-
كيف ينبغي ان نعامل الآخرين؟برج المراقبة ٢٠٠٨ | ١٥ ايار (مايو)
-
-
كَيْفَ يَنْبَغِي أَنْ نُعَامِلَ ٱلْآخَرِيِنَ؟
«كَمَا تُرِيدُونَ أَنْ يَفْعَلَ ٱلنَّاسُ بِكُمْ، كَذٰلِكَ ٱفْعَلُوا أَنْتُمْ بِهِمْ». — لو ٦:٣١.
١، ٢ (أ) مَا هِيَ ٱلْمَوْعِظَةُ عَلَى ٱلْجَبَلِ؟ (ب) مَاذَا سَنُنَاقِشُ فِي هذِهِ ٱلْمَقَالَةِ وَٱلْمَقَالَةِ ٱلتَّالِيَةِ؟
كَانَ يَسُوعُ ٱلْمَسِيحُ فِعْلًا ٱلْمُعَلِّمَ ٱلْكَبِيرَ. فَعِنْدَمَا أَرْسَلَ أَعْدَاؤُهُ ٱلدِّينِيُّونَ شُرَطًا لِٱعْتِقَالِهِ، عَادَ هؤُلَاءِ فَارِغِي ٱلْأَيْدِي وَقَالُوا: «لَمْ يَتَكَلَّمْ قَطُّ إِنْسَانٌ غَيْرُهُ هٰكَذَا». (يو ٧:٣٢، ٤٥، ٤٦) وَكَانَتِ ٱلْمَوْعِظَةُ عَلَى ٱلْجَبَلِ مِنْ أَرْوَعِ مَا تَكَلَّمَ بِهِ يَسُوعُ. وَهذِهِ ٱلْمَوْعِظَةُ مُسَجَّلَةٌ فِي ٱلْإِصْحَاحَاتِ ٥ إِلَى ٧ مِنْ إِنْجِيلِ مَتَّى، تُقَابِلُهَا رِوَايَةٌ مُمَاثِلَةٌ فِي لُوقَا ٦:٢٠-٤٩.a
٢ لَعَلَّ أَشْهَرَ عِبَارَةٍ وَارِدَةٍ فِي هذِهِ ٱلْمَوْعِظَةِ هِيَ مَا يُعْرَفُ عُمُومًا بِٱسْمِ «ٱلْقَاعِدَةِ ٱلذَّهَبِيَّةِ»، تِلْكَ ٱلْقَاعِدَةِ ٱلَّتِي تَتَنَاوَلُ طَرِيقَةَ مُعَامَلَتِنَا لِلْآخَرِينَ. قَالَ يَسُوعُ: «كَمَا تُرِيدُونَ أَنْ يَفْعَلَ ٱلنَّاسُ بِكُمْ، كَذٰلِكَ ٱفْعَلُوا أَنْتُمْ بِهِمْ». (لو ٦:٣١) وَمَا أَعْظَمَ ٱلْخَيْرَ ٱلَّذِي فَعَلَهُ يَسُوعُ لِلنَّاسِ! فَقَدْ شَفَى ٱلْمَرْضَى وَأَقَامَ ٱلْمَوْتَى أَيْضًا. لكِنَّ أَرْوَعَ بَرَكَةٍ حَصَلَ عَلَيْهَا ٱلنَّاسُ نَجَمَتْ عَنْ قُبُولِهِمِ ٱلْبِشَارَةَ ٱلَّتِي كَرَزَ لَهُمْ بِهَا. (اِقْرَأْ لوقا ٧:٢٠-٢٢.) وَكَشُهُودٍ لِيَهْوَه، يَسُرُّنَا أَنْ نَنْخَرِطَ فِي عَمَلٍ كِرَازِيًّ مُمَاثِلٍ لِإِعْلَانِ بِشَارَةِ ٱلْمَلَكُوتِ. (مت ٢٤:١٤؛ ٢٨:١٩، ٢٠) وَسَنُنَاقِشُ فِي هذِهِ ٱلْمَقَالَةِ وَٱلْمَقَالَةِ ٱلتَّالِيَةِ كَلِمَاتِ يَسُوعَ عَنْ هذَا ٱلْعَمَلِ، إِضَافَةً إِلَى نِقَاطٍ أُخْرَى وَارِدَةٍ فِي ٱلْمَوْعِظَةِ عَلَى ٱلْجَبَلِ تُظْهِرُ كَيْفَ يَنْبَغِي أَنْ نُعَامِلَ ٱلْآخَرِينَ.
اِتَّصِفْ بِٱلْوَدَاعَةِ
٣ مَا تَعْرِيفُ ٱلْوَدَاعَةِ؟
٣ قَالَ يَسُوعُ: «سُعَدَاءُ هُمُ ٱلْوُدَعَاءُ، فَإِنَّهُمْ يَرِثُونَ ٱلْأَرْضَ». (مت ٥:٥) وَبِحَسَبِ ٱلْأَسْفَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ لَيْسَتِ ٱلْوَدَاعَةُ ضَعْفًا عَلَى ٱلْإِطْلَاقِ، بَلْ هِيَ رِفْقٌ وَلَطَافَةٌ نُعْرِبُ عَنْهُمَا تَجَاوُبًا مَعَ مَطَالِبِ ٱللّٰهِ. وَيَنْعَكِسُ هذَا ٱلْمَوْقِفُ فِي تَصَرُّفَاتِنَا مَعَ رُفَقَائِنَا ٱلْبَشَرِ. فَنَحْنُ مَثَلًا ‹لَا نُبَادِلُ أَحَدًا سُوءًا بِسُوءٍ›. — رو ١٢:١٧-١٩.
٤ مَاذَا يَجْعَلُ ٱلْوُدَعَاءَ سُعَدَاءَ؟
٤ إِنَّ ٱلْوُدَعَاءَ سُعَدَاءُ لِأَنَّهُمْ «يَرِثُونَ ٱلْأَرْضَ». وَيَسُوعُ ٱلَّذِي كَانَ ‹وَدِيعًا وَمُتَّضِعَ ٱلْقَلْبِ› هُوَ ‹ٱلْوَارِثُ لِكُلِّ شَيْءٍ›، وَهُوَ بِٱلتَّالِي ٱلْوَارِثُ ٱلرَّئِيسِيُّ لِلْأَرْضِ. (مت ١١:٢٩؛ عب ١:٢؛ مز ٢:٨) مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى، أَنْبَأَ ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ بِأَنَّ ٱلْمَسِيَّا، ‹ٱبْنَ ٱلْإِنْسَانِ›، سَيَكُونُ لَهُ حُكَّامٌ مُعَاوِنُونَ فِي ٱلْمَلَكُوتِ ٱلسَّمَاوِيِّ. (دا ٧:١٣، ١٤، ٢١، ٢٢، ٢٧) وَهؤُلَاءِ هُمُ ٱلْمَمْسُوحُونَ ٱلْوُدَعَاءُ ٱلْـ ٠٠٠,١٤٤، «شُرَكَاءُ ٱلْمَسِيحِ فِي ٱلْمِيرَاثِ»، وَهُمْ أَيْضًا سَيَرِثُونَ ٱلْأَرْضَ مَعَ يَسُوعَ. (رو ٨:١٦، ١٧؛ رؤ ١٤:١) وَهُنَالِكَ أَيْضًا وُدَعَاءُ آخَرُونَ سَيَنْعَمُونَ بِٱلْحَيَاةِ ٱلْأَبَدِيَّةِ فِي ٱلْحَيِّزِ ٱلْأَرْضِيِّ لِلْمَلَكُوتِ. — مز ٣٧:١١.
٥ كَيْفَ يُؤَثِّرُ فِينَا ٱمْتِلَاكُ وَدَاعَةِ ٱلْمَسِيحِ؟
٥ لَا شَكَّ أَنَّ ٱلْفَظَاظَةَ تُضَايِقُ ٱلْآخَرِينَ وَتُنَفِّرُهُمْ مِنَّا. أَمَّا ٱمْتِلَاكُ وَدَاعَةِ ٱلْمَسِيحِ فَيَجْعَلُنَا أَشْخَاصًا بَنَّائِينَ رُوحِيًّا تَحْلُو عِشْرَتُهُمْ فِي ٱلْجَمَاعَةِ. وَٱلْوَدَاعَةُ جُزْءٌ مِنَ ٱلثَّمَرِ ٱلَّذِي تُنْتِجُهُ قُوَّةُ ٱللّٰهِ ٱلْفَعَّالَةُ فِينَا إِذَا ‹كُنَّا نَعِيشُ وَنَسْلُكُ بِٱلرُّوحِ›. (اِقْرَأْ غلاطية ٥:٢٢-٢٥.) وَنَحْنُ نَرْغَبُ بِكُلِّ تَأْكِيدٍ أَنْ نُحْسَبَ بَيْنَ ٱلْوُدَعَاءِ ٱلَّذِينَ يُوَجِّهُهُمْ رُوحُ يَهْوَه ٱلْقُدُسُ.
يَا لَسَعَادَةِ ٱلرُّحَمَاءِ!
