مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • البِر ليس بالتقاليد الشفهية
    برج المراقبة ١٩٩٠ | ١ تشرين الاول (‏اكتوبر)‏
    • البِر ليس بالتقاليد الشفهية

      ‏«إن لم يزد بركم على الكتبة والفريسيين لن تدخلوا ملكوت السموات.‏» —‏ متى ٥:‏٢٠‏.‏

      ١ و ٢ ماذا حدث قبل ان يقدِّم يسوع موعظته على الجبل مباشرة؟‏

      قضى يسوع الليل في الجبل.‏ فالسموات المزدانة بالنجوم انبسطت من فوق.‏ والحيوانات الليلية الصغيرة احدثت حفيفا في الجنبات.‏ والى الشرق ارتطمت مياه بحر الجليل برفق بالشاطئ.‏ ولكنّ يسوع ربما ادرك على نحو واهن فقط الجمال الهادئ المريح المحيط به.‏ فقد قضى الليل في الصلاة لأبيه السماوي،‏ يهوه.‏ وكان في حاجة الى ارشاد ابيه.‏ فالنهار القادم كان حاسما.‏

      ٢ في الشرق ضاءت السماء.‏ وابتدأت الطيور تتنقل،‏ مغرِّدة بنعومة.‏ وتمايلت الازهار البرية برفق في النسيم.‏ واذ انتشرت اشعة الشمس الاولى في الأفق،‏ دعا يسوع تلاميذه واختار من بينهم ١٢ ليكونوا رسله.‏ وبعد ذلك،‏ مع جميعهم،‏ شرع في النزول الى جانب الجبل.‏ وامكنت رؤية الجموع يتدفقون من الجليل،‏ صور وصيداء،‏ اليهودية واورشليم.‏ لقد جاءوا ليُشفَوا من امراضهم.‏ فقوة من يهوه كانت تخرج من يسوع اذ لمسه كثيرون وبرِئوا.‏ وجاءوا ايضا ليسمعوا كلماته التي هي كبلسم شافٍ لنفوسهم المضطربة.‏ —‏ متى ٤:‏٢٥؛‏ لوقا ٦:‏١٢-‏١٩‏.‏

      ٣ لماذا كان التلاميذ والجموع في حالة انتظار عندما ابتدأ يسوع يتكلم؟‏

      ٣ في جلسات تعليمهم الاكثر رسمية اعتاد الربانيون الجلوس،‏ وفي صباح الربيع الخصوصي هذا لسنة ٣١ ب‌م هذا ما فعله يسوع،‏ وكما يظهر في مكان مستو اعلى على جانب التلة.‏ وعندما رأى التلاميذ والجموع ذلك ادركوا ان شيئا خصوصيا يجري،‏ فاجتمعوا حوله بترقُّب.‏ وعندما ابتدأ يتكلم كانوا في حالة انتظار لكلماته؛‏ وعندما انتهى بعد بعض الوقت تُركوا مبهوتين مما سمعوه.‏ فلنرَ لماذا.‏ —‏ متى ٧:‏٢٨‏.‏

      نوعان من البِر

      ٤ (‏أ)‏ اي نوعين من البِر كانا مسألة نقاش؟‏ (‏ب)‏ ماذا كان القصد من التقاليد الشفهية،‏ وهل تحقَّق؟‏

      ٤ في موعظته على الجبل،‏ المذكورة في متى ٥:‏١-‏٧:‏٢٩ وفي لوقا ٦:‏١٧-‏٤٩ على السواء،‏ اظهر يسوع بوضوح تباينا بين صفين:‏ الكتبة والفريسيين وعامة الناس الذين ظلموهم.‏ لقد تكلم عن نوعين من البِر،‏ البِر الريائي الذي للفريسيين والبِر الحقيقي الذي للّٰه.‏ (‏متى ٥:‏٦،‏ ٢٠‏)‏ فالبِر الذاتي الفريسي تأصل في التقاليد الشفهية.‏ وهذه كانت قد ابتدأت في القرن الثاني ق‌م بصفتها «سياجا حول الناموس» لحمايته من غارات الهِلِّينية (‏الحضارة اليونانية)‏.‏ فصارت تُعتبر جزءا من الناموس.‏ وفي الواقع،‏ اعتبر الكتبة ايضا ان التقاليد الشفهية اسمى من الناموس المكتوب.‏ وتقول مِشْناه:‏ «ينطبق التشديد الاعظم على حفظ كلمات الكتبة [تقاليدهم الشفهية] اكثر من حفظ كلمات الناموس المكتوب.‏» وهكذا،‏ عوض الصيرورة «سياجا حول الناموس» لحمايته،‏ اضعفت تقاليدهم الناموس وأبطلته،‏ كما قال يسوع:‏ «رفضتم وصية اللّٰه لتحفظوا تقليدكم.‏» —‏ مرقس ٧:‏٥-‏٩؛‏ متى ١٥:‏١-‏٩‏.‏

      ٥ (‏أ)‏ ماذا كانت حال عامة الناس الذين جاءوا ليسمعوا يسوع،‏ وكيف نظر الكتبة والفريسيون اليهم؟‏ (‏ب)‏ ماذا جعل التقاليد الشفهية حملا ثقيلا جدا على اكتاف العمال؟‏

      ٥ وعامة الناس الذين احتشدوا ليسمعوا يسوع كانوا فقراء روحيا،‏ اذ كانوا «منزعجين ومنطرحين كغنم لا راعي لها.‏» (‏متى ٩:‏٣٦‏)‏ فبعجرفة متغطرسة ازدراهم الكتبة والفريسيون،‏ دعوهم عم هأرِص (‏شعب الارض)‏،‏ واحتقروهم كجهّال،‏ خطاة ملعونين غير جديرين بالقيامة لانهم لا يحفظون التقاليد الشفهية.‏ وبحلول زمن يسوع كانت هذه التقاليد قد صارت كثيرة جدا وتعقيدا مرهِقا الى حد بعيد لمماحكة التمسك بالحرف —‏ مثقَلة جدا بالشعائر الطقسية التي تستهلك الوقت —‏ بحيث انه ما من عامل تمكن من حفظها بأيّ حال.‏ فلا عجب ان يشهِّر يسوع التقاليد بصفتها «احمالا ثقيلة .‏ .‏ .‏ على اكتاف الناس.‏» —‏ متى ٢٣:‏٤؛‏ يوحنا ٧:‏٤٥-‏٤٩ .‏

      ٦ ماذا كان باغتا جدا بشأن اقوال يسوع الافتتاحية،‏ وأي تغيير اشارت اليه بالنسبة الى تلاميذه والى الكتبة والفريسيين؟‏

      ٦ وهكذا عندما جلس يسوع على جانب الجبل فإن اولئك الذين اقتربوا ليسمعوا كانوا تلاميذه والجموع الجائعة روحيا.‏ ولا بد ان هؤلاء وجدوا اقواله الافتتاحية باغتة.‏ ‹سعداء هم الفقراء،‏ سعداء هم الجياع،‏ سعداء هم الباكون،‏ سعداء هم المبغَضون.‏› ولكن مَن يمكن ان يكونوا سعداء وهم فقراء،‏ جياع،‏ باكون،‏ ومبغَضون؟‏ والويلات أُعلنت لاولئك الذين هم اغنياء،‏ مشبَعون،‏ ضاحكون،‏ وممتدَحون!‏ (‏لوقا ٦:‏٢٠-‏٢٦‏)‏ فبمجرد كلمات قليلة عكس يسوع التقييم العادي ومقاييس البشر المقبولة كلها.‏ وكان ذلك انعكاسا مثيرا للاوضاع،‏ انسجاما مع كلمات يسوع اللاحقة:‏ «كل من يرفع نفسه يتضع ومن يضع نفسه يرتفع.‏» —‏ لوقا ١٨:‏٩-‏١٤‏.‏

      ٧ اي تأثير لا بد انه كان لكلمات يسوع الافتتاحية في الجمع الجائع روحيا المستمع الى يسوع؟‏

      ٧ بالتباين مع الكتبة والفريسيين ذوي الاكتفاء الذاتي كان اولئك القادمون الى يسوع في ذلك الصباح الخصوصي يدركون حالتهم الروحية المحزنة.‏ وكلماته الافتتاحية لا بد انها ملأتهم رجاء:‏ «طوبى للمساكين بالروح.‏ لان لهم ملكوت السموات.‏» وكم حلَّقت دون شك روحهم عندما اضاف:‏ «طوبى للجياع والعطاش الى البر.‏ لانهم يُشبَعون»!‏ (‏متى ٥:‏٣،‏ ٦؛‏ يوحنا ٦:‏٣٥؛‏ رؤيا ٧:‏١٦،‏ ١٧‏)‏ يُشبَعون من البِر،‏ نعم،‏ ولكن ليس بسِمة عار فريسية.‏

      لا يكفي ان نكون ‹ابرارا قدام الناس›‏

      ٨ لماذا يتساءل البعض كيف يمكن لبرّهم ان يزيد على الكتبة والفريسيين،‏ ولكن لماذا لا بد من ذلك؟‏

