان للخالق اسما شخصيا وأنه يمكِّن البشر من معرفته والتمتع بعلاقة وثيقة به.‏ (‏١ أخبار الايام ٢٨:‏٩؛‏ اشعياء ٥٥:‏٦؛‏ يعقوب ٤:‏٨‏)‏ اوضحت برج المراقبة عدد تشرين الاول-‏تشرين الثاني ١٨٨١ (‏بالانكليزية)‏:‏ «‏يهوه هو الاسم الذي لا ينطبق على احد غير الكائن الاسمى —‏ ابينا،‏ والذي دعاه يسوع أبًا والها.‏» —‏ مزمور ٨٣:‏١٨؛‏ يوحنا ٢٠:‏١٧‏.‏

      وفي السنة التالية،‏ اجابة عن السؤال،‏ «هل تدَّعون ان الكتاب المقدس لا يعلِّم ان هنالك ثلاثة اقانيم في اله واحد؟‏» أُعطي الجواب:‏ «نعم:‏ على الضد من ذلك،‏ يخبرنا ان هنالك الها وأبًا واحدا لربنا يسوع المسيح منه جميع الاشياء (‏او خلق جميع الاشياء)‏.‏ اذًا نحن نؤمن باله وأب واحد،‏ وأيضا بربّ واحد يسوع المسيح .‏ .‏ .‏ ولكنَّ هذين هما اثنان لا كائن واحد.‏ وهما واحد فقط بمعنى انهما على اتفاق.‏ ونحن نؤمن ايضا بـ‍ روح اللّٰه .‏ .‏ .‏ ولكنه ليس شخصا تماما كما هي الحال مع روح الابالسة وروح العالم وروح ضد المسيح.‏»‏ —‏ برج مراقبة زيون،‏ حزيران ١٨٨٢ (‏بالانكليزية)‏؛‏ يوحنا ١٧:‏​٢٠-‏٢٢‏.‏

      التقدير المتزايد لاسم اللّٰه

      وتدريجيا صار تلاميذ الكتاب المقدس هؤلاء مدركين بشكل متزايد الاهمية التي تمنحها الاسفار المقدسة الموحى بها للاسم الشخصي للّٰه.‏ وهذا الاسم كانت قد اخفته بالانكليزية ترجمة دواي الكاثوليكية الرومانية وترجمة الملك جيمس الپروتستانتية للكتاب المقدس،‏ كما فعلت في ما بعد معظم الترجمات بلغات عديدة في القرن الـ‍ ٢٠.‏ ولكنَّ مجموعة متنوِّعة من الترجمات فضلا عن اعمال مرجعية للكتاب المقدس شهدت على ان الاسم يهوه يرد في نص اللغة الاصلية آلاف المرات —‏ وفي الواقع،‏ اكثر بكثير من ايّ اسم آخر،‏ وأكثر من مجموع عدد المرات التي تظهر فيها ألقاب مثل اللّٰه والرب.‏ وبصفتهم «شعبا على اسمه،‏» نما تقديرهم للاسم الالهي.‏ (‏اعمال ١٥:‏١٤‏)‏ وفي برج المراقبة عدد ١ كانون الثاني ١٩٢٦ (‏بالانكليزية)‏ عرضوا ما ادركوا انه قضية ينبغي لكل فرد ان يواجهها،‏ اي «مَن سيكرمون يهوه؟‏»‏

      والتشديد الذي وضعوه على اسم اللّٰه لم يكن مجرد مسألة معرفة دينية.‏ وكما جرى الايضاح في كتاب Prophecy (‏النبوة،‏ الصادر بالانكليزية في السنة ١٩٢٩)‏،‏ فان القضية العظمى التي تواجه كل الخليقة الذكية تشمل اسم يهوه اللّٰه وكلمته.‏ ويشدِّد شهود يهوه على ان الكتاب المقدس يُظهر ان كل فرد يجب ان يعرف اسم اللّٰه ويعتبره شيئا مقدسا.‏ (‏متى ٦:‏٩؛‏ حزقيال ٣٩:‏٧‏)‏ ويجب ان يكون هذا الاسم محرَّرا من كل التعيير الذي كوَّمه عليه ليس فقط اولئك الذين تحدَّوا علنا يهوه بل ايضا اولئك الذين اساءوا تمثيله بعقائدهم وأعمالهم.‏ (‏حزقيال ٣٨:‏٢٣؛‏ رومية ٢:‏٢٤‏)‏ وعلى اساس الاسفار المقدسة يدرك الشهود ان خير كل الكون وساكنيه يتوقف على تقديس اسم يهوه.‏

      ويدركون انه،‏ قبل ان يتخذ يهوه الاجراء لاهلاك الاشرار،‏ من واجب وامتياز شهوده ان يخبروا الآخرين بالحق عنه.‏ وشهود يهوه يقومون بذلك في كل الارض.‏ وهم غيورون جدا في اتمام هذه المسؤولية حتى ان ايّ شخص،‏ امميًّا،‏ يستعمل اسم يهوه جهارا سرعان ما تُعيَّن هويته بأنه واحد من شهود يهوه.‏

      تشهير الثالوث

      كشهود ليهوه شعر ت.‏ ت.‏ رصل وعشراؤه بالمسؤولية الكبيرة لتشهير التعاليم التي اساءت تمثيل اللّٰه،‏ لمساعدة محبي الحق ان يدركوا انها ليست مؤسسة على الكتاب المقدس.‏ ولم يكونوا اول مَن ادركوا ان الثالوث غير مؤسس على الاسفار المقدسة،‏c لكنهم عرفوا تماما انه اذا كانوا سيصيرون خداما امناء للّٰه،‏ فلديهم مسؤولية اعلان الحق عنه.‏ وبشجاعة،‏ لفائدة جميع محبي الحق،‏ كشفوا عن الجذور الوثنية لهذه العقيدة الرئيسية للعالم المسيحي.‏

      قالت برج المراقبة الصادرة في حزيران ١٨٨٢ (‏بالانكليزية)‏:‏ «ان فلاسفة وثنيين عديدين،‏ اذ وجدوا انه من الحكمة ان ينضموا الى صفوف الدين الناشئ [شكل مرتدّ للمسيحية وافق عليه الاباطرة الرومان في القرن الرابع ب‌م]،‏ ابتدأوا يمهِّدون له سبيلا سهلا بمحاولة اكتشاف امور متطابقة بين المسيحية والوثنية،‏ وبالتالي مزْج الاثنتين معا.‏ وقد نجحوا فعلا الى حد بعيد.‏ .‏ .‏ .‏ واذ كان لدى اللاهوت القديم عدد من الآلهة الرئيسية،‏ مع العديد من انصاف الآلهة من كلا الجنسين،‏ صمَّم المسيحيون الوثنيون ان ينظِّموا من جديد قائمة باللاهوت الجديد.‏ فاختُلقت في هذا الوقت عقيدة الثلاثة آلهة —‏ اللّٰه الآب،‏ اللّٰه الابن،‏ واللّٰه الروح القدس.‏»‏

      سعى بعض رجال الدين الى اضفاء صبغة من الكتاب المقدس على تعليمهم باقتباس آيات مثل ١ يوحنا ٥:‏٧‏،‏ لكنَّ الاخ رصل قدَّم دليلا يُظهر ان العلماء يعرفون جيدا ان جزءا من هذه الآية هو اضافة،‏ إقحام زائف اجراه احد الكتبة لدعم تعليم غير موجود في الاسفار المقدسة.‏ ولجأ مدافعون آخرون عن الثالوث الى يوحنا ١:‏١‏،‏ لكنَّ برج المراقبة حلَّلت هذه الآية على اساس المحتوى والقرينة كليهما لتبيِّن ان هذه لا تدعم مطلقا الايمان بالثالوث.‏ وانسجاما مع ذلك،‏ في عددها الصادر في تموز ١٨٨٣ (‏بالانكليزية)‏،‏ قالت برج المراقبة:‏ «المزيد من درس الكتاب المقدس عوضا عن درس كتابات الكنيسة كان سيجعل الموضوع اوضح للجميع.‏ ان عقيدة الثالوث معارضة كليا للاسفار المقدسة.‏»‏

      شهَّر الاخ رصل بصراحة حماقة ادِّعاء الايمان بالكتاب المقدس وفي الوقت نفسه تعليم عقيدة كالثالوث،‏ التي تناقض ما يقوله الكتاب المقدس.‏ وهكذا كتب:‏ «يا لكومة التناقضات والتشويش التي يجد فيها انفسهم اولئك الذين يقولون ان يسوع والآب هما اله واحد!‏ فهذا يتضمن الفكرة ان ربنا يسوع تصرَّف كالمرائي عندما كان على الارض وادَّعى فقط مخاطبة اللّٰه في الصلاة،‏ في حين كان هو نفسه اللّٰه عينه.‏ .‏ .‏ .‏ وأيضا،‏ ان الآب على الدوام خالد،‏ ولذلك لا يمكن ان يموت.‏ فكيف كان ممكنا ان يموت يسوع؟‏ ولو لم يمت،‏ لكان الرسل جميعا شهود زور في اعلان موت يسوع وقيامته.‏ لكنَّ الاسفار المقدسة تعلن انه مات فعلا.‏»‏d

      وهكذا في مرحلة باكرة من تاريخهم العصري رفض شهود يهوه بثبات عقيدة ثالوث العالم المسيحي لمصلحة تعليم الكتاب المقدس نفسه المعقول والمبهج للقلب.‏e والعمل الذي قاموا به لنشر هذه الحقائق ولاعطاء الناس في كل مكان الفرصة لسماعها اتخذ ابعادا لم يبلغها قط ايّ فرد او فريق آخر،‏ في الماضي او الحاضر.‏

      ما هي حالة الموتى؟‏

      ان ما يخبئه المستقبل للناس الذين لم يقبلوا تدبير اللّٰه للخلاص كان موضع اهتمام عميق بالنسبة الى ت.‏ ت.‏ رصل منذ صباه.‏ فعندما كان مجرد ولد،‏ آمن بما قاله رجال الدين عن نار الهاوية؛‏ واعتقد انهم يكرزون بكلمة اللّٰه.‏ وكان يخرج ليلا ليكتب بالطباشير آيات من الكتاب المقدس في اماكن بارزة بحيث يمكن تحذير العمال الذين يمرّون من هناك وانقاذهم من المصير المروِّع للعذاب الابدي.‏

      وفي وقت لاحق،‏ بعد ان رأى لنفسه ما يعلِّمه الكتاب المقدس حقا،‏ اقتبس منه احد عشرائه قوله:‏ «اذا كان الكتاب المقدس يعلِّم فعلا ان العذاب الابدي هو مصير الجميع ما عدا القديسين،‏ يجب ان يُكرَز بذلك —‏ نعم،‏ ان ينادَى به على السطوح كل اسبوع،‏ كل يوم،‏ كل ساعة؛‏ واذا كان لا يعلِّم ذلك فان هذا الواقع يجب اعلانه،‏ واللطخة الكريهة المهينة لاسم اللّٰه القدوس يجب ازالتها.‏»‏

      وفي مرحلة باكرة من درسه للكتاب المقدس،‏ رأى ت.‏ ت.‏ رصل بوضوح ان الهاوية ليست مكانا لعذاب الانفس بعد الموت.‏ وقد ساعده في ذلك على الارجح جورج ستورز،‏ محرِّر فاحص الكتاب المقدس،‏ الذي ذكره الاخ رصل بتقدير حار في كتاباته والذي كان هو نفسه قد كتب الكثير عما فهمه من الكتاب المقدس عن حالة الموتى.‏

      ولكن ماذا عن النفس؟‏ هل ايَّد تلاميذ الكتاب المقدس الاعتقاد انها جزء روحاني من الانسان،‏ شيء يبقى حيا بعد موت الجسد؟‏ على الضد من ذلك،‏ ففي السنة ١٩٠٣ ذكرت برج المراقبة:‏ «يجب ان نلاحظ بدقة ان الدرس هو ليس ان الانسان له نفس،‏ بل ان الانسان هو نفس،‏ او كائن.‏ لنأخذ مثالا من الطبيعة —‏ الهواء الذي نتنشقه:‏ انه مؤلَّف من الأكسجين والنتروجين،‏ وليس ايّ منهما هو الجو،‏ او الهواء؛‏ ولكن عندما يتَّحد الاثنان،‏ في نسب كيميائية صحيحة،‏ يكون الجو هو الشيء الناتج.‏ وكذلك هي الحال مع النفس.‏ واللّٰه يكلِّمنا من وجهة النظر هذه،‏ كون كل منا نفسا.‏ وهو لا يخاطب اجسادنا ولا نسمة حياتنا،‏ لكنه يخاطبنا نحن ككائنات ذكية،‏ او انفس.‏ وفي التلفظ بالعقاب على مخالفة شريعته لم يخاطب جسد آدم بالتخصيص،‏ بل الانسان،‏ النفس،‏ الكائن الذكي:‏ ‹يوم تأكل منها موتا تموت‏.‏› ‹‏النفس التي تخطئ هي تموت‏.‏› —‏ تكوين ٢:‏١٧؛‏ حزقيال ١٨:‏٢٠‏.‏» وكان ذلك على انسجام مع ما قالته برج المراقبة في وقت باكر في نيسان ١٨٨١ (‏بالانكليزية)‏.‏f

      اذًا كيف تطور الايمان بالخلود الملازم للانفس البشرية؟‏ ومَن كان منشئه؟‏ بعد الفحص الدقيق للكتاب المقدس والتاريخ الديني كليهما،‏ كتب الاخ رصل في برج المراقبة عدد ١٥ نيسان ١٨٩٤ (‏بالانكليزية)‏:‏ «من الواضح انه لم يأتِ من الكتاب المقدس .‏ .‏ .‏ فالكتاب المقدس يعلن بشكل جلي ان الانسان مائت،‏ أن الموت ممكن له.‏ .‏ .‏ .‏ واذ نفحص صفحات التاريخ بدقة،‏ نجد انه على الرغم من ان عقيدة خلود النفس البشرية لا يعلِّمها شهود اللّٰه الملهَمون فهي الجوهر عينه لجميع الاديان الوثنية.‏ .‏ .‏ .‏ ولذلك ليس صحيحا ان سقراط وأفلاطون هما اول مَن علَّم العقيدة:‏ فلها معلِّم اقدم من ايٍّ منهما،‏ وأقدر ايضا.‏ .‏ .‏ .‏ والسجل الاول لهذا التعليم الباطل موجود في اقدم تاريخ معروف عند الانسان —‏ الكتاب المقدس.‏ والمعلِّم الكذاب كان الشيطان.‏»‏g

      ادارة «خرطوم المياه» على الهاوية

      انسجاما مع رغبة الاخ رصل القوية في ان يزيل عن اسم اللّٰه اللطخة الكريهة الناتجة من التعليم عن نار هاوية للعذاب الابدي،‏ كتب نشرة تبرز الموضوع،‏ «هل تعلِّم الاسفار المقدسة ان العذاب الابدي هو اجرة الخطية؟‏» (‏The Old Theology‏)‏ (‏اللاهوت القديم،‏ ١٨٨٩)‏ قال فيها:‏

      ‏«كان لنظرية العذاب الابدي اصل وثني،‏ على الرغم من انها كما اعتنقها الوثنيون لم تكن عقيدة عديمة الرحمة كما صارت لاحقا،‏ عندما ابتدأت تقترن تدريجيا بالمسيحية الاسمية خلال اختلاطها بالفلسفات الوثنية في القرن الثاني.‏ وبقي للارتداد العظيم ان يضيف الى الفلسفة الوثنية التفاصيل المروِّعة المعتقد بها عموما الآن الى حد بعيد،‏ ان يصوِّرها على جدران الكنائس،‏ كما جرى في اوروپا،‏ ان يكتبها في تعاليمها وتراتيلها،‏ وأن يحرِّف كلمة اللّٰه بغية اعطاء دعم الهي ظاهري للتجديف المهين للّٰه.‏ ولذلك فإن الميل السريع الى التصديق في الوقت الحاضر يتقبَّلها كتراث،‏ لا من الرب،‏ او الرسل،‏ او الانبياء،‏ بل من روح المسايرة التي ضحَّت بالحق والمنطق،‏ وحرَّفت بصورة مخزية عقائد المسيحية،‏ في طموح غير مقدس ونزاع من اجل السلطة والثروة والارقام.‏ والعذاب الابدي بصفته جزاء الخطية لم يكن معروفا عند الآباء الاجلَّاء في العصور الماضية؛‏ لم يكن معروفا عند انبياء العصر اليهودي؛‏ ولم يكن معروفا عند الرب والرسل؛‏ لكنه كان العقيدة الرئيسية للمسيحية الاسمية منذ الارتداد العظيم —‏ السوط الذي به اقتيد السذَّج،‏ الجهال والمؤمنون بالخرافات في العالم الى الخضوع المذِلّ للطغيان.‏ فالعذاب الابدي جرى الحكم به على جميع الذين كانوا يقاومون او يرفضون بازدراء سلطة روما،‏ وابتدأت المعاقبة به في الحياة الحاضرة بقدر ما نالت من سلطة.‏»‏

      كان الاخ رصل يعرف جيدا ان غالبية الناس العقلاء لا يؤمنون حقا بعقيدة نار الهاوية.‏ ولكن،‏ كما بيَّن،‏ في السنة ١٨٩٦،‏ في كراس What Say the Scriptures About Hell? (‏ماذا تقول الاسفار المقدسة عن الهاوية؟‏‏)‏،‏ «بما انهم يظنون ان الكتاب المقدس يعلِّمها،‏ فكل خطوة يتقدَّمونها في ذكاء حقيقي ولطف اخوي .‏ .‏ .‏ انما هي في معظم الحالات خطوة ابتعاد عن كلمة اللّٰه،‏ التي يتهمونها باطلا بهذا التعليم.‏»‏

      ولردّ مثل هؤلاء الناس المفكرين الى كلمة اللّٰه،‏ عرض في هذا الكراس كل آية في ترجمة الملك جيمس وُجِدت فيها الكلمة هاوية،‏ حتى يتسنى للقرَّاء ان يروا لانفسهم ما تقوله هذه،‏ ثم ذكر:‏ «شكرا للّٰه،‏ لا نجد مكانا للعذاب الابدي كما تعلِّم خطأً القوانين الكنسية وكتب التراتيل،‏ والكثير من منابر الوعظ.‏ ولكننا وجدنا ‹هاوية،‏› شيول،‏ آذس،‏ حُكم بها على جنسنا بسبب خطية آدم،‏ ومنها يُفتدى الجميع بموت ربنا؛‏ وهذه ‹الهاوية› هي القبر —‏ حالة الموت.‏ ونجد ‹هاوية› اخرى (‏جهنّا —‏ الموت الثاني —‏ الهلاك التام)‏ يُلفَت انتباهنا اليها بصفتها الجزاء النهائي الآتي على جميع الذين،‏ بعد افتدائهم والمجيء بهم الى المعرفة الكاملة للحق،‏ والمقدرة التامة على اطاعته،‏ يختارون مع ذلك الموت باختيار مسلك المقاومة للّٰه والبر.‏ وقلوبنا تقول،‏ آمين.‏ عادلة وحق هي طرقك يا ملك الامم.‏ مَن لا يخافك يا رب ويمجِّد اسمك لأنك وحدك قدوس لأن جميع الامم سيأتون ويسجدون امامك لأن احكامك قد أُظهرت.‏» —‏ رؤيا ١٥:‏​٣،‏ ٤‏.‏

      وما كان يعلِّمه صار مصدر اغاظة وارتباك لرجال دين العالم المسيحي.‏ وفي السنة ١٩٠٣ دُعي الى مناظرة عامة.‏ وحالة الموتى كانت احدى المسائل في سلسلة المناظرات الحاصلة بين ت.‏ ت.‏ رصل والدكتور إ.‏ ل.‏ إيتن،‏ الذي خدم كناطق بلسان اتحاد غير رسمي للقسوس الپروتستانت في الجزء الغربي من پنسلڤانيا.‏

      وفي اثناء تلك المناظرات ايَّد الاخ رصل بثبات القضية ان «الموت هو موت،‏ وأن اعزَّاءنا،‏ عندما يغيبون عنا،‏ يكونون امواتا حقا،‏ وأنهم ليسوا احياء مع الملائكة ولا مع الابالسة في مكان يأس.‏» ودعما لذلك،‏ اشار الى آيات مثل جامعة ٩:‏​٥،‏ ١٠؛‏ رومية ٥:‏١٢؛‏ ٦:‏٢٣؛‏ وتكوين ٢:‏١٧‏.‏ وقال ايضا:‏ «الاسفار المقدسة هي على انسجام تام مع ما نعترف به انت وأنا وكل شخص عاقل ومنطقي في العالم انه شخصية الهنا المنطقية والحقيقية.‏ وماذا يجري اعلانه عن ابينا السماوي؟‏ انه عادل،‏ انه حكيم،‏ انه محب،‏ انه قدير.‏ وجميع الاشخاص المسيحيين يعترفون بهذه الصفات للشخصية الالهية.‏ واذا كان الامر كذلك،‏ فهل يمكننا ان نجد ايّ معنى للكلمة يمكننا به ان نتصور اللّٰه عادلا ومع ذلك يعاقب مخلوقا من عمل يديه طوال الابدية،‏ مهما كانت الخطية؟‏ انا لا ادافع عن الخطية؛‏ لا احيا شخصيا في الخطية،‏ ولا اكرز ابدا بالخطية.‏ .‏ .‏ .‏ ولكنني اقول لكم ان جميع اولئك الناس حولنا الذين يقول اخونا [الدكتور إيتن] انهم يتكلمون دون توقير بتجاديفهم على اللّٰه والاسم المقدس ليسوع المسيح هم جميعا اناس تعلَّموا هذه العقيدة للعذاب الابدي.‏ وجميع القتلة،‏ اللصوص وفاعلي الاثم في الاصلاحيات،‏ تعلَّموا جميعا هذه العقيدة.‏ .‏ .‏ .‏ هذه هي عقائد رديئة؛‏ وكانت تؤذي العالم كل هذا الزمان الطويل؛‏ وهي ليست جزءا من تعليم الرب على الاطلاق،‏ وأخونا العزيز لم ينزع دخان العصور المظلمة عن عينيه بعدُ.‏»‏

      ويُخبَر انه بعد المناظرة اقترب من رصل رجل دين كان بين الحضور وقال:‏ «اني مسرور برؤيتك تدير خرطوم المياه على الهاوية وتطفئ النار.‏»‏

      ولاعلان الحق عن حالة الموتى بشكل اوسع ايضا،‏ عقد الاخ رصل سلسلة واسعة من المحافل ليوم واحد،‏ من السنة ١٩٠٥ الى السنة ١٩٠٧،‏ حيث ابرز المحاضرة العامة «الى الهاوية ومنها!‏ مَن هم هناك؟‏ الرجاء بعودة كثيرين.‏» كان العنوان مثيرا للاهتمام،‏ ولفت الكثير من الانتباه.‏ فاحتشدت الجماهير في قاعات المحافل في المدن الكبيرة والصغيرة على السواء في الولايات المتحدة وكندا لسماع الخطاب.‏

      وكان بين اولئك الذين تأثروا بعمق بما يقوله الكتاب المقدس عن حالة الموتى تلميذ جامعي في سِنسِناتي،‏ اوهايو،‏ كان يستعدّ ليصير قسا مشيخيا.‏ ففي السنة ١٩١٣ تسلَّم من اخيه في الجسد كراس اين هم الموتى؟‏،‏ بقلم جون ادغار،‏ تلميذ للكتاب المقدس كان ايضا طبيبا في أسكتلندا.‏ والتلميذ الذي تسلَّم الكراس كان فردريك فرانز.‏ وبعد قراءته باعتناء،‏ اعلن بثبات:‏ «هذا هو الحق.‏» ودون تردد غيَّر اهدافه في الحياة وانخرط في الخدمة كامل الوقت كمبشر جائل لتوزيع المطبوعات.‏ وفي السنة ١٩٢٠ صار احد المستخدَمين في المركز الرئيسي لجمعية برج المراقبة.‏ وبعد سنين عديدة صار عضوا في الهيئة الحاكمة لشهود يهوه،‏ وفي وقت لاحق،‏ رئيس جمعية برج المراقبة.‏

      ذبيحة يسوع المسيح الفدائية

      في السنة ١٨٧٢،‏ في ما يتعلق بفحصه الاسفار المقدسة،‏ اتخذ الاخ رصل وعشراؤه نظرة جديدة الى موضوع الردّ،‏ من وجهة نظر الفدية التي قدَّمها يسوع المسيح.‏ (‏اعمال ٣:‏٢١‏)‏ وقد أُثير عندما رأى في العبرانيين ٢:‏٩ ان ‹يسوع ذاق بنعمة اللّٰه الموت لاجل كل واحد.‏› ولم يَقدْه ذلك الى الايمان بالخلاص العام،‏ لانه عرف ان الاسفار المقدسة تقول ايضا ان المرء يجب ان يمارس الايمان بيسوع المسيح لكي يخلص.‏ (‏اعمال ٤:‏١٢؛‏ ١٦:‏٣١‏)‏ ولكنه ابتدأ يفهم —‏ مع انه ليس دفعة واحدة —‏ اية فرصة بديعة جعلتها ذبيحة يسوع المسيح الفدائية ممكنة للجنس البشري.‏ فقد فتحت لهم الطريق ليحصلوا على ما خسره آدم،‏ رجاء الحياة الابدية في كمال بشري.‏ ولم يكن الاخ رصل سلبيا حيال المسألة؛‏ فقد ادرك الاهمية البالغة للفدية وأيَّدها بقوة،‏ حتى عندما سمح عشراء احماء لتفكيرهم بأن تفسده الآراء الفلسفية.‏

      وبحلول منتصف السنة ١٨٧٨،‏ كان الاخ رصل لنحو سنة ونصف محرِّرا مساعدا لمجلة بشير الصباح،‏ التي كان فيها ن.‏ ه‍.‏ باربور رئيس التحرير.‏ ولكن عندما استخفّ باربور،‏ في عدد آب ١٨٧٨ من مجلتهما،‏ بتعليم الاسفار المقدسة عن الفدية،‏ تجاوب رصل بدفاع قوي عن تلك الحقيقة الحيوية للكتاب المقدس.‏

      فتَحْت عنوان «الكفارة،‏» اوضح باربور كيف شعر حيال التعليم،‏ قائلا:‏ «اقول لولدي،‏ او لأحد خدمي،‏ عندما يعضّ جيمس اخته،‏ أَمسِك ذبابة،‏ واغرز دبوسا في جسمها وعلِّقها على الحائط،‏ فأصفح عن جيمس.‏ هذا يوضح عقيدة الاستبدال.‏» وعلى الرغم من انه ادَّعى الايمان بالفدية،‏ فقد اشار باربور الى ان الفكرة القائلة ان المسيح دفع بموته جزاء الخطية عن ذرية آدم هي «غير مؤسسة على الاسفار المقدسة،‏ وتتعارض مع كل افكارنا عن العدل.‏»‏h

      وفي العدد التالي نفسه من بشير الصباح (‏ايلول ١٨٧٨)‏،‏ اعترض الاخ رصل بشدة على ما كتبه باربور.‏ فحلَّل رصل ما تقوله حقا الاسفار المقدسة وانسجامها مع «كمال عدل [اللّٰه]،‏ وأخيرا رحمته ومحبته العظيمتين» كما جرى التعبير عن ذلك بتدبير الفدية.‏ (‏١ كورنثوس ١٥:‏٣؛‏ ٢ كورنثوس ٥:‏​١٨،‏ ١٩؛‏ ١ بطرس ٢:‏٢٤؛‏ ٣:‏١٨؛‏ ١ يوحنا ٢:‏٢‏)‏ وبحلول الربيع التالي،‏ بعد محاولات متكررة لمساعدة باربور على رؤية الامور بحسب الاسفار المقدسة،‏ سحب رصل دعمه للـ‍ بشير؛‏ وابتداء من عدد حزيران ١٨٧٩،‏ لم يعد اسمه يظهر كمحرِّر مساعد لتلك المطبوعة.‏ وموقفه الجريء غير المساير في ما يتعلق بهذا التعليم المركزي للكتاب المقدس كانت له نتائج بعيدة المدى.‏

      وطوال تاريخهم العصري دافع شهود يهوه بثبات عن تعليم الاسفار المقدسة المتعلق بالفدية.‏ والعدد الاول نفسه من برج مراقبة زيون (‏تموز ١٨٧٩)‏ شدَّد على ان «الاستحقاق امام اللّٰه يكمن .‏ .‏ .‏ في ذبيحة المسيح الكاملة.‏»‏ وفي السنة ١٩١٩ في محفل رعته جمعية تلاميذ الكتاب المقدس من جميع الامم في سيدر پوينت،‏ اوهايو،‏ عرض البرنامج المطبوع بشكل بارز الكلمات «اهلا بكم!‏ يا جميع المؤمنين بالذبيحة الفدائية العظمى.‏» والغلاف الامامي الداخلي لـ‍ برج المراقبة يستمر في لفت الانتباه الى الفدية،‏ قائلا عن قصد المجلة:‏ «تشجع على الايمان بملك اللّٰه الحاكم الآن،‏ يسوع المسيح،‏ الذي دمه المسفوك يفسح المجال لنيل الجنس البشري الحياة الابدية.‏»‏

      تقدُّميون،‏ غير مقيَّدين بعقيدة

      ان الفهم الواضح لكلمة اللّٰه لم يأتِ كله دفعة واحدة.‏ وفي حالات كثيرة فهم تلاميذ الكتاب المقدس تفصيلا واحدا لنموذج الحق لكنهم لم يكونوا قد رأوا بعدُ كامل الصورة.‏ غير انهم كانوا على استعداد للتعلُّم.‏ ولم يكونوا مقيَّدين بعقيدة؛‏ فكانوا تقدُّميين.‏ وما تعلَّموه اخبروا به الآخرين.‏ ولم يكتسبوا الفضل في الامور التي علَّموها؛‏ فقد طلبوا ان يكونوا «متعلِّمين من (‏يهوه)‏.‏» (‏يوحنا ٦:‏٤٥‏)‏ وصاروا يقدِّرون ان يهوه يجعل فهم تفاصيل قصده ممكنا في وقته الخاص وبطريقته الخاصة.‏ —‏ دانيال ١٢:‏٩‏؛‏ قارنوا يوحنا ١٦:‏​١٢،‏ ١٣‏.‏

      وتعلُّم امور جديدة يتطلب تعديلات في وجهة النظر.‏ واذا كانت الاخطاء سيُعتَرف بها والتغييرات المفيدة ستُصنَع،‏ يكون التواضع لازما.‏ وهذه الصفة وثمارها مرضيَّة عند يهوه،‏ ومثل هذا المسلك يروق بشدة محبي الحق.‏ (‏صفنيا ٣:‏١٢‏)‏ ولكن يهزأ به اولئك الذين يفتخرون بالعقائد التي بقيت دون تغيير لقرون عديدة،‏ بالرغم من ان رجالا ناقصين صاغوها.‏

      طريقة رجوع الرب

      في منتصف سبعينات الـ‍ ١٨٠٠ ادرك الاخ رصل وأولئك الذين كانوا يفحصون باجتهاد الاسفار المقدسة معه انه عندما يرجع الرب سيكون غير منظور للاعين البشرية.‏ —‏ يوحنا ١٤:‏​٣،‏ ١٩‏.‏

      قال الاخ رصل في ما بعد:‏ «شعرنا بالحزن الشديد حيال خطإ المؤمنين بالمجيء الثاني،‏ الذين كانوا يتوقعون المسيح في الجسد،‏ ويعلِّمون ان العالم وكل ما فيه ما عدا المؤمنين بالمجيء الثاني سيحترقون في السنة ١٨٧٣ او السنة ١٨٧٤،‏ الذين جلبت تحديداتهم المسبقة للوقت وخيباتهم وأفكارهم غير المصقولة عموما في ما يتعلق بهدف وطريقة مجيئه شيئا من التعيير علينا وعلى جميع الذين يتوقون الى ملكوته المقبل وينادون به.‏ ووجهات النظر الخاطئة هذه المقبولة عموما في ما يتعلق بهدف وطريقة رجوع الرب كليهما قادتني الى كتابة كراس —‏ ‏‹هدف وطريقة رجوع ربنا.‏›»‏ وهذا الكراس صدر في السنة ١٨٧٧.‏ وكان الاخ رصل قد طبع منه نحو ٠٠٠‏,٥٠ نسخة ووزَّعها.‏

      وفي هذا الكراس كتب:‏ «نؤمن بأن الاسفار المقدسة تعلِّم انه عند مجيئه ولفترة بعد مجيئه،‏ سيبقى غير منظور؛‏ وبعد ذلك يُظهِر او يبيِّن نفسه في الاحكام ومختلف الاشكال،‏ بحيث ‹تنظره كل عين.‏›» وتأييدا لذلك ناقش آيات مثل اعمال ١:‏١١ (‏«سيأتي هكذا كما رأيتموه منطلقا» —‏ اي غير منظور من العالم)‏ ويوحنا ١٤:‏١٩ (‏«بعد قليل لا يراني العالم ايضا»)‏.‏ وأشار الاخ رصل ايضا الى واقع ان مؤكد اللسانين،‏ الذي صدر اولا بالشكل الكامل في السنة ١٨٦٤ مع ترجمة انكليزية حرفية ما بين السطور،‏ اعطى الدليل على ان التعبير اليوناني پاروسيا يعني «حضورا.‏» وفي تحليل استعمال الكتاب المقدس لهذا الاصطلاح،‏ اوضح رصل في هذا الكراس:‏ «ان الكلمة اليونانية المستعملة عموما في الاشارة الى المجيء الثاني —‏ پاروسيا،‏ المترجمة تكرارا الى إتيان —‏ تدل بشكل ثابت على الحضور الشخصي،‏ أنه قد اتى،‏ وصل،‏ ولا تدل ابدا على انه في الطريق،‏ كما نستعمل الكلمة إتيان.‏»‏

      وعند مناقشة قصد حضور المسيح،‏ اوضح رصل ان ذلك ليس شيئا يُنجَز في لحظة واحدة تهز العالم.‏ «ان المجيء الثاني،‏ كالاول،‏» كتب،‏ «يغطي فترة من الوقت،‏ وهو ليس حدثا للحظة.‏» وخلال ذلك الوقت،‏ كتب،‏ يُمنح «القطيع الصغير» مكافأتهم مع الرب كوارثين معه في ملكوته؛‏ والآخرون،‏ ربما البلايين،‏ يُمنحون فرصة للحياة الكاملة على ارض يجري ردّها الى جمال عدني.‏ —‏ لوقا ١٢:‏٣٢‏.‏

      وفي مجرد سنين قليلة،‏ على اساس درس اضافي للاسفار المقدسة،‏ ادرك رصل ان المسيح لا يرجع بصورة غير منظورة فحسب بل يبقى ايضا غير منظور،‏ حتى عندما يعرب عن حضوره بالحكم على الاشرار.‏

      وفي السنة ١٨٧٦،‏ عندما قرأ رصل للمرة الاولى نسخة من بشير الصباح،‏ علم ان هنالك فريقا آخر كان يؤمن آنذاك بأن رجوع المسيح سيكون غير منظور ويقرن هذا الرجوع ببركات لجميع قبائل الارض.‏ ومن السيد باربور،‏ محرِّر تلك المطبوعة،‏ صار رصل ايضا مقتنعا بأن حضور المسيح غير المنظور قد بدأ في السنة ١٨٧٤.‏i ولُفِت الانتباه في ما بعد الى ذلك بالعنوان الفرعي «بشير حضور المسيح،‏» الذي ظهر على غلاف برج مراقبة زيون.‏

      والادراك ان حضور المسيح هو غير منظور صار اساسا مهما كان سيُبنى عليه فهم الكثير من نبوات الكتاب المقدس.‏ فقد ادرك تلاميذ الكتاب المقدس الاولون هؤلاء ان حضور الرب يجب ان يكون موضع اهتمام رئيسي لجميع المسيحيين الحقيقيين.‏ (‏مرقس ١٣:‏​٣٣-‏٣٧‏)‏ وكانوا مهتمين بشدة برجوع السيد ومنتبهين لواقع حيازتهم مسؤولية اعلانه،‏ إلا انهم لم يكونوا قد فهموا بعدُ بوضوح جميع التفاصيل.‏ ولكنَّ ما مكَّنهم روح اللّٰه من فهمه في وقت باكر جدا كان حقا لافتا للنظر.‏ واحدى هذه الحقائق شملت تاريخا بالغ الاهمية وسمته نبوة الكتاب المقدس.‏

      نهاية ازمنة الامم

      ان مسألة جدول تواريخ الكتاب المقدس كانت لمدة طويلة موضع اهتمام كبير لتلاميذ الكتاب المقدس.‏ فقد عرض المعلِّقون وجهات نظر متنوعة من نبوة يسوع عن «ازمنة الامم» وسجلّ النبي دانيال لحلم نبوخذنصر في ما يتعلق بساق اصل الشجرة الذي جرى تقييده لمدة «سبعة ازمنة.‏» —‏ لوقا ٢١:‏٢٤؛‏ دانيال ٤:‏​١٠-‏١٧‏.‏

      وقديما في السنة ١٨٢٣ حسب جون أ.‏ براون،‏ الذي نُشر عمله في لندن،‏ انكلترا،‏ ان طول ‹السبعة ازمنة›‏ لدانيال الاصحاح ٤ يساوي ٥٢٠‏,‏٢ سنة.‏ لكنه لم يفهم بوضوح التاريخ الذي ابتدأت فيه الفترة النبوية او متى كانت ستنتهي.‏ إلا انه ربط ‹السبعة ازمنة› هذه بأزمنة الامم في لوقا ٢١:‏٢٤‏.‏ وفي السنة ١٨٤٤،‏ لفت إ.‏ ب.‏ إليوت،‏ رجل دين بريطاني،‏ الانتباه الى السنة ١٩١٤ كتاريخ محتمل لنهاية ‹السبعة ازمنة› لدانيال،‏ لكنه عرض ايضا وجهة نظر بديلة اشارت الى زمن الثورة الفرنسية.‏ وعالج روبرت سيلي،‏ من لندن،‏ في السنة ١٨٤٩،‏ المسألة بطريقة مماثلة.‏ وعلى الاقل بحلول السنة ١٨٧٠،‏ بيَّنت مطبوعة حرَّرها جوزيف سايس وعشراؤه وطُبِعت في فيلادلفيا،‏ پنسلڤانيا،‏ حسابات تشير الى السنة ١٩١٤ كتاريخ مهم،‏ بالرغم من ان الحجة التي تضمنتها كانت مؤسسة على جدول تواريخ رفضه ت.‏ ت.‏ رصل في ما بعد.‏

      ثم،‏ في أعداد آب،‏ ايلول،‏ وتشرين الاول ١٨٧٥ من بشير الصباح ساعد ن.‏ ه‍.‏ باربور على التوفيق بين التفاصيل التي اشار اليها الآخرون.‏ واذ استخدم جدول تواريخ جمعه كريستوفر بووين،‏ رجل دين في انكلترا،‏ ونشره إ.‏ ب.‏ إليوت،‏ قرَن باربور بداية ازمنة الامم بخلع الملك صدقيا من الملك كما أُنبئ مسبقا في حزقيال ٢١:‏​٢٥،‏ ٢٦‏،‏ وأشار الى السنة ١٩١٤ بصفتها تسم نهاية ازمنة الامم.‏

      وفي وقت مبكر من السنة ١٨٧٦ تسلَّم ت.‏ ت.‏ رصل نسخة من بشير الصباح.‏ فكتب حالا الى باربور ثم صرف وقتا معه في فيلادلفيا خلال الصيف،‏ مناقشا،‏ بين امور اخرى،‏ الفترات النبوية.‏ وبُعَيد ذلك،‏ في مقالة بعنوان «ازمنة الامم:‏ متى تنتهي؟‏»،‏ حلَّل رصل ايضا المسألة من الاسفار المقدسة وصرَّح بأن الدليل يظهر ان «السبعة ازمنة ستنتهي في السنة ١٩١٤ ب‌م.‏» وهذه المقالة طُبعت في عدد تشرين الاول ١٨٧٦ من فاحص الكتاب المقدس.‏j وكتاب العوالم الثلاثة،‏ وحصاد هذا العالم،‏ الذي انتجه في السنة ١٨٧٧ ن.‏ ه‍.‏ باربور بالتعاون مع ت.‏ ت.‏ رصل،‏ اشار الى الاستنتاج نفسه.‏ وبعد ذلك،‏ لفتت أعداد باكرة من برج المراقبة‏،‏ كالتي يرجع تاريخها الى كانون الاول ١٨٧٩ وتموز ١٨٨٠ (‏بالانكليزية)‏،‏ الانتباه الى السنة ١٩١٤ ب‌م بصفتها سنة بالغة الاهمية من وجهة نظر نبوة الكتاب المقدس.‏ وفي السنة ١٨٨٩ خُصِّص كامل الفصل الرابع من المجلد الثاني من الفجر الالفي (‏الذي دُعي في ما بعد دروس في الاسفار المقدسة‏)‏ لمناقشة «ازمنة الامم.‏» ولكن ماذا كانت ستعني نهاية ازمنة الامم؟‏