٦ أَيَّةُ صِفَاتٍ بَارِزَةٍ يَتَمَتَّعُ بِهَا «ٱلرُّحَمَاءُ»؟
٦ قَالَ يَسُوعُ أَيْضًا فِي مَوْعِظَتِهِ عَلَى ٱلْجَبَلِ: «سُعَدَاءُ هُمُ ٱلرُّحَمَاءُ، فَإِنَّهُمْ يُرْحَمُونَ». (مت ٥:٧) وَ «ٱلرُّحَمَاءُ» أَشْخَاصٌ قُلُوبُهُمْ مُفْعَمَةٌ بِٱلْحَنَانِ، يُرَاعُونَ ظُرُوفَ ٱلْمَحْرُومِينَ وَيُشْفِقُونَ عَلَيْهِمْ. وَهذِهِ ٱلشَّفَقَةُ هِيَ ٱلَّتِي دَفَعَتْ يَسُوعَ إِلَى صُنْعِ عَجَائِبَ لِتَخْفِيفِ مُعَانَاةِ ٱلنَّاسِ. (مت ١٤:١٤؛ ٢٠:٣٤) وَنَحْنُ أَيْضًا يَنْبَغِي أَنْ تَدْفَعَنَا ٱلشَّفَقَةُ وَٱلْمُرَاعَاةُ لِنَكُونَ رُحَمَاءَ. — يع ٢:١٣.
٧ إِلَامَ دَفَعَتِ ٱلشَّفَقَةُ يَسُوعَ؟
٧ ذَاتَ مَرَّةٍ، لَاقَى جَمْعٌ يَسُوعَ وَهُوَ فِي طَرِيقِهِ لِيَسْتَرِيحَ. «فَأَشْفَقَ عَلَيْهِمْ، لِأَنَّهُمْ كَانُوا كَخِرَافٍ لَا رَاعِيَ لَهَا. فَٱبْتَدَأَ يُعَلِّمُهُمْ أَشْيَاءَ كَثِيرَةً». (مر ٦:٣٤) وَتَمَثُّلًا بِيَسُوعَ، نَحْنُ أَيْضًا نُخْبِرُ ٱلْآخَرِينَ بِرِسَالَةِ ٱلْمَلَكُوتِ وَنُكَلِّمُهُمْ عَنْ رَحْمَةِ ٱللّٰهِ ٱلْفَائِقَةِ. وَيَا لَلْفَرَحِ ٱلَّذِي يَغْمُرُنَا مِنْ جَرَّاءِ ذلِكَ!
٨ مَاذَا يَجْعَلُ ٱلرُّحَمَاءَ سُعَدَاءَ؟
٨ تَقُولُ ٱلْآيَةُ إِنَّ ٱلرُّحَمَاءَ هُمْ سُعَدَاءُ لِأَنَّهُمْ «يُرْحَمُونَ». فَعَادَةً يُظْهِرُ لَنَا ٱلنَّاسُ ٱلرَّحْمَةَ إِذَا عَامَلْنَاهُمْ بِرَحْمَةٍ. (لو ٦:٣٨) عِلَاوَةً عَلَى ذلِكَ، قَالَ يَسُوعُ: «إِنْ غَفَرْتُمْ لِلنَّاسِ زَلَّاتِهِمْ، يَغْفِرُ لَكُمْ أَيْضًا أَبُوكُمُ ٱلسَّمَاوِيُّ». (مت ٦:١٤) فَلَا أَحَدَ غَيْرَ ٱلرُّحَمَاءِ يَعْرِفُ مَعْنَى ٱلسَّعَادَةِ ٱلَّتِي تَنْجُمُ عَنْ مَغْفِرَةِ ٱلْخَطَايَا وَنَيْلِ رِضَى ٱللّٰهِ.
مَا يَجْعَلُ ‹ٱلْمُسَالِمِينَ› سُعَدَاءَ
٩ كَيْفَ يَتَصَرَّفُ ٱلْمُسَالِمُونَ؟
٩ أَوْرَدَ يَسُوعُ سَبَبًا آخَرَ لِلسَّعَادَةِ حِينَ قَالَ: «سُعَدَاءُ هُمُ ٱلْمُسَالِمُونَ، فَإِنَّهُمْ ‹أَبْنَاءَ ٱللّٰهِ› يُدْعَوْنَ». (مت ٥:٩) إِنَّ ٱلْكَلِمَةَ ٱلْيُونَانِيَّةَ ٱلْمُتَرْجَمَةَ «مُسَالِمُونَ» تَعْنِي حَرْفِيًّا «صَانِعُو سَلَامٍ». وَإِذَا كُنَّا صَانِعِي سَلَامٍ، فَلَنْ نَغُضَّ ٱلنَّظَرَ أَوْ نُشَارِكَ فِي أَيِّ شَيْءٍ «يُفَرِّقُ مَنْ بَيْنَهُمْ أُلْفَةٌ»، مِثْلِ كَلَامِ ٱلنَّمِيمَةِ. (ام ١٦:٢٨) وَسَنَسْعَى قَوْلًا وَعَمَلًا فِي أَثَرِ ٱلسَّلَامِ دَاخِلَ ٱلْجَمَاعَةِ ٱلْمَسِيحِيَّةِ وَخَارِجَهَا. (عب ١٢:١٤) وَٱلْأَهَمُّ هُوَ أَنَّنَا سَنَبْذُلُ قُصَارَى جُهْدِنَا لِنَكُونَ فِي سَلَامٍ مَعَ يَهْوَه ٱللّٰهِ. — اِقْرَأْ ١ بطرس ٣:١٠-١٢.
١٠ مَاذَا يَجْعَلُ ‹ٱلْمُسَالِمِينَ› سُعَدَاءَ؟
١٠ قَالَ يَسُوعُ إِنَّ ‹ٱلْمُسَالِمِينَ› سُعَدَاءُ لِأَنَّهُمْ «‹أَبْنَاءَ ٱللّٰهِ› يُدْعَوْنَ». فَٱلْمَسِيحِيُّونَ ٱلْمَمْسُوحُونَ يَنَالُونَ «سُلْطَةً أَنْ يَصِيرُوا أَوْلَادَ ٱللّٰهِ» لِأَنَّهُمْ يُمَارِسُونَ ٱلْإِيمَانَ بِأَنَّ يَسُوعَ هُوَ ٱلْمَسِيَّا. (يو ١:١٢؛ ١ بط ٢:٢٤) وَمَاذَا عَنْ ‹خِرَافِ يَسُوعَ ٱلْأُخَرِ› ٱلْمُسَالِمِينَ؟ سَيَكُونُ يَسُوعُ ‹أَبَاهُمُ ٱلْأَبَدِيَّ› خِلَالَ حُكْمِهِ ٱلْمُمْتَدِّ أَلْفَ سَنَةٍ مَعَ شُرَكَائِهِ ٱلسَّمَاوِيِّينَ فِي ٱلْمِيرَاثِ. (يو ١٠:١٤، ١٦؛ اش ٩:٦؛ رؤ ٢٠:٦) وَفِي نِهَايَةِ ٱلْحُكْمِ ٱلْأَلْفِيِّ، سَيَصِيرُ صَانِعُو ٱلسَّلَامِ هؤُلَاءِ أَوْلَادَ ٱللّٰهِ ٱلْأَرْضِيِّينَ بِٱلْمَعْنَى ٱلْأَكْمَلِ. — ١ كو ١٥:٢٧، ٢٨.
١١ كَيْفَ نُعَامِلُ ٱلْآخَرِينَ إِذَا كَانَتِ «ٱلْحِكْمَةُ ٱلَّتِي مِنْ فَوْقُ» تَهْدِينَا؟
١١ وَلِكَيْ نَتَمَتَّعَ بِعَلَاقَةٍ حَمِيمَةٍ بِيَهْوَه «إِلٰهِ ٱلسَّلَامِ»، يَجِبُ أَنْ نَقْتَدِيَ بِصِفَاتِهِ، بِمَا فِيهَا مَحَبَّتُهُ لِلسَّلَامِ. (في ٤:٩) فَإِذَا سَمَحْنَا ‹لِلْحِكْمَةِ ٱلَّتِي مِنْ فَوْقُ› بِأَنْ تَهْدِيَنَا، نُسَالِمُ ٱلْآخَرِينَ. (يع ٣:١٧) وَهذَا يَجْعَلُنَا صَانِعِي سَلَامٍ سُعَدَاءَ.
‹لِيُضِئْ نُورُكَ›
١٢ (أ) مَاذَا قَالَ يَسُوعُ عَنِ ٱلنُّورِ ٱلرُّوحِيِّ؟ (ب) كَيْفَ نَجْعَلُ نُورَنَا يُضِيءُ؟
١٢ إِنَّ أَفْضَلَ مُعَامَلَةٍ يُمْكِنُ أَنْ يَتَلَقَّاهَا مِنَّا ٱلنَّاسُ هِيَ ٱلْمُسَاعَدَةُ عَلَى نَيْلِ ٱلنُّورِ ٱلرُّوحِيِّ مِنَ ٱللّٰهِ. (مز ٤٣:٣) فَقَدْ قَالَ يَسُوعُ لِتَلَامِيذِهِ إِنَّهُمْ «نُورُ ٱلْعَالَمِ» وَحَثَّهُمْ عَلَى جَعْلِ نُورِهِمْ يُضِيءُ لِيَرَى ٱلنَّاسُ مَا يَفْعَلُونَهُ مِنْ ‹أَعْمَالٍ حَسَنَةٍ› لِلْآخَرِينَ. وَتَنْجُمُ عَنْ ذلِكَ إِنَارَةٌ رُوحِيَّةٌ تَسْطَعُ «قُدَّامَ ٱلنَّاسِ»، أَيْ لِفَائِدَةِ ٱلْجِنْسِ ٱلْبَشَرِيِّ. (اِقْرَأْ متى ٥:١٤-١٦.) وَٱلْيَوْمَ، نَجْعَلُ نُورَنَا يُضِيءُ بِفِعْلِ ٱلْخَيْرِ لِجِيرَانِنَا وَٱلْمُشَارَكَةِ فِي عَمَلِ ٱلْكِرَازَةِ بِٱلْبِشَارَةِ «فِي ٱلْعَالَمِ كُلِّهِ» لِإِيصَالِهَا إِلَى «كُلِّ ٱلْأُمَمِ». (مت ٢٦:١٣؛ مر ١٣:١٠) فَمَا أَرْوَعَ ٱمْتِيَازَنَا هذَا!