      ٨ «إن لم يزد بركم على الكتبة والفريسيين،‏» قال يسوع،‏ «لن تدخلوا ملكوت السموات.‏» (‏متى ٥:‏١٧-‏٢٠‏؛‏ انظروا مرقس ٢:‏٢٣-‏٢٨؛‏ ٣:‏١-‏٦؛‏ ٧:‏١-‏١٣‏.‏)‏ ولا بد ان البعض فكروا:‏ ‹اكثر برا من الفريسيين؟‏ انهم يصومون ويصلّون ويقدِّمون العشور ويعطون الصدقات ويقضون حياتهم في درس الناموس.‏ فكيف يمكن لبرنا ان يفوق يوما ما برهم؟‏› لكنه لزم ان يزيد.‏ فالفريسيون ربما كان يجري تقديرهم على نحو رفيع من الناس،‏ ولكن ليس من اللّٰه.‏ وفي مناسبة اخرى قال يسوع لهؤلاء الفريسيين:‏ «انتم الذين تبررون انفسكم قدام الناس.‏ ولكن اللّٰه يعرف قلوبكم.‏ إن المستعلي عند الناس هو رجس قدام اللّٰه.‏» —‏ لوقا ١٦:‏١٥‏.‏

      ٩-‏١١ (‏أ)‏ ماذا كانت احدى الطرائق التي بها ظن الكتبة والفريسيون انهم ينالون موقفا بارا امام اللّٰه؟‏ (‏ب)‏ بأية طريقة ثانية توقعوا كسب البِر؟‏ (‏ج)‏ ماذا كانت الطريقة الثالثة التي اعتمدوا عليها،‏ وماذا قال الرسول بولس مما حكم على ذلك بالفشل؟‏

      ٩ كان الربانيون قد اختلقوا قواعدهم الخاصة من اجل كسب البِر.‏ وإحداها كانت استحقاق التحدر من ابرهيم:‏ «تلاميذ ابرهيم ابينا يتمتعون بهذا العالم ويرثون العالم القادم.‏» (‏مِشْناه)‏ وربما لكي يُبطل يوحنا المعمدان هذا التقليد كان انه حذر الفريسيين الذين اتوا اليه:‏ «اصنعوا اثمارا تليق بالتوبة.‏ ولا تفتكروا ان تقولوا في انفسكم لنا ابرهيم ابا [كما لو ان ذلك كان كافيا].‏» —‏ متى ٣:‏٧-‏٩‏؛‏ انظروا ايضا يوحنا ٨:‏٣٣،‏ ٣٩‏.‏

      ١٠ والطريقة الثانية لكسب البِر،‏ قالوا،‏ كانت اعطاء الصدقات.‏ ويعكس سِفران من الاسفار الابوكريفية التي كتبها يهود مخلصون خلال القرن الثاني ق‌م النظرة التقليدية.‏ فتَظهر عبارة في طوبيا:‏ «الصدقة تنجي من الموت وهي تطهر من كل خطيئة.‏» (‏١٢:‏٩،‏ الترجمة الكاثوليكية الجديدة‏)‏ وسفر يشوع بن سراخ (‏الكنسي)‏ يوافق على ذلك:‏ «الماء يطفئ النار الملتهبة والصدقة تكفر الخطايا.‏» —‏ ٣:‏٢٩،‏ الترجمة الكاثوليكية الجديدة.‏

      ١١ والطريقة الثالثة التي بها طلبوا البِر كانت اعمال الناموس.‏ فعلَّمت تقاليدهم الشفهية انه اذا كانت افعال الانسان صالحة في الغالب فانه ينجو.‏ والدينونة هي «بحسب زيادة الاعمال التي تكون إما صالحة او شريرة.‏» (‏مِشْناه)‏ فلكي يتخذوا موقفا مؤاتيا في الدينونة كان اهتمامهم «ان يبلغوا الفضائل التي ترجح على الخطايا.‏» واذا زادت اعمال الانسان الصالحة على الرديئة بعمل واحد،‏ فإنه ينجو —‏ وكأن اللّٰه يدين بحفظ عدد نشاطاتهم الصغيرة!‏ (‏متى ٢٣:‏٢٣،‏ ٢٤‏)‏ واذ قدَّم وجهة النظر الصحيحة،‏ كتب بولس:‏ «بأعمال الناموس كل ذي جسد لا يتبرر امام [اللّٰه].‏» (‏رومية ٣:‏٢٠‏)‏ فبالتأكيد،‏ لا بد ان يزيد بِر المسيحي على الكتبة والفريسيين!‏

      ‏«سمعتم انه قيل»‏

      ١٢ (‏أ)‏ اي تغيير عن طريقته العادية في افتتاح الاشارات الى الاسفار العبرانية صنعه يسوع في موعظته على الجبل،‏ ولماذا؟‏ (‏ب)‏ ماذا نتعلم من الاستعمال السادس للتعبير «قيل»؟‏

      ١٢ عندما اقتبس يسوع سابقا من الاسفار العبرانية قال:‏ «مكتوب.‏» (‏متى ٤:‏٤،‏ ٧،‏ ١٠‏)‏ ولكنه افتتح ست مرات في الموعظة على الجبل ما بدا انه عبارات من الاسفار العبرانية بالكلمة:‏ «قيل.‏» (‏متى ٥:‏٢١،‏ ٢٧،‏ ٣١،‏ ٣٣،‏ ٣٨،‏ ٤٣‏)‏ ولماذا؟‏ لانه كان يشير الى الاسفار المقدسة كما تفسَّر في ضوء التقاليد الفريسية التي تخالف وصايا اللّٰه.‏ (‏تثنية ٤:‏٢؛‏ متى ١٥:‏٣‏)‏ وذلك واضح في اشارة يسوع السادسة والاخيرة في هذه السلسلة:‏ «سمعتم انه قيل تحب قريبك وتبغض عدوك.‏» ولكنْ ما من شريعة موسوية قالت:‏ «تبغض عدوك.‏» ان الكتبة والفريسيين هم الذين قالوا ذلك.‏ فهذا كان تفسيرهم للشريعة أن تحب قريبك —‏ قريبك اليهودي،‏ لا الآخرين.‏

      ١٣ كيف يحذر يسوع حتى من بداية السلوك التي يمكن ان تقود الى القتل الفعلي؟‏

      ١٣ تأملوا الآن في العبارة الاولى من هذه السلسلة المؤلفة من ست عبارات.‏ اعلن يسوع:‏ «قد سمعتم انه قيل للقدماء لا تقتل.‏ ومَن قتل يكون مستوجب الحكم.‏ وأما انا فأقول لكم إن كل مَن يغضب على اخيه باطلا يكون مستوجب الحكم.‏» (‏متى ٥:‏٢١،‏ ٢٢‏)‏ من الممكن ان يقود الغضب في القلب الى الكلام البذيء ومن هناك الى احكام الادانة،‏ وذلك يمكن اخيرا ان يقود الى القيام بالقتل نفسه.‏ فالغضب المطوَّل الذي يتغذى في القلب يمكن ان يكون مميتا:‏ «كل مَن يبغض اخاه فهو قاتل نفس.‏» —‏ ١ يوحنا ٣:‏١٥‏.‏

      ١٤ كيف يعطينا يسوع المشورة ان لا نبتدئ ايضا بالانطلاق في الطريق الذي يقود الى الزنى؟‏

      ١٤ وقال يسوع بعد ذلك:‏ «قد سمعتم انه قيل للقدماء لا تزن.‏ وأما انا فأقول لكم إن كل مَن ينظر الى امرأة ليشتهيها فقد زنى بها في قلبه.‏» (‏متى ٥:‏٢٧،‏ ٢٨‏)‏ لن تقترفوا الزنى؟‏ اذًا،‏ لا تبتدئوا ايضا بالانطلاق في هذا الطريق بالتسلّي بالافكار المتعلقة به.‏ احفظوا قلبكم،‏ حيث يكون لمثل هذه الامور مصدرها.‏ (‏امثال ٤:‏٢٣؛‏ متى ١٥:‏١٨،‏ ١٩‏)‏ ويعقوب ١:‏١٤،‏ ١٥ تحذر:‏ «كل واحد يجرَّب اذا انجذب وانخدع من شهوته.‏ ثم الشهوة اذا حبلت تلد خطية والخطية اذا كملت تنتج موتا.‏» والناس يقولون احيانا:‏ ‹لا تبدأ بما لا يمكنك إنهاؤه.‏› ولكن في هذه الحال يجب ان نقول:‏ ‹لا تبدأ بما لا يمكنك ايقافه.‏› فبعض الذين كانوا امناء حتى عند تهديدهم بالموت امام فرقة اطلاق النار سقطوا في ما بعد في شرك الفساد الادبي الجنسي الماكر.‏

      ١٥ كيف كان موقف يسوع من الطلاق مختلفا تماما عن ذاك الوارد في تقاليد اليهود الشفهية؟‏

