مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • ‏‹التعليم والكرازة بالبشارة›‏
    ‏«تعالَ اتبعني»‏
    • الجزء ٢

      ‏‹التعليم والكرازة بالبشارة›‏

      رغم ان يسوع كان نجارا ومجترحا للعجائب وشافيا للناس وغير ذلك ايضا،‏ لم يستخدم الناس ايًّا من هذه المفردات كألقاب عند مخاطبته.‏ بل كانوا يدعونه المعلّم.‏ فقد كان ‹التعليم والكرازة بالبشارة› مهنته في الحياة.‏ (‏متى ٤:‏٢٣‏)‏ كأتباع ليسوع،‏ يجب ان نقوم نحن ايضا بالعمل نفسه.‏ وفي هذا الجزء،‏ سنتفحص مثاله الذي يُظهِر لنا كيف نقوم بهذا العمل.‏

  • ‏«لهذا أُرسلْت»‏
    ‏«تعالَ اتبعني»‏
    • الفصل ٨

      ‏«لهذا أُرسلْت»‏

      ١-‏٤ (‏أ)‏ كيف يعلِّم يسوع بمهارة امرأة سامرية،‏ وما هي النتيجة؟‏ (‏ب)‏ ما هو ردّ فعل رسله؟‏

      يسير يسوع ورسله منذ ساعات متجهين شمالا من اليهودية الى الجليل.‏ وهم يسلكون أقصر طريق الى الجليل،‏ رحلة تستغرق ثلاثة ايام تقريبا وتتطلب منهم الاجتياز بالسامرة.‏ قرابة الظهيرة،‏ يقتربون من مدينة صغيرة تُدعى سوخار ويتوقفون هناك لتناول وجبة طعام.‏

      يسوع يتكلم مع امرأة سامرية قرب بئر

      ٢ عندما يذهب الرسل لشراء الطعام،‏ يستريح يسوع قرب بئر خارج المدينة.‏ فتأتي امرأة سامرية لاستقاء الماء.‏ وبما ان يسوع ‹مُعيٍ من السفر›،‏ يمكنه تجاهلها.‏ (‏يوحنا ٤:‏٦‏)‏ فهو مبرَّر اذا اغمض عينيه وتركها وشأنها دون ان يتكلم معها.‏ وكما رأينا في الفصل ٤ من هذا الكتاب،‏ لا شك ان المرأة تتوقع ان يعاملها ايّ شخص يهودي بازدراء.‏ رغم ذلك،‏ يبتدئ يسوع بمحادثة معها.‏

      ٣ فيستهلّ حديثه بإيضاح مستوحى من حياتها اليومية،‏ وفي الواقع من هذه اللحظة بالذات.‏ فهي آتية لاستقاء الماء،‏ لذلك يتحدث معها عن ماء يعطي الحياة سيروي عطشها الروحي.‏ لكنها تطرح عدة مرات قضايا مثيرة للجدل.‏a إلا ان يسوع يتجنب بلباقة هذه المواضيع ويُبقي الحديث مركَّزا على الامور الروحية:‏ العبادة النقية ويهوه الله.‏ تترك كلماته اثرا بالغا في المرأة بحيث انها تخبر رجال المدينة بها،‏ فيصيرون هم بدورهم راغبين في الاستماع الى يسوع.‏ —‏ يوحنا ٤:‏​٣-‏٤٢‏.‏

      ٤ وما هو ردّ فعل الرسل حيال الشهادة اللافتة للنظر التي يقدّمها يسوع هنا؟‏ لا تبدو عليهم اطلاقا أمارات الحماس.‏ حتى انهم يتعجبون ان يسوع يتكلّم مع هذه المرأة،‏ لكنهم لا يقولون لها شيئا كما يبدو.‏ بعد مغادرتها،‏ يلحّ الرسل على يسوع ان يأكل الطعام الذي جلبوه.‏ إلا انه يقول لهم:‏ «لي طعام آكله لستم تعرفونه».‏ فيتحيرون،‏ اذ انهم يفهمون كلماته في البداية بشكل حرفي.‏ عندئذ يقول لهم:‏ «طعامي ان اعمل مشيئة الذي ارسلني وأُنهي عمله».‏ (‏يوحنا ٤:‏​٣٢،‏ ٣٤‏)‏ وهكذا،‏ يعلِّمهم انه يعتبر عمله الرئيسي في الحياة اهمّ من الاكل.‏ وهو يريد ان يتبنّوا هم ايضا النظرة نفسها.‏ فما هو هذا العمل؟‏

      ٥ ما هو عمل يسوع الرئيسي في حياته،‏ وماذا سنناقش في هذا الفصل؟‏

      ٥ قال يسوع ذات مرة:‏ «لا بد لي ان ابشّر المدن الاخرى ايضا بملكوت الله،‏ لأني لهذا أُرسلْت».‏ (‏لوقا ٤:‏٤٣‏)‏ نعم،‏ لقد أُرسل يسوع للكرازة ببشارة ملكوت الله وتعليمها.‏b بصورة مماثلة،‏ يجب ان يقوم أتباع يسوع بالعمل نفسه اليوم.‏ لذا من المهمّ ان نناقش لماذا كرز يسوع،‏ بماذا كرز،‏ وماذا كان موقفه من تعيينه.‏

      ما دفع يسوع الى الكرازة

      ٦،‏ ٧ كيف اراد يسوع ان يشعر ‹المرشد› حيال إخبار الآخرين بالبشارة؟‏ أوضِح.‏

      ٦ لنتأمل كيف شعر يسوع حيال الحقائق التي علَّمها،‏ ثم لنتحدث عن موقفه من الناس الذين علَّمهم.‏ لقد استخدم يسوع ايضاحا ليُظهِر ما هي مشاعره حيال إخبار الآخرين بالحقائق التي علَّمه اياها يهوه.‏ قال:‏ «كل مرشد تعلَّم عن ملكوت السموات يشبه رجلا رب بيت يُخرِج من مَكنِزه اشياء جديدة وقديمة».‏ (‏متى ١٣:‏٥٢‏)‏ فلماذا يُخرِج رب البيت في هذا الايضاح اشياء من مَكنِزه؟‏

      ٧ ان رب البيت لا يعرض ممتلكاته بتباهٍ كما فعل الملك حزقيا ذات مرة،‏ الامر الذي انتج عواقب وخيمة.‏ (‏٢ ملوك ٢٠:‏​١٣-‏٢٠‏)‏ اذًا،‏ ما هو دافعه؟‏ لنتأمل في المثل التالي:‏ لنفرض انك زرت استاذا محترَما في بيته.‏ يفتح هذا الاستاذ دُرج مكتبه ويُخرج رسالتين من ابيه:‏ الاولى قديمة مصفرّة تسلّمها منذ عقود حين كان صغيرا،‏ والثانية احدث عهدا تسلّمها مؤخرا.‏ وتشعّ عيناه وهو يخبرك كم يقدِّر هاتين الرسالتين وكيف غيّرت المشورة فيهما حياته وكم يمكن ان تساعدك هذه المشورة.‏ من الواضح ان الرسالتين عزيزتان على قلب الاستاذ.‏ (‏لوقا ٦:‏٤٥‏)‏ وهو لا يريك اياهما من اجل الافتخار او المنفعة الشخصية،‏ بل لتستفيد انت منهما وتدرك اهمية المشورة التي تحتويانها.‏

      ٨ لماذا لدينا سبب وجيه لنعتبر الحقائق التي تعلَّمناها من كلمة الله كنوزا نفيسة؟‏

      ٨ امتلك المعلم الكبير يسوع دوافع مماثلة جعلته يخبر الآخرين بحقائق الله.‏ فقد اعتبر هذه الحقائق كنوزا نفيسة،‏ احبّها،‏ وكان متشوّقا الى الإخبار بها.‏ كما انه اراد ان تكون مشاعر جميع أتباعه،‏ اي «كل مرشد»،‏ تماما كمشاعره.‏ فهل يصحّ ذلك فينا؟‏ لدينا سبب وجيه لنحبّ كل حقيقة نتعلَّمها من كلمة الله.‏ فكنوز الحق عزيزة على قلبنا سواء أكانت معتقدات تبنيناها منذ امد طويل ام تحسينات حديثة العهد.‏ وعلى غرار يسوع،‏ نحن نُظهِر محبتنا هذه بالتكلم بحماسة شديدة والمحافظة على محبتنا لما علَّمنا اياه يهوه.‏

      ٩ (‏أ)‏ كيف شعر يسوع تجاه الناس الذين علَّمهم؟‏ (‏ب)‏ كيف يمكننا الاقتداء بموقف يسوع من الناس؟‏

      ٩ احبّ يسوع ايضا الناس الذين علَّمهم،‏ فكرة سنتوسع في مناقشتها في الجزء ٣.‏ فقد جرى التنبؤ ان المسيَّا سوف «يشفق على المسكين والفقير».‏ (‏مزمور ٧٢:‏١٣‏)‏ وبالفعل،‏ كان يسوع يهتم بالناس.‏ فكان يهتم بالافكار والمواقف التي اثّرت فيهم،‏ الاعباء التي اثقلت كاهلهم،‏ والعقبات التي اعاقتهم عن فهم الحق.‏ (‏متى ١١:‏٢٨؛‏ ١٦:‏١٣؛‏ ٢٣:‏​١٣،‏ ١٥‏)‏ تذكَّر ما حدث مع المرأة السامرية.‏ فلا شك ان اهتمام يسوع بها كان له اثر بالغ فيها.‏ كما ان قدرته على فهم ظروفها الشخصية دفعتها الى الاعتراف بأنه نبي وإخبار الآخرين عنه.‏ (‏يوحنا ٤:‏​١٦-‏١٩،‏ ٣٩‏)‏ صحيح اننا كأتباع ليسوع لا نستطيع معرفة خفايا قلوب الاشخاص الذين نكرز لهم،‏ لكن في مقدورنا الاهتمام بالناس كما فعل يسوع.‏ وبإمكاننا إظهار هذا الاهتمام وتكييف كلماتنا لتتلاءم مع حاجات الناس ومشاكلهم واهتماماتهم.‏

      ما كرز به يسوع

      ١٠،‏ ١١ (‏أ)‏ بماذا كرز يسوع؟‏ (‏ب)‏ كيف نشأت الحاجة الى ملكوت الله؟‏

      ١٠ بماذا كرز يسوع؟‏ اذا بحثت عن الجواب من خلال تفحّص تعاليم العديد من الكنائس التي تدّعي انها تمثّله،‏ فقد تستنتج انه بشّر بإنجيل اجتماعي.‏ او ربما تأخذ الانطباع انه ايّد اصلاحا اجتماعيا او انه ركّز على اولوية خلاص المرء الشخصي.‏ لكنه في الواقع لم يفعل ذلك.‏ فكما ذكرنا آنفا،‏ قال يسوع:‏ «لا بد لي ان ابشر .‏ .‏ .‏ بملكوت الله».‏ فماذا شمل ذلك؟‏

      ١١ تذكَّر ان يسوع كان في السماء عندما شكّك الشيطان في صواب سلطان يهوه.‏ فكم آلمه دون شك ان يرى كيف يُفترى على ابيه البارّ ويُتّهم بأنه حاكم ظالم يحرم خلائقه من الامور الجيدة!‏ وكم حزن ابن الله بلا ريب حين صدّق آدم وحواء،‏ اللذان كان سيتحدر منهما الجنس البشري كلّه،‏ افتراء الشيطان!‏ كما رأى هذا الابن كيف تفشّت الخطية والموت بين البشر نتيجة لذاك التمرد.‏ (‏روما ٥:‏١٢‏)‏ ولكن ما اعظم الفرح الذي غمره بالتأكيد حين علم ان اباه سيعيد الامور ذات يوم الى نصابها!‏

      ١٢،‏ ١٣ ما الامر الذي سيعيده ملكوت الله الى نصابه،‏ وكيف جعل يسوع الملكوت محور خدمته؟‏

      ١٢ وما هو الامر الاهم الذي وجب اعادته الى نصابه؟‏ كان يلزم تقديس اسم يهوه،‏ إزالة كل التعيير الذي جلبه عليه الشيطان وجميع المصطفين الى جانبه.‏ فقد وجب تبرئة صواب سلطان يهوه،‏ طريقته في الحكم.‏ وقد ادرك يسوع اكثر من ايّ شخص آخر اهمية ذلك.‏ ففي الصلاة النموذجية،‏ علَّم أتباعه ان يطلبوا اولا ان يتقدّس اسم ابيه،‏ ثم ان يأتي ملكوته،‏ وبعد ذلك ان تكون مشيئته على الارض.‏ (‏متى ٦:‏​٩،‏ ١٠‏)‏ فملكوت الله،‏ الذي يتولى المسيح يسوع الحكم فيه،‏ سيخلّص الارض قريبا من نظام الشيطان الفاسد ويرسّخ حكم يهوه البار الى الابد.‏ —‏ دانيال ٢:‏٤٤‏.‏

      ١٣ وهذا الملكوت كان محور خدمة يسوع.‏ فكل ما قاله او فعله ساهم في ايضاح ما هو الملكوت وكيف سيحقق قصد يهوه.‏ ويسوع لم يسمح لأي شيء بأن يجعله يحيد عن مهمة الكرازة ببشارة ملكوت الله.‏ فرغم انه كانت هنالك في ايامه قضايا اجتماعية ملحّة ومظالم كثيرة،‏ ركّز على رسالته وعمله.‏ ولكن هل عنى ذلك انه افتقر الى المرونة باستخدام اسلوب تكراري ممل وخالٍ من المشاعر؟‏ كلا البتة!‏

      ١٤،‏ ١٥ (‏أ)‏ كيف برهن يسوع انه «اعظم من سليمان»؟‏ (‏ب)‏ كيف يمكننا الاقتداء بيسوع في ما نكرز به؟‏

      ١٤ كما سنرى خلال هذا الجزء،‏ كان تعليم يسوع شيّقا ونابضا بالحياة.‏ وقد حاول ان يمسّ قلوب الناس.‏ ويذكِّرنا ذلك بالملك سليمان الحكيم الذي طلب ان يجد كلمات مسرة،‏ كلمات الحق السديدة،‏ لنقل الافكار التي اوحى اليه يهوه بأن يدوّنها.‏ (‏جامعة ١٢:‏١٠‏)‏ وقد اعطى يهوه هذا الرجل الناقص «قلبا واسع البصيرة»،‏ مما مكَّنه من التحدث عن امور كثيرة كالاسماك والاشجار والبهائم.‏ نتيجة لذلك،‏ اتى الناس من اماكن بعيدة ليسمعوا كلامه.‏ (‏١ ملوك ٤:‏​٢٩-‏٣٤‏)‏ لكنّ يسوع كان «اعظم من سليمان».‏ (‏متى ١٢:‏٤٢‏)‏ فكان يفوقه في الحكمة و ‹القلب الواسع البصيرة›.‏ وعند تعليم الناس،‏ استخدم يسوع معرفته الواسعة لكلمة الله وكذلك استوحى ما يقوله من الطيور،‏ الحيوانات،‏ الاسماك،‏ الزراعة،‏ الطقس،‏ الحوادث الجارية،‏ التاريخ،‏ والاحوال الاجتماعية.‏ إلا انه لم يتباهَ بمعرفته ليترك انطباعا في الآخرين،‏ بل ابقى رسالته بسيطة وواضحة.‏ فلا عجب ان الناس سُرّوا بأن يسمعوه وهو يتكلم!‏ —‏ مرقس ١٢:‏٣٧؛‏ لوقا ١٩:‏٤٨‏.‏