      لم يكن تلاميذ الكتاب المقدس على يقين تام مما سيحدث.‏ وكانوا مقتنعين بأنها لن تؤدي الى احتراق الارض ومحو الحياة البشرية.‏ وبالاحرى،‏ عرفوا انها كانت ستسم نقطة مهمة في ما يختص بالحكم الالهي.‏ وفي بادئ الامر اعتقدوا انه بحلول ذلك التاريخ سيكون ملكوت اللّٰه قد حاز السيطرة الكونية الكاملة.‏ وعندما لم يحدث ذلك،‏ لم تتضعضع ثقتهم بنبوات الكتاب المقدس التي وسمت ذلك التاريخ.‏ لكنهم استنتجوا ان هذا التاريخ وسم مجرد نقطة بداية في ما يتعلق بحكم الملكوت.‏

      وبشكل مماثل،‏ اعتقدوا ايضا في بادئ الامر ان اضطرابات عالمية النطاق تبلغ ذروتها في فوضى (‏فهموا انها ستقترن بقتال «ذلك اليوم العظيم يوم اللّٰه القادر على كل شيء»)‏ كانت ستسبق ذلك التاريخ.‏ (‏رؤيا ١٦:‏١٤‏)‏ ولكن بعدئذ،‏ قبل السنة ١٩١٤ بعشر سنين،‏ اقترحت برج المراقبة ان الاضطراب العالمي النطاق الذي سيفضي الى تدمير المؤسسات البشرية كان سيأتي مباشرة بعد نهاية ازمنة الامم.‏ وتوقعوا ان تسم السنة ١٩١٤ نقطة تحوُّل مهمة بالنسبة الى اورشليم،‏ لان النبوة قالت ان ‹اورشليم ستكون مدوسة› حتى تكمَّل ازمنة الامم.‏ وعندما رأوا السنة ١٩١٤ تقترب ولم يموتوا بعدُ كبشر و ‹يُخطفوا في السحب› لملاقاة الرب —‏ وفقا لتوقعات ابكر —‏ رجوا جدِّيا ان يحدث تغيُّرهم عند نهاية ازمنة الامم.‏ —‏ ١ تسالونيكي ٤:‏١٧‏.‏

      واذ مرَّت السنون وفحصوا وأعادوا فحص الاسفار المقدسة،‏ بقي ايمانهم بالنبوات قويا،‏ ولم يمتنعوا عن التصريح بما توقعوا حدوثه.‏ وبدرجات متفاوتة من النجاح،‏ سعوا الى تجنُّب الجزم في التفاصيل غير المذكورة مباشرة في الاسفار المقدسة.‏

      هل دقَّ «المنبِّه» قبل الاوان بكثير؟‏

      اندلع اضطراب عظيم بالتأكيد على العالم في السنة ١٩١٤ عند نشوب الحرب العالمية الاولى،‏ التي دُعيت لسنين عديدة الحرب الكبرى،‏ لكنَّ ذلك لم يؤدِّ حالا الى قلب جميع السلطات البشرية الموجودة.‏ واذ تطورت الاحداث المتعلقة بفلسطين عقب السنة ١٩١٤،‏ اعتقد تلاميذ الكتاب المقدس انهم رأوا الدليل على تغييرات مهمة لاسرائيل.‏ ولكن مرت اشهر ثم سنون،‏ ولم ينل تلاميذ الكتاب المقدس مكافأتهم السماوية كما كانوا يتوقعون.‏ فكيف كان ردّ فعلهم حيال ذلك؟‏

      ان برج المراقبة عدد ١ شباط ١٩١٦ (‏بالانكليزية)‏ لفتت الانتباه خصوصا الى «١ تشرين الاول ١٩١٤،‏» ثم قالت:‏ «كانت هذه نقطة الزمن الاخيرة التي بيَّنها لنا جدول تواريخ الكتاب المقدس في ما يتعلق باختبارات الكنيسة.‏ فهل اخبرنا الرب بأننا سنُؤخذ الى هناك [السماء]؟‏ كلا.‏ ماذا قال؟‏ بدا ان كلمته واتمامات النبوة تشير بشكل لا يخطئ الى ان هذا التاريخ وسم نهاية ازمنة الامم.‏ وقد استنتجنا من هذا ان ‹تغيُّر› الكنيسة سيجري في ذلك التاريخ او قبله.‏ لكنَّ اللّٰه لم يخبرنا بأنه سيكون كذلك.‏ وقد سمح لنا بالتوصل الى هذا الاستنتاج؛‏ ونعتقد انه كان امتحانا ضروريا على قديسي اللّٰه الاعزاء في كل مكان.‏» ولكن هل برهنت هذه التطورات ان رجاءهم المجيد كان عبثا؟‏ كلا.‏ لقد عنت انه لم يكن كل شيء يحدث بالسرعة التي توقعوها.‏

      قبل السنة ١٩١٤ بعدة سنين كتب رصل:‏ «من الواضح انه لم يُقصد بجدول التواريخ (‏نبوات الوقت بصورة عامة)‏ اعطاء شعب اللّٰه معلومات دقيقة بحسب الترتيب الزمني على مر القرون.‏ فمن الواضح انه يُقصد به اكثر ان يخدم كمنبِّه يوقظ وينشّط شعب الرب في الوقت المناسب.‏ .‏ .‏ .‏ ولكن لنفرض،‏ مثلا،‏ ان تشرين الاول ١٩١٤ مرَّ ولم يحدث ايّ سقوط خطير لسلطة الامم.‏ فماذا يبرهن او يدحض ذلك؟‏ انه لا يدحض ايّ وجه من نظام الدهور الالهي.‏ فقيمة الفدية المنجَزة في الجلجثة لا تزال بمثابة ضمانة للاتمام الاخير للبرنامج الالهي العظيم من اجل الردّ البشري.‏ و ‹الدعوة العليا› للكنيسة ان تتألم مع الفادي وأن تتمجد معه بصفتها اعضاءه او بصفتها عروسه لا تزال هي نفسها.‏ .‏ .‏ .‏ والشيء الوحيد الذي يؤثر فيه جدول التواريخ انما هو الوقت لتحقيق هذه الآمال المجيدة للكنيسة وللعالم.‏ .‏ .‏ .‏ واذا انقضى ذلك التاريخ فلا يبرهن ذلك إلا ان جدول تواريخنا،‏ ‹منبِّهنا،‏› دقَّ قبل الوقت بقليل.‏ فهل نعتبره كارثة كبيرة اذا ايقظنا منبِّهنا قبل لحظات قليلة في صباح يوم عظيم حافل بالفرح والسرور؟‏ طبعا لا!‏»‏

      لكنَّ هذا «المنبِّه» لم يدقَّ قبل الاوان بكثير.‏ وفي الواقع،‏ ان الاختبارات التي ايقظتهم «الساعة» اليها هي التي لم تكن تماما ما كانوا قد توقعوه.‏

      وبعد سنوات قليلة،‏ عندما ازداد النور اشراقا،‏ اعترفوا:‏ «اعتقد كثيرون من القديسين الاعزاء ان كل العمل قد أُنجز.‏ .‏ .‏ .‏ لقد ابتهجوا بسبب البرهان الواضح على ان العالم قد انتهى،‏ ان ملكوت السماء قريب،‏ وأن يوم انقاذهم قد دنا.‏ لكنهم غفلوا عن شيء آخر يجب فعله.‏ فالبشارة التي تسلَّموها يجب اخبار الآخرين بها؛‏ لأن يسوع اوصى:‏ ‹يُكرز ببشارة الملكوت هذه في كل المسكونة شهادة لجميع الامم.‏ ثم يأتي المنتهى.‏› (‏متى ٢٤:‏١٤‏)‏» —‏ برج المراقبة،‏ ١ ايار ١٩٢٥ (‏بالانكليزية)‏.‏

      واذ بدأت الاحداث عقب السنة ١٩١٤ تنكشف،‏ وقارنها تلاميذ الكتاب المقدس بما سبق وأنبأ به السيد،‏ صاروا يقدِّرون تدريجيا انهم يعيشون الآن في الايام الاخيرة للنظام القديم وأنهم كانوا كذلك منذ السنة ١٩١٤.‏ وصاروا يفهمون ايضا انه في السنة ١٩١٤ بدأ حضور المسيح غير المنظور وأن ذلك كان،‏ ليس برجوعه الشخصي (‏حتى بشكل غير منظور)‏ الى جوار الارض،‏ بل بتوجيه انتباهه نحو الارض كملك حاكم.‏ ورأوا وقبلوا المسؤولية الحيوية التي عُهد اليهم فيها وهي ان ينادوا «ببشارة الملكوت هذه» شهادة لجميع الامم خلال هذا الوقت الحرج من التاريخ البشري.‏ —‏ متى ٢٤:‏​٣-‏١٤ .‏

      وماذا كانت تماما الرسالة عن الملكوت التي وجب ان يكرزوا بها؟‏ وهل اختلفت بشيء عن رسالة مسيحيي القرن الاول؟‏

      ملكوت اللّٰه،‏ الرجاء الوحيد للجنس البشري

      نتيجة الدرس الدقيق لكلمة اللّٰه،‏ فهم تلاميذ الكتاب المقدس المقترنون بالاخ رصل ان ملكوت اللّٰه هو الحكومة التي كان يهوه قد وعد باقامتها بواسطة ابنه لمباركة الجنس البشري.‏ ويسوع المسيح،‏ في السماء،‏ سيكون قد اشرك معه كحكام ‹قطيعا صغيرا› اختارهم اللّٰه من بين الجنس البشري.‏ وفهموا ان هذه الحكومة سيمثِّلها رجال امناء قدماء يخدمون كأمراء في كل الارض.‏ وقد اشير الى هؤلاء بأنهم «الجديرون القدامى.‏» —‏ لوقا ١٢:‏٣٢؛‏ دانيال ٧:‏٢٧؛‏ رؤيا ٢٠:‏٦؛‏ مزمور ٤٥:‏١٦‏،‏ ع‌ج‏.‏

      علَّم العالم المسيحي لمدة طويلة ‹الحق الالهي للملوك› كوسيلة لابقاء الشعب في خضوع.‏ لكنَّ تلاميذ الكتاب المقدس هؤلاء رأوا من الاسفار المقدسة ان مستقبل الحكومات البشرية لا تؤمِّنه ضمانة الهية.‏ وانسجاما مع ما كانوا يتعلَّمونه،‏ ذكرت برج المراقبة عدد كانون الاول ١٨٨١ (‏بالانكليزية)‏:‏ «ان اقامة هذا الملكوت ستشمل طبعا قلب جميع ممالك الارض،‏ اذ انها جميعها —‏ وحتى افضلها —‏ مؤسسة على الجور والحقوق غير المتساوية وظلم الكثيرين والتحيُّز للقليلين —‏ كما نقرأ:‏ ‹تسحق وتفني كل هذه الممالك وهي تثبت الى الابد.‏›» —‏ دانيال ٢:‏٤٤‏.‏

      أما عن الطريقة التي بها سيتم سحق تلك الممالك الظالمة،‏ فكان لا يزال لدى تلاميذ الكتاب المقدس الكثير ليتعلَّموه.‏ فلم يكونوا قد فهموا بعدُ بوضوح كيف ستمتد فوائد ملكوت اللّٰه الى كل الجنس البشري.‏ لكنهم لم يخلطوا ملكوت اللّٰه بشعور غامض داخل قلب المرء او بحكم سلطة دينية تستعمل الدولة الدنيوية كذراع لها.‏

      وبحلول السنة ١٩١٤ لم يكن خدام اللّٰه الامناء لما قبل المسيحية قد اقيموا على الارض كأمراء يمثِّلون الملك المسيَّاني،‏ كما جرى توقعه،‏ ولم يكن الباقون من «القطيع الصغير» قد انضموا الى المسيح في الملكوت المسيَّاني في تلك السنة.‏ إلا ان برج المراقبة عدد ١٥ شباط ١٩١٥ (‏بالانكليزية)‏ ذكرت بثقة ان السنة ١٩١٤ كانت الوقت المعيَّن ‹لربنا ليأخذ قدرته العظيمة ويملك،‏› منهيا بالتالي آلاف السنين من السيطرة الاممية غير المنقطعة.‏ وفي عددها ١ تموز ١٩٢٠ (‏بالانكليزية)‏ اكَّدت برج المراقبة من جديد هذا الموقف وقرنته بالبشارة التي سبق وأنبأ يسوع بأنه سينادَى بها في كل انحاء الارض قبل النهاية.‏ (‏متى ٢٤:‏١٤‏)‏ وفي محفل تلاميذ الكتاب المقدس في سيدر پوينت،‏ اوهايو،‏ في السنة ١٩٢٢،‏ جرى التصريح بهذا الفهم من جديد في قرار عام،‏ والاخ رذرفورد حثّ المحتفلين:‏ «أَعلنوا،‏ أَعلنوا،‏ أَعلنوا،‏ الملك وملكوته.‏»‏

      ولكن في ذلك الوقت شعر تلاميذ الكتاب المقدس بأن اقامة الملكوت،‏ تأسيسه الكامل في السماء،‏ لا يجري حتى يتمجد آخر اعضاء عروس المسيح.‏ ولذلك جرى الوصول الى مَعْلَم حقيقي في السنة ١٩٢٥ عندما قدَّمت برج المراقبة عدد ١ آذار (‏بالانكليزية)‏ المقالة «ولادة الامة.‏» فعرضت درسا لل‍رؤيا الاصحاح ١٢ مثيرا للدهشة.‏ وأعطت المقالة بالتفصيل الدليل على ان الملكوت المسيَّاني وُلد —‏ تأسس —‏ في السنة ١٩١٤،‏ ان المسيح ابتدأ آنذاك يحكم من عرشه السماوي،‏ وأن الشيطان بعد ذلك طُرح من السماء الى جوار الارض.‏ وهذه كانت البشارة التي يجب المناداة بها،‏ الخبر بأن ملكوت اللّٰه يعمل الآن.‏ فكم حفز هذا الفهم المستنير اولئك المنادين بالملكوت الى الكرازة الى اقاصي الارض!‏

      بكل وسيلة ملائمة قدَّم شعب يهوه الشهادة بأن ملكوت اللّٰه وحده يمكن ان يجلب الراحة الدائمة ويحلّ المشاكل العميقة الجذور التي تصيب الجنس البشري.‏ ففي السنة ١٩٣١ أُذيعت هذه الرسالة بالراديو بواسطة ج.‏ ف.‏ رذرفورد عبر اوسع شبكة اذاعية اممية على الاطلاق.‏ ونصُّ هذا البرنامج الاذاعي نُشر ايضا بلغات عديدة في كراس The Kingdom, the Hope of the World (‏الملكوت،‏ رجاء العالم‏)‏ —‏ الذي وُزِّعت منه ملايين النسخ في غضون اشهر قليلة.‏ وبالاضافة الى التوزيع الواسع النطاق على الناس،‏ بُذِل جهد خصوصي لايصال النسخ الى ايدي السياسيين،‏ رجال الاعمال البارزين،‏ ورجال الدين.‏

      وبين امور اخرى قال هذا الكراس:‏ «لا يمكن لحكومات العالم الاثيمة الحاضرة ان تقدِّم للناس ايّ رجاء مهما يكن.‏ فدينونة اللّٰه عليها تعلن انها يجب ان تُهلَك.‏ ولذلك فإن رجاء العالم،‏ والرجاء الوحيد،‏ هو ملكوت اللّٰه او حكومته البارة برئاسة المسيح يسوع كحاكم غير منظور لها.‏» لقد ادركوا ان هذا الملكوت سيجلب السلام والامن الحقيقيين للجنس البشري.‏ وفي ظل حكمه ستصير الارض فردوسا حقيقيا،‏ ولن يكون هنالك مرض ولا موت في ما بعد.‏ —‏ رؤيا ٢١:‏​٤،‏ ٥‏.‏

      تستمر بشارة ملكوت اللّٰه في ان تكون محور معتقدات شهود يهوه.‏ ومنذ عدد ١ آذار ١٩٣٩ (‏بالانكليزية)‏،‏ تحمل مجلتهم الرئيسية،‏ الصادرة الآن بأكثر من ١١٠ لغات،‏ العنوان برج المراقبة تعلن ملكوت يهوه.‏

      ولكن قبل ان يحوِّل حكم الملكوت الارض الى فردوس،‏ يجب ان يولّي النظام الشرير الحاضر.‏ فكيف سيُنجَز ذلك؟‏

      قتال ذلك اليوم العظيم يوم اللّٰه القادر على كل شيء

      هزَّت الحرب العالمية التي بدأت في السنة ١٩١٤ نظام الاشياء الموجود حتى اساساته.‏ ولمدة من الوقت بدا ان الاحداث ستتطور كما توقعها تلاميذ الكتاب المقدس.‏

      قديما في آب ١٨٨٠ كتب الاخ رصل:‏ «نفهم انه قبل ردّ العائلة البشرية او حتى الابتداء بمباركتها ستنقلب جميع ممالك الارض الحاضرة التي تقيِّد وتظلم الجنس البشري الآن وأن ملكوت اللّٰه سيتولى زمام السيطرة وأن البركة والردّ يأتيان بواسطة الملكوت الجديد.‏» وكيف كان سيجري هذا ‹القلب للممالك›؟‏ على اساس الاحوال التي استطاع ان يراها تتطور في العالم آنذاك،‏ اعتقد رصل انه خلال حرب هرمجدون سيستخدم اللّٰه الاحزاب المتنافسة للجنس البشري لقلب المؤسسات القائمة.‏ قال:‏ «ان عمل تدمير الامبراطورية البشرية يبدأ.‏ والقوة التي ستقلبها منهمكة الآن في العمل.‏ والناس ينظِّمون قواهم الآن تحت اسم الشيوعيين،‏ الاشتراكيين،‏ النِّهلِسْتيين،‏ وهلم جرا.‏»‏

      وكتاب يوم الانتقام (‏المسمَّى لاحقا معركة هرمجدون‏)‏،‏ الصادر في السنة ١٨٩٧،‏ توسَّع اكثر في الطريقة التي فهم بها تلاميذ الكتاب المقدس آنذاك المسألة،‏ قائلا:‏ «ان الرب،‏ بعنايته الالهية المهيمنة،‏ سيتولَّى عموما امر هذا الجيش العظيم من الساخطين —‏ الوطنيين،‏ المصلِحين،‏ الاشتراكيين،‏ الاخلاقيين،‏ الفوضويين،‏ الجهال واليائسين —‏ ويستخدم آمالهم،‏ مخاوفهم،‏ حماقاتهم وأنانيتهم،‏ بحسب حكمته الالهية،‏ لتحقيق مقاصده العظيمة في قلب المؤسسات الحاضرة،‏ وإعداد الانسان لملكوت البر.‏» وهكذا فهموا ان حرب هرمجدون ستقترن بثورة اجتماعية عنيفة.‏

      ولكن هل كانت هرمجدون ستصير مجرد صراع بين احزاب متنافسة للجنس البشري،‏ ثورة اجتماعية يستخدمها اللّٰه لقلب المؤسسات الموجودة؟‏ اذ مُنِح انتباه اضافي للآيات المتعلقة بهذه المسألة،‏ لفتت برج المراقبة عدد ١٥ تموز ١٩٢٥ (‏بالانكليزية)‏ الانتباه الى زكريا ١٤:‏​١-‏٣ وقالت:‏ «بهذا نفهم ان جميع امم الارض،‏ تحت توجيه الشيطان،‏ ستُجمَع لمحاربة صف اورشليم،‏ اي اولئك الذين يتخذون موقفهم الى جانب الرب .‏ .‏ .‏ رؤيا ١٦:‏​١٤،‏ ١٦‏.‏»‏

      وفي السنة التالية،‏ في كتاب Deliverance (‏الانقاذ‏)‏،‏ جرى تركيز الانتباه على القصد الحقيقي لهذه الحرب بالقول:‏ «والآن فإن يهوه،‏ بحسب كلمته،‏ سيظهر قدرته بوضوح وبشكل لا لَبْس فيه بحيث يقتنع الناس بأن مسلكهم اثيم ويفهمون ان يهوه هو اللّٰه.‏ لهذا السبب جلب اللّٰه الطوفان العظيم،‏ هدم برج بابل،‏ اهلك جيش الملك الاشوري سنحاريب،‏ وأغرق المصريين؛‏ ولهذا السبب ايضا سيجلب الآن اضطرابا عظيما آخر على العالم.‏ والكوارث السابقة كانت مجرد ظلال للتي توشك ان تحدث الآن.‏ والتجميع هو لليوم العظيم يوم اللّٰه القادر على كل شيء.‏ انه ‹يوم الرب العظيم والمخوف› (‏يوئيل ٢:‏٣١‏)‏ حين يصنع اللّٰه لنفسه اسما.‏ وفي غمرة هذا الصراع العظيم والنهائي ستعلم الشعوب من كل امة وعشيرة ولسان ان يهوه هو الاله الكلي القدرة،‏ الكلي الحكمة والعادل.‏» ولكن جرى تحذير خدام يهوه على الارض:‏ «في هذه المعركة العظيمة لن يشترك ايّ مسيحي في القتال.‏ وسبب عدم فعلهم ذلك هو ان يهوه قال:‏ ‹الحرب ليست لكم بل للّٰه.‏›» والحرب التي يجري البحث فيها هنا ليست بالتأكيد الحرب التي خاضتها الامم،‏ ابتداء من السنة ١٩١٤.‏ انها ستأتي بعدُ.‏

      كانت هنالك مسائل اخرى ايضا يلزم حلّها على اساس الاسفار المقدسة.‏ وشملت احداها هوية اورشليم التي تكون مدوسة حتى نهاية ازمنة الامم،‏ كما ذُكر في لوقا ٢١:‏٢٤‏؛‏ وما ارتبط بذلك هو تحديد هوية اسرائيل المشار اليها في نبوات الردّ العديدة.‏

      هل كان اللّٰه سيردّ اليهود الى فلسطين؟‏

      كان تلاميذ الكتاب المقدس مطلعين جيدا على نبوات الردّ العديدة التي سُلِّمت الى اسرائيل القديمة بواسطة انبياء اللّٰه.‏ (‏ارميا ٣٠:‏١٨؛‏ ٣١:‏​٨-‏١٠؛‏ عاموس ٩:‏​١٤،‏ ١٥؛‏ رومية ١١:‏​٢٥،‏ ٢٦‏)‏ وحتى السنة ١٩٣٢ كانوا يفهمون ان هذه تنطبق على وجه التخصيص على اليهود الطبيعيين.‏ وهكذا اعتقدوا ان اللّٰه سيرضى ثانية على اسرائيل،‏ رادًّا اليهود تدريجيا الى فلسطين،‏ فاتحا عيونهم على الحق في ما يتعلق بيسوع بصفته الفادي والملك المسيَّاني،‏ ومستخدما اياهم كوكالة لتقديم البركات الى جميع الامم.‏ وبهذا الفهم خاطب الاخ رصل جماهير كبيرة من المستمعين اليهود في نيويورك وكذلك في اوروپا حول موضوع «الصهيونية في النبوة،‏» وفي السنة ١٩٢٥ كتب الاخ رذرفورد كتاب Comfort for the Jews (‏تعزية لليهود‏)‏.‏

      ولكن اتَّضح تدريجيا ان ما كان يجري في فلسطين في ما يتعلق باليهود لم يكن الاتمام لنبوات يهوه العظيمة للردّ.‏ فقد حلّ الخراب بأورشليم القرن الاول لأن اليهود رفضوا ابن اللّٰه،‏ المسيَّا،‏ المرسل باسم يهوه.‏ (‏دانيال ٩:‏​٢٥-‏٢٧؛‏ متى ٢٣:‏​٣٨،‏ ٣٩‏)‏ واتضح اكثر فأكثر انهم كشعب لم يغيّروا موقفهم.‏ ولم تكن هنالك توبة عن العمل الجائر الذي اقترفه آباؤهم.‏ ورجوع البعض الى فلسطين لم يكن مدفوعا بأية محبة للّٰه او رغبة في ان يتمجد اسمه باتمام كلمته.‏ وجرى شرح ذلك بوضوح في المجلد الثاني من التبرئة،‏ الذي اصدرته جمعية برج المراقبة للكتاب المقدس والكراريس في السنة ١٩٣٢.‏k وصحة هذا الموقف جرى تأكيدها في السنة ١٩٤٩،‏ عندما صارت دولة اسرائيل،‏ المشكَّلة حديثا آنذاك كأمة وكموطن لليهود،‏ عضوا في الامم المتحدة،‏ مظهرة بالتالي ان اتكالها لم يكن على يهوه بل على امم العالم السياسية.‏

      وما كان يجري اتماما لنبوات الردّ هذه اشار الى اتجاه آخر.‏ وابتدأ خدام يهوه يدركون ان اسرائيل الروحي،‏ «اسرائيل اللّٰه،‏» المؤلَّف من المسيحيين الممسوحين بالروح،‏ هم الذين،‏ اتماما لقصد اللّٰه،‏ يتمتعون بالسلام مع اللّٰه بواسطة يسوع المسيح.‏ (‏غلاطية ٦:‏١٦‏)‏ والآن انفتحت عيونهم ليروا في تعاملات اللّٰه مع هؤلاء المسيحيين الحقيقيين اتماما روحيا بديعا لوعود الردّ هذه.‏ وعلى مر الوقت ابتدأوا يدركون ايضا ان اورشليم التي رُفِّعت عند نهاية ازمنة الامم لم تكن مجرد مدينة ارضية،‏ او حتى شعب على الارض ممثَّل بتلك المدينة،‏ بل بالاحرى «اورشليم السماوية،‏» حيث قلَّد يهوه ابنه،‏ يسوع المسيح،‏ سلطة الحكم في السنة ١٩١٤.‏ —‏ عبرانيين ١٢:‏٢٢‏.‏

      واذ اتضحت هذه المسائل،‏ صار شهود يهوه في وضع افضل ليتمِّموا،‏ دون تحيُّز الى ايّ فريق،‏ تعيين الكرازة ببشارة الملكوت «في كل المسكونة شهادة لجميع الامم.‏» —‏ متى ٢٤:‏١٤‏.‏

      فلمَن كان سيُعطى الفضل في جميع تفاسير الكتاب المقدس هذه التي ظهرت في مطبوعات برج المراقبة؟‏

      الوسيلة التي يتعلَّم بها خدام يهوه

      سبق وأنبأ يسوع المسيح انه بعد رجوعه الى السماء سيرسل الى تلاميذه الروح القدس.‏ وهذا سيكون بمثابة معين،‏ يرشدهم «الى جميع الحق.‏» (‏يوحنا ١٤:‏٢٦؛‏ ١٦:‏​٧،‏ ١٣‏)‏ وقال يسوع ايضا انه بصفته رب او سيِّد المسيحيين الحقيقيين،‏ سيكون لديه ‹عبد امين حكيم،‏› ‹وكيل امين،‏› يعطي الطعام الروحي «في حينه» للخدم،‏ الفعلة في بيت الايمان.‏ (‏متى ٢٤:‏​٤٥-‏٤٧؛‏ لوقا ١٢:‏٤٢‏)‏ فمَن هو العبد الامين الحكيم هذا؟‏

      ان العدد الاول نفسه من برج المراقبة اشار الى متى ٢٤:‏​٤٥-‏٤٧ عندما ذكر ان هدف ناشري هذه المجلة هو التنبُّه للاحداث في ما يتعلق بحضور المسيح وإعطاء «الطعام [الروحي] في حينه» لأهل بيت الايمان.‏ لكنَّ محرِّر المجلة لم يكن هو نفسه يدَّعي انه العبد الامين الحكيم،‏ او «الخادم الامين والحكيم» (‏بحسب نقل ترجمة الملك جيمس‏)‏.‏

      وهكذا،‏ في عدد تشرين الاول-‏تشرين الثاني ١٨٨١ (‏بالانكليزية)‏ من المجلة،‏ ذكر ت.‏ ت.‏ رصل:‏ «نعتقد ان كل عضو من جسد المسيح هذا منهمك في العمل المبارَك،‏ إما بشكل مباشر او غير مباشر،‏ لاعطاء الطعام في حينه لأهل بيت الايمان.‏ ‹فمَن هو الخادم الامين والحكيم الذي اقامه سيده على اهل بيته،‏› ليعطيهم الطعام في حينه؟‏ أليس هو ذلك ‹القطيع الصغير› من الخدام المكرَّسين الذين يتمِّمون بأمانة نذور تكريسهم —‏ جسد المسيح —‏ وأيضا أليس هو كامل الجسد افراديا وجماعيا،‏ الذي يعطي الطعام في حينه لأهل بيت الايمان —‏ الجماعة الكبيرة من المؤمنين؟‏ مبارَك هو ذلك الخادم (‏كامل جسد المسيح)‏ الذي اذا جاء (‏باليونانية،‏ إلثون‏)‏ سيده يجده يفعل هكذا.‏ ‹الحق اقول لكم انه يقيمه على جميع امواله.‏›»‏

      ولكن،‏ بعد اكثر من عقد،‏ عبَّرت زوجة الاخ رصل علانية عن الفكرة ان رصل نفسه كان الخادم الامين والحكيم.‏l والنظرة التي جاهرت بها في ما يختص بهوية ‹الخادم الامين› صارت مقبولة عموما من قبل تلاميذ الكتاب المقدس لنحو ٣٠ سنة.‏ والاخ رصل لم يرفض نظرتهم،‏ لكنه تجنَّب شخصيا صنع مثل هذا التطبيق للآية،‏ مشدِّدا على مقاومته لفكرة صف رجال دين مفوَّض اليهم ان يعلِّموا كلمة اللّٰه بالتباين مع صف غير اكليريكي لم يفوَّض اليه ذلك.‏ والفهم الذي عبَّر عنه الاخ رصل في السنة ١٨٨١ ان الخادم الامين والحكيم كان في الحقيقة خادما جماعيا،‏ مؤلَّفا من جميع اعضاء جسد المسيح الممسوحين بالروح على الارض،‏ جرى تأكيده من جديد في برج المراقبة ١٥ شباط ١٩٢٧ (‏بالانكليزية)‏.‏ —‏ قارنوا اشعياء ٤٣:‏١٠‏.‏

      وكيف نظر الاخ رصل الى دوره الخاص؟‏ هل ادَّعى اعلانا خصوصيا من اللّٰه؟‏ في برج المراقبة عدد ١٥ تموز ١٩٠٦ (‏الصفحة ٢٢٩،‏ بالانكليزية)‏،‏ اجاب رصل بتواضع:‏ «كلا،‏ ايها الرفقاء الاعزاء،‏ انا لا ادَّعي شيئا من التفوق،‏ ولا القوة فوق الطبيعة البشرية،‏ المنزلة او السلطة؛‏ ولا اطمح الى ترفيع نفسي في رأي اخوتي من اهل بيت الايمان،‏ إلا بالمعنى الذي حث عليه السيد،‏ قائلا،‏ ‹مَن اراد ان يكون فيكم اولا فليكن لكم عبدا.‏› (‏متى ٢٠:‏٢٧‏)‏ .‏ .‏ .‏ والحقائق التي اعرضها،‏ كناطق بلسان اللّٰه،‏ لم تُعلَن في رؤى او احلام،‏ ولا بصوت اللّٰه المسموع،‏ ولا كلها دفعة واحدة،‏ بل تدريجيا .‏ .‏ .‏ ولا هذا الكشف الواضح للحق بسبب اية براعة بشرية او حدَّة ادراك،‏ بل بسبب الواقع البسيط ان وقت اللّٰه المعيَّن قد حان؛‏ وإن لم اتكلم،‏ ولم يكن ممكنا ان يوجد وكيل آخر،‏ فالحجارة تصرخ.‏»‏

      جرى تشجيع قرَّاء برج المراقبة على التطلع الى يهوه بصفته معلِّمهم العظيم،‏ تماما كما يجري تشجيع جميع شهود يهوه اليوم.‏ (‏اشعياء ٣٠:‏٢٠‏،‏ ع‌ج‏)‏ وهذا الامر شُدِّد عليه بقوة في برج المراقبة ١ تشرين الثاني ١٩٣١ (‏بالانكليزية)‏ في المقالة «متعلِّمون من اللّٰه،‏» التي ذكرت:‏ «تعترف برج المراقبة بأن الحق هو ليهوه،‏ وليس لأيّ مخلوق.‏ وبرج المراقبة ليست اداة ايّ انسان او فريق من الناس،‏ وهي لا تصدر وفق اهواء الناس.‏ .‏ .‏ .‏ يهوه اللّٰه هو المعلِّم العظيم لاولاده.‏ ولا ريب في ان نشر هذه الحقائق يقدِّمه رجال ناقصون،‏ ولهذا السبب ليست كاملة تماما في الشكل؛‏ إلا انها مقدَّمة بشكل يعكس حق اللّٰه الذي يعلِّمه لاولاده.‏»‏

      في القرن الاول،‏ عندما كانت تنشأ اسئلة تتعلق بالعقيدة او الاجراء،‏ كانت تُحال هذه الى هيئة حاكمة مركزية مؤلَّفة من شيوخ بالمعنى الروحي.‏ وكانت القرارات تُتَّخذ بعد التأمل في ما تقوله الاسفار المقدسة الموحى بها فضلا عن دليل النشاط المنسجم مع هذه الاسفار والمزدهر نتيجة عمل الروح القدس.‏ وكانت القرارات تُنقَل كتابيا الى الجماعات.‏ (‏اعمال ١٥:‏​١–‏١٦:‏٥‏)‏ وهذا الاجراء نفسه يُعمَل به بين شهود يهوه اليوم.‏

      ويزوَّد الارشاد الروحي بواسطة مقالات المجلات،‏ الكتب،‏ برامج المحافل،‏ وموجز خطابات الجماعات —‏ وكلها تُعَدّ تحت توجيه الهيئة الحاكمة للعبد الامين الحكيم.‏ ويُظهر مضمونها بوضوح ان ما سبق وأنبأ به يسوع يصحّ اليوم —‏ أن لديه حقا صف عبد امين حكيم يعلِّم بولاء ‹جميع ما اوصى به›؛‏ أن هذه الوكالة ‹ساهرة،‏› متنبِّهة للاحداث اتماما لنبوة الكتاب المقدس وخصوصا المتعلقة بحضور المسيح؛‏ أنها تساعد الناس الخائفين اللّٰه على فهم ما يشمله ‹حفظ› الامور التي اوصى بها يسوع مما يبرهن أنهم حقا تلاميذه.‏ —‏ متى ٢٤:‏٤٢؛‏ ٢٨:‏٢٠؛‏ يوحنا ٨:‏​٣١،‏ ٣٢‏.‏

      وتدريجيا،‏ على مر السنين،‏ أُزيلت الممارسات التي ربما كان لها تأثير في لفت انتباه غير مناسب الى بعض البشر في ما يتعلق بإعداد الطعام الروحي.‏ وحتى موت ت.‏ ت.‏ رصل،‏ كان اسمه يُدرَج كمحرر في كل عدد تقريبا من برج المراقبة.‏ وأسماء الآخرين الذين يقدِّمون مواد للنشر او الاحرف الاولى من اسمائهم غالبا ما كانت تظهر في نهاية المقالات التي اعدّوها.‏ ثم،‏ ابتداء من عدد ١ كانون الاول ١٩١٦ (‏بالانكليزية)‏،‏ عوضا عن اظهار اسم رجل واحد كمحرر،‏ ادرجت برج المراقبة اسماء لجنة التحرير.‏ وفي عدد ١٥ تشرين الاول ١٩٣١ (‏بالانكليزية)‏،‏ أُزيلت هذه اللائحة ايضا وحلَّت مكانها اشعياء ٥٤:‏١٣‏.‏ وكما اقتُبِست من الترجمة الاميركية القانونية،‏ تقول:‏ «وكل اولادك يتعلَّمون من يهوه؛‏ وسلام اولادك يكون كثيرا.‏» ومنذ السنة ١٩٤٢ صارت القاعدة العامة ان لا تلفت المطبوعات التي تصدرها جمعية برج المراقبة الانتباه الى ايّ فرد بصفته الكاتب.‏a وتحت اشراف الهيئة الحاكمة كان مسيحيون منتذرون في اميركا الشمالية والجنوبية،‏ اوروپا،‏ افريقيا،‏ آسيا،‏ وجزر البحر،‏ يشتركون في تحضير مثل هذه المواد لتستخدمها جماعات شهود يهوه في كل العالم.‏ ولكنَّ كل الفضل يُعطَى ليهوه اللّٰه.‏

      النور يشرق اكثر فأكثر

      كما ينعكس في تاريخهم العصري،‏ كان اختبار شهود يهوه كذاك الموصوف في الامثال ٤:‏١٨‏:‏ «أما سبيل الصديقين فكنور مشرق يتزايد وينير الى النهار الكامل.‏» واشراق النور كان متدرِّجا،‏ تماما كما ان نور الفجر الباكر يتبعه شروق الشمس والنور الكامل ليوم جديد.‏ واذ نظروا الى الامور في ضوء ما كان متوافرا،‏ كانت لديهم احيانا مفاهيم ناقصة،‏ وحتى غير دقيقة.‏ وبالرغم من محاولاتهم الجدية،‏ لم يتمكنوا من فهم نبوات معيَّنة حتى ابتدأت هذه تختبر الاتمام.‏ واذ ألقى يهوه مزيدا من النور على كلمته بواسطة روحه،‏ كان خدامه مستعدين بتواضع لصنع التعديلات اللازمة.‏

      ومثل هذا الفهم المتدرِّج لم يقتصر على الفترة الباكرة من تاريخهم العصري.‏ فهو يستمر حتى الوقت الحاضر.‏ مثلا،‏ في السنة ١٩٦٢ كان هنالك تعديل للفهم بخصوص «السلاطين الفائقة» لرومية ١٣:‏​١-‏٧ ‏.‏

      فلسنوات عديدة علَّم تلاميذ الكتاب المقدس ان «السلطات العليا» (‏م‌ج‏)‏ هي يهوه اللّٰه ويسوع المسيح.‏ ولماذا؟‏ في عددي برج المراقبة ١ حزيران و ١٥ حزيران ١٩٢٩ (‏بالانكليزية)‏ أُشير الى مجموعة منوَّعة من الشرائع الدنيوية،‏ وأُظهِر ان ما يُسمَح به في البلد الواحد يُمنع في الآخر.‏ ولُفِت الانتباه ايضا الى الشرائع الدنيوية التي تتطلَّب من الناس ان يفعلوا ما يحظره اللّٰه او تمنع ما يوصي اللّٰه خدامه بفعله.‏ وبسبب رغبتهم الجدية في اظهار الاحترام لسلطة اللّٰه العليا،‏ بدا لتلاميذ الكتاب المقدس ان «السلطات العليا» لا بد ان تكون يهوه اللّٰه ويسوع المسيح.‏ ومع ذلك اطاعوا الشرائع الدنيوية،‏ لكنَّ التشديد كان على اطاعة اللّٰه اولا.‏ وكان ذلك درسا مهما،‏ درسا حصَّنهم خلال سنوات الاضطراب العالمي التي تلت.‏ إلا انهم لم يفهموا بوضوح ما تقوله رومية ١٣:‏​١-‏٧‏.‏

      وبعد سنوات جرى القيام بتحليل دقيق للآية من جديد،‏ مع قرينتها ومعناها على ضوء باقي الكتاب المقدس كله.‏ ونتيجة لذلك،‏ في السنة ١٩٦٢ جرى الاعتراف بأن «السلاطين الفائقة» هي الحكام الدنيويون،‏ ولكن بمساعدة ترجمة العالم الجديد فُهِم بوضوح مبدأ الخضوع النسبي.‏b ولم يستلزم ذلك ايّ تغيير رئيسي في موقف شهود يهوه من حكومات العالم،‏ ولكن صحَّح فهمهم لجزء مهم من الاسفار المقدسة.‏ وفي مجرى ذلك كانت هنالك فرصة ليتأمل الشهود باعتناء افراديا في ما اذا كانوا يحيون حقا وفقا لمسؤولياتهم تجاه اللّٰه والسلطات الدنيوية على حد سواء.‏ وهذا الفهم الواضح ‹للسلاطين الفائقة› كان بمثابة حماية لشهود يهوه،‏ وخصوصا في البلدان التي ادَّى فيها جيشان القومية والمطالبة الصاخبة بحرية اعظم الى اندلاع العنف وتشكيل حكومات جديدة.‏

      وفي السنة التالية،‏ ١٩٦٣،‏ جرى تقديم تطبيق موسَّع ‹لبابل العظيمة.‏›‏c (‏رؤيا ١٧:‏٥‏)‏ فمراجعة التاريخ الدنيوي والديني اوصلت الى الاستنتاج ان تأثير بابل القديمة تخلل لا العالم المسيحي فحسب بل كل ناحية من الارض.‏ وهكذا فُهِم ان بابل العظيمة هي كامل الامبراطورية العالمية للدين الباطل.‏ ومعرفة ذلك مكَّنت شهود يهوه من مساعدة اناس اكثر،‏ من مختلف الخلفيات،‏ على التجاوب مع امر الكتاب المقدس:‏ «اخرجوا منها يا شعبي.‏» —‏ رؤيا ١٨:‏٤‏.‏