      ١٥ نأتي الآن الى عبارة يسوع الثالثة.‏ لقد قال:‏ «وقيل مَن طلق امرأته فليعطها كتاب طلاق.‏ وأما انا فأقول لكم إن مَن طلق امرأته إلا لعلة الزنى يجعلها تزني.‏ ومَن يتزوج مطلقة [اي،‏ مطلقة على اسس غير الفساد الادبي] فإنه يزني.‏» (‏متى ٥:‏٣١،‏ ٣٢‏)‏ لقد عامل بعض اليهود زوجاتهم بغدر وطلقوهن على اضعف الاسس.‏ (‏ملاخي ٢:‏١٣-‏١٦؛‏ متى ١٩:‏٣-‏٩‏)‏ فالتقاليد الشفهية سمحت للرجل بأن يطلق زوجته «حتى اذا افسدت له لونا من الطعام» او «اذا وجد امرأة اخرى اجمل منها.‏» —‏ مِشْناه.‏

      ١٦ اية ممارسة يهودية جعلت الحَلْف دون جدوى،‏ وأي موقف اتخذه يسوع؟‏

      ١٦ وبلغة مماثلة،‏ تابع يسوع:‏ «ايضا سمعتم انه قيل للقدماء لا تحنث .‏ .‏ .‏ وأما انا فأقول لكم لا تحلفوا البتة.‏» في ذلك الوقت كان اليهود يسيئون استعمال القَسَم ويحنثون في امور تافهة.‏ ولكنّ يسوع قال:‏ «لا تحلفوا البتة .‏ .‏ .‏ بل ليكن كلامكم نعم نعم لا لا.‏» فقاعدته كانت بسيطة:‏ كونوا صادقين في كل الاوقات،‏ دون الاضطرار الى ان تضمنوا كلامكم بقَسَم.‏ احفظوا الاقسام من اجل امور اساسية.‏ —‏ متى ٥:‏٣٣-‏٣٧‏؛‏ قارنوا ٢٣:‏١٦-‏٢٢‏.‏

      ١٧ اية طريقة افضل من «عين بعين وسن بسن» علَّمها يسوع؟‏

      ١٧ وقال يسوع بعد ذلك:‏ «سمعتم انه قيل عين بعين وسن بسن.‏ وأما انا فأقول لكم لا تقاوموا الشر.‏ بل مَن لطمك على خدك الايمن فحوِّل له الآخر ايضا.‏» (‏متى ٥:‏٣٨-‏٤٢‏)‏ لا يشير يسوع هنا الى ضربة للأذية بل الى لطمة اهانة بقفا اليد.‏ فلا تحطوا من شأنكم بإهانات المقايضة.‏ ارفضوا ان تجازوا عن شرٍّ بشرٍّ.‏ وعوض ذلك،‏ جازوا بخيرٍ وبالتالي ‹اغلبوا الشر بالخير.‏› —‏ رومية ١٢:‏١٧-‏٢١‏.‏

      ١٨ (‏أ)‏ كيف غيَّر اليهود الشريعة عن محبة قريبكم،‏ ولكنْ كيف ابطل يسوع ذلك؟‏ (‏ب)‏ ماذا كانت اجابة يسوع لناموسي اراد ان يحدِّد تطبيق الكلمة «قريب»؟‏

      ١٨ في مَثَله السادس والاخير اظهر يسوع بوضوح كيف اضعف التقليد الرباني الناموسَ الموسوي:‏ «سمعتم انه قيل تحب قريبك وتبغض عدوك.‏ وأما انا فأقول لكم أحبوا اعداءكم.‏ باركوا لاعنيكم.‏ أحسنوا الى مبغضيكم.‏ وصلّوا لاجل الذين يسيئون اليكم ويطردونكم.‏» (‏متى ٥:‏٤٣،‏ ٤٤‏)‏ لا يرسم الناموس الموسوي حدودا للمحبة:‏ «تحب قريبك كنفسك.‏» (‏لاويين ١٩:‏١٨‏)‏ ان الفريسيين هم الذين توقفوا عند هذه الوصية،‏ ولكي يتخلصوا منها جعلوا التعبير «قريب» يقتصر على اولئك الذين يحفظون التقاليد.‏ وهكذا،‏ عندما ذكَّر يسوع في ما بعد احد الناموسيين بالوصية «تحب .‏ .‏ .‏ قريبك مثل نفسك،‏» اعترض الرجل:‏ «ومَن هو قريبي.‏» فأجاب يسوع بمَثل السامري الصالح —‏ كن قريبا للذي يحتاج اليك.‏ —‏ لوقا ١٠:‏٢٥-‏٣٧‏.‏

      ١٩ اي عمل ليهوه نحو الاشرار نصح يسوع بأن نتَّبعه؟‏

      ١٩ واذ تابع موعظته،‏ اعلن يسوع ان ‹اللّٰه اظهر المحبة للاشرار.‏ فجعل الشمس تشرق والمطر يمطر عليهم.‏ ليس هنالك شيء فوق العادة في محبة اولئك الذين يحبونكم.‏ فالاشرار يفعلون ذلك.‏ وليس هنالك سبب للأجر في ذلك.‏ برهنوا انكم ابناء اللّٰه.‏ تمثلوا به.‏ اجعلوا نفسكم قريبا للجميع وأحبوا قريبكم.‏ وهكذا «كونوا انتم كاملين كما أن اباكم الذي في السموات هو كامل.‏»› (‏متى ٥:‏٤٥-‏٤٨‏)‏ يا له من مقياس تحدٍّ للعيش بموجبه!‏ وكم يُظهر ذلك ان بِر الكتبة والفريسيين ناقص جدا!‏

      ٢٠ عوضا عن وضع الناموس الموسوي جانبا،‏ كيف شدَّد وعظَّم يسوع تأثيره ووضَعه في مستوى ارفع ايضا؟‏

      ٢٠ ولذلك عندما اشار يسوع الى اجزاء من الناموس وأضاف،‏ «وأما انا فأقول لكم،‏» لم يكن يضع الناموس الموسوي جانبا ويجعل شيئا آخَر في مكانه بدلا له.‏ كلا،‏ بل كان يشدِّد ويعظِّم قوته باظهار الروح وراءه.‏ فالناموس الاسمى للاخوَّة يحكم على الضغينة المتواصلة بأنها قتل.‏ الناموس الاسمى للطهارة يدين التفكير الشهواني المتواصل بأنه زنى.‏ الناموس الاسمى للزواج يرفض الطلاق السخيف بصفته مسلكا يقود الى زيجات زنى اخرى.‏ الناموس الاسمى للحق يُظهر ان الاقسام التكرارية غير لازمة.‏ الناموس الاسمى للوداعة يضع الانتقام جانبا.‏ والناموس الاسمى للمحبة يتطلب محبة الهية لا تعرف حدودا.‏

      ٢١ ماذا كشفت نصائح يسوع في ما يتعلق ببِر الربانيين الذاتي،‏ وماذا ايضا كانت الجموع ستتعلم؟‏

      ٢١ يا للتأثير العميق الذي لا بد انه كان لمثل هذه النصائح التي لم يُسمع بها اذ وقعت في آذان سامعيها للمرة الاولى!‏ وكم جعلت البِر الذاتي الريائي الذي يأتي من العبودية للتقاليد الربانية عديم القيمة مطلقا!‏ ولكن،‏ اذ تابع يسوع موعظته على الجبل،‏ كانت الجموع الجائعة والعطشانة الى بِر اللّٰه ستتعلم على نحو خصوصي كيفية نيله،‏ كما تُظهر المقالة التالية.‏

  • داوموا على طلب الملكوت وبر اللّٰه
    برج المراقبة ١٩٩٠ | ١ تشرين الاول (‏اكتوبر)‏
    • داوموا على طلب الملكوت وبر اللّٰه

      ‏«لكن اطلبوا اولا ملكوت اللّٰه وبره وهذه كلها تزاد لكم.‏» —‏ متى ٦:‏٣٣‏.‏

      ١ و ٢ الى ماذا حوَّل الكتبة والفريسيون الاعمال التي هي بحد ذاتها صالحة،‏ وأي تحذير اعطاه يسوع لأتباعه؟‏

      طلب الكتبة والفريسيون البِر بطريقتهم الخاصة،‏ التي لم تكن طريقة اللّٰه.‏ وليس ذلك فحسب،‏ بل عندما كانوا ينجزون اعمالا هي بحد ذاتها صالحة كانوا يحوِّلونها الى انجازات ريائية لكي يراها الناس.‏ فكانوا يخدمون،‏ ليس اللّٰه،‏ بل غرورهم.‏ وحذَّر يسوع تلاميذه من هذا التمثيل قائلا:‏ «احترزوا من ان (‏تمارسوا بِركم)‏ قدام الناس لكي ينظروكم.‏ وإلا فليس لكم اجر عند ابيكم الذي في السموات.‏» —‏ متى ٦:‏١‏.‏

      ٢ يقدِّر يهوه اولئك الذين يعطون الفقراء —‏ ولكن ليس اولئك الذين يعطون كالفريسيين.‏ ويسوع حذَّر تلاميذه من التمثل بهم:‏ «فمتى صنعت صدقة فلا تصوِّت قدامك بالبوق كما يفعل المراؤون في المجامع وفي الازقة لكي يمجَّدوا من الناس.‏ الحق اقول لكم انهم قد استوفوا اجرهم.‏» —‏ متى ٦:‏٢‏.‏

      ٣ (‏أ)‏ بأي طريقة دُفع للكتبة والفريسيين كاملا لقاء عطائهم؟‏ (‏ب)‏ كيف كان موقف يسوع من العطاء مختلفا؟‏