      ١٥ في ايامنا ايضا،‏ نحاول نحن المسيحيين الاقتداء بيسوع.‏ فرغم اننا لا نملك سعة حكمته ومعرفته،‏ لدينا جميعا مقدار من المعرفة والخبرة يمكننا استخدامه حين نخبر الآخرين بحقائق كلمة الله.‏ مثلا،‏ يمكن للوالدين استخدام خبرتهم في تربية الاولاد ليوضحوا للناس محبة يهوه لأولاده.‏ ويمكن ايضا للآخرين ان يستوحوا الامثال والايضاحات من عملهم الدنيوي،‏ مدرستهم،‏ الحوادث الجارية،‏ او خبرتهم في التعامل مع الناس.‏ غير اننا نحرص ألا ندع شيئا يحوِّل انتباهنا عن رسالتنا:‏ بشارة ملكوت الله.‏ —‏ ١ تيموثاوس ٤:‏١٦‏.‏

      موقف يسوع من خدمته

      ١٦،‏ ١٧ (‏أ)‏ ايّ موقف امتلكه يسوع من خدمته؟‏ (‏ب)‏ كيف اظهر يسوع ان خدمته هي محور حياته؟‏

      ١٦ اعتبر يسوع خدمته كنزا ثمينا.‏ فقد سُرّ بأن يعطي صورة حقيقية عن ابيه السماوي،‏ صورة لا تشوّهها العقائد والتقاليد البشرية المشوِّشة.‏ وأحبّ ايضا ان يساعد الناس على نيل علاقة مقبولة بيهوه وامتلاك رجاء الحياة الابدية.‏ كما سُرّ بمنحهم العزاء والفرح الناجم عن البشارة.‏ فكيف برهن انه يملك هذه المشاعر؟‏ لنتأمل في ثلاث طرائق.‏

      ١٧ اولا،‏ جعل يسوع الخدمة محور حياته.‏ فقد ركّز اهتمامه على التكلم عن الملكوت واتّخذ هذه الخدمة مهنة له في حياته.‏ لهذا السبب ابقى يسوع بحكمة حياته بسيطة،‏ كما رأينا في الفصل ٥‏.‏ فكما نصح الآخرين،‏ ابقى عينه مركّزة على الامور الاكثر اهمية،‏ ولم يلتهِ بشراء اشياء كثيرة كي لا يضطر الى دفع ثمنها،‏ صيانتها،‏ وإصلاحها او استبدالها.‏ بل عاش حياة بسيطة بحيث لا يلهيه شيء غير ضروري عن خدمته.‏ —‏ متى ٦:‏٢٢؛‏ ٨:‏٢٠‏.‏

      ١٨ كيف كان يسوع متفانيا في خدمته؟‏

      ١٨ ثانيا،‏ كان يسوع متفانيا في خدمته.‏ فقد بذل قصارى جهده فيها،‏ اذ سار مئات الكيلومترات في كل انحاء فلسطين بحثا عن اشخاص ليكرز لهم بالبشارة.‏ فتحدث اليهم في بيوتهم،‏ في الساحات،‏ في الاسواق،‏ وفي العراء.‏ وتكلم معهم ايضا رغم انه كان بحاجة الى الراحة،‏ الطعام،‏ الماء،‏ او قضاء وقت هادئ مع اصدقائه الاحماء.‏ حتى حين كان مشرفا على الموت،‏ استمر في إخبار الآخرين ببشارة ملكوت الله.‏ —‏ لوقا ٢٣:‏​٣٩-‏٤٣‏.‏

      ١٩،‏ ٢٠ كيف اوضح يسوع ان الكرازة هي عمل ملحّ؟‏

      ١٩ ثالثا،‏ اعتبر الخدمة امرا ملحّا.‏ تذكَّر حديثه مع المرأة السامرية عند البئر خارج سوخار.‏ فكما يبدو،‏ لم يرَ رسله آنذاك ان هنالك حاجة ملحّة الى إخبار الآخرين بالبشارة.‏ لذلك قال لهم يسوع:‏ «أما تقولون:‏ هي اربعة اشهر بعد ويأتي الحصاد؟‏ ها انا اقول لكم:‏ ارفعوا اعينكم وانظروا الحقول،‏ انها قد ابيضت للحصاد».‏ —‏ يوحنا ٤:‏٣٥‏.‏

      ٢٠ استوحى يسوع هذا المثل من الموسم الذي كانوا فيه.‏ فمن الواضح انه كان شهر كِسْلو الذي يقابل تشرين الثاني/‏كانون الاول (‏نوفمبر/‏ديسمبر)‏ في تقويمنا الحالي.‏ وحصاد الشعير لم يكن ليأتي إلا بعد اربعة اشهر،‏ قرابة وقت عيد الفصح في ١٤ نيسان القمري.‏ لذلك لم يشعر المزارعون بأن الحصاد امر ملحّ.‏ فكان لديهم متّسع من الوقت.‏ ولكن ماذا عن حصاد الناس؟‏ كثيرون كانوا مستعدين ليسمعوا ويتعلموا ويصيروا تلاميذ المسيح وينالوا الرجاء الرائع الذي اتاحه لهم يهوه.‏ فكان بإمكان يسوع ان ينظر الى هذه الحقول المجازية ويرى انها ابيضت،‏ اذ امتلأت بسنابل القمح الناضجة التي تتمايل مع النسيم،‏ مما يؤذن بأنها صارت جاهزة للحصاد.‏c لقد آن الاوان،‏ وعمل الحصاد صار امرا ملحّا.‏ لهذا السبب،‏ حين حاول سكان احدى المدن ان يبقوه معهم،‏ اجابهم قائلا:‏ «لا بد لي ان ابشّر المدن الاخرى ايضا بملكوت الله،‏ لأني لهذا أُرسلْت».‏ —‏ لوقا ٤:‏٤٣‏.‏

      ٢١ كيف يمكننا الاقتداء بيسوع؟‏

      ٢١ بإمكاننا الاقتداء بيسوع في هذه الطرائق الثلاث التي ناقشناها آنفا.‏ اولا،‏ يمكننا ان نجعل الخدمة المسيحية محور حياتنا.‏ فرغم انه قد تكون لدينا التزامات عائلية ودنيوية،‏ في مقدورنا ان نُظهِر اننا نعطي خدمتنا الاولوية حين نشترك فيها بانتظام وغيرة،‏ تماما كما فعل يسوع.‏ (‏متى ٦:‏٣٣؛‏ ١ تيموثاوس ٥:‏٨‏)‏ ثانيا،‏ باستطاعتنا ان نكون متفانين في الخدمة حين نضحي بوقتنا وطاقتنا ومواردنا لدعمها.‏ (‏لوقا ١٣:‏٢٤‏)‏ وثالثا،‏ يمكننا ان نبقي دوما في بالنا ان عملنا ملحّ.‏ (‏٢ تيموثاوس ٤:‏٢‏)‏ لذا يجب ان نغتنم كل فرصة للكرازة.‏

      ٢٢ ماذا سنناقش في الفصل التالي؟‏

      ٢٢ اظهر يسوع ايضا انه ادرك اهمية هذا العمل حين حرص على استمراريته بعد مماته.‏ فقد فوَّض الى أتباعه القيام بعمل الكرازة والتعليم.‏ وسيكون هذا التفويض موضوع مناقشتنا في الفصل التالي.‏

      a على سبيل المثال،‏ حين تسأل المرأة كيف يخاطبها وهو يهودي وهي سامرية،‏ تثير موضوع العداوة القائمة طوال قرون بين هذين الشعبين.‏ (‏يوحنا ٤:‏٩‏)‏ كما انها تصرّ ان شعبها متحدِّر من يعقوب،‏ ادّعاء يرفضه اليهود رفضا باتًّا.‏ (‏يوحنا ٤:‏١٢‏)‏ فهم يدْعون السامريين كوثيين للتشديد على تحدرهم من شعوب اجنبية.‏

      b تشير الكرازة الى المناداة برسالة ما او إعلانها.‏ اما التعليم فيشمل اكثر من ذلك،‏ اذ يشير الى نقل الرسالة والتعمق في مناقشتها.‏ والتعليم الجيد يتطلب ابتكار اساليب تمسّ القلوب بغية دفع التلاميذ الى تطبيق ما يتعلَّمونه.‏

      c يقول احد المراجع عن هذا العدد:‏ «عندما تنضج حبوب القمح،‏ يتحوّل لونها من الاخضر الى الاصفر،‏ او الاصفر الفاتح،‏ مما يشير انه حان الوقت لحصادها».‏

      كيف يمكنك ان تتبع يسوع؟‏

      •  كيف تُظهِر صلواتنا وأعمالنا اننا ندرك ان خدمتنا هي عمل ملحّ؟‏ —‏ متى ٩:‏​٣٥-‏٣٨‏.‏

      •  كيف يحثّنا موقف يسوع على العمل اذا شعرنا ان غيرتنا للخدمة تفتر؟‏ —‏ مرقس ١:‏​٣٥-‏٣٩‏.‏

      • اية نظرة ينبغي ان نمتلكها الى الناس المتضعين او المظلومين او المنبوذين الذين نلتقيهم في كرازتنا؟‏ —‏ لوقا ١٨:‏٣٥–‏١٩:‏١٠‏.‏

      •  لماذا لا ينبغي ابدا ان ندع غيرتنا تفتر بسبب اللامبالاة او العداء اللذين نلقاهما في الكرازة؟‏ —‏ يوحنا ٧:‏​٣٢-‏٥٢‏.‏

  • ‏«اذهبوا وتلمذوا»‏
    ‏«تعالَ اتبعني»‏
    • الفصل ٩

      ‏«اذهبوا وتلمذوا»‏

      محصول في حقل

      ماذا يفعل المزارع اذا كان المحصول وافرا ولا يستطيع ان يحصده وحده؟‏

      ١-‏٣ (‏أ)‏ ماذا فعل المزارع عندما كان المحصول وافرا جدا ولا يستطيع ان يحصده وحده؟‏ (‏ب)‏ ايّ تحدٍّ واجهه يسوع في ربيع سنة ٣٣ ب‌م،‏ وكيف تغلب عليه؟‏

      حرث المزارع حقله وزرع البذار،‏ ثم راقب باهتمام كيف افرخ الورق.‏ وقد فرح جدا حين صار الزرع ناضجا،‏ فجهوده تكلَّلت بالنجاح.‏ لكنه يواجه الآن تحدّيا.‏ فوقت الحصاد قد حان،‏ والمحصول وافر جدا لا يستطيع ان يحصده وحده وليس لديه إلا وقت قصير.‏ لذلك يقرِّر ان يستأجر بعض العمّال ويرسلهم الى الحقل.‏

      ٢ في ربيع سنة ٣٣ ب‌م،‏ واجه يسوع المقام تحدّيا مماثلا.‏ فقد زرع بذار الحق خلال خدمته الارضية وبعد فترة حان وقت الحصاد.‏ وكان المحصول وافرا،‏ فكان يجب تجميع اشخاص متجاوبين كثيرين ليصيروا تلاميذ له.‏ (‏يوحنا ٤:‏​٣٥-‏٣٨‏)‏ فماذا فعل يسوع؟‏ عندما كان على جبل في الجليل قبيل صعوده الى السماء،‏ اعطى تلاميذه تفويضا لإيجاد المزيد من العمّال.‏ قال:‏ «اذهبوا وتلمذوا اناسا من جميع الامم،‏ وعمِّدوهم .‏ .‏ .‏،‏ وعلّموهم ان يحفظوا جميع ما اوصيتكم به».‏ —‏ متى ٢٨:‏​١٩،‏ ٢٠‏.‏

      ٣ وهذا التفويض هو امر جوهري ليكون الشخص تابعا حقيقيا للمسيح.‏ فلنناقش الآن ثلاثة اسئلة تتعلق به:‏ لماذا اعطى يسوع التفويض لإيجاد المزيد من العمّال؟‏ وكيف درّب تلاميذه على ذلك؟‏ وكيف نكون نحن معنيين بهذا التفويض؟‏

      لماذا لزم المزيد من العمّال؟‏

      ٤،‏ ٥ لماذا لم يكن بإمكان يسوع ان ينهي العمل الذي استهلّه،‏ ومَن كان عليهم القيام بالعمل بعد عودته الى السماء؟‏

      ٤ عندما ابتدأ يسوع خدمته سنة ٢٩ ب‌م،‏ عرف انه يستهلّ عملا لن يستطيع انجازه وحده.‏ ففي الوقت القصير الذي تبقّى له على الارض،‏ كان بإمكانه تغطية منطقة ضيّقة وإخبار عدد محدود من الاشخاص برسالة الملكوت.‏ فقد قَصَر كرازته بشكل رئيسي على اليهود والمتهوّدين،‏ «الخراف الضائعة من بيت اسرائيل».‏ (‏متى ١٥:‏٢٤‏)‏ لكنَّ هؤلاء «الخراف الضائعة» كانوا مشتتين في طول اسرائيل وعرضها،‏ اي ضمن مساحة تبلغ آلاف الكيلومترات المربَّعة.‏ اضافة الى ذلك،‏ كان يجب ايصال البشارة الى باقي الحقل،‏ اي الى كل انحاء العالم.‏ —‏ متى ١٣:‏٣٨؛‏ ٢٤:‏١٤‏.‏

      ٥ لقد ادرك يسوع انه سيترك وراءه عملا هائلا ليُنجَز بعد موته.‏ لذلك قال لرسله الامناء الـ‍ ١١:‏ «الحق الحق اقول لكم:‏ مَن يمارس الايمان بي،‏ يعمل هو ايضا الاعمال التي انا اعملها،‏ ويعمل اعظم منها،‏ لأني ذاهب الى الآب».‏ (‏يوحنا ١٤:‏١٢‏)‏ فبما ان الابن كان عائدا الى السماء،‏ كان على أتباعه —‏ كل تلاميذه المقبلين وليس رسله فقط —‏ ان يقوموا بعمل الكرازة والتعليم.‏ (‏يوحنا ١٧:‏٢٠‏)‏ واعترف يسوع بتواضع ان اعمالهم ستكون «اعظم من» اعماله.‏ كيف ذلك؟‏ بثلاث طرائق.‏

      ٦،‏ ٧ (‏أ)‏ بأيّ معنى تكون اعمال أتباع يسوع اعظم من اعماله؟‏ (‏ب)‏ كيف نُظهِر ان ثقة يسوع بأتباعه هي في محلّها؟‏

      ٦ اولا،‏ كان أتباع يسوع سيغطّون مقاطعة اكبر.‏ ففي ايامنا،‏ بلغت شهادتهم اقاصي الارض،‏ ابعد بكثير من حدود المنطقة التي كرز فيها يسوع.‏ ثانيا،‏ كانوا سيصلون الى اشخاص اكثر.‏ فالأعداد القليلة من التلاميذ الذين تركهم يسوع بعد موته تزايدت بسرعة وصارت بالآلاف.‏ (‏اعمال ٢:‏٤١؛‏ ٤:‏٤‏)‏ وهم الآن يُعدّون بالملايين،‏ ومئات آلاف الاشخاص الجدد يعتمدون كل سنة.‏ ثالثا،‏ كانوا سيكرزون فترة اطول.‏ فهذه الفترة تمتد الى ايامنا،‏ بعد نحو ٠٠٠‏,٢ سنة من نهاية خدمة يسوع التي دامت ثلاث سنوات ونصفا.‏