١٣ مَاذَا سَيُلَاحِظُ ٱلنَّاسُ فِينَا؟
١٣ وَقَالَ يَسُوعُ: «لَا يُمْكِنُ أَنْ تُخْفَى مَدِينَةٌ تَقَعُ عَلَى جَبَلٍ». فَأَيُّ مَدِينَةٍ تَقَعُ عَلَى جَبَلٍ تَرَاهَا ٱلْعَيْنُ بِكُلِّ سُهُولَةٍ. كَذلِكَ سَيُلَاحِظُ ٱلنَّاسُ أَعْمَالَنَا ٱلْحَسَنَةَ كَمُنَادِينَ بِٱلْمَلَكُوتِ وَٱلصِّفَاتِ ٱلَّتِي نَتَمَتَّعُ بِهَا كَٱلِٱعْتِدَالِ وَٱلْعِفَّةِ. — تي ٢:١-١٤.
١٤ (أ) كَيْفَ كَانَتِ ٱلسُّرُجُ فِي ٱلْقَرْنِ ٱلْأَوَّلِ؟ (ب) بِأَيِّ مَعْنًى يَجِبُ أَلَّا نُخْفِيَ ٱلنُّورَ ٱلرُّوحِيَّ تَحْتَ «ٱلْمِكْيَالِ»؟
١٤ تَحَدَّثَ يَسُوعُ عَنْ إِضَاءَةِ سِرَاجٍ وَوَضْعِهِ عَلَى ٱلْمَنَارَةِ، لَا تَحْتَ ٱلْمِكْيَالِ، لِيُضِيءَ لِجَمِيعِ مَنْ فِي ٱلْبَيْتِ. وَفِي ٱلْقَرْنِ ٱلْأَوَّلِ، كَانَ ٱلسِّرَاجُ ٱلْعَادِيُّ عِبَارَةً عَنْ إِنَاءٍ خَزَفِيٍّ لَهُ فَتِيلَةٌ يَصْعَدُ فِيهَا ٱلسَّائِلُ (زَيْتُ ٱلزَّيْتُونِ عُمُومًا) وَيَشْتَعِلُ لَهَبًا مُضِيئًا فِي طَرَفِهَا. وَغَالِبًا مَا كَانَ يُوضَعُ عَلَى قَاعِدَةٍ خَشَبِيَّةٍ أَوْ مَعْدِنِيَّةٍ كَيْ «يُضِيءَ لِجَمِيعِ مَنْ فِي ٱلْبَيْتِ». فَمَا كَانَ ٱلنَّاسُ يُضِيئُونَهُ وَيَضَعُونَهُ تَحْتَ «ٱلْمِكْيَالِ» ٱلَّذِي هُوَ وِعَاءٌ كَبِيرٌ ذُو سَعَةٍ تُنَاهِزُ ٩ لِتْرَاتٍ (٨ كُوَارْتَاتٍ جَافَّةٍ). عَلَى نَحْوٍ مُمَاثِلٍ، لَمْ يُرِدْ يَسُوعُ أَنْ يُخْفِيَ تَلَامِيذُهُ نُورَهُمُ ٱلرُّوحِيَّ تَحْتَ مِكْيَالٍ رَمْزِيٍّ. فَيَجِبُ أَنْ نَجْعَلَ نُورَنَا يُضِيءُ، غَيْرَ سَامِحِينَ بَتَاتًا لِلْمُقَاوَمَةِ أَوِ ٱلِٱضْطِهَادِ بِأَنْ يَحْمِلَنَا عَلَى إِخْفَاءِ حَقِّ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ أَوِ ٱلِٱحْتِفَاظِ بِهِ لِأَنْفُسِنَا.
١٥ أَيُّ أَثَرٍ تَتْرُكُهُ ‹أَعْمَالُنَا ٱلْحَسَنَةُ› فِي بَعْضِ ٱلنَّاسِ؟
١٥ بَعْدَ ٱلتَّحَدُّثِ عَنِ ٱلسِّرَاجِ ٱلْمُضِيءِ، أَرْدَفَ يَسُوعُ قَائِلًا لِتَلَامِيذِهِ: «فَلْيُضِئْ نُورُكُمْ هٰكَذَا قُدَّامَ ٱلنَّاسِ، لِيَرَوْا أَعْمَالَكُمُ ٱلْحَسَنَةَ وَيُمَجِّدُوا أَبَاكُمُ ٱلَّذِي فِي ٱلسَّمٰوَاتِ». ‹فَأَعْمَالُنَا ٱلْحَسَنَةُ› يُمْكِنُ أَنْ تَدْفَعَ ٱلْبَعْضَ أَنْ «يُمَجِّدُوا» ٱللّٰهَ بِٱلصَّيْرُورَةِ خُدَّامًا لَهُ. وَيَا لَهذَا ٱلْحَافِزِ ‹لِنُضِيءَ كَأَنْوَارٍ فِي ٱلْعَالَمِ› عَلَى ٱلدَّوَامِ! — في ٢:١٥.
١٦ مَاذَا يَسْتَلْزِمُ مِنَّا كَوْنُنَا «نُورَ ٱلْعَالَمِ»؟
١٦ إِنَّ كَوْنَنَا «نُورَ ٱلْعَالَمِ» يَسْتَلْزِمُ مِنَّا ٱلِٱنْخِرَاطَ فِي عَمَلِ ٱلْكِرَازَةِ بِٱلْمَلَكُوتِ وَٱلتَّلْمَذَةِ. وَلكِنْ يَلْزَمُنَا شَيْءٌ آخَرُ أَيْضًا. كَتَبَ ٱلرَّسُولُ بُولُسُ: «سِيرُوا كَأَوْلَادِ نُورٍ، فَثَمَرُ ٱلنُّورِ يَتَأَلَّفُ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ مِنَ ٱلصَّلَاحِ وَٱلْبِرِّ وَٱلْحَقِّ». (اف ٥:٨، ٩) فَيَجِبُ أَنْ نَكُونَ أَمْثِلَةً سَاطِعَةً فِي ٱلسُّلُوكِ ٱلْمَسِيحِيِّ. وَبِذلِكَ نَتْبَعُ مَشُورَةَ ٱلرَّسُولِ بُطْرُسَ ٱلَّذِي قَالَ: «حَافِظُوا عَلَى سُلُوكِكُمُ ٱلْحَسَنِ بَيْنَ ٱلْأُمَمِ، لِيَكُونُوا فِي مَا يَتَكَلَّمُونَ عَلَيْكُمْ كَفَاعِلِي سُوءٍ، يُمَجِّدُونَ ٱللّٰهَ فِي يَوْمِ تَفَقُّدِهِ نَتِيجَةَ أَعْمَالِكُمُ ٱلْحَسَنَةِ ٱلَّتِي هُمْ شُهُودُ عِيَانٍ لَهَا». (١ بط ٢:١٢) وَلكِنْ مَاذَا يَجِبُ فِعْلُهُ إِذَا تَوَتَّرَتِ ٱلْعَلَاقَاتُ بَيْنَ ٱلرُّفَقَاءِ ٱلْمُؤْمِنِينَ؟
«صَالِحْ أَخَاكَ»
١٧-١٩ (أ) مَاذَا كَانَ ‹ٱلْقُرْبَانُ› ٱلْمَذْكُورُ فِي متى ٥:٢٣، ٢٤؟ (ب) مَا مَدَى أَهَمِّيَّةِ مُصَالَحَةِ ٱلْمَرْءِ أَخَاهُ، وَكَيْفَ أَظْهَرَ يَسُوعُ ذلِكَ؟
١٧ فِي ٱلْمَوْعِظَةِ عَلَى ٱلْجَبَلِ، حَذَّرَ يَسُوعُ تَلَامِيذَهُ مِنَ ٱلْبَقَاءِ سَاخِطِينَ عَلَى أَحَدِ إِخْوَتِهِمْ وَٱلِٱزْدِرَاءِ بِهِ. فَكَانَ يَجِبُ أَنْ يُسَارِعُوا إِلَى مُصَالَحَةِ ٱلْأَخِ ٱلْمُسَاءِ إِلَيْهِ. (اِقْرَأْ متى ٥:٢١-٢٥.) تَأَمَّلْ جَيِّدًا فِي مَشُورَةِ يَسُوعَ: فَإِذَا كُنْتَ تُحْضِرُ قُرْبَانَكَ إِلَى ٱلْمَذْبَحِ وَهُنَاكَ تَذَكَّرْتَ أَنَّ لِأَخِيكَ شَيْئًا عَلَيْكَ، فَمَاذَا يَجِبُ أَنْ تَفْعَلَ؟ يَجِبُ أَنْ تَتْرُكَ قُرْبَانَكَ أَمَامَ ٱلْمَذْبَحِ وَتذْهَبَ وَتُصَالِحَ أَخَاكَ، ثُمَّ تَرْجِعَ وَتُقَرِّبَ قُرْبَانَكَ.