      ٣ ان الكلمة اليونانية التي تقابل «استوفوا» (‏اپيخو‏)‏ كانت تعبيرا يَظهر غالبا في إيصالات العمل.‏ واستعمالها في الموعظة على الجبل يشير الى انهم «نالوا اجرهم،‏» اي «وقَّعوا إيصال اجرهم:‏ حقهم في نيل اجرهم جرى الحصول عليه،‏ تماما كما لو انهم أَعطوا إيصالا لقاءه.‏» (‏القاموس التفسيري لكلمات العهد الجديد،‏ لواضعه و.‏ أ.‏ ڤاين)‏ فكانت العطايا للفقراء تقدَّم علانية في الشوارع.‏ وفي المجامع كانت تُعلَن اسماء المتبرعين.‏ واولئك الذين يقدمون مبالغ كبيرة كان يجري اكرامهم على نحو خصوصي بالجلوس الى جانب الربانيين في اثناء العبادة.‏ فكانوا يعطون لكي يراهم الناس؛‏ والناس يرونهم ويمجدونهم؛‏ لذلك تمكَّنوا من ختم الإيصال لقاء الاجر الذي يأتي من عطائهم «مدفوعا كاملا.‏» وكم كان موقف يسوع مختلفا!‏ أعطِ «في الخفاء.‏ فأبوك الذي يرى في الخفاء هو يجازيك علانية.‏» —‏ متى ٦:‏٣،‏ ٤؛‏ امثال ١٩:‏١٧‏.‏

      الصلوات التي تسرُّ اللّٰه

      ٤ لماذا تسبَّبت صلوات الفريسيين بأن يدعو يسوع هؤلاء الناس مرائين؟‏

      ٤ يقدِّر يهوه الصلوات الموجَّهة اليه —‏ ولكن ليس كما صلَّى الفريسيون.‏ قال يسوع لأتباعه:‏ «متى صلَّيت فلا تكن كالمرائين.‏ فإنهم يحبون ان يصلُّوا قائمين في المجامع وفي زوايا الشوارع لكي يَظهروا للناس.‏ الحق اقول لكم انهم قد استوفوا اجرهم.‏» (‏متى ٦:‏٥‏)‏ كانت للفريسيين صلوات كثيرة تُتلى يوميا،‏ في اوقات محدَّدة،‏ بصرف النظر عن المكان الذي يكونون فيه.‏ ونظريا،‏ كان يجب ان يقدِّموها على انفراد.‏ وعلى الرغم من ذلك،‏ دبَّروا عمدا ان يكونوا «في زوايا الشوارع،‏» ظاهرين للناس المارّين في الاتجاهات الاربعة،‏ عندما تأتي ساعة الصلاة.‏

      ٥ (‏أ)‏ اية ممارسات اضافية جعلت صلوات الفريسيين تمضي دون ان يسمعها اللّٰه؟‏ (‏ب)‏ اية امور وضعها يسوع اولا في صلاته النموذجية،‏ وهل الناس اليوم على انسجام مع ذلك؟‏

      ٥ وفي عرض للقداسة الباطلة كانوا «لعلة يطيلون الصلوات.‏» (‏لوقا ٢٠:‏٤٧‏)‏ قال احد التقاليد الشفهية:‏ «اناس التقوى القدماء اعتادوا ان ينتظروا ساعة قبل قول تِفيلاّه [الصلاة].‏» (‏مِشْناه)‏ وبحلول ذلك الوقت لا بد ان كل شخص كان يرى تقواهم ويتعجب منها!‏ لم تصل مثل هذه الصلوات الى اعلى من رؤوسهم.‏ فيسوع قال ان نصلّي على انفراد،‏ دون تكرار باطل،‏ وأعطاهم نموذجا بسيطا.‏ (‏متى ٦:‏٦-‏٨؛‏ يوحنا ١٤:‏٦،‏ ١٤؛‏ ١ بطرس ٣:‏١٢‏)‏ وصلاة يسوع النموذجية وضعت الامور الاولى اولا:‏ «ابانا الذي في السموات.‏ ليتقدس اسمك.‏ ليأت ملكوتك.‏ لتكن مشيئتك.‏» (‏متى ٦:‏٩-‏١٣‏)‏ قليلون من الناس اليوم يعرفون اسم اللّٰه،‏ وأقل بالحري يرغبون في تقديسه.‏ انهم بذلك يجعلونه الها دون اسم.‏ ليأت ملكوت اللّٰه؟‏ يعتقد كثيرون انه هنا،‏ في داخلهم.‏ وقد يصلّون من اجل فعل مشيئته،‏ إلا ان معظمهم يفعلون مشيئتهم الخاصة.‏ —‏ امثال ١٤:‏١٢‏.‏

      ٦ لماذا دان يسوع الاصوام اليهودية بصفتها دون مغزى؟‏

      ٦ والصوم مقبول عند يهوه —‏ ولكن ليس كما قام به الفريسيون.‏ فكما مع تصدُّق وصلاة الكتبة والفريسيين،‏ رفض يسوع ايضا صومهم بصفته دون مغزى:‏ «ومتى صمتم فلا تكونوا عابسين كالمرائين.‏ فإنهم يغيِّرون وجوههم لكي يظهروا للناس صائمين.‏ الحق اقول لكم انهم قد استوفوا اجرهم.‏» (‏متى ٦:‏١٦‏)‏ فتقاليدهم الشفهية اشارت الى ان الفريسيين في اثناء الاصوام ما كانوا ليغتسلوا ولا ليدَّهنوا بل كانوا ينثرون الرماد على رؤوسهم.‏ وحين لا يكونون صائمين،‏ كان اليهود قانونيا يغتسلون ويدهنون اجسادهم بالزيت.‏

      ٧ (‏أ)‏ كيف لزم ان يسلك أتباع يسوع عندما يصومون؟‏ (‏ب)‏ في ما يتعلق بالصوم،‏ ماذا اراد يهوه في يوم اشعياء؟‏

      ٧ وعن الصوم قال يسوع لأتباعه:‏ «ادهن رأسك واغسل وجهك.‏ لكي لا تَظهر للناس صائما بل لأبيك.‏» (‏متى ٦:‏١٧،‏ ١٨‏)‏ وفي يوم اشعياء وجد اليهود المرتدّون مسرَّة في صومهم،‏ اذ ذلَّلوا انفسهم،‏ حنوا رؤوسهم،‏ وجلسوا على المِسْح والرماد.‏ ولكنّ يهوه اراد ان يحرِّروا المظلومين،‏ يطعموا الجائعين،‏ يأووا التائهين،‏ ويكسوا العراة.‏ —‏ اشعياء ٥٨:‏٣-‏٧‏.‏

      اكنزوا كنزا سماويا

      ٨ ماذا جعل الكتبةَ والفريسيين لا يتمكنون من رؤية كيفية نيل رضى اللّٰه،‏ وأي مبدإ،‏ اوضحه بولس في ما بعد،‏ تغاضوا عنه؟‏

      ٨ في سعيهم وراء البِر لم يتمكن الكتبة والفريسيون من رؤية كيفية نيل رضى اللّٰه وركَّزوا على إعجاب الناس.‏ فصاروا مهتمين جدا بتقاليد الناس بحيث وضعوا جانبا كلمة اللّٰه المكتوبة.‏ وجعلوا قلوبهم على المركز الارضي بدلا من الكنز السماوي.‏ وتجاهلوا حقيقة بسيطة كتبها بعد سنوات فريسي صار مسيحيا:‏ «وكل ما فعلتم فاعملوا من القلب كما للرب ليس للناس عالمين انكم من الرب ستأخذون جزاء الميراث.‏» —‏ كولوسي ٣:‏٢٣،‏ ٢٤‏.‏

      ٩ اي أخطار يمكن ان تهدِّد الكنز الارضي،‏ ولكن ماذا يبقي الكنز الحقيقي آمنا؟‏

      ٩ يهتم يهوه بتعبُّدكم له،‏ لا بحسابكم المصرفي.‏ ويعرف ان قلبكم يكون حيث يكون كنزكم.‏ فهل يمكن ان يُفسد الصدأ والسوس كنزكم؟‏ وهل يمكن ان ينقب السارقون في جدران الطين ويسرقونه؟‏ او في هذه الازمنة العصرية لعدم الاستقرار الاقتصادي،‏ هل يمكن ان يجعل التضخم المالي قوته الشرائية تتضاءل او هل يمكن ان يبيده انهيار سوق الاوراق المالية؟‏ وهل تتسبَّب نسبة الجريمة المرتفعة بسرقة كنزكم؟‏ ليس اذا كان مكنوزا في السماء.‏ وليس اذا كانت عينكم —‏ السراج الذي يضيء جسدكم كله —‏ بسيطة،‏ مركَّزة في ملكوت اللّٰه وبره.‏ فالاموال لها طريقة للاختفاء.‏ «لا تتعب لكي تصير غنيا.‏ كُفَّ عن فطنتك.‏ هل تُطيِّر عينيك نحوه وليس هو.‏ لأنه انما يصنع لنفسه اجنحة.‏ كالنسر يطير نحو السماء.‏» (‏امثال ٢٣:‏٤،‏ ٥‏)‏ فلماذا الأَرَق بسبب الغنى؟‏ «وفر الغني لا يريحه حتى ينام.‏» (‏جامعة ٥:‏١٢‏)‏ واذكروا تحذير يسوع:‏ «لا تقدرون ان تخدموا اللّٰه والمال.‏» —‏ متى ٦:‏١٩-‏٢٤‏.‏