      ٧ كان يسوع يعبِّر عن ثقته بأتباعه عندما قال انهم سيعملون ‹اعمالا اعظم من› اعماله.‏ فقد عهد اليهم بعمل له اهمية قصوى في نظره،‏ عمل الكرازة ‹ببشارة ملكوت الله› والتعليم.‏ (‏لوقا ٤:‏٤٣‏)‏ وكان مقتنعا بأنهم سينجزون هذا التعيين بأمانة.‏ فماذا يعني ذلك لنا اليوم؟‏ عندما نقوم بالخدمة بغيرة وبكل القلب،‏ نُظهِر ان ثقة يسوع بأتباعه هي في محلّها.‏ أوليس ذلك شرفا رفيعا؟‏!‏ —‏ لوقا ١٣:‏٢٤‏.‏

      التدريب لإعطاء شهادة

      اخت تبشِّر موظفا في محل

      تدفعنا المحبة الى الكرازة حيثما يمكن ايجاد الناس

      ٨،‏ ٩ ايّ مثال رسمه يسوع في الخدمة،‏ وكيف نحتذي بمثاله في خدمتنا؟‏

      ٨ درّب يسوع تلاميذه على الخدمة بأفضل طريقة ممكنة.‏ في المقام الاول،‏ زوّدهم بمثال كامل للاقتداء به.‏ (‏لوقا ٦:‏٤٠‏)‏ مثلا،‏ كان بإمكانهم ملاحظة موقفه من الخدمة،‏ الامر الذي ناقشناه في الفصل السابق.‏ فرأوا انه كرز حيثما وُجد الناس:‏ على شواطئ البحيرات والتلال،‏ في المدن وساحات الاسواق،‏ وكذلك في البيوت.‏ (‏متى ٥:‏​١،‏ ٢؛‏ لوقا ٥:‏​١-‏٣؛‏ ٨:‏١؛‏ ١٩:‏​٥،‏ ٦‏)‏ ورأوا ايضا انه شخص مجتهد،‏ اذ انه كان يستيقظ في الصباح الباكر ليقوم بالخدمة ويظل حتى ساعة متأخرة من الليل.‏ فالخدمة لم تكن مجرد هواية يقوم بها وقت فراغه.‏ (‏لوقا ٢١:‏​٣٧،‏ ٣٨؛‏ يوحنا ٥:‏١٧‏)‏ كما شعروا دون شك ان ما دفعه الى الخدمة هو محبته العميقة للناس.‏ فلربما لاحظوا كيف عكست ملامح وجهه الشفقة التي احسّ بها في قلبه.‏ (‏مرقس ٦:‏٣٤‏)‏ فأيّ اثر تركه مثال يسوع في تلاميذه؟‏ وأيّ اثر كان سيتركه ذلك فيك انت؟‏

      ٩ كأتباع للمسيح،‏ نحن نحتذي بمثاله في خدمتنا.‏ لذلك لا نألو جهدا في تقديم ‹الشهادة كاملا›.‏ (‏اعمال ١٠:‏٤٢‏)‏ فعلى غرار يسوع،‏ نحن نزور الناس في بيوتهم.‏ (‏اعمال ٥:‏٤٢‏)‏ ونكيّف برنامجنا عند الضرورة لكي نتمكن من زيارتهم حين يكون من المرجح ايجادهم في البيت.‏ كما اننا نبحث عن الناس لنكرز لهم في الاماكن العامة:‏ الشوارع،‏ الحدائق العامة،‏ المتاجر،‏ وأماكن العمل.‏ ونحن «نعمل بكدّ ونجتهد» في الخدمة لأننا نحمل هذا العمل محمل الجدّ.‏ (‏١ تيموثاوس ٤:‏١٠‏)‏ والمحبة العميقة النابعة من القلب للآخرين تدفعنا الى الاستمرار في انتهاز الفرص للكرازة حينما وحيثما يمكن ايجاد الناس.‏ —‏ ١ تسالونيكي ٢:‏٨‏.‏

      التلاميذ السبعون يعودون الى يسوع فرحين

      ‏«عاد السبعون بفرح»‏

      ١٠-‏١٢ ايّ درسَين مهمَّين علّمهما يسوع لتلاميذه قبل إرسالهم ليكرزوا؟‏

      ١٠ والطريقة الاخرى التي درّب يسوع تلاميذه بواسطتها هي تزويدهم بإرشادات مفصّلة.‏ فقد عقد يسوع مرتين اجتماعا كان بمثابة جلسة تدريب،‏ وذلك قبل إرساله الرسل الـ‍ ١٢ ثم التلاميذ الـ‍ ٧٠ ليكرزوا.‏ (‏متى ١٠:‏​١-‏١٥؛‏ لوقا ١٠:‏​١-‏١٢‏)‏ وأسفر هذا التدريب عن نتائج رائعة.‏ تقول لوقا ١٠:‏١٧‏:‏ «عاد السبعون بفرح».‏ فلنستعرض درسَين مهمَّين علّمهما يسوع،‏ مبقين في بالنا ان كلماته يجب فهمها على ضوء العادات اليهودية في ازمنة الكتاب المقدس.‏

      ١١ اولا،‏ علّم يسوع تلاميذه الثقة بيهوه.‏ قال لهم:‏ «لا تقتنوا ذهبا ولا فضة ولا نحاسا في جيوب مناطقكم،‏ ولا مزودا للطريق،‏ ولا قميصين ولا نعلين ولا عكازا،‏ لأن العامل يستحق طعامه».‏ (‏متى ١٠:‏​٩،‏ ١٠‏)‏ اعتاد المسافرون قديما ان يأخذوا معهم مالا في جيوب مناطقهم،‏ ومزودا للطعام،‏ وزوجا اضافيا من النعال.‏a لذلك،‏ عندما قال يسوع لتلاميذه ألا يقلقوا بشأن امور كهذه،‏ كان يقول لهم في الواقع:‏ «ثقوا ثقة تامة بيهوه،‏ لأنه سيهتم بحاجاتكم».‏ فكان يهوه سيعتني بهم من خلال دفْع الذين يقبلون البشارة الى اظهار الضيافة لهم،‏ صفة كانت من عادات شعب اسرائيل قديما.‏ —‏ لوقا ٢٢:‏٣٥‏.‏

      ١٢ ثانيا،‏ علّم يسوع تلاميذه تجنُّب التلهيات غير الضرورية.‏ قال:‏ «لا تسلّموا على احد وتعانقوه في الطريق».‏ (‏لوقا ١٠:‏٤‏)‏ فهل كان يسوع يطلب منهم ان يكونوا غير وديين مع الناس او يتعاملوا معهم بفتور؟‏ كلا البتة!‏ ففي ازمنة الكتاب المقدس،‏ لم يقتصر السلام في اغلب الاحوال على مجرد إلقاء التحية،‏ بل شمل ايضا التقيّد بأصول معيّنة والمحادثات الطويلة.‏ يذكر احد علماء الكتاب المقدس:‏ «لم تكن التحيات عند الشرقيين،‏ كما هي الحال عندنا،‏ مجرد انحناءة بسيطة او مصافحة،‏ بل كانت تؤدَّى بكثير من المعانقات،‏ والانحناءات،‏ وحتى السجود بالوجه الى الارض.‏ وتطلَّب كل ذلك الكثير من الوقت».‏ لذلك،‏ عندما اوصى يسوع تلاميذه ألا يسلّموا على احد،‏ كان يقول لهم في الواقع:‏ «يجب ان تستغلوا وقتكم احسن استغلال لأن الرسالة التي تحملونها ملحّة جدا».‏b

      ١٣ كيف نبرهن اننا نطبِّق الارشادات التي اعطاها يسوع لتلاميذه في القرن الاول؟‏

      ١٣ اليوم ايضا،‏ نحن نطيع الارشادات التي اعطاها يسوع لتلاميذه في القرن الاول.‏ ولدينا ثقة مطلقة بيهوه فيما نقوم بخدمتنا.‏ (‏امثال ٣:‏​٥،‏ ٦‏)‏ فنحن نعرف انه لن تعوزنا ضروريات الحياة اذا ‹داومنا اولا على طلب الملكوت›.‏ (‏متى ٦:‏٣٣‏)‏ ويمكن للكارزين بالملكوت كامل الوقت حول العالم ان يشهدوا ان يد يهوه لا تقصر ابدا،‏ حتى في الاوقات العصيبة.‏ (‏مزمور ٣٧:‏٢٥‏)‏ كما اننا ندرك ضرورة تجنُّب التلهيات.‏ فإذا لم نكن منتبهين،‏ فمن السهل جدا ان يلهينا نظام الاشياء هذا.‏ (‏لوقا ٢١:‏​٣٤-‏٣٦‏)‏ لكنَّ هذا الوقت ليس للتلهي.‏ فرسالتنا ملحّة لأن حياة الناس في خطر.‏ (‏روما ١٠:‏​١٣-‏١٥‏)‏ وإبقاء شعورنا بالالحاح متّقدا سيمنعنا من السماح لتلهيات العالم باستنزاف وقتنا وطاقتنا اللذين من الافضل بذلهما في الخدمة.‏ فالوقت الباقي قصير والحصاد كثير.‏ —‏ متى ٩:‏​٣٧،‏ ٣٨‏.‏

      تفويض نحن معنيون به

      ١٤ ماذا يدل ان التفويض المسجّل في متى ٢٨:‏​١٨-‏٢٠ يشمل كل أتباع المسيح؟‏ (‏انظر ايضا الحاشية.‏)‏

      ١٤ حين قال يسوع المقام:‏ «اذهبوا وتلمذوا»،‏ ألقى مسؤولية كبيرة على أتباعه،‏ اذ انه لم يكن يفكر فقط في تلاميذه الموجودين معه آنذاك على جبل الجليل.‏c فالعمل الذي فوّضه يشمل الوصول الى ‹اناس من جميع الامم› وهو لا يزال مستمرا حتى «اختتام نظام الاشياء».‏ من الواضح اذًا ان هذا التفويض يشمل كل أتباع المسيح،‏ بمَن فيهم نحن اليوم.‏ فلنتفحص اكثر كلمات يسوع المسجّلة في متى ٢٨:‏​١٨-‏٢٠‏.‏

      ١٥ لماذا من الحكمة إطاعة وصية يسوع بالتلمذة؟‏

      ١٥ قال يسوع قبل إعطائه التفويض:‏ «دُفعت اليّ كل سلطة في السماء وعلى الارض».‏ (‏العدد ١٨‏)‏ فهل يتولى يسوع حقا هذه السلطة الكبيرة؟‏ اجل،‏ دون شك!‏ فهو رئيس الملائكة الذي لديه تحت امرته ربوات ربوات من الملائكة.‏ (‏١ تسالونيكي ٤:‏١٦؛‏ رؤيا ١٢:‏٧‏)‏ وهو ايضا «رأس الجماعة» الذي لديه سلطة على أتباعه على الارض.‏ (‏افسس ٥:‏٢٣‏)‏ ومنذ سنة ١٩١٤،‏ يحكم يسوع كملك مسيّاني في السماء.‏ (‏رؤيا ١١:‏١٥‏)‏ حتى ان سلطته تشمل المدفن،‏ اذ ان في مقدوره إقامة الاموات.‏ (‏يوحنا ٥:‏​٢٦-‏٢٨‏)‏ وهكذا،‏ بالتحدث عن سلطته الشاملة،‏ يشير يسوع ان الكلمات التي ستلي ليست اقتراحا بل وصية.‏ ومن الحكمة ان نطيع هذه الوصية اليوم لأن سلطة يسوع ليست نابعة من نفسه بل من الله.‏ —‏ ١ كورنثوس ١٥:‏٢٧‏.‏

      ١٦ بماذا يأمرنا يسوع عندما يقول:‏ «اذهبوا»،‏ وكيف نقوم بهذا الوجه من التفويض؟‏

      ١٦ بعدئذ،‏ يعطي يسوع التفويض الذي يبدأ بكلمة واحدة:‏ ‏«اذهبوا».‏ (‏العدد ١٩‏)‏ وبذلك يأمرنا ان نأخذ المبادرة لإيصال رسالة الملكوت للآخرين.‏ وللقيام بهذا الوجه من التفويض،‏ يمكننا استخدام طرائق متنوعة.‏ فالكرازة من بيت الى بيت هي وسيلة فعّالة جدا لنلتقي الناس.‏ (‏اعمال ٢٠:‏٢٠‏)‏ كما اننا نتحين الفرص للشهادة بشكل غير رسمي،‏ اذ نبقى مستعدين في حياتنا اليومية للبدء بأحاديث عن البشارة حيثما يكون ملائما.‏ ومع ان اساليب الكرازة قد تختلف باختلاف الحاجات والظروف المحلية،‏ هنالك امر واحد مشترك:‏ نحن ‹نذهب› للبحث عن المستحقين.‏ —‏ متى ١٠:‏١١‏.‏

      ١٧ كيف ‹نتلمذ› الناس؟‏

      ١٧ يوضح يسوع بعد ذلك هدف التفويض:‏ ‏‹تلمذة اناس من جميع الامم›.‏ (‏العدد ١٩‏)‏ فكيف ‹نتلمذ› الناس؟‏ التلميذ هو شخص يجري تعليمه.‏ لكنَّ تلمذة الآخرين لا تقتصر على نقل المعرفة اليهم.‏ فهدفنا من درس الكتاب المقدس مع المهتمين هو مساعدتهم ان يصيروا أتباعا للمسيح.‏ لذلك حيثما امكن،‏ نحن نلفت انتباه تلاميذنا الى مثال يسوع لنعلِّمهم ان ينظروا اليه كمعلّم ونموذج،‏ اذ يقتدون به في طريقة حياته وأعماله.‏ —‏ يوحنا ١٣:‏١٥‏.‏

      ١٨ لماذا المعمودية هي الحدث الاهم في حياة التلميذ؟‏

      ١٨ تتحدث الكلمات التالية عن وجه حيوي من التفويض:‏ ‏«عمِّدوهم باسم الآب والابن والروح القدس».‏ (‏العدد ١٩‏)‏ فالمعمودية هي الحدث الاهم في حياة التلميذ،‏ لأنها رمز ملائم الى انتذاره لله من كل قلبه.‏ وهي خطوة ضرورية للخلاص.‏ (‏١ بطرس ٣:‏٢١‏)‏ فإذا استمرّ التلميذ المعتمد يبذل اقصى جهده في خدمة يهوه،‏ يمكنه ان يرجو نيل بركات ابدية في العالم الجديد القادم.‏ فهل ساعدت شخصا ليصير تلميذا معتمدا للمسيح؟‏ ما من فرح آخر في الخدمة المسيحية يضاهي هذا الفرح.‏ —‏ ٣ يوحنا ٤‏.‏

      ١٩ ماذا نعلّم الجدد،‏ ولماذا قد تلزم مواصلة التعليم بعد معموديتهم؟‏

      ١٩ يوضح يسوع الوجه التالي من التفويض قائلا:‏ ‏«علّموهم ان يحفظوا جميع ما اوصيتكم به».‏ (‏العدد ٢٠‏)‏ فنحن نعلّم الجدد ان يطبّقوا وصايا يسوع،‏ بما في ذلك وصيته عن محبة الله،‏ محبة القريب،‏ وتلمذة الناس.‏ (‏متى ٢٢:‏​٣٧-‏٣٩‏)‏ كما نعلّمهم تدريجيا كيف يشرحون حقائق الكتاب المقدس ويدافعون عن ايمانهم الذي ينمو شيئا فشيئا.‏ وعندما يصيرون مؤهلين للاشتراك في نشاط الكرازة،‏ نعمل معهم ونعلّمهم بالكلام والمثال كيف يكونون فعّالين في هذا العمل.‏ لكنَّ تعليم التلاميذ الجدد لا ينتهي بالضرورة عند معموديتهم.‏ فالمعتمدون حديثا قد يحتاجون الى ارشاد اضافي يساعدهم ان يتغلبوا على الصعوبات التي تنجم عن كونهم أتباعا للمسيح.‏ —‏ لوقا ٩:‏​٢٣،‏ ٢٤‏.‏