      حقا،‏ ان كشف الاحداث المنبإ بها في كامل سفر الرؤيا زوَّد وفرة من الانارة الروحية.‏ ففي السنة ١٩١٧ نُشِر درس لسفر الرؤيا في كتاب السر المنتهي.‏ لكنَّ «يوم الرب،‏» المشار اليه في الرؤيا ١:‏١٠‏،‏ كان في مجرد البداية آنذاك؛‏ والكثير مما أُنبئ به لم يكن قد حدث بعدُ ولم يكن مفهوما بوضوح.‏ لكنَّ التطورات خلال السنوات التي تلت ألقت نورا اسطع على معنى ذلك الجزء من الكتاب المقدس،‏ وكان لهذه الاحداث تأثير عميق في الدرس المنير جدا للرؤيا الذي نُشِر في السنة ١٩٣٠ في مجلدين بعنوان Light (‏النور‏)‏.‏ وخلال ستينات الـ‍ ١٩٠٠ ظهرت مواد احدث في كتابَي Babylon the Great Has Fallen!” God’s Kingdom Rules! (‏‏«سقطت بابل العظيمة!‏» ملكوت اللّٰه يسود!‏‏)‏ و “Then Is Finished the Mystery of God” (‏‏«حينئذ يتم سر اللّٰه»‏‏)‏.‏ وبعد عقدين جرى درس عميق آخر لذلك الجزء من الكتاب المقدس.‏ واللغة المجازية لسفر الرؤيا حُلِّلت باعتناء على ضوء تعابير مماثلة في اجزاء اخرى من الكتاب المقدس.‏ (‏١ كورنثوس ٢:‏​١٠-‏١٣‏)‏ وأحداث القرن العشرين اتماما للنبوات جرت مراجعتها.‏ ونُشِرت النتائج في السنة ١٩٨٨ في الكتاب المثير الرؤيا —‏ ذروتها العظمى قريبة!‏

      خلال السنوات الباكرة لتاريخهم العصري وُضِعت الاساسات وزُوِّد الكثير من الطعام الروحي القيِّم.‏ وفي السنوات الاخيرة زُوِّد تنوُّع اعظم من مواد درس الكتاب المقدس لسدّ حاجات المسيحيين الناضجين والتلاميذ الجدد من خلفيات كثيرة على السواء.‏ والدرس المستمر للاسفار المقدسة،‏ اضافة الى اتمام النبوة الالهية،‏ مكَّن في حالات كثيرة من التعبير عن تعاليم الكتاب المقدس بأكثر وضوح.‏ ولأن درسهم لكلمة اللّٰه تقدُّمي،‏ لدى شهود يهوه وفرة من الطعام الروحي،‏ تماما كما سبقت وأنبأت الاسفار المقدسة انه سيصح في خدام اللّٰه.‏ (‏اشعياء ٦٥:‏​١٣،‏ ١٤‏)‏ والتعديلات في وجهة النظر لا تُصنع ابدا بهدف الصيرورة مقبولين اكثر عند العالم بتبنّي قيمه الادبية المنحطة.‏ وعلى العكس،‏ يظهر تاريخ شهود يهوه ان التغييرات تُصنع بهدف الالتصاق على نحو اوثق ايضا بالكتاب المقدس،‏ متمثلين اكثر بمسيحيي القرن الاول الامناء،‏ وبالتالي مقبولين اكثر عند اللّٰه.‏

      وهكذا فإن اختبارهم ينسجم مع صلاة الرسول بولس،‏ الذي كتب الى الرفقاء المسيحيين:‏ «نحن .‏ .‏ .‏ لم نزل مصلِّين وطالبين لاجلكم ان تمتلئوا من معرفة مشيئته (‏الدقيقة)‏ في كل حكمة وفهم روحي لتسلكوا كما يحق (‏ليهوه)‏ في كل رضى مثمرين في كل عمل صالح ونامين في معرفة اللّٰه (‏الدقيقة)‏.‏» —‏ كولوسي ١:‏​٩،‏ ١٠‏.‏

      وهذا النمو في معرفة اللّٰه الدقيقة كانت له علاقة ايضا باسمهم —‏ شهود يهوه.‏

      ‏[الحواشي]‏

      a برج مراقبة زيون وبشير حضور المسيح،‏ ١٥ تموز ١٩٠٦،‏ الصفحات ٢٢٩-‏٢٣١ (‏بالانكليزية)‏.‏

      b انظروا بصيرة في الاسفار المقدسة،‏ اصدار جمعية برج المراقبة للكتاب المقدس والكراريس في نيويورك،‏ المجلد ٢،‏ الصفحة ١١٧٦ (‏بالانكليزية)‏.‏

      c مثلا:‏ (‏١)‏ بحلول القرن الـ‍ ١٦ كانت الحركات المعارضة للثالوث قوية في اوروپا.‏ مثلا،‏ فِرَنْتْس داڤيد (‏١٥١٠-‏١٥٧٩)‏،‏ هنڠاري،‏ عرف وعلَّم ان عقيدة الثالوث ليست مؤسسة على الاسفار المقدسة.‏ وبسبب معتقداته مات في السجن.‏ (‏٢)‏ الكنيسة المصلَحة الصغرى،‏ التي ازدهرت في پولندا لنحو مئة سنة خلال القرنين الـ‍ ١٦ و ١٧،‏ رفضت ايضا الثالوث،‏ والموالون لتلك الكنيسة وزَّعوا المطبوعات في كل انحاء اوروپا،‏ الى ان نجح اليسوعيون في نفيهم من پولندا.‏ (‏٣)‏ السّر اسحق نيوتن (‏١٦٤٢-‏١٧٢٧)‏،‏ في انكلترا،‏ رفض عقيدة الثالوث وكتب اسبابا مفصَّلة تاريخية ومؤسسة على الاسفار المقدسة لفعل ذلك،‏ ولكنه لم ينشرها في اثناء حياته،‏ وكما يتضح بسبب الخوف من العواقب.‏ (‏٤)‏ بين آخرين في اميركا،‏ شهَّر هنري ڠرُو الثالوث بصفته غير مؤسس على الاسفار المقدسة.‏ وفي السنة ١٨٢٤ عالج هذه المسألة باسهاب في فحص للشهادة الالهية عن شخصية ابن اللّٰه.‏

      d انظروا ايضا دروس في الاسفار المقدسة،‏ السلسلة ٥،‏ الصفحات ٤١-‏٨٢.‏

      e المناقشات الشاملة للدليل التاريخي والمؤسس على الاسفار المقدسة حول هذا الموضوع نشرتها جمعية برج المراقبة للكتاب المقدس والكراريس في اوقات مختلفة.‏ انظروا “The Word” — Who Is He? According to John” (‏‏«الكلمة» —‏ من هو؟‏ بحسب شهادة يوحنا‏)‏ (‏١٩٦٢)‏،‏ “Things in Which It Is Impossible for God to Lie” (‏‏«أمور لا يمكن ان اللّٰه يكذب فيها»‏‏)‏ (‏١٩٦٥)‏،‏ Reasoning From the Scriptures (‏المباحثة من الاسفار المقدسة‏)‏ (‏١٩٨٥)‏،‏ و Should You Believe in the Trinity? (‏هل يجب ان تؤمنوا بالثالوث؟‏‏)‏ (‏١٩٨٩)‏.‏

      f ان ما تقوله الاسفار المقدسة عن النفس معروف لدى العلماء اليهود وكذلك علماء العالم المسيحي،‏ ولكن نادرا ما يجري تعليمه في اماكن عبادتهم.‏ انظروا دائرة المعارف الكاثوليكية الجديدة (‏١٩٦٧)‏،‏ المجلد ١٣،‏ الصفحتين ٤٤٩،‏ ٤٥٠؛‏ قاموس إيردمنز للكتاب المقدس (‏١٩٨٧)‏،‏ الصفحتين ٩٦٤،‏ ٩٦٥؛‏ قاموس المفسِّر للكتاب المقدس بقلم جي.‏ باتريك (‏١٩٦٢)‏،‏ المجلد ١،‏ الصفحة ٨٠٢؛‏ دائرة المعارف اليهودية (‏١٩١٠)‏،‏ المجلد ٦،‏ الصفحة ٥٦٤.‏

      g في مناقشة اكثر تفصيلا للموضوع،‏ في السنة ١٩٥٥،‏ بيَّن كراس What Do the Scriptures Say About “Survival After Death”? (‏ماذا تقول الاسفار المقدسة عن «الحياة بعد الموت»؟‏‏)‏ ان سجل الكتاب المقدس يظهر ان الشيطان شجع في الواقع حواء على الاعتقاد انها لن تموت في الجسد نتيجة تجاهل تحريم اللّٰه الاكل من ثمر «شجرة معرفة الخير والشر.‏» (‏تكوين ٢:‏​١٦،‏ ١٧؛‏ ٣:‏٤‏)‏ وبعد مدة تبرهن بوضوح بطلان ذلك،‏ ولكن كانت هنالك تطورات اضافية لها جذورها في تلك الكذبة الاولى.‏ فالناس تبنَّوا الفكرة ان جزءا غير منظور من الانسان يبقى حيا.‏ وعقب الطوفان ايام نوح عزَّزت هذه الفكرة الممارسات الارواحية الابليسية المنبثقة من بابل.‏ —‏ اشعياء ٤٧:‏​١،‏ ١٢؛‏ تثنية ١٨:‏​١٠،‏ ١١‏.‏

      h ادَّعى باربور الايمان بالفدية،‏ أن المسيح مات لاجلنا.‏ وما رفضه كان فكرة «الاستبدال» —‏ أن المسيح مات عوضا عنا،‏ أنه بموته دفع المسيح جزاء الخطية عن ذرية آدم.‏

      i ان ما اثَّر في ذلك هو الاعتقاد ان الالف السابع للتاريخ البشري بدأ في السنة ١٨٧٣ وأن فترة من عدم الرضى الالهي (‏بطول مساوٍ لفترة سابقة اعتُبرت فترة رضى)‏ على اسرائيل الطبيعي كانت ستنتهي في السنة ١٨٧٨.‏ والتقويم كان خاطئا بسبب الاعتماد على نقل غير دقيق للاعمال ١٣:‏٢٠ في ترجمة الملك جيمس،‏ الاعتقاد ان هنالك خطأ نسخيا في ١ ملوك ٦:‏١‏،‏ والفشل في اعتبار جداول الحوادث المتزامنة للكتاب المقدس في تأريخ فترات حكم ملوك يهوذا واسرائيل.‏ وقد نُشِر فهم اوضح لجدول تواريخ الكتاب المقدس في السنة ١٩٤٣،‏ في كتاب “The Truth Shall Make You Free” (‏‏«الحق يحرركم»‏‏)‏،‏ ثم نُقِّح في السنة التالية في كتاب “The Kingdom Is at Hand” (‏‏«الملكوت قريب»‏‏)‏،‏ وكذلك في مطبوعات لاحقة.‏

      j مجلة من اصدار جورج ستورز،‏ بروكلين،‏ نيويورك.‏

      k في السنة ١٩٧٨،‏ عندما طُلب منها تصريح للصحافة عن موقف شهود يهوه من الصهيونية،‏ قالت الهيئة الحاكمة:‏ «يستمر شهود يهوه في اتخاذ الموقف المؤسس على الكتاب المقدس للكينونة حياديين ازاء الحركات السياسية والحكومات جميعها.‏ وهم مقتنعون بأنه لن تحقق اية حركة بشرية ما يمكن لملكوت اللّٰه السماوي وحده ان ينجزه.‏»‏

      l من المحزن انه بعد ذلك بوقت قصير فقط انفصلت عنه بسبب رغبتها الخاصة في البروز الشخصي.‏

      a أما في البلدان حيث يتطلب القانون ذلك فيمكن تسمية ممثِّل محلي بصفته مسؤولا عما يُنشَر.‏

      b برج المراقبة،‏ ١ حزيران،‏ ١٥ حزيران،‏ و ١ تموز ١٩٦٣ (‏١ تشرين الثاني،‏ ١٥ تشرين الثاني،‏ و ١ كانون الاول ١٩٦٢،‏ بالانكليزية)‏.‏

      c برج المراقبة،‏ ١ تموز و ١٥ ايار ١٩٦٤ (‏١٥ تشرين الثاني و ١ كانون الاول ١٩٦٣،‏ بالانكليزية)‏.‏

      ‏[النبذة في الصفحة ١٢٠]‏

      ت.‏ ت.‏ رصل اعترف جهارا بالمساعدة التي اتت من الآخرين في سنواته الباكرة لدرس الكتاب المقدس

      ‏[النبذة في الصفحة ١٢٢]‏

      فحصوا شخصيا الدليل على ان الكتاب المقدس هو حقا كلمة اللّٰه

      ‏[النبذة في الصفحة ١٢٣]‏

      ادرك تلاميذ الكتاب المقدس ان عدل اللّٰه هو في توازن كامل مع حكمته،‏ محبته،‏ وقدرته

      ‏[النبذة في الصفحة ١٢٧]‏

      رأى رصل بوضوح ان الهاوية ليست مكانا للعذاب بعد الموت

      ‏[النبذة في الصفحة ١٢٨]‏

      معظم الناس العقلاء لا يؤمنون بعقيدة نار الهاوية

      ‏[النبذة في الصفحة ١٣٢]‏

      موقف رصل الثابت من الفدية كانت له نتائج بعيدة المدى.‏

      ‏[النبذة في الصفحة ١٣٥]‏

      استطاعوا ان يروا ان نبوة الكتاب المقدس وسمت بوضوح السنة ١٩١٤

      ‏[النبذة في الصفحة ١٣٦]‏

      لم يحدث كل شيء بالسرعة التي توقعوها

      ‏[النبذة في الصفحة ١٣٩]‏

      البشارة التي يجب المناداة بها:‏ ملكوت اللّٰه يعمل الآن!‏

      ‏[النبذة في الصفحة ١٤٠]‏

      هل ستكون هرمجدون مجرد ثورة اجتماعية؟‏

      ‏[النبذة في الصفحة ١٤١]‏

      اخيرا،‏ في السنة ١٩٣٢،‏ حُدِّدت هوية «اسرائيل اللّٰه» الحقيقي

      ‏[النبذة في الصفحة ١٤٣]‏

      ‏«العبد الامين الحكيم» —‏ شخص ام صف؟‏

      ‏[النبذة في الصفحة ١٤٦]‏

      تدريجيا،‏ أُزيلت الممارسات التي ربما لفتت انتباها غير مناسب الى بعض البشر

      ‏[النبذة في الصفحة ١٤٨]‏

      التغييرات المصنوعة هي بهدف الالتصاق على نحو اوثق ايضا بكلمة اللّٰه

      ‏[الاطار في الصفحة ١٢٤]‏

      اعلان اسم اللّٰه

      ◆ منذ السنة ١٩٣١ يُستعمل الاسم شهود يهوه لتعيين هوية اولئك الذين يعبدون ويخدمون يهوه بصفته الاله الحقيقي الوحيد.‏

      ◆ منذ ١٥ تشرين الاول ١٩٣١ يظهر اسم اللّٰه الشخصي،‏ يهوه،‏ على الغلاف الامامي لكل عدد من مجلة «برج المراقبة.‏»‏

      ◆ في الوقت الذي فيه كان اسم اللّٰه الشخصي يُحذَف من معظم ترجمات الكتاب المقدس الحديثة،‏ ابتدأ شهود يهوه ينشرون،‏ في السنة ١٩٥٠،‏ «ترجمة العالم الجديد،‏» التي ردَّت الاسم الالهي الى مكانه الصحيح.‏

      ◆ بالاضافة الى الكتاب المقدس نفسه،‏ اصدرت جمعية برج المراقبة للكتاب المقدس والكراريس الكثير من المطبوعات الاخرى لتركيز اهتمام خصوصي على الاسم الالهي —‏ مثلا،‏ الكتب ”Jehovah“ (‏«يهوه»)‏ (‏١٩٣٤)‏،‏ “Let Your Name Be Sanctified” (‏«ليتقدس اسمك»)‏ (‏١٩٦١)‏،‏ و “‘The Nations Shall Know That I Am Jehovah’ — How?” (‏«‹تعلم الامم اني انا يهوه› —‏ كيف؟‏»)‏ (‏١٩٧١)‏،‏ فضلا عن الكراسة “The Divine Name That Will Endure Forever” (‏«الاسم الالهي الذي سيثبت الى الابد»)‏ (‏١٩٨٤)‏.‏

      ‏[الاطار في الصفحة ١٢٦]‏

      ‏‹أنناقض المسيح نفسه؟‏›‏

      بعد تشهير عقيدة الثالوث غير المؤسسة على الكتاب المقدس وغير المعقولة،‏ عبَّر ت.‏ ت.‏ رصل عن سخط بار عندما سأل:‏ «أنناقض اذًا الرسل والانبياء ويسوع نفسه،‏ ونتجاهل العقل والحس العام،‏ لكي نتمسك بعقيدة سلَّمتها الينا من الماضي المظلم الذي سادته الخرافات،‏ كنيسة مرتدة فاسدة؟‏ كلا!‏ ‹الى الشريعة وإلى الشهادة.‏ إن لم يقولوا مثل هذا القول فليس لهم فجر.‏›» —‏ «برج المراقبة،‏» ١٥ آب ١٩١٥ (‏بالانكليزية)‏.‏

      ‏[الاطار في الصفحة ١٣٣]‏

      الحق التقدُّمي

      في السنة ١٨٨٢،‏ كتب ت.‏ ت.‏ رصل:‏ «الكتاب المقدس هو مقياسنا الوحيد،‏ وتعاليمه هي قانوننا الوحيد،‏ واذ ندرك الميزة التقدُّمية لكشف حقائق الاسفار المقدسة،‏ نكون جاهزين ومستعدين للاضافة الى او تعديل قانوننا (‏ايماننا —‏ معتقدنا)‏ فيما نحصل على مزيد من النور من مقياسنا.‏» —‏ «برج المراقبة،‏» نيسان ١٨٨٢،‏ ص ٧ (‏بالانكليزية)‏.‏

      ‏[الاطار في الصفحتين ١٤٤ و ١٤٥]‏

      معتقدات شهود يهوه

      ◆ الكتاب المقدس هو كلمة اللّٰه الموحى بها.‏ (‏٢ تيموثاوس ٣:‏​١٦،‏ ١٧‏)‏

      ما يحتويه ليس مجرد تاريخ او رأي بشري بل كلمة اللّٰه،‏ المسجلة لفائدتنا.‏ (‏٢ بطرس ١:‏٢١؛‏ رومية ١٥:‏٤؛‏ ١ كورنثوس ١٠:‏١١‏)‏

      ◆ يهوه هو الاله الحقيقي الوحيد.‏ (‏مزمور ٨٣:‏١٨؛‏ تثنية ٤:‏٣٩‏)‏

      يهوه هو خالق كل الاشياء،‏ وبهذه الصفة يستحق وحده ان يُعبَد.‏ (‏رؤيا ٤:‏١١؛‏ لوقا ٤:‏٨‏)‏

      يهوه هو المتسلط الكوني،‏ الذي ندين له بالطاعة التامة.‏ (‏اعمال ٤:‏٢٤؛‏ دانيال ٤:‏١٧؛‏ اعمال ٥:‏٢٩‏)‏

      ◆ يسوع المسيح هو ابن اللّٰه الوحيد،‏ الشخص الوحيد المخلوق مباشرة من اللّٰه نفسه.‏ (‏١ يوحنا ٤:‏٩؛‏ كولوسي ١:‏​١٣-‏١٦‏)‏

      يسوع كان بكر خلائق اللّٰه؛‏ وهكذا،‏ قبل ان حُبل به ووُلد كانسان،‏ عاش يسوع في السماء.‏ (‏رؤيا ٣:‏١٤؛‏ يوحنا ٨:‏​٢٣،‏ ٥٨‏)‏.‏

      يعبد يسوع اباه بصفته الاله الحقيقي الوحيد؛‏ ولم يدَّعِ يسوع قط المساواة باللّٰه.‏ (‏يوحنا ١٧:‏٣؛‏ ٢٠:‏١٧؛‏ ١٤:‏٢٨‏)‏

      بذل يسوع حياته البشرية الكاملة فدية عن الجنس البشري.‏ وذبيحته تجعل الحياة الابدية ممكنة لجميع الذين يمارسون الايمان به حقا.‏ (‏مرقس ١٠:‏٤٥؛‏ يوحنا ٣:‏​١٦،‏ ٣٦‏)‏

      أُقيم يسوع من الاموات كشخص روحاني خالد.‏ (‏١ بطرس ٣:‏١٨؛‏ رومية ٦:‏٩‏)‏

      رجع يسوع (‏اذ وجَّه انتباهه كملك نحو الارض)‏ وهو الآن حاضر كروح مجيد.‏ (‏متى ٢٤:‏​٣،‏ ٢٣-‏٢٧؛‏ ٢٥:‏​٣١-‏٣٣؛‏ يوحنا ١٤:‏١٩‏)‏

      ◆ الشيطان هو «رئيس هذا العالم» غير المنظور.‏ (‏يوحنا ١٢:‏٣١ ؛‏ ١ يوحنا ٥:‏١٩‏)‏

      في الاصل كان ابنا كاملا للّٰه،‏ لكنه سمح لمشاعر الاهمية الذاتية بأن تتطور في قلبه،‏ اشتهى العبادة التي هي ليهوه فقط،‏ وأغرى آدم وحواء بإطاعته عوضا عن الاصغاء الى اللّٰه.‏ وهكذا جعل نفسه شيطانا،‏ الذي يعني «مقاوما.‏» (‏يوحنا ٨:‏٤٤؛‏ تكوين ٣:‏​١-‏٥‏؛‏ قارنوا تثنية ٣٢:‏​٤،‏ ٥؛‏ يعقوب ١:‏​١٤،‏ ١٥؛‏ لوقا ٤:‏​٥-‏٧‏.‏)‏

      الشيطان «يضلّ العالم كله»؛‏ هو وأبالسته مسؤولون عن الشدة المتزايدة على الارض في وقت النهاية هذا.‏ (‏رؤيا ١٢:‏​٧-‏٩،‏ ١٢‏)‏

      في وقت اللّٰه المعيَّن سيُهلَك الشيطان وأبالسته الى الابد.‏ (‏رؤيا ٢٠:‏١٠؛‏ ٢١:‏٨‏)‏

      ◆ ملكوت اللّٰه برئاسة المسيح سيحلّ محل جميع الحكومات البشرية ويصير الحكومة الوحيدة على كل الجنس البشري.‏ (‏دانيال ٧:‏​١٣،‏ ١٤‏)‏

      نظام الاشياء الشرير الحاضر سيدمَّر كاملا.‏ (‏دانيال ٢:‏٤٤؛‏ رؤيا ١٦:‏​١٤،‏ ١٦؛‏ اشعياء ٣٤:‏٢‏)‏

      ملكوت اللّٰه سيحكم بالبر ويجلب السلام الحقيقي لرعاياه.‏ (‏اشعياء ٩:‏​٦،‏ ٧؛‏ ١١:‏​١-‏٥؛‏ ٣٢:‏١٧؛‏ مزمور ٨٥:‏​١٠-‏١٢‏)‏

      الاشرار سيُقطعون الى الابد،‏ وعبَّاد يهوه سيتمتعون بالامن الدائم.‏ (‏امثال ٢:‏​٢١،‏ ٢٢؛‏ مزمور ٣٧:‏​٩-‏١١؛‏ متى ٢٥:‏​٤١-‏٤٦؛‏ ٢ تسالونيكي ١:‏​٦-‏٩؛‏ ميخا ٤:‏​٣-‏٥‏)‏

      ◆ نعيش الآن،‏ منذ السنة ١٩١٤،‏d في «وقت النهاية» الذي لهذا العالم الشرير.‏ (‏متى ٢٤:‏​٣-‏١٤؛‏ ٢ تيموثاوس ٣:‏​١-‏٥؛‏ دانيال ١٢:‏٤‏)‏

      خلال فترة الوقت هذه،‏ تُعطى شهادة لجميع الامم؛‏ بعد ذلك ستأتي النهاية،‏ لا نهاية الكرة الارضية،‏ بل النظام الشرير والناس الفجار.‏ (‏متى ٢٤:‏​٣،‏ ١٤؛‏ ٢ بطرس ٣:‏٧؛‏ جامعة ١:‏٤‏)‏

      ◆ يوجد طريق واحد فقط الى الحياة؛‏ ليست جميع الاديان او الممارسات الدينية مقبولة عند اللّٰه.‏ (‏متى ٧:‏​١٣،‏ ١٤؛‏ يوحنا ٤:‏​٢٣،‏ ٢٤؛‏ افسس ٤:‏​٤،‏ ٥‏)‏

      تشدِّد العبادة الحقة لا على المظهر الطقسي والخارجي بل على المحبة الحقيقية للّٰه،‏ التي تظهر بالطاعة لوصاياه ومحبة المرء لرفيقه الانسان.‏ (‏متى ١٥:‏​٨،‏ ٩؛‏ ١ يوحنا ٥:‏٣؛‏ ٣:‏​١٠-‏١٨؛‏ ٤:‏٢١؛‏ يوحنا ١٣:‏​٣٤،‏ ٣٥‏)‏

      يمكن للناس من جميع الامم،‏ العروق،‏ والالسنة ان يخدموا يهوه وينالوا رضاه.‏ (‏اعمال ١٠:‏​٣٤،‏ ٣٥؛‏ رؤيا ٧:‏​٩-‏١٧‏)‏

      الصلاة يجب ان توجَّه الى يهوه فقط بواسطة يسوع؛‏ الصور لا يجب ان تُستعمل كمعبودات ولا كمساعدات في العبادة.‏ (‏متى ٦:‏٩؛‏ يوحنا ١٤:‏​٦،‏ ١٣،‏ ١٤؛‏ ١ يوحنا ٥:‏٢١؛‏ ٢ كورنثوس ٥:‏٧؛‏ ٦:‏١٦؛‏ اشعياء ٤٢:‏٨‏)‏

      الممارسات الارواحية يجب تجنبها.‏ (‏غلاطية ٥:‏​١٩-‏٢١؛‏ تثنية ١٨:‏​١٠-‏١٢؛‏ رؤيا ٢١:‏٨‏)‏

      لا يوجد تمييز بين رجال دين وعامة الشعب عند المسيحيين الحقيقيين.‏ (‏متى ٢٠:‏​٢٥-‏٢٧؛‏ ٢٣:‏​٨-‏١٢‏)‏

      المسيحية الحقة لا تشتمل على حفظ سبت اسبوعي او التقيُّد بمتطلبات اخرى للناموس الموسوي لنيل الخلاص؛‏ وفعل ذلك انما هو رفض للمسيح،‏ الذي تمَّم الناموس.‏ (‏غلاطية ٥:‏٤؛‏ رومية ١٠:‏٤؛‏ كولوسي ٢:‏​١٣-‏١٧‏)‏

      اولئك الذين يمارسون العبادة الحقة لا ينهمكون في الايمان الخليط.‏ (‏٢ كورنثوس ٦:‏​١٤-‏١٧؛‏ رؤيا ١٨:‏٤‏)‏

      جميع الذين هم حقا تلاميذ ليسوع يعتمدون بالتغطيس الكامل.‏ (‏متى ٢٨:‏​١٩،‏ ٢٠؛‏ مرقس ١:‏​٩،‏ ١٠؛‏ اعمال ٨:‏​٣٦-‏٣٨‏)‏

      جميع الذين يتبعون مثال يسوع ويطيعون وصاياه يشهدون للآخرين عن ملكوت اللّٰه.‏ (‏لوقا ٤:‏٤٣؛‏ ٨:‏١؛‏ متى ١٠:‏٧؛‏ ٢٤:‏١٤‏)‏

      ◆ الموت هو نتيجة وراثة الخطية عن آدم.‏ (‏رومية ٥:‏١٢؛‏ ٦:‏٢٣‏)‏

      عند الموت،‏ النفس هي التي تموت.‏ (‏حزقيال ١٨:‏٤‏)‏

      الموتى لا يشعرون بشيء.‏ (‏مزمور ١٤٦:‏٤؛‏ جامعة ٩:‏​٥،‏ ١٠‏)‏

      الهاوية (‏شيول،‏ آذس)‏ هي المدفن العام للجنس البشري.‏ (‏ايوب ١٤:‏١٣؛‏ رؤيا ٢٠:‏​١٣،‏ ١٤‏)‏

      ‏‹بحيرة النار› التي يسلَّم اليها الاشرار الذين لا سبيل الى تقويمهم تعني،‏ كما يقول الكتاب المقدس نفسه،‏ «الموت الثاني،‏» الموت الى الابد.‏ (‏رؤيا ٢١:‏٨‏)‏

      القيامة هي رجاء الاموات وأولئك الذين فقدوا احباء في الموت.‏ (‏١ كورنثوس ١٥:‏​٢٠-‏٢٢؛‏ يوحنا ٥:‏​٢٨،‏ ٢٩‏؛‏ قارنوا يوحنا ١١:‏​٢٥،‏ ٢٦،‏ ٣٨-‏٤٤؛‏ مرقس ٥:‏​٣٥-‏٤٢‏.‏)‏

      الموت الناجم عن خطية آدم لن يكون في ما بعد.‏ (‏١ كورنثوس ١٥:‏٢٦؛‏ اشعياء ٢٥:‏٨؛‏ رؤيا ٢١:‏٤‏)‏

      ◆ ‹قطيع صغير،‏› ٠٠٠‏,١٤٤ فقط،‏ يذهبون الى السماء.‏ (‏لوقا ١٢:‏٣٢ ؛‏ رؤيا ١٤:‏​١،‏ ٣‏)‏

      هؤلاء هم ‹المولودون ثانية› كاولاد روحيين للّٰه.‏ (‏يوحنا ٣:‏٣؛‏ ١ بطرس ١:‏​٣،‏ ٤‏)‏

      اللّٰه يختار هؤلاء من جميع الشعوب والامم ليملكوا مع المسيح في الملكوت.‏ (‏رؤيا ٥:‏​٩،‏ ١٠؛‏ ٢٠:‏٦‏)‏

      ◆ الآخرون الذين ينالون رضى اللّٰه سيحيون الى الابد على الارض.‏ (‏مزمور ٣٧:‏٢٩؛‏ متى ٥:‏٥؛‏ ٢ بطرس ٣:‏١٣‏)‏

      الارض لن تدمَّر ابدا او تُحرم من سكانها.‏ (‏مزمور ١٠٤:‏٥؛‏ اشعياء ٤٥:‏١٨‏)‏

      انسجاما مع قصد اللّٰه الاصلي،‏ ستصير الارض كلها فردوسا.‏ (‏تكوين ١:‏​٢٧،‏ ٢٨؛‏ ٢:‏​٨،‏ ٩؛‏ لوقا ٢٣:‏​٤٢،‏ ٤٣‏)‏

      ستكون هنالك بيوت ملائمة ووفرة من الطعام لمتعة كل واحد.‏ (‏اشعياء ٦٥:‏​٢١-‏٢٣؛‏ مزمور ٧٢:‏١٦‏)‏

      المرض،‏ كل انواع العجز،‏ والموت نفسه ستصير من امور الماضي.‏ (‏رؤيا ٢١:‏​٣،‏ ٤؛‏ اشعياء ٣٥:‏​٥،‏ ٦‏)‏

      ◆ السلطات الدنيوية يجب معاملتها باحترام لائق.‏ (‏رومية ١٣:‏​١-‏٧ ؛‏ تيطس ٣:‏​١،‏ ٢‏)‏

      المسيحيون الحقيقيون لا يشتركون في التمرد على السلطة الحكومية.‏ (‏امثال ٢٤:‏​٢١،‏ ٢٢؛‏ رومية ١٣:‏١‏)‏

      يطيعون جميع القوانين التي لا تتعارض مع شريعة اللّٰه،‏ لكنَّ الطاعة للّٰه تأتي اولا.‏ (‏اعمال ٥:‏٢٩‏)‏

      يتمثلون بيسوع في البقاء محايدين ازاء شؤون العالم السياسية.‏ (‏متى ٢٢:‏​١٥-‏٢١؛‏ يوحنا ٦:‏١٥‏)‏

      ◆ يجب على المسيحيين ان يتقيَّدوا بمقاييس الكتاب المقدس في ما يتعلق بالدم اضافة الى الفساد الادبي الجنسي.‏ (‏اعمال ١٥:‏​٢٨،‏ ٢٩‏)‏

      ادخال الدم الى الجسد عن طريق الفم او الاوردة يخالف شريعة اللّٰه.‏ (‏تكوين ٩:‏​٣-‏٦؛‏ اعمال ١٥:‏​١٩،‏ ٢٠‏)‏

      يجب على المسيحيين ان يكونوا طاهرين ادبيا؛‏ العهارة،‏ الزنا،‏ ومضاجعة النظير يجب الا يكون لها مكان في حياتهم،‏ ولا السكر او اساءة استعمال المخدرات.‏ (‏١ كورنثوس ٦:‏​٩-‏١١؛‏ ٢ كورنثوس ٧:‏١‏)‏

      ◆ الاستقامة والامانة الشخصيتان في الاعتناء بالمسؤوليات الزوجية والعائلية هما مهمتان للمسيحيين.‏ (‏١ تيموثاوس ٥:‏٨؛‏ كولوسي ٣:‏​١٨-‏٢١؛‏ عبرانيين ١٣:‏٤‏)‏

      عدم الاستقامة في الكلام او في العمل،‏ وكذلك التصرف برياء لا ينسجمان مع كون المرء مسيحيا.‏ (‏امثال ٦:‏​١٦-‏١٩؛‏ افسس ٤:‏٢٥؛‏ متى ٦:‏٥؛‏ مزمور ٢٦:‏٤‏)‏

      ◆ عبادة يهوه المقبولة تتطلب ان نحبه قبل ايّ شيء آخر.‏ (‏لوقا ١٠:‏٢٧؛‏ تثنية ٥:‏٩‏)‏

      فعل مشيئة يهوه،‏ وبالتالي جلب الاكرام لاسمه،‏ هو الشيء الاهم في حياة المسيحي الحقيقي.‏ (‏يوحنا ٤:‏٣٤؛‏ كولوسي ٣:‏٢٣؛‏ ١ بطرس ٢:‏١٢‏)‏

      اذ يعملون الخير للجميع حسبما يستطيعون،‏ يعترف المسيحيون بالتزام خصوصي نحو خدام اللّٰه الرفقاء؛‏ لذلك فإن مساعدتهم في اوقات المرض والنكبة توجَّه خصوصا نحو هؤلاء.‏ (‏غلاطية ٦:‏١٠؛‏ ١ يوحنا ٣:‏​١٦-‏١٨‏)‏

      المحبة للّٰه تتطلب من المسيحيين الحقيقيين ليس فقط ان يطيعوا وصيته بأن يحبوا قريبهم بل ايضا ان لا يحبوا طريقة حياة العالم المادية والفاسدة ادبيا.‏ والمسيحيون الحقيقيون ليسوا جزءا من العالم ولذلك يمتنعون عن الاشتراك في النشاطات التي تثبت هويتهم كمشتركين في روحه.‏ (‏رومية ١٣:‏​٨،‏ ٩؛‏ ١ يوحنا ٢:‏​١٥-‏١٧؛‏ يوحنا ١٥:‏١٩؛‏ يعقوب ٤:‏٤‏)‏

      ‏[الحاشية]‏

      d من اجل التفاصيل،‏ انظروا كتاب «ليأت ملكوتك.‏»‏

      ‏[الصورة في الصفحة ١٢١]‏

      ت.‏ ت.‏ رصل بدأ باصدار «برج مراقبة زيون» في السنة ١٨٧٩،‏ عندما كان في الـ‍ ٢٧ من العمر

      ‏[الصورتان في الصفحة ١٢٥]‏

      السّر اسحق نيوتن وهنري ڠرُو كانا بين اولئك الذين رفضوا في وقت ابكر الثالوث بصفته غير مؤسس على الاسفار المقدسة

      ‏[الصورتان في الصفحة ١٢٩]‏

      في مناظرة عامة،‏ حاجَّ رصل بأن الاموات هم اموات حقا،‏ وليسوا احياء مع الملائكة ولا مع الابالسة في مكان يأس

      قاعة كارنيجي،‏ ألليڠيني،‏ پنسلڤانيا —‏ حيث عُقدت المناظرة

      ‏[الصورة في الصفحة ١٣١]‏

      سافر رصل الى المدن الكبيرة والصغيرة على السواء ليخبر بالحق عن الهاوية

      ‏[الصورة في الصفحة ١٣٠]‏

      عندما تعلَّم فردريك فرانز،‏ تلميذ جامعي،‏ الحق عن حالة الموتى،‏ غيَّر كاملا اهدافه في الحياة

      ‏[الصورة في الصفحة ١٣٤]‏

      اعلن تلاميذ الكتاب المقدس على نحو واسع السنة ١٩١٤ بصفتها نهاية ازمنة الامم،‏ كما في هذه النشرة لجمعية تلاميذ الكتاب المقدس من جميع الامم الموزَّعة خلال السنة ١٩١٤

      ‏[الصورتان في الصفحة ١٣٧]‏

      في السنة ١٩٣١،‏ اذ استخدم اوسع شبكة اذاعية على الاطلاق،‏ اظهر ج.‏ ف.‏ رذرفورد ان ملكوت اللّٰه وحده يمكن ان يجلب الراحة الدائمة للجنس البشري

      أُذيعت المحاضرة «الملكوت،‏ رجاء العالم،‏» عبر ١٦٣ محطة في آن واحد وكُرِّرت لاحقا عبر ٣٤٠ محطة اخرى

      ‏[الصورتان في الصفحة ١٤٢]‏

      أُرسل أ.‏ ه‍.‏ ماكميلان بحرا الى فلسطين في السنة ١٩٢٥ بسبب اهتمام خصوصي بدور اليهود في ما يتعلق بنبوة الكتاب المقدس

  • كيف صرنا معروفين بشهود يهوه
    شهود يهوه —‏ منادون بملكوت اللّٰه
    • الفصل ١١

      كيف صرنا معروفين بشهود يهوه

      خلال العقود الباكرة من تاريخهم العصري،‏ كثيرا ما أُشير اليهم بتلاميذ الكتاب المقدس.‏ وعندما كان الآخرون يسألون عن اسم الهيئة،‏ كان اخوتنا يجيبون في الغالب،‏ «نحن مسيحيون.‏» وردّ الاخ رصل على مثل هذا السؤال قائلا في برج المراقبة:‏ «نحن لا نفصل انفسنا عن المسيحيين الآخرين باتخاذ اسم مميِّز او خصوصي.‏ نحن مكتفون بالاسم،‏ مسيحي،‏ الذي عُرف به القديسون الاولون.‏» —‏ عدد ايلول ١٨٨٨ (‏بالانكليزية)‏.‏

      اذًا،‏ كيف حدث ان صرنا معروفين اليوم بشهود يهوه؟‏

      الاسم مسيحي

      ان الأتباع الحقيقيين ليسوع المسيح،‏ في القرن الاول وفي الازمنة العصرية على حد سواء،‏ اشاروا الى انفسهم والى الرفقاء المؤمنين بصفتهم «الاخوة،‏» «الرفقاء،‏» و «جماعة اللّٰه.‏» (‏اعمال ١١:‏٢٩؛‏ ٣ يوحنا ١٤‏،‏ ع‌ج؛‏ ١ كورنثوس ١:‏٢‏،‏ ع‌ج‏)‏ وتكلموا ايضا عن المسيح بصفته «السيد» وعن انفسهم بصفتهم ‹عبيد يسوع المسيح› و «عبيد اللّٰه.‏» (‏كولوسي ٣:‏​٢٤‏،‏ ع‌ج‏؛‏ فيلبي ١:‏١؛‏ ١ بطرس ٢:‏١٦‏)‏ ومثل هذه التسميات استُعملت بوفرة داخل الجماعة،‏ وكانت مفهومة جيدا هناك.‏

      وفي القرن الاول أُشير الى طريقة الحياة التي تتركَّز حول الايمان بيسوع المسيح (‏وبالتوسيع،‏ الجماعة نفسها)‏ بصفتها «الطريق.‏» (‏اعمال ٩:‏٢؛‏ ١٩:‏٩‏)‏ ويدل عدد من الترجمات للاعمال ١٨:‏٢٥ انها دُعيت ايضا «طريق يهوه.‏»‏a ومن ناحية اخرى،‏ اشار اليها باستهزاء بعض الذين هم خارج الجماعة بأنها «شيعة الناصريين.‏» —‏ اعمال ٢٤:‏٥‏.‏