      الايمان الذي يبدِّد القلق

      ١٠ لماذا من المهم جدا ان يكون ايمانكم باللّٰه بدلا من الممتلكات المادية،‏ وأي مشورة اعطاها يسوع؟‏

      ١٠ يريد يهوه ان يكون ايمانكم به،‏ لا بالممتلكات المادية.‏ «بدون ايمان لا يمكن ارضاؤه لأنه يجب ان الذي يأتي الى اللّٰه يؤمن بأنه موجود وأنه يجازي الذين يطلبونه.‏» (‏عبرانيين ١١:‏٦‏)‏ وقال يسوع:‏ «متى كان لأحد كثير فليست حياته من امواله.‏» (‏لوقا ١٢:‏١٥‏)‏ فالملايين في البنك لا تجعل الرئتين السقيمتين تواظبان على العمل او القلب المتعَب يواظب على النَبْض.‏ «لذلك اقول لكم،‏» تابع يسوع في موعظته على الجبل:‏ «لا تهتموا لحياتكم بما تأكلون وبما تشربون.‏ ولا لاجسادكم بما تلبسون.‏ أليست الحياة افضل من الطعام والجسد افضل من اللباس.‏» —‏ متى ٦:‏٢٥‏.‏

      ١١ اين وجد يسوع الكثير من امثاله،‏ وكيف يَظهر ذلك في الموعظة على الجبل؟‏

      ١١ كان يسوع يتقن الامثال الشفهية.‏ لقد فكَّر فيها حيثما تطلَّع.‏ فرأى امرأة تضع سراجا على المنارة وحوَّل ذلك الى مثَل.‏ ورأى راعيا يفرز الخراف من الجداء؛‏ فصار ذلك مثَلا.‏ ورأى اولادا يلعبون في السوق؛‏ فصار ذلك مثَلا.‏ هكذا كانت الحال في الموعظة على الجبل.‏ فاذ تكلم عن القلق بشأن الحاجات الجسدية،‏ رأى مثَلين في الطيور المتنقلة والزنابق الكاسية لجوانب التلال.‏ هل تزرع الطيور وتحصد؟‏ لا.‏ وهل تغزل الزنابق وتحبك؟‏ لا.‏ فاللّٰه صنعها؛‏ وهو يعتني بها.‏ لكنكم افضل من الطيور والزنابق.‏ (‏متى ٦:‏٢٦،‏ ٢٨-‏٣٠‏)‏ لقد بذل ابنه من اجلكم،‏ وليس من اجلها.‏ —‏ يوحنا ٣:‏١٦‏.‏

      ١٢ (‏أ)‏ هل عنى المثَلان عن الطيور والازهار ان تلاميذ يسوع لا يلزم ان يعملوا؟‏ (‏ب)‏ اية مسألة كان يسوع يثبتها في ما يتعلق بالعمل والايمان؟‏

      ١٢ لم يكن يسوع هنا يقول لأتباعه انه لا يلزم ان يعملوا لتغذية وكسو انفسهم.‏ (‏انظروا جامعة ٢:‏٢٤؛‏ افسس ٤:‏٢٨؛‏ ٢ تسالونيكي ٣:‏١٠-‏١٢‏.‏)‏ ففي صباح الربيع هذا،‏ كانت الطيور مشغولة اذ تجمع الطعام،‏ تتودَّد،‏ تبني الاعشاش،‏ تجلس على البيض،‏ وتُطعم صغارها.‏ كانت تعمل ولكن دون ان تقلق.‏ والازهار كانت ايضا مشغولة اذ تدفع جذورها في التربة بحثا عن الماء والمعادن وترسل اوراقها بالغةً نور الشمس.‏ فكان يلزم ان يكتمل نموها وتزهر وترمي بزورها قبل ان تموت.‏ كانت تعمل ولكن دون ان تقلق.‏ فاللّٰه يصنع تدبيرا للطيور والزنابق.‏ ‹أفليس بالحري جدا يصنع تدبيرا لكم انتم يا قليلي الايمان؟‏› —‏ متى ٦:‏٣٠‏.‏

      ١٣ (‏أ)‏ لماذا كان مناسبا ان يستعمل يسوع مقياس الذراع عند التكلم عن زيادة مدة حياة المرء؟‏ (‏ب)‏ كيف يمكن ان تطيلوا حياتكم ملايين لا نهاية لها من الاميال،‏ اذا جاز التعبير؟‏

      ١٣ فليكن لكم ايمان.‏ لا تقلقوا.‏ فالقلق لا يغيِّر شيئا.‏ «ومَن منكم اذا اهتم،‏» سأل يسوع،‏ «يقدر ان يزيد على (‏مدة حياته)‏ ذراعا واحدة.‏» (‏متى ٦:‏٢٧‏)‏ ولكن لماذا يربط يسوع مقياس المسافة الطبيعي،‏ الذراع،‏ بمقياس الزمن في مدة الحياة؟‏ ربما لان الكتاب المقدس يشبِّه تكرارا مدة حياة البشر برحلة،‏ مستعملا عبارات مثل «طريق الخطاة،‏» «سبيل الصديقين،‏» ‹طريق رحب الى الهلاك،‏› و ‹طريق ضيِّق الى الحياة.‏› (‏مزمور ١:‏١؛‏ امثال ٤:‏١٨؛‏ متى ٧:‏١٣،‏ ١٤‏)‏ فالقلق بشأن الحاجات اليومية لا يمكن ان يطيل حياة المرء حتى جزءا ضئيلا،‏ «ذراعا واحدة،‏» اذا جاز القول.‏ ولكنْ هنالك طريقة لإطالة حياتكم ملايين لا نهاية لها من الاميال،‏ اذا جاز التعبير.‏ ليس بالقلق والقول:‏ «ماذا نأكل،‏» او «ماذا نشرب،‏» او «ماذا نلبس،‏» بل بامتلاك الايمان وفعل ما يقول يسوع ان نفعله:‏ «لكن اطلبوا اولا ملكوت اللّٰه وبره وهذه كلها تزاد لكم.‏» —‏ متى ٦:‏٣١-‏٣٣‏.‏

      بلوغ ملكوت اللّٰه وبره

      ١٤ (‏أ)‏ ما هو محور الموعظة على الجبل؟‏ (‏ب)‏ بأية طريقة خاطئة طلب الكتبة والفريسيون الملكوت والبر؟‏

      ١٤ في عبارته الافتتاحية لموعظته على الجبل تكلم يسوع عن ملكوت السموات بأنه لاولئك الشاعرين بحاجتهم الروحية.‏ وفي عبارته الرابعة قال ان الجياع والعطاش الى البر سيُشبَعون.‏ وهنا يضع يسوع الملكوت وبر يهوه كليهما في المكان الاول.‏ فهما محور الموعظة على الجبل.‏ وهما استجابة لحاجات كل الجنس البشري.‏ ولكن بأية وسيلة يصير ممكنا بلوغ ملكوت اللّٰه وبر اللّٰه؟‏ وكيف نستمر في طلبهما؟‏ ليس بالطريقة التي قام بها الكتبة والفريسيون.‏ فقد طلبوا الملكوت والبر بواسطة الناموس الموسوي،‏ الذي ادَّعوا انه يشمل التقاليد الشفهية،‏ لانهم كانوا يؤمنون بأن الناموس المكتوب والتقاليد الشفهية على السواء اعطاها اللّٰه لموسى في جبل سيناء.‏

      ١٥ (‏أ)‏ بحسب اليهود،‏ متى نشأت تقاليدهم الشفهية،‏ وكيف رفَّعوها فوق الناموس الموسوي المكتوب؟‏ (‏ب)‏ متى بدأت هذه التقاليد حقا،‏ وبأي تأثير في الناموس الموسوي؟‏

      ١٥ وتقليدهم المتعلق بذلك قال:‏ «نال موسى الناموس [الحاشية،‏ «‹الناموس الشفهي›»] من سيناء وسلَّمه الى يشوع،‏ ويشوع الى الشيوخ،‏ والشيوخ الى الانبياء؛‏ والانبياء سلَّموه الى رجال المجمع الكبير.‏» وعلى مر الوقت رُفِّع ناموسهم الشفهي حتى فوق الناموس المكتوب:‏ «[اذا] تعدى كلمات الناموس [المكتوب]،‏ لا يكون ملوما،‏» ولكن اذا «زاد على كلمات الكتبة [التقاليد الشفهية]،‏ يكون ملوما.‏» (‏مِشْناه)‏ ان تقاليدهم الشفهية لم تبدأ في سيناء.‏ وفي الواقع،‏ بدأت تتراكم بسرعة قبل المسيح بنحو قرنين.‏ فزادوا على الناموس الموسوي المكتوب،‏ انقصوا منه،‏ وأبطلوه.‏ —‏ قارنوا تثنية ٤:‏٢؛‏ ١٢:‏٣٢‏.‏