١٨ غَالِبًا مَا كَانَ ‹ٱلْقُرْبَانُ› ذَبِيحَةً يُتَقَرَّبُ بِهَا إِلَى يَهْوَه فِي هَيْكَلِهِ. وَٱعْتُبِرَتِ ٱلْقَرَابِينُ ٱلْحَيَوَانِيَّةُ مُهِمَّةً جِدًّا لِأَنَّ ٱللّٰهَ أَمَرَ بِهَا كَجُزْءٍ مِنَ ٱلْعِبَادَةِ ٱلَّتِي قَدَّمَهَا ٱلْإِسْرَائِيلِيُّونَ لَهُ تَحْتَ ٱلشَّرِيعَةِ ٱلْمُوسَوِيَّةِ. لكِنَّ تَقْرِيبَ ٱلْقُرْبَانِ، رَغْمَ أَهَمِّيَّتِهِ، لَيْسَ أَهَمَّ مِنْ تَسْوِيَةِ ٱلْأُمُورِ مَعَ أَخِيكَ إِذَا تَذَكَّرْتَ أَنَّ لَهُ شَيْئًا عَلَيْكَ. قَالَ يَسُوعُ: «اُتْرُكْ قُرْبَانَكَ هُنَاكَ أَمَامَ ٱلْمَذْبَحِ وَٱذْهَبْ صَالِحْ أَخَاكَ أَوَّلًا، وَحِينَئِذٍ ٱرْجِعْ وَقَرِّبْ قُرْبَانَكَ». فَمُصَالَحَةُ ٱلْمَرْءِ أَخَاهُ لَهَا ٱلْأَوْلَوِيَّةُ عَلَى أَدَاءِ فَرِيضَةٍ مِنْ فَرَائِضِ ٱلشَّرِيعَةِ.
١٩ لَمْ يَقْصِرْ يَسُوعُ كَلَامَهُ عَلَى تَقْدِمَاتٍ أَوْ خَطَايَا مُعَيَّنَةٍ. فَكَانَ عَلَى مُقَرِّبِ ٱلتَّقْدِمَةِ، مَهْمَا كَانَ نَوْعُهَا، أَنْ يُؤَجِّلَهَا إِذَا تَذَكَّرَ أَنَّ لِأَخِيهِ شَيْئًا عَلَيْهِ. فَيَلْزَمُ أَنْ يُتْرَكَ ٱلْقُرْبَانُ، إِذَا كَانَ حَيَوَانًا حَيًّا، ‹أَمَامَ مَذْبَحِ› ٱلْمُحْرَقَةِ فِي دَارِ ٱلْكَهَنَةِ فِي ٱلْهَيْكَلِ، وَلَا يَرْجِعَ ٱلْمُسِيءُ لِتَقْرِيبِهِ قَبْلَ أَنْ يَحُلَّ ٱلْمُشْكِلَةَ.
٢٠ لِمَاذَا يَنْبَغِي أَنْ نُسَارِعَ إِلَى تَسْوِيَةِ ٱلْأُمُورِ إِذَا غَضِبْنَا مِنْ أَحَدِ ٱلْإِخْوَةِ؟
٢٠ يَعْتَبِرُ ٱللّٰهُ عَلَاقَتَنَا بِإِخْوَتِنَا جُزْءًا لَا يَتَجَزَّأُ مِنَ ٱلْعِبَادَةِ ٱلْحَقَّةِ. فَكَانَتِ ٱلذَّبَائِحُ ٱلْحَيَوَانِيَّةُ غَيْرَ مُجْدِيَةٍ فِي نَظَرِ يَهْوَه إِذَا كَانَ ٱلَّذِينَ يُقَرِّبُونَهَا لَا يُحْسِنُونَ مُعَامَلَةَ رَفِيقِهِمِ ٱلْإِنْسَانِ. (مي ٦:٦-٨) لِذلِكَ حَثَّ يَسُوعُ تَلَامِيذَهُ أَنْ ‹يُسَارِعُوا إِلَى تَسْوِيَةِ ٱلْأُمُورِ›. (مت ٥:٢٥) وَبِشَكْلٍ مُمَاثِلٍ، كَتَبَ بُولُسُ: «اِسْخَطُوا، وَلٰكِنْ لَا تُخْطِئُوا. لَا تَغْرُبِ ٱلشَّمْسُ عَلَى غَيْظِكُمْ، وَلَا تُفْسِحُوا لِإِبْلِيسَ مَكَانًا». (اف ٤:٢٦، ٢٧) فَإِذَا غَضِبْنَا، وَلَوْ غَضَبًا مُبَرَّرًا، يَجِبُ أَنْ نُسَارِعَ إِلَى تَسْوِيَةِ ٱلْأُمُورِ لِكَيْلَا نَبْقَى مُغْتَاظِينَ فَيَسِتَغِلَّ إِبْلِيسُ هذَا لِضَرَرِنَا. — لو ١٧:٣، ٤.
عَامِلِ ٱلْآخَرِينَ بِٱحْتِرَامٍ دَائِمًا
٢١، ٢٢ (أ) كَيْفَ يُمْكِنُنَا تَطْبِيقُ مَشُورَةِ يَسُوعَ ٱلَّتِي نَاقَشْنَاهَا؟ (ب) فِيمَ سَنَتَأَمَّلُ فِي ٱلْمَقَالَةِ ٱلتَّالِيَةِ؟
٢١ يَنْبَغِي أَنْ تُسَاعِدَنَا مُرَاجَعَتُنَا لِبَعْضِ أَقْوَالِ يَسُوعَ فِي مَوْعِظَتِهِ عَلَى ٱلْجَبَلِ أَنْ نُعَامِلَ ٱلْآخَرِينَ بِلُطْفٍ وَٱحْتِرَامٍ. وَرَغْمَ أَنَّنَا جَمِيعًا نَاقِصُونَ، بِٱسْتِطَاعَتِنَا تَطْبِيقُ مَشُورَةِ يَسُوعَ لِأَنَّهُ، عَلَى غِرَارِ أَبِينَا ٱلسَّمَاوِيِّ، لَا يَتَوَقَّعُ مِنَّا فِعْلَ مَا يَفُوقُ طَاقَتَنَا. فَبِٱلصَّلَاةِ وَٱلْجُهْدِ ٱلْمُخْلِصِ وَبَرَكَةِ يَهْوَه ٱللّٰهِ، نَسْتَطِيعُ أَنْ نَكُونَ وُدَعَاءَ وَرُحَمَاءَ وَمُسَالِمِينَ. وَبِإِمْكَانِنَا أَنْ نَعْكِسَ ٱلنُّورَ ٱلرُّوحِيَّ ٱلَّذِي يُضِيءُ لِمَجْدِ يَهْوَه. كَمَا يُمْكِنُنَا أَنْ نَتَصَالَحَ مَعَ أَخِينَا عِنْدَمَا تَنْشَأُ مُشْكِلَةٌ بَيْنَنَا.
٢٢ تَشْتَمِلُ عِبَادَةُ يَهْوَه ٱلْمَقْبُولَةُ عَلَى مُعَامَلَةِ قَرِيبِنَا مُعَامَلَةً حَسَنَةً. (مر ١٢:٣١) وَسَنَتَأَمَّلُ فِي ٱلْمَقَالَةِ ٱلتَّالِيَةِ فِي أَقْوَالٍ أُخْرَى وَارِدَةٍ فِي ٱلْمَوْعِظَةِ عَلَى ٱلْجَبَلِ يَنْبَغِي أَنْ تُسَاعِدَنَا عَلَى فِعْلِ ٱلصَّلَاحِ لِلْآخَرِينَ. أَمَّا ٱلْآنَ، بَعْدَ أَنْ تَأَمَّلْنَا فِي ٱلنِّقَاطِ ٱلْآنِفَةِ ٱلَّتِي تُعَلِّمُنَا إِيَّاهَا مَوْعِظَةُ يَسُوعَ ٱلرَّائِعَةُ، فَيَحْسُنُ بِنَا أَنْ نَسْأَلَ أَنْفُسَنَا: ‹إِلَى أَيِّ حَدٍّ أُحْسِنُ مُعَامَلَةَ ٱلْآخَرِينَ؟›.
[الحاشية]
a لَا شَكَّ أَنَّكَ سَتَنَالُ فَائِدَةً كَبِيرَةً مِنْ قِرَاءَةِ هذِهِ ٱلْمَقَاطِعِ فِي دَرْسِكَ ٱلشَّخْصِيِّ قَبْلَ ٱلتَّأَمُّلِ فِي هذِهِ ٱلْمَقَالَةِ وَٱلْمَقَالَةِ ٱلتَّالِيَةِ.
-
-
افعل الصلاحبرج المراقبة ٢٠٠٨ | ١٥ ايار (مايو)
-
-
اِفْعَلِ ٱلصَّلَاحَ
«اِفْعَلُوا ٱلصَّلَاحَ». — لو ٦:٣٥.