      بحلول السنة ٤٤ ب‌م،‏ او بعد ذلك بوقت غير طويل،‏ كان أتباع يسوع المسيح الامناء معروفين بصفتهم مسيحيين.‏ ويدَّعي البعض ان الذين من خارج هم مَن دعوهم مسيحيين،‏ فاعلين ذلك بازدراء.‏ إلا ان عددا من واضعي قواميس الكتاب المقدس والمعلِّقين عليه يصرِّحون بأن الفعل المستعمل في الاعمال ١١:‏٢٦ يدلّ ضمنا على التوجيه او الاعلان الالهي.‏ وهكذا،‏ في ترجمة العالم الجديد،‏ تقول هذه الآية:‏ «كان في انطاكية اولا ان التلاميذ بعناية الهية دُعُوا مسيحيين.‏» (‏يوجد نقل مماثل في ترجمة حرفية للكتاب المقدس لروبرت يونڠ،‏ طبعة منقحة،‏ للسنة ١٨٩٨؛‏ الكتاب المقدس بالانكليزية البسيطة،‏ للسنة ١٩٨١؛‏ و العهد الجديد لهوڠو مَكورد،‏ للسنة ١٩٨٨.‏)‏ وبحلول السنة ٥٨ ب‌م تقريبا كان الاسم مسيحي معروفا جيدا حتى عند الرسميين الرومان.‏ —‏ اعمال ٢٦:‏٢٨‏.‏

      وفيما كان رسل المسيح لا يزالون احياء،‏ كان الاسم مسيحي مميِّزا ومحدَّدا.‏ (‏١ بطرس ٤:‏١٦‏)‏ وجميع الذين كانوا يدَّعون انهم مسيحيون ولكنَّ معتقداتهم او سلوكهم كان يناقض ادعاءهم طُردوا من الجماعة المسيحية.‏ ولكن،‏ كما سبق وأنبأ يسوع،‏ بعد موت الرسل زرع الشيطان بزورا انتجت مسيحيين زائفين.‏ وهؤلاء الزائفون ادَّعوا ايضا بالاسم مسيحي.‏ (‏متى ١٣:‏​٢٤،‏ ٢٥،‏ ٣٧-‏٣٩‏)‏ وعندما لجأت المسيحية المرتدة الى الهداية القسرية،‏ ادَّعى البعض انهم مسيحيون لمجرد تجنب الاضطهاد.‏ وعلى مر الوقت،‏ غالبا ما كان ايّ اوروپي لا يدَّعي انه يهودي،‏ مسلم،‏ او ملحد يُعتبر مسيحيا،‏ بصرف النظر عن معتقداته او سلوكه.‏

      ألقاب استهزاء

      من القرن الـ‍ ١٦ فصاعدا انشأ هذا الوضع مشكلة للمصلِحين.‏ فبما ان الاسم مسيحي استُعمل بشكل غير دقيق،‏ كيف كان بإمكانهم ان يميِّزوا انفسهم من الآخرين الذين يدَّعون انهم مسيحيون؟‏

      غالبا ما كانوا يوافقون على استعمال لقب استهزاء يطلقه عليهم اعداؤهم.‏ وهكذا كان الخصوم اللاهوتيون لمارتن لوثر،‏ في المانيا،‏ اول من اطلقوا اسمه على أتباعه،‏ داعين اياهم باللوثريين.‏ والذين تبعوا جون ويزلي،‏ في انكلترا،‏ لُقِّبوا بالمنهجيين لأنهم كانوا بشكل غير عادي دقيقين ومنهجيين في حفظ الواجبات الدينية.‏ والمعمدانيون في بادئ الامر قاوموا اللقب «مجدِّدو المعمودية» (‏الذي يعني «المعمِّد ثانية»)‏ لكنهم تدريجيا تبنوا الاسم معمداني كنوع من المسايرة.‏

      وماذا عن تلاميذ الكتاب المقدس؟‏ دعاهم رجال الدين بالرصليين والرذرفورديين.‏ لكنَّ تبني مثل هذا الاسم كان سيعزِّز روح الطائفية.‏ وكان سيتعارض مع التوبيخ المعطى للمسيحيين الاولين من قبل الرسول بولس،‏ الذي كتب:‏ «متى قال واحد انا لبولس وآخر انا لأبلوس أفَلَستم جسديين [اي،‏ جسديين في وجهة النظر عوض روحيين].‏» (‏١ كورنثوس ٣:‏٤‏)‏ ولقَّبهم بعض الناس بـ‍ «المؤمنون بالفجر الالفي»؛‏ لكنَّ ملْك المسيح الالفي كان مجرد واحد من تعاليمهم.‏ ودعاهم آخرون «شعب برج المراقبة»؛‏ لكنَّ ذلك ايضا لم يكن ملائما،‏ لأن برج المراقبة كانت مجرد واحدة من المطبوعات التي استخدموها لنشر حق الكتاب المقدس.‏

      الحاجة الى اسم مميِّز

      على مر الوقت اتَّضح اكثر فأكثر انه بالاضافة الى التسمية مسيحي،‏ كانت جماعة خدام يهوه تحتاج حقا الى اسم مميِّز.‏ فمعنى الاسم مسيحي صار مشوَّها في ذهن العامة لأن الناس الذين ادَّعوا انهم مسيحيون غالبا ما كانت لديهم فكرة ضئيلة او لم تكن لديهم اية فكرة عمَّن كان يسوع المسيح،‏ ما علَّمه،‏ وما يجب ان يفعلوه اذا كانوا حقا أتباعه.‏ وبالاضافة الى ذلك،‏ اذ تقدَّم اخوتنا في فهمهم كلمة اللّٰه،‏ رأوا بوضوح الحاجة ان يكونوا منفصلين ومتميِّزين من تلك الانظمة الدينية التي تدَّعي على نحو خادع انها مسيحية.‏

      صحيح ان اخوتنا غالبا ما كانوا يشيرون الى انفسهم بتلاميذ الكتاب المقدس،‏ وابتداء من السنة ١٩١٠ استعملوا الاسم جمعية تلاميذ الكتاب المقدس من جميع الامم في ما يتعلق باجتماعاتهم.‏ وفي السنة ١٩١٤،‏ بغية تجنب الخلط بمؤسستهم الشرعية المشكَّلة حديثا المدعوة جمعية تلاميذ الكتاب المقدس من جميع الامم،‏ تبنوا الاسم معشر تلاميذ الكتاب المقدس لفرقهم المحلية.‏ لكنَّ عبادتهم شملت اكثر من درس الكتاب المقدس.‏ وفضلا عن ذلك،‏ كان هنالك آخرون يدرسون ايضا الكتاب المقدس —‏ البعض باخلاص؛‏ آخرون كنقَّاد؛‏ وكثيرون كاشخاص يعتبرونه مجرد قطعة ادبية بديعة.‏ ثم،‏ بعد موت الاخ رصل،‏ رفض بعض العشراء السابقين ان يتعاونوا مع جمعية برج المراقبة وجمعية تلاميذ الكتاب المقدس من جميع الامم،‏ حتى انهم قاوموا عمل هاتين الجمعيتين.‏ ومثل هذه الفرق المجزَّأة استعملت مجموعة منوَّعة من الاسماء،‏ وبعضها التصق بالتسمية معشر تلاميذ الكتاب المقدس.‏ فتسبَّب ذلك بتشويش اضافي.‏

      ولكننا بعد ذلك،‏ في السنة ١٩٣١،‏ اعتنقنا الاسم المميِّز حقا شهود يهوه.‏ والمؤلِّف تشانلر و.‏ سترلينڠ يشير الى ذلك بصفته «اعظم مسحة للعبقرية» من جهة ج.‏ ف.‏ رذرفورد،‏ رئيس جمعية برج المراقبة آنذاك.‏ وكما نظر ذلك الكاتب الى المسألة،‏ كانت هذه خطوة حاذقة لم تزوِّد فقط اسما رسميا للفريق بل سهَّلت عليهم ايضا تفسير جميع اشارات الكتاب المقدس الى «شاهد» و «شهادة» بصفتها تنطبق خصوصا على شهود يهوه.‏ وبالتباين،‏ قال أ.‏ ه.‏ ماكميلان،‏ رفيق اداري لثلاثة رؤساء لجمعية برج المراقبة،‏ عن ذلك الاعلان من قبل الاخ رذرفورد:‏ «لا يوجد شك في ذهني —‏ لا آنذاك ولا الآن —‏ في ان الرب وجَّهه في ذلك،‏ وهذا هو الاسم الذي يريد يهوه ان نحمله،‏ ونحن سعداء جدا ومسرورون جدا بحيازته.‏» فأية وجهة نظر تؤيدها الوقائع؟‏ هل كان الاسم ‹مسحة عبقرية› من جهة الاخ رذرفورد،‏ ام انه كان نتيجة العناية الالهية؟‏

      تطورات تشير الى الاسم

      كان في القرن الثامن ق‌م ان يهوه جعل اشعياء يكتب:‏ «انتم شهودي يقول (‏يهوه)‏ وعبدي الذي اخترته لكي تعرفوا وتؤمنوا بي وتفهموا اني انا هو.‏ قبلي لم يصوَّر اله وبعدي لا يكون.‏ .‏ .‏ .‏ وأنتم شهودي يقول (‏يهوه)‏ وأنا اللّٰه.‏» (‏اشعياء ٤٣:‏​١٠،‏ ١٢‏)‏ وكما يظهر في الاسفار اليونانية المسيحية،‏ هنالك نبوات عديدة سجَّلها اشعياء لها اتمام في ما يتعلق بالجماعة المسيحية.‏ (‏قارنوا اشعياء ٨:‏١٨ بالعبرانيين ٢:‏​١٠-‏١٣‏؛‏ اشعياء ٦٦:‏٢٢ بالرؤيا ٢١:‏​١،‏ ٢ ‏.‏)‏ غير ان اشعياء ٤٣:‏​١٠،‏ ١٢ لم تُناقَش قط بأيّ تفصيل في برج المراقبة خلال سنوات نشرها الـ‍ ٤٠ الاولى.‏

      إلا ان درس خدام يهوه الاسفار المقدسة وجَّه بعد ذلك انتباههم الى تطورات جديدة مهمة.‏ فملكوت اللّٰه برئاسة يسوع بصفته الملك المسيَّاني وُلِد في السموات في السنة ١٩١٤.‏ وفي السنة ١٩٢٥،‏ السنة التي فيها وُضِّح ذلك في برج المراقبة،‏ لُفِت الانتباه الى الوصية النبوية،‏ في اشعياء الاصحاح ٤٣‏،‏ بأن يكونوا شهودا ليهوه في ١١ عددا مختلفا من المجلة.‏

      وفي برج المراقبة عدد ١ كانون الثاني ١٩٢٦ (‏بالانكليزية)‏،‏ ابرزت المقالة الرئيسية سؤال التحدي:‏ «مَن سيكرمون يهوه؟‏» وخلال السنوات الخمس التالية ناقشت برج المراقبة جزءا من اشعياء ٤٣:‏​١٠-‏١٢ في ٤٦ عددا منفصلا وفي كل مرة طبقته على المسيحيين الحقيقيين.‏b وفي السنة ١٩٢٩ أُشير الى ان القضية البارزة التي تواجه الخليقة العاقلة كلها تشمل اكرام اسم يهوه.‏ وفي ما يتعلق بالمسؤولية الملقاة على عاتق خدام يهوه بشأن هذه القضية،‏ جرى التأمل تكرارا في اشعياء ٤٣:‏​١٠-‏١٢‏.‏

      وهكذا تظهر الوقائع انه،‏ نتيجة لدرس الكتاب المقدس،‏ لُفِت الانتباه تكرارا الى التزامهم ان يكونوا شهودا ليهوه.‏ فلم يكن اسم الفريق موضع البحث بل العمل الذي يجب ان يقوموا به.‏

      ولكن بأيّ اسم يجب ان يُعرَف اولئك الشهود؟‏ وماذا سيكون ملائما نظرا الى العمل الذي يقومون به؟‏ والى ايّ استنتاج اشارت كلمة اللّٰه نفسها؟‏ نوقشت هذه المسألة في محفل في كولومبوس،‏ اوهايو،‏ الولايات المتحدة الاميركية،‏ في ٢٤-‏٣٠ تموز ١٩٣١.‏

      اسم جديد

      ظهر الحرفان الكبيران ش ي بشكل بارز على الغلاف الامامي من برنامج المحفل.‏ فماذا عنيا؟‏ لم يُفسَّر مغزاهما حتى يوم الاحد في ٢٦ تموز.‏ ففي ذلك اليوم ألقى الاخ رذرفورد المحاضرة العامة «الملكوت،‏ رجاء العالم.‏» وفي هذه المحاضرة،‏ عند اثبات هوية اولئك المنادين بملكوت اللّٰه،‏ اشار الخطيب بشكل خصوصي الى الاسم شهود يهوه.‏

      وفي وقت لاحق من ذلك النهار ألحق الاخ رذرفورد ذلك بخطاب آخر ناقش فيه اسباب الحاجة الى اسم مميِّز.‏c فالى ايّ اسم كانت الاسفار المقدسة نفسها تشير؟‏ اقتبس الخطيب من الاعمال ١٥:‏١٤‏،‏ التي توجِّه الانتباه الى قصد اللّٰه ان يأخذ من الامم «شعبا على اسمه.‏» وفي محاضرته ابرز الواقع ان يسوع المسيح،‏ كما ذُكر في الرؤيا ٣:‏١٤‏،‏ هو «الشاهد الامين الصادق.‏» وأشار الى يوحنا ١٨:‏٣٧ حيث اعلن يسوع:‏ «لهذا قد اتيت الى العالم لأشهد للحق.‏» ووجَّه الانتباه الى ١ بطرس ٢:‏​٩،‏ ١٠‏،‏ التي تقول ان خدام اللّٰه يجب ان ‹يخبروا بفضائل الذي دعاهم من الظلمة الى نوره العجيب.‏› وبحث في عدد من الآيات من اشعياء،‏ التي لم تكن كلها مفهومة بوضوح في ذلك الحين،‏ ولكنه بعدئذ بلغ ذروة عرضه باشعياء ٤٣:‏​٨-‏١٢‏،‏ التي تشمل المهمة الالهية:‏ «انتم شهودي يقول (‏يهوه)‏ وأنا اللّٰه.‏» اذًا،‏ الى ايّ استنتاج كانت كلمة يهوه نفسها توجِّههم؟‏ وأيّ اسم كان سينسجم مع الطريقة التي بها كان يهوه في الواقع يستخدمهم؟‏

      كان الجواب الواضح متضمَّنا في قرار جرى تبنيه بحماسة في تلك المناسبة.‏d قال هذا القرار جزئيا:‏

      ‏«لكي يكون موقفنا الحقيقي معروفا،‏ واذ نعتقد ان ذلك ينسجم مع مشيئة اللّٰه،‏ كما يجري التعبير عنها في كلمته،‏ نقرِّر ما يلي،‏ اي:‏

      ‏«أننا نملك محبة عظيمة للاخ تشارلز ت.‏ رصل،‏ من اجل عمله،‏ وأننا نعترف بسرور ان الرب استخدمه وبارك عمله كثيرا،‏ ومع ذلك لا يمكننا انسجاما مع كلمة اللّٰه ان نوافق على ان نُدعى بالاسم ‹رصليون›؛‏ أن جمعية برج المراقبة للكتاب المقدس والكراريس وجمعية تلاميذ الكتاب المقدس من جميع الامم وجمعية منبر الشعوب هي مجرد اسماء للمؤسسات التي نملكها،‏ نوجِّهها ونستخدمها كجماعة من الناس المسيحيين لانجاز عملنا اطاعة لوصايا اللّٰه،‏ ومع ذلك لا يرتبط ايّ من هذه الاسماء بلياقة بنا او ينطبق علينا كهيئة من المسيحيين الذين يتبعون خطوات ربنا وسيدنا،‏ المسيح يسوع؛‏ أننا تلاميذ للكتاب المقدس،‏ ولكننا،‏ كهيئة من المسيحيين يشكِّلون معشرا،‏ نرفض ان نتخذ او نُدعى بالاسم ‹تلاميذ الكتاب المقدس› او بأسماء مماثلة كوسيلة لتحديد موقفنا اللائق امام الرب؛‏ نأبى ان نحمل او ان نُدعى باسم ايّ انسان؛‏

      ‏«أننا،‏ اذ اشتُرينا بالدم الثمين ليسوع المسيح ربنا وفادينا،‏ تبرَّرنا ووُلِدنا من يهوه اللّٰه ودُعينا الى ملكوته،‏ نعلن دون تردد كامل ولائنا وتعبدنا ليهوه اللّٰه وملكوته؛‏ أننا خدام ليهوه اللّٰه مفوَّض الينا ان نقوم بعمل باسمه،‏ واطاعة لوصيته،‏ ان نوصل الشهادة عن يسوع المسيح،‏ وأن نعلن للناس ان يهوه هو الاله الحقيقي والقادر على كل شيء؛‏ ولذلك بفرح نعتنق ونتخذ الاسم الذي سمَّاه فم الرب الاله،‏ ونرغب في ان نُعرف ونُدعى بالاسم،‏ اي شهود يهوه‏.‏ —‏ اشعياء ٤٣:‏​١٠-‏١٢‏.‏»‏e

      بعد عرض كامل القرار دلّ التصفيق المدوّي الطويل على موافقة الحضور التامة على ما ذُكر.‏

      قبول المسؤولية

      يا له من شرف ان نحمل اسم الاله الحقيقي الوحيد،‏ سيد الكون!‏ ولكنَّ هذا الاسم ترافقه المسؤولية.‏ انها مسؤولية لا تريدها الفرق الدينية الاخرى.‏ وكما قال الاخ رذرفورد في محاضرته:‏ «سعداء هم الذين يمكنهم ان يتخذوا اسما لا يريده احد تحت الشمس سوى اولئك المتعبدين ليهوه كليا ودون تحفظ.‏» ولكن،‏ كم هو ملائم ان يحمل خدام يهوه اسم اللّٰه الشخصي،‏ ان يعلنوه،‏ وأن يقترن بشكل بارز بالمناداة بقصده!‏

      والفريق او الافراد الذين يتكلمون باسم يهوه يضعون انفسهم تحت التزام نقل كلمته بصدق.‏ (‏ارميا ٢٣:‏​٢٦-‏٢٨‏)‏ ويجب ان يعلنوا ليس فقط تدابير يهوه لمباركة محبي البر بل ايضا احكامه على ممارسي الاثم.‏ وكما اوصى يهوه انبياءه في الازمنة الماضية،‏ كذلك اليوم ينبغي لشهوده الا ينقِّصوا شيئا من كلمة اللّٰه بالفشل في اعلانه.‏ (‏ارميا ١:‏١٧؛‏ ٢٦:‏٢؛‏ حزقيال ٣:‏​١-‏١١‏)‏ ويجب ان ينادوا «بسنة مقبولة (‏ليهوه)‏ وبيوم انتقام لالهنا» على السواء.‏ (‏اشعياء ٦١:‏​١،‏ ٢‏)‏ وأولئك الذين تبنوا القرار اعلاه ادركوا هذه المسؤولية،‏ وفي الجزء الاخير من القرار اعلنوا:‏

      ‏«كشهود ليهوه،‏ قصدنا الفريد والوحيد هو أن نكون طائعين كاملا لوصاياه؛‏ أن نعلن انه الاله الحقيقي الوحيد والقادر على كل شيء؛‏ أن كلمته صادقة وأن اسمه يستحق كل اكرام ومجد؛‏ أن المسيح هو مَلك اللّٰه،‏ الذي جعله على عرش سلطته؛‏ أن ملكوته جاء الآن،‏ واطاعة لوصايا الرب يجب ان نعلن الآن هذه البشارة شهادة للامم ونخبر الحكام والشعب عن هيئة الشيطان الوحشية والظالمة،‏ وخصوصا في ما يتعلق بـ‍ ‹العالم المسيحي› الذي هو الجزء الاكثر شرا في تلك الهيئة المنظورة،‏ وعن قصد اللّٰه ان يهلك قريبا هيئة الشيطان،‏ الاجراء العظيم الذي سيليه سريعا جلب المسيح الملِك لشعوب الارض الطائعين السلام والازدهار،‏ الحرية والصحة،‏ السعادة والحياة الابدية؛‏ أن ملكوت اللّٰه هو رجاء العالم،‏ ولا يوجد رجاء آخر،‏ وأن هذه الرسالة يجب ان يسلِّمها اولئك الذين تحدَّد هويتهم كشهود ليهوه.‏

      ‏«ندعو بتواضع جميع الاشخاص الاولياء كليا ليهوه وملكوته ان يشتركوا في المناداة بهذه البشارة للآخرين،‏ لكي يرتفع المقياس البار للرب،‏ لكي تعرف شعوب العالم اين يجدون الحق والرجاء بالراحة؛‏ وقبل كل شيء،‏ لكي يُبرَّأ ويُرفَّع الاسم العظيم والقدوس ليهوه اللّٰه.‏»‏

      ليس فقط في كولومبوس،‏ اوهايو،‏ في اميركا،‏ بل بعيدا في اوستراليا انفجر الحاضرون بالتصفيق عندما سمعوا الاعلان عن هذا الاسم الجديد.‏ وفي اليابان،‏ بعد ساعات من المحاولة،‏ جرى التقاط جزء قصير فقط من البرنامج على جهاز راديو للموجات القصيرة في منتصف الليل.‏ فتُرجم على الفور.‏ وهكذا سمع الفريق الصغير هناك القرار والتصفيق المدوّي.‏ وكانت ماتسو ايشي هناك معهم،‏ وكما كتبت في ما بعد،‏ ‹رفعوا هتاف الفرح انسجاما مع اخوتهم في اميركا.‏› وعقب المحفل في كولومبوس،‏ عبَّرت محافل وجماعات شهود يهوه في جميع البلدان حيث كانوا يواصلون خدمتهم انها على وفاق تام مع ذلك القرار.‏ ومن النروج،‏ على سبيل المثال،‏ اتى التقرير:‏ «في محفلنا السنوي .‏ .‏ .‏ في اوسلو وقفنا على ارجلنا جميعا وبحماس عظيم هتفنا ‹نعم›،‏ عند تبنِّي اسمنا الجديد ‹شهود يهوه›.‏»‏

      اكثر من لقب

      هل كان العالم عموما سيدرك ان اخوتنا تبنَّوا هذا الاسم الجديد؟‏ نعم،‏ حقا!‏ فالخطاب الذي أُعلن فيه الاسم اولا أُلقي عبر اوسع شبكة اذاعية استُعملت على الاطلاق حتى ذلك الحين.‏ وبالاضافة الى ذلك،‏ شُمل القرار الذي يعلن الاسم الجديد بكراس الملكوت،‏ رجاء العالم.‏ وبعد المحفل وزَّع شهود يهوه ملايين النسخ من هذا الكراس بلغات عديدة في اميركا الشمالية والجنوبية،‏ اوروپا،‏ افريقيا،‏ آسيا،‏ وجزر البحر.‏ وفضلا عن تقديم النسخ من بيت الى بيت،‏ بذلوا جهدا خصوصيا لوضع نسخة في يدي كل رسمي حكومي،‏ رجل اعمال بارز،‏ ورجل دين.‏ وبعض الذين لا يزالون احياء في السنة ١٩٩٢ تذكَّروا جيدا اشتراكهم في تلك الحملة المهمة.‏

      لم يتسلَّم الجميع الكراس برضى.‏ تتذكَّر ايڤا ابوت انه فيما كانت تغادر بيت رجل دين في الولايات المتحدة،‏ رُمي بالكراس بقوة في محاذاتها فوقع على الارض.‏ لم ترد ان تتركه هناك،‏ فبادرت الى التقاطه؛‏ لكنَّ كلبا كبيرا هَرَّ،‏ انتزعه من يدها،‏ وأخذه الى سيده،‏ الواعظ.‏ قالت،‏ «ما لم استطع تسليمه،‏ سلَّمه الكلب!‏»‏

      مارتن پويتسنڠر،‏ الذي خدم في وقت لاحق كعضو في الهيئة الحاكمة لشهود يهوه،‏ تذكَّر:‏ «وجوه مندهشة ظهرت عند كل باب عندما كنا نعرِّف بأنفسنا بالكلمات:‏ ‹جئت اليكم اليوم كواحد من شهود يهوه.‏› وكان الناس يهزّون رؤوسهم او يسألون:‏ ‹ولكن ألا تزالون تلاميذ الكتاب المقدس؟‏ ام هل انضممتم الى بدعة جديدة؟‏›» وتدريجيا تغيَّر هذا الوضع.‏ وبعد عدة عقود من شروعهم في استعمال اسمهم المميِّز،‏ كتب الاخ پويتسنڠر:‏ «يا له من تغيير!‏ فقبل ان اتفوَّه بكلمة يقول الناس:‏ ‹لا بد انك واحد من شهود يهوه.‏›» اجل،‏ انهم يعرفون الاسم الآن.‏

      وهذا الاسم ليس مجرد لقب.‏ فسواء كانوا شبانا او شيوخا،‏ ذكورا او اناثا،‏ يشترك جميع شهود يهوه في عمل الشهادة ليهوه وقصده العظيم.‏ ونتيجة لذلك،‏ كتب ت.‏ س.‏ برادن،‏ پروفسور في التاريخ الديني:‏ «غطَّى شهود يهوه الارض حرفيا بشهادتهم.‏» —‏ هؤلاء ايضا يؤمنون.‏

      وعلى الرغم من ان الشهادة التي قام بها اخوتنا قبل تبنِّيهم الاسم شهود يهوه كانت تحيط بالكرة الارضية،‏ إلا انه في التأمل من جديد في ما مضى يَظهر ان يهوه كان يعدّهم لعمل اعظم ايضا —‏ تجميع جمع كثير سيُحفظون احياء عبر هرمجدون،‏ بفرصة الحياة الى الابد على ارض فردوسية.‏

      ‏[الحواشي]‏

      a ترجمة العالم الجديد للاسفار المقدسة؛‏ ترجمة حرفية للعهد الجديد .‏ .‏ .‏ من نص مخطوطة الڤاتيكان،‏ بقلم هِرمان هاينفِتَر؛‏ وست ترجمات بالعبرانية.‏ انظروا ايضا الحاشية في اعمال ١٩:‏٢٣ في ترجمة العالم الجديد للاسفار المقدسة.‏

      b بين مقالات برج المراقبة الرئيسية المنشورة خلال هذه الفترة كانت «يهوه وأعماله،‏» «أَكرموا اسمه،‏» «شعب على اسمه،‏» «ترفيع اسمه،‏» «الشاهد الامين الصادق،‏» «سبِّحوا يهوه!‏» «تلذَّذوا بيهوه،‏» «يهوه الاسمى،‏» «تبرئة اسمه،‏» «اسمه،‏» و «رنِّموا ليهوه.‏»‏

      c انظروا المقالة «اسم جديد،‏» في برج المراقبة عدد ١ تشرين الاول ١٩٣١ (‏بالانكليزية)‏.‏

      d برج المراقبة،‏ ١٥ ايلول ١٩٣١،‏ الصفحتان ٢٧٨،‏ ٢٧٩ (‏بالانكليزية)‏.‏

      e على الرغم من ان الدليل يشير بشكل مقنع الى توجيه يهوه في اختيار الاسم شهود يهوه،‏ اشارت في وقت لاحق برج المراقبة (‏١ شباط ١٩٤٤،‏ ص ٤٢،‏ ٤٣،‏ بالانكليزية؛‏ ١ تشرين الاول ١٩٥٧،‏ ص ٦٠٧،‏ بالانكليزية)‏ وكتاب ”New Heavens and a New Earth” (‏«سموات جديدة وارض جديدة،‏» الصفحات ٢٣١-‏٢٣٧)‏ الى ان هذا الاسم ليس ‹الاسم الجديد› المشار اليه في اشعياء ٦٢:‏٢؛‏ ٦٥:‏١٥؛‏ ورؤيا ٢:‏١٧‏،‏ مع ان الاسم ينسجم مع العلاقة الجديدة المشار اليها في الآيتين في اشعياء.‏

      ‏[النبذة في الصفحة ١٤٩]‏

      ‏«التلاميذ بعناية الهية دُعُوا مسيحيين»‏

      ‏[النبذة في الصفحة ١٥١]‏

      الاسم مسيحي صار مشوَّها في ذهن العامة

      ‏[النبذة في الصفحة ١٥٠]‏

      كانوا اكثر من تلاميذ للكتاب المقدس

      ‏[النبذة في الصفحة ١٥٦]‏

      ‏«انتم شهودي يقول (‏يهوه)‏ وأنا اللّٰه»‏

      ‏[الاطار في الصفحة ١٥٠]‏

      الاسم شهود يهوه في الاميركتين

      انظر المطبوعة.‏

      ‏[الاطار في الصفحة ١٥٣]‏

      الآخرون فهموا ذلك

      لم تكن «برج المراقبة» الوحيدة التي ابرزت من الكتاب المقدس انه سيكون ليهوه شهود على الارض.‏ مثلا،‏ اشار ه.‏ ا.‏ آيرونْسايْد،‏ في كتاب «محاضرات حول دانيال النبي» (‏الصادر اولا في السنة ١٩١١)‏،‏ الى اولئك الذين تتم فيهم الوعود الثمينة لاشعياء الاصحاح ٤٣ وقال:‏ «هؤلاء لا بد ان يكونوا شهود يهوه،‏ الذين يشهدون لقدرة ومجد الاله الحقيقي الواحد،‏ حين يكون العالم المسيحي المرتد قد سُلِّم لعمل الضلال ليصدّق كذب ضد المسيح.‏»‏

      ‏[الاطار في الصفحة ١٥٢]‏

      الاسم شهود يهوه في المشرق وجزر الپاسيفيك

      انظر المطبوعة.‏

      ‏[الاطار في الصفحة ١٥٥]‏

      الاسم شهود يهوه في افريقيا

      انظر المطبوعة.‏

      ‏[الاطار في الصفحة ١٥٥]‏

      الاسم شهود يهوه في اوروپا والشرق الاوسط

      انظر المطبوعة.‏

  • الجمع الكثير ليحيوا في السماء؟‏ ام علی الارض؟‏
    شهود يهوه —‏ منادون بملكوت اللّٰه
    • الفصل ١٢

      الجمع الكثير ليحيوا في السماء؟‏ ام على الارض؟‏

      بالتباين مع اعضاء اديان العالم المسيحي،‏ تتطلع غالبية شهود يهوه بشوق الى حياة ابدية،‏ لا في السماء،‏ بل على الارض.‏ ولماذا ذلك؟‏

      لم تكن الحال دائما هكذا.‏ فمسيحيو القرن الاول كان لديهم التوقع انهم في حينه سيحكمون مع يسوع المسيح كملوك سماويين.‏ (‏متى ١١:‏١٢؛‏ لوقا ٢٢:‏​٢٨-‏٣٠‏)‏ لكنَّ يسوع اخبرهم ان ورثة الملكوت سيكونون مجرد ‹قطيع صغير.‏› (‏لوقا ١٢:‏٣٢‏)‏ فمن سيكونون مشمولين؟‏ وكم شخصا سيكون هنالك؟‏ لم يعلموا التفاصيل إلا لاحقا.‏

      في يوم الخمسين سنة ٣٣ ب‌م،‏ مُسِح تلاميذ يسوع اليهود الاولون بالروح القدس ليكونوا وارثين مع المسيح.‏ وفي السنة ٣٦ ب‌م بيَّن عمل روح اللّٰه ان الامميين غير المختونين سيشتركون ايضا في هذا الميراث.‏ (‏اعمال ١٥:‏​٧-‏٩؛‏ افسس ٣:‏​٥،‏ ٦‏)‏ ومرَّت ٦٠ سنة اخرى قبل الاعلان للرسول يوحنا ان ٠٠٠‏,١٤٤ فقط سيؤخذون من الارض للاشتراك في الملكوت السماوي مع المسيح.‏ —‏ رؤيا ٧:‏​٤-‏٨؛‏ ١٤:‏​١-‏٣‏.‏

      اشترك تشارلز تاز رصل وعشراؤه في هذا الرجاء،‏ كما فعل معظم شهود يهوه حتى منتصف ثلاثينات الـ‍ ١٩٠٠.‏ وعرفوا ايضا،‏ من درسهم الاسفار المقدسة،‏ ان المسح بالروح القدس يدلّ ليس فقط ان الاشخاص هم في طريقهم الى الخدمة المستقبلية كملوك وكهنة مع المسيح في السماء بل ايضا ان لديهم عملا خصوصيا للقيام به فيما لا يزالون في الجسد.‏ (‏١ بطرس ١:‏​٣،‏ ٤؛‏ ٢:‏٩؛‏ رؤيا ٢٠:‏٦‏)‏ ايّ عمل؟‏ لقد عرفوا جيدا واقتبسوا مرارا من اشعياء ٦١:‏١‏،‏ التي تقول:‏ «روح السيد (‏يهوه)‏ عليَّ لأن (‏يهوه)‏ مسحني لأبشّر المساكين.‏»‏

      الكرازة بأيّ هدف؟‏

      على الرغم من انهم كانوا قليلي العدد،‏ سعوا الى نقل الحق عن اللّٰه وقصده الى كل شخص يمكن الوصول اليه.‏ فطبعوا ووزَّعوا كميات هائلة من المطبوعات مخبرين بالبشارة عن تدبيره للخلاص بواسطة المسيح.‏ لكنَّ هدفهم لم يكن بأية حال هداية جميع الذين يكرزون لهم.‏ اذًا،‏ لماذا كرزوا لهم؟‏ اوضحت برج المراقبة عدد تموز ١٨٨٩ (‏بالانكليزية)‏:‏ «نحن ممثِّلون له [ليهوه] في الارض؛‏ وسمعة اسمه يجب ان تُبرَّأ في حضور اعدائه وأمام كثيرين من اولاده المخدوعين؛‏ وقصده المجيد يجب ان يُنشر في كل الاتجاهات في مقاومة لكل الخطط المتسمة بالحكمة العالمية التي حاول ويحاول البشر اختراعها.‏»‏

      ومُنِح انتباه خصوصي لاولئك الذين يدَّعون انهم شعب الرب،‏ وكثيرون منهم كانوا اعضاء في كنائس العالم المسيحي.‏ فماذا كان الهدف من الكرازة لهؤلاء؟‏ كما كان الاخ رصل يوضح غالبا،‏ لم تكن رغبة تلاميذ الكتاب المقدس الاولين سحب اعضاء الكنائس الى هيئة اخرى بل مساعدتهم على الاقتراب اكثر الى الرب كاعضاء في الكنيسة الحقيقية الواحدة.‏ لكنَّ تلاميذ الكتاب المقدس عرفوا انه،‏ اطاعة لل‍رؤيا ١٨:‏٤‏،‏ ينبغي لمثل هؤلاء الاشخاص ان يخرجوا من «بابل،‏» التي فهموا انها تتجلَّى في الكنيسة الاسمية،‏ كنائس العالم المسيحي بكل تعاليمها غير المؤسسة على الاسفار المقدسة وانقساماتها الطائفية.‏ وفي العدد الاول نفسه من برج المراقبة (‏تموز ١٨٧٩،‏ بالانكليزية)‏ ذكر الاخ رصل:‏ «نفهم ان هدف الشهادة الحالية هو ‹اخذ شعب على اسمه› —‏ الكنيسة —‏ الذين عند مجيء المسيح يتحدون به وينالون اسمه.‏ رؤيا ٣:‏١٢‏.‏»‏

      في ذلك الوقت ادركوا ان «دعوة» واحدة فقط كانت مقدَّمة لجميع المسيحيين الحقيقيين.‏ وهذه كانت دعوة ليكونوا اعضاء عروس المسيح،‏ الذين سيكون عددهم في النهاية ٠٠٠‏,١٤٤ فقط.‏ (‏افسس ٤:‏٤؛‏ رؤيا ١٤:‏​١-‏٥‏)‏ وسعوا الى حثّ جميع الذين يدَّعون الايمان بذبيحة المسيح الفدائية،‏ سواء كان هؤلاء اعضاء في الكنائس او لا،‏ على تقدير «المواعيد العظمى والثمينة» للّٰه.‏ (‏٢ بطرس ١:‏٤؛‏ افسس ١:‏١٨‏)‏ وسعوا الى اثارة غيرتهم في العمل وفق المتطلبات من اجل القطيع الصغير لورثة الملكوت.‏ وبغية التقوية الروحية لجميع هؤلاء،‏ الذين اعتبروا انهم يشكِّلون «اهل بيت الايمان» (‏لأنهم ادَّعوا الايمان بالفدية)‏،‏ سعى الاخ رصل وعشراؤه باجتهاد الى جعل ‹الطعام الروحي في حينه› متوافرا عبر اعمدة برج المراقبة وغيرها من المطبوعات المؤسسة على الكتاب المقدس.‏ —‏ غلاطية ٦:‏١٠؛‏ متى ٢٤:‏​٤٥،‏ ٤٦‏.‏

      إلا انهم استطاعوا ان يروا انه ليس جميع الذين ادَّعوا صنع «تكريس» (‏او،‏ ‹تقديم انفسهم كاملا للرب،‏› كما فهموا معنى ذلك)‏ استمروا بعد ذلك في اتِّباع حياة من التضحية الطوعية بالذات،‏ جاعلين خدمة الرب اهتمامهم الاول في الحياة.‏ ومع ذلك،‏ كما اوضحوا،‏ كان المسيحيون المكرَّسون قد وافقوا على التخلي عن الطبيعة البشرية طوعا،‏ بهدف الميراث السماوي؛‏ فلم يكن هنالك ايّ رجوع الى الوراء؛‏ وإن لم ينالوا الحياة في الحيز الروحي فسيكون الموت الثاني بانتظارهم.‏ (‏عبرانيين ٦:‏​٤-‏٦؛‏ ١٠:‏​٢٦-‏٢٩‏)‏ غير ان كثيرين من المسيحيين المكرَّسين في الظاهر كانوا يتخذون الطريق السهل،‏ فاشلين في الاعراب عن الغيرة الحقيقية لقضية الرب ومحجمين عن التضحية بالذات.‏ ومع ذلك،‏ لم ينكروا الفدية كما يبدو،‏ وكانوا يحيون حياة نظيفة الى حد معقول.‏ فماذا كان سيحلّ بمثل هؤلاء الاشخاص؟‏

      لسنوات عديدة اعتقد تلاميذ الكتاب المقدس ان هذا هو الفريق الموصوف في الرؤيا ٧:‏​٩،‏ ١٤‏،‏ التي تشير الى «جمع كثير» يأتون من الضيقة العظيمة ويقفون «امام عرش» اللّٰه وأمام الخروف،‏ يسوع المسيح.‏ وفكَّروا انه على الرغم من ان هؤلاء احجموا عن حياة التضحية بالذات،‏ إلا انهم سيواجهون تجارب الايمان المنتهية الى الموت خلال وقت من الضيق بعد تمجيد آخر اعضاء عروس المسيح.‏ واعتقدوا انه اذا كان اولئك الذين يزعمون انهم من الجمع الكثير امناء في ذلك الوقت،‏ فسيقامون الى حياة سماوية —‏ لا ليحكموا كملوك بل ليأخذوا مركزا امام العرش.‏ واستُنتج انهم سيُعطَون مثل هذه المراكز الثانوية لأن محبتهم للرب لم تكن حارة كفاية،‏ لأنهم لم يظهروا غيرة كافية.‏ واعتُقد ان هؤلاء كانوا اناسا مولودين من روح اللّٰه لكنهم كانوا يهملون اطاعة اللّٰه،‏ مستمرين ربما في الالتصاق بكنائس العالم المسيحي.‏

      واعتقدوا ايضا انه ربما —‏ ربما —‏ يُمنح «الجديرون القدامى» الذين سيخدمون كأمراء على الارض خلال العصر الالفي،‏ بطريقة ما،‏ في نهاية ذلك الوقت،‏ حياة سماوية.‏ (‏مزمور ٤٥:‏١٦‏)‏ واستنتجوا ان توقعا مماثلا يمكن ان ينتظر ايّا من الذين «يكرِّسون» انفسهم بعد ان يكون الـ‍ ٠٠٠‏,١٤٤ من ورثة الملكوت قد اختيروا جميعهم نهائيا ولكن قبل ان يبدأ زمن الردّ على الارض.‏ وبطريقة محدودة كان ذلك احتفاظا بنظرة العالم المسيحي ان جميع الصالحين كفاية يذهبون الى السماء.‏ ولكن كان هنالك اعتقاد عزَّزه تلاميذ الكتاب المقدس من الاسفار المقدسة فرزهم من العالم المسيحي كله.‏ فماذا كان ذلك؟‏

      الحياة الى الابد في كمال على الارض

      لقد ادركوا انه فيما يُمنح عدد محدود مأخوذ من بين الجنس البشري حياة سماوية سيكون هنالك عدد اكبر يحظون بحياة ابدية على الارض،‏ في ظل احوال مماثلة لتلك التي كانت موجودة في فردوس عدن.‏ فقد علَّم يسوع أتباعه ان يصلّوا:‏ «لتكن مشيئتك كما في السماء كذلك على الارض.‏»‏ وقال ايضا:‏ «طوبى للودعاء لأنهم يرثون الارض‏.‏» —‏ متى ٥:‏٥؛‏ ٦:‏١٠‏.‏