      ‏«انا معكم كل الايام»‏

      ٢٠،‏ ٢١ (‏أ)‏ لماذا ما من سبب لنخاف فيما ننجز التفويض الذي اوكله يسوع الينا؟‏ (‏ب)‏ لماذا ليس هذا وقتا للتباطؤ،‏ وعلامَ ينبغي ان نصمِّم؟‏

      ٢٠ كم تطمئننا الكلمات الختامية من تفويض يسوع!‏ فهو يقول:‏ «ها انا معكم كل الايام الى اختتام نظام الاشياء».‏ (‏متى ٢٨:‏٢٠‏)‏ يدرك يسوع ان هذا التعيين بالغ الاهمية.‏ وهو يدرك ايضا ان إنجازه سيثير احيانا ردود فعل عدائية من المقاومين.‏ (‏لوقا ٢١:‏١٢‏)‏ ولكن ما من سبب لنخاف.‏ فقائدنا لا يتوقع منا ان نقوم بهذا التعيين وحدنا.‏ لذلك ألا نتشجع حين نعرف ان الشخص الذي دُفعت اليه «كل سلطة في السماء وعلى الارض» هو معنا لدعمنا فيما ننجز هذا التفويض؟‏!‏

      ٢١ لقد طمأن يسوع تلاميذه انه سيكون معهم في خدمتهم على مرّ القرون «الى اختتام نظام الاشياء».‏ وحتى تأتي النهاية،‏ يجب ان نستمر في القيام بالتفويض الذي اعطاه يسوع.‏ وهذا ليس وقتا للتباطؤ،‏ اذ يجري الآن حصاد روحي وافر.‏ فالاشخاص المتجاوبون يُجمَعون بأعداد كبيرة.‏ لذلك لنصمِّم كأتباع للمسيح ان ننجز هذا التفويض المهمّ الموكل الينا.‏ ولنعقد العزم على التضحية بوقتنا وطاقتنا ومواردنا في سبيل إطاعة وصية المسيح:‏ «اذهبوا وتلمذوا».‏

      a ربما كانت المنطقة حزاما يحتوي كيسا صغيرا لحمل الدراهم.‏ أما المزود فكان كيسا اكبر مصنوعا عادة من الجلد يُعلَّق على الكتف ويُستخدم لحمل الطعام او الضروريات الاخرى.‏

      b اعطى النبي أليشع ذات مرة ارشادا مماثلا.‏ فقد قال لخادمه جيحزي حين ارسله الى بيت امرأة فقدت ابنها في الموت:‏ «اذا صادفت احدا،‏ فلا تسلِّم عليه».‏ (‏٢ ملوك ٤:‏٢٩‏)‏ فالمهمة كانت ملحّة،‏ لذلك لم يكن هنالك وقت لتأخير غير ضروري.‏

      c بما ان أتباع يسوع المقام كانوا في الجليل،‏ فلا بد انه في هذه المناسبة المذكورة في متى ٢٨:‏​١٦-‏٢٠ تراءى «لأكثر من خمس مئة» شخص.‏ (‏١ كورنثوس ١٥:‏٦‏)‏ لذلك ربما كان مئات الاشخاص حاضرين عندما اعطى يسوع التفويض لتلاميذه.‏

      كيف يمكنك ان تتبع يسوع؟‏

      •  بأية طريقة ينبغي ان نوصل رسالة الملكوت الى الآخرين؟‏ —‏ متى ١٠:‏​١١-‏١٣؛‏ لوقا ١٠:‏٥‏.‏

      •  كيف يمكن ان تساعدنا كلمات يسوع حين نواجه المقاومة فيما نقوم بعمل الكرازة؟‏ —‏ مرقس ١٣:‏​٩-‏١٣‏.‏

      •  كيف يجب ان نتعامل مع الذين لا يتجاوبون مع رسالتنا؟‏ —‏ لوقا ١٠:‏​١٠،‏ ١١‏.‏

      •  اية ثقة ينبغي ان نمتلكها حين نعطي الاولوية لعمل الكرازة؟‏ —‏ لوقا ١٢:‏​٢٢-‏٣١‏.‏

  • ‏«مكتوب»‏
    ‏«تعالَ اتبعني»‏
    • الفصل ١٠

      ‏«مكتوب»‏

      يسوع يقرأ درج اشعيا في مجمع

      ‏«اليوم تمَّت هذه الآية»‏

      ١-‏٣ ايّ استنتاج مهمّ اراد يسوع ان يتوصل اليه اهل الناصرة،‏ وأيّ دليل قدّمه؟‏

      رجع يسوع المسيح في اوائل خدمته الى موطنه الناصرة.‏ وكان هدفه مساعدة الناس على التوصل الى استنتاج مهمّ:‏ انه هو المسيَّا المنبأ به منذ زمن طويل.‏ فأيّ دليل قدّمه؟‏

      ٢ لا شك ان كثيرين توقعوا منه ان يصنع عجيبة،‏ لأنهم سمعوا تقارير عن الاعمال المدهشة التي قام بها.‏ لكنه لم يعطِهم آية كهذه،‏ بل ذهب الى المجمع حسب عادته ووقف ليقرأ.‏ فأُعطي دَرج اشعيا،‏ على الارجح دَرجا طويلا ملفوفا على قضيبَين.‏ فأمسك به وفتحه من جانب الى آخر.‏ وحين وجد المقطع الذي يبحث عنه،‏ قرأ بصوت عالٍ ما نجده الآن في اشعيا ٦١:‏​١-‏٣‏.‏ —‏ لوقا ٤:‏​١٦-‏١٩‏.‏

      ٣ كان سامعوه يعرفون هذا المقطع،‏ فهو نبوة عن المسيَّا.‏ وإذ كانت عيون جميع الذين في المجمع شاخصة اليه ويسود صمت مطبِق،‏ ابتدأ يسوع عندئذ يعطيهم شرحا ربما يكون مفصَّلا ويقول لهم:‏ «اليوم تمَّت هذه الآية التي قد سمعتموها».‏ فتعجب الحضور من كلماته المسرّة.‏ ولكن من الواضح ان كثيرين كانوا لا يزالون يرغبون في رؤية آية مذهلة.‏ غير ان يسوع استخدم بجرأة مثالا من الاسفار المقدسة لإظهار قلة ايمانهم.‏ وبعد ذلك على الفور،‏ حاول اهل الناصرة قتله.‏ —‏ لوقا ٤:‏​٢٠-‏٣٠‏.‏

      ٤ ايّ نموذج وضعه يسوع في خدمته،‏ وماذا سنناقش في هذا الفصل؟‏

      ٤ في هذه الحادثة،‏ وضع يسوع نموذجا لما سيفعله خلال كامل خدمته.‏ فقد استند كثيرا على كلمة الله الموحى بها.‏ صحيح ان عجائبه كانت برهانا قويا انه يملك روح الله،‏ ولكن ما من شيء كان اهم في نظره من الاسفار المقدسة.‏ لذلك سنتفحص في هذا الفصل المثال الذي رسمه يسوع في هذا المجال.‏ فسنناقش كيف اقتبس سيدنا من كلمة الله،‏ دافع عنها،‏ وشرحها.‏

      الاقتباس من كلمة الله

      ٥ ماذا كان يسوع مصمِّما ان يخبر سامعيه،‏ وكيف اثبت صحة كلماته؟‏

      ٥ اراد يسوع ان يعرف الناس مصدر رسالته.‏ فقد قال لهم ذات مرة:‏ «ما اعلِّمه ليس لي،‏ بل للذي ارسلني».‏ (‏يوحنا ٧:‏١٦‏)‏ وذكر في مناسبة اخرى:‏ «لا افعل شيئا من تلقاء ذاتي،‏ بل كما علَّمني الآب بهذا اتكلم».‏ (‏يوحنا ٨:‏٢٨‏)‏ وقال ايضا:‏ «ما اقوله لكم لست اتكلم به من عندي،‏ بل الآب الذي يبقى في اتّحاد بي هو يعمل اعماله».‏ (‏يوحنا ١٤:‏١٠‏)‏ وإحدى الطرائق التي اثبت بها يسوع صحة كلماته هذه هي الاقتباس تكرارا من كلمة الله.‏

      ٦،‏ ٧ (‏أ)‏ الى ايّ مدى اقتبس يسوع من الاسفار العبرانية،‏ ولماذا هذا امر ذو شأن؟‏ (‏ب)‏ كيف اختلف تعليم يسوع عن تعليم الكتبة؟‏

      ٦ يكشف الفحص الدقيق لكلمات يسوع انه اقتبس مباشرة او اشار بشكل غير مباشر الى اكثر من نصف الاسفار العبرانية القانونية.‏ للوهلة الاولى،‏ قد لا يبدو ذلك امرا ذا شأن.‏ فربما تتساءل:‏ لماذا لم يقتبس يسوع خلال السنوات الثلاث والنصف التي قام فيها بعمل التعليم والكرازة من كل الاسفار الموحى بها؟‏ في الواقع،‏ هذا ما فعله على الارجح.‏ فلا تنسَ انه لم يُسجَّل إلا القليل من اقوال يسوع وأعماله.‏ (‏يوحنا ٢١:‏٢٥‏)‏ وكلمات يسوع المدوَّنة في الاسفار المقدسة يمكن قراءتها بصوت عالٍ في بضع ساعات فقط.‏ فهل تتخيّل انك تتكلم عن الله وملكوته مجرد ساعات قليلة وتتمكن مع ذلك من الاشارة الى اكثر من نصف الاسفار العبرانية؟‏ علاوة على ذلك،‏ لم تكن في متناول يسوع في اغلب الاحيان ادراج مكتوبة.‏ وهذه كانت الحال حين ألقى موعظته الشهيرة على الجبل.‏ رغم ذلك،‏ كثيرا ما اقتبس من الذاكرة مقاطع من الاسفار العبرانية بشكل مباشر او غير مباشر.‏

      ٧ وهذه الاقتباسات اظهرت احترام يسوع العميق لكلمة الله.‏ وقد «ذهل» مستمعوه «من طريقة تعليمه،‏ لأنه كان يعلّمهم كمَن له سلطة،‏ لا كالكتبة».‏ (‏مرقس ١:‏٢٢‏)‏ فالكتبة فضّلوا خلال تعليمهم الاشارة الى ما كان يُدعى الشريعة الشفهية،‏ مقتبسين من الربّانيين القدماء المتضلعين من الشريعة.‏ اما يسوع فاعتبر كلمة الله المرجع الاساسي له ولم يقتبس مرة واحدة من الشريعة الشفهية او من ايّ رابّي ليدعم تعاليمه.‏ فكان يقول دائما:‏ «مكتوب».‏ لقد استخدم تكرارا هذه الكلمة وكلمات اخرى حين كان يعلّم أتباعه ويصحّح الافكار الخاطئة.‏

      ٨،‏ ٩ (‏أ)‏ كيف اظهر يسوع انه يؤيد سلطة كلمة الله؟‏ (‏ب)‏ كيف اظهر القادة الدينيون في الهيكل قلة احترام فاضحة لكلمة الله؟‏

      ٨ قال يسوع عندما طهّر الهيكل في اورشليم:‏ «مكتوب:‏ ‹سيُدعى بيتي بيت صلاة›،‏ وأما انتم فتجعلونه مغارة لصوص».‏ (‏متى ٢١:‏​١٢،‏ ١٣؛‏ اشعيا ٥٦:‏٧؛‏ ارميا ٧:‏١١‏)‏ وكان يسوع قد صنع في اليوم السابق عجائب كثيرة هناك.‏ فتأثر الصبيان كثيرا وابتدأوا يسبّحونه.‏ لكنَّ القادة الدينيين سألوه بسخط هل يسمع ما يقوله هؤلاء الاولاد.‏ فأجابهم:‏ «نعم.‏ أما قرأتم قط:‏ ‹من فم الاطفال والرضَّع هيأتَ تسبيحا›؟‏».‏ (‏متى ٢١:‏١٦؛‏ مزمور ٨:‏٢‏)‏ لقد اراد يسوع ان يعرف هؤلاء الرجال ان كلمة الله تجيز ما كان يحدث هناك.‏

      ٩ إلا ان هؤلاء القادة الدينيين تجمّعوا لاحقا وواجهوه قائلين:‏ «بأية سلطة تفعل هذا؟‏».‏ (‏متى ٢١:‏٢٣‏)‏ كان يسوع قد اظهر بشكل جليّ مصدر سلطته.‏ فهو لم يبتكر او يخترع مبادئ جديدة،‏ بل كان يطبِّق ما تقوله كلمة ابيه الموحى بها.‏ لذلك كان هؤلاء الكهنة والكتبة يُظهِرون قلة احترام فاضحة ليهوه وكلمته.‏ وقد استحقوا إدانة يسوع فيما كان يفضح دوافعهم الشريرة.‏ —‏ متى ٢١:‏​٢٣-‏٤٦‏.‏

      ١٠ كيف يمكننا الاقتداء بيسوع في استخدام كلمة الله،‏ وأية ادوات لدينا لم تكن في متناوله؟‏

      ١٠ على غرار يسوع،‏ يتّكل المسيحيون الحقيقيون اليوم على كلمة الله في الخدمة.‏ فشهود يهوه معروفون حول العالم بحماستهم لإخبار الآخرين برسالة الكتاب المقدس.‏ ومطبوعاتنا زاخرة بالاقتباسات والاشارات من الكتاب المقدس.‏ ونحن نفعل الامر عينه في خدمتنا،‏ اذ نحاول لفت النظر الى الاسفار المقدسة حين نتحدث مع الناس.‏ (‏٢ تيموثاوس ٣:‏١٦‏)‏ وكم نفرح حين يسمح لنا احد بالقراءة من الكتاب المقدس والتحدث عن فوائد ومعنى كلمة الله!‏ صحيح اننا لا نملك ذاكرة يسوع الكاملة،‏ لكننا نملك ادوات عديدة لم تكن في متناوله.‏ فإضافة الى الكتاب المقدس الكامل المطبوع بعدد متزايد من اللغات،‏ لدينا مساعِدات على درس الكتاب المقدس تمكِّننا من العثور على ايّ آية نبحث عنها.‏ فلنصمِّم على الاستمرار في الاقتباس من الاسفار المقدسة ولفت انتباه الناس اليها في كل مناسبة!‏

      الدفاع عن كلمة الله

      ١١ لماذا اضطر يسوع تكرارا الى الدفاع عن كلمة الله؟‏

      ١١ في ايام يسوع،‏ كثيرا ما تعرضت كلمة الله للهجوم.‏ وهذا حتما لم يفاجئه.‏ فقد قال في صلاته الى ابيه:‏ «كلمتك هي حق».‏ (‏يوحنا ١٧:‏١٧‏)‏ وكان يعرف ان الشيطان «حاكم العالم» هو «كذّاب وأبو الكذب».‏ (‏يوحنا ٨:‏٤٤؛‏ ١٤:‏٣٠‏)‏ لذلك عندما جرّبه الشيطان،‏ اقتبس ثلاث مرات من الاسفار المقدسة لصدّ محاولاته.‏ وحين استشهد الشيطان بأحد اعداد المزمور وأساء تطبيقه عمدا،‏ دافع يسوع عن كلمة الله للحؤول دون هذا التحريف.‏ —‏ متى ٤:‏​٦،‏ ٧‏.‏