١، ٢ لِمَاذَا يُشَكِّلُ فِعْلُ ٱلصَّلَاحِ تَحَدِّيًا كَبِيرًا فِي أَغْلَبِ ٱلْأَحْيَانِ؟
يُشَكِّلُ فِعْلُ ٱلصَّلَاحِ تَحَدِّيًا كَبِيرًا. فَقَدْ لَا يُبَادِلُنَا ٱلْآخَرُونَ ٱلْمَحَبَّةَ ٱلَّتِي نُظْهِرُهَا لَهُمْ. وَمَعَ أَنَّنَا نَطْلُبُ خَيْرَ ٱلنَّاسِ ٱلرُّوحِيَّ بِإِخْبَارِهِمْ عَنْ «بِشَارَةِ ٱلْإِلٰهِ ٱلسَّعِيدِ ٱلْمَجِيدَةِ» وَبِشَارَةِ ٱبْنِهِ، نَلْقَى مِنْهُمُ ٱللَّامُبَالَاةَ أَوْ عَدَمَ ٱلتَّقْدِيرِ فِي كَثِيرٍ مِنَ ٱلْأَحْيَانِ. (١ تي ١:١١) وَيُعْرِبُ آخَرُونَ عَنْ بُغْضٍ شَدِيدٍ «كَأَعْدَاءٍ لِخَشَبَةِ آلَامِ ٱلْمَسِيحِ». (في ٣:١٨) فَكَيْفَ يَنْبَغِي أَنْ نُعَامِلَهُمْ نَحْنُ ٱلْمَسِيحِيِّينَ؟
٢ قَالَ يَسُوعُ ٱلْمَسِيحُ لِتَلَامِيذِهِ: «أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ، وَٱفْعَلُوا ٱلصَّلَاحَ». (لو ٦:٣٥) وَسَنُرَكِّزُ ٱنْتِبَاهَنَا أَوَّلًا عَلَى هذِهِ ٱلْمُنَاشَدَةِ، عَلَى أَنْ نَتَأَمَّلَ أَيْضًا فِي نِقَاطٍ مُفِيدَةٍ أُخْرَى ذَكَرَهَا يَسُوعُ عَنْ فِعْلِ ٱلصَّلَاحِ لِلْآخَرِينَ.
«أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ»
٣ (أ) أَوْجِزُوا بِكَلِمَاتِكُمُ ٱلْخَاصَّةِ قَوْلَ يَسُوعَ ٱلْمُسَجَّلَ فِي متى ٥:٤٣-٤٥. (ب) أَيَّةُ نَظْرَةٍ عَنِ ٱلْيَهُودِ وَغَيْرِ ٱلْيَهُودِ شَاعَتْ بَيْنَ ٱلْقَادَةِ ٱلدِّينِيِّينَ فِي ٱلْقَرْنِ ٱلْأَوَّلِ؟
٣ قَالَ يَسُوعُ لِسَامِعِيهِ فِي مَوْعِظَتِهِ ٱلشَّهِيرَةِ عَلَى ٱلْجَبَلِ أَنْ يُحِبُّوا أَعْدَاءَهُمْ وَيُصَلُّوا لِأَجْلِ ٱلَّذِينَ يَضْطَهِدُونَهُمْ. (اِقْرَأْ متى ٥:٤٣-٤٥.) وَكَانَ ٱلْحَاضِرُونَ آنَذَاكَ أَشْخَاصًا مِنَ ٱلْيَهُودِ يَعْرِفُونَ جَيِّدًا مَا أَوْصَى بِهِ ٱللّٰهُ: «لَا تَنْتَقِمْ وَلَا تُضْمِرْ ضَغِينَةً عَلَى أَبْنَاءِ شَعْبِكَ، بَلْ تُحِبُّ صَاحِبَكَ كَنَفْسِكَ». (لا ١٩:١٨) غَيْرَ أَنَّ ٱلْقَادَةَ ٱلدِّينِيِّينَ ٱلْيَهُودَ فِي ٱلْقَرْنِ ٱلْأَوَّلِ ٱعْتَبَرُوا أَنَّ عِبَارَتَيْ «أَبْنَاءِ شَعْبِكَ» وَ «صَاحِبَكَ» لَا تُشِيرَانِ إِلَّا إِلَى ٱلْيَهُودِ. فَفِي حِينِ أَنَّ ٱلشَّرِيعَةَ ٱلْمُوسَوِيَّةَ أَمَرَتِ ٱلْإِسْرَائِيلِيِّينَ بِٱلْبَقَاءِ مُنْفَصِلِينَ عَنِ ٱلْأُمَمِ ٱلْأُخْرَى، شَاعَتْ بَيْنَهُمْ نَظْرَةٌ ٱعْتَبَرَتْ غَيْرَ ٱلْيَهُودِ كُلَّهُمْ أَعْدَاءً يَجْبُ أَنْ يُبْغَضُوا كَأَفْرَادٍ.
٤ كَيْفَ يَنْبَغِي أَنْ يَتَعَامَلَ تَلَامِيذُ يَسُوعَ مَعَ أَعْدَائِهِمْ؟
٤ أَمَّا يَسُوعُ فَقَالَ: «أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ وَصَلُّوا لِأَجْلِ ٱلَّذِينَ يَضْطَهِدُونَكُمْ». (مت ٥:٤٤) فَكَانَ عَلَى تَلَامِيذِهِ أَنْ يَتَعَامَلُوا بِمَحَبَّةٍ مَعَ ٱلَّذِينَ يُظْهِرُونَ ٱلْعِدَاءَ لَهُمْ. وَبِحَسَبِ كَلِمَاتِ كَاتِبِ ٱلْإِنْجِيلِ لُوقَا، قَالَ يَسُوعُ: «أَقُولُ لَكُمْ أَيُّهَا ٱلسَّامِعُونَ: أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ، وَٱفْعَلُوا ٱلصَّلَاحَ لِمُبْغِضِيكُمْ، وَبَارِكُوا لَاعِنِيكُمْ، وَصَلُّوا لِأَجْلِ ٱلَّذِينَ يُهِينُونَكُمْ». (لو ٦:٢٧، ٢٨) وَعَلَى غِرَارِ ٱلْأَفْرَادِ ٱلَّذِينَ طَبَّقُوا تَعَالِيمَ يَسُوعَ فِي ٱلْقَرْنِ ٱلْأَوَّلِ، ‹نَفْعَلُ ٱلصَّلَاحَ لِمُبْغِضِينَا› حِينَ نُقَابِلُ بُغْضَهُمْ بِٱلْإِحْسَانِ. وَنَحْنُ ‹نُبَارِكُ لَاعِنِينَا› حِينَ نُكَلِّمُهُمْ بِلُطْفٍ. كَمَا أَنَّ ‹صَلَاتَنَا لِأَجْلِ ٱلَّذِينَ يَضْطَهِدُونَنَا› — سَوَاءٌ ٱسْتَخْدَمُوا ٱلْعُنْفَ ٱلْجَسَدِيَّ أَوْ عَامَلُونَا أَيَّةَ مُعَامَلَةٍ ‹مُهِينَةٍ› أُخْرَى — هِيَ دَلِيلٌ عَلَى مَحَبَّتِنَا لَهُمْ لِأَنَّنَا نَطْلُبُ أَنْ يَتَغَيَّرَ مَوْقِفُهُمْ وَيَعْمَلُوا أَعْمَالًا تُرْضِي يَهْوَه.
٥، ٦ لِمَاذَا يَنْبَغِي أَنْ نُحِبَّ أَعْدَاءَنَا؟
٥ وَلِمَاذَا يَنْبَغِي أَنْ نُظْهِرَ ٱلْمَحَبَّةَ لِأَعْدَائِنَا؟ أَجَابَ يَسُوعُ: «لِتَكُونُوا أَبْنَاءَ أَبِيكُمُ ٱلَّذِي فِي ٱلسَّمٰوَاتِ». (مت ٥:٤٥) فَإِذَا أَصْغَيْنَا لِتِلْكَ ٱلْمَشُورَةِ، نَصِيرُ «أَبْنَاءَ» ٱللّٰهِ لِأَنَّنَا نَتَمَثَّلُ بِيَهْوَه ٱلَّذِي «يُشْرِقُ شَمْسَهُ عَلَى ٱلْأَشْرَارِ وَٱلصَّالِحِينَ، وَيُمْطِرُ عَلَى ٱلْأَبْرَارِ وَٱلْأَثَمَةِ». فَٱللّٰهُ «لَطِيفٌ نَحْوَ غَيْرِ ٱلشَّاكِرِينَ وَٱلْأَشْرَارِ»، حَسْبَمَا تُخْبِرُنَا رِوَايَةُ لُوقَا. — لو ٦:٣٥.