      وانسجاما مع ذلك،‏ اشار رسم بيانيa منشور كملحق لعدد تموز-‏آب ١٨٨١ (‏بالانكليزية)‏ من برج المراقبة الى انه سيكون هنالك كثيرون من بين الجنس البشري ينالون رضى اللّٰه في اثناء ملك المسيح الالفي ويؤلِّفون «عالم الجنس البشري المرفوع الى الكمال البشري والحياة.‏» وقد استُخدم هذا الرسم البياني لسنين عديدة كأساس للمحاضرات للفرق الكبيرة والصغيرة على السواء.‏

      وفي ظل اية احوال سيحيا الناس على الارض في اثناء ذلك العصر الالفي؟‏ اوضحت برج المراقبة عدد ١ تموز ١٩١٢ (‏بالانكليزية)‏:‏ «قبل دخول الخطية الى العالم كان التدبير الالهي لابوينا الاولين جنة عدن.‏ واذ نفكر في ذلك،‏ لندَعْ اذهاننا تلتفت الى المستقبل،‏ موجَّهة من كلمة اللّٰه؛‏ ففي تصوُّر ذهني نرى الفردوس المسترد —‏ لا مجرد جنة،‏ بل كامل الارض قد صارت جميلة،‏ مثمرة،‏ خالية من الخطية،‏ سعيدة.‏ ثم نتذكَّر الوعد الموحى به المألوف لنا جدا —‏ ‹وسيمسح اللّٰه كل دمعة من عيونهم والموت لا يكون في ما بعد ولا يكون حزن ولا صراخ ولا وجع في ما بعد،‏› لأن الامور الاولى للخطية والموت ستكون قد مضت،‏ وكل شيء قد صار جديدا!‏ —‏ رؤيا ٢١:‏​٤،‏ ٥‏.‏»‏

      مَن سيحيون الى الابد على الارض؟‏

      لم يعتقد الاخ رصل ان اللّٰه يقدِّم للجنس البشري اختيارا —‏ حياة سماوية للذين يريدونها وحياة في فردوس ارضي للذين يعتقدون انهم يفضِّلونها.‏ اوضحت برج المراقبة عدد ١٥ ايلول ١٩٠٥ (‏بالانكليزية)‏:‏ «ان مشاعرنا او مطامحنا ليست الدعوة.‏ وإلا فان ذلك يدلّ ضمنا اننا نصنع دعوتنا الخاصة.‏ واذ يتكلم عن كهنوتنا يعلن الرسول،‏ ‹لا يأخذ احد هذه الوظيفة بنفسه بل المدعو من اللّٰه،‏› (‏عبرانيين ٥:‏٤‏)‏،‏ والمكان للتحقق من دعوة اللّٰه ليس في مشاعرنا بل في كلمة اعلان اللّٰه.‏»‏

      أما بالنسبة الى فرصة العيش في فردوس ارضي مسترد فقد اعتقد تلاميذ الكتاب المقدس ان هذه ستُمنح للناس فقط بعد ان يكون كل القطيع الصغير قد نالوا مكافأتهم ويكون العصر الالفي قد دخل كاملا.‏ وفهموا ان ذلك سيكون زمن «ردّ كل شيء،‏» كما هو مشار اليه في الاعمال ٣:‏٢١‏.‏ وحتى الموتى سيقامون آنذاك ليتمكن الجميع من الاشتراك في هذا التدبير الحبي.‏ وتصوَّر الاخوة كل الجنس البشري (‏ما عدا اولئك الذين دُعُوا الى الحياة السماوية)‏ يُمنحون فرصتهم آنذاك ليختاروا الحياة.‏ وكما فهموا،‏ سيكون ذلك الوقتَ الذي يفرز فيه المسيح،‏ في عرشه السماوي،‏ الناس بعضهم من بعض كما يفرز الراعي الخراف من الجداء.‏ (‏متى ٢٥:‏​٣١-‏٤٦‏)‏ والطائعون،‏ سواء كانوا مولودين كيهود او كأمميين،‏ سيكونون ‹الخراف الاخر› للرب.‏ —‏ يوحنا ١٠:‏١٦‏.‏b

      وبعد انتهاء ازمنة الامم اعتقدوا ان زمن الردّ قريب جدا؛‏ ولذلك من السنة ١٩١٨ حتى السنة ١٩٢٥ نادوا:‏ «ملايين من الاحياء الآن لن يموتوا ابدا.‏» اجل،‏ فهموا ان الناس الاحياء آنذاك —‏ الجنس البشري عموما —‏ لديهم الفرصة ليبقوا احياء الى زمن الردّ وأنهم سيتعلمون آنذاك متطلبات يهوه للحياة.‏ فاذا كانوا طائعين يبلغون تدريجيا الكمال البشري.‏ واذا كانوا متمردين يهلكون في حينه الى الابد.‏

      وخلال تلك السنوات الباكرة لم تكن لدى الاخوة اية فكرة ان رسالة الملكوت سينادَى بها بهذا الاتساع ولسنين كثيرة كهذه.‏ لكنهم استمروا في فحص الاسفار المقدسة وسعوا الى التجاوب مع ما تشير اليه في ما يتعلق بالعمل الذي كان اللّٰه سيجعلهم يقومون به.‏

      ‏«الخراف» عن يمين المسيح

      والخطوة المهمة حقا في فهم قصد يهوه تركَّزت حول مثل يسوع عن الخراف والجداء في متى ٢٥:‏​٣١-‏٤٦‏.‏ وفي هذا المثل قال يسوع:‏ «ومتى جاء ابن الانسان في مجده وجميع الملائكة القديسين معه فحينئذ يجلس على كرسي مجده.‏ ويجتمع امامه جميع الشعوب فيميِّز بعضهم من بعض كما يميِّز الراعي الخراف من الجداء.‏ فيقيم الخراف عن يمينه والجداء عن اليسار.‏» وكما يمضي المثل مظهرا،‏ «الخراف» هم اولئك الذين يساعدون «اخوة» المسيح،‏ محاولين ايضا ان يجلبوا لهم الراحة عندما يُضطهدون ويكونون في السجن.‏

      لمدة طويلة جرى الاعتقاد ان هذا المثل ينطبق خلال العصر الالفي،‏ في زمن الردّ،‏ وأن الدينونة الاخيرة المشار اليها في المثل هي التي ستجري عند نهاية الالف سنة.‏ ولكن في السنة ١٩٢٣ بيَّن ج.‏ ف.‏ رذرفورد،‏ رئيس جمعية برج المراقبة،‏ اسبابا لنظرة اخرى الى الامور في محاضرة منوِّرة في لوس انجلوس،‏ كاليفورنيا.‏ وقد نُشرت هذه في وقت لاحق من تلك السنة في عدد ١٥ تشرين الاول (‏بالانكليزية)‏ من برج المراقبة.‏

      وعند مناقشة الوقت الذي سيتم فيه هذا المثل النبوي اظهرت المقالة ان يسوع شمله كجزء من اجابته عن سؤال يتعلق بـ‍ ‹علامة حضوره واختتام نظام الاشياء.‏› (‏متى ٢٤:‏٣‏،‏ ع‌ج‏)‏ وأوضحت المقالة لماذا لا يمكن ان يكون ‹الاخوة› المشار اليهم في المثل اليهود في عصر الانجيل ولا البشر الذين يظهرون الايمان خلال فترة الامتحان والدينونة للعصر الالفي بل يجب ان يكونوا اولئك الوارثين مع المسيح للملكوت السماوي؛‏ وبالتالي لماذا يجب ان يكون اتمام المثل في وقت يكون فيه بعض الوارثين مع المسيح بعدُ في الجسد.‏ —‏ قارنوا عبرانيين ٢:‏​١٠،‏ ١١‏.‏

      واختبارات اخوة المسيح الممسوحين هؤلاء عندما حاولوا ان يشهدوا لرجال الدين ولعامة الشعب المقترنين بكنائس العالم المسيحي دلَّت ايضا ان النبوة المتضمَّنة في مثل يسوع كانت تتم آنذاك.‏ وكيف ذلك؟‏ ان رد فعل كثيرين من رجال الدين وأعضاء كنائسهم البارزين كان عدائيا —‏ فلا كأس ماء منعشة،‏ لا حرفيا ولا مجازيا؛‏ وعوضا عن ذلك،‏ حرَّض بعضهم الرعاع على نزع الثياب عن الاخوة وضربهم،‏ او طلبوا الى الرسميين ان يسجنوهم.‏ (‏متى ٢٥:‏​٤١-‏٤٣‏)‏ وبالتباين،‏ رحَّب بسرور اعضاء كنسيون متواضعون كثيرون برسالة الملكوت،‏ قدَّموا الشراب المنعش للذين حملوها،‏ وفعلوا ما استطاعوا لمساعدتهم حتى عندما سُجِن الممسوحون من اجل البشارة.‏ —‏ متى ٢٥:‏​٣٤-‏٣٦‏.‏

      وبقدر ما استطاع تلاميذ الكتاب المقدس ان يروا،‏ كان اولئك الذين تكلم عنهم يسوع بصفتهم الخراف لا يزالون في كنائس العالم المسيحي.‏ وهؤلاء،‏ كما فكروا،‏ كانوا اناسا لم يدَّعوا انهم مكرَّسون للرب ولكن كان لديهم احترام كبير ليسوع المسيح ولشعبه.‏ ومع ذلك،‏ هل كان بامكانهم ان يبقوا في الكنائس؟‏

      اتخاذ موقف ثابت الى جانب العبادة النقية

      ألقى درس لسفر حزقيال النبوي للكتاب المقدس الضوء على ذلك.‏ والمجلد الاول من تعليق مؤلف من ثلاثة مجلدات بعنوان التبرئة صدر في السنة ١٩٣١.‏ وأوضح مغزى ما كتبه حزقيال عن سخط يهوه على يهوذا واورشليم المرتدتين القديمتين.‏ فعلى الرغم من ان شعب يهوذا ادَّعوا خدمة الاله الحي والحقيقي،‏ تبنَّوا الطقوس الدينية للامم المجاورة،‏ قدَّموا البخور للاصنام العديمة الحياة،‏ وزنوا بوضع ثقتهم في التحالفات السياسية بدلا من الاعراب عن الايمان بيهوه.‏ (‏حزقيال ٨:‏​٥-‏١٨؛‏ ١٦:‏​٢٦،‏ ٢٨،‏ ٢٩؛‏ ٢٠:‏٣٢‏)‏ وفي كل ذلك كانوا تماما كالعالم المسيحي؛‏ ولذلك،‏ بشكل ثابت،‏ سينفّذ يهوه الدينونة في العالم المسيحي تماما كما نفّذها في يهوذا واورشليم الخائنتين.‏ لكنَّ الاصحاح ٩ من حزقيال يظهر انه قبل تنفيذ الدينونة الالهية،‏ سيوسَم البعض للحفظ.‏ فمَن هم هؤلاء؟‏

      تقول النبوة ان الموسومين «يئنون ويتنهدون على كل الرجاسات المصنوعة» في وسط العالم المسيحي،‏ او اورشليم المجازية.‏ (‏حزقيال ٩:‏٤‏)‏ اذًا،‏ بالتأكيد،‏ لا يمكن ان يشتركوا عمدا في هذه الرجاسات.‏ ولذلك فإن المجلد الاول من التبرئة اثبت هوية اولئك الذين لديهم السمة بأنهم اناس يرفضون ان يكونوا جزءا من الهيئات الكنسية للعالم المسيحي وبطريقة ما يتخذون موقفهم الى جانب الرب.‏

      وهذه المواد تبعتها في السنة ١٩٣٢ مناقشة لسجل الكتاب المقدس عن ياهو ويوناداب ومعانيه الضمنية النبوية.‏ فقد كلَّف يهوه ياهو ان يكون ملكا على مملكة اسرائيل ذات العشرة اسباط وأن ينفّذ دينونة يهوه في بيت اخآ‌ب وايزابل الشرير.‏ وعندما كان ياهو في طريقه الى السامرة لاستئصال عبادة البعل،‏ خرج يهوناداب (‏يوناداب)‏،‏ ابن ركاب،‏ للقائه.‏ فسأل ياهو يهوناداب:‏ «هل قلبك مستقيم (‏معي؟‏)‏» فأجاب يهوناداب:‏ «نعم ونعم.‏» «هاتِ يدك،‏» دعا ياهو،‏ وأصعد يهوناداب الى مركبته.‏ ثم حث ياهو:‏ «هلمّ معي وانظر غيرتي (‏ليهوه)‏.‏» (‏٢ ملوك ١٠:‏​١٥-‏٢٨‏)‏ ويهوناداب،‏ رغم انه لم يكن اسرائيليا،‏ وافق على ما كان ياهو يقوم به؛‏ فقد عرف ان يهوه،‏ الاله الحقيقي،‏ يجب ان يُمنح التعبد المطلق.‏ (‏خروج ٢٠:‏​٤،‏ ٥‏)‏ وبعد قرون،‏ كان المتحدرون من يهوناداب لا يزالون يعربون عن روح يرضى عنها يهوه،‏ ولذلك وعد:‏ «لا ينقطع ليوناداب بن ركاب انسان يقف امامي كل الايام.‏» (‏ارميا ٣٥:‏١٩‏)‏ وهكذا نشأ السؤال،‏ هل هنالك على الارض اليوم اناس ليسوا اسرائيليين روحيين بميراث سماوي ولكنهم مثل يهوناداب؟‏

      اوضحت برج المراقبة عدد ١ آب ١٩٣٢ (‏بالانكليزية)‏:‏ «مثَّل او رمز يهوناداب الى ذلك الصف من الناس على الارض الآن .‏ .‏ .‏ [الذين] لا ينسجمون مع هيئة الشيطان،‏ الذين يتخذون موقفهم الى جانب البر،‏ وهم الذين سيحفظهم الرب خلال هرمجدون،‏ يُجيزهم ذلك الاضطراب،‏ ويمنحهم حياة ابدية على الارض.‏ هؤلاء يؤلِّفون صف ‹الخراف› الذين يساندون شعب اللّٰه الممسوح لأنهم يعرفون ان ممسوحي الرب يعملون عمل الرب.‏» وأولئك الذين يعربون عن روح كهذه جرت دعوتهم الى الاشتراك في اخذ رسالة الملكوت الى الآخرين تماما كما كان الممسوحون يفعلون.‏ —‏ رؤيا ٢٢:‏١٧‏.‏

      وكان هنالك اناس (‏مع انهم قليلون نسبيا في ذلك الوقت)‏ يعاشرون شهود يهوه ادركوا ان روح اللّٰه لم يولِّد فيهم الرجاء بحياة سماوية.‏ وصاروا يُعرَفون باليونادابيين لانهم،‏ كيوناداب (‏يهوناداب)‏ قديما،‏ حسبوه امتيازا ان يقترنوا بخدام يهوه الممسوحين،‏ وسَرَّهم ان يشتركوا في الامتيازات التي وجَّهتهم اليها كلمة اللّٰه.‏ فهل كان مثل هؤلاء الاشخاص الذين لديهم الرجاء بأن لا يموتوا ابدا سيصيرون كثيري العدد قبل هرمجدون؟‏ وهل كان ممكنا،‏ كما قيل،‏ ان يبلغ عددهم الملايين؟‏

      ‏‹الجمع الكثير› —‏ مَن هم؟‏

      عندما أُعلنت الترتيبات لعقد شهود يهوه محفلا في واشنطن،‏ دي.‏ سي.‏،‏ من ٣٠ ايار الى ٣ حزيران ١٩٣٥،‏ قالت برج المراقبة:‏ «حتى الآن لم يحصل يونادابيون كثيرون على امتياز حضور محفل،‏ والمحفل في واشنطن يمكن ان يكون تعزية وفائدة حقيقيتين لهم.‏» وتبرهن ان ذلك صحيح بالتأكيد.‏

      ففي ذلك المحفل مُنِح انتباه خصوصي لل‍رؤيا ٧:‏​٩،‏ ١٠‏،‏ التي تقول:‏ «بعد هذا نظرت واذا جمع كثير لم يستطع احد ان يعدّه من كل الامم والقبائل والشعوب والالسنة واقفون امام العرش وأمام الخروف متسربلين بثياب بيض وفي ايديهم سعف النخل وهم يصرخون بصوت عظيم قائلين الخلاص لالهنا الجالس على العرش وللخروف.‏» فمَن يؤلِّفون هذا الجمع الكثير؟‏

      لسنين،‏ وحتى الى السنة ١٩٣٥،‏ لم يُفهَم انهم الخراف انفسهم في مثل يسوع عن الخراف والجداء.‏ وكما ذُكِر آنفا،‏ جرى الاعتقاد انهم صف سماوي ثانوي —‏ ثانوي لأنهم كانوا مهمِلين في ما يتعلق باطاعة اللّٰه.‏

      لكنَّ وجهة النظر هذه انشأت اسئلة ملحَّة.‏ وبعضها جرت مناقشته باكرا في السنة ١٩٣٥ وقت وجبة الطعام ظهرا في المركز الرئيسي لجمعية برج المراقبة.‏ والبعض بين الذين عبَّروا عن انفسهم آنذاك اقترحوا ان الجمع الكثير هو صف ارضي.‏ تذكَّر ڠرانت سوتر،‏ الذي صار في ما بعد عضوا في الهيئة الحاكمة:‏ «في احد دروس البتل،‏ الذي كان الاخ ت.‏ ج.‏ سوليڤان يديره،‏ سألتُ:‏ ‹بما ان الجمع الكثير ينالون الحياة الابدية،‏ هل يحافظ اولئك الذين يؤلِّفون هذا الفريق على الاستقامة؟‏› كانت هنالك تعليقات عديدة ولكن دون جواب محدَّد.‏» ويوم الجمعة في ٣١ ايار ١٩٣٥،‏ في محفل واشنطن،‏ دي.‏ سي.‏،‏ أُعطي جواب مرضٍ.‏ وكان الاخ سوتر جالسا في الشرفة ينظر الى الجمع،‏ وكم كان مسرورا اذ كشف الخطاب الامر!‏

      بعد المحفل بوقت قصير،‏ نشرت برج المراقبة في عدديها ١ و ١٥ آب ١٩٣٥ (‏بالانكليزية)‏ ما ورد في ذلك الخطاب.‏ وبيَّنت ان العامل المهم في فهم الامور بلياقة هو تقدير الواقع ان قصد يهوه الرئيسي ليس خلاص الناس بل تبرئة اسمه (‏او،‏ كما نقول الآن،‏ تبرئة سلطانه)‏.‏ وهكذا يكون رضى يهوه على اولئك الذين يحافظون على الاستقامة امامه؛‏ فهو لا يكافئ اولئك الذين يوافقون على فعل مشيئته لكنهم بعد ذلك يجلبون التعيير على اسمه بمسايرة هيئة ابليس.‏ فمطلب الامانة هذا ينطبق على جميع الذين سيحظون برضى اللّٰه.‏

      وانسجاما مع ذلك،‏ قالت برج المراقبة:‏ «ان الرؤيا ٧:‏١٥ هي في الحقيقة المفتاح لاثبات هوية الجمع الكثير.‏ .‏ .‏ .‏ وهذا الوصف في الرؤيا للجمع الكثير هو انهم ‹امام عرش اللّٰه ويخدمونه علنا› .‏ .‏ .‏ فهم يرون ويفهمون ويطيعون كلمات يسوع،‏ حمل اللّٰه،‏ القائل لهم:‏ ‹للرب الهك تسجد وإياه وحده تعبد›؛‏ الكلمات التي تنطبق على جميع الخلائق الذين يرضى يهوه عنهم.‏» (‏متى ٤:‏١٠‏)‏ ولذلك فإن ما يقوله الكتاب المقدس عن الجمع الكثير لا يمكن تفسيره بلياقة بأنه يزوِّد شبكة امان للناس الذين يدَّعون المحبة للّٰه لكنهم غير مبالين في ما يتعلق بفعل مشيئته.‏

      اذًا،‏ هل الجمع الكثير صف سماوي؟‏ اظهرت برج المراقبة ان لغة الآية لم تشر الى مثل هذا الاستنتاج.‏ أما بالنسبة الى موقعهم «امام العرش،‏» فقد اظهرت ان متى ٢٥:‏​٣١،‏ ٣٢ تخبر عن تجميع كل الامم امام عرش المسيح،‏ بالرغم من ان هذه الامم هي على الارض.‏ لكنَّ الجمع الكثير «واقفون» امام العرش لأنهم يحظون برضى الجالس على العرش.‏ —‏ قارنوا ارميا ٣٥:‏١٩‏.‏

      ولكن اين كان يمكن ان يوجد مثل هذا الفريق —‏ اناس «من كل الامم،‏» اناس ليسوا جزءا من اسرائيل الروحي (‏الموصوف قبلا،‏ في الرؤيا ٧:‏​٤-‏٨‏)‏،‏ اناس يمارسون الايمان بالفدية (‏غسَّلوا مجازيا ثيابهم في دم الخروف)‏،‏ اناس يرحبون بالمسيح ملكا (‏وسعف النخل في ايديهم،‏ كالجمع الذي حيّا يسوع كملك عندما دخل اورشليم)‏،‏ اناس يقدِّمون انفسهم حقا امام عرش يهوه ليخدموه؟‏ فهل كان هنالك مثل هذا الفريق من الناس على الارض؟‏

      باتمام كلمته النبوية زوَّد يهوه نفسه الجواب.‏ تذكَّر وبستر رو،‏ الذي كان حاضرا في محفل واشنطن،‏ انه عند النقطة الذروية في محاضرته،‏ قال الاخ رذرفورد:‏ «نطلب الى جميع الذين لديهم الرجاء بالحياة الى الابد على الارض ان يتفضَّلوا بالوقوف.‏» وكما قال الاخ رو،‏ «وقف اكثر من نصف عدد الحضور.‏» ووفقا لذلك قالت برج المراقبة عدد ١٥ آب ١٩٣٥ (‏بالانكليزية)‏:‏ «نرى الآن فريقا يطابق تماما الوصف المعطى في الرؤيا الاصحاح السابع عن الجمع الكثير.‏ فخلال السنوات القليلة الماضية،‏ وفي اثناء الوقت الذي فيه ‹يُكرز ببشارة الملكوت شهادة›،‏ اتت اعداد كبيرة (‏ولا تزال تأتي)‏ ممَّن يعترفون بالرب يسوع بصفته مخلِّصهم وبيهوه بصفته الههم،‏ الذي يعبدونه بالروح والحق ويخدمونه بفرح.‏ هؤلاء يُدعَون بطريقة اخرى ‹اليونادابيين›.‏ وهؤلاء يعتمدون رمزا،‏ مثبتين بالتالي انهم .‏ .‏ .‏ اتخذوا موقفهم الى جانب يهوه ويخدمونه هو وملكه.‏»‏

      فُهِم في ذلك الوقت ان الجمع الكثير في الرؤيا ٧:‏​٩،‏ ١٠ مشمولون بين ‹الخراف الاخر› الذين اشار اليهم يسوع (‏يوحنا ١٠:‏١٦‏)‏؛‏ أنهم الاشخاص الذين يأتون لمساعدة «اخوة» المسيح (‏متى ٢٥:‏​٣٣-‏٤٠‏)‏؛‏ أنهم الناس الموسومون للنجاة لأنهم يتقزَّزون من الرجاسات المصنوعة في العالم المسيحي ويبتعدون عنها (‏حزقيال ٩:‏٤‏)‏؛‏ أنهم مثل يهوناداب،‏ الذي اقترن علانية بخادم يهوه الممسوح في انجاز المهمة المعطاة من اللّٰه لذلك الشخص (‏٢ ملوك ١٠:‏​١٥،‏ ١٦‏)‏.‏ ويفهم شهود يهوه ان هؤلاء هم خدام اللّٰه الاولياء الذين سينجون من هرمجدون برجاء الحياة الى الابد على ارض مسترَدة الى حالة فردوس.‏

      عمل ملحّ يجب القيام به

      ان فهمهم تلك الآيات كانت له تأثيرات بعيدة المدى في نشاط خدام يهوه.‏ فقد ادركوا انهم ليسوا مَن يختار ويجمع اعضاء الجمع الكثير؛‏ وليس لهم ان يخبروا الناس ما اذا كان رجاؤهم سماويا او ارضيا.‏ فالرب يوجّه الامور انسجاما مع مشيئته.‏ ولكن كشهود ليهوه كانت لديهم مسؤولية خطيرة.‏ فكان عليهم ان يخدموا كمنادين بكلمة اللّٰه،‏ معطين الحقائق التي مكَّنهم من فهمها،‏ لكي يتمكن الناس من معرفة تدابير يهوه وتتسنى لهم فرصة التجاوب بتقدير معها.‏

      وعلاوة على ذلك،‏ ادركوا ان هنالك الحاحا عظيما في عملهم.‏ وفي سلسلة من المقالات بعنوان «تجميع الجمع،‏» التي صدرت في السنة ١٩٣٦،‏ اوضحت برج المراقبة:‏ «تدعم الاسفار المقدسة بقوة الاستنتاج انه في هرمجدون سيهلك يهوه شعوب الارض،‏ منقذا فقط اولئك الذين يطيعون وصاياه بالوقوف الى جانب هيئته.‏ وفي الازمنة الماضية ذهب ملايين وملايين الاشخاص الى المدفن دون ان يسمعوا البتة عن اللّٰه والمسيح،‏ وهؤلاء في الوقت المعيَّن يجب ايقاظهم من الموت ومنحهم معرفة الحق،‏ لكي يتمكَّنوا من صنع اختيارهم.‏ ولكنَّ الوضع مختلف في ما يتعلق بالناس على الارض الآن.‏ .‏ .‏ .‏ فأفراد الجمع الكثير يجب ان يتسلَّموا رسالة الانجيل هذه قبل قتال ذلك اليوم العظيم يوم اللّٰه القادر على كل شيء،‏ الذي هو هرمجدون.‏ واذا لم يُعطَ الجمع الكثير الآن رسالة الحق،‏ فسيكون قد فات الاوان عندما يبدأ عمل الذبح.‏» —‏ انظروا ٢ ملوك ١٠:‏٢٥؛‏ حزقيال ٩:‏​٥-‏١٠؛‏ صفنيا ٢:‏​١-‏٣؛‏ متى ٢٤:‏٢١؛‏ ٢٥:‏٤٦‏.‏

      ونتيجة لهذا الفهم للآيات،‏ غُرست في شهود يهوه غيرة متجددة لعمل الشهادة.‏ قال ليو كاليو،‏ الذي خدم في وقت لاحق كناظر جائل في فنلندا:‏ «لا يمكنني ان اتذكَّر انني اختبرت من قبل فرحا وغيرة مماثلين،‏ ولا يمكنني ان اتذكَّر انني قدت دراجتي من قبل بسرعة كما فعلت في تلك الايام،‏ عندما اسرعت في اخبار الاشخاص المهتمين انه بلطف يهوه غير المستحق تُقدَّم لهم الحياة الابدية على الارض.‏»‏

      وخلال السنوات الخمس التالية،‏ فيما كان عدد شهود يهوه ينمو،‏ انخفض تدريجيا عدد الذين يتناولون من الرمزين في الذكرى السنوية لموت المسيح.‏ ومع ذلك،‏ لم يكن تدفُّق الجمع الكثير بالسرعة التي توقعها الاخ رذرفورد.‏ حتى انه في احدى المراحل قال للاخ فرد فرانز،‏ الذي صار الرئيس الرابع للجمعية:‏ «يبدو كما لو ان ‹الجمع الكثير› لن يكون كثيرا جدا على اية حال.‏» ولكن منذ ذلك الحين نما عدد شهود يهوه بسرعة الى الملايين،‏ فيما استمر عموما عدد الذين يتوقعون ميراثا سماويا في الانخفاض.‏

      رعية واحدة تحت راع واحد

      لا يوجد تنافس بين صف الممسوحين والجمع الكثير.‏ ولا يزدري ذوو الرجاء السماوي بأولئك الذين يترقبون بشوق نيل الحياة الابدية في فردوس ارضي.‏ وكلٌّ يقبل شاكرا الامتيازات المقدَّمة له من اللّٰه،‏ غير مفتكر ان مركزه يجعله الى حد ما شخصا افضل او بطريقة ما ادنى من شخص آخر.‏ (‏متى ١١:‏١١؛‏ ١ كورنثوس ٤:‏٧‏)‏ وكما سبق وأنبأ يسوع،‏ صار الفريقان حقا «رعية واحدة،‏» يخدمون تحت سلطته بصفته ‹راعيهم الواحد.‏› —‏ يوحنا ١٠:‏١٦‏.‏

      والشعور الذي يملكه اخوة المسيح الممسوحون نحو رفقائهم من الجمع الكثير يجري التعبير عنه جيدا في كتاب Worldwide Security Under the “Prince of Peace” (‏الامن العالمي تحت سلطة «رئيس السلام»‏‏)‏:‏ «منذ الحرب العالمية الثانية يكون اتمام نبوة يسوع لِـ‍ ‹اختتام نظام الاشياء› ناجما الى حدّ كبير عن الدور الذي ينجزه ‹الجمع الكثير› من ‹الخراف الاخر.‏› والإضاءَة من مصابيح البقية المضاءَة اشرقت عيون اذهانهم،‏ فجرت مساعدتهم ليعكسوا النور الى الآخرين الباقين بعدُ في ظلمة هذا العالم.‏ .‏ .‏ .‏ لقد صاروا رفقاء ملازمين لبقية صف العروس.‏ .‏ .‏ .‏ شكرا جزيلا،‏ اذًا،‏ ‹للجمع الكثير› الأُممي المتعدِّد الالسنة على الدور الغامر الذي قاموا به في اتمام نبوة العريس في متى ٢٤:‏١٤‏!‏»‏

      ولكن،‏ اذ اشترك شهود يهوه،‏ بمن فيهم الجمع الكثير،‏ باتحاد في المناداة بالأخبار المجيدة لملكوت اللّٰه،‏ صارت العامة تعرفهم بسبب شيء آخر بالاضافة الى شهادتهم الغيورة.‏

      ‏[الحاشيتان]‏

      a هذا «الرسم البياني للدهور» أُعيد انتاجه في ما بعد في كتاب نظام الدهور الالهي.‏

      b برج مراقبة زيون،‏ ١٥ آذار ١٩٠٥،‏ الصفحات ٨٨-‏٩١ (‏بالانكليزية)‏.‏

      ‏[النبذة في الصفحة ١٥٩]‏

      معظم شهود يهوه يتطلعون بشوق الى حياة ابدية على الارض

      ‏[النبذة في الصفحة ١٦١]‏

      اعتقاد يفرزهم من العالم المسيحي كله

      ‏[النبذة في الصفحة ١٦٤]‏

      وقت اتمام مثل الخراف والجداء

      ‏[النبذة في الصفحة ١٦٥]‏

      صاروا يُعرَفون باليونادابيين

      ‏[النبذة في الصفحة ١٦٦]‏

      في ٣١ ايار ١٩٣٥،‏ أُثبتت بوضوح هوية ‹الجمع الكثير›‏

      ‏[النبذة في الصفحة ١٧١]‏

      رجاء سماوي ام ارضي —‏ مَن يقرِّر ذلك؟‏

      ‏[الاطار في الصفحة ١٦٠]‏

      وقت للفهم

      منذ اكثر من ٢٥٠ سنة،‏ كتب السّر اسحق نيوتن نبذة ممتعة عن فهم النبوة،‏ بما فيها تلك التي عن ‹الجمع الكثير› لل‍رؤيا ٧:‏​٩،‏ ١٠ ‏.‏ ففي مؤلَّفه «ملاحظات عن نبوات دانيال،‏ ورؤيا القديس يوحنا،‏» الصادر في السنة ١٧٣٣،‏ ذكر:‏ «ان نبوات دانيال ويوحنا هذه لن تُفهَم حتى وقت النهاية:‏ ولكن وقتئذ يتنبأ البعض استنادا اليها في حالة مؤلمة ومحزنة لزمن طويل،‏ وذلك على نحو مظلم فقط،‏ بغية هداية قليلين فقط.‏ .‏ .‏ .‏ ووقتئذ،‏ يقول دانيال،‏ كثيرون سيتصفحونها،‏ والمعرفة تزداد.‏ لأنه ينبغي ان يُكرز بالانجيل في كل الامم قبل الضيقة العظيمة،‏ ونهاية العالم.‏ والجمع الحامل سعف النخل،‏ الذين يأتون من الضيقة العظيمة هذه،‏ لا يمكن ان يكون غير قابل للعدّ من كل الامم ما لم يَصرْ كذلك بالكرازة بالانجيل قبل مجيئها.‏»‏

      ‏[الاطار/‏الصورة في الصفحة ١٦٨]‏

      الارض،‏ بيت الانسان الابدي

      ماذا كان قصد اللّٰه الاصلي للجنس البشري؟‏

      «باركهم اللّٰه وقال لهم أَثمروا وٱكثروا وٱملأوا الارض وأَخضعوها وتسلطوا على سمك البحر وعلى طير السماء وعلى كل حيوان يدبّ على الارض.‏» —‏ تكوين ١:‏٢٨‏.‏

      هل تغيَّر قصد اللّٰه في ما يتعلق بالارض؟‏

      «كلمتي .‏ .‏ .‏ لا ترجع اليَّ فارغة بل تعمل ما سررت به وتنجح في ما ارسلتها له.‏» —‏ اشعياء ٥٥:‏١١‏.‏

      «هكذا قال (‏يهوه)‏ خالق السموات هو اللّٰه.‏ مصوِّر الارض وصانعها.‏ هو قرّرها.‏ لم يخلقها باطلا.‏ للسكن صوَّرها.‏ انا (‏يهوه)‏ وليس آخر.‏» —‏ اشعياء ٤٥:‏١٨‏.‏

      «فصلّوا انتم هكذا.‏ ابانا الذي في السموات.‏ ليتقدس اسمك.‏ ليأتِ ملكوتك.‏ لتكن مشيئتك كما في السماء كذلك على الارض.‏» —‏ متى ٦:‏​٩،‏ ١٠‏.‏

      «لأن عاملي الشر يُقطعون والذين ينتظرون (‏يهوه)‏ هم يرثون الارض.‏ الصدّيقون يرثون الارض ويسكنونها الى الابد.‏» —‏ مزمور ٣٧:‏​٩،‏ ٢٩‏.‏

      اية احوال ستوجد على الارض في ظل ملكوت اللّٰه؟‏

      «بحسب وعده ننتظر سموات جديدة وأرضا جديدة يسكن فيها البر.‏» —‏ ٢ بطرس ٣:‏١٣‏.‏

      «لا ترفع امة على امة سيفا ولا يتعلمون الحرب في ما بعد.‏ بل يجلسون كل واحد تحت كرمته وتحت تينته ولا يكون من يرعب لأن فم (‏يهوه)‏ الجنود تكلم.‏» —‏ ميخا ٤:‏​٣،‏ ٤‏.‏

      «يبنون بيوتا ويسكنون فيها ويغرسون كروما ويأكلون اثمارها.‏ لا يبنون وآخر يسكن ولا يغرسون وآخر يأكل.‏ لأنه كأيام شجرة ايام شعبي ويستعمل مختاريَّ عمل ايديهم.‏» —‏ اشعياء ٦٥:‏​٢١،‏ ٢٢‏.‏

      «لا يقول ساكن انا مرضت.‏» —‏ اشعياء ٣٣:‏٢٤‏.‏

      «اللّٰه نفسه يكون معهم الها لهم.‏ وسيمسح اللّٰه كل دمعة من عيونهم والموت لا يكون في ما بعد ولا يكون حزن ولا صراخ ولا وجع في ما بعد لأن الامور الاولى قد مضت.‏» —‏ رؤيا ٢١:‏​٣،‏ ٤‏؛‏ انظروا ايضا يوحنا ٣:‏١٦‏.‏

      «مَن لا يخافك يا (‏يهوه)‏ ويمجد اسمك لأنك وحدك قدوس لأن جميع الامم سيأتون ويسجدون امامك لأن احكامك قد أُظهِرت.‏» —‏ رؤيا ١٥:‏٤‏.‏

      ‏[الاطار/‏الصورة في الصفحة ١٦٩]‏

      اولئك الذين يذهبون الى السماء

      كم شخصا سيذهبون الى السماء؟‏

      «لا تخف ايها القطيع الصغير لأن اباكم قد سرّ ان يعطيكم الملكوت.‏» —‏ لوقا ١٢:‏٣٢‏.‏

      «ثم نظرت واذا خروف [يسوع المسيح] واقف على جبل صهيون [السماوي] ومعه مئة وأربعة وأربعون الفا لهم اسم ابيه مكتوبا على جباههم.‏ وهم يترنمون كترنيمة جديدة امام العرش وأمام الاربعة الحيوانات والشيوخ ولم يستطع احد ان يتعلَّم الترنيمة الا المئة والاربعة والاربعون ألفا الذين اشتُروا من الارض.‏» —‏ رؤيا ١٤:‏​١،‏ ٣‏.‏

      هل الـ‍ ٠٠٠‏,١٤٤ جميعهم يهود؟‏

      «ليس يهودي ولا يوناني.‏ ليس عبد ولا حرّ.‏ ليس ذكر وأنثى لأنكم جميعا واحد في المسيح يسوع.‏ فإن كنتم للمسيح فأنتم اذًا نسل ابرهيم وحسب الموعد ورثة.‏» —‏ غلاطية ٣:‏​٢٨،‏ ٢٩‏.‏

      «اليهودي في الظاهر ليس هو يهوديا ولا الختان الذي في الظاهر في اللحم ختانا.‏ بل اليهودي في الخفاء هو اليهودي.‏ وختان القلب بالروح لا بالكتاب هو الختان.‏» —‏ رومية ٢:‏​٢٨،‏ ٢٩‏.‏

      لماذا يأخذ اللّٰه البعض الى السماء؟‏

      «سيكونون كهنة للّٰه والمسيح وسيملكون معه ألف سنة.‏» —‏ رؤيا ٢٠:‏٦‏.‏

      ‏[الاطار/‏الرسم البياني في الصفحة ١٧٠]‏

      تقرير العشاء التذكاري

      في غضون ٢٥ سنة صار عدد حضور الذكرى اكثر من عدد المتناولين بما يزيد على ١٠٠ مرة

      ‏[الرسم البياني]‏

      ‏(‏اطلب النص في شكله المنسَّق في المطبوعة)‏

      المتناولون

      الحضور

      ٠٠٠‏,٥٠٠‏,١

      ٠٠٠‏,٢٥٠‏,١

      ٠٠٠‏,٠٠٠‏,١

      ٠٠٠‏,٧٥٠

      ٠٠٠‏,٥٠٠

      ٠٠٠‏,٢٥٠

      ١٩٣٥ ١٩٤٠ ١٩٤٥ ١٩٥٠ ١٩٥٥ ١٩٦٠

      ‏[الصورتان في الصفحة ١٦٧]‏

      في محفل واشنطن،‏ دي.‏ سي.‏،‏ اعتمد ٨٤٠

  • معروفون بسلوكنا
    شهود يهوه —‏ منادون بملكوت اللّٰه
    • الفصل ١٣

      معروفون بسلوكنا

      نعيش في عصر ينبذ فيه جزء كبير من الجنس البشري المقاييس الادبية التي طالما احتُرمت.‏ ومعظم اديان العالم المسيحي يفعل الامر نفسه،‏ إما باسم التسامح او بحجة ان الازمنة مختلفة وأن المحرَّمات للاجيال السابقة لم تعد تنطبق.‏ أما بالنسبة الى النتيجة فقد قال سامويل ميلر،‏ عميد كلية اللاهوت في جامعة هارْڤَرْد:‏ «ليس للكنيسة دور قيادي.‏ لقد تبنَّت حضارة زمننا وامتصتها.‏» والتأثير في حياة اولئك الذين تطلعوا الى مثل هذه الكنائس من اجل الارشاد كان مدمِّرا.‏

      وعلى سبيل التباين،‏ عند البحث في موضوع شهود يهوه،‏ قالت ليڠليز دو مونريال،‏ النشرة الاسبوعية لابرشية الكاثوليك في مونْتْرِيال،‏ كندا:‏ «لديهم قيم ادبية رائعة.‏» وأعداد كبيرة من المعلِّمين،‏ المستخدِمين،‏ والرسميين الحكوميين يوافقون على ذلك.‏ فماذا يفسّر هذا الصيت؟‏

      ان كون المرء واحدا من شهود يهوه يشمل اكثر بكثير من التمسك ببنية معيَّنة من التعاليم العقائدية والشهادة للآخرين عن هذه التعاليم.‏ فالمسيحية الاولى كانت معروفة بـ‍ «الطريق،‏» ويدرك شهود يهوه ان الدين الحقيقي اليوم يجب ان يكون طريقة حياة.‏ (‏اعمال ٩:‏٢‏)‏ ولكن،‏ كما صح في امور اخرى،‏ لم يصل شهود يهوه العصريون حالا الى تقدير متزن لما يشمله ذلك.‏

      ‏«الشخصية ام العهد —‏ ايهما؟‏»‏

      على الرغم من انهم بدأوا بالمشورة السليمة من الاسفار المقدسة حول الحاجة الى ان يتمثلوا بالمسيح،‏ إلا ان التشديد الذي وضعه بعض تلاميذ الكتاب المقدس الاولين على «تطوير الشخصية،‏» كما كانوا يدعونه،‏ مال الى التقليل من شأن اوجه معيَّنة للمسيحية الحقيقية.‏ فبدا ان بعضهم يعتقدون ان كينونتهم مهذَّبين —‏ يَظهرون دائما لطفاء وصالحين،‏ يتكلمون بهدوء،‏ يتجنَّبون ايّ اعراب عن الغضب،‏ يقرأون الاسفار المقدسة يوميا —‏ تضمن دخولهم الى السماء.‏ ولكن غاب عن ذهن هؤلاء واقع ان المسيح قد اعطى أتباعه عملا ليقوموا به.‏