      ١٢-‏١٤ (‏أ)‏ كيف اظهر القادة الدينيون عدم الاحترام للشريعة الموسوية؟‏ (‏ب)‏ كيف دافع يسوع عن كلمة الله؟‏

      ١٢ وكثيرا ما دافع يسوع عن الاسفار المقدسة ولم يسمح بإساءة تطبيقها.‏ فالقادة الدينيون في ايامه اعطوا انطباعا خاطئا عن كلمة الله.‏ فقد شدّدوا على التقيّد بأصغر تفاصيل الشريعة الموسوية،‏ في حين انهم تجاهلوا تطبيق المبادئ التي ارتكزت عليها الشرائع.‏ وبذلك روّجوا عبادة شكلية،‏ عبادة تشدِّد على المظاهر وليس على الامور الاكثر اهمية،‏ مثل العدل والرحمة والامانة.‏ (‏متى ٢٣:‏٢٣‏)‏ فكيف دافع يسوع عن شريعة الله؟‏

      ١٣ في الموعظة على الجبل،‏ استخدم يسوع تكرارا عبارة «سمعتم انه قيل» قبل ذكره سُنة من سنن الشريعة الموسوية.‏ بعد ذلك،‏ كان يستخدم عبارة «أما انا فأقول لكم» ثم يشرح مبدأ اعمق من مجرد تطبيق سطحي للشريعة.‏ فهل كان يسوع يناقض الشريعة؟‏ كلا،‏ بل كان يدافع عنها.‏ لنعطِ بعض الامثلة التي توضح هذه النقطة.‏ كان الناس يعرفون الشريعة التي تقول:‏ «لا تقتل».‏ لكنَّ يسوع قال لهم ان بغض شخص آخر يتعارض مع روح هذه الشريعة.‏ كذلك فإن اشتهاء شخص غير رفيق الزواج ينتهك المبدأ الذي ترتكز عليه شريعة الله التي تحرّم الزنى.‏ —‏ متى ٥:‏​١٧،‏ ١٨،‏ ٢١،‏ ٢٢،‏ ٢٧-‏٣٩‏.‏

      ١٤ كما ان يسوع قال:‏ «سمعتم انه قيل:‏ ‹تحب قريبك وتبغض عدوك›.‏ أما انا فأقول لكم:‏ أحبوا اعداءكم وصلّوا لأجل الذين يضطهدونكم».‏ (‏متى ٥:‏​٤٣،‏ ٤٤‏)‏ فهل تجد في كلمة الله وصية تقول:‏ ‏«ابغض عدوك»؟‏ كلا.‏ ان هذه القاعدة هي وليدة تعليم القادة الدينيين الذين اضعفوا تأثير شريعة الله الكاملة بالآراء البشرية.‏ لكنَّ يسوع دافع بشجاعة عن كلمة الله لحمايتها من التأثيرات المؤذية للتقاليد البشرية.‏ —‏ مرقس ٧:‏​٩-‏١٣‏.‏

      ١٥ كيف دافع يسوع عن شريعة الله ضد المحاولات لجعلها تبدو صارمة جدا وقاسية؟‏

      ١٥ هاجم القادة الدينيون شريعة الله ايضا بإعطاء الانطباع انها صارمة جدا وقاسية.‏ مثلا،‏ عندما قطف تلاميذ يسوع السنابل وهم مجتازون في الحقول،‏ ادّعى بعض الفريسيين انهم ينتهكون يوم السبت.‏ فما كان من يسوع إلا ان استخدم مثالا من الاسفار المقدسة ليدافع عن كلمة الله ضد هذا الرأي غير المتزن.‏ فأشار الى الرواية الوحيدة في الاسفار المقدسة التي تتحدث عن استعمال خبز الوجوه خارج المقدس في الهيكل،‏ وذلك حين اكله داود ورجاله الجائعون.‏ وهكذا،‏ اظهر يسوع لأولئك الفريسيين انهم لا يفهمون رحمة يهوه ورأفته.‏ —‏ مرقس ٢:‏​٢٣-‏٢٧‏.‏

      ١٦ كيف اساء القادة الدينيون تطبيق وصية موسى المتعلقة بالطلاق،‏ وبماذا اجاب يسوع؟‏

      ١٦ بحث القادة الدينيون ايضا عن منافذ قانونية لإضعاف قوة شريعة الله.‏ مثلا،‏ اجازت الشريعة للرجل ان يطلِّق زوجته اذا وجد فيها «امرا شائنا»،‏ على ما يبدو امرا خطيرا يجلب العار للعائلة.‏ (‏تثنية ٢٤:‏١‏)‏ لكنَّ القادة الدينيين في ايام يسوع استخدموا هذه الوصية كعذر للسماح للرجل بأن يطلِّق زوجته لشتى الاسباب،‏ حتى لو كان السبب انها احرقت عشاءه.‏a غير ان يسوع اظهر لهم انهم اساءوا بشكل فادح تطبيق كلمات موسى الموحى بها.‏ وأعاد المقياس الاصلي للزواج الذي وضعه يهوه:‏ الزواج الاحادي.‏ ثم اوضح ان الفساد الادبي الجنسي هو الاساس الصحيح الوحيد للطلاق.‏ —‏ متى ١٩:‏​٣-‏١٢‏.‏

      ١٧ كيف يقتدي المسيحيون اليوم بيسوع في الدفاع عن كلمة الله؟‏

      ١٧ على نحو مماثل اليوم،‏ يندفع أتباع المسيح الى الدفاع عن الاسفار المقدسة ضد الهجمات التي تُشَنّ عليها.‏ فالقادة الدينيون يهاجمون الكتاب المقدس عندما يلمِّحون ان مقاييسه الادبية عتيقة الطراز.‏ كما ان الكتاب المقدس يتعرض للهجوم عندما تعلِّم الاديان الاكاذيب على انها عقائد مؤسسة عليه.‏ وإنه لشرف عظيم لنا ان ندافع عن كلمة حق الله،‏ مثلا حين نبرهن ان الله ليس اقنوما من اقانيم الثالوث.‏ (‏تثنية ٤:‏٣٩‏)‏ لكنَّنا نقوم بهذا الدفاع بلباقة،‏ اي بوداعة واحترام عميق.‏ —‏ ١ بطرس ٣:‏١٥‏.‏

      شرح كلمة الله

      ١٨،‏ ١٩ ايّ مثالين يُظهِران ان يسوع امتلك قدرة رائعة على شرح كلمة الله؟‏

      ١٨ كان يسوع في السماء عند تدوين الاسفار العبرانية.‏ ولا بد انه سُرّ كثيرا بأن يأتي الى الارض وأن يكون له دور في شرح كلمة الله.‏ مثلا،‏ فكِّر في اليوم المميَّز حين التقى بعد قيامته اثنين من تلاميذه وهما في طريقهما الى عمواس.‏ فقبل ان يعرفا هويته،‏ اخبراه عن الغم والحيرة اللذين يتملكانهما بسبب موت سيدهما الحبيب.‏ فماذا فعل؟‏ تقول الرواية انه «فسَّر لهما،‏ مبتدئا من موسى وكل الانبياء،‏ ما يختص به في الاسفار المقدسة كلها».‏ وأي اثر كان لذلك فيهما؟‏ قالا لاحقا واحدهما للآخر:‏ «ألم تكن قلوبنا متقدة إذ كان يكلّمنا في الطريق ويشرح لنا الاسفار المقدسة؟‏».‏ —‏ لوقا ٢٤:‏​١٥-‏٣٢‏.‏

      ١٩ في وقت لاحق من اليوم نفسه،‏ التقى يسوع رسله وآخرين غيرهم.‏ لاحِظ ما فعله لهم.‏ لقد «فتح اذهانهم ليفهموا معنى الاسفار المقدسة».‏ (‏لوقا ٢٤:‏٤٥‏)‏ لا شك ان هذه المناسبة السعيدة ذكّرتهم بالمرات الكثيرة التي قام فيها يسوع بأمر مماثل لهم ولكل مَن اصغى اليه.‏ فكثيرا ما كان يقتبس آيات معروفة ويشرحها شرحا يترك اثرا عميقا في عقول مستمعيه بحيث يصير لديهم فهم جديد وعميق لكلمة الله.‏

      ٢٠،‏ ٢١ كيف شرح يسوع الكلمات التي قالها يهوه لموسى عند العليقة المتّقدة بالنار؟‏

      ٢٠ في احدى هذه المرات،‏ كان يسوع يتكلم مع مجموعة من الصدوقيين،‏ وهم بدعة يهودية وثيقة الصلة بالكهنوت اليهودي لا تؤمن بالقيامة.‏ قال لهم:‏ «أما من جهة قيامة الاموات،‏ أفما قرأتم ما قيل لكم من الله القائل:‏ ‹انا إله ابراهيم وإله اسحاق وإله يعقوب›؟‏ فهو ليس إله اموات،‏ بل احياء».‏ (‏متى ٢٢:‏​٣١،‏ ٣٢‏)‏ فقد اقتبس آية معروفة جدا كتبها موسى،‏ رجل يحترمه الصدوقيون كثيرا.‏ هل لاحظتَ فعّالية شرح يسوع؟‏

      ٢١ لقد جرى الحوار بين موسى ويهوه عند العليقة المتّقدة بالنار نحو سنة ١٥١٤ ق‌م.‏ (‏خروج ٣:‏​٢،‏ ٦‏)‏ وآنذاك،‏ كان قد مضى على موت ابراهيم ٣٢٩ سنة،‏ وعلى موت اسحاق ٢٢٤ سنة،‏ وعلى موت يعقوب ١٩٧ سنة.‏ رغم ذلك،‏ قال يهوه انه إلههم.‏ لقد عرف هؤلاء الصدوقيون ان يهوه ليس مثل آلهة الموتى الوثنية التي تحكم عالما سفليا خرافيا.‏ فيهوه هو إله «احياء»،‏ كما قال يسوع.‏ فماذا عنى ذلك؟‏ كان استنتاج يسوع حاسما:‏ «انهم جميعا احياء في نظره».‏ (‏لوقا ٢٠:‏٣٨‏)‏ فخدام يهوه الاحباء الذين ماتوا هم مطبوعون في ذاكرته التي لا حدّ لها والتي لا تضعف.‏ وقصد يهوه لإقامة هؤلاء هو اكيد جدا بحيث يمكن التحدث عنهم بصفتهم احياء.‏ (‏روما ٤:‏​١٦،‏ ١٧‏)‏ أوليس هذا شرحا رائعا لكلمة الله؟‏ فلا عجب اذًا ان ‹الجموع ذهلت من تعليمه›.‏ —‏ متى ٢٢:‏٣٣‏.‏

      ٢٢،‏ ٢٣ (‏أ)‏ كيف يمكننا الاقتداء بيسوع في شرح كلمة الله؟‏ (‏ب)‏ ماذا سنناقش في الفصل التالي؟‏

      ٢٢ لدى المسيحيين اليوم امتياز الاقتداء بطريقة يسوع في شرح كلمة الله.‏ فرغم اننا لا نملك عقلا كاملا،‏ كثيرا ما نقتبس في حديثنا مع الناس آية يعرفونها جيدا ونشرح اوجهًا منها ربما لم يفكروا فيها من قبل.‏ على سبيل المثال،‏ ربما ردّد البعض طوال حياتهم عبارة «ليتقدس اسمك» وعبارة «ليأتِ ملكوتك» دون ان يعرفوا ما هو اسم الله او ما هو ملكوته.‏ (‏متى ٦:‏​٩،‏ ١٠‏)‏ فكم تكون فرصة رائعة حين يسمح لنا شخص بتقديم شرح واضح وبسيط لحقائق كهذه من الكتاب المقدس!‏

      ٢٣ ان الاقتباس من كلمة الله،‏ الدفاع عنها،‏ وشرحها هي طرائق مهمة للاقتداء بالاساليب التي استخدمها يسوع لنقل الحق الى الآخرين.‏ وفي الفصل التالي،‏ سنناقش بعض الاساليب الفعّالة التي استخدمها يسوع لبلوغ قلوب مستمعيه ونقل حقائق الكتاب المقدس اليهم.‏

      a في وقت لاحق،‏ اقترح المؤرخ يوسيفوس،‏ الذي عاش في القرن الاول والذي كان هو نفسه فريسيا مطلَّقا،‏ ان يُجاز الطلاق «لأيّ سبب كان (‏ولدى الرجال اسباب كثيرة لذلك)‏».‏

      كيف يمكنك ان تتبع يسوع؟‏

      •  لماذا ينبغي ان نحرص لئلا ندع الآراء او التقاليد البشرية تصير اهم من كلمة الله؟‏ —‏ متى ١٥:‏​٢-‏١١‏.‏

      •  لماذا من الحكمة ان نلفت الانتباه الى الكتاب المقدس عند الاجابة عن الاسئلة؟‏ —‏ لوقا ١٠:‏​٢٥-‏٢٨‏.‏

      •  كيف يمكننا الاقتداء باستعداد يسوع للسماح لكلمة الله النبوية بإرشاده خلال مسلك حياته وعند اتخاذه القرارات؟‏ —‏ لوقا ١٨:‏​٣١-‏٣٤؛‏ ٢٢:‏٣٧‏.‏

      •  لماذا ينبغي ان يكون دفاعنا مؤسسا على كلمة الله حين تتعرض معتقداتنا للهجوم؟‏ —‏ يوحنا ١٠:‏​٣١-‏٣٩‏.‏

  • ‏«لم يتكلّم قط انسان غيره هكذا»‏
    ‏«تعالَ اتبعني»‏
    • الفصل ١١

      ‏«لم يتكلّم قط انسان غيره هكذا»‏

      ١،‏ ٢ (‏أ)‏ لماذا عاد الشُّرَط الذين أُرسلوا للامساك بيسوع فارغي الايدي؟‏ (‏ب)‏ لماذا كان يسوع معلّما بارزا؟‏

      كان الفريسيون محتدمين غيظا.‏ فيسوع كان يعلّم في الهيكل عن ابيه،‏ وقد تضاربت آراء مستمعيه حوله.‏ فكثيرون آمنوا به في حين ان آخرين ارادوا إلقاء القبض عليه.‏ وبما ان القادة الدينيين لم يستطيعوا كبح جماح غضبهم،‏ أرسلوا الشُّرَط ليمسكوه.‏ غير ان هؤلاء عادوا فارغي الايدي.‏ فطلب كبار الكهنة والفريسيون تفسيرا لذلك قائلين:‏ «لماذا لم تأتوا به؟‏».‏ فأجابهم الشُّرَط:‏ «لم يتكلّم قط انسان غيره هكذا».‏ فقد اثّر تعليم يسوع فيهم كثيرا حتى انهم عجزوا عن إلقاء القبض عليه.‏a —‏ يوحنا ٧:‏​٤٥،‏ ٤٦‏.‏