      ١٦ كيف يأتي بر اللّٰه الى الجنس البشري؟‏

      ١٦ ان بر اللّٰه يأتي ليس بواسطة الناموس بل بدونه:‏ «لأنه بأعمال الناموس كل ذي جسد لا يتبرر امامه.‏ لأنّ بالناموس معرفة الخطية.‏ وأما الآن فقد ظهر بر اللّٰه بدون الناموس مشهودا له من الناموس والانبياء.‏ بر اللّٰه بالايمان بيسوع المسيح.‏» (‏رومية ٣:‏٢٠-‏٢٢‏)‏ وهكذا فان بر اللّٰه يأتي بالايمان بالمسيح يسوع —‏ وذلك كان «مشهودا له من الناموس والانبياء» بوفرة.‏ فالنبوات المسيّانية تمت بيسوع.‏ وهو ايضا تمَّم الناموس؛‏ وجرت ازالته بتسميره بخشبة آلامه.‏ —‏ لوقا ٢٤:‏٢٥-‏٢٧،‏ ٤٤-‏٤٦؛‏ كولوسي ٢:‏١٣،‏ ١٤؛‏ عبرانيين ١٠:‏١‏.‏

      ١٧ بحسب الرسول بولس،‏ كيف كان اليهود يجهلون بر اللّٰه؟‏

      ١٧ ولذلك كتب الرسول بولس عن فشل اليهود في طلب البر:‏ «لأني اشهد لهم ان لهم غيرة للّٰه ولكن ليس حسب المعرفة.‏ لأنهم اذ كانوا يجهلون بر اللّٰه ويطلبون ان يثبتوا بر انفسهم لم يُخضَعوا لبر اللّٰه.‏ لأن غاية الناموس هي المسيح للبر لكل من يؤمن.‏» (‏رومية ١٠:‏٢-‏٤‏)‏ وكتب بولس ايضا عن المسيح يسوع:‏ «لانه جعل الذي لم يعرف خطيةً خطيةً لاجلنا لنصير نحن بر اللّٰه فيه.‏» —‏ ٢ كورنثوس ٥:‏٢١‏.‏

      ١٨ كيف اعتُبر ‹المسيح المصلوب› من التقليديين اليهود،‏ الفلاسفة اليونان،‏ و «المدعوين»؟‏

      ١٨ واليهود اعتبروا المسيّا الذي يوشك ان يموت انه ضعف.‏ والفلاسفة اليونان سخروا من مسيّا كهذا بصفته جهالة.‏ وعلى الرغم من ذلك،‏ فالامر هو كما صرَّح بولس:‏ «ان اليهود يسألون آية واليونانيين يطلبون حكمة.‏ ولكننا نحن نكرز بالمسيح مصلوبا لليهود عثرة ولليونانيين جهالة.‏ وأما للمدعوين يهودا ويونانيين فبالمسيح قوة اللّٰه وحكمة اللّٰه.‏ لان جهالة اللّٰه احكم من الناس.‏ وضعف اللّٰه اقوى من الناس.‏» (‏١ كورنثوس ١:‏٢٢-‏٢٥‏)‏ فالمسيح يسوع هو ظهور قوة اللّٰه وحكمته وهو وسيلة اللّٰه للبر والحياة الابدية من اجل البشر الطائعين.‏ «ليس بأحد غيره الخلاص.‏ لأنْ ليس اسم آخر تحت السماء قد أُعطي بين الناس به ينبغي ان نخلص.‏» —‏ اعمال ٤:‏١٢‏.‏

      ١٩ ماذا ستُظهر المقالة التالية؟‏

      ١٩ ستُظهر المقالة التالية انه اذا اردنا النجاة من الهلاك وبلوغ الحياة الابدية فلا بد ان نداوم على طلب ملكوت اللّٰه وبره.‏ وذلك لا بد من القيام به ليس فقط بسماع اقوال يسوع بل ايضا بالعمل بها.‏

  • كونوا عاملين بالكلمة،‏ لا سامعين فقط
    برج المراقبة ١٩٩٠ | ١ تشرين الاول (‏اكتوبر)‏
    • كونوا عاملين بالكلمة،‏ لا سامعين فقط

      ‏«ليس كل من يقول لي يا رب يا رب يدخل ملكوت السموات.‏ بل الذي يفعل ارادة ابي الذي في السموات.‏» —‏ متى ٧:‏٢١‏.‏

      ١ ماذا يجب ان يستمرّ أتباع يسوع في فعله؟‏

      داوموا على السؤال.‏ داوموا على الطلب.‏ داوموا على القرع.‏ واظبوا على الصلاة،‏ الدرس،‏ والعمل بأقوال يسوع المسجلة في الموعظة على الجبل.‏ ويقول يسوع لأتباعه انهم ملح الارض،‏ برسالة حافظة مُصْلَحة بملح لا يجب ان يدَعوه يصير تَفِها،‏ فاقدا طَعْمه او قوته الحافظة.‏ وهم نور العالم،‏ اذ يعكسون النور من المسيح يسوع ويهوه اللّٰه ليس فقط بما يقولونه بل ايضا بما يفعلونه.‏ فأعمالهم الصالحة تضيء ككلماتهم المُنيرة —‏ وقد تتكلم حتى بصوت اعلى في عالم اعتاد الرياء الفريسي للقادة الدينيين والسياسيين على السواء،‏ الذين يقولون الكثير ويفعلون القليل.‏ —‏ متى ٥:‏١٣-‏١٦‏.‏

      ٢ اي نصح يقدمه يعقوب،‏ ولكن اي موقف مريح يتبناه البعض على نحو خاطئ؟‏

      ٢ ينصح يعقوب:‏ «كونوا عاملين بالكلمة لا سامعين فقط خادعين نفوسكم (‏بالتفكير الباطل)‏.‏» (‏يعقوب ١:‏٢٢‏)‏ ويخدع كثيرون انفسهم بمبدإ ‹الخالص مرة خالص على الدوام،‏› كما لو انه يمكنهم الآن ان يتقاعدوا وينتظروا الأجر السماوي المزعوم.‏ انه مبدأ باطل ورجاء فارغ.‏ «الذي يصبر الى المنتهى،‏» قال يسوع،‏ «فهذا يخلص.‏» (‏متى ٢٤:‏١٣‏)‏ فلكي تنالوا الحياة الابدية لا بد ان ‹تكونوا امناء الى الموت.‏› —‏ رؤيا ٢:‏١٠؛‏ عبرانيين ٦:‏٤-‏٦؛‏ ١٠:‏٢٦،‏ ٢٧‏.‏

      ٣ اي ارشاد بشأن الادانة يعطيه يسوع بعد ذلك في الموعظة على الجبل؟‏

      ٣ واذ تابع يسوع موعظته على الجبل،‏ تراكم المزيد من الاقوال التي لا بد ان يجاهد المسيحيون ليتَّبعوها.‏ وهنا واحد يبدو بسيطا،‏ ولكنه يدين احد اصعب الميول التي يجب التخلص منها:‏ «لا تدينوا لكي لا تدانوا.‏ لأنكم بالدينونة التي بها تدينون تدانون.‏ وبالكيل الذي به تكيلون يكال لكم.‏ ولماذا تنظر القذى الذي في عين اخيك.‏ وأما الخشبة التي في عينك فلا تفطن لها.‏ أم كيف تقول لأخيك دعني اخرج القذى من عينك وها الخشبة في عينك.‏ يا مرائي أَخرِج اولا الخشبة من عينك.‏ وحينئذ تبصر جيدا ان تخرج القذى من عين اخيك.‏» —‏ متى ٧:‏١-‏٥ .‏

      ٤ اي ارشاد اضافي تقدمه رواية لوقا،‏ والى ماذا يؤدي تطبيقه؟‏

      ٤ في رواية لوقا عن الموعظة على الجبل،‏ قال يسوع لسامعيه ان لا يجدوا العيب في الآخرين.‏ وبالأحرى،‏ ‹فليسامحوا› اي يغفروا نقائص رفيقهم الانسان.‏ وهذا كان سيجعل الآخرين يتجاوبون بالمِثل،‏ كما قال يسوع:‏ «أَعطوا تعطوا.‏ كيلا جيدا ملبَّدا مهزوزا فائضا يعطون في احضانكم.‏ لأنه بنفس الكيل الذي به تكيلون يكال لكم.‏» —‏ لوقا ٦:‏٣٧،‏ ٣٨‏.‏

      ٥ لماذا من السهل رؤية العيوب في الآخرين اكثر بكثير من تلك التي فينا؟‏

      ٥ خلال القرن الاول ب‌م،‏ بسبب التقاليد الشفهية،‏ كان الفريسيون عموما يميلون الى ادانة الآخرين بقساوة.‏ وكلٌ من سامعي يسوع الذين اعتادوا فعل ذلك كان يجب ان يوقفوه.‏ فمن السهل رؤية الأقذاء في عيون الآخرين اكثر بكثير من الخشب في عيوننا —‏ ومن المطمئن اكثر بكثير لذاتنا!‏ وكما قال احد الرجال،‏ «احب نقد الآخرين لان ذلك يجعلني اشعر انني افضل حالا بكثير!‏» ان شَيْن الآخرين على نحو متكرر يمكن ان يمنحنا مشاعر الفضيلة التي يبدو انها تعوِّض عن عيوبنا التي نريد ان نخفيها.‏ ولكن اذا كان التقويم لازما يجب منحه بروح الوداعة.‏ والذي يمنح التقويم يجب ان يكون مدركا على الدوام نقائصه الخاصة.‏ —‏ غلاطية ٦:‏١‏.‏