      جرى تناول هذه المسألة بثبات في المقالة «الشخصية ام العهد —‏ ايهما؟‏» في عدد ١ ايار ١٩٢٦ (‏بالانكليزية)‏ من برج المراقبة.‏a فقد اظهرت ان الجهود لتطوير ‏«شخصية كاملة» وهم في الجسد جعلت البعض يستسلمون متثبطين،‏ ولكن في الوقت نفسه انتجت في الآخرين موقف «اقدس منك» ومالت الى جعلهم ينسون استحقاق ذبيحة المسيح.‏ وبعد التشديد على الايمان بدم المسيح المسفوك،‏ ابرزت المقالة اهمية ‏‹فعل الامور›‏ في خدمة اللّٰه الفعَّالة لاعطاء الدليل على اتِّباع المرء مسلكا يرضي اللّٰه.‏ (‏٢ بطرس ١:‏​٥-‏١٠‏)‏ وفي ذلك الوقت،‏ اذ كان جزء كبير من العالم المسيحي لا يزال يدَّعي التمسك بمقاييس الكتاب المقدس الادبية،‏ قوَّى هذا التشديد على النشاط التباين بين شهود يهوه والعالم المسيحي.‏ وصار التباين واضحا اكثر ايضا عندما كان على جميع المدَّعين المسيحية ان يعالجوا قضايا ادبية كانت تصير شائعة.‏

      ‏‹امتنعوا عن الزنا›‏

      ان المقياس المسيحي المتعلق بالآداب الجنسية رُسِم منذ عهد بعيد بلغة واضحة في الكتاب المقدس.‏ «هذه هي ارادة اللّٰه قداستكم.‏ ان تمتنعوا عن الزنا .‏ .‏ .‏ لأن اللّٰه لم يدْعُنا للنجاسة بل في القداسة.‏ اذًا من يُرذِل لا يُرذِل انسانا بل اللّٰه.‏» (‏١ تسالونيكي ٤:‏​٣-‏٨‏)‏ «ليكن الزواج مكرَّما عند كل واحد والمضجع غير نجس.‏ وأما العاهرون والزناة فسيدينهم اللّٰه.‏» (‏عبرانيين ١٣:‏٤‏)‏ «ألستم تعلمون ان الاثمة لن يرثوا ملكوت اللّٰه؟‏ لا تضلّوا.‏ لا عاهرون،‏ .‏ .‏ .‏ ولا زناة،‏ ولا رجال محفوظون لمقاصد غير طبيعية،‏ ولا مضاجعو ذكور .‏ .‏ .‏ سيرثون ملكوت اللّٰه.‏» —‏ ١ كورنثوس ٦:‏​٩،‏ ١٠‏،‏ ع‌ج.‏

      في برج المراقبة،‏ لُفِت الانتباه الى هذا المقياس للمسيحيين الحقيقيين قديما في تشرين الثاني ١٨٧٩.‏ ولكنه لم يناقَش تكرارا او مطوَّلا كما لو ان ذلك مشكلة رئيسية بين تلاميذ الكتاب المقدس الاولين.‏ ولكن،‏ اذ صار موقف العالم اكثر تساهلا،‏ وُجِّه انتباه متزايد الى هذا المطلب،‏ وخصوصا في السنوات المحيطة بالحرب العالمية الثانية.‏ وهذا كان لازما لأن البعض بين شهود يهوه كانوا يتبنَّون الفكرة انه طالما هم مشغولون بالشهادة يكون القليل من التراخي في الآداب الجنسية مجرد مسألة شخصية.‏ صحيح ان برج المراقبة عدد ١ آذار ١٩٣٥ (‏بالانكليزية)‏ ذكرت بوضوح ان الاشتراك في خدمة الحقل لا يجيز السلوك الفاسد ادبيا.‏ ولكن لم يطبِّق ذلك كل شخص جديا.‏ ولذلك،‏ في عددها الصادر في ١٥ ايار ١٩٤١ (‏بالانكليزية)‏،‏ ناقشت برج المراقبة المسألة ثانية،‏ وبشكل مطوَّل،‏ في مقالة بعنوان «ايام نوح.‏» فبيَّنت ان الخلاعة الجنسية في زمن نوح كانت احد الاسباب لتدمير اللّٰه العالم في ذلك الوقت،‏ وأظهرت ان ما فعله اللّٰه آنذاك رسم نموذجا لما سيفعله في ايامنا.‏ وبلغة واضحة حذَّرت ان خادم اللّٰه المحافظ على الاستقامة لا يمكنه ان يخصِّص جزءا من يومه لفعل مشيئة الرب ثم،‏ بعد ساعات،‏ ينهمك في «اعمال الجسد.‏» (‏غلاطية ٥:‏​١٧-‏٢١‏)‏ وأُلحقت بذلك،‏ في برج المراقبة عدد ١ تموز ١٩٤٢ (‏بالانكليزية)‏،‏ مقالة اخرى دانت سلوك الاشخاص العزّاب والمتزوجين الذي لا ينسجم مع مقاييس الكتاب المقدس الادبية.‏ فلا احد كان يجب ان يستنتج ان الاشتراك في الكرازة العلنية برسالة الملكوت كواحد من شهود يهوه يجيز العيش الخليع.‏ (‏١ كورنثوس ٩:‏٢٧‏)‏ وبعد مدة من الوقت كانت ستُتخذ اجراءات اكثر حزما ايضا لصيانة النظافة الادبية للهيئة.‏

      وبعض الذين عبَّروا آنذاك عن الرغبة في ان يكونوا شهودا ليهوه كانوا قد تربَّوا في مناطق حيث كان الزواج التجريبي مقبولا،‏ حيث كانت العلاقات الجنسية بين الاشخاص المخطوبين مسموحا بها،‏ او حيث كانت العلاقات برضا الطرفين بين الاشخاص غير المتزوجين شرعيا تُعتبر طبيعية.‏ وكان بعض رفقاء الزواج يحاولون ممارسة العزوبة.‏ والافراد الآخرون،‏ رغم عدم كونهم مطلَّقين،‏ انفصلوا بشكل غير حكيم عن رفقاء زواجهم.‏ فبغية تزويد التوجيه اللازم،‏ عالجت برج المراقبة،‏ خلال خمسينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ جميع هذه الحالات،‏ ناقشت المسؤوليات الزوجية،‏ شدَّدت على نهي الكتاب المقدس عن العهارة،‏ وأوضحت ما هي العهارة،‏ كي لا يكون هنالك سوء فهم.‏b —‏ اعمال ١٥:‏​١٩،‏ ٢٠؛‏ ١ كورنثوس ٦:‏١٨‏.‏

      وفي الاماكن حيث كان الناس الذين ابتدأوا يعاشرون هيئة يهوه لا يتخذون جديا مقاييس الكتاب المقدس الادبية،‏ مُنِح ذلك انتباها خصوصيا.‏ وهكذا،‏ في السنة ١٩٤٥،‏ عندما كان ن.‏ ه‍.‏ نور،‏ الرئيس الثالث لجمعية برج المراقبة،‏ في كوستاريكا،‏ قدَّم محاضرة عن الآداب المسيحية قال فيها:‏ «جميعكم انتم الموجودين هنا الليلة،‏ الذين تعيشون مع امرأة ولكن لم تصنعوا الترتيبات لجعل زواجكم شرعيا،‏ اعطيكم نصيحة.‏ اذهبوا الى الكنيسة الكاثوليكية وسجلوا اسمكم كعضو،‏ لأنه هناك يمكنكم ان تمارسوا هذه الامور.‏ ولكن هذه هي هيئة اللّٰه،‏ ولا يمكنكم ان تمارسوا هذه الامور هنا.‏»‏

      ابتداء من ستينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ عندما صار مضاجعو النظير اكثر صراحة بشأن ممارساتهم،‏ بحثت كنائس عديدة المسألة،‏ ثم قبلتهم كأعضاء.‏ حتى ان بعض الكنائس الآن ترسم مضاجعي النظير رجال دين.‏ وبغية مساعدة الاشخاص المخلصين الذين كانت لديهم اسئلة عن هذه المسائل،‏ ناقشت مطبوعات شهود يهوه ايضا هذه القضايا.‏ ولكن بين الشهود لم يكن هنالك قط ايّ شك في كيفية النظر الى مضاجعة النظير.‏ ولماذا؟‏ لأنهم لا يتعاملون مع مطالب الكتاب المقدس كما لو انها مجرد آراء بشر من عصر آخر.‏ (‏١ تسالونيكي ٢:‏١٣‏)‏ وهم يديرون بسرور دروسا في الكتاب المقدس مع مضاجعي النظير حتى يتمكن هؤلاء من تعلُّم مطالب يهوه،‏ ويمكن لمثل هؤلاء الاشخاص ان يحضروا اجتماعات الشهود للاستماع،‏ ولكن لا يمكن لمَن يستمر في ممارسة مضاجعة النظير ان يكون واحدا من شهود يهوه.‏ —‏ ١ كورنثوس ٦:‏​٩-‏١١؛‏ يهوذا ٧‏.‏

      وفي السنوات الاخيرة صار الانغماس الجنسي من قبل الاحداث غير المتزوجين شيئا مألوفا في العالم.‏ والاحداث في عائلات شهود يهوه شعروا بالضغط،‏ وابتدأ البعض يتبنَّون طرائق العالم حولهم.‏ فكيف عالجت الهيئة هذه الحالة؟‏ نُشرت مقالات مخصَّصة لمساعدة الوالدين والاحداث على رؤية الامور وفقا للاسفار المقدسة في برج المراقبة و استيقظ!‏ ومسرحيات الحياة الواقعية عُرضت في المحافل لمساعدة كل شخص على ادراك ثمر رفض مقاييس الكتاب المقدس الادبية وفوائد اطاعة وصايا اللّٰه.‏ واحدى اولى المسرحيات،‏ التي عُرضت في السنة ١٩٦٩،‏ كانت بعنوان «اشواك وأشراك في طريق الشخص المستقل.‏» وأُعدَّت كتب خصوصية لمساعدة الاحداث على تقدير حكمة مشورة الكتاب المقدس.‏ وشملت هذه حداثتكم —‏ نائلين افضل ما فيها (‏الصادر في السنة ١٩٧٦)‏ و اسئلة يطرحها الاحداث —‏ اجوبة تنجح (‏الصادر في السنة ١٩٨٩)‏.‏ والشيوخ المحليون قدَّموا المساعدة الروحية الشخصية للافراد وللعائلات.‏ وجماعات شهود يهوه جرت حمايتها ايضا بطرد الخطاة غير التائبين.‏

      وانهيار العالم في الآداب لم يؤدِّ الى وجهة نظر اكثر تساهلا بين شهود يهوه.‏ وعلى العكس،‏ وضعت الهيئة الحاكمة لشهود يهوه مزيدا من التشديد على ضرورة تجنُّب ليس فقط الاعمال الجنسية المحرمة بل ايضا التأثيرات والحالات التي تفتِّت القيم الادبية.‏ وخلال العقود الثلاثة الماضية،‏ زوَّدت الارشاد لتحصين الافراد ضد «الخطايا السرية» كالعادة السرية ولتنبيههم الى خطر الفن الاباحي،‏ المسلسلات التلفزيونية،‏ والموسيقى ذات التأثير المفسِد.‏ وهكذا فيما كان اتجاه العالم الادبي نحو الاسفل كان ذاك الذي لشهود يهوه نحو الاعلى.‏

      الحياة العائلية تضبطها المقاييس الالهية

      ان التمسك بثبات بمقياس الكتاب المقدس للآداب الجنسية افاد كثيرا الحياة العائلية لشهود يهوه.‏ لكنَّ كون المرء واحدا من شهود يهوه لا يضمن ان لا تكون لديه مشاكل عائلية.‏ ومع ذلك فان الشهود مقتنعون بأن كلمة اللّٰه تعطي المشورة الفضلى في كيفية معالجة مشاكل كهذه.‏ وتتوافر لديهم تدابير كثيرة اعدَّتها الهيئة لمساعدتهم على تطبيق هذه المشورة؛‏ وعندما يتَّبعونها تكون النتائج مفيدة حقا.‏

      وقديما في السنة ١٩٠٤،‏ زوَّد المجلد السادس من دروس في الاسفار المقدسة بحثا شاملا للمسؤوليات الزوجية والالتزامات الابوية.‏ ومنذ ذلك الحين،‏ نُشرت مئات المقالات وأُلقيت محاضرات كثيرة في كل جماعة لشهود يهوه بغية مساعدة كل عضو في العائلة على تقدير دوره المعطى من اللّٰه.‏ وهذا التثقيف في الحياة العائلية السليمة ليس هو فقط للمتزوجين حديثا ولكنه برنامج متواصل يشمل كامل الجماعة.‏ —‏ افسس ٥:‏​٢٢–‏٦:‏٤؛‏ كولوسي ٣:‏​١٨-‏٢١‏.‏

      هل يُقبَل تعدُّد الزوجات؟‏

      على الرغم من ان العادات التي تؤثر في الزواج والحياة العائلية تختلف من بلد الى آخر،‏ يدرك شهود يهوه ان المقاييس المرسومة في الكتاب المقدس تنطبق في كل مكان.‏ واذ شرع عملهم يتقدم في افريقيا في القرن الـ‍ ٢٠ هذا،‏ علَّم الشهود هناك،‏ كما يفعلون في كل مكان،‏ ان الزواج المسيحي يسمح برفيق زواج واحد فقط.‏ (‏متى ١٩:‏​٤،‏ ٥؛‏ ١ كورنثوس ٧:‏٢؛‏ ١ تيموثاوس ٣:‏٢‏)‏ غير انه كان هنالك مئات من الذين قبلوا تشهير الكتاب المقدس للصنمية واعتنقوا بسرور ما علَّمه شهود يهوه عن ملكوت اللّٰه لكنهم اعتمدوا دون التخلي عن تعدُّد الزوجات.‏ ولتصحيح هذا الوضع،‏ شدَّدت برج المراقبة عدد ١٥ كانون الثاني ١٩٤٧ (‏بالانكليزية)‏ على ان المسيحية لا تسمح بتعدُّد الزوجات،‏ بصرف النظر عن العادة المحلية.‏ وأشعرت رسالة أُرسلت الى الجماعات جميع الذين يدَّعون انهم شهود ليهوه لكنهم متعدِّدو الزوجات انه يُسمح لهم بستة اشهر لجعل شؤونهم الزوجية على انسجام مع مقياس الكتاب المقدس.‏ وجرى دعم ذلك بمحاضرة ألقاها الاخ نور خلال زيارة الى افريقيا في تلك السنة عينها.‏

      وفي نَيجيريا كان هنالك عدد غير قليل من الناس العالميين الذين تكهَّنوا بأن الجهود لالغاء تعدُّد الزوجات من صفوف شهود يهوه ستعني هجر الهيئة.‏ صحيح انه ليس جميع ممارسي تعدُّد الزوجات الذين اعتمدوا في وقت سابق كشهود صنعوا التغييرات المطلوبة حتى في السنة ١٩٤٧.‏ مثلا،‏ يخبر أسوكْوو أَكپابِيو،‏ ناظر جائل،‏ ان الشاهد الذي كان يقيم عنده في إيفيايونڠ ايقظه عند منتصف الليل وطلب منه تغيير ما كان قد أُعلن عن مطلب الزواج الاحادي.‏ ولأنه رفض ان يفعل ذلك طرده مضيفه الى الخارج تحت المطر الغزير في تلك الليلة.‏

      لكنَّ المحبة ليهوه اعطت الآخرين القوة اللازمة لاطاعة وصاياه.‏ وهنا مجرد القليل منهم.‏ في زائير صرف رجل كان كاثوليكيا ومتعدِّد الزوجات على السواء اثنتين من زوجاته ليصير واحدا من شهود يهوه،‏ مع ان اطلاق التي يحبها اكثر لأنها ليست ‹امرأة شبابه› كان امتحانا قاسيا لايمانه.‏ (‏امثال ٥:‏١٨‏)‏ وفي داهومي (‏بينين الآن)‏ تغلَّب منهجي سابق لديه مع ذلك خمس زوجات على عقبات قانونية صعبة جدا لكي يحصل على الطلاق اللازم ليتأهل للمعمودية.‏ لكنه استمر في اعالة زوجاته السابقات وأولادهن،‏ كما فعل الآخرون الذين صرفوا زوجات ثانويات.‏ وكانت واريڠباني هْوِيتينڠتُن،‏ نَيجيرية،‏ ثانية زوجتي رجلها.‏ وعندما قرَّرت ان ارضاء يهوه،‏ الاله الحقيقي،‏ هو الشيء الاهم بالنسبة اليها،‏ واجهت حنق زوجها ثم عائلتها.‏ فأطلقها زوجها،‏ مع ولديها،‏ ولكن دون مساعدة مالية —‏ حتى ولا من اجل المواصلات.‏ ومع ذلك قالت:‏ ‹لا شيء من الفوائد المادية التي تركتها ورائي يمكن ان يضاهي ارضاء يهوه.‏›‏

      ماذا عن الطلاق؟‏

      ان تعدُّد الزوجات في البلدان الغربية لا تجري ممارسته على نحو واسع،‏ لكنَّ مواقف اخرى تتعارض مع الاسفار المقدسة تلقى رواجا.‏ وأحدها هو الفكرة ان الحصول على طلاق افضل من معاناة زواج تعيس.‏ وفي السنوات الاخيرة ابتدأ بعض شهود يهوه يقلِّدون هذه الروح،‏ ملتمسين الطلاق على اسس مثل «عدم التوافق.‏» فكيف عالج الشهود ذلك؟‏ تقود الهيئة قانونيا حملة تعليم فعَّالة تتعلق بنظرة يهوه الى الطلاق لافادة الشهود القدامى وكذلك مئات الآلاف من الذين يضافون الى صفوفهم كل سنة.‏

      والى اية خطوط ارشادية من الكتاب المقدس وجَّهت برج المراقبة الانتباه؟‏ بين امور اخرى ما يلي:‏ في سجل الكتاب المقدس للزواج البشري الاول،‏ يجري التشديد على وحدة الزوج والزوجة؛‏ فهو يقول:‏ ‹يلتصق الرجل بامرأته ويكونان جسدا واحدا.‏› (‏تكوين ٢:‏٢٤‏)‏ وفي وقت لاحق،‏ في اسرائيل،‏ نهى الناموس عن الزنا وقضى بالموت على ايّ امرئ ينهمك فيه.‏ (‏تثنية ٢٢:‏​٢٢-‏٢٤‏)‏ والطلاق على اسس غير الزنا كان مسموحا به،‏ ولكن فقط ‹من اجل قساوة قلوبهم،‏› كما اوضح يسوع.‏ (‏متى ١٩:‏​٧،‏ ٨‏)‏ فكيف نظر يهوه الى ممارسة نبذ الشخص رفيق زواجه بغية التزوج بآ‌خر؟‏ تذكر ملاخي ٢:‏١٦‏:‏ «يكره الطلاق.‏» لكنه سمح لاولئك الذين يحصلون على طلاق بالبقاء في جماعة اسرائيل.‏ وهناك،‏ اذا قبلوا تأديب يهوه لشعبه،‏ كان ممكنا على مر الوقت استبدال قلبهم الحجري بقلب ارقّ،‏ قلب يمكن ان يعبِّر عن المحبة الاصيلة لطرقه.‏ —‏ قارنوا حزقيال ١١:‏​١٩،‏ ٢٠‏.‏

      وذكرت برج المراقبة تكرارا انه عندما كان يسوع يناقش الطلاق كما جرت ممارسته في اسرائيل القديمة،‏ اظهر ان مقياسا اسمى كان سيتأسس بين أتباعه.‏ فقال انه اذا طلَّق احد زوجته إلا لعلة العهارة (‏پورنيا،‏ «الاتصال الجنسي المحرَّم»)‏ وتزوج بأخرى،‏ يقترف الزنا؛‏ وحتى إن لم يتزوج ثانية،‏ يجعل زوجته عرضة للزنا.‏ (‏متى ٥:‏٣٢؛‏ ١٩:‏٩‏)‏ وهكذا،‏ بالنسبة الى المسيحيين،‏ بيَّنت برج المراقبة ان ايّ طلاق هو مسألة خطيرة اكثر بكثير مما كان في اسرائيل.‏ وفيما لا تقضي الاسفار المقدسة بأن كل من يحصل على طلاق يُطرد من الجماعة،‏ فإن اولئك الذين يقترفون الزنا ايضا ويكونون غير تائبين تفصلهم جماعات شهود يهوه.‏ —‏ ١ كورنثوس ٦:‏​٩،‏ ١٠‏.‏

      حدثت تغييرات ثورية في السنوات الاخيرة في مواقف العالم في ما يتعلق بالزواج والحياة العائلية.‏ وعلى الرغم من ذلك،‏ استمر شهود يهوه في الالتصاق بالمقاييس التي زوَّدها اللّٰه،‏ منشئ الزواج،‏ كما هي مرسومة في الكتاب المقدس.‏ وباستخدام الخطوط الارشادية هذه سعوا الى مساعدة الاشخاص المستقيمي القلوب ان يتغلَّبوا على الظروف الصعبة التي يجد كثيرون جدا انفسهم فيها.‏

      ونتيجة لذلك،‏ صُنعت تغييرات مثيرة في حياة كثيرين من الذين قبلوا ارشاد الكتاب المقدس من شهود يهوه.‏ فالرجال الذين كانوا سابقا يضربون زوجاتهم،‏ الرجال الذين كانوا لا يتحملون مسؤولياتهم،‏ الرجال الذين كانوا يعولون عائلاتهم ماديا ولكن ليس عاطفيا ولا روحيا —‏ آلاف عديدة من مثل هؤلاء صاروا ازواجا وآباء محبين يعتنون جيدا بأُسَرهم.‏ والنساء اللواتي كنَّ مستقلات بعجرفة،‏ النساء اللواتي كنَّ يهملن اولادهنَّ ولا يعتنين بأنفسهنَّ او بيتهنَّ —‏ كثيرات من هؤلاء صرن زوجات يحترمن الرئاسة ويتَّبعن مسلكا يجعلهنَّ محبوبات كثيرا من ازواجهنَّ وأولادهنَّ.‏ والاحداث الذين كانوا عصاة على والديهم بوقاحة ومتمردين على المجتمع عموما،‏ الاحداث الذين كانوا يدمِّرون حياتهم بالامور التي يفعلونها ويجلبون بالتالي الاسى لوالديهم —‏ عدد ليس بقليل من هؤلاء صار لديهم قصد الهي في الحياة،‏ وهذا ساعدهم على تغيير شخصيتهم.‏

      طبعا،‏ ان العامل المهم في النجاح ضمن العائلة هو الاستقامة الواحد مع الآخر.‏ والاستقامة حيوية ايضا في العلاقات الاخرى.‏

      الى ايّ حد يصل مطلب الاستقامة؟‏

      يدرك شهود يهوه ان الاستقامة مطلوبة في كل ما يفعلونه.‏ وكأساس لنظرتهم،‏ يشيرون الى آيات كالتالية:‏ يهوه هو «اله الحق.‏» (‏مزمور ٣١:‏٥‏)‏ ومن ناحية اخرى،‏ كما قال يسوع،‏ ابليس هو «ابو الكذب.‏» (‏يوحنا ٨:‏٤٤‏،‏ ع‌ج‏)‏ اذًا،‏ من المفهوم انه بين الامور التي يبغضها يهوه «لسان كاذب.‏» (‏امثال ٦:‏​١٦،‏ ١٧‏)‏ وتخبرنا كلمته:‏ «لذلك اطرحوا عنكم الكذب وتكلموا بالصدق.‏» (‏افسس ٤:‏٢٥‏)‏ وينبغي للمسيحيين ليس فقط ان يتكلموا بالصدق بل،‏ كالرسول بولس،‏ يلزمهم ان ‏‹يتصرفوا باستقامة في كل شيء.‏› (‏عبرانيين ١٣:‏١٨‏،‏ ع‌ج‏)‏ فلا توجد مجالات في الحياة يمكن فيها لشهود يهوه ان يطبقوا بشكل صحيح مجموعة اخرى من القيم.‏

      عندما زار يسوع بيت زكَّا العشار اعترف الرجل بأن ممارساته التجارية كانت غير لائقة،‏ واتخذ الخطوات للتعويض عن اعمال الابتزاز السابقة.‏ (‏لوقا ١٩:‏٨‏)‏ وفي السنوات الاخيرة،‏ بغية امتلاك ضمير طاهر امام اللّٰه،‏ اتخذ بعض الاشخاص الذين ابتدأوا يعاشرون شهود يهوه اجراء مماثلا.‏ مثلا،‏ في اسپانيا ابتدأ لص مدمن على السرقة يدرس الكتاب المقدس مع شهود يهوه.‏ وسرعان ما ابتدأ ضميره يزعجه؛‏ ولذلك ردّ السلع المسروقة الى مستخدِمه السابق والى جيرانه،‏ ثم اخذ اشياء اخرى الى الشرطة.‏ ففُرض عليه ان يدفع غرامة ويقضي مدة قصيرة في السجن،‏ لكنه الآن يملك ضميرا طاهرا.‏ وفي انكلترا،‏ بعد شهرين فقط من درس الكتاب المقدس مع واحد من شهود يهوه،‏ سلَّم لص ألماس سابق نفسه الى الشرطة،‏ الذين اندهشوا؛‏ فقد كانوا يبحثون عنه طوال ستة اشهر.‏ وخلال السنتين والنصف التي قضاها بعدئذ في السجن،‏ درس الكتاب المقدس باجتهاد وتعلَّم ان يشترك في حقائق الكتاب المقدس مع الآخرين.‏ وبعد اطلاقه تقدَّم للمعمودية كواحد من شهود يهوه.‏ —‏ افسس ٤:‏٢٨‏.‏

      ان صيت استقامة شهود يهوه معروف جيدا.‏ فقد تعلَّم المستخدِمون ليس فقط ان الشهود لن يسرقوا منهم بل انهم لن يكذبوا او يزوِّروا السجلات بايعاز من مستخدِميهم —‏ لا،‏ حتى ولا اذا جرى تهديدهم بخسارة عملهم.‏ فبالنسبة الى شهود يهوه،‏ ان العلاقة الجيدة باللّٰه اهم بكثير من استحسان ايّ انسان.‏ ويدركون ايضا انه حيثما كانوا او مهما كانوا يفعلون فإن «كل شيء عريان ومكشوف لعيني ذلك الذي معه امرنا.‏» —‏ عبرانيين ٤:‏١٣؛‏ امثال ١٥:‏٣‏.‏

      وفي ايطاليا قالت جريدة لا ستامپا عن شهود يهوه:‏ «انهم يمارسون ما يكرزون به .‏ .‏ .‏ فالمثل الادبية العليا لمحبة القريب،‏ رفض المناصب الحكومية الرسمية،‏ اللاعنف والاستقامة الشخصية (‏التي هي بالنسبة الى معظم المسيحيين ‹قواعد يوم الاحد› التي لا تصلح إلا للوعظ من على المنبر)‏ تدخل في طريقة حياتهم ‹اليومية.‏›» وفي الولايات المتحدة،‏ كتب لويس كاسِلْز،‏ المحرِّر الديني للصحافة المتحدة الاممية،‏ واشنطن،‏ دي.‏ سي.‏:‏ «يلتصق الشهود بمعتقداتهم بأمانة كبيرة حتى عندما يكون فعل ذلك كثير الكلفة.‏»‏

      لماذا لم تكن المقامرة قضية بينهم

      في الازمنة الماضية كانت الاستقامة مقترنة عموما بالاستعداد للقيام بالعمل الشاق.‏ والمقامرة،‏ اي المجازفة بمبلغ من المال في مراهنة على حصيلة لعبة او حدث آخر،‏ كان المجتمع يزدري بها عموما.‏ ولكن فيما ابتدأت روح الانانية والغنى السريع تسري في القرن العشرين،‏ صارت المقامرة —‏ الشرعية وغير الشرعية —‏ واسعة الانتشار.‏ ويرعاها ليس فقط عالم الجريمة المنظَّمة بل غالبا ايضا الكنائس والحكومات الدنيوية من اجل جمع المال.‏ فكيف عالج شهود يهوه تغيُّر الموقف هذا في المجتمع؟‏ على اساس مبادئ الكتاب المقدس.‏

      كما أُشير اليه في مطبوعاتهم،‏ لا توجد وصية محدَّدة في الكتاب المقدس تقول،‏ لا تقامروا.‏ لكنَّ ثمر المقامرة انما هو رديء بشكل ثابت،‏ وهذا الثمر الفاسد شهَّرته برج المراقبة واستيقظ!‏ طوال نصف قرن.‏ وعلاوة على ذلك،‏ اظهرت هاتان المجلتان ان المقامرة في ايّ شكل تنطوي على مواقف يحذِّر منها الكتاب المقدس.‏ مثلا،‏ محبة المال:‏ «محبة المال اصل لكل الشرور.‏» (‏١ تيموثاوس ٦:‏١٠‏)‏ والانانية:‏ «لا تشتهِ .‏ .‏ .‏ كل ما لقريبك.‏» (‏تثنية ٥:‏٢١‏؛‏ قارنوا ١ كورنثوس ١٠:‏٢٤‏.‏)‏ وأيضا الطمع:‏ «إن كان احد مدعو اخا .‏ .‏ .‏ طمَّاعا .‏ .‏ .‏ لا تخالطوا .‏ .‏ .‏ مثل هذا.‏» (‏١ كورنثوس ٥:‏١١‏)‏ واضافة الى ذلك،‏ يحذِّر الكتاب المقدس من اللجوء الى «الحظ السعيد»‏ كما لو انه نوع من القوة الخارقة للطبيعة التي يمكن ان تمنح الخدمات.‏ (‏اشعياء ٦٥:‏١١‏،‏ ع‌ج‏)‏ ولأنهم يصغون الى تحذيرات الاسفار المقدسة هذه يتجنَّب شهود يهوه المقامرة بثبات.‏ ومنذ السنة ١٩٧٦ بذلوا جهدا خصوصيا للحيلولة دون ان يوجد في صفوفهم ايّ من الذين يحدِّد استخدامهم الدنيوي هويتهم بوضوح كجزء من مؤسسة للمقامرة.‏

      لم تكن المقامرة قط قضية حقيقية بين شهود يهوه.‏ فهم يعرفون انه عوضا عن تعزيز روح الكسب على حساب الآخرين،‏ يشجعهم الكتاب المقدس ان يعملوا بأيديهم،‏ ان يكونوا امناء في الاعتناء بما اؤتمنوا عليه،‏ ان يكونوا كرماء،‏ ان يعطوا المحتاجين.‏ (‏افسس ٤:‏٢٨؛‏ لوقا ١٦:‏١٠؛‏ رومية ١٢:‏١٣؛‏ ١ تيموثاوس ٦:‏١٨‏)‏ وهل يدرك الآخرون الذين يتعاملون معهم ذلك بسهولة؟‏ نعم،‏ وخصوصا اولئك الذين لديهم علاقات عمل معهم.‏ وليس غير عادي ان يطلب المستخدِمون الدنيويون شهود يهوه كمستخدَمين لأنهم عارفون بضميرهم الحي وامكانية الاعتماد عليهم.‏ وهم يدركون ان دين الشهود هو ما يجعلهم نوع الناس الذي هم عليه.‏

      ماذا عن التبغ واساءة استعمال المخدِّرات؟‏

      لا يذكر الكتاب المقدس التبغ ولا يسمِّي الكثير من المخدِّرات الاخرى التي يُساء استعمالها في ايامنا.‏ ولكنه يزوِّد خطوطا ارشادية ساعدت شهود يهوه على تقرير ايّ مسلك يرضي اللّٰه.‏ وهكذا،‏ قديما في السنة ١٨٩٥ عندما علَّقت برج المراقبة على استعمال التبغ،‏ لفتت الانتباه الى ٢ كورنثوس ٧:‏١‏،‏ التي تقول:‏ «فإذ لنا هذه المواعيد ايها الاحباء لنطهِّر ذواتنا من كل دنس الجسد والروح مكمِّلين القداسة في خوف اللّٰه.‏»‏

      لسنوات عديدة بدت هذه المشورة كافية.‏ ولكن،‏ اذ استخدمت شركات التبغ الاعلان لجعل التدخين ساحرا،‏ وصارت اساءة استعمال المخدِّرات «غير الشرعية» بعدئذ واسعة الانتشار،‏ كان يلزم المزيد للقيام به.‏ فجرى ابراز مبادئ اخرى للكتاب المقدس:‏ الاحترام ليهوه،‏ مانح الحياة (‏اعمال ١٧:‏​٢٤،‏ ٢٥‏)‏؛‏ المحبة للقريب (‏يعقوب ٢:‏٨‏)‏،‏ وواقع ان الشخص الذي لا يحب رفيقه الانسان لا يحب اللّٰه حقا (‏١ يوحنا ٤:‏٢٠‏)‏؛‏ وأيضا الطاعة للحكام الدنيويين (‏تيطس ٣:‏١‏)‏.‏ وجرت الاشارة الى ان الكلمة اليونانية فارماكيا،‏ التي تعني من حيث الاساس «مستودع المخدِّرات،‏» استعملها كتبة الكتاب المقدس للاشارة الى ‹ممارسة الارواحية› بسبب استعمال المخدِّرات في الممارسات الارواحية.‏ —‏ غلاطية ٥:‏٢٠‏.‏

      وقديما في السنة ١٩٤٦،‏ شهَّرت مجلة التعزية الطبيعة المغشوشة غالبا للشهادات المأجورة التي تُستخدم في اعلانات السجائر.‏ واذ صار الدليل العلمي متوافرا،‏ اعلنت ايضا استيقظ!‏،‏ خليفة التعزية،‏ البرهان على ان استعمال التبغ يسبِّب السرطان،‏ مرض القلب،‏ الاذى لجنين الحبلى،‏ والضرر لغير المدخنين المجبَرين على تنشُّق الهواء الملآن دخانا،‏ وكذلك الدليل على ان النيكوتين يسبِّب الادمان.‏ ولُفِت الانتباه الى التأثير السام للمرهوانة والدليل على ان استعمالها يمكن ان يؤدي الى تأذي الدماغ.‏ وعلى نحو مماثل،‏ نوقشت المخاطر الجسيمة للمخدِّرات الاخرى المسبِّبة للادمان تكرارا لفائدة قرَّاء مطبوعات برج المراقبة.‏

      قبل وقت طويل من موافقة الوكالات الحكومية على الحدّ الذي اليه يجب ان ينبِّهوا الناس الى الضرر الناجم عن استعمال التبغ،‏ اوضحت برج المراقبة،‏ في عددها الصادر في ١ آذار ١٩٣٥ (‏بالانكليزية)‏،‏ انه لا يمكن لأيّ شخص يستعمل التبغ ان يكون عضوا في هيئة مستخدَمي المركز الرئيسي لجمعية برج المراقبة للكتاب المقدس والكراريس او ان يكون احد ممثِّليها المعيَّنين.‏ وبعد ان عيَّنت الجمعية جميع الخدام في جماعات شهود يهوه (‏الترتيب الذي بدأ في السنة ١٩٣٨)‏،‏ قالت برج المراقبة ١ تموز ١٩٤٢ (‏بالانكليزية)‏ ان النهي عن استعمال التبغ ينطبق ايضا على جميع الخدام المعيَّنين هؤلاء.‏ وفي بعض المناطق،‏ مضى عدد من السنين قبل تحقيق ذلك كاملا.‏ ولكنَّ غالبية شهود يهوه تجاوبوا على نحو مؤاتٍ مع مشورة الاسفار المقدسة والمثال الجيد للذين يأخذون القيادة بينهم.‏

      وكخطوة اضافية الى الامام في التطبيق الثابت لمشورة الكتاب المقدس هذه،‏ لا احد من الذين لا يزالون يدخنون كان يُقبل للمعمودية من السنة ١٩٧٣ فصاعدا.‏ وخلال الاشهر التالية،‏ جرت مساعدة الذين كانوا ينهمكون بفعَّالية في انتاج التبغ او ترويج بيع التبغ على الادراك انه لا يمكنهم ان يستمروا في فعل ذلك ويكونوا مقبولين كشهود ليهوه.‏ فمشورة كلمة اللّٰه يجب تطبيقها على نحو ثابت في كل وجه للحياة.‏ ومثل هذا التطبيق لمبادئ الكتاب المقدس على استعمال التبغ،‏ المرهوانة،‏ وما يُعرَف بالمخدِّرات القوية كان بمثابة حماية للشهود.‏ وباستعمال الاسفار المقدسة،‏ تمكَّنوا ايضا من مساعدة آلاف عديدة من الاشخاص الذين دُمِّرت حياتهم باساءة استعمال المخدِّرات.‏

      هل المشروبات الكحولية مختلفة؟‏

      لم تعتنق مطبوعات برج المراقبة النظرة ان استعمال المشروبات الكحولية مماثل لاساءة استعمال المخدِّرات.‏ ولماذا؟‏ توضح:‏ يعرف الخالق كيف نحن مصنوعون،‏ وتسمح كلمته بالاستعمال المعتدل للمشروبات الكحولية.‏ (‏مزمور ١٠٤:‏١٥؛‏ ١ تيموثاوس ٥:‏٢٣‏)‏ لكنَّ الكتاب المقدس يحذِّر ايضا من ‹الافراط في شرب الخمر،‏› ويدين بشدة السكر.‏ —‏ امثال ٢٣:‏​٢٠،‏ ٢١،‏ ٢٩،‏ ٣٠؛‏ ١ كورنثوس ٦:‏​٩،‏ ١٠؛‏ افسس ٥:‏١٨‏.‏

      ولأن الاستهلاك غير المعتدل للمشروبات المسكرة كان يدمر حياة كثيرين من الناس فضَّل تشارلز تاز رصل نفسه الامتناع الكلي.‏ ومع ذلك اعترف بأن يسوع استعمل الخمر.‏ وخلال القرن الـ‍ ١٩ والجزء الباكر من القرن الـ‍ ٢٠ كان هنالك اضطراب شعبي كبير في سبيل الحظر الشرعي للمشروب الكحولي في الولايات المتحدة.‏ وعبَّرت برج المراقبة بحرية عن التعاطف مع الذين كانوا يحاولون مكافحة الاذى الناجم عن المشروب الكحولي،‏ لكنها لم تنضم الى حملتهم لاصدار قوانين الحظر.‏ إلا ان المجلة اشارت بحزم الى الضرر الناتج من الافراط وذكرت مرارا انه من الافضل تجنُّب الخمر والمسكر تماما.‏ وأولئك الذين شعروا انه بامكانهم استعمال المشروب الكحولي باعتدال جرى تشجيعهم على التأمل في رومية ١٤:‏٢١‏،‏ التي تقول:‏ «حسن ان لا تأكل لحما ولا تشرب خمرا ولا شيئا يصطدم به اخوك.‏»‏

      ولكن،‏ في السنة ١٩٣٠،‏ عندما مضى مدير جمعية مقاومة الحانات في الولايات المتحدة الى حدِّ الادِّعاء علنا ان هيئته «مولودة من اللّٰه،‏» اغتنم المناسبة ج.‏ ف.‏ رذرفورد،‏ رئيس جمعية برج المراقبة آنذاك،‏ لتقديم محاضرات اذاعية تُظهر ان مثل هذا الادِّعاء يعادل الافتراء على اللّٰه.‏ ولماذا؟‏ لأن كلمة اللّٰه لا تحرِّم كل استعمال للخمر؛‏ لأن قوانين الحظر لم تعمل على انهاء السكر،‏ الذي يدينه اللّٰه؛‏ ولأن قوانين الحظر،‏ عوضا عن ذلك،‏ تسبَّبت برد فعل عكسي لانتاج وتوزيع المسكر غير الشرعي والفساد الحكومي.‏

      ان استعمال المشروبات الكحولية او الامتناع عنها يُعتبر قضية شخصية بين شهود يهوه.‏ لكنهم يلتصقون بمطلب الاسفار المقدسة ان يكون النظار ‹معتدلين في العادات.‏› وهذا التعبير مترجم عن نِفاليون اليونانية،‏ التي تعني،‏ حرفيا،‏ ‹صاحيا،‏ معتدلا؛‏ ممتنعا عن الخمر،‏ إما كليا او على الاقل عن استعمالها غير المعتدل.‏› والخدام المساعدون ايضا يجب ان يكونوا رجالا «غير مولعين بالخمر.‏» (‏١ تيموثاوس ٣:‏٢‏،‏ ع‌ج،‏ ٣،‏ ٨‏)‏ ولذلك فان المفرطين في شرب الخمر لا يكونون اهلا لامتيازات الخدمة الخصوصية.‏ وواقع ان اولئك الذين يأخذون القيادة بين شهود يهوه يرسمون مثالا جيدا انما يعطيهم حرية الكلام في مساعدة الآخرين الذين ربما يميلون الى الاعتماد على المشروبات الكحولية لمواجهة الضغط،‏ او الذين ربما يلزمهم في الواقع ان يمتنعوا كليا ليبقوا صاحين.‏ فما هي النتائج؟‏