      ٢ لم يكن هؤلاء الشُّرَط الوحيدين الذين اثّر فيهم تعليم يسوع.‏ فقد تجمع الناس بأعداد كبيرة لسماعه وهو يعلِّم.‏ (‏مرقس ٣:‏​٧،‏ ٩؛‏ ٤:‏١؛‏ لوقا ٥:‏​١-‏٣‏)‏ ولماذا كان يسوع معلّما بارزا الى هذا الحدّ؟‏ كما رأينا في الفصل ٨‏،‏ احب يسوع الحقائق التي علّمها وأحب الناس الذين علّمهم.‏ كما انه برع جدا في استخدام الاساليب التعليمية.‏ فلنستعرض ثلاثة اساليب فعّالة استخدمها يسوع ولنرَ كيف يمكننا الاقتداء بها.‏

      البساطة في التعليم

      ٣،‏ ٤ (‏أ)‏ لماذا استخدم يسوع لغة بسيطة في تعليمه؟‏ (‏ب)‏ كيف تكون الموعظة على الجبل مثالا لبساطة التعليم لدى يسوع؟‏

      ٣ هل يمكنك ان تتخيل كمية المفردات الهائلة التي كان بإمكان يسوع استخدامها؟‏ مع ذلك،‏ لم يتكلّم وهو يعلّم بطريقة تفوق فهم مستمعيه الذين كان كثيرون منهم ‹غير متعلمين وعاميين›.‏ (‏اعمال ٤:‏١٣‏)‏ فقد راعى حدودهم ولم يمطرهم قط بوابل من المعلومات.‏ (‏يوحنا ١٦:‏١٢‏)‏ ورغم بساطة كلماته،‏ كانت الحقائق التي علّمها عميقة جدا.‏

      ٤ لنأخذ على سبيل المثال الموعظة على الجبل المسجّلة في متى ٥:‏٣–‏٧:‏٢٧‏.‏ فقد اعطى يسوع في هذه الموعظة مشورة عميقة بلغت صميم الامور.‏ مع ذلك،‏ فهي لا تتضمن افكارا او عبارات معقدة.‏ فلا تكاد تكون هنالك كلمة واحدة لا يمكن حتى لولد ان يفهمها بسهولة!‏ فلا عجب ان الجموع —‏ التي شملت على الارجح الكثير من المزارعين،‏ الرعاة،‏ وصيادي السمك —‏ «ذهلت من طريقة تعليمه» عندما انتهى من إلقاء الموعظة!‏ —‏ متى ٧:‏٢٨‏.‏

      ٥ أعطِ امثلة لأقوال بسيطة ولكن غنية بالمعاني تفوّه بها يسوع.‏

      ٥ غالبا ما استخدم يسوع في تعليمه جملا قصيرة وأقوالا بسيطة ولكن غنية بالمعاني.‏ ففي زمن كان فيه الاصغاء الوسيلة الوحيدة للتعلّم،‏ ساهم اسلوبه هذا في طبع رسالته التي لا تُنسى في اذهان وقلوب مستمعيه.‏ لاحِظ بعض الامثلة:‏ «لا تدينوا لكيلا تدانوا».‏ «لا يحتاج الاصحاء الى طبيب،‏ بل السقماء».‏ «الروح مندفع،‏ أما الجسد فضعيف».‏ «أوفوا ما لقيصر لقيصر،‏ وما لله لله».‏ «السعادة في العطاء اكثر منها في الاخذ».‏b (‏متى ٧:‏١؛‏ ٩:‏١٢؛‏ ٢٦:‏٤١؛‏ مرقس ١٢:‏١٧؛‏ اعمال ٢٠:‏٣٥‏)‏ والآن بعد ٠٠٠‏,٢ سنة تقريبا من تفوّه يسوع بهذه الكلمات،‏ لا يزال من السهل تذكُّر هذه الاقوال البليغة الاثر.‏

      ٦،‏ ٧ (‏أ)‏ للتعليم ببساطة،‏ لماذا من المهمّ ان نستخدم لغة سهلة؟‏ (‏ب)‏ كيف يمكننا تجنب إمطار تلميذ الكتاب المقدس بوابل من المعلومات؟‏

      ٦ فكيف يمكننا ان نعلّم ببساطة؟‏ ان احد اهمّ المطالب هو استخدام لغة بسيطة يستطيع معظم الناس فهمها بسهولة.‏ فالحقائق الاساسية لكلمة الله ليست معقدة.‏ وقد كشف يهوه مقاصده لذوي القلوب المخلصة والمتواضعة.‏ (‏١ كورنثوس ١:‏​٢٦-‏٢٨‏)‏ لذلك فإن الكلمات البسيطة المختارة بعناية تنقل حقائق كلمة الله بفعّالية.‏

      اخ يعقد درسا في الكتاب المقدس مع رجل

      حافظ على البساطة في التعليم

      ٧ وللتعليم ببساطة،‏ يجب ان نتجنب إمطار تلميذ الكتاب المقدس بوابل من المعلومات.‏ لذلك،‏ عندما نعقد درسا في الكتاب المقدس،‏ لا ضرورة لشرح كل التفاصيل.‏ ولا ضرورة ايضا لتغطية المواد بسرعة،‏ كما لو ان ذلك هو الاهم.‏ بدلا من ذلك،‏ من الحكمة ان ندع حاجات وقدرات التلميذ تحدِّد سرعة تغطية المواد في الدرس.‏ فهدفنا هو مساعدة التلميذ ان يصير احد أتباع المسيح وعابدا ليهوه.‏ لهذه الغاية،‏ يلزم صرف الوقت اللازم لمساعدة التلميذ ان يفهم الى حدّ معقول ما يتعلّمه.‏ عندئذ فقط،‏ يمكن ان يبلغ حق الكتاب المقدس قلبه ويدفعه الى تطبيق ما يتعلّمه.‏ —‏ روما ١٢:‏٢‏.‏

      طرح الاسئلة المناسبة

      ٨،‏ ٩ (‏أ)‏ لماذا كان يسوع يطرح الاسئلة؟‏ (‏ب)‏ كيف استخدم يسوع الاسئلة لمساعدة بطرس على التوصل الى الاستنتاج الصحيح في مسألة دفع ضريبة للهيكل؟‏

      ٨ كان استخدام يسوع للاسئلة لافتا للنظر،‏ حتى عندما كان من الاسهل عليه ان يخبر مستمعيه مباشرة بالنقطة التي يريدها.‏ فلماذا طرح الاسئلة؟‏ لقد استخدم احيانا اسئلة ثاقبة لفضح دوافع مقاوميه وإسكاتهم.‏ (‏متى ٢١:‏​٢٣-‏٢٧؛‏ ٢٢:‏​٤١-‏٤٦‏)‏ ولكنه طرح الاسئلة ايضا مرات كثيرة ليجعل تلاميذه يعبِّرون عما يجول في ذهنهم ويحرِّك اذهانهم ويدرِّبهم على التفكير.‏ لذلك كان يطرح اسئلة مثل:‏ ‹ماذا تظنّ؟‏› و ‹أتؤمن بهذا؟‏›.‏ (‏متى ١٨:‏١٢؛‏ يوحنا ١١:‏٢٦‏)‏ وقد تمكّن يسوع بواسطة اسئلته من بلوغ قلوب تلاميذه والتأثير فيها.‏ فلنتأمل في مثال يوضح هذه النقطة.‏

      ٩ ذات مرة،‏ سأل جباة الضرائب بطرس ألَا يدفع يسوع ضريبة للهيكل.‏c فأجاب بطرس على الفور:‏ «بلى».‏ ولكن لاحقا،‏ سأله يسوع:‏ «ماذا تظن،‏ يا سمعان؟‏ ممَّن يأخذ ملوك الارض الرسوم او ضريبة الرأس؟‏ أمِن بنيهم أم من الغرباء؟‏».‏ فأجاب بطرس:‏ «من الغرباء».‏ عندئذ،‏ قال له يسوع:‏ «فالبنون مُعفَون من الضريبة».‏ (‏متى ١٧:‏​٢٤-‏٢٧‏)‏ دون شك،‏ ادرك بطرس الهدف الذي كان يسوع يرمي اليه من خلال اسئلته،‏ اذ كان من الشائع ان يُعفى افراد العائلات المالكة من الضرائب.‏ لذلك لم يتوجب على يسوع،‏ الابن الوحيد للملك السماوي الذي يُعبَد في الهيكل،‏ ان يدفع الضريبة.‏ ولكن لاحِظ ان يسوع،‏ بدلا من ان يعطي بطرس الجواب الصحيح،‏ استخدم الاسئلة بلباقة ليساعده على التوصل الى الاستنتاج الصحيح وربما ليجعله ايضا يرى الحاجة الى التفكير اكثر قبل الاجابة.‏

      اخت تبشر امرأة تحمل طفلا

      اطرح اسئلة تتناسب مع اهتمامات صاحب البيت

      ١٠ كيف يمكننا ان نستخدم الاسئلة بفعّالية عند الكرازة من بيت الى بيت؟‏

      ١٠ وكيف يمكننا ان نستخدم الاسئلة بفعّالية في خدمتنا؟‏ عند الكرازة من بيت الى بيت،‏ يمكننا استخدام الاسئلة لإثارة الاهتمام،‏ مما يمهِّد لنا الطريق لنكرز بالبشارة.‏ مثلا،‏ اذا فتح لنا الباب شخص مسنّ،‏ يمكننا ان نسأله باحترام:‏ «اية تغييرات حصلت في العالم شهدتها خلال حياتك؟‏».‏ وبعد السماح له بالاجابة،‏ يمكننا ان نسأل:‏ «في رأيك،‏ ماذا يجب فعله لنعيش حياة افضل؟‏».‏ (‏متى ٦:‏​٩،‏ ١٠‏)‏ أما اذا فتحت الباب امّ لديها اولاد صغار فيمكننا ان نسألها:‏ «هل تساءلتِ مرة كيف سيكون العالم عندما يكبر اولادكِ؟‏».‏ (‏مزمور ٣٧:‏​١٠،‏ ١١‏)‏ وبكوننا شديدي الانتباه عند الاقتراب من البيت،‏ قد نتمكن من اختيار سؤال يتناسب مع اهتمامات صاحب البيت.‏

      ١١ كيف يمكننا استخدام الاسئلة بفعّالية عند عقد درس في الكتاب المقدس؟‏

      ١١ وكيف يمكننا استخدام الاسئلة بفعّالية عند عقد درس في الكتاب المقدس؟‏ ان الاسئلة المختارة بعناية تساعدنا على استقاء المشاعر من قلب التلميذ.‏ (‏امثال ٢٠:‏٥‏)‏ مثلا،‏ لنفترض اننا ندرس الفصل «‏العيش حياة ترضي الله‏» في كتاب ماذا يعلّم الكتاب المقدس حقا؟‏.‏d يناقش هذا الفصل نظرة الله الى امور مثل الفساد الادبي الجنسي،‏ السكر،‏ والكذب.‏ ورغم ان اجوبة التلميذ قد تدل انه يفهم ما يعلِّمه الكتاب المقدس،‏ ولكن هل يوافق على ما يتعلّمه؟‏ لذلك يمكننا ان نسأله:‏ «هل تعتقد ان نظرة الله الى هذه الامور منطقية؟‏».‏ وقد نسأله ايضا:‏ «كيف يمكنك تطبيق هذه المعلومات في حياتك؟‏».‏ ولكن تذكَّر ضرورة كونك لبقا وضرورة منح التلميذ الكرامة.‏ فلا ينبغي ان نطرح عليه اسئلة محرجة.‏ —‏ امثال ١٢:‏١٨‏.‏

      استخدام المنطق المفحِم

      ١٢-‏١٤ (‏أ)‏ كيف استعمل يسوع قدرته على استخدام التحليل المنطقي؟‏ (‏ب)‏ ايّ منطق مفحِم استخدمه يسوع عندما نسب الفريسيون قوته الى الشيطان؟‏

      ١٢ تمتع يسوع بالكمال العقلي.‏ لذلك برع في إقناع الناس بالمنطق.‏ فقد كان يستخدم احيانا المنطق المفحِم لدحض التهم الباطلة التي وجَّهها اليه مقاوموه.‏ وكثيرا ما استخدم الحجج المقنعة لتعليم أتباعه دروسا مهمّة.‏ فلنتأمل في بعض الامثلة.‏

      ١٣ بعدما شفى يسوع رجلا اعمى وأخرس يسيطر عليه شيطان،‏ اتّهمه الفريسيون:‏ «هذا الرجل لا يُخرِج الشياطين إلا ببيلزبوب [الشيطان]،‏ رئيس الشياطين».‏ صحيح ان الفريسيين اعترفوا بأن قوة فوق الطبيعة البشرية لازمة لطرد الابالسة،‏ لكنهم نسبوا قوة يسوع الى الشيطان.‏ وهذه التهمة لم تكن باطلة فقط بل منافية للمنطق ايضا.‏ ولكي يكشف يسوع كم هم مخطئون في تفكيرهم،‏ اجابهم قائلا:‏ «كل مملكة منقسمة على ذاتها تخرب،‏ وكل مدينة او بيت منقسم على ذاته لا يثبت.‏ وإنْ كان الشيطان يُخرِج الشيطان،‏ فقد انقسم على ذاته،‏ فكيف اذًا تثبت مملكته؟‏».‏ (‏متى ١٢:‏​٢٢-‏٢٦‏)‏ وبكلمات اخرى،‏ كان يسوع يقول:‏ «اذا كنت عميلا للشيطان وأُبطِل عمل الشيطان،‏ فالشيطان اذًا يعمل ضد مصالحه الخاصة وسيسقط قريبا».‏ فكيف لهم ان يدحضوا منطقا مقنعا كهذا؟‏!‏

      ١٤ لكنَّ يسوع لم ينتهِ عند هذا الحدّ،‏ بل اعطاهم حجة اخرى ايضا.‏ فإذ ادرك ان البعض من تلاميذ الفريسيين كانوا قد طردوا شياطين،‏ طرح سؤالا ابكمهم على رغم بساطته:‏ «إنْ كنت انا ببيلزبوب أُخرِج الشياطين،‏ فأبناؤكم [او تلاميذكم] بمن يخرجونهم؟‏».‏ (‏متى ١٢:‏٢٧‏)‏ كان فحوى حجة يسوع:‏ «اذا كنت اطرد الابالسة بقوة الشيطان،‏ فلا بد ان تلاميذكم يفعلون ذلك ايضا بالقوة نفسها».‏ فماذا عسى الفريسيون ان يقولوا؟‏ لم يكونوا ليعترفوا قط بأن تلاميذهم يطردون الابالسة بقوة الشيطان.‏ وهكذا،‏ استخدم يسوع تفكيرهم الخاطئ لحملهم على التوصل الى استنتاج لا يروق لهم البتة.‏ فكم هو رائع ان نقرأ كيف اقنعهم يسوع بالمنطق!‏ تخيل ايضا وقْع كلامه على الجموع التي سمعته مباشرة.‏ فلا شك ان حضوره ونبرة صوته زادا كلماته قوة.‏

      ١٥-‏١٧ أعطِ مثلا يُظهِر كيف استخدم يسوع حجة «فكم بالاحرى» لتعليم حقائق مبهجة عن ابيه.‏

      ١٥ استخدم يسوع ايضا الحجج المنطقية المقنعة لتعليم حقائق ايجابية ومبهجة عن ابيه.‏ فكثيرا ما استخدم حجة «فكم بالاحرى»،‏ مما ساعد مستمعيه على الوصول الى قناعات ارسخ انطلاقا من حقيقة يعرفونها.‏ وبما ان هذا النوع من التحليل مؤسس على المقارنات،‏ فهو يترك اثرا بالغا.‏ فلنستعرض مثالَين يُظهِران ذلك.‏