      قبل ان تدينوا حاولوا ان تفهموا

      ٦ على اي اساس يجب ان نصنع دينونتنا عندما يكون ذلك لازما،‏ وأية مساعدة يجب ان نطلبها لئلا نكون انتقاديين على نحو مفرط؟‏

      ٦ لم يأت يسوع ليدين العالم بل ليخلصه.‏ وكل دينونة صنعها لم تكن دينونته بل كانت مؤسسة على الكلمات التي اعطاه اياها اللّٰه ليتكلم بها.‏ (‏يوحنا ١٢:‏٤٧-‏٥٠‏)‏ وكل دينونة نصنعها نحن يجب ان تكون ايضا على انسجام مع كلمة يهوه.‏ فيجب ان نخمد الميل البشري الى الصيرورة ديّانين.‏ وفي فعلنا ذلك،‏ يجب ان نصلّي باستمرار من اجل مساعدة يهوه:‏ «اسألوا تعطوا.‏ اطلبوا تجدوا.‏ اقرعوا يُفتح لكم.‏ لأن كل مَن يسأل يأخذ.‏ ومَن يطلب يجد.‏ ومَن يقرع يُفتح له.‏» (‏متى ٧:‏٧،‏ ٨‏)‏ ويسوع ايضا قال:‏ «انا لا اقدر ان افعل من نفسي شيئا.‏ كما اسمع ادين ودينونتي عادلة لأني لا اطلب مشيئتي بل مشيئة الآب الذي ارسلني.‏» —‏ يوحنا ٥:‏٣٠‏.‏

      ٧ اية عادة يجب ان ننميها تساعدنا في تطبيق القاعدة الذهبية؟‏

      ٧ لا يجب ان ننمي عادة ادانة الناس بل عادة محاولة فهمهم بوضع انفسنا مكانهم —‏ ليس امرا يسهل فعله ولكنه ضروري اذا اردنا ان نلتزم القاعدة الذهبية،‏ التي نادى بها يسوع بعد ذلك:‏ «فكل ما تريدون ان يفعل الناس بكم افعلوا هكذا انتم ايضا بهم.‏ لان هذا هو الناموس والانبياء.‏» (‏متى ٧:‏١٢‏)‏ لذلك يجب على أتباع يسوع ان يكونوا حساسين ويميزوا حالة الآخرين الذهنية،‏ العاطفية،‏ والروحية.‏ ويجب ان يدركوا ويفهموا حاجات الآخرين ويهتموا اهتماما شخصيا بمساعدتهم.‏ (‏فيلبي ٢:‏٢-‏٤‏)‏ وبعد سنوات كتب بولس:‏ «لان كل الناموس في كلمة واحدة يُكمَل.‏ تحب قريبك كنفسك.‏» —‏ غلاطية ٥:‏١٤‏.‏

      ٨ اي طريقين ناقشهما يسوع،‏ ولماذا تختار اغلبية الناس احدهما؟‏

      ٨ «ادخلوا من الباب الضيق،‏» قال يسوع بعد ذلك،‏ «لانه واسع الباب ورحب الطريق الذي يؤدي الى الهلاك.‏ وكثيرون هم الذين يدخلون منه.‏ ما اضيق الباب واكرب الطريق الذي يؤدي الى الحياة.‏ وقليلون هم الذين يجدونه.‏» (‏متى ٧:‏١٣،‏ ١٤‏)‏ كثيرون في تلك الايام اختاروا الطريق الى الهلاك وكثيرون لا يزالون يفعلون ذلك.‏ فالطريق الواسع يسمح للناس بأن يفكروا كما يريدون ويعيشوا كما يريدون:‏ لا قواعد هنالك ولا التزامات،‏ مجرد نمط حياة متهاون،‏ كل شيء سهل.‏ ولا شيء من هذا،‏ «اجتهدوا ان تدخلوا من الباب الضيق،‏» هو لهم!‏ —‏ لوقا ١٣:‏٢٤‏.‏

      ٩ ماذا يلزم للسلوك في الطريق الضيق،‏ وأي تحذير يعطيه يسوع للسالكين فيه؟‏

      ٩ ولكنّ الطريق الضيق هو الذي ينفتح على الطريق الى الحياة الابدية.‏ وهو مسلك يتطلب ضبط النفس.‏ وقد يستلزم ذلك التأديب الذي يسبر دوافعكم ويمتحن قوة انتذاركم.‏ وعندما تأتي الاضطهادات يصير الطريق وعرا ويتطلب الاحتمال.‏ ويسوع يحذِّر اولئك الذين يسلكون في هذا الطريق:‏ «احترزوا من الانبياء الكذبة الذين يأتونكم بثياب الحملان ولكنهم من داخل ذئاب خاطفة.‏» (‏متى ٧:‏١٥‏)‏ لاءم هذا الوصف الفريسيين تماما.‏ (‏متى ٢٣:‏٢٧،‏ ٢٨‏)‏ فقد ‹جلسوا على كرسي موسى،‏› اذ ادَّعوا التكلم عن اللّٰه فيما اتَّبعوا تقاليد الناس.‏ —‏ متى ٢٣:‏٢‏.‏

      كيف ‹يغلق الفريسيون الملكوت›‏

      ١٠ بأية طريقة خصوصية سعى الكتبة والفريسيون الى ‹اغلاق الملكوت قدام الناس›؟‏

      ١٠ وعلاوة على ذلك،‏ سعى رجال الدين اليهود الى اعاقة اولئك الساعين الى الدخول من الباب الضيق.‏ «ويل لكم ايها الكتبة والفريسيون المراؤون لانكم تغلقون ملكوت السموات قدام الناس فلا تدخلون انتم ولا تدعون الداخلين يدخلون.‏» (‏متى ٢٣:‏١٣‏)‏ وأسلوب الفريسيين كان تماما كما حذَّر يسوع.‏ كانوا ‹سيُخرجون اسم تلاميذه كشرير من اجل ابن الانسان.‏› (‏لوقا ٦:‏٢٢‏)‏ فلأن الانسان الذي وُلد اعمى وشفاه المسيح آمن بأن يسوع هو المسيّا اخرجوه من المجمع.‏ وأبواه ما كانا ليجيبا عن الاسئلة لانهما خافا من إخراجهما من المجمع.‏ وللسبب نفسه تردَّد آخرون آمنوا بأن يسوع هو المسيّا في الاعتراف بذلك علانية.‏ —‏ يوحنا ٩:‏٢٢،‏ ٣٤؛‏ ١٢:‏٤٢؛‏ ١٦:‏٢‏.‏

      ١١ اية ثمار تثبت الهوية يصنعها رجال دين العالم المسيحي؟‏

      ١١ «من ثمارهم تعرفونهم،‏» قال يسوع.‏ «كل شجرة جيدة تصنع اثمارا جيدة.‏ وأما الشجرة الردية فتصنع اثمارا ردية.‏» (‏متى ٧:‏١٦-‏٢٠‏)‏ والقاعدة نفسها تنطبق اليوم.‏ فالكثير من رجال دين العالم المسيحي يقولون شيئا ويفعلون آخَر.‏ وعلى الرغم من الادعاء انهم يعلِّمون الكتاب المقدس،‏ فهم يؤيدون تجاديف كالثالوث ونار الهاوية.‏ وآخرون ينكرون الفدية،‏ يعلِّمون التطور عوضا عن الخلق،‏ ويعلنون علم النفس الشعبي ليدغدغوا الآذان.‏ وكالفريسيين فان كثيرين من رجال الدين اليوم محبون للمال،‏ اذ يستلبون رعاياهم ملايين الدولارات.‏ (‏لوقا ١٦:‏١٤‏)‏ وكلهم يصرخون،‏ «يا رب يا رب،‏» ولكنّ تجاوب يسوع معهم هو:‏ «اني لم اعرفكم قط.‏ اذهبوا عني يا فاعلي الاثم.‏» —‏ متى ٧:‏٢١-‏٢٣‏.‏

      ١٢ لماذا بعض الذين كانوا في ما مضى يسلكون في الطريق الضيق توقفوا عن ذلك،‏ وبأية نتيجة؟‏

      ١٢ واليوم،‏ ان بعض الذين كانوا في ما مضى يسلكون في الطريق الضيق توقفوا عن ذلك.‏ فهم يقولون انهم يحبون يهوه،‏ لكنهم لا يطيعون وصيته بالكرازة.‏ ويقولون انهم يحبون يسوع،‏ لكنهم لا يرعون غنمه.‏ (‏متى ٢٤:‏١٤؛‏ ٢٨:‏١٩،‏ ٢٠؛‏ يوحنا ٢١:‏١٥-‏١٧؛‏ ١ يوحنا ٥:‏٣‏)‏ وهم لا يرغبون في ان يكونوا تحت نير مع اولئك السالكين في خطوات يسوع.‏ لقد وجدوا الطريق الضيق ضيقا جدا.‏ وسئموا فعل الخير،‏ لذلك «منا خرجوا لكنهم لم يكونوا منا لأنهم لو كانوا منا لبقوا معنا.‏» (‏١ يوحنا ٢:‏١٩‏)‏ فعادوا الى الظلام و «ما اشد هذا الظلام!‏» (‏متى ٦:‏٢٣‏،‏ ع‌ج)‏ وتجاهلوا التماس يوحنا:‏ «يا اولادي لا نحب بالكلام ولا باللسان بل بالعمل والحق.‏» —‏ ١ يوحنا ٣:‏١٨‏.‏