٦ وَلِكَيْ يُشَدِّدَ يَسُوعُ لِتَلَامِيذِهِ عَلَى أَهَمِّيَّةِ ‹مَحَبَّتِهِمْ لِأَعْدَائِهِمْ›، قَالَ: «إِنْ أَحْبَبْتُمُ ٱلَّذِينَ يُحِبُّونَكُمْ، فَأَيَّةُ مُكَافَأَةٍ لَكُمْ؟ أَلَيْسَ جُبَاةُ ٱلضَّرَائِبِ أَيْضًا يَفْعَلُونَ ذٰلِكَ؟ وَإِنْ سَلَّمْتُمْ عَلَى إِخْوَتِكُمْ فَقَطْ، فَأَيَّ شَيْءٍ يَفُوقُ ٱلْعَادَةَ تَفْعَلُونَ؟ أَلَيْسَ ٱلْأُمَمِيُّونَ أَيْضًا يَفْعَلُونَ ذٰلِكَ؟». (مت ٥:٤٦، ٤٧) فَإِذَا كُنَّا سَنَحْصُرُ مَحَبَّتَنَا بِٱلَّذِينَ يُبَادِلُونَنَا إِيَّاهَا، فَلَنْ نَسْتَأْهِلَ عَلَى ذلِكَ أَيَّ «مُكَافَأَةٍ» أَوْ رِضًى مِنَ ٱللّٰهِ، لِأَنَّهُ حَتَّى جُبَاةُ ٱلضَّرَائِبِ ٱلْمُحْتَقَرُونَ عُمُومًا كَانُوا يُظْهِرُونَ ٱلْمَحَبَّةَ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَهُمْ. — لو ٥:٣٠؛ ٧:٣٤.
٧ لِمَاذَا لَيْسَ سَلَامُنَا عَلَى ‹إِخْوَتِنَا› وَحْدَهُمْ شَيْئًا يَفُوقُ ٱلْعَادَةَ؟
٧ كَانَ ٱلْيَهُودُ يَسْتَعْمِلُونَ كَلِمَةَ «سَلَامٌ» فِي تَحِيَّاتِهِمِ ٱلْيَوْمِيَّةِ. (قض ١٩:٢٠؛ يو ٢٠:١٩) وَكَانَ مُلْقِي ٱلسَّلَامِ يَقْصِدُ بِهِ ضِمْنِيًّا تَمَنِّيَ ٱلصِّحَّةِ وَٱلْخَيْرِ وَٱلِٱزْدِهَارِ لِلطَّرَفِ ٱلْآخَرِ. لِذلِكَ لَيْسَ شَيْئًا «يَفُوقُ ٱلْعَادَةَ» أَنْ نُسَلِّمَ عَلَى مَنْ نَعْتَبِرُهُمْ ‹إِخْوَتَنَا› فَقَطْ. فَكَمَا ذَكَرَ يَسُوعُ، هذَا مَا يَفْعَلُهُ «ٱلْأُمَمِيُّونَ» أَيْضًا.
٨ عَلَامَ كَانَ يَسُوعُ يُشَجِّعُ سَامِعِيهِ حِينَ قَالَ: «كُونُوا كَامِلِينَ»؟
٨ لَا يُمْكِنُ لِتَلَامِيذِ ٱلْمَسِيحِ، بِسَبَبِ ٱلْخَطِيَّةِ ٱلْمَوْرُوثَةِ، أَنْ يَكُونُوا بِلَا عَيْبٍ أَوْ كَامِلِينَ. (رو ٥:١٢) لكِنَّ يَسُوعَ خَتَمَ هذَا ٱلْجُزْءَ مِنْ مَوْعِظَتِهِ قَائِلًا: «كُونُوا كَامِلِينَ كَمَا أَنَّ أَبَاكُمُ ٱلسَّمَاوِيَّ هُوَ كَامِلٌ». (مت ٥:٤٨) فَقَدْ كَانَ يُشَجِّعُ سَامِعِيهِ أَنْ يَتَمَثَّلُوا ‹بِأَبِيهِمِ ٱلسَّمَاوِيِّ› يَهْوَه بِأَنْ يَكُونُوا كَامِلِينَ فِي مَحَبَّتِهِمْ، أَيْ مُتَّسِعِينَ فِيهَا لِتَشْمُلَ أَعْدَاءَهُمْ. وَيُتَوَقَّعُ مِنَّا ٱلْأَمْرُ نَفْسُهُ.
لِمَ يَجِبُ أَنْ نَكُونَ غَفُورِينَ؟
٩ مَا ٱلْمَقْصُودُ بِٱلْكَلِمَاتِ: «اِغْفِرْ لَنَا دُيُونَنَا»؟
٩ يَشْمُلُ فِعْلُ ٱلصَّلَاحِ أَيْضًا أَنْ نَغْفِرَ بِرَحْمَةٍ لِمَنْ يُخْطِئُ إِلَيْنَا. وَفِي ٱلْوَاقِعِ، تَتَضَمَّنُ صَلَاةُ يَسُوعَ ٱلنَّمُوذَجِيَّةُ هذِهِ ٱلْكَلِمَاتِ: «اِغْفِرْ لَنَا دُيُونَنَا كَمَا نَغْفِرُ نَحْنُ أَيْضًا لِلْمَدْيُونِينَ لَنَا». (مت ٦:١٢) طَبْعًا، لَيْسَ ٱلْمَقْصُودُ هُنَا ٱلْمُسَامَحَةَ بِٱلدُّيُونِ ٱلْمَالِيَّةِ. فَإِنْجِيلُ لُوقَا يُظْهِرُ أَنَّ ‹ٱلدُّيُونَ› ٱلَّتِي تَحَدَّثَ عَنْهَا يَسُوعُ هِيَ خَطَايَا، لِأَنَّهُ يَقُولُ: «اِغْفِرْ لَنَا خَطَايَانَا لِأَنَّنَا نَحْنُ أَيْضًا نَغْفِرُ لِكُلِّ مَنْ هُوَ مَدْيُونٌ لَنَا». — لو ١١:٤.
١٠ كَيْفَ نَتَمَثَّلُ بِٱللّٰهِ فِي مَسْأَلَةِ ٱلْمُسَامَحَةِ وَٱلْغُفْرَانِ؟
١٠ يَجِبُ أَنْ نَتَمَثَّلَ بِٱللّٰهِ ٱلَّذِي يُسَامِحُ ٱلْخُطَاةَ ٱلتَّائِبِينَ. كَتَبَ ٱلرَّسُولُ بُولُسُ: «كُونُوا لُطَفَاءَ بَعْضُكُمْ نَحْوَ بَعْضٍ، ذَوِي حَنَانٍ، مُسَامِحِينَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا كَمَا سَامَحَكُمُ ٱللّٰهُ أَيْضًا بِٱلْمَسِيحِ». (اف ٤:٣٢) كَمَا رَنَّمَ صَاحِبُ ٱلْمَزْمُورِ دَاوُدُ: «يَهْوَهُ رَحِيمٌ وَحَنَّانٌ، بَطِيءُ ٱلْغَضَبِ وَوَافِرُ ٱللُّطْفِ ٱلْحُبِّيِّ. . . . لَمْ يُعَامِلْنَا حَسَبَ خَطَايَانَا، وَلَمْ يُجَازِنَا حَسَبَ آثَامِنَا. . . . كَبُعْدِ ٱلْمَشْرِقِ عَنِ ٱلْمَغْرِبِ أَبْعَدَ عَنَّا مَعَاصِيَنَا. كَمَا يَرْحَمُ ٱلْأَبُ بَنِيهِ، يَرْحَمُ يَهْوَهُ خَائِفِيهِ. لِأَنَّهُ يَعْرِفُ جِبْلَتَنَا، يَذْكُرُ أَنَّنَا تُرَابٌ». — مز ١٠٣:٨-١٤.
١١ لِمَنْ يَمْنَحُ ٱللّٰهُ ٱلْغُفْرَانَ؟
١١ لَا يَغْفِرُ ٱللّٰهُ لِلنَّاسِ إِلَّا إِذَا سَبَقُوا وَغَفَرُوا لِمَنْ أَخْطَأَ إِلَيْهِمْ. (مر ١١:٢٥) فَقَدْ أَضَافَ يَسُوعُ لِإِبْرَازِ هذِهِ ٱلنُّقْطَةِ: «إِنْ غَفَرْتُمْ لِلنَّاسِ زَلَّاتِهِمْ، يَغْفِرُ لَكُمْ أَيْضًا أَبُوكُمُ ٱلسَّمَاوِيُّ؛ وَإِنْ لَمْ تَغْفِرُوا لِلنَّاسِ زَلَّاتِهِمْ، فَلَنْ يَغْفِرَ لَكُمْ أَبُوكُمْ زَلَّاتِكُمْ». (مت ٦:١٤، ١٥) نَعَمْ، لَا يَمْنَحُ ٱللّٰهُ ٱلْغُفْرَانَ إِلَّا لِلَّذِينَ يَغْفِرُونَ لِلْآخَرِينَ. إِذًا، إِحْدَى ٱلطَّرَائِقِ لِفِعْلِ ٱلصَّلَاحِ هِيَ تَطْبِيقُ مَشُورَةِ بُولُسَ ٱلَّذِي قَالَ: «كَمَا سَامَحَكُمْ يَهْوَهُ، هٰكَذَا ٱفْعَلُوا أَنْتُمْ أَيْضًا». — كو ٣:١٣.