      ١٦ عندما طلب تلاميذ يسوع منه ان يعلِّمهم كيف يصلّون،‏ وصف استعداد الوالدين البشر الناقصين ان ‹يعطوا اولادهم عطايا صالحة›.‏ ثم استنتج:‏ «إنْ كنتم وأنتم اشرار تعرفون كيف تعطون اولادكم عطايا صالحة،‏ فكم بالاحرى الآب في السماء يعطي روحا قدسا للذين يسألونه!‏».‏ (‏لوقا ١١:‏​١-‏١٣‏)‏ ان النقطة التي اوضحها يسوع مؤسسة على التباين.‏ فإذا كان الوالدون البشر الناقصون يعتنون بحاجات اولادهم،‏ فكم بالاحرى ابونا السماوي الكامل والبارّ في كل النواحي يمنح الروح القدس لعبّاده الاولياء الذين يلجأون اليه بتواضع في الصلاة!‏

      ١٧ واستخدم يسوع ايضا تحليلا مماثلا عند تقديم مشورة عن التغلب على الهموم.‏ فقد قال:‏ «الغربان لا تزرع ولا تحصد،‏ وليس لها عنبر ولا مخزن،‏ والله يقوتها.‏ فكم انتم بالحري اثمن من الطيور؟‏ لاحظوا جيدا كيف تنمو الزنابق.‏ إنها لا تتعب ولا تغزل .‏ .‏ .‏ فإنْ كان النبت في الحقل الذي يوجد اليوم ويُطرَح غدا في التنور يكسوه الله هكذا،‏ فكم بالحري يكسوكم انتم يا قليلي الايمان!‏».‏ (‏لوقا ١٢:‏​٢٤،‏ ٢٧،‏ ٢٨‏)‏ فإذا كان يهوه يعتني بالطيور والزهور،‏ فكم بالحري يعتني بالبشر الذين يحبونه ويعبدونه؟‏!‏ لا شك ان هذه الحجة قد اثّرت في قلوب مستمعي يسوع.‏

      ١٨،‏ ١٩ كيف نحاجّ منطقيا شخصا يقول انه لا يؤمن بإله غير منظور؟‏

      ١٨ نحن ايضا نريد ان نستخدم في خدمتنا المنطق السليم لدحض المعتقدات الباطلة.‏ كما نرغب في استخدام حجج مقنعة لتعليم حقائق ايجابية عن يهوه.‏ (‏اعمال ١٩:‏٨؛‏ ٢٨:‏​٢٣،‏ ٢٤‏)‏ فهل يعني ذلك انه يجب ان نتعلّم استخدام المنطق المعقد؟‏ كلا على الاطلاق.‏ فالدرس الذي نتعلمه من يسوع هو ان الحجج المنطقية المعروضة بطريقة بسيطة هي فعّالة جدا.‏

      ١٩ مثلا،‏ كيف نجيب عندما يقول شخص انه لا يؤمن بإله غير منظور؟‏ يمكننا بناء حجتنا على القانون الطبيعي للسبب والنتيجة.‏ فعندما نرى نتيجة،‏ ندرك ان هنالك سببا.‏ يمكننا ان نقول مثلا:‏ «اذا كنت في منطقة نائية ووجدت بيتا متقن الصنع ملآنا بالطعام (‏النتيجة)‏،‏ أفلا تعترف فورا ان احدا (‏السبب)‏ هو مَن صنع ذلك؟‏ هكذا ايضا عندما نرى التصميم الظاهر في الطبيعة ووفرة الطعام في ‹خزائن› الارض (‏النتيجة)‏،‏ أفليس من المنطقي الاستنتاج بأن احدا (‏السبب)‏ هو مَن صنع ذلك؟‏ وهذا بالضبط ما يقوله الكتاب المقدس:‏ ‹كل بيت يبنيه احد،‏ ولكن باني كل شيء هو الله›».‏ (‏عبرانيين ٣:‏٤‏)‏ ولكن طبعا مهما كانت حججنا مقنعة،‏ فلن يقتنع الجميع بها.‏ —‏ ٢ تسالونيكي ٣:‏٢‏.‏

      شيخان يقومان بزيارة رعائية لأخ

      استخدم التحليل المنطقي لبلوغ القلب

      ٢٠،‏ ٢١ (‏أ)‏ كيف يمكننا استخدام حجة «فكم بالاحرى» لإبراز صفات يهوه وطرقه؟‏ (‏ب)‏ ماذا سنناقش في الفصل التالي؟‏

      ٢٠ سواء في خدمة الحقل او في الجماعة،‏ يمكننا ايضا استخدام حجة «فكم بالاحرى» اثناء تعليمنا لإبراز صفات يهوه وطرقه.‏ على سبيل المثال،‏ لنُظهر ان عقيدة العذاب الابدي في نار الهاوية تحقِّر يهوه،‏ يمكن ان نقول:‏ «ما من اب محب يعاقب ولده بوضع يده في النار.‏ فإذا كان الاب لا يفعل ذلك،‏ فكم بالاحرى يشمئز ابونا السماوي المحب من فكرة نار الهاوية؟‏!‏».‏ (‏ارميا ٧:‏٣١‏)‏ ولكي نطمئن رفيقا مؤمنا يعاني من الكآ‌بة ان يهوه يحبه،‏ يمكننا القول:‏ «اذا كان يهوه يعتبر عصفورا دوريا صغيرا ذا قيمة،‏ فكم بالاحرى يحب ويعتني بكلّ واحد من عبّاده الارضيين،‏ بمن فيهم انت؟‏!‏».‏ (‏متى ١٠:‏​٢٩-‏٣١‏)‏ ان استعمال حجج كهذه يساعدنا على بلوغ قلوب الآخرين.‏

      ٢١ بعد استعراض ثلاثة فقط من الاساليب التعليمية التي استخدمها يسوع،‏ يسهل علينا ان ندرك ان هؤلاء الشُّرَط الذين عجزوا عن إلقاء القبض على يسوع لم يبالغوا البتة عندما قالوا:‏ «لم يتكلّم قط انسان غيره هكذا».‏ وفي الفصل التالي،‏ سنناقش الاسلوب التعليمي الذي ربما كان اكثر ما اشتهر به يسوع:‏ استخدام الامثال.‏

      a كان الشُّرَط على الارجح اشخاصا يعملون لدى السنهدريم وتحت سلطة كبار الكهنة.‏

      b ان هذا المقتطف الاخير،‏ الموجود في الاعمال ٢٠:‏٣٥‏،‏ لا يقتبسه سوى الرسول بولس.‏ فلربما تسلّم هذه العبارة بطريقة شفهية (‏إما من تلميذ سمع يسوع يقولها او من يسوع المُقام)‏ او بالوحي الالهي.‏

      c طُلب من اليهود ان يدفعوا سنويا ضريبة للهيكل قدرها درهمان (‏ما يعادل اجر يومين تقريبا)‏.‏ يقول احد المراجع:‏ «استُخدمَت هذه الضريبة لدفع مصاريف المحرقات اليومية وغيرها من الذبائح التي قُدِّمت عن الشعب».‏

      d اصدار شهود يهوه.‏

      كيف يمكنك ان تتبع يسوع؟‏

      •  كيف يمكن ان تساعدك تعليقات يسوع على اختيار كلماتك عند إلقاء خطابات في الجماعة؟‏ —‏ متى ١١:‏٢٥‏.‏

      •  كيف يمكن للذين يلقون خطابات عامة الاقتداء بيسوع في استخدام هذا النوع من الاسئلة؟‏ —‏ متى ١١:‏​٧-‏٩‏.‏

      •  كيف يمكنك ان تستخدم الغلو بفطنة في تعليمك؟‏ —‏ متى ٧:‏٣؛‏ ١٩:‏٢٤‏.‏

      •  كيف يمكننا ان نعلّم الآخرين بالمثال،‏ على غرار يسوع؟‏ —‏ يوحنا ١٣:‏​٥،‏ ١٤‏.‏

  • ‏«بدون مثَل لم يكن يكلّمهم»‏
    ‏«تعالَ اتبعني»‏
    • الفصل ١٢

      ‏«بدون مثَل لم يكن يكلّمهم»‏

      ١-‏٣ (‏أ)‏ اي امتياز نادر حظي به التلاميذ الذين كانوا يرافقون يسوع،‏ وكيف سهّل عليهم تذكُّر ما علّمه؟‏ (‏ب)‏ لماذا من الصعب نسيان الامثال الفعّالة؟‏

      حظي التلاميذ الذين كانوا يرافقون يسوع بامتياز نادر.‏ فكانوا يتعلّمون مباشرة من المعلّم الكبير ويسمعون صوته وهو يشرح كلمة الله ويعلّمهم الحقائق الرائعة.‏ وكان عليهم حفظ كلماته في عقولهم وقلوبهم لأنه لم يكن قد حان الوقت بعد لتدوين كلماته خطيًّا.‏a لكنَّ يسوع سهّل عليهم تذكُّر ما علّمه.‏ كيف ذلك؟‏ من خلال طريقة تعليمه،‏ وخصوصا استخدامه البارع للامثال.‏

      ٢ حقا،‏ من الصعب نسيان الامثال الفعّالة.‏ فقد قال كاتب انها «تحوِّل الآذان عيونا فيُطلِق المستمعون العنان لتفكيرهم ليروا صورا ذهنية».‏ فيمكن للامثال ان تسهِّل علينا فهم الافكار المجرّدة لأن الصور الذهنية هي خير مساعد لنا على التفكير.‏ وهي تبعث الحياة في الكلمات،‏ معلِّمة ايانا دروسا تنغرس في ذاكرتنا.‏

      ٣ ما من معلّم على الارض كان ابرع من يسوع المسيح في استخدام الامثال.‏ وإلى يومنا هذا،‏ لا يزال من السهل تذكُّر الامثال الكثيرة التي استخدمها.‏ فلماذا اعتمد يسوع كثيرا هذا الاسلوب التعليمي؟‏ ماذا جعل امثاله فعّالة الى هذا الحدّ؟‏ وكيف يمكننا ان نتعلّم استخدام اسلوب التعليم هذا؟‏

      لماذا علَّم يسوع بأمثال

      ٤،‏ ٥ لماذا استخدم يسوع الامثال؟‏

      ٤ يعطي الكتاب المقدس سببَين وجيهين يوضحان لماذا علَّم يسوع بأمثال.‏ اولا،‏ فعل ذلك إتماما للنبوات.‏ نقرأ في متى ١٣:‏​٣٤،‏ ٣٥‏:‏ «هذا .‏ .‏ .‏ قاله يسوع للجموع بأمثال.‏ فإنه بدون مثَل لم يكن يكلّمهم،‏ ليتم ما قيل بالنبي القائل:‏ ‹أفتح فمي بأمثال›».‏ والنبي الذي اقتبس منه متى هو كاتب المزمور ٧٨:‏٢‏.‏ وصاحب المزمور هذا كتب بوحي من روح الله قبل قرون من ولادة يسوع.‏ لاحِظ ما يعنيه ذلك.‏ لقد قال يهوه قبل مئات السنين ان المسيَّا سيعلّم بأمثال.‏ فلا شك اذًا ان يهوه يقدِّر قيمة اسلوب التعليم هذا.‏

      ٥ ثانيا،‏ اوضح يسوع انه يستخدم الامثال لتمييز ذوي القلوب ‹الغليظة›.‏ (‏متى ١٣:‏​١٠-‏١٥؛‏ اشعيا ٦:‏​٩،‏ ١٠‏)‏ فكيف فضحت امثاله دوافع الناس؟‏ في بعض الاحيان،‏ اراد يسوع ان يطلب سامعوه شرحا ليفهموا المعنى الكامل لكلماته.‏ والمتواضعون هم الذين كانوا على استعداد لطرح الاسئلة بعكس الاشخاص المتكبرين.‏ (‏متى ١٣:‏٣٦؛‏ مرقس ٤:‏٣٤‏)‏ وهكذا،‏ كشفت امثال يسوع الحق لذوي القلوب المتعطشة اليه؛‏ وفي الوقت نفسه أخفته عن المتكبرين.‏

      ٦ اية فوائد كانت لأمثال يسوع؟‏

      ٦ كانت لأمثال يسوع فوائد اخرى ايضا.‏ فقد اثارت اهتمام الناس ودفعتهم الى الاصغاء.‏ ورسمت صورا ذهنية سهّلت عليهم الفهم.‏ وكما ذكرنا في البداية،‏ ساعدت امثال يسوع مستمعيه على تذكُّر كلماته.‏ والموعظة على الجبل،‏ المدوّنة في متى ٥:‏٣–‏٧:‏٢٧‏،‏ هي مثال بارز لاستخدام يسوع الامثال بكثرة.‏ فهي تحتوي بحسب احد الاحصاءات على اكثر من ٥٠ صورة بيانية.‏ لكن تذكَّر ان هذه الموعظة يمكن قراءتها بصوت عالٍ في ٢٠ دقيقة تقريبا.‏ وهذا يعني ان يسوع استخدم كمعدل صورة بيانية كل ٢٠ ثانية تقريبا.‏ من الواضح اذًا ان يسوع ادرك اهمية استخدام الامثال.‏

      ٧ لماذا ينبغي ان نقتدي بيسوع في استخدام الامثال؟‏

      ٧ كأتباع للمسيح،‏ نحن نريد الاقتداء بطريقة تعليمه،‏ بما في ذلك استخدامه للامثال.‏ فالامثال الفعّالة تضفي جاذبية على تعليمنا تماما كما تضفي التوابل على الطعام مذاقا ألذّ.‏ كما ان الامثال المختارة باعتناء يمكن ان تسهّل فهم الحقائق المهمة.‏ فلنستعرض الآن بعض العوامل التي جعلت امثال يسوع فعّالة جدا.‏ عندئذ،‏ سنعرف كيف يمكننا ان نستخدم هذا الاسلوب التعليمي الفعّال.‏

      استخدام تشبيهات بسيطة

      طيرا نورس وزهرة

      كيف استخدم يسوع الطيور والزهور ليوضح ان الله يهتم بنا؟‏

      ٨،‏ ٩ كيف استخدم يسوع تشبيهات بسيطة،‏ ولماذا كانت هذه التشبيهات فعّالة جدا؟‏

      ٨ كثيرا ما استخدم يسوع في تعليمه تشبيهات غير معقدة لا تتطلب سوى كلمات قليلة.‏ رغم ذلك،‏ رسمت هذه الكلمات البسيطة صورا ذهنية حيّة وعلّمت حقائق روحية مهمّة بطريقة واضحة.‏ مثلا،‏ عندما حثّ يسوع تلاميذه ألا يحملوا همًّا بسبب الحاجات اليومية،‏ تحدث عن «طيور السماء» و «زنابق الحقل».‏ فالطيور لا تزرع ولا تحصد،‏ والزنابق لا تغزل ولا تنسج.‏ مع ذلك،‏ فإن الله يهتم بها.‏ فالنقطة التي كان يسوع يرمي اليها واضحة:‏ اذا كان الله يهتم بالطيور والزهور،‏ فهو سيهتم حتما بالبشر الذين ‹يداومون اولا على طلب الملكوت›.‏ —‏ متى ٦:‏​٢٦،‏ ٢٨-‏٣٣‏.‏