      ١٣ و ١٤ اي مثَل اعطاه يسوع عن تطبيق اقواله في حياتنا،‏ ولماذا كان ملائما جدا للذين في فلسطين؟‏

      ١٣ واختتم يسوع موعظته على الجبل بمثَل مثير:‏ «كل مَن يسمع اقوالي هذه ويعمل بها اشبِّهه برجل عاقل بنى بيته على الصخر.‏ فنزل المطر وجاءت الانهار وهبت الرياح ووقعت على ذلك البيت فلم يسقط.‏ لانه كان مؤسسا على الصخر.‏» —‏ متى ٧:‏٢٤،‏ ٢٥‏.‏

      ١٤ في فلسطين كان يمكن للامطار الغزيرة ان تقذف المياه المتدفقة الى الاودية الجافة في فيضانات مفاجئة مدمِّرة.‏ فاذا كانت البيوت ستبقى قائمة كانت تتطلب اساسات على صخر صلب.‏ ورواية لوقا تُظهر ان الرجل «حفر وعمَّق ووضع الاساس على الصخر.‏» (‏لوقا ٦:‏٤٨‏)‏ وكان ذلك عملا شاقا،‏ لكنه كان يثبت انه جدير بالجهد عندما تأتي العاصفة.‏ لذلك فان بناء الصفات المسيحية على اقوال يسوع يجلب المكافأة عند وقوع فيض المحنة المفاجئ.‏

      ١٥ ماذا تكون نتيجة اولئك الذين يتبعون تقاليد الناس عوضا عن اطاعة اقوال يسوع؟‏

      ١٥ والبيت الآخَر بُني على الرمل:‏ «كل مَن يسمع اقوالي هذه ولا يعمل بها يشبَّه برجل جاهل بنى بيته على الرمل.‏ فنزل المطر وجاءت الانهار وهبت الرياح وصدمت ذلك البيت فسقط.‏ وكان سقوطه عظيما.‏» هكذا يكون لاولئك الذين يقولون «يا رب يا رب» ولكنهم يفشلون في العمل بأقوال يسوع.‏ —‏ متى ٧:‏٢٦،‏ ٢٧‏.‏

      ‏«ليس كالكتبة»‏

      ١٦ ماذا كان الاثر في اولئك الذين سمعوا الموعظة على الجبل؟‏

      ١٦ وماذا كان اثر الموعظة على الجبل؟‏ «لما اكمل يسوع هذه الاقوال بهتت الجموع من تعليمه.‏ لانه كان يعلمهم كمن له سلطان وليس كالكتبة.‏» (‏متى ٧:‏٢٨،‏ ٢٩‏)‏ لقد تأثَّروا في الصميم من ذاك الذي تكلم بسلطان لم يشعروا به من قبل قط.‏

      ١٧ ماذا لزم الكتبة ان يفعلوا ليمنحوا تعليمهم شرعية،‏ وماذا ادَّعوا بشأن الحكماء الاموات الذين جرى الاقتباس منهم؟‏

      ١٧ لا احد من الكتبة تكلم يوما ما بسلطانه الخاص،‏ كما يُظهر هذا السجل التاريخي:‏ «استعار الكتبة تصديقا لمَبدئهم من التقاليد وآبائهم:‏ وما من موعظة لأيّ من الكتبة كان لها سلطان او قيمة،‏ دون [الاشارة] .‏ .‏ .‏ الربانيون لهم تقليد،‏ او .‏ .‏ .‏ يقول الحكماء؛‏ او جواب تقليدي من هذا النوع.‏ علَّم هيلل الكبير بحق،‏ وكما كان التقليد في ما يتعلق بأمر معيَّن؛‏ ‹ولكن،‏ على الرغم من انه حاضَر في هذه المسألة طوال النهار،‏ .‏ .‏ .‏ لم يقبلوا مبدأه الى ان قال اخيرا،‏ هكذا سمعت من شمعيا وأبتاليون [مرجعين قبل هيلل].‏›» (‏تعليق على العهد الجديد من التلمود والكتابات العبرانية،‏ بواسطة جون لايتفوت)‏ والفريسيون ادَّعوا بشأن الحكماء الذين ماتوا منذ زمن طويل:‏ «شفاه الابرار،‏ عندما يشير شخص ما الى تعليم للناموس بأسمائهم —‏ شفاههم تهمس معهم في المدفن.‏» —‏ التوراة —‏ من الدرج الى الرمز في الديانة اليهودية التكوينية.‏

      ١٨ (‏أ)‏ اي اختلاف كان هنالك بين تعليم الكتبة وذاك الذي ليسوع؟‏ (‏ب)‏ بأية طرائق كان تعليم يسوع مذهلا جدا؟‏

      ١٨ اقتبس الكتبة من الرجال الاموات بصفتهم مراجع؛‏ وتكلم يسوع بسلطان من اللّٰه الحي.‏ (‏يوحنا ١٢:‏٤٩،‏ ٥٠؛‏ ١٤:‏١٠‏)‏ فالربانيون استخرجوا مياها عتيقة من خزّانات مغلقة؛‏ ويسوع جلب ينابيع مياه عذبة تطفئ الظمأ الداخلي.‏ لقد صلّى وتأمل طوال الليل،‏ وعندما تكلم بلغ اعماقا في الناس لم يدركوها من قبل قط.‏ وقد تكلم بقوة استطاعوا ان يشعروا بها،‏ بسلطان خاف حتى الكتبة،‏ الفريسيون،‏ والصدوقيون اخيرا ان يتحدّوه.‏ (‏متى ٢٢:‏٤٦؛‏ مرقس ١٢:‏٣٤؛‏ لوقا ٢٠:‏٤٠‏)‏ لم يتكلم قط انسان آخَر هكذا!‏ وعند اختتام الموعظة تُركت الجموع مبهوتة!‏

      ١٩ كيف تكون بعض اساليب التعليم التي يستعملها شهود يهوه اليوم مماثلة لتلك التي استعملها يسوع في الموعظة على الجبل؟‏

      ١٩ وماذا عن اليوم؟‏ كخدام من بيت الى بيت،‏ يستعمل شهود يهوه اساليب مماثلة.‏ يقول لكم صاحب البيت:‏ «تقول كنيستي ان الارض ستحترق.‏» فتجيبون:‏ «كتابكم المقدس يقول في جامعة ١:‏٤‏:‏ ‹الارض قائمة الى الابد.‏›» فيندهش الشخص.‏ «لم اعرف قط ان ذلك موجود في كتابي المقدس!‏» ويقول آخَر:‏ «أسمع دائما ان الخطاة سيحترقون في نار الهاوية.‏» «لكنّ كتابك المقدس يقول في رومية ٦:‏٢٣‏:‏ ‹اجرة الخطية هي موت.‏›» او عن الثالوث:‏ «يقول كاهني ان يسوع وأباه متساويان.‏» «ولكنْ في يوحنا ١٤:‏٢٨ يقتبس كتابك المقدس من يسوع قوله:‏ ‹ابي اعظم مني.‏›» ويقول لكم شخص آخَر:‏ «سمعت انه قيل ان ملكوت اللّٰه في داخلكم.‏» وإجابتكم:‏ «في دانيال ٢:‏٤٤ يقول كتابكم المقدس:‏ ‹في ايام هؤلاء الملوك يقيم اله السموات مملكة لن تنقرض ابدا .‏ .‏ .‏ تسحق وتفني كل هذه الممالك وهي تثبت الى الابد.‏› فكيف يمكن ان يكون هذا في داخلكم؟‏»‏

      ٢٠ (‏أ)‏ اي تباين هنالك بين طريقة تعليم الشهود وتلك التي لرجال دين العالم المسيحي؟‏ (‏ب)‏ لأي شيء الآن هو الوقت؟‏

      ٢٠ تكلم يسوع بسلطان من اللّٰه.‏ وشهود يهوه يتكلمون بسلطان كلمة اللّٰه.‏ ورجال دين العالم المسيحي يتكلمون بتقاليد دينية ملوَّثة بعقائد اتت من بابل ومصر.‏ وعندما يسمع الناس المخلصون ان معتقداتهم يدحضها الكتاب المقدس يندهشون ويصرخون:‏ ‹لم اعرف قط ان ذلك موجود في كتابي المقدس!‏› ولكنّ الامر هو كذلك.‏ فالآن هو الوقت ليصغي جميع الشاعرين بحاجتهم الروحية الى اقوال يسوع في الموعظة على الجبل ويبنوا بالتالي على اساس صخر متين.‏

المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
الخروج
الدخول
  • العربية
  • مشاركة
  • التفضيلات
  • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
  • شروط الاستخدام
  • سياسة الخصوصية
  • إعدادات الخصوصية
  • JW.ORG
  • الدخول
مشاركة