«لَا تَدِينُوا»
١٢ أَيَّةُ مَشُورَةٍ أَعْطَاهَا يَسُوعُ بِشَأْنِ إِدَانَةِ ٱلْآخَرِينَ؟
١٢ وَٱلطَّرِيقَةُ ٱلْأُخْرَى لِفِعْلِ ٱلصَّلَاحِ ذَكَرَهَا يَسُوعُ فِي ٱلْمَوْعِظَةِ عَلَى ٱلْجَبَلِ حِينَ قَالَ لِسَامِعِيهِ أَلَّا يَدِينُوا ٱلْآخَرِينَ، مُسْتَخْدِمًا بَعْدَ ذلِكَ إِيضَاحًا قَوِيًّا لِيُشَدِّدَ عَلَى هذِهِ ٱلنُّقْطَةِ. (اِقْرَأْ متى ٧:١-٥.) فَلْنَتَأَمَّلْ فِي مَا قَصَدَهُ يَسُوعُ حِينَ قَالَ: «لَا تَدِينُوا».
١٣ مَاذَا كَانَ عَلَى سَامِعِي يَسُوعَ أَنْ يَفْعَلُوا؟
١٣ اِقْتَبَسَ مَتَّى فِي إِنْجِيلِه قَوْلَ يَسُوعَ: «لَا تَدِينُوا لِكَيْلَا تُدَانُوا». (مت ٧:١) وَبِحَسَبِ إِنْجِيلِ لُوقَا، قَالَ يَسُوعُ: «لَا تَدِينُوا فَلَا تُدَانُوا. لَا تَحْكُمُوا عَلَى أَحَدٍ، فَلَا يُحْكَمَ عَلَيْكُمْ. دَاوِمُوا عَلَى ٱلصَّفْحِ، يُصْفَحْ عَنْكُمْ». (لو ٦:٣٧) كَانَ ٱلْفَرِّيسِيُّونَ فِي ٱلْقَرْنِ ٱلْأَوَّلِ يَدِينُونَ ٱلْآخَرِينَ بِقَسَاوَةٍ عَلَى أَسَاسِ تَقَالِيدِهِمْ غَيْرِ ٱلْمَبْنِيَّةِ عَلَى ٱلْأَسْفَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ. وَلكِنْ وَجَبَ عَلَى كُلِّ شَخْصٍ بَيْنَ سَامِعِي يَسُوعَ مِمَّنْ ‹يَدِينُونَ› ٱلْآخَرِينَ أَنْ يَكُفَّ عَنْ ذلِكَ. وَلَيْسَ هذَا فَقَطْ، بَلْ كَانَ عَلَيْهِ أَيْضًا أَنْ ‹يَصْفَحَ› لَهُمْ عَنْ ذُنُوبِهِمْ. وَقَدْ أَعْطَى ٱلرَّسُولُ بُولُسُ مَشُورَةً مُمَاثِلَةً بِشَأْنِ ٱلْمُسَامَحَةِ كَمَا وَرَدَ آنِفًا.
١٤ إِلَامَ يَدْفَعُ تَلَامِيذُ يَسُوعَ ٱلنَّاسَ حِينَ يَغْفِرُونَ لَهُمْ؟
١٤ وَحِينَ يَغْفِرُ تَلَامِيذُ يَسُوعَ لِلْآخَرِينَ، فَإِنَّهُمْ يَدْفَعُونَهُمْ إِلَى مُبَادَلَتِهِمْ بِٱلْمِثْلِ. قَالَ يَسُوعُ: «بِٱلدَّيْنُونَةِ ٱلَّتِي بِهَا تَدِينُونَ تُدَانُونَ، وَبِٱلْكَيْلِ ٱلَّذِي بِهِ تَكِيلُونَ يَكِيلُونَ لَكُمْ». (مت ٧:٢) فَنَحْنُ نَحْصُدُ مَا نَزْرَعُهُ فِي مُعَامَلَتِنَا لِلْآخَرِينَ. — غل ٦:٧.
١٥ كَيْفَ أَظْهَرَ يَسُوعُ أَنَّ مِنَ ٱلْخَطَإِ أَنْ نَكُونَ ٱنْتِقَادِيِّينَ؟
١٥ تَذَكَّرْ أَنَّ يَسُوعَ سَأَلَ مَا يَلِي لِيُظْهِرَ كَمْ هُوَ خَطَأٌ أَنْ نَكُونَ ٱنْتِقَادِيِّينَ: «لِمَاذَا تَنْظُرُ ٱلْقَشَّةَ فِي عَيْنِ أَخِيكَ، وَأَمَّا ٱلْعَارِضَةُ فِي عَيْنِكَ أَنْتَ فَلَا تَأْبَهُ لَهَا؟ أَوْ كَيْفَ تَقْدِرُ أَنْ تَقُولَ لِأَخِيكَ: ‹دَعْنِي أُخْرِجِ ٱلْقَشَّةَ مِنْ عَيْنِكَ›، وَهَا ٱلْعَارِضَةُ فِي عَيْنِكَ أَنْتَ؟». (مت ٧:٣، ٤) فَٱلشَّخْصُ ٱلِٱنْتِقَادِيُّ يُلَاحِظُ وُجُودَ شَائِبَةٍ صَغِيرَةٍ فِي «عَيْنِ» أَخِيهِ، مُلَمِّحًا بِذلِكَ إِلَى أَنَّ أَخَاهُ ضَعِيفُ ٱلْإِدْرَاكِ وَقَلِيلُ ٱلتَّمْيِيزِ. وَمَعَ أَنَّ ٱلْعَيْبَ ٱلَّذِي يَرَاهُ ٱلْمُنْتَقِدُ فِي عَيْنِ أَخِيهِ تَافِهٌ — كَقَشَّةٍ صَغِيرَةٍ — إِلَّا أَنَّهُ يَعْرِضُ عَلَيْهِ ‹إِخْرَاجَ ٱلْقَشَّةِ›، مُتَطَوِّعًا بِرِيَاءٍ أَنْ يُسَاعِدَ أَخَاهُ عَلَى رُؤْيَةِ ٱلْأُمُورِ بِشَكْلٍ أَوْضَحَ.
١٦ لِمَاذَا يُمْكِنُ ٱلْقَوْلُ إِنَّ عَيْنَ ٱلْفَرِّيسِيِّينَ كَانَتْ فِيهَا «عَارِضَةٌ»؟
١٦ لَقَدْ كَانَ ٱلْقَادَةُ ٱلدِّينِيُّونَ ٱلْيَهُودُ خُصُوصًا كَثِيرِي ٱلِٱنْتِقَادِ لِلْآخَرِينَ. وَٱلْحَادِثَةُ ٱلتَّالِيَةُ مِثَالٌ لِذلِكَ: عِنْدَمَا قَالَ رَجُلٌ أَعْمَى شَفَاهُ ٱلْمَسِيحُ إِنَّ يَسُوعَ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مُرْسَلًا مِنَ ٱللّٰهِ، أَجَابَهُ ٱلْفَرِّيسِيُّونَ بِٱحْتِدَادٍ: «إِنَّكَ بِجُمْلَتِكَ وُلِدْتَ فِي ٱلْخَطَايَا، وَأَنْتَ تُعَلِّمُنَا؟». (يو ٩:٣٠-٣٤) لَقَدْ كَانَتْ فِي عَيْنِ ٱلْفَرِّيسِيِّينَ «عَارِضَةٌ» أَعْمَتْ بَصَرَهُمُ ٱلرُّوحِيَّ تَمَامًا وَجَرَّدَتْهُمْ مِنَ ٱلْقُدْرَةِ عَلَى ٱلتَّمْيِيزِ ٱلصَّحِيحِ. لِذَا قَالَ يَسُوعُ: «يَا مُرَائِي، أَخْرِجْ أَوَّلًا ٱلْعَارِضَةَ مِنْ عَيْنِكَ أَنْتَ، وَحِينَئِذٍ تَرَى جَيِّدًا كَيْفَ تُخْرِجُ ٱلْقَشَّةَ مِنْ عَيْنِ أَخِيكَ». (مت ٧:٥؛ لو ٦:٤٢) فَإِذَا كُنَّا عَازِمِينَ أَنْ نَفْعَلَ ٱلصَّلَاحَ لِلْآخَرِينَ وَنُحْسِنَ مُعَامَلَتَهُمْ، فَلَنْ نَكُونَ ٱنْتِقَادِيِّينَ قُسَاةً نَبْحَثُ دَائِمًا عَنْ قَشَّةٍ مَجَازِيَّةٍ فِي عَيْنِ أَخِينَا. بَلْ سَنَعْتَرِفُ بِأَنَّنَا نَاقِصُونَ، وَبِأَنَّ نَقْصَنَا يُوجِبُ عَلَيْنَا بِٱلتَّالِي عَدَمَ إِدَانَةِ رُفَقَائِنَا ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱنْتِقَادِهِمْ.
كَيْفَ يَنْبَغِي أَنْ نُعَامِلَ ٱلْآخَرِينَ
١٧ كَيْفَ يَنْبَغِي أَنْ نُعَامِلَ ٱلْآخَرِينَ بِٱلنَّظَرِ إِلَى متى ٧:١٢؟
١٧ أَشَارَ يَسُوعُ فِي مَوْعِظَتِهِ عَلَى ٱلْجَبَلِ إِلَى أَنَّ ٱللّٰهَ يُعَامِلُ خُدَّامَهُ مُعَامَلَةَ ٱلْأَبِ لِبَنِيهِ حِينَ يَسْتَجِيبُ صَلَوَاتِهِمْ. (اِقْرَأْ متى ٧:٧-١٢.) وَمِنَ ٱلْجَدِيرِ بِٱلذِّكْرِ أَنَّ يَسُوعَ وَضَعَ قَاعِدَةَ ٱلسُّلُوكِ هذِهِ: «كُلُّ مَا تُرِيدُونَ أَنْ يَفْعَلَ ٱلنَّاسُ بِكُمُ، ٱفْعَلُوا هٰكَذَا أَنْتُمْ أَيْضًا بِهِمْ». (مت ٧:١٢) فَإِنْ لَمْ نُعَامِلْ رُفَقَاءَنَا ٱلْبَشَرَ بِهذِهِ ٱلطَّرِيقَةِ، لَا نَكُونُ أَتْبَاعًا حَقِيقِيِّينَ لِيَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ.