      على سبيل المثال،‏ يذكر تقرير اخباري من افريقيا الجنوبية-‏الوسطى:‏ «في جميع الروايات،‏ ان المناطق التي يكون فيها شهود يهوه هم الاقوى بين الافريقيين هي الآن مناطق خالية من الاضطراب اكثر من المعدل.‏ لقد كانوا بالتأكيد فعَّالين ضد المشاغبين،‏ ممارسة السحر،‏ السكر والعنف من ايّ نوع.‏» —‏ الاخبار الشمالية (‏زامبيا)‏.‏

      والطريقة المهمة الاخرى التي بها يختلف سلوك شهود يهوه عن ذاك الذي للعالم هي في ما يتعلق بـ‍ —‏ 

      الاحترام للحياة

      يتأصَّل مثل هذا الاحترام في الاعتراف بواقع ان الحياة هي هبة من اللّٰه.‏ (‏مزمور ٣٦:‏٩؛‏ اعمال ١٧:‏​٢٤،‏ ٢٥‏)‏ ويشتمل ذلك على الادراك انه حتى حياة الجنين ثمينة في عيني اللّٰه.‏ (‏خروج ٢١:‏​٢٢-‏٢٥؛‏ مزمور ١٣٩:‏​١،‏ ١٦‏)‏ ويأخذ في الحسبان ان «كل واحد منا سيعطي عن نفسه حسابا للّٰه.‏» —‏ رومية ١٤:‏١٢‏.‏

      وانسجاما مع مبادئ الكتاب المقدس هذه تجنَّب شهود يهوه بشكل ثابت ممارسة الاجهاض.‏ وبغية تزويد التوجيه السليم لقرَّائها،‏ ساعدتهم مجلة استيقظ!‏ على التقدير ان الطهارة مطلب الهي؛‏ وناقشت مطوَّلا عجائب عملية الانجاب فضلا عن العوامل النفسية والفيزيولوجية المشمولة بالولادة.‏ وفي فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية،‏ اذ صار الاجهاض اكثر شيوعا،‏ اظهرت برج المراقبة بوضوح ان هذه الممارسة مخالفة لكلمة اللّٰه.‏ وبشكل صريح قال عدد ١٥ كانون الاول ١٩٦٩ (‏بالانكليزية)‏:‏ «ان الاجهاض لمجرد التخلص من طفل غير مرغوب فيه مماثل لقتل حياة بشرية عمدا.‏»‏

      لماذا نقل الدم مرفوض

      ان الاحترام للحياة الذي يظهره شهود يهوه اثَّر ايضا في موقفهم من نقل الدم.‏ وعندما صار نقل الدم قضية تواجههم،‏ اوضحت برج المراقبة،‏ في عددها الصادر في ١ تموز ١٩٤٥ (‏بالانكليزية)‏،‏ مطوَّلا النظرة المسيحية في ما يتعلق بقداسة الدم.‏c وأظهرت ان دم الحيوان وذاك الذي للبشر على السواء كانا مشمولين بالنهي الالهي الذي صار ملزِما لنوح وجميع المتحدرين منه.‏ (‏تكوين ٩:‏​٣-‏٦‏)‏ وبيَّنت ان هذا المطلب جرى التشديد عليه مرة اخرى في القرن الاول في الوصية بأن ‹يمتنع› المسيحيون ‹عن الدم.‏› (‏اعمال ١٥:‏​٢٨،‏ ٢٩‏)‏ وأوضحت هذه المقالة نفسها من الاسفار المقدسة ان الاستعمال الكفاري فقط للدم كان مقبولا لدى اللّٰه،‏ وأنه نظرا الى ان الذبائح الحيوانية المقدَّمة تحت الناموس الموسوي رمزت الى ذبيحة المسيح،‏ فإن تجاهل المطلب ان ‹يمتنع› المسيحيون ‹عن الدم› يكون دليلا على الاحتقار الجسيم لذبيحة يسوع المسيح الفدائية.‏ (‏لاويين ١٧:‏​١١،‏ ١٢؛‏ عبرانيين ٩:‏​١١-‏١٤،‏ ٢٢‏)‏ وانسجاما مع هذا الفهم للامور،‏ ابتداء من السنة ١٩٦١،‏ فُصل من جماعات شهود يهوه كل مَن تجاهل المطلب الالهي،‏ قبِل نقل الدم،‏ وأظهر موقفا غير تائب.‏

      في بادئ الامر،‏ لم تناقَش الآثار الجانبية الجسدية لنقل الدم في مطبوعات برج المراقبة.‏ وفي ما بعد،‏ عندما صارت مثل هذه المعلومات متوافرة،‏ نُشِرت هي ايضا —‏ لا بصفتها السبب لرفض شهود يهوه نقل الدم بل لتقوية تقديرهم للنهي الذي وضعه اللّٰه نفسه في ما يتعلق باستعمال الدم.‏ (‏اشعياء ٤٨:‏١٧‏)‏ ولهذه الغاية،‏ في السنة ١٩٦١ صدر الكراس المدعوم جيدا بالوثائق Blood, Medicine and the Law of God (‏الدم،‏ الطب وشريعة اللّٰه‏)‏.‏ وفي السنة ١٩٧٧ طُبع كراس آخر.‏ وهذا الكراس،‏ الذي هو بعنوان Jehovah’s Witnesses and the Question of Blood (‏شهود يهوه ومسألة الدم‏)‏،‏ شدَّد ايضا على واقع ان الموقف الذي اتخذه شهود يهوه انما هو ديني،‏ مؤسس على ما يقوله الكتاب المقدس،‏ ولا يعتمد على عوامل تقترن بمخاطر طبية.‏ وقُدِّمت معلومات احدث حول الموضوع في السنة ١٩٩٠ في كراسة How Can Blood Save Your Life? (‏كيف يمكن للدم ان ينقذ حياتكم؟‏‏)‏.‏ وفي استخدام هذه المطبوعات بذل شهود يهوه الكثير من الجهد لكسب تعاون الاطباء ومساعدتهم على فهم موقف الشهود.‏ ولكنَّ المهنة الطبية طوال سنين كثيرة كانت تنظر الى استعمال نقل الدم باعتبار رفيع.‏

      وعلى الرغم من ان شهود يهوه اخبروا الاطباء انه ليس لديهم اعتراض ديني على المعالجة البديلة،‏ لم يكن رفض نقل الدم سهلا.‏ وكثيرا ما استُعمل ضغط كبير على الشهود وعائلاتهم للاذعان لما كان آنذاك ممارسة طبية معتادة.‏ ففي پورتو ريكو،‏ في تشرين الثاني ١٩٧٦،‏ وافقت آنا پاز دي روساريو البالغة من العمر ٤٥ سنة على الجراحة والعلاج اللازم لكنها طلبت بسبب معتقداتها الدينية ألَّا يُستعمل الدم.‏ ومع ذلك،‏ ذهب خمسة من رجال الشرطة وثلاث ممرضات،‏ متسلِّحين بأمر من المحكمة،‏ الى غرفتها في المستشفى بعد منتصف الليل،‏ شدّوها الى الفراش،‏ وأخضعوها عنوة لنقل الدم،‏ خلافا لرغباتها وتلك التي لزوجها وأولادها.‏ فأُصيبت بصدمة وماتت.‏ ولم تكن هذه على الاطلاق حالة منفردة،‏ ولم تحدث مثل هذه الاعتداءات في پورتو ريكو وحدها.‏

      ففي الدنمارك لاحقت الشرطة والدَين من الشهود في السنة ١٩٧٥ لأنهما رفضا السماح بأن يُخضَع ابنهما الصغير لنقل الدم لكنهما عوضا عن ذلك التمسا معالجة بديلة.‏ وفي ايطاليا،‏ في السنة ١٩٨٢،‏ حُكم بالسجن لمدة ١٤ سنة على زوجين كانا قد طلبا على نحو حبي المساعدة الطبية في اربعة بلدان لابنتهما المصابة بداء عضال بتهمة القتل بعد موت الفتاة في اثناء نقل الدم بأمر من المحكمة.‏

      وتكرارا،‏ في ما يتعلق بالمحاولات لاخضاع اولاد شهود يهوه عنوة لنقل الدم،‏ اثارت الصحافة عداء علنيا شديدا.‏ وفي بعض الحالات،‏ حتى بدون جلسة قانونية يمكن فيها للوالدين ان يتكلموا،‏ امر القضاة بنقل الدم الى اولادهم.‏ ولكن في اكثر من ٤٠ حالة في كندا أُعيد الاولاد الذين نُقل اليهم الدم امواتا الى والديهم.‏

      لا يوافق جميع الاطباء والقضاة على هذه الطرائق الجائرة.‏ فابتدأ البعض يحثون على موقف مساعد اكثر.‏ واستعمل بعض الاطباء مهاراتهم لتزويد معالجة بدون دم.‏ وخلال قيامهم بذلك نالوا الكثير من الخبرة في كل انواع الجراحة الخالية من استعمال الدم.‏ وتَبرهن تدريجيا ان كل انواع الجراحة يمكن اجراؤها بنجاح،‏ على الراشدين والاطفال على السواء،‏ من غير نقل دم.‏d

      ولتجنُّب المواجهات التي لا لزوم لها في الحالات الطارئة،‏ ابتدأ شهود يهوه في وقت باكر من ستينات الـ‍ ١٩٠٠ يقومون بزيارات خصوصية لاطبائهم لمناقشة موقفهم وتزويدهم بالمطبوعات الملائمة.‏ وطلبوا في وقت لاحق ان يوضع بيان خطي في ملفاتهم الطبية الفردية يذكر وجوب عدم نقل الدم اليهم.‏ وبحلول سبعينات الـ‍ ١٩٠٠ جعلوها ممارسة عامة ان يحملوا معهم بطاقة تنبِّه الهيئة الطبية الى واقع انه لا يجب اعطاؤهم دما مهما تكن الظروف.‏ وبعد استشارة الاطباء والمحامين،‏ عُدِّلت طبيعة البطاقة لجعلها وثيقة قانونية.‏

      ولدعم شهود يهوه في هذا التصميم للحيلولة دون اعطائهم دما،‏ لتبديد سوء الفهم من جهة الاطباء والمستشفيات،‏ ولتوطيد روح اكثر تعاونا بين المؤسسات الطبية والمرضى الشهود،‏ تأسست لجان الاتصال بالمستشفيات تحت توجيه الهيئة الحاكمة لشهود يهوه.‏ ومن قليل من مثل هذه اللجان في السنة ١٩٧٩،‏ نما عددها الى اكثر من ٨٠٠ في اكثر من ٧٠ بلدا.‏ وقد تدرب شيوخ مختارون وهم يزوِّدون خدمة كهذه في اميركا الشمالية،‏ الشرق الاقصى،‏ البلدان الرئيسية في جنوب المحيط الپاسيفيكي،‏ اوروپا،‏ وأميركا اللاتينية.‏ وبالاضافة الى ايضاح موقف شهود يهوه ينبِّه هؤلاء الشيوخ مستخدَمي المستشفيات الى واقع ان هنالك بدائل مقبولة لنقل الدم.‏ وفي الحالات الطارئة يساعدون في مباشرة الاستشارات بين اطباء العناية الاولية والجراحين الذين عالجوا حالات مماثلة للشهود بدون دم.‏ وحيث لزم الامر،‏ زارت هذه اللجان ليس فقط مستخدَمي المستشفيات بل ايضا القضاة الذين كانت لهم علاقة بقضايا طلبت فيها المستشفيات اوامر من المحكمة بنقل الدم.‏

      وحين لم يكن ممكنا بوسائل اخرى ضمان الاحترام لمعتقدهم الديني في ما يتعلق بقداسة الدم كان شهود يهوه احيانا يحيلون الى المحكمة اطباء ومستشفيات.‏ وكانوا عادةً يسعون الى الحصول على امر تقييدي او زجري.‏ ولكن في السنوات الاخيرة رفعوا ايضا دعاوي عطل وضرر ضد اطباء ومستشفيات تصرَّفوا بطريقة جائرة.‏ وفي السنة ١٩٩٠ ايَّدت محكمة اونتاريو للاستئناف،‏ في كندا،‏ دعوى قضائية كهذه لأن الطبيب تجاهل بطاقة في محفظة المريض تذكر بوضوح ان الشاهد لا يقبل نقل الدم مهما تكن الظروف.‏ وفي الولايات المتحدة،‏ منذ السنة ١٩٨٥،‏ رُفعت عشر دعاوي عطل وضرر على الاقل في انحاء مختلفة من البلد وتكرارا كان المدَّعى عليهم يقررون ان يحلّوا الامر خارج المحكمة بدفع مبلغ مشروط بدلا من مواجهة الاحتمال ان تحكم هيئة المحلَّفين بتعويضات اكبر ايضا.‏ وشهود يهوه مصمِّمون كاملا على اطاعة النهي الالهي عن استعمال الدم.‏ وهم لا يريدون ان يحيلوا الاطباء الى المحكمة،‏ ولكنهم سيفعلون ذلك عند الضرورة لايقافهم عن ان يفرضوا على الشهود معالجة كريهة ادبيا بالنسبة اليهم.‏

      يصير الناس مدركين اكثر فأكثر المخاطر الملازمة لنقل الدم.‏ وذلك،‏ جزئيا،‏ بسبب الخوف من الأيدز.‏ لكنَّ الشهود تدفعهم رغبة متقدة في ارضاء اللّٰه.‏ وفي السنة ١٩٨٧ ذكرت الصحيفة الطبية الفرنسية Le Quotidien du Médecin‏:‏ «لعلَّ شهود يهوه على حق في رفض استعمال منتجات الدم،‏ اذ هو صحيح ان عددا كبيرا من العوامل المسبِّبة للامراض يمكن ان تنتقل بواسطة الدم المنقول.‏»‏

      والموقف الذي يتخذه شهود يهوه ليس مؤسسا على معرفة طبية متفوقة نشأت معهم.‏ فهم يثقون بأن طريق يهوه صائبة وأنه «لا يمنع خيرا» عن خدامه الاولياء.‏ (‏مزمور ١٩:‏​٧،‏ ١١؛‏ ٨٤:‏١١‏)‏ وحتى اذا مات شاهد نتيجة خسارة الدم —‏ وهذا ما حدث في بعض الاحيان —‏ فلدى شهود يهوه ملء الثقة بأن اللّٰه لا ينسى امناءه بل سيردّهم الى الحياة بواسطة القيامة.‏ —‏ اعمال ٢٤:‏١٥‏.‏

      عندما يختار الافراد تجاهل مقاييس الكتاب المقدس

      يدرس ملايين الاشخاص الكتاب المقدس مع شهود يهوه،‏ ولكن لا يصيرون جميعهم شهودا.‏ وعندما يتعلَّم بعض الاشخاص المقاييس الرفيعة التي تُطبَّق عمليا،‏ يقرِّرون ان هذا ليس نوع الحياة الذي يريدونه.‏ وجميع الذين يعتمدون يُعطَون اولا ارشادا شاملا في تعاليم الكتاب المقدس الاساسية،‏ وبعد ذلك (‏وخصوصا منذ السنة ١٩٦٧)‏ يراجع الشيوخ في الجماعة مثل هذه التعاليم مع كل مرشح للمعمودية.‏ ويُبذل كل جهد للتيقن ان الذين يعتمدون يفهمون بوضوح ليس فقط العقيدة بل ايضا ما يشمله السلوك المسيحي.‏ ولكن،‏ ماذا اذا سمح بعض هؤلاء في ما بعد لمحبة العالم بأن تغريهم بخطإ خطير؟‏

      قديما في السنة ١٩٠٤،‏ في كتاب الخليقة الجديدة،‏ مُنح الانتباه للحاجة الى اتخاذ الاجراء الملائم بغية عدم السماح بافساد آداب الجماعة.‏ والفهم الذي كان لدى تلاميذ الكتاب المقدس آنذاك لطريقة التعامل مع الخطاة كما هو مرسوم في متى ١٨:‏​١٥-‏١٧ جرت مناقشته.‏ وانسجاما مع ذلك،‏ كانت هنالك،‏ في مناسبات نادرة،‏ ‹محاكمات كنسية› حيث يُقدَّم الدليل على الخطإ في القضايا الخطيرة لكامل الجماعة.‏ وبعد سنين،‏ اعادت برج المراقبة في عددها الصادر في ١٥ ايار ١٩٤٤ (‏بالانكليزية)‏ النظر في المسألة على ضوء الكتاب المقدس بكامله وأظهرت ان مثل هذه المسائل التي تؤثر في الجماعة يجب ان يعالجها اخوة مسؤولون عُهد اليهم في الاشراف على الجماعة.‏ (‏١ كورنثوس ٥:‏​١-‏١٣‏؛‏ قارنوا التثنية ٢١:‏​١٨-‏٢١‏.‏)‏ وأُلحِقت بذلك،‏ في برج المراقبة عدد ١ آذار ١٩٥٢ (‏بالانكليزية)‏،‏ مقالات شدَّدت ليس فقط على الاجراء اللائق بل على الحاجة الى اتخاذ الاجراء لحفظ الهيئة نظيفة.‏ وتكرارا منذ ذلك الحين جرى بحث هذا الموضوع.‏ لكنَّ الاهداف بقيت على حالها دائما:‏ (‏١)‏ حفظ الهيئة نظيفة و (‏٢)‏ التشديد للخاطئ على الحاجة الى التوبة المخلصة،‏ بهدف ردّه.‏

      في القرن الاول كان هنالك بعض الذين هجروا الايمان من اجل العيش الخليع.‏ وانحرف آخرون بسبب عقائد المرتدّين.‏ (‏١ يوحنا ٢:‏١٩‏)‏ ويستمر الامر نفسه في الحدوث بين شهود يهوه في القرن العشرين هذا.‏ ومن المحزن انه في الآونة الاخيرة صار من الضروري فصل عشرات الآلاف من الخطاة غير التائبين كل سنة.‏ وكان بينهم شيوخ بارزون.‏ فمطالب الاسفار المقدسة نفسها تنطبق على الجميع.‏ (‏يعقوب ٣:‏١٧‏)‏ ويدرك شهود يهوه ان المحافظة على هيئة نظيفة ادبيا هو امر حيوي للاستمرار في نيل رضى يهوه.‏

      لبس الشخصية الجديدة

      حث يسوع الناس ان يكونوا نظفاء ليس فقط من الخارج بل ايضا من الداخل.‏ (‏لوقا ١١:‏​٣٨-‏٤١‏)‏ وأظهر ان الامور التي نقولها ونفعلها انما هي انعكاس لما هو في قلبنا.‏ (‏متى ١٥:‏​١٨،‏ ١٩‏)‏ وكما اوضح الرسول بولس،‏ اذا تعلَّمنا حقا من المسيح،‏ ‹فسنتجدد بروح ذهننا› و ‹سنلبس (‏الشخصية الجديدة)‏ المخلوقة بحسب اللّٰه في البر وقداسة الحق.‏› (‏افسس ٤:‏​١٧-‏٢٤‏)‏ وأولئك المتعلِّمون من المسيح يسعون الى اكتساب ‹الموقف العقلي نفسه الذي كان للمسيح يسوع› ليفكروا ويعملوا كما فعل.‏ (‏رومية ١٥:‏٥‏،‏ ع‌ج‏)‏ وسلوك شهود يهوه كأفراد انما هو انعكاس لمدى فعلهم ذلك حقا.‏

      لا يدَّعي شهود يهوه ان سلوكهم لا عيب فيه.‏ لكنهم مخلصون في مساعيهم ليكونوا متمثلين بالمسيح اذ يعملون وفق مقياس الكتاب المقدس السامي للسلوك.‏ وهم لا ينكرون ان هنالك افرادا آخرين يطبِّقون المقاييس الادبية السامية في حياتهم.‏ ولكن،‏ في حالة شهود يهوه،‏ ليس فقط كأفراد بل ايضا كهيئة اممية يُعرفون بسهولة بسبب السلوك الذي ينسجم مع مقاييس الكتاب المقدس.‏ وهم يندفعون بالمشورة الموحى بها المسجلة في ١ بطرس ٢:‏١٢‏:‏ «أن تكون سيرتكم بين الامم حسنة لكي يكونوا .‏ .‏ .‏ يمجّدون اللّٰه .‏ .‏ .‏ من اجل اعمالكم الحسنة التي يلاحظونها.‏»‏

      ‏[الحواشي]‏

      a في برج المراقبة عدد ١٥ تشرين الاول ١٩٤١ (‏بالانكليزية)‏ جرت مناقشة الموضوع ثانية،‏ بشكل مختصر نوعا ما،‏ تحت العنوان «الشخصية ام الاستقامة —‏ ايتهما؟‏»‏

      b عرَّفت برج المراقبة عدد ١٥ نيسان ١٩٥١ (‏بالانكليزية)‏ العهارة بأنها «الاتصال الجنسي الارادي بين شخص غير متزوج وشخص من الجنس الآخر.‏» وأضاف عدد ١ كانون الثاني ١٩٥٢ (‏بالانكليزية)‏ ان الاصطلاح بحسب الاسفار المقدسة يمكن تطبيقه ايضا على الفساد الادبي الجنسي من جهة شخص متزوج.‏

      c ظهرت مناقشات ابكر لقداسة الدم في مجلتي برج المراقبة عدد ١٥ كانون الاول ١٩٢٧ (‏بالانكليزية)‏،‏ وكذلك برج المراقبة عدد ١ كانون الاول ١٩٤٤ (‏بالانكليزية)‏،‏ اللتين ذكرتا بالتخصيص نقل الدم.‏

      d الجراحة المعاصرة،‏ آذار ١٩٩٠،‏ ص ٤٥-‏٤٩؛‏ الجرّاح الاميركي،‏ حزيران ١٩٨٧،‏ ص ٣٥٠-‏٣٥٦؛‏ طب ميامي،‏ كانون الثاني ١٩٨١،‏ ص ٢٥؛‏ مجلة الطب لولاية نيويورك،‏ ١٥ تشرين الاول ١٩٧٢،‏ ص ٢٥٢٤-‏٢٥٢٧؛‏ مجلة الجمعية الطبية الاميركية،‏ ٢٧ تشرين الثاني ١٩٨١،‏ ص ٢٤٧١،‏ ٢٤٧٢؛‏ الاخبار القلبية الوعائية،‏ شباط ١٩٨٤،‏ ص ٥؛‏ الدورة الدموية،‏ ايلول ١٩٨٤.‏

      ‏[النبذة في الصفحة ١٧٢]‏

      ‏«لديهم قيم ادبية رائعة»‏

      ‏[النبذة في الصفحة ١٧٤]‏

      هل كان هنالك ايّ شك في كيفية النظر الى مضاجعة النظير؟‏

      ‏[النبذة في الصفحة ١٧٥]‏

      انهيار العالم الادبي لم يجعل الشهود يصيرون اكثر تساهلا

      ‏[النبذة في الصفحة ١٧٦]‏

      حاول البعض ان يكونوا شهودا دون التخلي عن تعدُّد الزوجات

      ‏[النبذة في الصفحة ١٧٧]‏

      برنامج فعَّال لتعليم نظرة يهوه الى الطلاق

      ‏[النبذة في الصفحة ١٧٨]‏

      تغييرات مثيرة في حياة الناس

      ‏[النبذة في الصفحة ١٨١]‏

      التبغ —‏ لا!‏

      ‏[النبذة في الصفحة ١٨٢]‏

      المشروبات الكحولية —‏ باعتدال،‏ هذا اذا شُربت

      ‏[النبذة في الصفحة ١٨٣]‏

      مصمِّمون بثبات على عدم قبول الدم

      ‏[النبذة في الصفحة ١٨٧]‏

      الفصل —‏ للمحافظة على هيئة نظيفة ادبيا

      ‏[الاطار في الصفحة ١٧٣]‏

      ‏‹تطوير الشخصية› —‏ الثمر لم يكن دائما جيدا

      تقرير من الدنمارك:‏ ‹ان كثيرين،‏ وخصوصا بين الرفقاء الاقدمين،‏ في جهودهم المخلصة للبس الشخصية المسيحية،‏ سعوا الى تجنب كل ما له ادنى لطخة من الامور العالمية وبهذه الطريقة يجعلون انفسهم اكثر جدارة بالملكوت السماوي.‏ وغالبا ما كان يُعتبر غير لائق الابتسام خلال الاجتماعات،‏ وكثيرون من الاخوة الاقدمين كانوا يرتدون فقط بدلات سوداء،‏ احذية سوداء،‏ ربطات عنق سوداء.‏ وغالبا ما كانوا يكتفون بالعيش حياة هادئة ومسالمة في الرب.‏ وكانوا يعتقدون انه يكفي ان يعقدوا الاجتماعات ويَدَعوا الموزِّعين الجائلين يقومون بالكرازة.‏›‏

      ‏[الاطار في الصفحة ١٧٩]‏

      ما يراه الآخرون في الشهود

      ◆ ذكرت «مونْخنِر مِرْكور،‏» صحيفة المانية،‏ في ما يتعلق بشهود يهوه:‏ «انهم دافعو الضرائب الاكثر استقامة والاكثر دقة في المواعيد في الجمهورية الاتحادية.‏ واطاعتهم للقوانين يمكن رؤيتها في الطريقة التي بها يسوقون السيارة وكذلك في احصاءات الجرائم.‏ .‏ .‏ .‏ انهم يطيعون ذوي السلطة (‏الآباء،‏ المعلِّمين،‏ الحكومة)‏.‏ .‏ .‏ .‏ والكتاب المقدس،‏ اساس كل اعمالهم،‏ هو دعامتهم.‏»‏

      ◆ رئيس البلدية في لنز،‏ فرنسا،‏ قال للشهود بعد استعمالهم ملعبا مدرَّجا محليا لاحد محافلهم:‏ «ما احبه هو انكم تفون بوعودكم واتفاقاتكم،‏ وعلاوة على ذلك،‏ انتم نظفاء،‏ مهذَّبون،‏ ومنظَّمون.‏ احب مجتمعكم.‏ فأنا ضد الفوضى،‏ ولا احب الناس الذين يجولون موسِّخين ومكسِّرين الاشياء.‏»‏

      ◆ وكتاب «اصوات من المحرقة» يحتوي على مذكِّرات من ناجية پولندية من معسكري الاعتقال أَوشڤيتس ورَڤنْسْبروك كتبت تقول:‏ «رأيت اناسا صاروا صالحين جدا جدا وأناسا صاروا اردياء تماما.‏ والفريق الالطف كان شهود يهوه.‏ وأنا ارفع قبعتي لهؤلاء الناس.‏ .‏ .‏ .‏ لقد فعلوا اشياء بديعة للناس الآخرين.‏ ساعدوا المرضى،‏ اعطوا من خبزهم،‏ وقدَّموا لكل مَن كان قربهم التعزية الروحية.‏ الالمان ابغضوهم واحترموهم في الوقت نفسه.‏ وأعطوهم العمل الاردأ لكنهم قبلوه ورؤوسهم مرفوعة.‏»‏

  • ‏«ليسوا جزءا من العالم»‏
    شهود يهوه —‏ منادون بملكوت اللّٰه
    • الفصل ١٤

      ‏«ليسوا جزءا من العالم»‏

      الدين العصري هو،‏ في الغالب،‏ جزء من العالم الى حد بعيد،‏ ولذلك يشترك في احتفالات العالم ويعكس روحه القومية.‏ ورجال دينه غالبا ما يعترفون بهذا الواقع،‏ وكثيرون منهم يعجبهم ان يكون الامر كذلك.‏ وفي تباين حادّ،‏ قال يسوع عن أتباعه الحقيقيين:‏ «ليسوا جزءا من العالم كما اني انا لست جزءا من العالم.‏» —‏ يوحنا ١٧:‏١٦‏،‏ ع‌ج‏.‏

      فماذا يظهر السجل في ما يتعلق بشهود يهوه من هذا القبيل؟‏ وهل اعطوا الدليل المقنع على انهم ليسوا جزءا من العالم؟‏

      الموقف تجاه رفقائهم البشر

      كان تلاميذ الكتاب المقدس الاولون يدركون جيدا ان المسيحيين الحقيقيين ليسوا جزءا من العالم.‏ وأوضحت برج المراقبة انه اذ جرى تقديس أتباع المسيح الممسوحين وولادتهم من الروح القدس لكي يشتركوا في الملكوت السماوي،‏ صاروا بعمل اللّٰه هذا مفروزين من العالم.‏ وبالاضافة الى ذلك،‏ بيَّنت انهم كانوا تحت التزام تجنُّب روح العالم —‏ اهدافه،‏ طموحاته،‏ وآماله،‏ فضلا عن طرقه الانانية.‏ —‏ ١ يوحنا ٢:‏​١٥-‏١٧‏.‏

      فهل اثَّر ذلك في موقف تلاميذ الكتاب المقدس من الناس الذين لم يشتركوا في معتقداتهم؟‏ لا شك ان ذلك لم يجعلهم نُسَّاكا.‏ لكنَّ اولئك الذين طبَّقوا حقا ما كانوا يتعلَّمونه من الاسفار المقدسة لم يطلبوا رفقة الناس العالميين بحيث يشتركون في نمط حياتهم.‏ ووجَّهت برج المراقبة خدام اللّٰه الى مشورة الكتاب المقدس ان ‹يعملوا الخير للجميع.‏› ونصحت ايضا انه عندما يُضطهدون يجب ان يبذلوا الجهد لتجنُّب مشاعر الانتقام،‏ وعوضا عن ذلك،‏ كما قال يسوع،‏ يجب ان ‹يحبوا اعداءهم.‏› (‏غلاطية ٦:‏١٠؛‏ متى ٥:‏​٤٤-‏٤٨‏)‏ وحثتهم خصوصا على السعي الى الاشتراك مع الآخرين في الحقائق الثمينة المتعلقة بتدبير اللّٰه للخلاص.‏

      من المفهوم ان فعلهم هذه الامور كان سيجعلهم مختلفين في نظر العالم.‏ لكنَّ عدم الكينونة جزءا من العالم يشمل اكثر من ذلك —‏ اكثر بكثير.‏

      منفصلون ومختلفون عن بابل العظيمة

      لكي لا يكونوا جزءا من العالم وجب ألا يكونوا جزءا من الانظمة الدينية التي كانت متورطة عميقا في شؤون العالم والتي كانت قد امتصت عقائد وعادات من بابل القديمة،‏ العدوة القديمة العهد للعبادة الحقة.‏ (‏ارميا ٥٠:‏٢٩‏)‏ وعندما اندلعت الحرب العالمية الاولى،‏ كان تلاميذ الكتاب المقدس لعقود يشهِّرون الجذور الوثنية لعقائد العالم المسيحي كالثالوث،‏ خلود النفس البشرية،‏ ونار الهاوية.‏ وكشفوا ايضا عن سجل محاولة الكنائس التأثير في الحكومات لغاياتها الانانية.‏ وبسبب عقائد وممارسات العالم المسيحي،‏ قرنه تلاميذ الكتاب المقدس بـ‍ «بابل العظيمة.‏» (‏رؤيا ١٨:‏٢‏)‏ وبيَّنوا انه مزج الحق بالخطإ،‏ المسيحية الفاترة بالامور العالمية الصريحة،‏ وأن لقب الكتاب المقدس «بابل» (‏ومعناه «بلبلة»)‏ يصف جيدا هذه الحالة.‏ وحثّوا محبي اللّٰه على الخروج من «بابل.‏» (‏رؤيا ١٨:‏٤‏)‏ ولهذا الغرض،‏ في اواخر كانون الاول ١٩١٧ وأوائل ١٩١٨،‏ وزَّعوا ٠٠٠‏,٠٠٠‏,١٠ نسخة من The Bible Students Monthly (‏شهرية تلاميذ الكتاب المقدس‏)‏ التي ابرزت الموضوع «سقوط بابل،‏» الذي كان تشهيرا شديد الوقع للعالم المسيحي.‏ وهذا بدوره ادَّى الى عداء مرّ من رجال الدين،‏ الذين استغلّوا هستيريا زمن الحرب في محاولة لسحق عمل شهود يهوه.‏

      وبشكل لا يمكن تجنُّبه،‏ كان الخروج من بابل العظيمة يشمل الانسحاب من العضوية في الهيئات التي تدافع عن عقائدها الباطلة.‏ وتلاميذ الكتاب المقدس فعلوا ذلك،‏ على الرغم من انهم لسنين عديدة اعتبروا الافراد في الكنائس الذين ادَّعوا التكريس التام والايمان بالفدية اخوة مسيحيين.‏ إلا ان تلاميذ الكتاب المقدس لم يكتبوا فقط رسائل انسحاب من كنائس العالم المسيحي،‏ ولكنَّ البعض،‏ عندما كان ذلك ممكنا،‏ قرأوا رسائلهم عاليا في اجتماعات الكنيسة حيث كان ملائما ان يعبِّر الاعضاء عن رأيهم بحرية.‏ وعندما لم يكن ذلك ممكنا،‏ كان بامكانهم ان يرسلوا نسخة من رسالة انسحابهم —‏ رسالة لطيفة تحتوي على شهادة ملائمة —‏ الى كل عضو في الجماعة الكنسية.‏

      وهل كانوا يتيقنون ايضا انهم لا يأخذون معهم ايا من العادات والممارسات الاثيمة لتلك الهيئات؟‏ ماذا كانت الحالة في الفترة المؤدية الى الحرب العالمية الاولى؟‏

      هل يجب ان يختلط الدين بالسياسة؟‏

      في الميدان السياسي،‏ لفترة طويلة كان حكام العديد من الامم الرائدة،‏ بسبب صِلاتهم بالكنيسة الكاثوليكية او الپروتستانتية،‏ قد ادَّعوا انهم يحكمون ‹بحق الهي،‏› كممثلين لملكوت اللّٰه وبرضا اللّٰه الخصوصي.‏ والكنيسة اعطت بركتها للحكومة؛‏ وبدورها،‏ اعطت الحكومة دعمها للكنيسة.‏ فهل انغمس تلاميذ الكتاب المقدس ايضا في ذلك؟‏

      عوضا عن التمثُّل بكنائس العالم المسيحي،‏ سعوا الى التعلُّم من تعاليم ومثال يسوع المسيح ورسله.‏ فماذا اظهر لهم درسهم للكتاب المقدس؟‏ تكشف مطبوعات برج المراقبة الباكرة انهم كانوا مدركين انه عندما استجوب الحاكم الروماني بيلاطس البنطي يسوع،‏ ذكر:‏ «مملكتي ليست (‏جزءا)‏ من هذا العالم.‏» وردًّا على سؤال حول دور يسوع،‏ قال للحاكم:‏ «لهذا قد وُلدت انا ولهذا قد اتيت الى العالم لأشهد للحق.‏» (‏يوحنا ١٨:‏​٣٦،‏ ٣٧‏)‏ وعرف تلاميذ الكتاب المقدس ان يسوع التصق دون تردد بهذا التعيين.‏ وعندما عرض عليه ابليس جميع ممالك العالم ومجدها،‏ رفض.‏ وعندما اراد الناس ان يجعلوه ملكا،‏ انسحب.‏ (‏متى ٤:‏​٨-‏١٠؛‏ يوحنا ٦:‏١٥‏)‏ وتلاميذ الكتاب المقدس لم يتجنَّبوا واقع ان يسوع اشار الى ابليس بصفته «رئيس هذا العالم» وقال ان ابليس ‹ليس له فيه شيء.‏› (‏يوحنا ١٤:‏٣٠‏)‏ واستطاعوا ان يروا ان يسوع لم يطلب لنفسه او لأتباعه الانهماك في نظام روما السياسي لكنه كان مشغولا تماما باعلان ‹بشارة ملكوت اللّٰه.‏› —‏ لوقا ٤:‏٤٣‏.‏

      هل شجَّع اعتقادهم بهذه الامور المسجلة في كلمة اللّٰه على عدم الاحترام للسلطة الحكومية؟‏ كلا على الاطلاق.‏ وانما ساعدهم ان يفهموا لماذا المشاكل التي تواجه الحكام ساحقة الى هذا الحد،‏ لماذا هنالك الكثير جدا من الاثم،‏ ولماذا تخيب في الغالب البرامج الحكومية لتحسين نصيب الناس.‏ ان معتقدهم جعلهم يصبرون في وجه المشقة،‏ اذ لديهم الثقة بأن اللّٰه في وقته المعيَّن سيجلب الراحة الدائمة بواسطة ملكوته.‏ وقد فهموا في ذلك الوقت ان «السلطات العليا،‏» المشار اليها في رومية ١٣:‏​١-‏٧ (‏م‌ج‏)‏،‏ هي الحكام الدنيويون.‏ ووفقا لذلك حثّوا على احترام الرسميين الحكوميين.‏ وعند مناقشة رومية ١٣:‏٧‏،‏ ذكر ت.‏ ت.‏ رصل في كتاب الخليقة الجديدة (‏الصادر في السنة ١٩٠٤)‏ ان المسيحيين الحقيقيين «سيكونون بصورة طبيعية الاكثر اخلاصا في اعترافهم بعظماء هذا العالم،‏ والاكثر اطاعة للقوانين ومتطلبات القانون،‏ إلا حيث توجد هذه في تعارض مع المطالب والوصايا السماوية.‏ وقليلون من الحكام الارضيين في ايامنا،‏ هذا اذا وُجدوا،‏ سينتقدون الاعتراف بخالق اسمى وولاء اسمى لوصاياه.‏ اذًا،‏ لا بد ان يوجد [المسيحيون الحقيقيون] بين مَن هم اكثر اطاعة للقانون في الوقت الحاضر —‏ لا المشاغبين،‏ لا المشاكسين،‏ لا المنتقدين.‏»‏

      وكمسيحيين،‏ عرف تلاميذ الكتاب المقدس ان العمل الذي يجب ان يقفوا انفسهم له هو الكرازة بملكوت اللّٰه.‏ وكما ذُكر في المجلد الاول من دروس في الاسفار المقدسة،‏ «اذا جرى القيام بذلك بأمانة،‏ فلن يكون هنالك وقت او ميل الى الخوض في سياسة الحكومات الحاضرة.‏»‏

      ومن هذا القبيل كانوا الى حد كبير كأولئك المسيحيين الاولين الذين وصفهم اوغسطوس نياندر في كتاب تاريخ الدين المسيحي والكنيسة،‏ خلال القرون الثلاثة الاولى:‏ «وقف المسيحيون بعيدين ومنفصلين عن الدولة،‏ .‏ .‏ .‏ وبدا ان المسيحية قادرة على التأثير في الحياة المدنية فقط بتلك الطريقة التي لا بد من الاعتراف بأنها الاطهر،‏ من خلال السعي فعلا الى بث الشعور المقدس اكثر فأكثر في مواطني الدولة.‏»‏

      عندما ذهب العالم الى الحرب

      ان احداث الحرب العالمية الاولى حول الكرة الارضية امتحنت بشدة ادعاءات اولئك الذين زعموا انهم مسيحيون.‏ لقد كانت افظع حرب شُنَّت حتى ذلك الوقت؛‏ فسكان العالم كله تقريبا تورطوا بطريقة او بأخرى.‏

      سعى البابا بنيديكت الخامس عشر،‏ على الرغم من تعاطف الڤاتيكان مع دول الوسط،‏ الى المحافظة على مظهر من الحياد.‏ ولكن داخل كل امة لم يحافظ رجال الدين،‏ الكاثوليك والپروتستانت،‏ على مثل هذا الموقف المحايد.‏ وفي ما يتعلق بالوضع في الولايات المتحدة،‏ كتب الدكتور راي ابرامز،‏ في كتابه كارزون يقدِّمون اسلحة:‏ «ادَّعت الكنائس وحدة قصد غير معروفة حتى الآن في الحوليات الدينية.‏ .‏ .‏ .‏ ولم يضيِّع القادة ايّ وقت في تنظيم انفسهم كاملا على اساس زمن الحرب.‏ وفي غضون اربع وعشرين ساعة بعد اعلان الحرب وضع المجمع الفيديرالي لكنائس المسيح في اميركا خططا للتعاون الاكمل.‏ .‏ .‏ .‏ والكنيسة الكاثوليكية الرومانية،‏ التي تنظَّمت لخدمة مماثلة تحت اشراف مجمع الحرب الكاثوليكي القومي،‏ الذي قاده اربعة عشر رئيسا للاساقفة مع الكردينال ڠيبونز كرئيس،‏ اعربت عن تفانٍ مماثل للقضية.‏ .‏ .‏ .‏ ومضت كنائس عديدة الى حد ابعد بكثير مما طُلب منها.‏ فقد صارت مراكز تجنيد لتطوع الجنود.‏» فماذا فعل تلاميذ الكتاب المقدس؟‏