      ٩ اكثر يسوع ايضا من استخدام الاستعارات،‏ التي تضفي على المعنى قوة اكبر من التشبيهات.‏ ففي الاستعارة يبدو الواحد كما لو انه هو الآخر.‏ وقد ابقى يسوع الاستعارات ايضا بسيطة.‏ فذات مرة قال لتلاميذه:‏ «انتم نور العالم».‏ والتلاميذ فهموا معنى هذه الاستعارة.‏ فقد ادركوا انه من خلال اقوالهم وأعمالهم،‏ يمكنهم ان يدَعوا نور الحق الروحي يضيء وأن يساعدوا الآخرين على تمجيد الله.‏ (‏متى ٥:‏​١٤-‏١٦‏)‏ لاحِظ ايضا استعارتَين اخريين استخدمهما يسوع:‏ «انتم ملح الارض» و «انا الكرمة،‏ وأنتم الاغصان».‏ (‏متى ٥:‏١٣؛‏ يوحنا ١٥:‏٥‏)‏ ان صورا كلامية كهذه هي فعّالة بسبب بساطتها.‏

      ١٠ أوضِح كيف يمكنك استخدام الامثال في تعليمك.‏

      ١٠ وكيف يمكنك استخدام الامثال في تعليمك؟‏ لا ضرورة لتأليف قصص طويلة معقدة.‏ حاوِل ان تفكّر في تشبيهات بسيطة.‏ لنفرض انك تناقش موضوع القيامة وتريد ان توضح ان إقامة الاموات ليست بالامر الصعب على يهوه.‏ فأية تشبيهات قد تخطر على بالك؟‏ ان الكتاب المقدس يشبّه الموت بالنوم.‏ لذلك يمكنك القول:‏ «يستطيع الله إقامة الاموات بسهولة تماما كما نستطيع نحن ايقاظ شخص من النوم».‏ (‏يوحنا ١١:‏​١١-‏١٤‏)‏ ولنفرض انك تريد الايضاح ان الاولاد بحاجة الى المحبة والحنان لكي يعيشوا حياة ناجحة.‏ فأيّ مثال يمكنك استخدامه؟‏ يشبّه الكتاب المقدس الاولاد ‹بغروس الزيتون›.‏ (‏مزمور ١٢٨:‏٣‏)‏ لذلك يمكنك القول:‏ «المحبة والحنان ضروريان للولد تماما كما ان الشمس والماء ضروريان للشجرة».‏ وكلما كان التشبيه ابسط،‏ صار فهمه اسهل على سامعيك.‏

      استيحاء الامثال من الحياة اليومية

      ١١ أعطِ امثلة تُظهِر كيف عكست امثال يسوع الامور التي شاهدها دون شك وهو يكبر في الجليل.‏

      ١١ برع يسوع في استخدام امثال من حياة الناس اليومية.‏ فالكثير من امثاله مستوحى من ظروف في الحياة اليومية شاهدها دون شك وهو يكبر في الجليل.‏ مثلا،‏ فكِّر لحظة في المرحلة الاولى من حياته.‏ فكم مرة رأى امه تطحن القمح ليصير دقيقا،‏ تضيف الخميرة الى العجين،‏ توقد سراجا،‏ او تكنس البيت؟‏ (‏متى ١٣:‏٣٣؛‏ ٢٤:‏٤١؛‏ لوقا ١٥:‏٨‏)‏ وكم مرة رأى صيادين يلقون شباكهم في بحر الجليل؟‏ (‏متى ١٣:‏٤٧‏)‏ وكم مرة رأى اولادا يلعبون في ساحات الاسواق؟‏ (‏متى ١١:‏١٦‏)‏ لا شك ان يسوع لاحظ امورا مألوفة اخرى واستخدمها في امثاله مثل زرع البذار،‏ ولائم الاعراس المبهجة،‏ وإثمار حقول الزرع في الشمس.‏ —‏ متى ١٣:‏​٣-‏٨؛‏ ٢٥:‏​١-‏١٢؛‏ مرقس ٤:‏​٢٦-‏٢٩‏.‏

      ١٢،‏ ١٣ لماذا هو امر جدير بالملاحظة ان يتكلم يسوع في مثَل السامري المحب للقريب عن الطريق التي ‹تنزل من اورشليم الى اريحا› لإيضاح نقطته؟‏

      ١٢ استخدم يسوع ايضا في امثاله تفاصيل معروفة لدى سامعيه.‏ مثلا،‏ ابتدأ مثَل السامري المحب للقريب بالقول:‏ «كان انسان نازلا من اورشليم الى اريحا،‏ فوقع بين لصوص،‏ فعرّوه وانهالوا عليه ضربا،‏ .‏ .‏ .‏ وقد تركوه بين حي وميت».‏ (‏لوقا ١٠:‏٣٠‏)‏ من الجدير بالملاحظة ان يسوع تحدث عن الطريق التي ‹تنزل من اورشليم الى اريحا› لإيضاح نقطته.‏ فعندما قدَّم هذا المثَل،‏ كان في منطقة اليهودية القريبة من اورشليم؛‏ لذلك لا شك ان مستمعيه عرفوا الطريق التي تكلم عنها.‏ وكانت هذه الطريق معروفة بأنها خطرة جدا،‏ وخصوصا اذا كان الشخص يسافر وحده.‏ فقد كانت تتعرج عبر منطقة مقفرة،‏ مما يجعلها ملآنة بأماكن يختبئ فيها اللصوص.‏

      ١٣ وذكر يسوع تفاصيل اخرى عن الطريق التي ‹تنزل من اورشليم الى اريحا›.‏ فكما جاء في المثَل،‏ كان كاهن ثم لاوي يسيران في هذه الطريق ايضا.‏ ولم يتوقف ايٌّ منهما لمساعدة الضحية.‏ (‏لوقا ١٠:‏​٣١،‏ ٣٢‏)‏ كان الكهنة يخدمون في هيكل اورشليم،‏ وكان اللاويون يساعدونهم.‏ وقد سكن كثيرون من الكهنة واللاويين في اريحا حين لم تكن لديهم خدمة في الهيكل،‏ لأن اريحا لم تكن تبعد عن اورشليم سوى ٢٣ كيلومترا.‏ لذلك لا بدّ انهم كانوا يسيرون في هذه الطريق.‏ لاحِظ ايضا ان يسوع قال ان المسافر كان «نازلا» في الطريق «من اورشليم»،‏ وليس صاعدا فيها.‏ وهذا كان منطقيا بالنسبة الى مستمعيه.‏ فأورشليم كانت اعلى من اريحا.‏ لذلك عند الذهاب «من اورشليم»،‏ كان يجب على المسافر ان ‹ينزل› كما يذكر المثل.‏b فمن الواضح ان يسوع ابقى مستمعيه في ذهنه.‏

      ١٤ كيف نبقي مستمعينا في ذهننا عند استخدام الامثال؟‏

      ١٤ نحن ايضا ينبغي ان نبقي مستمعينا في ذهننا عند استخدام الامثال.‏ فكيف يؤثر مستمعونا في اختيارنا للامثال؟‏ يجب التفكير في عوامل مثل العمر،‏ الخلفية الثقافية والعائلية،‏ والعمل.‏ مثلا،‏ يمكن لمَن يعيش في منطقة زراعية ان يفهم مثَلا يتضمن تفاصيل عن الزراعة اكثر ممَّن يعيش في مدينة كبيرة.‏ ويمكننا ايضا استيحاء الامثال المناسبة من حياة ونشاطات مستمعينا اليومية —‏ بما في ذلك بيتهم،‏ هواياتهم،‏ طعامهم،‏ وأولادهم.‏

      استيحاء الامثال من الخليقة

      ١٥ لماذا ليس غريبا ان يعرف يسوع الخليقة حق المعرفة؟‏

      ١٥ يكشف الكثير من امثال يسوع معرفته عن الطبيعة،‏ بما فيها النباتات،‏ الحيوانات،‏ وعناصر الطبيعة.‏ (‏متى ١٦:‏​٢،‏ ٣؛‏ لوقا ١٢:‏​٢٤،‏ ٢٧‏)‏ فمن اين نال هذه المعرفة؟‏ لا شك ان ترعرُعه في الجليل اتاح له الفرصة لمراقبة الخليقة.‏ إضافة الى ذلك،‏ يسوع هو «بكر كل خليقة» وقد استخدمه يهوه «عاملا ماهرا» في خلق كل الاشياء.‏ (‏كولوسي ١:‏​١٥،‏ ١٦؛‏ امثال ٨:‏​٣٠،‏ ٣١‏)‏ فهل هو غريب ان يعرف يسوع الخليقة حق المعرفة؟‏!‏ لنرَ في ما يلي كيف استخدم يسوع هذه المعرفة ببراعة.‏

      ١٦،‏ ١٧ (‏أ)‏ ماذا يدلّ ان يسوع كان يعرف جيدا ميزات الخراف؟‏ (‏ب)‏ ماذا يُظهِر ان الخراف تصغي حقا الى صوت راعيها؟‏

      ١٦ تذكَّر ان يسوع دعا نفسه «الراعي الفاضل» وأتباعَه «الخراف».‏ تكشف كلماته هذه انه يعرف جيدا ميزات الخراف الاليفة.‏ فقد عرف ان هنالك علاقة لصيقة بين الرعاة وخرافهم.‏ لذلك ذكر ان هذه المخلوقات الطيِّعة تتبع راعيها بإذعان.‏ ولماذا تتبع الخراف راعيها؟‏ قال يسوع:‏ «لأنها تعرف صوته».‏ (‏يوحنا ١٠:‏​٢-‏٤،‏ ١١‏)‏ فهل تعرف الخراف حقا صوت راعيها؟‏

      راعٍ مع خرافه

      ١٧ كتب جورج آ.‏ سميث في كتابه الجغرافيا التاريخية للارض المقدسة (‏بالانكليزية)‏،‏ استنادا الى ما رآه شخصيا:‏ «كنا نتمتع احيانا بالراحة عند الظهيرة قرب احدى آبار اليهودية،‏ التي اتى اليها ثلاثة او اربعة رعاة مع قطعانهم.‏ وكانت القطعان تختلط بعضها ببعض،‏ مما جعلنا نتساءل كيف سيسترجع كلّ راعٍ قطيعه.‏ ولكن بعد ان تشرب القطعان وتلعب،‏ كان الرعاة يذهبون الواحد تلو الآخر الى مختلف انحاء الوادي،‏ وكان كل واحد يُطلق نداءه المميَّز فتنسحب خرافه وتذهب الى راعيها ثم ترحل منظَّمة كما اتت».‏ حقا،‏ لم تكن هنالك طريقة افضل ليوضح يسوع نقطته:‏ اذا فهمنا تعاليمه وأطعناها وتبعنا قيادته،‏ نصير تحت رعاية «الراعي الفاضل».‏

      ١٨ اين يمكننا ايجاد معلومات عن مخلوقات يهوه؟‏

      ١٨ وكيف نتعلم استخدام امثال مستوحاة من الطبيعة؟‏ بإمكاننا استخدام الميزات البارزة لدى الحيوانات لاستنباط تشبيهات فعّالة وبسيطة في آنٍ واحد.‏ وأين يمكننا ايجاد معلومات عن مخلوقات يهوه؟‏ ان الكتاب المقدس هو مصدر غني بالمعلومات عن شتى الحيوانات ويستخدم احيانا ميزاتها في التشبيهات.‏ مثلا،‏ يتحدث الكتاب المقدس عن كون المرء سريعا كالغزال او النمر،‏ حذرا كالحية،‏ وبريئا كالحمام.‏c (‏١ اخبار الايام ١٢:‏٨؛‏ حبقوق ١:‏٨؛‏ متى ١٠:‏١٦‏)‏ والمصادر القيّمة الاخرى للمعلومات هي برج المراقبة،‏ استيقظ!‏،‏ وغيرهما من المطبوعات التي يصدرها شهود يهوه.‏ فيمكنك ان تتعلّم الكثير حين تلاحظ كيف تستخدم هذه المطبوعات التشبيهات البسيطة المستوحاة من عجائب خليقة يهوه الكثيرة.‏

      استيحاء الامثال من حوادث معروفة

      ١٩،‏ ٢٠ (‏أ)‏ كيف استخدم يسوع حادثة لم يمضِ عليها فترة طويلة لدحض احد التعاليم الباطلة؟‏ (‏ب)‏ كيف يمكننا استخدام حوادث او اختبارات من واقع الحياة في تعليمنا؟‏

      ١٩ تشمل الامثال الفعّالة حوادث من واقع الحياة.‏ فذات مرة،‏ استخدم يسوع حادثة لم يمضِ عليها فترة طويلة لدحض المفهوم الخاطئ ان المآ‌سي تحلّ بالذين يستحقونها.‏ قال:‏ «اولئك الثمانية عشر الذين سقط عليهم البرج في سلوام فقتلهم،‏ أتظنون انهم كانوا مديونين [خطاة] اكثر من سائر الناس الساكنين في اورشليم؟‏».‏ (‏لوقا ١٣:‏٤‏)‏ فهؤلاء الثمانية عشر شخصا لم يموتوا بسبب خطية ما اثارت السخط الالهي،‏ بل بسبب «الوقت والحوادث غير المتوقعة».‏ (‏جامعة ٩:‏١١‏)‏ وهكذا،‏ دحض يسوع تعليما باطلا بالاشارة الى حادثة معروفة لدى سامعيه.‏

      ٢٠ وكيف يمكننا نحن استخدام حوادث او اختبارات من واقع الحياة؟‏ لنفرض انك تناقش موضوع إتمام نبوة يسوع عن علامة حضوره.‏ (‏متى ٢٤:‏​٣-‏١٤‏)‏ فبإمكانك ان تشير الى انباء عن حروب او مجاعات او زلازل حصلت مؤخرا لتُظهِر ان اوجها معيّنة من العلامة تتم.‏ او لنفرض انك تريد استخدام اختبار لتوضح ما هي التغييرات اللازمة للبس الشخصية الجديدة.‏ (‏افسس ٤:‏​٢٠-‏٢٤‏)‏ فأين يمكنك ايجاد اختبار كهذا؟‏ يمكنك استخدام التغييرات التي اجراها بعض الرفقاء المؤمنين او الاستشهاد باختبار نشرته احدى مطبوعات شهود يهوه.‏

      ٢١ اية مكافآ‌ت يحصدها المعلّم الفعّال لكلمة الله؟‏

      ٢١ حقا،‏ كان يسوع ابرع معلّم!‏ وكما رأينا في هذا الجزء،‏ كان ‹التعليم والكرازة بالبشارة› مهنته في الحياة.‏ (‏متى ٤:‏٢٣‏)‏ وهذا العمل هو مهنتنا في الحياة نحن ايضا.‏ والمكافآ‌ت التي يحصدها المعلّم الفعّال عظيمة.‏ فنحن نعطي الآخرين عندما نعلّم،‏ وهذا العطاء يجلب السعادة.‏ (‏اعمال ٢٠:‏٣٥‏)‏ وهذه السعادة هي الفرح الناتج عن المعرفة اننا ننقل شيئا ذا قيمة حقيقية ودائمة:‏ الحق عن يهوه.‏ كما اننا نحصل على الاكتفاء الناجم من المعرفة اننا نقتدي بمثال يسوع،‏ اعظم معلّم عاش على الارض.‏

المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
الخروج
الدخول
  • العربية
  • مشاركة
  • التفضيلات
  • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
  • شروط الاستخدام
  • سياسة الخصوصية
  • إعدادات الخصوصية
  • JW.ORG
  • الدخول
مشاركة