١٨ كَيْفَ أَظْهَرَتِ «ٱلشَّرِيعَةُ» أَنَّنَا يَنْبَغِي أَنْ نُعَامِلَ ٱلْآخَرِينَ كَمَا نُرِيدُ أَنْ يُعَامِلُونَا؟
١٨ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ يَسُوعُ أَنَّنَا يَنْبَغِي أَنْ نُعَامِلَ ٱلْآخَرِينَ كَمَا نُرِيدُ أَنْ يُعَامِلُونَا، أَضَافَ قَائِلًا: «هٰذَا هُوَ ٱلْمَقْصُودُ مِنَ ٱلشَّرِيعَةِ وَٱلْأَنْبِيَاءِ». فَعِنْدَمَا نُعَامِلُ ٱلْآخَرِينَ بِٱلطَّرِيقَةِ ٱلَّتِي حَدَّدَهَا يَسُوعُ، نَعْمَلُ بِٱنْسِجَامٍ مَعَ رُوحِ «ٱلشَّرِيعَةِ»، أَيِ ٱلْكِتَابَاتِ ٱلَّتِي تَضُمُّ أَسْفَارَ ٱلتَّكْوِينِ إِلَى ٱلتَّثْنِيَةِ فِي ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ. فَبِٱلْإِضَافَةِ إِلَى ٱلْكَشْفِ عَنْ قَصْدِ يَهْوَه بِإِنْتَاجِ نَسْلٍ يُزِيلُ ٱلشَّرَّ، تَتَنَاوَلُ هذِهِ ٱلْأَسْفَارُ ٱلشَّرِيعَةَ ٱلَّتِي أَعْطَاهَا ٱللّٰهُ لِأُمَّةِ إِسْرَائِيلَ بِوَاسِطَةِ مُوسَى سَنَةَ ١٥١٣ قم. (تك ٣:١٥) وَأَحَدُ ٱلْأُمُورِ ٱلَّتِي أَمَرَتْ بِهَا ٱلشَّرِيعَةُ هُوَ أَنْ يَكُونَ ٱلْإِسْرَائِيلِيُّونَ عَادِلِينَ وَغَيْرَ مُحَابِينَ وَيَفْعَلُوا ٱلصَّلَاحَ لِلْبَائِسِينَ وَٱلْغُرَبَاءِ فِي ٱلْأَرْضِ. — لا ١٩:٩، ١٠، ١٥، ٣٤.
١٩ كَيْفَ أَظْهَرَتْ أَسْفَارُ «ٱلْأَنْبِيَاءِ» أَنَّنَا يَنْبَغِي أَنْ نَفْعَلَ ٱلصَّلَاحَ؟
١٩ وَبِٱلْإِشَارَةِ إِلَى «ٱلْأَنْبِيَاءِ»، كَانَ يَسُوعُ يُفَكِّرُ فِي ٱلْأَسْفَارِ ٱلنَّبَوِيَّةِ ٱلْعِبْرَانِيَّةِ ٱلَّتِي تَتَضَمَّنُ نُبُوَّاتٍ مَسِيَّانِيَّةً تَمَّتْ فِي ٱلْمَسِيحِ نَفْسِهِ. وَعَلَى غِرَارِ «ٱلشَّرِيعَةِ»، أَظْهَرَتْ هذِهِ ٱلْكِتَابَاتُ أَنَّ ٱللّٰهَ يُبَارِكُ شَعْبَهُ حِينَ يَفْعَلُونَ مَا هُوَ صَوَابٌ فِي عَيْنَيْهِ وَيُحْسِنُونَ مُعَامَلَةَ ٱلْآخَرِينَ. مَثَلًا، أَعْطَتْ نُبُوَّةُ إِشَعْيَا هذِهِ ٱلْمَشُورَةَ لِلْإِسْرَائِيلِيِّينَ: «اِحْفَظُوا ٱلْعَدْلَ وَٱفْعَلُوا ٱلْبِرَّ. . . . مَا أَسْعَدَ ٱلْإِنْسَانَ ٱلْفَانِيَ ٱلَّذِي يَفْعَلُ هٰذَا، وَٱبْنَ ٱلْبَشَرِ ٱلَّذِي يَتَمَسَّكُ بِهِ، . . . ٱلْحَافِظَ يَدَهُ لِئَلَّا يَفْعَلَ أَيَّ شَرٍّ!». (اش ٥٦:١، ٢) نَعَمْ، يَتَوَقَّعُ ٱللّٰهُ مِنْ شَعْبِهِ أَنْ يَفْعَلُوا ٱلصَّلَاحَ.
اِفْعَلُوا ٱلصَّلَاحَ دَائِمًا لِلْآخَرِينَ
٢٠، ٢١ مَاذَا كَانَ رَدُّ فِعْلِ ٱلْجُمُوعِ لِمَوْعِظَةِ يَسُوعَ عَلَى ٱلْجَبَلِ، وَلِمَاذَا يَنْبَغِي أَنْ تَتَأَمَّلُوا فِيهَا؟
٢٠ لَمْ نُرَاجِعْ هُنَا إِلَّا ٱلْقَلِيلَ مِنَ ٱلنِّقَاطِ ٱلْهَامَّةِ ٱلْكَثِيرَةِ ٱلَّتِي ذَكَرَهَا يَسُوعُ فِي مَوْعِظَتِهِ ٱلرَّائِعَةِ عَلَى ٱلْجَبَلِ. لكِنَّ هذِهِ ٱلنِّقَاطَ ٱلْقَلِيلَةَ كَافِيَةٌ لِنَفْهَمَ رَدَّ فِعْلِ ٱلَّذِينَ سَمِعُوا مَا قَالَهُ فِي تِلْكَ ٱلْمُنَاسَبَةِ. يُقُولُ ٱلسِّجِلُّ ٱلْمُلْهَمُ: «وَلَمَّا أَنْهَى يَسُوعُ هٰذِهِ ٱلْأَقْوَالَ، ذَهِلَتِ ٱلْجُمُوعُ مِنْ طَرِيقَةِ تَعْلِيمِهِ، لِأَنَّهُ كَانَ يُعَلِّمُهُمْ كَمَنْ لَهُ سُلْطَةٌ، لَا كَكَتَبَتِهِمْ». — مت ٧:٢٨، ٢٩.
٢١ لَقَدْ كَانَ يَسُوعُ ٱلْمَسِيحُ فِعْلًا ‹ٱلْمُشِيرَ ٱلْعَجِيبَ› ٱلْمُنْبَأَ بِهِ. (اش ٩:٦) وَٱلْمَوْعِظَةُ عَلَى ٱلْجَبَلِ تُؤَكِّدُ لَنَا أَنَّ يَسُوعَ يَعْرِفُ تَمَامًا نَظْرَةَ أَبِيهِ ٱلسَّمَاوِيِّ إِلَى مُخْتَلِفِ ٱلْمَسَائِلِ. وَلَا تَقْتَصِرُ هذِهِ ٱلْمَوْعِظَةُ عَلَى ٱلنِّقَاطِ ٱلَّتِي نَاقَشْنَاهَا، بَلْ تَتَنَاوَلُ أُمُورًا مِثْلَ إِيجَادِ ٱلسَّعَادَةِ ٱلْحَقِيقِيَّةِ، كَيْفِيَّةِ تَجَنُّبِ ٱلْفَسَادِ ٱلْأَدَبِيِّ، كَيْفِيَّةِ مُمَارَسَةِ ٱلْبِرِّ، مَا يَجِبُ فِعْلُهُ لِنَتَمَتَّعَ بِمُسْتَقْبَلٍ آمِنٍ وَسَعِيدٍ، وَنِقَاطًا كَثِيرَةً أُخْرَى. فَلِمَ لَا تَقْرَأُ مَتَّى ٱلْإِصْحَاحَاتِ ٥ إِلَى ٧ مِنْ جَدِيدٍ بِإِمْعَانٍ وَبِرُوحِ ٱلصَّلَاةِ؟ تَأَمَّلْ فِي مَشُورَةِ يَسُوعَ ٱلرَّائِعَةِ ٱلْمُسَجَّلَةِ هُنَاكَ، وَطَبِّقْ فِي حَيَاتِكَ مَا قَالَهُ فِي مَوْعِظَتِهِ عَلَى ٱلْجَبَلِ. فَعِنْدَئِذٍ، سَتُصْبِحُ قَادِرًا بِشَكْلٍ أَفْضَلَ أَنْ تُرْضِيَ يَهْوَه وَتُحْسِنَ مُعَامَلَةَ ٱلْآخَرِينَ وَتَفْعَلَ ٱلصَّلَاحَ.
-