      على الرغم من انهم سعوا الى فعل ما شعروا بأنه مرضيّ عند اللّٰه،‏ لم يكن موقفهم دائما موقف الحياد التام.‏ وما فعلوه اثَّر فيه الاعتقاد،‏ الذي اشترك فيه آخرون من المدَّعين المسيحية،‏ بأن «السلطات العليا» كانت «معيَّنة من اللّٰه» بحسب نص ترجمة الملك جيمس.‏ (‏رومية ١٣:‏١‏)‏ وهكذا،‏ بناء على تصريح لرئيس الولايات المتحدة،‏ حثَّت برج المراقبة تلاميذ الكتاب المقدس على الاشتراك في حفظ ٣٠ ايار ١٩١٨ بصفته يوم صلاة وتضرع في ما يتعلق بنتيجة الحرب العالمية.‏a

      وخلال سنوات الحرب تنوَّعت الظروف التي أُقحم فيها تلاميذ الكتاب المقدس الافراد.‏ والطريقة التي عالجوا بها هذه الاوضاع تنوَّعت ايضا.‏ واذ شعروا بالتزام اطاعة «السلطات الكائنة،‏» التي تشير الى الحكام الدنيويين،‏ ذهب البعض الى الخنادق في الجبهة ومعهم البنادق والحراب.‏ ولكن اذ فكَّروا في الآية،‏ «لا تقتل،‏» كانوا يطلقون النار من اسلحتهم في الهواء او يحاولون مجرد ايقاع السلاح من يدي الخصم.‏ (‏خروج ٢٠:‏١٣‏)‏ وقليلون،‏ مثل رِميجيو كومينِتي،‏ في ايطاليا،‏ رفضوا ارتداء بِزَّة عسكرية.‏ والحكومة الايطالية في ذلك الوقت لم تستثنِ ايّ شخص لا يشهر السلاح لاسباب تتعلق بالضمير.‏ فخضع للمحاكمة خمس مرات وحُجِز في السجون وفي مؤسسة للامراض العقلية،‏ لكنَّ ايمانه وتصميمه بقيا غير متزعزعين.‏ وفي انكلترا عُيِّن بعض الذين قدَّموا طلب اعفاء في عمل من طبيعة قومية او في فيلق غير محارب.‏ وآخرون،‏ مثل پرايس هيوز،‏ تبنَّوا موقف الحياد التام،‏ بصرف النظر عن العواقب اللاحقة بهم شخصيا.‏

      عند تلك المرحلة على الاقل،‏ لم يكن السجل الاجمالي لتلاميذ الكتاب المقدس تماما كذاك الذي للمسيحيين الاولين الموصوفين في نشوء المسيحية،‏ بقلم إ.‏ و.‏ بارنز،‏ الذي ذكر:‏ «تظهر المراجعة الدقيقة لكل المعلومات المتوافرة انه،‏ حتى زمن ماركوس أورليوس [امبراطور روماني من ١٦١ الى ١٨٠ ب‌م]،‏ ما من مسيحي صار جنديا؛‏ وما من جندي،‏ بعد صيرورته مسيحيا،‏ بقي في الخدمة العسكرية.‏»‏

      ولكن بعدئذ،‏ عند نهاية الحرب العالمية الاولى،‏ نشأ وضع آخر جعل الفِرق الدينية تُظهر اين هو ولاؤها.‏

      تعبير سياسي لملكوت اللّٰه؟‏

      وُقِّعت معاهدة سلام،‏ بما فيها ميثاق عصبة الامم،‏ في ڤرساي،‏ فرنسا،‏ في ٢٨ حزيران ١٩١٩.‏ وحتى قبل توقيع معاهدة السلام هذه صرَّح علنا المجمع الفيديرالي لكنائس المسيح في اميركا بأن العصبة ستكون «التعبير السياسي لملكوت اللّٰه على الارض.‏» وتلقَّى مجلس الشيوخ للولايات المتحدة سيلا من الرسائل من فِرق دينية تحثه على الاقرار بميثاق عصبة الامم.‏

      لم يشترك شهود يهوه في تأييد عصبة الامم.‏ وحتى قبل التصديق على معاهدة السلام (‏في تشرين الاول)‏،‏ ألقى ج.‏ ف.‏ رذرفورد محاضرة في سيدر پوينت،‏ اوهايو،‏ في ٧ ايلول ١٩١٩،‏ اظهر فيها انه ليس عصبة الامم بل الملكوت الذي اقامه اللّٰه نفسه هو الرجاء الوحيد للبشرية المتضايقة.‏ وعلى الرغم من اعترافهم بأن التحالف البشري لتحسين الاحوال يمكن ان ينجز الكثير من الخير،‏ فان تلاميذ الكتاب المقدس هؤلاء لم يديروا ظهورهم لملكوت اللّٰه من اجل وسيلة سياسية اقامها السياسيون وباركها رجال الدين.‏ وعوضا عن ذلك،‏ تولَّوا عمل اعطاء شهادة عالمية النطاق عن الملكوت الذي وضعه اللّٰه بين يدي يسوع المسيح.‏ (‏رؤيا ١١:‏١٥؛‏ ١٢:‏١٠‏)‏ وفي برج المراقبة عدد ١ تموز ١٩٢٠ (‏بالانكليزية)‏ أُوضِح ان ذلك هو العمل الذي سبق وأنبأ به يسوع في متى ٢٤:‏١٤‏.‏

      ومرة اخرى،‏ عقب الحرب العالمية الثانية،‏ واجه المسيحيون قضية مماثلة.‏ وهذه المرة كانت تتعلق بالامم المتحدة،‏ خليفة العصبة.‏ وفيما كانت الحرب العالمية الثانية لا تزال جارية،‏ في السنة ١٩٤٢،‏ كان شهود يهوه قد فهموا من الكتاب المقدس،‏ في الرؤيا ١٧:‏٨‏،‏ ان منظمة السلام العالمية ستقوم ثانية،‏ وأنها ايضا ستفشل في جلب السلام الدائم.‏ وهذا ما اوضحه ن.‏ ه‍.‏ نور،‏ رئيس جمعية برج المراقبة في ذلك الحين،‏ في محاضرة المحفل «السلام —‏ هل يمكن ان يدوم؟‏» وبجرأة اعلن شهود يهوه هذا الرأي في الوضع العالمي المتطور.‏ ومن ناحية اخرى،‏ شارك فعليا القادة الكاثوليك،‏ الپروتستانت،‏ واليهود في المشاورات في سان فرانسيسكو في السنة ١٩٤٥ التي أُعدّ خلالها ميثاق الامم المتحدة.‏ ولمراقبي هذه التطورات بدا واضحا مَن اراد ان يكون «صديقا للعالم» ومَن كان يسعى ألا يكون «جزءا من العالم،‏» كما قال يسوع انه سيصح في تلاميذه.‏ —‏ يعقوب ٤:‏٤‏،‏ ع‌ج‏؛‏ يوحنا ١٧:‏١٤‏،‏ ع‌ج‏.‏

      سجل للحياد المسيحي

      على الرغم من ان شهود يهوه فهموا سريعا بعض القضايا التي تشمل علاقة المسيحي بالعالم،‏ تطلبت مسائل اخرى مزيدا من الوقت.‏ ولكن،‏ اذ ازدادت الحرب العالمية الثانية زخما في اوروپا،‏ ساعدتهم مقالة مهمة في برج المراقبة عدد ١ تشرين الثاني ١٩٣٩ (‏بالانكليزية)‏ على تقدير معنى الحياد المسيحي.‏ فذكرت المقالة ان أتباع يسوع المسيح ملزمون امام اللّٰه بأن يكونوا مخلصين كليا له ولملكوته،‏ الثيوقراطية.‏ وصلواتهم يجب ان تكون لاجل ملكوت اللّٰه،‏ لا العالم.‏ (‏متى ٦:‏​١٠،‏ ٣٣‏)‏ وعلى ضوء ما كشفه يسوع المسيح عن هوية حاكم العالم غير المنظور (‏يوحنا ١٢:‏٣١؛‏ ١٤:‏٣٠‏)‏ سألت المقالة،‏ كيف يمكن لشخص مخلص لملكوت اللّٰه ان يتحيز لجهة او لاخرى في نزاع بين احزاب العالم؟‏ ألم يقل يسوع عن أتباعه:‏ «ليسوا جزءا من العالم،‏ كما اني انا لست جزءا من العالم»؟‏ (‏يوحنا ١٧:‏١٦‏،‏ ع‌ج‏)‏ ان موقف الحياد المسيحي هذا لم يكن موقفا يفهمه العالم عموما.‏ ولكن هل كان شهود يهوه سيحيون حقا وفقا لذلك؟‏

      لقد وُضع حيادهم تحت امتحان قاسٍ خلال الحرب العالمية الثانية،‏ وبشكل بارز في المانيا.‏ ذكر المؤرخ بريان دَن:‏ ‹لم يكن شهود يهوه على انسجام مع النازية.‏ والشيء الاهم الذي لم يكن النازيون يوافقونهم عليه هو حيادهم السياسي.‏ وعنى ذلك انه ما من مؤمن سيحمل السلاح،‏ يشغل منصبا سياسيا،‏ يشترك في المهرجانات الشعبية،‏ او يرسم اشارة الولاء.‏› (‏تجاوب الكنائس مع المحرقة،‏ ١٩٨٦)‏ وفي تاريخ للمسيحية،‏ اضاف پول جونسون:‏ «كثيرون حُكم عليهم بالموت بسبب رفض الخدمة العسكرية .‏ .‏ .‏ او انتهوا الى داخاو او مستشفيات المجانين.‏» وكم شاهدا سُجن في المانيا؟‏ اخبر شهود يهوه في المانيا في وقت لاحق ان ٢٦٢‏,٦ منهم ألقي القبض عليهم و ٠٧٤‏,٢ من هذا العدد وُضعوا في معسكرات الاعتقال.‏ ويختار الكتّاب الدنيويون عادةً ارقاما اعلى.‏

      وفي بريطانيا،‏ حيث جرى تجنيد الرجال والنساء على السواء،‏ تضمَّن القانون ترتيبا للاعفاء؛‏ لكنَّ محاكم عديدة حرمت شهود يهوه ذلك،‏ وفرض عليهم القضاة احكاما بالسجن لمدة تتجاوز الـ‍ ٦٠٠ سنة في مجموعها.‏ وفي الولايات المتحدة،‏ أُعفي مئات من شهود يهوه من الخدمة العسكرية كخدام مسيحيين.‏ واكثر من ٠٠٠‏,٤ آخرين،‏ اذ حُرِموا من الاعفاء الذي يمنحه قانون الخدمة العسكرية الالزامية،‏ أُلقي القبض عليهم وسُجنوا لمدة تصل الى خمس سنوات.‏ وفي كل بلد على الارض تمسَّك شهود يهوه بموقف الحياد المسيحي نفسه.‏

      لكنَّ امتحان اصالة حيادهم لم يتوقف عند نهاية الحرب.‏ فعلى الرغم من انقضاء ازمة ١٩٣٩-‏١٩٤٥،‏ حدثت صراعات اخرى؛‏ وحتى خلال اوقات السلام النسبي اختارت امم عديدة ابقاء الخدمة العسكرية الاجبارية.‏ وشهود يهوه،‏ كخدام مسيحيين،‏ استمروا يواجهون السجن عند عدم منحهم الاعفاء.‏ وفي السنة ١٩٤٩ عندما رفض جون تسوكاريس وجورج اورفانيديس ان يشهرا السلاح ضد رفقائهما البشر،‏ اصدرت الحكومة اليونانية امرا باعدامهما.‏ والعقوبة (‏المختلفة الاشكال)‏ التي كانت تُفرض على شهود يهوه في اليونان كانت قاسية بشكل متكرر حتى انه في حينه سعى مجلس اوروپا (‏لجنة حقوق الانسان)‏ الى استعمال نفوذه لمصلحتهم،‏ ولكن نتيجة للضغط من الكنيسة الارثوذكسية اليونانية،‏ كانت مطالباتهم حتى السنة ١٩٩٢ تُحبَط بالمكر والحيلة.‏ ومع ذلك،‏ وجدته بعض الحكومات امرا بغيضا ان تستمر في معاقبة شهود يهوه على معتقداتهم الدينية لاسباب تتعلق بالضمير.‏ وفي تسعينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ في بلدان قليلة كالسويد،‏ فنلندا،‏ پولندا،‏ النَّذَرلند،‏ والارجنتين،‏ لم تكن الحكومة تضغط على الشهود النشاطى لينخرطوا في الخدمة العسكرية او في الخدمة القومية الاجبارية البديلة،‏ بالرغم من فحص كل حالة بدقة.‏

      وفي مكان بعد آخر كان على شهود يهوه ان يواجهوا حالات تتحدَّى حيادهم المسيحي.‏ فالحكومات الحاكمة في اميركا اللاتينية،‏ افريقيا،‏ الشرق الاوسط،‏ ايرلندا الشمالية،‏ وأمكنة اخرى لاقت مقاومة عنيفة من القوى الثورية.‏ ونتيجة لذلك ضغطت الحكومات والقوى المعارضة على السواء على شهود يهوه من اجل الدعم الفعَّال.‏ لكنَّ شهود يهوه حافظوا على الحياد التام.‏ فضُرِب البعض بوحشية،‏ وحتى أُعدموا،‏ بسبب الموقف الذي اتخذوه.‏ ومع ذلك،‏ غالبا ما كان الحياد المسيحي الاصيل لشهود يهوه يفوز باحترام الرسميين في كلا الجانبين،‏ ويُسمَح للشهود بالاستمرار دون مضايقة في عملهم لاخبار الآخرين البشارة عن ملكوت يهوه.‏

      وفي ستينات وسبعينات الـ‍ ١٩٠٠ خضع حياد الشهود لامتحانات قاسية في ما يتعلق بطلب ملاوي من جميع مواطنيها ان يشتروا بطاقة تدل على العضوية في الحزب السياسي الحاكم.‏ فاعتبر شهود يهوه اشتراكهم في ذلك مخالفا لمعتقداتهم المسيحية.‏ ونتيجة لذلك،‏ أُخضعوا لاضطهاد لم يسبق له مثيل في وحشيته المفرطة.‏ فاضطر عشرات الآلاف الى هجر البلد،‏ وكثيرون على مر الوقت أُعيدوا قسرا الى موطنهم ليواجهوا المزيد من الوحشية.‏

      وعلى الرغم من اضطهاد شهود يهوه بعنف،‏ لم يتجاوبوا بروح التمرد.‏ فمعتقداتهم لا تعرِّض للخطر اية حكومة يحيون في ظلها.‏ وعلى سبيل التباين،‏ ساعد المجمع العالمي للكنائس في تمويل الثورات،‏ ودعَم الكهنةُ الكاثوليك قوى العصابات.‏ أما اذا انهمك احد شهود يهوه في نشاط مخرِّب،‏ فذلك يكون معادلا لانكار ايمانه.‏

      صحيح ان شهود يهوه يعتقدون ان كل الحكومات البشرية سيزيلها ملكوت اللّٰه.‏ هذا ما يذكره الكتاب المقدس في دانيال ٢:‏٤٤‏.‏ ولكن،‏ كما يبيِّن الشهود،‏ عوضا عن القول ان البشر سيقيمون هذا الملكوت،‏ تعلن الآية ان ‹‏اله السموات يقيم مملكة.‏› وكذلك يوضحون ان الآية لا تقول ان البشر مفوَّض اليهم من اللّٰه ان يمهدوا السبيل لهذا الملكوت بازالة السيادات البشرية.‏ ويدرك شهود يهوه ان عمل المسيحيين الحقيقيين انما هو الكرازة والتعليم.‏ (‏متى ٢٤:‏١٤؛‏ ٢٨:‏​١٩،‏ ٢٠‏)‏ وانسجاما مع احترامهم لكلمة اللّٰه،‏ يُظهر السجل انه لا احد منهم حاول في وقت ما ان يقلب حكومة من ايّ نوع في ايّ مكان من العالم،‏ او تآ‌مر في وقت ما لالحاق الاذى بأيّ رسمي حكومي.‏ قالت الصحيفة الايطالية لا ستامپا في ما يتعلق بشهود يهوه:‏ «انهم المواطنون الاكثر ولاء الذين يمكن لاحد ان يرغب فيهم:‏ فهم لا يتملصون من دفع الضرائب ولا يسعون الى الافلات من قوانين غير ملائمة من اجل ربحهم الخاص.‏» ومع ذلك،‏ بسبب ادراك خطورة المسألة في عيني اللّٰه،‏ يصمِّم كلٌّ منهم بثبات على الاستمرار في عدم كونه «جزءا من العالم.‏» —‏ يوحنا ١٥:‏١٩‏،‏ ع‌ج‏؛‏ يعقوب ٤:‏٤‏.‏

      عندما صارت الرموز القومية اهدافا للعبادة

      عند تولّي ادولف هتلر السلطة في المانيا،‏ اجتاحت العالم موجة من الهستيريا الوطنية.‏ وبغية اخضاع الناس لتنظيم صارم جُعِل الاشتراك في الشعائر الوطنية إلزاميا.‏ وفي المانيا كان مطلوبا من كل واحد ان يؤدّي تحية مفروضة ويهتف،‏ ‏«هايل هتلر!‏»‏ وكانت هذه تمجيدا لهتلر كمخلِّص؛‏ وكان القصد منها نقل الفكرة ان كل آمال الناس تتركز حول قيادته.‏ لكنَّ شهود يهوه لم يكن باستطاعتهم الاشتراك في مثل هذه المشاعر.‏ فقد عرفوا ان عبادتهم يجب ان تقدَّم فقط ليهوه وأنه اقام يسوع المسيح مخلِّصا للجنس البشري.‏ —‏ لوقا ٤:‏٨؛‏ ١ يوحنا ٤:‏١٤‏.‏

      وحتى قبل ان يصير هتلر دكتاتورا في المانيا،‏ راجع شهود يهوه في كراس الملكوت،‏ رجاء العالم (‏الصادر في السنة ١٩٣١)‏ مثال الاسفار المقدسة للرفقاء العبرانيين الشجعان الثلاثة للنبي دانيال في بابل.‏ فعندما امرهم الملك بأن يسجدوا امام تمثال عند عزف موسيقى معيَّنة،‏ رفض اولئك العبرانيون الامناء ان يسايروا،‏ وأعرب يهوه عن رضاه بانقاذهم.‏ (‏دانيال ٣:‏​١-‏٢٦‏)‏ وبيَّن الكراس ان الشعائر الوطنية واجهت شهود يهوه في الازمنة العصرية بتحدٍّ مماثل لامانتهم.‏

      وتدريجيا،‏ انتشرت المطالبة بالشعائر الوطنية الالزامية خارج المانيا.‏ وفي ٣ حزيران ١٩٣٥،‏ في محفل في واشنطن،‏ دي.‏ سي.‏،‏ عندما طُلب من ج.‏ ف.‏ رذرفورد ان يعلّق على تحية العلم في المدارس،‏ شدَّد على مسألة الامانة للّٰه.‏ وبعد اشهر قليلة،‏ عندما رفض كارلتون ب.‏ نيكولز،‏ الابن،‏ من لين،‏ ماساتشوستس،‏ البالغ من العمر ثماني سنوات،‏ ان يحيي العلم الاميركي ويشترك في انشاد نشيد وطني،‏ ذُكر ذلك في الصحف عبر البلاد.‏

      ولتوضيح المسألة،‏ قدَّم الاخ رذرفورد محاضرة اذاعية في ٦ تشرين الاول عن موضوع «تحية العلم» قال فيها:‏ «بالنسبة الى اشخاص كثيرين تكون تحية العلم مجرد شكليات ولها القليل او لا شيء من الاهمية.‏ أما بالنسبة الى اولئك الذين يتأملون فيها باخلاص من وجهة نظر الاسفار المقدسة فهي تعني الكثير.‏

      ‏«يمثّل العلم بشكل نموذجي القوى الحاكمة المنظورة.‏ ومحاولة اجبار مواطن او ولدِ مواطن بالقانون على تحية ايّ شيء،‏ او على انشاد ما يسمى ‹اناشيد وطنية›،‏ انما هي غير منصفة وخاطئة كليا.‏ فالقوانين تُسَنّ وتُفرض للحيلولة دون ارتكاب اعمال ظاهرة تتسبّب بأذية الآخرين،‏ ولا تُسَنّ بقصد اجبار الشخص على مخالفة ضميره،‏ وخصوصا عندما يكون هذا الضمير موجَّها وفق كلمة يهوه اللّٰه.‏

      ‏«ان رفض تحية العلم،‏ والوقوف بصمت،‏ كما فعل هذا الصبي،‏ لا يمكن ان يؤذي احدا.‏ واذا اعتقد احد باخلاص ان وصية اللّٰه هي ضد تحية الاعلام،‏ فإن اجبار هذا الشخص على تحية العلم خلافا لكلمة اللّٰه،‏ وخلافا لضميره،‏ يلحق اذى كبيرا بهذا الشخص.‏ ولا يحق للدولة بالقانون او بطريقة اخرى ان تلحق الاذى بالناس.‏»‏

      والتوضيح الاضافي لاسباب الموقف الذي اتخذه شهود يهوه جرى تزويده في كراس Loyalty (‏الولاء‏)‏،‏ الذي صدر ايضا في السنة ١٩٣٥.‏ وقد وُجِّه الانتباه الى آيات كالتالية:‏ خروج ٢٠:‏​٣-‏٧‏،‏ التي اوصت بأن تقدَّم العبادة ليهوه فقط وأن خدام اللّٰه لا يجب ان يصنعوا او يسجدوا لأيّ تمثال او شبه ايّ شيء في السماء او على الارض؛‏ لوقا ٢٠:‏٢٥‏،‏ حيث امر يسوع المسيح ليس فقط بوجوب اعطاء ما لقيصر لقيصر بل ايضا بوجوب اعطاء ما للّٰه للّٰه؛‏ واعمال ٥:‏٢٩‏،‏ حيث قال الرسل بثبات،‏ «ينبغي ان يُطاع اللّٰه (‏كحاكم)‏ اكثر من الناس.‏»‏

      وفي الولايات المتحدة،‏ أُحيلت مسألة ما اذا كان صائبا اجبار ايّ شخص على تحية العلم الى المحاكم.‏ وفي ١٤ حزيران ١٩٤٣ نقضت المحكمة العليا للولايات المتحدة قرارها السابق،‏ وفي قضية هيئة التعليم في ولاية ڤرجينيا الغربية ضد بارْنِت حكمت بأن تحية العلم الاجبارية تتعارض مع ضمان الحرية المذكور في دستور الامة.‏b

      والقضية المتعلقة بالشعائر الوطنية لم تكن مقتصرة بأية حال على المانيا والولايات المتحدة.‏ ففي اميركا الشمالية والجنوبية،‏ اوروپا،‏ افريقيا،‏ وآسيا،‏ اضطُهِد شهود يهوه بوحشية بسبب عدم اشتراكهم،‏ بالرغم من انهم يقفون باحترام خلال شعائر تحية العلم او ما شابهها.‏ فضُرِب الاولاد؛‏ وكثيرون طُردوا من المدرسة.‏ وجرى خوض دعاوٍ كثيرة.‏

      ومن ناحية ثانية،‏ شعر المراقبون بأنهم مرغَمون على الاعتراف بأنه في هذه المسألة،‏ كما في المسائل الاخرى،‏ برهن شهود يهوه انهم كالمسيحيين الاولين.‏ ولكن،‏ كما ورد في كتاب الشخصية الاميركية:‏ «بالنسبة الى الغالبية الساحقة .‏ .‏ .‏ كانت اعتراضات الشهود غامضة،‏ تماما كما كانت اعتراضات المسيحيين [في الامبراطورية الرومانية] على تقديم ذبيحة شكلية للامبراطور الالهي غامضة بالنسبة الى تراجان وپلينيوس.‏» وهذا ما كان يجب توقعه،‏ لأن شهود يهوه،‏ كالمسيحيين الاولين،‏ نظروا الى الامور ليس كما ينظر اليها العالم بل بحسب مبادئ الكتاب المقدس.‏

      اعلان موقفهم بوضوح

      بعد ان احتمل شهود يهوه امتحانات حيادهم المسيحي القاسية طوال سنين كثيرة،‏ اكَّدت برج المراقبة عدد ١٥ تموز ١٩٨٠ (‏١ تشرين الثاني ١٩٧٩،‏ بالانكليزية)‏ موقفهم من جديد.‏ وأوضحت ايضا سبب المسلك الذي اتخذه الشهود الافراد عندما قالت:‏ «نتيجة الدرس الجدّي لكلمة اللّٰه تمكن هؤلاء المسيحيون الشبان من اتخاذ القرار.‏ ولم يتخذ عنهم هذا القرار شخص آخر.‏ فقد تمكنوا من ذلك افراديا على اساس الضمير المدرَّب على الكتاب المقدس.‏ وكان قرارهم الامتناع عن اعمال البغض والعنف ضد رفقائهم البشر من الامم الاخرى.‏ اجل،‏ كانوا يؤمنون ويريدون ان يشتركوا في اتمام نبوة اشعياء المعروفة جيدا:‏ ‹يطبعون سيوفهم سككا ورماحهم مناجل.‏ لا ترفع امة على امة سيفا ولا يتعلمون الحرب في ما بعد.‏› (‏اشعياء ٢:‏٤‏)‏ وهؤلاء الشبان من جميع الامم فعلوا ذلك.‏»‏

      وخلال السنين التي أُخضِع فيها التصاقهم بالحياد المسيحي للامتحان،‏ ادَّت اعادة فحص ما يقوله الكتاب المقدس،‏ في رومية ١٣:‏​١-‏٧‏،‏ عن «السلاطين الفائقة» الى شرح اوضح لعلاقة الشهود بالحكومات الدنيوية.‏ ونُشر ذلك في اعداد برج المراقبة الصادرة في ١ و ١٥ حزيران و ١ تموز ١٩٦٣ (‏١ تشرين الثاني،‏ ١٥ تشرين الثاني،‏ و ١ كانون الاول ١٩٦٢،‏ بالانكليزية)‏،‏ وأُعيد تأكيده في عدد ١ تشرين الثاني ١٩٩٠.‏ وقد شدَّدت هذه المقالات على مركز يهوه اللّٰه بصفته «العلي،‏» مبيِّنة في الوقت نفسه ايضا ان الحكام الدنيويين هم ‹سلاطين فائقة› فقط بالنسبة الى البشر الآخرين وفي مجال النشاط حيث يسمح لهم اللّٰه بالعمل في نظام الاشياء الحاضر.‏ وأظهرت المقالات حاجة المسيحيين الحقيقيين الى اكرام مثل هؤلاء الحكام الدنيويين بضمير حي وتقديم الطاعة لهم في جميع المسائل التي لا تتعارض مع شريعة اللّٰه وضميرهم المدرَّب على الكتاب المقدس.‏ —‏ دانيال ٧:‏١٨؛‏ متى ٢٢:‏٢١؛‏ اعمال ٥:‏٢٩؛‏ رومية ١٣:‏٥‏.‏

      والتصاق شهود يهوه الثابت بمقاييس الكتاب المقدس هذه اكسبهم صيتا في ما يتعلق بالانفصال عن العالم يذكِّر الناس بالمسيحيين الاولين.‏

      عندما مارس العالم اعياده

      عندما ألقى شهود يهوه جانبا التعاليم الدينية التي لها جذور وثنية،‏ توقفوا ايضا عن الاشتراك في عادات كثيرة كانت ملوَّثة على نحو مماثل.‏ ولكن لفترة من الوقت لم تُمنح اعياد معيَّنة الفحص الدقيق الذي اقتضته.‏ وكان احدها عيد الميلاد.‏

      جرى الاحتفال بهذا العيد سنويا حتى من قبل اعضاء هيئة مستخدَمي المركز الرئيسي لجمعية برج المراقبة في «بيت ايل» في بروكلين،‏ نيويورك.‏ ولسنين عديدة كانوا يعرفون ان ٢٥ كانون الاول لم يكن التاريخ الصحيح،‏ لكنهم حاجّوا ان التاريخ كان مقترنا على نحو شائع منذ عهد بعيد بولادة المخلّص وأن فعل الخير للآخرين ملائم في ايّ يوم.‏ ولكن،‏ بعد البحث الاضافي في الموضوع،‏ قرَّر اعضاء هيئة مستخدَمي المركز الرئيسي للجمعية،‏ فضلا عن المستخدَمين في مكتبَي فرع الجمعية في انكلترا وفي سويسرا،‏ ان يتوقفوا عن الاشتراك في احتفالات عيد الميلاد،‏ ولذلك لم يجرِ ايّ احتفال بعيد الميلاد هناك بعد السنة ١٩٢٦.‏

      اذاع ر.‏ ه‍.‏ باربر،‏ احد اعضاء هيئة مستخدَمي المركز الرئيسي الذي قام ببحث شامل في مصدر عادات عيد الميلاد والثمر الذي تعطيه،‏ النتائج بالراديو.‏ وهذه المعلومات نُشرت ايضا في العصر الذهبي عدد ١٢ كانون الاول ١٩٢٨ (‏بالانكليزية)‏.‏ وكان ذلك تشهيرا شاملا لجذور عيد الميلاد المهينة للّٰه.‏ ومنذ ذلك الحين صارت الجذور الوثنية لعادات عيد الميلاد معرفة علنية عامة،‏ لكنَّ اشخاصا قليلين صنعوا التغييرات في طريقة حياتهم نتيجة لذلك.‏ ومن ناحية اخرى،‏ كان شهود يهوه على استعداد لصنع التغييرات اللازمة ليكونوا مقبولين اكثر كخدام ليهوه.‏

      عندما ظهر ان الاحتفال بولادة يسوع صار فعلا ذا اهمية اعظم للناس من الفدية التي زوَّدها موته؛‏ أن قصف العيد والروح التي تُقدَّم بها هدايا كثيرة لا يجلبان الاكرام للّٰه؛‏ أن المجوس الذين جرى التمثل بهم في تقديم الهدايا كانوا في الواقع منجّمين ملهمين من شياطين؛‏ أن الآباء رسموا لاولادهم مثالا في الكذب بما اخبروهم اياه عن سانتا كلوز؛‏ أن «القديس نيقولاس» (‏سانتا كلوز)‏ كان بشكل لا يُنكر اسما آخر لابليس نفسه؛‏ وأن مثل هذه الاعياد كانت،‏ باعتراف الكردينال نيومان في مؤلَّفه مقالة عن تطور العقيدة المسيحية،‏ «ادوات وملحقات عبادة الشيطان» التي تبنَّتها الكنيسة —‏ عندما ادرك شهود يهوه هذه الامور توقفوا فورا وبشكل دائم عن ايّ اشتراك في احتفالات عيد الميلاد.‏

      يتمتع شهود يهوه بأوقات طيبة مع عائلاتهم وأصدقائهم.‏ لكنهم لا يشتركون في الاعياد والاحتفالات التي لها صلة بالآلهة الوثنية (‏كما يصح في اعياد مثل عيد الفصح،‏ عيد رأس السنة،‏ عيد اول ايار،‏ وعيد الام)‏.‏ (‏٢ كورنثوس ٦:‏​١٤-‏١٧‏)‏ وكالمسيحيين الاولين،‏c لا يحتفلون حتى بأيام الميلاد.‏ ويمتنعون باحترام ايضا عن الاشتراك في الاعياد القومية التي تحيي ذكرى احداث سياسية او عسكرية ويمتنعون عن تقديم الاكرام المتسم بالعبادة لابطال قوميين.‏ ولماذا؟‏ لأن شهود يهوه ليسوا جزءا من العالم.‏

      مساعدة رفيقهم الانسان

      كان التوقير للآلهة في صميم الحياة الاجتماعية والثقافية للامبراطورية الرومانية.‏ وبما ان المسيحيين امتنعوا عن الاشتراك في ايّ شيء ملطَّخ بالآلهة الوثنية،‏ اعتبر الناس المسيحية اهانة لطريقة حياتهم؛‏ وبحسب المؤرخ تاسيتوس،‏ زُعم ان المسيحيين مبغِضون للجنس البشري.‏ واذ ينقل مينوكيوس فِليكس شعورا مماثلا في كتاباته،‏ يقتبس من روماني قوله لأحد معارفه المسيحيين:‏ «انتم لا تحضرون الاستعراضات؛‏ انتم لا تشتركون في المواكب .‏ .‏ .‏ تمقتون الالعاب المقدسة.‏» فلم يكن لدى عامة الشعب في العالم الروماني القديم فهمٌ للمسيحيين.‏

      وبشكل مماثل اليوم،‏ كثيرون في العالم لا يفهمون شهود يهوه.‏ فقد يُعجَب الناس بالمقاييس الادبية الرفيعة للشهود ولكنهم يشعرون بأن الشهود يجب ان يشتركوا مع العالم حولهم في نشاطاته وينهمكوا في المساعدة على جعل العالم مكانا افضل.‏ إلا ان اولئك الذين يتعرفون بشهود يهوه شخصيا يعلمون ان هنالك سببا من الكتاب المقدس لكل ما يفعلونه.‏

      وبدلا من عزل انفسهم عن باقي الجنس البشري يقف شهود يهوه حياتهم لمساعدة رفقائهم البشر بالطريقة التي رسم بها يسوع المسيح المثال.‏ وهم يساعدون الناس ليتعلموا كيفية التغلب بنجاح على مشاكل الحياة الآن بتعريفهم بالخالق والخطوط الارشادية للحياة المبيَّنة في كلمته الموحى بها.‏ ويشتركون بسخاء مع جيرانهم في حقائق الكتاب المقدس التي يمكن ان تغيِّر كامل نظرة المرء الى الحياة.‏ وفي جوهر ايمانهم الادراك ان «العالم يمضي،‏» أن اللّٰه سيتدخل عما قريب لينهي النظام الشرير الحاضر،‏ وأن مستقبلا مشرقا ينتظر اولئك الذين يستمرون في عدم كونهم جزءا من العالم ويضعون ايمانهم الكامل في ملكوت اللّٰه.‏ —‏ ١ يوحنا ٢:‏١٧‏.‏

      ‏[الحواشي]‏

      a برج المراقبة،‏ ١ حزيران ١٩١٨،‏ ص ١٧٤ (‏بالانكليزية)‏.‏

      b من اجل تفاصيل اضافية،‏ انظروا الفصل ٣٠،‏ «الدفاع عن البشارة وتثبيتها شرعيا.‏»‏

      c تاريخ الدين المسيحي والكنيسة،‏ خلال القرون الثلاثة الاولى،‏ بقلم اوغسطوس نياندر،‏ ص ١٩٠.‏

      ‏[النبذة في الصفحة ١٨٨]‏

      ليسوا نُسَّاكا،‏ ومع ذلك لا يشتركون في نمط حياة العالم

      ‏[النبذة في الصفحة ١٨٩]‏

      انسحبوا من كنائس العالم المسيحي

      ‏[التعليق على الصفحة ١٩١]‏

      ‏«وقف المسيحيون بعيدين ومنفصلين عن الدولة»‏

      ‏[النبذة في الصفحة ١٩٤]‏

      الحياد المسيحي وُضع تحت الامتحان

      ‏[النبذة في الصفحة ١٩٨]‏

      ‏‹لم يتخذ عنهم القرار شخص آخر›‏

      ‏[النبذة في الصفحة ١٩٩]‏

      لماذا يمتنعون عن الاحتفال بعيد الميلاد

      ‏[الاطار في الصفحة ١٩٥]‏

      ليسوا تهديدا لأية حكومة

      ◆ عند الكتابة عن معاملة شهود يهوه في احد بلدان اميركا اللاتينية،‏ قالت افتتاحية «وورلد-‏هيرالد» في اوماها،‏ نبراسكا،‏ الولايات المتحدة الاميركية:‏ «يلزم خيال شديد التحامل والارتياب للاعتقاد ان شهود يهوه يشكِّلون ايّ نوع من التهديد لايّ نظام سياسي؛‏ فهم غير هدَّامين ومحبون للسلام كما يمكن لهيئة دينية ان تكون،‏ ويطلبون فقط ان يُتركوا وشأنهم لاتِّباع ايمانهم بطريقتهم الخاصة.‏»‏

      ◆ ذكرت «إيل كورييري دي ترييَسْتا،‏» صحيفة ايطالية:‏ «لا بد ان يكون شهود يهوه موضع اعجاب بسبب ثباتهم وتماسكهم.‏ وخلافا للاديان الاخرى فان وحدانيتهم كشعب تمنعهم من الصلاة الى الاله نفسه،‏ باسم المسيح نفسه،‏ لمباركة طرفي نزاع متعارضين،‏ او من مزج السياسة بالدين لخدمة مصالح رؤساء الدولة او الاحزاب السياسية.‏ وأخيرا وليس آخرا،‏ هم على استعداد لمواجهة الموت عوضا عن مخالفة .‏ .‏ .‏ الوصية لا تقتل!‏»‏

      ◆ بعد ان احتمل شهود يهوه حظرا لمدة ٤٠ سنة في تشيكوسلوڤاكيا،‏ قالت صحيفة «نوڤا سْڤوبودا» في السنة ١٩٩٠:‏ «ينهى ايمان شهود يهوه عن استعمال الاسلحة ضد البشر،‏ وأولئك الذين رفضوا الخدمة العسكرية الاساسية ولم يعملوا في مناجم الفحم ذهبوا الى السجن،‏ حتى لمدة اربع سنوات.‏ ومن هذا فقط يتضح ان لديهم قوة ادبية هائلة.‏ ويمكننا استخدام مثل هؤلاء الناس غير الانانيين حتى في الوظائف السياسية العليا —‏ لكننا لن نتمكن ابدا من جعلهم يخدمون هناك.‏ .‏ .‏ .‏ طبعا،‏ انهم يعترفون بالسلطات الحكومية لكنهم يؤمنون بأن ملكوت اللّٰه فقط قادر على حل كل مشاكل البشر.‏ ولكن انتبهوا —‏ هم غير متعصبين.‏ وهم اشخاص مستغرقون في الانسانية.‏»‏

      ‏[الاطار/‏الصور في الصفحتين ٢٠٠ و ٢٠١]‏

      الممارسات التي جرى التخلّي عنها

      هذا الاحتفال بعيد الميلاد في بتل بروكلين سنة ١٩٢٦ كان احتفالهم الاخير.‏ فتلاميذ الكتاب المقدس صاروا تدريجيا يقدِّرون انه لا اصل هذا العيد ولا الممارسات المقترنة به تكرم اللّٰه

      لسنين،‏ تقلَّد تلاميذ الكتاب المقدس شارة صليب وتاج لاثبات الهوية،‏ وهذا الرمز كان على الغلاف الامامي لمجلة «برج المراقبة» من السنة ١٨٩١ الى السنة ١٩٣١.‏ ولكن في السنة ١٩٢٨ جرى التشديد ان ما يُظهر كون المرء مسيحيا هو نشاطه كشاهد وليس الرمز الزيني.‏ وفي السنة ١٩٣٦ جرت الاشارة الى ان الدليل يبيّن ان المسيح مات على خشبة،‏ وليس على صليب من عارضتين

      في كتابهم “Daily Manna” (‏«المنّ اليومي»)‏،‏ حفظ تلاميذ الكتاب المقدس قائمة بأيام الميلاد.‏ ولكن بعد ان توقفوا عن الاحتفال بعيد الميلاد وعندما ادركوا ان الاحتفالات بأيام الميلاد تعطي الاكرام غير اللائق للمخلوقات (‏احد الاسباب الذي لاجله لم يحتفل المسيحيون الاولون اطلاقا بأيام الميلاد)‏،‏ اقلع تلاميذ الكتاب المقدس عن هذه الممارسة ايضا

      لنحو ٣٥ سنة،‏ اعتقد الراعي رصل ان هرم الجيزة العظيم كان حجر شهادة للّٰه،‏ مثبِّتا فترات زمنية للكتاب المقدس.‏ (‏اشعياء ١٩:‏١٩‏)‏ لكنَّ شهود يهوه تخلَّوا عن الفكرة ان تكون لهرم مصري اية صلة بالعبادة الحقة.‏ (‏انظروا «برج المراقبة» عددي ١٥ تشرين الثاني و ١ كانون الاول ١٩٢٨،‏ بالانكليزية)‏

      ‏[الصورة في الصفحة ١٨٩]‏

      وُزِّعت عشرة ملايين نسخة

      ‏[الصورتان في الصفحة ١٩٠]‏

      ذهب البعض الى الخنادق ومعهم البنادق،‏ لكنَّ آخرين،‏ بمن فيهم أ.‏ پ.‏ هيوز من انكلترا و ر.‏ كومينِتي من ايطاليا،‏ رفضوا مثل هذا التورط

      ‏[الصورتان في الصفحة ١٩٢]‏

      رفض شهود يهوه الموافقة ان عصبة الامم او الامم المتحدة هي من اللّٰه لكنهم ايَّدوا ملكوت اللّٰه فقط بواسطة المسيح

      ‏[الصورة في الصفحة ١٩٧]‏

      كارلتون وفلورا نيكولز.‏ عندما امتنع ابنهما عن تحية العلم،‏ صار ذلك خبرا قوميا

المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
الخروج
الدخول
  • العربية
  • مشاركة
  • التفضيلات
  • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
  • شروط الاستخدام
  • سياسة الخصوصية
  • إعدادات الخصوصية
  • JW.ORG
  • الدخول
مشاركة